الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-16-2024, 08:49 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-17-2008, 03:59 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    تصويب في ذكرى كبير الشهداء محمود محمد طه

    في غياب الرأي العام المحلى .. والعالمي
    السيد / الموقر
    رئيس تحرير صحيفة الايام الغراء
    تحية من عند الله مباركة طيبة
    الرجاء التفضل باجراء التصحيحات التالية :
    اولا : لقد جاء في الحلقة السابعة ان الرئيس المخلوع نميرى عندما عرض المصالحة عام 1977 وقبلها الشيخ حسن الترابي .. ورفضها زعيم جبهة المعارضة الوطنية المناضل الجسور العاشق للحرية الشريف حسين الهندى اسكنه الله فسيح جناته .. وليس اخيه الشريف زين العابدين المتوالى مع نظام الانقاذ وهو الذي كان يقرر بوضوح عن تجربة الفكر القومي في السودان بقوله.
    اننا قوميون .. نؤمن بالقومية العربية .. ونؤكد اننا لا نؤمن بها لونا ولا نؤمن بها عرقا .. وانما نؤمن بها حضارة .. ونؤمن بها لسانا .. ونؤمن بها قومية انسانية سلامية وليست عدوانية .. لذلك فنحن نؤمن بوحدة الامة العربية.
    اننا لا نعتقد ان القومية العربية ناقضة لوجودنا الافريقي .. فنحن المصير الحقيقي للامتزاج بين المنطقة العربية والافريقية.
    ونقول ايضا في العدوان الايراني على العراق ..
    (نحن مع العراق قاتلون ومقاتلون .. ومقتولون .. ولسنا وسطاء ولا محايدين .. ولا متفرجين).
    ثانيا: لقد جاءت في الحلقة السادسة ان مولانا هنرى رياض عضو المحكمة الدستورية رغم انه كان معارضا لحكم المحكمة الدستورية يبطلان حكم الاعدام شنقا حتى الموت في 18/1/85 ومعارضا لابطال حكم محكمة الاستئناف الشرعية في تاريخ 19/11/68 في القضية الشرعية رقم 103/68 باعلان محمود محمد طه مرتدا وهو المسيحي الوحيد في المحكمة الدستورية العليا الذي احيل في عهد الانقاذ دون تسامح ديني هو وزوجه قاضى محكمة الاستئناف الى الصالح العام.
    وهو القاضى الكفء المقتدر .. الصادق الامين .. الراهب في محراب العدالة وهو الذي اثرى المكتبة القانونية .. والرأي العام القانوني والسوابق القضائية وتفوق مؤلفاته الاربعين .. وهو يسكن في منزل بالايجار.
    فذهب مبكيا عليه اثر نوبة قلبية حادة .. وانتقلت روح الشهيد الى الامجاد السماوية .. تشكو ظلم الانقاذ .. والتمكين .. واستحواذ السلطة والثروة والعمل.
    ثالثا : لقد جاء في الحلقة السابعة ان ابنة الشهيد اسماء محمود محمد طه كانت محامية بديوان النائب العام ولما لم تلغ حكومة الانتفاضة عام 1985م وحكومة ما بعد الانتفاضة عام 1986م الاثار المترتبة على حكم المهلاوى والمكاشفى بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا باسترداد منزلهم ورد اعتبارهم .. طلبت حق اللجوء السياسي الى الولايات المتحدة الامريكية هي واسرتها .. واستقروا بالولايات .. وبعدها سافروا الى دولة قطر .. واستقروا بالدوحة .. شأنهم شأن معظم السودانيين الاكفياء الذين فروا من ظلم النظام وبطشه وجبروته .. في مشارق الارض ومغاربها .. استراليا .. نيوزيلاندا .. كندا .. الولايات المتحدة الامريكية .. انجلترا .. واوروبا الغربية .. السعودية والخليج والاردن والعراق وسوريا وعمان واليمن ولبنان والقاهرة ويقدر عددهم باكثر من خمسة مليون.
    رابعا: لقد جاء في الحلقة الرابعة ان الرئيس المخلوع ايد حكم الاعدام شنقا بصفة فورية ودون ابطاء .. وكان مرد ذلك ان بعض الوثائق التي اكتشفت لاحقا تثبت التواطؤ الجنائي في اغتيال الشهيد محمود محمد طه من بين ثلاثة مستشارين صاغوا قوانين سبتمبر 1983م .. من بينها ما كتبه النيل عبد القادر ابو قرون الى الرئيس المخلوع.
    (الاخ الرئيس القائد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)
    المنشور المرفق وزعه الجمهوريون (وهو عبارة عن المنشور المناوئ لاحكام الطوارئ ويكشف عن زيف دعاوي تطبيق احكام الشريعة باسنة الرماح او عن طريق ما اسماه النميرى نفسه في احدى خطبه (بالقانون البطال ده) الذي وجد المجال واسعا للتطبيق تحت ظلال احكام الطوارئ).
    ذكر ابو قرون للرئيس انه قد قبض على سته منهم وتم التحقيق معهم وسوف يقدمون للمحاكم .. وبهذا فقد اتاحوا لنا فرصة تاريخية لمحاكمتهم .. وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون .. ولا شك انها بداية لمسيرة ظافرة باذن الله يتساقط دون هدفها كل مندس باسم الدين وكل خوان كفور .. ولله الامر من قبل ومن بعد.
    وفقكم الله لقيادة المسيرة الظافرة .. واقام نهج الله على اثار المصطفى صلى الله عليه وسلم واصحابه ومن سار بسيرهم ومنهجهم انه سميع مجيب الدعاء).
    6 ربيع ثان سنة 1405 هجرية
    وقد صادفت هذه المذكرة هوى عند السفاح نميرى .. فكتب معلقا عليها.
    (الحمد والشكر لله .. ولصفية ورسوله محمد رسول الله والله اكبر على المنافقين) 6 ربيع ثاني 1405هجرية.
    خامسا : اشكر لاستاذ الاجيال محجوب عثمان .. الذي تبنى في عموده السهل الممتنع .. معالم في الطريق بتاريخ 13/4/2006م قضية المعذبين .. والمظلومين الثلاثة فتحي نورى محمد عباس واحمد جمعة حماد وادريس عكاشة محمد التي غلبت الطب والطبيب.. مع جهاز الامن القومي.
    سادسا : ظن بعض القراء اننى من انصار الفكر الجمهوري .. الا انني لم اكن في يوم من الايام من الجمهوريين .. بل اختلف مع الشهيد محمود محمد طه سياسيا ولكننى اؤمن بحرية الكلمة وحرية الضمير .. وحرية الفكر .. والحرية دائما وابدا لنا ولسوانا.


    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147502923&bk=1
                  

04-17-2008, 04:01 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    كريم مروة وحركة الشيوعيين (الحزب الشيوعي السوداني نموذجاً)

    من طريق التطور اللارسمالي تبدأ أزمة المشروع التقدمي




    هل نحاسب المشروع الذي طرح لتبديل حالة التخلف الذي نعيشه أم نحاسب الأفراد؟








    الحلقة الاخيرة




    "إن التغيير الذي سوف تحدثه هذه الاتفاقية سوف ينعكس اولاً وقبل كل شئ في تحول ديمقراطي حقيقي مهم وأساسي تلتزم به الحركة الشعبية لتحرير السودان التزاماً تاماً . وبالتأكيد فاننا لانعني عندما نقول ديمقراطي العودة الى المسار الديمقراطي الزائف الذي كان متبعاً في الماضي والذي كان تمويهاً ومظهراً زائفا للمصالح السرمدية الراسخة .وفي ظل تلك الديمقراطية الزائفة كانت الحقوق المدنية تخضع لاهواء الحكام ونزواتهم ،وبقيت اغلبية السودانيين في الاقاليم خارجة عن مركز السلطة وكانت تعامل على أنها ثقل وكم مستهلك يتم التلاعب فيه والمناورة به فقط عبر الحيل السياسية والازدواجية في التعامل . وقد بدت الحكومات التي تسمى بالحكومات الوطنية في زيها المدني او ضلالها وزيها العسكري انها تعامل السودانيين بازدراء واحتقار. إن التغيير الذي تقدم اتفاقية السلام الشامل تصوراً له يضع حداً لذلك كله ونهاية للسودان القديم الذي عايشناه طوال تسعة واربعين عاماً الماضية ، حيث يمثل نقلة نوعية وسياسية واجتماعية اقتصادية تستلزم الاعتراف بالتنوع السياسي عن طريق ضمان الحرية الكاملة للتعددية السياسية ، وتحصين وترسيخ حقوق الانسان والشعوب في الدستور.. وتقضي اتفاقية السلام الشامل انه خلال فترة اقصاها ثلاثة أو اربع سنوات فإن الحكم على مستوياته كافة سوف يتم تفويضه من قبل سيادة سلطة الشعب العليا من خلال انتخابات حرة وعادلة خاضعة لاشراف الرقابة الدولية..
    (من كلمة رئيس الحركة الشعبية في حفل توقيع اتفاق السلام الشامل)..
    كان لابد للناشطئين من ان يصحوا على ذلك الصوت الجديد وذلك النداء الذي ينبعث من أدغال الجنوب ولاول مرة انه لايكرر تلك الدعوة التقليدية عن الانفصال والترتيب له بل تبحث عن سودان موحد وجديد طرب لها كثيرون واندهش منها آخرون وتشكك فيها البعض.. وبلغ نظام مايو مرحلة التخبط والتفكك واندمج قادة النظام في دعاوى الاسلام السياسي ظناً منهم ان ذلك يعفيهم من مسئولية تلك الشعارات التي اطلقوها في بيانهم الأول عن العدالة التي ظنوا انهم قادرون على تحقيقها واقتربت قوى الاسلام السياسي ، وتسنمت قيادة الاتحاد الاشتراكي (التنظيم الحاكم) وحشدت للمسيرات المليونية وجرَّت النظام الى فكرة (البيعة) بيعة امير المؤمنين وانتشى جعفر نميري وهو يتشبث بطوافه الاوهام وتصور انه تحول الى ولي من اولياء الله وصور له المتربصون بالسلطة انه يصافح الملائكة ويطير ليلا ليلتقي بالانبياء والصالحين . اختلطت اوراق النظام وارتفعت اصوات تجار الدين من كل موقع وتضافروا ليحاكموا التقاليد التي نشأوا عليها وانعقدت محاكم (العدالة الناجزة) تحكم على (الشروع في الزنا) وتحاكم الضمير. وفي وسط ذلك الهرج والتخبط حكمت على الاستاذ المفكر محمود محمد طه بالردة واعدمته في يوم رهيب كان له ما بعده. كان محمود محمد طه رجلاً شجاعاً ومفكراً عظيماً واجه خصومه من السلفيين ومن العامة الذين خدعوهم بالاشاعات الكاذبة التي اطلقوها على الرجل المفكر وقد اعادت تلك الايام ذكرى محاكم القرون الوسطى عندما احرقت الكنيسة العلماء والمفكرين وحكمت عليهم كسحرة ومارقين على سلطة الكنيسة والله . لقد ملأوا الطرقات بالرعب ومحاكم التفتيش واكتست البلاد بحالة من الحزن والاذلال. في تلك الفترة ارتفع صوت الحركة الشعبية تنادي ببناء سودان عادل يسع الجميع ويرفض الدولة الدينية وظن البعض انها حالة عابرة سرعانما تهدأ وتستعيد الحركة دعاواها التقليدية ويمكن ان يخرس قادتها اي تلويح ببعض السلطة والنفوذ، ونميري تصور ان ذلك ممكن فأرسل وفوده ووسطاءه يلوحون بالسلطة والجاه .. لكنه اكتشف ان الامر مختلف ورغم شحنات الاستعلاء التي يتميز بها فقد قوبل عرضه بسخرية لم يعهدها وظل متشبثاً باوهامه بينما اطلق قادة الحركة الشعبية نداءاً لابناء السودان من كل القوميات للانضمام الى دعوة السودان الجديد.
    تهاوت مايو مفرجة من بآثامها وقوانين (سبتمبر) الباطشة ولم تر الحركة الشعبية في تسلم جبرالات مايو للسيادة في الفترة الانتقالية القصيرة غير هدنة سيعود بعدها مايو (الثانية) في ثوب آخر.. وقد حدث ذلك بعد اقل من خمس سنوات قضتها الحركة السياسية في حالة استقطاب ضار وصراع حول السلطة وتجاهلت خلالها بؤر الانفجارات والحرب الاهلية المستعرة منذ الاستقلال لم تراع فترة الديمقراطية كثيرا من ادواء الماضي ولم يتحسن الاداء الديمقراطي ولم تتطور مؤسساته من احزاب وبرلمان ومنظمات بصورة تجعل الديمقراطية مستدامة وتعمق جذورها في المجتمع وتعاملت مع كوكادام في مارس 1986م وبيانها الذي اتفق عليه بكثير من الاستخفاف من قوى الاحزاب الكبرى وادخل الاتفاق دائرة المزايدات السياسية وهكذا تم الاجهاز عليه شأن الاتفاقيات التي تتم عادة بين الشماليين والجنوبين مما زاد في تجريف الثقة بين الجانبين واتساع الهوة بينهما. وفي الانتخابات حصل حزب الامة على 101 مقعداً والاتحادي الديمقراطي على 63 مقعداً والجبهة الاسلامية على 51 مقعداً والحزب الشيوعي على ثلاثة مقاعد واخضعت التحالفات داخل البرلمان للشد والجذب وكان ضحيتها الوصول الى اي تسوية في شأن الحرب او الاقتراب من قضايا الاختلاف الاساسية ، وفي نوفمبر 1988م وقع الاتحادي الديمقراطي والحركة على اتفاقية اطلق عليها اتفاقية الميرغني قرنق وذهبت هي الاخرى كغيرها . لكن في فبراير 1989م نظمت ورشة في مدينة أمبو الاثيوبية بواسطة الحركة الشعبية وناشطين من اتحاد القوى الوطنية الديمقراطية وكوادر حزبية ونقابية ومهنية وعدد من الاكاديميين والديمقراطيين المستقلين .. وكان لذلك الاجتماع اهمية خاصة فلم يحط بضجيج اعلامي او حكومي وضم في عضويته تشكيلة هامة من الناشطين والمستنيرين وبدأ الحديث الجاد عن الوحدة الوطنية واستهدفت القرارات الوصول الى الالتحام بين الناشطين من القوى الديمقراطية والحركة الشعبية لقد كانت اول محاولة جادة لعمل مشترك تتوفر فيه الندية بين شماليين وجنوبيين يمثلون مشروعاً سياسياً وجماعة متماسكة .. ورغم كل ما سببه وزير الداخلية في تلك الفترة (مبارك الفاضل) من مضايقات لمن اشتركوا في هذه الورشة واتهامات لاحقت بعضهم الا ان ذلك اللقاء أتى أكله عندما انضمت الحركة الشعبية للتجمع الوطني الديمقراطي ولعبت ذلك الدور المقدر استنادا على خبرتها وحصافة قائدها واعوانه اندفعت القوى السياسية ووقعت العديد من الاتفاقات مع الحركة الشعبية كان يمكن ان تقدم خدمة عظيمة لاتفاقية السلام ولتطويرها فقد كان المطلوب من الحركة السياسية الشمالية تحريك جماهيرها لتؤكد اهمية دورها في اتفاقية نيفاشا لكنها ركنت الى انها كانت تمثل اغلبية في آخر برلمان وبتراخيها ذلك اتاحت للجبهة القومية الاسلامية بان تدعي انها تمثل كل الشمال ليتزايد الحديث عن ثنائية الاتفاقية . ان قرارات مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية كانت تشكل اساسا للتغيير في المجتمع السوداني وتمثل برنامجاً للوحدة الوطنية المغضبه الى الوحدة الطوعية فقد قدم حلولاً لكثير من القضايا الشائكة واسئلة كان لابد من الاجابة عليها بوضوح يجعل من تفعيل مواثيق حقوق الانسان امرا ممكنا كعلاقة الدين بالدولة واستفتاء الوحدة وقضية التنمية المستدامة.. الخ تعاملت الاحزاب الكبيرة منذ البداية مع هذه الوثيقة الهامة باهمال وتراخ فلم تحرص على توزيعها على جماهيرها ولم تجتهد في شرحها ولم يقم نشاط التجمع في الداخل على اساسها عوملت وكانها معركة عسكرية انتهت في ميقاتها بانتصارات او هزائم محددة لم نسمع ان حزبا بعينه قدم جدلا أو حوارا حول ما جاء في تلك الوثيقة او قام بتوزيعها بل ان قيادات اساسية في احزاب كبرى كانت تتحدث بدهشة بالغة عن الكونفدرالية والتي وردت بوضوح في الوثيقة. تعاملت بعض اطراف الحركة السياسية استنادا على ثقتها في قائد الحركة الراحل وهو اهل للثقة لكن في النهاية فالحركة السياسية تتعامل مع مؤسسة سياسية عسكرية ثورية تمتلك تجربة عريضة وجمهورا كبيرا وارادة قوية عانت خلالها من صراعات وانقسامات وحققت انتصارات خرافية وانهزمت في مواقع عديدة وطورت مشروعها السياسي وافادت من التجارب العالمية والافريقية وانفتحت على تجارب هامة وطورت علاقاتها الخارجية واستطاعت رغم تلك الحواجز التي صنعها النظام الحالي والانظمة الاخرى من إيصال بعض من خطابها الى جماهير الشعب بل والتعرف على مزاجه والتحولات التي احدثتها قسوة الاستبداد الانقاذي وبالطبع ليس هناك اهم من معرفة من تخاطبه ....كان المتوقع ان تسعى قوى التغيير من مختلف مواقعها لتساعد في بناء حركة موحدة مستندة على تجربتها الطويلة في العمل السياسي ومعرفتها لمقدار التحولات التي حدثت في المجتمع .. لقد ايقظ نشاط الحركة السياسي ومعاركها القتالية وثباتها وجسارة كوادرها قوى الهامش وجموع الصامتين والمهمشين وجعلت اهل الثقافات المتنوعة والمهيمن عليها من ثقافة الوسط يتباهون بثقافاتهم الخاصة وتشجعوا على المطالبة بحقوقهم الوطنية ومساواتهم بالآخرين والاعتراف بخصوصياتهم كان المتوقع ان تنفتح تلك الجبهة العريضة لتستوعب اكبر عدد من ذلك الجمهور والذي اتضح في حجمه الضحم في استقبال قائد الحركة عند عودته الى الخرطوم بعد اتفاقية السلام . ورغم انه ومن اشق المهام تحويل حركة عسكرية سياسية الى حركة سياسية وانفتاحها لتصبح قومية في ظروف كظروف السودان الذي نشأت فيه حركة الشمال السياسية مستقلة عن الجنوب ومتجاهلة له كشريك في الوطن ثم تلك العوامل التاريخية التي صنعت ذلك الاستعلاء الثقافي والديني والعرقي وتلك الجفوة بين طرفي الوطن وتلك الذكرى القبيحة لتجارة الرقيق والتي اشترك فيها عدد من تجار الشمال مع تجار الرقيق الأجانب، ثم فترة الاستعمار الثنائي الذي خشى أولاً من انتقال مقاومة الجنوب للاستعمار والتي استمرت حتى 1929م الى الشمال فقام بقفل الجنوب واذا به يخشى من ان تنتقل تلك المشاعر القومية التي صاحبت ثورة 1924م جنوباً فتؤجج مقاومتهم من جديد.
    اصبح أمام الحركة واجب محدد ان تتحول الى حركة سياسية وقومية في نفس الوقت بعد اتفاقية السلام والتي حققت لأول مرة في التاريخ السياسي الحديث ذلك القدر من المكاسب لأبناء الجنوب، فقد صمت جوزيف لاقو وبونا ملوال بعد ان اخرسا بتلك المكاسب التي لاقاها ابناء الجنوب بتقدير شديد للحركة الشعبية التي حققتها... حزب الحركة الشعبية لابد من ان يكون حزباً جماهيرياً حتى يتمكن من ان يخطو تجاه مشروع السودان الجديد... وكان ذلك يحتاج الى ان:
    * يهزم ذلك التوجس والاستعلاء الذي تميز به الشماليون في سلوكهم تجاه ابناء الجنوب وان يتعامل بندية معهم دون ان يفقد فرص الاستفادة من الخبرات السياسية والممارسات الممتدة في النشاط الجماهيري والنقابي.
    * التعامل بتقدير مع الناشطين من النقابيين والمهنيين وجموع المستنيرين فما زالوا هم الذين يصنعون الرأي العام بفرصهم المتاحة لهم في أجهزة الإعلام ومراكز التوعية المختلفة.
    * رحى المهمشين في تنظيمات بسيطة من دون تعقيد وربطها بحركة حياتهم اليومية دون الايغال في العمل السياسي المفرط والنظري البعيد عن حاجاتهم المباشرة والضرورية.
    * التعامل مع الفئات ذات المشاكل المشتركة والخاصة كالشباب والنساء. فلكل مجموعة قضاياها الخصوصية... النساء يعانين من التقاليد البالية التي افرزها المجتمع الذكوري ومن القوانين التي ترتبت على ذلك... فالمرأة الفقيرة تعاني الأمرين من الفقر فهي التي تعد الطعام للأسرة فتواجه تفاصيل العوز والحاجة وهي المعنية بتربية الأطفال وتنشئتهم في كل الأحوال خاصة في غياب آبائهم بسبب الهجرة والحرب والاغتراب وأحياناً بسبب تعدد الزوجات وقوانين المجتمع الذكوري المتحجرة بالاضافة الى فرص العمل المحدودة والاهتمام بتعليم النساء والزواج المبكر والانجاب... والمرأة الثرية تتخذ كديكور ومتعة وتكملة للوجاهة الاجتماعية. فالنساء يحتاجن الى وحدة وتعضيد خاصة من القوى الي تنشد التغيير وبناء دولة حديثة وعادلة.
    * التعامل مع الشباب يجب ان تراعي اهتماماته التي تحتوي الكثير من التمرد على بعض القيم السائدة وهو منطق التطور... الشباب يتطلع الى التغيرات التي اجتاحت العالم والتحولات الكبرى في ظل ثورة المعلومات والاتصالات فما يحدث في أنحاء العالم سرعانما ينتقل بكافة الوسائل ويشكل أحياناً حلماً لهم... لطاقات الشباب دور هام في العمل الطوعي وفي اصحاح البيئة وقوى التغيير تحتاج الى تلك الطاقات وعلى نشاطهم الطوعي ودورهم في اختفاء الحيوية على الحراك السياسي وقيادة التحولات الكبرى وتقديم القيادات الجديدة للمجتمع.
    * اقاليم السودان المختلفة عانت كثيراً من مركزية القيادة وظلت تابعة تنتظر القرار السياسي والتوجيه واتجاهات الرأي العام وقد حاولت التمرد على ذلك بلا جدوى حتى طبقت الفيدارلية بصورتها الناقصة تلك... والحزب الجماهيري الديمقراطي لابد من أن يراعي ضرورة الفيدرالية على المستوى السياسي.
    * نوعان من الشخصيات العامة والهامة:
    1. شخصيات شعبية تجمع حولها الجمهور- في بعض القرى المشخصاتي والذي اشتهر برواية القصص الشعبي والنوادر- والحكماء وشيوخ طرق الدين اشتهروا بالحكمة فقد بدأ شيوخ تلك الطرق في التاريخ القديم يمثلون خطوط الدفاع الاساسية عن البسطاء والفقراء والمساكين... كانوا بعيدين عن السلطان وعن النفوذ وقد اشتهروا بالزهد في الدنيا فهم يقولون ان ذهب السلطان الى العالم فقد رشد، أما اذا ذهب العالم الى السلطان فقد غوى، وجاءت الأبيات المنسوبة الى الصوفي السوداني الشيخ فرح ود تكتوك:
    يا واقفاً عند أبواب السلاطين
    ارفق بنفسك من هم وتحزين
    ان كنت تطلب عزاً لا فناء له
    فلا تقف عند ابواب السلاطين
    وظلوا هكذا كمنظمات المجتمع المدني حديثاً.. وقد ورث بعض أهل التصوف والطرق بعضاً من هذه الصفات واكتسبوا نفوذاً حقيقياً وسط المواطنين بعيداً عن التبعية والاستغلال... شخصيات كهذه ليس بالضرورة اخضاعها لتلك الشكليات من بطاقات وخلايا وعضوية تنظمها لوائح جامدة.
    2. شخصيات عامة تميزت بالمعرفة والحكمة والاستقلال تقدرها قطاعات كبيرة من الجماهير لتلك الصفات وتستمع باحترام الى ارائها، وهناك من نجده من هؤلاء صاحب تأثير اجتماعي كبير- يهتم بقضايا التعليم وتيسير العلاج ويقود النادي الاجتماعي والجمعيات الخيرية وهكذا.
    مثل هذه النماذج لابد من تحديدها وإدارة حوار معها فمساهمتها في الرأي العام ذات أثر فاعل فيكفي ان يروا في المشروع السياسي المقدم عملاً جاداً حتى لو انتقدوا بعض اجزائه.
    * إن معظم المؤسسات السياسية وخاصة الكبيرة منها اعتادات على ترتيب احوال تسييرها أما بالاعتماد على مؤسسة رئيسية يمتلكها مؤسسوها او من مساهمات النخب التي تمثل قياداتها، لذلك فهي تعتمد في تسييرها وتطورها على قدرة تلك المؤسسات المالية او استعداد ملاكها على التمويل وهذا يعتمد بالطبع على ما يتحقق من منافع لأولئك... لكن المؤسسة الجماهيرية التي تشارك عضويتها مشاركة فاعلة في قراراتها واختيار قياداتها هي تلك المؤسسة التي يساهم الاعضاء في تسييرها وتمويلها... الاحساس بالمساهمة ليس بالفائض من الدخل بل الشعور بالمسئولية في تسيير وتطوير تلك المؤسسة التي تعني لهم الكثير... ان الذي يساهم في ذلك مهما كان قدر تلك المساهمة سيكون في اختياره قدر من الاهتمام والمسؤولية.. ان الاشتراكات المتساوية والقليلية في مقدراها تعني التساوي في الحقوق واتخاذ القرارات وتقديم المبادرات
    * ان الإعلام المسموع هو سيد التأثير المقدم في بلاد مازالت الأمية فيها تصل إلى أكثر من 50% بالاضافة الى ان قراءة الصحف هي شأن صفوة محدودة ومشاهدة التلفزيون تستلزم وجود جهاز وارسال- وليس اهم من وجود الإرسال إذاعي وحتى يصبح ذلك ممكنا لابد من ابتداع اسلوب فعال- ولا بأس من استخدام (الكاسيت) والتسجيلات الصوتية مشروط كاست واحد يمكن استماع كثيرين له وادارة حوار حوله... هذا بالإضافة الى تكثيف الندوات وحلقات النقاش وليس بالضرورة ان تكون في الشأن السياسي والأهداف العامة بل يمكن ان تقتصر على مشاكل المواطنين الجانبية.
    * منظمات التعاون، والجمعيات المختلفة، والمناشط الاجتماعية، والجمعيات الخيرية، وكل المنظمات التي تستهدف محاربة الفقر والعطا له (والتي تقوم بتدريب النساء وتهتم بالفاقد التربوي وبقضايا النزوح والمشردين.. الخ هذه المنظمات تساعد في التدريب على العمل العام وترفع من درجات الوعي بالحقوق والواجبات.
    لم تتجه الحركة صوب هؤلاء ولم تسع لتنظيم تلك الجماهير التي اقبلت فرحة لاستقبال قائد الحركة عند وصوله للعاصمة ولم تفلح في ابقاء قنوات الاتصال بينها وبين تلك الجماهير المتطلعة للتغيير... تأخرت الحركة كثيراً في القيام بواجبات التحول الى تنظيم سياسي قومي يهتم بقضايا جماهير الشعب السوداني.
    لقد حسب البعض ان اقبال الجماهير ذلك يمثل تهافتاً على جهة حققت انتصاراً وحققت مكاسب يتسابقون لاقتسامها لكن ما قدمته الحركة هو كم هائل من المسؤوليات المعقدة والواجبات الصعبة... لقد حجب ذلك التصور الطريق أمام من يتطلعون الى ادوار متقدمة لبناء وطن يسع ذلك التنوع العريض... أما الذين يتصورون أنهم قادرون لوحدهم إنجاز ذلك فهم لا يحترمون إرادة الجماهير ولا يثقون في قدراتها ولن يتمكنوا من إنجاز ما يحلمون به... ولن يكون الأمر ميسوراً في أن تقترب تلك الأطراف مكوّنة جبهة عريضة للتغيير ولبناء مجتمع عادل وديمقراطي.
    مع شكري الجزيل للمفكر الماركسي كريم مروة لإثارته ذلك الموضوع الحيوي ونرجو ان يتمكن من مراجعة تجربة الحزب الشيوعي السوداني فهي تجربة غنية يعيبها امر واحد هو ان الحوار سرعانما ينقطع بانقسام واتهامات بكيلها الطرفان بلا حذر وهو مرض استاليني توارثه الشيوعيون- فالنجاة منه تشكل ارضية هامة لبناء مشروع تقدمي يستوعب خصوصيات الشعب المعين ويفجر طاقات أفراده ويساهم في بناء حياة كريمة.


    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147503027&bk=1
                  

04-17-2008, 05:18 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    بعد الأصداء الواسعة لروايته

    الروائي عماد براكة لـ(الأيام الثقافي)


    كتابتي للرواية تطفل ليس أكثر!


    لست مرتبطاً بجذور مكانية محددة... فذاكرتي مشتتة!


    لا أدين بالفضل في كتاباتي لأي كاتب سوداني


    توطئة
    أثارت رواية (عطر نسائي) للكاتب السوداني الشاب عماد الطيب يس، المعروف بـ(عماد براكة) في الوسط المسرحي الذي كان ناشطاً فيه ردود أفعال كثيرة بسبب جرأتها وتناولها لبعض (التابوهات) في المجتمع السوداني، ولتعرضها لسيرة حياة أناس يعتقد البعض أنهم حقيقيين ويعيشون بيننا، خاضت الرواية في تفاصيل سيرة حياتهم. وعلى الرغم من أن الرواية لم توزع في السودان الا بصورة محدودة لدى معارف الكاتب وأصدقائه، إلا أن الكثيرين تمكنوا من الاطلاع عليها عبر مختلف الصور: عن طريق التبادل مرة وعن طريق التصوير الطباعي مرات كثيرة. وكان حافز هؤلاء المتعطشين لقراءة الرواية ما سمعوه عن جرأتها وامتلاكها لتكنيك سردي وفني جديد.
    كاتب الرواية (عماد براكة) بيننا هذه الأيام في السودان، بعد أن أمضى أكثر من خمس سنوات مهاجراً بهولندا. وعندما واجهناه بأنه كتب رواية عن اشخاص حقيقيين يعيشون بيننا رفض هذا الاتهام جملة وتفصيلاً قائلاً بأن الرواية ليس بها اسم حقيقي واحد وليس بها أي حدث حقيقي، كل ما في الأمر انه اختار اسماء الشخصيات بعناية فائقة ورسم تفاصيل هذه الشخصيات بصورة دقيقة حتى عادت مثل الشخصيات الواقعية والحقيقية.
    ملف الأيام الثقافي جلس إلى الكاتب الشاب وحاوره حول الرواية وما أثارته من ملاحظات هنا وهناك.
    حلمي تحقق:
    يقول الكاتب إن دراسة المسرح ساعدته بصورة من الصور في كتابة شخصيات روائية حيث استفاد من محاضرات الدكتور نديم معلي، العراقي الجنسية الذي درسه الأدب والذي كان يرى أن على الممثل الذي يريد تقمص الشخصيات قراءة الروايات العالمية، لأنه يرى ان الشخصية في الرواية تكون بارزة أكثر مما هي في المسرحية حيث يمكنك اكتشاف منطق الشخصية وابعادها النفسية والإنسانية بصورة جلية داخل العمل الروائي. ويضيف عماد براكة بالقول ان قراءة الروايات بناء على نصيحة الدكتور العراقي صارت همه الشاغل مما وفر له ذخيرة واسعة الأمر الذي ساعده في تحقيق حلمه بكتابة رواية حيث انه كان يحلم بكتابة رواية واحدة حتى وإن لم ينشرها.
    ويمضي بالقول انه كتب رواية (عطر نسائي) التي عمدته كاتباً روائياً، وبتشجيع الأصدقاء والقراء الذين يتواصلون معه عبر البريد الإلكتروني يعكف على كتابة عمل روائي جديد.. ويفسر امر كتابته للرواية دون غيرها من الاجناس الإبداعية الأخرى انه في مهجره بهولندا لم يكن متاحاً له ممارسة نشاطه المسرحي كما هو الحال في السودان إبان مشاركاته في تأليف سلسلة مجازفات الدرامية التي كان يبثها التلفزيون القومي، كما ان عامل الوقت من ناحية اخرى كان مواتياً لكتابة رواية.
    ليست حقيقية:
    ويدافع عن الشخصيات التي كتبها في روايته والتي يرى البعض أنها شخصيات حقيقية تسعي بين الناس ان هذا هو الذي اعطى الرواية بعض الرواج، ويقول ان اسماء شخصيات الرواية ليس فيها اسماً حقيقياً واحداً ولكنه عكف على اختيارها بدقة حتى يوهم القارئي بأنها حقيقية أسماء مثل: عماد فقيري، خالد عز الدين، أحلام يس، وغيرها من الأسماء الكثيرة التي تتحرك في فضاء رواية (عطر نسائي) وينفي كذلك وجود اي قصة حقيقية داخل روايته الحافلة بالأحداث والقصص والحكاوي المتشابكة ولكنه يقول بانه عند الكتابة ينطلق من الواقع المتحرك ويحلَّق بعد ذلك بخياله لينتج ادباً روائياً وليس كتابة احداث واقعية ويوضح بأن هناك أماكن كثيرة في الرواية لم يرها ولكنه تصور أن تفاصيلها وصورتها يمكن أن تأتي على النحو الذي فصله في الرواية علماً بأن الرواية تتحرك في فضاء مكاني عريض يشمل الخرطوم، مدني الأبيض، أسمرا، هولندا وأمريكا.
    منطق الشخصية:
    ويؤكد مؤلف رواية (عطر نسائي) ان الانطباع الذي راود البعض بأن شخصيات واحداث هذه الرواية واقعية يعود لاعتنائه الخاص بتفاصيل هذه الشخصيات الصغيرة والكبيرة على السواء... واصفاً هذا بأنه يعود إلى خلفيته المسرحية في الإخراج والتأليف والتمثيل... مشيراً إلى ان منطق الشخصية هو الذي يقود الاحداث وليس العكس.
    ويقول موضحاً انه عندما يشرع في اخراج عمل مسرحي فانه يركز مع الممثل ليصل إلى عمق الشخصية قبل أن يصل إلى الحركة وتكنيك الاداء، ويرى بأن كشف الشخصية عنده أهم من حركة الاداء في المسرح ومن هنا –يقول- اكتسب عادة الاهتمام بالشخصية الأمر الذي ساعده كثيراً في رسم وبناء شخصيات روايته.
    ذاكرتي مشحونة:
    وعند سؤال (الأيام الثقافي) له الذي يرى ان فضاء ذاكرة جامعة الخرطوم الطلابي الذي تحركت فيه الرواية ربما يمثل فضاءاً روائياً ضيقاً بالنسبة لعمل روائي كبير أجاب بأن هذا الفضاء طرقه من قبل كتاب قصة قصيرة أمثال بشرى الفاضل ويحي فضل الله بجانب أسامة الخواض.. ولكنه بالنسبة له – يقول- بأن ذاكرته مشحونة بهذا المكان الذي كنت أتردد عليه ليس بوصفي طالباً جامعياً هناك، ولكن بحكم صلات ربطتني ببعض الأصدقاء في هذا المكان ويضيف بأن الرواية استهلت أحداثها بيوم إعدام المفكر محمود محمد طه والذي أرى أنه حدث مركزي في الذاكرة السودانية.
    لا أهمية للحوار:
    وبالنسبة لغياب عنصر الحوار من الرواية على الرغم من أنه قاوم من خلفية مسرحية تعتمد على الحوار بصورة أساسية، قال بأن المسرح يعتمد على الحوار ولكن السرد يبحث عن منطق الشخصيات اذ يحتاج الكاتب هنا لتوضيح معالم الشخصية عبر الغوص في دواخلها من خلال السرد فالحوار –يقول- في الرواية لا يفيد كثيراً، ولا يتعدى كونه _(تحصيل حاصل) وفي احسن الحالات يمثل كسراً لحالة الرتابة والملل التي يمكن أن تكتنف السرد المطوّل.
    لم أتأثر بهم:
    ويقول بأنه لم يتأثر بكاتب سوداني بعينه ولكنه يقول بأن الكاتب الإسباني خوان غويتسلو ترك لديه أثراً، كما انه لمس أثراً آخر في كتاباته للكاتب جان جينيه بالإضافة لكتاب عرب يرى بأن لهم أثراً في نصه الروائي أمثال حيدر حيدر وصنع الله إبراهيم.. وينفي أن لأي كاتب سوداني أثر على ما كتبه وما يكتبه من روايات وقصص ونصوص سردية.
    جذوري ليست هنا
    ويرى بأنه لا يستطيع الكتابة عن مكان واحد مثلما فعل إبراهيم سلوم في رواية (الدية) أو أبكر آدم إسماعيل في رواية (بلاد الشمس) لأنه ليس مرتبطاً بمكان واحد ولا يحس بأن له جذور في مكان معين، ذلك ان حياته كلها كانت عبارة عن ترحال مستمر... ويوضح بالقول أنه لا يرتبط بالأماكن ارتباط مناداة.. ويقول بأنه صاحب ذاكرة مشتتة لأنه عاش في معظم مناطق السودان الأمر الذي سهل له كثيراً التعايش مع الغربة التي يقول بأنه لم يصطدم بها ولم يحدث له ما حدث للكثير من السودانيين الذيبن صدمتهم الغربة في المهاجر الأوروبية.
    كسلنا المتوارث:
    ويجيب على سؤال (الأيام الثقافي) الذي طرحه عليه: بأن السودانيين، خصوصاً المبدعين لم يستطيعوا إنجاز مشاريع ثقافية كبيرة، ولم يشكلوا تياراً إبداعياً سودانياً في المهجر، يمكن أن يعتد به! يرى في اجابته على السؤال، ان المسألة عائدة لكسل السودانيين المتوارث اضافة للتنظير الكثير الذي نمارسه في الصوالين الضيقة حيث نناقش الاحلام التي –ابدأ- لا تتحول إلى واقع معاش، ونقاشنا هذا لا يخرج عن هذا المكان الضيق ابداً.. زائداً ان الجانب الاجتماعي نفسه يأخذ من الفرد السوداني الكثير من الوقت الذي ان من الممكن استثماره في كتابة ابداعية واعدة... ويستطرد بالقول: أن الجانب الاجتماعي هذا، رغم ان الفنانين كثيراً ما يتمردون عليه، الا انهم لا يمكنهم الافلات بصورة كاملة من الالتزامات الاجتماعية.
    ويقول بأن هنا ك بعض النجاحات الفردية لبعض الفنانيين والكتاب في المهاجر والتي يمكن أن تنعكس ايجاباً على سمعة السودان في الخارج، وأكثر هذه النجاحات تأتي من قبل الفنانيين التشكيليين والشعراء والكتاب الروائيين.. هؤلاء بطبيعة الحال يمكنهم النجاح في أعمال خاصة بهم وليس مثل المسرحيين الذين يعتمدون في إنتاجهم على العمل الجماعي.
    إنهم يخافون الرواية:
    ويشير إلى أن وفرة الأعمال الروائية لدى كتاب الأجيال الجديدة مقارنة مع من سبقوهم من الكتاب السودانيين يعود في رأيه إلى أن الأجيال السابقة كتبت القصة القصيرة، وأعتقد أن عندهم تخوف من كتابة الرواية حتى لا تتم مقارنتهم بالطيب صالح لأن الأخير وضع سقفاً – في نظرهم- للابداع الروائي، لا يمكن تجاوزه بسهولة.
    أما بالنسبة للاجيال التي جاءت في فترة الثمانينات والتسعينيات، فقد استطاعوا بصورة من الصور، الخروج من هذه القوقعة التي حبستهم فيها الاجيال السابقة.
    واعتقد أن الخوف من كتابة الرواية ساهم فيه النقاد انفسهم الذين كانوا يقارنون اي تجربة روائية جديد بتجربة الطيب صالح.
    تطفل ليس أكثر
    يتقدم بملاحظة مفادها ان السودانيين يمارسون الكتابة في الغربة أكثر مما يكتبون داخل السودان، ويمثل بتجارب الطيب صالح، محسن خالد واحمد الملك ويرى بأن الغربة لها دور كبير في التحفيز على الكتابة، وهو نفسه عندما كان داخل السودان كتب القصة القصيرة ولم يكتب رواية الا في مهجره بهولندا حيث وجد الزمن متسعاً للكتابة والذاكرة متقدة وجاهزة لتقديم عناصر الكتابة الروائية.
    ويختتم بالقول معترفاً بأن كتابته للرواية يعتبرها تطفل منه لظروف محددة وهي عدم استطاعته عمل مسرحي، وما كان منه ازاء ذلك سوى كتابة رواية عامرة بالشخصيات الثرية... ويقول عن تجربته مع هذه الرواية انه ليس لديه تنظير محدد للرواية ولم يكن محدداً عند كتابته للرواية ما يريد يقوله بالضبط، بقدر ما كان يريد كتابة سيرة ذاتية لهذا الجيل.

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147504042
                  

04-17-2008, 05:30 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    كتاب جديد

    السودان ... سقوط الأقعنة


    جهد توثيقي وتحليلي لحقبة سياسية حبلى


    بعد احتجاز دام لأكثر من شهرين بمطار الخرطوم أطلقت السلطات الأمنية سراح كتاب (السودان- سقوط الأقنعة سنوات الخيبة والأمل) لمؤلفه الاستاذ فتحي الضو الصحافي.
    الكتاب صدر في 689 صفحة من القطع الكبير طبعته مطابع شركة سوتير بالقاهرة وصممته آفرونجي للتصميم الفني وصمم غلافه التشكيلي المعروف حسان علي احمد. يهديه مؤلفه (إلى الاستاذ محمود محمد طه..شهيد الفكر الحر) الذي انذرنا بقدوم الطوفان، ولم نستبن النصح إلاَّ ضحى الغد!! واجه الموت معتدلاً بابتسامة وضيئة، هزمت ترهات الظلاميين لم يدركوا بانه ليس في الجبة إلاَّ كلمة حق في وجه سلطان جائر) ثم ان الاهداء يصل إلى مجموعة من الشهداء امثال عبد العزيز النور خلف الله والتاية ابو عاقلة.
    قسم المؤلف كتابه إلى ثمانية فصول تناول فيها بتفصيل دقيق مراحل حكم الانقاذ للسودان التي جاءت إلى السلطة قبل سبعة عشر عاماً على ظهر دبابة في 30 يونيو 1989م مشيراً الى علاقة النظام بدول الجوار (ارتريا، اثيوبيا، وأوغندا) ومحللا التحالفات والانقسامات في التيارات السياسية السودانية وموضحاً باسهاب المبادرات الاقليمية (الايقاد، المشتركة) معرجاً بتفصيل الى الحركات المسلحة والتجمع الوطني.
    كتاب (السودان – سقوط الأقنعة) أعتمد الوثيقة بالدرجة الأولى وهذا يتضح من قائمة المراجع والمصادر التي رجع إليها المؤلف التي تربو على الخمسين كتاباً هذا بالاضافة إلى عدد هائل من الصحف والمجلدات العربية والاجنبية والمواقع الالكترونية والوثائق. وهو جهد توثيقي وتحريري.
    وكتابي يبدو انه اخذ من مؤلفه سنوات كثيرة ولكنه يذكرنا بصورة من الصور بطريقة الدكتور منصور خالد في التأليف التي تعتمد على الوثيقة بمختلف اشكالها وتحليلها والغوص في تفاصيلها.
    الاستاذ فتحي الضو كان يعمل صحافياً بالصحف الكويتية ترك الكويت عند اجتياح العراق لدولة الكويت وهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، صدر له من قبل محنة النخبة السودانية عام 1993م ، وحوار البندقية (الاجندة الخفية في الحرب الاثيوبية الاريترية في القاهرة 2001م).

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147504232
                  

04-17-2008, 05:31 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    التحولات الحرجة من استخدام العنف إلى السياسة (3)

    اين موقف السودان الان من ذلك التحول؟


    الانسان هو اروع ثمار الحياة، عقلها الواعى، وقلبها المشتاق، وحسها الفنان، وارادتها الفعالة والانسان في جوهر موقفه، انه ليس مجرد اشباع لرغبة، او استجابة لمؤثر .. وانما هو كذلك وفي الجوهر اضافة عبقرية خلاقة إلى الحياة وتاريخ يتدفق صاعدا، يعمل ويعاني ويكتشف ويتخطى ويجدد ويبدع.
    فحياتنا الانسانية لا يصنعها فرد، وانما تصنعها جموع الناس وينسجونها ويطورونها إلى مراحلها التاريخية الصاعدة باعمالهم ومعاناتهم وتضحياتهم وارادتهم المجاهدة .. لكن هنالك الفرد الذي يحمل عبقرية الجماعة، يحسن الانصات إلى نبضاتها، يحسن اكتشاف ارهاصاتها الخلاقة .. (وحده والده كما يقولون).
    من التعليقات التي ظل يكررها البعض ، ان شعب السودان استسلم للهوان وقبل واقع التخلف الذي يعيشه والذي فرضته تلك الاختلالات في الساحة السياسية وانه فقد الاحساس بقيمة الجماعية التي عرفها بها في هباته الجماهيرية والتي ثمنها متخصصون في علم السياسة والاجتماع والتاريخ من مختلف بلدان العالم .. فكلنا نذكر مقولة عالم الاجتماع المصرى فؤاد زكريا عندما كتب عن تجمع من اساتذة الاجتماع والعلوم السياسية في الولايات المتحدة وهم يتحدثون عام 1964م عن شعب اعزل هزم حكما عسكريا طاغيا بالتظاهرات والاضراب السياسي الذي توقف به دولاب العمل وانقطعت الكهرباء وشحت مياه الشرب وتوقفت المواصلات واغلقت المتاجر ابوابها وانطلقت التظاهرات في نسق ودوام في كل انحاء البلاد وتنادت الجماهير باحلامها في حياة كريمة وحريات مستدامة، اندهش اساتذة الاجتماع من الحديث الكبير ولم يقولوا غير انها الصدفة المحضة التي افادت عن الظرف التاريخي وما يحدث في العالم في تحولات وانتصارات لحركات التحرر الوطني ونهضة في افريقيا وحسبوا ان ذلك لن يتكرر لكن بعد عقدين من الزمان تكرر المشهد ووقع الحدث الاعظم واضحى لا مفر من اعتبار لخصوصية الشعب وقدراته وتوظيفه البارع لجماعيته.
    فماذا حدث حقيقة لشعب السودان هل فقد تلك الخصوصية التي جعلت تظاهرات اكتوبر اهازيج تفاخر بها من شاركوا فيها وانتقل نبضها حارا إلى اجيال صنعت هي الاخرى اهازيج تشبه الخرافات في ابريل 1985م وانتهت هناك؟ الشعب كان سودانيا خالصا والحكام كانوا سودانيين وقال المحللون السياسيون انه انحياز القوات المسلحة لحركة الشعب ولنكون اكثر دقة فالقوات كمؤسسة لم تنحاز بذلك المعنى المحدد فقط رفعت يدها من النظام الذي كان حاكما باسمها واباحت لافرادها حرية التعامل مع الموقف وافراد القوات المسلحة كمواطنين يتنوعون كغيرهم ويتدرجون في اهتمامتهم بالعمل العام .. ان تلك اللحظات التي وقفت فيها القوات المسلحة في الحياد فقدت مؤسسيتها كجزء من جهاز الدولة وتراجعت إلى المركز الاخير لتخلى الساحة امام حركة الجماهير والاحزاب لكن ما زال السودان في مرحلة ما قبل التحول الحرج.
    ما الذي استطاعت ان تنتزعه الحكومات بمختلف تكويناتها وتمثيلها للانظمة المختلفة من الشعب ليتسم سلوكه بالبرود واللامبالاة عند المحن .. لماذا اصبح لذلك التعبير عن استسلام الشعب معنى محددا وهل يعرف الشعب او تقاس ارادته ومقدار ثقته بنفسه بسلوك بعض افرده او بقياداته السياسية والاجتماعية ام بحيوية مؤسساته وديمقراطيتها .. وحتى لا يختل قياسنا فتلك المؤسسات لابد من تحديد لمواصفاتها وتاريخ وظروف تكوينها.
    نحن قد لاحظنا ان الجمعيات التأسيسية التي تكونت لم تنجز مهامها حتى الان ليكون للسودان دستورا دائما وتتحول بعدها إلى برلمانات تعمل بنص دستور دائم .. انصرف اعضاء الجمعية التأسيسية بعد انقلاب 17 نوفمبر وانصرفوا بعد انقلاب 25 مايو وفعلوا ذلك بعد انقلاب 30 يونيو وفي كل هذه الحالات لم نسمع بان نواب تلك الجمعيات المعضضون بناخبين من جمهور عريض وبعد منافسة من المفترض ان تكون حرة ، لم نسمع عن ان احدا جاء إلى دار الجمعية محتجا على حجب تأييد الجماهير التي فاز باصواتها او عبر عن رفضه لتلك الجهة التي تمنعه من القيام بواجباته تجاهها .. وكلنا نذكر تجربة الروس حديثي العهد بديمقراطية التنافس البرلمانية عندما حاول يلسين اقتحام البرلمان بالدبابات لاخلاء النواب الذين اصروا بانهم ممثلين للشعب ولن يسمحوا لاي سلطة بان تنتزع منهم ذلك الا الناخبون انفسهم واصطدم بمقاومة عنيفة .. لم نسمع او نشاهد اي مقاومة من اي نوع في تجربتنا البرلمانية عندما يتعدى عليها العسكر .. بل العكس كان النواب يتعجلون انفضاضهم وكأنما مهمتهم ان يسلموا سلطة التشريع لقادة الانقلاب .. والبرلمان يعتبر اهم مؤسسات الانظمة الديمقراطية، وفي الحقيقة هو يكتسب وزنه من ديمقراطية انتخابه وممارسته لسلطاته التشريعية وذلك هو الذي يمنح اعضاءه حالة التشبث بضرورة بقائهم لانه لابد من استكمال مهامهم وايضا لابد من شعور طاغ بالمسؤولية تجاه من وثقوا في تأهيلهم للقيام بتلك المهام الكبرى.
    تكونت الاحزاب السياسية منذ العام1944م وجلها انجبت قياداتها تجربة مؤتمر الخريجين وهو منبر للاستنارة انشأه المتعلمون ونضحت داخله تجربة الابروفيين المتأثرين بتجمعات الغابين الانجليزية والتي اشتهر افرادها بانفتاحهم على الثقافة والفكر العالمى ولما انضموا إلى حزب العمال تحول بهم حزب العمال إلى حزب ليبرالي تقدمي افرد مساحة واسعة للثقافة واحترام تنوعها وعندما كان حزب العمال في الحكم تم الاعتراف بمؤتمر الخريجين في السودان، وكان من الممكن ان يكون لاولئك الابروفبين شأنا عظيما في بناء حزب ديمقراطي واسع ينفتح على العصر وعلى العالم ومعارضة المتقدمة وكان قطعا سيصطدم بذلك الاختيار السهل العاجل لشعارات القومية العربية الرائجة في تلك الايام كان الابروفيون هم الاقدر على اكتشاف تنوع السودان الثقافي والعرقى ووضع ذلك في الاعتبار وهم يشكلون مشروعهم الوطني.
    لم يحدث ذلك فقد احتدم الصراع بين الخريجين وانتقل معه صراع الطوائف الدينية (الانصار والختمية) إلى مساحة المؤتمر رغم ذلك الموقف الحاد المخدر من ذلك الذي قال به كبار الخريجين على رأسهم احمد خير المحامي صاحب فكرة المؤتمر (على هدى المؤتمر الهندى) ومحمد احمد محجوب وعبد الحليم محمد وقادة الابروفيين خضر حمد وحسن وحسين الكد وعبد الله ميرغني والنور عثمان، ومكاوى سليمان اكرت ، والهادى ابوبكر وابراهيم يوسف سليمان، وحماد توفيق وعبد الحليم ابو شمة ، وابو رنات والذين كونوا حزب الاتحاديين وقد نادوا بحكومة سودانية ديمقراطية حرة في اتحاد مع مصر متأثرين في ذلك بقراءاتهم عن التجربة السوفيتية.
    كانت هنالك جمعية جماعة الموردة والهاشماب وفيهم عبد الله ومحمد عشرى الصديق ومعاوية نور وعبد الحليم محمد ومحمد احمد محجوب وعرفات محمد عبد الله والسيد الفيل ومحمد الحافظ هاشم وتكونت منهم جمعية الفجر وظهرت جمعية ود مدني وجماعة الاشقاء وجمعية الاداب والفنون والمناظرة وجماعة مكوكي وجمعية بورتسودان الادبية .. ورغم كثرة تلك الجمعيات والتنافس الثقافي بينها وكثافة ثقافة افرادها واهتمامهم بالقراءة والاطلاع فلم يستطيعوا تفادى الصراع الطائفى الذي غمرهم فاصبحت هنالك مجموعة تؤيد السيد عبد الرحمن واخرى تناصر السيد على وبذلك تأسس الحزبان الكبيران حزب الامة والوطني الاتحادى، الاول يشكل الانصار قاعدته الجماهيرية والثاني يلتف حوله الختمية ورفعت تلك اللافتات السياسية بديلا لتلك الطوائف في العمل السياسي وظل جوهر الصراع بينهما يقوم اساسا على الصراع بين الطائفتين وجذور ذلك الصراع وتاريخه وطابعه القبلى والجهوى وكان مظهره السياسي من جهة هو الاتحاد مع مصر بدءا من الشعب المصرى وحركته الوطنية إلى التاج المصرى ومليكه ومن جهة اخرى الاستقلال التام وحتى الارتباط ببريطانيا والكمونولث .. وهكذا ضاعت معالم الابروفيين وثقافتهم الديمقراطية وابناء الموردة ودعوتهم للقومية السودانية وجماعة الهاشماب ورفضهم للطائفية ومجموعة احمد خير التي كانت تتطلع إلى تجربة المؤتمر الهندى الذي رسخ النظام الديمقراطي في الهند وحتى الان.
    ذابت تلك الجماعات الثقافية بين الكتل الطائفية ولاذ عبد الله ميرغني الابروفى النشط بحزب الامة ولحقه محمد احمد محجوب صاحب مؤلف (موت دنيا) ونشط خضر حمد وسط الاحزاب الاتحادية التي وحدها محمد نجيب الرئيس المصرى وانزوى حسين وحسن الكد بعيدا عن هذا الصراع وصمت احمد خير وتوقف دوى هتافاته وزهد في الاشتراك في تلك المعارك واحتفظ بمرارة حاول تفجيرها وهو وزير للخارجية في اول حكم عسكرى في البلاد.
    كانت الحركة السودانية للتحرر الوطني (حستو) والتي تحولت إلى الحزب الشيوعي السوداني بعيدة بالطبع عن ذلك الصراع قد تشكلت بعدد محدود من الناشطين المتأثرين بالفلسفة الماركسية وزخم الثورة السوفيتية وشعارات التحرر الوطني والتفتت إلى النشاط النقابي العمالى الذي يقترب بها من الطبقة العاملة وتنظيمات المزارعين الامر الذي جعلها تنشط مباشرة في تفجير قضايا الحريات والغاء القوانين المقيدة لها والحديث عن حرية التجارة والانتباه إلى التنوع الثقافي وخصوصية الاثنيات التي يتكون منها المجتمع السوداني .. ولم يكن من الممكن لتنظيم كهذا ان ينشأ مرتكزا على طائفة دينية او على جماعة عشائرية او قبلية وكانت النقابات التي ساهموا بدور كبير في تأسيسها تتكون عضويتها من العاملين ايا كانوا دون شروط لانتمائهم الطائفى او القبلى او حتى الديني ، فقد نشأت على اسس حديثة على انقاض تلك الانقسامات التقليدية ومن هنا بدأت النقابة تكتسب قيمها وتقاليدها الديمقراطية والتي صارت عليها حتى اصبح اكثر المؤسسات الشعبية ديمقراطية.
    وارتفع صوت الاستاذ محمود محمد طه يدعو إلى الدين من زوايا انسانية واجتماعية وتقدمية وقال بتطوير الشريعة باعتبارها قانون انساني ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وقال ان تلك البداية المبكرة للتاريخ الاسلامي في بناء الدولة وارساء العدالة لابد من ان تسير صوب تحقيق حقوق الانسان الاساسية ومساواة مختلف انواع البشر وان الدين الاسلامي ليس دعوة خاصة بالعرب وانما دعوة انسانية ترى في تطور الشعوب نشاطا انسانيا مقدرا وفي فكرها وابداعها اضافات قيمة وعظيمة وارث عام، كان رأي الاستاذ محمود في الطائفية وصراعاتها قاطعا وتحديده لمضارها لم يتراجع عنه حتى قتل غدرا ومتأمرا عليه.
    من جهة اخرى ظهرت دعوة الاستاذ بابكر كرار المرتبطة بالفكر الديني ولكنها رفعت شعارات اجتماعية فتداخلت دعوته مع بعض ما يقول به الشيوعيون وكان من الممكن ان تفجر حوارا مبكرا بين تراث التجربة الاسلامية الداعية للعدالة والمساواة والى حقوق الغلابا مع الدعوة إلى التحرر الوطني ومناصرة البسطاء واقتسامهم مع الباقين بعدالة السلطة والثروة، اجتهد بابكر كرار وزملاؤه لبناء مشروع سياسي اجتماعي يستند على التراث الاسلامي وقد حدثنى بعض من احترم افادتهم ان بعض اصدقاء بابكر كرار ارادوا له ان ينضم إلى الشيوعيين فقال لهم لا امانع اطلاقا لو اصبح الحزب الشيوعي الاسلامي .. قد لا يكون الحديث هكذا لكنه يشير دون شك إلى امكانية الحوار بين فرق عديدة حول البرنامج الوطني .. لم يهنأ بابكر كرار بذلك كثيرا فقد ظهر تيار الاخوان المسلمين من مصر جاء مع الطلاب الذين انتموا لذلك التيار ووجدوا الجماعة الاسلامية التي يقودها بابكر كرار قد بدأت آثارها قوية وسط الطلاب، واندمجوا في تلك الجماعة ونجحوا في تحويلها إلى تنظيم للاخوان المسلمين مع بعض التحفظات وانفصل بابكر كرار ومجموعته ومن ابرزهم عبد الله زكريا وميرغني النصرى ومحمود بشير جماع واحمد عبد الحميد الشايقي وناصر السيد وغيرهم وكونوا الحزب الاشتراكى الاسلامي.
    غلب اتجاه الاخوان المسلمين على الحركة الاسلامية السياسية ورغم انهم اندمجوا في تجربة التمثيل النسبي التي اختارها طلاب جامعة الخرطوم وتمكنوا من توحيد حركة الطلاب عموما.. لقد كانت تلك التجربة هي الوحيدة التي قننت عملية الاعتراف بالاخر ونظمته باللوائح المتفق عليها وتواصل الصراع واحتدم بين اليسار ممثلا في الجبهة الديمقراطية وتحالفاتها وتيار الاسلام السياسي ممثلا في الاتجاه الاسلامي مع تحالفه احيانا مع المستقلين.. ورغم حدة الصراع وتنافر طرفاه فقد مثل التمثيل النسبي ترياقا وحاجزا منيعا ضد العنف ولفترة مقدرة من النشاط الطلابي السياسي حتى وصل الدكتور حسن الترابي يحمل مشروعه الجديد وافاد منه اشتراكه في ندوة الجامعة والتي كانت استمرار النشاط الذي استمر حتى انفجار ثورة اكتوبر .. فاز الدكتور حسن الترابي باعلى الاصوات في انتخابات الخريجين وفاز محمد محمد يوسف المحامي من الاسلاميين ومحمد توفيق وصالح محمود اسماعيل من الاتحاديين وحصد باقى المقاعد الاحد عشر الحزب الشيوعي ومن ايدهم.
    اقترب الدكتور حسن الترابي من قمة قيادة الاسلاميين وحسم الامر في مؤتمر معد بذكاء وانزوى الرشيد الطاهر بكر وتراجع صادق عبد الله عبد الماجد وتسنم الترابي مركزه كقائد اول وشرع فورا في تنفيذ مشروعه وحول قادة الاسر وتنظيمات الاسلاميين الداخلية إلى من يتمتعون بالحس الامني والاعيب السياسة وفهلوتها وبدأ حربا شعواء ضد الخصوم السياسيين باولويات محددة وكانت الجبهة الاسلامية للدستور ثم حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان في اكبر عملية انتهاك للديمقراطية وتم الاتفاق بعدها على دستور اتفقت عليه احزاب الامة والاتحادى وجبهة الميثاق الاسلامي .. لم يتراجع الترابي عن سعيه الحثيث نحو السلطة وافاد من موقف الادارة الامريكية في عدائها للشيوعية والجبهة العريضة المكونة من السعودية ودول الخليج وحتى مزايداتهم بقضية الاسلام إلى ان استولى على السلطة بانقلاب الانقاذ في يونيو 1989م ..
    استهدفت حركة الاسلام السياسي تغيير المجتمع بتغيير انسان السودان وانتزاع حقه في الاختيار والحريات الديمقراطية وتغيير التقاليد والعادات الاجتماعية التي نشأ عليها .. كانت تجربة جعفر نميرى في تطبيق الشريعة المشوبه بالتعديات غير الانسانية وتمزيق اواصر المجتمع الذي شب على الترابط والتكافل الطوعي بمثابة مقدمة لما يمكن ان يكون عليه حال الناس بتطبيق الشريعة بذلك الفهم العقيم للدين ولان الدين من المقدسات التي يتعامل معها الناس فمن المهم الا يقسر احد على فهمه بطريقة معينة يراها بعض دون اخرين وتجربة الحكم الديني اثبتت ذلك دون شك .. تنظيم المؤتمر الوطني كان تلخيصا لتجربة الحركة الاسلامية مع كل السلطة التي تم الاستحواذ عليها بواسطة انقلاب 1989م .. لم تكتف الحركة بالاستيلاء على الوظائف الدستورية والسياسية او بمجلس للتشريع او بالنفوذ الاقتصادى والتحكم في التجارة الخارجية والحركة المصرفية بل تعداها كثيرا فقد تحولت الخدمة المدنية إلى نشاط سياسي يمثل نظام الحكم وفكره السياسى لقد حولوا كل قياداتها إلى كوادرهم ودفعوا ببعضهم من قاع السلم الوظيفي إلى قمته واستجلبوا العديد من كوادرهم في الاغتراب وتعاقدوا معهم بعقود خاصة دون مراعاة لنظام الرواتب المعروفة في الخدمة العامة.
    المجتمع السوداني يعيش الان لحظة من لحظات التحول الحرج لم يجتازها بعد ولن يكون اجتيازها امرا ميسورا.. ونحن نعيش في قلب هذه المرحلة وفي احرج لحظاتها يتردد ذلك التعبير الخطير الذي يقول بان شعب السودان قد استسلم للهوان ، ان كل مخزون وتراث العمل الجماعي والعام يتم اعداده لمواجهة هذه اللحظة .. ان الشعب يستدعى تاريخه الحضارى والسياسي وتجاربه في بناء المؤسسات الشعبية وسجله من الابداع والنبل وكوادره الوطنية الخلاقة ليستكمل مرحلة التحول الحرج .. فهل الشعب السوداني كما يعبر البعض قد فقد حتى الرغبة في التغيير .. ام هل فقد الامل في ذلك .. وهل فقد ثقته في قدراته ام فقد الثقة في قياداته .. وهل استطاع مشروع الانقاذ ان يحدث فيه من التحول ما هدف اليه؟ ام انه مازال تحت الرماد وميض نار ؟! وان كان الصمت لا يعني ذلك فماذا يعني اذن؟؟.
                  

04-17-2008, 05:37 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الدكتور عبد الله علي إبراهيم يحلل مسيرة الضلال الوطني ويدعو أخيراً لمخاصمة الانقاذ واليأس من خيرها.
    وصم الدكتور البراجوازية الصغيرة وعيرها بكل عباراته البليغة وحتى كاد ان يقول ان خطاياه واهتزازه وتذبذبه كان بسبب انه برجوازي صغير لكنه لم يستوزر ولم يصبح مديراً ولا سفيراً والا لكان لذلك شأن آخر.. انه فقط عبد الله (ابن الداخلة) الاديب والكاتب الاريب وصاحب الصولات والجولات في ساحات النشاط الطلابي والرائد المؤسس لتجمع الكتاب والفنانين التقدميين والذي عرف فيما بعد بتنظيم (ابادماك) الشهير الذي قاد قافلة ثقافية وفنية جابت قرى الجزيرة بحثاً عن الفنان الشعبي الذي طمره الفقر وبؤس الريف وغياب مؤسسات الوعي والمعرفة الرسمية إلاَّ تلك المؤسسة التي قال عنها هي التي تمثل (صفوة الغلابة) والتي استطاعت بجهدها الصبور والمثابر ان تقدم للمزارعين ما استطاعت من جرعات الوعي التي مكنتهم من انتزاع شرعية اتحادهم والحاكم العام الانجليزي مازال يقيم بيننا.. في تلك الرحلة الشهيرة وصلت قافلة (ابادماك) قرية (بورتبيل) لتقدم من خلالها مسرح الرجل الواحد الشعبي الذي لفت الانتباه الى زخائر الريف والثقافة الشعبية.. جاءت مايو وقبل ان ينتقل عبد الله من حزب احمد سليمان الى حزب عبد الخالق قدم مسرحيته الشهيرة في شارع القصر بالتضامن مع صديقه صلاح قوله (المصري الأصل) ناقلاً بذلك الثقافة الى رجل الشارع والطريق العام.
    اراد الدكتور عبد الله إلاَّ يضعه منصور خالد هو وعبد الخالق وآخرين (لم يفصح عنهم) في سلة واحدة مع بقية الصفوة المدمنة للفشل وليس غرضي تبني وجهة نظر دكتور منصور في الصفوة وادمانها للفشل فللرجل طريقته ومنهجه في التعامل مع استنتاجاته ولا أذكر حسب علمي انه ادعى انه ليس منهم في شيء، مع ملاحظة عابرة هي ان دكتور عبد الله قال في حواره مع جريدة الصحافة الحلقة الثانية بتاريخ 19 نوفمبر: أنا وعبد الخالق وآخرين وهذا التقديم (للأنا) لم أعهده فيه من قبل لكنه لم يفصح عن الآخرين ولعل هنالك قائمة سرية يعد بها البعض ليلهث اللاهثون كما يتصور علهم ينالون حظوة؟ بعد تعريفه للصفوة سأله المحرر من هم صفوة البرجوازية الصغيرة؟.. اندهشت لإجابته التي تقول: منصور خالد انا اعتبره صفوة البرجوازية الصغيرة (هو لوحده، الدهشة مني) لأنه يعطي وقتاً اكبر لمشروع تمكين هذه الفئة الاجتماعية بينما مدير البنك او الطبيب مثلاً لا يعطي وقتاً كبيراً للمشروع وانما يعيش مشروع البراجوازية الصغيرة.. لم ادرك مقصد الصديق (عبد الله) هل لأنه منصور خالد ام لأنه ليس مدير بنك او طبيب، وهل يمكن الحديث عن صفوة لفئة موسومة بكل ذلك القبح والقدرة على قيادة مسيرة الضلال لشعب في قدرات الشعب السوداني ان يكون صفوتها شخص واحد مهما كان مقامه ام انها محاولة متوارية لرد الصفعة؟
    سأتناول قضيتين من تلك القضايا التي تناولها الدكتور في حواره او في الحقيقة قضية واحدة ذات شعبتين شكلتا فكرة المقاومة وداوفع التغيير وضمن ذلك دور المعارضة في درجاتها المختلفة انجازاتها واخفاقاتها.. لقد جاء في الحوار ما قررت الاهتمام به في هذه المداخلة وذلك في رد الدكتور على الصحيفة عندما سأله المحاور: لماذا ترجع الى تحليل المجتمع عبر المنظور الماركسي هذا؟ فقال: لأنني اعتقد انه حصلت خيانة كبرى لغمار الناس حتى في صفوتهم، فالحزب الشيوعي بعد حله عام 1965م ثم مغامرة 1971 واخيراً انقلاب الانقاذ اصيب بجنون الاسلاميين الظلاميين وصارت مسألة الحداثة متمكنة منه أكثر من انه خليفة للكادحين والطبقات العاملة صار الحزب يفضل ان يوصف بالحداثة وان يكون سادنها أكثر من تفضيله لدوره الأساسي في النضال من اجل الكادحين ويتجلى ذلك في هروبه من النفاذ الى مسألة الدين والمجتمع. فبدلاً من معالجة المسألة باعتبار الدين جزءاً من مكون الوعي في المجتمع ونقده انما هو نقد للمجتمع استبد به جنون الاسلاميين الظلاميين كما ذكرنا. لذا صارت الطبقات الكادحة بلا تفكير مستقبلي ولا يوجد من يتخيل لها مستقبلها وسعادتها وهذا دور الصفوة الأمر الذي الجأها لتأكتيكات النضال المسلح لقوى الهامش وحركات التحرير العنيفة والانقلابات العسكرية المضادة غير الناجحة.
    ناصح الدكتور الانقاذ (الانقلاب الناجح) وشارك في مؤتمراتها الأولى كما قال مراعاة لقومية الجيش ووحدته لعدم الاستهانة به لأنه يقف خلفها وقال انه تركها منذ بدأت توقع في اتفاقيات السلام وانتظر من يملأ الفراغ وفي رد على السؤال: هل ترى ان المخرج من حالة الضلال باشاعة وسائط التربية والتعليم فقط؟ اجاب: قطعاً ولكنه مصحوب ايضا بقنوط من اي خير يمكن أن تأتي به الانقاذ، بمعنى الاضراب عن نصحها، ولا يحبط منها احد ولا يتفاءل بها علينا فخاصمتها تماماً لأنه ليس لديها جديد تاتي به ولا شيء لتفيد به الناس ولن نسمع كلام احد، علينا الكف عن نبرة اصلاح النظام، لأنه لن ينصلح ولن يحل مشاكل دارفور ولا الجنوب ولا غيرهما فق اهليته وشرعيته لفعل ذلك. وعلى الجنوبيين ان يعوا اننا لن نستطيع ان نجعل خيار الوحدة جاذباً لهم طالما كانت الانقاذ موجودة وعليهم ان اراداوا الوحدة ان يقاوموا ايضا معنا" انتهى
    اتهم الدكتور الحزب الشيوعي بأنه اصابه جنون الاسلاميين فماذا اصاب الدكتور وبعد كل هذه الفترة المقدرة وهو يتحدث الآن عن قنوط من اي خير يمكن أن يأتي منهم ويدعو لمخاصمتهم ثم اعتبر حالات العنف في رفض سياسات الانقاذ ينبغي ان يدرج في سجل المقاومة الشعبية. لم نسمع عن الدكتور عبد الله انه كان يمثل تياراً داخل الحزب الشيوعي (والذي عاش في قلبه فترة تفرغ امتدت لبضع سنوات) يدعو بأن يمد الحزب الشيوعي يده للمهمشين، هو كان كآخرين يتحدث عن مناطق التخلف ويرى رأي من ينتظر تنمية اقتصادية تنجب قوى (حديثة) يمكنها بالتحالف مع نظيراتها في المدن والطقاع الحديث استكمالاً لبناء الجبهة الديمقراطية لتنجز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية.. لم يقل بغير ذلك ولم يكتب في مساهماته العديدة حتى عن (الصحة والتعليم والبيئة والضرائب) ولم نقرأ في كتاباته الغزيرة ما يشير الى ذلك، وقدر اطلاعنا على ما يكتب كنا نحسبه بعيداً عن هموم الناس الحياتية او عن الكادحين الذين من المفترض انه أحد قادة صفوتهم المنظمة.
    حركة الاسلام السياسي الحديثة لم يبدأها الاسلاميون السودانيون قد سبقهم الى ذلك مؤسس حركة الاخوان المسلمين الامام حسن البنا وشكلت الحركة في مصر قوة جماهيرية افزعت حزب الوفد (حزب الاغلبية الوطني) واثرت تأثيراً عميقاً على مجرى العمل السياسي، هناك كانت التجربة غنية بكل خطل الانكفاء على (الاصولية) انها حركة سياسية اتخذت من الدين غطاء لتدافع عن فهمها له. وتداخلت المصالح مع ذلك التفسير واختلط امر الدين بتفسيرهم الخاص له.. وعندما نشأت حركة الاسلاميين في السودان ادركت شريحة منها قضايا المجتمع واهمية الخوض فيها (بابكر كرار ومجموعته) فاختلفت مع الآخرين اختلافاً بيناً ادى الى تكوينها للحزب الاشتراكي الاسلامي الذي لم يحظ بجماهيرية واسعة تجعله يؤثر تأثيراً عميقاً في الحياة السياسية، بينما كوّن الآخرون تنظيم الاخوان المسلمين الذي تحول الى جبهة الميثاق الاسلامي ثم الجبهة القومية الاسلامية واخيراً المؤتمر الوطني والشعبي.
    ان الأمر لم يكن يحتاج الى كل ذلك الوقت والعناء ليدرك الدكتور انه لا خيريرجى منهم.. فعلى رأس الدكتور وجيله تم حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه المنتخبين من البرلمان ليس دفاعاً عن الدين قطعاً بل بسبب الخصومة السياسية والعجز عن المقارعة لكنهم اتخذوا من الدين ذريعة فلم يكن (شوقي) طالب معهد المعلمين الذي تزرعوا بمقولته في دعوتهم لحل الحزب الشيوعي كان أو أصبح رصيداً للشيوعيين ففي حديث له اخيراً قال انه كان سعيداً بذلك الحل.. ولا حتى تلك التجربة العميقة في التمثيل النسبي التي انتظمت الجامعات ومؤسسات التعليم في انتخابات اتحادات الطلاب والتي جوهرها هو الاعتراف بالآخر حدت من غلوائهم في التآمر على حزب يشاركهم اين ماحلوا منافساً ومشاركاً في ازكاء الحيوية في الساحة لقد قرر الاسلاميون ومن ذلك الزمان سحق الآخر ما امكن واختراق التنظيمات السياسية وتخريبها من الداخل ولم يتحلوا بالصدق ولا شرف المنافسة، وكما نعرف كلنا فالحزب الشيوعي لم ينتقد الدين وانما انتقد اصرار الاسلامين على تفسيرهم للدين وزجه في السياسة وجعله اساساً للحكم كما نشاهد الآن.
    قاوم الاسلاميون فكرة الديمقراطية باطروحة ضعيفة عن الشورى وهي في تقديرهم غير ملزمة وتتم مع اهل الحل والعقد وهؤلاء يمكن التحكم في اختيارهم كما نعايش ذلك اليوم.. ولما عادت حركة الاسلام السياسي متصالحة مع مايو قادته الى حالة الهوس الديني التي عاشها وتمخضت عنها قوانين سبتمبر الشائهة والتي كانت حربا على كل المجتمع، على عاداته وقيمه وتهاوى نظام مايو مثخناً بجراحات (المشروع الإسلامي) وفي اثناء ذلك تم اغتيال المفكر الإسلامي محمود محمد طه والذي كان للدكتور شرف تقديمه في محافل الجامعة.. وبعد الانتفاضة جمع الاسلاميون حولهم بقايا مايو من والذين كانوا يخشون محاسبة الشعب لهم لما ارتكبوه من خطايا.
    ما كان الاسلاميون يحتاجون الى مناصحة الدكتور لكنهم اتخذوه وآخرين ديكوراً وما كان الحزب الشيوعي يمكن أن يتحول الى حزب ديني ليعترف بدور الدين كمكون لوعي المجتمع.. ان المجتمع السوداني متنوع ومتعدد الاديان وحرية الاعتقاد فيه تمثل ركيزة للحريات.. قد يكون للحزب الشيوعي قصور في معالجته لكثير من القضايا (بما فيها الديمقراطية داخله) ولكن لم يكن مهوساً ومصاباً بجنون الاسلاميين الظلاميين، كان يعاملهم كخصوم سياسيين وجو الساحة السياسية كان يوحي بحدة الاستقطاب وبالخصومات ولم يكن الحزب الشيوعي استثناءاً بل هو أكثر من تحمل نتاج ذلك.
    اما دعوته للتحديث فمتى كان التحديث يتعارض مع الدفاع عن الكادحين..؟ يذكرني ذلك بكلمة كان يرددها المناضل المرحوم يوسف عبد المجيد (التكديح) ويقصد بها بالطبع تقمص مشاعر الكادح الساخنة والثورية ولكن لم يكن الكدح او التهميش في حد ذاته حالة يدعو المرء الى استمرارها او التمسح بها فهي بؤس وشقاء لكنها حالة يكون النضال من اجل محوها وازالتها قائم ويتم ذلك بنشر الوعي ومهما يتحدث الدكتور عن دور الصفوة وأهميته فهي لن تشكل بديلاً للنضال ولن تتحقق الديمقراطية بممارستها هي وحدها لها واستمتاعها بالقراءة والترجمات وكتابات كتلك التي يقدمها الدكتور خالية من تلك المباشرة الضرورية في علم السياسية.. لن نستطيع أن نستنتج من ان الكتابة في حلقات متعددة عن انتحار شيبون هي دعوة الى (صحة المواطن وتعليمه واصحاح البيئة).. وليس في ذلك بالطبع رفض لمختلف المناشط الانسانية من شعر وموسيقى ورقص وكتابة قصة ورواية ونقد ومسرح وسينما وتشكيل وغيرها، لكن لكل ابداع انساني لغته ودوره في تشكيل الانسان المعاصر، لكن عندما نتحدث بلغة الكادحين والتهميش فلا تصح إلاَّ المباشرة ونحن ندعي بأننا يمكن ان نمثل صفوتهم.. وللحزب الشيوعي اخطاءه وله انجازاته.. انه تاريخ لملحمة معقدة لكن لا يمكن محوها او اغفالها ولا يمكن الحديث عنها بذاك القدر من الاستخفاف مثل القول بأنه حزب للكادحين وليس للقوى الحديثة و(الحناكيش) فكيف ابتلع الدكتور فكره وصف بعض الشيوعيين (بالحناكيش) بعد انسلاله منهم كالشعرة من العجين كما اعتاد ان يقول. أليس في ذلك اقتراب من مقولة (التكديح)؟.. الدكتور لم يسمح لنا بأن نتحدث عن تأثير التجربة السوفيتية على الحركة الشيوعية ثم الستالينية وما خلفته من ادواء والتي لم ينج منها الدكتور وهو المتفرغ الثوري كما زعم انه نجا من تذبذب البرجوازية الصغيرة ودمويتها ويتمنى ان ينجو من سلة منصور خالد التي ادمنت الفشل.
    إذا سلمنا جدلاً ان تجربة الانقاذ كان يمكنها ان ترعوي وتستمع الى مناصحات الدكتور فكيف كان يري تلك الهجمة الشرسة والمباشرة التي طالت معظم البارعين والمبدعين في العمل العام والقيادات النقابية والسياسية فصلاً واعتقالاً دون ان يفلت من بينهم كل من اعتبروه غير مؤيد لمشروعهم او محتمل ان لا يؤيده.. ثم تلك الفترة التي اعلنت الانقاذ انها مرحلة التمكين فتمكنت بها من كل شيء، مفاصل السلطة على كل مستوياتها حتى الخدمة المدنية، ومصادر الثروة وفرص العمل العام والخاص ثم التهديد بالضرائب والاتاوات والجمارك مع ممارسة كل صنوف الارهاب.
    قال الدكتور انه ترك الانقاذ عندما بدأت في توقيع اتفاقيات السلام.. انا اندهش لهذه الجرأة التي قال بها ذلك.. فهل هو ناقم على الانقاذ وهي تتنازل عن بعض سلطاتها ام هو غاضب لأن اتفاقية السلام حققها من لم يكونوا في قائمته السرية تلك (وآخرين) ام هو غير راضٍ عن وقف الاقتتال الذي يوقف الموت وسحل الآلاف وتشريدهم.. صحيح انه لم تذهب الانقاذ بعد تلك الاتفاقيات بل نالت شرعية دولية بتلك التوقيعات فهل لذلك رفضتها (عبد الله) وهو الذي لم يرفضها كلها وهي تتعدى على الشرعية وتتميز بالصلف والاستبداد ومصادرة كل الحريات. لكن بالرغم من ذلك وبعد توقيع الاتفاقية واقرار الدستور الانتقالي اصبح من الممكن الحديث عن الحقوق والحريات.. إذا كان هنالك ما يعيب القوى المناهضة للنظام فهو انها لم تعبئ الجمهور في اتجاه ضرورة تفكيك النظام الشمولي وبناء بديل ديمقراطي، وصحيح من ناحية نظرية ما قاله عن ضعف المعارضة المنظمة وعزلتها، وانه خطل عظيم ان ترتفع اصوات المعارضين وهم يسعون وارء امتيازاتهم فالأمر يحتاج الى خطاب جديد لكنه ليس منقطع الصلة عن تاريخ تلك الدعوة القديمة للعدالة والمساواة وتغيير المجتمع والتي حمل الدكتور مع آخرين لواءها من قبل.
    في احاديث وكتابات عديدة تحدث الدكتور بكثير من عدم الارتياح عن النضال السياسي المسلح وكان يتوارى كعاداته خلف ما يتصوره دعوة للزنوجة المعادية للعربية وثقافتها وها هو يتحدث عن تاكتيكات النضال المسلح باعتبارها اعظم الشرور وكان ينبغي ان يرى ما تمخض عن هذا النضال المسلح فقد اثبتت التجربة انه ليس من الضروري الانتظار في (خطوات تنظيم) الى ان تحقق تنمية وتغدو هناك قوة حديثة لتقوم بالمساعدة في عملية التغيير.
    لقد تكون من اولئك المهمشين جيش سياسي اثر على مجريات الاحداث حتى تمخض عن تلك الاتفاقية التي جعلت الدكتور يخاصم الانقاذ والتي لم يقل حتى عتاة خصومها الحقيقيين انه لا قيمة لها فهم يتوقفون كثيراً عند وقف القتال الذي كان مستعراً وعن الحرب التي خمدت، والدكتور يتحدث عن النضال المسلح باعتباره حالة يقسر عليها المرء ولا يختارها لأنها تقود الى الموت والدمار هذا ما يفهم من حديثه ولكنه يرفض ما تحفق من سلام ويخاصم اخيراً عليه الانقاذ التي حولت الحرب الى حرب دينية دفاعاً عن العقيدة المستهدفة كما تدعي.
    للانقاذ اقسرت على توقيع اتفاقية السلام التي تحتوي على بنود رئيسية تؤسس لمجتمع ديمقراطي عادل فماذا يضير الدكتور في ذلك ... لقد نصح اخيراً الاخوة الجنوبيين وحذرهم من قبح الانقاذ التي لا يرجى منها وهو الذي ظل يناصحها في رفق ويشترك في محافلها فهل كان ذلك بسبب مشروعها الاحادي ورغبتها في بناء دولة دينية وهو يخاصمها الآن ويحرض عليها لأنها وعدت بتنازلات لأبناء الجنوب ودارفور والشرق وجنوب النيل الأزرق وجبال النوبة؟
    البرجوازية الصغيرة التي ظل الدكتور يذمها دون أن يراعي تلك الظروف التي نشأت خلالها ونتاج مشاركتها في العمل الوطني ودورها في المجتمع فيه تجن عظيم عليها وهذا ليس دفاعا مطلقاً عنها كفئة فمنها جاءت حركة الإسلام السياسي وانجبت كبار الوصوليين والذين نافحوا الانظمة العسكرية والدكتاتوريات المدنية والذين اعلنوا كذباً ورياءاً انهم يدافعون عن قضية البسطاء والغلابة ولكنهم اكتفوا بدور الصفوة المتأففة والمتعالية فهم في اسمارهم يقسمون المجتمع على اساس عرقي واثنى وينادون بالوحدة والمساواة في الظاهر.
    قال الكتور باهمية (الصفوات) ولكل الفئات وللبرجوازية الصغيرة بالطبع قدح معلى في تكوينها.. لكن تنظيمات المهنيين والموظفين وأساتذة الجامعات واتحادات المزارعين والحرفيين وسكان المدن في السودان والذين حظيوا بالاستنارة والحد الأدنى من التنظيم في نقابات او جمعيات او اتحادات صادموا الاستعمار والأنظمة الاستبدادية فاكتسبوا كثيراً من الصلابة فكانوا قادة للانتفاضات الشعبية.
    اما عن المعارضة عموماً فهي تلك الاحزاب، ولا ديمقراطية من دون احزاب وما نشاهده هو حال احزابنا وان رفضتها الجماهير فدون الدكتور و(الآخرين) تكوين بدائل متخلصة من مسيرة الضلال.. والاحزاب لا تشتري ولا تقوم نبتاً شياطنياً وانما تتكون بارادة اعضائها وليس هنالك احزاب فاعلة ومؤثرة تجلس قيادتها على كراسي المتفرجين لتصيد اخطاء الآخرين دون ان تمارس نشاطاً يحتمل الخطأ والصواب.
    ما قدمه الدكتور في لقائه يذكرني بما يقال شعبياً عن (علوق الشدة) والرواية البسيطة تقول ان مجموعة الرحل يحرصون على علف زواملهم في فترات الاستقرار استعداداً للرحيل الذي هو آت لا محال ولكن احدهم كان يؤجل ذلك دون اعتبار لعامل الزمن واهمية المشاركة وفي عشية الرحيل اراد ان يعد زاملته كالآخرين فوجدها هزيلة مهملة واراد ان يقدم لها علف ايام غفلته كله في جرعة واحدة.. لكن ذلك لا يفيد، بل قد يكون ضاراً وقاتلاً.

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147505333&bk=1
                  

04-17-2008, 06:23 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    لكي لا ننسى
    إبراهيم يوسف

    تناقضات د. الترابي في الردة والقتل وفي موقفه من اغتيال الأستاذ محمود وتنكره للحرية والدستور




    في الزوبعة البيزنطية الثائرة الآن يظهر د. الترابي في الصحف العربية والسودانية وما يهمني هنا موقفه من الردة والقتل والحرية والحقوق الدستورية.
    فمما جاء في الصحف السودانية نقلاً عن صحيفة الرأي العام الكويتية قوله (لأن أي رئيس دولة يستطيع أن يقبض علىّ ويلقي بي في السجن ثانياً سألني عن ذلك أقول له هذا خطأ لا تكفر أحد حتى لو اتي بالبينات عن خروجه من الدين في بعض الأمور).
    كما قال (وأنا لا أحب ان أصم إنساناً بالكفر مهما فعل "كما قال" أما الكفر فلا يمكن وصم احد به الا إذا كفر بكل شيء له علاقة بالدين وأنا لا تعنيني الأقوال والمظاهر في الانسان بقدرما يعنيني سلوكه"
    وعندما سئل في الصحف السودانية "فإن الناس ينسبون ماحدث للأستاذ محمود لك أنت شخصيا؟ اجاب أنا أعرف محمود منذ الصغر وأيام ثورة رفاعة ولذلك فأنا ما جادلت محمود اصلاً في حياتي ولكن كل قوانين الطوارئ والقوانين الجنائية معروف اني كنت ضدها) (فأنا ارائي في القتل معروفة منذ زمن بعيد أنا ضده وبعشرات الآيات فلا يمكن أن يغلبها قطعة من حديث وهكذا كانوا أحياناً يغلبون الحديث على الآيات:
    - انت قلت اعدام محمود محمد طه كان اعداماً سياسياً؟
    * طبعاً كان إعداماً سياسياً) جريدة السوداني 4/5/2006م
    وعن موقف دكتور الترابي من القانون والدستور يحدثنا الأستاذ مصطفى عبد القادر المحامي المشهور ان الدكتور منذ الرابع من رمضان ظل يردد كل يوم انه مع الحريات وانه مع الوفاق وانه يطالب الشعب بالثورة على السلطة لانتزاع الحقوق والحريات التي انتهكت وصودرت) ويقول (اتى الدكتور اليوم وهو يرتدي رداءً جديداً غير الذي رأيناه وسمعناه ولما شفناه منذ 30 يونيو 89 وحتى 4 رمضان 1420ه، ويواصل استاذ مصطفى (أنني أقولها واضحة للسيد الدكتور وهو الذي رد علي سؤال لي طرحته له في السجن قائلاً: كيف يكون دارس القانون الدستوري المتخصص في القانون الدستوري سنداً ومعاوناً لنظام عسكري وشمولي ونظام حكم فرد وهو يصادر الحقوق والحريات ويحاكم المواطنين امام محاكم استثنائية ويرسل بعضهم للمشانق ناهيك عن القطع حداً والقطع من خلاف باسم الإسلام امام محاكم تفتقر لأبسط قواعد العدالة وتصادر حق الدفاع وحق الاسئناف فرد علي قائلاً إنك غلطان فأنا متخصص في الاستثناءات على القانون الدستوري.
    لهذا فانا غير مندهش ولكن ما يحدث في رأيي المتواضع ليس الا نتاجاً لذلك التخصص الغريب الذي تملك الدكتور وأصبح مسيطراً عليه وعلى كل سلوكياته بل انني اذهب أبعد من ذلك مضيفاً أن الدكتور غيرّ كل ما يؤمن به لأنه فقد السيطرة على السلطة لتمرد تلاميذه عليه وذلك اجراء مرحلي واستثنائي وليس عملاً أو فكراً أصيلاً يؤمن به الدكتور!!) انتهى جريدة الرأي الآخر 17/4/2000م.
    هذا ما كان في عام 2000م أما في عام 1965م فقد تولى اكبر تزييف للديمقراطية وتعديل مادة الدستور وروحه المادة 5/2 مادة حرية الرأي تولي ذلك دكتور الترابي واصدر لتبرير تلك الانتهاكات وسلب الحقوق الدستورية كتابه (أضواء على المشكلة الدستورية) فرد الأستاذ محمود على كتاب الدكتور بكتاب اسمه (زعيم جبهة الميثاق الإسلامي في ميزان الثقافة المغربية 2. الإسلام) وجاء في مقدمة كتاب الأستاذ (نؤكد لمن عسى يحتاجون لتؤكيد ان شخصية الدكتور حسن موضع حبنا ولكن ما تنطوي عليه من ادعاء ومن زيف في الثقافة الغربية والإسلامية هو موضع حربنا ونحن اذ ننقد الدكتور حسن لا ننطوي على مرارة الا بالقدر الذي يؤكد معنى ما نريد شأن من تدفعهم الغيرة إلى حب الخير للاشياء والأحياء هذا الرد على الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم اجمعين).
    وليبرر الدكتور للجمعية التأسيسة تعديل اصل الدستور لحرمان وحل الحزب الشيوعي قال عن تلك الجمعية ص 3 من كتابه (واذا كانت نظرية القانون الدستوري "الوضعي" تعرف السيادة بأنها صفة السلطة المطلقة المنفردة التي تملك صلاحية شاملة ليس لمداها من حدود ولا لصاحبها من شريك فهذه السلطة مودعة في الجمعية التأسيسية وبحكم هذه الحاكمية غير المقيدة تشكل الجمعية الفاعل المطلق لا تضاهيها هيئة أخرى ولا يراجعها رقيب ولا يحدها ضابط قانوني) وقد علق على ذلك الأستاذ بقوله (ما نحن فما نعرف أن مثقاً مفكراً يمكن أن يتورط في هذه الهلكة).
    ألم نقل ان الدكتور ضحية القشور التي زيفت الديمقراطية الغربية؟ فهو تلميذ موسوليني.. فإن موسليني قد قال (لدي الفاشي فأن كل شيء في الدولة.. وليس هناك معنى انساني او معنى روحي.. بل وأقل من ذلك فليس هناك أي معنى ذا قيمة يمكن أن يكون خارج الدولة.. وبهذا المفهوم فإن الفاشية مطلقة والدولة بوصفها تعبيراً شاملاً عن الإرادة الاخلاقية هي الحق وهي صانعة الحقوق) هذا ما قاله موسوليني وأقرأ ما قاله تلميذ مرة اخرى في الفقرة الماضية وركز بصورة خاصة على (وبحكم هذه الحاكمية غير المقيدة تشكل الجمعية الفاعل المطلق لاتضاهيها هيئة اخرى ولا يراجعها رقيب ولا يحدها ضابط قانوني) ومع ان ماركس ممن زيفوا الديمقراطية فان الدكتور ليس تلميذه الا بالقدر الذي تشترك فيه الشيوعية مع الفاشية في صور الحكم المطلق.. واما الوعي الزائد الذي تمتاز به الشيوعية على الفاشية فليس للدكتور مشاركة فليه.
    ونحن نتساءل هل يمكن للدكتور ان يدعي للجمعية كل هذا الحق المطلق الذي يجعلها حقاً في ذاتها لو لم يكن عضواً فيها؟؟ بل هل يمكن ان يدعيه لها لو كان مجرد عضو لا تنتهي اليه مقاليد الزعامة الفكرية فيها؟ انتهى.
    الحريات في الدستور:
    ويواصل الأستاذ متابعة الدكتور فيقول (وهناك قولةٌ قالها الدكتور الترابي هي إحدى الكبر في شرعة العقل المفكر والثقافة الصحيحة وتلك هي قوله (ولو صحت المفاضلة القانونية بين فصول الدستور لكان فعل الحريات من اضعفها لأنه يخضع للتشريع) فعبارة (لأنه يخضع للتشريع) تدل دلالة قوية على أن الدكتور يجهل أموراً ما ينبغي ان تجهل في امر الحرية وفي امر التشريع.. وأول هذه الأمور هو ان الحرية لا تضار بالتشريع وانما تزدهر بالتشريع اللهم الا اذا كان هذا التشريع يقوم على نزوات الحكم المطلق الذي يسمى نفسه ديمقراطية زورواً وبهتاناً وهذا ما يبدو ان الدكتور يعنيه وهذه احدى مشاكل تفكير الدكتور.. وعبارة (في حدود القانون) التي وردت في عجز المادة 2/5 هي روح المادة لأن القانون هو الذي يعطي الحرية معناها ويميزها عن الفوضى.. فالتشريع صديق الحرية وليس عدوها وكل تشريع غير ذلك لايسمى تشريعاً الا من قبيل تضليل الناس فالتشريع في النظام الديمقراطي طرف من الدستور وهذا هو المعنى بدستورية القوانين. فكل تشريع يعارض الحرية ليس تشريعاً دستورياً...) انتهى.
    ويواصل الاستاذ (ولو ان الدكتور الترابي قد نفذ إلى لباب الثقافة الغربية لعلم ان المادة 5(2) من دستور السودان المؤقت غير قابلة للتعديل وهذه المادة تقول (لجميع الآشخاص الحق في حرية التعبير عن ارائهم والحق في تأليف الجمعيات والاتحادات في حدود القانون) وهي غير قابلة للتعديل لأنها هي جرثومة الدستور التي انما يكون عليها التفريع.. وهي الدستور فاذا عدلت تعديلاً يمكن من قيام تشريعات تصادر حرية التعبير عن الرأي فان الدستور قد تقوض تقوضاً تاماً ولا يستقيم الحديث بعد ذلك عن الحكم الديمقراطي الا على أساس الديمقراطية المزيفة.. وهي ما يبدو ان الدكتور قد تورط في تضليلها) انتهى.
    إذا كانت تلك وقائع وارهاصات مستقبل مواقف الدكتور الترابي من الحرية والحقوق الدستورية فان لوثة نميري التي بايعوه عليها باسم الشريعة ونعته الدكتور الترابي من اجلها بأنه المجدد تكشف مستوى آخر عندما حول الإسلام العظيم إلى مؤسسة عقابية لتقطيع المستضعفين وقمع المعارضين والأحرار.
    اعترافات نميري:
    كانت المحررة بجريدة الصباحية السودانية قد اوردت في تحقيقها مع نميري سؤال له (سيادة المشير نميري رغم انك قوي تأمر ولا تؤمر ولكن دفعت دفعاً للموافقة على اعدام محمود محمد طه لأن البعض اراد ان يزيحه عن طريقه)
    وضع يديه على رأسه ونظر لأسفل وامتلأت ملامحه بأسى حقيقي حتى اشفقت عليه وندمت على هذا السؤال وبعد ان تخيلت صمته لا ينتهي قال (ندم العالم كله لن يكفيني حينما اذكر محمود محمد طه حقيقة ذلك الرجل الشيخ اسد أرائه العجيبة لم أكن اريد قتله الترابي قال لي ان محمومد محمد طه يريد أن يكون حلفاً مع اليسار ضدي وقال لي ان الجمهوريين قوة لا يستهان بها واذا اجتمع هو واليسار فإني لا محالة هالك وجاء قرار اعدامه حمله لي الترابي وطلب توقيعي عليه وقتها كان الأمر جد خطير في الداخل والخارج وحاول الجميع من قبل اثناء محمود محمد طه عن ارائه تركت القرار دون توقيع لمدة يومين وفي صباح اليوم الثالث ذهبت اليه بالملابس المدنية قلت له يحزنني ان تموت فقط تنازل عن ارائك ولكنه تحدث معي بطريقة ظننتها صلفاً وقتها ولكن الآن علمت أنها كبرياء بدقائق الأمور وقال لي تنازل انت عن ارائك أما أنا اعلم اني سأقتل واذا لم اقتل في محاكمة علنية سيقتلني الاخوان المسلمون سراً اذهب واتركني انا اعلم اني سأموت) انتهى.
    كانت الكاتبة والصحافية الأمريكية جوديث ميلر المراسلة السابقة لصيحفة نيويورك تايمز في الشرق الأوسط قد حضرت مشهد تنفيذ حكم الاعدام على الأستاذ محمود بسجن كوبر وقد وصفت ذلك في كتابها الذي اسمته (لله تسعة وتسعون اسماً) ومما قالته (ولن انسى ما حييت التعبير المرتسم على وجهه (تعني الأستاذ) كانت عيونه متحدية ولم تبد عليه مطلقاً اي علامة من علامات الخوف) كما كتبت ادين طه (بتهمة الردة عن الإسلام وهي تهمة نفاها طه الذي أصر حتى النهاية انه ليس مهرطقاً او مرتداً عن الإسلام وانما مصلح ديني ومؤمن وقف في وجه التطبيق الوحشي للشريعة الإسلامية (قانون المسلمين المقدس) والطريقة التي فهمها ونفذها به الرئيس جعفر نميري من وحي الموقف احسست انا ايضا ان طه لم يقتل بسبب يتعلق بنقص في قناعته الدينية وانما بسبب من نقصهم هم) كما كتبت ميلر أنها قابلت نميري عقب اعدام طه بقليل في نهايات يناير 1985م وقالت سألت نميري (لم قتلت محمود طه محولة مجرى حديثي معه إلى مناطق اكثر حرجاً وأكثر اقلاقاً رد نميري (انتم تقولون انه معتدل ولكنه غير معتدل) ولم يزد على ذلك ثم قال "القرآن يوصي بقتل المرتدين ولا يستطيع الرؤساء والملوك والسلاطين تغيير ذلك" وهكذا امام المسلمين لا يعرف انه ليس في القرآن عقوبة على ما يسمى الردة وواصلت "ثم غطس نميري في كرسيه ودخل في حالة من الصمت جذب منديلاً ومسح حاجبه وبدأ كأنه قد نسى وجودي تماماً مرر يده بذهن شارد على شعره المجعد ووجهه الذي كان متجسداً في حضور قبل لحظات قليلة تهالك فجأة وتراخى فكاه وتمددا عندها تنهد وأمرني بالانصراف بتلويحه من يده وكانت تلك هي آخر مقابلاتي مع الرئيس نميري) كتاب نحو مشروع مستقبلي للإسلام ثلاثة من الأعمال الأساسية للمفكر الشهيد محمود محمد طه طبعه 2002م.
    شاهد من أهلها:
    الدكتور حسن مكي هو مؤرخ حركة الاخوان المسلمين بالسودان وعضو بارز بالحركة ذكر في جريدة الوفاق 5/12/1998م يقول (اعتقد أن الصف الإسلامي في ذلك الوقت كان جميعة مع اعدام محمود محمد طه.
    * نحن نسأل عن موقف د. حسن الترابي؟
    انا اعتقد انو كان خائف على انو نميري ينكث عن اعدام محمود محمد طه ويدعو الله الا يحدث ذلك.
    * ولكن الترابي يعلن دائماً أن المرتد فكريا لا يقتل؟
    انت تريد ان تخرج لموقف الترابي وانا اوثق للتاريخ!!
    * هنالك رأي يقول ان د. الترابي كان حريصا على اعدام محمود محمد طه وان محمود كان يمثل منافس شخصي له على مستوى الطرح الإسلامي؟
    هسع الإنقاذ ما كتلت ناس؟ ماكتلت مجدي في دولارات؟ لانو كان مؤثر على سياستها الاقتصادية فكيف اذا كان مؤثر على مشروعك كله (هسع كان جيت الترابي يقول لك انا ما موافق على قتل مجدي).
    في جريدة الصحافة 3/5/2006م كتب السيد حيدر ابراهيم عن د. الترابي (ولم يكن بعيد عن مأساة تكفير واعدام الأستاذ محمود محمد طه وهو ينأي بنفسه عن تلك المحاكمة ولكن هل ارتفع صوت الشيخ المجدد والمدافع عن الحرية آنذاك معارضاً او استقال من موقعه التنفيذي المهم).
    وبعد انذار الأستاذ محمود للنميري بالطوفان اجتاح الطوفان نميري وزبانيته وقضائه العشوائي ومستشاريه وجاء القضاء الطبيعي المستقل المؤهل.
    المحكمة العليا
    فأصدرت المحكمة العليا الدائرة الدستورية حكمها في القضية نمرة 43 ق.د/1406هـ بتاريخ 18/1/1986م وهو يقضي بابطال محاكمة الأستاذ محمود ومن حيثيات الحكم جاء الأتي (يبين من مطالعة اجراءات محكمة الاستئناف تلك انها انتهجت نهجاً غير مألوف واسلوباً يغلب عليه التحامل مما جعل الاطمئنان إلى عدالة حكمها امراً غير ميسور وعرضة للمعايير السياسية التي لا شأن لها بالأحكام القضائية) كما جاء في الحيثيات (ولعنا لا نتجنى على الحقيقة لو أننا قلنا ان تنفيذ الحكم ما كان ليتم لولا أن محكمة الاستئناف اضافت الادانة بالردة وهو ما لم يكن ليصدر اصلاً فيما لو كانت الاجراءات قد عرضت على المحكمة العليا بدلاً من ان تستقل محكمة الاستئناف بإجراءات التأييد لتنتهي إلى ذلك الحكم من خلال المخالفات القانونية والدستورية التي تناولناها فيما تقدم) انتهى
    النائب العام:
    وامام المحكمة العليا كان رد النائب العام في رده على عريضة الدعوة.
    1. نعترف بأن المحاكم لم تكن عادلة.
    2. ان المحاكمة اجهاض كامل للعدالة والقانون.
    3. لا نرغب الدفاع اطلاقا عن تلك المحاكمة. وبالطبع بعد الانتفاضة لم يكن هذا النائب العام هو د. الترابي.
    فماذا قال الترابي عن محاكمة الأستاذ محمود حتى بعد صدور حكم المحكمة العليا ببطلانها؟
    أقرأ جريدة الوطن السودانية 30/4/1988م قول د. الترابي
    (لا استشعر أي حسرة على مقتل محمود محمد طه فلا استطيع ان انفك عن تديني لحظة واحدة حتى اصدر حكماً بمعزل عن تديني ومادمت منفعلاً بديني فإني لا استشعر أي حسرة على مقتل محمود ان ردته اكبر من كل انواع الردة التي عرفناها في الملل والنحل السابقة...)
    كان دكتور منصور خالد في كتابه التوثيقي (الفجر الكاذب) قد ذكر الترابي موقفين متعارضين يعبر فيهما عن موقفه من اغتيال الأستاذ محمود محمد طه وقال د. منصور (ففي حديث الدكتور تاسخ ومنسوخ)
    ومهما يكن من أمر هذه الأيام يبدو دكتور الترابي برقه وتسامح ونأمل أن تكون هذه حاله اصيلة ودائمة والا يكون مبعثها قصة (كريت) والقرض؟
    اما التكفيريون الماضويون البعيدون عن روح العصر ويجهلون حقائق الدين ومع ذلك يجعلون انفسهم حجة على الإسلام فما فهموه هو الإسلام وما فهمه فمخالفهم هو الكفر والمروق والزندقة فهم ليسو أقل تشويهاً وعجزاً من صاحبهم الذي بدلاً من أن يتحدث عن مشاكل العالم والبلد يتحدث عن عذاب القبر في ندوة بالجامعة مذاعة.


    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147503071&bk=1
                  

04-17-2008, 06:26 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الثورة الفكرية وخارطة الطريـق نحو السودان الجديد
    عبد الله الأمين المحامي

    * ثورة أكـتوبر الثانية هي الثورة الفكرية لمحة تاريخية:
    كان نظام مايو، في سـنواته الأولى، كما هو معلوم، قـد أبرم اتفاقية سلام مع الحركات المسلحة في جنوب السودان آنذاك، عرفت باتفاقية أديس أبابا، وقد تحقـق بموجبها السلام وعدد من المكاسب الأخرى للجنوب، وللسودان ككل.. وفي عام 1977 أبرمت سلطة مايو اتفاقـًا مع أحزاب المعارضة الشمالية، سمي بالمصالحة الوطنية، وقد كان (الاسلاميون) بزعامة د. حسن عبد الله الترابي، من أبرز المشاركين في السلطة المايوية نتيجة لتلك المصالحة.. ولقد كانت مصلحة الشعب والوطن توجب على النظام المايوي أن يقيم حوارًا علنيـًا عامـًا، عبر منابـر حرة متلفـزة ومذاعة، تلتزم بالمشاركة فيه، بموجب اتفاق المصالحة، كافة التنظيمات المتصالحة مع مايو، حيث يقدم كل تنظيم ما عنده من محتوى فكري، يتم تعريضه للمناقشة والتمحيص من خلال الحوار، ويطلع الشعب عليه، وبذلك يوعى الشعب ويستنير ويعرف المحتويات الفكرية للتنظيمات السياسية ومدى تأثيرها، سلـبـًا أو ايجـابـًا، على نظام مايو.. ولقد طالب الجمهوريون بذلك، وحذروا من مغبة قصر المصالحة الوطنية على مجرد اقتسام السلطة مع تنظيمات سياسية لا تقـدم أفكارًا موضوعية حقيقية مما يخاطب العقول ويساهم في رسم خارطة الطريق نحو تحقـيـق ورعاية مصالح البلاد والعباد، وإنما تستخدم آيدولوجيات دينية شمولية إقصائية، وأساليب هتافية حماسية، تستجدي بها المشاعر الدينية وتسـتـثيرها ثم تستغلها في استقطاب الجماهير، سعيـًا إلى نيل السلطة والثروة، والاستـئـثار بهما إلى الأبد.. ولكن مايو لم تدرك أهمية ما طالب به الجمهوريون، أو ربما لم تأبه لمصلحة الوطن، ولذلك أشركت (الاسلاميين) معها في السلطة، دون أن تجلسهم لامتحان الحوار الفكري الموضوعي، في منابر حرة، متلفـزة ومذاعة.
    وفي عام 1982، وبسبب التأثير السلبي لمشاركتهم في السلطة، نقضت مايو عهدها مع حركات الجنوب، وأخلت باتفاقية أديس أبابا، وأضاعت ما تحقـق من مكاسب للجنوب، وللسودان، ومن ثم اشتعلت الحرب من جديد.. وفي سبتمبر 1983، ونتيجة للتأثير السلبي المتراكم لمشاركتهم في السلطة، والضغوط التي ظلوا يمارسونها، أصدرت مايو قوانين سبتمبر، وأعلنتها، وأعلنت معها حالة الطواريء.. ولقد زعم (الاسلاميون) أن تلك القوانين هي الشريعة الاسلامية، وأخرجوا مسيرة (مليونية) لتأييدها.. ولتطبيق تلك القوانين أنشئت محاكم طواريء خاصة، خاضعة للسلطة التنفيذية، سميت بمحاكم العدالة الناجزة، وجُـلب لها قضاة من خارج الهيئة القضائية.. وقد كانت وظيفة تلك المحاكم إرهاب الشعب، والمعارضين، وإذلالهم، وقد نفذت ما أملي عليها فأمطرت الفقراء والمستضعفين والمشردين خلال فترة تطبيقها (أقـل من سنة ونصف) بكميات كبيرة من أحكام الجلد، والقطع، والقطع من خلاف، فضلا عن بعض أحكام القـتـل والصلب.
    التحذير من الطـوفان:
    عندما نقضت مايو اتفاقية أديس أبابا، قبل إصدارها قوانين سبتمبر، كتب الجمهوريون، بقيادة الأستاذ محمود محمد طه، كتابـًا بعنوان (جنوب السودان المشكلة والحل) وزعـوه على الناس في الشوارع والأسواق والأماكن العامة، عارضوا فيه نقض الاتفاقية، وحذروا من مغبة هذا النقض، وطالبوا بالالتزام الجاد والمخلص بالاتفاقية.. وعند إعلان قوانين سبتمبر، وخلال فترة تطبيقها سالفة الذكر، كان الأستاذ محمود وقادة الجمهوريين وناشطيهم معتقلين، وعندما أفرج عنهم، في ديسمبر 1984، أصدروا منشورهم الشهير بعنوان (هذا أو الطوفان) الذي كتبه الأستاذ محمود، بنفسه، وطالب فيه بثلاثة أشياء هي:
    1. إلغاء قوانين سبتمبر لأنها شوهت الاسلام وأذلت الشعب وهددت وحدة البلاد.
    2. إيقاف الحرب في الجنوب والعودة للسلام والالتزام باتفاقية أديس أبابا.
    3. تقنين وتنظيم المنابر الحرة، وإتاحة فرص الحوار، بهدف توعية الشعب.
    ثم ذكر أن النتيجة الحتمية لعدم تنفيذ هذه المطالب الثلاثة هي الطوفان، فإما الأخذ بها أو يأتي الطوفان.. ولقد ظن البعض وقتها أن الطوفان هو شيءٌ يأتي ليفرض تلك المطالب الثلاثة، في حالة عدم الأخذ بها طوعـًا، أو هو أمر يأتي ليسقط نظام مايو ـ ثورة شعبية مثلا ـ ويجيء بنظام آخر يقوم بتنفيذ تلك المطالب، بمعنى أن الطوفان هو نصرة لتلك المطالب، هذا ما ظنه البعض، غير أن الطوفان إنما يعني حالة التدمير الشامل لأجهزة الدولة ومؤسساتها، والخدمة العامة، وتسييسها، وتخريبها، وتفكيك النسيج الاجتماعي للشعب، وتأجيج نيران الهوس الديني والصراعات الدينية والإثـنية والحروب الأهلية، الخ.. وتبدأ سيول الطوفان وأمطاره في الهطول على أرض البلاد بسيطرة الاسلام السياسي الزائف الذي يستخدم التضليل والإرهاب الدينيين، ويعمل على نشر الهوس الديني، كما يعمل على تخريب أجهزة الدولة، ومؤسساتها، عن طريق تسييس الخدمة العامة، المدنية والعسكرية، وتسخيرها لخدمة مشروع الهوس الديني (المشروع الحضاري) ولخدمة أغراض الحزب الحاكم، في الإستئثار بالسلطة والثروة، وإضاعة كافة المكاسب الحضارية المشيدة عبر القـرون، وتصعيد الحروب الأهلية، وإزكاء العداوات الدينية، والنعرات العنصرية، وتهديد الوحدة الوطنية، وإشاعة كافة الأوضاع المدمرة.. ولقد بذرت مايو بذرة هذا الطوفان بإصدار قوانين سبتمبر وبنقض اتفاقية أديس أبابا وبتهميش دور الحوار والحجر عليه.. فالأستاذ محمود، بقوله (هذا أو الطوفان) إنما كان يعني أن نظام مايو إذا لم يقض على بذرة الهوس الديني والحروب الأهلية في مهدها، عن طريق الأخذ بهذه المطالب الثلاثة، ووضعها موضع التنفيذ، فإن تلك البذرة لن تلبث أن تنمو وتنتشر، وتسيطر على البلاد، وتشيع فيها صور التدمير والتفكيك والتخريب والإفساد والفتن والحروب، حتى توشك أن تمزق وحدة البلاد وأن تعصف بأمن سكانها، وذلك هو الطوفان.
    مواجهة المحكمة والسلطة:
    ولم تستجب مايو للمطالب المذكورة، بل واتجهت إلى محاكمة الأستاذ محمود أمام محاكم الطواريء سالفة الذكر، وكان الأستاذ قد قرر أن يواجه تلك المحاكم، وأن يحدثها عن عدم أهليتها من الناحية الفنية والأخلاقية، وأن يمتنع عن التعاون معها، وذلك بهدف إضعاف هيبتها في صدور الجماهير، وكسر حاجـز الخوف لدى الشعب، حتى يثـور الشعب ضد قوانين سبتمبر ومحاكم الطواريء.. ولذلك، وعندما مثـل الأستاذ أمام المحكمة، مع أربعة من تلاميذه، واجه المحكمة بقوله: (أنا أعلنت رأيي مرارًا في قوانين سبتمبر، من أنها مخالفة للشريعة، ومخالفة للإسلام.. أكثر من ذلك فقد شوهت الشريعة وشوهت الإسلام.. يضاف إلى ذلك أنها وضعت واستغلت لإرهاب الشعب وسوقه إلى الاستكانة عن طريق إذلاله.. ثم إنها هددت وحدة البلاد.. هذا من حيث التنظير.. وأما من حيث التطبيق فإن القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها غير مؤهلين فنيـًا، وضعفوا أخلاقيـًا عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية، تستعملهم لإضاعة الحقوق، وإذلال الشعب، وإهانة الفكر والمفكرين، وإرهاب المعارضين السياسيين.. من أجل ذلك فإني غير مستعد للتعاون مع أي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقـل ورضيت أن تكون أداة من أدوات إذلال الشعب، وتشويه الإسلام، وإرهاب الفكر الحر، والتنكيل بالمعارضين السياسيين) انتهى.. وعندما حكمت عليه تلك المحكمة بالإعدام، وسيـق لتنفيذ الحكم، وقف على منصة المشنقة مبتسمـًا.. وكل ذلك قد كان بهدف كسر حاجز الخوف لدى الشعب السوداني العملاق حتى يثـور فينقـذ نفسه وينقـذ البلاد من بذرة الطوفان، ومن مستقـبل الطوفان.
    إخفـاق أبريل وحصول الطوفان:
    غير أن الجمهوريين، تلاميذ الأستاذ محمود، تراجعوا عن المواجهة عـقـب تنفيذ الحكم على الأستاذ، مما أبقى على حاجز الخوف لدى الشعب، ولذلك تأخرت الثورة حتى أبريـل بدلا ًعن يناير، عام 1985، الأمر الذي أدخل عوامل أخرى كأسباب للثورة، وعمم أهدافها، ولذلك جاءت أبريـل كانتفاضة ضد سلطة مايو بصورة عامة، وليس ضد قوانين سبتمبر، ومحاكمها، وحرب الجنوب بالتحديد، أي أن الشعب لم ينتـفـض في أبريـل ضد بذرة الطوفان سالفة الذكر، على وجه التحديد، وإنما انتفض ضد مايو عمومـًا، ولذلك بقيت تلك البذرة، رغم سقوط مايو، فاستغـل (الإسلاميون) قوانين سبتمبر التي زعـمـوا أنها هي الشريعة الإسلامية، وأن الإبقاء عليها إبقاءٌ على الإسلام، وأن إلغاءها إلغاءٌ للإسلام، وأن من يعارضها إنما يعارض (حكم الله) الخ الخ، وذلك بغرض استـثـارة المشاعر الدينية وحشدها لتأييدهم، من ناحية، واستخدام الإرهاب الديني في مواجهة المعارضين، من الناحية الأخرى، وبذلك حصلوا على تأييد المضللين، وصمت المرهبين، ثم استغلوا الفوضى السياسية، الناتجة عن تزييف الديمقراطية في العهـد الحزبي، في تعتيم الجو السياسي، وتكديره، وإرباكه، وتضليل الرأي العام، وتهيئـته لانقلابهم على النظام المنتخب، ثم انقضوا على ذلك النظام وأقاموا سلطتهم في يونيو 1989، ثم أخذوا يصبون الزيت على النار ويضعون حولها الحطب (زيت الهوس الديني ونار الحرب الأهلية وحطب النسيج الاجتماعي) فأشعلوا وصعدوا الحروب والصراعات والضغائن والفتن، في الجنوب والغرب والشرق، وهددوا بذلك وحدة البلاد وأمنها، وأفقدوها ما أفقدوها من الأرواح والأموال والمكتسبات.. كما شرعوا من ناحية أخرى في تسييس أجهزة الدولة ومؤسساتها، والخدمة العامة، وتسخيرها جميعـًا لخدمة المشروع (الحضاري) للحزب الحاكم، ومضوا في ذلك حتى فقدت تلك الأجهزة والمؤسسات قوميتها وحيدتها ومهنيتها.. ولما كان المشروع (الحضاري) في حقيقـته مشروعـًا رجعيـًا متطرفـًا، ذا ثـقـافة سلفية متخلفة عن روح العصر، وعن ثـقافة العصر، فقد أدى أيضـًا إلى إفراغ تلك الأجهزة والمؤسسات من مضامينها الحضارية العصرية، وجعلها هياكل بلا محتوى، وبذلك كـبـُر حجم التدمير والتخريب على مستوى الدولة والمجتمع معـًا، وذلك هو الطوفان.
    بدء انحسار الطوفان ورياح أكتوبر:
    وبعد مرور ستة عشر عامـًًا، ذاقت فيها البلاد ما ذاقت من أهوال الطوفان، بدأت أمواج الطوفان في الانحسار، وذلك بفضل الله تعالى، ثم بفضل نضال الحركة الشعبية، مدعومـًا بنضال قوى التجمع الديمقراطي، وتزايـد الاهتمام بحقوق الانسان في العالم، والضغوط الناتجة عن كل ذلك على نظام (الإنقاذ).. ولقد تمثـل بدء انحسار الطوفان في توقيع اتفاقية نيفاشا التي لم تتضمن السلام فحسب، وإنما تضمنت أيضـًا كافة المكاسب الأخرى، المنصوص عليها فيها، من إصلاحات دستورية وقانونية وهيكلية، وتأسيس للتحول الديمقراطي، وتوسيع لدائرة السلطة والثروة، إلى آخر ما يساهم في رسم خارطة الطريق نحو بناء السودان الجديد، وهو السودان الذي يقوم على التعايش السلمي، واستيعاب التعدديات الدينية والإثـنية والثقافية والسياسية، واحترامها، والنظر إليها كعوامل إثـراء وإخصاب لحياة الفكر وحياة الشعور، واتخاذ المواطنة كأساس وحيد لاكتساب الحقوق وتحمل الواجبات، دونما تمييز بين المواطنين على أساس الدين أو العرق أو الثقافة أو الجنس، وتقـنين وتنظيم الحوار والمنابر الحرة، في أجهزة الإعلام المختلفة، كوسيلة لنشر ثـقافة السلام وثـقافة الديمقراطية، وللتلاقح الفكري، وللتواصل الوجداني، ولتوسيع مساحة التوحد الفكري، وتقـليل مساحة الخلاف، ما أمكن، كما يقوم على الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والتـنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية والوحدة الطوعية، الخ.
    وفي تقديري أن فكرة السودان الجديد قد أضحت تحظى بتأييد غالبية الشعب السوداني، ليس في الجنوب فقط، وإنما في الشرق والغرب والشمال أيضـًا، وذلك بفضل الله تعالى، ثم بفضل تجربة حكم (الإنقاذ) المريرة ـ تجربة الطوفان ـ ومعلوم أن التجارب المريرة إنما تساهم في خلق الوعي.. وإذا كانت هناك أقليات لا تزال تعارض فكرة السودان الجديد، التي بات واضحـًا أن السودان لن يظل موحدًا إلا بها، وتفضل انفصال الجنوب والغرب والشرق، فهي أقليات مستأثـرة بالسلطة وبالثروة أو مستفيدة، بشكلٍ أو بآخر، من نظام الاستئـثار بهما، أو مضللة دينيـًا، أو خاضعة لنوازع عنصرية.
    وهذا الوعي الذي ساهمت تجربة الطوفان في نشره وفي تعميقه لدى الشعب السوداني إنما يعني في تقديري أن رياح أكـتوبر الثانية قد بدأت تهب.. وأكتوبر الثانية ليست كالثورات السابقات، وإنما هي ثورة فكرية، لا تستخدم الأساليب العاطفية الفجة، كالعنف والهتاف والإنفعال والصخب والتهريج، الخ، وإنما تستخدم الخطاب الفكري الموضوعي، والعصيان المدني، ولا ينتهي دورها عند إزالة الفساد، وإنما يمتد إلى بناء الصلاح بعد إزالة الفساد، أو قـل هي ثورة لا تـقـتصر على الرغبة في التغيير فحسب، وإنما تملك أيضًا المعرفة بطريقة التغيير، أو قـل تملك خارطة طريق التغيير.
    جبهة وطنية عريضة:
    غير أن بدء تحرك رياح أكـتوبر، وبدء انحسار الطوفان، بتوقيع اتفاقية نيفاشا، بكل مكتسباتها الحضارية، وزيادة حجم الوعي بفكرة السودان الجديد، وتأييدها، لا يعني أن انحسار الطوفان واندلاع الثورة الفكرية، سوف يتمان تلقائيـًا، وبصورة انسيابية، ودونما نضال سلمي فعال من جانب القوى الواعية بمصلحة البلاد والعباد، والحادبة عليها، وذلك لأن الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) غير مخلص للاتفاقية، ولا يريد إنزالها إلى أرض التنفـيـذ، وقد لاحظت ذلك (مجموعة الأزمات الدولية) في تقـريرها الأخير، الصادر بتاريخ 31/3/2006، فالمؤتمر الوطني يعلن أنه مع الاتفاقية ولكنه من الناحية العملية يعمل ضدها، ويسعى لافشالها، حتى يختار الجنوبيون الانفصال، عند الاستفتاء، ثم ينفـرد هو بحكم الشمال، أو ينفرد بحكم الوسط فقط، إذا انفصل الغرب والشرق أيضـًا، وبذلك يتجنب التطبيق الحقيقي للديمقراطية التي لو طبقت حقــًا فإنها سوف تجعله عرضة للمراقبة والمحاسبة من قبل الشعب، ثم تزيحه عن السلطة لا محالة، عاجلا أو آجلا.. ونتيجة لتسويفه في تطبيق الاتفاقية، ومقاومته لهذا التطبيق في الواقع العملي، ظلت هذه الاتفاقية، في جملة محتواها، حبرًا على ورق، لم توضع موضع التنفيذ الجاد، حتى الآن، إلا في بعض تفاصيلها.. وهذا يعني أن عملية انحسار الطوفان، وبناء السودان الجديد، لا تزال تحتاج إلى جهود وطنية جادة ومخلصة، ونضال سلمي قوي وفعال، من كافة الأفراد المهتمين والقوى المستنيرة.
    إنني أقـترح أن يعمل الحادبون على مصلحة هذا الوطن، من الأفراد، ومن القـوى السياسية، والاجتماعية، ومنظمات المجتمع المدني، على تكوين جبهة وطنية عريضة لدعم مشروع السودان الجديد.. وأرى أن نشوء هذه الجبهة، وقيامها بدورها المأمول كما يجب، أمر ضروري من أجل المساهمة الفاعلة في إنقـاذ السودان من الإنقسام والتمزق والتحول إلى دويلات صغيرة فقيرة متناحرة ومتخلفة، وفي إنقـاذ الشعب السوداني من التشرذم والتنافر والتناحر، والتفلت الأمني، والتعصب العقيدي والعنصري، والتضليل الديني، والظلم السياسي والاجتماعي، وكافة المهددات الأخرى، وفي دفع السودان نحو السلام السياسي والاجتماعي، والديمقراطية، والعدالة الاقتصادية، واتخاذ المواطنة كأساس وحيد للحقـوق وللواجبات، وحماية حقوق الانسان على كافة المستويات والأصعدة، وتهيئة المناخ لتحقيق الوحدة الوطنية الطوعية، وكافة المكاسب الممكنة.. وذلك هو مشروع السودان الجديد كما سلف الذكر.
    وسيكون على الجبهة الوطنية المقترحة أن تتعاون وأن تنسق جهودها مع الحركة الشعبية ومع كافة الأحزاب والفعاليات السياسية المؤيدة لاتفاقية نيفاشا، وذلك في العمل، من ناحية، على توعية الشعب بالاتفاقية، وبقيمتها الحضارية والانسانية، وبأهميتها في تحقيق السلام والوحدة الطوعية، وبفاعليتها في دحـر الطوفان وفي بناء السودان الجديد، وفي العمل، من ناحية أخرى، على مطالبة (المؤتمر الوطني) بالجدية في تطبيق الاتفاقية، وممارسة كافة الوسائل السلمية المشروعة التي من شأنها أن تعين على دفعه نحو التنفيذ الجاد، إلى أن يتم إنزال كافة بنود الاتفاقية إلى أرض التنفيذ، ويصير خيار الوحدة الوطنية جاذبـًا لأبناء الجنوب، والغرب، والشرق، والشمال، وكل أقاليم السودان، وبذلك ينحسر الطوفان، وتشتعل الثورة الفكرية، وينفتح الطريق نحو السودان الجديد.

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147502935&bk=1
                  

04-17-2008, 07:14 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    نواقيس
    حكاية وطن

    عماد عبد الهادي
    كُتب في: 2007-05-21 بريد إلكتروني: [email protected]



    وانا منصت : قال محدثى اذا اراد قوم لك الموت فحاول التمسك بالعقل واليقين فستغلبهم حتى وان اخذو جثتك الى مجهول كما فعل رفاق نميرى مع الاستاذ محمود محمد طه ، واردف بالقول : واذا طغا الظلم على قوم فاعمد الى العقل والبحث عن الحقيقة فستكون الفائز وان طال الزمن ، واضاف : واذا اراد قوم مجرمون لك الجلوس فحاول النهوض وان كانت السلاسل على كتفيك فانك سوف تفتح كوة كبيرة فى جدار الحقيقة الذى يحاولون اغلاقه ، وستأت الايام وانت الحر بما لا يقدرون او يشائون .
    وحينما صمت الرجل تذكرت مقترحا من بعض الزملاء بالتوقف عن الكتابة الراتبة الى حين العود والعود قادم لا محالة .
    لكن فى نفس اللحظة تذكرت ما قاله الرجل وتساءلت هل نمنحهم فرصة حرمان المواطن من هذه الكتابات ؟ ومن نعاقب بالتوقف ؟ ولماذا نعطى هؤلاء ما يطلبون ونحقق مافشلوا فيه عبر ادوات ليس من بينها المنطق والعقل والفكر الحر ؟
    كلها اسئلة جالت بخاطرى وانا ممسك بالقلم لاكتب خاطرة اليوم من حكايات وطن يعملون على تحويله الى كهف للخوف او جزيرة للطحالب المميتة . ولهذا كله لم اشأ ان اتوقف عن الماء ولا عن الهواء زادى فى ذلك ان سياط الظلم وان كانت من لهب فان مصيرها ان تمحى من ظهور رالاحرار وان طال الزمن .


    http://www.alayaam.info/index.php?type=6&col_id=76&issue_id=1177&bk=1
    ____
                  

04-17-2008, 07:16 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    لإذابة النظم السياسية العنيدة
    التشبيك الفئوي
    بقلم : عادل إسماعيل
    يعتبر هذا المقال توسعة إطارية لمقالنا الأسبق الذي عقبنا فيه على مقالات الدكتور منصور خالد الخمس والعشرين التي نشرتها الرأي العام السودانية. وكان الدكتور العلم قد خلص في ختام مقالاته الى أن السبيل الوحيد لتجاوز مرحلة المخاض التي يشهدها السودان، إنما يكون في لجم المترخصين، وهم المستهينون باتفاقية نيفاشا، ثم القبول بحزب المؤتمر الوطني كما هو، ثم الحوار بين الطرفين اللذين وقعا على الاتفاقية فيما عسر عليهما..
    ولقد أبنا في تعقينا، واشرنا كذلك، الى ان قبول المؤتمر الوطني كما هو انما هو استبقاء للامور على حالها. وذلك لأن المترخصين الذين يتحرشون بالاتفاقية المذكورة، ليسوا سوى نسخ استنسخها حزب المؤتمر الوطني من ذاته من أجل ان تجهر بما عجز عن اعلانه هو نفسه إذ منعه التظاهر بالحداثة والسماحة من جعلها خطاباً رسمياً... ومهما يكن من أمر، فان لنا خشية مشروعة أن يؤدي قبولنا له (كما هو) الى تشجيع مترخصية ليسدروا في غيهم بلا خوف ولا وجل، يختطفون أجندة المشروع الوطني ويلقون بها عند نقطة التقاطع الحضاري المتلبس عليه، متوهمين فيها صراعاً إفنائياً يمهدون به الطريق النظري لدفن مستقبل البلاد والعباد في احواض اسمنتية على امتداد سوبا جنوباً حتى الحتانة شمالاً.. وليست للخرطوم اهمية تذكر في هذا المقام الا كونها قلباً للمشروع الوطني يعمل كقلب الانسان لا يهمه لون حامله، او دينه، او جنسه..وأما الحوار لعسير القضايا، فيستحيل تفاوضاً جديدا مع استبقاء حزب المؤتمر الوطني (كما هو)، حول ما تم حسمه من قضايا في اتفاقية نيفاشا والذي من المفترض ان تجري ترجمته المتمثلة في معانيه التي تحتل متن الدستور الانتقالي، فعلى سبيل المثال، يشجع حزب المؤتمر الوطني عقوق القوانين التي رسمها شيخهم السابق الدكتور الترابي، على أبيها الدستور الانتقالي بحجة عدم احلالها باخريات ملائمات! مع ان الأصل سيادة الدستور الانتقالي حتى تتبلور القوانين المستلة منه اجمعين. والشاهد على ذلك وآيته، مرواغة السيد وزير العدل بهذا الخصوص وتسفيهه لتوصيات لجنة القوانين بالبرلمان الانتقالي حيث لم يمنعه الحياء عن اعلان ان هذه التوصيات لا يعتد بها!!
    وفي حقيقة الأمر، لم تندلع الحروب منذ مطلع البشرية الا احتجاجاً على الظلم ملموساً أكان أم محسوساً.. وما تلك القوانين العاقة لأبيها الدستور الا الطرف اللطيف للظلم.. (لمرارة هذه المفردة وما تحتويه من آلام، وما تستثيره من وجع، لم يجد الراحل العظيم قرنق ترجمة تكافؤها في كل اللغات، فلاذ بالترجمة الصوتية Zulum).. ومهما كان من أمر، لا معنى للسلام في نفاذ هذه القوانين العقوق.
    اما الجانب الذي يخص مكتسبات الاقليم الجنوبي من الدستور، فلا يعد مصدر قلق لحزب المؤتمر الوطني، وان تظاهر بغير ذلك، لأنه ببساطة يعتقد انها تصب في مشروع مثلثهم العنصري البغيض الذي يحلمون بتحقيقه بين طرفة عين و(انتباهتها)..
    ومثلما تأتي اهمية الإناء بما ينضح فيه، كذلك تأتي اهمية الدستور بما ينضح فيه أيضا.. ومن هنا يجيئ تعلقنا بهذا الدستور، لا لشيء الا لأنه وضع حداً لأجيال من الامتناع عن قيام دولة تقوم على المساواة بين الناس لا يتفاضلون فيها الا بكفاءة او موهبة. وبعبارة اخرى، لا يتفاضلون فيها بما ليس للناس خيار فيه. وهو الأمر الذي يضع السودان في نقطة انطلاق جديدة ضل اليها السبيل منذ ميلاده، وينشأة نشأ جديداً عبّرت عنه إحدى شهيدات التوقيع على نيفاشا بقولها (هستوري ان ميكينج).
    ولكن كيف نحمي هذا الدستور الذي يجعلنا نمشي مديدي القامة؟؟
    والاجابة على هذا السؤال سهلة كالماء، ولن نزايل مقالنا هذا قبل نطرحها..
    فلما تمخض الصراع مع المؤتمر الوطني عن احتشاد للقبر وامتداد للموت.. ولما سيتمخض قبول حزب المؤتمر الوطني (كما هو) عن بيات شتوي للحياة في السودان، ونوم لخلايا العنف فيه، في عصر أتسم بالتدفق والانسكاب بقياس وبغير قياس، لم يبق سوى ابتداع وسيلة جديدة للتعايش مع المؤتمر الوطني وذلك برفض سياساته!! ومن خلفها مفاهيمه التي سرق بها ماضي وحاضر الشعب السوداني الكريم.. وهذه الوسيلة التي نروج لها انما هي التشبيك الفئوي.. واما المنهج انما هو (إذابة المؤتمر الوطني)..
    التشبيك يعني التداخل البيني والربط عند الاطراف كأن تشبك قبضتيك تعبيراً عن وحدة الهدف.. والفئوي تعني المنسوب الى فئة التي تعني بدورها مجموعة يجمعها النوع كالمرأة او العمر كالأطفال، أو المهنة كالعمال، أو الأكاديميا كالطلاب والباحثين.. إذن، ما التشبيك الفئوي في حقيقته الا جمع لهذه الفئات المتماثلة للانخراط في العمل لما يليها من هم واهتمام بالاسترشاد بما هو مطروح من مفاهيم يتيح لها هذا الفعل باعتباره مبرر وجود لا يبغون من ورائه التحاما بأكلشيهات تخاطب وتكتب وتقال بقدر ما هم يبغون من حق لفئاتهم بتحقيق الذات والمشي بهامة مرفوعة لا مقطوعة ولا ممنوعة.. وكنا قد أقترحنا الحركة الشعبية لريادة برنامج (التشبيك الفئوي) لا لشيء إلاّ لامتلاكها الرؤية والرؤيا التي وضعت أسساً للتغيير يقوم على التجريب والتكيف مع تضاريس الجنين السوداني وهو يتشكل في رحم الواقع، ورحم الأيام وذلك لخلوها من المحمول الايدولوجي الذي يبتلع هذه التضاريس عنوة.
    لم يكن جيل الاستقلال الجميل، الذي ناضل باخلاص، يملك رؤية تضع تصوراً لكيفية معالجة امر تنغيم هذه التضاريس في الذات السودانية التي انتجها الاختلال في التنمية المتوازنة وحماية الفرص المتكافئة، ربما باستثناء مؤلف الاستاذ محمود محمد طه تحت عنوان (أسس دستور السودان) الذي رفضه رعاة احزاب الاستقلال لأنه ببساطة يجردهم من تمييز موروث. ولذلك لم يكن الحراك الجماهيري، وان شئت هنا قل التشبيك الفئوي، إلاّ مثاقبة ومحاكاة لهذا التمييز حتى أصبح ثابتاً وطنياً، وأصبح الخروج عليه بالتالي انشقاقاً عن الوطن بأسره. ولعله السر في دمغ الحركات الاحتجاجية التي تولد خارج هذا التمييز بالخيانة والعنصرية والعمالة.. وهو ذات السر في غربة فكرة السودان الجديد التي طرحتها الحركة الشعبية والغت بموجبها أصالة التمييز الى الأبد إلاّ لكفاءة او موهبة.
    ولذلك كان الحراك الجماهيري الفئوي منذ الاستقلال، سواء تم التعبير عنه حزبياً او طائفياً أو عسكرياً مجرد منحنيات من المتصل السياسي شكلت – في مجملها – ازدراداً لتضاريس الذات السودانية بالشكل الذي أدى لانتهاك حقوق هذه الفئات، الأمر الذي نتج عنه تغييب المشروع الوطني. ولا سبيل الى العثور على المشروع الوطني إلاّ بازالة هذه المنحنيات التي تمظهرت في سوء توزيع الثروة والسلطة اللذين ما هما إلاّ الطرف الغليظ من العقل المعقول – المربوط- منذ الاستقلال.. إذن، التشبيك الفئوي هو عملية عكسية لفرد هذا العقل الذي انطوى نصف قرن من الزمان بالعاً في جوفه السخائم والبداوة. وبطبيعة الحال ليس في عملية الفرد هذه تمهيد لافناء أي من مكوناتنا. فالأمر، ببساطة، لا يتعدى تفتيت هذا العقل المعقول حتى سفوحه ليترعرع وعي جديد يحمل كل مكوناتنا المنسية التي اهملناها سنين عدداً..
    إذن ما التشبيك الفئوي الا اذابة الى السفح وانطلاق جديد نحو وطن جديد.. فعلى سبيل المثال، فلتدفع الحركة الشعبية ومعها الاحزاب التي تؤمن بقضايا التغيير بفئاتها – المرأة مثلا- مع مثيلاتها من ذات الفئة من حزب المؤتمر الوطني المراد اذابته، ليمارسن ما يليهن من الدستور والاتفاقية براً من نساء حزب المؤتمر الوطني لقسم البشير بتنفيذ الاتفاقية حرفاً حرفاً.. وذلك في ما يخص همهن واهتمامهن المباشرين الحياتيين دون تبني او رفض اتفاقية سيداو او ما شابهها.. بمعنى تعبئة اخواتهن لينتزعن حقوقهن في تمكينهن بمقتضى الدستور وبذلك تتفتفت دونيتهن ومن خلفها المفاهيم التي تمثل الطرف اللطيف لقمعهن الى سفوح ذواتهن لتنهض انسانيتهن وكرامتهن نشأ جديداً في وطن جديد يشكلنه بأيد ثابتات منحها التجريب وعياً.. وحفظها الله..
    وتنحو وننحو هذا النحو على كل الفئات التي تشكل في مجموعها الشعب السوداني الكريم.
    وفي حقيقة الامر، لم تكن فكرة التشبيك الفئوي فكرة جديدة تماماً، ربما الا في مسماهما فقد تمت ملامستها محلياً ودولياً في اكثر من مقام. فقد لاحظ الاستاذ تاج السر مكي، على سبيل المثال، ان عدم انخراط الاحزاب (عدم التشبيك الفئوي) في اللجان الشعبية بالاحياء قد اخلى الساحة لحزب المؤتمر الوطني الامر الذي مكن المؤتمر الوطني من تشكيل عجينة المجتمع السوداني كما اراد ترهيبا وترغيباً. وحتى على المستوى الدولي، عندي، ان الفكر السياسي للقرن الواحد والعشرين لن يجد مفراً من ابتداع وسيلة شبيهة بالتشكيل الفئوي لاذابة النظم السياسية العنيدة، وقد بدأت طلائعها في التبلور شيئاً فشيئاً.
    فعلى سبيل المثال يكتب اندرية لانكوف استاذ التاريخ في جامعة كوكمين في سيئول خطاباً مفتوحاً لوزيرة الخارجية الامريكية يحثها باستحداث مقاربة جديدة مع كوريا الشمالية تقوم على تمويل وتخطيط وتنفيذ برامج تبادل ثقافي وايصال المعلومات الى الداخل كدعم ناعم في ما يبدو للثورة الهادئة التي تجري في الداخل (الخطاب موضوع الاقتباس نشرته مجلة فورن بوليسي في عدد ابريل من هذه السنة 2007م).
    وعند اقتراح التشبيك الفئوي لن تجد الاحزاب الا اتباع خطي فئوييها وبذلك تجر جراً لممارسة حقوقها الدستورية وبالتالي حمايتها.. وبهذا نكون قد اجبنا على سؤال كيف نحمي الدستور، وذلك بأن نمارسه.. تماماً كما نشرب الماء..
    ولكن هل يمكن فعل التغيير ان لم تتحرك الحركة الشعبية والاحزاب التي تريد التحول الديمقراطي ان يهبط على اكفهم من السماء؟؟ وهذا موضوع المقال القادم..

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147508523&bk=1
                  

04-17-2008, 07:45 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    رؤية نقدية للساحة السياسية السودانية ورهان ودعوة لمشروع التغيير(12)..
    تاج السر مكى

    انتظمت جبهة الميثاق الإسلامي في محاولة لتجميع الفرق الإسلامية من جماعات التصوف ومجموعات الدعاة وخاصة من أولئك الذين أثرت فيهم الدعاوي إلى الخلاص من نفوذ قادم وانتشار للدعوة للاشتراكية والتي صورت لهم باعتبارها دعوة للإلحاد ومحاربة الدين.. تكونت جبهة الميثاق متحالفة مع حزب الأمة فأثارت جدلاً عنيفاً وخلافات داخل الجماعة انتهت بفوز تيار د. حسن الترابي وبداية لتراجع تيار د. جعفر شيخ إدريس، ود. مالك بدري ود. محمد صالح عمر وصمت لازم الأستاذ صادق عبد الله عبد الماجد لفترة طويلة وانتقل الرشيد الطاهر إلى الحزب الوطني الاتحادي ولمع نجم الترابي القادم الجديد من فرنسا وأحكم قبضته على التنظيم بإشرافه المباشر على تدريب الكوادر من الشباب وتأهيلهم لمهام عديدة، بما فيها مهام السلطة والتي كانت تبدو لحلم بعيد في ذلك الوقت.. تراجع دور التربية وإعداد أعضاء الجماعة فقهياً وأصبح قادة الأسر والكتائب هم من يتمتعون بالحس الأمني والبراعة في ألاعيب السياسة، وزاد الاهتمام بالطلاب المتفوقين من كوادرهم ليتمكنوا من التأهيل كأساتذة في الجامعات وفي مراكز الأبحاث والتخصصات المختلفة ونيل الشهادات العليا.
    وفرت الجماعة إمكانيات مالية لا تتناسب وحجم تنظيمهم الصغير مستعينين ببعض رجال الأعمال والأمراء في الممالك العربية والإسلامية وجهات أخرى كان يهمها هزيمة التيارات المعادية للاستعمار والتبعية ووظفت تلك الأموال في النشاط الصحفي وتمويل انتخابات الطلاب في الجامعات وتنظيمات (الشباب الوطني)، و(النساء الوطني) وانتشر الخريجون ومن نالوا شهادات عليا في دول الخليج والسعودية وكانوا عوناً في استقطاب المساعدات المالية من كل الذين كانوا يخشون من زحف التيارات القومية (الناصرية والبعثية) والتي أصبح تأثيرها واضحاً على المواطنين من رعاياهم.
    كانت الجماعة ترى في الشيوعيين خصماً عنيداً لازمهم منذ نشوؤهم في المدارس والجامعات وتسببوا لهم في هزائم مقدرة ووقفوا أمام انتشارهم واستحواذهم على تلك الساحات التي تناسب في تقديرهم نشاطهم وفرص رواجهم.. لقد انتشرت في ثورة أكتوبر وبعدها شعارات رفعها الشيوعيون عن الإصلاح الزراعي والتنمية والحريات والعمل النقابي كما فاز مرشحوهم لدوائر الخريجين بمعظم دوائرها وبرزوا في البرلمان كقيادات نافذة ومؤثرة وعقدوا ندوات راتبة من نوع جديد استحوذت على اهتمام الشباب والمستنيرين ونشطوا في مجال الأدب والمسرح والموسيقى فحاذوا على إعجاب الأجيال الجديدة.. وتنوعت قراءات المواطنين في الأدب والفكر الإنساني بفضل ذلك الانفتاح.
    خشيت بعض قيادات القوى التقليدية من سيادة وانتشار شعارات الشيوعيين في الساحة السياسية فظهرت أحاديث عديدة عن اشتراكية إسلامية وأخرى عربية وعن دعاوي للعدالة الاجتماعية والاهتمام بالبسطاء وفقراء الريف والمدن، بل وكتبت في كثير من البرامج لأول مرة وأصبح البعض يعتقدون بخطورة دعاوي الشيوعيين التقدمية وتربص الإسلاميون لذلك ليزيحوا عدوهم الأول ما أمكن ذلك.. وجاءت ندوة معهد المعلمين وهي ندوة عادية كعشرات الندوات التي تعقد في الجامعات ولاحت الفرصة لهم عندما تحدث الطالب شوقي محمد علي، ولم يكن عضواً بالحزب الشيوعي بل كان على خلاف معهم ولكنه لم يقل ما يثير كل تلك الانفعالات التي حدثت في مشهد درامي مفتعل تواصل بعد صلاة الجمعة في نهاية الأسبوع.
    لقد ذكر عبد الرحيم حمدي رئيس تحرير جريدة الميثاق في لقاء تلفزيوني شهير بعد انقلاب الإنقاذ وهو يستعرض ذكريات تلك الأيام بأنه عندما اتصلوا به وأخطروه بما دار في الندوة تعامل معها كأمر عادي يحدث في محيط الجامعة كما ذكر ولم ينشر عنها حتى ما نشرته صحف أخرى بعناوين بارزة. لكن بعد تظاهرة الأخوان يوم الجمعة بعد الصلاة والتي ساروا بها إلى منزل زعيم الحزب الاتحادي إسماعيل الأزهري وخطب فيهم بحماس وقال قولته الشهيرة عن حل الحزب الشيوعي قال حمدي : وقتها شعرت بأهمية الحدث فللزعيم الأزهري وزن شعبي وعدد من النواب يمكنهم فعل الكثير، فكان عنوان جريدة الميثاق صباح السبت : أحد الشيوعيين يسب آل الرسول. واستكملت باقي المسرحية بتعديل الدستور بطريقة غير دستورية حل بها الحزب الشيوعي ثم عدل الدستور مرة أخرى وتم طرد النواب الذين فازوا باسمه.
    حقق الإسلاميون أول انتصار لهم من وجهة نظرهم بإزاحة عدوهم الرئيسي على الأقل من المنابر العلنية، لكن الشيوعيون أعادوا ترتيب صفوفهم وعملوا من تحت الأرض ليفوز سكرتيرهم في الدائرة (الجنوبية) في أم درمان (دائرة الرئيس إسماعيل الأزهري) ويقول بعض المحللين أن إصرار الشيوعيين على منافسة قادة الاتحاديين في مراكز نفوذهم الرئيسية اسماعيل الازهري، ابراهيم المفتي، حسن عضو الله، زين العابدين الهندي، دائرة الاعادة بعد وفاة شيخ المرضي والتي فاز بها احمد سليمان المحامي) هي التي أشعلت الخصومة بين الاتحاديين والشيوعيين وهي السبب المباشر في حماس إسماعيل الأزهري لحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان وكان رئيساً لمجلس السيادة..
    خلا الجو للإسلاميين واتفقوا مع القوى التقليدية على تحقيق الجمهورية الرئاسية والتخلي عن نظام مجلس السيادة وتوحد الحزب الوطني الاتحادي مع حزب الشعب الديموقراطي وتكون الحزب الاتحادي الديموقراطي وتوحد جناحا حزب الأمة (الصادق) و(الإمام) وشرعوا في الإعداد لانتخاب رئيس الجمهورية واتفقوا على تطبيق الشريعة الإسلامية. ووقع انقلاب مايو في ظل هذه الأزمة وأيده الشيوعيون والنقابات وعدد مقدر من سكان المدن ونال الإسلاميون نصيباً كبيراً من عدائه واعتقلت كوادرهم الرئيسية وتم فصل بعضهم من الخدمة واتيحت لهم بذلك الفرص في الجامعات ليكونوا في طليعة المقاومين لنظام الانقلاب وذلك في مواجهة تأييد الشيوعيين وعناصر الجبهة الاشتراكية والبعثيين والناصريين وعدد من المستقلين.. استحوذ الإسلاميون على تأييد عدد مقدر من الطلاب دون منافسة تذكر في الفترة الاولى من العهد المايوي. ولما تراجع النظام من مشروعه المطروح وبدأ ظهور عيوب النظام الشمولي وقراراته العشوائية وكبت الحريات ومحاولة تدجين الحركة النقابية وجعلها تابعة للنظام تأتمر بأمره وفي نفس الوقت فقد فرط الشيوعيون في التمثيل النسبي الذي يمثل أحد إنجازاتهم وأمجادهم عندما قرروا مع الباقين تكوين اتحاد الجبهات التقدمية. قاد الإسلاميون الطلاب في ظل غياب تام للجبهة الديموقراطية.. ولما عادت الجبهة الديموقراطية إلى الساحة معارضة للنظام كانت قد افتقدت التمثيل النسبي وقل نفوذها إلى أدنى درجة ممكنة وظهرت تنظيمات المستقلين والمحايدين لتملأ الفراغ.
    اصبح سمة العمل السياسي فقط هو مقاومة النظام وإسقاطه دون تصور لبديل واضح وراجت اتجهات الحياد غير المحدد والاستقلال الرافض للتيارات السياسية الحزبية، والإسلاميون يوالون طرح برنامج (الحكم بكتاب الله) دون تفاصيل تذكر لأحوال المعيشة ونظام الاقتصاد وقضايا الثقافة والتنوع وطرح أزمة الحكم والاجابة على السؤال لماذا تدور تلك الحلقة الشريرة في توال دون انقطاع في التاريخ السياسي الحديث للسودان.
    خلال هذه الفترة وقع انقلاب يوليو 71 فازداد الأمر إرباكاً أمام فرق التقدميين وتسارعت الدعوة لتكوين نظام جمهورية يقوم على الشمولية في مواجهة تطرف شعارات يوليو (سايرين سايرين في طريق لينين) و(كل السلطة في يد الجبهة) والتي في مواجهتها ارتفع شعار (عائد عائد يا نميري) وأغرى ذلك النظام للسير في طريق حكم الفرد وأعلنت رئاسة الجمهورية وفاز بها نميري المرشح الوحيد واتسع نفوذ الإسلاميين وسط الطلاب لكنهم عجزوا عن اختراق الحركات النقابية والتي استحوذ النظام على جزء هام منها..
    وفي شعبان كان للإسلاميين دور مقدر في قيادتها ثم كانت أحداث يوليو 1976م والتي اشتركت فيها أحزاب الأمة والاتحادي وجبهة الميثاق وانتهت بتلك الصورة المأساوية حيث تعمق الانقسام العرقي وهزئ الإعلام من أبناء الغرب واعتبرهم أجانب ومرتزقة.. وأصاب الساحة الركود ووجوم حتى أعلنت المصالحة الوطنية وكان على رأسها السيد الصادق المهدي واندفع الإسلاميون صوبها وبسبب دقة تنظيمهم وخبرة كوادرهم استطاعوا أن يجعلوا المصالحة وكأنها تمت معهم وتقلد ممثلوهم الوزارات ولعبوا دوراً بارزاً في نشاط (مجلس الشعب) بعد أن فاز بعضهم في دوائر عديدة وبطريقة الانتخاب في النظام المايوي.. وظهرت مقاومة لهم من بعض أعضاء الاتحاد الاشتراكي من غير الإسلاميين ولكنها كانت مقاومة ضعيفة لم يعد لها خصوصهم إعداداً مناسباً ولم يهتم بها الإسلاميون لضعفها ولدقة تنظيم كوادرهم أما خصومهم فقد كانوا أفراداً ينطلقون من مواقع الرفض من دون جماهير تعضدهم وأخيراً حقق الإسلاميون انتصاراً بتطبيق الشريعة عام 1983 والتي سميت بقوانين سبتمبر واستطاعوا حشد الجماهير لمبايعة نميري كرئيس للجمهورية الإسلامية، وقطعت الأيدي والأرجل وحوكم الناس بتهمة الشروع في الزنا ودلقت الخمور وتوهم رئيس النظام أنه أحد أولياء الله وأنه يطير ويلتقي بالأنبياء والملائكة واجتاحت البلاد حالة من العتة وغياب العقل وأعدم المفكر الإسلامي محمود محمد طه وسنه فوق السبعين واشتعلت الحرب مجدداً في الجنوب.
    ظل الإسلاميون لصيقين بنظام مايو وسيطروا على القبول وفي الكلية الحربية وكلية البوليس بل وأصبحت الترقية لرتبة العميد واللواء رهينة بنجاح أولئك الجنرالات في كورس إسلامي يدرس في جامعة إفريقيا، وأنقذ النظام الإسلاميين باعتقالهم ومايو تبدأ في انهيارها النهائي واستطاعوا أن يتسللوا بذكاء من خلال تظاهرات الانتفاضة في أيامها الأخيرة.. كانوا أكثر الأحزاب تنظيماً وتمويلاً بعد امتداد نفوذهم داخل البنوك الإسلامية وتغلغلهم في السلطة وامتلاكهم للثروات وبعض الصحف ودور النشر فقد أفادوا تماماً من تحالفهم مع النظام المايوي.
    وبعد الانتفاضة كانوا أول المبادرين بإصدار صحيفة سياسية ناطقة باسمهم الجديد (الجبهة الإسلامية القومية) والتي حشدوا لها وهم بذلك الحضور والاستعداد بعض من تبقى من أعضاء الاتحاد الاشتراكي الذين خافوا المساءلة والمحاكمات الشعبية والتي كانوا يرونها تتسق مع كل ما كان يدور في أروقة السلطة التي انحدرت إلى درجة سحيقة من الفساد وكانت محاكم العدالة الناجزة قد استكملت تشويه النظام المايوي الذي أصاب حكامه ما يشبه الجنون والاختلال فقد امتلأت دور الدولة ومكاتبها بالمجذوبين والدراويش والذين مارسوا كل أنواع الخداع داخل السوق الأسود الذي اتسعت ساحاته والفساد الذي استشرى في كل المواقع وأضيفت إليه حالة الفقر والفاقة بسبب المجاعات التي اجتاحت الريف السوداني.
    في جو التعتيم التي اختارته كافة أطراف القوى السياسية على علاقتها بمايو ولكل نصيب في ذلك فقد تلاعبت مايو بتحالفاتها مع كافة القوى السياسية وأقسم عديدون من قياداتها القسم (لثورة مايو) كأعضاء في المكتب السياسي وبعضهم استوزروا وأصبح آخرون حكاماً للأقاليم واستثمرت مجموعة أخرى في ظل تلك الظروف القاهرة وامتلكوا ثروات ضخمة وهناك كثير من الأحداث الكبيرة أصابها التزوير والتشويه بواسطة أجهزة الإعلام الرسمي وارتفعت أصوات كاذبة لتحكي عن تلك الأحداث كيف شاءت وبطريقة تفسح المجال لإخفاء كثير من الحقائق.. قبلت الحركة السياسية إسدال الستار على أحداث العهد المايوي وأعلنت محاكمة من نفذوا الانقلاب ليلة 24 وصبيحة 25 مايو، وكان نصيب الإسلاميين من ذلك المسكوت عنه الكثير فهم يتحملون كل آثام محاكم العدالة الناجزة وتلك القوانين الشائهة.. مع كل آثام مايو التي ارتكبتها وهي تتهاوى..
    حقق الإسلاميون انتصارات في الانتخابات على مستوى دوائر الخريجين وكل الدوائر التي تنازع فيها مرشحون من نفس الحزب.. نال الإسلاميون أكثر من خمسين مقعداً ونال الحزب الشيوعي ثلاثة مقاعد فقط وشكل ذلك مفارقة كبيرة فقد كان الشيوعيون في طلائع من قاموا بهزيمة النظام المايو وكان الإسلاميون آخر من بقى في تحالف مايو.. صدرت صحفهم مدعومة بإمكانيات كبيرة وانتشرت دورهم السياسية وأصبحوا حكاماً مؤتلفين ومعارضة تمثل رقماً هاماً، لكنهم لم يتحملوا الديموقراطية بالرغم من تلك الانتصارات والانتشار والإمكانيات التي توفرت لهم.
    ولا يبرر تدبيرهم لانقلاب على نظام ديموقراطي انتصروا فيه انتصاراً غير متوقع سوى أن الديموقراطية لم تكن في يوم ما تشكل هدفاً لهم ويكونوا بذلك قد عادوا إلى مقولة مرشد الجماعة المصري والذي رأى أن لا ضرورة لوجود أحزاب وتحزب في دولة الإسلام.. لقد كان آخر أيام الديموقراطية وممارستها هو ذلك اليوم الخميس 29 من يونيو وكانوا يناقشون الميزانية واستأسد ممثلوهم في هجومهم عليها بل واستخفافهم بها وهم يضمرون شراً لتلك المؤسسة التي جمعتهم وآخرين بها لوائح تنظم تلك الاختلافات وتديرها ومن خلال ذلك يتم الاستقطاب الحضاري للمشاريع السياسية المختلفة في وضح النهار.. لم يحتمل الإسلاميون ذلك وأعدوا لانقلابهم الإنقاذي وفاجأوا القوى السياسية بحدث عسكري لا مبرر له سياسياً ولا أخلاقياً.
    درجت الانقلابات العسكرية على تقديم وعود بالعودة للديموقراطية وتحديد فترة لاستمرار الانقلاب والقوانين الاستثنائية المؤقتة لكن انقلاب الإنقاذ لم يفعل ذلك ولم يعد بأي شيء وكان خطابه خطاب من استولى على سلطة لن يتخلى عنها.. تحدث الخطاب عن دعوة للإنقاذ، والمفترض أن يكون إنقاذ البلاد من خطر يهددها، لكن كل أحاديثهم من بعد ذلك كانت عن مخاطر تهدد الجبهة الإسلامية وكأنما وجودها يعني وجود السودان.. أما الحديث عن مهددات العقيدة والإسلام فهم يعتقدون أن حزبهم هو الإسلام وتهديده يعني تهديد الإسلام وسقوط العقيدة.. صادر الانقلاب التعددية السياسية والحزبية ولم يتوقف عند ذلك بل هدد تعددية الآراء داخل نظامه واتهمت أطراف منه بالعمالة للصهيونية ودول الاستكبار..
    إن سلطة غير مقيدة تقود بالضرورة إلى الفساد ليس فساد جماهير السلطة التي تتربص دائماً لتقفز وتتمسح بالسلطة وتداهن لتكسب ولكن فساد من ارتفعت أصواتهم من قبل مستنكرة الفساد وباكية على قيم الطهارة والأمانة، عندما تتدهور مواصفاتهم الأخلاقية مع تدهور أو غياب شروط الشفافية والمساءلة والمحاسبة. ما يميز تجربة الإسلام السياسي السوداني أنه أضاف إلى إخفاقات الإسلام السياسي كفكر مطروح في عصر حقوق الإنسان مقارن بأفكار جوهرها التجديد، أضاف إليه الإخفاق في إدارة السلطة والمجتمع وعجزه في أن يقدم حلولاً لإشكالاته حتى البسيطة..

    تاج السر مكى

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147506759&bk=1
                  

04-17-2008, 11:17 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    ردوا لهذه المدينة اياديها.

    لرفاعة على المجتمع والدولة أياد سلفت ودين مستحق.

    بقلم: محمد خير حسن سيدأحمد (رفاعة)

    لقد حان الوقت ان يرد المجتمع ذلك الدين.. اما الدولة فقد شرعت في رد الاعتبار وسداد الدين.. فهذا السيد المشير الفريق عمر حسن أحمد البشير مفجر ثورة الانقاذ، يرد لرفاعة حقوقها.. فأمر ان يمر شارع الشرق حتى حنتوب ماراً بمدينة رفاعة . واليوم يبر السيد رئيس الجمهورية بوعده ..فيأمر شركة صينية ان تبني كبرى رفاعة – الحصاحيصا..واليوم شارف الكبري على الانتهاء من البناء وحانت ساعة الافتتاح...لكن.
    سيقدم في اليومين القادمين قرار التصديق بجامعة البطانة لمجلس الوزراء لاجازته..هل يمكننا أن نسأل السيد رئيس الجمهورية ..لماذا سميت هذه الجامعة بجامعة (البطانة)؟! ولماذا لا تسمى جامعة (رفاعة)؟.
    اقليم البطانة معروف ومعلوم.. ولا تعتقد ان مدينة رفاعة هي عاصمة هذا الاقليم..فأقليم البطانة – يمتد شرقاً عندما يرمي جبل (الابايتور) ظله شرقاً حتى الاتبراوي..هذا هو اقليم البطانة ..وعندما يرمي جبل الابايتور ظله خلفه يمتد أقليم( العاديك) حتى النيل الازرق..أو الرفاعي كما كان يسمى) سابقاًً...
    تاريخ هذه المدينة معروف.. انها مدينة مسالمة.. اختطها (الرفاعيون) تمتهن الزراعة النيلية والمطرية.. ورعي البهائم الدقيقة..ثم اشتهرت بالعلم وتدريسو ..ماعرفت بيوت الحتا والرزيلة..ما فتحت في سوقها البارات.. وفي تاريخها السالف، كانت تنادي بتحكيم شرع الله.. ولما نال السودان استقلاله وجاءت الحياة الديمقراطية..ارسلت نائبين برلمانيين إلى اروقة البرلمان..كانا يمثلان التيار الإسلامي الذي نذر نفسه لتحكيم شرع الله ..كانت رفاعة أول مدينة تفوز نائباً إسلامياً ينادي بتحكيم شرع الله من داخل البرلمان.
    جاءت الانقاذ وقسمت السودان إلى ولايات ومحافظات..اسمت الولايات باسماء بعض المدن واسمت معظم المحافظات باسم بعض المدن.. مثال:ـ محافظة الكاملين، محافظة الحصاحيصا، محافظة المناقل، وهلمجرا..وعندما جاءت إلى محافظة رفاعة، اسمتها محافظة البطانة ..ثم غيرتها اخيراً إلى محلية (شرق الجزيرة)لماذا؟؟؟؟
    هل توجد عقدة بين ثورة الانقاذ ومدينة رفاعة؟؟؟
    تاريخ هذه المدينة معلوم. اشاده رجال.. صنعوا تاريخ السودان.. منهم على سبيل المثال.. الشيخ الصديق الازهري، الشيخ النور التنقاري الذي كان يشغل قاضي قضاة نيجيريا ..وخلفه الشيخ عوض محمد أحمد...ومنهم شيخ عبدالاله ابوسن وقاسم محمد حسان- ومنهم الدكتور إدريس البنا والسيد ميرغني النصري اللذان كانا رئيسا مجلس سيادة في حكومة سوار الدهب..ومنهم الاستاذ محمود محمد طه شهيد الفكر والوطنية..ومنهم د.انور الهادي ود.عثمان عبدالوهاب ود.سلمان محمد احمد ود.يوسف عايدابي...وهذا الشاب البطل الزهاوي إبراهيم مالك.. يعارك ويجادل ويحاور داخل وخارج البلاد ليقنع الناس بان الاتحاد ضرورة وان العمل الموحد يقود إلى الحياة الكريمة والوحدة ضرورة حتمية على كل من يدعي انه سوداني ان يعمل لها.
    خلدت الانقاذ ذكرى الامام المهدي والزعيم اسماعيل الازهري بتخصيص جامعة باسم كل منهم ..لادوارهم الوطنية.. ولا أقول قد غفلت الانقاذ الادوار التي قام بها ابناء رفاعة في الحركة الوطنية وجلاء المستعمر ..فتشهد لهم ثورة عام 1946م.. ويشهد لهم دورهم في حركة عام 1924م.. سليمان كشة ورفاقه امام شريف والحاج احمد حمد..وعبيد عبدالنور...وعثمان محجوب..ومولانا شيخ لطفي...والمليك جاء سيدأحمد نقد الله لرفاعة ليسهم في عملية التدريس مع اهلها وجاء الاستاذ الطيب صالح كذلك ليدرس في مدينة رفاعة ..كما جاء د.خالد المبارك ليدرس برفاعة ولو لمدة شهرين (فقط) ومنها ذهب إلى شرق اوروبا...
    تنتهز جماهير مدينة رفاعة وقبائل (الرفاعيين) في عموم السودان هذه الفرصة وتطلب من السيد المشير رئيس الجمهورية ان يعدل اسم (جامعة البطانة) إلى(جامعة رفاعة) وبذا تكون ياسيادة الرئيس قد رددت لرفاعة حقها ..وليس هذا تراجعاً وانما مراجعة.. وقد قالوا بالأمس الثورة تراجع ولا تتراجع.. ومن يرد للناس حقوقهم إن انت مارددت لهم حقوقهم؟؟؟
    انجبت هذه المدينة رجالاً (سودانيون ) افذاذ.. حملوا السودان في حدقات عيونهم وذهبوا به خارجاً أمثال: عثمان وقيع الله، عثمان جعفر النصيري، د.صلاح أحمد محمد أحمد،د.كمال الهادي عبدالرحمن،د.عمر درمة، د.مامون سنادة، الفريق عزالدين علي مالك، د.مالك العاقب حاج الخضر..
    واليوم – كأني بجماهير مدينة رفاعة- والقرى المجاورة لها وكأني بقبائل الرفاعيين والقبائل التي تسكن معهم هذه المدينة، تخرج في مظاهرة – سلمية – عارمة يرتدي الرجال والشباب الجلابيب البيض ويتعممون بالشمس.. وترتدي المرأة الثوب الابيض (الحشمة) ..وتغطي رأسها بطرف منه..لأنهم (سودانيون)..قال محمد عثمان عبدالرحمن (انا سوداني) ثم شدى حسن خليفة العطبراوي (رحمه الله) بذلك النشيد ثم رددت تلال ووهاد السودان ذلك النشيد (نحن من نفر، عمروا الارض حيثما قطنوا)...
    كأني بتلك الجماهير الهادرة المسالمة، تسلم هذه الكلمة إلى السيد رئيس الجمهورية وإلى السيد رئيس المؤتمر الوطني وإلى امانة مجلس الوزارء ثم إلى البرلمان...
    هذه الجماهير – ياسيدي – الرئيس سارت لا تطالب باقتسام السلطة ولا اقتسام الثورة ولا مطالبة بالانفصال.
    ولكنها تطالب بالعدل والإنصاف ومعاملتها بمثلها ورصفائها في المدن الأخرى.


    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147507325&bk=1
    _________________
                  

04-17-2008, 11:18 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    ندوة الأحد الثامن من أبريل الحلقة الأخيرة

    بعض ألق الساحة السياسية تمثل في رفع المهدي لشعار أسمر (2)

    تاج السر مكى


    ظلم الإنقاذيون الإسلام ظلما فادحاً وجنوا عليه دون شك بإدعائهم بأن تجربتهم في الحكم هي حكم بأمر الله وشرعه وأن ذلك هو ما يقدمه الإسلام للإنسانية .. لقد بدأ الإسلام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كرسالة لتحرير المستعبد والمستضعف والمستقل والمحروم والمظلوم . أراد الإسلام أن يزول أي شكل من أشكال استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وكان المستضعفون أول من لبى نداء الرسول الكريم ، الأرقاء والفقراء هم الذين أيدوه لدى انطلاق دعوته بينما كان أهل الجاه واليسار هم ألد معارضيه وما لبثت الفتوحات من بعد تطاول السنين أن قلبت هذا الوضع وهيأت للمستغلين أن يجعلوا منه أداة لتبرير استغلالهم وتوطيد سلطانهم ، بدل أن يكون ، كما هي حقيقته ، رسالة تحرير المستضعفين فازدهرت في ظل الوضع الجديد الجبرية والاستبدادية والإقطاعية والاستغلالية التي جاء الإسلام لتحرير الإنسان منها . وأصبح في المجتمع الإسلامي نخبة حاكمة مستأثرة تداولها الحكام وقاعدة شعبية مكدة منتجة تستمر معيشتها كما هي . كانت المغانم للقلة والمغارم للكثرة ولم تقم طبقة متوسطة لتصل بين الاثنين .
    الشخص السوي هو الذي يكون دائماً خلاصة للتاريخ ووعياً بالحاضر وحركة إلى المستقبل والمجتمع الرشيد هو الذي يتمثل في تراثه كله ويتشرب كل الحضارات ثم ينبض الحاضر في كل علم وكل ثقافة وكل من يسعى إلى تشكيل هذا الحاضر ليرفعه ويعلو به ويسمو عليه ، ويهدف إلى التأثير في المستقبل لما فيه خير الإنسانية وما فيه وجه الله . إن المجتمع الرشيد هو المجتمع الذي يدرك أبعاد الزمن ، ويفهم أعماق التاريخ ، ويرى آفاق الحياة ، ويعي أصول الحضارات ، ويقف على نبض الحاضر ويدرس كل علم ويتذوق كل فن ويعرف كل ثقافة ، ثم يخلط ذلك كله بروحه ويمزجه بطابعه ويحيطه برؤاه ، فيمسك عن وعي بمقود الحضارة وزمام المدنية ويوجه هذه وتلك إلى أغراض إنسانية .
    إن جوهر الإسلام وقوف ودفاع عن المستضعفين من الأرقاء والبسطاء في ذاك الزمان وهو يتسق أيضاً مع معاداة للإقطاع والدفاع عن الأقنان في زمان آخر ، وهو دفاع عن الطبقة العاملة في المجتمع الرأسمالي ورفض لاستغلاله وقسوته ، حرب على استعمار الشعوب وعلى مصادرة الحريات وممارسة التعذيب والقتل والاستبداد ، هو ضد تدهور البيئة وكل الذي يصيب الإنسان هو مع حرية الإنسان وخلاصه من الذل والاستعلاء والشعور بالدونية إنه دعوة صريحة لعلمانية الدولة ولا أجد تناقضاً في ذلك ، لقد قدرت جداً جهداً قدمه البروفيسور د. عبد الله احمد النعيم من موقعه www.law.emory.edu/aannaim ودعوته الصريحة وتمسكه بدعوة الإسلام إلى الدولة العلمانية التي توفر شرطاً أساسياً هو (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وهي دعوة العدل والمساواة .. إنه جوهر الإسلام إنسانية فائضة ورفض لكل شكل من اشكال استغلال الإنسان لأخيه الإنسان .
    إن القلة المستأثرة بالثروة والسلطة والكثرة التي تقع عليها المغارم والاستبداد والتهميش في ظل ذلك الإدعاء بالحكم بكتاب الله وباسم الإسلام (نموذج صارخ هو حكم الإنقاذ) جعلت من المجتمع بنية هرمية وصورت حكم الإسلام رعباً وتقتيلاً وظلماً واستبداداً وجعلته يقف الآن منهاراً بعيداً عن جوهر روح الإسلام تحت وطأة الحضارة الحديثة وهذه الحضارة والتي هي خلاصة التجربة الإنسانية وقد شكل الإسلام فيها إضافة بجوهره النقي ، هي بتواصليتها المعجزة وصناعيتها المحتاجة دائماً للسوق الأوسع حضارة القاعدة الشعبية المستهلكة بقدر ما هي حضارة الخاصة الممتلكة معظم الثروة والسلطة وقد فرضت عليها التوسعية الاقتصادية ومتطلبات التعبئة العامة وصراعات قد تستخدم فيها كل أسلحة التهديد أن تسلم بحق الانتخابات أو الاقتراع العام وحق التعليم وحق التنظيم والتمثيل .
    هذه التغييرات قوضت البنية الإسلامية التقليدية وأقامت مقامها البنية العصرية وتحرك المهمشون والمستضعفون في الأرض في طلب مكانهم الواجب لهم في حاية المجتمع وأصبح للوسط دور قيادي فهل يمكن لأؤلئك الإسلاميون الجدد إدراك تلك البنية المتهافتة ، هل يمكن لسلسلة المجددين في التاريخ الإسلامي محمد بن عبد الوهاب والأمير عبد القادر الجزائري والأفغاني ومحمد عبده ، والكواكبي ، وعلي عبد الرازق وخالد محمد خالد ومالك بن نبي ، ومحمود محمد طه .. الخ وقد حاول جميع هؤلاء تفسير تعاليم الإسلام وفقاً لأحواله الجديدة واجتهدوا في تكييفها حسب متطلبات الحياة الحديثة أن يكونوا مصدر إلهام لهم .. هل يمكن أن نحس بجوهر الإسلام بعيداً عن غوغائية دعاوى الإسلام السياسي الذي يستغل تلك القدسية وإيمان الجمهور العريض كمسلمين لاستغلال مشاعرهم تلك .
    إن مقومات الحضارة الإنسانية المادية والعلمية أو التكنولوجية هي مقومات عامة ولجميع هذه المقومات في نفس الوقت عموميتها وخصوصيتها الجامعة . إن المختبر والمصنع والآلة والقاطرة والسيارة والحاسوب والصاروخ والأقمار الصناعية هي كلها من بنات الحضارة الحديثة كما أن القومية والديموقراطية والاشتراكية والماركسية والفاشينية والنازية والعلمانية هي من بناتها أيضاً والناس على اختلاف بيئاتهم وأديانهم وثقافاتهم يتنافسون في طلب ثمراتها التكنولوجية وهذا يؤكد أن الحضارة اليوم بلغت درجة من العموم لم تبلغها الحضارة من قبل .. التجربة الطالبانية في أفغانستان تمثل نموذجاً صارخاً رفض عمومية المعرفة الإنسانية فقد منع الطالبانيون عن المواطنين الأفغان البث الإذاعي والإرسال التلفزيوني والموسيقى والهاتف السيار ، أما قادتهم فكانوا يستقبلون كل ذلك ليتعرفوا كما قالوا على ما يدور حولهم وقد يذهبون إلى أكثر من ذلك لكنهم يستخدمون الصاروخ والراجمة وكل الأسلحة الفتاكة إذا كان ذلك في مواجهة أعدائهم أو في متابعة نشاط من يختلفون معهم في الداخل .. منعوا ثمرات وخير الحضارة عن شعبهم واختاروا آليات القمع والعنف والدمار فشكلوا بذلك عزلة تاريخية لتجربتهم التي لم تتعاطف معها معظم الشعوب . احتج الناس على التدخل الامريكي وبقاءه في أفغانستان لكن لم يحتجوا على هزيمة طالبان الذين اعتبروا في نظرهم خارج العصر ولا يمتون إلى ما وصلت إليه الحضارة الإنسانية ..
    إن الموقف الحضاري الإنساني الراهن بضوء معجزة التواصل العصري أقرب إلى التكامل التجددي الخلاق منه إلى أي موقف آخر .. ويعني هذا أن على الإسلام وهو يجدد بنيته الحضارية أن يعاود اكتشاف روحه وجوهره الحقيقيين لا أن ينكفئ على استنتاجات جاءت نتيجة لمعطيات عصر آخر قديم أو تأويل من بعض ذوي الغرض أو مجتهدين تنكبوا الدرب .
    راهنت حكومة الإنقاذ كثيراً على وحدة أبناء السودان على أساس ديني فما فتئوا يغازلون أحزاب الأمة والاتحاد وبعض فرق الأخوان المسلمين والجماعات الصوفية مع تنازل إلى حين لأهل الذمة كما يرون (ما تزال مشكلة الجنوب قائمة) ورغم رهانهم ذلك فهم يشاهدون كل يوم حقيقة ذلك التعدد لكنهم لا يأبهون لذلك ففي تقديرهم أن للإسلام رؤية واحدة تمثل تأويلهم لذلك ورغم ولوغهم في التآمر على أولئك وهؤلاء فقد ضاقوا بالديموقراطية رغم أنهم كانوا يتمتعون بأكثر من خمسين نائباً في البرلمان .. ويبدو أنهم أدركوا بأن لا مفر من التعدد فانقلبوا بليل على الديموقراطية وقالوا إنها رجس من عمل الشيطان وشردوا الخصوم وعذبوهم وقطعوا أرزاقهم وحاصروهم بأجهزة الدولة والقمع ، فتكونت الدولة البوليسية تحت شعار من ليس معك فهو عدوك ...
    كانت ندوة الأحد قد قُدم فيها كشف حساب ومراجعة ، كانت مشحونة بتعابير الاعتراف بالآخر وأهم ما جاء فيما بعد كشف الحساب حديث زعيم حزب الأمة عن اتفاقية نيفاشا فقد قال عنها نحن الذين أعددنا لها ووضعنا أسسها في البيان الختامي لمؤتمر القضايا المصيرية وقال نحن في حاجة الآن إلى اسمرا (الثانية) تو وهذا يعني ما جاء في ذلك المؤتمر واستكمال ما بدأه .. إن مؤتمر القضايا المصيرية يعتبر بداية حقيقية لذاك المؤتمر الدستوري الذي تنادى به الجميع في تراضٍ بعد انتفاضة أبريل وكنتيجة لانعقاد كوكادام الجامع ولقاء قرنق مع المهدي في أديس ثم اتفاقية الميرغني قرنق وندوة أمبو ثم الالتفاف حول ميثاق التجمع .. إنه نقلة حقيقية للقوى السياسية من حالة الاستقطاب الحزبي الذي اتسم به نشاط القوى السياسية منذ الاستقلال إلى رحاب البرنامج الوطني ولأول مرة صحيح أن جهداً قد بذل للانتكاس بتلك النقلة وأن صراعاً نشأ بين بعض الأفراد في قيادة التجمع إلا أن فكرة البرنامج الوطني تنامت وتحقق حد أدنى من الاعتراف بالآخر وإدانة الأنظمة الشمولية ورفض الدولة الدينية .. لكن ذلك البرنامج لم تتح له فرصة الانتشار وسط المواطنين من الشعب السوداني .. وتوقف بذلك اتصال الحوار في أهم أسئلة طرحها المؤتمر وهي علاقة الدين بالدولة وكيفية استدامة الديموقراطية والتنمية والوحدة الطوعية بين شعوب السودان .
    إن دعوة المهدي لأسمرا تو (الثانية) هي امتداد دون شك لتلك النقلة التي بدأت بمؤتمر التجمع وتطور من خلالها البرنامج الوطني فيجب أن تعامل بقدر من المسؤولية وبعيداً عن تلك الخصومات التاريخية التي عفا عنها الدهر .. إن خارطة الفعل السياسي تتغير كل يوم وانفجارات هنا وهناك تحدث كل حين إن تباين الثقافات والدعوة إلى الاعتراف بها أجج بعض النعرات القبلية والعرقية لكن تلك حالة مؤقتة فبمجرد مساواة فرص هذه الثقافات وتطويرها سيكتشف الجميع أن تلك هي انقسامات رأسية وانشطارات مؤقتة لا تلبث أن تضعف في ظل تمازج الثقافات وتطور المجتمع .. إن ذاك التنوع لو أحسن التعامل معه سيكون مصدراً للقوة والشموخ ..
    دعوة زعيم حزب الأمة ترقى إلى مستوى الانتباهة الوطنية في مواجهة دعاوى الانفصال والاهتمام بذلك المثلث العرقي الاستعلائي للاستحواذ على أكبر قدر من الثروة والانفراد بسلطة الشمال والوسط الذي توهم الإسلاميون أنها أمر يسير لكنهم لم يدركوا أن تلك الدعوة إلى التغيير وبناء وطن رحب يسع الجميع انطلقت من قلب الحركة السياسية في الشمال وهي تراجع مسارها وإن الذي يتم الآن هو سعي للاتساق مع ذلك .. لا بد للقوى السياسية من أن تعاود نشاطها بلا تلكؤ وتصدر صحفها وتملأ ذلك الفراغ الذي تم حشوه خلال هذه الفترة بذلك النشاط الأحادي الضار فقد امتلأ الشارع بالتوجس والرعب والخزلان وانعدام الإرادة وضعف الجماعية ..
    جاء في مقررات مؤتمر أسمرا عن القضايا الإنسانية :
    فاقمت السياسات الاقتصادية الخاطئة للنظام وتصعيده للحرب الأهلية من ظواهر الهجرة الداخلية والنزوح وأوضحت اضراراً بالغة بالبيئة مما أفرز وضعاً مأساوياً يعيش في ظله المواطن السوداني خاصة المرأة . كما دفعت الحرب وعدم الاستقرار والاضطهاد السياسي وانتهاك حقوق الإنسان بأعداد كبيرة من خيرة أبناء الشعب للجوء خارج البلاد .
    وتأكيداً لحرصه على سلامة أهل السودان وحرية حركتهم في الداخل والخارج ، ونسبة للضرورة العاجلة لرعاية أبناء شعبنا من النازحين في الداخل واللاجئين في الخارج . أقر المؤتمر برنامجاً عملياً لإغاثة المواطنين داخل البلاد إبان الحكم الانتقالي وتقديم الخدمات الضرورية للاجئين السودانيين خارج البلاد . وإزالة ما لحق بحياة الضحايا والمنكوبين من المعاناة على المدى الآني والمستقبلي وفي تعاون لصيق مع المجتمع الدولي والإقليمي وبالتنسيق مع المؤسسات المعنية بهذا الأمر في داخل السودان) انتهى
    لم تجر الأمور كما قدر لها وفرض الواقع تلك المساومة التاريخية التي انتهت باتفاقية السلام الشامل في نيفاشا واصبحت الانقاذ طرفاً فيما لم تكن طرفاً فيه من قبل.. لكن الحركة السياسية لن تنتكس بسبب ذلك ولن تتراجع عن مدى تطورها وتطلعاتها إلى بناء مجتمع عادل وديموقراطي وتعددي .. الإنقاذ ما تزال تتمسك بمفاصل السلطة ومصادر الثروة ويصبح رهان استكمال أسس التراضي بين القوى السياسية يمثل الواجب الأساسي أمام الديموقراطيين والوطنيين فمرحباً بدعوة الزعيم الوطني الصادق المهدي لتلعب دوراً في استيقاظ الساحة وإنعاش حراكها تحت شعار (اسمرا تو) .
    إن وحدة الصف الوطني تأتي من خلال برنامج توافقت عليه مصالح الأغلبية وتصدى له من يمشون على الجمر فداء لشعبهم ، يؤرقهم بؤسه وشقاءه ويتطلعون إلى رفعته ونمائه، يقدمون التضحية دون من ولا أذى ويمارسون أقصى حالات الشفافية دون إدعاء لقدسية ولا استعلاء .. لقد بلغت الإنسانية شأواًَ لا تحتمل تلك الأنفة الجوفاء ولا تلك الشعارات الشائهة التي تقوم على الكذب والرياء وإدعاء الطهرانية والنقاء ..

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147506592&bk=1
    _________________
                  

04-17-2008, 11:24 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    ندوة الأحد الثامن من أبريل(4)

    هل كانت عودة لألق الساحة السياسية واختباراً لمدى تطورها ؟
    بالرغم من أن الدولة الأموية والعباسية والفاطمية منسوبة للإسلام فعلى الذين يخلطون بين الدين والسياسة أن يوضحوا لنا ما تفسيرهم إلى كثير مما نسب حتى لبعض الخلفاء من فجور وفسوق ؟
    فقد عرف عن يزيد بن معاوية أنه كان يشرب الخمر ويلعب بالكلاب ويجاهر بالفسق والتهاون بالدين .. وأنه عندما ولي الخلافة يزيد بن عبد الملك بن مروان قدم عليه أربعون رجلاً من مشايخ دمشق وحلفوا له أن ليس على الخلفاء حساب ولا عقاب في الآخرة ؛ فسدر في لهوه حتى اختلى بجارية له في عزلة عن الناس جميعاً ، وعن شواغل الحكم ، وإذ ماتت في شرفه إثر وقوف حبة فاكهة (عنب أو رمان) في حنجرتها ، ذهب عقله ومات كمداً عليها بعد أسبوعين من وفاتها ..
    وكان الوليد الثاني يتظاهر الزندقة منهكماً على شرب الخمر واللذات والعصف واللهو ويقال أنه أنكر نبوة النبي فقال :
    تلعب بالنبوة هامشي ** فلا خير أتاه ولا كتاب
    ومزق المصحف ضرباً بالسهام وهو يسبح في حوض خمر ويقول :
    أتوعد كل جبار عنيد ** فهنا أنا ذاك جبار عنيد
    إذا ما جئت ربك يوم حشر ** فقل يا ربي مزقني الوليد
    وفي العصر العباسي قال أبو جعفر المنصور لولده في كتابه الذي عهد إليه فيه بالخلافة (.. السلطان حبل الله المتين وعروته الوثقى ودينه القيم) .. هكذا اختلطت السياسة بالدين وامتزجت الشريعة بالحكم ، واضطربت معاني السلطان بمعاني الجلالة فلم يتضح مجال كل ولم يتحدد نطاق اي .
    عندما استولى العباسيون على السلطة قال ابو العباس السفاح في أول خطبة له وهي شعار الخلافة ، إنهم سيحكمون بما أنزل الله . وبهذا الاتجاه وذلك التقرير بدأت الخلافة العباسية وهي دولة دينية تدعى أنها تقيم كل أركانها على أساس الدين وتزعم أنها تباشر كل أنشطتها من خلال الشريعة . وكانت لذلك نتائج عدة بعضها غاية في السوء ، ونهاية في الإساءة إلى الدين والشريعة والمسلمين . ذلك أن الحكام استغلوا الصبغة الدينية ليضفوا على أنفسهم عصمة وحصانة فيعبثون ولا مسائل لهم ويظلمون ولا راد لظلمهم . وفي جانب آخر فلقد صار إخفاق الدولة إخفاقاً للتطبيق الديني ، وظلم الخلفاء والحكم مسقطاً على الإيمان نفسه ، وانتهى فساد الحكم إلى أن يلقى بظلاله الكئيبة على القيم والأفكار الدينية التي احتمى بها الفساد أو سوغته بأي وسيلة .
    لقد امتحن العلماء والفقهاء في مسألة خلق القرآن ونزل بهم بلاء شديد وعذاب أليم فقالوا جميعاً بخلقه عدا أحمد بن حنبل الذي أصر على أنه أزلي غير مخلوق . وظلت الحال في هذه المحنة لفترة حتى ولي الخلافة المتوكل فعدل عن هذا الاتجاه ومن ثم انتصر الاتجاه السلفي بزعامة ابن حنبل في رد فعلهم فدفعوا العقل إلى الوراء قليلاً فضلاً عن قيامهم ببعض الفتن .
    أمر المتوكل الناس بالتسليم والتقليد أي بعدم التفكير أو التجديد فأصبح منهجاً سائداً ومسلكاً عاماً وأساساً للفكر الإسلامي ، وعصف ذلك بالعقل الإسلامي والتفكير وبكل معاني الحرية والعدالة في الإسلام .
    تمزقت الدولة الإسلامية إلى دويلات فقامت الدولة الطاهرية في خراسان وانتقلت إلى الدولة الصفادية ثم الدولة الساسانية وتفرعت منها الدولة الغزنوية واستقل الأمويون في الأندلس وفي المغرب تأسست دولة الأدارسة في مراكش ودولة الأغالبة في تونس وفي مصر كانت دولة الطولونيين ثم دولة الأخشيديين .. وجاءت الدولة الفاطمية .
    الزم الفاطميون جميع الموظفين المصريين اعتناق المذهب الفاطمي الإسماعيلي ، وحتموا على القضاة إصدار أحكامهم وفقاً لهذا المذهب وادعى الحاكم بأمر الله الألوهية وكان أصحابه عندما يرونه في الطريق يركعون ويصيحون قائلين : أنت الواحد الأحد والمحيي والمميت . ومنعوا الفقهاء قراءة موطأ الإمام مالك وأبطل الخليفة العزيز صلاة التراويح ومنع صلاة الضحى ..
    وترسخت من بعد ذلك الدولة العثمانية دولة السلاطين ونسبت كل خطايا السلاطين إلى الإسلام دون حق ..
    لقد بدأ تسيس الإسلام بصورة جديدة وتواصل حتى ظهرت صيغة الإسلام السياسي الذي نحن بصدده وبدأ بكتابة الهندي عبد الله سندهي من أن (الجماعة الإسلامية (المزمع إقامتها) جماعة خاصة تقوم على أسس عسكرية ..) وهو ما تبناه الإسلام السياسي المعاصر وصار سمته الأساسية (الأخوان المسلمون في مصر وفرق الجهاد والتكفير والهجرة .. الخ وتجربة السودان (الإنقاذ) وطالبان (أفغانستان) والقاعدة (العرب الأفغان) وغيرهم ..
    زج بالخلافة أو رئاسة المسلمين في معترك الصراع السياسي والنزاع الحزبي وأصبحت تتجاذبها تيارات لا لصالح الدين أو لصوالح المسلمين ولكن لمحض السياسة ومجرد الحزبية .
    طمع ملوك ورؤساء في الخلافة منهم ملك مصر فؤاد الأول وخديويها السابق عباس حلمي وملك أفغانستان وزعيم طالبان وجعفر نميري في السودان وقادة الإنقاذ وظلت الخلافة الإسلامية تسير كثير من الأنشطة وتلون عديد من التصرفات وتحكم وفيراً من الأفعال ، حتى وإن لم يظهر ذلك صراحة . فالصراع في الخفاء والمنافسة في غير علانية ، وكل يتحين الفرصة التي تسمح له بأن يظهر نواياه حين يمكنه أن يجمع خيوط الفعالية في يديه .
    وبدأت إشاعة الرأي الذي ينادي بضرورة انتخاب الخليفة ، وإن كان البعض قد قصر الانتخاب على أهل الحل والعقد وهو أمر يدعو بدوره إلى التساؤل عن أهل الحل والعقد هؤلاء من هم ؟ ومن الذي يعترف بهم ؟ وكيف يمارسون حقوقهم الانتخابية ؟
    هل الغيبت الخلافة في 3 مارس 1924 أم عندما أجبر السلطان سليم الأول المتوكل عن التنازل عنها في (1517م) أم ألغيت بعدما دمر التتار بغداد عاصمة الخلافة العباسية وقتلوا الخليفة وقضوا على الخلافة تماماً (1258م) .. ثم هل كانت الخلافة العباسية إسلامية حقاً ؟ وهل كانت الخلافة الأموية قبلها خلافة إسلامية بصحيح ؟
    كل يجيب على هذه الأسئلة بما يتمشى مع معلوماته أو يساير ما تلقنه .. الإجابة لن تكون واحدة باختلاف الثقافات وتباين الأغراض وتفاوت الأهداف وتواتر النوايا وتزايد الجهل لقد كانت هناك دولة النبي في المدينة وهي دولة دينية يأتي النبي الوحي من السماء وبدأت من بعد ذلك الدولة السياسية دولة الاجتهاد البشري إن أهل الإسلام السياسي يعمدون إلى خلط الشريعة بالفقه فهنالك شرائع عديدة قديماً داخل الإسلام ، شريعة أبي حنيفة وشريعة مالك وشريعة الشافعي وشريعة ابن حنبل والشريعة الجعفرية وهو أمر يبدد الإسلام ولا يجمعه ويفرق الشريعة ولا يوحدها ويجعل من آراء الناس شرعاً ، كأحكام الله سواء بسواء .
    وعندما يردد الناس الحديث عن الخلافة الراشدة فهي تعني أمراً آخر غير الذي فعله الأمويون والعباسيون وغير الذي نراه الآن ..
    يحكي المسعودي عن عمر بن الخطاب أنه حج فأنفق في ذهابه ومجيئه إلى المدينة ستة عشر ديناراً فقال لولده عبد الله : لقد أسرفنا في نفقتنا في سفرنا هذا ..
    جاء يهودي لمجلس أمير المؤمنين عمر وكان على أحد جلسائه فقد كان يستشيره كثيراً لغزارة علمه ومعرفته .. شكا الأعرابي علياً فقال له عمر قم يا أبا الحسن وقف بجانب خصمك فغضب علي .. فسأله عمر أغضبت لأنني طلبت منك الوقوف بجانب خصمك ؟ قال علي لقد غضبت لأنك كنيتني ولم تكنه .
    من بعد ذلك انقسم المسلمون إلى شيع عديدة بلغت ثلاثة وسبعين فرقة الشيعة بكل فرقها والخوارج والمرجئة والمعتزلة .. الخ فأي هذه الفرق هي التي تعبر عن صحيح الدين وأيها التي يتبع المسلمون ، واليوم نرى موقف الشيعة في دولتهم (إيران) ونشهد تطبيقات أخرى (للشريعة) بلدان اخرى وفي السودان ذلك ويحسب وهناك خلافات بلا حدود هنا وهناك .. والمخطئ في دولة الدين آثم ويحاسب على إثمه وحسب عليه ذلك وقد تقود آثامه إلى اتهامه بالكفر واستتابته كما حدث لكثيرين في ذلك التاريخ الممتد ..
    في عهد هشام بن عبد الملك (الخليفة الأموي العاشر) أظهر شخص يدعى الجعد بن درهم مقالته بخلق القرآن (والتي صارت دستوراً للدولة الإسلامية في عهد الخليفة العباسي المأمون فيما بعد) فأرسل الخليفة إلى والي العراق (خالد القسري) يأمره بقتله . فلما صلى الوالي العيد يوم الأضحى قال في آخر خطبته : انصرفوا وضحوا يقبل الله منكم فإنني أريد أن أضحي اليوم بالجعد بن درهم ثم نزل من على المنبر وذبحه ذبح الشاه .
    شكا زياد (والي معاوية) حجر بن عدي لأنه شغب عليه في خطبته .. وشده في الحديد وأرسله إلى معاوية فلما دخل عليه قال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فقال له معاوية : أمير المؤمنين ! أما والله لا أقيلك ولا استقبلك أخرجوا فاضربوا عنقه .
    وقتل جعفر نميري وهو أمير المؤمنين كما زعم الأستاذ محمود محمد طه لأنه قال قولة حق في بيان قصير ولم يحمل بندقية ولم يفجر (قنبلة) ..
    تواصلت دعوة الإنقاذ لبناء الدولة الدينية والحكم بالشريعة وقبل أن يتحقق لهم ذلك تماماً وقبل أن يعترفوا بخطل توجههم ذلك انقسم حزب المؤتمر انقساماً عميقاً فذهب مؤسس الحركة الإسلامية الحديثة إلى شق وآخرون من تلاميذه إلى شق آخر فكيف للمواطنين أن يتحققوا من أيهما صحيح الدين ؟ .. إن تلك الأفكار والتي قال بها الترابي بعد الانقسام هل تدعو إلى اتهامه بالكفر كما يقول البعض أم هي اجتهاد وتأويل من بعض تفسيره للدين .. وإن كانت كذا فلماذا لم يعرض لقانون الردة الذي أكده في دستوره ؟
    قال الترابي عن فساد الحكم وعن تآمره على دول الجوار فلم يتعرض لمساءلة قانونية إنه يقول ذلك وهو يمثل كل الفكرة تدبيراً وفكراً وتنفيذاً فلم يجرؤ أحد حتى مغالطة ما يقول .. لقد ابتلعوا ذلك الانقسام لكنهم لم يقولوا ما الذي ذهب من تلك الثوابت التي رفعوا شعاراتها .. أما تزال هي ثوابت مقدسة من خرج عليها هو آثم؟ أما زالوا يصرون على تطبيق (الشريعة) بفهمهم للدين ؟
    إن ما يحدث من خلافات في الواقع وسعي للسلطة هو أعمال سياسة ومن الأنسب للمسلمين والإسلام ألا ينسب لهم ذلك فكفى ما نسب إلى من سقطات التجارب السابقة . إن الإسلام دين لا دولة بل إن الدولة كما نرى كانت عبئاً على الإسلام وانتقاصاً منه وليست إضافة إليه .. إن المجتمع الذي تعيش فيه الإنسانية الآن مجتمع أكثر تقدماً فيما يختص بالعلاقة بين الحاكم والمحكوم ونحن مدينون في ذلك كله للثقافة الإنسانية التي لا يرفضها جوهر الدين ولحقوق الإنسان التي لا تتناقض مع حقوق الإسلام .
    إننا ندعو لدراسة التاريخ والاستفادة من دروسه، إننا ندعو إلى ترجمة حوادث التاريخ بمصطلحات الحاضر وإلى الاستفادة من دروسه بأسلوب العصر .. ويبدو أن هنالك من يحاول إعادة التاريخ وإعادة تجاربه كما هو لقد ذكر ابن الأثير تحت عنوان فتنة الحنابلة ببغداد حيث قال : في خلافة الراضي عظم أمر الحنابلة وقويت شوكتهم فصاروا إن وجدوا نبيذاً أراقوه وإن وجدوا فغبينة ضربونها وكسروا آلة الغناء واعترضوا في البيع والشراء وشهدوا على البعض بالفاحشة وحملوهم إلى صاحب الشرطة (فهنالك أمور متشابهة) .. حدث ذلك في خلافة الراضي (الخليفة العباسي العشرين) حين اهتزت هيبة الحكم ، وعجز عن استخدام أدواته ، التي كانت نطعاً وسيفاً في عصره وأدواتنا اليوم هي الدستور والقانون والديموقراطية الكاملة ، وهي أدوات لا يعيبها إلا عدم الاستخدام في أغلب الأحيان.
    لا بد أن يكون الحوار السياسي الذي يننظم المجتمع الإنساني قائم على الصواب والخطأ لأن قضاياه خلافية يبدو فيها الحق نسبياً والباطل نسبياً ولا بد من رفض الحوار السياسي على أساس الحرام الحلال حيث الحق مطلق والباطل مطلق وحيث تبعة الخلاف في الرأي قاسية لكونه كفراً وتبعة الإنفاق والمتابعة قاسية أيضاً لمجرد كونها في رأي أصحابها حلالاً . حتى وإن خالفت المنطق وقد تكون اجتهاد غير صائب تسانده سلطة الحاكم باسم الدين ..
    لا يتجنى أحد على الدين فالدين هو الإيمان أما خطايا السياسة وحسناتها الخطأ والصواب فيها هو ممارسة بشرية – ابن آدم خطاء – ولا يخطئ في هذه الدنيا إلا الذي لا يعمل .. إن دعوة فصل الدين عن السياسة دعوة اقتناع بحرية الاعتناق وهو حق إنساني قالت به كل الوثائق والعهود الدولية .. إنه قمة التعبير عن الحرية ..
    يتبع
    ندوة الأحد -تاج السر مكي

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147506267&bk=1
                  

04-17-2008, 11:26 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الفيدرالية المالية ماذا تعني؟
    بقلم: د. ابراهيم منعم منصور
    نواصل عرض بعض الأوراق الهامة التي قدمت في ورشة العمل التي أقامتها جامعة الأحفاد حول النظام الفيدرالي الذي أرست دعائمه اتفاية السلام الشامل ودستور السودان المؤقت ونقدم هنا عرضاً لورقة د. إبراهيم منعم منصور حول الفيدرالية المالية .
    يلاحظ على الدوام هناك تركيزاً على الجانب السياسي للفيدرالية رغم أن الجانب الاقتصادي والمالي قد يكون أحد أهم الدوافع للمطالبة بالحكم الفيدرالي من حيث تركيبة الحكم بين المركز والهامش والتي قد تكون من مستويين فقط هما : المركز والولاية – أو ثلاثة مستويات هي : المركز والإقليم ثم الولاية داخل الإقليم أو أربعة مستويات هي المركز والإقليم والولاية ثم المحلية .
    * الفيدرالية المالية :
    1. وبما أن الفيدرالية السياسية هي التعبير الديموقراطي عن احترام حقوق المواطن فإن الفيدرالية المالية تعتبر هي الأكثر تعبيراً عن (حقوق) الولايات والأقاليم والمحليات في المال العام وفي التنمية المتوازنة وفي مختلف أنواع الثروة . وفي رصد الثروات يتم غالباً التركيز في البحث وفي الحديث عن الثروات باطن الأرض المادية كالبترول والمعادن غير أن هناك ثروات الغابات والمياه ومنتجاتهما كماً أن هناك الثروة الأهم وهي الثروة البشرية في الكفاءات العلمية والكوادر المدربة .
    2. وبصفة عامة تستخدم عدة تعابير في علاقة المركز بالولايات من النواحي المالية مثل : الدعم والمنح والمساعدات ولكن في النظام الفيدرالي فإن جميع هذه المسميات هي (حقوق) للمستوى الأدنى من الحكم تحرسها نصوص دستورية أو اتفاقيات أساسية . وتعتبر هذه (الحقوق) القاعدة التي تقوم عليها الدولة الفيدرالية في النواحي المالية . وتشكل هذه (الحقوق) المبادئ الهادية لتوزيع الثروة ليس فقط بالمفهوم المالي وحده وإنما بالمعنى الواسع للثروة .
    * أسس الفيدرالية المالية
    إن الأسس التي تقوم عليها الفيدرالية المالية هي العدالة في التوزيع وفق معايير مقبولة والشفافية التامة التي تكون ملبية للأسباب التي تزيل أو تساعد على تقليل أسباب الشكوك في العلاقة بين المركز والأطراف . وفي العادة تتراضى هذه المستويات الحكومية المختلفة على جهاز تعهد إليه بوضع المعايير المقبولة لتوزيع الحقوق قد يسمى لجنة أو مكتب أو هيئة أو مفوضية . وتكون له درجة من الاستقلالية في وضع الأسس والمعايير في التقسيم . وتتنازع المستويات الإقليمية درجات من الحساسية والشكوك نحو المركز كلما زادت تلك الحساسية والشكوك نحو المركز كلما زادت تلك الحساسية كان الجهاز مسؤولاً لدى مجلس النواب كما في الهند أو مجلس الشيوخ أو الولايات كما إثيوبيا أو إلى رئاسة الجمهورية ومجلسي النواب والشيوخ معاً كما في السودان (اتفاقيات السلام والدستور الانتقالي) .
    هناك مبدأ مهنياً لا بد من الإشارة إليه وهو أن السعي لكي تجد الأقاليم والولايات حقوقها العادلة يجب أن يراعي عدم إضعاف الحكومة الفيدرالية مالياً إذ أن في إضعافها تهديداً بتفكك الدولة وتآكل أطرافها .
    كانت (الفيدرالية) والكمنولث كلمتين بغيضتين في قاموس السياسة السودانية ورغم أن الحركة الوطنية السودانية في مؤتمر الخريجين استلهمت تجربة حزب المؤتمر الهندي – والهند قبل وبعد الاستقلال فيدرالية – وبعد الاستقلال في عام 1947 في الكمنولث حتى الآن إلا أننا اعتبرنا الفيدرالية دعوة للانفصال وهتفنا لا فيدرالية لأمة واحدة ولم نتقبلها إلا بعد حوالي 50 عاماً رغم محاولات الآباء الأوائل من السياسيين الناضجين محمود محمد طه وإبراهيم بدري .
    اتوقع أن يتعرض الأخوة الباحثون في أمر الحكم المحلي للتجربة السودانية ربما قبل تقرير 1951 – لخبير الإدارة البريطاني الدكتور مارشال الذي وضع الأسس الحديثة لحكم محلي تعرض فيه النواحي التمثيلية في الإدارة وللنواحي المالية أيضاً بطريقة تلبي أوضاع المرحلة غير أن نظام الدكتور مارشال أدى مهمة كبيرة في تدريب المواطنين في ذلك الوقت المبكر على درجة من الديموقراطية في الترشيح والتصويت وفي إدارة المجالس رغم ما كان في النظام من تعيينات . وأضاف نظام حكم المديريات إبان ثورة 17 نوفمبر والذي عرف بنظام أبو رنات منسوباً إلى رئيس القضاء في ذلك الوقت ، أضاف بعداً جديداً في الإدارة إذ ألغى نظام المراكز والمديريات وأنشأ المجالس التنفيذية من موظفي الخدمة المدنية بديلاً لمدير المديرية وحول إليها سلطات مركزية أوسع في الضرائب والخدمات ثم جاء نظام الحكم الشعبي والإقليمي في ثورة مايو وتوسع في الوحدات الإدارية غير أنه خلق إشكالاً مالياً في نقل الوحدة المالية من المستوى الأدنى وهو المجالس الريفية والبلدية إلى المستوى الأعلى في المنطقة وهو عاصمة الإقليم ثم يعاد توزيع الإيرادات مرة أخرى إلى المستويات الدنيا . وقد أدى هذا الوضع إلى ابتكار ظاهرة (إخفاء) بعض الإيرادات لدى هذه المستويات عن عاصمة الإقليم الأمر الذي تطور حالياً إلى ما عرف بظاهرة (التجنيب) ورغم أن نظام الحكم الإقليمي كان خطوة أولى في طريق الفيدرالية إدارياً إلا أنه خلق خللاً كبيراً بإنشاء مركزية مالية قابضة خنقت النظام في بداياته .
    ثم كان اتفاق أديس أبابا عام 1972 الذي أنشأ الحكم الذاتي الإقليمي لجنوب السودان في إطار نظام جمهوري رئاسي . وكانت سمات الحكم كلها فيدرالية شملت كل سلطات وصلاحيات الحكم الفيدرالي ما عدا سلطات الحكومة الاتحادية في الدفاع ، السياسة الخارجية ، الاتصالات ، الطرق القومية ، السياسة المالية ، الجمارك ، العملة ، القضاء ، الخدمة المدنية القومية ، المراجعة العامة ، الشرطة ، التعداد القومي وغير ذلك مما تمارسه الآن حكومة جنوب السودان . شيء واحد لم تتطرق إليه الاتفاقية لسبب سبق ذكره ألا وهو كلمة فيدرالية فكانت حكومة الجنوب تسمى حكومة الحكم الذاتي الإقليمي . وبالمثل لم تتطرق الاتفاقية إلى قسمة الثروة ليس فقط لأن البترول والمعادن لم تظهر تباشيرهما بعد وإنما لأنه لم تظهر فكرة تقسيم الموارد بين حكومة الجنوب وحكومة الشمال وبين أقاليم الشمال وحكومة الخرطوم على أساس (الحقوق) لتلك المستويات من الحكم تحصل عليه وفق معايير وأسس تحكم العلاقة المالية إذ كان الفكر السائد أن المسؤولية المالية في قيام الحكم في الجنوب وفي أقاليم الشمال هي من واجبات الحكومة الاتحادية توزعها وزارة المالية في إطار الموازنة السنوية بحوارات بينها وبين تلك المستويات من الحكم .
    وفي فترة الديموقراطية الثالثة لم يستحدث نظام مالي جديد وظل الحال على ما هو عليه إلى أن جاءت ثورة الإنقاذ الوطني . فصدر تدعيماً للفيدرالية السياسية تشريعان ماليان أحداهما قانون الصندوق القومي لدعم الولايات لعام 1995 والآخر قانون قسمة الموارد المالية لعام 1999 ويختص الثاني ضمن أهداف أخرى بتحديد نسبة الحكومة المركزية أو الاتحادية أو الفيدرالية في الموارد السنوية بالميزانية وكذلك تحديد النسبة التي تؤول للولايات . أما صندوق دعم الولايات فيتولى – ضمن مهام أخر – وضع أسس ومعايير نسبة كل ولاية وتحويلها إليها ولا يزال يباشر عمله .
    * الفيدرالية في اتفاقيات السلام
    ثم جاءت اتفاقية السلام الشامل في 9 يناير 2005م . ودستور السودان الانتقالي لعام 2005م . ثم اتفاقية السلام لدارفور في 5 مايو 2006م . واتفاقية سلام شرق السودان في 14 أكتوبر 2006م . وقد نشأت بموجب هذه الوثائق أجهزة لتقسيم السلطة والثروة عرفت باسم المفوضيات : مفوضية للدستور ومفوضية لحقوق الإنسان والحدود وغيرها لتدعم الجناح السياسي للنظام الفيدرالي التي أكدته هذه الوثائق . ومن الجانب الآخر نشأت أيضاً مفوضيات لتدعم الجناح الآخر للفيدرالية وهو جناح قسمة الثروة في مفوضية البترول ومفوضية الأراضي ثم مفوضية الخدمة المدنية للثروة البشرية ومفوضية تخصيص ومراقبة الإيرادات المالية مختصة بالفيدرالية المالية . وأنشأت الاتفاقيات أو أقرب بجانب مفوضية تخصيص ومراقبة الإيرادات المالية أجهزة أخرى هي : صندوق قسمة الموارد وتنمية الولايات الشمالية : صندوق الإعمار والتنمية لجنوب السودان ، الصندوق القومي للإعمار والتنمية ، هيئة غرب كردفان للتنمية والخدمات ، صندوق إعادة إعمار وتنمية دارفور ، صندوق إعادة بناء وتنمية شرق السودان وكذلك الصندوق القومي للعائدات . وهذا الأخير هو جهاز أنشأته اتفاقيات السلام ودستور عام 2005م . لأول مرة في تاريخ السودان تدخل فيه (جميع إيرادات الدولة) والتي كانت في الماضي تورد في حساب وزارة المالية . وهو حساب (قومي) يخص وزارة المالية وجميع ولايات السودان معاً وتسحب منه وزارة المالية نصيبها من القسمة السنوية وكذلك الولايات .
    * تكوين وعمل مفوضية تخصيص ومراقبة الإيرادات المالية :
    وتختص المفوضية أساساً بالإيرادات السنوية التي تدخل في إطار الموازنة العامة بين الحكومة الاتحادية ممثلة في وزارة المالية وبين ولايات الشمال والجنوب . وتضم المفوضية في عضويتها كل وزراء المالية في الولايات في الشمال والجنوب إضافة لثلاث أشخاص يمثلون حكومة الوحدة الوطنية وثلاث أشخاص يمثلون حكومة جنوب السودان إضافة لأعضاء مراقبين هم ممثلو الصناديق والهيئات التي سبق الإشارة إليها . وتشرف رئاسة الجمهورية على المفوضية وترفع إليها تقارير كل ثلاثة أشهر وتقارير سنوية ، كما ترفع تقارير شهرية لمجلس الولايات ، وتقارير سنوية للمجلس الوطني ولمجلس الولايات .
    وتأتي اختصاصات المفوضية على مستويين هما التخصيص والمراقبة . فيتم التخصيص عن طريق التوصية لرئاسة الجمهورية وعبرها للهيئة التشريعية بتقسيم الإيرادات السنوية بين وزارة المالية الاتحادية والولايات وهو ما يعرف بالتخصيص الرأسي . ويتم تقويم التوصية قبل إعداد الموازنة السنوية ، كما تقوم المفوضية توصية أخرى بمعايير تقسيم نصيب الولايات فيما بينها وهو ما يعرف بالتخصيص الأفقي .
    * معايير القسمة
    إن الأسس التي تبنى عليها معايير القسمة الرأسية بين الحكومة الاتحادية والولايات تعتمد على المسؤوليات التي حددتها اتفاقية السلام الشامل والدستور لكل من الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات . وكذلك على المستجدات التي ظهرت كاستحقاقات لعملية السلام نفسها كالتزامات صناديق الإعمار ومستحقات المحاربين والمناطق الثلاث (التي تعرف بجنوب كردفان وأبيي والنيل الأزرق) وقد تتغير هذه القسمة من عام لآخر وهي في هذه السنة المالية تساوي 55.2% من الإيرادات المقدرة و28.6% للولايات الشمالية و16.2% للولايات الجنوبية . أما معايير القسمة بين الولايات فهناك أسس متعددة من دولة لأخرى وفقاً لظروفها ففي أسبانيا مثلاً تعتبر حاجة المنطقة للخدمات الأساسية معياراً أول للقسمة وهو معيار يصعب تطبيقه في دول أخرى لصعوبة قياسه وصعوبة الحصول على المعلومات المكونة له – وفي ماليزيا يعطي الاعتبار الأول لعدد السكان ومساحة الولاية – وتتحدث جنوب إفريقيا عن النصيب العادل الذي يساعد على إزالة عدم العدالة في الخدمات – وفي نيجيريا يتم تقدير نسبة تمثل الحد الأدنى للقيام بمسؤولية الحكم ثم نسب أخرى تمثل عدد السكان ومؤشر التنمية في الصحة والتعليم منسوباً إلى عدد المستشفيات والأسرة وعدد المدارس والدارسين ثم الجهد الذاتي للإيرادات التي تجمعها الولاية . وقد اهتدت المفوضية بالسودان بالمعايير النيجيرية لعام 2007م المالي لبساطتها وسهولة حسابها على أن تراجع إذا لزم الأمر في عام 2008م . وقسمتها على الوجه التالي : 40% للحد الأدنى لمسؤوليات الحكم ، 40% للسكان و15% لمؤشر التنمية و5% للجهد الذاتي للإيرادات .
    وهنا يأتي الشق الآخر من اختصاص المفوضية في المراقبة وتبدأ هذه المراقبة بالتعاون مع وزارة المالية في أن تقوم جميع الوحدات الحكومية والهيئات والشركات والمؤسسات ذات العائدات القومية بتوريد إيراداتها المقدرة في الصندوق القومي للعائدات والذي على أساس محتوياته تتحدد أنصبة المالية وأنصبة الولايات . وتقابل هذا الصندوق مشكلتان، الأولى أن بعض الوحدات والهيئات اعتادت على الاحتفاظ بكل أو بعض إيراداتها باعتبار أن لديها نصيباً فيها أو أن وزارة المالية لا تتجاوب معاً في دفع الاعتمادات ثم تورد ما يفيض عن ذلك النصيب . وهذا الأمر يتعارض مع مبادئ علم المالية العامة كما أنه وفقاً للوضع الجديد ابتداء من يناير 2005م ، يعتبر مخالفة دستورية وقانونية – والمشكلة الثانية تخص وزارة المالية وهي أن تعود على أمرين الأول ألا تسحب من الصندوق القومي للعائدات أكثر من نصيبها . والثاني أن تلبي وزارة المالية اعتمادات الجهات المختلفة في مواعيدها المقررة دون إبطاء إذ أن أي تأخير هو في نهايته تأخير لتنفيذ الموازنة العامة أي تعطيل لمسؤوليات الدولة في الامن والخدمات والتنمية وغيرها .
    8. وكما حددت الاتفاقيات والمرسوم الدستوري المنشئ للمفوضية فإن جانب الرقابة يغطي ميادين عديدة أهمها :
    - مراقبة تخصيص الأموال المحصلة على المستوى القومي لحكومة جنوب السودان والولايات لضمان الشفافية والعدالة وسرعة التحويل .
    - مراقبة تحويل الموارد المخصصة للمناطق المتأثرة بالحرب وضمان سرعة تحويلها .
    وبالمثل التنسيق مع صناديق وهيئات الإعمار التي سبق ذكرها للحصول على استحقاقاتها من الاعتمادات الاتحادية ومن الجهات المانحة وتوظيفها في الأغراض المحددة لها :
    غير أن أحد أهم المواد في الرقابة هي المادة ( من المرسوم الجمهوري رقم (35) لسنة 2006 المنشئ للمفوضية . ولأهميتها نوردها كاملة (في حالة حجب أي مصدر مالي لأي مستحقات مالية تخص الحكومة الاتحادية أو حكومة جنوب السودان أو ولايات دارفور أو أي ولاية أخرى يجوز لمفوضية تخصيص ومراقبة الإيرادات المالية بعد محاولة الحل الودي اللجوء إلى المحكمة الدستورية أو المحكمة العليا لجنوب السودان حسبما يكون الحال . وتتولى مفوضية تخصيص ومراقبة الإيرادات المالية تحريك الدعوى) .
    * كيفية عمل مفوضية تخصيص ومراقبة الإيرادات المالية؟
    يقوم العمل على أمانة عامة فنية يراعي رئيس المفوضية في اختيارها عنصر الكفاءة أولاً ثم التمثيل المناسب لمناطق السودان المختلفة ليس تكريساً للجهوية بل تطميناً للمستفيدين في الولايات من أن هناك من يعكس همومها بدرجة من الدقة والمهنية . وتقدم الأمانة الفنية دراساتها وتقاريرها لرئاسة وعضوية المفوضية وكذلك لفريق فني وطني مكون من مختصين في الاقتصاد والفيدرالية السياسية والفيدرالية المالية والإحصاء والإدارة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني يراعي في اختيارهم أيضاً بجانب الكفاءة تمثيل مناطق السودان المختلفة . ويقوم هذا الفريق الفني مع الأمانة الفنية بتقديم التوصيات للمفوضية وعبرها إلى رئاسة الجمهورية والهيئة التشريعية القومية في القسمة الرأسية والأفقية – وكذلك في أي موضوعات ودراسات تكلفهم بها المفوضية .
    * المصادر :
    1. دليل الفيدرالية الصادر من اتحاد الدول الفيدرالية – كندا – 2004 – 2005.
    2. اتفاقيات السلام الثلاث .
    3. دستور السودان الانتقالي لعام 2005 .
    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147505949&bk=1
                  

04-17-2008, 11:27 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    زواية حرة

    اكتوبر وحقوق المرأة

    ابراهيم يوسف
    كانت وضعية المرأة السودانية متميزة وحاضرة وفاعلة في الشأن العام منذ حضارة مروي التي تميزت ببروز المرأة الملكة وظهور دور المرأة في الجوانب الدينية والسلمية والحربية والاجتماعية. واذا كان هناك من يقف ضد حقوق المرأة إلى الآن باسم الاسلام فإن اسلام السودانيين الصوفي المتسامح الذي ينظر للقيمة الإنسانية قد جعل المرأة خليفة في بقعة المسيد بعد والدها كما ان الشيخ خوجلي نفسه قرأ القرآن على بنت القدال. وبما ان تدين التصوف يقوم على التربية والتوجيه فإن المهدية لما انزلقت إلى السلطة اخذت تفرض رؤيتها قسراً ورفعت السوط لجلد النساء. ولما جاء الاستعمار على انقاض حركة دينية اقام محاكم سماها (محاكم شرعية) ليحتكم اليها اصحاب الملة المغلوبة في احوالهم الشخصية. وفي الاحوال الشخصية كان السائد في الخلافة الاسلامية المذهب الحنفي، وبما انه مذهب اهل الرأي فإنه خالف الفقه التقليدي واعتبر للمرأة حقها في الاهلية لعقد زواجها واورد ادلته النقلية والعقلية ورد على آراء جمهور الفقهاء ولكن لما خلص الأمر إلى القضاة الشرعيين كانت النكسة والتراجع من المذهب الحنفي لدرجة اقرار اكراه الفتاة على زوج لاتريده. كانت هذه المأساة قد بدأت عام 1933م وهم اذا كانوا يتذرعون لذلك بالمذهب المالكي فإن الامام مالك في كتابه الشهير (الموطأ) قد اورد الاحاديث الشريفة التي تنص على استشارة الفتاة واخذ رأيها في زواجها. وقد استمرت هذه المأساة حتى سنة 1960م حيث كان بعض الفتيات اخترن القبر (منتحرات) بدل بيت القهر فضج الناس من هذا المصيرالمفروض على المرأة باسم الشريعة والشريعة بريئة من ذلك. وفي سنة 1960م افاق القضاة الشرعيون واصدروا منشوراً جديداً لم يزد على ان الفى اجبار الفتاة على زوج لاتريده ولكنه اقر الولاية عليها واستمر سلب اهليتها لعقد زواجها التي اسسها لها المذهب الحنفي. وفي الوقت الحديث تمكن الرجل العصامي الشيخ بابكر بدري من انشاء اول مدرسة للبنات برفاعة متغلباً على نظرة رجال الدين المعارضة وعلى التقاليد المتخلفة. ودخل تعليم الفتاة في الصورة وقامت نقابات ومجموعات نسوية وقام الاتحاد النسائي. وكما اعتبرت الحضارة السودانية المروية المرأة السودانية واعتبرها التصوف فقد تمخضت البيئة السوداناوية عن تولي المرأة للقضاء من بين كل الدول العربية. وفي عام 1954م كانت فرصة المشاركة في الانتخابات لخريجات الثانوي. اما ثورة اكتوبر فقد اعلنت واقرت مساواة المرأة السياسية كناخبة ومرشحة ونائبة برلمانية وذلك لبروز المرأة في مقاومة السلطة العسكرية ولبلائها في ثورة اكتوبر. وقد انطلقت المرأة بحماس لممارسة حقها السياسي فكان مجموع من صوتوا 72% نساء و74رجال. وهكذا اعترفت بها الاحزاب ولكن لم تتمكن المرأة بعد من التحرر من استغلال الاحزاب لها كناخب لتظهر البرلمانيات في مواقع الترشيع والقرار، وهذه تصبح الآن هي مسؤولة المرأة بعد اتفاق السلام والدستور الذين كانت مركزيتما حق المواطنة المتساوية وحق المرأة في المساواة كنص الدستور. ولكن هذه الحقوق الدستورية لن تطبق في الواقع مالم تظهر المرأة في مواقع القرار كنائبات برلمانيات خاصة ان الاسلام السياسي الذي اصدر قانون الاحوال الشخصية عام 1991م المميز ضد المرأة والمخالف للدستور الانتقالي لايزال هو الذي يحكم حقوق المرأة في مجال عطائها الحقيقي (بيتها) مملكتها. ويكفي ان نذكر ان بيت الزوجية بيت المودة والرحمة هو في ذلك القانون بيت (حبس) الزوجة ومكان اقامتها (الجبرية) ولذلك من حق زوجها ان يمنعها من الخروج ولو للعمل والمشاركة في التنمية وممارسة حقها الدستوري في العمل وان خرجت تعد (ناشزة) ومخلة بواجبها الزوجي ويمكن ان ترد إلى (المحبس) بحكم الطاعة. كل هذا يجري في ظل حق المواطنة المتساوية وفي بيت المودة والرحمة كما هو في الشريعة، ومجموعات النساء لا تظهر جهودهن ولاينهضن لمقاومة هذا القانون المخالف للشريعة وللدستور، وفي السودان الرأي الاسلامي المستنير للاستاذ محمود محمد طه الذي يعلن ان تطوير حقوق المرأة لايقوم على الذكورة والانوثة وانما الحقوق تتجدد بتجدد الواجبات. قال تعالى (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) ومعلوم ان المعروف عندنا اصبح هو تعليم الفتيات إلى أعلى المستويات وقد تبع ذلك توليهن لواجبات جديدة مساوية لواجبات الرجل ان لم تتفوق عليه فاستحقت الحقوق المتساوية كما في القوانين الوضعية. اما في القوانين المنسوبة للشريعة ليس هناك اجتهاد وتجديد وانما نحكم على المرأة المعاصرة بالموروث الفقهي الذي لم يعاصر قامتها الانسانية الجديدة وحسبنا هذا تنكر لقامة المرأة وتشويهاً للدين لتبحث المرأة عن مساواتها في الحضارة الغريبة على قصورها.

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147508810&bk=1
    _________________
                  

04-17-2008, 11:30 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    ماذا يدور داخل أروقة الإسلاميين ، تنظيمهم الداخلي وحزب السلطة
    تاج السر مكي

    في تقديري أن د. الترابي من أكثر القيادات السياسية مرونة في الساحة السودانية فقد رأى في السودان المتسع والمتأثر بدور المتصوفين الذين انتشر الإسلام عن طريقهم في السودان شأناً هاماً ورأى أثر قادة الطوائف على اتباعهم وحتى على بعض المستنيرين في الحياة الاجتماعية كبيراً ، فكثير من حكمة شيوخ المتصوفين القدامى قد توارثها بعضهم فأصبحوا عوناً على اتباعهم في كثير من التعقيدات الاجتماعية في قضايا الزواج والمنازعات التي تصل درجة الاقتتال ويسقط فيها قتلى وعرفت مجالس الشيوخ الديات وفض النزاعات بالحسنى .. قدر الدكتور ذلك فدعا لجبهة الميثاق الإسلامي ، ورغم أن الأخوان المسلمين قد عرفت دعوتهم الرفض التام لتلك الطرق الصوفية لما فيها من خلط بين الدين والعادات المحلية ، لكن دعاهم الترابي لتكوين التنظيم السياسي الواسع وتحالف مع حزب الأمة باعتباره مستودعاً جماهيرياً للأنصار توطئة لجذبهم إلى برنامج الإسلام السياسي بعيداً عن تجربة الأخوان المسلمين (الرئيسية) في مصر وبعيداً عن العقيدة الأنصارية.
    استطاع أن يجذب بذلك المنهج وتلك الدعوة عدداً من رجال الطرق الصوفية وفجر ذلك خلافات داخل تنظيمهم الداخلي مع مجموعة جعفر شيخ إدريس ومحمد صالح عمر ومالك بدري وبصورة اقل مع صادق عبد الله عبد الماجد وانتصر أخيراً توجهه الذي قاد إلى انفتاح جماهيري خرج بتنظيم الإسلاميين من دوائر الطلاب إلى دائرة أوسع وسط الجماهير وكان في ذلك المدخل الرئيسي للتأثير على قيادات الأحزاب الكبرى المتأثرة مباشرة بالنفوذ الطائفي وأحس في نفس الوقت بخطر الشيوعيين الذين سبقوه وبنجاح في تكوين الجبهة الديموقراطية (تحالف الشيوعيين والديموقراطيين) وكونوا الجبهة المعادية للاستعمار وقد حققت انفتاحاً كبيراً وسط الجماهير رغم الدعاية القوية والتي مالأها الاستعمار وحربه على كل نشاط وطني ووصمه (بالنشاط الهدام) وتخويف المواطنين من دعوة الإلحاد المزعوم فقد انتشرت دور الجبهة المعادية للاستعمار في مدن نائية وحتى في بعض القرى ..
    الحزب الشيوعي شكل عدواً رئيسياً لاتجاهات الترابي الجديدة هذا غير الاختلاف الآيديولوجي لكن التربي أراد أن يمارس المرونة لوحده دون منافس وفي ساحة يغلب عليها التقليد والتبعية الطائفية ، فكانت إحدى همومه هو كيف تتم إزاحة الحزب الشيوعي من طريقه وأتيحت له الفرصة في ندوة معهد المعلمين وما كان في إمكانه لوحده وبمجموعته الصغيرة حل الحزب الشيوعي ، كان لا بد من الاستعانة (بكريزما) شعبية قوية فوجد ذلك في السيد إسماعيل الأزهري الذي نافسه الشيوعيون في دائرته التقليدية وحققوا نجاحاً لم يتوقعه الاتحاديون بل أصبحوا يشكلون عليه خطراً وتحدياً قد لا يستطيعون أن يصمدوا أمامه في مقبل الأيام .. شارك الأزهري بحماس في فكرة حل الحزب الشيوعي وبالطبع شاركه الصادق المهدي الحليف أصلاً للجماعة ..
    كان الترابي يعرف قبل غيره أن الشيوعيين لن يزول أثرهم أو خطرهم لمجرد حل حزبهم وطرد نوابهم فسيعملون من تحت الأرض وقد يشكلون خطورة أكبر في جو يسود فيه منهج الحكم المتجاهل لقضايا التنمية والمعتمد على امتيازات الحكام والنخب المحدودة في الحكم والتي انحصرت في أسر بعينها ستواصل توارثها .. لذلك لم يتوقف عن مناكفته للشيوعيين وواصل ملاحقته لهم وحاول معرفة الصورة التي سيظهرون عليها في العلن ولم يفت عليه ما كان يجري داخل القوات المسلحة فقد كتبت جريدة الميثاق كثيراً عن علاقات بعض ضباط الجيش بقيادات الحزب الشيوعي بما في ذلك جعر نميري الذي شوهد في فندق الأرز مع عبد الخالق محجوب سكرتير الحزب الشيوعي كما كتبت جريدة الميثاق وقتها . لم يستطيع الترابي ملاحقة الأحداث وفوجئ بانقلاب مايو الذي تبنى أطروحة اليسار ..
    تحرك تنظيم جبهة الميثاق بحماس طاغ لمعارضة الانقلاب ففي تقديره أنه قد سنحت الفرصة التي يمكن بها إزالة أثر الشيوعيين من الساحة في حالة سقوط الانقلاب العسكري (المايوي) .. وعندما بدأت الخلافات بين الشيوعيين والنظام المايوي لم يكن الترابي سعيداً بذلك .. ثم وقع انقلاب يوليو فحرص جداً على الاستفادة منه وهو يسقط ورأى معظم الشيوعيين قد تم اعتقالهم وزجوا في السجون فانفرد هو في الساحة مع القوى التقليدية .. ولا اعتقد أن الترابي كان متحمساً أو متأكداً من نتائج مقاومة مايو في الجزيرة أبا والتي اشترك فيها الإسلاميون بقيادة محمد صالح عمر أحد المختلفين معه ، لكن حماسه طفى بعد يوليو 1971م وحقق الإسلاميون انتصارات عديدة في الجامعات .. وبعد انتكاسة يوليو تسللوا إلى مواقع التأثير في وزارة التربية والتعليم وبصورة غير مباشرة صمموا اللوائح المدرسية وفرضوا التوجيهات الرئيسية للإدارات وفي غياب المعلمين الشيوعيين والديموقراطيين الذين تم فصلهم بعد يوليو استولوا على نقابات المعلمين التي تمثل أكبر مجموعة من موظفي الدولة.
    لم يجد الترابي حرجاً في قبول المصالحة التي تمت بعد لقاء جعفر نميري مع الصادق المهدي في بورتسودان ، فانتقل بكوادره إلى الداخل وقدم كوادره الشابة في مجالس الشعب وفي بعض الوزارات ، وفي تلك الفترة حاصرت المشاكل نظام مايو وبدأ في التراجع وهرمت كوادره وجاء الإسلاميون بكوادرهم المدربة والمعدة ليملأوا ذاك الفراغ ولما رأوا جعفر نميري يترنح ويتخبط في سياساته دفعوه إلى إعلان الشريعة الإسلامية فوقع في الفخ وانفتح الطريق أمامهم واسعاً فسيرواً المسيرات المليونية وحرصوا على إبقاء نفوذهم وسط الطلاب .. وحتى قوانين الشريعة (قوانين سبتمبر) التي كانوا سبباً في سنها فقد قال الترابي عنها إنها (معيبة) ليتهم ببعض أخطائها من عرفوا بأنهم الذين أعدوها .. وسارعوا بالتخلص من تبعاتها بعد أن فاجأتهم الهجمة باعتقال نميري لهم وهو يواصل تخبطه في فترة ترنحه الأخيرة وانهار دون أن ينهاروا معه في اللحظة ذاتها ولما سارت الجماهير صوب سجن كوبر لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين كان من ضمنهم بعض كوادر الإسلاميين ..
    لم يتوار الإسلاميون بسبب حلفهم مع مايو ومشاركتهم خطايا تطبيق تلك القوانين (قوانين سبتمبر) سيئة الذكر فقد أعد الترابي عدته وبدأ بالتخلي فوراً عن الاسم القديم ثم بالاستعداد لاستيعاب كل المايويين الذين يخشون المساءلة وأولئك الذين ارتبط نشاطهم بالفترة المايوية فكان لا بد من شكل يستوعبهم وما كان ممكن في تلك الفترة التخلي عن نسبة ذلك إلى الإسلام فكانت الجبهة القومية الإسلامية .. وحكم على محمود محمد طه بالإعدام وكان في تقديره أنه تخلص من عدو لا يمكن إنكار دوره كمفكر إسلامي ذكي وبارع فقد كان شرساً في نقده لهم وتم اغتياله بغدر وبشاعة وتشتت مؤيدوه فقد كان يمثل النموذج الرفيع للتواضع والبساطة ورجاحة العقل ، وكان مسالماً وعفيفاً. وأصبح الترابي الآن يواجه حزباً شيوعياً مثخناً بالجراح بسبب الانقسام الكبير الذي حدث فيه عام 70 وانتكاسة يوليو التي تسببت في إعدام أبرز قياداته واعتقال كوادره لسنوات عديدة فضعف خلالها نشاطه وتراجعت الجبهة الديموقراطية وسط الطلاب ووجدت الأحزاب التقليدية طريقها مرة أخرى إلى الجامعات والنشاط الطلابي ..
    كانت انتخابات ما بعد الانتفاضة فرصة لاختبار توجهات الدكتور واستطاع بنفوذه في المجلس العسكري الانتقالي أن توزيع دوائر الخريجين بطريقة تفتقر إلى العدل والدقة وكسب منها 23 دائرة واستفاد من تمزق الحزبين الكبيرين وكسب 28 دائرة جغرافية .. لكن الخدعة التي تمت في دوائر الخريجين لا يمكن لها أن تتكرر والأحزاب التي طالها التمزق لا بد من أن تلم تمزقها وتجدد خطاباتها فطابعها الجماهيري وتقاليدها في علاقاتها بأعضائها تؤخر دائماً ترتيب صفوفها. وتجربة قوانين سبتمبر تلغي بظلالها على الاسلاميين وقد تسبب في تأخير محاكمة المواطنين لهم ذلك التردد الي أصاب الأحزاب السياسية من إلغاء هذه القوانين فالصادق المهدي رغم مقولته الشهيرة بأن قوانين سبتمبر لا تساوي الحبر الذي كتب بها فإنه لم يسمح بإلغائها ليوصم بأنه ألغى الشريعة الإسلامية ومحمد عثمان الميرغني تردد كثيراً ووافق أخيراً في اتفاقيته مع الحركة الشعبية في أديس أبابا على تعليق الحدود فقط .. راهن الإسلاميون على تلك الفترة القصيرة والتي أفاقت بعدها الساحة السياسية لترفض فكرة الدولة الدينية وقد فعلتها في أسمرا في مؤتمر القضايا المصيرية ..
    اعتمد الإسلاميون على انتخابات ما بعد الانتفاضة وفي اضطراب الجو السياسي قفزوا إلى المرتبة الثالثة كحزب .. ولم تحاكم الانتفاضة نظام مايو سياسياً بل حاكمت ضباط الانقلاب على التحرك العسكري فجر 25 مايو ثم حاكمت بعض عمليات الفساد وتصالحت مع أخرى .. ولم يمض وقت طويل حتى اختفى سدنة مايو داخل الأحزاب بعد أن استردوا مواقعهم وأجزلوا تبرعاتهم لها (ولم تطالهم أي محاكمات أو مساءلة) استحقونها بممارساتهم في فترة مايو .. وقد انضم للجبهة القومية الإسلامية أعداد مقدرة منهم وأن أي مراجعات في أي منافسات ديموقراطية سيتعرض فيها كل من شارك في عثرات مايو وفسادها دون أن يصفح عنه الشعب ودون أن يأتي بما يؤكد حسن نواياه وهو ينتمي لمشروعها الذي تهاوى وانحرف عن ما ادعاه من أهداف لمصلحة المواطنين ..
    تأكد للإسلاميين أن الظروف التي صعدوا بها إلى هذه المرتبة لن تتكرر وان تطور النظام الديموقراطي ونهوض حركات الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان قد انتظمت في المجتمعات الرأسمالية وأصبحت تشكل الرأي العام فيها وتؤثر حتى على مواقف حكوماتها ولن يكون الطريق سالكاً إلا أمام دعاة الحرية وأصبحت هناك ضرورة لا مفر منها أمام الاشتراكيين بما فيهم الماركسيين من الارتباط بديموقراطية الحكم والمجتمع .. أصبحت كل الظروف تشير إلى أن الدولة الدينية لا مكان لها في مستقبل وتطور الحياة الإنسانية وقدم نظام طالبان نموذجاً سيئاً للدولة إذ تخلف عن ركب الحضارة الإنسانية وحكم شعبها بقيم بالية واتد به إلى قرون سحيقة ولم تكن التجربة الإيرانية مبرأة من أحادية الرؤية والبطش ومصادرة الحريات الإنسانية ..
    كان أمام مشروع الدكتور الترابي هو الفوز بتحالف مع الأحزاب الكبرى للمشاركة في الحكم في ظروف الديموقراطية حتى يتمكن الإسلاميون من التسلل إلى قياداتها والتحكم في نشاطها .. كان المشروع يسير في طريق اغتنام الفرصة لتقديم تجربة يحدث فيها تحول في حياة المجتمع نحو ما اسموه الأسلمة لفترة قصيرة تمكن الكوادر التي أحسن تدريبهم وأشرف عليهم شخصياً حتى تم استيلاؤهم على مراكز ومفاصل مؤسسات الدولة وقواها النظامية خاصة وقد بدأوا عملياً في الاهتمام بمؤسسات التعليم والطلاب والضباط الذين كانت تتم ترقيتهم إلى مراتب عليا بعد نجاحهم في كورسات دينية محددة في (المركز الإسلامي الإفريقي) ، جامعة إفريقيا الآن ..
    تدخلت عوامل عديدة في تعطيل ذلك المشروع بصورته المقدرة وانتظمت القوى الديموقراطية من جديد وبدأ تأثيرها في الجو العام على الثقافة والإبداع والشعر والموسيقى والغناء فبعد الانتفاضة مباشرة انفتح طريق الحريات الذي حرم منه القارئ والمستمع والمشاهد السوداني فترة طويلة وكثرت معارض الكتب وانعقدت الندوات الثقافية في جو من الحريات وانطلقت جمعيات المبدعين تقدم المسرح والأناشيد وتراجع كل مفاسد مايو وفترة مصادرتها للفكر الإنساني وانتعشت الصحافة وتدفقت المعرفة في الطرقات واختنق المشروع في أحاديته وتطرفه وأصابه الوهن في جو الحريات الذي انتظم البلاد ..
    اختار الإسلاميون الانقلاب على النظام الديموقراطي خاصة بعد أن لعبت مذكرة القوات المسلحة دوراً حاسماً في تكوين حكومة بعيدة عن نفوذ الجبهة القومية الإسلامية وراهنوا على الاستيلاء على السلطة لوحدهم استناداً على أن إعلان الشريعة لن نستطيع الوقوف في وجهها قادة الأحزاب الكبرى ذات التوجه الإسلامي.. وإبعادهم عن السلطة لن يطول إذا ما أعلنوا اقترابهم من المشروع الحضاري ، وإمعاناً في ثقة الترابي في تصوره ذاك ذهب مع المعتقلين إلى كوبر حبيساًُ . وقد أخطأ الحكام الجدد خطأ جسيماً عندما جمعوا كل ألوان الطيف السياسي ولأول مرة في مكان واحد دون أن تكون بينهم أي احتكاكات فقد كان تحالفهم في دائرة الصحافة لإسقاط زعيم الجبهة تجربة تقدمت الاتفاق على ميثاق التجمع الوطني الديموقراطي أهم إنجازات الحركة السياسية مجتمعة . تحاور أعضاء التيارات المختلفة داخل كوبر وعقدوا الندوات القيمة التي راجعت كل التجربة الديموقراطية وقد ساعد ذلك كثيراً في توقيع ميثاق التجمع رغم مقدمته التي حوت نقداً حاداً للتجارب الديموقراطي وللأحزاب في مجملها ولتلك الدائرة الشريرة وضرورة أن يتفق الجميع على برنامج وطني ..
    تطور مشروع المعارضة السياسي وقاد إلى مؤتمر القضايا المصيرية وعالج قضايا جديدة واعترف الجميع بالقصور وأهمية إعادة النظر في علاقة الدين بالدولة ورفض توظيف الدين في العمل السياسي على أن الا يتكون حزب على أساس ديني .. ومن دون ضجيج كون د. الترابي المؤتمر الوطني دون إشارة إلى علاقته بالإسلام وأصبح هو حزب السلطة الجديد وانضم إليه عدد من المسيحيين وغيرهم مع غير المسلمين وتسنموا مراكز داخله وأصبحت الدعوة إلى منع قيام حزب على أساس ديني لا شأن لها بالتجربة الجديدة الذي تحوطت بها قيادة الجبهة (المرنة) كما ذكرنا من قبل ..
    عاب الإسلاميون على الترابي إهماله للتنظيم الإسلامي وصرف قيادته بعد أن أهدى كل منهم مصفحاً ، وانتهى بذلك التنظيم الداخلي .. وهذا يعني أن الترابي كان جاداً في نقل سلطة الحزب (العقائدي) إلى الحزب الجديد معتمداً على إمساكه بكل الخيوط فلم يكن هنالك مجلس اربعيني كما تزعم الإشاعة السائدة بل كان هناك مجلس للشيخ غير ثابت تتم فيه حسم القضايا الكبرى .. يحدد هو من يأتي إليه وقراراته نافذة في أدق دقائق القرارات التي تخص العمل السياسي ومعاملة الخصوم والفصل والاعتقال وانعقاد المؤتمرات وتحديد القيادات في كل مؤسسات الدولة .. وعندما اكتمل بناء المؤتمر الوطني حاول الترابي الاستناد على مؤسسيته الجديدة المصنوعة بدقة وحذق وهنا انفجر الخلاف وتمت إقالة الشيخ وبإقالته ومع التوجس الذي أصاب كل الأجهزة الحساسة داخل الحزب فقد التنظيم مرونته وانعدمت الثقة بين قياداته ، وكان لا بد من البحث عن بديل تؤول إليه السلطات التي كان يتمتع بها الأمين العام .. واختلفت الفرق والتي تكونت مع الظروف الجديدة حول خليفته رغم تلك المحاولة والتي تمت لبناء الحركة الإسلامية من جديدة لتنظيم يضم فقط الإسلاميين ويكون رقيباً على تنظيم السلطة الواسع (المؤتمر الوطني) ويقال أن التصويت لقائد الحركة الإسلامية الجديد تم بالبطاقات الشخصية ففقد سريته وبالتالي ديموقراطيته ولم يظهر تأثير التنظيم الجديد على مجريات الأمور وظل التنظيم الرسمي (المؤتمر الوطني) يضم قيادات معروفة تقدم تصريحاتها للصحافة وأجهزة الإعلام دون أن يكون هنالك ما يعكس فعالية هذه التصريحات غير أنها تظهر في شكل مناكفات مع القوى السياسية عموماً والحركة الشعبية بصورة أخص .. لقد بقى نفوذ أجهزة الدولة ومؤسساتها المسيسة فقط ..
    نقل الإسلاميون ذلك النفوذ الكبير الذي كان يتمتع به الأمين العام إلى رئيس المؤتمر فاجتمعت عنده السلطة السياسية والتنفيذية وأصبحت قراراته هي الحاسمة وهو لا يحتاج إلى مستشارين لا يقدموا أو يؤخروا ، فإذا كان الأنس قديماً وسط المواطنين ينقل أحاديث وإشاعات عن مجلس الشيخ الآن لا يوجد حديث عن مجلس لرئيس الحزب ورغم مستجدات عديدة أهمها اتفاقية نيفاشا لكن لم يواجهها الاسلاميون بأي مرونة كتلك التي تحدث عادة في أيام الأمين العام ، ثم هنالك اتفاقية القاهرة وأسمرا وأبوجا المتعثرة دون أن يقود ذلك إلى أي تغييرات كانت بالتأكيد ضرورية .. فماذا حدث في الحقيقة وعلى ماذا راهن الشق الآخر من الإسلاميين بعد فقدانهم ميزة المرونة.

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147509469&bk=1
                  

04-17-2008, 11:32 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    رسالة مفتوحة للقائد سيلفا كير ميارديت
    دكتور حيدر بدوى

    السيد القائد سلفا كير ميارديت،

    السلام عليكم،

    هذه التحية التي لا يمنعك من ترطيب المشاعر بها كونها تحية الإسلام، وكونك لا تضع حدوداً وهمية بين عقيدتك وعقائد الآخرين. سمعتك كثيراً، تستخدم هذه التحية. وقد سكنت في قلبي نبرات صوتك، مسكناً خاصاً، وأنت تنطق بها في جوبا في فاتحة وخاتمة كلمتك الافتتاحية في مؤتمر قيادات الحركة الشعبية بالخارج في يوليو الماضي. سمعتك تنطقها صادقاً، كما كان القصد منها يوم صكت لتعبر عن معنى السلام. ولا شك عندي أنك تنطقها وأنت تعنيها، لا ممارياً، ولا كما ينطقها معظمنا بحكم العادة. ولا شك عندي أنك رجل سلام من الطراز الأول مثلما كنت قائداً مقاتلاً من الطراز الأول.

    ليت قومي يدركون أنك صادق حين تقول بإنه لا عودة للحرب بعد اليوم، فإما وحدة تسودها قيم السلام والحرية والعدالة، أو فراق بإحسان. وليتهم يدركون بأننا، في الحركة الشعبية، نعمل لأن تكون الوحدة هي عائد السلام الأول، فهي خيارنا الأول. ليت قومي يدركون أنك قاتلت من أجل الوحدة - مشروع الحركة الشعبية الأساس- فصائل انحرفت عن مسار الحركة، وفي سبيل ذلك استشهد ما يقارب أو يعادل من قتلوا في الحرب بين الحركة وقوات المركز.

    سيدي القائد،
    أكتب إليك هذه الرسالة المفتوحة عوضاً عن مخاطبتك عبر القنوات الداخلية في الحركة لأنني، مثلك، أؤمن بمبدأ الشفافية الذي ظللنا نمارسه في منعطفاتنا التاريخية، بخاصة بعد توقيع اتفاقية السلام. وسأتناول في هذه الرسالة ثلاثة أمور هامة، هي:
    1. المراهنة على الشعب في جعل الوحدة جاذبة
    2. المصالحة الوطنية والتحول الديمقراطي
    3. الانتخابات والتحالفات القادمة

    المراهنة على الشعب:
    في شأن الوحدة كثيراً ما نردد أننا نريدها جاذبة. ولكننا كثيراً ما نرهن جاذبيتها بوضع زمام المبادرة عند المؤتمر الوطني. والمؤتمر الوطني لا يمثل شعوب شمال السودان حتى نجعله وصياً على مصير وحدة السودان والسلام بين شعوبه. بنفس القدر، نحن في الحركة لا نعتبر أنفسنا أوصياء على أحد. زمام المبادرة يجب أن يعود للشعب، وعلينا في الحركة أن نعمل جادين لإعانة الشعب على استرداده. الشعب السوداني هو الذي سيجعل الوحدة جاذبة. ولا شك عندي أن الوحدة هي خيار الشعب الأول، على الرغم من علو صوت القوميين العنصريين في الخرطوم.



    علينا في الحركة، قيادة وأفرادا، أن ننظم أنفسنا وننزل بمشروعنا للشعب في الهوامش، والمراكز، نشرحه للناس ونستمع لهم ولما يرونه سبباً في معاناتهم. والأمر ههنا ليس بالتعقيد الذي يترآي للبعض، خاصة وأن كوادر الحركة جربت معاناة الحرب من الهوامش، وهي بلا شك قادرة على تكبد المشاق في سبيل العمل السلمي. أن تخرج أتيام صغيرة للقرى والمدن حاملة معها منشورات تشرح مشروع الحركة ليس بالأمر الصعب. وتكلفة مثل هذه الوفود لن تكون عالية. وربما لا تتعدي تكاليف تذاكر السفر لك وفد يضم هذه الأتيام. ذلك لأن كرم أهلنا المعروف، سيتكفل بتغطية الإقامة والمأكل والمشرب.



    وقد جربت كل ذلك كجمهوري في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حيث قام وفد كنت عضواً فيه بتغطية ما لا يقارب 50 قرية ومدينة في للولاية الشمالية، في شهر واحد. هذا ماقام به وفد واحد فقط، يتكون من أربعة أشخاص، انقسموا إلى تيمين، أحدهما غطى الجزء الشرقي من القرى والمدن الواقعة على النيل، والثاني غطى الجزء الغربي. وظل التيمان يلتقيان بين فينة وأخرى في مدن أو قرى معلومة ليتبادلا الانطباعات ويتدارسا تنفيذ باقي خطتهما وليستزيدا نفسياً من الطاقة الروحية التي تنتج من تبادل المودة الجماعية بعد انقطاع. قمنا كجمهوريين بحملات كثيرة مثل هذه، نفذهتها المئات من الوفود، وصل بعضها إلى أقصى الجنوب وإلى أقصى الشرق، وأقاصي دافور والنيل الأزرق وقلب جبال النوبة. كان أهلنا في كل هذه المناطق يكرموننا كجمهوريين بطيب خاطر، على الرغم من أن معظمهن كانوا مضللين بشأن فكرتنا، وبعضهم يعتبروننا كفاراً أو ضالين! كل ذلك لم يمنعهم من إكرامنا. وفي ذلك عبرة للناسفين لقيم التسامح بيننا!



    بزيارة أهلنا والتفاعل معهم يمكننا أن نبسط تنظيم أنفسنا في الحركة وإيصال أفكارنا للناس، وأن نبسط مفاهيمنا لهم تبسيطاً يحاكي فطرتهم السليمة، ويتفاعل مع معاناتاهم ليدرج فهمهم للحياة في قلب مشروع السودان الجديد. ولتكن زياراتك القادمة للولايات الشمالية، سيدي القائد، بداية انطلاق لحملات الحركة لشرح نفسها للناس. ولتتكون الوفود من شماليين وجنوبيين، رجالاً ونساء، لا تحدنا قبيلة، ولا عقيدة، ولا نوع في ترسيخ معاني سودانيتنا وتجسيدها. ولنرسل وفودنا لكل بقاع السودان، لا نستثني فيه مدينة أو قرية، ما وسعنا الوسع. هكذا سنملك مشروعنا للشعب، يعلمنا ونعلمه، على أمل أن يرانا ممثلين شرعيين له فيفوضنا لنمثله ونمثل مصالحه.



    منطلقي هنا هو الوعي بأن مشروع الحركة "الشعبية" هو مشروع "شعبوي،" يبدأ من الهامش وينتهي في الهامش. وعليه فهو مشروع يجب ألأ يراهن إلا على "الشعب،" لا على قوى المركز (باستثناء قوى هامش المركز). ولا يغيب عليك، سيدي، أننا قصرنا في هذا الجانب أيما تقصير، واننا انشغلنا بشؤون تقسيم السلطة والثروة بأكثر مما يجب، ناسين أن مشروع الحركة أساسه السلطة النابعة من الشعب، لا المفروضة عليه، وأن الثروة هي ثروته، ويجب أن يكون له القدح المعلى في وصف كيفية ونوعية استخدامها.



    والشعب لا يفوض أمره إلا لمن يفوضون أمرهم له. فلنفوض أمرنا للشعب، ولنجعله الحكم على مشروعنا. ولا شك عندي أنه سيدرك أن مستقبله ومستقبل الحركة متلازمان، مما سيجعله يجند طاقاته ليجعل الوحدة جاذبة. ولن تكون الوحدة جاذبة بغير تفعيل حملات التوعية بضرورة المصالحة الوطنية والتركيز على دور التحول الديمقراطي في التئام جروحنا الغائرة.

    المصالحة الوطنية والتحول الديمقراطي:



    المصالحة الوطنية، سيدي القائد، تنبني، في تقديري، على أن مشاكلنا ناتجة من واقعنا الثقافي والتناقضات القائمة فيه، وأننا جميعاً مشاركون فيها بأقدار متفاوتة. ولا يوجد بيننا أبرياء، أطهار، لم يشاركوا فيها كما يخيل للبعض. وبهذا المعنى فإن الصمت عن إدانة الجرائم التي ارتكبت في حق شعبنا منذ اسقلال السودان في حد ذاته يشكل جريمة. ولكي نطهر أنفسنا من جرائمنا جميعاً، كسودانيين لا غير، ضغرت تلك الجرائم أو كبرت، يجب أن نشرع كلنا في محاسبة النفس قبل الغير.
    وقد طرحت الحركة في المفاوضات أن تقوم المصالحة الوطنية في السودان على اساس التجربة في جنوب افريقيا. وأن تكون هنالك لجنه لكشف ما حدث أثناء الحرب خاصة وأن المصالحة في مفهوم الحركة ليست بغرض التشفي والثأر وإدانة الخصم، بل هي بغرض التعلم من التجربة وبغرض التوثيق للتاريخ حتى لا نكرر تجاربنا الفواشل. وفي هذا السياق فقد إعترفنا نحن في الحركة الشعبية بأخطائنا، وأعتذرنا عنها. ويجب أن نستمر في تذكير أنفسنا بتلك الأخطاء التي إرتكبت أثناء فترة الحرب، ولا يجب أن نتعامى عنها حين يذكرنا بها الآخرون. هذا بجانب العمل الدؤوب تذكير الآخرين، بالحسنى، بما ارتكبوه في حق الشعب السوداني دون تشخيص أو من أو أذى، على أساس أن من لم يكن منا بلا خطيئة فليرم بحجره يرجم الخطايا لا الخطائين. فالخطاؤون أنفسهم ضحايا لثقافة الخطيئة. وما أكثر منتجات هذه الثقافة الشائهة. من هذه المنتجات، التي وقع كثيرون منا ضحايا لها، تجد العنصرية والهوس واستغلال الجهل والجهلاء في الترفيع الواهم للذات والحط من أقدار الآخرين، والتحصيل غير المشروع للسلطة والثروة.
    بتركيز الحركة على أن مشاكلنا محصلة لواقعنا المشترك، وأخطاءنا المشتركة، تستطيع الحركة أن تساهم في بناء المفاهيم التي تجعل مشروع المصالحة الوطنية أساساً لترسيخ الوحدة الوطنية وإشاعة ثقافة السلام، لا أساساً للقصاص. وهذا، بدون أدنى ريب، سيقربنا من شعبنا أكثر، ويطمئن شركاءنا بأننا لسنا أعداءهم كأشخاص، بل أننا معهم شركاء ضد الجهل والتخلف والاحتراب والخصومة غير الشريفة. وهذا يحتم علينا أن نضاعف العمل في اتجاه تأكيد دور المنابر الحرة في نشر ثقافة المصالحة الوطنية في سبيل نشر ثقافة السلام.
    وهنا لا بد من الإشادة لا شتراطكم تكوين لجنة للمصالحة الوطنية خلال ثلاثة من انفراج الأزمة بيننا وشريكنا في الحكم (لتجاوز مرحلة البيانات والفرمانات الجاهزة التي لا تغنى غناء البرامج ذات المضامين الهادفة لتقعيد ثقافة السلام والمصالحة الوطنية). وهنا أيضاً لا بد من التأكيد مرة أخرى على أن المصالحة الوطنية والتحول الديمقراطي أمران متلازمان، إذ لا يمكن أن يتم التحول الديمقراطي في أجواء يسودها التربص وسوء القصد والتآمر والترصد للآخر. القصد من المصالحة الوطنية هو بث روح الشفافية والقصد من التحول الديمقراطي هو تعميق حس التنافس الشريف في أجواء من الشفافية تجعل أي رسالة متداولة بين الناس، فكرية أو سياسية، مبرأة من الغرض السافل والرغبة في الحط من أقدار الآخرين.
    وفي هذا الشأن يجب أن تركز الحركة بصورة حازمة في الفترة القادمة على المشاركة الفعلية في الحكم وعدم الرضوخ للتهميش في صنع القرار. ويجب أن تستمر الحركة في التشديد على فصل السلطات ككافل أساسي للمصالحة الوطنية والتحول الديمقراطي. والالتزام بالاتفاقية يحتم فصل السلطات و يؤكد دور القانون. وفي اتجاه تأكيد دورنا الحقيقي في الحكم لا بد من المساهمة الفاعلة في تحديد صلاحيات الشرطة، ولا بد من تفعيل وثيقة حقوق المواطن، وهي، في تقديري، أهم وثائق الاتفاقية على الإطلاق. ويجب أن يفهم شركاؤنا بأن بقاءنا في الحكم رهين بتفعيل هذه الوثيقة التاريخية الهامة، إذ أننا لا يمكن أن نرتجي مصالحة وطنية أو تحول ديمقراطي أو وحدة طوعية أو سلام مستدام بدون كفالة حقوق المواطنة المضمنة في تلك الوثيقية. وفي هذا الصدد يجب أن لا تكتفي الحركة بالشجب والإدانة والاستنكار حينما تنتهك حقوق المواطنين غير المنتمين للحركة فحسب، بل يجب أن تتخذ خطوات عملية، ولو كان ذلك بالخروج من الجهاز التنفيذي، إذا ما أنتهكت حقوق المواطنين -حتى لو كانوا أعضاء في المؤتمر الوطني نفسه. وكثيراً ما ينتهك شركاؤنا حقوق بعضهم البعض، فنغض الطرف شامتين. وهذه لا يليق بنا كأصحاب مبادئ سامية مشغولون بحق الإنسان في الحياة وحقه في الحرية بغض النظر عن الانتماء السياسي أو الديني أو العرقي.

    الانتخابات والتحالفات القادمة:
    أول ما تجب الإشارة إليه في هذا المقام هو أن برنامجنا الانتخابي يجب أن يحتوي على ضمان حقوق المواطنة لكل السودانيين، بخاصة وأن اتفاقية نيفاشا تغمط المواطن الشمالي حقه في الحرية وحقه في الحياة حين تنص على أن الشريعة الإسلامية هي أساس التشريع في الشمال. وفق نصوص الشريعة، التي حاول نظام الانقاذ تطبيقها ففشل، ليس هناك حق للمسيحي، شمالياً كان أو جنوبياً، في أن يتولى الولاية الكبري. أي أنه ليس من حقك، وفق هذه النظرة القاصرة، سيدي، أن تكون نائباً للرئيس. ووفق هذه النظرة القاصرة، فإن الدولة لها الحق في إخضاع المسملين وغير المسلمين لحكمها بالقوة. وفيها لا تتولى المرأة الولاية الكبرى. وفي كل ذلك، وغير ذلك، تفصيل كثير لا نرى ما يوجبه هنا في هذه الرسالة الموجزة لسيادتكم.
    وما يهمنا هنا هو أن الشريعة لا تضمن حقوق الإنسان في الحياة والحرية، بل تتضمها أصول القرآن. ومن هذه الأصول قوله تعالى "قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر." ومنها "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن، إن ربك أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين." هكذا يمكن لبزنامجنا الانتخابي أن يؤكد بأننا نسعى لترسيخ هذه المعاني الدستورية التي تنص عليها كل الكتب المقدسة، بما فيها القرآن، والنظر إلى الشريعة باعتبارها تنبني على نصوص مرحلية قضت إرادة المولى أن تحكمها في فترة تاريخية معينة تجاوزتها متطلبات مرحلتنا التاريخية الحالية. ولا شك أنك تعلم، سيدي، بأن كل الكتب السماوية تحتوي على نصوص مرحلية، وأخرى أصلية.
    وفق هذه النظرة يمكن أن تتشكل تحالفاتنا القادمة. وفي هذا لن نستثني أي قوة سياسية، كبرت أو صغرت، بما في ذلك المؤتمر الوطني نفسه. فهو، وإن كابر، يعيش طرفاً مقدراً من معاني أصول القرآن حيث يقبل في عضويته المسيحيين واللاديينين، وهؤلاء كثر فيه. وهو يرتضيك في الولاية الكبري، في مؤسسة الرئاسة. وهو يولي النساء ولايات كبري في الحزب، وفي الدولة، ومفاصل الحياة العامة بكل تفاصيلها. إذن هو يعمل بروح القرآن، لا بالشريعة، في الكثير من شؤونه، ثم هو يصر على أنه جاء لتطبيق الشريعة! وحين يقول الآخرون بأن أصول القرآن هي صاحبة الوقت، وأن فروعه كانت لوقت ماضً، نراهم يكابرون ويكفرون من يخالفونهم في الرأي. وهذا لا يجوز بعد أن علمهم الواقع، مثلما سيعلم غيرهم في السعودية وأفغانسان وإيران وغيرها، أن نصوص القرآن تحتاج إلى فهم، للتفريق بين الأصول والفروع. وقتها سيعرفون بأنهم في واقعهم إنما يعيشون أصول القرآن، وأنهم لا فكاك لهم من ذلك، شاؤوا أم أبوا، فقد تجاوز الواقع نظرتهم الضيقة تلك، التي ارتدوا عنها بشهادة إخوانهم بالأمس، خصوم اليوم، وبشهاد كثيرين منهم، داخل المؤتمر الوطني. هذا، وإن كابروا، ملئ الأرض بمكابرة خاسرة، إن كان ذلك آجلاً أو عاجلاً!!!
    وهنا يجب الربط بين الانتخابات والتحالفات ومشروع المصالحة الوطنية. كلمة المصالحة تستبطن الاحتراب والتخاصم. إذ ليست هناك مصالحة إلا بين متخاصمين. ونحن بفضل الله علينا قد تجاوزنا مرحلة الاحتراب والخصومة إلى آفاق السلام. ذلك بأن أكبر خصمين في ساحتنا السياسية، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان قد إرتأتا أن السلام والتآخي هما السبيل الأوحد للخروج بالسودان من أزماته الراهنة. وهما بذلك الأقدر على زرع معاني السلام والخروج بالبلاد إلى آفاق الرفاهية والعدل والمساواة. ولكي يتم ذلك هناك خطوة واحدة، كبرى، يجب أن نخطوها بقوة وثبات وعزم.
    هذه الخطوة القوية، الثابتة، العازمة، تتطلب نحر المكابرة، والقفز فوق دمها، لحفظ دماء السودانيين وتوفير حياتهم لغرس معاني السلام والخير والمحبة والرفاه وفق معاني الديمقراطية والاشتراكية والعدالة الاجتماعية.
    فإذا ما نجحنا في نحر المكابرة، نحن وشركاؤنا معاً، سيتوب المؤتمر الوطني عن الهوس الديني، ويقبل على دين الله، الضامن للحرية والعدالة والكرامة الإنسانية بقلب مفتوح. وسيتوب عن سفكه للدماء وقتله للأحرار وتجويعه للصغار تعذيبه للأبرياء. وسنتوب نحن في الحركة الشعبية لتحرير السودان عن كل دم سفكناه بغير حق. وستتوب كل القوى السياسية، بخاصة الطائفية منها، عن كل خطيئة ماحقة ارتكبتها. وليس هناك فينا برئ، كما سلفت بذلك الإشارة في رسالتي هذه لك، أيها الحكيم.
    الانتخابات القادمة يجب أن تقوم على الشفافية، ولا يجب أن يستثني أحد من المشاركة فيها. ويجب أن نشجع فيها التحالفات بين القوى السياسية. وفق ذلك فإنه بإمكاننا أن نتحالف مع القوى التي تشاركنا في برنامجنا الفكري والسياسي، على أن نكون منفتحين على تقبل مقترحات تلك القوى إذا كانت مقترحاتها موضوعية. ويجب الاعتراف بأننا، على الرغم من قوة مشروعنا أخلاقياً وفكرياً وسياسياً، إلا أننا نحتاج للآخرين من حيث الكوادر والتنظيم والتأهيل السياسي والفكري. يجب أن نشجع التحالفات بين معارضينا كذلك. شتات القوى السياسية ليس من صالح أحد. وأي خطوة جريئة من جانبنا في الحركة الشعبية في اتجاه التحالفات السياسية، سوف يشجع القوى الآخرى للتحالف ضدنا. وفي هذا خير كثير. إذ أن السودان يحتاج لا ستجماع قواه السياسية المشتتة في أجسام فكرية-سياسية قليلة تمكن الناس من التمييز بين من يمثل مصالحها ومن لا يمثلونها. وهذا في حكم المستحيل في الوقت الراهن، في ظل تشظي كل القوى السياسية، باستثناء الحركة الشعبية، التي تتقوى كل يوم جديد بفضل حكمتكم وتريثكم في البت في الأمور، في ظل واضع سياسي شائك لا ضريب له في عالمنا المعاصر. ولكنك تعلم بأن الحركة الشعبية نفسها مهددة بالتفتت إذا ظلت على ما هي عليه من انغلاق نحو القوى الآخرى. فالحركة الشعبية على الرغم من القوة الأخلاقية لمشروعها الفكري-السياسي فهي ضعيفة للغاية في التنظيم، وهي غير جاهزة، قولاً واحداً، لخوض الانتخابات بحالها الراهن. وهي منشغلة بأكثر مما يجب بتقسيم السلطة، في ظل تهافت البعض على المناصب والمخصصات. وهي غير قادرة على الممارسة الفعلية للسطلة التي في يدها. وهي فوق ذلك كله، ذاهلة عن الالتفات لتوعية الشعب بأهمية لحظتنا التاريخية هذه، في مساره السودان، نحو تحقيق تجربة جديدة، فريدة في زمننا المعاصر، بها نقدم للبشرية ما يمكن أن يساهم في هدايتها من شرور الهوس الديني، أياً كان مصدره، إسلامياً أو مسيحياً أو يهودياً، والاستغلال الرأسمالي، أياً كان منبعه أوربياً أو أمريكياً، والتقتيل والخراب باسم الله وباسم الحرية.
    وبما أن الحركة الشعبية هي القوة الوحيدة في السودان التي يخطب ودها الخاطبون، وعندها يختصم الخصوم، ومنها ترتجى الحلول؛ وبما أنها القوة الوحيدة في السودان التي تزداد وحدة فوق وحدة، وقوة فوق قوة، وحكمة فوق حكمة؛ فإننا يجب أن نتخير حلفاءنا بحصافة، وأن لا نستثني المؤتمر الوطني، إن هو ساهم معنا في نحر المكابرة، وأقبل على مشروع المصالحة الوطنية وعلى تنفي اتفاقية السلام الشامل بقلب مفتوح وفق ما تكفله الأديان السماوية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

    خاتمة:
    سيدي، السودان يمر بمنعطف خطير، ولولا حكمتكم لانقسم إلى دولتين متحاربتين فيما بينهما. ولما توقف الأمر عند هذا الحد. فإن الشمال به قوى ستحمل السلاح ضد المؤتمر الوطني إذ انقسم السودان إلى دولتين. فإذا أخذنا في الاعتبار أن دارفور مشتعلة، وشمال السودان على صفيح بارود بعد أحداث كجبار، وأن الشرق وجبال النوبة والنيل الأزرق بها قوى، حتماً، ستحمل السلاح، فإنه لا بد أن نتوقع أن يكون مقدار الدماء التي ستسفك والخراب الذي سنلحقه بالزرع والضرع مما لايمكن أن يحصيه محص أو يرده راد. أما جنوبنا الحبيب، وأنت العليم بحاله، فلن يكون أوفر حظاً من الشمال، إذ أن به كل عوامل التشتت والاحتراب والتمزق االحاد. ذلك بسبب تفشي القبلية فيه وضعف البنى التحتية والفوقية، وهشاشة القوى السياسية وتنافسها بغير تأهيل يذكر في شؤون الحكم الحديث.
    سيدي، السودان، يمكنه على يدك ويد السيد رئيس الجمهورية أن يصبح منارة هادية للبشرية في عالم اليوم. عالم اليوم يبحث عن مكان في العالم تتعايش فيه الأديان. وبشرية اليوم تبحث عن مكان في العالم تلتقي فيه الحداثة مع الأصالة. وتبحث عن مكان تلتقي فيه كل الأجناس والألوان، وتتبادل فيه أفضل ما عندها مع بعضها البعض، بمحبة وتوادد ووئام. تبحث البشرية عن مكان يتعانق فيه الإسلام مع المسيحية. تبحث عن مكان يتعانق فيه محمد والمسيح، وهما من أم واحدة. يبحث الإنسان السوداني دفء العناق بين محمد أحمد ودينق وأدروب وأبكر وكوكو، دون تعالٍ من واحد على الآخر. يبحث عن غناء عشة وميري وحوة وأشول، يتسامعن دقات قلوبهن التي تضج بدفقات حرى تطلب السلام، والمحبة، ضجيجاً أدمى نواحينا كلها. وقد آن لهذا الضجيج أن يتشذب ويتهذب ليصبح أنغاماً تسمع الإنسانية أجمل ما تشتهيه من دفقات المحبة . آن لنا أن نهدي العالم بأن نريه بأننا صناع سلام، وبأن الإسلام والمسيحية، ما هما إلا نغمتان عذبتان من موسيقى علوية، تلاقيها موسيقى تراب السودان لتنج منها أعزوفة تبهر السامعين، لتسوقهم من الهوس إلى السعة، سعة الله، الواسع، الرحيم، السلام، المؤمن، العزيز، الرحيم، الرافع.
    هذا، ولتقبل مني، سيدي، هذه المساهمة المتواضعة، التي أرجو أن تجد منك، ومن قيادات الحركة الشعبية، والقوى السياسية الحية، وكل من يهمه شأن السودان، أذنا صاغية. فهي عصارة معاناة حسية وفكرية وشعورية كبيرة، من نوبي-جنوبي. بدأت هذه المعانة منذ مولدي في حلفا لأب يتيم، فقير، تلطف الله عليه، بعد شقاء عمر قضى جله عاملاً في السكة الحديد. وأم قهر أباها المرض فعاشت فقيرة، إلا من كرامتها وحبها للناس، كل الناس، وهي تعبر عن حبها هذا بلغة عربية "مكسرة" ولكنه نوبية محببة. أما حضنها لمسالميها من كل أهل السودان، فقد ظل، إلى اليوم، يعبر عنها بأبلغ من كل مفردات الكلام. والدي، يا سيدي، نوبي، حلفاوي، أمه عركية من طيبة الشيخ عبد الباقي. هاجر أبوه بسبب الفقر والاضطهاد من حلفا إلى طيبة الشيخ عبد الباقي، فتزوج من عركية، هي زينب بت البدوي، بت التاية، وجدها الأكبر هو الشيخ يوسف أب شرة. والشيخ يوسف أب شرة هذا، قدس الله سره، أمه جنوبية. لهذا كثيراً ما أفخر بأنني حلفاوي، نوبي-عربي-عركي-دينكاوي. و ربما تعلم، يا سيدي، أن هناك أسرة كبيرة معروفة في طيبة الشيخ عبد الباقي تعرف بآل النويري. وما فخري بأصولي الجنوبية إلا محاولة متواضعة في اتجاه نحر المكابرة، لا للتدليس والمداهنة طمعاً في شئ، كما قد يظن ذوي الغرض. ولولا مدلول تجربتي الحياتية، باعتبارها تعبر عن الوحدة بالدم قبل الرؤية الفكرية-السياسية، لما شغلتك وقرائي بها.
    وفي مقامي هذا لا أملك إلا أن أختم بشئ مما قاله الأستاذ محمود محمد طه، الذي كان يرى أن الإسلام، في معناه الواسع، والقرآن في أصوله، ليسا إلا كل الأديان تعبيراً عن الأديان في كتاب واحد. وأن هذا المعنى الشامل للإسلام جاء وصف القرآن فيه لسيدنا إبراهيم، وهو أب الأنبياء الموحدين، بأنه "أول المسملين." وهذا يعني أن الإسلام في معناه الواسع إنما هو دين إبراهيم، ودين محمد، ودين عيسى، ودين موسى. وهو دين داعي "للتسليم" لله، ولبث السلام. وكلمة الإسلام نفسها، مثل كلمة السلام، في حرفها، مشتقة من كلمة التسليم هذه. بهذا المعنى فإن القرآن، مثله مثل الانجيل والتواراة، هو كتاب، للمسلمين، والمسيحيين واليهود. وفي هذا المعنى ألف الأستاذ محمود محمد طه كثيرا من الكتب، أكد فيها أن السودان بميراثه التاريخي العظيم، وبتركيباته الدينية والعرقية ومزاياه الجغرافية والطبيعية، إنما هو قادر على أن يقود العالم إلى آفاق جديدة، على الرغم من تخلفه الراهن.
    فاسمعه معي وهو يقول: "أنا زعيم بأن الإسلام هو قبلة العالم منذ اليوم .. وأن القرآن هو قانونه.. وأن السودان ، إذ يقدم ذلك القانون في صورته العملية ، المحققة للتوفيق بين حاجة الجماعة إلى الأمن ، وحاجة الفرد إلى الحرية المطلقة ، هو مركز دائرة الوجود على هذا الكوكب .. ولا يهولن أحداً هذا القول ، لكون السودان جاهلاً ، خاملاً ، صغيراً ، فإن عناية الله قد حفظت على أهله من أصايل الطبائع ما سيجعلهم نقطة التقاء أسباب الأرض ، بأسباب السماء ." الأستاذ محمود محمـد طـه - جريدة الشعب - 27 يناير1951




    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147509631&bk=1
                  

04-17-2008, 11:36 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    تعقيب على محاضرة د. فاروق محمد ابراهيم

    وملاحظات حول رسالته للمؤتمر الخامس للحزب الشيوعي

    بقلم : تاج السر عثمان

    اقام د. فاروق محمد ابراهيم محاضرة بتاريخ 6/2/2008م بمركز الخاتم عدلان بعنوان رسالة الى المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني خلص فيها الى ضرورة اعادة الاعتبار الى مؤتمر الجريف الذي قرر تحويل الحزب الشيوعي الى حزب اشتراكي جماهيري . الجدير بالذكر أنه عند ما فتحت اللجنة المركزية المناقشة العامة حول متغيرات العصر ، دعت قيادة الحزب الشيوعي د. فاروق للمساهمة في المناقشة العامة ، وكتب ورقة ، نشرت في مجلة قضايا سودانية التى كان يصدرها الحزب الشيوعي في الخارج ، العدد الرابع ، ابريل 1994م ، وعقب عليها الاستاذ التيجاني الطيب في العدد نفسه ، كما تم تلخيص وجهة نظر د.فاروق ضمن التلخيص الختامي للمناقشة العامة والذي عمم لللاعضاء في خمس كتيبات ضمن وثائق المؤتمر الخامس ، رغم ذلك رحبت بدعوة د. فاروق محمد ابراهيم الى لحضور المحاضرة بمركز الخاتم عدلان للمناقشة والتعقيب .
    استاذنا الجليل د.فاروق محمد ابراهيم من الذين التحقوا بالحزب الشيوعي السوداني في سنى تأسيسه الاولى ، كما ذكر في سيرته الذاتية التى قدمها في مجلة قضايا سودانية العدد الرابع، ابريل 1994م ، كما شارك في تأسيس رابطة الطلبة الشيوعيين في نهاية الاربعينيات من القرن الماضي ، وكان السكرتير السياسي لرابطة الطلبة الشيوعيين بجامعة الخرطوم في الفترة : 1950 – 1955 م ، وكان عضوا باللجنة المركزية للحزب حتى عام 1970م، ثم خرج من الحزب في انقسام 1970 ، وعاد الى الحزب عقب انتفاضة ابريل في العام 1986م ، وحاليا خارج الحزب الشيوعي بارادته. وهو من المثقفين السودانيين المرموقين، وله مساهمات قيمة في الاقتصاد الزراعي ، وكان من الذين يرسمون سياسة الحزب الشيوعي كما أشار الشهيد عبد الخالق محجوب ، اذكر اننى تابعت مساجلاته في الصحف السودانية حول الاصلاح الزراعي مع د. شريف الدشوني في الستينيات من القرن الماضي ، كما أن د.فاروق ناشط في العمل الثقافي والعمل العام ، ويفرض عليك احترامه لنزاهته ودفاعه عن مبادئه وفيما يعتقد أنه الحق ، وخلاف الرأى عنده لايفسد للود قضية، ، وهو عالم في مجاله ، ولايبخل في تقديم المساعدات لكل من يطلبها منه ، كما انه ابن محمد ابراهيم النور ذلك المثقف السوداني الاصيل الذي كانت له مقالات ودراسات في مجلتى النهضة السودانية والفجر التى كانت تصدر في الثلاثينيات من القرن الماضي.اضافة لمقاومة د.فاروق لعسف نظام الانقاذ والذي تعرض للسجن والتعذيب والقهر والنفى والفصل من العمل ، كما اوضح في مذكرته التى نشرها في صحيفة الايام حول شروط المصالحة الوطنية والتعافى، وبالتالى ، فان تاريخه مشرف في الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الانسان. كما سجل د.فاروق محمد ابراهيم مذكراته عن تأسيس الحزب الشيوعي بمناسبة العيد الاربعين لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني والتى نشرت في مجلة الشيوعي (المجلة الفكرية للجنة المركزية ) ، الاعداد: 150، 152 ، 153،1954 م ، مع مذكرات مؤسسين آخرين هم : التيجاني الطيب ، الجزولي سعيد ، ابراهيم زكريا، د.خالدة زاهر ، عباس على ، صلاح مازرى،.. الخ.
    ود. فاروق من المتحمسين لفكرة تحويل الحزب الشيوعي الى حزب اشتراكي واسع ، وهى ليست فكرة جديدة ، طرحها الشهيد عبد الخالق محجوب عام 1956 ، تكوين حزب واسع للعمال والمزارعين ، ودارت مناقشات حولها في صفحات مجلة الشيوعي والتى قطعها انقلاب 17/ نوفمبر/ 1958 م ، وبعد اكتوبر 1964 ، اصدرت اللجنة المركزية وثيقة (مشروع تحول عميق ) والتى هدفت الى تحقيق شعار المؤتمر الثالث للحزب لتحويل الحزب الشيوعي الى قوة اجتماعية كبرى. وجاءت فكرة الحزب الاشتراكي بعد حل الحزب الشيوعي في نوفمبر 1965م، في مؤتمر الجريف التداولى عام 1966 م والذى قرر تشكيل الحزب الاشتراكي باندماج الحزب الشيوعي مع قوى اشتراكية سودانية اخرى، وتراجعت اللجنة المركزية للحزب في دورتها التى عقدت في العام نفسه عن الفكرة ، بأغلبية اعضائها ، عدا عضوين فقط هما د.فاروق محمد ابراهيم و الامين محمد الامين.ونشرت مداولات اجتماع اللجنة المركزية على الاعضاء في مجلة الشيوعي ، العدد 127 ، نوفمبر 1966م.
    كثيرون، كما أشار الاستاذ طه ابراهيم المحامى في تعقيبه على محاضرة د.فاروق، فسروا اسباب هذا التراجع عن القرار بعوامل خارجية مثل: اقتناع عبد الخالق محجوب برأى السوفيت الذين كانوا معارضين لحل الحزب الشيوعي ودمجه مع قوى اشتراكية اخرى ، ولكن ذلك التفسير احادى الجانب ويتجاهل عاملاً داخلياً حاسماً: يتمثل في ضغط فروع وقواعد الحزب الشيوعي التى كانت رافضة لقرار حل الحزب الشيوعي ودمجه مع قوى اشتراكية اخرى ،وفي ذهنها التجربة السلبية لحل الحزب الشيوعي المصري عام 1966م الذي ذاب في تنظيم السلطة( الاتحاد الاشتراكي العربي)، ويتجاهل ايضا قرار اغلبية اللجنة المركزية التى عبرت عن رأى قواعد الحزب برفض حل الحزب الشيوعي ، واذا كان الأمر كذلك ( الخضوع لرأى السوفيت)، لماذا لم تتمسك اللجنة المركزية والمؤتمر التداولى لكادر الحزب الشيوعي الذي انعقد في اغسطس 1970م، برأى السوفيت حول انقلاب 25 مايو/1969 م ، بدعمه لأنه نظام ديمقراطي ثورى ؟، كما كان يرى السوفيت، بل تمسكت ،اغلبية اللجنة المركزية واغلبية المؤتمر التداولي للكادر باستقلال الحزب الشيوعي ورفض حله ودمجه في حزب السلطة المقترح ( الاتحاد الاشتراكي)، رغم دعم السوفيت للنظام في تلك الفترة ، بل كانت هناك خلافات بين الحزبين السوداني والسوفيتي لخصتها دورة اللجنة المركزية في يوليو 1977م في النقاط التالية :
    * قيادة الطبقة العاملة للثورة الوطنية الديمقراطية .
    * دور الديمقراطيين الثوريين في منطقة التحرر الوطني.
    * الموقف من الفكر اليميني التصفوى في حزبنا ، والانقسام الذي ترتب عليه في سبتمبر 1970م.
    وهذا يعكس أن مواقف الحزب الشيوعي السوداني لم تكن متطابقة مع الحزب السوفيتي حول هذه القضايا ، اى أن الحزب لم يكن منقاداً تابعا للحزب الشيوعي السوفيتي ، هذا فضلا عن موقفه الرافض لتقييم السوفيت لنظام عبود (17/نوفمبر/1958)، باعتباره نظاماً وطنياً، ورفض عبد الخالق لذلك باعتبار أن حزبه هو الذي يقرروطنية النظام او عدمها، وليس السوفيت.
    هذا فضلا عن السؤال الذي طرح في المحاضرة من ضمن المناقشين لماذا لم يستمر الحزب الاشتراكي بعد انسحاب الحزب الشيوعي؟، ولماذا يرتبط قيام الحزب الاشتراكي الواسع بحل الحزب الشيوعي ، فمع وجود الحزب الشيوعي المستقل لماذا لم يبنى د.فاروق الحزب الاشتركي المقترح ؟ فالساحة السياسية واسعة ولايحتكرها الحزب الشيوعي، اضافة الى فشل تجارب الحزب الواحد في العالمين العربي والافريقي والتى كانت تقوم على الوصاية على الجماهير كما عبر الاستاذ نبيل اديب المحامى، وفشل تجربة الحزب الواحد في الاتحاد السوفيتي وبلدان شرق اوربا .
    وبعد تجارب انقلاب 25 مايو1969م وانقلاب 19 يوليو 1971 م ، توصل الحزب الشيوعي السوداني في دورة اللجنة المركزية في اغسطس 1977م بعنوان( الديمقراطية مفتاح الحل للازمة السياسية) ، الى رفض الحزب الواحد وضرورة الديمقراطية والتعددية والوصول للنظام الوطني الديمقراطي بطريق ديمقراطي جماهيري تعددى، وتلك كانت من اهم الدروس التى استخلصها الحزب الشيوعي من تلك التجارب.
    اضافة الى أن الموضوع ليس بهذه البساطة ، فمجرد اعلان الحزب الواسع وتغيير اسم الحزب الشيوعي سوف يتحول تلقائيا الى قوة اجتماعية كبرى ، وان الناس سوف يندفعون زرافاتاً ووحداناً للانضمام اليه، ولن تلاحقه تهمة الالحاد والزندقة في الصراع السياسي علما بأنها تهمة لحقت حتى بمفكرين اسلاميين غير شيوعيين مثل الاستاذ محمود محمد طه ود. حسن الترابي!!!.
    ولكن الحزب الشيوعي يتحول الى قوة اجتماعية كبرى بدراسة واقع المجتمع السوداني وفهمه واستيعابه والعمل على التأثير فيه نتيجة لتلك الدراسة كما اشار المؤتمر الرابع للحزب ، كما يتحول الى قوة اجتماعية كبرى بالارتباط بالجماهير والدفاع عن مصالحها في القطاعين الحديث والتقليدي ( المناطق المهمشة)، والارتباط بالتنظيمات الجماهيرية الديمقراطية والنقابية والاصلاحية والتواجد حيث تتواجد الجماهير والنضال معها وليس بالنيابة عنها في الارتقاء بمستواها المعيشي والسياسي والثقافي ، وهى عملية شاقة .
    مع شكرى وتقديري واحترامي لد.فاروق محمد ابراهيم ولمركز الخاتم عدلان على دعوتهم.



    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147510281&bk=1
                  

04-17-2008, 11:38 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الفكرة الجمهورية ما لها وما عليها
    بقلم/ الصادق علي حسن المحامي
    قلة نادرة من المفكرين وأصحاب الرسالات الإنسانية السامية من تمكنوا من توظيف كل دقائق أوقات حياتهم في ممارسة مسؤولياتهم القدرية في التوعية والتبشير بالافكار والمعتقدات الرسالية التي نذروا جل حياتهم من اجلها وخدموها في اخلاص وانتهز بعضهم حتى فترة الأوقات العصيبة ومواقف الشدة الحرجة امام جبروت الجلادين الطغاة في مواجهة الموت الوشيك من أجل الفكرة وباشروا مسؤولياتهم في التوعية في مواجهة جور السلاطين الجهلاء بسلاح الفكرة وعظمة الأي ونصاعة البراهان في نبل وشهامة لان هؤلاء المفكرون قد تجاوزوا رغبات كوامن النفوس العادية في الحياة التي استرخصوها من اجل افكارهم ومبادئهم فمضوا إلى الخلود وقد تركوا ميراثاً انسانياً وفكرياً خصباً يصلح لكل زمان ومكان للاسترشاد المعرفي وليس بالضرورة للاقتداء بالفكرة نفسها ويتيح الاسترشاد بالفكرة ووسائل نشرها والثبات من اجلها والتضحية والذود بالمهج والارواح للمتعمق في الفكرة ورسالة صاحبها أسباب الاستبصار في الرؤى، ففي مواجهة الطغاة في السابق وقف الشهيد/ سعيد بن جبيرة يقارع الطاغية الحجاج بالمنطق والفكر السديد وذهبا في مسيرة الحياة القدرية الفانية سعيد بن جبيرة ترك سيرة في المبدئية والفكرة والحجاج ترك سيرة في الطغيان والاسبتداد. ومن بين عظام المفكرين في السودان والرائد في ممارسة التوعية وتوظيف دقائق أوقات الشدة في مواجهة الموت الوشيك الذي هدد به السلطان الجاهل الجائر الاستاذ محمود محمد طه الذي استخدم في اهدار روحه منصة القضاء السوداني.
    * في ذكرى استشهاد الاستاذ / محمود محمد طه هذا العام افردت بعض الصحف المحترمة مساحات معتبرة لمناقشة افكار الشهيد وتم عرض ومناقشة هذه الافكار بموضوعية بعيداً عن المغالاة والتطرف وفي أكثر من ندوة ثم عرض بعض المشاهد من وقائع محاكمة الاستاذ/ محمود محمد طه امام قاضي محكمة التفتيش المهلاوي وهي مادة وثائقية ظن نظام المخلوع الأسبق جعفر نميري أنها توفر له السند والغطاء القانوني لايجاد التخاريج الدينية للجريمة البشعة التي ارتكبت باسم الدين وقد كشفت وقائعها عن عظمة الجهل المطبق لمن كانوا خلف اجراءات التنكيل واهدار روح الشهيد الاستاذ/ محمود محمد طه.
    * دفوعات الشهيد الاستاذ/ محمود محمد طه امام قاضي محكمة التفتيش المهلاوي وهو يرد على التهم الموجهة إليه أو ضحت الثغرات البالغة التي طالت الأجهزة العدلية السودانية وما آل إليه حال القضاء وخطورة ذلك على حرمة القضاء واستقلاله وعلى حقوق الإنسان وللضرورة والفائدة ننقل للقارئ الكريم مقتطفات من هذه الدفوعات من (قوانين سبتمبر 83 مخالفة للشريعة الإسلامية والاسلام واكثر من ذلك انما شوهت الشريعة وشوهت الاسلام ونفرت عنه ويضاف إلى ذلك انها وضعت واستغلت لارهاب الشعب وسوقه إلى الاستكانة عن طريق اذلاله ثم انها هددت وحدة البلاد وهذا من حيث التنظير واما من حيث التطبيق فإن القضاة الذين يتولون المحاكم غير مؤهلين فنياً وضعفوا اخلاقياً عن ان يضعوا انفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية تستغلهم لاضاعة الحقوق وإذلال الشعب وتشويه الإسلام وإهانة الفكر والمفكرين وإذلال المعارضين السياسيين إضافة لذلك فاتى غير مستعد للتعاون مع اي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل وقبلت ان تكون اداة من ادوات إذلال الشعب وإهانة الفكر الحر والتنكيل بالمعارضين السياسيين) فما أشبه الليلة بالبارحة!!!
    * التوعية التي مارسها الشهيد الأستاذ/ محمود محمد طه امام محكمة التفتيش وقاضيها تحض للبحث في مناقب الرجل والفكرة الجمهورية لتعرف على الفكرة وأهدافها التي دفعت بصاحبها لاسترخاص الحياة ومواجهة الموت بكل نبل وشهامة من أجل الفكرة والترفع عن جهل الجلاد وإلى جانب الاهتمام بشخصية الاستاذ /محمود محمد طه كان المأمول فيه ان يبحث الباحثون في الفكرة الجمهورية نفسها خاصة القضايا التي اثارت بشأنها جدلاً لم ينقطع باستشهاد صاحبها مثل تلك التي وجد فيها جماعات الهوس الديني ورموز حركة الاسلام السياسي مادة للمزايدة والمتاجرة الدينية الرخيصة في جهل فاضح وسطحية مثل المسائل التي طرحت فيها الفكرة الجمهورية تساؤلات مشروعة وقدمت بشأنها اجابات اجتهادية كقضايا العقوبات الحدية المنصوص عليها في القرآن الكريم فالفكرة الجمهورية ناقشت هذه المسائل من منظور أنها كانت في الأصل موجودة في مجتمعات العرب قبل الإسلام وجاء الاسلام وقام بتقنين هذه العقوبات وترى الفكرة الجمهورية ان فردية العقوبات الحدية كانت تنسجم مع حياة العرب البدو الرحل كما لم تكن هنالك مؤسسات عقابية !!سجون! لعقاب المدانيين والآن بتطور الحياة البشرية أوجدت حياة الاستقرار مؤسسات عقابية لمعاقبة المدانيين في الجرائم الجنائية بالسجن وبظهور العقوبة المستمرة كرادع افضل واكثر فائدة من العقوبة الفورية سواء أكان ذلك للمجتمع المعني ( الحق العام) أو لصاحب الحق الخاص أو للمدان نفسه فإن من الحكمة مراعاة مستجدات الظروف الحديثة بشأن العقوبات الحدية/ ومن ذات الزاوية يمكن مناقشة موضوع الرق في الإسلام فالإسلام دعا إلى عتق الارقاء وتسامح في التعامل مع موضوع الرق عن نزوله مراعاة لحياة العرب وقتذاك حيث كان الرق من مصادر الحياة الاقتصادية الاساسية عندهم. بحيث لم يكن مجدياً حرمانهم من ممارسة تجارة الرق مابين ليلة وضحاها وبصورة فورية لذلك كان تسامح الاسلام مع ممارسة الرق مع تعلية الرح الإنسانية في المسلم ليتعافى المجتمع المسلم بتلقائية سلسة من ممارسة الرق .
    * العالم اليوم يتجاوز قضايا الرق ولا تجد ممارسات للرق البشري بمفاهيم العبودية المحضة بحيث يمكن ان يقال بان ممارسات الرق التقليدية في عالم اليوم غير متصورة وان وجدت في المجتمعات البدائية التي تمارس في ظروف استثنائية بعيداً عن أعين اجهزة السلطات الحكومية بحيث لا توجد الآن اية حكومة تسمح بممارسة الرق على أرض دولتها والناظر إلى المسائل المتعلقة بالرق بنظرة متجمدة يعجز بالضرورة في ايجاد التخريجات حول صلاحية احكام الرق من منظور اصولي سلفي اليوم بحيث لا مجال الآن لتطبيق احكام عتق الارقاء وفك الرقاب بالمعنى الأصولي السلفي وفي بساطة متناهية لاتوجد ممارسة لتجارة الرق بمعناه المعروف وذلك مايؤكدضرورة مراجعة قراءة الافكار المطروحة من خلال الفكرة الجمهورية من دون مغالاة أو تطرف.
    * فقيمة الفكرة الجمهورية في الاضاءة المعرفية التي تجاوزت الحدث لتصلح مادة للتدارس الإنساني تساهم في تراكمات التجارب الإنسانية المستنيرة.

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147510229&bk=1
    ____
                  

04-17-2008, 11:40 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    دكتور محمود شعرانى
    اتفاقيات السلام السودانية:النص المتفق عليه حول الدين والدولة
    إن الوثيقة التي تضم النص الخاص بعلاقة الدين بالدولة في اتفاقيات السلام والمكتوبة باللغة الانجليزية لم تتم ترجمتها إلى العربية ونشرها على الملأ حتى اليوم وهذه الوثيقة تفصل فصلاً تاماً بين الدين والدولة فيما يتعلق بالمسائل العامة بعكس ما تبثّه الحكومة في أجهزة الاعلام المختلفة من القول بتثبيت الشريعة في الشمال وحسم ذلك بنصوص وردت في اتفاقية ميشاكوس والدستور القادم وبشهادة الموقعين على الاتفاق ومن شهده من قوى عالمية نافذة وهذا ما أعلنه رئيس الجمهورية السوداني ونشرته صحف الخرطوم (الرأي العام عدد الجمعة 11مارس 2005م) وسأقوم هنا أولاً بترجمة النصوص المتفق عليها بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان والمتعلقة بموضوع الدين والدولة وذلك حتى لا أجعل من نفسي حكماً وحيداً على ما ورد فيها بل ليحكم الشعب السوداني بنفسه ولي ثقة في وعيه السياسي بحيث لن تنطلي عليه حيل السياسة ومناورات الساسة وسأعرض بعد ذلك لتحليل النصوص شرحاً وتفسيراً واستنباطاً ثم النظر في الدوافع التي دفعت الموقعين على الاتفاقية إلى عدم ابرازها وترجمتها من أجل النشر، فإلى الترجمة العربية للنص الانجليزي لنصوص الاتفاقية حول الدين والدولة:-
    (سكرتارية السلام في السودان)
    النص المتفق عليه حول موضوع الدين والدولة
    اعترافاً منا بأن السودان قطر متعدد الثقافات والأعراق والإثنيات والديانات ومتعدد اللغات وتأكيداً منا على أن الدين لا ينبغى أن يكون عامل تفرقة. وعليه فقد اتفق الأطراف هنا على الآتي:-
    6-1- إن الأديان والأعراق والمعتقدات هي مصدر للسلوك الأخلاقي القويم وهي مصدر إلهام للشعب السوداني.
    6-2- يجب أن تكفل حرية الإعتقاد والعبادة والضمير لكل أتباع الأديان والمعتقدات والأعراف ولا ينبغي التمييز ضد أحد على هذا الأساس.
    6-3- الأهلية للوظيفة العامة بما في ذلك منصب الرئاسة والخدمة العامة والتمتع بكافة الحقوق وكل الواجبات ينبغي أن يكون على أساس المواطنة وليس على أساس الدين أوالمعتقد أو العرف.
    كل مسائل الأحوال الشخصية والأسرة التي تشمل الزواج والطلاق والميراث والتركات ومسائل النسب والتبني يجوز الحكم فيها بقوانين الأحوال الشخصية (بما في ذلك الشريعة الإسلامية والقوانين الدينية الأخرى أو العرف والتقاليد) للمتقاضين.
    6-4- لقد اتفق الأطراف على احترام الحقوق الآتية:-
    الحق في العبادة أو الاجتماع من أجل كل ما له صلة بأي دين أو معتقد والحق في تأسيس أماكن لهذه الأغراض والدفاع عنها.
    الحق في انشاء مؤسسات خيرية أو انسانية مناسبة والدفاع عنها.
    الحق في الحيازة أو استعمال الأدوات والمواد الضرورية _إلى مدى مناسب_ المتعلقة بالطقوس والشعائر الدينية والمعتقدات.
    الحق في الكتابة أو النشر أو الإصدار أو البث لأي منشورات متعلقة بهذه المجالات.
    الحق في تدريس تعاليم الدين أو المعتقدات في أماكن مناسبة لهذه الأغراض.
    الحق في التماس المساعدة الطوعية المالية والاسهامات الأخرى من الأفراد والمؤسسات.
    الحق في تدريب أو تعيين أو انتخاب أو اختيار عن طريق الخلافة القادة الدينيين المناسبين وفق معايير ومتطلبات أية ديانة أو معتقد.
    الحق في التمتع بأيام الراحة والعطلات والاحتفالات وفقاً لتعاليم الفرد الدينية والمعتقدية.
    الحق في الاتصال بالأفراد والجماعات على المستوى القومي والعالمي فيما يخص مسائل الدين والمعتقد.
    6-5- لأجلاء الشك والريبة فإنه لا ينبغي أن يتم إخضاع أحد للتمييز بواسطة الحكومة القومية أو الولائية أو المؤسسات أو المجموعات أو الأفراد _ على أساس من الدين أو المعتقدات الأخرى.
    6-6- إن المبادئ الوارد ذكرها في المادة 6-1 و حتى المداة 6-5 ينبغي أن تنعكس في الدستور.
    الجزء الثالث (2)
    (البنيات الحكومية)
    لكي تعطى الاتفاقيات المعلنة في الجزء الأول (A) فعالية وجدوى فإن الأطراف ضمن إطار السودان الموحد يعترفون بحق تقرير المصير لشعب جنوب السودان، وقد اتفقوا هنا على أن قسمة السلطة وهياكل الحكومة ووظائف ومهام بنياتها المختلفة، وفق الإطار السياسي للحكم في السودان ينبغي أن تكون على النحو الآتي:
    (3-1) القانون الأعلى
    (3-1-1) الدستور القومي للسودان سيكون هو القانون الأعلى في البلاد وكل القوانين يجب أن تخضع لهذا الدستور القومي. وهذا الدستور هو الذي ينظم العلاقات ويوزع السلطات والمهام بين مستويات الحكم المختلفة كما يحدد ترتيبات الشراكة في الثروة. الدستور القومي يجب أن يضمن حرية العقيدة والعبادة والممارسات الدينية بكاملها لكل المواطنين السودانيين.
    (3-1-2) يجب تأسيس لجنة قومية ممثلة تسمى لجنة مراجعة الدستور أثناء الفترة الانتقالية لتضع أولاً مسودة قانونية دستورية إطارية لحكم الفترة الانتقالية وأن تدمج في هذا الإطار الدستوري والقانوني اتفاقية السلام.
    (3-1-3) الإطار الوارد في الفقرة أعلاه ينبغي أن يطبق وفق ما يرتضيه الأطراف.
    (3-1-4) أثناء الفترة الانتقالية يجب أن تقوم عملية مراجعة دستورية شاملة.
    (3-1-5) الدستور لايمكن أن يعدل أو يلغى إلا عن طريق اجراءات خاصة وأغلبيات محددة وذلك حماية للشروط الواردة في اتفاقية السلام.
    (3-2) الحكومة القومية:
    (3-2-1) ستكون هنالك حكومة قومية تمارس صلاحياتها وتقر قوانينها كما تفعل بالضرورة الدولة ذات السيادة على المستوى القومي. وتعمل الحكومة القومية على أن تضع في كل قوانينها إعتباراً للتنوع الديني والثقافي لشعب السودان.
    (3-2-2) التشريع الوطني النافذ الأثر في الولايات الكائنة خارج الجنوب السوداني ستكون مصادرهُ التشريعية هي الشريعة وإجماع الشعب.
    (3-2-3) التشريع الوطني المطبق في الولايات الجنوبية أو في الإقليم الجنوبي سيكون مصدره التشريعي إجماع الشعب والقيم والأعراف السودانية (بما في ذلك التقاليد والمعتقدات الدينية وفق تنوع القطر السوداني).
    (3-2-4) في حالة سريان أي قانون وطني حالياً أو في حالة سنه وإصداره من مصادر تشريعية دينية أو عرقية فإن الولاية أو الإقليم الذي تكون أغلبية ساكنيه لايمارسون هذا الدين أو تلك الأعراف.. فإنهم:
    إما أن يقوموا بتقديم مشروع قانون يسمح لهم ويقنن لقيام مؤسسات أو السماح بممارسات في ذلك الإقليم لا تتعارض مع معتقداتهم الدينية و أعرافهم.
    أو:
    أن يقوموا بتحويل القانون لمجلس الولايات لتتم الموافقة عليه بأغلبية الثلثين أو ابتدار تشريع وطني يقنن لمؤسسات بديلة وضرورية حسبما هو ملائم.
    ــــــــــــــــــــــــــــ
    هذه هي نصوص الاتفاقية فيما يتعلق بمسألة الدين والدولة ولقد حاولت توخي الدقة والبساطة في الترجمة بحيث تكون في متناول فهم الجميع وأرجو أن أكون قد وفقت في ذلك.
    وأول ما تجدر الإشارة إليه هو التصريح الرئاسي حول تثبيت الشريعة في الدستور القادم ولعمري فإن هذا التصريح غريب إذ كيف يحسم الدستور القادم أمر الشريعة وهو لم يظهر بعد للوجود وهو، أي الدستور، حتى وإن كان موجوداً فإن النصوص الفرعية لاتوضع قبله بل تشتق منه وإلا كان في هذا مخالفة للعرف الدستوري الذي بموجبه تؤسس الدساتير ثم توضع القوانين بعد ذلك، وما يزيد المرء حيرة أن اللجنة المكلفة بوضع الدستور لم تشكل بعد ولم يتم تعيينها ومن المفترض أن تكون هذه اللجنة لجنة قومية محايدة تمثل كل أهل السودان وبهذا يكون التصريح الرئاسي مؤثراً بصورة مباشرة على عمل اللجنة القومية المحايدة وهو تأثير يحمل في طياته توطيداً لرؤية قانونية بعينها هي رؤية حزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي جاء التصريح الرئاسي على لسان رئيسه.
    ولقد أراد المؤتمر الوطني الحاكم تأكيد وتثبيت (رؤيته للشريعة) في الدستور القادم عن طريق هذه الخطوة الاستباقية في سن التشريعات الاسلامية والنص عليها في اتفاقيات ميشاكوس كشرط مسبق للجلوس على طاولة مفاوضات السلام مع الطرف الآخر وقد يكون هذا هو التبرير الأقوى أو الاستخلاص المنطقي لقبول الحكومة التفاوض مع الحركة الشعبية التي قبلت بالتفاوض على هذا النحو رغم معارضتها التامة للدولة الدينية منذ أن أعلنها جعفر نميري في السودان وفيما أرى فإن الحركة قد قبلت بذلك على مضض بسبب ضغوط المجتمع الدولي الذي أراد أن يوقف الحرب الدامية والتي دامت لمدة أكثر من عشرين عاماً، هذا بالإضافة إلى أن هنالك تبرير آخر للحركة يبدو منطقياً ومقبولاً أكثر لدى المراقبين وهو أنه ووفقاً للاتفاقيات نفسها فإن كل إقليم عليه أن يضع قوانينه بنفسه وعليه فأنه من حق الشماليين رفض قيام التشريعات الدينية في إقليمهم متى ما رأوا فيها مالا يتناسب مع حقوقهم الأساسية وتطلعاتهم والرؤى الفكرية لتنظيماتهم ومؤسساتهم السياسية وقد يبدو هذا مخرجاً معقولاً للحركة الشعبية من مثل هذا الارتباك ولكنه يبقى مخرجاً مؤقتاً على كل حال خاصة وأن الوثيقة التي تتحدث عن علاقة الدين والدولة تكفل حرية الاعتقاد والعبادة وتمنع التمييز ضد أي فرد على هذا الأساس ولتوضيح ما أعني أقول أن هنالك فرق بين حرية الاعتقاد وحرية العبادة لأن حرية العبادة مكفولة بطبيعة الحال في كل دول العالم القديم والحديث وحتى في الاتحاد السوفيتي السابق لأنها تعني فقط الحق في ممارسة الشعائر والطقوس الدينية في دور العبادة لكل الأديان. أما حرية الاعتقاد فهي أمر آخر ولم تأت كلمة (الاعتقاد) مرادفة لكلمة العبادة وذلك لأن حرية الاعتقاد تشمل الحق في الاعتقاد في دين معين والحق في تبديله أيضاً وهذه هي الحرية الحقيقية وهذا يأتي متسقاً مع ما ورد في المادة (24) من دستور الإنقاذ سنة 1998م التي تنص على حرية اختيار الدين ودون الاضرار بهذه الحرية، والغريب هنا هو أن دستور الإنقاذ لسنة1998م يعد أحد مصادر الدستور القادم إلى جانب نصوص الاتفاقيات ثم أن المادة (24) من دستور الانقاذ مطابقة تماماً للمادة (1 من العهد الدولي للحقوق المدنية السياسية فلماذا إذن تريد الحكومة السودانية تطبيق مستوى من الشريعة ينسف كل هذا الحق وينص على أحكام الردة في حالة تبديل المعتقد كما ورد في المادة 126 من القانون الجنائي الإنقاذي لسنة 1991م والساري المفعول. ثم إن رئيس الحكومة السودانية يؤكد على هذا المستوى من التشريع بل ويمدحه في الصحف اليومية ويشيد بالمشير جعفر نميري لأنه قد طبق هذا المستوى من التشريع وهو أول من جاء به في قوانين سبتمبر 1983م كأول رئيس سوداني يطبق الشريعة، وكل هذا إنما يؤكد لرؤية دينية التي يدعو حزب المؤتمر الوطني الحاكم لتطبيقها في السودان أي نسخة سبتمبر 1983م ويزداد الأمر تأكيداً بالاتفاق الحالي بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم وحزب جعفر نميري وقد أصبحا اليوم حزباً واحداً. وللمفارقة فإن رئيس الحركة الشعبية قد أعلن وقبل عدة أيام من تصريح المشير عمر البشير المذكور آنفاً، أنه ضد قيام الدولة الدينية في السودان وهنا يأتي حديث الدكتور جون قرنق متسقاً تماماً ومطابقاً لما ورد في وثيقة الدين والدولة وكل هذا وقع في مناخ تتبادل فيه الحكومة مع الحركة الاتهامات المختلفة باجهاض عملية السلام وستزيد خطوة ادماج حزب جعفر نميري مع الحزب الحاكم المسألة تعقيداً فنميري هو العدو الأعدى للحركة الشعبية فلن تقبل به شريكاً في سلطة لأنها تعلم أن الشعب كله قد لفظه، ووجوده كفيل وحده بتعطيل اتفاقية السلام بأكثر مما هي الآن. ثم إنني أعتقد أن الحركة الشعبية لتحرير السودان والتي تحولت الآن إلى حركة سياسية تريد أن يكون لها مواقع أقدام في الشمال وقاعدة جماهيرية وعليه فلن تجازف بمجاراة الحزب الحاكم إلى ما لانهاية خاصة وأن الجماهير السودانية المحبطة قد فقدت الثقة نهائياً في القوى السياسية التقليدية التي أضرّت كثيراً بالسودان منذ بداية الحكم الوطني. ولقد تقبل معظم السودانيين اليوم فكرة السودان الجديد الذي تنادي به الحركة ولازالت تنادي به وتعمل على أن يكون ذلك واقعاً فعلياً ثم هل تستطيع الحركة أن تهمل تطلعات الجنوبيين المقيمين بالشمال والأقليات غير المسلمة والكثيرين من المسلمين في الشمال من الذين تختلف توجهاتهم الدينية مع توجهات الحكومة؟؟. إن الحركة لن تستطيع أن تهمل كل ذلك لأن فكرة السودان الجديد من استراتيجياتها الأساسية ويقيني أنه لو اندلعت انتفاضة شعبية اليوم في أي صورة من الصور فإن الحركة ستنحاز إلى جانب الشعب لأن الإرادة والسيادة له أولاً وأخيراً.
    أعود لوثيقة علاقة الدين بالدولة فأرى في المادة (6-3) أن الأهلية للوظيفة العامة بما في ذلك منصب الرئاسة والخدمة العامة والتمتع بكافة الحقوق إنما يقوم على أساس المواطنة وليس الدين فإين هذا كله من اجترار الحكومة للموروث الفقهي الذي لايعطي غير المسلم الولاية على المسلم في كل درجاتها ولا يعطي للمرأة حقاً متساوياً مع الرجل في المسائل العامة فكيف يمكن تطبيق كل هذا مع وجود النصوص التي أوردناها وترجمناها من الوثيقة الخاصة بعلاقة الدين بالدولة وفي غياب الفكرة التطويرية للتشريع الإسلامي لدى الحزب الحاكم. ثم إن هذا الصنيع يصادم أيضاً المادة (3-1-1) من الوثيقة المذكورة والتي وقعت عليها الحكومة وقد ورد في هذه المادة أن الدستور القومي للسودان هو القانون الأعلى في البلاد ويجب أن تخضع له كل القوانين وهو دستور روحه المواطنة وأساسه الحقوق المكفولة بموجب عقد المواطنة لا الدين أو المعتقد. وهكذا تصبح الخطوة الاستباقية بتثبيت الشريعة الاسلامية مجرد مزايدة أو مدافعة لحركة الهوس الديني داخل الحزب الحاكم نفسه أو خارجه. ثم إن اللجنة القومية لمراجعة الدستور الوارد ذكرها في المادة (3-1-2) ستقوم بعملية مراجعة شاملة للدستور أثناء الفترة الانتقالية وستواجه هذه اللجنة معضلة عدم دستورية بعض القوانين الغير متسقة مع نصوص وروح الاتفاقيات التي هي مصدر رئيسي من مصادر الدستور الذي ينبغي ألا يتعارض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والتي نصت اتفاقيات السلام على ضرورة الالتزام بها وتطبيقها.
    ما الحل؟
    رسالة إلى المزايدين بالموروث الديني الفقهي والمتهافتين على الحداثة:
    أولاً أقول للمزايدين إنكم بصنيعكم هذا إنما تخاطبون العواطف الفجة ولا تخاطبون العقول لأن تطبيق الموروث غير ممكن كما أثبتت ذلك التجربة العملية ثم إن الإصرار على تطبيقه هو خطأ ديني في ذات الوقت لأنه مخالفة صريحة للأمر القرآني: {واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون..} وفعل التفضيل (أحسن) يعني أفضل بمقتضى حكم الوقت ولكم شواهد على ذلك من تاريخكم التشريعي نظريةً وتطبيقاً، وهذا هو عمر بن الخطاب الخليفة الثاني يمتنع عن دفع سهم المؤلفة قلوبهم بعد أن أعز الله الإسلام على الرغم من وجود النص القطعي بذلك فهل خرج عمر بن الخطاب بصنيعه ذلك من الدين وشاهده القرآن: {وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر..} تلك هي الحرية الحقة التي لا تستطيع أن تنوشها أسهم المؤلفة قلوبهم إغراءً لهم بالمال أو إكراهاً لهم بالسيف على الرغم من وجود آيات السيف في القرآن. أما الفئة المتهافتة على الحداثة فهي بالضرورة متحيزة لتجليات الحداثة في الغرب مصداقاً لنبؤة النبي الكريم: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر ذراعاً بذراع حتى ولو دخلوا جحر ضب خرِب لدخلتموه..)) ومن هنا فالذين ساووا بين المسلم وغير المسلم في دستور 1998م وساووا فيه بين المرأة والرجل لم يفعلوا ذلك وفق منهجية علمية تطويرية وإنما هو قفز عبر الفضاء وقول بالرأي الفج _كما يعبر الاستاذ الشهيد محمود محمد طه_ ولعمري فإن مثل هذا الصنيع لا ثمرة له غير إبراز فضيلة العلمانية على الدين في مقام الحرية والمساواة بين جميع البشر. أما الدين المستنير فهو بلاريب حاجة البشرية كلها اليوم بعد أن فشلت وبالتجربة العملية كل الأيدولوجيات والفلسفات المعاصرة وكذلك الاتجاهات الدينية التقليدية في حل قضايا الإنسان المعاصر.
    فما الحل؟؟؟
    أرى أن تقوم الدولة المدنية في السودان المؤسسة على حق المواطنة وأن يؤسس وفق تشريع دستوري للمنابر الحرة ليطرح كل تنظيم ديني أو غير ديني برامجه على الشعب ليوعي الشعب ثم يحكم في كل هذه الآراء ثم يختار، وقبل ذلك فإن على كل صاحب دين أن يتمثل قيمه الأخلاقية الرفيعة في أدائه لعمله العام تنفيذاً لتعاليم دينه هو أياً كان هذا الدين لأن كل الأديان تدعو إلى للقيم الإنسانية الرفيعة وإلى مكارم الأخلاق والشفافية والصدق والاتقان وهذا هو ما نعنيه بإدخال روح الدين في السياسة وفي نفس الوقت فصل الدين عن الدولة لأن الدولة جهاز لادين له ووظيفته تقوم على الائتمان والاتقان والتجرد التام للمصلحة العامة.
    * الكاتب رئيس المركز السوداني لحقوق الإنسان المقارنة
    [email protected]

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147509994&bk=1
                  

04-17-2008, 11:44 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    كان صوتاً للعقل والحقوق الأساسية

    رحيل الريشة المبدعة : عز الدين عثمان
    تقرير : عادل إبراهيم
    في صمتٍ وبعد صراعٍ طويل مع المرض رحل عن عالمنا رائد فن الكاريكاتير السوداني الفنان عز الدين عثمان(1933_2008)، وبرحيله تنطوي صفحة مشرقة من صفحات التشكيل السوداني متمثلة في أحد أبرز فناني الكاريكاتير على إمتداد ما ينيف عن الأربعين عاماً في معالجة ونقد قضايا الساحة السودانية السياسية والاجتماعية والفنية والرياضية مخلفاً تأريخاً ثراً لفترات شديدة الخصوبة والتعقيد من عمر السودان الحديث وشاهداً على حقبٍ اجتماعية شتى ، وكأن بها تقول (قدر الفنان ألا يموت !) ..
    عز الدين عثمان من مواليد الخرطوم في العام 1933م وتخرج في كلية الفنون الجميلة، عمل عقب تخرجه في شركة (ميشيل كوستا) بالخرطوم . وبدأ نشر أعمال الكاريكاتورية في جريدة (الأخبار) لينتقل بعدها إلى جريدة (الصحافة) و(الرأي العام) والتي توقفت أوائل السبعينيات بقرار حكومة مايو الشهير بتأميم الصحافة . لينتقل بعدها الفنان الراحل للعمل بصحيفة (الايام) والتي عمل بها طيلة فترة حكومة مايو . وإثر اشتداد قيود النشر التي كان يصدرها الاتحاد الاشتراكي هاجر عز الدين عثمان أوائل الثمانينيات إلى دولة الإمارات العربية المتحدة ليعمل في صحيفة (البيان) وبعد عودته واصل نشر أعماله ورسوماته بصحيفة (الرأي العام) حتى أقعده المرض . وتعتبر أعمال الفنان عز الدين عثمان الأكثر جرأة في نقد الحكومات التي تعاقبت على السودان، وجاء في نص نعي الجمعية السودانية للدراسات والبحوث في الآداب والفنون والعلوم الإنسانية – باريس، أن عز الدين عثمان الفنان التشكيلي الموهوب والرسام صاحب الحس النقدي المرهف مدرسة بحالها في أدب الصورة كنوع متميز في أنواع العمل السياسي الحديث واعتبر بيان النعي أن مساهمة عز الدين عثمان التي تجسدت في فن الكاريكاتير مساهمة رائدة على أكثر من مستوى سياسي وجمالي واجتماعي، كونها انطلقت كمبادرة نقدية فردية لكن الوعي الاجتماعي التقدمي الذي ظل يغذيها ويحفزها على تعاقب السنين بإختلاف الأنظمة السياسية، كان لا بد له أن يجعل رأي عز الدين الشخصي قضية عامة تهم الجميع ويكسبها مشروعية سياسية نوعيتها الأصيلة تتجاوز بمراحل مشروعيات أغلب رموز العمل السياسي في السودان الحديث.
    تاريخ ومدارس الكاريكاتير
    الكاريكاتير فن يعتمد على الرسم مع تعريف ملامح وخصائص ومميزات الشخوص والموضوعات ، وكلمة (كاريكاتير) مشتقة من الكلمة الإيطالية (Caricare) التي تعني يبالغ أو يحمل ما لا يطيق (over load) ويؤكد الأكاديمي د. ممدوح حمادة في كتابه القيم (المراحل الأساسية لتطور فن الكاريكاتير) أن الكاريكاتير كفن مستقل تبلور بشكل تقريبي في أواخر القرن الثامن عشر وبشكل أساسي في بلدان أوروبا متأسساً على القاعدة الفنية لعصر النهضة الأوروبية .
    ولكن يبقى الكاريكاتير كفن مركب من عنصري التشكيل : الرسم، والدراما : كوميديا الحدث، يضرب بجذوره في عمق التاريخ الإنساني حيث تعتبر الباحثة حنان عثمان في دراستها المعنونة (الكاريكاتير : فن المأساة الضاحكة) أن قدماء المصريين أول من تنبه للكاريكاتير كفن يحقق غرض السخرية من الحكام والسلطات المستبدة ، وباليونان تذكر الباحثة حنان عثمان أن أرسطو قد ذكر اسم رجل يدعى (بوستن) كان يرسم رسوماً ساخرة وأنه قتل بسبب تلك الرسوم . وفي العصر الحديث انتشر فن الكاريكاتير في هولندا وإنجلترا على يد (جورج توتسهد) كأداة للتحريض السياسي وفي إيطاليا ظهر فن الكاريكاتير على يد جيروم بوش وينبال كاراتشي ويعِد بعض المؤرخين ليوناردو دافنشي عراب الكاريكاتير في إيطاليا . أما فرنسا فقد تطور الكاريكاتير فيها على يد شارل نيليبون الذي كان يصدر مجلة كاريكاتيرية في القرن (19) باسم (الشيفاردي) .
    وترى الباحثة حنان عثمان أن فن الكاريكاتير قد تأخر ظهوره في العالم العربي وكان أول من رسم وكتب تعليقات كاريكاتيرية هو الصحفي يعقوب صنوع في جريدته (أبو نضارة) لتظهر بعده مجموعة من فناني الكاريكاتير إبان الفترة الاستعمارية مثل الفنان رضا (العم الكبير) والفنان عبد السميع في أعمال يدعو غالبها إلى التحرر الوطني . وبالعراق الفنان غازي مبتكر شخصية البغدادي الذكي وبسوريا ظهر عبد اللطيف ماديني وعلي فرزات وبلبنان خليل الأشقر .
    ولفن الكاريكاتير عدد من المدارس،تتنونع في أساليبها ورؤاها كالمدرسة الأوروبية الشرقية التي تعتمد على الرسم فقط لتقديم الفكرة بدون تعليق والمدرسة الأوروبية الغربية التي تعتمد على الرسم التخطيطي البسيط في وجود نكتة أو حوار ضاحك لخلق الفكرة المراد توصيلها والمدرسة الأمريكية التي تجمع بين المدرستين السابقتين .



    الفنان طيب المجتمع :
    وبإشارة للعديد من الفنانين المراقبين تعتبر الفترة التي قضاها الفنان الراحل عز الدين عثمان بصحيفة (الايام) هي الفترة المركزية لتجربته في مجال فن الكاريكاتير وتأسست عليها شهرته الواسعة . وكتب عن ذلك التشكيلي المقيم بالولايات المتحدة د. النور حمد في معرض التوثيق لريادة عز الدين عثمان (لا يمكن أن يذكر الناس حقبة الديموقراطية الثانية من غير أن يذكروا عز الدين عثمان . بعد أن سقط نظام الفريق عبود في أكتوبر 1964م وعادت الصحافة الحرة إلى الظهور بعد غياب ست سنوات ، وعلى رأسها صحيفة الأيام ، وظهر معها عز الدين عثمان وليداً خرج إلى الوجود بأسنانه مكتملة في فمه، كان كاريكاتير عز الدين أقوى من أي عمود يكتبه صاحب أي عمود في تلك الحقبة . وكان الكثيرون يشترون الايام لكي ليطالعوا كاريكاتير عز الدين . وجَّه عز الدين سهام نقده الطريف والناقد للرئيس الأزهري وللسيد الصادق المهدي ، ولنصر الدين السيد ولصلاح بن البادية وهو يرشح نفسه في دائرة أم ضبان وللمحجوب وللدكتور حسن الترابي وطلابه بجامعة الخرطوم يبدأون مسلسل العنف الطلابي وهم يعتدون على رقصة العجكو في جامعة الخرطوم . ولم يسلم سياسي منه السياسيين من لسعات عز الدين عثمان . كان عز الدين صوتاً للديموقراطية والحزب الشيوعي يمر بمحنة الحلْ، وطرد نوابه من البرلمان . وكان صوتاً للعقل والحقوق الأساسية والأستاذ محمود محمد طه يتعرض لمحكمة الرد الأولى في 1968م .
    ويقيناً لن يشمل هذا الأخير الإسهام الباذخ للراحل عز الدين عثمان بقدر ما تحمل آيات تقديرٍ في مقام الفقد المفاحيء ، مرفقةً بخالص التعازي لأسرته وزوجته السيدة سامية محمد الحسن وأبناؤه وبناته ، ومن قبل شعبه الذي أحبَّ وعَشِقْ .

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147509970&bk=1
    _________________
                  

04-17-2008, 11:47 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    اسرار وخفايا محاكمة الاستاذ محمود محمد طه (1_2 )

    ومقرر الامم المتحدة الخاص لحالات الاعدام ( الظالمة )


    إبراهيم يوسف

    كان واعظ مصرى قد حضر للسودان وهو داعية فتنة وعنف اذ تسبب فى عنف ضد المسيحيين فى مصر قتل فيه بعض المسيحيين وفى السودان اخذ يهاجم كبار الصوفية الذين يمثلون تراث البلد الصوفى الذى اورثنا التسامح ورغم تهديد الشيخ المصرى للأمن فقد تبناه المسئول عن رئاسة جهاز الامن السيد عمر محمد الطيب فى جامعه ومن هناك اخذ طريقه لأجهزة الاعلام الرسمية ليهاجم الشيخ الاكبر ابن عربى وليهاجم الجمهوريين والفكرة الجمهورية والجمهوريون فى بلدهم لم يعطوا الفرصة ليدافعوا عن تراثنا الصوفى وعن فكرتهم ولذلك اصدروا كتابهم ( الهوس الدينى يثير الفتنة ليصل الى السلطة ) نبهوا فى كتابهم السيد رئيس جهاز الامن لتفريطه فى امن البلد بتبنيه لداعية الفتنة والعنف المشئوم الوافد على بلادنا وبدلا من ان يتنبه السيد رئيس الجهاز لمسئوليته الامنية التى أخذ الجمهوريون يصدرون عنها اشرطة الكست فانه قد اتجه لاعتقالات قيادات الجمهوريين والجمهوريات واعتقال الاستاذ نفسه وقد استمر هذا الاعتقال لاكثر من سنه ونصف بكوبر وحين كان الاستاذ والجمهوريون بالمعتقل قد صدرت قوانين سبتمبر فأصدر الجمهوريون وهم داخل المعتقل كتابهم الموقف السياسى الراهن وكان نصحا لحكومه مايو كما اصدروا بيانا بتاريخ 11/8/1984 فنصحوا مايو بانها بقوانين سبتمبر اخذت تسير فى الظلام اذ هى قوانين مفارقة للدين وللشريعة وقد تعرض المنشور لاعلان نميرى للتجسس كما ذكر ان الاسلام سيعود بالسنة وليس بالشريعة كما انتقد تعديل الدستور لاقامة امامة نميرى غير المحددة بزمن وان ما يجرى فى البلد الان قد شوه الاسلام وهدد وحدة البلد وان مايو غير مؤهلة لبعث الاسلام ( وسيجئ الاسلام بنقاوته وطهره يوم يجئ وسيكون للعالم مفازه وملجأ ويومها لن يختلف فيه اثنان وسيجئ بنفحته الروحية الظاهرة باياته التى تخضع لها الاعناق )
    زبانية الامام يحاكمون الاستاذ محمود بدون قضية
    منذ عرفت المحاكم لم تعرف محكمة بدون قضية دعوى واتهام وبينات
    ودفاع ولكن عكس كل ذلك حدث ايام الحكم ( الاسلامى المزعوم ) اذ اصدرت
    محكمة الاستئناف فى مهزلة قضية الرجل الشجاع صلاح المصباح حكمها الاستطرادى على الاستاذ محمود بخروجه على الكتاب والسنة كما ذكر الاستاذ ان حكومة نميرى تدبر لنا محاكمة امام محاكم الهوس فقال ( نحن اخرجنا من المعتقلات لمؤامرة نحن اخرجنا فى وقت يتعرض فيه الشعب للاذلال والجوع بصورة محزنة ونحن عبر تاريخنا عرفنا باننا لا نصمت عن قولة الحق وكل ما يحتاج ان يقال له فى نفسه شئ قلناه له ومايو تعرف هذا الامر عننا ولذلك اخرجتنا من المعتقلات لنتكلم لتسوقنا مرة اخرى ليس لمعتقلات امن الدولة وانما لمحاكم ناس المكاشفى لكن نحن ما بنصمت ) ورغم كل هذه النذر والمهددات فان الاستاذ يوم خروجه من السجن يوم 19/12/1984 بعد خروج السيد الصادق يوم 18/12/1984 قد اعلن الاستاذ مواجهة النظام وخرج مع الجمهوريين فى الميدان العام وقال لهم خروجكم هذا عصيان مدنى ولذا لا بد ان اكون معكم وامامكم وهكذا كان الاستاذ محمود
    وما الفرق بين الانام وبينه اذ حذر المحذر واستصعب الصعب
    فاصدر الجمهوريون منشورهم الشهير كانذار قدم للطاغية على كف اسد ( هذا او الطوفان ) وقال الاستاذ ( نميرى شعر بالسلطه تتزلزل تحت اقدامه فانشأ هذه المحاكم ليرهب بها الناس ليستمر فى الحكم واذ لم تكسر هيبة هذه المحاكم لن يسقط نميرى واذا كسرت هيبتها سقطت هيبته عورض واسقط ونحن سنواجه هذه المحاكم ونكسر هيبتها واذا المواطنيين البسيطيين زى الواثق صباح الخير لاقو من المحاكم دى ما لاقو فا صحاب القضية اولى ) وهكذا قاطع الجمهوريون المحكمة لانها مشكله بقوانين سبتمبر الظالمة وحاكمها الاستاذ محمود بقوله ( أنا أعلنت رأى مرارا فى قوانين سبتمبر 1983م من أنها مخالفه للشريعه وللأسلام أكثر من ذلك فأنها شوهت الشريعه وشوهت الأسلام ونفرت عنه يضاف الى ذلك أنها وضعت وأستغلت لارهاب الشعب وسوقوه الى الاستكانه عن طريق إذلاله ثم أنها هددت وحده البلاد هذا من حيث التنظير
    أما من حيث التطبيق فإن القضاة الذين يتولون المحاكمه تحتها غير مؤهلين فنيا وضعفوا أخلاقيا عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذيه تستعملهم لاضاعه الحقوق وإذلال الشعب وتشويهه الاسلام وأهانة الفكر والمفكرين وإذلال المعارضين السياسيين ومن أجل ذلك فإ نى غير مستعد للتعاون مع أى محكمه تنكرت لحرمة القضاء المستقل ورضيت أن تكون أداة من أدوات إذلال الشعب وأهانة الفكر الحر والتنكيل بالمعارضين السياسين ) ..
    حديث الفداء
    كان الاستاذ فى الليلة التى اعتقل فى منتصف نهارها التالى 5/1/1985 قد اعلن فى جلسة الجمهوريين حديث الفداء وكيف كان الصوفيون يتقدمون لفداء المواطنين من الاوبئة الفتاكة فيموت الشيخ الكبير ويرتفع الوباء وعلى الجمهوريين ان يفدوا شعبهم من المحنة والمآسى الماثلة
    وكانت اعتقالات الجمهوريين بتوزيع المنشور تحت المادة 127/أ ازعاج السلام ولكن تدخل الوزير الجنائى محمد آدم عيسى فحول المواد الى محاربة السلطة فى القانون الجنائى وقانون امن الدولة وضم الاستاذ محمود للمتهمين وقال الاستاذ محمود فى اقواله انه المسئول عن كل نشاطات الفكرة الجمهورية وعن موقف المواجهة واصدرت المحكمة حكمها على الاستاذ و الجمهوريين الاربعة بالاعدام ولكن محكمة الاستئناف اقحمت تهمة الردة بدون ان ترجع القضية لمحكمة اول درجة او تسير فى التهمة الجديدة بعد السماع من المتهمين بل اصدرت محكمة الاستئناف حكمها واكثر من ذلك حجبت حكمها الجائر عن المحكمة العليا هل لذلك صلة بوثيقة التأمر التى وجدت بالقصر وكان السيد النيل ابو قرون رفع منشور الجمهوريين للنميرى وقد اعتقل عدد منهم قائلا ( وقد اتاحوا لنا فرصة تاريخية لمحاكمتهم ) وكان رد نميرى وتعليقه على هذا المنشور ارى بين سطوره ( الردة بعينها ) وطلب من كهنة القصر عوض والنيل وبدرية وبابكر مسئول الزكاة طلب منهم ان يجتمعوا حول المنشور ( ليحكموا قبل المحكمة ) وهكذا اسندت المحاكمة لحسن المهلاوى قريب النيل ابوقرون بعد ان رفع من عضو مجلس قضاة الى محكمة طوارئ



    تآمر مجلس الامن القومى
    جاء فى جريدة الميدان 4ربيع ثانى 1407 ما يأتى :-
    ( لن يكمل كشف وفضح جريمة اعدام الشهيد محمود محمد طه ما لم تفتح الحكومه ملفات محاضر مجلس الامن القومى فى تلك المرحله انها موجوده وقد سلمت لجهاز الامن الجديد ان محاضر اجتماعات مجلس الامن الاسبوعية منذ الاسبوع الاول من ديسمبر 1984 حتى الاسبوع الثالث من يناير 1985 تكشف الكثير من ابعاد الجريمة فهذه الفترة بين اطلاق سراح الاستاذ محمود من الاعتقال ثم اعتقاله ومحاكمته واستشهاده ظلما فى 18/1/1985
    كان هذا تعليق الاستاذ محمد ابراهيم نقد السكرتير العام للحزب الشيوعى رد على سؤال للميدان حول ذيول الجريمة بعد ان صدر قرار المحكمة العليا وقال ان الشهيد محمود اطلق سراحه عندما كان السفاح يفكر فى مشروع مصالحة جديدة ( كذلك اطلق سراح السيد الصادق ) وكما اوضح محمود رايه فى القوانين القمعية المزينة بأسم الشريعة طرح امر اعتقاله ومحاكمته على مجلس الامن القومى واختلف راى المجلس وكانت هناك اغلبية ضد الاعتقال والمحاكمة ولكن السفاح اصر على المحاكمة فتمت
    وسألت ( الميدان ) من صوت مع ومن صوت ضد القرار ؟ ورد الاستاذ نقد ( حسب علمى فقد وقف ضد القرار المرحوم على يس وزير الداخلية يومذآك والسيد كمال حسن احمد عثمان نائب رئيس جهاز الامن والفريق اول سوار الدهب وزير الدفاع وكان الرأى الغالب لدى هؤلاء التحفظ عليه فى منزله
    اعترض نميرى وايده عوض الجيد ثم توالت الجرائم قتل وعدم احترام لحرمة الموتى واقتراح بحرق جثته وذرها على البحر الاحمر ( خارج حدود السودان ) ثم انتهى بهم الامر لي نقله بطائرة هيلكوبتر الى جهة مجهولة حيث تخلصوا من الجثة بطريقة يمكن تصورها
    عاد الاستاذ نقد ليؤكد ان ابعاد الجريمة لن تعرف تماما الا بكشف ما كان يدور خلف الابواب المغلقة انذآك
    وحين يطالب الاستاذ نقد بكشف ابعاد الجريمة المؤامره فان السيد الصادق كان موقفه من لجنة التحقيق التى كونها النائب العام بعد صدور حكم المحكمة العليا بابطال محاكمة الاستاذ محمود وتبرئته التى مارست صلاحياتها القانونية بالاعتقال لقضاة المهزلة وكهنة القصر هاجت صحف الجبهة فانحنى لها السيد الصادق المهدى واوقف اللجنة التى ظهر انه يجهل قانونها الذى كونت بموجبه كما نبه لذلك القانونيون فمما قاله مصدر قانونى فى الرد على السيد الصادق الذى كان رئيس للوزراء بعد الانتفاضة ان امر التكليف الصادر من النائب العام جاء وفق صلاحياته والنائب العام مخول صلاحياته للجنة التحقيق بموجب مواد قانونية تحدد له سلطة فى القبض والتحرى وكافة الاجراءات القانونية المنصوص عليها فى قانون العقوبات واوضح انها قد استعملت في العديد من لجان التحقيق مثل قضية الفلاشا وقضية مديري انقلاب مايو وقضية مقتل الامام الهادي ( ولا زال المتهمون بسجن كوبر رهن الاعتقال) وفي نفس النصوص وتم فتح بلاغات في كافة تلك القضايا فور صدور امر التكليف بالتحقيق كما اعلن الاستاذ طه ابراهيم ان لجان التحقيق لها سلطة القبض وما قامت به اللجنة هو الاجراء الوحيد الذي يتفق مع ما جرت عليه الأعراف في مثل هذه الحالات كما اعلن الاستاذ اسماعيل ابو شوره نربأ بالسيد/رئيس الوزراء تناول اي امر لا يزال قيد النظر أمام القضاء تحريك البلاغ سلطة تقديرية للجنة لتحقيق كما اعلن نقيب المحامين ان السيد رئيس الوزراء منع الصحفيين من التعرض لاى موضوع قيد النظر امام القضاء بينما سمح لنفسه بالخوض في هذه القضية كتاب يوميات الدولة الاسلامية صفحه83/84 .
    وهكذا اخذ القانونيون على السيد الصادق تبريرة لاعتقال المتهمين في قضية الامام الهادي وايقاف لبلاغات وتحريات وتحقيق لجنة قضية الاستاذ محمود مع انها مكونة من نفس القانون الذي كونت به لجنة قضية الامام الهادي وقال انه سينظر في الأمر حتى (يطمئن قلبه) ويبدوا ان قلبه لم يطمئن وكان السيد/ الصادق قد أطلق سراحه من الاعتقال يوم 18/12/1984 وتم اطلاق سراح الاستاذ يوم 19/12 فاعلن الاستاذ مواجهة السلطة بمنشوره الشهير هذا او الطوفان في الوقت الذي ظهر فيه السيد الصادق للعب البولو مع ابي القاسم محمد ابراهيم فان كانت غيره السيدالصادق وحساسيته ضد التحقيق في اغتيال الاستاذ محمود منطلقة من هذا الموقف فليطمئن انه ليس هناك من ينتظر منه ان يكون في قامة الاستاذ محمودالجريئة العالية السامقة .
    ( نواصل )

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147509843&bk=1
    ___
                  

04-17-2008, 11:47 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    اسرار وخفايا محاكمة الاستاذ محمود محمد طه ( 2_2 )
    ومقرر الامم المتحدة الخاص لحالات الاعدام ( الظالمة )

    إبراهيم يوسف

    سألت الصحفية احلام حسن سلمان في حوار كان قد نشر في جريدة الصباحية الخميس 23 جمادي الآخر 1421هـ (سيادة المشير نميرى برغم انك قوي تأمر ولا تؤمر ولكن دفعت دفعاً للموافقة على إعدام محمود محمد طه لان البعض اراد ان يزيحه عن طريقه وضع يديه على راسه ونظر الى اسفل وأمتلأت ملامحه باسى حقيقي حتى اشفقت عليه وندمت على هذا السؤال وبعد ان خلت صمته لا ينتهي قال – ندم العالم كله لن يكفيني حين اذكر محمود محمد طه ذلك الرجل الشيخ اسير آرائه العجيبة لم اكن اريد قتله الترابي قال لي ان محمود محمد طه يريد ان يكون حلفاً مع اليسار ضدي وقال لي ان الجمهوريين قوة لا يستهان بها اذا اجتمع هو واليسار فاني لا محالة هالك فجاء قرار اعدامه حمله لي الترابي وطلب توقيعى عليه وقتها كان الامر جد خطير في الداخل والخارج وحاول الجميع من قبل إثناء محمود محمد طه عن آرائه تركت القرار دون توقيع لمدة يومين في صباح اليوم الثالث ذهبت اليه بالملابس المدنية وقلت له يحزنني ان تموت فقط تنازل عن آرائك ولكن تحدث معي بطريقة ظننتها صلفا وقتها ولكن الآن عرفت انها كبرياء بدقائق الامور وقال لى تنازل انت عن آرائك اما انا اعلم اني سأقتل واذا لم اقتل في محاكمة علانية سيقتلني الاخوان المسلمين سراً) اذهب واتركني انا اعلم اني ساموت . والكاتبة والصحيفة الامريكية جوديث ميلر المراسلة السابقة لصحيفة نيويورك تايمز في الشرق الاوسط فقد حضرت مشهد تنفيذ حكم الاعدام على الاستاذ بسجن كوبر وقد وصفت ذلك في كتابها الذي سمته (لله تسعة وتسعين اسماً) وقد قالت لن انسى ما حييت التعبير المرتسم على وجهه (تعني الاستاذ) كانت عيونه متحدية ولم تبدوا عليه اي علامة من علامات الخوف كما كتبت (ادين طه) بتهمة الردة على الاسلام وهي تهمة نفاها طه الذي اصر حتى النهاية انه ليس مهرطقاً ومرتداً عن الاسلام وانما مصلح ديني ومؤمن وقف في وجه التطبيق الوحشي للشريعة الاسلامية (قانون المسلمين المقدس) بالطريقة التى فهمها ونفذها بها الرئيس جعفر نميري من وحي الموقف احسست انا ايضاً ان طه لم يقتل بسبب يتعلق بنقص في قناعته الدينية وانما بسبب من نقصهم هم ) .
    مقابلتها لنميري بعد تنفيذ الحكم :
    كتبت ميلر انها قابلت نميرى عقب اعدام طه بقليل في نهايات يناير 1985 وقالت سألت نميرى (لم قتلت محمود محمد طه محولة مجرى حديثى معه الى منطقه اكثر حرجاً واكثر اقلاقاً رد نميرى انتم تقولون انه معتدل ولكنه غير معتدل ) ولم يزد على ذلك ثم قال القران يوصى بقتل المرتدين ولا يستطيع الرؤساء والملوك والسلاطين تغيير ذلك (هكذا امام المسلمين الذى كتب البيعة لامامته دكتور الترابى ونعته بانه مجدد القرن هذا الامام لا يعرف بداهة الفقة التى تعرف ان القران ليس فية عقوبة دنيوية على الرده ) وواصلت عن مقابلتها قائلة ( ثم غطس نميرى في كرسية ودخل فى حالة من الصمت جذب منديلاً ومسح حاجبه وبدى أنه قد نسى وجودى تماماً مرر يده بذهن شارد على شعره المجعد ووجهه الذى كان متجسداً فى حضور قبل لحظات قليلة تهالك فجاة وتراخى فكاه وتمدداً عندها تنهد وامرنى بالانصراف بتلويحه من يده وكانت تلك هى اخر مقابلاتى مع الرئيس نميرى ) .
    شهد شاهد من اهلها : الدكتور حسن مكي هو مؤرخ حركة الاخوان المسلمين بالسودان وعضو بارز بالحركة ذكر في جريدة الوفاق – 5/12/1998 قوله ( اعتقد ان الصف الاسلامي في ذلك الوقت كان جميعة مع اعدام محمود محمد طه : ويواصل التحقيق الصحفي
    س /نحن نسأل عن موقف د حسن الترابي
    ج/ انا اعتقد ان كان خائف على ان نميري ينكث عن اعدام محمود محمد طه ويدعو الله الا يحدث ذلك
    س / ولكن الترابي يعلن دائماً ان المرتد فكريا لا يقتل
    ج/ انت تريد ان تخرج لموقف الترابي وانا اوثق للتاريخ
    س/ هناك راي يقول ان د.الترابي كان حريصاً على اعدام محمود محمد طه وان محمود كان يمثل منافس شخصي له على مستوى الطرح الاسلامي ؟
    ج/ هسع الانقاذ ما كتلت ناس ؟ ماكتلت مجدي في دولارات ؟ لانه كان مؤثر على سياساتها الاقتصادية فكيف اذا كان مؤثر على مشروعك كله )
    س/ الراي الفقهي في القضية مقاطعاً (القضية سياسية ما فيها راي فقهي خصوصا ان محمود كان اقوى فى طرحه ضد الشريعة في ذلك الوقت ) .
    العلماء بدل المناقشة للافكار يحرضون السلطة .
    ذكر الشيخ حسن حامد في خطبته يوم الجمعة بجامع النيلين يوم 28/6/1985 في معرض تهجمه علي الدكتور عبد الله الطيب فقال (ذهبت وخطبت في مسجد كوبر (مسجد عمر محمد الطيب ) (رئيس جهاز الامن) ووضحت للمسلمين ان هذا خطا كبير وان اهمال الحكام لهذه المسألة) يحملهم مسئولية ضخمة أمام الله فقابلني بعض المسئولين وعلى راسهم عمر محمد الطيب وقال الى انني اريد ان اعرف راي العلماء في هذه المسألة فاعطيته اسماء المشايخ الاتية اسماؤهم الشيخ عوض الله صالح مفتي السودان السابق الشيخ صديق احمد عبد الحي المفتي يومئذ والشيخ توفيق احمد الصديق الذى حكم على محمود بالرده قبل سبعة عشر عاما والشيخ عبد الجبار المبارك والشيخ سيد امين والشيخ الامير ابراهيم مدير الدعوة والشيخ محمد نجيب المطيعي (المصري المشئوم) فاجتمع بنا في القصر وامرنا ان نعد بياناً نوضح فيه كفريات محمود) المرجع كتاب الجمهوريين(عبد الله الطيب والمجذوب اكتوبر 1985 ) .
    المحكمة العليا تبطل محاكمة الاستاذ محمود
    وكانت المحكمة العليا الدائرة الدستورية قد اصدرت حكماً في القضية 43/ق/د/1406 بتاريخ 18/11/1986 وكان حكمها يقضي ببطلان محاكمة الاستاذ محمود وما جاء في حيثيات الحكم ما ياتي ( يبين من مطالعة اجراءات محكمة الاستئناف تلك انها انتهجت نهجاً غير مألوف واسلوباً يغلب عليه التحامل مما جعل الاطمئنان الى عدالة حكمها أمراً غير ميسور وعرضة للمعايير السياسية التي لا شان لها بالاحكام القضائية ) .
    كما جاء في الحيثيات ( ونخلص من كل ما تقدم الى ان اجراءات محكمة الاستئناف الجنائية في اصدار حكم الردة في مواجهة محمود محمد طه ورفاقه كانت وللأسباب التي سبق تفصيلها جاحدة لحقوق دستورية وقانونية شرعت اصلاً لكفالة محاكمة عادلة ( على ان محكمة الاستئناف لم تكن عابئة فيما يبدوا بدستور او قانون اذ انها جعلت من اجراءات التأييد التي ظلت تمارسها المحاكم المختصة في سماحة واناة وبغرض مراجعة الاحكام مراجعة دقيقة وشاملة – محاكمة جديدة ـ قامت فيها المحكمة بدور الخصم والحكم بما حجبها عن واجبها ) والمحاكمة الجديدة كانت لاضافة تهمة الردة والحكم فيها بدون سماع لانهم يخافون مواجهة الاستاذ محمود وقد حاكمهم بانهم غير مؤهلين فنياً (وضعفوا اخلاقياً )
    في هذا الشأن لم تقتصر محاكمة محكمة الاستئناف الجنائية التي استقلت بسلطة التاييد في اصدار حكم بالردة وانما امتدت الى تأييد احكام الاعدام التي صدرت ترتيباً على الادانة بموجب قانون العقوبات وامن الدولة وهذا التاييد وان كان محمولا على اسباب في ظاهرها اقتناع المحكمة بثبوت الادانة وتناسب العقوبة الا انه في واقع الامر محمول على الردة التي استحوزت على جل ان لم يكن كل اهتمام محكمة الاستئناف الجنائية هذا علماً بان الردة لم تكن مجرمة او منصوص على عقوبتها في القانون ولكن النميري كان قد اعاد منشور الجمهوريين لكهنة القصر معلقا عليه بأنه يرى في المنشور (الردة بعينها) ولكن المنشور قد كان هو مستند المحاكمة الوحيد كان يطالب بالغاء قوانين سبتمبر لمخالفتها للشريعة واعطاء الاخوة الجنوبيين حقهم في المواطنة المتساوية والحل السلمي لمشكلة الجنوب وفتح المنابر الحرة لنرتفع الى الاسلام المستنير حيث الحل الحضاري لمشكلة الجنوب والشمال بدل الدعوات الاسلامية الجامدة المتخلفة التي لن تورث الشعب الا الفتنة والحرب الاهلية وحين قال النميري انه يرى في المنشور ( الردة بعينها ) واقحمت محكمة الاستئناف الحكم بالردة التى هى اساساً لم تكن واردة بالقانون فان المحكمة العليا تقول في ابطالها لحكم محكمة الاستئناف كان الواجب ( ان تقتصر العقوبة على ما كان يتناسب وفعل المحكوم عليهم وهو فيما نعلم لا يتعدى اصدار منشور يعبر عن وجهة نظر الجمهوريين في قوانين كانت وما زالت محلاً للآراء المتباينة على الساحتين الدولية والمحلية مما لا يعدوا ان يكون مخالفة شكلية (وان كانت كذلك اصلا) لا تتناسب عقوبة الاعدام جزاء لها .
    كما جاء في حيثيات المحكمة العليا ( لعلنا لا نتجنى على الحقيقة لو اننا قلنا ان تنفيذ الحكم ما كان ليتم لولا ان محكمة الاستئناف اضافة الادانة بالردة وهو ما لم يكن ليصدر اصلاً فيما لو كانت الاجراءات قد عرضت على المحكمة العليا بدلاً ان تستقل محكمة الاستئناف باجراءات التأييد لتنتهي الى ذلك الحكم من خلال المخالفات القانونية والدستورية التي تناولناها فيما تقدم ) .
    الامم المتحدة تقيم مقرر خاص (حالات الاعدام بلا محاكمة او الاعدام التعسفي او باجراءات موجزة ) حسب طلب لجنة حقوق الانسان بقرارها 1982/29 وكان ذلك في اطار آلية الأمم المتحدة لحقوق الانسان كما ان من واجب المقرر الخاص (هـ) ان يولي اهتماماً خاص لحالات الاعدام بلا محاكمة والاعدام التعسفي او باجراءات موجزة عندما يكون الضحايا من الافراد الذين يضطلعون بانشطة سلمية دفاعاً عن حقوق الانسان والحريات .
    وينهض المقرر الخاص بولايته استناداً الى المعلومات التي توجه اليه من الافراد والمنظمات ...) .

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147509874&bk=1
    _________________
                  

04-17-2008, 11:49 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    محاكمة الاستاذ محمود محمد طه هل كانت سياسية؟!
    إبراهيم يوسف

    ضرورة المنابر الحرة للوصول للفرقة الاسلامية الناجبة
    جاء في الصحف السودانية نقلا عن تحقيق جريدة الاهرام المصرية مع د.الترابي سؤال المحررة (الا تخشون ان تواجهوا ذات المصير الذي واجهه الشيخ محمود محمد طه الذي اعدم في عهد نميرى بعد اراء مثيرة للجدل؟
    وكانت اجابة د.الترابي (محمود محمد طه حوكم وفقا لعقوبة كانت مقررة قبيل محاكمته ولن اقدم للمحاكمة في السودان لانه لا جناية عندنا في السودان اسمها الزندقة هذه الالفاظ التي يطلقونها هراء ومحاكمتي لن تحدث) هذا ما سطره د.الترابي وكل القانونيين السودانيين يعلمون ان محاكمة الاستاذ محمود قد تمت وليس في القانون عقوبة للردة كانت مقررة كما زعم الدكتور الترابي واخر ما نشر في ذلك حديث الاستاذ خلف الله الرشيد رئيس القضاء السوداني السابق الذي نشر بجريدة البيان الاماتية في 10/5/2005م تحت عنوان (اعدام طه خطأ ولا يستند الى مادة في القانون) كما ورد الحديث (اكد خلف الله الرشيد رئيس القضاء السوداني ان اعدام المفكر محمود محمد طه الذي جرى ابان حكم الرئيس الاسبق جعفر نميرى كان خطأ وقال ان القانون لا يتضمن حد الردة الذي تمت محاكمة طه بموجبه وكشف رئيس القضاء ان قرارات محاكمة العدالة الناجزة قد تم اعدامها وان محكمة الاستئناف لم تعثر على اوراق المحكمة التي قضت باعدام طه) انتهي والحق ان خلو قوانين سبتمبر 1983م من عقوبة الرده يعرفها حتى طلبة القانون فيقرأون في مقررهم.. (بتصفح كامل لصفحات قانون العقوبات لسنة 1983م ومواده لن تجد كلمة واحدة تتحدث عن جريمة (الردة) ص55 من كتاب مبدأي الشرعية والاقليمية في القانون الجنائي السوداني وعكس ذلك تماما كل القانونيين السودانيين وطلبة القانون يعرفون ان عقوبة الردة مقررة الان في المادة 126/أ في القانون الجنائي السوداني لعام 1991م الذي صدر ايام قبضة د.الترابي على الحكم في السودان ترى لماذا يغالط د.الترابي كل هذه المغالطة المكشوفة ويعلن ما يغاير الحاصل تماما هل هو بذلك يمارس حساسيته وغيرته من مواقف وتجديد الاستاذ محمود الديني ؟ ام يريد ان يقول ان الاستاذ محمود حوكم بقانون مع ان المحكمة العليا في حكمها ببطلان محاكمة الاستاذ محمود ذكرت انها كانت محاكمة سياسية وذلك ما يعرفه كل القانونيين ويعرفه الشعب ويؤرخه ويوثقه مؤرخ الحركة الاسلامية وعضوها البارز د.حسن مكى حسب جريدة الوفاق 5/12/1998م وفي التحقيق مع دكتور حسن قال (حينما اعدم محمود) كنت مسرحا لافكار شتى : السياسي فينا كان يتكلم بانو الحمد لله ربنا خلصنا من خصم قوى وكان حيعمل لينا مشاكل (وكان حيكون اكبر تحدى لفكرة الحركة الاسلامية السياسي) والفكرى فينا كان يتحدث بان هذا الشخص عندو قدرات فكرية وروحية (اعلامننا واحسن مننا) لكن السياسي دائما ما ينتصر هنا.. هل كان اعدام محمود محمد طه سياسيا؟ نعم كان اعداما سياسيا).
    * لكن امين حسن عمر قال ان الترابي انتصر عنده الفكرى على السياسي وكان ضد اعدام محمود؟
    اجاب : انا لا اريد ان ادخل ما بين الترابي وامين ولكن اعتقد ان الصف الاسلامي في ذلك الوقت كان جميعه مع اعدام محمود محمد طه.
    * نحن نسأل عن موقف د.حسن الترابي؟!
    * انا اعتقد انو كان خائف على انو نميرى ينكث عن اعدام محمود محمد طه ويدعو الله الا يحدث ذلك.
    * الرأي الفقهي في هذه القضية – مقاطعا –
    * القضية قضية سياسية (ما فيها رأي فقهي)
    * لكن الترابي يعلن دائما ان المرتد فكريا لا يقتل؟!
    * انت تريد ان تخرج لموقف الترابي وانا اوثق للتاريخ؟!
    * هنالك راي يقول ان د.الترابي كان حريصاً على اعدام محمود محمد طه وان محمود كان يمثل منافس شخصى له على مستوى الطرح الاسلامي؟!
    * (هسع الانقاذ ما كتلت ناس)؟ ما كتلت مجدى في دولارات ؟ لانو كان مؤثر على سياستها الاقتصادية فكيف اذا كان مؤثراً على مشروعك كله (هسع كان جيت الترابي يقول ليك انا ما موافق على قتل مجدي امين حسن عمر يقول نفس الكلام) انتهي.
    ومهما يكن من امر فان العبرة الماثلة الان هي ان زيف محاكمة الاستاذ محمود وهمجية اغتياله قد شوهت الاسلام واساءت لسمعة السودان المسالم وكانت المؤامرة بفعل الهبوط الى الخصومة الفاجرة العاجزة وقد برأ القضاء السوداني ساحته عندما اجتاح الطوفان نميرى وزبانيته فاصدرت المحكمة العليا الدائرة الدستورية حكمها ببطلان محاكمة الاستاذ وان تلك المحاكمة (قامت فيها المحكمة بدور الخصم والحكم بما حجب عن واجبها) (ولعلنا لا نكون في حاجة الى الاستطراد كثيرا في وصف هذا الحكم فقد تجاوز كل قيم العدالة سواء ما كان منها موروث ومتعارف عليه او ما حرصت قوانين الاجراءات الجنائية المتعاقبة على النص عليه صراحة او انطوى عليه دستور 1973م (الملغى) رغم ما يحيط به من جدل) القضية م ع /ق د/2/1406 كما ابطلت حكم الردة المزعوم عام 1968م
    والعبرة في كل ذلك ان نرتفع من درك التكفير والمحاكمة الى مستوى الحوار الموضوعي المنابر الحرة.
    وذلك بان تقوم المنابر الحرة بين كل الفرق في حوار موضوعي بعيدا عن التعصب وتوهم الانفراد بالحقيقة المطلقة علما باننا نعيش مرحلة النذاره بالفرق الاسلامية المتعددة الهالكة الا واحدة ولا سبيل للفرق الواحدة الناجيه الا عبر الحوار الحر الذي يعترف بالرأي الاخر وبحق الاختلاف والارتفاع من درك التكفير والمحاكم هو مطلب العصر بل هو مطلب اصول القرآن التي يجب ان نرتفع اليها مثل آية (الديمقراطية) (فذكر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر) مثل آية حرية العقيدة (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وبالارتفاع لاصول القران تتبلور الرؤية الاسلامية التي تجمع بين الاصالة وروح العصر كما هي مطروحة في فكر الاستاذ محمود ولذلك كانت الدعوة للثورة الفكرية والثورة الثقافية وللتربية!!
    دور المثقفين والديمقراطية.
    ان حرص المثقفين والديمقراطيين على حقوقهم الانسانية الاساسية العصرية هو حق وواجب مثل حرية التفكير والتعبير والعقيدة فان هذه الحقوق الانسانية الاساسية على ضرورتها وقيمتها فاننا حين ننادى بها بدون تأصيلها باصول الاسلام ومن منطلق حقوق الانسان التي هي (صفوية) في بيئتنا فان الدعاة للاسلام المتخلفين والشعب المسلم العاطفى لن يتخلوا عما يعتبرونه هو رأي الدين مهما كان زيف وتخلف دعاته الا بالتوعية الدينية المستنيرة وكثيرون يذكرون ان السيد الصادق كان يقول عن قوانين سبتمبر انها لا تساوي الحبر الذي كتبت به ولكن عندما جاء للسلطة عجز عن الغائها وتردد ربما لانها منسوبة للشريعة.
    حل الحزب الشيوعي :
    ومثل اخر عندما عدلت القوى السياسي بقيادة د.الترابي الدستور وذهبت بروح الدستور وزيفت الديمقراطية باسم الاسلام وحماية العقيدة كون المثقفون والديمقراطيون مؤتمر الدفاع عن الديمقراطية اشترك الاستاذ محمود من موقعه الديني في هذا المؤتمر ونصح المؤتمرين بان هذا التزييف والانتهاك للديمقراطية قد اعلن باسم الاسلام والسبيل لمقاومته حقيقة هو مناجزة قوى التخلف في ارض الدين بالاسلام المستنير لنسحب البساط من تحت اقدامها ولما لم نستجب لهذه النصيحة الغالية البعيدة النظر واصلت قوى التخلف مشوارها فاصدر مفلسف الازمة د.الترابي كتابه (اضواء على المشكلة الدستورية) ليحرر الانتهاكات ويقول ان بند الحرية هو اضعف البنود في الدستور ولما اصدرت المحكمة العليا حكمها لصالح الحقوق الدستورية صرح السيد الصادق بان هذا الحكم (تقريري) ولا ضرورة لتنفيذه ولما استجار القضاء بالقصر لانصافه خطأ القصر القضاء واشترك القصر في مؤامرة محاكمة الاستاذ محمود بالرده حتى لا يعرى الدعوة للدستور الاسلامي واصدر الحزبان الكبيران وتوابعهما بيانا للدعوة للدستور الاسلامي لاستكمال الهيمنة وكان البيان قد صدر في شهر مايو الذي قامت فيه حركة مايو ولما اقصوا من السلطة اخذوا يتحدثون عن الديمقراطية ويتباكون عليها وقد اصدر الاستاذ محمود كتابا ردا على كتاب دكتور الترابي التبريري واهدى الاستاذ كتابه المسمى زعيم جبهة الميثاق في ميزان (الثقافة الغربية والاسلام) الى الشعب السوداني الذي لا تنقصه الاصالة ولكن تنقصه المعلومات الوافية وقد تضافرت شتى العوامل لتحجبها عنه.
    ولما لم نستجب لمناهضة الهوس والتخلف من ارضية الدين نفسها بالاسلام المستنير توالت علينا الكوارث والازمات والقهر وانتهاك الحقوق باسم الاسلام والاسلام من كل ذلك بريئ والامل ان نستبين النصح حتى تكون الانقاذ اخر حكومات الهوس وحتى تكون الزوبعة الحاضرة هي اخر حوار الطرشان (وما ذلك على الله بعزيز) ونسأله تعالى ان نسير اليه بلطائف الاحسان بدل ان نساق اليه بسلاسل الامتحان قال جل شأنه (واتبعوا احسن ما انزل اليكم من ربكم من قبل ان يأتيكم العذاب بغتة وانتم لا تشعرون).

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147502849&bk=1
    _________________
                  

04-18-2008, 00:04 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    السودانوية : محمود محمد طه
    صلاح شعيب

    حتى الآن لا يوجد مفكّر سوداني واحد يمارس القطيعة مع منتجات الأزهر أو فكر سيد قطب أو كتابات التوسير وماكس فايبر وإلياس فرح وانطوان سعدة ويوسف القرضاوي، لينظر للواقع السوداني من داخله ويفهمه وبالتالي لا يأتي بحزم توصيات فكرية صمدة وصادمة من الخارج ليحاول صبها صباً في واقعنا المتفرّد الذي هو جماع الأفريقانية والعربية.
    فقط من بين الذين انبثقوا من رحم الاستقلال الديني والسياسي السوداني كان هناك الراحلان، الأستاذ محمود محمد طه، والدكتور جون قرنق ديمبيور. الأول حاول ممارسة القطيعة مع التراث الفكري العربي-الإسلامي النازل من مركز القاهرة ودمشق وفاس وبغداد في منطقة الخصوصية المتعددة، وأراد، من حيث درايته بأزمة المعتقد في المركز العربسلاموي الذي انحط في مسائل تعامله الإيجابي مع المعتقد وترجمته في واقع «الأمة»، واحترام الإنسان والتساكن مع «الأجنبي/الأعجمي»، أن يضيف مساهمة فكرية تخرج أمته السودانية من الورطة التاريخية التي سببتها لهم التفكير «1» الأصولي و«2» القومي العربي و«3» العلمانية الماركسية و«4» الشموليات العلمانية.
    في تقديري أن القيمة الفكرية والإنسانية والسودانية للأستاذ محمود محمد طه ليست في صحة تفسيراته للدين من حيث أنه مر اسلامياً بمرحلتين «مكي ومدني» أو في رباطة جأشه حين ثبّت موقفه البطولي كمفكر إزاء بطش ديكتاتور جاهل، أو في صحة المنهج الذي إتبعه في التحرّك من البعد السودانوي. إن خطورته بالنسبة لي - على الأقل- أنه فتح المجال للباحثين السودانيين، والمسلمين والعرب، لرؤية التراث العربي الإسلامي من زاوية الناقد لا المتلقي الذاعن لقضه وقضيضه. صحيح، إن تلك القيم تمثل تكميلاً لشخصيته الفذة في تاريخنا المعاصر ولا يعرف إلا بها ولكن جماله وبهاءه -كما أرى- في أنه إنطلق في رحلة النشوق بين «القيف والقاع» غائصاً عن اللؤلؤ بأدوات ليست لغيره وإنما بأدواته هو التي نسج عيدانها وشباكها وحيلتها من صنع تفكيره وحتى الذين يحاولون القول إنه امتداد لفتوحات ابن عربي فإنه لو صح الزعم حتى، فإنه اختار استعادة التفكير من المنطقة الإشكالية في الإرث العربي الإسلامي ولم يتكاسل بحيث أن يتوافر على الفكر السائد والراكد في المركز العربي والذي ارتبط بالسلطة بالدرجة التي لا نعرف فيها المفكر الديني المتواطئ مع السلطان أو الناقد له. ولعل هذا الموقف يرينا توطن ذهنه الإبداعي لا الابتداعي في محاولة التفكير.
    إن السودانوية تمثّلت باذخة في سلوكه وملبسه ومسكنه وتواضعه... إلخ، ولم يترك سلوكاً سودانياً طيباً إلا مارسه بكل فخر وإباء وعليه بقيت كاريزماه تتقطّر صدقاً وتتكامل مع جوانيته الفكرية كرمز سياسي وفكري مختلف وعميق عن كل الذين عاصروه وربما سيأتي اليوم الذي تعيد الأجيال القادمة الاعتبار له وتبحث عن بقايا جسده ليحتصن الثرى عبر احتفال قومي ضخم يتناسب مع فكره وتضحيته من أجل الحقيقة والشعب والإنسانية.
    يرى البعض أن الأستاذ محمود محمد طه هو المفكر السوداني الوحيد الذي تنطبق عليه هذه الصفة، كونه راكم انتاجاً بحثياً مختلفاً من حيث النوع ويستدل به على مستوى الفكر العربي والإسلامي والعالمي، ولذلك لم أفاجأ يوماً حين كنت أقرأ مؤلفاً للمفكر الأمريكي كورنيل ويست « Democracy Matters » والذي عد الأستاذ كأول في قائمة القلائل من المفكرين المسلمين المميّزين في عطائهم ووضعه فوق مجموعة ضمت محمد عابد الجابري ومحمد أركون وغيرهم.
    لا أريد هنا أن أمارس بعض قراءة لجملة ما صدر من كتب ومحاضرات كرّسها الأستاذ محمود محمد طه لخدمة دينه ومواطنيه، فالمجال لا يسمح بهذه القراءة التي تحتاج إلى منهج ومجالها، حتماً، الفصليات والدوريات المتخصصة، وقد فعل بعض تلامذته ومحبو شخصيته الفريدة في تاريخنا. فعلوها بالقدر الذي شرحوا إضافاته الفكرية والسياسية والدينية والوطنية والاجتماعية، ولكني أتخذه هنا كنموذج للذات الفكرية «المتسودنة» فقد كان موقفه السياسي مصدر قلق للسلطة الاستعمارية الذي سجنته في الأربعينيات، وكذلك مصدر تهديد للأنظمة الشمولية وجماعات التفكير التكفيري الذين تواطأوا مع سلطة مايو لاعدامه في ذلك اليوم، بعد محاكمة سياسية لقضية هي فكرية في صميمها تتعلّق بموقفه من قوانين سبتمبر.
    إن التجديد الفكري للموروث الديني الذي بذله الأستاذ محمود محمد طه كان اجتهاداً يتقاصر عن فهمه الذين تكلسوا مفهومياً وصاروا أسرى لنصوص الاجتهاد الديني القديم، ولذلك لم يكن هدفهم -بتدبير أمر محاكمته هو حماية الدين من شائبة الهوى الشخصي في تفسيره- بل كان الهدف هو تدمير الأوليات الفكرية لمثل هذا النوع من المشاريع الفكرية السودانوية التي تمارس القطيعة المعرفية مع التراث الفكري النازل من المركز الحضاري.
    كان لا بد للأستاذ محمود محمد طه أن يدفع ثمن هذه الاجتراح الفكري الذي قصده وظيفياً، وكان لا بد أن يكون مصيره متطابقاً مع مصائر الذين حاولوا من قبله الخروج عن التفكير الديني السائد لفتح كوّة للإصلاح الإسلامي، ولترجمة المعتقد بالصورة التي تساعد في حفظ المتحقق من تراث الدولة الإسلامية أينما وجدت.
    فمشروع الأستاذ كان متقدماً في الرؤيا، ويصطدم أول ما يصطدم مع الحرس الديني التاريخي للدول المسلمة، وكان كل أمله تحرير هذا التراث مما علق به من تفاسير ارتبطت بزمانها مرة، وارتبطت بتحالف العلماء مع السلطان المستبد في الدولة المسلمة التي أوصلوها إلى الحالة التي أصبحت فيها عاجزة عن المحافظة على تركيباتها الإثنية والاجتماعية فيما أصبح المسلم «عبداً مطيعاً» للماضي من المقولات الدينية التي لا تسعفه في فهم اللحظة، فيبدو حيراناً بين المثال المعتقدي والواقع المتناقض.
    إن النظرة السودانوية المتصلة بأمر السياسة لا تقلل من أهمية المعارف الإنسانية في كل ضروب الحياة، بل إن المعارف الخارجية تتناص مع المعرفة السودانوية، كما أننا نعرف أن وظيفة المرء في الحياة أن يتدبّر الحكمة متى ما وجدها وأينما كان مصدرها، غير أن كل مصادر المعرفة تختمر في ذهن المرء نفسه لتفسير معطى واقعه السياسي/الاجتماعي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون هناك مصدر واحد لتفسير الظاهرة السودانوية في تفاصيلها المتشعّبة والمختلفة وإن تقاطعت مع تفاصيل إنسانية أخرى.
    ولذلك كان وعي الأستاذ محمود حاضراً، فلم يتدجّن بكل القراءات التي مارسها في سبيله لاستنباط المنهج السياسي السودانوي الذي به يناضل والسلوك الذي بواسطته يعرف. لم تغرقه بلاغة اللغة في مخاطبة الجماهير أو يقعرها آن يكتب وإنما تحدّث بالمفردات التي يفهمها العامة وكتب بالسهل الممتنع الذي يبين ويتعمّق.
    ووجدناه لم يتأثر بمناخ كلية غردون كما حدث التأثر هذا مع أترابه، ومن ثم يحترف لبس البذلات وإنما حافظ على لباس من الدمور ليدل على زهده، ولم يتنافس مع زملاء له من مهندسين وبقية أفندية وقتها في بناء القصور كما يفعل الآن قتلته وإنما تواضع لله فعاش سودانياً كريماً في منزل من «الجالوص» ولم يهرب من مجاورة عامة الناس إلى «الأحياء الثرية» التي هرب إليها قضاته. ولم يبرح وطنه هرباً من بطش أو خوفاً من ديكتاتور، وإنما تسمّر حضوره بين أهله وتلاميذه فعانى ما عانوه وشقى بما شقوا.
    كان يأكل من غالب طعام الشعب، وليس مثل من استمتعوا برؤية مشهد جثته تتدلى والابتسامة الساخرة كأنها تغفر لهم جهلهم، هؤلاء الذين تمتلئ ثلاجات منازلهم بما لذ وطاب من طعام، وكان في «برندته» يستقبل ضيوفه ومن بينهم تلاميذه الذين يجلسون على الأرض، فيما وجدنا أن قتلته يستقبلون لا يرتضون إلا بقصور تمتلئ بالثريات ومرفقة بأحواض للسباحة.
    كان ذلك هو الرمز السودانوي محمود محمد طه الذي عاش عمره فقيراً من جاه أو مال أو حاشية أو ذبانية أو منصب حكومي ولا تعرف له بعض بواخر تجوب عرض البحار، بل ولا يعرف له حظ في البورصة الدولية كما هو شأن الذين كفّروه وكادت ضغينتهم تجاهه أن تصلبه. هذه هي السودانوية التي تبحث عنها الجماهير عند زعمائنا السياسيين فلا يجدونها، فكيف إذاً، لا نصبر على بؤس الحال وشقاء المآل

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147509845&bk=1
    ______
                  

04-18-2008, 00:07 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    أمن اختصاص المحكمة الشرعية النظر فى الأتهام بالردة ؟
    بقلم : بشير محمد سعيد

    جاءنى من السيد محمد ابراهيم خليل المحامى ووزير العدل الأسبق الخطاب التالى يعلق فيه على ما كتبت حول محاكمة الاستاذ محمود محمد طه :-
    لقد تكرمت اول امس فاستعرضت فى عجل واجمال بعض اراء الاستاذ محمود محمد طه التى زعم بعض خصومه انها كافية لاعلان ردته ودعوتك الى مناقشة تلك الأراء فى ترو وهدوء قبل اصدار الحكم عليها ولكن ما كاد مداد قلمك يجف حتى طلعت علينا تحدثنا ان المحكمة الشرعيه إستمعت الى الذين اتهموه بالكفر ورموه بالزندقة ومضت تصدر أمراًَ بردته .
    هذا يا سيدى امر كبير خطير ممعن فى الخطورة بحيث لا يجدر ان يمردون أن يوليه الناس اهتمامهم ويسلطوا عليه أضوء النقاش الهادى والجدل الموضوعى حتى تظهر أبعاده ويتضح صوابه أوخطاه . ولست فى هذا الخطاب القصير العاجل بصدد الدفاع عن الأستاذ محمود فهو رجل وهبه الله من الفكر وسعه الاطلاع وعمق الثقافه ما مكنه من الغوص فى أعماق المسائل الدينيه والقضايا الفكريه .. فكان له فى كل منها أفكارا وآراء مهما أختلف بعض الناس حولها فلا مناص من الأعتراف بأصالتها .. ووهبه من البيان ما وفقه الى الأفصاح عن تلك الأفكار والاراء وترجمتها الى نظريات محدده وواضحه .. ومن الشجاعه والامانه ما دفعه الى الجهر بها فى المحاضرات والندوات وأعمدة الصحف ثم أن له بعد ذلك من الجد والعزم والصبر ما مكنه من تدوين أرائه وأفكاره فى عدد من المؤلفات لذلك فأنى لست فى هذا الخطاب العاجل القصير بصدد الدفاع عن الأستاذ محمود ولا مناقشه نظرياته ومعتقداته والحكم عليها ولعله تتاح لى فرصه الأسهام برائى اذا ماتفضل خصومه بفتح باب النقاش الهادى والجدل الموضوعى فى جو خال من الأرهاب الفكرى والتخويف بالكفر والزندقه .. أنما اريد بهذا الخطاب أن الفت النظر الىالركن الاساسى الذى قامت عليه القضية التى حكم فيها بردة الاستاذ محمود محمد طه ذلك هو ركن الاختصاص لعله من المعلوم لدى الناس جميعا أن المحاكم الشرعيه فى السودان أسست على قانون المحاكم الشرعيه لعام 1902 م وان اختصاص هذه المحاكم قد حددته الماده السادسة التى تنص على ان للمحاكم الشرعية الصلاحية للفصل فى
    أ‌- اية مسائل تتعلق بالزواج والطلاق والولايه والعلاقات العائلية – بشرط – ان يكون الزواج قد عقد على الشريعة الاسلامية او يكون الخصوم من المسلمين .
    ب‌- اية مسائل تتعلق بالوقف او الهبة او الميراث او الوصية الخ ...
    ج- اية مسألة سوى ما ذكر فى الفقرتين السابقتين على شرط – ان تتقدم الاطراف المتنازعة بطلب كتابى ممهور بتوقيعاتهم ويلتمسون فيه من المحكمة ان تقضى بينهم مؤكدين انهم عازمون على الإلتزام بحكم الشريعة فى الامر المتنازع عليه .
    لذلك ترى يا سيدى انه ليس من اختصاص المحكمة الشرعية فى السودان ان تحكم بكفر احد او ردته .

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147509846&bk=1
    _________________
                  

04-18-2008, 00:11 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    رسالة جامعية للباحث البريطاني ادي توماس

    سيرة ذاتية عن الاستاذ محمود محمد طه

    ترجمة : عادل اسماعيل


    ولد الاستاذ محمود محمد طه حوالي عام 1909م في رفاعة وهي مدينة صغيرة في الضفة الشرقية للنيل الازرق في وسط السودان. ( الاستاذ هي تبجيل لكلمة المعلم).
    عندما توفيت والدته فاطمة بت محمود حوالي 1915م، اخذ والده ابناءه الى الهجليج وهي قرية قريبة من رفاعة واشتغلوا فيها بالزراعة اجمعين. وتوفي محمد طه حوالي 1920م تاركا ابناءه ينشأون ويتعلمون مع خالتهم او عمتهم في رفاعة. واستطاع الاستاذ محمود ان يكمل تعليمه الاشد منافسة في ذلك الوقت. وتخرج من مدرسة الهندسة في كلية غردون التذكارية في عام 1936م والتي هي جامعة الخرطوم الان. وبعد فترة خدمة قصيرة في سكة حديد السودان، قدم استقالته ومضى الى عمل خاص سنة 1941م. وكمشارك فعال في النضال الوطني من اجل الاستقلال منذ بداية الحركة في نهاية الثلاثينات، لم يكن راضيا عن عمل النخبة المتعلمة في ذلك النضال. وانتقد ارتهانهم لخبراتهم لزعماء الطائفية الذين يتمتعون بدعم شعبي في كل الوطن ولم تكن الاحزاب السياسية الموجودة تحظى بقبول عنده حيث كانت تقبل برعاية القوى المستعمرة وبالتالي يساومون التزامهم بالاستقلال الكامل وانشاء الجمهورية السودانية.
    وفي اكتوبر 1945م قام الاستاذ محمود محمد طه ومثقفون اخرون قبلوا انتقاداته، بتكوين الحزب الجمهوري. ومنذ الاصدارات الاولى للتنظيم قد ظهر بشكل قوي التوجه الاسلامي الحديث الذي لم يكن قد اكتمل تماما في ذلك الحين. وقادت سياسة الحزب التي تقوم على المواجهة المكشوفة مع سلطات الاستعمار الى اعتقال الاستاذ محمود في عام 1946م. وقد حكم عليه بالسجن لمدة سنة عندما رفض الاقلاع عن نشاطه السياسي المعادي لحكومة الاستعمار. واستجابة للاحتجاجات المتصاعدة التي نظمها الحزب الجمهوري, اطلق سراحه بعد خمسين يوما قضاها في السجن بعفو اصدره الحاكم العام البريطاني. ولكنه لم يظل طليقا فترة طويلة، اذ تم اعتقاله مرة اخرى في نفس السنة وحوكم بالسجن لمدة سنتين لقيادته ثورة شعبية ضد البريطانيين في مدينة رفاعة. وقد وصف تلك الفترة لاحقا بقوله: حينما استقريت في السجن بدأت اكتشف انه قد جيء بي على قدر من ربي وبالتالي بدأت خلوتي معه.
    وتبعت سنين السجن ثلاث سنوات من "الخلوة " في رفاعة والتي انتهج فيها النهج الاسلامي للعبادة والتي قادته لفهمه لمعاني القرآن.
    ومنهج العبادة هذا، هو الصلاة والصيام بشكل اساسي على طريقة النبي محمد. وبالرغم من ان الاستاذ محمود يشارك المسلم العادي اعتقاده ان الوحي بالقرآن قد انتهى كنص الهي، الا انه يؤكد ان الافراد المخلصين يمكن ان يتلقوا فهما مضيئا للنص وأن يتعلموا من الله مباشرة كلماته كما اوحى بها للنبي. ودعما لحجته هذه، فانه يستشهد دائما بالاية (282) في الباب الثاني من القرآن التي تنص على ان الله يعلم التقي الذي يخافه. وايضا يستشهد بحديث للنبي ينص على ان الذي يعمل كما يعلم سيعلم من الله علما لم يكن يعلمه.
    وبتقليده المتقن والذكي للنبي محمد، وصل الاستاذ محمود الى علاقته الفردية مع الله والتي عبر عنها لاحقا في الفقرة المترجمة التالية من كتابه "اسئلة واجوبة – الجزء الثاني".
    "وبالتالي فان صلاتي وصيامي وحجي المقدس، وزكاتي كلها مجتمعة ومنفصلة، وكل حياتي بافراحي واحزاني، في صحوي، وفي منامي، وفي عافيتي وفي سقمي كلها يجب ان تكون لله ورضاء بالله الى الحد الذي تكون فيه فرحا بالله".



    بزوغ الفكرة الجديدة
    وفي نهاية خلوته في اكتوبر 1951م خرج بفكرة جديدة متكاملة عن الاسلام. وقد اوجز هذا المفهوم في كتاب له نشره في 1952م باسم "قل هذه سبيلي". وتحول الحزب الجمهوري حينها من حزب سياسي بالمعنى المألوف للمصطلح الى تنظيم ينادي بمفهوم جديد للاسلام. وانفصل اعضاء الحزب الذين ارادوا ان يقوموا بدور سياسي علماني اكثر وانضموا الى احزاب سياسية اخرى.
    واصبح التنظيم ذا مناخ روحي للذين بقوا في الحزب تحت قيادة الاستاذ محمود.
    واستانف الاستاذ محمود عمله الخاص كمهندس بعد تقديم استقالته من شركة الكهرباء والمياه بالخرطوم في بداية الخمسينات.
    في عام 1955م قبيبل ان ينال السودان استقلاله اصدر الاستاذ محمود كتابا عن مقترحاته لدستور السودان المستقل بعنوان "اسس دستور السودان". وقد نادى بجمهورية رئاسية فيدرالية ديمقراطية واشتراكية. وقد كان معارضا لاي محاولة لتطبيق قوانين مستمدة من الشريعة الاسلامية بما انها ستكون تشويها للاسلام الحقيقي الذي يفهمه هو. وكانت الشريعة الاسلامية تعني له دعوة للعداوة وعدم الثقة لغيرالمسلمين ولغير العرب من السودانيين في جنوب السودان. وبعض المناطق في شمال السودان.
    وحدث ان قام تمرد مسلح في جنوب السودان عام 1955م معلنا بداية حركة تطالب بالحكم الفيدرالي للجنوب.
    بعد الاستقلال بقليل، والذي اقر في بداية يناير 1956م، كونت لجنة لكتابة مسودة الدستور ليتبناها البرلمان. وقد مثل الاستاذ محمود الحزب الجمهوري في تلك اللجنة. وبعد اشهر قليلة قدم استقالته من تلك اللجنة معترضا على رغبة السلطة التنفيذية للتدخل وممارسة نفوذها بما يتماشى مع مصالحها معتبرة الدستور منحة من الحكومة للشعب. وقدمت اللجنة دستورا مستمدا بشكل جزئي من الشريعة بناء على رغبة الاحزاب الطائفية الدينية التقليدية.
    وقبل ان يتمكن البرلمان من تبني تلك المسودة، وقع انقلاب ابيض وسلم الاستاذ محمود رسالة الى الجنرال عبود رئيس النظام ناصحا اياه بتطبيق مقترحات الجمهوريين لحكومة فيدرالية ديمقراطية اشتراكية مرفقا معها نسخة من كتابه عن الدستور. ولكن اهمل هذا الطلب. وفي السنتين الاولين للحكم العسكري، اعتاد الاستاذ محمود اقامة محاضراته علانية. وقد ضايقت افكاره التقدمية المؤسسة الدينية التقليدية وفصل ثلاثة طلبة من الحركة الجمهورية من معهد امدرمان الاسلامي لمجرد انهم كانوا يدعون لافكاره عن الاسلام. وبعدها بقليل منع الاستاذ محمود من اقامة محاضراته العامة. وبالتالي نقل نشاطه الى بيوت الاعضاء وبعض الاصدقاء المتعاطفين معهم. واغلقت دونه وسائل الاعلام حينما حاول تصحيح التهم الزائفة التي اتهمه بها المسلمون التقليديون الارثوذوكسيون.
    وفي مواجهة الاحتجاج المتصاعد لمعارضة جهوده التجديدية في الاسلام، اصدر الاستاذ محمود كتابه "الاسلام" عام 1960م.
    وبعد عودة الحكم البرلماني متعدد الاحزاب، اعاد الاستاذ محمود احياء الحزب الجمهوري لا لان ينغمس في السياسة بالشكل المألوف، ولكن بالدعوة للاصلاح السياسي والاجتماعي والديني عبر المحاضرات العامة والمقالات الصحفية والكتب.
    وفي عام 66/1967م اصدر الاستاذ محمود ثلاثة من كتبه الاساسية:
    "طريق محمد" و "رسالة الصلاة" و "الرسالة الثانية من الاسلام". وكان اول رجل يقترح حوارا للتعايش السلمي بين الدول العربية ودولة اسرائيل في اعقاب حرب الست ايام الشهيرة بين العرب واسرائيل عام 1967م. وكان معارضا لحركة القوميين العرب بقيادة مصر عبد اللناصر وللمفهوم البدائي لتطبيق الاسلام في السعودية وحركة الاخوان المسلمين في بعض الدول العربية.
    في عام 1965م قامت الاحزاب الطائفية الحاكمة جنبا الى جنب مع حركة الاخوان المسلمين بتعديل الفقرة 5/2 في الدستور من اجل طرد الاعضاء الشيوعيين من البرلمان وحل حزبهم. وبالرغم ان من مبادئه المعارضة لشيوعية الماركسيين، الا ان الاستاذ محمود قد عارض بشدة حل الحزب الشيوعي السوداني واصفا هذه الخطوة بانها تزييف للديمقراطية.
    وعليه لم يكن من المستغرب ان تتضافر الجهود الداخلية والخارجية لاسكات الاستاذ محمود وحركته. وقد اتضحت معالم تلك المحاولة في نوفمبر 1968م لاتهامه بالردة التي عقوبتها الموت. ولكنه رفض المثول امام تلك المحكمة معتمدا على حقه الدستوري في حرية التفكير والتعبير. ومهما يكن من امر فقد اجتمعت المحكمة العليا الشرعية في الخرطوم في غيابه للنظر في الادعاء المرفوع من قبل اثنين من اساتذة الجامعة الاسلامية متهمين الاستاذ محمود بالردة ومطالبين بتفكيك حزبه وحركته. واستطاعت تلك المحكمة ان تصوغ حكما اسميا، وبالرغم انه ظل بدون تبعات رسمية الا انه سبب الكثير من المضايقات للحركة في تصحيح تلك الإدعاءات الزائفة. ومن ايجابيات هذا الحدث ان اوجدت الحركة اعلاما وسط الطلبة والمثقفين الذين لم يكونوا راضين عن الافكار الاسلامية التقليدية ولا الاحزاب الحاكمة التي تمشي مع الخط الطائفي. وفي هذه الاثناء دخلت الاحزاب الطائفية الصراع حول السلطة بمحاولاتها لكسب الدعم الشعبي بتضمينها لقوانين الشريعة الاسلامية في الدستور الدائم. وكانوا على استعداد لجعلها موضوعا للاستفتاء الشعبي اذا اخفق البرلمان في المصادقة عليها بنهاية 1969م. وكل ذلك قاد لامتعاض واسع وسط ضباط الجيش الذين انخرط بعضهم في تنظيم عرف باسم حركة الضباط الاحرار الذين نجحوا في الاستيلاء على السلطة في مايو 1969م. وحظرت الحكومة الجديدة كل الاحزاب السياسية من بينها الحزب الجمهوري.
    الجمهوريون في عصر نظام مايو 69-1983م
    وضح جليا منذ البداية ان النظام العسكري الجديد مدعوما من الحزب الشيوعي والقوميين العرب. حيث وجد تاييدا سريعا من مصر والمعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي السابق. وبالرغم من كل هذا وجد الجمهوريون بعض الراحة حينما شكلت الحكومة الجديدة واعلنت اولوياتها في تحقيق اهداف ثورة الشعب السوداني في اكتوبر 1964م. واحدى الخطوات الاولى التي وجدت ترحيبا من الاستاذ محمود كانت قرار وقف الحرب في الجنوب والبحث عن الحل السلمي للمشكلة.
    وقد راى الاستاذ محمود في ذلك النظام مرحلة وسطى لحماية الشعب السوداني من الحكم الذي يلبس القناع الاسلامي. واستمر الاستاذ محمود في الدعوة لافكاره عبر كل المنابر المتاحة حتى عام 1973م عندما حظر نظام نميري محاضراته العامة. وبالرغم من موقفه غير المعارض للنظام الا انه احجم عن وضع يده مباشرة في يد النظام.
    وبدلا من ذلك استمرت الحركة وكثفت مجهوداتها في الدعوة لايدولوجيتها الجديدة حيث كان ذلك متاحا من النظام بشكل مبدئي.
    حركة تحرير المرأة
    [size=24]طوال بقية حياته، نذر الاستاذ محمود نفسه لقيادة نشاطات التنظيم الذي عرف "بالاخوان الجمهوريون" والذي ضم عددا متنام من النساء. واستمر اعضاء التنظيم رجالا ونساء في الدعوة للرسالة الثانية من الاسلام برغم مضايقات بعض المسئولين واعضاء جهاز الامن. ولما كان صعبا على الاستاذ محمود ممارسة مواعظه، فقد حاول انشاء مجتمع يطبق بقدر الامكان عقيدته ومبادئه في الاسلام. وكمجتمع صغير في المجتمع السوداني لم يستطع الجمهوريون تطبيق قناعاتهم بشكل كامل ولكنهم جاهدوا في حيواتهم الشخصية ونظموا مجتمعهم طبقا لهذه القناعات. وبشكل خاص نجح مجتمعهم في تطبيق مباديء المساواة بين الرجال والنساء ودون تمييز على اساس الجنس. وقد شارك النسوة مشاركة كاملة في نشاطات المجموعة وكن غالبا ما يقدمن النشاط في حرم الجامعات وفي اركان الطرقات العامة وهو امر مثير للجدل في المجتمع السوداني الذكوري. وحينما تم اعتقال قيادة التنظيم بدون تهمة في منتصف 1983م، كان من بينهم اربع نساء وهو دليل دامغ للمساواة ومثال على ذلك كانت ممارسة المجموعة فيما يتعلق بعقد الزواج مثال لتعميم المجموعة لتطبيق اصلاحاتهم على ضوء التقليد الاجتماعي السائد.

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147509875&bk=1
    _______
                  

04-18-2008, 00:15 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الحركة السياسية السودانية الحديثة... النشأة ومسارات التجربة
    بقلم: عبد المنعم عباس الأحيمر

    سنحاول ان نطرح هذه الورقة، باختصار مفيد، نشأة الحركة السياسية السودانية المعاصرة ومسار تجربتها في فترة الحكم الثنائي والعهود الوطنية المتعاقبة بما فيها الاختبار السلطوي بالغ الاستبداد للظاهرة الدينية السياسية (الانقاذ). ومن نافلة القول ان بعض الساسة والباحثين والاكاديميين طرقوا الموضوع بوجهات رأي متباينة وتواصلاً مع تلك الجهود سأحاول في خلاصتها استنتاج وتبني بعض الحقائق والنتائج التي كان لها أثرها السلبي في مسيرة المجتمع والدولة السودانية، الموروث من طبيعة النشأة وخطى التجربة.
    كان القاسم المشترك بين حركات المقاومة تجاه سلطة الحكم الثنائي ميقاتها حيث تفجرت جميعها في حدود الخمس الاول من سنوات القرن الماضي. وكانت أغلبها ذا خلفيات دينية لها صلات عميقة بالفكر المهدوي بحكم انتشاره الواسع في تخوم متفرقة من البلاد فظهرت بعض حركات المقاومة في ام درمان وتقلي وسنجة والنيل الأبيض ودارفور بيد أن أشهرها واعنفها هي حركة عبد القادر ود حبوبة في الحلاويين في 1908م أضافة لبعض الانتفاضات التي لم يمثل الدين احد عوامل قيامها في مناطق الزاندي وتلال النوبة والنوير. والشاهد ان سلطة الاحتلال تعاملت مع تلك الانتفاضات بقسوة وعنف خوفاً من تجدد الثورة المهدية بصورة ووجه جديدين.. وبعد دخول التعليم الحديث في بعض حواضر البلاد ونشاط حركة السودانيين الى مصر برزت اتجاهات متصاعدة لوحدة وادي النيل تحت التاج المصري بدفع من الحكومة المصرية نتيجة للصراع حول السيطرة على السودان بين دولتي الحكم الثنائي الشيء الذي ادى بالبريطانيين إلى الاستقواء بزعماء العشائر والطوائف الدينية. وبعد ظهور ثورة 1919م في مصر بقيادة سعد زغلول تأثرت القلة من المتعلمين السودانيين بها فاتجه بعضهم للعمل السري نسبة للقمع الذي مارسه المحتل حيال حركات المقاومة فتأسست جمعية الاتحاد السوداني بام درمان عند بدايات 1920م كأول تنظيم سياسي في تاريخ السودان الحديث، مناهضاً للوجود الأجنبي ولزعماء القبائل والطوائف الدينية. وبالمقابل تبني التنظيم الدعوة لوحدة وادي النيل وكانت جل عضويته من صغار الكتبة والموظفين وبعض الضباط في قوة دفاع السودان. لم تنجح الجمعية في الاستمرار بعد ان دب الخلاف بين اعضائها لاتهامات وجهت لبعض عضويتها بصلاتهم مع مخابرات الاحتلال.
    ولم تجنح باقي العضوية للابتعاد عن العمل السياسي حيث كونت جمعية اللواء الابيض التي ارتبطت برئيسها علي عبد اللطيف والتي لم تنأ اهدافها بعيداً عن سابقتها لكن الثابت تمسكها المتين بهدف وحدة وادي النيل من منبعه الى مصبه. عند احتدام نشاط الجمعية تسلل القلق والانزعاج لنفوس كبار الزعماء التقليديين في العشائر والطوائف الدينية الموالين لبريطانيا خوفاً من فقدان نفوذهم التاريخي وسط العامة حيث اتجهوا لمقاومتها عبر الاعلام المدعوم منهم ممثلاً في صحيفة حضارة السودان التي كتب رئيس تحريرها الاستاذ حسين شريف مقالاً شهيراً حوى اهانات بغيضة لرئيس وعضوية اللواء الابيض. وبالرغم من المتاريس التي واجهتها الجمعية من البريطانيين وعملائهم من اعيان البلاد الا ان برنامجها النضالي استمر بروح مفعمة بالوطنية مما قاد الى اعتقال بعض قادتها ومن بينهم على عبد اللطيف الذي حكم عليه بالسجن لثلاثة سنوات. ونتيجة لهذه الاحداث وتطورها قامت مظاهرات لبعض الوحدات العسكرية كالمدرسة الحربية في الخرطوم واورطه السكة حديد بعطبرة والكتيبة السودانية في ملكال والهجانة بالابيض. وبعد مقتل حاكم السودان العام السيرلي استاك في القاهرة في 19 نوفمبر 1924م، وبموجب نتائج الحدث اصدر المندوب السامي البريطاني في مصر قرارات منها خروج القوات المصرية من السودان، التي رفضت الانصياع للامر الا بعد صدور اوامر لها من قيادتها في القاهرة وفي تلك اللحظات قرر بعض الضباط وصف الضباط من السودانيين الذين كانوا بمدرسة ضرب النار في الخرطوم الانضمام للقوات المصرية في معسكرها في منطقة بحري. وفي اثناء تحركها قطعت عليها القوات البريطانية الطريق ودارت معركة انتهت بهزيمة تلك القوات. بعد الهزيمة وخروج القوات المصرية من السودان جنحت حركة المقاومة السودانية الى المهادنة واتجهت الى المقاومة المدنية الرمزية فتأسست بعض الجمعيات الثقافية والادبية. وقد كان هدفها المعلن القراءة والاطلاع ولكنها في حياتها الداخلية كانت ذات توجهات سياسية ويبدوا هذا في تأثير غالب اعضائها في مستقبل البلاد السياسي ومنها جمعيات أبوروف، الهاشماب، وجمعية الاشقاء وكما ظهرت في الاقاليم جمعيتا مدني وبورتسودان. ولم تستمر الهدنة طويلاً وبدأ النشاط السياسي باضراب طلبة كلية غردون في 24 اكتوبر 1931م بسبب تخفيض مرتبات الموظفين السودانيين نتيجة للازمة الاقتصادية العالمية في 1929م. وانتهى الاضراب الذي استمر لاكثر من شهرين بتدخل السيدين علي الميرغني وعبد الرحمن المهدي. وفي عام 1938م كان الحدث الاكثر اهمية في تاريخ الحركة السياسية السودانية الحديثة وهو تأسيس مؤتمر الخريجين العام. ومن اهدافه العامة معالجة الفوضى الاجتماعية، محاربة الطائفية، تقريب وجهات النظر بين الخريجين. القضاء على القبلية ومحاصرة نفوذها ومحاربة الادارة الاهلية. صدق للمؤتمر بممارسة نشاطه على ان يحضره في المجال الخدمي والاجتماعي بيد ان المؤتمر وجد الفرصة لاعلان بعض النشاط السياسي عقب قيام الحرب العالمية الثانية عندما بعث برسالة الى الحاكم العام في سبتمبر 1939م يعلن فيها تأييده لحكومة السودان وبريطانيا في حماية الشعب السوداني وكذلك عند زيارة علي ماهر رئيس الحكومة المصرية الى السودان رفع له المؤتمر مذكرة في عمومها لا تتجاوز مطالبة الحكومة المصرية بالمزيد من العناية بشئون السودان وتطويره. وفي أبريل 1942م أسفر المؤتمر عن نشاطه السياسي بالمذكرة التي قدمها للحاكم العام ليرفعها بدوره لدولتي الحكم الثنائي حوت المذكرة بعض المطالب اهمها منح السودانيين حق تقرير المصير بعد نهاية الحرب والغاء قانون المناطق المقفولة. هذه المذكرة تسببت في بداية ازمة في صفوف المؤتمر ادت لانقسامه لفريقين الاول مثله المعتدلون وهم يرون ضرورة استمرار العلاقة والتعاون مع الادارة البريطانية، ووقف خلف هذا الفريق السيد عبد الرحمن المهدي، وهؤلاء من عرفوا لاحقاً بالاستقلاليين. اما الفريق الثاني فكان يري ان الاعتماد على الادارة البريطانية لا يلبي اشواق ومطالب اهل البلاد. ووقف خلفه السيد علي الميرغني وهم الاتحاديون الذين ينادون بالوحدة مع مصر. وعلى اثر هذا الانقسام ظهرت لاول مرة بالبلاد الاحزاب السياسية التي اختلفت برامجها وافكارها بين الاستقلال ووحدة وادي النيل. ومن النتائج المباشرة لنشأة الاحزاب السياسية اضمحلال مؤتمر الخريجيين العام وصارت هي لسان حال المجتمع السوداني. وشهدت فترة النصف الثاني من الاربعينيات وحتى قيام حكومة الحكم الذاتي الانتقالية في 1953م صراعات واسعة بين الاستقلالين والاتحاديين الشيء الذي ألقى بظلال شديدة السلبية على كل العهود الوطنية اللاحقة ولكن نجحت رغماً عن كل نحجت الاحزاب في تجاوز خلافاتها عشية الاستقلال بانحيازها لخيار الاستقلال من داخل البرلمان في صبيحة 19 ديسمبر 1955م.
    وبالنسبة لعهود الحكومات الوطنية وكما أشرت فإن مسيرة الحركة السياسية قبلها القت بتداعياتها عليها فالحكومة الديمقراطية بعيد الاستقلال مباشرة (الديمقراطية الاولى) لم تخط بالاستقرار نتيجة للتنافس الطائفي والسياسي بين حزبي الامة والوطني الاتحادي اضافة الى ان برنامجها السياسي توقف عند استكمال سودنة الوظائف بالدولة ولم تبذل اي جهود واضحة لتعزيز الوحدة الوطنية بالمشاركة في السلطة والثروة والتي بدأ تعثرها باندلاع التمرد في 1955م. وكما رأينا سقطت التجربة بتسليم عبد الله خليل السلطة لقيادة الجيش في 17 نوفمبر 1958م. وبعد ست سنوات من الحكم العسكري انهار بقيام ثورة اكتوبر الشعبية في 1964م نتيجة لتضامن الاحزاب والجبهة النقابية لتعود الديمقراطية مرة اخرى في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي. وقد جاءت بذات عيوب واخفاقات اختبارها الاول فكان من الحتمي سقوطها للمرة الثانية. استمر نظام مايو البغيض لفترة طويلة شهد فيها المجتمع السوداني تحولات مثيرة وبعد ان استنفد مقومات وجوده انهار وبنفس صورة وسيناريو سلفة (عبود)، في انتفاضة ابريل 1985م. وأتصور ان اهم تلك التحولات والتي كانت لها اثارها على الواقع السياسي السوداني في نهايات عهد مايو وما بعدها، تمدد الظاهرة الدينية السياسية في مفاصل حيوية داخل المجتمع السوداني بخلفية المصالحة التي تمت بين النظام المايوي وبعض القوى داخل الجبهة الوطنية في 1977م وكان من ضمنها الحركة الاسلاموية التي نجحت في استغلال الهدنة في بناء تنظيم يرتكز على اعمدة ومقومات اقتصادية مؤثرة وتجنيد كثيرين في الخدمة المدنية والاجهزة النظامية والحركة الطلابية وقطاعات المرأة. وفي تلك الأيام نجحوا في بعث كوادرهم للدراسات العليا في ارقى الجامعات الغربية غير اولئك الذين عادوا لاستكمال تعليمهم الذي انقطع ايام المعارضة في جامعة الخرطوم. وعموماً نجحت الاحزاب في العودة الى السلطة عبر صناديق الاقتراع ومن العجائب ان فترتها الثالثة كانت اسوأ من سالفتيها. وفي ايامها الاخيرة تسابقت بعض القوى السياسية للاطاحة بها وبالفعل نجحت الجبهة الاسلامية القومية لانها كانت الاكثر تأهيلاً واستعداد اضافة لانها وطبقاً لارثها الفكري، لا تؤمن بها. وبعد استلامها للسلطة شرعت في تنفيذ اهدافها الفكرية والسياسية والاجتماعية وتبنت اجراءات غير مسبوقة في تاريخ البلاد. واعتقد ان نظامها الذي فاق في عدد سنوات حكمه سنوات مايو يزخر بالمساوئ ويمثل ابشعها تشريدها كل من لا يؤمن ويتفق مع تطلعاتها العقائدية من الخدمتين المدنية والعسكرية وادخالها للثقافة العربية الاسلامية بالبلاد في موقف حرج بتحويلها الحرب في الجنوب الى حرب دينية وتحويل دولة الوطن الى دولة الحزب ثم اخيراً لدولة المنظمة السرية ذات الحلقات الضيقة والمحصورة، وهي قد نجحت في استعمال الدين في زجر الناس عند مجرد الشكوى، وضرورة الانسجام مع الاوضاع القائمة مهما كانت مجحفة. واصبح القمع هو الشرعية المتجددة لها، اضافة لواقع التسلط بمحاوره المختلفة كما انها وفي تجربتها المستمرة اثبتت انها دولة العصا والبقشيش التي تستخدم العصا في مواجهة من عصى والبقشيش لمكأفاة من اطاع ووفي. وبعامل الضغوط الدولية والداخلية انصاعت مجبرة، لاتجاهات السلام، فوقعت اتفاقيات مع الحركة الشعبية في نيفاشا ومع التجمع في القاهرة وبعض فصائل ثوار دارفور ومع جبهة الشرق، في اسمرا. لكن الشاهد وحتى اللحظة انتقاء رغبة المؤتمر الوطني- المرادف الحديث لاسمها السابق في تنفيذ تلك الاتفاقيات بخلفية عدم استعداده لدفع استحقاقاتها. هذه السياسات المنبوذة ادت لان تضحي بلادنا صالة عرض للقوات الاجنبية بمباركة المجتمعين الدولي والاقليمي.
    ان مسيرة الحركة السياسية السودانية الحديثة وحسب طبيعة نشأتها ومسيرة تجربتها تنأى عن المعقولية. ومن منظوري ان الانجاز الوحيد الذي اتفقت عليه ونجحت في استكماله هو اعلان الاستقلال من داخل البرلمان وطبقاً لخطاها الموضحة في المداخلة سأوجز بعض الحقائق المستوحاة من التجربة.
    أولاً: النتيجة الاكثر حضوراً هي اخفاق الانقلابات العسكرية التي توقفت في استلام السلطة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. كما ان تلك الانقلابات نفذتها قوى حزبية بواسطة كوادرها العسكرية علماً بان قوانين القوات المسلحة طيلة تاريخها تحرم الاستقطاب الحزبي داخلها.
    ثانياً: أوضحت التجربة في شقها الانقلابي انها كانت بالغة العنف بدت في ذلك كل الاختبارات المماثلة في محيطها العربي والافريقي (شهداء انقلاب على حامد في 1959م، مجزرة الجزيرة ابا 1970م مذبحة حركة 19 يوليو 1971م، شهداء وادي الحمار في 1975م، شهداء يوليو 1976م، جريمة اعدام الشهيد محمود محمد طه، شهداء حركة الخلاص الوطني (رمضان) 1990م، شهداء بيوت الاشباح، الشهداء في القوات المسلحة والمفقودين في حروب ثوار الهامش).
    ثالثاً: بالرغم من اسهام الحزبية السودانية في انجاز الاستقلال وطمر الشموليات المستبدة الا انها لم تنجح في تحقيق انجازات تذكر بل كان لها دور أساسي في سقوط كل التجارب الديمقراطية وبعامل اخفاقاتها المنظورة ساهمت بصورة مباشرة في ان يحتمي كثير من السودانيين بولاءات بدائية بغيضة.
    رابعاً: بيت التجربة ومنذ مولدها في جمعية الاتحاد السوداني جنوحها للاختلاف بسبب غياب وضبابية المشروع الوطني المناسب. وفي تصوري انها حركة انقسامية تتمتع بذاكرة خربه باتجاهها ناحية الموجب والقاطع والمحدد والثابت على حساب المتغير والمتجدد والسائد على حساب المستحدث لحوجته للاجماع نافرة من الاختلاف والتنوع ويبدو هذا في انقساماتها المتكررة التي انتظمت كافتها.
    خامساً: ومن الواضح ان العسكرتاريا الاستبدادية التي حكمت البلاد كان لها تأثيرها على الطبقة الوسطى الرائدة في حركة التغيير السياسي والاجتماعي. هذا الاثر يظهر بوضوح في عهد الانقاذ الذي تلاشت فيه الطبقة الوسطى. وبالطبع هذا ما يفسر الى حد بعيد، احتشام ظاهرة الاحتجاجات الشعبية تجاه سلطة الحركة الاسلاموية الغاشمة.

    رجوع

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147509684&bk=1
    _________________
                  

04-18-2008, 00:20 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    كشف الحقيقة لترسيخ الديمقراطية ودفن الماضي
    عرض: محمد علي خوجلي

    في الجزئية الاخيرة، النقطة الرابعة من المقال، فان موضوع العرض هو المصالحة الوطنية وتضميد الجراح التي اسست لها المادة (21) من الدستور القومي الانتقالي الذي تطالب كل القوى السياسية بانزاله الى ارض الواقع بندا بندا، وبالطبع فان ذلك خارج اختصاص هيئة جمع الصف الوطني ولا علاقة له بكافة اللجان الثنائية القائمة الا واحدة، واذا ادعت لجنة ما انها تضع قضية المفصولين سياسيا ضمن اجندة الحوار الثنائي فليس امامنا الا الابتسام!
    والمصالحة الوطنية وتضميد الجراح كانت من بين مطالب الحركة الشعبية التي تضمنتها قائمة القائدة سلفاكير ابان الازمة الاخيرة مع المؤتمر الوطني، ومن بعد ذلك اشتملت عليها مصفوفة قرارات وموجهات الرئاسة والتي قررت 9 يناير 2008م، تاريخاً لقيام (لجنة المصالحة الوطنية وتضميد الجراح) لتبدأ برامجها (فورا) حتى اعلمنا ياسر عرمان قبل يومين ان الحركة الشعبية حددت ممثليها ولم يفعل المؤتمر الوطني!، وهي عادة قديمة، وانزال الدستور لارض الواقع يحتاج كفاحا، لكن المحير فعلا ان كافة القوى السياسية الحاكمة والمعارضة ومراكز الحقوق ابعدت نفسها عن المسألة ولم يقدم اي منها منفردا او جميعها مجتمعة اي مقترح بشأن انفاذ هذا الحق الدستوري الهام الذي يمس جميع السودانيين.
    وما دام الماضي لم يدفن بعد فان قوانين تنظيم الاحزاب والانتخابات وخلافها تكون شكلية وذات اولوية فقط للنخب السياسية، وتظل الازمة قائمة ما دام الميت يمسك بالحي وفي النهاية سنجد امامنا تعددية شكلية لاعداد مقاعد الاحزاب في البرلمانات لا تحددها الجماهير، الحركة الشعبية من جهة والرئيس عمر البشير ونائبه من جهة اخرى يثيرون بين اونة واخرى اهمية المصالحة الوطنية في كل انحاء البلاد، ورفع الظلم وجبر الاضرار، والمساءلة والمحاسبة او العفو، واهمية التعويضات الفردية والجماعية، الرمزية والمالية الى اخر، ودعوا مع اخرين الاسترشاد بالتجربة الافريقية ومنها تجربة (لجنة الحقيقة والمصالحة) في جنوب افريقيا.
    والمصالحات الوطنية ولجان الحقيقة وهيئات الانصاف هي تجارب اكثر من ثلاثين دولة في العالم وحقق الكثير منها نجاحا باهرا، واعتمدت معظم التجارب على كشف الحقيقة اولا، ثم رد الاعتبار الادبي، ورفع الضرر وازالة الغبن، ورد الممتلكات والحقوق القانونية ما استطاعت الى ذلك سبيلا، ان مطالبة الناس بطي صفحات الماضي المؤلمة والتوجه نحو المستقبل (نحو صناديق الاقتراع) وهم فاقدين للثقة في الدولة ومؤسساتها المختلفة لا جدوى منها، ان اول شروط دفن الماضي هو كشف الحقيقة، والذاكرة الجماعية تتأثر بالحقيقة لا باماني محترفي العمل السياسي، وقد لاحظت ان بعض الكتاب الصحافيين تساءلوا عن مغزى تطابق احتفالات واو الاخيرة بتاريخ احداث توريت عام 1955م، وعلى ذلك يؤكدون ان احداث توريت لا تزال عالقة بالذاكرة الجماعية كاي احداث اخرى لاحقة في الجزيرة ابا او بورتسودان.. الى اخره، ولن تدفن الا بعد كشف الحقيقة.
    وعملية المصالحة الوطنية وتضميد الجراح في السودان مرتبطة بثلاث قضايا هامة وهي معها في خط مستقيم: السلام والوحدة والتحول الديمقراطي، فالمصالحة الوطنية من ادوات نشر السلام وثقافته، والانصاف والعدل وازالة الظلامات التاريخية من العوامل السياسية للوحدة، وكشف الحقيقة اهم ادوات ترسيخ الديمقراطية، وهكذا نأخذها كلها (حزمة واحدة) فالقضية اصلا واحدة لكن اعداء الحقيقة والديمقراطية نجحوا في تجزئتها بالرغم من ترديدهم لنشيد (التحول الديمقراطي) خمسين مرة في اليوم، وكشف الحقيقة له علاقة وثيقة بالتحول الديمقراطي والتداول الديمقراطي للسلطة، ومتى ما كان مرشحو القوى السياسية المتنافسة من (المتسيبين او المجرمين) فان (المتضررين او الضحايا) لن يفعلوا شيئا غير مقاطعة الانتخابات.
    وقد وجدت ان تفرد التجربة السودانية يدفع الى الاهتمام ايضا بمصالحات اخرى ضرورية بين قيادات الاحزاب والتنظيمات السياسية من جهة وعضويتها والجماهير من جهة ثانية (الجماهير اللا حزبية وهي الاغلبية الساحقة من السكان) المؤيدة او الداعمة لتلك القيادات وهي مصالحات هامة لذات التحول الديمقراطي لا تقل في اهميتها عن لجان المصالحات بين القبائل وحل النزاعات التاريخية ذات الصلة بالمصالحة الوطنية، وان الاسلوب الذي اتبعته قيادات الاحزاب اليوم (تجميع) العضوية او المؤيدين الذين اختاروا مواقف المتفرجين لن يحل المشكلة التي تجاوزت اثارها الافراد.
    وتأملت وقائع كثيرة تحتاج لهذا النوع من المصالحات لم يسلم منها حزب: تذكرت قصف الجزيرة ابا بالطيران وقصف قرى في دارفور وقرى ومدن صغيرة في جنوب الوطن.
    كشف الحقيقة يفيد التأكيد على القصف او عدمه، وهل كان سلاح الجو السوداني مدعوما من دول (شقيقة وصديقة)؟ كشف الحقيقة يعني ان ذلك لن يتكرر لا من تلك الدول ولا غيرها، وفي موت الالاف بالجزيرة ابا عام 1970م، تأملت صورتين: صورة التحذيرات للسكان عن طريق المنشورات التي ترمي بها الطائرات قبل القذف بالقنابل، وصورة بعض من القوم يخدعون السكان بقدراتهم الخارقة التي حولت القنابل الى اوراق تتطاير في الفضاء الواسع، وسألت النفس هل موت الالاف ومقابرهم الجماعية نتيجة تلك العملية المشتركة (الخداع والقنابل)؟ هل مطلوب من الذاكرة الجماعية ان تنسى كل ذلك وتتوجه نحو صناديق الاقتراع لتختار طواعية من يكون قد شارك في قتلهم او ساهم في خداع آباءهم واخوانهم؟
    ان كل قيادات الاحزاب والتنظيمات السياسية الحاكمة والمعارضة وهي تنشد نشيد التحول الديمقراطي عليها، ان تقر علانية بكامل مسؤولياتها في اضعاف احزابنا والديمقراطية واضعاف ترسيخ الديمقراطية بصناعتها او مشاركتها في صناعة او دعم وتأييد الانقلابات العسكرية وكل عضوية المجلس المركزي ومجالس الشعب القومية والمجالس الوطنية هم ذات قيادات الاحزاب السياسية وهي شريكة في كل الاثار السالبة التي حاقت بالشعوب السودانية.
    ان كل الانقلابات التي نجحت في اعوام 1958 و 1969 و 1989م، والعشرات التي فشلت ومعلوم ما حدث شارك في التخطيط والتحضير له قيادات حزبية (حكومة ومعارضة) وعليهم كشف الحقيقة وهل كانت تلك الافعال بموافقة الاحزاب ام قيادات ام بعض قياداتها؟ وما نتائج محاسبتهم امام احزابهم؟ الى اخر، وبسبب الانقلابات والحروب الاهلية بسبب الصراع على السلطة السياسية دفع الناس العاديين اثمان باهظة، انهم لن ينسوا شيئا ولا اسرهم ولا عائلاتهم الا بعد كشف الحقيقة والاعتذار والانصاف ورد الاعتبار الادبي.
    تعذيب المعتقلين من الامور الجديدة في السودان، في حقبة الحكم العسكري الاول حالات فردية قليلة وكذلك في الحقب العسكرية الثانية لكن شهدنا تعذيب شيوخ الانصار الجماعي ومنهم حفظة للقران في دبك هل حدث ذلك بقرار من احد اجهزة الدولة، هي مسؤولة افراد متطرفين (من بينهم قادة سياسيين اليوم) وما هي حقيقة تلك (البيوت) في الحقبة العسكرية الثالثة؟
    وكما اقامت اجهزة الدولة (حفلات خاصة للمعارضين) اصدرت الحركات العسكرية المعارضة احكاما بالاعدام على (متمردين) على قياداتها، وهكذا كلما حدث عبر السنين في كل انحاء البلاد يحتاج الى كشف الحقيقة. وضمت معسكرات الاعتقال خلال الحقبتين العسكريتين الثانية والثالثة الاف المعتقلين، وكما كانت الاعتقالات بسبب جبروت اجهزة الدولة فان من اسبابها ايضا (الوشاة) واخفاق قيادات حزبية في حمل امانة النشاط السري والاهمال في اداء واجباتها وكشف الحقيقة هنا لا يعني الا المحاسبة والاعتذار والعفو، فمصالحة قيادات الاحزاب مع المتضررين من عضويتها بعمل عمدي او عن غير قصد هامة مثل مصالحة السكان مع الدولة.
    وقيادات من المؤتمر الشعبي الذي تصنفه قيادات الاحزاب والتنظيمات السياسية لا جماهير ولا الجماهير اللا حزبية، كأحد احزاب المعارضة، من المعلوم ان كثير من قياداته اشرفت على عمليات الفصل الجماعي من الخدمة والحفلات الخاصة في تلك (البيوت) واستباحوا ليل المدن الهادئة وسكانها داخل المنازل مقيدين بحظر التجوال ففعلوا ما عن لهم وعندما اكملوا كل شئ، ولم يجدوا بشرا يؤنسهم في دورياتهم الليلية اتجهوا نحو (التماثيل) او حرب الاصنام، في الليل البهيم، في مدارس الاحفاد وشارع مستشفى ام درمان .. كشف الحقيقة قد ينسينا كل ذلك !.
    اما الاضرابات مع بدايات الانقاذ فقد كان من اثارها بخلاف الفصل من الخدمة والاعتقال (الموت) كشف حقيقة تلك الاضرابات وابرزها اضراب الاطباء والجهة التي قررتها هل هي قواعد العاملين ام قيادة النقابة؟ وما هو اثر النشاط الحزبي في التحريض على تلك الاضرابات في ذلك التوقيت؟ واذا كان (موت طبيب جسور وشجاع مهذب) هو مسؤولية افراد من اجهزة النظام.. فاننا لن ننسى ان قيادات حزبية قدمته لتلك الاجهزة عندما اصدرت قرارها الحزبي بخروجه من مكان اختفائه بحجة ان النقابيين لا يختفون! علما بأن القيادات التي اتخذت القرار (من المتفرغين الحزبين والمختفين) وبجوارهم ايضا نقابيين مختفين خلعوا (طاقية النقابة) ووضعوا بدلا عنها (طاقية التفرغ) هل نستطيع ان نتصالح مع مثل تلك القيادات الحزبية التي تخفي سؤاتها عن عضويتها وعن الاطباء وجماهير الشعب؟ كشف الحقيقة، حقيقة كل من شارك او اشرف على تنفيذ (القرار القاتل) لا غنى عنها والمسؤولون هم قادة حزبيين اليوم، ومهما تحدثوا عن (التجديد او التحول او التحلل) فان ذلك لن يزيل بقع الدم في تلك الوجوه!
    والذاكرة الجميلة لن تهدأ الا اذا تم الكشف عن حقيقة موت واغتيال الزعماء، وما اثير حوله: الزعيم الازهري، والامام الهادي المهدي، والاستاذ محمود محمد طه، والمعلم عبد الخالق محجوب والنقابي الفذ الشفيع احمد الشيخ والمناضل جوزيف قرنق، وحقيقة (طائرة الموت) وحالة الزعيم د. جون قرنق.
    والذاكرة الجماعية تحفظ ما يسمى بالتهجير القسري للسكان والذي من الضروري كشف حقيقته في ام درمان والشمال وكردفان ودارفور، والهجرة القسرية واللجؤ السياسي للمفصولين سياسيا والذين دفعتهم اجهزة الدولة دفعا نحو هذا الخيار المر، وهجرة الاقباط السودانيين واضطرارهم لايجاد اوطان بديلة في انجلترا وكندا واستراليا وهل كان اعدام (جرجس القس) في فبراير 90 هو الانذار للاقباط السودانيين بالرحيل؟ تحتاج لكشف حقيقة اجبار الكثيرين على ترك وظائفهم وتجارتهم والخلاص من ممتلكاتهم .. ان عودة الاقباط واللاجئين السياسيين الى وطنهم السودان هو من حقوقهم الى جانب رد الاعتبار الادبي ورفع الاضرار والتعويض عنها.
    ان الذاكرة الجماعية يسكنها ما ظل يحيق بالتلاميذ وطلاب الجامعات عبر عشرات السنين بالضرب والاعتقالات والفصل من الدراسة، الضرب بالعصي والضرب بالرصاص، والقتل بالعشرات, تحفظ ايضا مقدرا التعسف في استعمال السلطة بعدم الاكتفاء بالفصل من الدراسة بل واتخاذ قرارات جائرة بحرمان الطلاب المفصولين من الالتحاق باية مؤسسات تعليمية اخرى (لقمان عبد الله ورفاقه لن يستطيعوا نسيان ذلك الماضي المؤلم فهو قد قلب حياة كل واحد منهم رأسا على عقب).
    مثلما لن ينسى سكان حي العرب والمناطق المجاورة وتلاميذ المدارس وطلاب الجامعة الاسلامية وعمال وعاملات المنطقة الصناعية امدرمان مشهد التلميذ الشجاع (حاتم) ذلك الصبي القوي وهو يسير بخطوات ثابتة ومنتظمة في اتجاه العسكر وسلاحه هتافه وراسه المرفوع ويداه الخاليتان، والتي يضبط بهما سير اقدامه، حتى تلقى رصاصة من ضابط للشرطة، ومات الصبي واقفا وانسحب الضابط ورجاله وجلين في غير ثبات وبلا انتظام، لن نستطيع نسيان المشهد رغم مضي اربعة وثلاثين عاما، ولن ينسى الصورة اخوته واصدقاءه وابناء الحي.
    وسيلة دفن الماضي: كشف الحقيقة ورد الاعتبار والانصاف يساعد في طي صفحات الماضي، وهكذا.. لا استطيع عبر هذا المقال ولا مائة مقال عرض كل شئ هي نماذج ضئيلة وغير شاملة، مجرد عرضها قبل (لجنة الحقيقة والانصاف) اراحت صدر قليلا!
    وفي الختام فان اللجنة الرسمية او القومية ذات الصفة الرسمية او لجنة الحقيقة والمصالحة وهي تبدأ في اعداد برامجها بعد ان يسر الله قيامها مطلوب منها في البداية ان تعمل على اصدار قرار رئاسي بالكشف عن ارشيف الدولة في مواضيع تلك السنوات ذات الماضي الحالك، ولجان التحقيق الرسمية والملفات السرية (تجربة المصالحة في المانيا الشرقية) حيث اكتفى الناس بمعرفة الحقيقة ولم يطالبوا الا بالمحاسبة ولا التعويضات).
    وان تكشف الاحزاب والتنظيمات السياسية ايضا عن ارشيفها في ذات المواضيع، وينشر الشهود التقاة (الاستاذ عبد الحليم الطاهر المحامي) واخرون مذكراتهم ووثائقهم، وان تخصص الصحف اليومية واخص بالذكر جريدة (الايام المحترمة) صفحة لكشف الحقيقة، فلا الوفاق الوطني وحده ولا مصالحات النخب السياسية وحدها هو الذي يحقق المصالحة الوطنية وتضميد الجراح والوحدة والسلام، اساسها الانسان، وان لم تتبدل حياة الانسان ويتم انصافه ويرد اعتباره وتحترم تضحياته فلا امل في وحدة وطنية او تداول ديمقراطي للسلطة!!

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147510850&bk=1
    _________________
                  

04-18-2008, 00:23 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    آراء وأفكار حول الاصلاح القانوني

    المساءلة والعدالة

    د/ حميد امام المحامي


    ظلت التجارب الداعية لتحقيق السلام وحقوق الانسان تنشد المساءلة والعدالة، وهما صنوان لوحدة الاوطان والارادة الحرة نقصد بالتجارب العالمية : ـ تجربة جنوب افريقيا، ايرلندا وفلسطين يحفظ المجتمع الدولي، سلسلة المفاوضات الشاقة للوصول إلى سلام وحقوق للانسان في هذه التجارب. اذاً السودان قد دخل بعد التوقيع على اتفاق السلام الشامل إلى حافظة التجارب العالمية.
    ونزعم أن القضية الأساسية لإصلاح النظام القانوني في القانون السوداني، هي مبدأ المساءلة والعدالة، ولاهمية ذلك وضع المفاوضون مع الخبراء الدوليين هذه القضية في مقدمة لقضايا النزاع بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني. وعلى ذلك نص عليها الدستور الانتقالي في المادة (4) (أ) بقولها (تؤسس وحدة السودان على الارادة الحرة لشعبه وسيادة حكم القانون والحكم الديمقراطي اللا مركزي والمساءلة والمساواة والاحترام والعدالة) إنتهى
    والسؤال، لماذا وضعت المساءلة ضمن وحدة السودان وسيادة حكم القانون.. الخ؟ هل هي وضعت في المبادئ الموجهة؟ موجهة لمن؟ وكيف تتحقق؟
    ترتبط المساءلة والعدالة (بالمصلحة الوطنية) المنصوص عليها في المادة (21) (تبتدر الدولة عملية شاملة للمصالحة الوطنية وتضميد الجراح من أجل تحقيق التوافق الوطني والتعايش السلمي بين جميع السودانيين).
    المخاطر التي تواجه النصوص : ـ
    نوجز المخاطر في النقاط الآتية : ـ
    أولاً : ـ أن النصين المذكورين وضعان في ابواب ليس لها صفة الالزام والتحديد. نقصد بهذه الأبواب، الباب الأول (الدولة والدستور والمبادئ الموجهة) و(المبادئ الهادية والموجهات). والمواد في هذه الابواب لا تفرض أي صفحة محددة لوضع قانون مثلاً في المساءلة نقول (أن يحدد القانون) أو وفقاً لقانون. نلاحظ أن المواد المتعلقة (بالمساءلة) (والمصالحة الوطنية) ليس بهما هذ التحديد، كما أن النصوص اللاحقة في الدستور لا تحدد أو تفصل هذه المساءلة وتلك المصالحة الوطنية.
    ثانياً : ـ أن هذه النصوص تطرح سؤالاً من المسئول عن تقديم الاتهام أو الادعاءات في مواجهة الذين ارتكبوا (جرائم جنائية) أو أي نوع من المخالفات؟
    هل يصلح قانون الإجراءات الجنائية الصادر في عام 1991م للمحاسبة والمساءلة؟ ما هي الصعوبات اذا ما لجأنا إلى قانون النائب العام لسنة 1983م للقيام بهذا الدور؟
    في حالة القانونين المذكورين نواجه بمخاطر أولها أن القانون الجنائي وإجراءاته لسنة 1991م صادر بعد 30 يونيو 1989م وقت حدوث الانقلاب، إذن نلجأ لقانون العقوبات لسنة 1983م.
    النائب العام بوضعه ووظيفته بوصفه محامي الدولة، هل بإمكانه إجراء هذا الاتهام وتقديم أي شخص للمساءلة لا أحد يجادل في أن قوانين العقوبات لسنة 1983 أو 1991م وضعت في ظل المؤتمر الوطني، ففي عام 1983م كان الدكتور حسن الترابي هو من محفزي وضع هذه القوانين وقانون عام 1991م اضافة إلى أن حزب الجبهة الاسلامية اقترح هذا القانون في سنة 1988 ولم توافق عليه الجمعية التأسيسية.
    لحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى أن النائب العام وديوانه ظل في حقبتي المشير جعفر نميري وحكومة الانقاذ يلعب دوراً نشطاً في تقديم ورفع البلاغات الخاصة بجرائم أمن الدولة. ولكن ليس له دور نشط في تقديم ورفع بلاغات أو تقديم اشخاص باسم المساءلة لاشخاص موجودين ولهم مناصب في الدولة. وتحضرنا الذاكرة في قضية اسماء محمود محمد طه، أن النائب العام اعتذر عن تقديم دفاعه عندما كانت حكومة (المشير جعفر نميري) هي المسئولة عن المحاكمة غير العادلة للاستاذ محمود محمد طه. هذه القرينة تصلح عند القول بأن النائب العام ليس له تاريخ حافل في تقديم اشخاص للمساءلة اذا ما ارتكبوا جرائم أو مخالفات على ضوء الدستور الانتقالي لسنة 2005م.
    ثالثاً: ـ الحركة الشعبية لتحرير السودان، طرفاً في هذه المساءلة، حيث أنها أعلنت عن نفسها منذ عام 1983م وقادت نزاعاً مسلحاً وسياسياً منذ ذلك الوقت وحتى 2002م، بداية المفاوضات وإعلان مشاكوس، فخلال هذه الفترة التي تتجاوز عقدين من الزمن، ارتكبت فيها أفعالاً تخالف القانون وحقوق الانسان، وهي مسئولة عن العديد من حالات الإغتيال وتجنيد الأطفال والإعدام خارج نطاق القضاء وغيرها مما تبثه المصادر.
    فكيف تجري هذه المساءلة والعدالة، حتى يتحقق تضميد الجراح ـ حتى نصل إلى عدالة.
    ربما تكون الحركة الشعبية الحاكمة لعشرة ولايات في جنوب السودان تخطو خطوات ايجابية في محاربة الفساد، وفي ذلك أصدرت عشرة قوانين، وأصدر رئيس القضاء منشوراً بالرقم (2) يعتمد مصادر قانونية جديدة، مثل تطبيق المعاهدات مباشرة امام المحاكم والعرف وقوانين البلدان الافريقية المجاورة في حالة غياب النصوص القانونية للفصل في النزاع.
    * من يبدأ السلام ؟
    اذن نتوصل إلى أن حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، الثنائي لاتفاق السلام هما اللذان يبدأن بعملية المساءلة والمصالحة الوطنية هل ذلك سيتحقق؟!
    رغبة الطرفين في إجراء مساءلة تحتاج هذه المساءلة إلى قانون وحزمة من الإجراءات وربما يقول لنا أحد الناس أن مفوضية حقوق الانسان مناط بها هذه المسئولية ولكن لماذا تعثر إنشاء هذه المفوضية وقانونها؟
    نزعم إن إنشاء هذه المفوضية (حقوق الانسان) مرتبط بحل المعضلة بين الشريكين مسألة (التحول الديمقراطي) والتي ينتظرها الاصلاح القانوني والذي يبدأ بتعديل (6 قانوناً يتعارض مع الدستور، هذ فضلاً عن قانون يحقق المساءلة في الفترة من 30 يونيو 1989م إلى الآن. ليس المقصود بهذه المساءلة هو التشفي (فش الغبينة) أنما أساسه أن (الأموال والدماء معصومة) ـ ولا نريد أن نقول أنه سوف تحقق الوحدة الجاذبة، وأنما هي تحقق الوحدة الوطنية الحقيقية. ولكن لماذا يتعارض مبدأ المساءلة قانوناً مع مصلحة الشريكين رغم اختلافهما المعبر عنه في الخصومات وتبادل الاتهامات؟! نوجز هذه الاسباب بغرض البحث عن عامل حاسم يفضي إلى تغيير نحو مبدأ المساءلة في الآتي : ـ
    1/ السير في إجراءات (التحول الديمقراطي) المنصوص عليها في الدستور من جانب الشريكين، يتعارض مع سيطرتهم المؤقتة (52%) للمؤتمر الوطني شمالا و(70%) للحركة الشعبية جنوباً والخوف مسيطر على أن التحول الديمقراطي ومبدأ المساءلة يعرض تلك السيطرة للاهتزاز الحزبي من جماهير الناس. والدليل عل ذلك فالقوانين التي صدرت رغم أهميتها مثل قانون الجمعيات الطوعية لعام (2006) وقانون الاحزاب (مارس 2007) وقانون القوات المسلحة (نوفمبر 2007) معظمها تم اعدادها بعيداً عن مفوضية المراجعة الدستورية وتمت إجازتها في المجلس الوطني بالاغلبية. وكانت إجراءات التحول الديمقراطي تقتضي أن تحدث مناقشة وتشاور وإتفاق مع القوى الساسية والإجتماعية نلاحظ أن هذه القوانين المذكرة والمجازة، لم تنص على تطبيق أي نصوص بأثر رجعي فيما يتعلق بالمصالحة الوطنية و تضميد جراح. أنها تتحدث عن المستقبل وكأنها تقول (عفا الله عما سلف) يستنتج من ذلك أن مبدأ المساءلة ليس مطروقاً بين الشريكين أنه ينتظر عامل وهو الناس ـ الجماهير ـ الغالبية من هذا الشعب.
    هذا ليس كلاماً سياسياً، أنما هو القوى التي يعول عليها في الاصلاح القانوني ـ لنأخذ مثالاً واقعياً وجد (قانون الاحزاب معارضة واسعة خاصة البنود التي تقيد نشاط الاحزاب والخاصة بتركيبة مجلس الاحزاب والمادة التي تجوز حل الحزب حال معارضته لاتفاقية السلام ومادة أخرى تضع شروطاً تعجيزية لتسجيل الاحزاب).
    نلاحظ حتى بعد إجازة اتفاقية السلام الشامل لم تكن الحركة الشعبية حزباً، وكان المؤتمر الوطني حزباً ولا يزال، وهما اختلفا حول هذين البندين ـ فكيف نتصور اذا طلبت الحركة الشعبية المحاسبة وفقاً لاتفاقية السلام فماذا نتوقع رد حزب المؤتمر الوطني؟! لا نتوقع طرح المساءلة من الحركة الشعبية في هذه المرحلة، لأن ذلك ربما يكون مردود عليها لأن المساءلة شاملة للحركة الشعبية وللمؤتمر الوطني وهذا يتعارض مع وضعها في الانتخابات القادمة.
    2/ ربما يتعارض قانون المساءلة والعدالة، والمصالحة الوطنية مع التنافس الحزبي للحصول على مقاعد للفوز في الانتخابات تعتمد المساءلة مثلا عن التحقيق والاعتراف في مساءلة حل الاحزاب ـ وهي حرية وحق التنظيم ـ منذ المرسوم الدستوري رقم (2) 1989 ويشمل المعتقلين السياسيين عن الفترات التي قضوها في السجون وبيوت الاشباح، هذا يعني المساءلة من مصدري القرارات ثم المساءلة عن التعويض ويشمل الفصل عن العمل والحرمان من الحرية وهي سلسلة طويلة من الإجراءات وتقديم الأشخاص من الطرفين لعرض أقوالهم وإعترافاتهم وإقراراتهم ـ ومن توفوا داخل السجون سواء كانوا في البيت الابيض في جوبا أو سجن كوبر مقر لجنة الانتخابات، يحضر عنهم أولياء الدم لسماع الاعترافات والتفاصيل الكاملة عن ما تعرضوا له ـ هذه العملية تتم لعشرات الأشخاص وتشمل المسئولين أو كانوا مسئولين في الحكومة. هذه العملية تفضي في النهاية إلى تضميد الجراح وهي مصالحة وطنية حقيقية تسندها العدالة.
    والاستحالة أو الصعوبة في هذا الأمر، أن الاشخاص المعرضون للمساءلة هم أعضاء في حزب المؤتمر الوطني، وربما يرشحوا في انتخابات ويعودوا مرة أخرى للحكم، هل يجوز أن نفترض أنهم سيخضعون لمساءلة؟!

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147510879&bk=1
    _________________
                  

04-18-2008, 00:24 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    المقال التالي نشر بجريدة الأيام السودانية
    العدد 7725 صفحة منبر الرأي
    عمود : أضواء ومفارقات
    بواسطة الأستاذ/ تاج السر مكي
    تحت عنوان: في ذكري الشيخ الجليل

    قال الأستاذ محمود محمد طه في واحدة من محاضراته أن كمال الشريعة في التطور ، وكمالها في أن تنزل وتخاطب الناس علي قدر عقولهم ، وتمتلك المقدرة لتتطور وتواكب المجتمع باستمرار ، لأن الجسم الحي النامي المتطور ، هو الكامل ، وليس الجماد الثابت علي صورة واحدة ، ويقول البعض أن ربنا أعلم بحاجة الناس وقد نزل عليهم الشريعة في القرن السابع . بالطبع ربنا أعلم بحاجتنا لكن لا يشرع لكمالاته ولا لكمالات نبيه ، وحكمة التشريع أن ينزل وأن يخاطبهم في مستواهم البشري ليطورهم من ضعف إلى قوة .
    هكذا يقول ذلك العالم الصوفي البسيط ، وهو لا يرتدي مسوحا ويجلس مع تلاميذه وتلميذاته يحاورهم ويجادلهم بالحسنى ويشرح لهم ما استعصي بهدوء العارف ، دعتني ابنته ( أسماء ) وهي تلميذتي وجمهورية ناشطة لزيارة والدها ، ودعا ( عادل ) عمه المرحوم سيد طه شريف وهو الشقيق الأصغر لحسن طه شريف أحد مؤسسي تنظيم الجمهوريين وتحركنا صوب منزله في الحارة الرابعة بالثورة ، وفي شارع ( النص ) صوب منزله ، كانت المنازل في طريقنا تتواضع في بنائها وصغر مساحتها حتى اقتربنا من منازل طينية بسيطة علق الأستاذ سيد طه عليها قائلا وكأننا نقترب من مكان يسكنه صحابة لا يرون في الدنيا دار مقام .
    علي باب المنزل استقبلنا الأستاذ يرتدي ( عراقي ) أبيض بسيط وطاقية باشا هاشا لزيارتنا ودعانا إلى حجرته الخاصة التي يتكون أثاثها من ( عنقريب ) تحيط به كراسي بلاستيكية وعبقت الحجرة بالبخور وحدثنا ببساطة العالم كيف أن البخور يطهر الغرفة من الحشرات والميكروبات وكان كلما يتراجع الدخان يصب عليه بمعلقة ليزداد توهجا وعلي الكراسي وحوله في ( العنقريب ) جلس بعض تلاميذه وتلميذاته يرتدون الملابس البيضاء النظيفة . وجاءت إحداهن تحمل طفلها ويبدو انه كان مريضا فطلب منها أن تزور به طبيبا جمهوريا يسكن في الجوار .. لم يدع أنه سيرقيه ويقرأ علي رأسه بعض آيات القرآن الكريم ، فسقطت أول مظاهر الدجل والشعوذة فالطبيب الذي تعلم يستطيع أن يقوم بواجبه دون أن يكون في ذلك أثم ..
    يري الأستاذ أن المرأة ريحانة الحياة وأكثر المخلوقات قدرة علي التربية والعمل المبدع والصبر علي المكاره وتشكيل الإنسان السوي المتوازن وتحدث عن عظمة النساء المسلمات وغيرهن بما يدلل علي ذلك وعرج علي نساء بسيطان وفقيرات أنجبن وتولين تربية أبناءهن فحسنت سيرتهم وسما شأنهم علما وأدبا .
    سأله الأستاذ سيد طه ، هل تجد سياسة رفض العنف أساسا متينا في الإسلام ؟ أجاب ، العنف مرفوض في الإسلام ، والشريعة ليست هي الإسلام وانما هي المدخل علي الإسلام ، متنزلا إلى أرض الناس – حسب مداركهم واستعدادهم وحسب حاجتهم ففي أصل الإسلام ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ، وجادلهم بالتي هي أحسن ) و في الإسلام ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) .. فالإسلام يدعو إلى سعة الأفق والتسامح مع المخالفين في الرأي .
    وسألناه عن الديمقراطية فقال إنها اصل الدين ( فذكر ، إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر ) ، ربنا ، يعز الحرية الشخصية – الحرية الفردية – وهي قمة الديمقراطية ( وادع إلى سبيل ربك بالحكمة .. والموعظة الحسنة ، وجادلهم بالتي هي أحسن ) .
    وسألناه عن تطوير قانون الأحوال الشخصية فقال : لقد قهر الجاهلون باللأسلام المرأة وأذلوها وحولوها إلى أداة متعة وقد عرفوا بالتحجر الفكري والتبلد الذهني وفارقوا جوهر دينهم ولم يتمسكوا إلا بالقشور وأصيبوا بالهوس و ضيق الأفق ، وتحدث عن حق المرأة في تقييد التعدد والطلاق وألا تجبر علي زواج لا ترغب فيه وأن تكون ولية نفسها في حالة القسر .. لقد ازدحمت المحاكم بأفواج النساء التعيسات ( المجبرات) وفد أسيء إلى المرأة بالقانون التي تواجه المرأة الناشز قانونا التي تصر علي ممارسة حرفتها إن كانت موظفة أو عاملة ..وقال أن ليل التضليل قد طال ، ولكنه قد آذن بزوال .. وسنمضي في محاربة الوأد الذي يمارسه هؤلاء وسنضع الكلمة الصادقة الحاسمة موضع السيف حتى نطهر الإسلام من جهالات أدعيائه ونرد للمرأة اعتبارها وإنسانيتها وكرامتها ( ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله ، والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا ) .
    لأسباب عديدة تتعلق بالاستنارة وما ذكرنا اغتيل الشيخ الجليل في أسوأ محاكمة عرفها تاريخ الفكر لقد كان يردد أن السلفيين والأصوليين هم أخطر علي الإسلام بكثير من الذين يعادونه ولا يعتقدون فيه .. وقد أفسدوا صورته أمام مختلف الشعوب وأساءوا إلى تعاليمه وحولوها إلى شعوذة ودجل .. وباتوا يتباكون علي ما آلت إليه سمعة الإسلام .. رحل الشيخ والحسرة تملأ جوانح أهل السودان فهو لا يعرف العنف ولا الخصومات البذيئة ،. ولما وصل أحد ضباط شرطة المحاكم لينفذ مصادرة المنزل بكي عندما وجد نفسه ينفذ مصادرة منزل متواضع أثاثاته (الأبراش ) لكنه يعبق بالفضيلة والرحمة !!

    _________________
                  

04-18-2008, 00:25 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    المقال التالي للأستاذ إبراهيم يوسف نشر بجريدة الأيام بالعدد 7727 الصادر في يوم الخميس 24 يوليو 2003 م


    بسم الله الرحمن الرحيم

    هل في الإسلام رجال دين يحتكرون العلم بالدين والفتوى ؟!

    إبراهيم يوسف

    (والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا ) صدق الله العظيم

    كانت قبل أيام تعلو صيحات التعصب والهوس والتزمت بعيدة عن الحوار الفكري الموضوعي الذي يفسح المجال للرأي الآخر، وكل هذه المظاهر والتعبئة العاطفية الانفعالية كانت تعلن باسم الإسلام دين الحرية والتماس الحق أينما كان !
    ولكن لا غرابة فأن اكبر ما رزئ به شعبنا الطيب المسالم أن هناك من يستغلون أنبل عواطفه ، عواطفه الدينية ويوظفونها ويوظفون الإسلام نفسه في صراعاتهم السياسية ولا يتورعون من توظيف كل ذلك للفتنة .
    وقد تم (المقصرة) جماعة تأييد طالبان بإصدارهم فتوى تكفيرية نشرتها جريدة أخبار اليوم وكانت تلك الفتوى التكفيرية قد وردت فيها عبارات الكفر والتكفير أكثر من عشرة مرات أفتت (بقتل المرتد ) كما كفروا عددا من الاتجاهات مثل من يدعو إلى (الاشتراكية ) فهو كافر ضال أكفر من اليهود والنصارى ، وهؤلاء المشايخ إذا لم يسمعوا عن اتفاق مشاكوس الذي يمنع مجرد (التمييز) باسم الدين ؟ دع عنك القتل ؟ ألم يسمعوا قوله تعالي ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ؟

    *هل في الإسلام رجال دين ؟
    قد آن لشعبنا المسلم المسالم أن يعلم أن حماية الإسلام نفسه من مستغليه وحماية الشعب لنفسه حتى لا يستغل في تشويه الإسلام، وإظهاره بمظهر التخلف في عهد حقوق الإنسان وحقوق المواطنة المتساوية رغم تعدد الأديان والمعتقدات في بلدنا بلد التعدد. آن لشعبنا أن يعلم أن الإسلام يتميز بأنه ليس فيه رجال دين يحتكرون العلم بالإسلام وأنما نشأت ظاهرة رجال الدين البعيدة عن الإسلام بعد أن أدركتنا النذارة النبوية (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه قالوا اليهود والنصارى ؟قال فمن ؟ )
    الأمام عمر رضي الله عنه، وهو مدرسة فكرية مشهورة، وله اجتهاداته الحكيمة، وهو أمير المؤمنين، كان هو الأولي بإعلان انه هو المرجعية الدينية وأنه هو الناطق باسم الإسلام، لو كان لمثل هذه الادعاءات مكانة في الإسلام.. ولكن الأمام عمر لما أعلن رأيه علي المنبر، واختلفت معه امرأة في الرأي، لم يسكتها ولم يتخطفها الأمن وأنما قال قولته العظيمة الشهيرة أخطأ عمر وأصابت امرأة.. وكل هذا يؤكد أنه ليس في الإسلام رجال دين أو مرجعية معينة تفسر للناس دينهم، وتخرج من الدين من يخالفها الرأي أو يزيد علمه علي علمها !!
    وحتى في مرحلة أئمة الفقه عليهم رضوان الله لم يدعوا – المرجعية – حاشاهم ولم يلزموا أحدا باجتهادهم بل إن السلطة لما أرادت فرض رأي الأمام مالك علي الأمة قد رفض فرض رأيه وقال قد يري الآخرون ما لا أرى .

    ماذا قال الأئمة ؟:

    قال الأمام مالك (انظروا فيه فانه دين وما من أحد إلا مأخوذ كلامه ومردود عليه إلا صاحب هذه الروضة )يعني النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.. كما سئل أبو حنيفة ( هذا الذي تفتي به هو الحق الذي لا شك فيه؟؟ فقال والله لا أدري قد يكون الباطل الذي لا شك فيه ).. هكذا كان ورع العلماء وبعدهم عن التعصب لآرائهم ومثل ذلك قال الشافعي عمن يخالفونه الرأي ( رأيي صواب يتحمل الخطأ ورأيهم خطأ يتحمل الصواب ) وقال الأمام داود ( انظروا في أمر دينكم فأن التقليد لغير المعصوم مذموم وفيه عمى للبصيرة )وقال الأمام أحمد ( لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الأوزاعي ولا النخعي ولا غيرهم وخذ الأحكام من حيث أخذوا ( وأذا كان هذا هو المطلوب الديني في زمن الأئمة المجتهدين فكم يكون المطلوب الآن من المسئولية الفردية ومن اليقظة .
    * ادعاء المرجعية والفتوى :

    الآن هناك من هؤلاء وأولئك من يدعون أنهم المرجعية في الدين ويحتكرون الفتوى بالدين وهم اسري للفكر الإسلامي التاريخي ينقلونه لغير ظروفه وملابساته وباسم الشريعة.. مع أن البداهة تميز بين الشريعة وفهم الفقيه المتأثر بثقافة ومشاكل وقته، ثم انه هو جهد بشري يمكن نقده ويمكن رفضه وحتى في الفكر السلفي وارد (أجمع الفقهاء علي أن المفتي يجب أن يكون من أهل الاجتهاد) كذا في الظهيرة ص 308 المجلد الثالث من الفتاوى الهندية، كما أن المفتي هو المجتهد فأما غير المجتهد ممن يحفظ أقوال المجتهد فليس بمفتي وذلك لأن المجتهد سيراعي المستجدات ) ذات الصفحة من المصدر السابق كتاب ميزان صحيح الإسلام .
    ولحسن الحظ أو لسوئه فأن مفتيينا، علي صوتهم المرتفع، ليس فيهم من يطمع أو يدعي مرتبة الاجتهاد، رغم ضرورات الاجتهاد ودواعي التجديد الملحة.. بل قفلوا باب الاجتهاد ، كان هذا هو واقع الحال اليوم ! رغم أن أئمة المذاهب كانوا يراعون المستجدات حتى في فترة عمر الرجل الواحد كما فعل الشافعي .

    * دور المثقفين ووعي الشعب :

    هكذا ظهر أن الدين وعواطف شعبنا الدينية توظف في الصراعات السياسية ليساق الشعب وهو معصوب العينين لتحقيق طموحات البعض السياسية، ويساق للفتنة نفسها بدون مراعاة لأمن المواطنين وللوحدة الوطنية، مع الظهور بإرهاب مكشوف يعرض بقتل الرأي المخالف، كما يعرض باليهود والنصارى ودعاة الاشتراكية مما يهدد بلدنا الذي نعزه بالتدخل الخارجي ، وإذا كان في أيام الأئمة المجتهدين كان المطلوب من الأئمة أنفسهم أن يتحرى الناس في أمر دينهم وأن يأتموا بعقولهم حتى قال الأئمة أعرضوا فهمنا علي الكتاب والسنة فان استقام معهما فبها وإلا فاضربوا به عرض الحائط.. إذا كانت هذه هي المسئولية الدينية، والمسئولية الفكرية، حتى في وجه أئمة الاجتهاد فان المثقفين يفرطون في مسئولية وأمانة الثقافة، إن هم أعطوا رؤوسهم لمن هم دون الاجتهاد، علي ضرورة الاجتهاد، ليرهبوهم باسم الدين فيحرمونهم من حقوقهم العصرية الإنسانية الأساسية مثل حرية العقيدة وحرية الفكر والتعبير.. فليدافع المثقفون عن حقوقهم إن لم يستطيعوا أن يدافعوا عن الإسلام في وجه التشويه بتحويل الإسلام العظيم إلى مؤسسة عقابية .

    * طريق العلم التقوى وليست الدراسات النظرية :

    ثم إن البسطاء أصحاب الفطرة السليمة من قومنا، حتى لا يفقدوا تعايشهم السلمي في بلدهم، بلد تعدد الأديان، وكريم المعتقدات، ذلك التعايش الذي ورثوه من تدينهم الصوفي، آن لهم ان يعلموا أن طريق العلم في الإسلام هو منهاج بسيط، يدركه أبسط الناس، إذ هو يبدأ بتعلم ما لا تصح العبادة إلا به، وهذا ما كان يحصله الأعرابي في دقائق يجلسها بين يدي النبي، فيقول النبي الكريم عنه أفلح إن صدق.. وهذا المنهاج الشعبي المبسط من هذه البدايات يسير بنا في الترقي الروحي والعلم المطرد، إذ المعلم فيه هو الله العظيم ( واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم ) ولبساطة هذا المنهاج وسرعة جدواه قد تمكن من نقل أمة البعث الأول – الأمية – تلك النقلة الكبيرة السريعة التي حيرت التاريخ، وتمكن أن يخرج منها أمثال سيدنا عمر وإخوانه ومن ثم هو خير منهاج تربوي تعليمي لنهضة شعبنا الأمي المغلوب علي أمره، والذي يوشك أن يفتن بالإسلام السياسي ومدمني الفتاوى عن جوهر دينه .. ولذلك كان المتصوفة (الحقيقيون ) ينبهون من يفني عمره في الدراسات الفقهية النظرية ليغدو (عالما ) ينبهونه أن يتجه لعلم التقوى ولذلك قال الصوفي الكبير الشيخ العبيد ود بدر لعلماء السطور ( من اكتفي بما في السطور وجهل مافي الصدور خفيت عليه جميع الأمور ).
    وعلي المتصدرين للحديث عن الدين في بلدنا أن يلموا بمآسي الحرب علي بلدنا وما أفنت من أرواح وما شردت من مواطنين وما فوتت من فرص التنمية والاستقرار، حتى لا يعوقوا السلام والوحدة الوطنية بسبب محدودية سقفهم المعرفي.. كما عليهم أن يعلموا أن الإسلام إذا احسنا فهمه ونفذنا إلى أصوله المدخرة لعهد حقوق الإنسان هو المخلص للعالم القرية، ليحقق فيه الإسلام بين أخلاط الأمم التي تعمر كوكبها الصغير، وذلك بما هو دين الفطرة، ولذلك يجد فيه الناس، كل الناس، مطالبهم الإنسانية، وحقوقهم الأساسية، أما إذا أسأنا فهم الإسلام وعجزنا عن تقديمه ليلبي حقوق أخوتنا في الوطن الواحد، ( الجنوبيين ) فمن ثم يختزل الإسلام وتصبح المشكلة هل يطبق الإسلام في العاصمة القومية أم أنها الردة والفجور ؟

    * إلى متي استغلال الشريعة :
    إن التاريخ يؤكد انه منذ نهاية فترة الخلافة الراشدة وبداية الملك العضوض لم يقم إلا استغلال اسم الشريعة وتمسح الحكام بالدين لاستغلال المواطنين، وإسكات المناهضين للظلم.. والآن فان الأمر أشد تعقيدا، خاصة في بلدنا السودان، بكل تعددا ته التي جعلته صورة مصغرة للعالم، وان من يستطيع أن يتقدم بنظام يسع هذا التعدد الذي سيكون رافد خصوبة للشعب السوداني، يمكنه أن يقدم نموذجا بتوسيعه يقوم السلام في العالم القرية، وللمفارقة فأن المرشح لذلك هو الإسلام الذي ظل الإسلام السياسي يقدمه بتصور عكس ذلك .. الإسلام بمستواه العلمي ، هو الإسلام دين الفطرة ، (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) فلكل ذلك فأن من يدعو للإسلام في عهد حقوق الإنسان وفي بلدنا بلد التعدد فان واجبنا أن نطلب منه أن يعرض علينا تصوره للشريعة حتى لا نقحم الإسلام في التجارب الفاشلة المنفرة فنصرف الإنسانية عنه وهي أحوج ما تكون إليه لنقيم تصوره كمجهود بشري قابل للخطأ وللصواب خاصة وأننا في مرحلة الفرق التي أنذر بها المعصوم . وأنها كلها هالكة إلا واحدة ويكفي أن جماعة الأخوان المسلمين في السودان قد انشقت إلى أربع فرق ، المؤتمرين الوطني والشعبي وجماعة أبو نارو وجماعة صادق ، والوهابية تفاجئنا كل يوم بجماعة متهوسة جديدة .. ورغم أن الطريق للفرقة الواحدة الناجية هو الحوار الموضوعي والاعتراف بالرأي الآخر فأن كل فرقة تتوهم أنها تنفرد بمعرفة الحقيقة المطلقة ومن ثم تصادر الرأي الآخر فهلا عرفت كل فرقة قدرها وطاقة وحاجة وقتنا الحاضر فاحتكمنا لقوله تعالي ( وانا أو إياكم لعلي هدى أو في ضلال مبين ) وهلا رجعنا إلى علم التقوى حتى لا نشوه الإسلام وننفّر عنه أكثر مما فعلنا ؟!!

    * اليقظة والوعي الديني :

    وحتى لا يستخف بشعبنا الطيب كل ناعق ويسوقه بالشعارات، فلنتذكر أن ا ستغلال الدين من أجل السلطة قد بدأ حتى زمن الصحابة عليهم رضوان الله، وباستغلال أقدس المقدسات، القرآن العظيم، وذلك في قصة رفع المصاحف الشهيرة، والدعوة لتحكيم كتاب الله ولكن أمام العادلين الأمام علي قال إنها الخدعة وان قولتهم تلك هي كلمة حق أريد بها باطل ، وحيث أوشكت المعركة علي انتصار الخلافة الراشدة جازت الخدعة علي أنصاف المتدينين فهزموا الخلافة الراشدة في وجه الملك العضوض !!
    وإذا كان استغلال العواطف الدينية للسياسة قد بدأ منذ عهد الصحابة فعلي شعبنا الطيب المسلم أن يأخذ حذره مرات وأن يتحصن بوصية النبي الكريم لأبن عمر إذ قال له ( دينك ، دينك يا بن عمر ولا يغرنك ما كان مني لأبويك فخذ ممن استقاموا ولا تأخذ ممن قالوا ) !! كما أننا ونحن نطالب بالديمقراطية التعددية ونستبشر بمقدمها لا بد أن نعرف أننا لا بد أن نؤمنها بالتوعية الدينية وإلا نفعل سيظل شعبنا يساق للانتخابات بعواطفه الدينية بدلا عن البرامج العملية التي تفتقدها أحزابنا، ولذلك لا بد من أن تتنبه القوى الحديثة والقوى الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني ومنظمات النساء لضرورة منابر الحوار وألا نترك الإسلام وهو مذهبية المستقبل للقوى التي توظفه في التخلف والإرهاب والقمع .. ولنتذكر قولة الأستاذ محمود محمد طه ( فليتدارك الله دينا باسمه يحيا أناس في رخاء العيش ودعة النعمة وهم باسمه لأبنائه يكيدون ) والعزاء ( إن الله لا يهدي كيد الخائنين ) وانه تعالى قد تكفل بحفظ الدين من اصدقاء الدين ومن أعدائه.
    _________________
                  

04-18-2008, 00:29 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    وصال المهدي لـ(الوطن):ما زلت أنصارية

    ســياسياً وإجتماعياً..!
    محمود محمد طه لم يكن له أثر في الساحة.. والتُرابي ليست له علاقة بإعدامه..!
    عندما يعتقل الإمام الصادق كنت أصاب بالصداع ولا أنام..!
    إمامة المرأة ســـــــتدعــــو الرجــــــــال للوسوسة ..!



    عندما ذهبنا إليها كنا نود أن يكون الحوار معها عن «الزمن» ومدى تأثيراته السياسية والإجتماعية.. إلا أن الحوار إنحرف إلى مسارات أُخرى.. لأن لوصال المهدي آراء جريئة وفي مناطق حساسة حول العمل السياسي والإجتماعي.. ففضلنا أن يكون الحوار مفتوحاً.. أختلفنا في قضايا كثيرة.. لكن لم نختلف حول طبيعتها وحسن ضيافتها لأنها وقفت على خدمتنا بنفسها كـ«ست بيت» تقدم لضيوفها وتحسن وفادتهم.. ولم تتضجر.. وقبل إنتهاء الحوار دخل علينا عصام التُرابي الذي كنا نسأل عن إنتمائه فتحول الحوار إلى مؤانسة مع أُسرة سودانية تحكي عن العام والخاص فحكى عصام التُرابي عن رحلاته لبعض الأماكن والصيد وركوب الخيل والرياضة وعن علاقاته الإنسانية.. إمتدت المؤانسة لزمن أطول من الحوار.. وقبل أن نذهب أُتيحت لنا فرصة اللقاء مع الدكتور حسن التُرابي والذي ترك أثراً في البيت كله فوجدنا وصال هي الأكثر تأثراً بطريقة حديثه وإبتسامته المعهودة أثناء الحديث طلبنا من د. حسن التُرابي فرصة اللقاء به في حوار مطول.. رحب بالأمر.. خرجنا ومعنا عصام ووصال المهدي حتى باب المنزل كعادة وداع الضيوف.



    نشأت داخل بيت أنصاري وبمرور الوقت صرت عضواً بالحركة الإسلامية.. ما هي أسباب هذه التحولات؟



    ـ ما زلت أنصارية لكنني لست حزب أُمة بل حركة إسلامية والمهدية قائمة على الشريعة ولا يوجد تناقض بين المبدأين وإنتقالي من الأنصارية للحركة الإسلامية الحديثة هو تجديد للحركة المهدية، والمهدية تجديد لحركة الرسول «صلى الله عليه وسلم» والمهدي يقول «أنا خليفة الرسول صلى الله عليه وسلم أنا عبد مأمور بإحياء الكتاب والسنة المغمورين» وهو إنسان عابد وزاهد ومن زهده قال: «يا ليتني كنت عبداً مملوكاً لأطيع السيدين» وأنا أعرف تاريخ الإمام المهدي منذ نعومة أظافري.. أمي جدها الإمام المهدي وكانت تغرس فينا حبها للمهدية ومعرفة ما دار فيها من خلافات، خلافات الخليفة شريف وعبد الله ومراحل المهدية والمعارك، ولقد زارت كل المواقع بغرب السودان التي إنتصر فيها الإمام المهدي لأنها متحمسة للحركة المهدية.. وحبي للمهدية لن يتغير لأنني نشأت وتربيت عليها.



    هل بذات القدر الذي تدافعين فيه عن الحركة الإسلامية من الممكن أن تدافعي عن الأنصار؟



    ـ طبعاً، ودفاعاتي لم تكن فقط عن الحركة الإسلامية بل الأنصار أيضاً وسابقاً دافعت عن تعويضات أُم دوم وهي أرض زراعية إشتراها الإمام عبد الرحمن من «كونت مخلص» ونُزعت منه وعوض بأراضٍ في أُم دوم إشتراها الإمام عبد الرحمن وكان سعر الفدان 2 مليم وعندما جاء نميري صادر ممتلكات دائرة المهدي بعد ضرب الجزيرة أبا ثم قام بـ«تأجير» الأرض للشركة العربية للإستثمار الزراعي لكن أُسترجعت الأملاك بعد المصالحة الوطنية والشركة العربية كانت تستأجر من حكومات الأفراد..



    ولذا عند إنتهاء مدة إيجارها إلى ثلاثين عاماً من المفترض أن تعود إلينا وطالبنا بها فكونت لجنة من وزارة المالية والمراجع العام ووزارة الزراعة قُدر لنا مبلغ 25 مليوناً لكنه خُفض لحوالي 19 مليوناً تسلمنا منها 4 ملايين فقط ونصيب الإمام الصادق كان الأكبر لأنه وريث للإمام الصديق الذي ذكر في وصيته أن يرث الإمام الصادق 10% من حقوقه بدائرة المهدي لكن لم يأخذ نصيبه إنما عاد لوزارة المالية.. أما نحن فقد أخذنا أنصبتنا وكانت قليلة أي حوالي ثلاثة ملايين ونصف المليون ومازلنا حتى الآن نطالب بتعويضنا في أرض أُم دوم.



    هل تشعرون بأن هنالك عداء ضد الترابي من قبل الشعب السوداني؟



    ــ لا، حب وكراهية الترابي من قبل الشعب السودان في حساباتنا ، لكننا نجد حباً كبيراً لشيخ حسن خارج أرض الوطن خاصة في العالم الإسلامي الذي يعرفه ويحبه.. الباكستانيون مثلاً قالوا إن السودانيين لا يعرفون الترابي معرفة جيدة ولا يفهمونه لذا أعطونا اياه، الا أن الترابي لا يمكن أن يغير موطنه.



    وأنا شخصياً لا أتظلم من أحد لكن عندما قرأت مقال رئىس تحرير صحيفة «الوطن» سيد أحمد خليفة والذي قال فيه «إن التُرابي هو الذي بدأ العُنف بالجامعات» لكن شيخ حسن ليس رجلاً عنيفاً وإن كان كذلك لواجه هذه الحكومة بالعنف ودائماً ما يقول نريد أدباً جديداً في خلاف الإسلاميين، وأن تكون هناك محاورة وفكر ونبذ للإحتراب، وشيخ حسن لم ينشر العنف بالجامعات لأن الإسلاميين هم الأكثر تضرراً من العنف لأن الشيوعيين قتلوا طلاباً إسلاميين كُثر في جامعة الخرطوم والحركة الإسلامية دائماً معها الحق ويمكن أن تبدأ بالعنف لكنها لا تريد ذلك.



    وماذا عن حادثة العجكو ألم تكن هي بداية العنف؟



    ـ عندما كان هنالك إحتفال بجامعة الخرطوم رقصت البنات العجكو وهذا ما جعل حاج نور ينفعل فصار يقذف بالكراسي، وهناك حوادث عنف قبل العجكو بجامعة الخرطوم وهنالك أحداث عنف كثيرة إبتدرها الشيوعيون عندما كنا طلبة بجامعة الخرطوم طُعن الإسلاميون من وراء الظهر وفي هذا الوقت كانت هنالك أحداث عنف كثيرة ففي جامعة السودان تعرض بعد الطلبة الإسلاميين للعنف من قبل طلاب إتحاديين وكانت إصابة أحدهم بليغة وكاد أن يموت وعندما ذهبت إليه بمستشفى حوادث الخرطوم طلب مني الطبيب المعالج نقله لساهرون لمواصلة علاجه فسألته أين ساهرون فقال جنبكم في بري وبها عناية مكثفة، وبالفعل نقلت الطالب إلى هناك وصادف أن الطبيب المعالج قادم من بريطانيا اسمه ياسر سيد أحمد عبد الهادي، وبالفعل انقذ الطالب من موت محقق.



    عندما كنتم داخل السلطة كحركة إسلامية تعاملتم مع الكثير من القضايا ببطء لكن عندما حدث الإنقسام وصرتم خارج السلطة تحدثتم بضرورة الإسراع لمعالجة هذه المشكلات؟



    ـ المؤتمر الشعبي كما أعرفه ومن معاصرتي ومعايشتي له منذ الجبهة الإسلامية القومية كان يسرع في حل القضايا وأذكر أن غازي صلاح الدين قد علق لي قائلاً إن شيخ حسن يريد رؤية تطبيق الشريعة في حياته وهذا مستحيل، وأنا لا أرى أنهم كانوا متمهلين وأصبحوا مسرعين، أعضاء الحركة الإسلامية الموجودة الآن ليسوا كلهم مؤمنين بالمبادىء الإسلامية بل بالإغتناء والثراء على حساب الشعب أكثر من الإسلام وإنصاف الشعب.



    إنتقاد المؤتمر الشعبي للمؤتمر الوطني جاء بعد خروجه من الحكومة؟



    ـ هذا ليس صحيحاً فشيخ حسن كان يقول هنالك فساد ويجب محاربته وظل ينادي بضرورة الحريات التي كانوا ضدها، حريات كنا نريدها منذ العام 93 وان فصلنا لأننا رواد حرية، حرية لكل الأحزاب السياسية وقد كنت في الشورى التي أقرت الحريات وأذكر أن هنالك أحد الشخصيات النافذة بالحكومة عندما خرج قال وبتهكم: «لن نسلمها إلا لعيسى».



    ماذا عن الصلة السياسية والإجتماعية بين الشعبي والوطني؟



    ـ لا توجد أية صلات إجتماعية فهذا باب مقفل، نحن بالمؤتمر الشعبي في آخر شورى عقدت بالدار قررنا عدم إجراء أي حوار مع الحكومة لأن المؤتمر الوطني غير مشغول بالحوار معنا فلماذا ننشغل بالحوار معه ونلتقي في المناسبات الإجتماعيتة مثل الوفاة وليست هناك مودة بيننا، وأنا بالذات لا توجد بيني وبينهم أية صلة.



    ü هل حزنتم على الإنفصال أم الخروج من السلطة؟



    ـ خروجنا من السلطة لم يكن محزناً بل كنا فرحين بخروجنا من هذه الطغمة التي يأكل بعضها أموال المسلمين ويبددون إنجازات الحركة الإسلامية والتي عمرها خمسون عاماً والتي ظلت تكافح من أجل ترسيخ قواعدها بالسودان.



    البعض يقول إن من أسباب أزمة دارفور المؤتمر الشعبي خاصة وأن التُرابي قد قال من قبل يمكنني حل مشكلة دارفور في ساعات؟



    ـ لم يقل ذلك، إنما قال بخمس جلسات يمكن حل المشكلة.



    وما المانع في أن يجلس؟



    ـ «يجلس بالغصب» وهم غير معترفين بقدرته على حلها وأنهم يستطيعون حلها، وبرأيي أنها قضية غير مستعصية لأن لأهل دارفور مطالب محددة فلو تحاور الناس معهم بـ«التي هي أحسن» بدلاً عن الجنجويد لكان أجدى ولما أُريقت كل هذه الدماء. وفي دارفور كثير من الفظائع لا يعرفها الكثيرون .!



    وأهل دارفور كانت لهم مطالب منذ الإربعينيات كقضية الثروة والسلطة.. وهي منطقة مظلومة ليس فيها ماء ولا كهرباء.. ولو جلس الناس معهم في الخرطوم بدلاً من أبوجا لكان أجدى.. لكن فات الأوان وأصبحت القضية أممية ودولية.



    ما رأيك في قول التُرابي إن رئاسة الجمهورية يجب أن تذهب لشخص جنوبي؟



    ـ التُرابي لم يقل هذا الحديث، إنما الذي ذكره هو د.آدم الطاهر حمدون وعندما قال هذا الحديث كان دعابة ولقد فسرها شيخ حسن داخل مؤتمر شورى الخرطوم بأنه تهكم.. وإذا ما تولاها شخص جنوبي ما الضرر في ذلك فهو شخص سيتولى الأمر بأغلبية الأصوات وهذا الكلام يُسأل عنه آدم الطاهر.



    ü برأيك هل من حق الجنوبي أن يكون في رئاسة الجمهورية؟



    ـ نعم، إن حصل على أغلبية في الأصوات والآن النائب الأول هو جنوبي.. وإذا ما حدث شىء للرئىس فسيتولى الأمر سلفا كير.



    ü هل من الممكن أن يتولى رئاسة المؤتمر الشعبي تخص من جنوب السودان؟



    ـ في المؤتمر الشعبي هنالك شخصيات قيادية من أبناء جنوب السودان مثل موسى المك كور، عبد الله دينق والأب يوهانس وهذا سؤال ليس من المفترض أن يُسأل لأن الرد عليه بديهي ومعروف.



    ü ما هي طبيعة الأيام عندك هل تختلف عن بعضها؟



    ـ تختلف والسفر جعلها مختلفة .. والأحداث الإجتماعية والسياسية تغير من خارطة الأيام عندي وفي أغلب الأيام أكون مشغولة فقبل يومين كان البيت مليئاً بالضيوف من الحركة الشعبية قرابة 60 فرداً ولقد أُخطرنا عصراً ونحن على الدوام مشغولون.



    ü هل العمل السياسي صار بالنسبة لك «ورطة»؟



    ـ لا، وأحاول أن أوفق بين الخاص والعام وعادة ما أفضل السياسي عن الإجتماعي، وأن حدث أمر سياسي طارىء تجدني أعتذر إجتماعياً لكنني أتواصل مع جيراني والأهل.



    ü متى بدأ وعيك السياسي؟



    ـ منذ زمن بعيد، أبي كان رئىساً لحزب الأُمة وأمي كانت تقود جمعية اسمها جمعية «نهضة المرأة» وكنت أشارك في أنشطة هذه الجمعية وفيها يتم تعليم البنات القراءة والخياطة، كما كنا نستقبل الوفود الزائرة للسودان مثل مسز نيكسون والتي مازلت أذكرها واغلب الحديث كان سياسياً خاصة عندما نلتقي الإمام عبد الرحمن ولم يكن يغيب عنا كثيراً.



    ü عندما تم إعتقال الترابي تحدثت عبر أجهزة الإعلام بحدة هل كنت تتحدثين بذات الحدة عندما يعتقل الصادق المهدي؟



    ـ عندما يعتقل الإمام الصادق كنت أصاب بالصداع ولا أنام.



    ü حتى في ظل وجود الترابي في السلطة؟



    ـ حتى إن كان في السلطة، والترابي وقتها لم يكن ظاهراً في السلطة ولم أكن أعرف مدى أبعاد سلطته في ذلك الوقت.



    ü ألم تسمعي بمعتقلين ؟



    ـ أنا أتعاطف مع كل معتقل وفي كل مكان وأصلي وأدعو من أجل المعتقلين في غوانتنامو وشيخ عمر عبد الرحمن وفي تونس..



    ـ مقاطعة ـ



    نحن نتحدث عن المعتقلين داخل السودان؟



    ـ أنا أتأثر بأي معتقد لأنني جربت ذلك فلقد اعتقلت عاماً كاملاً في عهد نميري وقتها كنت أماً لطفل رضيع بعد يوليو 76 وتلك كانت أيام سوداء لن أنساها وأتصور أن أي معتقل سيشعر بما شعرت به ومن المستحيل أن أكون «مبسوطة» أو غير مبالية في حالة إعتقال أي شخص.. وفي الصين الآن هناك قتلى مسلمون كثر وهذا الأمر علمته من السفير السوداني في الصين سابقاً وقال لي إن هنالك مئات القتلى سراً في الصين فقط لأنهم مسلمون.



    ü هل كنت تناقشين د. حسن الترابي عن أوضاع المعتقلين أيام كان في السلطة؟ وبماذا كان يرد عليك؟



    ـ كنت أناقشه كثيراً ويقول لي أنا لا دخل لي في هذا الأمر..!



    ü لنعود إلى تجربة إعتقالك أيام نميري؟



    ـ إعتقلنا كما ذكرت، نظام نميري عام 76 وأذكر أن الوقت كان صباحاً ولم أرضع طفلي بعد (رضعة واحدة) فكان أن تم حصار البيت، ودخل علينا رجل من جهاز الأمن وقال لي نود أن (نفتش البيت) فقلت له:



    ـ تفضل..



    ثم قال:



    ـ نود حضورك للإستجواب..



    قلت:



    ـ إن كنت تود حبسي فمن الأفضل أن آخذ طفلي معي..



    فتحدث رجل الأمن مع احدى الحاضرات وسأل إن كان طفلي يعتمد عليّ في الرضاعة فعلاً..



    ـ فأجابته بنعم..



    لكن خدعت.. عندما أخبروني بأن الأمر سيكون مجرد تحقيق.. فأخذت مباشرة صوب سجن أُم درمان.. وهناك لم يكن تحقيقاً، ومكثت بسجن أُم درمان تسعة أشهر ونصف الشهر، وكانت معي سارة وحفية وليلى عبد الحميد صالح، وسلوى خطيبة محمد نور سعد قائد الحملة القادمة من ليبيا إلى جانب الأخت سلوى والتي تم القبض عليها ولم تكن لها علاقة بالعمل السياسي وكذلك التومة زوجة «صراف» كان يوزع المرتبات للمعتقلين السياسيين من حزب الأُمة وكل المعتقلات خرجن ما عداي وحفية وسارة أكملنا المدة.



    ü كيف كان جو المعتقل في ذلك الوقت؟



    ـ كنا نطعم بـ(قراصة) لونها أسود وطعام لم نستطع أكله.. إلى أن حضر د. الشلالي طبيب السجن وقال لنا: (مالكم ضعفتو كده)؟



    فقلنا له: (ليس هناك أكل).



    فكتب لنا طعاماً في روشتة.. وبعدها إستطعنا أن نأكل.. والسجن كانت تحكمه قوانين الإنجليز ولم تكن فيه وجبة عشاء، فقط افطار وغداء لذا كنا نرسل العسكر لجلب عشاء من خارج أسوار السجن والتعامل بالنقود في السجن أيضاً كان ممنوعاً.. وعندما اكتشف أحد الضباط تعاملنا مع الشاويش قال لنا: إن القانون يمنع العامل بالنقود داخل السجن، لكننا كنا نجادل و«نحاجج».. أما تعامل شيخات السجن فلقد كان كريماً معنا.. وهنالك «أنصاريات» يأتين بالطعام لنا مع بيوتنا.. وأذكر أنه في إحدى المرات قد تم القبض على شيخة سجن اسمها «عائشة» فقال لها الضابط: (هل تأكلين الدجاج). فقالت له: نعم نأكل الدجاج.. فجاءت الينا واخبرتنا بالقصة وأنها لن تستطيع إحضار الطعام لنا بعد ذلك ورغم صرف الطعام بالروشتة إلا أن الوضع لم يكن جيداً.. لكن التعامل صار أفضل..



    ü هل صاغ د. حسن الترابي قوانين سبتمبر بنداً بند؟



    ـ لا، وأودُّ أن أدافع عن د. حسن الترابي من التهمة التي قالها عنه سيد أحمد خليفة، وما قاله سيد أحمد غير صحيح.. إن الذين صاغوا قوانين سبتمبر هم، بدرية سليمان والنيّل أبو قرون وعوض الجيد، والنميري، منع ثلاثتهم من مرور د. حسن جوار مكتبهم دعك من الدخول إليهم وصياغة القوانين.. ودكتور حسن عالم بقوانين الشريعة وإن شارك سيكون مفيداً ونافعاً..



    ü هل تعتقدين أن قوانين سبتمبر بها أخطاء؟



    ـ نعم، هنالك أخطاء وهنّات، إلاّ أن العدالة الناجزة اراحت الناس كثيراً، لأن المحاكم الآن تعمل على «جرجرة الناس» بالسنين لدرجة أن الناس صاروا يرضون بالحل الأهلي.



    ü يقال إن إعدام محمود محمد طه كان بسبب د. الترابي؟



    ـ قالت باستنكار: لا حوّل....» هذه حكاية بين نميري ومحمود محمد طه، ونميري كان يسمع أن محمود محمد طه يتعامل كأنه «آلهة».. ولا يصلي.. و... و.... فأعدمه نميري.. وشيخ حسن لم يكن له دخل في هذا الأمر لأنه لا يحب العنف، إنما كان يفضل الحوار ومحمود محمد طه لم يكن له أثر كبير في المجتمع السوداني واتباعه كانوا أقلة.. والمريدون الذين من حوله ممارساتهم كانت تبعد الناس من حولهم.



    ü لكن هنالك شعارات عنيفة قيلت في عهد الترابي؟



    ـ مثل ماذا؟



    ü فليعد للدين مجده أو ترق منهم دماء أو ترق منا الدماء أو ترق كل الدماء؟



    ـ هذا أدب عند الأخوان المسلمين.. ولم يسنّه شيخ حسن، والإسلام عندما تم الهجوم عليه.. ردّ الهجوم بالجهاد، وإن كان الناس قد أتوا «بالتي هي أحسن» فلن يكن هناك داعٍ للجهاد أو الهجوم، والإسلام لم يهجم إنما هُجم عليه وعندما تم ذلك جاء.. وهذا أمر طبيعي إن هُجم عليك لابدّ أن ترد، وحتى في جرائم القتل الدفاع عن النفس ليس فيه عقاب.



    ü هل كان الأمر دفاعاً عن النفس أم دفاعاً عن سلطة؟



    ـ حتى في الأمر الشخصي...



    مقاطعة:



    ü دعينا نردها للسلطة؟



    ـ السلطة مبنية على أسس والسلطة ليست من أجل السلطة في حد ذاتها و«هي لله التي قلتها» أنت.. نؤكد لك أننا لا نريد سلطة لأنفسنا ولا نريد مالاً.. أنما لله.. والخليفة كان يطفيء شمعة المسلمين عندما يود أن يفعل شيئاً يخص أهل بيته مخافة من الله في أموال المسلمين.. لكن الآن أين هذا الأمر؟ «هي لله» ليس شعارنا نحن.



    هل لك رأي فيما ذهب إليه الناس حول فتاوى د. الترابي الأخيرة؟



    ـ أرى أن السودانيين يهاجمون الإنسان الذي يقول للناس أنا مسلم.. ويقللون من شأنه وعندما قال شيخ حسن فتواه الأخيرة حول إمامة المرأة.. وزواج المسلمة من النصراني.. قيل عنه مرتد.. ولابدّ أن يُقتل.. لكن هذا التحامل فقط لأنه سياسي.. لكي يتم التخلص منه.. وهذه ليست ذريعة.. لأنني أن قلت «المرأة تصلي بالناس» هل أكون قد خرجت من الإسلام؟ لا، فأنا فقط أُفتي في الإسلام وأقول رأياً وأُجدد.



    مقاطعة:



    ما رأيك أنت في إمامة المرأة؟



    ـ ليس عندي فيها رأي حازم ومؤمنة بإمامة المرأة، لكن زواج المسلمة من الكتابي لعلّها تدخله الإسلام، هذا أمر حدث في أمريكا وأذكر أن امرأة مسلمة ومتزوجة من رجل مسيحي ولها أطفال فحكت للشيخ حسن قصتها ـ فقال لها الشيخ حسن:



    «استمري مع زوجك..» وفي آخر الأمر أسلم زوجها وقال شيخ الترابي لعلها تقنع زوجها بالإسلام وتزيدنا واحداً.. وشيخ حسن يرى أن المرأة مخلوق.. له عقل ومجهود يمكن أن تفيد الإسلام حتى بالدعوات في السر أو الجهر.. لذا هو يرى أن بإمكان المرأة اقناع الرجل.. لكن الناس هنا يعتقدون أن المرأة تابعة للرجل وهي ناقصة عقل ودين.. وهذا الحديث لم يقله الرسول صلى الله عليه وسلم.. والنساء في الإسلام مجاهدات وعالمات.. وادخلن الرجال في الإسلام، فلماذا دائماً ما نقلل من شأنهن.. وشيخ حسن هو دائماً نصير للمرأة.. لكن الهجوم عليه لأنه سياسي.. وعندما هاجمه الناس فقط حتى يُقتل ويرتاحون منه.. لكنه سيظل باقٍ في كتاباته وآرائه وأفكاره.. وكل شيء في يد الله فقط.. وكما يقول السودانيون «ما بكسرك إلاّ البناك».. ونيتهم هذه لم تتم لأن الله لم يرد لهم ذلك.. وشيخ حسن له اتباعه، ومريدوه في العالم الإسلامي كثر والسودان صار يعرف من خلال شيخ حسن.



    لم نتبيّن رأيك حول إمامة المرأة؟



    ـ رأيي أن وقوف المرأة أمام الرجال لتؤمهم وتصلي بهم قد تجعل الرجال يوسوسون، ومن الأفضل أن تكون المرأة في الصفوف الخلفية.



    في الصفوف الخلفية؟



    قاطعت.. لتواصل:



    والرسول قد أمم امرأة حافظة للقرآن على أهل دارها.. وشيخ حسن قال إن الدار ليست الأسرة فقط وعلى هذا الأساس قال «أن تكون للمرأة الإمامة».. والآن في أمريكيا إمامة المرأة سائدة قبل فتاوى شيخ حسن.



    أنت ذكرت أن د. الترابي هو نصير للمرأة لكن في عهده اصدرت قوانين النظام العام؟



    ـ قانون النظام العام كان لحفظ كرامة المرأة.



    مقاطعة:



    كانت تُجلد..؟



    مقاطعة:



    ـ هذا ما لم يكن يوافق عليه شيخ حسن ولقد «حضرت» عندما جلد «ناس مجذوب الخليفة البنات في الأحفاد» غضب الشيخ غضباً شديداً وقال لهم هل ضرب الرسول صلى الله وسلم النساء لأنهن عاريات.. وهنالك أشياء كثيرة كانت تفعل ولم يكن يوافق عليها.. ولا يمكن ان يسيطر على كل شيء.



    لكنه كان العقل المفكّر؟



    ـ مقاطعة:



    ـ هذا الحديث بعيد كل البعد عن الصحة.. ولا يمكن أن يكون شخص واحد هو العقل المفكّر لدولة بأكملها.. وهذا غير معقول هل هو اخطبوط؟



    مقاطعة:



    قد يتم الرجوع إليه؟



    ـ لكن، لم نسمع كل كلمة قالها، فضرب النساء مثلاً كان بالضد منه.. والاقناع لن يكون بالضرب أو العقاب «ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر».



    عندما كان الترابي في السلطة.. السودان زاد عدد الأعداء.. لكن الآن برأيك هل انحسر عدد الأعداء.. وحدثت بوادر انفراج؟



    مقاطعة:



    هذه تبعية وذيلية.. و شيخ حسن شجاع ولا يخاف أمريكا ولا أية قوية في الأرض.. وأذكر أننا في إحدى المرات سافرنا إلى غرب السودان مدينة الأبيض وفي طريق العودة للخرطوم والتي كانت فيها أمطار وسحب فقرر قائد الطائرة العودة إلى الأبيض إلاّ أن شيخ حسن أصرّ على الهبوط لإرتباطه بمواعيد وكان معنا تورين وزير الطيران المدني وقتها وقال للشيخ الترابي إن هبطت الطائرة سنموت جميعاً وبعد محالات مضنية اقتنع شيخ حسن بالعودة للأبيض.. ولأنه رجل متوكل على الله ويحرص على مواعيده إن مات سيؤجر ويموت شهيداً.



    الآن موقف المؤتمر الشعبي من الحركة الشعبية خاصة وأن هنالك لقاء تم بين الطرفين قبل يومين ما الذي دار داخل الإجتماع؟



    ـ لا أدري ما الذي حدث داخل الإجتماع لأنني لم ألتقِ بشيخ حسن بعد ولم أسأله عمّا حدث.. لكن في الغالب أنهم أضيروا من الحكومة، لذا يأتون لأحزاب المعارضة حتى يقوى موقفهم، والمؤتمر الشعبي هو أول مَنْ ناقش الحركة الشعبية وبسبب ذلك سُجن شيخ حسن لثلاثة أعوام لأنه بدأ حواراً مع د. جون قرنق.



    الآن موقعك داخل المؤتمر الشعبي؟



    ـ الآن أنا عضو في قيادة المؤتمر الشعبي وعضو مجلس شورى وأعمل بمركز دراسات المرأة والذي يصدر كتباً عن المرأة وموقف الإسلام منها وأشارك في مؤتمرات عالمية، في شهر 8 شاركت بمؤتمر في اليابان كان بعنوان «الأديان من أجل السلام» وقبل أيام شاركت في نيروبي من خلال كورس تعليم النساء كيفية حل المشكلات قبل أن تصبح حربا



    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=4703&bk=1
    _________________
                  

04-18-2008, 00:32 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الثلاثي الذي «ضيع» نميري
    عادل سيد احمد

    قضاة الطواري إبان حكم نميري... حيث كان ابرزهم المهلاوي، في محكمة الموضوع.. والمكاشفي في محكمة الاستئناف.
    كانوا أدواتاً في مناخ قوانين سبتمبر المحسوبة زوراً على الاسلام.
    صديق مايوي، اعتز جداً بصداقته، وهو الياس الأمين، ذكر لي عدة حقائق مشرقة:
    الحقيقة الأولى: ان الذي ضيع مايو هم المستشارون الثلاثة المعروفون.. بسبب القوانين المفارقة للاسلام، والتي اصدروها في سبتمبر 1983م.
    الحقيقة الثانية: ان نميري ما كان ميالاً لإعدام محمود محمد طه.. ولكن ضغوط «المستشارين» حوله... وأبرزهم الثلاثة المعروفون.. حملوا نميري للتوقيع على حكم اعدام محمود محمد طه.
    الحقيقة الثالثة: ان نفراً كريماً، ابرزهم الراحل السفير أحمد عبدالحليم، والخبير الاعلامي البروفيسور علي شمو والدكتور مالك حسين، بذلوا مجهودات خرافية لاثناء نميري والحيلولة دون إعدام محمود محمد طه.
    بل إن الدكتور مالك حسين جلس مع الأستاذ محمود محمد طه لاقناعه بحل وسط حتى لا يتم اعدامه.
    وهو دور إيجابي وذو نوايا طيبة.
    اذن... قوانين سبتمبر كانت القشة التي قصمت ظهر نظام نميري..
    وما هالني، هذه الايام... أن جدد قاضي الإعدام ذاك اعتزازه بالجريمة المنكرة...
    كما ظهرت إلى السطح مستشارة مشهورة.. وهي تفتخر بانها وضعت قوانين الظلم والعدالة الجائرة في أكبر إساءة باسم الإسلام، عرفها نظام في القرن العشرين.
    وجل أو كل هؤلاء من المثقفين دأبوا على ان يكونوا رصيداً للشمولية والديكتاتورية والتسلط.
    اللهم انت الحافظ لكتابك :«إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون



    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=4527&bk=1
    _________________
                  

04-18-2008, 01:52 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    في الذكرى الـ22 لرحيل الاستاذ محمود محمد طه هل انتهى الفكر الجمهوري بعد إعدامه..؟!

    د. بتول مختار محمد طه :
    محمود أتقن صلاة التقليد حتى أفضى به إلى صلاة الأصالة



    هذا مايقصده بالرسالة الثانية .. ورأيه كان واضحاً في تعدد الزوجات



    تمر على الشعب السوداني قاطبة هذه الأيام الذكرى الـ22 لرحيل مفكر الجمهوريين محمود محمد طه.. الذي اعدمه نظام نميري. ويرى الجمهوريون في الذكرى دروساً وعبراً تستنبط بمرور كل عام يسجل في غياب دواوين محمود الذي يعتبره الكثيرون أنه غاب بجسده، ولكن لم يغب عقله لكونه ترك إرثاً ثقافياً وأدبياً وإســــلامياً يمكن أن تحضر فيه الأجيال القادمة.



    «الوطن» التقت في هذه الذكرى بالدكتورة بتول مختار محمد طه ابنة أخ الراحل محمود التي تربت بين يديه، وقلبت معها دفتر حياته الخاصة والعامة



    ماهي أهم معالم شخصية الاستاذ محمود؟



    - أهم معالم شخصية الاستاذ محمود محمد طه هي البساطة ، التواضع ، الصدق مع النفس ، ومع الناس ، ثم الشجاعة الأسطورية.



    خصومه يشيعون عنه أنه لم يكن يصلي ما مدى صحة ذلك؟



    - هذا ليس صحيحاً فالاستاذ محمود أكبر مصلٍ وكل ما في الأمر أن هناك شأناً دقيقاً واصيلاً في أمر الصلاة ، هناك صلاة تقليد وصلاة صلة.. وقد وردت الصلاتان في أمر النبي صلى الله عليه وسلم للأمة بالصلاة حين قال «صلوا كما رأيتموني أصلي»، والمطلوب الرؤية المزدوجة لصلاته.. فالنبي صلى الله عليه وسلم حين يقف ويقول «الله أكبر» هذه رؤية لنا جميعاً في الهيئة وهي الصلاة الشرعية ذات السجود والركوع المفروضة على كل مسلم.. والمطلوب من هذه الصلاة أن تفضي بنا الى حالة قلب النبي صلي الله عليه وسلم فهو حين قال «الله اكبر» لم يكن هناك شئ اكبر في قلبه غير الله فإذا استطاع المسلم أن يرى حالة قلب النبي الكريم هذه فتلك هي الصلاة المطلوبة وإلا يصح فيه قول النبي الكريم «رُب مُصلٍ لم يقم الصلاة» و«رب مصلٍ لم تزده صلاته من الله إلا بعداً» والنبي صلى الله عليه وسلم أصيل في صلاته هذه وليس مقلداً لأحد وإنما نحن نقلده لنفرغ قلوبنا عمّا سوى الله ليصل المسلم الحق إلى صلته الخاصة بربه، والله سبحانه وتعالى لا يتجلى لذرتين في الوجود تجلياً واحداً لايكرر نفسه «كل يوم هو في شأن» وعندما يصل المسلم إلى هذه الحالة يأخذ صلاة صلته الخاصة به من ربه وهو في هذه الحالة قلّد النبي صلى الله عليه وسلم فالنبي عمدته ودليله في التقليد وإسوته في الاصالة وقد جاء على لسان النبي الكريم في كتاب الله «قل إن كنتم تحبوني فاتبعوني يحببكم الله» وقد اتقن الاستاذ محمود التقليد حتى افضى به إلى اصالته وهو في هذه الحالة مُصلٍ كما هو مطلوب في أصل الدين وموضع الصلاة ليس البساطة التي يتناولها به خصومه وهو موضوع طويل وعميق لأنه موضوع الدين والحياة وقد اوجزته لك باختصار شديد أرجو أن لايكون مُخلاً كما أرجو الاطلاع على كتاب «رسالة الصلاة» للاستاذ محمود.



    حياته الخاصة ؟



    - حياته كلها مبذولة لمعيشة الفكر الجمهوري ـ أصل الدين ـ المحبة وتوصيل الخير للناس بكل السبل.



    حدثينا عن زوجته وأولاده..؟



    - زوجته ورفيقة دربه هي امنا آمنة محمد لطفي عبد الله وولده محمد توفي غرقاً في نهر النيل عام 1954.. وبناته أسماء وسمية ، تلقين تعليماً عالياً ويعملون ويعيشون خارج السودان.. ثم بقية ابنائه وبناته من الجمهوريين الذين اعتنقوا الفكرة الجمهورية.. وهذه أسرة كبيرة جمعها بأدبه الجم وحبه الواسع وخلقه القويم.



    هل كان له رأي في تعدد الزوجات؟



    - نعم وهذه جزء من كل يدخل في مسألة أصول القرآن وفروعه ، القرآن المكي ، والقرآن المدني ، والقرآن المدني هو الذي نزل في المدينة وقام عليه التشريع في القرن السابع، وقد كان تشريعاً مرحلياً خدم حاجة ذلك الزمان وقد كانت حاجته للتعدد فقد كانت شريعة ذلك المجتمع شريعة الغاب من غلب سلب، وكانت الحروب تكثر بينهم وتقضي على الرجال دون النساء، وكان الرجال قبل الاسلام يتزوجون مايشاءون دون عد، وعندما جاء التشريع حدد العدد الى اربع وكان في ذلك حفظ لكرامة المرأة إلى حين أن يتطور المجتمع وتتطور هي بتعليمها وفهمها فتنال كل الكرامة.. الزوجة الواحدة للرجل الواحد وقد جاء في كتاب الله في ذلك مايلي:



    ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثني ، وثلاث ، ورباع ، فإن خفتم الا تعدلوا فواحدة»، وجاء قوله تعالي أيضاً في موقع آخر ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ..» ومما لاشك فيه فإن الأصل في الاسلام العدل والعدل في المحبة يستحيل بين زوجتين ولذلك في إصل الاسلام «الشريعة المطورة» الزوجة الواحدة للرجل الواحد، وهذا سوف يتحقق برقي المجتمع ورقي المرأة إن شاء الله.



    كيف كان يقضي يومه؟



    - يومه كله فكر متواصل وحضور تام يتوضأ بسورة ياسين عدة مرات في اليوم.. كثير الجلوس على مصلاته يكاد لا ينام الليل، وخاصة الثلث الأخير من الليل منذ الصباح الباكر يتابع حركة توزيع الكتب الجمهورية ومتابعة التأليف ونشر الدعوة ونتائج اركان النقاش التي كان يديرها الأخوان والاخوات الجمهوريات في الجامعات والأماكن العامة مع الجمور ومع ذلك الاشراف على سير الحياة اليومية في الأسرة.



    من هم أقرب اصدقائه من غير الجمهوريين؟.



    - أذكر منهم فقط المهندس حسن بابكر رحمه الله.



    ماذا كان يقول لكم في أيّامه الأخيرة أثناء المحاكمة وقبل المحاكمة وانتم تزورونه؟



    - كان دائماً يتحدث عن السيرة النبوية وعن حسنات ومواقف الصدق للخلفاء الراشدين ثم يتحدث عن الصمود والمقاومة السلمية وضرورة رفع الظلم عن الشعب السوداني وضرورة الإطاحة بنظام نميري والغاء القوانين الجائرة التي سميت جوراً وبهتاناً بالقوانين الاسلامية.



    من هو آخر من التقاه من اخوانه الجمهوريين قبل تنفيذ الحكم؟



    - قابلته في صباح يوم 16 يناير 1985م وبعدي بعض أطراف الاسرة ثم مُنعت من زيارته يوم الخميس 17 يناير ولم يره منّا أحد.



    وافق الذين كانوا مع الاستاذ محمود محمد طه على الإستتابة فلماذا لم يقبل هو؟.



    - لم يوافق الاستاذ محمود على الاستتابة لأنه موقن بصحة دعوته وان ما قدمه للناس هو الدين الصحيح الذي لادين بعده وهو يعلم علم اليقين أن الموت هو السبيل للحياة التي لايشوبها النقصان وقد قال في كتاب رسالة الصلاة ما معناه لايكتمل ايمان احدنا حتى يكون الموت احب غائب لدينا ومن الجانب الديني هو يعلم حقيقة ذلك المشوار ومن الجانب الآخر كان يعلم أن أمر المحكمة وما تبعها من استتابة لاعلاقة لها بالدين ولا القانون وإنما هي تنكيل بالمعارضين السياسيين وتصفية لهم كما قال لهم في محكمة المهلاوي وقد رد على محكمة الردة منذ عام 1968 حينما طالبوه بالتوبة «انكم أخس وأذل من تطمعوا في فقد قاومت الاستعمار حين كنت تلعقون جزم الإنجليز».. وعلى هذا النهج من الصمود والشجاعة الفذة ودع دنياهم بابتسامة للقاء ربه مازالت تؤرق مضاجعهم.



    الجمهوريون يقولون « ما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم» فهل تعتقدي أن محمود محمد طه هو عيسى زمانه؟.



    - الاعتقادات رؤى فردية ولا تخضع للتعميم كما انها لاتخدم قضية التغيير التي نحن بصددها وليس هناك تصريح جماعي جاء بذلك.



    محمود محمد طه كان يقول ان الصلاة قد رفعت عنه وانه اصبح الانسان الكامل.. فسري لنا هذه المعاني كما سمعتيها منه؟.



    - لم اسمع منه قط قولاً مثل هذا . أما موضوع الصلاة فأرجوا الرجوع إلى الإجابة على السؤال رقم2.



    ماذا كان يقصد بالرسالة الثانية؟



    - الرسالة الثانية من الاسلام التي يقصدها الاستاذ محمود موجوده في المصحف، وقد بلغها النبي صلي الله عليه وسلم ولكنه لم يلزم بها الأمة المؤمنة وإنما الزمها بفروع القرآن الرسالة الأولى التي قامت على الوصاية والجهاد، وعاش هو الرسالة الثانية التي تقوم على الحرية « فذكر إنما أنت مُذكر لست عليهم بمسيطر» و«وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» والرسالة الثانية هي سنة النبي صلي الله عليه وسلم والآن آن وقت هذه الرسالة، ودعا الاستاذ محمود إلى بعثها ليعيش الناس سنة الني ويكونوا في سلام على هذا الكوكب.



    حدثينا عن فترة اعتقالاته في سجن كوبر؟



    - اعتقل في سجن كوبر في فترة الاستعمار البريطاني للسودن وذلك لمقاومته للاستعمار في الفترة 1946 و1948م كما اعتقل في كوبر أيضاً في العهد الوطني في عهد نميري عام 1976 وذلك عندما اصدر كتاب « اسمهم الوهابية وليس اسمهم أنصار السنة».. ثم اعتقل في سجن كوبر في أيام حكم نميري أيضاً لمعارضته لقوانين سبتمبر التي سنت لإذلال الشعب وتصفية المعارضين السياسيين باسم الدين، ونفذ فيه ذلك الحكم الجائر في يناير 1985م.



    هل اهتممتم كأسرة بمعرفة مكان قبر الاستاذ محمود محمد طه؟.



    - لا أرى ضرورة للافصاح بهذا الأمر الآن.



    لماذا انتهى الفكر الجمهوري بعد اعدامه؟.



    - لم ينته الفكر الجمهوري ولن ينتهي ولكن انتهى شكل النشاط الجماعي الذي عهده الناس ومازال العمل الفردي جارياً ومؤثراً.



    لماذا لم تتجهوا لمحاكمة دولية كأسرة وكفكر جمهوري؟



    - كل شئ يتم في وقته ولا معنى لعمل يأتي بنتائج سلبية.






    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=4495&bk=1
    _________________
                  

04-18-2008, 01:53 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    في الذكرى الـ«22» لإعدام زعيمهم ..الجمهوريون يطلقون حزباً سياسياً جديداً
    اعلن الاخوان الجمهوريون إطلاق حزب سياسي تحت اسم «الجمهوريون- التنظيم الجديد» في الذكرى الثانية والعشرين لإعدام زعيمهم الراحل الاستاذ محمود محمد
    طه الذي حكمت محكمة خاصة في 18 يناير 1985 باعدامه، وأثارت جدلاً عنيفاً لم يهدأ إلى الآن. وذكر الجمهوريون في بيان تلقت «الوطن» نسخة منه أن حزبهم الجديد ينهض على حقي الحياة والحرية، ويستهدف الاهتمام بحريات الرأي والتعبير والتنظيم والحريات الدينية وكرامة المرأة والمساواة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ويدعو إلى توحيد السودانيين في إطار دستوري انساني يراعي التنوع الديني والعرقي، ويسعى إلى إقامة حكم ديمقراطي اشتراكي فيدرالي، وحل النزاعات القبلية والإقليمية سلمياً ونبذ العنف. وأوضح البيان أن الحزب يستمد مرجعيته من الفكرة الجمهورية التي بشّر بها الاستاذ محمود محمد طه في دعوته للرسالة الثانية من الاسلام ، وأشار البيان إلى أن عضوية الحزب الجديد مفتوحة لكل السودانيين. وكان الجمهوريون قد انكفأوا منذ اعدام زعيمهم ومؤسس جماعتهم الاستاذ محمود محمد طه واكتفوا بالاحتفال بالذكرى السنوية لإعدامه، واعتبر مراقبون تحدثوا لـ «الوطن» خطوة اطلاق الحزب تحولاً نوعياً في مسيرة الفكرة الجمهورية التي توزع دعاتها والمؤمنون بها في مختلف أرجاء السودان، وهاجر بعضهم إلى دول الخليج وأوربا وأمريكا..



    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=4448&bk=1
    _________
                  

04-18-2008, 01:54 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    عيد ميلاد الإمـــــــام تحوّل إلى مناسبة قومية شارك فيها الحاكمون والمعارضون
    يُقال ما يُقال عن الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة «نقداً أو مدحاً» فإن الرجل يدخل عامه الواحد والسبعين، وقد شاركه في الإحتفالية حاكمون ومعارضون ، وسجله السياسي من أنظف ما يكون إذا ما قيس بمقاييس التمسك بالديمقراطية، ومناهضة الأنظمة العسكرية والشمولية، ودفع ثمن هذا وذاك من عمره وعمر أسرته الصغيرة في سبيل وطنه الكبير ..!والسيد الإمام الصادق المهدي قادته ديمقراطيته المُطلقة « والتي يعتبرها البعض أكثر من اللازم» إلى دائرة الاتهام بالتفريط وإضاعة الأنظمة الديمقراطية لمرتين على الأقل حيث كان هو الرئيس الديمقراطي الذي انقلب عليه نظام مايو 1969ـ 1985م، وكان أيضاً هو الرئيس الديمقراطي المنتخب الذي انقلب عليه نظام الانقاذ 1989م، وحتى يومنا هذا، حيث يظل الفرق بين النظامين المايوي والانقاذي أن الأول كان شعاره وهو في المربع الماركسي الاشتراكي «مايو اتولد» أي ولد السودان بعد مايو، وكان شعاره الذي انتهى به إبّان الانتفاضة هو ايضاً ألا بديل لمايو الحاكمة باسم الله، والعدالة الناجزة، ومحاكم الطوارئ، وقوانين سبتمبر، وقتل الشيوخ من أمثال المفكر محمود محمد طه، وبتر الأيادي لسارقي المقتنيات البسيطة من أمثال الواثق صباح الخير وغيره، بينما ران المال والسلطة لنفر من سارقي قوت الشعب وأصحاب مخازن العيش وصناع السوق الأسود ومساهمي بنوك الاحتكار.. فالتجويع وهلمه جرّا..!
    والانقاذ التي انقلبت على قيادة الصادق المنتخب استفادت ولو نسبياً من خطايا وأخطاء مايو. ولم تقل «الانقاذ اتولد»، ولم تحرم السودانيين من الحديث عن تاريخهم؛ لأن أمة بلا تاريخ أمة بلا حاضر وبلا مستقبل.
    إلا أن الانقاذ التي يُحسب لها التدرج تحسب عليها أشياء عديدة منها إضاعة الوقت في الوصول إلى ما نحن عليه من قناعات وتوجهات نحو التعددية والديمقراطية، فضلاً عن كونها وإن حققت السلام في الجنوب فإنها ومعها الوطن كله تعاني من ثنائية هذا السلام، مضاف إليه ثنائية جديدة هي ثنائية الاتفاق مع مناوي ..!على كل حال فنحن نحتفل مع السيد الإمام الصادق المهدي ببداية عامه الحادي والسبعين لا نوافق بشكل مُطلق على الحديث عن ضعفه كحاكم، وعن إضاعته لنظامين ديمقراطيين في تاريخ السودان؛ ولكننا نقول إن الديمقراطية نفسها تقوم على قناعات الناس، وتربيتهم، وهي كالطفل إن أحسن الناس تربيته وتعليمه جاء إنساناً كبيراً وناضجاً ومعطاءً، وإن ضاق الناس في تربيته أو استعجلوا انحرف، وضاع، وتأخر عطاؤه أو انعدم بالمرة..!
    إن الحديث عن تجربة رجل في قامة الإمام الصادق إن وزن بميزان دقيق سيعطيه حقه وفاءً وتقديراً وشكراً وتكريماً؛ لأنه على الأقل كان دائماً بالداخل، حيث ورث ذلك عن جده الإمام عبد الرحمن، ووالده الصديق، ومعظم قادة الحزب والكيان الذين كانوا على الدوام يقاتلون خلف قناعاتهم، ويدفعون الثمن دون اللجوء إلى عمل خارجي مطلق تتناوله وتحتضنه جهات أجنبية عندما تبلغ غاياتها تقول للمعارضين وقعوا على الصلح مع النظام أو ارحلوا مع بلادنا.hالتحية للسيد الإمام الصادق المهدي ودعوة ملخصة له أن يضع يده الكريمة على الأيادي المخلصة لانقاذ البلاد مما هي فيه دون أية مرارات أو مآخذ أو خلفيات لا تحتمل البلاد العودة إليها أو الحديث عنها على الأقل لأن هذا ليس وقت الحساب بل وقت انقاذ الوطن



    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=4312&bk=1
    ____
                  

04-18-2008, 01:55 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    عادل سيد أحمـــد ومشاعــــــر عثمان يقلبان دفــــــاتر الأحـــداث الدامــية

    عمــــر عبد الخالق محجـوب : قابلت نمــــيري ... وواجـــهت أبو القاسم .. وأشتكينا لقرنق
    ** عرفنا مگان المقبرة ونعد العُدة لفتح الملف الدامي
    هذا ما قلته لـ «أبو القاسم محمد إبراهيم» ورده كان «دا شُغل سياسة يا إبني »!



    التاريخ هو ثمرة الأيام... والأيام دول ... تأتيك بكل ما هو مخيف وحزين..
    ومحطة الفرح فيها هي الفرع والحُزن هو الأصل ..والأيام التي نعنيها ليست أيام الله الطبيعية المفعمة بالخير ومن عند أنفسنا نخلق داخلها الشر .. وإن ما نعني الأيام السياسية التي تمتلىء كثيراً بالأحزان والأحداث الدامية .
    على هذه الخلفية رأينا في «الوطن» أن نوثق لحقبة سياسية مهمة من تاريخ السودان، وتحديداً الحقبة ما بين إنقلاب نميري من 25 مايو 1969م وإنقلاب هاشم العطا في يوليو 1971م حيث كان تركيزنا على القيادي الشيوعي الفذ والرمز الإشتراكي العالمي في ذلك الوقت الراحل عبد الخالق محجوب سكرتير أعظم حزب شيوعي في العالم الثالث على الإطلاق .
    حوارنا مع عمر عبد الخالق محجوب فمعاً نقلب دفاتر التاريخ الدامية حــــــــــول الشخصية والأحـــــــداث والآثار والمآلات.. فمـــــــــــاذا قال..؟؟



    ـ عمر عبد الخالق هل يتذكر ظروف وملابسات إعدام عبد الخالق محجوب؟
    عندما حدثت الحوادث والإغتيالات كان عمري حينها سنتان الا يوم.. لذلك لا اتذكر شيئاً بما في ذلك ملامح الوالد رحمة الله عليه.



    ـ طيب .. الظروف التي عيشتوها بعد ذلك؟
    الوالدة طبعاً حكت لي كثيراً فعشت ذكريات أليمة ومريرة على المستوى الشخصي وكنت اسأل نفسي كثيراً انني كطفل.. لماذا فقدت والدي؟
    اتذكر ايضاً عندما «فتحت شوية» ان والدتي ومعها زوجات بقية الشهداء فاطمة احمد ابراهيم وخنساء زوجة الشهيد بابكر النور تعرضنَّ للإعتقال .. والدتي كانت ايضاً تتعرض للمضايقات في سبل أكل عيشها من قبل النظام المايوي الفاشل بإستمرار حتى يكسروا شوكتها بحيث لا تستطيع تمثيل الوالد وتوصيل أفكاره وحتى لا تربينا تربية سوية فكانت تُرفد من الشغل دائماً.



    ـ وعندما كبرت؟
    عندما كبرت تحولت الذكريات المؤلمة الى فخر واعتزاز لان القرار بالتأكيد اذا كان في يد والدي وفي يد بقية الشهداء وخيروهم في ان يتنازلوا عن قناعتهم الشخصية وهي قناعات وطنية بحتة «مافي اثنين ثلاثه» او يعتذروا او يتأسفوا او يتخلوا عن مناصبهم او يلبسوا التهمة لآخرين ويرجعوا بيوتهم كما فعل اخرون، بالتأكيد انهم كانوا سيختارون الإستشهاد حتى تصل رسالتهم لهذا الشعب العظيم، فالثوار لا ينكسرون، فعندما وصلت لهذا الفهم تحولت كل تلك المرارات بما فيها حرماني كطفل الى سعادة لان والدي استشهد مع زملائه من اجل سودان أحسن، واظن ان هذا الاحساس اصبح احساس كل ابناء الشهداء الباقين.



    ـ عمر.. هل توجد مرارة تجاه من أعدموا والدك؟
    المرارة الموجودة هي ان الشعب السوداني فقد اشخاصاً كهؤلاء فقد كنت كطفل أتعامل مع عبد الخالق محجوب كوالد ونميري «قتله».. ولكن الآن فهمت الصراع الذي تدور حلقاته حتى الآن ونتائجه واضحة.. د. جون قرنق برضو مشى واستشهد، فالصراع أكبر من ذلك بكثير، المسألة ليست مسألة مرارة بقدر ما انها حسرة على ان هذا البلد المسكين وهذا الشعب الطيب غير محظوظ.



    ـ ما محظوظ كيف؟
    ما محظوظ لأن وللأسف كل الساسة المفكرين الكان مفترض يمشوا بالبلد دي لي قدام رحلوا الى الدار الآخرة.
    فالمسألة واضحة، السودان به قوتان قوة منتفعة بالذات وهمها ان تصل الى السلطة وتعمل دولارات ولا يهمها الشعب السوداني حاسي بي شنو وهذا قرار شخصي لأن الانسان في هذه الحياة خير ان تمسك بزمام السلطة عشان تفيد نفسك وتكون بعد ذلك منافع شخصية «تافهة» جداً تنتهي بفناء الانسان تحت التراب.. الدليل على ذلك آلاف الناس اكتنزوا المليارات فلم تنفعهم وماتوا مثلهم مثل بقية الناس.
    اما في الجانب الآخر، فهنالك قوة بتفتكر ان السودان هو حق للجميع بغض النظر عن لونهم وعرقهم وأديانهم وبيحلموا ان ينطلقوا في يوم من الايام بالسودان ويمشوا بيهو قدام حتى يكون في مصاف الدول الافريقية والعالمية، فقد كانت الفرصة موجودة وماتزال موجودة والصراع موجود وقد خلقه الله سبحانه وتعالى بين الخير والشر.. الصراع بين انك تعيش من أجل الناس والصراع بين انك تعيش من اجل الذات، وللأسف في السودان كلما نهض الناس ووجدوا شخصاً أو زعيماً وإلتفوا حوله على أخرهم د. جون قرنق بلا منازع.. بددت آمالهم.
    وعلى فكرة القوة دي ممكن تكون قوة داخلية او خارجية وليست لها حدود ايضاً ليست هي فقط قوة شمال وجنوب وقد تكون قوة في الوسط أو وسط الشماليين او وسط الجنوبيين ويؤمنون بأن الناس ممكن تعيش بصورة موحدة وفي وطن واحد وطن ديمقراطي ، قد تكون قوة جنوبية وهذا منذ الاستقلال ويقدموا انفسهم كأداة ومطية للأنظمة التي تكون في الشمال ويحاربوا أولاد أهلهم .. كذلك في دارفور وايضاً في الشرق، فالمسألة لها دخل بأن الانسان خيارو شنو في الدنيا دي هل سبب وجوده في الدنيا ان يفيد الناس؟ او يشوف طفلة يتيمة بتقرأ ماشة كل يوم متدرجة؟ أم يكون بيته كبيراً وعربيته فارهة وعندو حساب في سويسرا!!



    ـ رغم ان عبد الخالق محجوب كان مفكراً الا انه لم تصدر له اية اصدارات؟
    في كتب اتعملت وللاسف صدقوا او لا تصدقوا لم اقرأها حتى الآن، وهذا مرتبط بعقدة العاطفة التي لم استطع التخلص منها ،لكن في ناس قروها وشرحوا لي مضمونها.



    ـ عمر انت اتربيت وين؟
    انا ود ام درمان مائة في المائة، اتربيت في الشهداء، بعد ذلك والدتي قررت تعيش قريبة من والدها في العرضة جدنا المرحوم مالك وهو من اوائل المهندسين المدنيين في السودان، وفي عام 83 قررت الوالدة رحولنا الى الرياض نسبة لظروف دراستنا بمدارس كمبوني.



    ـ درست شنو؟
    درست بألمانيا هندسة الكترونية دقيقة وهي الهندسة المتخصصة في مجال صنع مادة السليكون وتحويلها الى رقائق اكترونية.



    ـ علاقاتكم بالحزب الشيوعي بعد اعدام الوالد.. وهل وقف اعضاؤه بجانبكم خصوصاً في جانب التربية؟
    التربية دي مافي حزب بربي زول فاي شخص بيفتكر انو الحزب حيربي الناس هذا خطأ كبير جداً.. فهم وقفوا معانا وقفة كبيرة ويكفي وقفتهم معانا لحدي الآن والفضل بيرجع للوالدة ربنا يديها العافية، هذا الى جانب ان وجودهم في الساحة ادى الانسان امل انو عبد الخالق محجوب ماراح «فطيسة» فالحاجة الناضل من أجلها موجودة.



    ـ علاقتك بالسياسة؟
    انا انسان ديمقراطي وانسان بحب الخير وبحب العدالة.. هذه هي علاقتي بالسياسة، فاي زول يقيف مع هذه القيم انا معاهو واي زول يخرج السودان من ازمته الحالية انا معاهو.



    ـ وعلاقتك بالحركة الشعبية؟
    انا معجب جداً بكاريزما الراحل د. جون قرنق - هنا انقطع الحوار لأكثر من ثلث الساعة - لان عمر اجهش بالبكاء كثيراً على د. جون قرنق واستطعنا بصعوبة مواصلة الحوار بعد الحزن الذي بدا واضحاً على وجهه.



    ـ أول مرة لاقيت د. جون قرنق؟
    اول مرة كانت ايام الديمقراطية في ورشة باثيوبيا اظنها كانت في 86 ،اما المرة الثانية فكانت في كينيا وكنت حينها «ماسك الشغل» لشركة امريكية وطبعاً ماممكن تتفادى شخصية في قامة قرنق.



    ـ عندك علاقة عضوية بالحركة؟
    لا ...



    ـ هل تنتمي للحزب الشيوعي؟
    ابتسم عمر.. وسألنا: سؤالكم الجاي شنو؟



    ـ طيب رأيك في الحزب الشيوعي؟
    والله الحزب الشيوعي حزب ممتاز وطلّع كوادر مميزة كياسر عرمان وغيره ،كان يمكن ان تكون هذه الكوادر زيها وزي باقي احزاب عايشة في الخرطوم وتخش في احزاب لحم رأس وتمتلك ما تمتلك، فهو حزب يوصل الزول لمرحلة يقدر يفيد فيها الناس ويتنازل عن حياته الرغدة وهم ناس حسب تربيتنا في الدرجة الثانية او الثالثة معرضاً نفسه للبندقية.



    ـ نرجع لعلاقتك الشخصية بدكتور جون؟
    في أواخر عام 2000م حدثت بيننا مكالمة هاتفية استمرت لأكثر من ساعة.



    ـ الحديث دار حول شنو؟
    دار حول المشاكل التي يعاني منها السودان وحول رؤية السودان الجديد.



    ـ عندك علاقة بالزعامات السياسية الاخرى؟
    يعني.. شيخ الترابي زرته عندما كان بمستشفى الشرطة بالرغم من انني وجدت صعوبة في ذلك الا انني اصريت على زيارته ومقابلته.
    اما السيد الصادق المهدي فتربطني علاقة صداقة مع ابنه الصديق لكن هو شخصياً ماجات الفرصة لمقابلته حتى الآن.. مولانا الميرغني برضو للأسف ما لاقيتو.



    ـ ونميري؟
    نميري الاقيهو لشنو؟ في زول عايز يلاقي نميري؟



    ـ ماحصل صادفتو؟
    حصل.



    ـ آها الحصل شنو؟
    المصادفة كانت في العزاء بتاع خالنا.



    ـ سنة كم ؟
    سنة 2000م



    ـ سلم عليك؟
    لا.. الحاصل انو كان جاي داخل في «زقاق» فلما الباب انفتح هو كان مقاصد الوالدة وانا اتمالكت اعصابي باعتبار ان المسألة كما اسلفت مسألة وطن وانا سعيد عبد الخالق محجوب الذي اتعامل معه كرمز رغم انني «صدمت» في هذا اللقاء ربما لانني لم اكن اتخيل ان لقاءً سيحدث بيننا وندمت واذا اتعاد هذا اللقاء انا عندي كلام تاني.



    ـ كيف؟
    سكت برهة ثم قال : كلام.



    ـ مع نميري؟
    مع نميري.



    ـ ثاني ما لاقيتو؟
    لا.. يعني بلاقيهو في الشارع كذا مرة «وبضغط» العربية حقتو وبطلعها برة الشارع .. القضية ماقضية عبد الخالق محجوب القضية قضية محمود محمد طه وقضية الامام الهادي .. وقضية الشعب السوداني وقضية د. جون.



    ـ د. جون قرنق علاقتو شنو؟
    دي ناس كلها ماممكن تكون بتموت صدفة.



    ـ انت سميت على اسم صديق الوالد؟
    نعم سماني ابي على اسم صديقه عمر الذي توفي في حادث طائرة وتيمناً بعمر بن الخطاب.



    ـ قبل ماتجي السودان كنت وين!؟
    كان عندي الشغل الخاص بتاعي مع شركة بريطانية وفي كينيا..وحالياً حصل انفراج في البلد والناس بدت ترجع وبحكم تجوالي في العديد من الدول في العالم، الاشكالات طلعت من الفهم بتاع الشكل والدين.. خصوصاً كشماليين انو جدنا ابو العباس وهكذا ..وذلك لانني حمت برة ولقيت الناس بتكلموا معاي كأفريقي وبفتكر انو دي مشكلة السودان فهو يعاني من مشكلة عميقة جداً هي مشكلة الهوية.. وبفتكروا انو الناس بتعاملوا مع الافارقة بإزدراء ومع العرب بانكسار وما اظن انو في شئ في تاريخ افريقيا شين او مشين.



    ـ علاقتك بنقد كيف؟
    علاقة ممتازة شديد ونقد والد بالنسبة لي.



    ـ مافكرتوا في اية مرحلة من المراحل ترفعوا دعوة ضد نميري؟
    فكرنا كذا مرة وقدمنا دعوة.. لكن النظام الحالي رفضها!!



    ـ رفعتوها كأسرة؟
    الوالدة وهي تمثل كل الاسرة وبالتحديد يوم وفاة الدكتور جون قرنق كل اسر شهداء 19 يوليو قاموا بتقديم عريضة ودعوة لدكتور جون وهذا الخبر بثته قناة الجزيرة الا انه سرعان ما غطى حادث الوفاة عليه، وتقديمنا لهذه الدعوة يصب في انه النائب الاول لرئيس الجمهورية وان البلد تشهد انفتاحاً سياسياً فكانت هذه الخطوة حتى يفتح الملف من جديد.



    ـ في وجود سلفاكير هل فتحتم الموضوع من جديد؟
    ابداً ولكننا ننتظر الوقت المناسب.



    ـ شاعرين انو الوقت غير مناسب؟
    والله من غير ما تسقط الناس الحق دا حقو الناس تركز جهودها لاخراج السودان من الازمة الحقيقية العايشها.



    ـ هل قابلت «أبو القاسم محمد إبراهيم» ..؟
    نعم ، وقد كان ذلك في عزاء دكتور جون قرنق وقلت له : «الراجل بثبت على المواقف وبتحمل مسؤولية ما فعل» وقال لي : «دي سياسة يا ابني» .



    ـ حاولتوا تتعرفوا على رفاة الوالد؟
    نعم.. حيث وردت الى شقيق الشهيد الشفيع معلومات فمشينا معاهو وعرفنا المحل رغم اننا لم نتأكد حتى الآن لاننا لم نعمل «الجين تيست».



    ـ وين المحل؟
    في بحري.



    ـ بحري وين؟
    مقابر حلة حمد .. مقبرة الوالد ومقبرة جوزيف قرنق.



    ـ واتأكدتوا كيف ان المقبرتين تخصهما؟
    لان الناس المشوا معانا كانوا حاضرين.



    ـ هل حاولتوا تتعرفوا على بعض منفذي عملية الإعدام؟
    ديل ناس منفذين.. ديل ناس انا بشفق عليهم.





    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=3648&bk=1
    _
                  

04-18-2008, 01:56 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    العالم الكبير والمثير يقول الكثير

    «الوطــــــن» فــــي حــــــــــوار شــــــــفاف مــــــع الترابي
    الخرطوم-«الوطن»:
    نحن داخلون على الشيخ الدكتور حسن الترابي ، رأينا نقد خارجاً .. حيث يبدو انهما كانا في اجتماع مهم ومطول؛ وهذا ما كشف لنا عنه الدكتور حسن الترابي حيث قال : «نُعد معاً مبادرة مفصلة اتفقنا على عرضها للقوى السياسية».
    «الوطن» تجرأت وأثارت قضايا تاريخية واجتماعية وفكرية حول الشيخ حسن الترابي حيث قلنا له : «أنت طموح .. لذلك تزوجت من بيت المهدي».فأجاب قائلاً : «وصال كانت تلميذتي، قبل أن اعرفها في بيت المهدي»..
    ولم يتردد الترابي في التأكيد على آرائه الفقهية المثيرة للجدل حول إمامة المرأة وزواج الكتابي من المسلمة قائلاً «هذه اجتهاداتي ومن له حجة أخرى فأنا على استعداد لمقارعته». وفي سؤال حول موقفه من اعدام محمود محمد طه وحضوره لمراسم الاعدام أجاب بالقول :« لم أكن طرفاً في القرار وأنا لا أرى في الردة حكماً يستوجب الاعدام» .. ثم اضاف: «لا استطيع أن أرى منظر الدم وقد دخلت ذات مرة في اغماءة بسبب حضوري لتنفيذ قطع يد في حد سرقة».
    وضمن أخطر اسئلة «الوطن» حول أن الترابي تأثر - عقلياً - واصبحت قدراته الذهنية مهتزة أجاب بالقول : «زعموا أن ضربة كندا اثّرت على قواي العقلية .. والرسول الكريم اتهم من قبل بمثل هذه الاتهامات .. والكل يعرف لماذا يقولون ذلك».
    وحول مهدية الإمام محمد أحمد المهدي اطلق الترابي رأياً جريئا حيث قال :« لا اعتقد بظهور مهدي ولا أؤمن بظهور عيسى.. إنه نوع من الاتكالية يركن اليها بعض الناس»..
    وفيما يختص بانتخاب نائب أول خلفاً للشهيد الزبير محمد صالح قال الترابي أن الاختيار كان مابين العليين ( علي عثمان محمد طه، وعلي الحاج) وكانت الغلبة إلى جانب علي الحاج لموازنات يعلمها الجميع إلا أن البشير فضّل علي عثمان.
    وعن الحوار مع المؤتمر الوطني أكد الترابي بأن ذلك يرتبط بما قررته القيادات الشورية، والذي تمثل في رفع استعمال القوة، واطلاق الحريات، وعدم الاعتقالات وغيرها من الأمور.



    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=3475&bk=1
    __
                  

04-18-2008, 04:19 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    أحداث في ذمة التاريخ

    السر حسن جكسم



    «ولا تقتلوا النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق» صدق الله العظيم
    لم يعد الوقت مبكراً من نهار ذلك اليوم القصير الحزين ومن على مئذنة جامع كوبر العتيق.. دوى صوت الأذان حاداً قوياً حنوناً والحشود الهائلة من البشر تتدافع وتجري نحو سجن كوبر العمومي لمشاهدة الفاصل المأسوي لتطبيق حكم الإعدام على الشيخ المتفاني محمود محمد طه عليه الرحمة، وعلى الساحة الشمالية لسجن كوبر إنتصبت المشنقة المشؤومة محاطة بأعداد مهولة من الناس.. وماهي إلا لحظة حتى فتح باب من أبواب السجن وخرج منه المحكوم محاطاً برهط من حراس السجن.. وهو يتقدمهم في خُطى قوية ثابتة.. كأنه على رأس قوة من الجيش، مد الناس أعناقهم ليروا الرجل الشيخ الذي تخطى عمره العقد السابع، الرجل المهيب الذي يرتدي الزي البلدي.. الرجل الذي إختلف الناس حوله علماؤهم وفقهاؤهم وسياسيوهم وأثرياؤهم وفقراؤهم يمضي نحو حبل المشنقة أنوفاً شامخاً كالطود الأشم.. وعلى هذا المكان المرتفع على مسرح المشنقة كان السجانون يحيطون بالمحكوم ويحاصرونه في مكان ضيق محاصرة كاملة أن مائة خطوة تفصل الجمهور من منصة المشنقة غير أنهم كانوا لا يستطيعون أن يسمعوا شيئاً من الحديث الذي يدور بين المحكوم والشيخ ذي اللحية البيضاء الذي جاء مصاحباً تيم الإعدام ليلقن المحكوم الشهادة .. حتى أن ما كان يرونه الناس في أول الأمر بدا تافهاً لا يشوق ولا قيمة له .. لكن على حين فجأة بلغ المشهد من الفظاعة في النهاية حتى أنهم أشاحوا بوجوههم واستداروا للوراء ليخفوا دموعهم من هول الصدمة.. وهرع كثير منهم الى خارج السجن.
    وخرجنا نحن الممسكين بحبال الحياة الواهنة نجرجر أرجلنا المثقلة بأطنان من الرصاص .. في خُطى جنائزية .. صامتين صمتنا الذاخر بالإذلال والإنكسار والشفاه التي كممها الخوف لا تنبث ببت كلمة.. وهذه القامة المنتصبة على مسرح المشنقة الموثقة اليدين والساقين المتصلبة المنقلب رأسها الى الأمام.. إنها الآن لا تستدر الشفقة ولا العطف.
    لقد تحرر محمود محمد طه والى الأبد من روابط الأرض وأثقال الأرض إنه الآن لا يتألم.. وما من شىء يمكن أن يكون له الآن عليه سلطان لا بندقية .. مايو ـ ولا كلام ولغو البشر ولا محاكم العدالة الناجزة بكل أدعيائها وقضاتها وأنبيائها الكذبة ـ لقد مضى في سبيل ما يؤمن به من فكر.. ولم يتذلل كإمرأة عندما وضعته مايو في مواجهة ذلك المحك الخطير الرهيب والإختيار المرهق الصعب.. فإختار مصيره المشؤوم عندما جندت مايو كل علمائها وقضاتها لمنــــازلته ـ حلــــبة لم تتوفر لها ابسط حقوق الإنسان في الدفاع عن نفـــسه.. وأحنت رأسه لكي يركع ولكنه لم يفعلها .. فإختار دائرة حبل المشنقة المشؤومة التي حصدت كثيراً من الرؤوس من المتمردين والمناوئين العصاة سياسات الطغاة والمتجبرين.



    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=2086&bk=1
    _____________
                  

04-18-2008, 04:20 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    بعد حديث رئيس التحرير عن الجمهوريين وزعيمهم
    رؤية اخرى «مغايرة» لفكر محمود محمد طه



    السيد الاستاذ سيد احمد خليفة المحترم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    نشرتم بصحيفتكم «الوطن» في صفحة «قضية» الصادرة يوم الاحد 22/1/2006م موضوعاً مهماً يشغل الرأي العام الاسلامي وذلك بعنوان : تجربتان ثرَّتان مع الاستاذ محمود محمد طه واتباعه وقلت إنك التقيت به للمرة الأولى في الستينيات ووجدته متواضعاً وديمقراطياً وفي المرة الثانية في سجن كوبر عام 1983م، مع غيره من السياسيين الذين أُدخِلوا السجن لمعارضتهم لمايو .. وقلت : (كنت انا اجالس الاستاذ العظيم محمود محمد طه قبل اشهر من اقتياده للمشنقة وعمري كان عندها فوق الاربعين عاماً احسن فهماً وادراكاً لما يقول مقارنة بحقبة الستينيات ولم تمسسني عقائدياً اي خدشة دينية في حديث الرجل الذي كنت استمعت اليه بعد ما قرأت بعض ما كتب، فالذين يتحدَّثون عن عدم صلاة الرجل أقول لهم بأن الرجل كان يقيم الليل تلاوةً للقرآن وصلاةً تتواصل من العشاء حتى صلاة الصبح في كثير من الاحيان وأحياناً يستيقظ قرابة الفجر ويواصل حتى صلاة الضحى.. إن هذه باختصار شهادتي للتاريخ فيما يتعلَّق بادائه المباشر للعبادة ممثلة في الصلاة والتلاوة) انتهى حديثكم..
    بعد ما قرأنا ما تقدَّم اقول لكم اخي الاستاذ أن الرجل اصدر كتيبات ومنشورات عديدة شد انتباهي اثنين منها بعنوان (الصلاة) و(الدين الاسلامي بطريقته القديمة لا يصلح لانسان القرن العشرين) وذلك في اواخر الستينيات من القرن الماضي أثناء الحكم الديمقراطي الذي سبق مايو 69 وتكون قد اطلعت عليهما وعلى رأي العلماء في هذه القضية ورده عليهم بما يدل على أن ما يقوله هو الحق، فقررت مناقشته فذهبت إلى دارهم الواقع غرب استاد الموردة بامدرمان وبعد انتهاء الندوة منحني الشيخ فرصة فطرحت اسئلتي عن الكتابين اعلاه فاجاب : إننا قد تجاوزنا اشياء كثيرة ولهذا قلنا أن الآيات المدنية نسخت الآيات المكية.. وضرب لنا مثلاً وقال موضوع الافطار في رمضان اثناء السفر قد انتهى حيث تيسر الامر ويمكن لشخص صائم أن يقوم من الخرطوم إلى نيويورك بالطائرة ويصل المحطة قبل غروب الشمس وبهذا نكون قد تجاوزنا مرحلة السفر على الاقدام او الدواب بفضل التقدم العلمي، وقرأ جزءً من الآية (185) البقرة «فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من ايام اخر...» وعن الصلاة قال : الصلاة هي الصلة بين العبد والرب وتتطور هذه الصلاة إلى أن تكون مباشرة بين العبد والرب ولا تكون هناك الصلاة الحركية بعد وصول العبد لهذه المرحلة !!
    فقلت له قال تعالى : «فمن تطوَّع خيراً فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون». والآية (85) من سورة الاسراء «ويسألونك عن الروح قل الروح امر ربي وما أوتيتم من العلم الا قليلاً».. ونحن مهما تعمَّقنا في العلم لن نعرف كل شيء ولن نعرف ماذا سيحدث غداً ولكنه سبحانه وتعالى هو العارف والعالم.
    وعرجت إلى الصلاة وقلت له : إن الرسول (ص) قال : «صلّوا كما رأيتموني اصلي».. ويقوم بالصلاة الحركية إلى أن مات عليه السلام. فرد علي الشيخ الذي كان يتابعني باهتمام قائلاً : «الرسول قدوة» فقلت له : لماذا لا تكون قدوة لجماهير الحزب الجمهوري ؟!.. وهنا قاطعني الرجل الديمقراطي وقال للحاضرين :
    هذا الشاب لن يكون جمهورياً حتى في سنة الفين، اخرجوه.. فوجدت نفسي محمولاً على الاكتاف وفتحوا الباب الكبير والقوني في شارع الموردة واغلقوا بابهم. هذا ما حدث لي شخصياً ولو صبر الشيخ بحبه للديمقراطية والحرية الفكرية والشخصية.. وواصل نقاشه معي لخرجت انا من ندوته بطوعي وارادتي حسب نص الآية (140) سورة النساء «وقد نَزَّل عليكم في الكتاب أن اذا سمعتم آيات الله يُكْفرُ بها ويُسْتَهْزَأُ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم، إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً» والآية (6 من سورة الانعام «واذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فاعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره، واما يُنْسِيَنَّك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين». وقول الرسول (ص) «من اعان ظالماً ليدحض بباطله حقاً فقد تبرَّأت منه ذمة الله وذمة رسوله» رواه الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما.
    والحمد لله أنك قلت : «إن الشباب والشابات والطلاب والطالبات وخريجي الجامعات يتجوّلون في شوارع الخرطوم في الوسط والاطراف وفي عواصم بعض الاقاليم والمدن الكبيرة لا يحملون عصى أو مدى او مسدسات ولا حتى حجارة، بل ولا كلمات نابية ولا جارحة لكنهم كانوا يحملون الكُتيّبات والمنشورات يناقشون او يناقشهم الكبير والصغير والعالم والجاهل».
    اخي كما رأيت من مناقشتي له، فإن الشيخ لا يعطي الفرصة للعالم وحامل القرآن والمتفقِّه، ولكن يركِّز على الجاهل وصغير السن، وهنا تُكمن الخطورة.. ألم يكن عدوك الظاهر الذي يحمل ادوات القتل التي ذكرتها افضل من عدوك المستتر الذي يجذبك حديثه ويعجبك عطاؤه السخي وطعامه الشهي الذي يدس لك فيه السم القاتل وانت لا تدري ؟!...
    إنه يجب علينا أن نلتزم جانب الحق في افعالنا قبل اقوالنا ولا نرمي الآخرين بجهالة ولا نعظِّمهم تعظيماً حتى لا نكون على ما فعلنا نادمين.
    إن تطبيق حد الردة لم تُشرعه حكومة مدنية او عسكرية ملكية كانت أو جمهورية ولكنه شرع الله سبحانه وتعالى، وانت وغيرك يعلم أن هذا الحكم لم يُطبَّق على الرجل لأنه قال لا لمايو ولأن الكثيرين قالوا لا لمايو ولم تعلَّق لهم المشانق ويكفينا الذين كانوا معه واعلنوا توبتهم ولم يُطبَّق عليهم الحد.
    فلا يحق لنا أن ننعت حكم الله بالهوس الديني وتوجُّهات ومؤلفات فلان وعلان اذ يقول الله في محكم تنزيله «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فساداً أن يُقَتَّلوا او يُصلَّبوا» إلى اخر الآية (33) من سورة المائدة. والآية (40) من سورة الاعراف «إن الذين كذَّبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تُفَتَّحُ لهم ابواب السماء ولا يدخلون الجنة... الخ».....
    هذا وإن كان الشيخ اعلن توبته ورجع عن أقواله السابقة وزعم ذلك طُبِّق عليه الحد فإن الله يَعِد الذين طَبَّقوا عليه الحد عذاباً شديداً كما قال في الآية (93) سورة النساء «ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغَضِبَ الله عليه ولعنه وأعدَّ له عذاباً عظيماً». والآية (151) سورة الانعام «ولا تقتلوا النفس التي حرَّم الله الا بالحق ذالكم وصاكم به لعلكم تعقلون». والآية (227) الشعراء (وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون» صدق الله العظيم ..
    ولزيادة الفائدة ايها القاريء الكريم أرجو تلاوة الآيات من (1) إلى (34) سورة البقرة. وفقنا الله جميعاً إلى ما فيه صلاح هذه الامة. والسلام.



    عثمان ارصد
    عثمان محمد فرح ارصد - الخرطوم



    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=663&bk=1
    _________________
                  

04-18-2008, 04:21 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    صباح الـخير يا جمهوريين..!

    * تجربتان ثرتان مع الأستاذ محمود محمد طه وأتباعه *
    مرة في مكتبه المتواضع في الستينيات من القرن الماضي ومـــرة في زنازين كوبر..!
    كذبوا فقال إنه قال: «رفعت عني الصلاة» ورموه بالكفر وعايشت انا صيامه وقيامه



    يقول المثل الشعبي (ليس من رأى كمن سمع)، وأقول ليس من عايش كمن قرأ. فتجربتي الشخصية مع الأستاذ محمود محمد طه لا تجعلني أفكر أو أقدر أو أكتب على نحو ما يكتب بعض خصومه السياسيين والفكريين والدينيين..!
    ففي ستينيات القرن الماضي وأنا صحفي شبه مبتديء إلتقيت الأستاذ محمود محمد طه في مكتب متواضع في شارع الحرية غرب الخرطوم وحملت إليه أسئلتي البسيطة، أن لم أقل الساذجة، حول الفكر الجمهوري الذي كان مثار نقاش واسع في تلك الأيام بين الـ (مع) والـ(ضد) ولكني أعترف ان حوار تلك الأيام حول الفكر الجمهوري كان يشبه تفكير تلك الأيام وعقلية وعقلاء تلك الأيام وسياسة وسياسيي تلك الأيام وفكر ومفكري تلك الأيام..!!



    حوارات سمحة ومتسامحة..!
    فقد كان أتباع الأستاذ محمود محمد طه والفكر الجمهوري من الشباب والشابات والطلاب والطالبات وخريجي الجامعات وأساتذتها يتجولون في شوارع الخرطوم في الوسط والأطراف وفي عواصم بعض الأقاليم والمدن الكبيرة لا يحملون عصي أو مدي أو مسدسات ولا حتى حجارة بل ولا كلمات نابية أو جارحة، لكنهم كانوا يحملون كتيبات ومنشورات يناقشون أو يناقشهم الكبير والصغير، العالم والجاهل، الطامع في الفهم والتفاهم والراغب في الشبكة والإحتكاك والمبرمج أصلاً ضد الفكر الجمهوري دون ان يقرأ محتوياته أو يتعمق فيها على الأقل.
    يومها جلست لساعات إستمع للرجل حتى تحول المجلس بيننا إلى تلميذ صحفي هو أنا وأستاذ كبير هو المفكر محمود محمد طه الذي كان يكبرني بنحو عشرين عاماً وهو مدى زمني كافي لكي يتفوق الإنسان فكراً وقولاً ومنطقاً على من يصغره سناً ناهيك عن أن يكون المتحدث هو محمود محمد طه المهندس والمفكر الذي خلط بين ثلاث هي: المسألة الدينية (وتحديداً الدين والحياة أو الحياة والدين) وبين الهندسة (بكسرها وجبرها وأرقامها ومعادلاتها الصعبة) وبين السياسة والأخلاق والقيم وهموم وإهتمامات الإنسان اينما كان..!
    لا ادعي انني خرجت من تلك الجلسة بعمل صحفي كبير ولكنني لخصت ما قاله لي الأستاذ محمود بقدر ما مكنني الله واسعفني فكري وتفكيري الغض في تلك الحقبة من حياتي الصحفية، حيث مازلت أتعلم وأسمع وازداد خبرة وشهرة وكل من يعتقد أنه وصل وهو على قيد الحياة فهو لم يصل..!
    صبيحة اليوم الذي نشر فيه ذلك التحقيق الصحفي المتواضع، ولعله بين عامي 66- 1967م من القرن الماضي إنهالت الرسائل والمكالمات الهاتفية على الصحيفة بين مقدر لما قاله الأستاذ وبين من إتهمني بالإنتماء للفكر الجمهوري، وبين من وقف بين هذه وتلك من التصنيفات الجاهزة..!
    بعدها لم ألتق بالأستاذ الشهيد محمود محمد طه في عمل صحفي أو لقاء فكري طيلة سنوات مايو الأولى، حيث كان الجمهوريون من المؤيديين لتجربة مايو السياسية والفكرية في بداياتها اليسارية والوسطية حتى اذا دخلت مايو حقبة الهوس الديني وتحول نميري من (مناضل) إلى (مجاهد) ومن مجاهد إلى (إمام) ومن إمام إلى (أمير المؤمنين) كما كان يناديه بعض أعوانه في القصر، وقف الأستاذ محمود محمد طه ومعه سائر الجمهوريين إلا قليل ليقول لمايو ولنميري لا ومن ثّم يدخل السجن في العام 1983م ويتنقل بين زنزانة وزنزانة (ويقوم الأجاويد ويقعدوا وتتوالى الإتصالات به وبمجموعته لكي يتراجع عن إدانته للهوس الديني وتوجهات مايو في هذا المجال ولمؤلفات مايو من نحو «النهج الإسلامي لماذا» وأخواتها، ولمحاكم العدالة الناجزة ومحاكم الطوارئ)..!



    عداوة بعد محبة...!
    كان ذلك الموقف من الجمهوريين ضد مايو يعد شبه تحالف معها في السنوات الأولى مستغرباً من نميري ونظامه وحتى من المعارضة السودانية وأبرزها السيد الصادق المهدي الذي لم يهاجمه حزب ويندد به زعيم ويستاء من زمانه ونظامه مفكر كما فعل الأستاذ محمود محمد طه والحزب الجمهوري في فترة الديمقراطية قبل مايو وفي حقبة مايو الأولى، حيث كان الفكر الجمهوري يرى في الصادق المهدي وفي السيد محمد عثمان الميرغني والحزب الإتحادي حواجز طائفية وتاريخية تمنع التطور الديني كما يراه الفكر الجمهوري، وكان الأستاذ محمود يقول عن الطائفية ما معناه إنها سجن كبير للفكر والعقل السوداني وإنها توظف قدرات السودانيين لخدمة مفاهيمها الدينية الأقرب للهوس منها للدين..!
    بعد مجادلات ومحاولات وصراع خرج من المنشورات والكتب إلى المواجهات في الجامعات والمنابر بين مايو والجمهوريين صدر المنشور المشهور الذي ندد بمحاكم العدالة الناجزة وبقضاتها (إمام المؤمنين) إلى (أمير المؤمنين) حتى اذا بلغ هذه المرحلة الأخيرة من الهوس قال انه (أصبح يطير) وأنه يشاهد الذين يجلسون حوله من الشيوخ ولا يشاهدهم غيره وبقية القصص المايوية المعروفة..



    منشور وصمود مدهش..!
    كان المنشور الحاسم والحازم الذي أصدره الحزب الجمهوري وصاغته لجنة فكرية برئاسة الأستاذ محمود ونشرته وإنتشرت به مجموعة من الجمهوريين الأفذاذ في كل شوارع العاصمة توزعه وتدافع عنه وتناقش حوله وتشرحه للناس هو الحد الفاصل بين حرية الجمهوريين وحقهم في الحركة وبين نظام مايو الذي أعطاهم هذا الحق في بداياته عندما كانوا يمارسون نفس النشاط الفكري لصالح فكرهم ودعوتهم منتقدين خصومهم الحزبيين ممثلين في السيدين المهدي والميرغني، وهذه في تقديري كانت غلطة الجمهوريين أو ذلتهم الكبرى، اذ لم يكن من حق الأحزاب وزعاماتها ان تدافع عن نفسها وفكرها في بدايات مايو وهذه قاعدة لا تجوز أخلاقياً في العمل السياسي والفكري إلا لذوي الإيديولوجيات المغلقة الذين لا يرحبون بمناقشة خصومهم الفكريين في الهواء الطلق، بل يعمدون إلى وضعهم في السجون والزنازين وبيوت الأشباح ووراء الشمس ثم ينددون أو يناقشون أو يرفضون فكر الآخرين بعد ان غيبوهم تماماً.
    في العام 1983م يسر لي الله لقاءً سياسياً قهرياً لمدة عام كامل جمعني برجال أفذاذ في زنازين كوبر كان في مقدمتهم السيد الصادق المهدي والراحل العظيم الدكتور عمر نورالدائم وآخرين من أفذاذ ذلك الزمان العظيم الذي أكرمني الله بالعيش فيه ومعايشته، وكان الهرم الفكري الثاني الذي إلتقيته في تلك الحقبة في الزنازين أيضاً الأستاذ محمود محمد طه وآخرين من قادة الفكر الجمهوري، حيث شكل هؤلاء واولئك من الجمهوريين والأنصار مدرسة في حياتي إمتدت لـ 360 يوماً هي حقبة دراسية تعادل عندي كل الحقب النظامية المعروفة..!
    كنت أنا أجالس الأستاذ العظيم محمود محمد طه قبل أشهر من إقتياده للمشنقة وعمري كان عندها فوق الأربعين عاماً أحسن فهماً وإدراكاً لما يقول مقارنة بحقبة الستينيات ولم تمسسني عقائدياً أي خدشة دينية في حديث الرجل الذي كنت أستمعت إليه بعدما قرأت بعض ما كتب، فالذين يتحدثون عن عدم صلاة الرجل أقول لهم بأن الرجل كان يقيم الليل تلاوة للقرآن وصلاة وتتواصل من العشاء حتى صلاة الصبح في كثير من الأحيان واحياناً يستيقظ قرابة الفجر ويواصل حتى صلاة الضحى، ان هذه بإختصار شهادتي للتاريخ فيما يتعلق بادائه المباشر للعبادة ممثلة في الصلاة والتلاوة، وفيما يتصل بفهمي لحركة المجتمع والناس، وبعد أيام المعايشة تلك وأقول أيام لأنها كانت أيام فعلاً نقلت أنا إلى المستشفى العسكري كمعتقل سياسي فلازمني في الغرفة قائد جمهوري فذ هو الأستاذ عصام البوشي الذي مثل من الناحية التنظيمية في تلك الحقبة موقعاً للإتصال بين الجمهوريين داخل السجن وخارجه، فكانت الزيارات المفتوحة لنا ولهم قد عرفتني وجمعتني بمئات القادة الجمهوريين والأعضاء العاديين، فهم (حتى العادي لديهم ليس عادياً.. ديناً وخلقاً وسلوكاً ووطنية وتجرداً ونظافة في الجوهر والمظهر)..



    لقاء مع عصام..!
    كنت أحاور الأستاذ عصام البوشي ونحن في غرفة لا تتجاوز مساحتها 3*3 متر حول الفكر الجمهوري وما يثار حوله من شبهات وأشهد للرجل أيضاً بثلاث: العبادات كاملة: صلاة وصياماً وقياماً وفهماً عميقاً للدين، ووطنية رفيعة لا تختصر الوطن في الذات، ولا تعتدي على حق الوطن أو حقوقه في اي جانب من الجوانب بإعتبار المعتدي هو المتعدى عليه عندما يتحول الفاسدون والمرتشون والسارقون إلى أثرياء ويعتبرون ذلك الإعتداء (تصحيح وضع إجتماعي)، والثالثة هي تواضع العلماء وببساطة العالمين وسماحة الحوار وهدوء النقاش والترحيب بالرأي الآخر وعدم الإعتداء على الآخرين ولو بكلمة نابية ناهيك عن الإعتداء بالسيخ أوالرصاص أو قبيح الكلام كما كان يفعل ومازال يفعل بعض أدعياء الدين والتدين..!
    في ذلك العام الكئيب 1983م تداعت كل القوانين سيئة السمعة المسماة بقوانين سبتمبر وتنادى قضاتها وشحنوا القبح والتسلط والعنف والجهل المركب قائد النظام نميري لكي يصدر قراره الإجرامي الخطير ويرسله باية وسيلة كانت إلى قضاة أو إلى محكمة أو إلى مجموعة من الذين بلغ بهم الهوس الديني حداً يحكمون خلاله على شيخ تجاوز السبعين بحد الردة دون حيثيات، حيث كان بين هذا الشيخ وبين الموت شنقاً كلمات هي الإعتراف بأهلية المحكمة والقضاة ناهيك عن الإعتراف بقوانين سبتمبر أو الخوض في مجاهل الهوس الديني.
    لقد دافع الأستاذ محمود محمد طه الذي تمر علينا ذكراه هذه الأيام عن كل ضمير سوداني حي وسبقنا وسبق الجميع في رفض نظام مايو وقوانين مايو التي أجمع الناس على رفضها منذ تلك الأيام وحتى يومنا هذا.
    حيث ماتت هي ولم يمت الشهيد العتيد العنيد محمود محمد طه..!



    *************



    داء الإنقسام الحزبي أصابهم ولكن..!
    حوار سريع - وجمهوري- مع قائد جمهوري:
    فكرنا فكر الأسـتاذ ولكــن نهجنا التنظيمي يختلف..!



    أمس الأول الجمعة- إنفردت- الوطن- بخبر الإنشقاق وسط الجمهوريين، حيث كان من المؤسف ان يصلهم الداء الحزبي السوداني الذي حول الأحزاب السودانية كبيرها وصغيرها من - فتات وفتافيت- حيث إنعكس ذلك على السودان وأوضاعه على نحو ما هو سائد الآن من شتات..!
    كانت البداية- ونعني بداية الخبر والإتصال بمصدره هو البيان الصادر عن الجمهوريين في الذكرى 21 لإستشهاد الأستاذ محمود محمد طه، حيث دار حوار بيننا وبين الدكتور- الجمهوري - معتصم عبدالله محمود الذي قال انه هو الناطق الرسمي بإسم الحزب الجمهوري الجديد على النحو الآتي:



    * هل أنتم نفس الحزب الجمهوري بهياكله ونظمه وأساليب عمله القديمة..؟!
    - لا.. نحن جمهوريون جدد.. فكرنا هو فكر- الأستاذ- وعملنا السياسي متطور لكي يلتحق بالعصر ومفاهيمه..!



    * هل قام التكوين الجديد بالفعل.. وكيف قام..؟!
    - نحن في طور التكوين.. وسيكون هناك مؤتمر عام..!



    * من هو رئيس الحزب الآن..؟!
    - المؤتمر العام هو الذي سيحدد النظام القيادي ويسمي الأشخاص.



    * هل سجلتم الحزب..؟!
    - لم نسجل.. ولكننا سلمنا- الاخطار- وهذا يعطينا حق العمل..!



    * هل تم حل الحزب بهياكله القديمة..؟!
    - الحزب القديم من خلال الذين بقوا معه هو- حزب جمهوري منافس لنا- مع أنه تم حله في 18 يناير 1985م بقرار قيادي..!



    * ولكنه كما هو واضح كانت له أنشطة..؟!
    - أنشطته بعد الحل كانت إجتماعية فقط.. وقد كان الراحل سعيد شايب آخر قائد للحزب..!



    * ومن الذي يقود الكيان الجمهوري القديم الآن بعد سعيد شايب..؟!
    - الأستاذ عبداللطيف عمر..



    * هل هذا إنقسام كإنقسامات الأحزاب الأخرى.. وما هي دواعيه..؟!
    - نعم هو إنقسام مبين.. وأسبابه مستجدات الساحة ورغبتنا في المشاركة بالعمل السياسي على نهج ديمقراطي ومؤسسي منفتح..!



    * وهل ثمة تغيير في الفكر الجمهوري نفسه..؟!
    - لا.. نحن ملتزمون بفكر الأستاذ الشهيد محمود محمد طه..



    * اذن ما الخلاف بينكم ما دام الفكر واحد..؟!
    - الخلاف تنظيمي بحت.. فنحن نؤمن بالديمقراطية والمؤسسية والآخرون يرون إستمرار المدرسة التنظيمية القديمة التي إنتهت في رأينا برحيل الأستاذ محمود..!



    * من منكم الوريث الفكري للأستاذ اذن..؟!
    - الورثة الفكرية للأستاذ محمود مطروحة لكل الناس..!



    * أين تقف أسرة الأستاذ محمود من هذا أو ذاك؟
    - للأستاذ الشهيد بنتان، أسماء.. وسمية .. وزوجته.. وهن يعشن خارج البلاد ولا نسمع لهن حركة.. وهن على علاقات طيبة بالجميع..!



    * هل تعيشون أوضاع الأحزاب الأخرى كجناحين..؟!
    - لا ابداً.. نحن نتواصل.. وعلاقاتنا الإجتماعية قائمة.. ولا نختلف بحدة.. أو نتصارع بشدة!



    * من أين يأتيكم التمويل..؟!
    - نحن نعتمد في تمويل نشاطنا على إشتراكات الأشخاص.. وإعلامياً لنا موقع على- الأنترنت- وهو إعلامياً ليس مكلفاً..!



    * كانت عضوية الجمهوريين القديمة أكبر وسط الطلاب والمثقفين والصفوة.. كيف هو الحال الآن بعد الإنفتاح..؟!
    - مازلنا نتحرك أكثر وسط الطلاب ونفس الفئات المستنيرة، ولكننا نتحرك نحو التوسع الجماهيري بإذن الله..



    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=424&bk=1
    _
                  

04-18-2008, 04:23 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    صباح الـخير يا جماعات الدفاع عن الهوس الديني..!

    هذه الجماعات والشخصيات جندت نفسها وأقلامها لشن حملات علاقات عامة مدفوعة القيمة ..
    خلوها مستورة.. ولا تزايدوا على دين وأخلاق السودانيين.. فالخرطوم والسودان كلاهما ضيقان جداً..!
    نحن نآزر بقوة الخط المسؤول لنيابات ومستشاري وعقلاء أمن المجتمع..



    في إطار الحديث عن «أمن مجتمع أو مجتمع معافى وآمن بالفعل في زمن التحولات الضخمة في المجتمعات البشرية داخلنا ومن حولنا يبدو كأن هناك حملة علاقات عامة قد أخذت تتبلور وتطل برأسها وتسن أقلامها وتطلق حناجرها مهددة ومتوعدة ومحذرة بإسم القيم والأخلاق ومحاربة الإنحلال والفسوق لدرجة ان إعلامياً بارزاً ورئيساً لإتحاد الصحفيين مثل الزميل محيي الدين تيتاوي إستدرج أو دخل طوعاً مع آخرين من الذين جرى إختيارهم كجنود مجنّدة أو كوقود في حملة العلاقات العامة هذه حتى وصل به وبهم الحال إلى الحديث عن فسوق وفاسقين ودعاة هدم أخلاقي أو مجتمع فاسد يعتقدون انهم هم القادرون وحدهم على منع مده بالمزيد من أسباب التدهور الأخلاقي الذي عنه يتحدثون..!
    إنّه على المستوى العالمي فتحت لمثل هذه الأدوار مكاتب ومؤسسات تدافع عن الخطأ والصواب إعلامياً ووتجعل من «الشيطان» الذي يدفع «ملاكاً» من خلال حملات إعلامية تقلب كل القيم والمعايير والأصول وتحول الأسود إلى أبيض والصواب إلى خطأ والشيطان إلى ملائكة والمخطئ إلى مصيب وبالعكس طبعاً...!
    ويبدو ان السودان الموعود بكثير من التحولات على مستوى القيم والأخلاق وإختصار الأمور في الذات والإعداد والإستعداد لتدبير الحملات.. وتدبيج المقالات وإستخدام البائع والشاري من الأقلام والعبارات قد نمت وترعرت فوق الكثير من مواقعه الصحفية والإعلامية بل والرسمية أحياناً قاعدة كان أفضل من وصفها قولاً أحد كبار الصحفيين السودانيين أبان سقوط عمارة الرباط المشهورة والتي تتمايل وتتصدع وتؤول للسقوط خمس أو ست مثلها حسب إفادات المهندسين والإستشاريين ولجان التحقيق الهندسي التي تابعت الكارثة وحددت أبعادها وشخصت أحوالها وأسبابها..!



    * عبارة ذكية جداً..!
    إن العبارة البالغة الذكاء التي إستخدمها صديقنا الصحفي الكبير لخاصته على الأقل هو قوله: وقعت عمارة الرباط.. وقام صديقنا فلان الفلاني والذي قفز في إتون تلك الحقبة - حقبة سقوط عمارة الرباط من نافذة حافلة مع سائر خلق الله العاديين إلى سيارة آخر موديل، حيث كان ذات الصحفي الكبير الذي قال هذه العبارة الذكية هو المخدم الذي لم يعط- القائم في مناخات سقوط عمارة جامعة الرباط قيمة- القيام المادي ذاك- وهو أمر أشار إلى ان حملة علاقات عامة قد إنطلقت.. وان ميزانية لها قد رصدت للدفاع عن كارثة.. بل جريمة نكراء.
    عندما تسقط عمارة... وتتصدع عمارات.. ويموت إنسان .. ويعوق آخرون وتهدر مليارات الأموال نتيجة أخطاء مركبة واضح المخطئون فيها ومحددون بالإسم والمهنة والرتب العسكرية، ثم تتصدى ذات الأقلام المجندة والجاهزة لتلبية مطالب من يحتاج إلى حملة علاقات عامة للدفاع عنه ولو على حساب القيم والفضيلة وتقديم الدعم الإعلامي اللازم لمن إرتكب ما هو اسوأ وأحط من الذي يسمونه - رذائل أو رذيلة ويتحدثون عن مجتمع آمن وجهد مطلوب للقضاء على اسباب ومظاهر الخطل والخلل والإنحراف باساليب ونهج من يقول انه من الممكن ان «يجرح ويداوي» في وقت واحد..!
    وما دمنا ما نزال في محيط الحديث عن جامعة الرباط المنهارة وأخواتها المتصدعات الملجنات، فإننا نتوقع وبعد أن يفرغ أصحاب خلايا ومكاتب وأقلام العلاقات العامة المستنفرين الآن للتهديد والوعيد والتصنيف القبيح للناس والكتاب والصحف، أقول إننا نتوقع وبعد ان يوفي هؤلاء جهاز أمن المجتمع حقه في مجال حملة العلاقات العامة المدبرة هذه ان تُبرى وتنبري هذه الأقلام من جديد للدخول في حملة علاقات عامة جديدة ستعقبها حملات وحملات لصالح من يريد ومن يدفع ..!
    ونحن بالطبع نرشح ذات قضية عمارة الرباط وما صدر بشأنها من أحكام أو قرارات أخيرة لكي تتصدى أقلام العلاقات العامة هذه للدفاع عنها رغم انها أحكام أدهشت الناس وقلبت المعايير..!



    كيف..؟!
    إن اللجنة الهندسية التي أنيط بها التقييم الهندسي لأخطاء عمارات - وليست عمارة جامعة الرباط المنهارة بل تلك المهددة بالإنهيار أيضاً- قالت عن الأخطاء الهندسية قولاً مخيفاً أدان سائر الأطراف المنغمسة في تلك الجريمة النكراء التي أودت بحياة إنسان.. وعوقت آخرين وأهدرت ما قدرته لجان التحقيق مبدئياً بـ 15 مليار دينار وطالبت المقاول بتسديده أو البقاء بسجن أم درمان حيث يقبع الآن..!



    * صمت مريب جداً
    لقد سكتت أقلام العلاقات العامة عن الحكم بذات النهج الغريب الذي وافقت به عن سقوط العمارة والوزير المسؤول عن سقوط العمارة ولو أدبياً، حيث بادر الوزير المسؤول ذاك بتقديم إستقالته، وبادر الرئيس البشير «بارك الله فيه وإيده» بقبول تلك الإستقالة وبعدها سكتت أقلام الدفاع عن الكارثة والمتسببين فيها دون ان تختم وتقول للرئيس صاحب قرار قبول الإستقالة أحسنت.. ودون ان تقول للوزير المستقيل أحسنت أيضاً..!
    ذلك أيضاً لان مجموعة أقلام العلاقات العامة تلك كانت تتوقع ان تدخل في موسم جديد من مواسم عمارة وعمارات جامعة الرباط المعيبة تلك، إلا ان أحداً لم يطرح الأمر من على صفحات الجرائد، بل إكتفى الناس في غالبيتهم العظمى بمجرد الهمهمة والهمس واللمز مبدين الدهشة في ترقية وترفيع وزير إستقال لانه أخطأ في موقع وزاري- وهذا إعتراف منه بالخطأ- فكيف يرقى ويرفع..؟!



    * الضرورات تبيح المحظورات
    إن صمت الناس لم يفوت الفرصة على أقلام حملات «العلاقات العامة» وحسب، بل كانت له حسابات أخرى تتصل بإيمانهم بأن في السياسة والقرارات الكبرى ثمة ضرورات قد تبيح المحظورات.. أو هكذا تعامل الناس مع قضية سقوط جامعة الرباط عامة وترفيع الوزير المسؤول عنها خاصة بعد ان إعترف بالخطأ والدور والمسؤولية وإستقال وتوارى عن الأنظار لفترة ليقرر صاحب القرار والمسؤول الأول في الدولة إعادته لدائرة الضوء والفعل والعمل من جديد..!
    الآن وفي ذات القضية - قضية عمارة الرباط - صدرت ونشرت على صدر صفحات هذه الجريدة أحكام بحق ضابطين شرطيين وهما مهندسان إستشاريان مناط بهما مراجعة ومتابعة كل بنايات وعمارات ومنشآت وزارة الداخلية وما أكثرها في السنوات العشر الماضية..!
    إذن كيف كانت الأحكام وكيف كانت العقوبات بعد ان ثبتت المسؤولية والإدانة..؟!



    * أحكام ضعيفة ومدهشة..!
    المتهم الأول- وهو مهندس وضابط وإستشاري حكومي مرموق غُرم 3 ملايين جنيه - أُكرر جنيه وليس دينار- مع حكم بالسجن هو إدانة غير مؤثرة للحد المطلوب وهي السجن لثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ مع- التكدير الشديد.. الذي لم أجد حتى الآن من يحدد لي قيمته وفعاليته في قضية كبيرة وخطيرة مثل هذه...!
    والمتهم الثاني وهو شريك مدان للمتهم الأول صدر بحقه حكم أكثر دهشة وهو «500» ألف جنيه غرامة مع التكدير أيضاً وهي عقوبة أو غرامة من الممكن ان توقع أضعافاً مضاعفة مع متهم أو متهمة في جرائم وأحداث او إتهامات أقل بكثير من السبب في إزهاق روح إنسان وإهدار مال عام..!
    ونقفل مؤقتاً ملف- عمارة جامعة الرباط ـ والأحكام فيها على نحو ما ذكرنا وما أدهش الناس لنعود إلى القضية الأساسية قضية إنبراء زميلنا محيي الدين تيتاوي والذين آزروه في حملة العلاقات العامة تلك المتصلة باخوتنا في أمن المجتمع والذين يسرنا ان نقول ان وسطهم ومن ذات - قبيلتهم وكيانهم- من نثق بلا حدود في ثاقب فكره.. وأسلوب معالجته.. وصحيح وسليم نظرته..!
    وعلى رأس هؤلاء الذين يعملون.. ويسعون لمجتمع مؤمن وآمن بالفعل بعض من أخوتنا في أمن المجتمع نفسه، وبعض المستشارين ووكلاء النيابة المناط بهم ذات العمل من خلال الإشراف القانوني والأدوار الإستشارية المهمة والمسؤولة..!
    لقد فرحت «الوطن» وفرح المواطن وهلل الجميع للبيان.. والتوجهات... والموجهات التي صدرت عن وكيل النيابة الأعلى الأستاذ إبن الأستاذ- ميرغني كننة- وهو بيان أو تصريح ورد من خلال وكالة أنباء حكومية هي المكتب الإعلامي للخدمات الصحفية - سي- أم - سي.
    إننا ولفائدة القضية وأقلام العلاقات العامة نعيد نشر نص البيان الحصيف القاطع وقبله أو بعده وفي إتون الحديث عن مجتمع آمن وأمن مجتمع نشرنا أيضاً الحكم العظيم والقرار القضائي السليم لتبرئة أم أحفاد الراحل العظيم السفير أحمد عبدالحليم الذي غيبه الموت فغاب عن ذاكرة الذين داهموا بيت أحفاده وأولاده غفلة أو بفعل فعلة حق الرجل في حفظ سمعته.. وصون كرامته.. والتعامل مع شأن من شؤون أسرته ان وجد ما يستدعي بكثير من الحيطة والحذر - وستر الحال- قبل ان تحدث كل هذه الضجة.. وكل هذه الإساءات لرجل احسن وأعطى حتى اذا أتى الأمر لاحدى دوائر التقاضي بدا قرارها العظيم وكأنه في جوهره إدانة لمن أدانوا الرجل والأسرة الكريمة وآذوه في سمعته وسيرته وتاريخه وجعلوه وهو في قبره يتآذى ويتقلب ويتعذب!



    * العودة لأقلام هؤلاء..!
    مرة أخرى- ولا نعتقد انها اخيرة أبداً نعود إلى إخوتنا الجنود المجندين- لحملات العلاقات العامة المخططة والممولة والموجهة في إعتقادنا..! إن ما يهمنا في أمر هؤلاء.. ومن بين هؤلاء هو صديقنا وزميلنا محيي الدين تيتاوي ليس لانه زميل وحسب، وليس لانه رئيس تحرير لصحيفة توقفت على يديه لأسباب يدركها هو وحسب، وليس لان الرجل نال بجهده وعرقه وكفاحه شهادة الدكتوراة وتبوأ منصب عميد كلية الإعلام- التي من المفترض ان تخرج طلاب إعلام وصحافة وعلاقات عامة على نهج وطني سليم وعظيم لا علاقة له بنهج شركات ومؤسسات وجماعات مكاتب وأقلام العلاقات العامة وحسب أيضاً.. بل لأن الرجل ونعني تحديداً الزميل محيي الدين تيتاوي وهو رئيس منتخب لإتحاد الصحفيين السودانيين وكان ومايزال من واجبه إلا يكون طرفاً وعلى هذا النحو التحريضي المكشوف في قضية كقضايا- أمن المجتمع- كجهاز واجب النقد والتقويم وهي سنة استنها سيد الخلق جميعاً في المعنى الذي قاله «لو فعلت كذا وكذا فاطمة بنت محمد لاقمت عليها الحد.».!
    إننا في هذه الصحيفة التي تستعدي عليها مجموعة العلاقات العامة كل جماعات ومجموعات الهوس الديني المتراجعة دوراً واثراً بفضل الله ووعي الناس وسوء تاريخها وادوارها القبيحة، وقفنا وعلناً مؤيدين ومساندين لإختيار الزميل تيتاوي رئيساً لإتحاد الصحفيين ومعه من معه من الزملاء الأعزاء ومعهم الزميل المعني- بالعمارة التي سقطت وشخصه الذي قام وكانت وجهة نظرنا في ذلك التأييد والدعم تقوم على أساس فهم بسيط للأمور النقابية في هذه الحقبة من تاريخ بلادنا وهي حقبة يدرك الجميع إنها بالغة الحساسية والخطورة..!
    يقول ذلك الفهم - إن النقابات والإتحادات المتوافقة مع الدولة ومع المخدم عامة في هذه الحقبة تستطيع ان تحقق للقواعد بالتفاهم والتقارب والتوافق ما لا يمكن ان تحققه نقابات المظاهرات.. والإضرابات والإضطرابات الحادة التي لا تحقق للعاملين مطلباً ولا تحفظ وتحقق للوطن والشعب إستقراراً ينمو ويزدهر فيه الإقتصاد وترفع عن الناس المعاناة..!
    هذه هي القاعدة التي ساندت بها «الوطن» وستظل تساند العمل النقابي الذي يترأس الزميل الدكتور تيتاوي أحد مؤسساته وأهم قطاعاته لا لكي ينبري بقلمه ويجند خبرته وقدرته وموقعه وموقفه في حملة علاقات عامة، بل لكي يسهم في إبعاد البلاد والعباد عن مناخات الهوس الديني التي تريد ان تعيد الأمور في بلادنا إلى أيام- محاكم العدالة العاجزة والمشينة المهينة تلك.. وإلى زمن - الإمام الذي يطير ويحيّ الكرسي المجاور له في الطائرة أو المحافل بل ويجبر ويأمر الوزراء وكبار المسؤولين على فعل الأمر نفسه حين يحيون علناً الكرسي الفارغ إلى جوار الرئيس بإعتباره مسكوناً بشيخ يراهم ولا يرونه..!



    * كله مكشوف ومعروف..!
    إن السودان هذا والخرطوم هذه من الذكاء والبعد عن الغباء بحيث لا يمكن تضليل ساكنيه وساكنيها باحاديث فجة ومكررة وبالغة الصفار والبوار عن الدين والتدين والأخلاق والخوف على الناس والقيم..!
    ذلك لان للكل في هذا البلد - خاصة اللاعبين فوق ميادين العمل العام السياسي منه والإجتماعي والإقتصادي والديني ملفه وأوراقه.. وسجلات ماضيه..!
    ولهؤلاء نقول قولة أخينا علي الحاج محمد المشهورة - خلو الطابق مستور.. وأبعدوا عن الكلام في المحظور.. ولا ترموا الناس بإتهامات وشبهات باطلة ستقابل بامور وعيوب ومخازٍ حقيقية ان دعا الأمر..!



    * هذا تحذير قاطع..!
    إن هذا وبكل وضوح وفي ظل الحريات المتسعة ووجود كل إمكانات الدفاع عن.. أمن آمن ومسؤول وعميق للمجتمع والناس على نحو ماذكرنا وعددنا وحددنا تحذير قاطع.. وإنذار ساطع لأقلام وجماعات العلاقات العامة وشراذم الهوس الديني التي حسبنا ان وجودها انتهى.. وان دورها إندثر.. وان تحريضها على العنف المهووس قد تحول إلى عقل أو على الأقل صمت وتراجع، وان ما فعلته في مسجد الجرافة.. والفنان الشهيد خوجلي عثمان.. وحادثة «الكامبي عشرة» في الجزيرة وغيرها وغيرها ستتوب وتثوب عن تكراره وان فظاعات محاكم العدالة الناجزة وإذاعات الليل والنهار القبيحة تلك.. ومقتل الشهيد محمود محمد طه كلها أمور قد إنتهى زمانها وذهب وإندثر آوانها...!
    ولكن يبدو ان للحية الرقطاء الصفراء بقية من روح يحاول الزميل تيتاوي وبعض مقاولي العلاقات العامة تنشيطها وبث الروح فيها من جديد بعد قربها من الموت والإندثار ودفنها في مزابل التاريخ غير مأسوف عليها..!




    * قرارات لابد منها..!
    إنني وعلى طريق الأوامر الجمهورية.. والقرارات العسكرية التي يموت فيها وفي تأييدها الزميل تيتاوي والذين معه.. وبإعتباري صاحب الكلمة والقرار في هذه الصحيفة وفقاً للقانون الحكومي الذي يؤيده ويسانده ويشرعه الأستاذ محيي الدين تيتاوي أقرر ما يلي:
    1- سحب إعترافي الشخصي والمهني بقيادة تيتاوي ورئاسته لإتحاد الصحفيين السودانيين إدانة وإستنكاراً لإنخراطه في حملة العلاقات العامة التحريضية الطابع تلك والداعمة بسفور تام لحملات الهوس الديني تلك..!
    2- أقرر منعه من الكتابة - عموداً.. أو مقالة- أو تصريحات من على صفحات «الوطن» المسخرة لخدمة الوطن والمواطن وليس لخدمة مرتكبي الأخطاء الكبيرة الذين يسارعون للبحث عن مكاسب وأشخاص علاقات عامة للدفاع عنهم على نحو ما يحدث الآن من محاولات تحريض وترويض وتخويف لصحيفة.. ولصحفيين أعطاهم الشعب العظيم كل هذا القدر من الإحترام والحب.. والتقدير والإعتراف المعلن بالدور والرسالة والشجاعة ومنازلة المخالب والعناكب وذوي الملفات التي ان فتحت سيكونون هم الأولى بمداهمات ومحاكمات وملاحقات «أمن المجتمع» الباحث عن دور ودار ووطن للفضيلة والأخلاق من خلال أهداف وغايات لا نختلف عليها وان إختلفنا في الأسلوب المؤدي إليها..!
    وأخيراً.. ان هذا الذي قلته.. وقررته.. وأعلنته كحكم صادر من «محكمة الرأي العام هذه» بشأن الزميل محيي الدين تيتاوي وبقية مجموعة حملات العلاقات العامة ومكاتبها وكتابها ودعاتها هو بمثابة إنذار وتحذير لبقية قلاوزة وجهابذة الهوس الديني، وبعض كتاب «الأعمدة» في هذه الصحيفة التي أتاحت لهم ما لم يتيحوه هم لغيرهم يوم ان كان بيدهم القرار وتحت إدارتهم وقيادتهم الصحف والمواقع الإعلامية التي إنهارت مهنياً وتاريخياً وشعبياً..! مثلما انهارت عمارة الرباط ..!
    ولهؤلاء نقول - إن الدرس والمدرسة - في هذا الذي تحقق لكم من خلال حرية التقيؤ على الورق أحياناً لن يتواصل إلى الأبد.. فقد وصلت الرسالة على أساس الفهم والهدف والغايات المذكورة في الفقرة السابقة.. ولهؤلاء نقول.. لا تزايدوا علينا في حب الوطن وسلامة المجتمع وأمنه.. لا تجرونا إلى معارك قديمة لا تشبه المرحلة والتحديات.. إستغلوا مساحات الرأي والحركة الممنوحة لكم فيما ينفع الناس ويوحدهم.. وإبتعدوا تماماً عن محاولات ومساعدة رقطاء الهوس الديني السامة..!

    عيب .. أيّها النقيب ..!
    هذا ماقاله تيتاوي عن زملاء له لهم رؤية مختلفة عن رؤيته لدور ومهام بعض الاجهزة الأمنية حيث لاخلاف معها على الغايات ولكن الخلاف على الأساليب والنتائج الناجمة عنها ...!
    وبعد تيتاوي وأمام المسؤولين عن أمن وأمان الناس لاحت بوادر العنف والتطرف وظهر بعض الذين تاورهم الحنين لزمن مسجد الجرافة .. وخوجلي عثمان .. وكمبو عشرة في الجزيرة ومحاكم العدالة الناجزة وبقية عهود الهوس الديني الذي أوصلنا الى مايشبه الغزو الاجنبي الذي من وجوده يتباكى البعض ..!



    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=98&bk=1
    __________
                  

04-18-2008, 04:24 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    نهاركم سعيد

    مكي المغربي
    كُتب في: 2007-02-28



    جامع وجامع.. والسبب نافع..!
    تمنيت كثيراً أن أجلس مع هذا الرجل العالم الزراعي الذي تخصص في علم الـ(Breeding) وهو (الانسال الزراعي) باستخراج سلالات متطورة من النباتات بتعديل صفاتها لتصبح أكثر ملائمة لظروف الطبيعة وأفضل انتاجية من أسلافها، وبعيداً عن السياسة التي صار الرجل قطباً اساسياً فيها فالرجل يعرف في غير تخصصه علوماً أخرى معرفة جيدة وأن كان قد مر عليها مروراً عابراً بغرض الإطلاع والإهتمام وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء!

    { والدكتور نافع علي نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون السياسية والتنظيمية ومساعد رئيس الجمهورية يتعرض لاذى شديد وبصورة مستمرة من معارضي الانقاذ للدرجة التي انشغلت بها شخصيات سياسية معارضة كبيرة عن نقد الانقاذ نفسها.. لأن المتهم ليس الإنقاذ إنما د. نافع عالم الانسال الزراعي!

    { وآخرين تطرفوا في عدواة الرجل حتى صار من المحبذ لديهم مدح قادة الانقاذ الآخرين والثناء عليهم وتكلف حالة من (الضدية) لتصبح كل الانقاذ جميلة ورقيقة مثل هبات النسيم.. ود. نافع هو الرجل الخشن الوحيد!

    { ومن داخل الانقاذ نفسها هناك (برزخيون) و (خلاسيون) خطفوا لوناً من المعارضة ولوناً من الحكومة.. ولقمة من مائدة و(كّدة) من دومة.. هم أيضاً (يعجبوك) في الأفكار البرمائية!

    { والساحة السياسية فجأة تحولت إلى مسرح غريب كله أبطال وكله أضواء وكله كواليس!

    { الصادق المهدي والأحزاب القديمة نسيت أنها هي التي راق لها حل الحزب الشيوعي بالبرلمان في اكتوبر وشرعوا في استئصال وجوده الشرعي من الساحة وصاروا متطرفين ضده أكثر من الاخوان المسلمين!

    { والشيوعيون نسوا أنهم دشنوها ثورة حمراء دموية في مايو العسكرية الشمولية.. ثم خرجوا منها بعد أن جعلوا من الضيافة مقبرة ومن جامعة الخرطوم مربطاً للدبابات!

    { والجمهوريون نسوا أنهم أيدوا ضربة الجزيرة أبا وقتل الانصار ومطاردتهم على الحدود واغتيالهم!

    { وما كتبه محمود محمد طه مناصراً لمايو التي شرعت في إبادة (الرجعيين) شاهد على ذلك!

    { والاتحاديون نسوا أنهم طبخوا وسبكوا مذكرة الجيش مع اليساريين لاخراج الإسلاميين من السلطة عنوة ومنعوا بذلك د. حسن الترابي مبرراً فقهياً لاقامة الانقاذ بالفتوى القاطعة للخلاف!

    { حتى د. عبد الله حسن أحمد نسى كل هذا وقال في الحوار معه بالخط العريض (نافع كلامو ناشف)!

    طيب يا دكتور هل يقطر كلام الشيخ حسن بالشهد والعسل.. أم أنه يقول الكلمة فيثور موسم من الاصطباح والغبوق على السفرية من بعد حديث الشيخ!

    { والشيخ حسن قال كلمات قبل ثلاثين سنة ما زالت ناشفة حتى الآن!

    { كل الاحزاب تريدنا أن ننساها وننسى مراراتها وندخل في حالة من القلق القومي لردود د. نافع على الافعال الصغيرة التي تقوم بها المعارضة!

    { وكل الأحزاب تريد ان تشغلنا بضرورة تأخير الحل السوداني الجامع متعللة بأن مشاعرها الرقيقة حساسة تجاه نافع.. للدرجة التي اقترحوا فيها (الحل الجامع) بتجاوز المؤتمر الوطني..! طيب كيف يكون جامع؟! ولو بقليل من المنطق.. كيف؟!

    { أعزائي في المعارضة.. خير لكم ألف مرة أنصاف هذا الشعب وأنصاف قواعدكم بممارسة سياسية مسؤولة بدلاً من إهدار الزمن الوطني في (شخصنة) السياسة في د. ناف



    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=6&col_id=26&issue_id=323&bk=1
    ___________
                  

04-18-2008, 04:25 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    نهاركم سعيد

    مكي المغربي
    كُتب في: 2007-01-21



    السودان .. بلاد واسعة
    جدا و خيارات ضيقة جدا
    عبد القدير خان صانع البرنامج النووي الباكستاني يقول أنا لا أسوى أي شيء أمام محجوب عبيد طه ... رحمة الله عليك يا محجوب فلو كنت حيا لأوسعونا عقوبات بناء على حديث عبد القدير ..!
    و عبد الله الطيب كان أعلم أهل الأرض باللغة العربية و كان ملك المغرب ينتظر زيارته بفارغ الصبر و يستمع له حتى نهاية الدرس في المسجد ثم يصطحبه للخارج و يفتح له باب السيارة و الحاشية منبهرة من هذا التواضع الملكي الإستثنائي الذي لم يحدث حتى مع علماء المغرب .. رحمة الله على عبد الله الطيب و على كثيرين لو كانوا أحياء لطالهم قرار حصاد المعاشيين ..!
    صفوف سودانية من الكوادر العلمية و الدراري الأكاديمية و الأمناء و التكنوقراط فتحنا لهم أبواب المنافي الطوعية ليهربوا خارج السودان أو كان أقصى عطائنا لهم هو مكرمة حكومية بالأدوية المنقذة للحياة بعد أن تزورهم الصحف و تكشف حالهم ..!
    عزيزنا الدكتور عبد الوهاب عثمان رئيس هيئة رعاية الإبداع العلمي .. إما أن تلجم هذه المأساة كما ألجمت الدولار من قبل رغم أنف ( لوبي الإعفائات) و الماسونية و سوء النية و أما أن تنصب صيوان عزاء في الفسحة الضخمة جوار الهيئة في أركويت ..!
    {الحزب الجمهوري السوداني .. إنه ليس فرعا للحزب الجمهوري الأمريكي ليس لأنه ضد أمريكا و لكن لأن برنامجه أقرب للتحالف مع الديمقراطيين و اللبراليين في بلاد العم سام .. و هو الحزب الوحيد الذي يستحق تصنيف اليسار الإسلامي إذا أخضعنا التحليلات لهوس المصطلحات .. و لدى الحزب مآثر سياسية بصمود محمود محمد طه أمام المحكمة و المشنقة و مخازي سياسية لتأييده مذبحة الجزيرة أبا .. وهذا الحزب لديه بريق فكري أخاذ و جدل بمستوى ثقافي مرتفع و لديه مشاركات قميئة مع الشيوعيين في إغتيال الشخصية كممارسة سياسية ضد المد الإسلامي .. و على هذا الحزب ( ملاحيظ )أخرى كثيرة ..!
    أنا شخصيا أدعو زعيم الحزب المعلن عنه أمس الأول لحوار صحافي على ضوء هذا الإمتحان المكشوف ..!
    {عدد كبير ممن اشتروا ( البطاطين ) في هذا الشتاء أحسوا بأنها مستعملة .. و هذا صحيح فالسوق السوداني أفسدته قمامة الخليج التجارية و الحاويات التي تباع في دبي بالمجان بغرض تنظيف الميناء و المخازن .. و للمعلومية كميات من الموكيت و السجاد تستبدلها الأسر الخليجية في كل عيد بالجديد و تأخذ المحال التجارية القطع القديمة لغسلها بالشامبو المخصص للسجاد و إعادة بيعها .. أنا شخصيا أعتقد أنه لا مانع من شراء المستعمل و لا التجارة فيه بعد غسله و تعقيمه و لكن من غشنا ليس منا..!
    {منصور ( منصفون ) رجل الأعمال و تاجر الالكترونيات الشهير و الخرطومي المتمدن .. الذي كان يدخل أحدث الأجهزة قبل أن يعرف المهندسون المختصون أسمائها و هو أول من أسس لنظام نفايات أهلي بجمع الإشتراكات و تأجير سيارات نفايات في الثمانينات ثم تركه بعد الإزعاج الحكومي و الشعبي .. كما ترك حملات التشجير و إصحاح البيئة الطوعية .. لديه الآن كلام حار جدا جدا حول إخفاقات كثيرة و لديه مقارنة واقعية و إجتماعية لثقافة العمل و مكافحة العطالة بين السودان و عدد من الدول .. كم اتمنى أن يسجل له السادة بالتلفزيون مداخلة في ربع ساعة تصبح حديث الموسم لباقي السنة ..!
    مثل اليوم :
    من حل دينو نامت عينو



    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=6&col_id=26&issue_id=285&bk=1
    _________________
                  

04-18-2008, 04:26 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    تأملات

    جمال عنقرة
    كُتب في: 2006-05-18

    [email protected]


    الجمهوريون والهروب الكبير

    اعرف الاستاذ حيدر احمد خير الله منذ نحو عشرين عاماً او يزيد قليلاً واعرف انتماءه لحركة الاخوان الجمهوريين ولكنني ما كنت اعرف أنه مثل كثيرين غيره من الجمهوريين (أن تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث) ، حتى وجدته (ينبح) في ثلاث حلقات متتاليات فيما يحسبه رداً على ما ذكرته في مقالي (الجمهوريون خرجوا ولن يعودوا) .. وما كنتُ انوي التعليق على ما يكتب تأسِّياً بـ ( سفينة الصحراء) الذي لا يوقفه (النباح) ولا يلتفت الى (النباحين) والمقالات الثلاث لم اجد فيها شيئاً سوى (النباح) .. اذ أن الكاتب لم يتطرَّق من قريب او بعيد لشئ مما ذكرتُ دليلاً على خروج الجمهوريين النهائي بعد موت استاذهم شنقاً ، ولم يجد شيئاً (يتشعبط) به سوى أن محاكمة المهندس محمود محمد طه كانت محاكمة للفكرة وليست محاكمة سياسية ، فظل يردح بما اسماه الهَوَس الديني الذي يزعم أنه اغتال الباشمهندس .. وهذا امر انصرافي ، فالمهم في الامر أن الاستاذ قد مات دون أن يكمل رسالته وما كان مقدَّراً له في الفكرة أن يموت ولهذا عندما قالت له اخته فاطمة محمد طه : (احسن ليك يا محمود يا اخوي ترجع ، نميري ده حارص) .. ردَّ عليها رده المشهور : (إذن يظهر الامر ضحى) .. وكان يعني ظهور المُعجزة التي تُسكِت خصومه .. وما دام قد مات فليس مهماً إن كان قد مات إثر محاكمة فكرية او سياسية المهم أن الموت قد تم لرسول الرسالة الثانية حتى ولو مات تحت عجلات لوري تراب كالذي ساقه الاستاذ دالى بعد أن خَسِر الرهان ، ويعلم الناس أن دالي قال في ركن مشهور بجامعة الخرطوم عقب محاكمة محمود محمد طه إن الاستاذ لن يموت ، ولو مات سوف اعمل سائق بلوري تراب .. وقد كان .. ثم انسحب دالي من الساحة وهاجر الى امريكا ، وتلك شجاعة تُحمد له .. اما أن يبقى حيدر خير الله (محلك سر) ويعمل بمنطق (الفكي) الذي طلب منه بعض الناس أن يعمل (حجاب) من السلاح لإبنهم المسافر الى جنوب السودان ، فكتب الحجاب وجرَّبه على خروف واخذه الناس وسافر به إبنهم الى الجنوب ، وفي اول معركة مات مقتولاً بطلق ناري ، فعندما جاءوا الى (الفكي) متذمرين قال لهم (الفكي) إن البندقية التي قُتِلَ بها إبنكم غير مرخَّصة .
    إن محمود محمد طه رغم أنه رسول الرسالة الثانية للاسلام ، والاسلام الثاني عند محمود غير الاسلام الاول الذي أتى به محمد عليه الصلاة والسلام ، وهي رسالة تلقَّاها مباشرةً من ربه بعد سِدرَة المنتهى حيث لا حيث ، وعند لا عند ، وهي مرحلة لم يصلها نبي مُرسل ولا مَلكٌ مُنزل ، وعندها يزعم فيها محمود أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له : (ها انت وربك يا محمود) .. مثلما قال جبريل للرسول الخاتم : (ها انت وربك يا محمد) .. ومعلوم أن الرسول «ص» عندما سأل جبريل عليه السلام : (أهذا مقام يفارق فيه الخليل خليله ؟) .. رد عليه جبريل : (هذا مقامي لو تقدمتُ لاحترقت ولو تقدمتَ انت لاستضئت بنور ربك) ... وهناك اعطى الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة بدون واسطة جبريل .. ويقول محمود محمد طه إن المتبوع جبريل في حالة الرسول «ص» والنبي الكريم في حالة محمود محمد طه يقف لسببين الاول انتهاء مقامه والثاني مقام الالوهية لا يراه شخصان .
    فلذلك قال له الرسول صلى الله عليه وسلم : (ها انت وربك يا محمود) .. وبهذا الفهم يزعم محمود محمد طه أن مقامه فوق مقام النبي عليه افضل الصلاة وازكى التسليم وهي اللحظة التي سقط فيها التقليد عن محمود وحقق شريعته الفردية وصار الشاهد عين المشهود ، فلم تعُد صلاته ولا كل عباداته هي عبادات المؤمنين والمسلمين من اهل الرسالة الاولى التي عندنا هي خاتمة الرسالات .. (اليوم اكملتُ لكم دينكم واتممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الاسلام ديناً) .. وهي رسالة بلَّغها رسولنا «ص» كاملة واشهدنا على ذلك والله خير الشاهدين (ألا هل بلَّغت ، اللهم فأشهد) ..
    وكان محمود محمد طه يزعم أن رسالته الثانية المربوطة برسولها الاصيل سوف تبلغ غايتها ولذلك لم يدانيه اى شك في الموت شنقاً او حرقاً او اي شئ آخر قبل تبليغ رسالته ، وكان اصحابه يؤمنون بذلك ، فعندما مات و(شِبِع موت) بان بُطلان الفكرة وتشتت الجمهوريون وصار بعضهم يتصيَّد المناسبات للاحتفاء مثل عودة السيدة آمنة لطفي او ذكرى اعدامه ، وبعضهم مثل حيدر احمد خير الله يجد له عظماً طائراً كالقول بأن محاكمة محمود كانت محاكمة للفكرة وليست محاكمة سياسية فيترك كل شئ ويمسك بالعظم ويظل (ينبح) كما فعل في مقالاته الثلاث وهو (نباح) لا يُغيِّر من الامر شئ .. محمود قد مات وبموته سقطت الفكرة وخرج الجمهوريون بلا عودة ...



    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=6&col_id=6&issue_id=97&bk=1
    ____
                  

04-18-2008, 04:27 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    بعد .. ومسافة

    مصطفى ابو العزائم
    كُتب في: 2006-05-06 بريد إلكتروني: [email protected]



    حوار الشيخ .. والعقبة !...

    لحظة الحيرة الشديدة ، وإنصراف العقل عن إيجاد حل لمعضلة كبيرة ، يقول الناس ـ عادة ـ (وقف حمار الشيخ في العقبة) ، فلا هو غزال ليقــفز قفزة كبيرة ، ولا هو نسر يملك أجنحة تجتـــاز به (المطب) الذي يواجهه !...
    وبالأمس أجرى زميلنا الصحفي الكبير الأُستاذ صلاح عووضة ، حواراً إستثنائياً ـ كما أعتقــــد ـ مع الشــــيخ الدكتور حسن التُرابي تناول فيه قضايا عديدة ، وقدَّم من خلاله الشيخ إفادات ساخنة حولها .
    ورغم أن الجزء المنشور من الحوار لم يتناول ما أطلقه الشيخ الدكتور حسن التُرابي مؤخراً من آراء فقهية أثارت جدلاً واسعاً داخل وخارج السودان ، حتى أن البعض حاول تكفيره بسببها ، ورغم أن المحاوِر ـ بكسر الواو ـ أراد إستجلاء حقائق تاريخية ، وإعتمد على أسلوب (الفلاش باك) في فتح خزائن المعلومات والأسرار داخل عقل الشيخ التُرابي ، رغم ذلك فإن الحوار كان ممُتعاً وجاذباً ، وربّما يثير من الجــــدل أكثر مما أثارته آراء الشيخ الفقهية ، التي قد يتفق معه حولها البعض أو يختلف !!...
    ولا أعتقد أن الأُستاذ صلاح عووضة بوصفه صحفياً محاوراً قد صدَّق ما ذهب إليه الشيخ الدكتور حسن التُرابي ، ولا كل من قرأ ذلك الحوار أيضاً ، عندما قال بأنه كان مع بســــط الحُريات وبــــسط التعليم والإتصال في حين كان غيره ضد ذلك ، وهذه النُقــــطة سنــــعود لها في آخر هذه الزاوية .. كما لا أعتقد أن أحداً ـ سوى الشيخ نفسه ـ سيصدِّق أنه كان ضد إعدام الأُستاذ محمود محمّد طه في أُخريات العهد المايوي ، وهذه النُقطة سنعود لها في نهاية هذه الزاوية قبل الختام .
    وعندما أقول أن الأُستاذ عووضة (ربّما) لا يصدِّق كل ما ذهب إليه الشيخ التُرابي ، فإنما أعتمد في تقديري ذلك على أمرين ، أولهما أن الرواية غير منطقية ، أما الثاني فهو ما ذهب إليه عووضة نفسه ، عندما قال متســــائلاً وساــــئلاً : (ولكن كيف لنا أن نفهم ذلك ؟! ... فربما من الصعب تصديق أن التُرابي الذي كــــان ما كان في الإنقــــاذ ، تحدث أشياء من وراء ظهره ـ وإذا صدق هو فكــــيف نفهم حكاية أنك كنت مهيمناً على نظام الإنقاذ ، وكُنت الرجل الأول فيها من حيث الأبوة الروحية ؟) .. إنتهى تساؤل وسؤال عووضة !!...
    إذن حديث الشيخ التُرابي وإفاداته الساخنة إنما يعبِّران عن غيظ وحنق ـ ربّما ـ لاقصائه عن سُدة السُلطة المُطلقة ، وفطمه عنــها (قســــرياً) لذلك جــــاءت تعبيراته تجــــسيداً للمرارات لأنه يعيق عملهم !!!....
    وأعتقد أنه لا صلاح عووضة ، ولا أنت أو أنا أو اي من أفراد الشعب السوداني سيصدِّق ما قاله الشيخ بأنه كان مع بسط الحُريات إبان سطوته وقوته وجبروته ، حاكماً متمكناً في فترة العشر سنوات الأولى من الإنقاذ ، لأن الإنفتاح لم يحدث إلاَّ بعد أن ذهب ، ولأن دائرة الحُريات (المُغلقة) لم تكبر او تتسع إلاَّ بعد أن أُبعِد عن مــــقاعد صناعة القرار ، وهذا يدحض ما ذهب إليه وأشـــرنا إليه من قبل ...
    كما أن أحداً لن يصدِّق أن الشيخ كان ضد إعدام الأُستاذ محمود محمد طه الذي حرَّك إعدامه كل الغرب العلماني والمسيحي ، اللهم إلاَّ إذا كان الشيخ قد اراد إسترضاء الغرب وإعلان التوبة عن مشاركته في أمر إعدام الأُستاذ محمود ، أقول ذلك وأشرطة التسجيل التلفزيونية موجودة على ما أعتقد ـ وأرشيف الصحافة كذلك ، وكلها تقول بأن الشيخ الدكتور حسن التُرابي كان وقتها هو أكبر مسؤول في الدولة يقف على أعتاب المشــــنقة ، يشــــهد إعدام الأُســـــتاذ محمود ، وأنه لم يحــــتمل الأمر إذ أُغمى عليه لحــــظة الإعدام لكنه كان موافقاً ومؤيداً ومبـــاركاً للشنق على كل حال !!....



    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=6&col_id=4&issue_id=86&bk=1
                  

04-18-2008, 04:28 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    شهادتي لله

    الهندي عز الدين عمر
    كُتب في: 2006-03-07

    [email protected]


    الاستاذ/ الهندي عز الدين

    تحية وسلام من عهد السلام

    طالعت مقالك بصحيفة الوطن التي هي «الوطن» الصادرة في يوم السبت 18 فبراير 2006 العدد 1000 بعنوان «سلفا وربيكا والخروج من الباب الخلفي»..! والذي تحدثت فيه عن زيارة سلفاكير لامريكا، كما استفضت في حديثك عن زيارة ربيكا (المرأة الحديدية) لامريكا ايضاً عقب زيارة سلفا في الايام الفائتة وعن علاقة الحركة الشعبية بامريكا وماذا قالت ربيكا هناك ولماذا ذهبت وماذا فعلت وتركت وماذا وماذا..!!

    فيا عزيزي اللائم والنائم انت تعلم ان البلاد وعقب توقيع اتفاقية السلام على الورق وبعد وفاة الدكتور جون قرنق تباطأ ايقاع تنفيذ بنود اتفاقية السلام وكاد ان يختل لولا حنكة ودراية القائمين على الأمر بجانب دعوات بني وطني.. تستمر عجلة السلام في دورانها ولاتنكر- الدور- الضلع الاكبر لامريكا في انفاذ عملية السلام بين الحكومة والحركة... اذ اين الضرر في ذهاب الحركة لامريكا.. وهل حرّمت امريكا على الحركة بعد توقيع الاتفاقية؟؟ سؤال آخر برئ ترى لوذهب علي عثمان أو آخرين من المؤتمر الوطني هل يكون رد الفعل كما كان؟؟

    على حسب علمي ان الصحافة هي مهنة البحث عن المتاعب لذلك الصحف الصفراء في هذه الايام تناولت موضوع زيارة ربيكا بنهم شديد علماً بان البلاد في هذه الفترة الحرجة لاتستحمل مثل هذه المقالات الصفراء.

    قبل صدور مقالك بيوم سأل الأستاذ طه النعمان السفير جمال محمد ابراهيم عن طبيعة الزيارة ودور الخارجية في ترتيبات الزيارة وكانت الردود حاسمة لأي لفظ سائد. ترى لأنه رجل دبلوماسي ام لانه فآآآهم؟ «والاثنان نعمة وقسمة من كريم» وما ان يصبح الصبح حتى تأتي أنت ايها الهندي لتأتي بعاليها سافلها كما يقولون متحدثاً باسم الشفافية ومحاسباً بها ايضاً. تلك الشفافية التي اوجدتها لك الحركة هي وكثير من الحريات الأخرى أين تلك الشفافية من قبل؟ اتحاسب الحركة لانها طالبت بنصيبها في البترول أم صاحب الستة عشر عاماً والذي لايحتاج إلى اجتهاد في المحاسبة او لفت نظر.

    ياعزيزي الهندي حينما تطالب الحركة بنصيبها من الثروة «والذي تأخر» ثق تماماً بان ذلك ينصب في مصلحة الوطن والمواطن لا في مصلحة شخصية والدليل على ذلك الواحد وعشرون عاماً المضت من أجل تغيير... وتوفير... انت تعلم كما يعلم غيرك.

    ياصاحب عمود شهادتي لله لاتنكأ الجرح بعد ان طاب ودع بلادي تضمد باقي الجراحات لتنعم انت وننعم معك.

    شاكر مختار

    ودمدني

    من المحرر

    شكراً للاخ «شاكر» على التعقيب (غير الموضوعي) فنحن نرحب بالرأي الآخر، ونفتح صدرنا له ـ دائماً حتى ولو كان ركيكاً ضعيفاً مثل هذا الذي ننشره اليوم أعلاه.

    اولاً: ياعزيزي نحن لم ننتقد سفر السيدة «ربيكا» لامريكا، نحن نرحب بسفرها إلى «واشنطون» اليوم، وغداً، وبعد غد، ولكننا نرفض ان تخرج ربيكا من (باب السودان الخلفي)، ثم تذهب إلى هناك لتطعن في اتفاقية السلام،وجدية الذين أتوا بها، وصاغوها، وأخرجوها للناس بعد تفاض عسير امتد لأكثر من ثلاث سنوات في المدن والمنتجعات الكينية ثم من الذي أتى بالاتفاقية؟! الحزب الجمهوري؟! السيدة «ربيكا» انطلقت إلى المنابر الاميركية تحدث (سادتكم الامريكان) بان الاتفاقية لاتسير سيراً حسناً، وان وزارة المالية الاتحادية لم توف بالتزامها، ولم تسلم حكومة الجنوب نصيبها من عائدات البترول، وها هي الصحف الصفراء، والحمراء، و(البيجية) تخرج على الناس أمس الأول (الأحد) لتؤكد على السنة وزير الدولة بالمالية (حركة شعبية) ووزير مالية الجنوب، ووزير الدولة برئاسة الجمهورية السيد (تيلار) تؤكد بعد اجتماع مشترك في رئاسة الجمهورية بأن حسابات البترول صحيحة، وان (حكومة الجنوب) استلمت نحو (718) مليون دولار، تماماً كما ذكر من قبل وزير المالية الزبير احمد الحسن!! اذن بعض قادة «الحركة» اما انهم لايعرفون، او انهم يكذبون على شعبهم، وعلى شركائهم في امريكا وفي غيرها.

    فلتطالب «الحركة الشعبية» بنصيبها في «الثروة» وفي غيرها، ولكن يجب ان تلتزم الامانة والمصداقية والشفافية.

    ثانياً: لم اتلق اشادات، وتهاني، وتأييد من عشرات القراء كتلك التي تلقيتها عقب نشر المقال المذكور (سلفا وربيكا والخروج من الباب الخلفي) وانا اعتبر ذلك بمثابة استطلاع رأي لاتجاهات (الشماليين) تجاه قضية الوحدة والانفصال..!

    ثالثاً: يا عزيزي «الحركة الشعبية» لم تمنحني حرية لم اكن أمارسها في السابق، أنت لاتعرف شيئاً، ولاتقرأ شيئاً، (الحريات) جاء بها قطاع «الاسلاميين» المستنير منذ عشر سنوات، وصارت واقعاً عايشناه ومارسناه ـ ونحن أدرى به ـ منذ العام 1996م، فلا تهرف بما لاتعرف. و«الحركة» جاءت إلى الخرطوم، ووجدت بها اكثر من (12) صحيفة سياسية (خاصة)، ومثلها اجتماعية ورياضية، ووجدت الندوات والمحاضرات المفتوحة، فأي حريات تلك التي جاءت بها «الحركة» واي شفافية، وهي لم تحدث الناس بشفافية عن حسابات البترول والمبالغ الضخمة التي استلمها قادتها.

    اخيراً نهنئك، وانت من منسوبي الحزب الجمهوري بعودة (السيدة الجمهورية الاولى) حرم الراحل الأستاذ «محمود محمد طه » من الولايات المتحدة الامريكية حمداً لله..الف .. على السلامة.



    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=6&col_id=2&issue_id=55&bk=1
    ______
                  

04-18-2008, 04:32 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    صباح الـخير يا زواج القرن بود مدني..

    «أزرق طيبة »وحشود تقدمها الوالى حضرت الحدث الفريد
    عقد القران قام على ثلاثة شروط شرعية وقانونية وغير تقليدية
    للعروس حق الطلاق وليس للعريس حق الزواج عليها.. وللأجاويد دور وفاقي فقط
    البروف عصام البوشي وحرمه سلمى طبقا هذه القاعدة منذ 30 عاماً



    المسألة في نظر البروفيسور عصام البوشي ـ والد العروسة صفاء ـ ليست ـ فرقعة إعلامية أو قاعدة فلسفية قديمة يريد أن يحيها البروف، كما أنها ليست ـ بدعة جمهورية ـ أو سياسية..!
    ونعني بالتحديد قصة زواج القرن الذي دعاني له البروفيسور عصام البوشي يوم الجمعة الماضي لأغادر الخرطوم إلى ود مدني حيث اصطدت عدة عصافير بحجر واحد..!
    وإذا كان أول العصافير هو حضور ـ عقد قران غير عادي ـ فإن العصفور الثاني المرتبط بعقد القران التاريخي هذا هو لقاء الرجل العَلَم والمُعلّم والعالِم شيخنا ـ أزرق طيبة ـ الذي تولى عقد القران والذي كان لحضوره تقوية وتزكية ودعم للحضور الشرعي في قران قد يظن به البعض الظنون أو يعتبره البعض غريباً وخارج المألوف أو أن يعتبره البعض شاذاً، كما أن البعض قد يغالي دون ـ علم أو دراية ويتحدث عن خلل أو خلاف ديني في هذا العقد المبارك بإذن الله..!
    أما العصفور الثالث والأكبر فهو عصفور رسمي كبير، بل وأكبر من العصفور وإن كان في حركته وسرعته.. وخفته.. وتنقله من فرع إلى فرع حيث يتنقل صديقنا وابن عمنا الوالي الفريق عبدالرحمن سر الختم من موقع إلى موقع محاولاً إصلاح ما لم تصلحه السنين الماضية البعيد منها والقريب قبل مجيئه والياً للجزيرة التي اتفقنا أنا وهو وجميع العارفين لأوضاعها أنها ـ أي الجزيرة ـ ترمز لكل السودان بقبائله.. واثنياته.. وأسره الكبيرة والمتوسطة والصغيرة..!
    ولعلم من لا يعلم فإن الجزيرة ـ ووفقاً لواليها الفريق عبدالرحمن سر الختم ولشهود عدول من كبارها هي الآن ودائماً ومستقبلاً بإذن الله الرقعة والبقعة الخضراء الأكثر أماناً وأمناً في كل السودان..!
    ذلك لأنها تجمع كل قبائل السودان وأهل السودان ـ وطرقه الصوفية وأشكاله الاثنية ولغاته.. ولهجاته.. ومع ذلك فإن هذه «البانوراما» البشرية الخلاقة تعيش وتتعايش وتنتج.. وتتطلع إلى أن تعطي السودان مستقبلاً أكثر مما أعطته سابقاً وما تحاول أن تعطيه الآن..!
    وعودة لمائدة العقد المبارك الذي شرّفه الوالي الفريق عبدالرحمن سر الختم وتوسطه أزرق طيبة والعم ـ مجذوب ـ جد العروس، ووالدها البروفيسور عصام البوشي وآلاف الناس الذين احتشدوا لحضور عقد قران غير عادي بمنزل البروف بالحي الراقي على شاطيء النيل العظيم.. فإن للحكاية أساساً تاريخ قديم من حيث الإرث الأسري..!
    ففي العام 1978 ـ أي قبل نحو ثلاثين عاماً مضت ـ وتحديداً ـ إن لم تخني الذاكرة ـ في نوفمبر من ذاك العام تم أيضاً عقد قران غير عادي بين والد العروس البروفيسور عصام البوشي عميد وأحد أبرز مؤسسي كلية مدني الأهلية، ووالدتها السيدة المحترمة ـ سلمى مجذوب ـ إذ كان المهر ـ جنيه واحد ـ وكانت معظم القواعد التي تم وفقها زواج ابنتهما المهندسة «صفاء» في العام 2007م..!
    ويومذاك أي منذ نحو ثلاثين عاماً فعلت الصحف السودانية خاصة جريدة «الصحافة» ما فعلناه نحن الآن من اهتمام وأهمية ـ كما أن مجلة «صباح الخير المصرية» اعتبرت ذاك الزواج حدثاً عربياً وإسلامياً كبيراً ـ وإن لم تخني الذاكرة ـ كتب عنه أحد كتابها وربما الصحفي يوسف الشريف المهتم بشؤون السودان حتى قريب تحقيقاً صحفياً رائعاً..!
    مرة أخرى نقول ووفقاً لواقع ووقائع ومقولات البروف عصام البوشي إن عقد القران هذا الذي هز ود مدني ونال إهتمام كل مَنْ سمع به من أهل السودان هو ـ رسالة للجيل ـ أو هو كذلك خروج عن مألوف برأي والد العروس وغيره الكثير من الناس ـ هو مألوف ألفه الناس ـ دون أن يراجعوه وفقاً للدين الذي يقول البروف إنه أعطى مثل هذه الحقوق للمرأة قبل ما يزيد على الـ14 قرن هي عمر تبليغ رسالة وشرع الله لخلقه حيث تنازل بعض الناس عن هذا الحق الشرعي أو تجاهلوه وربما جهلوه..!
    ولقد ألقى والد العروس البروف وهو يقدّم لعقد القران كلمة عميقة الدلالة ـ شرح فيها كل ما هو متصل بمثل هذا القران القائم على مسألة ـ التعاقد ـ والشروط أو لنقل إتفاق طرفي التعاقد بكل رضا.. ووفاء.. وإتفاق يتوقع له التوفيق بإذن الله..!
    إن عقد قران المهندسة صفاء من المهندس عصام قام على ثلاث قواعد ذكرها.. وبررها وعدّدها والد العروس في كلمته الأمينة الرصينة وهو يعقد قران كريمته..!
    أولاً: ووفقاً لما هو منشور هنا ضمن هذه ـ التحية ـ فإن للعروس حق الطلاق مثلما هو للعريس..!
    ثانياً: ليس للعريس الحق في الزوجة الثانية، وهو حق شرعي تنازل عنه صاحبه الذي هو العريس وفق عقد الشراكة الزوجية..!
    ثالثاً: إذا وقع خلاف بين طرفي عقد القران يتم احضار وسيطين أحدهما من جانب العريس.. والآخر من جانب العروس ويبحثا أسس وأسباب الخلاف، ويحاولا إصلاح ذات البين، ولكن لا يكون رأيهما أو قرارهما ملزماً أو مانعاً لطلب الطلاق..!
    ولقد زرت البروفيسور عصام البوشي ثاني يوم عقد القران بمكتبه بكلية ود مدني الأهلية حيث وقفت على تجربة جامعية هي الأخرى فريدة أو متفردة وتشبه الرجل الذي كان زمانه الجامعي هو ـ نجمه وبطله وأميز طلابه ـ فالبروفيسور عصام ووفقاً لمقولات ومعلومات يشهد الله لم اسمعها منه أو اسأله عنها كان هو ذاك الطالب الجامعي بجامعة الخرطوم الذي نبه أساتذته في الخرطوم وبريطانيا إلى خطأ أو لبس في مادة الرياضيات، فإذا بالامتحان يعاد إلى لندن ليراجع من جديد، وليصبح الطالب عصام البوشي نجماً من نجوم علوم الرياضيات ومكان تقدير واحترام أكاديميي بريطانيا والسودان..!
    وفي كليته الأهلية التي قامت الآن على جهده وجهد آخرين من أقرانه أهل مدني العظيمة يقول البروف عصام في ـ دردشة ـ معي إبان زيارتي لكليته أمس الأول..!
    يقول إن التعليم يقوم على ثلاث:
    1. التعليم الحكومي.
    2. التعليم الخاص.
    3. التعليم الأهلي.
    والأخير هذا هو الذي تقوم عليه كلية مدني الأهلية هذه حيث تبلغ المصاريف قدراً لا يقارن ببقية الجامعات والكليات الخاصة التي تتراوح رسوم الدراسة لديها ما بين الـ6 آلاف دولار والثلاثة آلاف أو يزيد أو ينقص بينما تبلغ تكلفة الدراسة في كلية مدني الأهلية مليوناً واحداً مع وجود منح دراسية بالمئات أو العشرات لطلاب دارفور وبقية ولايات السودان المنكوبة بالحروب والأوضاع غير العادية..!
    كذلك تصرف الكلية كل عائداتها ـ المتواضعة هذه على تطوير مبانيها وزيادة كلياتها التي تتزايد الآن بين كل عام وعام..!
    مرة أخرى وعودة إلى زواج القرن قال البروف إن الشروط التي اشترطت هي شروط تجد سندها الديني من الشريعة الإسلامية السمحاء التي تحرص على كرامة الإنسان، امرأة كانت أو رجلاً..!
    كما تجد سندها القانوني في الأحوال الشخصية للمسلمين لعام 1991، الذي تنص المادة 42«1» منه على ما يلي:
    «الأزواج عند شروطهم إلاّ شرطاً أحل حراماً أو حرّم حلالاً، والمادة 42 «3» التي تنص على ما يلي: «لا يعتد بأي شرط ما لم ينص عليه صراحة في عقد الزواج» مقروءة مع المادة «5» التي تنص على العمل بالراجح من المذهب الحنفي في حالة عدم وجود حكم في أي مسألة..!
    كما تجد سندها القضائي ـ والحديث لايزال للبروف عصام البوشي ـ من تطبيق القضاء السوداني لهذه الشروط..!
    إن هذا العقد الميمون بإذن الله ليس عقداً عادياً بالطبع.. ونحن وغيرنا لا نتوقع له من ناحية الإهتمام أو القبول أو التفهم سيراً عادياً، كما أننا لا نشك أنه سيمثل نقلة تاريخية قد تشكّل كل أو بعضاً من ضربة البداية نحو مفهوم ومراسم وقواعد جديدة للزواج عامة وعقود القران خاصة، في زمن تغيّر فيه كل شيء وتم تحديثه وفقاً للشريعة الإسلامية بمفهومها العميق والمتطور، وليس المطوّر، إذ ان الشريعة لا يطوّرها بشر بل مطلوب من البشر أن يطوّروا عقولهم ومفاهيمهم لينعموا بها وبمقدراتها وقدراتها على حل ومعالجة وتنظيم كل نواميس وقواميس حياتهم..!
    إذن مبروك للعروسين.. وللوالدين.. وللجميع..!



    **



    تلاه والد العروس بالميكرفون
    النص الكامل لشروط زواج القرن بمدني
    هذه هي الورقة التي تلاها والد العروس البروفيسور عصام البوشي كقاعدة أو شروط وافق عليها العريس وتم بموجبها الزواج الميمون بمدينة ود مدني عصر يوم الجمعة الماضية «جعله الله زواجاً موفقاً»
    زوجت ابنتي وموكلتي صفاء عصام عبد الرحمن البوشي لموكلك عصام جعفر ميرغني على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى الصداق المسمى بينهما وفقاً للشروط الآتية:
    1ـ أن يفوض حق الطلاق للزوجة وتكون الطلقة التي توقعها بموجب هذا التفويض طلقة بائنة بينونة صغرى.
    2ـ أن لا يتزوج بغيرها طوال قيام الزوجية بينهما.
    3ـ لا يقع الطلاق من اي من الطرفين الا بعد إحالة الخلاف الذي ينشأ بينهما إلى حكمين حكم من أهلها وحكم من أهله، ولا يملك هذان الحكمان حق منعهما من إيقاع الطلاق.

    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=7024&bk=1
    _________________
                  

04-18-2008, 04:38 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    بصحيفة الوطن يوم الخميس 15/11/2007
    =====

    بسم الله الرحمن الرحيم

    التفويض في العصمة حق شرعي وقانوني أصيل



    طالعنا الأستاذ المغربي في صحيفة الوطن السودانية الصادرة بتاريخ ٤/١١/٢٠٠٧بمقال له ، أثار فيه قضية هي من أخطر القضايا الإجتماعية، وهي قضية المراة في الإسلام، على خلفية عقد الزواج المبارك الذي أقامته أسرة البروفسر عصام البوشي لإبنتهم صفاء في ٢/١١/٢٠٠٧ بمدينة ودمدني. وإني، بالإنابة عن أسرة آل البوشي، وأنا صهر لهم، أحيي الأستاذ المغربي وأشكره على تهنته الحارة، والتي أراد أن يؤكد فيها أيضا وشائج القربى التي تربطه بهذه الأسرة الكريمة.
    وقبل البدء في مناقشة الآراء التي وردت بالمقال، لا بد لي من الموافقة على ألا يخرج خط الحوار عن" منطقة النفس البارد"، وهذا من السلوك الرفيع الذي وصف به كاتب المقال نفسه، كما أكد توافقه فيه مع البوشي.. ولن ينال البوشي مدح المغربي له في مجاهرته بآرائه المخالفة للجمهوريين، لأن الجهر بالرأي كان مسلك الشجعان في مدرسة الأستاذ محمود محمد طه، والبوشي قد تميز بذلك بين أقرانه! أما إن أراد المغربي أن يوحي للناس بأن للبوشي آراء جوهرية في أصول الفكرة الجمهورية فذلك غير صحيح! لأن البوشي لم ينشرها لا قولا ولا كتابة ..
    ومن باب رد الحقوق إلى أصحابها، فإن فكرة عقد القران الذي أبرمه البوشي قديمة، وصاحبها هو الأستاذ محمود محمد طه .. ولإحقاق الحق أيضا، فإن الأستاذ عصام البوشي هو أول الناشرين لتلك الفكرة بقلمه! ويومها فقد سمي مشروع ذلك الزواج " خطوة نحو الزواج في الإسلام". ولقد التزم المشروع التزاما تاما بالشريعة السلفية. ولم يسقط ركنا من الأركان ولا شرطا من شروط الصحة المتعارف عليها في عقد الزواج( الولي والمهروالشاهدان)، بل زاد عليها شرطين صحيحين هما التفويض في العصمة وعدم التعدد ..ولم تكن هنالك ضرورة عملية للدعوة الى المساواة التامة أمام القانون بين الرجل والمرأة ، وهما الطرفان الأصيلان في عقد الزواج، لأن هذا القدر الكبير من الكرامة الذي توفره الشريعة السلفية للمرأة كان منسيا وغير معمول به ..
    هذا باختصار شديد ما كان عليه مشروع الزواج الذي دعا الأستاذ محمود محمد طه الشعب السوداني إليه، وطبقه في مجتمعه الصغير، منذ بداية السبعينات من القرن الماضي، لحل أزمة الزواج، بالتخلى عن مظاهر الإسراف والمغالاة في المهور، وتحقيق الكرامة للمرأة العصرية في إطار الشريعة السلفية ..
    واليوم، فإن الأستاذ عصام البوشي، بتطبيقه لهذا العقد الفريد، قد أزال الغبار عن مشروع قديم نسيه الشعب، وتخلى عنه الجمهوريون، بدون تبرير مقبول، منذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي!! وفضل البوشي في هذا العمل هو تقديمه لنموذج الإنسان المثقف الذي يلتزم بتطبيق ما يفكر ويقول! وهو في هذا العمل قد إستغل ذكاءه الفطري وشجاعته في الرأي وأسلوبه العلمي في تمحيص الأشياء وسد الثغرات، فلا غرو أن جاء عمله مؤيدا بالشريعة والقانون والقضاء. وقد ورد في كتاب قانون الأحوال الشخصية لمؤلفه الدكتور إبراهيم أحمد عثمان، قاضي المحكمة العليا، في المادة ٤٢ بصفحة ٢٦ أن:" الأزواج عند شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا". وقد بين الدكتور القاضي إبراهيم في شرحه لهذه المادة، أن القانون قد أخذ بمذهب الأحناف" الذين يجيزون أن تشترط المرأة ألا يسكنها مع أهله، وألا يسافر بها سفرا بعيدا إلا بإذن أهلها، وألا يتزوج عليها". أما في أمر الطلاق فقد جاء في صفحة ٤٦ من نفس الكتاب المذكور أعلاه أن المادة(١٣٢ ) من القانون قد قررت" أن الطلاق يقع من الزوج شخصيا أو من الوكيل أو من الزوجة إن ملكها الزوج أمر نفسها". وذكر في صفحة ٢من نفس الكتاب أيضا أن المادة (٥ من القانون قد نصت على أن" يعمل بالراجح من المذهب الحنفي فيما لا حكم فيه بهذا القانون".
    فإذا كان الأمر بهذا الوضوح في قانون الأحوال الشخصية للمسلمين سنة ١٩٩١م، فلماذا يريد الأستاذ المغربي أن يربك الناس بإستدلاله بأقوال غير معتبرة ومهجورة ومغمورة، وهو قد ذكر في مقاله أن القانون استند على خيارات فقهية معتبرة، وأن البوشي" لم يخرج على قانون الأحوال الشخصية لسنة ١٩٩١م واشترط شروطا على ظهر القسيمة وهي أيضا قانونية"!؟ إن عدم الدقة في تبيين وجهة النظرمن جانب من أوكل إليهم أمر التوعية الإعلامية في بلادنا قد يكون مقصودا لذاته أو مجهولا بواسطة صاحبه! وفي كلتا الحالتين فإن النتيجة واحدة، وهي إختلاط الأمر على الناس، والتخذيل لهم عن التدقيق في صحة ما هو مطروح للنقاش! ولذلك فإني أرى أن الأحرى بالمغربي والذين لا يتفقون مع هذا القانون أن يكونوا أكثر وضوحا في إظهار ما يبطنون من خلاف، مع حق العصمة، وحق عدم التعدد، اللذين أجازهما القانون لأي إمرأة تتفق هي وزوجها عليهما صراحة عند إبرام عقد الزواج! وجلية الأمر أن أيما إمرأة ملكت أمر نفسها برضا زوجها، يحق لها تطليق نفسها متى شاءت كما يحق لزوجها أن يطلقها متى شاء. فهما، وفق القانون، قد صارا متساويين في إستعمال هذا الحق. وليس الأمر"قسمة للعصمة على نصفين"، وهو على الإطلاق ليس " خروجا على الشريعة والقانون"، كما أقر بذلك المغربي!
    وإني لأعجب للمغربي حين يحاول أن يوهم القارئ أن القضية الإجتماعية التي أبرزها البوشي للنور هي حالة خاصة، وهي ليست كذلك كما بينا آنفا! وأعجب له أيضا حين يحاول أن يناقش قضية المرأة من جذورها، بإستدعائه للحجج الواهية والمستهلكة في تبرير عدم المساواة بين الرجل والمرأة أمام القانون، وذكره أن المطالبة بالمساواة"تزييف للقضية وشذوذ فكري عن فطرة البشر التي لا تقسم الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة بسكين مستوية وتعطي هذا ٥٠٪ وذلك ٥٠٪"! ولعمري إن الأمر ليس بهذه الدرجة من التبسيط! فالذي نعرفه عن الفطرة أن الناس سواسية كأسنان المشط! ولا يتفاضلون إلا بالأعمال الصالحة، والمرأة في ذلك حظها مثل حظ الرجل!
    وإني أحب للمغربي أن يعلم أن تبرير قوامة الرجل على المرأة بحجة الحماية لها والإنفاق عليها تحتاج اليوم إلى نظر جديد! فالحماية لهما معا قد أحيلت إلى القانون، ولا مجال لقوة العضلات ولا للسيف! وبالرغم من أن المرأة قد ارتادت مجالات العمل المختلفة، وأصبحت تنفق على أهل بيتها، إلا أن المجتمع الصالح، والذي يتجه أعضاؤه إلى تحقيق العدالة الإجتماعية الشاملة، سوف يعتبرها أكبر المنتجين فيه، لأنها تنتج الإنسان! وسوف يكافؤها ماديا! ولن تحتاج بذلك لإنفاق الرجل عليها! أما تخفيف المسئولية والتكليف في بعض الأمور على المرأة، فهو أمر مرحلي، وتكمن حكمته في قوله تعالى" أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى" حيث يعني ذلك أن الأمر مرتبط بالقدرة العقلية للمرأة، والتي كانت ضعيفة لقلة التجربة، ولكنها تطورت ونمت، بفضل الله، في الزمن حتى وصلت إلى ما نحن عليه في اليوم الحاضر، حيث صرنا ندرك، بما لايدع ثغرة للشك، أنه من غير المعقول أن يكون حاجب المحكمة أكثر مسئولية من المرأة التي تتولى كرسي القضاء!!
    وما المثال الذي أورده المغربي في مقاله عن التفاضل في المسئولية بين الرجل والمرأة إلا مثالا غريبا وضعيفا ولا يفي بالغرض المقصود! ولا أدري من أين جاء بالمسئولية القانونية حين ضرب لنا مثلا بالرجل السباح الذي قال أنه "لم ينقذ الغريق لأنه خاف"، وكيف أن الرجل"لا يقبل قوله ويعد معتدبا أو قاتل خطأ أو شبه عمد"!! أما الجزء الثاني من المثال فهو أيضا ضعيف في منطقه، لأننا لو استبدلنا قول المغربي، من أن المرأة لو لم تنقذ الغريق و" قالت خفت أو استحت من التعري يقبل قولها..!"، بعكس المثال، وقلنا: إن المرأة لو خلعت ملابسها وأنقذت الغريق لما اعتبرت فتنة للرجال، لكان ذلك أيضا صحيحا، شرعا وقانونا! ولعدت هذه المرأة من مشاهير الأبطال!
    وبعد إعترافه بخروجه المطول عن الموضوع، وهو فقه الزواج الذي تبناه ونفذه البوشي، وبعد استغلاله لهذه المناسبة، كعادة أهل الإسلام السياسي، لمهاجمة التقدميين والشيوعيين السابقين، يسفر المغربي أخيرا عن قناعته في موضوع الزواج بقوله:"الذي نعرفه في قضية المرأة العدالة الشاملة الكاملة حسب الأحكام الشرعية الأصلية..!"وفي هذا القول تناقض واضح، إذ أن الأحكام التي يتضمنها القانون لا توصف بأنها أحكام شرعية أصلية أو مزيفة! ولكنها، فقط،، إما أن توصف بأنها أحكام شرعية أو غير شرعية! ويواصل المغربي تقريره لنا بأن الأصل في الزواج هو"رضا الزوج والزوجة وإذن الولي.. وعلى الزوج المهر والنفقة والسكنى والعصمة بيده كاملة"! غير أنه يتجاهل الحديث عن موضوع التعدد، والذي لم يرد ذكره في مقاله البتة!!
    إن محاولة المغربي إيهام الناس بأن هنالك عقدا قديما أصيلا وآخر إستثنائيا لا تجد لها أي سند في قانون الأحوال الشخصية لسنة ١٩٩١م! وإنما حقيقة الأمر أن القانون يتضمن أحكاما شرعية من بينها ما يبيح للمرأة أن تشترط على زوجها، عند عقد الزواج، ألا يعدد عليها، وأن يملكها أمر نفسها في الطلاق .. فإن تم العقد وفق الشروط المذكورة آنفا، فهو صحيح وأصيل، وإن تم بغيرها، لأن الزوجة لم تطالب بها، فهو أيضا صحيح وأصيل!!
    إن ما أنجزه البوشي طفرة إجتماعية في بلادنا، وهو حدث فريد سيخلد به في التاريخ كرائد من من رواد التغيير والتنوير والتوعية! وهو فتح جديد للمرأة السودانية في نضالها من أجل إسترداد حقوقها القانونية وكرامتها كإنسان! ويجب على المرأة السودانية أن تعلم أن حقها في الطلاق حق قانوني بموجب قانون الأحوال الشخصية ١٩٩١م، وهو حق شرعي بموجب مذهب الأحناف الذين ذهبوا إلى أن للزوجة أن تشترط أثناء عقد الزواج أن تكون عصمتها بيدها .. كما يجب أن تعلم أن حقها في عدم الزواج عليها هو أيضا حق قانوني بموجب القانون السابق ذكره، وحق شرعي ليس فيه خروج على الدين، لأن التعدد مشروط بإقامة العدل، وهذا ممتنع! كما أخبر سبحانه وتعالى" ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم"، وقال تعالى" فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة" ..

    د. معتصم عبدالله محمود
                  

04-18-2008, 05:05 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    Quote: الجمهوريين


    قوي واضحة ونشاط لا يخفي علي كل زائر لصفحات سودانيز اونلاين حتي ذهب غلاة خبثاء المدن باتهام المنبر بانه واجهة لهم
    وتكامل في شكل الظهور والحضور الدائم في صراعتهم اليومية مع ملاحظة التخصصية في قضايا
    1-الفكرة الجمهورية
    2-الصراع مع التيار السلفي
    3-فضح حقائق اعدام الشهيد محمود محمد طه
    4-الراي من من سلطة الانقاذ
    5-تاريخ الحزب
    6-قضايا الدين
    ولاحمائم تذكر فالجميع صقور وحماس عالي للنقاش واجتهاد خلاق وضعوا به فكرتهم في ارشيف المنبر بكثافة
    ولكن تلاحظ الاتي...
    1-المادة المقدمة من قبلهم تعج بالاستطالة في حجم المداخلات وهذه جزئية مهمة تعيق الصبر علي الاطلاع في
    هذه المنبر المتلاحق الاحداث
    2-ندرة الراي في العراك السياسي المعاصر(نيفاشا-قضايا الانتخابات-دارفور وقضايا الهامش)
    3-رغم وجود تحالفات غير مرئية في قضايا الحريات والعنصرية الا التيار الجمهوري في اغلب صراعاته
    يعمل ككتلة منفصلة فارزة عيشتها براااه كده..

    صراع التيارات في سودانيز اونلاين..!!!
                  

04-18-2008, 02:48 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    في ذكرى استشهاده رقم (23)
    العلاقة بين الأستاذ محمود محمد طه والبروفسور عبدالله الطيب
    أنا في الحقيقة أعرف لعبدالله الطيب من المواهب ما أضن به على الأدب وأرى أن مكانه الطبيعي هو الدين وليس الأدب .

    محمد محمد الأمين عبدالرازق
    الفن هو وسيلة للتعبير عن ملكة التعبير ، وملكة التعبير في الإنسان هي الحياة.. وبدرجة أعمق فإن الفن هو تعبير الطاقة الحياتية عن نفسها من خلال مصافي العقول المرتاضة ، الصافية القوية الإدراك ، وهو تعبير عن حياة الفكر وعن حياة الشعور في آن معاً . . هذا هو تعريف الأستاذ محمود للفن من كتابه "الإسلام والفنون" .. وقد لعبت الفنون دوراً أساسياً في التوثيق للأحداث التاريخية التي مرِّ بها المجتمع البشري ، فمن الرسم الفني الذي عثر عليه على جدران المعابد والآثار القديمة ، اهتدى المؤرخون إلى دراسة وتدوين معلومات قيمة عن تلك الحقب والظروف التي عاشت فيها المجموعات البشرية .. كما أن آثار الحيوانات المتحللة التي وجدت في الحفريات الجيولوجية تركت رسومات فنية دقيقة لتلك الحيوانات ، وأعطت فكرة متكاملة عن حركة تطور الكائنات الحية عبر ملايين السنين .
    الشعر كضرب من الفنون أسهم بفعالية في الدراسات الاجتماعية ، والشعر الموزون المقفى عند العرب ، سجل الكثير من الحروب والصراعات القبلية ، وذلك لكونه أسهل في الحفظ كما أنه قابل للحن والغناء .. وفي هذا الإطار، تبرز في عصرنا الحالي القصيدة الشهيرة التي نظمها البروفسور عبدالله الطيب في رثاء شهيد الفكر العارف بالله محمود محمد طه .. هذه القصيدة تعتبر من أروع القصائد التوثيقية وذلك لأنها جمعت بين جمال الشكل ودقة المحتوى بصورة لا مبالغة فيها ولا رياء ، فقد رصد فيها الشاعر حياة الرجل من جميع النواحي ، شخصيته ، سلوكه ، مواقفه وأفكاره ومن ثم سجل لحظات اغتياله بترتيب سيجعل من شعره أقوى مصدر للتاريخ في المستقبل . . أعان الشاعر على التجويد الانضباط المذهل في شخصية المحتفى به والعظمة التي تتجلى فيه من أي النواحي أتيته . . لقد تابع الشاعر حياة الأستاذ محمود منذ تاريخ تكوين الحزب الجمهوري في أكتوبر 1945م . ثم أخذ يسجل مسيرة كفاحه ضد الاستعمار ، ثم دعوته الإسلامية وشجاعته في إبداء الرأي والجهر به مهما كانت النتائج ، فإمتدت القصيدة نتيجة لثراء المسيرة حتى بلغت ستة وثمانين بيتاً ، وسأتابع مع نماذج شعرية فيما يلي هذا الإبداع الفني الأصيل .
    عندما سجن الأستاذ محمود في يونيو 1946م لإصداره منشوراً ضد الإنجليز ، فإنه لم يستكن داخل السجن وإنما رفض القيام للضباط الإنجليز والمصريين ثم عصى أوامرهم في وضح النهار ، وكانت حجته أنه سياسي وليس مجرما ويجب على الحكومة أن تعامله معاملة السجين السياسي . . ونتيجة للإصرار على المبدأ اضطر الإنجليز إلى إطلاق سراحه حتى لا تسري هذه الروح في بقية المساجين ، وقال الحاكم العام عبارته المشهورة :
    "We are not going to make a hero out of M. M. Taha" وترجمتها : "لا نريد أن نخلق بطلاً من محمود محمد طه" . استهل الشاعر قصيدته بالحديث عن شخصية الأستاذ محمود ومواقفه في عصر الاستعمار فقال :-
    قد شجاني مصابه محمود مارق قيل وهو عندي شهيد
    وطني مجاهد وأديب منشىء في بيانه تجويد
    وخطيب مؤثر ولديه سرعة الرد والذكاء الفريد
    وجرئ وشخصه جذاب ولدى الجد فالشجاع النجيد
    ذاق سجن المستعمرين قديماً ومضت في الكفاح منه العقود
    سيق للقتل وهو شيخ أخو ست وسبعين أو عليها يزيد
    لم يراعوا فيه القوانين ظلماً فهو قتل عمد وجرم أكيد
    أي شيء جناه حتى يرى الإعدام فيه هو الجزاء الوحيد
    لم يجرد سيفاً وأصدر منشوراً وهذا أسلوبه المعهود
    وهو نهج من النضال حضاري بأمثاله السراة تسود
    إن البروفسور عبدالله الطيب من أعرق بقع التصوف وأبرك بيوت الدين " بيت المجاذيب" ، وهو العارف بتفسير القرآن ، وبالسيرة النبوية ، وبالتراث الإسلامي وبلغة القرآن والبلاغة النبوية . . وهو الذي بسط تفسير القرآن للأمة السودانية بلغة كلامها حتى دخل كل بيت وكل قلب بتلك الحلقات التي ظلت تذاع وتعاد منذ بداية الستينات إلى يومنا هذا . . ولما كان فكر الأستاذ محمود ضارب بجذوره في أرض التصوف ، وحياته تجسيداً وتتويجاً للتصوف ، زهداً ورضا بالله وعلماً بدقائق القرآن ، فقد أحدث اغتياله تفاعلاً عميقاً في نفس الشاعر لوحدة الأديم وصفاء المنبت .. لقد فرغ الشاعر من نظم هذه القصيدة يوم 2/3/1985م ، وألقاها الأستاذ محمد إبراهيم خليل مساء 26/3/1985م بالكويت .
    أدعياء الدين :
    بعد أن وضح الشاعر في الأبيات السابقة صفات شخصية الأستاذ محمود ومواقفه ، عرج على أدعياء الدين الذين يزينون للسلطان كل أعماله في سبيل الكسب الرخيص، فهم علماء آخر الزمان الذين وصفهم النبي الكريم في الحديث : " يكون في آخر الزمان علماء يزهدون الناس في الدنيا ولا يزهدون ، ويخوفون الناس ولا يخافون ، وينهون عن غشيان الولاة ولا ينتهون ، ويؤثرون الدنيا على الآخرة ، ويأكلون الدنيا بالدين " .. لقد كشف هؤلاء المتآمرين عن أنفسهم بالوثائق التي ضبطت معهم والتي كتبوها بأيديهم ، ولذلك فقد أسماهم شاعرنا "زعانف في الضوء تتوارى وفي الظلام ترود" .. الأبيات الآتية تشير إلي صفات علماء السوء وأدعياء التصوف الذين اشتركوا في جريمة العصر الحديث مع (صعلوك القوم) الطاغية :-
    رب إنا إليك نجأر بالشكوى أغث يالطيف أنت الودود
    حكمتنا وقلدت أمرنا صعلوك قوم فغره التقليد
    طبقات من الزعانف في الضوء تتوارى وفي الظلام تزود
    دأبها المين والخيانة والغدر وليس غير الفساد تجيد
    يصدر الأمر كي يوقعه جلد ثخين عنها وحس بليد
    ويد كزة ووجه بلا ماء حياء وخبث نفس عتيد
    ليس يبغي إلا البقاء ولا يحفل والشعب جائع مكدود
    ينقض اليوم كل ما قاله أمس وفيه غداً بنقضٍ يعود
    فأنزع الملك فيه رب لك الملك ذو العرش أنت المجيد
    وأذقه كأساً بها قد سقى قوماً ولا ينج الفاسق الرعديد
    وقد وفق الشاعر وصدق عندما وصفهم بثخانة الجلد وبلادة الحس وعدم الانسانية ، "يصدر الأمر كي يوقعه جلد ثخين عنها وحس بليد" ثم قلة الحياء وخبث النفس "ويد كزة ووجه بلا ماء حياء وخبث نفس عتيد" .
    ماهية الأدب :
    في إحدى ليالي الندوة الأدبية بأمدرمان التي يديرها الأستاذ عبدالله حامد الأمين طرح الأستاذ محمود سؤالاً : هل يوصل الأدب إلى الحقيقة ؟ وأثير نقاش حول السؤال وكان رأي الأستاذ محمود أن الأدب وسيلة منبتة لأنه لا يعرف قوانين الحياة ولذلك لا يمكن من معرفة الحقيقة وإنما يقدم متعة ذهنية . . فانتقل الحوار إلى صفحات الصحف ، وكتب د. عبدالله الطيب مدافعاً عن الأدب ، ثم عقب الأستاذ محمود وقال : " ان كلام عبدالله الطيب ليس حجة على الأدب ولذلك سوف أبين قصور الأدب من طبيعته " . . فثار بعض الكتاب وقالوا إن حديث الأستاذ محمود هذا فيه انتقاص من قيمة عبدالله الطيب ، وهو ذو باع في الأدب والمعرفة لا يختلف عليه اثنان . . فرد الأستاذ محمود :" قصدت أن أبين قصور الأدب من طبيعته لأنها أعم ولم أقصد التقليل من كلام د. عبدالله بأي حال . . وأنا في الحقيقة أعرف لعبدالله من المواهب ما أضن به على الأدب وأرى أن مكانه الطبيعي هو الدين وليس الأدب . . وفيما بعد ذكر د. عبدالله الطيب أن عبارات الأستاذ محمود هذه كان لها وقع في نفسه دفعه نحو تفسير القرآن الكريم الذي نستمع اليه من خلال الاذاعة السودانية . .
    التفاصيل الكاملة لرأي الأستاذ محمود في موضوع الأدب نطالعها في الكلمة التالية التي نشرتها جريدة صوت السودان عام 1954م في رد على الأستاذ ميخائيل نعيمة :-
    "استرعى انتباهي حديث طريف معزو إلى الأديب ميخائيل نعيمة عالج فيه ماهية الأدب ومهمته . . أما ماهية الأدب عنده فهو المحيط الذي تصب فيه ، وتلتقي عنده ، جميع المعارف البشرية : العلم والدين والفلسفة ... الخ ، أما مهمة الأدب فهي : " التعبير عن الإنسان ، وكل حاجياته وحالاته تعبيراً جيداً ، صادقاً من شأنه أن يساعد الإنسان على تفهم نفسه وتفهم الغاية من وجوده ، وأن يمهد له الطريق إلى نهايته" . . . انتهى ، والحقيقة إن في هذا خلطاً سببه أمران : التعصب للأدب "شأن كل ذي مهنة لمهنته" وسطحية التفكير . . إذ أن الأدب في حقيقته لا يبلغ هذه المبلغ ، وإن كان يتجه إليه . . فالمسعاة الإنسانية كلها . . في المعارف والعلوم تتجه إلى الاستزادة من الحياة لتحقيق حياة الفكر وحياة الشعور . . فالمعارف وسائل ، والحياة الخصبة المحيطة - حياة الفكر الحر والشعور المتيقظ – هي الغاية . . والأدب ليس خير الوسائل إلى تحقيق هذه الحياة ، بل هو لا يمكن أن يفضي إليها على الإطلاق ، لأسباب !! منها : الأدب لا يقدم أسلوباً للحياة ، وإنما يقدم متاعاً للفكر بما يرصد من تجارب الأديب المنتج . . ومنها أن الأدب لا يعرف قوانين الحياة ولا يتسع للتعبير عنها ، حتى يستطيع أن يرشد إلى أسباب الإستزادة منها ، ذلك بأن حياة الفكر ، وحياة الشعور لا تحقق إلا بالحياة ، وفق قوانين الحياة . . فالوسيلة التي تفضي إليها يجب أن تقدم من أول وهلة ، أسلوباً للحياة وأسلوبا للفكر ، وفق قوانين الحياة العليا ، حتى يستطيع الحي بإتباع تلك الأساليب ، أن يترقى من الحياة الدنيا إلى الحياة العليا – حياة الفكر و حياة الشعور . . وأنت لا تجد وسيلة من وسائل المعارف البشرية غير الدين – الدين بوجه عام – والدين الإسلامي بوجه خاص ، تقوم هذه المقام .. ذلك بأن أكبر عائق في سبيل تحقيق الحياة العليا – حياة الفكر وحياة الشعور – إنما هو الخوف . . ولا تتجه وسيلة إلى تحرير الفرد من الخوف اتجاها مليئاً بالنجاح غير وسيلة الدين . . فإذا أخبرنا أديب بان الدين بمثابة "جدول أو نهر" يصب في محيط الأدب ، لم يكن ذلك الأديب - عندنا - إلا متعصباً للأدب ، سطحي التفكير .
    ويجب التنبيه إلى أن الشبه شديد بين الوسائل الإنسانية إلى تحقيق الحياة العليا التي هي وحدها الغاية من السعي البشري في هذا الكوكب ، ولذلك صعب التمييز ، وكثر الخلط . . ولهذا اهتم القرآن اهتماماً بالغاً أن ينفي من الآخلاد أنه شعر أو أن محمداً شاعراً ، كما توهم المتوهمون . . " إنتهى الرد" .
    القومية العربية :
    القومية العربية وصلت قمتها في مصر على عهد جمال عبدالناصر وهي دعوة عنصرية ، لأن العرب لم يكن لهم وزن في التاريخ كعرب وإنما أتاهم الوزن والقيمة من الإسلام وليس من العنصر – العروبة . . وقد سيطرت فكرتها وملأت الساحة وجازت على الكثير من المثقفين . . وقد وقف الأستاذ محمود ضدها بشدة ، وأقام المحاضرات والندوات لتسليط الضوء عليها وتفنيد دعاويها . . الدكتور عبدالله الطيب كان يقف نفس الموقف ، والعلاقة بينه وبين الأستاذ محمود كانت موصولة . . وكان يستأنس برأي الأستاذ في المقالات التي يكتبها آنذاك ، وفي ذات مرة أتى لمكتب الأستاذ محمود بعمارة أبنعوف في السوق العربي ليقرأ عليه أحد المقالات ولم يجد الأستاذ بالمكتب ، وأخبره الجمهوريون الموجودون أن الأستاذ لا يحضر يوم الجمعة ويمكن أن يذهب إليه بالمنزل . . يقول الأخ عبداللطيف عمر نحن كنا صغار في السن وهيئتنا وشكلنا لا يدل على أننا ناس فاهمين ، يعني من الذين لا يؤبه بهم ، رغم ذلك فقد قرأ علينا الدكتور مقاله وأذكر عنوانه إلى الآن : "لست مع العرب ولا الإنجليز ولكني مع الإسلام والسودان" . هذه الظاهرة تدل على أن الدكتور كان متواضعاً ويحترم الآخرين ويعطيهم قيمتهم . ونسبة للتشويه الذي يثيره المعارضون ضد الأستاذ محمود ، فقد عاب بعض الكتاب على الدكتور عبدالله أن يقف مع الأستاذ في موقف واحد ولم يكن يجاهر بهذا الموقف المناوئ للقومية العربية غير الأستاذ محمود . . فرد الدكتور عليهم بالاتي : "يسرني أن يقرن اسمي باسم الأستاذ محمود واذا كان هناك بعث إسلامي في السودان فلن يتم إلا على يد الأستاذ محمود محمد طه" . وعندما نطالع القصيدة نجد أن الدكتور أشار إلى هذه الحوارات في الأبيات التالية :
    قتلته الأفكار في بلد الجهل الذي سيطرت عليه القيود
    واثقا كان في الخصومة بالفكر لو أن الفكر وحده المنشود
    سبق الناس في السياسة رأياً حين فيها تفكيرهم محدود
    وقد احتج وحده حين لم يلف عن البرلمان صوت يزود
    نحن قوم نعيش في العالم الثلث وهو المعذب المنكود
    قتلتنا حضارة الغرب لا الرفض انتفعنا به ولا التقليد
    واحتوتنا عماية من صراع دائم للقوي به تبديد
    الفكرة الجمهورية :
    ترى الفكرة أن حرية الفكر والرأي عتيدة في الإسلام استنادا على الآيات المكية والسنة النبوية مثل " لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" . . وقد كان الأستاذ محمود يبدأ حديثه بتأكيد أن الإسلام غائب عن حياة الناس ، ونحن في جاهلية ، ولكنها أرفع من جاهلية القرن السابع بكثير . . والسنة هي الكفيلة بتقديم الحلول لمجتمع اليوم وليس الشريعة ، إذ أن الشريعة هي طرف الدين الذي لامس مجتمع القرن السابع وقدم له الحلول عبر الآيات المدنية . . وعندما صدرت قوانين سبتمبر 1983م قال الأستاذ أمام المحكمة :" أنا أعلنت رأيي مراراً في قوانين سبتمبر 83 من أنها مخالفة للشريعة وللإسلام ، أكثر من ذلك فإنها شوهت الشريعة وشوهت الإسلام ونفرت عنه يضاف الى ذلك أنها وضعت وأستغلت لارهاب الشعب وسوقه الى الاستكانة عن طريق اذلاله ثم انها هددت وحدة البلاد" ولم يترك البروفسور هذا الجانب فقد صاغه في قصيدته معبراً عن اتفاقه مع الفكر الجمهوري في هذه الآراء ، والأبيات التالية توضح ذلك :
    قد أسأنا إلى الشريعة والإسلام ما هكذا تقام الحدود
    ما كذا سنة النبي ولا الوحي الذي أنزل الحكيم الحميد
    سنة المصطفى هي اللين ، هذى غلظة بل فظاظة بل جمود
    وسطور الآيات قالت عليكم أنفساً لا يضركم من يحيد
    وتلون فيهن آية (لا إكراه في الدين) بئس عنها الصدود
    ان عندي حرية الرأي أمر يقتضيه الإيمان والتوحيد
    صاح هل نحن مسلمون؟ أرى الإسلام فينا كأنه مفقود
    وكأن صار مظهر الدين لا المخبر فينا فاعلم هو المقصود
    فشت الآن برجوازية في الدين من قبل علقتها اليهود
    وتفان على الحطام كأن الدين أركانه الشداد النقود
    لعل القارئ الكريم بذكائه قد لاحظ أن الشاعر استعمل كلمة (عندي) في مواضع محددة كقوله (مارق قيل وهو عندي شهيد) أو (إن حرية الرأي عندي أمر يقتضيه الإيمان والتوحيد) ،فمن المؤكد أنه أراد أن يحسم أن هذه أفكاره وقناعاته الشخصية، وأن منطلقه في شعره ليس اندفاعا عاطفيا وحسب.. وعندما احتج لديه المعارضون: كيف تقول أن محمودا شهيد؟ رد عليهم: أنا قلت (عندي شهيد) ولم أقل (عندكم أنتم) ..
    توثيق الأحداث :
    الأحداث التي تمت في سجن كوبر في 18 يناير 1985م تابعها البروفسور بدقة عجيبة . . ويستطيع الإنسان أن يصف تلك الأحداث مباشرة من القصيدة من غير إضافة أو حذف . . أنظر إلى هذه الأبيات :
    أخرجوه لحتفه ويداه خلفه وهو موثوق مشدود
    جعلوه يرقى الدرج الصاعد نحو الهلاك خطو وئيد
    كشفوا وجهه ليعرف أن هذا هو الشخص عينه محمود
    قرئ الحكم ثم صاح به القاضي ألا مثله أقتلوا وأبيدوا
    كبر الحاضرون للحد مثل العيد إذ جمعهم له حشود
    وأراهم من ثغره بسمة الساخر والحبل فوقه ممدود
    وعلى وجهه صفاء وإشراق أمام الردى وديع جليد
    واذا بالقضاء حُمَّ وهذا جسمه طاح في الهواء بعيد
    ثم جاء الطبيب يعلن بعد الجس أن مات ما لحي خلود
    ثم طارت طيارة تحمل الجثة لم يُدرَ أيَّ فج تريد
    يا لها وصمة على جبهة القطر ستبقى وعارها لا يبيد
    قتلوا الفكر يوم مقتله فالفكر فيه ميت البلاد الفقيد

    إن بسمة الأستاذ كانت فرحاً بالله ولم تكن سخرية كما ذكر الشاعر ، وهذه نقطة نود تصحيحها إذ أن شخصاً بهذه القامة لا يمكن أن يفوت عليه التوجيه القرآني " لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم . ." وكون الفرح بالله عند الموت هو النتيجة التي يقود إليها التوحيد وارد في التحدي الذي كثيراً ما يسوقه القرآن : " فتمنوا الموت إن كنتم صادقين" كما في الآية "يأيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين" أما تمني الموت الناتج عن المشاكل التي تواجهنا ونفشل في حلها حتى يتداعى بنا اليأس إلى تمني الموت فإنه ممنوع شرعاً بنص الحديث الشريف : " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به ، فإن كان لا محالة فاعل فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خير لي ، وأمتني ما كان الممات خير لي" والقيمة السلوكية في دفع الإنسان نحو التسليم لله ظاهرة في الحديث . ولمزيد من التفصيل في أمر الموت في الإسلام نقدم الفقرة التالية :
    الموت كما يراه الإٍسلام :
    جاء في كتاب "القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري" للأستاذ محمود محمد طه وتحت عنوان (لا إله إلا الله) حوار حول الموت في الجزئية الآتية : " وأول الدلائل على أن الدكتور مصطفى لم يرح رائحة اليقين قوله من صفحة 240 : ( لا إله إلا الله إذن لا معبود إلا الله . . ولن يعبد بعضنا بعضا . . ولن يتخذ بعضنا بعضا أربابا ولن نقتتل على شيء وقد أدركنا أنه لا شيء هناك . . ولن يأخذنا الغرور وقد أدركنا أننا خيالات ظل تموج على صفحة الماء ولن نفرح بثراء ولن نحزن لفقر ولن نتردد أمام تضحية . . ولن نجزع أمام مصيبة ، فقد أدركنا أن كل هذه حالات عابرة وسوف تلهمنا هذه الحقيقة أن نصبر على أشد الآلام . . فهي آلام زائلة شأنها شأن المسرات . . لن نخاف الموت وكيف يخاف ميت من الموت ؟ انتهى حديث الدكتور مصطفى . . وأنت حيث تقرأه يخيل إليك أنه يمكنك تحصيل هذا الإدراك في جلسة واحدة أو في أيام قلائل بعدها تملك الصبر على (أشد الآلام) وما هو هذا الإدراك ؟ هو إدراكنا (اننا خيالات ظل تموج على صفحة الماء) وهل نحن حقاً خيالات ظل ؟ أم نحن خلائف الله في الأرض ؟ (ولن نخاف الموت) يقول الدكتور ثم يردف : (وكيف يخاف ميت من الموت ؟) فهل رأيت كيف يرى الدكتور انتصارنا على الخوف من الموت ؟ هو يراه في اليأس من الحياة ، وفي اليأس من القدرة على الفرار من الموت . . (وكيف يخاف ميت من الموت؟) والحق غير ذلك فإن انتصارنا على الخوف من الموت إنما يجيء من إطلاعنا على حقيقة الموت ، ومن استيقاننا أن الموت في الحقيقة إنما هو ميلاد في حيز جديد تكون فيه حياتنا أكمل وأتم ، وذلك لقربنا من ربنا . . وبالموت تكون فرحتنا ، حين نعلم أن به نهاية كربنا وشرنا وألمنا . . قال تعالى عنه : (لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) وإنما بالبصر الحديد ترى المشاكل بوضوح ، وتواجه بتصميم . . وعندما اشتدت بالنبي غصة الاحتضار وقالت السيدة فاطمة البتول "وا كرباه لكربك يا أبي" أجابها المعصوم : "لا كرب على أبيك بعد اليوم" وقد سمي الله تبارك وتعالى الموت "اليقين" فقال :" وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين" ، "واليقين" أيضاً العلم الذي لا يكاد يكون فيه شك ، والذي به تنكشف الحقائق المستورة وراء الظواهر . . وإنما سمي الموت "اليقين" لأن به اليقين ، ولأن به يتم اليقين الذي يكون قد بدأ هنا عند العارفين ، وإنما يكون بدؤه بالموت المعنوي الذي هو نتيجة العبادة المجودة . . وعن هذا الموت المعنوي قال المعصوم : " موتوا قبل أن تموتوا" وقال عن أبي بكر الصديق : " من سره أن ينظر إلى ميت يمشي في الناس فلينظر إلى أبي بكر " هذا هو اليقين الذي بإطلاعنا عليه لا نتحرر من خوف الموت فحسب وإنما به قد يكون الموت أحب غائب إلينا . . وما هو الإدراك الذي به توصل الدكتور إلى مثل هذا القول الذي قاله (وكيف يخاف ميت من الموت؟) إنه من غير شك الإدراك الذي تعطيه العقول لحقيقة الموت – الإدراك الذي يعطيه النظر – هو إدراك قاصر ومخيف . . فإن الموت كما يعطيه النظر العقلي هو عند أكثر الناس نهاية ، به تتقطع الحياة وتسكن الحركة ويتصلب البدن ، ويعود إلى "تحلل" "ونتن" ويستحيل إلى تراب . . ألم يقل الدكتور نفسه في صفحة 237 (أين كل هذا؟ تحت الردم؟ . . انتهى . . أصبح تراباً كان حلماً في مخيلة الزمان وغداً نصبح ، أنا وأنت تحت الردم) إن هذا هو الموت كما يعطيه نظر العقول غير المرتاضة ، ولكن الموت كما تعطيه حقائق القلوب السليمة والعقول الصافية فهو شىء يختلف اختلافا كبيراً ولا عبرة بالعقول غير المرتاضة بأدب القرآن ، فإن علمها ليس بعلم لأنه يقف عند الظاهر ، ولا يتعداه إلى بواطن الأمور . . وقد قال تعالى في ذلك . . (وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون . . يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون) وهم لا يعلمون اللباب وإنما يعلمون القشور (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا) ولا يكون بعلم القشور تحرير من الخوف . . هذا هو مبلغ علم الدكتور ، وهو به يظن أنه (لن يخاف الموت) ويقول في ما يشبه البداهة (وكيف يخاف ميت من الموت؟) ألا ترى أنك قد هونت صعباً ، وأرخصت عزيزاً ؟ إني لأرجو أن تحدث مراجعة لأمرك هذا . . "انتهى" .
    نسأل الله أن يرحم البروفيسور عبدالله الطيب ويغفر له ويدخله فسيح جناته مع الصديقين والشهداء ، كما نسأله لنا جميعاً الصبر وحسن العزاء .
    محمد محمد الأمين عبدالرازق
                  

04-18-2008, 02:49 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    في ذكرى زعيم الفكر الجمهوري ، الدعوة للحوار بدل التكفير
    اليوم نحتفل برجولة الرجال وعزة الأحرار وصمود أصحاب الأفكار.
    الشيخ العبيد ود بدر: من علم بما فى السطور وجهل مافى الصدور خفيت عليه جميع الامور
    بقلم د.محمد محمد الامين عبدالرازق
    [email protected]

    لقد درج علماء السطور على الزج باسم الاستاذ محمود محمد طه فى كل بيان كتبوه او فتوى اصدروها حول د.الترابى وآرائه التى اطلقها مؤخرا.. وهم يهدفون الى تضليل الرأى العام باشاعة ان ما تم فى محاكمة الاستاذ محمود حكم بالردة لإبعاد الشباب عن أفكاره، ولكن هذا الإسلوب المتخلف لن يحقق لهم النتيجة التي يبغونها، وذلك لأن كل الشعب السودانى يعلم ان الردة لم تكن مادة فى القانون الجنائى عندما قامت المحاكمة, كما هى اليوم فى قانون 1991م الذى اصدره الترابى..، ويعلم أيضاً أن المحاكمة عُقدت لتصفية الأستاذ محمود جسدياً لمجرد مخالفته لسلطة نميري فكرياً.. فالمعركة التى ادت الى اغتيال الاستاذ محمود انما هى معركة بينه هو ونميرى,والحكم ابتداءً صدر من محكمة الموضوع على قانون امن الدولة, ثم زجت محكمة الاستئناف بحكم محكمة الردة 1968م فيما بعد, لتضيف تهمة جديدة لم توجه اصلاً للمتهمين فى محكمة الموضوع.. هذا وقد ابطلت المحكمة العليا عام 1986م جميع قرارات محاكم مايو واثبتت انها محاكمة سياسية لا علاقة لها بالقانون.. وقد كونت لجنة للتحقيق مع الذين اشتركوا فى هذه الجريمة من القضاة وغيرهم إلا ان السيد الصادق المهدى رئيس الوزراء حينها اوقف عمل اللجنة .. المعركة كما اسلفنا كانت بين الاستاذ محمود ونميرى, المبادر فيها بالهجوم الفكري الاستاذ محمود وليس نميرى.. وكان هدفه تخليص الشعب من حاكم طاغية فقد كل مقومات بقائه, فانشأ المحاكم باسم الاسلام ليرهب بها الناس ليستمر فى الحكم, وقد دفع الاستاذ بنفسه فداءً للشعب، وهو علي علم تام بكل النتائج التي ستترتب على هذه المواجهة فهؤلاء العلماء من رجال الدين لا فى العير ولا فى النفير, وهم فى كل معارضتهم للفكرة الجمهورية خلال وجود مؤسسها, كانت الهزيمة النكراء تحل بهم, والخزى يلاحقهم, ولم يحققوا نصراً قط, بل ان المحكمة التى اقاموها عام 1968م هى التى حفزت الشباب للإنضمام للحزب الجمهورى بصورة لم يسبق لها مثيل..
    الاستاذ محمود صاحب حقيقة وشريعة، وهو محقق للتوحيد وعارف بالله, فهو من حيث الحقيقة كان على علم بمسيرة مايو من بدايتها الى نهايتها(راجع صحيفة الوفاق 1/5/2006).. ويمكن توضيح معانى الحقيقة والشريعة من الحوار الذى جرى بين العبد الصالح وموسى عليه السلام فى سورة الكهف (فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما).. العلم اللدنى هو علم الحقيقة, ولما كان موسى عليه السلام صاحب شريعة, فقد صعب عليه ان يوافق على افعال العبد الصالح.. فعندما خرق السفينة مثلاً قال موسى( أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً إمرا قال الم اقل انك لن تستطيع معى صبرا) وفيما بعد فسر العبد الصالح لماذا خرق السفينة؟(أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا )(وما فعلته عن أمري ذلك تأويل مالم تسطع عليه صبرا ) ثم تدرج موسى في التطور الروحي إلى أن أصبح فيما بعد صاحب حقيقة وشريعة وقد انفلق أمامه البحر فدخل فيه لعلمه بالحقيقة أو لأنه صاحب حقيقة وشريعه وأغرق فرعون لجهله بالحقيقة، وإعتماده على الظاهر فقط..
    لقد دخل الإسلام السودان عن طريق الصوفية, ولم يدخله بالجهاد, ولذلك فإن السودانيين يفهمون الأسرار الإلهية(الحقيقة), ويستشِفون معانيها من اشراقات السادة الصوفية الذين أحييوا السنة النبوية فى أنفسهم, فهم قد اقنعوا الناس بالنموذج الفردى فى الزهد فى السلطة والمال، الناتج من علمهم برب السلطة والمال علم حقيقه، ولذلك فقد وجهوا الناسَ نحو التطبيق العملى لطريق محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ليقودهم إلي تحقيق التوحيد، وكل علمٍ ليس للعمل يعتبر عندهم علم شيطنة لا فائدة فيه..جاء فى الحديث: (من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم).. هذا وقد قال الشيخ العبيد ود بدر وهو علم من أعلام الصوفية فى السودانمن علم بما فى السطور وجهل ما فى الصدور خفيت عليه جميع الأمور)وهو يشير الى الآية الكريمة(بل هو آياتٌ بيناتٌ فى صدور الذين أوتوا العلم ).. والإشارة الى الحقيقة وعلم التوحيد وردت كثيرا فى المدائح النبوية, ففى قصيدة (سمح الوصوفو يارب نشوفو.. حرمو اب سروفو نعقب نطوفو ) التى يتابع فيها حاج الماحى الحروف العربية, يقول عند حرف الباء: (بالباء بهلَو الأسرار فى جوفو) يعنى تحقق بعلم الحقيقة.. هذا وقد تعلم الناس من هؤلاء الشيوخ كف الأذى وتحمل الغافلين وإكرام المرأة وقبول الرأى الآخر وإحترامه.. فإذا جاء رجال الدين حملة الشهادات الأكاديمية، أو الذين تتلمذوا عليهم, ليقرروا لنا فى أمور ديننا، ويستدرجوننا بافكارهم الشيطانية لأن نزهق ارواح بعضنا البعض بالفتاوى التكفيرية، فهم خاسرون في الدنيا والآخره، وسترد بضاعتهم اليهم كما قرر الحديث الشريفمن قال لأخيه كافر باء بها أحدهما) وحسابهم على الله. ورئيس الجمهورية قد وفق بحمد الله فى انجاز اتفاقية السلام التى تستند على الأصول الثوابت من القرآن والسنة, فى اقرار حق المواطنة للجميع واثبات مبادئ الحريات.. فهو الآن يقف فى الإتجاه المعاكس تماما لنميرى, وهو غير محتاج لهؤلاء الأدعياء لا فى الفتاوى ولا فى التأصيل.. ونحن بهذا نطالب السيد الرئيس بحل مجمع الفقه الإسلامى وإقصائه عن رئاسة الجمهورية حتى لا يحدث فتنة تعود بالبلاد الى عهد الحروب، وهذا الطلب في غاية الموضوعية وليس فيه أي مبالغة.. وعلى كل حال، فإن هذا المجمع غير ملتزم بأبسط التوجيهات القرآنية،فهو قد إحتال على الربا الصريح بإحجامه عن التحديد فى الفتوى التى طلبت منه وترك الامر للجهاز التنفيذى.. والربا مغلظ الحرمة بصورة لامثيل لها فى التحريم, قال تعالىالذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس).. والضرورة شرعا لا تتحقق إلا حيث يخشى الإنسان الهلاك على نفسه، وهى محددة بالحديث النبوى(أن تجئ الصبوح والغبوق ولا تجد ما تأكله).. إقرأ ما جاء حول هذا الموضوع بجريدة الأيام 28/6/2005م:-(وقال وزير المالية للنواب بالمجلس الوطنى أن الاقتراض الخارجى بالفائدة او الربا استند على فتاوى مجلس الإفتاء الشرعى ومجمع الفقه الإسلامى, وكلها تقول بان الضرورة تقدر بقدرها وترك للجهاز التنفيذى بالدولة المتمثل فى وزارة المالية تقدير هذه الضرورة وهو ما اعتبره الوزير أنه قرار صعب وشاق ومر على النفس)إنتهى.. لقد كان من الواجب على مجلس الإفتاء ومجمع الفقه أن يرفضا الربا بشجاعة ووضوح, لكن عضويتهما تركت الأمر للجهاز التنفيذى هروبا من المواجهة وهم يعلمون انه ليس هناك ضرورة لتمويل سكر النيل الأبيض وطريق سد مروى ولكى لا تصطدم مع الإتجاه الغالب لدى السلطة.. فهل رأى الناس استخفافا بالحق, واستهتارا بالحلال والحرام مثل هذا؟ لماذا لم يفتِ مجمع الفقه الإسلامى فى تعيين النائب الأول للرئيس من أهل الكتاب ام ترك تقدير ذلك للجهاز التنفيذى كما فعل مع الربا؟ ولماذا لم يترك فتاوى التكفير ليقدرها الجهاز التنفيذى؟.. إن عهد إستدراج الحكام لإنتهاك حق الفرد فى حرية الرأى قد ولى إلى غير رجعة.. أيها الفقهاء إلقوا بما عندكم من آراء فى المنابر الحرة ليميز الناس الخبيث من الطيب, وإتركوا هذا العبث التكفيرى.. إن من يحمل شهادة أكاديمية فى المعلومات الدينية لا يعتبر متدين بمعنى تحقيق التوحيد, وأنما هو صاحب مهنة معلوماتية يسترزق منها كما يفعل أصحاب المهن الأخرى.. وربما تكون هذه الشهادات مجازة من أساتذة لا يدينون أصلا بالإسلام.. ويمكنه ان يعمل فى التدريس وعلى كل حال فهو غير مؤتمن على الدين عندما يعتمد على هذه المؤهلات وحدها بلا تحقيق..
    الأستاذ محمود محمد طه قامة روحية كوكبية, وهو صاحب شريعة فردية.. ومعلوم ان الأنبياء جميعهم أصحاب شرائع فردية تحققت بممارسة التوحيد,قال تعالى فى ذلكشرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذى أوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه, كبر على المشركين ما تدعوهم اليه الله يجتبى اليه من يشاء ويهدى اليه من ينيب) الشرع المشترك بينهم جميعا هو التوحيد, اما شرائع العبادة والمعاملة فهى تختلف بين نبى وآخر.. وكون الاستاذ محمود صاحب شريعة فردية لا يعنى انه نبيا, فقد ختمت النبوة بصريح نصٍ لا مرية فيه(ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين)..الطريق النبوى مدرسة توصل السالك الى ربه للدرجة التى يتحقق فيها بالشهود الذاتى فياخذ شريعته الفردية من الله بلا واسطه, وذلك كمال المنهاج النبوى..قال النبى الكريمأن من أمتى لأناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء ويغبطهم الأنبياء والشهداء لمكانتهم من الله ) وقال ايضا (علماء أُمتى كأنبياء بنى إسرائيل).. ووجه الشبه هو تحقيق الشريعة الفردية من غير وحى وانما بواسطة الطريقة النبوية.. فإذا وقع تصور عند القارئ لحجم التحقيق الروحى بهذا المعنى, فإنه يتضح ان حديث هولاء العلماء حول موضوع الاستاذ محمود بالطريقة التي أشرنا إليها آنفاً ينطوى على سوء أدب منقطع النظير..
    ومهما يكن من خلاف حول أمر التحقيق هذا فإن الأستاذ محمود لم يطرح نفسه كمحقق للتوحيد والشريعة الفردية فقط ولم يطالب الناس بإتباعه بالتسليم عقائدياً، وإنما طرح أفكاراً للحوار الموضوعي حتى يتبن للناس هل هي صحيحة أم لا؟ إلتزاماً بأدب القرآن الوارد في الآيات: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ{24} قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ{25} قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ{26}) (سبأ).
    وقال إن المنهاج النبوي إذا طبق بتجويد وإتقان يملك المقدرة على تخريج قادة الإسلام في المستقبل، وكل من إهتدى بالمنهاج يعود على النبي الكريم مثل أجره.. فالنبي عليه الصلاة والسلام في حقيقته دائماً في مقدمة ركب البشرية وهو هاديها في مدارج التطور الروحي..
    إذن الأساس في التعامل مع أصحاب الدعوات من الناحية الدينية هو مناقشة الأفكار التي يطرحونها ثم قياس درجة تطبيقهم لهذه الأفكار في أنفسهم إستقامة سيرة ونقاء سريرة.. أما تبادل الإتهامات الشخصية فلن يجدي نفعاً ولن يوقف إنتشار الأفكار، وإنما سيلفت أنظار الناس إليها أكثر ويظل الحوار، سيد الموقف .. ونحن نرى أن الوقت الآن مهيأ أكثر من أي وقت مضى لتفهم وتقبل هذه الأفكار، إذ أن الواقع عندنا في السودان بعد توقيع إتفاقية السلام قد إرتفع إليها بصورة لم تحدث في تاريخ السودان .. وليس هناك سند للإتفاقية في الشريعة السلفية، وإنما السند من القرآن في أصوله ، كما يطرحه الفكر الجمهوري .. بهذا الطرح تلقح الإتفاقية على أرض الواقع روحيا ، ويكون تحقيق السلام الدائم ممكناً إستناداً على الإسلام في مستواه العلمي ..


    مواجهة نميري:
    خلفية الأحداث أن أحد الفقهاء المصريين تحدث منتقداً الجمهوريين ومحرضاً ضدهم في مسجد بكوبر يرعاه عمر محمد الطيب مدير الأمن في ذلك الوقت.. فأخرج الجمهوريون كتاباً في الرد عليه بإسم (الهوس الديني يثير الفتنة ليصل إلي السلطة) فإعتقل الأمن الأستاذ محمود و62من تلاميذه الذين كانوا يتحدثون في أركان النقاش.. وكان هذا في النصف الأول من عام 1983م.. وإستمر الإعتقال إلي 19/12/1984م حين أفرج عنهم جميعاً.. أثناء فترة الإعتقال صدرت قوانين سبتمبر1983م.. وفي نفس يوم الإفراج عقد الأستاذ محمود جلسة مع تلاميذه وقال:
    ((نحن أخرجنا من المعتقلات لمؤامرة.. نحن خرجنا في وقت يتعرض فيه الشعب للإذلال وللجوع، الجوع بصورة محزنة.. ونحن عبر تاريخنا عرفنا بأننا لا نصمت عن قولة الحق.. وكل من يحتاج أن يقال ليهو في نفسه شئ قلناه ليهو.. مايو تعرف الأمر دا عننا، ولذلك أخرجتنا من المعتقلات لنتكلم لتسوقنا مرة أخرى ليس لمعتقلات أمن الدولة، وإنما لمحاكم ناس المكاشفي.. لكن نحن ما بنصمت.. نميري شعر بالسلطة تتزلزل تحت أقدامه فأنشأ هذه المحاكم ليرهب بها الناس ليستمر في الحكم.. وإذا لم تكسر هيبة هذه المحاكم لن يسقط نميري.. إذا كسرت هيبتها سقطت هيبته هو وعورض وأسقط.. نحن سنواجه هذه المحاكم ونكسر هيبتها، فإذا المواطنين البيسطين زي الواثق صباح الخير لاقوا من المحاكم دي مالاقو فأصحاب القضية أولى)).
    إن التصدى بالنفس أو الفداء كما اسماه الأستاذ محمود منهج صوفى قديم ومتواتر.. لقد أخذ الأستاذ قصيدة الشاعر عبد المنعم عبد الحى (انا امدرمان) والتى يغنيها الأستاذ احمد المصطفى وأضافها للإنشاد العرفانى لأن فيها بيت يقولفيا سودان اذ ما النفس هانت اقدم للفداء روحى بنفسى) وقد شرح مبدأ فداء الآخرين من خلال الكلمة التى ألقاها إلى تلاميذه قبيل إعتقاله بيوم واحد, والكلمة معروفة بعنوان حديث الفداء واليك تفاصيلها:-

    حديث الفداء
    الزمن اضطرنا لنوقف الحديث الكلام القيل طيب جدا .. أفتكر مؤتمرنا دا لابد أن يؤرخ تحول عملى فى موقف الجمهوريين.. زي ماقلنا قبل كده:الناس سمعوا مننا كثير الكلمة المقروءة المكتوبة, لكن عشنا زمن كثير فى مجالات عاطفية .. الإنشاد والقرآن والألحان الطيبة.. وجاء الوقت لتجسيد معارفنا وان نضع انفسنا فى المحك ونسمو فى مدارج العبودية سمو جديد.. الصوفية سلفنا ونحن خلفهم.. كانوا بيفدوا الناس, الوباء يقع يأخذ الشيخ الكبير, الصوفى الكبير وينتهى الوباء..دى صوره غيركم ما يعقلها.. كثير:الجدرى فى قرية التبيب تذكروها؟ كان فى كرنتينه فى القرية لا خروج ولا دخول.. الشيخ الرفيع ودالشيخ البشير اخو الشيخ السمانى مات بالجدرى فى القرية .. شيخ مصطفى خال خديجه بت الشريف, هو صديقنا وبزورنا كثير قال: حصلت وفاة ومشيت أعزى.. مر على الشيخ الرفيع ، ( اخو الشيخ السماني ، شيخ المقاديم الهسع بيعطروا ليكم حلقات الذكر ديل ) .. قال لى بمشى معاك .. قال: مشينا سوى إيدو فى إيدى كان فيها سخانة شديدة..وصلنا محل الفاتحة واحد قال ليهو يا الشيخ! المرض دا ماكمل الناس؟؟ الشيخ الرفيع قال: المرض بنتهى, لكن بشيل ليهو زولاً طيب..قمنا من المجلس وصلنا البيت والسخانة كانت الجدرى! ومات الشيخ الرفيع ووقف الجدرى.. السيد الحسن أيضا مات بوباء وانتهى الوباء.. وفى سنة 1915م الشيخ طه مات فى رفاعه بالسحائى, وكان مستطير بصورة كبيرة وما عندو علاج وما كان بينجى منو زول, الما يموت يتركو بى عاهة.. مات الشيخ طه والمرض انتهى.. الحكاية دى عند الصوفية مضطردة ومتواترة, العلمانين تصعب عليهم .. انتو هسع لابد تفدوا الشعب السودانى من الذل والمهانة الواقعة عليهم والجلد.. واحد من الأخوان لاحظ قال: القيمة من المسيرة أن تشاهدوا الجلد الواقع.. واحدة من الأخوات قالت :العسكرى شاب والمجلود شيخ كبير والقاضى واقف يستمتع.. وهى مسالة أحقاد وضغائن ونفوس ملتوية تتولى أمور الناس..
    قد تجلدوا.. ما تنتظروا تسيروا فى المسيرة وتحصل معجزة تنجيكم.. هى بتحصل لكن ماتنتظروها.. خلو الله يجربكم ما تجربوا الله.. تعملوا الواجب العليكم, تنجلدوا ترضوا المهانة.. ومن هنا المحك البيهو بتكونوا قادة للشعب العملاق.. ويكون فى ذهنكم قول الله تعالى أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين) وآية ثانية أم حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين امنوا معه: متى نصر الله؟ ألا أن نصر الله قريب..)
    ما أحب أن تصابوا بخيبة أمل من العقبات ألبتلاقيكم فى الطريق.. ويكون مؤكد الأمر النحن بنواجهوا محتاجين ليهو فى الداخل.. كل أمر يساق ليكم يقويكم وهو عناية من الله ولطف.. ولكن الناس يسوقوا أمرهم بالجد, وكل واحد يدخل فى مصالحة ورضا بالله.. تواجهوا أمركم لتفدوا شعبكم وبعضكم بعض لترتقوا درجات فى واجبكم وعبادتكم.. أمركم قريب ومعنى بيهو.. انتم محفوظين.. لكن ماتفتكروا الطريق مفروش أمامكم بالورود.. استعدوا فى قيامكم بالواجب المباشر تكونوا دائمى النعمة وموضع نظر الله وعنايتو.. ثقوا بيهو.. ان شاء الله أمركم قريب والله إدخركم للأمر دا.. وانتم اليوم الغرباء بصورة كبيرة, كل المجتمع السودانى فى كفة والجمهوريين فى كفة, الجمهوريين مطلوبين , الناس الطالبنكم فداية ليكم, وظلماتكم نور.. أنتم موضع عناية, تقبلوا العناية, وسيروا راضيين بالله, بالصورة دى يكون ختام مؤتمرنا)..

    محاولة وساطة:
    لقد تحدث أجد ضباط أمن نميري مؤخراً في موقع (سودانيز أون لاين) وأوضح أن أقطاب نظام مايو كانوا قد تحرفوا في حملة وساطة بين الأستاذ محمود ونميري فحواها أن نميري وافق على أن يوقف المحاكمة مقابل تنازل الأستاذ محمود عن ما ورد بمنشور (هذا.. أو الطوفان)، وليس عن أفكاره، بإعتبار أن المنشور هو المستند الرئيسي الذي قامت عليه المحاكمة، وعرض الأمر على د/الترابي الذي كان النائب العام حينها فوافق بعبارةنحن مع ولي الأمر دنياوأخرى) حسب إفادة المتحدث.. ولما عرضت الفكرة على الأستاذ محمود داخل السجن رفضها جملة وتفصيلا، وقد أشيع أنه رد بقوله: (هي الحكاية بقت لعب عيال)!! ولعله واضح أمام القارئ أن طرح الموضوع بهذه الصورة أمام مفكر بقامة الأستاذ محمود لا يعدو إلا أن يكون قصوراً مزرياً في فهم البرنامج الذي يقوم بتنفيذه والمقاصد التي يرمي إليها، إذ ان المنشور ماهو إلا الأفكار الجمهورية موضوعة في كبسولة..

    محكمة الردة 1968م:-
    الاسباب الحقيقية خلف هذه المحكمة, قد لخصها الأستاذ محمود فى محاضرة له بنادى الهدف عطبرة أواخر عام 1968م تحت عنوان (بيننا وبين محكمة الردة) فقال ما معناه(نحن انتقدنا سياسة جمال عبد الناصر فى كتابنا مشكلة الشرق الاوسط وقلنا انه وقع فى احضان الشيوعية الدولية وضيع فرص الحل السلمى للقضية, النظام المصرى لم يحتمل هذا النقد لذلك وجه الأمن المصرى ألفقهاء المصريين ليجوا يتكلموا ضدنا هنا ويصفوننا باننا خارجين عن الإسلام والأهداف أساسا سياسية لحماية نظام الحكم, فقهاؤنا هنا ببلاهه إعتبروا دا حدب على الدين وحرص على الإسلام فقاموا عملوا محكمة الردة, وانا اؤكد لكم انهم لو صادقين فى الامر دا كنا جلسنا معاهم وناقشناهم) فسأل احد المستمعين: انا عايز اعرف ما هو دور الأخوان المسلمين فى هذه المحكمة؟ فرد عليه الأستاذ بشدة: ( إيه الدخل الأخوان المسلمين فى الأمر دا ؟ انا قلت السبب الأساسى الأمن المصرى,لكن يجوز يكونوا مبسوطين لأنو نحن أعداءهم إنضربنا ) هذا وقد كتب الاستاذ المنشور رقم (1) فى الردعلى تلك المحكمة وجاء فيه:-
    (اوردت صحيفة الرأى العام الصادرة اليوم, بالعنوان الكبير, عبارات:المحكمة الشرعية العليا تحكم بردة محمود محمد طه وأمره بالتوبة عن جميع اقواله.. إقرأ مرة ثانية: وأمره بالتوبة عن جميع اقواله.. هل سمع الناس هوانا كهذا الهوان؟ هل اهينت رجولة الرجال, وامتهنت حرية الأحرار,واضطهدت عقول ذوى الأفكار, فى القرن العشرين فى سوداننا الحبيب, بمثل هذا العبث الذى يتورط فيه القضاة الشرعيون؟ ولكن لا بأس, فإن من جهل العزيز لا يعزه, ومتى عرف القضاة الشرعيون رحولة الرجال, وعزة الأحرار وصمود اصحاب الأفكار؟؟ إن القضاة الشرعيين لا يعرفون حقيقة انفسهم.. ومن الخير لهم وللإسلام, ولهذ البلد الذى نفديه, أن نتطوع نحن , فنوظف اقلامنا ومنبرنا لكشف هذه الحقيقة..أما الآن, فإنى وبكل كرامة, أرفض هذه المهانة التى لا تليق بى, ولا يمكن ان توجه الى , ولا يمكن ان تعنينى بحال.. فقد كنت اول واصلب من قاوم الإرهاب الإستعمارى فى هذه البلاد.. فعلت ذلك حين كان القضاة الشرعيون يلعقون جزم الإنجليز, وحين كانوا فى المناسبات التى يزهو فيها الإستعماريون يشاركونهم زهوهم, ويتزينون لهم بالجبب المقصبة المزركشة, التى سماها لهم الإستعمار(كسوة الشرف) وتوهموها هم كذلك, فرفلوا فيها واختالوا بها وما علموا انها كسوة عدم الشرف.. أما إعلانكم ردتى عن الإسلام فما أعلنتم به غير جهلكم الشنيع بالإسلام..وسيعلم الشعب ذلك مفصلاً فى حينه.. وأما امركم لى بالتوبة عن جميع اقوالى, فانكم اذل واخسأُ من ان تطمعوا فى.. هل تريدون الحق ايها القضاة الشرعيون؟ اذن فاسمعوا: انكم آخر من يتحدث عن الإسلام.. فقد افنيتم شبابكم فى التمسح باعتاب السلطة, من الحكام الإنجليز الى الحكام العسكريين.. فأريحوا الإسلام وأريحوا الناس من هذه الغثاثة...).

    محمود محمد طه
    رئيس الحزب الجمهورى
    أمدرمان 18/11/1968م..
    _________________
                  

04-18-2008, 02:50 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    تصوير بالكلمة لحركة الحمهوريين بعيون الباحث هنرى كودرى
    إعداد: د. محمد محمد الأمين عبد الرازق

    هنرى كودرى الذى يعمل اليوم فى آبيدجان " ساحل العاج " والذى كان قبلها مدرسا للغة العربية فى تشاد ، كان يتردد كثيرا على محمود محمد طه فى الفترة من يونيو 1973م الى يناير 1974م ، عندما كان يقيم فى الخرطوم متفرغا لبحث حول التيارات الدينية فى الاسلام السودانى . وبهذه الصفة كان محمود محمد طه يستقبله فى مرات عديدة ، حيث يجد دائما بابه مفتوحا فى المنزل " المتواضع جدا " الذى كان يسكن فيه " غاندى السودان " فى حى الثورة بأمدرمان . احتفظ هنرى كودرى بذكرى مثيرة لتلك اللحظات . والسطور المنشورة هنا هى مقتطفات من نص كتب لنشرة " اللقاء الاسلامى _ المسيحى " " التى تصدر فى آبيد جان " عدد ابريل _ مايو 1985م .


    شهـادة:
    ان اقامة شهور عديدة في الخرطوم قد اتاحت للمؤلف ان يعيش فى شبه صداقة حميمة مع محمود طه ، ذلك الرئيس العبقرى للاخوان الجمهوريين ، الذى اعدم شنقا بتاريخ 18 يناير ، عن 77 عاما ، بأمر من الدكتاتور المخلوع جعفر نميرى. ( أتوا ج . أ العدد 1256 )

    محمود طه كما عرفته:
    إن اول مايسترعى الانتباه فى شخصه ، هو ذلك الجمع بين ألطف صور التواضع وبين قوة لاتلين .. يرتدى ببساطة شديدة لباسا قطنيا ابيض مألوفا ، ويلبس فوق سرواله الخفيف المتدلى على الساقين قميصا يصل الى ركبتيه ، ويترك الساعدين مكشوفين .. حليق الراس ، وتغطية الطاقية الاسلامية المعروفة.. حينما يغادر مكتبه يلتف بثوب قطنى خفيف ينحدر من الكتف الايسر إلى الفخذ الايمن ، تاركا الصفحة اليمنى مكشوفة ، ومارا على الكتف الايسر ثانية ، ثم الرقبة ، ليتدلى على الصدر بزيل غليظ ..
    ثيابه الخفيفة تكشف عن جسم قوى ذى اطراف عاضلة .قصير القامة ، متين البنية، يعطى انطباعا نادرا من الحيوية .. بقبضه يده القوية عند المصافحة ، ونظرته الثابتة التى يخفف من نفاذها ابتسامة بشوشة تنير الوجه كل حين . هيئته التى تتسم بالهدوء والاطمئنان تخفى استعداد دائم للحركة والنشاط كان الاستاذ يجود بنفسه فى منتهى البساطه . اثناء الوجبات يحرص على الا ينقص شئ امام احد يوزح الصحون ويكب الماء بنفسه لغسل ايدى ضيوفه .. واثناء الاجتماعات يتخذ مكانا فى مدخل القاعة على مقعد لايتميز عن المقاعد الاخرى ويهتم بأن ينقل كرسيا او وساده ليقدمها الى المتاخرين فى الوصول لحضور الاجتماع ..
    كان ابعد من ان يلعب دور راهب بوذى فيستأثر بالكلام . لايتدخل فى الاجتماعات العامة الا ليوجة المناقشات فى الخط الصحيح للنقاش ويشجع على الحوار والتباحث هو مرشد وليس عقائديا رجل عمل وليس منظر تلاميذه واصدقاؤه يدعونه " الأستاذ " وهو لقب ترجمته الحرفيه التى تعنى " المعلم " لاتحمل المفاهيم المركبة من الاحترام الودى ومقتضيات العلمانية .
    لم يكن محمود محمد طه قد خرج من طبقه " رجال الدين " هو مهندس فى الرى كان على اثر اعتقاله لمدة عامين بسبب معارضته للانجليز قد بدء عملا فى الاصلاح الدينى والاجتماعى منذ بداية الخمسينات . مدرسته الدينية والقانونية الوحيدة كانت تلك الفترة الطويلة من الاعتكاف التى عرف كيف يستغلها لينقطع الى التفكير والتأمل الصوفى . اساتذته لم يلتقى بهم فى اى مؤسسة رسمية وانما التحق بمدرستهم كرجل عصامى وفى بحث فردى حثيث عن اسلوب جديد
    ماركس وانجلز كالغزالى
    على الصعيد الصوفى تأمل طويلا فى القرآن وعكف على الممارسة الصوفية ( صلاة الثلث الاخير من الليل وهى عزيزة عند كبار الصوفية المسلمين وقد غددت واحدة من الممارسات المفضلة لتلاميذه )
    وعلى الصعيد الفكرى وجهه ابحاثه فى اتجاهين : دراسة كبار المفكرين فى الاسلام الاكثر منهم تقليديه كالغزالى او الاكثر تجديدا مثل ابن عربى مرورا بأكثرهم سموقا كالحلاج ذى الاثر المحسوس فى فكرة الصلاة والصيام والحج عند محمود محمد طه ايضا دراسات التيارات الفلسفية المعاصرة دراسة كافيه للرجوع حتى لاعمال كبار الفلاسفه ( رايت فى احد الايام على طاوله عمله ترجمة انجليزية لكتاب " بؤس الفلسفة " لكارل ماركس وكذلك كتاب " ديلكتيك الطبيعة " لفردريك انجلز " .
    على الصعيد الاجتماعى تفرغ محمود محمد طه لاعداد اتباعه جاعلا منهم مجتمعا مهيئا ليكون مكانا لانبثاق نظام اجتماعى جديد . كما أنه لم يترفع عن النزول الى حلبة السياسة ، فأسس حزبا يدعى الحزب " الجمهورى " هذا الاسم الذى ظل مرتبطا بأتباعه حتى بعد حل الحزب .
    كان جم النشاط ألف حوالى 38 كتابا وكتيبا صغيرا . وهذه ليست قائمة كامله لانها تتوقف عند شهر سبتمبر 1979م ، تاريخ مرورى الأخير بالخرطوم . منها كتب محترمة ، مطبوعة ، تتجاوز المائتى صفحة .. ومنها منشورات مستنسخة تتراوح بين ثلأثين وأربعين صفحة ، وهذه بمثابة عروض متتابعة لفكرة أو منشورات تتناول الاحداث المتجددة .
    وهذا ، بصورة موجزة ، نظام محمود محمد طه الذى نجده معروضا فى كتاب " الرسالة الثانية من الإسلام " . وهو كتاب من 166 صفحه ، صدر فى عام 1967م وطبع عدة مرات منذ ذلك الحين .

    رسائل الإسلام
    إن الدين ، أساسا ، واحد . وهذه الوحدة إنبعثت عن الاصل الإلهى للكون وللإنسان . ولكن الانسان بسبب إستعماله السئ لحريته قد وقع فى جهل منعه عن مشاهدة الاصل الإلهى لوجوده وللكون ، ومنذ ذلك الوقت ، فان الأديان المختلفة التى تعاقبت على وجه الارض كانت مراحل لاسترداد هذه المعرفة وهذه الحرية الاساسية من الجهل ومن الخوف والعنف .
    فالاسلام هو المرحلة الاخيره من هذا الاسترداد ولكن ليس بالشكل الذى ظل معاشا حتى أيامنا هذه ، الذى لم يكن غير " الرسالة الاولى من الاسلام " .
    إن الاسلام الحقيقى والاخير ، هو " الرسالة الثانية " التى دعا اليها محمد فى مكة، والتى كانت قد نسخت مؤقتا بتعاليم المدينة ففى الواقع ، عندما بدا محمد فى نشر رسالته ، فقد دعا الى الدين الكامل ، الذى يرتكز على مسئولية وعقل أعضائه ويدعو الى حريتهم ، ولكنه اضطر بعد الهجرة من مكة الى المدينة ، ولاسباب تعليمية ، أن ينزل الى مستوى تخلف النمو الثقافى والدينى فى ذلك العصر فدعا من ثم الى دين يدعو الى الايمان ، أكثر منه الى العلم ، والى قانون يقوم على الإكراه ، أكثر من الإدراك المسئول .
    لقد ظل المسلمون يعيشون فى مستوى الرسالة الاولى حتى الآن . ولكن منذ اليوم ، ونظرا للتقدم الذى حققته الانسانية ، فقد حان الوقت للإنتقال الى الرسالة الثانية . وينبغى الان الإنتقال من القانون الأول " الشريعة " التى قامت فى المدينة على " فروع " الدين ، من أجل إقرار القانون الثانى الذى يتوافق مع الاسلام الكامل ، ويستلهم " اصول " الدين ، تلك التى غرسها محمد فى مكة ، من هنا تاتى محاولة بعض المفكرين المسلمين ، ومن بينهم محمود محمد طه ، إيجاد إسلام أكثر " نقاء " وأكثر " تدينا " وأعلى من الإسلام الذى كان " أكثر سياسة " فى المدينة .
    وهكذا ، فى التشريع الجديد ، ليس هناك جهاد ، ولا رق ، ولا راسمالية ، ولا عدم مساواة بين الرجل والمرأة ، ولا تعدد فى الزوجات ، ولا طلاق ، ولا لبس حجاب ، ولا فصل بين الجنسين " هذه هى تقريبا عناوين الفصل المتعلق بالتشريع فى الرسالة الثانية من الاسلام " . إذن ، بينما كان الإسلام ، فى بداياته ، أقرب الى اليهودية فى تشددها " العين بالعين ، والسن بالسن " ، فانه فى هذا الوقت يكون أقرب الى الروحانية المسيحية " من صفعك على خدك الايمن فأدر له الأيسر " . بيد انه يضيف الى المسيحية عقلانية كبرى ، حيث يهتم ، على العكس منها ، بالاوضاع الواقعية ، الاخلاقية والاجتماعية والتى بمثابة سلم يساعده ، هو وحده ، للوصول الى قمة الحرية والحب الكاملين .
    هذه العقلانية فى الاسلام ، فى رسالته الثانية ، تبدو أخيرا فى التنظيم الاجتماعى الذى تقيمه . فالمجتمع الاسلامى الصحيح يوحد فى آن معا بين الاشتراكية والديمقراطية . فأنه يكفى الحاجات المادية للجميع ، وفى مساواة لانه يتيح الحرية لكل فرد أن يسلك كما يريد وفقا لما تمليه عليه مسئوليته .
    وبسبب موقفه الرافض للشريعة ، ودعوته الى تشريع جديد ، فإن محمود محمد طه قد حكمت عليه فى عام 1968م محكمة دينية بأنه مرتد . ولكن هذا الحكم لم يخرجه من المجتمع . ولقد تسنى لى مشاهدة البرهان على ذلك أكثر من مرة ، لاسيما أثناء عقد زواج بين إثنين من تلاميذه ، حسب مراسيم وضعها هو . فمع أن أغلبية المدعوين إلى حفلة الزفاف كانوا من المسلمين التقليديين ، فإنى لم ألحظ علامة معارضة من جانب هؤلاء ، كما أن الاحتفال قد تميز بخطبة تناولت العلاقات بين الرجل والمرأة فى الرسالة الثانية من الاسلام . حتى وإن كانت غالبية المسلمين السودانيين تنظر إليه كمبتدع ، فإن هنالك اكثر من واحد ، وليس من الدون ، لا يخشى إعلان ميوله إلى افكار محمود محمد طه ، مثل حفيدة خليفة المهدى التى ( شهدتها) تعبر علانيه عن انتمائها الى أفكار الاستاذ محمود ، فى حضور أسرتها المجتمعة ، وهى من القطاع التقليدى فى حزب الأنصار ، دون ان تجد الاسرة ما تقوله فى هذا الصدد – إسم الانصار فى السودان يطلق على الذين ساندوا المهدى فى نهاية القرن التاسع عشر ، وعلى الذين انحدروا منهم ، وبعبارة اخرى هؤلاء هم المهدويون .


    فى بيت الاخوان
    ولكن ، وبصورة أكثر مودة من دا ئرة هؤلاء المتعاطفين ، قل تعاطفهم أو كثر ، هنالك دائرة التلاميذ ، التى خارجها لايمكن التقدير الحقيقى لخصوبة منهجه وعمله الاصلاحى . هؤلاء التلاميذ يمثلون الذرية الروحية لهذا الرجل ، الذى كان قبل كل شئ ملهما ومرشدا .
    هؤلاء " الاخوان " و " الاخوات " كما يسمون أنفسهم هم بصفة عامة قد جاءوا من أوساط على درجة كافية من الثقافة ، وينتشرون بوجه خاص ، بين الجامعيين والموظفين . وانتماؤهم الى الحركة يتطلب جهدا مزدوجا من التحول الفردى وحياة النضال فى المجتمع .

    بعض هؤلاء الرجال وهؤلاء النساء يعيشون قبل زواجهم فترة خلوة (عاما او عامين وأحيانا أكثر ) فى منزل من "منازل الاخوان ".
    فى سنة 1973م كان يوجد ثلاثة من هذه المنازل فى الخرطوم ، وكذلك فى ثلاث مدن اخرى فى السودان ، حيث يعيش الرجال والنساء وقتا من" التبتل" وذلك يعنى الانقطاع عن العالم ، والتفرغ لله ، ويتضمن بصورة خاصة العفة الجنسية ، ويسكنون فى منازل منفصلة ولكنها على مقربه من بعضها للآخر لتيسير اللقاءات.


    مخلص حتى النهاية
    فى وسط هذه المجموعات يتدرب الافراد على معيشه قيم " الرسالة الثانية من الاسلام " باداء الصلاة الفردية والجماعية ، وخاصة فى " الثلث الاخير من الليل " كعادة الصوفية وأصحاب الطرق ، وباقتسام ما يمتلكون ، بدفع جزء من مرتباتهم لسد أحتياجات الجماعة . ويتدرب الافراد كذلك على معيشة تلك القيم بالعمل الاجتماعى ، فى مجال التوعية ، مثل تنظيم أجتماعات للفكر والمناقشات ، وتوزيع مؤلفات الأستاذ محمود فى الطرقات . ولقد شرح لى ذات مرة وظيفة هذه المنازل فقال " إنها عن طريق التبتل تمكن من ترقية المجتمع بشكل لولبى متصاعد ويأخذ فى الأتساع ، حيث يمارس الفرد العبادة خلال الليل ، ويمارس العمل الاجتماعى خلال النهار . وهذا هو المكان المثالى لاعداد مجتمع جديد "
    هكذا ، كان محمود محمد طه ، صادقا مع نفسه ، فكان أن ملك من الكرامة والشجاعة ليبقى مخلصا لالتزاماته حتى النهاية ، فى لحظة تقديمه للاعدام صليت من أجله . محمود، أخ المصلوب ، أخى !

    انجمينا فى14 /10 /1985م


    _________________
                  

04-18-2008, 02:52 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    في ذكري الاستقلال
    لوحة من الصراع الاسطوري مع الانجليز تشرف كل سوداني
    كيف تمكن الاستاذ محمود محمد طه من انتزاع حقوق السجين السياسي؟؟
    د. محمد محمد الامين عبدالرازق

    نشأ الحزب الجمهوري في اكتوبر 1945م ، وكانت البداية في اجتماع تحت شجرة بالمقرن ضم عشرة من المثقفين الوطنيين، تلاقت أفكارهم وهم يتدارسون قضايا الحركة الوطنية.. وهؤلاء الرجال هم: محمود محمد طه، أمين مصطفي التني ، منصور عبدالحميد، إبراهيم المغربي ، محمود الازهري، أحمد محمد خير، إسماعيل محمد بخيت ، صالح عبدالقادر ، عبدالقادر المرضي وحسن طه.. وفي الاجتماع الثاني بمنزل الاستاذ محمود بالموردة في يوم 30/10/1945م ، انتخب المكتب السياسي للحزب كما يلي: محمود محمد طه رئيساً ، إبراهيم المغربي نائباً للرئيس ، عبدالقادر المرضي سكرتيراً ، احمد محمد خير اميناً للصندوق وعضوية بقية المجتمعين.. وفيما بعد انضم للحزب امين محمد صديق وتولي السكرتارية ومحمد فضل الصديق وآخرين..
    من المبادئ التي اتفق عليها وشكلت برنامج الحزب السياسي:
    1/ الجلاء التام للانجليز والمصرين علي السواء ، والعمل علي تحقيق ذلك بالصراع المباشر، حتي يتحقق استقلال السودان إذ أن الحرية حق للشعوب تنتزعه انتزاعاً وليس منحة من أحد..
    2/ أعتماد النظام الجمهوري كنظام حكم للسودان.. وكان هذا أمراً غريباً في حينه، بل يعتبر شاذاً وذلك لأن كل الاحزاب السودانية كانت ترى ان النظام الملكي هو الذي يناسب السودان، وأن الشعب السوداني غير مؤهل للنظام الجمهوري..
    3/ واجب المرحلة المباشر والأساسي هو سد فراغ الحماس الوطني، فقد نعى الحزب علي الأحزاب الأخرى لجوءها لأسلوب المذكرات والمؤتمرات، وعدم التوجه للشعب لاثارة حماسه وشحذ حسه الوطني..
    انطلاقاً من هذه المبادئ، اتجه الحزب إلي اصدار المنشورات والكتيبات، والخطابة في المساجد والاماكن العامة ودور السينما والمقاهي، يندد بالاستعمار ويكشف اساليبه ، ويطالب بالجلاء التام.. كان كل ذلك يتم في وضوح شامل، وعمل مكشوف يستهدف في الشعب حسه الوطني وعاطفته الدينية لإثارته وتحريكه ضد المستعمر.. وكان الجمهوريون ينتقدون الأحزاب التقليدية، ويحاولون تحريكها بالاتصال المباشر من أجل تصعيد العمل الوطني..
    في عام 1946م أصدر المجلس الاستشاري لشمال السودان قانون منع الخفاض الفرعوني .. فأخرج الحزب الجمهوري منشوراً بإمضاء رئيسه يهاجم فيه المجلس الاستشاري ويوضح فيه رأيه في القانون وفي موضوع الخفاض.. قال الاستاذ محمود لطلاب معهد الدراسات الافريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم وهو يلخص المنشور: ( إن لكل أمة عادات حسنة وعادات سيئة، وعادة الخفاض الفرعوني عادة سيئة .. لكن العادات السيئة في الشعوب لا تحارب بالقوانين، وإنما تحارب بالتنوير والتعليم والاقناع .. الانجليز لم يكن غرضهم من اصدار القانون كرامة المرأة ، وهم في الحقيقة فتحوا لها سوق النخاسة وكل الابواب التي لا تكون بها كريمة.. فغرض الانجليز الحقيقي من إثارة موضوع الخفاض، وقد أثير ذلك في البرلمان البريطاني، أن يقولوا للعالم في رد علي حركتنا الوطنية ، أن السودانيين لايزالون همجيين يمارسون عادات متخلفة كهذه ولذلك فإنهم لم يبلغوا الرشاد الذي يؤهلهم لحكم أنفسهم، ليستمروا في البقاء بالبلاد). هذا هو ملخص محتوي المنشور .. وبالفعل كان المنشور مثيراً وأحدث رد فعل مباشر من جانب الانجليز ، فأرسلوا الخطابين التاليين إلي الاستاذ محمود:
    1/ الخطاب الاول:
    مكتب التحريات الجنائية 36هـ/م ت ج ص.ب 288
    الخرطوم في 24/3/1946م
    محمود محمد طه .. تاجر .. امدرمان
    السيد المحترم: بموجب هذا مطلوب حضورك بمكتب التحريات الجنائية الساعة التاسعة يوم 25/3/1946م للاجابة علي أسئلة تتعلق بمنشورات يعتقد أنها صدرت عن الجمهوريين .. أرجوا التكرم بالتوقيع لاستلام هذا الخطاب ..
    المخلص ج.أ.س يرايس
    ملاحظ مكتب التحريات الجنائية
    2/ الخطاب الثاني:
    ( ورقة تكليف بالحضور للإدلاء بمعلومات تتعلق باحتمال الاخلال بالسلام) (انظرالمادتين 81 و84)..
    إلي محمود محمد طه، مقاول أمدرمان
    بما انه قد تبين لي بمعلومات موثوق بها أنك قد أصدرت منشوراً يعتقد أنه من المحتمل أن يثير الشعور بالكراهية ضد الحكومة، ويؤدي إلي الاخلال بالسلام أو إلي إزعاج الطمأنينة العامة.. فأنت بموجب هذا مطلوب حضورك شخصياً للمثول أمام محكمة الجنايات في يوم 2/6/1946م الثامنة صباحاً لتوقع علي كفالة مالية قيمتها خمسون جنيهاً، وأيضاً لتوقع علي كفالة بواسطة ضامن واحد بمبلغ خمسون جنيهاً علي ان تحفظ السلام وتمتنع لمدة سنتين عن القيام بالأعمال غير المشروعة والتي من المحتمل أن تخل بالطمأنينة العامة، أو تبين السبب الذي يمنعك عن التوقيع علي هذه الكفالة وهذا الضمان.. و.س. ماكدوال قاضي جنايات الخرطوم 29/5/1946م
    يلاحظ في الخطابين أن الانجليز تعمدوا تجاهل مخاطبة الاستاذ محمود بوصفه رئيساً لحزب سياسي، وهو اتجاه لعدم الاعتراف بالاحزاب التي تخرج علي الخط المهادن للانجليز.. هذا وقد شغلت أنباء مواجهة الجمهوريين للانجليز صفحات الصحف في تلك الايام، وهذا نموذج:
    (الرأي العام -3/6/1946م: مثل الاستاذ محمود محمد طه المهندس أمس امام قاضي الجنايات المستر ماكدوال متهماً من بوليس الخرطوم تحت قانون التحقيق الجنائي لتوزيعه منشورات سياسية من شأنها الاخلال بالامن العام، وقد أمره القاضي أن يوقع علي صك بكفالة شخصية بمبلغ خمسين جنيهاً لمدة عام لا يشتغل خلالها بالسياسة، ولا يوزع منشورات أو يودع السجن لمدة سنة إذا رفض ذلك .. ولكن الاستاذ محمود رفض التوقيع مفضلاً السجن، وقد اقتيد لتوه إلي سجن كوبر) انتهي..
    وفي داخل السجن أشتعلت المواجهة مع الانجليز ، فقد حكي السيد نصر الدين السيد أحداث دخول الاستاذ محمود للسجن في اللحظات الاولي ، عندما التقي بوفد الجمهوريين المتحرك بالجنوب ، وهو كان يشرف علي انتخابات مجلس الشعب الاخير في نهايات مايو ، قال: اقتيد الاستاذ محمود إلي السجن بواسطة أثنين من الضباط السودانيين، وعندما وصل مكتب التسجيل أطلق يديه بقوة وانتزع دفتر التسجيل وضرب به وجه الضابط الانجليزي المسؤول.. ثم رفض القيام للضباط الانجليز ، وعندما عاتبه أحد الضباط المصريين محتجاً علي عدم القيام له رد عليه الاستاذ: ( أنا لو كان بقيف للزيك الجابني هنا شنو!!) ويواصل السيد نصر الدين، الذي كان ضابطاً برتبة ملازم آنذاك: رفض الاستاذ محمود أن يلبس زي المساجين ، فكلف الانجليز أحد الضباط السودانيين بأن يلبسه إياه بالقوة، لكن الضابط قال للاستاذ محمود بعض أن وضح له المهمة المكلف بها أنه لن ينفذها حتي لو يقلع الكاكي ويذهب إلي منزله !! فنظر إليه الاستاذ محمود ملياً ثم قال له: إذهب وقل لهم قال سيلبسه غداً بعد نهاية يوم العمل، وقال السيد نصر الدين : الغريب أن الانجليز فرحوا لهذا الرأي!!
    قال الاستاذ محمود لطلاب الدراسات الافريقية حول هذه الاحداث:
    عندما دخلت السجن قررت لابد من أن أحدث حاجة في داخل السجن، وهي المخالفة لتعاليم السجن ، وقوانين السجن وأوامر السجن.. وضباط السجن كانوا اثنين من الانجليز قلت لهم : أنا ماعندي معاكم أنتو حاجه شخصية .. الحكومة مابتعترف بالمسجون السياسي ، لكن دا سجن سياسي بطبيعة حاله، كونها مابتعترف بيهو دا مابغير الحقيقة دى ، ويبقي حقكم تعرفوها وتحترموها.. إذا كان أنا مسجون سياسي وأنا بقول للحاكم العام أنت تخرج من البلد لايمكن أن اطيع أوامركم وانتو موظفين صغار وإنجليز .. وفعلاً فهموها بالصورة دى فلمن يمروا أنا ما بقوم ليهم ودى كانت بتقتضي أن أعاقب بزنزانه .. في الزنزانة أنا بصوم ما يسمي بالصيام الصمدي عند الصوفية .. الجمهوريون في الخارج يرفعوا المسألة بأني مضرب عن الطعام لسوء المعاملة بالسجن) .. أنتهي
    استمرت هذه المواجهة داخل السجن طيلة شهر يونيو ، ومما جاء في الصحف عن ذلك هذا البيان:
    الرأي العام 26/6/1946م بيان رسمي من مكتب السكرتير الاداري عن رئيس الحزب الجمهوري: ( أظهرت بيانات في الصحف المحلية حديثاً بخصوص محمود محمد طه الذي هو الآن تحت الحراسة بالخرطوم بحري نتيجة لرفضه أن يمضي كفالة المحافظة علي الأمن .. وهذه البيانات قد احتوت علي معلومات غير دقيقة ، والحقائق كالآتي: لمدة يومين رفض محمود أن يشتغل وهذا يخالف قوانين السجن ، فلم يعمل له أي شئ في اليوم الاول، أما في المرة الثانية فقد حكم عليه بالبقاء ثلاثة أيام بالزنزانة والأكل الناشف .. ولو أنه رفض أيضاً ان يقف عند الكلام مع ضابط السجن فإن العقوبة التي نالها الآن لم تعط له لهذه المخالفة لنظام السجن ، وبهذه المناسبة يجب ان يعلم أن كل المساجين مهما كانت جنسياتهم يجب أن يقفوا إلي ضابط السجن إنجليزياً كان أو سودانياً) انتهي..
    كان هناك اتصال بين الاستاذ محمود وأعضاء حزبه بالخارج للتنسيق في العمل داخل وخارج السجن وكان الاستاذ محمود يرفض أن يكون مجرماً كما أسلفنا ويعتبر نفسه سجين سياسي ويجب أن يعامل معاملة السياسيين .. هذا نموذج للخطابات التي كان يتم تبادلها مع الجمهوريين بالخارج وكان ينقل هذه الخطابات بعض الضباط السودانيين الشرفاء الذين يقفون مع الوطنيين وهم في الخدمة:
    (أخي أمين : تحية لك ولأخوانك وشوقاً وبعد.. فهذا الجواب اتجاه موفق ما في ذلك شك والله أسأل ان يسدد الخطأ والخطى.. إدارة السجن مضطربة جداً لتحركاتكم وأصبح الحكمدار يحاول التودد بكل سبيل.. معاملتهم لي فيها كثير من الحذر الشديد، وقد أخبرني أنه جاء في عمل شئ ينقذ الموقف لأني مصر علي ألا أقف لمدير الخرطوم وخلافه فسألني: اتعتقد أنك بوقوفك مع المساجين عند زيارة المدير تجعل من نفسك مجرماً معهم؟ فقلت: ذلك حق ولكنه ليس كل الحق.. فأني بوصفي رئيس حزب سياسي يناضل من أجل بلاده سيحط من الجهاد الوطني إن رضيت أن أقف لأي رجل إجلالاً له.. قال : ذلك معقول ، ثم فكر وقال: إنه يريد أن يجعل لي مقاماً خاصاً في السجن لاقيم فيه وذلك لئلا تسري الروح هذه في باقي المساجين.. فهم لا يرون أن يعترفوا للمسجون السياسي بأي حق.. إن الحكومة الآن تقبض علي الجمر وتود بكل سبيل أن لو أمضي لها التعهد لتخرج من الحرج ببقية الكرامة لأنها تشعر أن ما ارتكبت من خطأ سيحي الجهاد الوطني ويضعفها هي في نظر المجاهدين.. ومن المحقق أن الحكومة لا تريد أن تعترف بمكانة للسياسي السوداني، ولا للأحزاب السودانية.. وفرصة وجودي هنا ستخدم هذه النقطة بالذات خدمة لا حد لها، إذا استغل استغلالاً حسناً.. فأنا سأضغط علي إدارة السجن، فلا أقبل أي معاملة أقل من معاملة المسجون السياسي، وأن اقيم في مكان مميز وأن توفر لي وسائل الراحة والقراءة والكتابة، وألا ألبس ملابس السجن وألا أقيد إلا في الحدود التي تكفل للحكومة عدم نشر آرائي السياسية مثلاً، وان أحترم من رجال البوليس والإدارة في كل هذه الحدود.. وهذه أشياء تؤذي الحكومة أبلغ الإيذاء.. فأري أن تطالبوا أنتم بها في الخارج ، وبعدها تطالبوا بإطلاق سراحي.. فإنه من غير المعقول أن تطلق الحكومة يدها في أعدائها كيف تري؟ وحيث ترى.. ذلك بأن رجال السياسة السودانيين هم عتاد البلاد ومسلكهم أعداء للحكومة وحرب عليها.. ويمكنكم أن تحتجوا أكثر من هذا بأن تذكروا بأن الحكومة تستعين علي أعدائها رجال السياسة الوطنية بالجراثيم.. فإنها قد أدخلتني في زنزانة يسكن فيها مرضي السل، وكان بالقرب مني مريضان في الطور الاخير من المرض وقد منعت الماء في ليلة، فاضطررت لأخذ ماء الوضوء منهم ومن أزيارهم .. وقد كانا يحضران ويتحدثان معي جزءاً من الوقت ، ويقفان عند باب الاودة بكل حسن نية وهما طليقان يقفان في كل مكان بالحوش من غير مراقبة مثلاً .. كل هذه أشياء تستطيعون أن تكبروها وتهللوا بها وتوجهوها إلي صدر الحكومة.. وستطلق سراحي يوم أصبح متعباً لهم في الداخل وأنتم في الخارج.. وإني بعون الله وتوفيقه لن أمكث طويلاً هنا، ولكني سوف أخرج يوم أخرج والنضال الوطني مركز جداً بفضل مجهودكم في الخارج ومجهودي في الداخل) أنتهي .... من مذكرات امين محمد صديق ..
    من وحي هذا الصراع أستشار الحاكم العام السيد الدرديري محمد عثمان الذي كان زميلاً للاستاذ محمود بكلية غردون ، فقال له الدرديري أنه يعرف الاستاذ محمود منذ الصبا فهو لا يتنازل عن رأي يراه الحق حتي لو أدي ذلك إلي موته .. فأصدر الحاكم العام قراراً باطلاق سراح الاستاذ محمود دون قيد أو شرط بعد خمسين يوماً فقط فلم يكمل العام المقرر في الحكم الاساسي .. وذلك بسبب الاثر الذي تركته المواجهة داخل وخارج السجن .. نشر الخبر في الصحف فانهالت البرقيات والرسائل علي مكتب الحزب الجمهوري بالتهنئة لهذا النضال المشرف للسودانيين ، وإليك نماذج من تلك البرقيات:
    * سكرتير الحزب الجمهوري - أمدرمان
    كان سجن الرئيس درساً قيماً لشباب الجيل في الايمان والروح وقد سررنا لخروجه لا شفقة عليه ولكن ليواصل الجهاد الوطني..
    حسن بابكر القضارف 24/7/1946م
    * محمود محمد طه – الحزب الجمهوري – أمدرمان
    تأكل النار الصدأ واللمما وبها يسمو كريم الذهب
    ويرى الحر العذاب المؤلما لذة في الحق ياللعجب
    ياسجيناً قدره قد عظما وسما حتى جثا في السحب
    أحمد محمد عثمان – عطبره 29/7/1946م
    * الاستاذمحمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري – أمدرمان
    أعضاء جبهة المؤتمر الوطني بالابيض يرون في خروجك من السجن آية واضحة للإيمان بالوطنية الصادقة ويعدون جهادكم رمزاً للكرامة السودانية، فبقلوب مفعمة بالغبطة يشاركون اخوانهم الجمهوريين السرور بعودتكم لميدان الجهاد. السكرتارية 24/7/1946م
    * أمين صديق ، البوستة الخرطوم للرئيس
    دخلته رجلاً وغادرته بطلاً وضربته مثلاً
    علي عبدالرحمن – الابيض 27/7/1946م
    * سكرتير الحزب الجمهوري – الخرطوم
    إن جميع اعضاء الجبهة الوطنية بسنجة مستبشرون بالإفراج عن رئيس حزبكم العظيم وهم جميعاً يبتهلون إلي الله أن يسدد خطاكم ويتمنون للرئيس العافية وحسن الجهاد..
    سكرتير عام الجبهة الوطنية- سنجة 2/8/1946م
    * محمود محمد طه أمدرمان
    عرفنا فيك المثل الأعلي منذ عهد الطلب، فسرنا أن يعرف القاصي والداني هذا القلب الكبير.
    صديق الشيخ – كوستي 30/7/1946م
    *محمود محمد طه – أمدرمان
    اوفيت كرامة السودان وإبائه حقهما – فتلعش رمزاً صادقاً للوطنية الخالصة- لك تقديرنا واعجابنا.
    أتحاد طلبة كردفان- الابيض 23/7/1946م
    * محمود محمد طه – أمدرمان
    لقد سجلت بعزمك القوى وإيمانك الصادق فخراً للأجيال فالتعش مرفوع الرأس – لك مني التهاني.
    الطيب حسن / عطبره 24/7/1946م
    لم يتوقف الصراع مع الانجليز بنهاية هذا السجن الاول ، فقد ذهب الاستاذ محمود إلي رفاعه بعد اطلاق سراحه ، في اغسطس 1946م ، وقاد ثورة رفاعه ضد الانجليز عندما اعتقلوا امرآة خفضت بنتها بموجب قانون منع الخفاض .. وثار الجمهور خلفه إلي سجن الحصاحيصا وأخرج المرأة بالقوة .. نتيجة لهذا حكم عليه مرة أخرى بالسجن لعامين كاملين قضاهما بين مدني وكوبر ، وسار نفس السيرة فأضطر الانجليز إلي وضعه في غرفة خاصة تفادياً للحرج الذي يحدثه بمواجهته الصارمة .. فكان هذا الوضع هو النواة التي انبني عليها وأسس حق السجن السياسي لمن يعمل بالسياسة ..
                  

04-18-2008, 02:53 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    القول الفصل في حكم الضحية عند الأستاذ محمود محمد طه
    الضحية غير واجبة لا على الفقراء ولا على الأغنياء بل الواجب تركها
    الضحية كانت سنة عادة مرحلية أسقطت عن الأمة بالعمل النبوي
    د.محمد محمد الامين عبد الرازق
    بسم الله الرحمن الرحيم (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ). صدق الله العظيم.
    في إحدى زياراته لحديقة الحيوان بالخرطوم ، قال الأستاذ محمود ، أن الإنسان كلما زار الحديقة ، فإنه يخلف طرفاً من حيوانيته فيها ، ومن ثم يحس بقيمته الإنسانية ويتجه نحو التخلص من صفات الحيوان التي يراها مجسدة أمامه في تنوع الحيوانات .. والتخلص من صفات الحيوان في الإنسان يقرب الإنسان إلى الله .. وفي تاريخ البشرية الطويل كان التقرب إلى الآلهة يتم بذبح الإنسان ، ثم بذبح الحيوان ، وفي هذا الإطار يجئ من أصول القران الفهم العلمي الذي يدعو للانتقال من الخارج إلى داخل النفس البشرية ، والعمل على تهذيبها نحو الإنسانية .. وهذه النهاية كانت جميع التجارب السابقة العنيفة بالفرد البشري وبالحيوان مقدمة لها ، ولذلك فإن التقرب إلى الله اليوم إنما يكون بالتخلص من صفات الحيوان فينا وليس بذبح الحيوان خارجنا بأي حال من الأحوال..
    هذا البحث عن (الضحية) يعرض النصوص القاطعة ، والآثار المسنودة في سقوط الضحية في حق الأمة المسلمة !! ويأتي البحث في وقته تماماً ، فقد صارت الظروف الاقتصادية الصعبة ، المتمثلة في غلاء أسعار الماشية ، بصورة مذهلة ، واقعاً ضاغطاً يجعل دعوتنا إلى التمثل بالنبي الكريم حين ضحى عن أمته ، فأسقط وجوب الضحية عنها ، وبأصحابه حين كان كبارهم ، وأغنياؤهم ، لا يضحون ، اتباعاً لروح الدين وتفهماً لعمل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم .. يضاف إلى ذلك الوضع الصحي المتردي الناجم عن ظهور مرض الحمى النزفية بالبلاد، كل ذلك يجعل هذه الدعوة ، اليوم أكثر واقعية ، وأقرب إلى الأذهان ، من أي وقت مضى.. هذا إلى جانب الآثار الاجتماعية السلبية التي تنجم عن الضحية في مثل ظروفنا الراهنة ..
    ولسنا نريد ، بذلك أن نجد للصعوبة والاستحالة العملية في (التضحية) ، مبررات دينية كدأب الدعاة ، الدينيين ، اليوم ، ولكننا إنما نريد أن نجد لرأينا الديني الثابت ، المسبق في الضحية سنده من هذا الواقع الجديد ، كدأبنا دائماً حين نسبق الأحداث برفع صوت العقل ، فيبدو غريباً لا يسمع له ، إلا بعد أن تطل الأحداث برأسها ، فيجد رأينا مصداقه فيها!! فنحن،الإخوان الجمهوريين ، في تحرينا لاتباع السنة الحقيقية (ونحن الدعاة إلى أحيائها ، اليوم) إنما نرى أن الضحية ، كما هي في الدين ، سنة عادة سقط حكمها بذهاب ظروفها ، ونسند ذلك بأقوى الأسانيد القرآنية ، والنبوية ..ولذلك فنحن، ومنذ زمن، لا نضحي كما لم يكن أبو بكر وعمر وأغنياء الأصحاب يضحون ، فيما ترويه الآثار المثبتة في هذا البحث.. ولو كان دافع الناس للضحية دافعاً دينياً لما احتفلوا بها ، وهي المرحلية ، وأهملوا السنن النبوية الأساسية في الخلق ، وفي قيام الليل ، وفي تفقد المحتاجين ، والبذل لهم ، وذلك مما يدل على انتهاء وقت الضحية كقربة دينية ، بعد أن أصبحت مظهراً اجتماعياً يحرص الناس عليه ، وبأساليب تبعدهم عن الدين، وتذهب باستقرارهم الاقتصادي ، والصحي ، مع أن هناك سنناً أساسية تهم المتدينين ، أكثر فأكثر ، ولكنها لا تجد منا الحرص الذي تجده الضحية كعادة اجتماعية..فالضحية ساقطة في حق هذه الأمة ، وسقوطها اليوم ، في حقها ، أكثر (وجوباً) من أي وقت مضى ..
    ما هي سنة العادة ؟؟
    سنة العادة هي ما كان يفعله الرسول ، صلى الله عليه وسلم ،اخذا بالعادة السائدة في ذلك المجتمع ، والتي إنما تتعلق بظاهر الحياة ، كالأكل ، واللبس والمركب ، ومما يمثل التطور التاريخي لذلك المجتمع ، ولا يتعلق بجوهر العبادة ، أو المعاملة ، ولا يتعارض مع غرض من أغراض الدين ، في ذلك الوقت .. ولقد كان أخذه ، بمثل هذه العادة إنما هو من تمام تنزل الرسالة إلى أرض الواقع المعاش ، حيث تقتضي الحكمة ألا تصادم الرسالة العرف ، وإنما تعايشه ، وتهذبه وتتسامى به. قال تعالى لرسوله الكريم: (خذ العفو ، وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ..) ، وذلك تدريجاً للناس ، ورحمة بهم ودفعاً للمشقة والعنت عنهم .. قال تعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم ، عزيز عليه ما عنتم ، حريص عليكم ، بالمؤمنين رؤوف رحيم) .. ومن هذه الحكمة أن سنة العادة ليست سنة باقية ، وإنما هي رهينة بالظروف التاريخية المؤقتة ، فهي تتطور ، وتتغير حسب ما يجد من تطور المجتمع البشري ، والفرد البشري .. ومن سنة العادة كانت اللحية ، والعمامة والعصا ، والضحية ..
    أما سنة العبادة ، تمييزاً لها عن سنة العادة ، فإنما هي السنة الباقية ، الواجبة الاتباع ، لأنها تقوم على أصول القرآن الثابتة ، وتمثل عمل النبي الكريم ، في خاصة نفسه والدال على معرفته بربه ، وعبوديته له. هذه هي السنة التي نعنيها حيثما تحدثنا عن السنة ، وذلك كالصلوات الخمس ، وصلاة القيام في الثلث الاخير من الليل ، وكالزكاة النبوية في إنفاق ما زاد عن الحاجة الحاضرة .. وهذه السنة هي معاملة النبي لربه ، وهي تثمر معاملة النبي للخلق ، وهي تقوم ابتداء على كف الأذى عن الناس ، ثم تحمل الأذى منهم ، ثم توصيل الخير إليهم. وهذه هي السنة المعنية بقول النبي الكريم: (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً ، كما بدأ فطوبى للغرباء!! قالوا من الغرباء يا رسول الله؟ قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها !!) ..والضحية سنة من سنن العادة التي فعلها الرسول الكريم ، ولكنها ، حتى كسنة عادة ، أقل سنن العادة تأكيداً فقد أسقطها عن أفراد أمته ، لقيامه بها عنهم فلم يلتزمها أكابر أصحابه ، وسائرهم كما سنرى في هذا الفصل.
    جذور الضحية وتطورها:
    هاهو الأستاذ محمود محمد طه يتحدث عن طور من أطوار (الضحية) حينما كان الفرد البشري هو نفسه (الضحية)!! ثم عن طور آخر منها حينما فدى الإنسان بالحيوان ، فصار الحيوان هو (الضحية) .. مشيراً بذلك ، إلى طور جديد فيه تسقط حتى (الضحية) بالحيوان ، فيتم ، بالعلم ، فداء الفرد البشري وفداء الحيوان معاً !! يقول الأستاذ محمود في كتاب (الرسالة الثانية من الإسلام) صفحة 29: (ولما كان الفرد البشري الأول غليظ الطبع، قاسي القلب، بليد الحس، حيواني النزعة، فقد احتاج إلى عنف عنيف لترويضه ، ونقله من الاستيحاش إلى الاستئناس ، وكذلك كان العرف الاجتماعي الأول شديدا عنيفا ، يفرض الموت عقوبة على أيسر المخالقات بل أنه يفرض على الأفراد الصالحين أن يضعوا حياتهم دائماً في خدمة مجتمعهم ، فقد كانت الضحية البشرية معروفة تذبح على مذابح معابد الجماعة استجلاباً لرضا الآلهة ، أو دفعاً لغضبها حين يظن بها الغضب ، ولقد كانت هذه الشريعة العنيفة ، في دحض حرية الفرد في سبيل مصلحة الجماعة ، معروفة ، ومعمولاً بها إلى وقت قريب ، ففي زمن أبي الأنبياء إبراهيم الخليل ، وهو قد عاش قبل ميلاد المسيح بحوالي ألفي سنة ، كانت هذه الشريعة لا تزال مقبولة ديناً وعقلاً ، فإنه هو نفسه قد أمر بذبح ابنه إسماعيل ، فأقبل على تنفيذ الأمر غير هياب ولا متردد ، فأذن الله ، يومئذ ، بنسخها فنسخت ، وفدي البشر بحيوانية أغلظ من حيوانيته ، وكان هذا إعلاماً بأن ارتفاع البشر درجة فوق درجة الحيوان قد اشرف على غايته .. ولقد قص الله علينا من أمر إبراهيم وإسماعيل فقال (وقال إني ذاهب إلى ربي سيهديني * رب هب لي من الصالحين * فبشرناه بغلام حليم * فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام إني أذبحك ، فانظر ماذا ترى ، قال يا أبت أفعل ما تؤمر ، ستجدني إن شاء الله من الصابرين * فلما أسلما وتله للجبين * وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا أنا كذلك نجزي المحسنين * إن هذا لهو البلاء المبين * وفديناه بذبح عظيم * وتركنا عليه في الآخرين * سلام على إبراهيم).. (وتركنا عليه في الآخرين) تعني ، فيما تعني ، إبطال شريعة العنف بالفرد البشري ، لأنها لبثت حقباً سحيقة ، وقد تم انتفاعه بها فارتفع من وهدة الحيوانية ، وأصبح خليقاً أن يفتدى بما هو دونه من بهيمة الأنعام.. ولا عبرة ببعض صور العنف التي لا يزال يتعرض لها الأفراد في المجتمعات البشرية المعاصرة ، فأنها آيلة إلى الزوال كلما أتيحت لها فرص الوعي والرشد. فإن التضحية الحسية بالفرد البشري لم تنته بجرة قلم على عهد إبراهيم الخليل ، والتاريخ يخبرنا أن المسلمين ، لدى فتح مصر قد وجدوها تمارس في صورة عروس النيل ، فأنه قد قيل أن عمرو بن العاص فاتح مصر وأميرها يومئذ ، قد انتبه ذات يوم على جلبة عظيمة ، فسأل عنها ، فأخبر أن القوم قد جرى عرفهم بأن يتخيروا بنتاً ، من أجمل الفتيات ، ومن أعرق الأسر ، يزفونها كل عام إلى النيل ، يلقونها في أحضانه فداء لقومها من القحط ، لأنها تغري النيل بأن يفيض عليهم باليمن والبركات ، فطلب إليهم عمرو بن العاص أن يستأنوا بها ، حتى يستأمر عمر بن الخطاب إليهم في ذلك فكتب إلى عمر ، فرد بجوابه المشهور الذي قال فيه:
    (بسم الله الرحمن الرحيم
    من عبد الله عمر بن الخطاب ، أمير المؤمنين ، إلى نيل مصر.
    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
    أما بعد ، فإن كنت تفيض من عندك فلا تفض وإن كنت إنما تفيض من عند الله ففض. وأمر عمرو بن العاص أن يلقيه في النيل ، ففعل ، وفاض النيل ، وأبطلت من يومئذ تلك العادة ، وتم بالعلم فداء جديد للفرد البشري).
    فداء الإنسان بالعلم:
    هذا ما جاء في كتاب (الرسالة الثانية من الإسلام) عن فداء الإنسان بالحيوان .. وقد أشار هذا الكتاب أيضاً ، إلى فداء الإنسان بالعلم حينما تحدث عن بني إسرائيل فيما تحكيه الآية (وإذ قال موسى لقومه يا قومي إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل ، فتوبوا إلى بارئكم ، فاقتلوا أنفسكم ، ذلكم خير لكم عند بارئكم ، فتاب عليكم ، إنه هو التواب الرحيم) فقال الكتاب (وفرض عليهم ، في التوبة أن يقتلوا أنفسهم ، قتلاً حسياً وهو بسبيل مما تحدثنا عنه في أمر التضحية بالفرد البشري على مذابح العبادة في أول النشأة) ومضى الكتاب ليقول (ولما تقدم الفرد البشري هونا ما ، وأصبح لا يحتاج كل ذلك التشديد ليتربى خفف عنه) ، وتحدث الكتاب عن هذا التخفيف حين جاء التشريع في حق الأمة المحمدية: (ونهي عن قتل النفس التي أصبحت تستجيب بأقل من هذا العنف فقال (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً) وهو إنما كان في شريعته بنا رحيماً لأننا أصبحنا رحماء "كما تدين تدان") (الرسالة الثانية من الإسلام) صفحة 44 و45.
    وقد أكد النبي الكريم أن حكمة الضحية بالحيوان قد أشرفت ، هي أيضاً على غايتها ، فضحى ، هو ببهيمة الأنعام ففدى بها أمته .. ضحى بها ختماً لسنة أبيه إبراهيم ، في الفداء بالحيوان ، وافتتاحاً للعهد الذي تنتهي فيه عادة القربان الحيواني. فإنه لما سأله أصحابه: ما هذه الأضاحي ؟؟ قال: سنة أبيكم إبراهيم!! (سنن ابن ماجة ، الجزء الثاني ، صفحة 26 ، وتفسير ابن كثير لسورة الحج ، الجزء الرابع ، صفحة 641).
    الضحايا والهدايا في الجاهلية:
    وعن عادة القربان بالضحايا والهدايا في الجاهلية يقول ابن كثير في تفسير قوله تعالى ، من سورة الحج (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ، ولكن يناله التقوى منكم ، كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم ، وبشر المحسنين) .. وعلى هذه الآية: إنما شرع لكم نحر هذه الهدايا والضحايا لتذكروه عند ذبحها ، فإنه الخالق الرزاق لا يناله شيء من لحومها ، ولا دماؤها ، فإنه تعالى هو الغني عما سواه ، وقد كانوا في جاهليتهم إذا ذبحوها لآلهتهم وضعوا عليها من لحوم قرابينهم ونضحوا عليها من دمائها ، فقال تعالى: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها) وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي ابن الحسين ، حدثنا محمد بن أبي حماد ، حدثنا إبراهيم بن مختار عن ابي جريج قال: كان أهل الجاهلية ينضحون البيت بلحوم الإبل ودماؤها ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فنحن أحق أن ننضح) فأنزل الله (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) أي يتقبل ذلك ويجزي عليه). انتهى تفسير ابن كثير.
    وهكذا فإن الضحايا والهدايا كانت عادة اجتماعية سائدة ، قبل الإسلام ، ولكنها قرابين للآلهة ، يذكرون عليها أسماءها ولا يأكلون لحومها فلما جاء الإسلام أبقى على هذه العادة لارتباطها بالتطور التاريخي لذلك المجتمع ، ولكنه جعلها قربة لله بدلاً عن الآلهة وجعل ما يذكر عليها هو اسم الله ، بدلاً عن أسماء الآلهة ، ومنع نضح دمائها ولحومها عل الكعبة وأباح أكل لحومها .. قال تعالى: (والبدن جعلها من شعائر الله ، لكم فيها خير ، فاذكروا اسم الله عليها صواف ، فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها ، وأطعموا القانع والمعتر ، كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون) ..(فالبدن) ، وهي إبل الهدي الذي يسوقه الحاج معه ليذبحه بعد أداء مناسكه ، ويهديه للكعبة ، كان للمسلمين فيها خير ، (لكم فيها خير) وهو الانتفاع بلحومها كما وجهت لذكر الله ، وشكره .. جاء في تفسير ابن كثير الجزء الرابع ، صفحة 632: ("فكلوا منها" قال كان المشركون لا يأكلون من ذبائحهم فرخص للمسلمين).
    ويقول كتاب (مكة والمدينة في الجاهلية وعصر الرسول) لأحمد إبراهيم الشريف ، صفحة 182 – 183 عن اصل عادة (الهدي) قبل الإسلام ، وعن دخولها عهد الإسلام (ومضامين الآيات وأساليبها تلهم بقوة وصراحة أنها كانت تقاليد العرب قبل البعثة وقد أقرها الإسلام لما فيها من فوائد عظيمة في ظروف الحج وفي بيئة قبل البعثة وبعدها ، وكان العرب يحيطون هذا التقليد بالعناية والحرمة بل التقديس والرهبة حتى يترك الحاج هديه سائما فلا يتعرض له أحد بسوء لأن التعرض له إنما هو التعرض لمال الله تقرباً إلى الله رب البيت وقد ابطل الإسلام هذه العادة ونبه إلى أن الله لن يناله شيء من لحومها ولا دماؤها ولكن الذي يريده من الناس هو التقوى والإخلاص ، وكانوا يأثمون من أكل لحوم هديهم ويتركونها للفقراء والمساكين والسباع والجوارح فأباح الإسلام لأصحاب الهدي إن شاءوا أن يأكلوا منه وأن يطعموا البائس الفقير والقانع والمقتر أي المحتاجين سألوا أو لم يسألوا ، كما كانوا يذبحون الهدي عند الأوثان والأنصاب في فناء الكعبة ويذكرونها في أثناء الذبح فنهى القرآن عن هذا وأوجب ذكر الله وحده عند الذبح) انتهى.
    فالهدي والضحية كفداء ، إنما كان عادة اجتماعية سائدة قبل الإسلام وقد دخلت عهد الإسلام بعد تهذيبها وسنرى فيما يلي كيف ضحى النبي الكريم عن أمته فأسقط عنها وجوبها.
    الرسول الكريم يضحي عن أمته:
    وفدى الرسول صلى الله عليه وسلم أمته بأن ضحى عنها ، فأسقط الضحية عن كافتها!! جاء في تفسير ابن كثير الجزء الرابع صفحة 642 (عن علي بن الحسين عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين ، فإذا صلى وخطب الناس أتى بأحدهما وهو قائم في مصلاه فذبحه بنفسه بالمدية ، ثم يقول: (اللهم هذا عن أمتي جميعاً: من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ) ثم يأتي بالآخر فيذبحه بنفسه ثم يقول: (هذا عن محمد وآل محمد) فيطعمهما جميعاً للمساكين ، ويأكل هو وأهله منهما. رواه أحمد ، وابن ماجة..) ثم يمضي ابن كثير فيقول ، في صفحة 646: (وقد تقدم أنه عليه السلام ضحى عن أمته فأسقط ذلك وجوبها عنهم) .. فالنبي الكريم بضحيته عنه وعن آل بيته ، وعن أمته إنما فعل سنة أبيه إبراهيم ولكنه لم يستن الضحية ابتداء .. فعل سنة إبراهيم فاختتمها ، وفدى أمته عنها وافتتح عهداً جديداً للتقرب إلى الله بالعلم ، وفدى أمته بالفكر ، لا بالحيوان ، وهو وفي نفس الوقت ، إنما جارى عادة سائدة ، فهذبها وتسامى بها ، وفتح الطريق إلى ما هو خير منها ..
    ونسوق فيما يلي أدلة أخرى على إسقاط الرسول الكريم للضحية عن أمته.
    1- جاء في "سبل السلام" الجز الرابع ، صفحة91 : (وقد أخرج مسلم وغيره من حديث أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسل: (إذا دخلت العشر فأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره شيئاً) قال الشافعي: إن قوله (فإذا أراد أحدكم) يدل على عدم الوجوب) ، وفي (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) ، الجزء الأول صفحة 464 مثل هذه الرواية ومثل هذا التعقيب.
    2- وتدل الروايات على أن النحر قد كتب على الرسول الكريم ، ولم يكتب على أمته ، قياماً عنها بسنة هذه العادة الموروثة ، وفداء لها بإسقاطها عنها .. فقد أورد (سبل السلام) في نفس الصفحة السابقة: (ولما أخرجه البيهي أيضاً من حديث ابن عباس قال: ثلاث هن على فرض ولكم تطوع وعد منها الضحية. أخرجه أيضاً عن طريق آخر بلفظ: (كتب علي النحر ، ولم يكتب عليكم) .. فالنبي الكريم ضحى إسقاطاً لوجوبها على أمته ، وضحى أصحابه تطوعاً ، لا وجوباً ، وكبارهم ، وعلماؤهم وأثرياؤهم تركوها فلم يضحوا ، عملاً بحكم إسقاطها ، كما سنرى بعد قليل).
    3- وجاء في (سبل الإسلام) صفحة 96: (واخرج البيهقي من حديث عمرو بن العاص أنه صلى الله عليه وسلم قال لرجل سأله عن الضحية وأنه قد لا يجدها فقال: (قلم أظافرك ، وقص شاربك ، واحلق عانتك ، فذلك تمام أضحيتك عند الله عز وجل !! – ورواه أبو داوود في (سنن أبي داوود) الجزء الثالث صفحة 93. وفي هذا الحديث إشارة لطيفة إلى استبدال الضحية بالحيوان بعمل يتجه إلى تهذيب بقايا الموروث الحيواني في البشر أنفسهم وهي الشعر والأظافر ، مما يفتح الطريق أمام قيمة جديدة هي أن يفدي الإنسان نفسه ، بتهذيب نفسه ، لا بكائن خارجه إنساناً كان أو حيواناًََ!!
    الصحابة لا يضحون!!
    جاء في تفسير ابن كثير الجزء الرابع صفحة 646 (وقال أبو سريحة كنت جاراً لأبي بكر وعمر وكانا لا يضحيان خشية أن يقتدي الناس بهما) وجاء في سبل الإسلام الجزء الرابع ص 91: (وأفعال الصحابة دالة على عدم الإيجاب – إيجاب الضحية – فأخرج البيهقي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما كانا لا يضحيان خشية أن يقتدى بهما) وجاء في (الاعتصام) للشاطبي الجزء الثامن صفحة 91 (وكان الصحابة رضي الله عنهم لا يضحون – يعني أنهم لا يلتزمون).
    وهكذا .. ولو لم تسقط الضحية عن الأمة لكان الأصحاب ، وعلى رأسهم الشيخان أولى الناس بأدائها .. وأبو بكر هو من عرف بتحري الاتباع والتجافي عن الابتداع وقد أورد عنه كتاب (الاعتصام) للشاطبي في صفحة 55: (وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: لست تاركا شيئاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به ، أني أخشى أن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ)!!
    واليكم طائفة أخرى من الصحابة أدركت سقوط الضحية عنها ، فلم تضح ، بل ذهبت شتى المذاهب في تأكيد هذا السقوط: فقد أورد (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) الجزء الأول صفحة 464: (قال عكرمة: بعثني ابن عباس بدرهمين أشتري بهما لحماً وقال: من لقيت فقل له: هذه أضحية ابن عباس !! وروي عن بلال أنه ضحى بديك!!). وذكر (سبل السلام) الجزء الرابع صفحة 91: (وأخرج عن ابن عباس أنه إذا حضر الأضحى أعطى مولي له درهمين فقال: اشتريهما لحماً ، وأخبر الناس أنه ضحى ابن عباس ، وروي أن بلال ضحى بديك ومثله روي عن أبي هريرة والروايات عن الصحابة في هذا المعنى كثيرة ..) وروي (الشاطبي) في (الاعتصام) نفس الرواية في نفس الموضوع السابق كما روي عن بلال قوله: (لا أبالي أن أضحي بكبشين أو بديك) .. وهكذا فإن (ضحية) ابن عباس اللحم و(ضحية) بلال بالديك إنما هي إمعاناً منهما في تأكيد سقوط الضحية .. وقد ذهب ابن عباس إلى أكثر من ذلك فيما يرويه (الاعتصام) صفحة 91: (وقال طاقوس: ما رأيت بيتاً أكثر لحماً وخبزاً وعلماً من بيت ابن عباس يذبح وينحر كل يوم ثم لا يذبح يوم العيد!!).. أما عبد الله بن مسعود فلم يدع قط حجة ليحتج بوجوبها لا على المعوزين ولا على الموسرين !! فقد روي (الشاطبي) في (الاعتصام) الجزء الثاني صفحة 91: (وقال ابن مسعود: إني لأترك ضحيتي وإني لمن أيسركم مخافة أن يظن الجيران أنها واجبة)!!.
    وبعد فهل عسانا نحتاج بعد قول النبي الكريم ، وأقوال صحابته ، وأفعالهم إلى دليل نقلي آخر لسقوط الضحية في حق الأمة؟؟ أم هل عسى من يعدل عن هذه الواضحة أن يكون أكثر حرصاً على الاتباع من أبي بكر وعمر وعبد الله بن عباس وابي هريرة وعبد الله بن مسعود وبلال ، وسائر الصحابة؟؟
    ضعف أدلة وجوب الضحية:
    وأدلة وجوب الضحية ضعيفة في حد ذاتها .. فقد ذكر (سبل السلام) الجزء الرابع صفحة91 حديث (من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا) ، وحديث (على أهل كل بيت في كل عام ضحية) وآية (فصل لربك وأنحر) ، وقال: (والحديث الأول موقوف فلا حجة فيه والثاني ضعف بأبي رملة قال الخطابي: إنه مجهول والآية محتملة فقد فسر قوله – وأنحر – بوضع الكف على النحر في الصلاة ، أخرجه ابن أبي حاتم وابن أبي شاهين في سننه ، وابن مردوبة ، والبيهقي عن ابن عباس وفيه روايات من الصحابة مثل ذلك ولو سلم فهي دالة على أن النحر بعد الصلاة في تعيين لوقته لا لوجوبه) انتهى وقد ذكر (تنوير المقباس في تفسير ابن عباس) هذا التفسير للآية أيضاً ..
    وجاء في تفسير ابن كثير الجزء الرابع ، صفحة 646 حول حديث (من وجد سعة فلم يضح فلا يقرب مصلانا): (على أن فيه غرابة واستنكره أحمد بن حنبل) ، وتعليقاً على هذا الحديث جاء في (سنن ابن ماجة) الجزء الثاني صفحة 26: (وقد ضعفه أبو داوود والنسائي ...) . ووجه الصحة في الأمر أن الضحية كانت تؤدى أحيانا من بعض الأصحاب تطوعاً ، ولا عبرة إطلاقاً ، برأي بعض الفقهاء بوجوب الضحية حتى ولو بالاضطرار إلى استدانة ثمنها (الفقه على المذاهب الأربعة صفحة 715) فإنه قوله بالرأي يتناقص مع روح الدين وحكمة مشروعية أحكامه ونصوصه !! ويروي بعض الفقهاء وجوبها على الموسرين فحسب .. جاء في تفسير ابن كثير في نفس الموضع السابق: (وقد ذهب أبو حنيفة ومالك الثوري إلى القول بوجوب الضحية على من ملك نصاباً) ثم أورد الرأي الآخر: (وقال الشافعي وأحمد: لا تجب الأضحية بل هي مستحبة كما جاء في الحديث "ليس في المال حق سوى الزكاة"). فالقول بعدم وجوبها على الموسرين ، والفقراء على السواء إنما يتمشى مع روح الآثار القرآنية والنبوية وأقوال وأفعال الصحابة .. أكثر من ذلك!! فلا معنى حتى لأن يقال أنها مستحبة في حق الموسرين.. وقد حسم أكابر الصحابة ومنهم الموسرين سقوطها عنهم ، حسماً جازماً لا لبس فيه ولا شبهة .. والفقهاء يقولون عن الضحية: (سنة عين مؤكدة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها) – الفقه على المذاهب الأربعة الجزء الأول صفحة 715 .. وذلك أخذا بما كان عليه الأمر أيام مرحليتها كعمل تطوعي من الأصحاب ، ولكن هذا التعريف قاصر تماماً عن مبلغ الأمر ، فقد حسم الصحابة مرحليتها بسقوطها عنهم قولاً وفعلاُ بصورة نهائية ..
    العودة بالضحية إلى اصلها:
    إن الضحية في حقيقتها وأصلها هي فداء الكامل بالناقص ومن ثم فدى الإنسان بالحيوان (وفديناه بذبح عظيم) والمطلوب أساساً هو مواجهة النقص داخل الإنسان والذي قد يبلغ أن يضحي الفرد بنفسه تقرباً وفدية أو أن ضحى به فدية للآخرين قال تعالى: (توبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم) وقال (إني أرى في المنام إني أذبحك) ولكن بتقدم العلم والمعرفة الدينية كما سبق أن وضحنا فدى الإنسان بالحيوان ولكن التقرب بذبح الحيوان وبكل القربات إنما هو لتهذيب النفس وهو تهذيب يبدأ من خارج النفس ثم يدق وينسحب إلى داخل النفس ومطاردة النقص في أغوارها والآن فإن حاجتنا للسلام هي حاجة حياة أو موت والسلام لا يتحقق في الأرض إلا إذا تحقق في النفس الإنسانية ولن تحقق النفس السلام الداخلي وهي تنطوي على نقصها ومن ثم فإن الضحية الآن ترجع إلى أصلها وحقيقتها ، وهي قتل النقص في الإنسان ولما كانت النهاية تشبه البداية ، ولا تشبهها ، فإن القتل الآن هو القتل المعنوي بالفكر القوي ، الدقيق الذي به نتخلص من نقائصنا ولذلك فإن الوقت الآن هو وقت الجهاد الكبر ، جهاد النفس .. فالمطلوب اليوم ليس التقرب إلى الله بقتل الكافر ، أو ذبح الحيوان وإنما المطلوب قتل النفس السفلي في كل فرد منا استجابة للأمر النبوي (موتوا قبل أن تموتوا) وهذا ما سنفصل طرفاً منه فيما يقبل من هذا الفصل.
    لقد اسقط الرسول الكريم الضحية عن أمته! ووعي الصحابة ذلك ، والتزموه ، إيذاناً بنهاية عهد القربة إلى الله ، والفداء بالحيوان ، وافتتاحاً لعهد القربة ، والفداء ، بالفكر !! الفكر المروض بالعبادة ، المؤدب بأدب الدين ، المتخلص من هوى النفس ، وهو الفكر المستقيم ، ولقد كان جوهر السنة النبوية هو الفكر المستقيم حتى يمكن أن نعرف السنة بأنها الفكر!! قال الأستاذ محمود محمد طه في كتاب (طريق محمد) (وقد كانت حياة النبي الكريم كلها خيراً ، وحضوراً ، وفكراً ، وتجديداً ، لا عادة فيها ، كذلك كانت عاداته ، في الفكر عبادة ، ووزناً بالقسط .. فقد كان يقدم الميامن على المياسر ، ويحب التيامن ، وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً ، وكان في جميع مضطربه على ذكر ، وفكر ، فهو لا يقوم ، ولا يجلس ، إلا على فكر ، وكذلك كان من ثمرات صلاته ، وفكره ، وذكره في جميع حالاته ، حلاوة شمائله التي حببته إلى النفوس ووضعته مكان القدوة) انتهى.. والنبي الكريم هو القائل (تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة) ذلك بأن الفكر المستقيم جماع تكاليف الإسلام ، فما أنزل القرآن ، وما شرعت الشرائع وما عزمت العزائم إلا لإنجاب الفكر المستقيم ، قال تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ، ولعلهم يتفكرون).
    والكرامة البشرية لن تتحقق ، في قمتها ، إلا إذا صحح الفرد البشري حاله ، وطور قدرته من داخله عن طريق فكره ، لا بوسيلة خارجية عنه ، كالحيوان ، يفدي بها نفسه ، أو يتقرب بها إلى الله. ففداء الفرد البشري نفسه بنفسه ، بوسيلة الفكر ، في الاستغفار والشكر ، مثلاً ، هما عملان فكريان في المقام الأول ، إنما هو إيقاظ لهذه القوة الدراكة وتنمية لها لتتحمل مسئوليتها التامة عن تصحيح خطئها والتسامي بحالها .. وفي فداء الفرد البشري نفسه بنفسه عن طريق فكره فداء للحيوان من أن يتخذ وسيلة تقرب أو تفدية توسيع ، بذلك لقاعدة الحياة وتسام بالعلاقة مع كل الأحياء والأشياء.
    نهاية الضحية في عهد السلام:
    وثمة وشيجة بين ذبح حيوان الضحية وقتل الكافر ، في الإسلام. فقد شرعت (الحرب) في الإسلام على الكفار لاعتبارات مرحلية هي أن عقول أولئك الكفار لم تكن من النضج بحيث تستطيع أن تعرف الحق وتلتزمه ، ففرضت عليها تلك الوصاية الغليظة .. وحتى قتال الكفار بأيدي المؤمنين ، نفسه إنما كان مرحلة متطورة وملطفة على مرحلة تعذيب الكفار ، في الأمم الماضية ، بالعناصر الصماء كالطوفان ، والريح ، والصواعق ، وقد كانوا أشد فظاظة وغلظة ، وتبلدا .. قال تعالى عن هذه (الحرب): (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ، ويخزيهم ، وينصركم عليهم ، ويشف صدور قوم مؤمنين) وقد نزلت مثل هذه الآية من آيات (الحرب) في المدينة ناسخة لآية (السلام) والتي لم تكن البشرية يومئذ بمستطيعة أن تستجيب لها ، مثل آية: (وقل الحق من ربكم ، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ..) .. واليوم ، وفي هذا العصر الذي صارت فيه حاجة البشرية إلى السلام حاجة حياة ، أو موت بعد أن عجزت الفلسفات المعاصرة عن تحقيق السلام العالمي ، عجزاً تاماً وصارت فيه العقول البشرية إلى النضج ، والى إمكانية معرفة الحق ، والتزامه صار حكم الوقت يقتضي أن نبعث آيات (السلام) وننسخ آيات (الحرب) .. وتحت ظل عهد (السلام) هذا الذي لا يبلغ غايته إلا ببعث الإسلام ، تسقط ، أيضاً الضحية بالحيوان!! فيفدي الحيوان من أن يتخذ ذبحه قربة دينية!! (ألم يكن المؤمن مأجوراً على قتال الكافر؟؟) .. ولقد يكفي أن يكون الكافر ، بمجرد كفره ، فداء للمؤمن لقوله تعالى: (وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون) كما يكفي أن يكون مجرد وجود الحيوان فداء للبشر وذلك بارتفاع البشر درجة فوق الحيوانية وأن يكون الحيوان مسخراً لمنفعة البشر ..
    وفي عهد (السلام) (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) .. والمسلم هنا تتسع لتشمل الأحياء والأشياء!! ذلك بأن كل عاقل وكل غير عاقل مسلم لله تعالى!! والدليل: (أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً واليه يرجعون) و(وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) .. ولذلك ، ففي عهد (السلام) يكف المسلم عن ذبح الحيوان بغرض الفداء أو التقرب ، وهو يملك وسيلة إلى ذلك أفضل ، وأعمق ، وهي التفكير!!
    التمسك بقشور الدين:
    إن تمسك المسلمين بالضحية اليوم إنما يعطي صورة لتمسكهم العام بقشور الدين ، وتفريطهم في لبابه!! ولا نحتاج إلى جهد كبير في التدليل على هذا التفريط ، فنظرة عجلى إلى ما عليه المسلمون اليوم من مفارقات ، في الأخلاق والمعاملة تسعفنا بالدليل. ومعروف في الأثر النبوي: (الدين المعاملة) و(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) .. المسلمون اليوم ليسوا على شيء ، يؤدون أو يؤدى بعضهم الشعائر الدينية بصورة ميتة لا روح فيها ولا حياة وقد تملكها سلطان العادة فلا تؤثر في أخلاقهم ولا في أخلاق من حولهم .. فذهب عنهم بذلك لباب الدين الأصلي وأن بقيت القشرة الخارجية .. وصاروا كغيرهم من النصارى واليهود ، على مظاهر تحكي الدين ، بلا دين!! يذهبون إلى أماكن العبادة ، بصورة تقليدية آلية لا ثمرة من ورائها تظهر على أخلاقهم وقاماتهم الروحية ، فأدركتهم نذارة النبي المعصوم: (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه!! قالوا: أأليهود والنصارى؟؟ قال: فمن ؟؟) .. ولقد اندثرت بينهم اليوم ، السنة وماتت وعاد الإسلام ، بينهم غريباً كما بدأ .. وفي رواية لحديث اندثار السنة جاء: (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ ، فطوبى للغرباء!! قالوا: يا رسول الله كيف يكون غريباً؟؟ قال: كما يقال للرجل أنه في حي كذا وكذا إنه لغريب!!) وفي رواية أنه سئل عن الغرباء فقال: (الذين يحيون ما أمات الناس من سنتي!!) (الاعتصام) (الجزء الأول صفحة 3) وعن ابن عباس قال: (ما أتي على الناس من عام إلا أحدثوا فيه بدعة ، وأماتوا سنة ، حتى تحيا البدع وتموت السنن)!! (المصدر السابق والموضع نفسه) .. وجاء في (الاعتصام) أيضاً الجزء الأول صفحة 9 ، عن بداية اندثار السنة ، وتداعيها في الاندثار: (روي عن أبي الدرداء أنه قال: لو خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم ما عرف شيئاً مما كان عليه هو وأصحابه إلا الصلاة. قال الأوزعي: فكيف لو كان اليوم؟ قال عيسى بن يونس: فكيف لو أدرك الأوزعي هذا الزمان؟؟ وعن أم الدرداء قالت: دخل أبو الدرداء وهو غضبان فقلت: ما أغضبك؟؟ فقال: والله ما أعرف فيهم شيئاً من أمر محمد إلا أنهم يصلون جميعاً!! (رواه البخاري)..
    وعن ميمون بن مهران قال: لو أن رجلاً نزل فيكم من السلف ما عرف غير هذه القبلة!! وعن سهل بن مالك عن أبيه قال: ما أعرف شيئاً مما أدركت عليه الناس إلا النداء بالصلاة!! هذه جميعاً دلائل بدء اندثار معالم السنة منذ نهاية العهد الأموي أو الخلافة الراشدة ، وتداعي هذا الاندثار إلى ما وصل إليه المسلمون اليوم من انحطاط ديني ، دخل به الفترة الثانية ، أو الجاهلية الثانية ، ومن أول دلائل موت السنة ، واندثارها اليوم ، تماماً بينهم تفرقهم شيعاً وفرقاً وأحزاباً (كل حزب بما لديهم فرحون) ، لانبهام معالم هذه السنة أمامهم !! جاء في النذارة بهذا المصير المشئوم: تفرقت بنو إسرائيل إلى إحدى وسبعون فرقة كلها في النار إلا واحدة ، وتفرقت النصارى اثنين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وتتفرق أمتي إلى ثلاث وسبعين كلها في النار إلا واحدة!! قالوا: ومن هي يا رسول الله؟؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي!! فقد شاع بين المسلمين اتخاذ البدع ، كصلاة التراويح ، واتخاذ سنة العادة سنة عبادة ، كاللحية والضحية!! وذلك مع تفريطهم التام في السنة الحقيقية صورة تجويد العبادة وحسن المعاملة !! وتمسكهم بالضحية صورة لهذا التمسك الأعمى بقشور الدين ، فقد أسقطها النبي الكريم في حق أمته ، وأحسن صحابته الاتباع بإسقاطها عن أنفسهم ، ومع ذلك تبرز الضحية كل عيد أضحى ، كأهم معلم ديني بين المسلمين!! ومرد هذا التمسك الأعمى أما الجهل بسقوطها كقربة ، وفداء ديني ، وأما العمل بها كمظهر اجتماعي بعيد كل البعد عن القربة والفداء الديني وفي كلا الحالتين مفارقة لروح الدين ونصه .. بل أن منهم من يحرص على الضحية وهو يفرط في أوجب الواجبات الدينية في العبادة والمعاملة!!
    الضحية اليوم عمل مخالف للدين:
    وإذا قال قائل: فكيف ونحن أمام فعل النبي الكريم ونص قرآني في بهيمة الأنعام كقربة وفداء محتجاً بذلك على عدم سقوط الضحية في حق الأمة كان لنا من جهة أخرى ، في فعل النبي الكريم وقوله ، وفي فعل أصحابه ، وأقواله حجة على سقوطها!! فقد ضحى الرسول الكريم فداء لأمته من الضحية!! وجرياً مع العادة السائدة وضحى معه أصحابه ثم اسقط وجوبها بفعله وقوله ، وفهم أصحابه ذلك فلم يعودوا يضحون!! والقاعدة الذهبية في التشريع هي (تغير المصلحة بتغير الأزمان) .. ومن ذلك سابقة سهم المؤلفة قلوبهم في الزكاة فقد فرض الله لهم هذا السهم بنص قرآني (إنما الصدقات للفقراء والمساكين ، والعاملين عليها ، والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب ، والغارمين وفي سبيل الله ، وابن السبيل ، فريضة من الله والله عليم حكيم ..) .. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي هذا السهم للمؤلفة قلوبهم حتى لحق بالرفيق الأعلى. ولما ولى أبو بكر الخلافة أشار عمر إليه بقطع هذا السهم عنهم قائلاً لهم: لا حاجة لنا بكم ، فقد أعز الله الإسلام ، وأغنى عنكم فإن أسلمتم وألا فالسيف بيننا وبينكم !! (الجوهرة النيرة على مختصر القدوري ص164 ، الجزء الأول) وقد أمضى أبو بكر رأى عمر!! قال (الدواليبي) في (أصول الفقه) ، صفحة 239 إن رأي عمر كان (تبعاً لتغيير المصلحة بتغيير الأزمان رغم أن عمر (نظر إلى علة النص لا إلى ظاهره ، واعتبر إعطاء المؤلفة قلوبهم معطلاً بظروف زمنية مؤقتة وتلك هي تأليفهم واتقاء شرهم عندما كان الإسلام ضعيفاً فلما قويت شوكة الإسلام وتغيرت الظروف الداعية للعطاء كان من موجهات العمل بعلته أن يمنعوا هذا العطاء)!! وهكذا فإن النص القرآني ، والأثر النبوي إنما هما معلولان دائماً بحكمة .. ومن جوهر السنة معرفة هذه الحكمة ، والتصرف وفقها في إمضاء حكم النص ، أو تطويره .. فالنصوص ليست غاية في ذاتها ، وإنما هي وسائل لتأدية المصالح .. وفي حالة الضحية ، بالذات ، نحن أمام نصوص ، وآثار بسقوط الضحية هي التي تنسخ نصوص وآثار مشروعيتها المرحلية ، والعبرة هنا بفهم النص ، لا مجرد النص!! والقرآن الكريم يطالبنا بفهم الآيات ، ويحذرنا من جمود الفهم بقوله (والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعميانا) .. فالواجب الديني ، إذن يقتضينا أن نفرق بين أصول الإسلام وفروعه وبين سنة العبادة الأصلية الباقية ، وسنة العادة الموقوتة .. وإذا كان هذا هو أوان أحياء السنة الحقيقية في العبادة والمعاملة ، وإذا اقتضى نضج العقل البشري أن ينفتح الطريق أمام القربة الدينية بالفكرة بدلاً عن القربة الدينية بإهراق دم الحيوان وإذا جعلت الظروف الاقتصادية ، والاجتماعية والصحية ، أصلاً كما سنرى ، أمر الضحية شاقاً ، عسيراً وضاراً ، وإذا كانت الضحية أصلاً غير واجبة في حق الأمة المحمدية بتوجيه النبي الكريم ، وحسن اتباع أكابر الأصحاب ، فإن الضحية ، اليوم وفي وجه الاعتبارات التي جدت ، تصبح عملاً مخالفاً للدين تمام المخالفة!! بل هي لا تعدو أن تكون تداعياً وتأكيداً لتمسك المسلمين بقشور دينهم ، وتفريطهم في لبابه!! وسنرى فيما يلي دواعي سقوطها اجتماعياً واقتصادياً وصحياً ..
    أضرار الضحية الاقتصادية اليوم:
    من حكمة المشروعية المرحلية للضحية التوسعة على الأسر حينما لم يكن اللحم متاحاً لسائرها ، يومياً وإنما كان طعاماً موسمياً نادراً في ظروف شظف العيش التي كان يعيشها مجتمع الجزيرة العربية غير ميسور إلا للموسرين. جاء في شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك (المجلد الثالث صفحة 75): (حدثني عن مالك عن عبد الله عن أبي بكر عن عبد الله بن واقد أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاثة ، قال عبد الله بن أبي بكر: فذكرت ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن فقالت: صدق ، سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: دف ناس من أهل البادية حضرة الأضحى في زمان رسول الله فقال الرسول: إدخروا لثلاث وتصدقوا بما بقي ، قالت: فلما كان ما بعد ذلك ، قيل لرسول الله: لقد كان الناس ينتفعون بضحاياهم بعد ثلاثة ، فقال الرسول: (إنما نهيتكم من اجل الدافة دفة عليكم ، فكلوا ، وتصدقوا ، وأدخروا) (يعني بالدافة قوم مساكين قدموا المدينة) فأراد أن يعينوهم ، ولذا قالت عائشة: وليست بعزيمة ، ولكن أراد أن يطعم منها ، والله أعلم بمراد دينه) .. وجاء في (سنن أبي داؤود ، الجزء الثالث صفحة 93): ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا كنا نهيناكم عن لحومها أن تأكلوها فوق ثلاث لكي تسعكم ، فقد جاء الله بالسعة فكلوا ، وادخروا ، وأتجروا ، ألا وإن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل) .. وهكذا يقف العامل الاقتصادي أيضاً وراء الحكم المرحلي للضحية ، فقد كان الناس ينتفعون بضحاياهم كما جاء في رواية الحديث ، وكانت أيام العيد أيام أكل وشرب كما جاء في الحديث ، وذلك في تلك البيئة المعسرة ، الشحيحة لموارد الغذاء ، فكانت (السعة) كما أشار الحديث هي إحدى علل الضحية ، ثم إن نسخ حكم عدم إدخار لحومها فوق ثلاث إنما هو ، في حد ذاته دليل على تغيير الأحكام بتغير الظروف .. ولذلك فإن العامل الاقتصادي وراء حكم الضحية المرحلي قد إنتفى اليوم حيث لم يعد اللحم غذاء موسمياً نادراً ، يضطر الناس إدخاره كما كانوا يفعلون في الماضي ، اكثر من ذلك فقد تحولت المنفعة الاقتصادية من الضحية في الماضي إلى ضرر اقتصادي اليوم!! ففي بلادنا ، كما هو في سائر البلاد اليوم ، ارتفعت أسعار الماشية ، ارتفاعاً مذهلاً ، مما يجعل من العسير ، إن لم نقل من المستحيل ، على الأسرة السودانية المتوسطة الحال ، ناهيك عن الفقيرة أن تشتري كبشاً للضحية!! وبذلك صارت الضحية اليوم من وجهة النظر الاقتصادية ، التي تدخل في إطار الدين ، إنما تشكل مشقة ، واستحالة عملية .. وكثير من هذه الأسر يعجز عن مواجهة متطلبات الحياة الأساسية فكيف بالضحية؟؟ إن مثل هذا العبء المالي الذي تسببه الضحية ، إنما هو في غياب التربية الدينية الصحيحة ، مما يفتح الباب أمام كثير من المخالفات التي ترتكب للحصول على المال بأي سبيل .. أيسرها تكبيل ميزانيات الأسر بالديون ، ثم هي قد تمتد إلى الارتشاء أو التلاعب بالمال العام ، أو العجز عن الوفاء بالالتزامات المالية !! وهذه وتلك من الأضرار الاقتصادية التي تجعل الضحية في هذه الظروف عملاً غير مرغوب فيه ديناً ، دفعاً للضرر، وسداً للذريعة .. الضحية ساقطة شرعاً في حق المسلمين بخاصة اليوم ، فلماذا التمسك الأعمى بها؟
    الأضرار الاجتماعية والصحية:
    وفي الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها الناس اليوم ، تنجم عن الأضرار الاقتصادية للضحية أضرار اجتماعية لا حصر لها .. فبجانب إهتزاز الموقف الاجتماعي لغير المستطيعين الذين يضحون وهم مكبلون بالديون ، ويواجهون اختلالاً شديداً في ميزانيات أسرهم ، أو يعجزون عن الوفاء بالتزاماتهم المالية ، هناك الآثار الاجتماعية الضارة التي يجرها المستطيعون بضحيتهم على بقية أفراد المجتمع .. فهم إما أن يضطروا غير المستطيع ليضحي فيدخل في الضيق المالي الشديد ، إنقاذاً لأسرته من الحرج ، وإما أن يكلفوه أشد العنت إذا قاوم الضغط الاجتماعي الثقيل فلم يضح ، وعند ذلك أيضاً تبرز أشد صور الطبقية حدة في مجتمعنا ، وتنجم عنها أسوأ الآثار النفسية الهدامة ..
    أما الأضرار الصحية فقد أصبحت معلومات عامة هذه الأيام ، بكثرة الحديث عن إصابات الحمى النزفية التي ظهرت وسجلت وفيات في بعض الولايات ، فابتعد الناس عن اللحوم والألبان .. وكان من الواجب على الدولة أن تكثف من حملات مواجهة الذبيح العشوائي وترشد المواطنين إلى الابتعاد عن ذبح الحيوان بالمنازل خاصة في عيد الضحية ، وذلك للحفاظ على البيئة من هذا المرض الفيروسي .. هذا السبب وحده كاف لإيقاف ذبح الحيوان بالطريقة القديمة والمعروفة ، والمفترض أن يوجه الذين يصرون على الذبح إلى السلخانات لضمان سلامة الحيوان المذبوح ومن ثم سلامة الذين يتعاملون معه.. نحن في هذا البحث قد أثبتنا من الناحية الدينة بما لا يدع مجالاً للشك بأن الضحية عمل مخالف للدين ، ونسوق هذا الحديث عن الصحة كدعامة إضافية نابعة من الدين أيضاً ، لتعين الناس على الالتزام بتوجيه الدين الأساسي وهو ترك الضحية.
    أيها المسلمون: أعرفوا السنة النبوية الحقيقية ، والتزموها واتركوا القشور التي أنتم عليها ، فالوقت وقت إحياء سنة ، والضحية كانت سنة عادة مرحلية انقضى عهدها وقد سقطت في حق الأمة ، فهي غير واجبة لا على الفقراء ولا على الأغنياء بل الواجب اليوم تركها .. والله المسئول أن يهدينا إلى حقائق ديننا لنمارسها بالوعي ، وبالفكر لا بالعادة ، فإن آفة العبادة نفسها أن تصبح عادة .. وهو تعالى أكرم مسئول وأسرع مجيب ..
                  

04-18-2008, 02:54 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    من أوراق الأستاذ محمود محمد طه داخل معتقلات مايو (الحلقة الأخيرة)
    السياسة هي تدبير أمر الناس بالحق بميزان الدين

    د. محمد محمد الأمين عبد الرازق

    فى ختام هذه الحلقات نحب أن نؤكد أمراً فى غاية الأهمية ، وهو أن الحزب الجمهوري حزب سياسي ، ولكن السياسة عنده لا تنفك عن التربية الدينية ، فالتربية هى الأساس فى كل عمل يقوم به الجمهوريون . وقد كانت حركة الجمهوريين تغير اسمها حسب التحولات السياسية فى البلاد ، ففي فترات الحكم النيابي ، كان الاسم الحزب الجمهوري وفى عهود الانقلابات العسكرية ، الأخوان الجمهوريون.. ومشاركة الجمهوريين بالآراء السياسية المستنيرة أو ببث المعارف الدينية من خلال الكتب التى كانوا يخرجوها إنها تهدف إلى تنوير العقول من أجل حشد الناس فى الطريق النبوي .. هذه هى الغاية : تمليك الناس المنهاج العلمي الذى به يتمكنوا من حل جميع مشاكلهم وليس الهدف تقديم حلول جاهزة لإنسان لا يملك الأرضية التى انطلقت منها تلك الحلول .. ولذلك جاء فى دستور الحزب الجمهوري 1968م وهو الدستور القائم إلى الآن :
    الشعار : الحرية لنا ولسوانا.
    المبدأ : تحقيق العدالة الاجتماعية الشاملة والحرية الفردية المطلقة.
    الوسيلة: قيام حكومة جمهورية فدرالية ديمقراطية اشتراكية داخل حدود السودان القائمة إلي عام 1934م.
    العضوية: (أ) لكل سوداني أو سودانية بلغ أو بلغت من العمر 18 عاماً.
    (ب‌) لكل مواطن ولد بالسودان أو كانت إقامته به لا تقل عن عشر سنوات لم يغادر خلالها البلاد.
    وجاء فى المذكرة التفسيرية المصاحبة لهذا الدستور ما يلي:
    ( الحزب الجمهوري يدعو إلى مدنية جديدة تخلف المدنية الغربية المادية الحاضرة التى أعلنت إفلاسها بلسان الحديد والنار فى هذه الحروب الطواحن التى محقت الأرزاق وأزهقت الأرواح ). ويتواصل الحديث : ( ودستور هذه المدنية الجديدة ( القرآن ) الذى يقوم بحل المسألة التاريخية التى أعيت حكمة الفلاسفة ، مسألة التوفيق بين حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة ، وحاجة الجماعة الى العدالة الاجتماعية الشاملة ، وسمة هذه المدنية الجديدة ( الإنسانية ) ثم يقول :
    ( وسيبدأ الحزب الجمهوري بتنظيم منزله ، ومنزل الحزب الجمهوري ، السودان بكامل حدوده القائمة الى عام 1934م ، ذلك بأن هذه المدنية الجديدة لابد لها أن تطبق داخل هذه الحدود قبل أن تسترعي انتباه الإنسانية اللاغبة الضاربة فى التيه ، وأول خطوة فى سبيل تطبيقها بعث ( لا إله إلا الله ) من جديد لتكون خلاقة فى صدور الرجال والنساء اليوم كما كانت بالأمس، وذلك بدعوة الناس إلى تقليد محمد ، إذ بتقليده يتحقق لنا أمران : أولهما توحيد الأمة بعد أن فرقتها الطائفية أيدي سبأ وثانيهما تجديد الدين .. ) انتهت المذكرة التفسيرية.
    وهكذا يتضح جلياً أن الحكم الصالح القائم على الدعامات الثلاثة : الديمقراطية ، الاشتراكية والعدالة الاجتماعية لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع إلا إذا انخرط الشعب فى مجمله فى الطريق النبوي ، والسبب فى هذا الإصرار على المنهاج هو أن الفشل فى إدارة أمور الناس فى وقتنا الحاضر إنما يرجع فى الأساس إلى فساد الحكام والمحكومين ، أو قل خراب النفوس الداخلي .. ولذلك فإن الإصلاح يبدأ بخلق أفراد نماذج فى السلوك الإنساني ، ثم مجموعة نموذج فى التنظيم الاجتماعي .. وعندما اصدر الحزب الجمهوري صحيفة ( الجمهورية ) لأول مرة فى عام 1954م ، قال فى افتتاحية العدد الأول :
    ( أيها القارئ الكريم : تحيه طيبة .. أما بعد
    فهذه صحيفة الجمهوريين يقدمها لك فتية أمنوا بربهم ، فهيمن عليهم الإيمان على صريح القصد ، فهم يقولون ما يريدون بأوجز أداء ويعنون ما يقولون من الألف إلى الياء … و( الجمهورية ) تطمح فى أن تخلق تقليداً فى الصحافة فى معنى ما يخلق الجمهوريون من تقليد جديد فى السياسة .. والجمهوريون حزب سياسي ولكنهم لا يفهمون السياسة على أنها اللف والدوران .. وإنما يفهمونها على أنها تدبير أمر الناس بالحق وبميزان .. وللجمهورية فى الصحافة رأى ، وهو أنها يجب أن تعين على العلم ، لا أن تمالي على الجهل .. يجب أن تسير أمام الشعب لا أن تسير فى زمرته تتسقط رضاه ، وتجاري هواه ، وتقدم له من ألوان القول ما يلذه ولا يؤذيه .. وقد تعرض الجمهوريون فى نهجهم السياسي للكثير من العنت ، والأذى من جراء مضائهم فيما يرونه الحق ، والعدل .. فهل تتعرض الجمهورية لشئ من الكساد ، من جراء ما ستجافى من التقليد التجاري بتقديم ما يقدم فى سوق النفاق؟ .
    إن هذا لا يعنينا بقدر ما يعنينا أن نستقيم على الحق .. فقد أنفقنا عمرنا نبحث عنه ، ولا نزال ، فإن وجدناه ، فإنا سنلقاك به صريحاً غير مشوب بتلطيف ، وسيكون عليك أنت أن تختار لنفسك بين وجه الحق ووجه الباطل).
    إن أسلوب الحزب الجمهوري فى العمل السياسي يعتبر تجربة فريدة ليس لها مثيل فى عصرنا الحالي .. فالحزب لم يغب عن الساحة فى تاريخه الطويل بالرغم من أنه لا يخوض الانتخابات العامة ولا يسعى إلى السلطة .. قال الأستاذ محمود ما معناه : إن حركة الجمهوريين تنطلق من مركزية حولها ثلاث دوائر : الأولى هى دائرة الجمهوريين الملتزمين ، والثانية دائرة الأصدقاء الذين توفرت لهم القناعة النظرية ولكنهم لم يطبقوا فى أنفسهم المنهاج ، أما الدائرة الكبيرة فهي دائرة الشعب السوداني .. وفى كل دورة من العمل تتسع هذه الدوائر ، فتأخذ دائرة الجمهوريين من الأصدقاء ودائرة الأصدقاء من الشعب وهكذا إلى أن تصل دائرة الجمهوريين الى نسبة 50% + 1 ، فيتمكنوا من استلام السلطة عبر صناديق الانتخاب الحر ، ثم ينظموا بيت السودان ليكون أنموذجاً للدول الأخرى .. والتركيز هنا ليس على
    ( الكم ) وإنما على ( الكيف ) . وهذا هو المقصود بالالتزام بالمنهاج ، فالتطبيق على مستوى السلطة قد سبقه تطبيق على مستوى تنظيم الجمهوريين .. ولذلك قال الأستاذ محمود : إن أكبر إنجاز أنجزناه فى عملنا هذا هو المجتمع الجمهوري ولو لم ننجز غيره يكفى ..
    السؤال هو : ما هو موقف الحزب من الذين يؤيدونه سياسياً ولا يعتمدون برنامجه التربوي كالعقائد الأخرى والتجمعات العنصرية وغيرها ؟!
    الجواب: باب العضوية مفتوح للجميع بشرط الموافقة على برنامج الحزب المعلن ، بمعنى أن الانطلاق من موقع معين ما هو إلا مرحلة نحو البرنامج الأساسي للحزب ، فكأن العضوية فى هذا المستوى تقع فى دائرة الأصدقاء وليس فى دائرة الملتزمين ، وهى دائرة لها اعتبار فى حدود معينة ، ولا تملك نفس الحقوق التى يتمتع بها من انخرط بكليته فى تطبيق برنامج الحزب التربوي .. الحزب يبحث عن قيم تحقق بوسائل محددة .. العضوية الكاملة لمن يوافق على القيم والوسائل فى آن واحد . فمن تمسك بالقيم وترك الوسائل لا يرفض ومن تمسك بالوسائل لكنه ضعيف فى القيم لا يرفض أيضاً وإنما تعتبر عضويتهما الاثنين فى حدود معينة لا تؤثر على التوجيه الأساسي الصادر من المركزية أو من دائرة الملتزمين.
    إن المركزية التى دارت حولها حركة تنظيم الأخوان الجمهوريين هى التزام المنهاج النبوي تحت ترشيد الأستاذ محمود .. وقد كان المرشد فى حركة متابعة لا تتوقف قط لكل ما يقوم به تلاميذه من حركة داخلية وخارجية ، وكان ينتظر أن تحدث هذه الحركة ثورة فكرية لتثمر ثورة ثقافية ، بها يستقر عمود التوحيد على الأرض فى مستوى جديد يمكن من قيام مجتمع نموذج فى القيم الإنسانية وقادر على تغذية هذه القيم من الالتصاق بالله .. لقد أفرزت هذه التربية اعتقادات وأثمرت علم وتحقيق روحي ، وكان المرشد يستغل ما يظهر من اعتقادات فى شحن الأفراد بالمعرفة ، إذ أن العقيدة ما هى إلا مقدمة للمعرفة ، يتوكأ عليها الضعيف كما يتوكأ المعوق على العصا..
    لقد تحدث الأستاذ محمود عن ما توصلت إليه حركة الجمهوريين فى أخر جلسات بعد الإفراج عنه والمعتقلين من تلاميذه فى 19/12/1984م أي قبل تنفيذ حكم الإعدام بشهر ، وفيما يلى اقتطف بعض ما جاء فى تلك الجلسات ، وقد كان تقييماً علمياً وتوجيهاً لما يقبل من أيام المواجهة مع نميرى ولمستقبل حركة الجمهوريين:
    أولاً: التزام المنهاج: ( ما أصبح عندنا معتقلين داخل المعتقلات ، لكننا كلنا معتقلين خارج المعتقلات … أسوار معتقلنا الجديد هى الغربة .. الغربة البعيشوا فيها الجمهوريين .. وهى فى كل مرة بتزول ، فى مستوى من مستويات زوالها .. ويوم خروجهم من المعتقل الحقيقي هو يوم سقوط الغربة .. يجئ سقوط الغربة برفع واقع الناس للفكرة أو بإنزال الفكرة لواقع الناس .. وبإنزال الفكرة لواقع الناس تحصل الثورة الفكرية .. الجمهوريين ما ببيقوا غرباء فى الوقت داك ، بيبقوا هم الأصل ، والناس بيهطعوا ويجو يدخلوا فى حظيرتهم .. رفع الواقع للفكرة أو إنزال الفكرة للواقع بيقتضى انو الناس يعيشوا الفكرة حتى تصبح ماشة على قدمين بين الناس .. ودا ما نسميه الدعوة بلسان الحال .. الدعوة بلسان الحال أبلغ من الدعوة بلسان المقال .. وما يعملوا الانسان ، ابلغ وأهم مما يقولوا الإنسان .. فرفع الواقع للفكرة ، يعنى الناس يبينوا ليهم واقعهم ، لأنو الناس ، بيكونوا فى غفلة .. الواحد يكون حوله فى مشاكل كثيرة جداً ، لكن لغفلته ، لجهله ، لعدم وعيه ، ما شاعر بواقعه .. ودى عبارة رفع الواقع للفكرة … وبطبيعة الحال ، إنزال الفكرة للواقع دى بتكون واضحة ، فى معنى أنه الفكرة تكون واضحة وجليه للناس .. إنزال الفكرة للواقع ورفع الواقع للفكرة هو البتزول بيه غربة الجمهوريين .. ودأ كله يعنى أنوا الناس عملهم يكون أهم من قولهم .. الناس يبقوا زى ماب تجئ العبارة ، مصاحف فى الدم واللحم ماشه .. أخلاقهم هى اخلاق القرآن ، ود بيجي بالتعلق الشديد ، والاحترام الشديد ، والحب الشديد ، للقرآن والنبي.
    فغربتكم قد تطول او قد تقصر على مدى ما تبذلوه من صدق فى العمل الداخلي ، عشان ما تكونوا بلسان حالكم دعاة ، والخارجي لتكونوا معلمين … ودا مصيركم وقدركم .. لكن الغربة دى لمن تنتهي ، الناس مقاماتهم بتكون أتحددت .. الفرص للعمل البتغير المقامات دى فى فترة الغربة .. ولذلك فترة الغربة دى ، الناس لازم يشوفوها فرصة زى ما شافوا الأخوان اعتقالهم فرصة .. لمن دخلوا خلف الأسوار كانوا فرحانين ، دخلوا المعتقلات فرحانين .. وهم عارفين بأنهم جايين على قدر ليخلوا لى الله ، وكانت الكتابات البتجى ، والأقوال البيقولوها كلها فى الاتجاه دأ .. فما حزنوا ما ضاقوا ما قلقو ، وهم خلف الأسوار ، لأنهم شاعرين بالمعية مع الله .. دى الخلوة .. لمن نقول الجلوة والخلوة ، معناها أن ننقل حالة الانحصار البنلقاها فى الخلوة لتكون فى الجلوة .. أنت وسط الناس ، وأنت منحصر .. أنت من أعلاك مع الله من أسفلك مع الناس .. كأنك أنت عندك وجهين : وجه مما يلى الله ، ووجه مما يلي الناس .. عبادة ومعاملة ، الأثنين يقومن مع بعض وما بتكون واحدة ناجحة بدون الأخرى .. هسع الناس من الجلسة دى ، ينقلوا أسوارهم من الحيطان الكانوا خلفها ، إلى أن تكون الأسوار هى الغربة .. ونحن كلنا فى المعتقل دا .. الأخوان الوجدوا فرصة أسوار الطوب والحجر ، يقدروا يكون عندهم تصور أكثر لموضوعهم .. الأخوان ألما دخلوا فى الطوب والحجر ، كان واضح برضوا إنجازهم وتخيلهم لأخوانهم الهناك .. إذا كانت المسألة دى احتاجت لدعم زيادة ، يكون عمل الناس المارسوا ممارسة حسية فى أن كانوا خلف الأسوار ، يكون زيادة شوية بأن ينقلوا لأخوانهم، مشاهدهم الكانوا فى الداخل .. لكن منذ اللحظة دى ، الجمهوريين خرجوا من المعتقلات التقليدية الوراء الحيطان ليكونوا فى المعتقل الكبير اللى هو أنهم غرباء .. وان غربتهم دى بترد .. ويوم ترد غربتهم بيكون نصرهم المبين .. وأنو الغربة بترد فى داخل الإنسان ذاتوا ، فى أن يكون ما يقولوا يعملوا .. أن يكون نظره للداخل نظر دقيق ومحاسبته لنفسه محاسبه دقيقة .. أن يعايش نفسه يعرف نفسه ويلتزمها ، ويفكر فى نقائصها ، ليتوجه بيها لى الله ليصلحها ليهو .. الإنسان لمن يعرف نقائص نفسه يكون يسأل الله بلسان الحال .. والله لمن يسأل بلسان الحال يستجيب حتى للكافر : (( أمن يجب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء )) .. المضطر دا مش المؤمن المسلم .. أي مضطر .. (( قل ما يعبأ بكم ربى لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما..)) شوف جاب ليهم التكذيب .. لكنوا بيعبا بيهم .. لولا دعاؤهم بلسان الحال ربنا ما بيعبا بيهم .. الدعوة بلسان المقال ما بيعبا بيها ربنا ، إلا إذا كانت مصحوبة بأنوار القلوب .. بعدين أنوار القلوب تمش لقدام فى الدعاء لغاية ما تبقى لسان حال .. يعنى مضطر ..
    ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ) تجئ مع ( قل ما يعبأ بكم ربى لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما.. ) الإنسان البنظر فى داخله بيعرف عيوب نفسه .. ودى الحاجة المهمة جداً .. الفكر نحنا بنقول ، الفكر مش هو فى السموات والأرض .. الفكر فى السموات الداخلية والأرض الداخلية .. الفكر فى عيوب النفس .. دا هو البيجى بيهو الخير .. لأنه بيكون دعوة بلسان الحال .. أنا افتكر أنو الجمهوريين يستشعروا الصورة دى ، أنهم هم فى معتقل والمعتقل دا أسواره الغربة .. وأنو يحاولوا أن يرفعوا الغربة بأن يكونوا مقنعين للناس الحولهم بلسان حالهم وبلسان مقالهم).
    ثانياً: مواجهة مايو: (سمعنا مؤكد كلام طيب جداً من رؤساء المعسكرات الثلاثة عن التجربة .. وعن رأيهم فى اتجاه عام لمقبل الحركة .. حركة الجمهوريين .. الحاجة الإنسان قوى الثقة بالله فيها أن الجمهوريين ما يلقوا إلا ما يقويهم ويزيدهم ويجهزهم لأمرهم بالمرة .. زى ما حصل الاعتقال الناس مشوا ليه مسرورين وفرحانين ، وعاشوه مسرورين وفرحانين ، وخرجوا منه مسرورين فرحانين .. لكن من المؤكد أنو نحن مقبلين على حركة عايزة تشمير أكثر .. بنقصرها يقدر ما نشمر .. نحن خرجنا برضو فى وقت ، الشعب واقع عليه شئ كثير جداً من الاضطهاد ومن الظلم ومن الجوع .. من الجوع بصورة محزنة .. بعدين السلطة فى أضعف أوقاتها .. حاجة مربوكة .. السلطة مربوكة ما عارفة تعمل شنوا .. الهوس الديني لضعف السلطة ، افتكر أنه هو قريب من السلطة.. والهوس الديني من المؤكد أنو بيستهدف الجمهوريين .. ما عنده اعداء غير الجمهوريين ، حتى ولا السلطة .. ولذلك أنا افتكر أن الأيام المقبلة راح تكون أيام عراك .. لكن العراك ما بضركم بأى حاجة .. راح يقويكم ويزيد قاماتكم ، بس لأنو المشوار طويل ، مش بحساب الزمن .. بحساب القامة الروحية .. القامة الروحية المطلوبة كبيرة جداً .. إذا كان نحن أيقنا بأن الفكرة الجمهورية هى الدين .. وأنو الدين عائد بغرابة ، غرابة شديدة وأنو عائد ليكون فى قامة هى قامة كوكبية .. زى ما المجتمع البشرى هو مجتمع كوكبي وكله محتاج للدين .. لابد أنو الناس البيرفعوا المشاعل دى يكونوا قامات عالية جداً .. كل العوامل بتضافر لترفع القامات دى .. لكن بقدر ما نجود ، بقدر ما نغير أنفسنا ، نحن بنقصر المشوار دا .. واحد من مشايخة الأحمدية ، الشيخ البشير فى الحقنة ، أدى واحد من تلاميذه اسم عشان يكرروا فى سبحته قالو : أعملو كم يا مولانا ؟ قال ليه : إن كنت من أهل التوحيد أعملوا مرة واحدة .. الناس بيعملوا عدد السبعين عشان يكون فى واحد صاح .. هسع الجمهوريين أمامهم المشوار دا .. إما الحكاية بتبقى سبعين ألف أو تبقى واحدة .. فإذا كان كل واحد عرف مسئولية وخطورة القامة المطلوبة منه ، والمقام المطلوبة أن يملاه ، وعكف على نفسه افتكر المشوار قصير .. لكن لابد أن يكون فى تغيير جوّ .. المعركة الجمهورية هى كلها هى معركة روحية .. أنتو تنتصروا انتصار روحي .. زى ما بنقول معركة الجمهوريين فى سجادة الثلث .. دى عبارة بتقال دائماً .. بطبيعة الحال الناس كلما يمشوا لقدام زى البيجمعوا قوة ، وسرعتهم بتبقى أكثر لأنو فى أنوار استجمعت .. بجيكم وقت الأنوار الاستجمعت دى فجأة تشتعل .. زى حكاية : ( ثم أنشأناه خلقاً آخر ) بعد الستة أطوار : ( ثم أنشأناه خلقاً آخر ) فانتو هسع الناس الخرجو من المعتقلات ، والناس المعتقلين فى البيوت ، وفى المكاتب ، وفى كل جهة .. وكل جمهوري هو فى الحقيقة معتقل .. كل جمهوري هو غريب على المجتمع دا .. والغربة بطبيعة الحال بتخلى الإنسان ينظر لداخله أكثر مما ينظر لخارجه .. ويشعر بانو هو مقصود بالعداوة ، وأنو ما عنده لمواجهه العداوة غير الالتصاق بالله .. وأنا أفتكر فى الأيام المقبلة راح تشعروا بالحاجة لى الله أكثر مما شعرتوا بيها فى أى وقت .. المسألة البتحوجكم لى الله هى مسألة لخيركم ما فى أى كلام .. وانا مستبشر للمسألة دى تماماً.. نحن فى منعطف جديد .. افتكر أنو الناس يأخذوه بالجد اللازم ، والعمل اللازم ، وماب تلقوا العمل دا نار ، بتلقوه نور ، نور أخضر ، بارد ، ولذيذ وممتع .. فالناس أحسن يعكفوا فعلاً بالصدق فى مواجهة أمرهم .. وخيركم قريب .. أصلوا ما فى أدني شك .. وما يجرى ليكم إلا ما يزيدكم قوة وقرب والتصاق بي الله).
    ثالثاً: الهيكل التنظيمي: ( تنتظم الجلسة وهى الجلسة المسائية الثانية بعد الإفراج عن المعتقلين . اليوم الجمعة 21/12/1984م يوافق 22ربيع الأول 1405هـ . الجلسة دى مخصصة لدراسة المشروع الذى أعدته اللجنة الانبثقت من الاجتماع العام .. انبثقت عن الهيئة الاتكونت فى الاجتماع العام .. واللجنة قامت بدراستها ، اتقدمت بها للهيئة ، الهيئة أجازتها .. اللجنة اجتمعت مرة ثانية ، زى ما سيفصل ليكم سعيد ، وأجازتها فى صورتها النهائية ..) انتهى.. ( ملحوظة : اللجنة تكونت من عشرة من الأخوان القياديين ، والهيئة تكونت من 62 وهم المعتقلون مضافاً إليهم القياديون اللذين كانوا خارج المعتقل ، والاجتماع العام هو الذى يضم جميع الأخوان والأخوات الجمهوريين .. هذا هو الهيكل المشار إليه).

    فى ختام هذه الحلقات الشكر والتقدير لكل الذين اطلعوا عليها والذين ناقشوا موضوعاتها ، وأقدم فى ما يلي الجزء الأخير من ( ديباجة الدستور):
    46)البيئة بيئتان : بيئة طبيعية ، من العناصر الصماء ، فى الأرض ، و فى السموات ، و بيئة اجتماعية ، من جميع الأحياء ، من لدن حيوان الخلية الواحدة ــ سواء أكانت خلية حيوان ، أو خلية نبات .. و البيئة مع ذلك ، وحدة متحدة ، الاختلاف بين أعلاها ، و هو الإنسان ، و أسفلها و هو ذرة بخار الماء ، إنما هو اختلاف مقدار .. هذا يعنى أن أصغر جزيئيان المادة ، إنما هى على صورة الإنسان ، و هي الإنسان ، في طور من أطوار نموه ، نحن لا نعرفه ، كما إنا لا نعرف الإنسان ، و هو فى طور الحيوان المنوي .. نحن لا نعرفه إلا بعد ان يولد ، بشرا ، سويا ، بعد مكث تسعة أشهر ، و بضعة أيام ، فى الرحم .. أن البيئة ــ سواء أكانت طبيعية ، أو اجتماعية ــ إنما هى مظهر الله العلى .. لقد تنزلت الذات العلية من صرافتها إلى مراتب الأسماء و الصفات .. تنزلت إلى مرتبة الاسم الله و بهذا الاسم قامت الأسماء و الصفات و الأفعال .. و أعلى هذه الأسماء : الله ، الرحمن ، الرحيم .. ثم يجئ ثالوث الأسماء : العالم ، المريد ، القادر .. و بهذا الثالوث ، بصورة ندركها أكثر مما ندرك ثالوث الأسماء الأول ، ظهر الخلق ــ ظهرت البيئة .. و نحن ، إنما ندرك هذا الثالوث أكثر مما ندرك الثالوث الأول ــ الله ، الرحمن ، الرحيم ــ لأن عندنا فيه مشاركة ، أكثر مما عندنا فى الثالوث الأول .. فنحن ، كل منا ، قد خلقه الله عالما ، و مريدا ، و قادرا ، فى المستوى الذى يليق بنا .. و إنما برزت البيئة الطبيعية ، و الاجتماعية ، إلى الوجود بهذه الأسماء الثلاثة .. فالله ، تبارك ، و تعالى ، قد أحاط بها علما ، و قد خصص الصورة الأولى منها إرادة ، و قد جسدها ، بالصورة التى تؤثر على حواسنا ، و عقلنا ، قدرة .. فهو بالعلم أحاط بالمخلوقات ، و بالإرادة خصص صورتها المحددة ، و بالقدرة أبرز هذه الصورة فى عالم الأجساد.. هذه صورة خلق الله .. و تشبهها صورة خلق الإنسان .. فالنجار ، تكون فى عقله صورة للتربيزة التى يريد صنعها ــ تكون فى علمه ، بصورة عامة .. فإذا أخذ قلما ، وورقة ، فرسم ارتفاعها ، و أبعاد قرصها ، و حجم أرجلها ، فقد خصص صورة العلم ، بالإرادة .. فإذا أخذ أدوات نجارته ، و بدأ فى تجهيز أجزاء التربيزة من الخشب الخام الذى فى ورشته ، إلى أن جمعها على بعضها ، فقد أبرز التربيزة، بالقدرة ــ أحاط بالتربيزة بالعلم ، و خصصها بالإرادة ، و أبرزها بالقدرة .. هذا هو المعنى المقصود من قول المعصوم : (( إن الله خلق آدم على صورته )) .. و قد سبقت إلى ذلك الإشارة.. فالله ، تبارك ، و تعالى ، حي ، و عالم ، و مريد ، و قادر ، و سميع ، و بصير ، و متكلم .. و هكذا قد جعل الإنسان حيا ، و عالما ، و مريدا ، و قادرا ، و سميعا ، و بصيرا ، و متكلما .. الإنسان يعلم بالعقل ، و يريد بالهمة ، و يقدر بالعضلات .. و لكن الله ، تبارك ، و تعالى ، لا يفعل بالجارحة ، و إنما يفعل بالذات .. فهو تبارك ، و تعالى ، يعلم بذاته ، و يريد بذاته ، و يقدر بذاته .. و هو قد خلق العالم بثالوث الأسماء ـ العالم، المريد ، القادر .. يمكن أذن أن نقول : إن العالم هو تجسيد علم الله .. يمكن أن نقول : أن العالم هو تجسيد ذات الله ، فى مستوى التنزل ، فى منازل القرب ، من عقل الإنسان ــ فى مستوى القدرة ــ و ذلك من أجل أن يفهم الإنسان .. (( اقرأ باسم ربك الذى خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ و ربك الأكرم * الذى علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم..)) علمه بقلم القدرة .. و ذلك القلم الذى أبرز المعاني إلى عالم المباني ــ عالم الأجساد .. تحرك العلم إلى القدرة ، و تحركت بينهما ، الإرادة .. و ما دمنا نتحدث عن الفتق ، بعد الرتق ، فى الخلق ، فلنواصل تعبيرنا فى امر تنزلات ألأسماء العلية : فقد كانت الإرادة والقدرة مرتتقتين ، فى العلم ، فإنفتق العلم عن القدرة ، وهى تمثل النقيض ، لأنها فى جانب التجسيد ، وتحرك البندول ــ وهو الإرادة ــ بين العلم والقدرة .. فالإرادة صفة وسطى ، من أعلاها العلم ، ومن أسفلها القدرة ، وهى تمثلهما ، كلتيهما ، كما يمثل كل وسط ، الطرفين الذين يكتنفانه .. وعلى هذا يمكن القول بأن الله تبارك وتعالى قد خلق العالم ــ البيئة الطبيعية والاجتماعية ــ بالإرادة .. البيئة مظهر إرادة الله .. والإرادة " ريدة " والريدة عندنا نحن السودانيين ــ محبة .. العالم " محبة " والله " محبة " ولم يجعل الله فى العالم بغضا وعداوة إلا لحكمه تعليمنا نحن .. والتعليم يبدأ من الجهل ــ وكذلك بدأنا نحن بنى البشر نتعلم من الجهل ونسير بتسيير الله لنا من الظلام إلى النور ــ من الجهل الى العلم .. وما خلق الله الظلام إلا لنتعلم نحن بالضد .. قال تعالى (( ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون )) خلق الظلام لنعرف النور وخلق الشر لنعرف الخير وعندما نفهم لا يبقى إلا العلم ولا يبقى إلا الخير : (( ما يفعل الله بعذابكم ، إن شكرتم ، وآمنتم .. وكان الله شاكرا عليما .. )) والله هو الذى يسيرنا من الجهل الي العلم ومن الظلام الي النور .. (( والله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور .. )) .. (( آلر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات الي النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد .. )) .. (( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات الي النور وذكرهم بأيام الله أن فى ذلك لآيات لكل صبار شكور .. )) ..

    47) لقد خلق الله ، تبارك ، وتعالى ، الإنسان ليكون عالما ، وحرا ، وحيا ، حياة لا موت فيها ، وهكذا والاه بالتعليم ، وفرض عليه العلم فرضا : (( يأ أيها الإنسان !! إنك كادح إلى ربك ، كدحا ، فملاقيه .. )) أردت ، أو لم ترد !! فإنه ما من ملاقاة الله بد !! ولا تكون ملاقاة الله إلا بالعلم .. ولقد خلق لنا الله العالم لنتعلم منه ، وفيه .. وقد سيرنا الله بالعالم ــ بالبيئة تسييرا .. لقد خلق الله العالم كله مطيعا ، ومجبولا على الطاعة .. وخلق الناس ، وأعطاهم حق المعصية ، والطاعة ، ليصلوا الي الطاعة عن طريق العلم ، والحرية : (( الم تر أن الله يسجد له ، من فى السموات ، ومن فى الأرض ، والشمس ، والقمر ، والنجوم ، والجبال ، والشجر ، والدواب ، وكثير من الناس ، وكثير حق عليه العذاب ، ومن يهن الله ، فما له من مكرم ، ان الله يفعل ما يشاء ؟؟ )) .. (( وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب )) ، هذا لمكان الطاعة ، والمعصية التى متع الله ، تبارك ، وتعالى ، بها الإنسان .. كل الوجود مسلم لله : (( افغير دين الله يبغون ، وله اسلم ، من فى السموات ، والأرض ، طوعا ،وكرها ، وإليه يرجعون ؟؟ )) .. هذا هو الإسلام العام ، له يخضع كل العالم ، ولا يشذ عنه شاذ ــ هذا هو إسلام الأجساد .. وهناك الإسلام الخاص ، وهو إسلام العقول ، وفيه تقع المعصية ، وتقع الطاعة ، ولذلك قال ، فى الآية السابقة ، بعد أن ذكر سجود كل شئ لله ، قال ، من الناس : (( وكثير من الناس ، وكثير حق عليه العذاب )) ، إشارة الي الطاعة ، والمعصية .. وليس للإسلام العام ــ ليس بالطاعة فى الإسلام العام عبرة عند الله ــ وإنما العبرة عنده بالطاعة فى الإسلام الخاص ــ العبرة عنده بالطاعة طوعا ، واختيارا ، لا كرها ، واقتسارا .. (( ومن أحسن دينا ممن اسلم وجهه لله ، وهو محسن ، واتبع ملة إبراهيم حنيفا ، واتخذ الله إبراهيم خليلا ؟؟ )) وروح الآية في عبارة (( وهو محسن )) اى مختار ، ومدرك ، لإسلام وجهه لله ..


    محمود محمد طه
                  

04-18-2008, 02:56 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الحلقة الثامنة
    من أوراق الاستاذ محمود محمد طه داخل معتقلات مايو ( 8 )
    كيف نطبق منهاج التوحيد العلمي في رؤية الفاعلين في آن معاً؟؟
    د. محمد محمد الأمين عبد الرازق
    قال الاستاذ محمود في آخر جلسة جمعته مع تلاميذه الأربعة المحكوم عليهم، قبل تنفيذ الإعدام بيوم واحد، وهو يوجههم بالتصرف المطلوب على منهج التوحيد، قال ما معناه: ( أنتو لمن تسمعوا في الأخبار أنو حسني مبارك رسل وفد من المحامين المصريين ليقابل نميري في أمركم، تفتكروا حاجات زي دي ممكن تغير الأحداث، لكن أعرفوا أن الأمور بيد الله وهو الذي يقرر فيها، فكونوا حاضرين معاهو هو في الحقيقة، واعلموا أن ما يريده ليكم فيه خير كان متوا أو حييتم، ويوم تجي شريعتكم ماها عليكم يعطيكم أياها هو، فالتوفيق يحصل في الشريعة بقدر حضوركم مع الله في الحقيقة)
    لقد تحدثنا فيما مضى عن علاقة التشريع بأعراف المجتمع، وقلنا أنها تضبط وتوجه بواسطة النبي المرسل، فما هو التحقيق الذي جعل النبي مؤهلاً للقيام بهذا الدور؟؟ الجواب هو تحقيق التوحيد.. والتوحيد علم ومعرفة بالله، هو منهاج حياة بممارسته يسلم الإنسان أمره لله من غير اعتراض قال تعالى: (ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن) .. "وهو محسن" يعني طائعاً مختاراً لهذا التسليم.. والإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.. وهو درجة في نهاية مرحلة العقيدة، تليها مرحلة علم اليقين، وهي الدرجة الأولى في مرحلة العلم.. فالسالك في طريق محمد يمر بدرجات العقيدة وهي: الإسلام، الإيمان، الإحسان ، ثم ينتقل إلى درجات العلم وهي: علم اليقين، علم عين اليقين، علم حق اليقين، ثم الإسلام من جديد.. الإسلام الذي هو في البداية إسلام ظاهري، أما الإسلام النهائي فهو إسلاماً ظاهرياً وباطنياً..
    التوحيد هو المنهج المشترك بين جميع الأنبياء المرسلين وغير المرسلين، قال تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسي وعيسي أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه، كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب).. الشرع المشترك هو التوحيد لقرينة " كبر على المشركين ما تدعوهم إليه" والذي يكبر على المشركين دائماً هو التوحيد.. ومعلوم أن شرائع الرسل الاجتماعية تختلف حسب حاجة المجتمع في الوقت المعين وتحقيق النبي المرسل في التوحيد.. وكلما اتسعت حركة المجتمع كلما نزلت تشريعات من قامة في التوحيد أعلى.. وهكذا ترتفع شريعة المجتمع تبعاً لارتفاع عمود التوحيد.. ويمكن تشبيه ذلك بعمود مثبت على الأرض ويثبت من أعلى بحبال نازلة على الأرض، فكل ما ارتفع العمود كلما نزلت الحبال بعيدة عن قاعدة العمود ليثبت، والحبال النازلة من أسفل العمود تقع قريبة من القاعدة .. إذن كلما ارتفع تحقيق التوحيد كلما اتسعت الشريعات لتغطي المساحة التي أنجزتها حركة التطور في دورة الحقيقة- الفترة..
    إن منهاج التوحيد العلمي هو سنة النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم في خاصة نفسه، والتي عليها سيتم بعث الإسلام من جديد ( الذين يحيون سنتي بعد إندثارها).. وهو يقوم على محاولة تحقيق كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) على أرض الواقع، وتعرف هذه الكلمة في السنة بأنها تعني: (لا فاعل لكبير الأشياء ولا لصغيرها إلا الله) بمعني أن الفاعل الأصلى واحد هو الله، وهذا المعني هو ما جعل الأستاذ محمود يوجه تلاميذه بالتركيز في هذه الحقيقة بالحضور مع الله والرضا بما يفعله وهم في أحلك الظروف.. وقد سبقت هذا التوجيه الأخير الذي لم يحدث بعده لقاء بين الأستاذ وتلاميذه، خطابات أرسلت من داخل المعتقل تشرح كيفية ممارسة هذا المنهج في الحياة اليومية حتى يكون واقعاً معاشاً به يرتفع عمود التوحيد على الأرض إلى مستوى جديد.. فلنتابع بدقة هذا الخطاب بتاريخ 14 فبراير 1984م، وأقترح أن نجعل له عنوان(رؤية الفاعلين) .. وأحب أن يلاحظ القارئ أن المرشد أنطلق من أرضية المواجهة مع مايو لشرح تفاصيل أدب المواجهة نفسها، فإلى الخطاب:
    بسم الله الرحمن الرحيم الثلاثاء14/ فبراير 1984م
    أبنائي وبناتي الجمهوريين:
    تحيتي ومحبتي ومعزتي
    أما بعد.. فإني أحمد الله الذي لا إله غيره، وأسأله تعالى لكم تمام النعمة بالهداية والتثبيت على السراط المستقيم، والنصر المؤزر بالعزة والكرامة.. ثم أما بعد.. فقد أنفقنا زمناً طويلاً في هذه الخلوة المباركة، في تجويد العبادة، ابتغاء تحقيق القدر المقدور لنا من العبودية.. وقد عطلنا، أو كدنا نعطل شريعتنا في هذه الفترة – شريعة معاملة المجتمع.. وإلا فإن شريعة العبادة قد كانت في أعلى مستوى.. والآن فإن القدر الذي تحقق في العبودية مرضي عندي، وأرجو أن يكون مرضي عند ربي.. معلوم أن السير في مضمار العبودية سير سرمدي، يتجدد ولا يتنهي .. ونحن نريد أن نجدده في المرحلة المقبلة بأن ندخل شريعة الجماعة في مضمار العبادة، فتكون لنا شريعتنا وحقيقتنا، فنجود التوفيق بينهما، من غير أن نذهل بالشريعة عن الحقيقة ولا أن نفني عن الشريعة في الحقيقة، وإنما هو الوزن بالقسط حيث نعامل الحق بالحقيقة، والخلق بالشريعة.. وهذا هو مقام عزكم الذي نسعي لبلوغه.. وهو مقام عزيز المنال، يقع البدء فيه ولا يتم الفراغ منه.. معلوم عندكم أن المبتدئ في العبادة الجادة، السالك مسالك العرفان بالعلم والعمل بمقتضى العلم، إنما يبدأ في غفلة يكون فيها مشغولاً بالخلق مذهولاً عن الخالق فهو لا يرى الفعل إلا من الفاعل المباشر: المخلوق، ويذهل عن الفاعل الأصلي من وراء الفاعل المباشر: الله .. وإنما من أجل الخلاص من هذه النظرة الجاهلة سنت الخلوة- الفرار من الخلق.. وبهذه الخلوة يتم فراغ البال من الخلق وتتمكن من العابد معايشة الرب حتى أنه لينتقل من رؤية الخلق في الفعل إلى رؤية الخالق وحده.. فلكأنه يصير إلى النقيض مما كان عليه قبل الخلوة.. فهو يفني عن الشريعة في الحقيقة .. وليس في أي من النقيضين كمال .. ليس في الفناء عن الحقيقة في الشريعة كمال، كما أنه ليس في الفناء عن الشريعة في الحقيقة كمال،.. وإن كان فناء الفاني في الحقيقة أكمل من فناء الفاني في الشريعة، لأن صاحب الشريعة وحدها صاحب دنيا.. وإنما الكمال في الجمع بينهما، وفي نفس الوقت..وهذا هو البقاء .. ومعلوم أننا لسنا مبتدئين في العبادة.. فإننا بفضل الله علينا، قد قطعنا في العبادة شوطاً بعيداً وموفقاً.. ولكننا مبتدئون في العبودية.. وقد ساق الله تبارك وتعالى، لنا بمحض فضله، هذه الفرصة لنخلو إليه في المعتقلات .. والمبتدئ في العبودية كالمبتدئ في العبادة من حيث حاجته للخلوة، مع اختلاف المقدار بالطبع، واعتقد أنكم لاحظتم حاجتكم إلى الخلوة منذ البداية..
    الشريعة نهج البداية.. فليس دون الشريعة دخول في الملة .. والطريقة نهج المجود في الشريعة، لأنها شريعة وزيادة – لأنها شريعة منضبطة، وهي عندنا سنة النبي الكريم.. ونحن عليها بفضل الله منذ البداية.. والحقيقة معرفة أسرار الألوهية.. علم الشريعة يوجب العمل في العبادة ..وعلم الحقيقة – علم سر فعل الله - يوجب العمل في العبودية.. والعبودية هي التأدب مع الرب بما يليق من قبل العبد.. العبودية هي ألا تستعجل الرب في أمر أجله، ولا تستبطئه في أمر أعجله، وإنما تكون معه في حضرة شئونه، لاتتقدمه ولا تتأخر عنه.. وهو كل يوم في شأن، وإنما يومه زمنية تجليه لخلقه ليعرفوه وهذا التجلي (التعليم) هو شأنه .. فأنت تكون في أدب الوقت لتعقل عن ربك.. أنت كعابد مجود للعبودية لا تعيش في الماضي، ولا تعيش في المستقبل.. وإنما تعيش في (الهنا والآن) .. وهذا معلوم عندكم، وممارس بفضل الله، في مستوى مرضي من التجويد.. والآن!! .. دعونا ننقل أسلوبنا إلى المستوي الجديد، وهو التوفيق بين الحقيقة والشريعة، النظرة الواحدة الشاملة للفاعل المباشر، والفاعل الوراء الفاعل المباشر وهو الفاعل الأصلي، والوحيد.. ثم التصرف في نفس اللحظة بما تعطيه هذه النظرة الواحدة الشاملة، من علم يتسق فيه العمل بين الحقيقة والشريعة..
    لقد عرفنا الحقيقة بأنها معرفة أسرار الألوهية.. هذه هي الحقيقة في الدين الخاص.. أما الحقيقة في الدين العام، فهي ما عليه الخلق من خير ومن شر، من علم ومن جهل، من إيمان ومن كفر.. هي الإرادة.. والإرادة هي ما عليه الخلق فإنه لا يدخل في المملكة إلا ما يريده الله.. نحن ندخل اليوم على شريعتنا بعد أن عطلناها، أو كدنا، لمصلحة حقيقتنا.. نحن ندخل على شريعتنا ومعنا حكم الوقت، بدليل أن قومنا اليوم قد تورطوا في تشويه ديننا، وفي التنكيل باسم هذا الدين بضعفاء شعبنا.. فوجب علينا من ثم، النهوض بالدفاع عن ديننا، وعن شعبنا، في هذا البلد الطيب.
    وأول ما نبدأ به هو أن ما يجري من قومنا المسئولين، نحو ديننا، وشعبنا إنما هو بإرادة الله.. وإرادة الله دائماً تنطوي على حكمة.. علم من علم وجهل من جهل.. والله يريد أمراً ولا يرضاه وهذا معلوم عندكم.. وإنما يكون عملنا نقل قومنا - مسئولين عن أمر الناس وغير مسئولين- من إرادة الله إلى مرضاته.. وهذا إنما يكون بالنقد الهادئ، والموضوعي والبناء، الذي لا ينطلق عن ضغينة ولا عن حقد، وإنما ينطلق عن رغبة أكيدة في هداية الضال.. ينطلق من محبة للضال وكراهية الضلال.. وهذا أيضاً معلوم عندكم، بفضل الله عليكم .. وإرادة الله يمر عليها وقت في جزيئات الزمان والمكان، تطابق رضاه، فيكون ما يريده هو ما يرضاه.. ثم تقع المفارقة بين الإرادة والرضا ليحصل الترقي.. واليوم المفارقة بين الإرادة والرضا أكبر مما كانت في أي وقت مضى.. فعليكم أن تنقلوا الناس عبر هذه الفرقة، بالحكمة، والملاطفة، والعطف، والحب أيضاً.. واعلموا أن الله تبارك وتعالى حين قال في الرسالة الأولى عن النبي: (عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم) قال في الرسالة الثانية: (إن الله بالناس لرءوف رحيم).. وأصحابنا الصوفية قالوا: (الرحمة بخلق الله أولى من الغيرة على دين الله) لأن الغيرة من الغيرية ولا غيرية.. يعنون بالطبع أن ما يجري على الخلق من ضلال ما هو إلا من عند الواحد الذي لا غيره- لا قبله ولابعده.. وعلى العلماء بالله أن يرحموا خلق الله، ويرأفوا بهم، وينقلوهم من الضلال إلى الهدي، وهم ينطوون على حبهم، وعلى الحرص على خيرهم..
    لعلكم تذكرون الرسم الذي عرضته عليكم في كتاب من كتب السيكولوجي .. الرسم يضم في شكل واحد إمرأة مسنة، وإمرأة شابة.. عندما ينظر الإنسان يرى واحدة من الإثنين..غالباً ما يرى المرأة المسنة.. فإذا نبه إلى أن هناك إمرأة شابة في نفس الرسم، وبدأ يدقق النظر، فإنه يراها، ولكنه في لحظة رؤيتها تغيب عن صورة المرأة المسنة، ثم لا يستطيع أن يجدها مرة ثانية – أعني المرأة المسنة- إلا بعد تدقيق، وإحداد للنظر، وإلا بعد مضي بعض الوقت .. وبمجرد أن يرى المرأة المسنة للمرة الثانية، تغيب عنه المرأة الشابة.. وهكذا .. والمطلوب أن يرى الإثنين في وقت واحد.. وهذا يمكن بطول المراس، وبتدقيق النظر وبترويض العقل.. والآن دعونا ندخل في أمر التطبيق.. إذا قال لنا إنسان قولاً، أو عمل عملاً فيه مساءة لنا، أو لغيرنا، فإنا لا نرى إلا الإنسان الذي جري لنا منه القول، أو العمل ونغضب ونضغن ونتصرف من هذا المشهد .. وبعد زمن يطول أو يقصر حسب حال أحدنا من الغفلة أو الحضرة، فإنا نرى القائل أو الفاعل الأصلي وراء الإنسان المباشر للقول أو الفعل.. هذا عمل مألوف عندنا في مرحلتنا الحاضرة من تجويد العبودية.. والمطلوب منذ اليوم، أن تكون المحاولة تقصير مدة غيبة الله، تبارك وتعالى، عنا في قول القائل المباشر أو فعل الفاعل المباشر.. يجب أن تكون مجاهدتنا في أن نتخلص من حجب الأغيار في أسرع وقت ممكن حتى نصل إلى المقام الذي نرى فيه الفاعلين في آن معاً.. فنكون مع الفاعل الأصلي بالحقيقة، ومع الفاعل الشرعي بالشريعة..
    هذا يقتضي أن نحرك شريعتنا بغير حقد، ولا ضغينة، ويقتضي أيضاً ألا نبالغ في تحريك شريعتنا، بكثرة الإلحاح وبشدة الإصرار.. ولكن إنما نحركها بإتقان، وبانضباط ، وبتجويد وبإحسان .. وإذا كان علينا أن نقوم بعمل، أو نقابل أحداً، له في تقديرنا مكان، أو إذا كان علينا أن نقدم محاضرة أو أن نقوم بمناظرة، مثلاً فإنا يجب ألا نستعجل شريعتنا فنعيش خارج اللحظة الحاضرة- نعيش في زمن المقابلة، أو زمن المحاضرة، أو زمن المناظرة، مشغولين بالتحضير لما نحب أن نقول، قبل مجئ الوقت.. هذا يحصل من طبائع الأشياء.. ولكننا يجب أن نرد أنفسنا عنه، لأنه من المبالغة في تحريك شريعتنا، ولأنه من فعل الخوف.. نريد أن نستعد لئلا ننفضح.. يجب أن نرد أنفسنا عنه لنكون حافظين لحقيقتنا في اللحظة الحاضرة.. وحين يجئ وقت شريعتنا، فإنه يجي التوفيق، فيما يقال، أو يعمل.. ويكون التوفيق في الشريعة بقدر حفظنا للحقيقة .. هذا بالطبع هو السر في أن الجمهوريين والجمهوريات إنما يرتجلون، ولا يقرأون من الورق.. ولكننا نريد أن نزيد في هذا التجويد ليكون لنا عملاً تعبدياً به نعيش ونحيا الدين- العبودية.. وهذا هو الطور الجديد الذي ندخله منذ اليوم، ثم لا تكون له نهاية لأنه إنما هو الدين يحيا..
    أقبلوا إذن على الدراسة السياسية، والقانونية على حسب النقاط التي وصلتكم، ابتغاء دفع التشويه عن دينكم، وابتغاء الدفاع عن المستضعفين من شعبكم، ابتغاء هداية من أضله الجهل من قومكم..
    امضوا راشدين وعين الله ترعاكم وتكلؤكم، وتسدد خطاكم..
    حفظكم الله، وحفظ عليكم
    والدكم/ محمود

    نواصل فيما يلي ما جاء في (ديباجة الدستور) حول الارتباط بين الكون الخارجي والكون الداخلي، ثم لشرح كيفية التحرر من الخوف بمنهاج التوحيد:
    44)الكون الداخلي صغير جدا .. أبعد كواكبه ، من الشمس ، كوكب بلوتو .. ، و هو علي بعد 3671 مليون ميل ، تقريبا ، من الشمس .. و أقرب نجم ، من نجوم الكون الخارجي من الشمس ، يقع 4.22 سنوات ضوئية .. يعنى ان نوره يصل إلى الشمس في 4.22 سنوات .. فإذا علمنا ان النور يسير بسرعة 186.282 ميل في الثانية الواحدة ، تبين لنا كيف أن الكون الداخلي جيب صغير ، داخل الكون الخارجي .. ان الكون الداخلي هو بمثابة الرحم ، من الكون الخارجي .. و في هذا الرحم تكونت الحياة ــ حياة اللحم ، والدم ــ في الأرض ، كما تتكون حياة الأحياء في أرحام الأمهات اليوم .. الكون الداخلي صغير ، و محدود .. ولكن الكون الخارجى غير محدود ، وغير متناه وانما هو مطلق لأنه مظهر المطلق .. ونحن لم نقل أن الكون الداخلى صغير ، و محدود إلا باعتبار المادة ــ باعتبار المسافات ، و إلا فانه أهم من الكون الخارجي ، بنحو قريب من كون الإنسان ــ برغم صغر جرمه ــ أهم من جميـــع الأكوان .. و ما دمنا نتحدث عن الأبعاد لتصوير صغر الكون الداخلي ، إذا ما قورن ، من حيث الحجم ، بالكون الخارجي ، فلنذكر أن نور القمر يصل إلى الأرض في 1.28 ثانية ( و لقد قطعت مسافة القمر من الأرض مركبة القمر في أربعة أيام ..) .. فهل نستطيع ان نتصور بعد أقرب نجم إلينا من الكون الخارجي ، حين يسافر نوره إلينا ، في 4.22 سنوات ؟؟ و ما هي فرصة الإنسان في السفر في الفضاء الخارجي ؟؟ أو ما سمي بالفضاء الخارجي ؟؟ ( وفى الحقيقة ليس هناك فضاء في الكون ، و إنما كله معمور بالحياة ، و لكنها ليست الحياة التي نعرفها، نحن بعقولنا ) .. و ما دمنا في ذكر القمر ، فلنقل انه ، عند الفلكيين ، ليس بكوكب من الكوكب السيارة ، و إنما هو تابع للأرض ، و الأرض هي الكوكب السيار حول الشمس .. و لكن ، من وجهة نظر الدين ، فان القمر أهم من جميع الكواكب السيارة ، ما خلا الأرض .. و ثالوث الأرض ، و الشمس ، و القمر ، يرد كثيرا في القرآن .. و لقد ورد ذكر القمر سبعا و عشرين مرة .. وورد ذكر الشمس ، ثلاثا و ثلاثين مرة .. وورد ذكر الأرض ، من حيث هي ، نحو من أربعمائة ، و ستين مرة .. و لأهمية الكون الداخلي فان الدين ، في المرحلة ، ركز عليه كثيرا .. يقول تعالي : (( و لئن سألتهم من خلق السموات ، و الأرض ، و سخر الشمس ، و القمر ، ليقولن الله .. فأنّي يؤفكون ؟؟ )) و يقول تعالي : (( الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها ، ثم استوي على العرش ، و سخر الشمس ، و القمر ، كل يجرى لأجل مسمى ، يدبر الأمر ، يفصل الآيات ، لعلكم بلقاء ربكم توقنون .. )) قولــه تعالي : (( كل يجــرى لأجل مسمى )) هو ما قلنا عنه : ان الدين ركز ، في المرحلة علي ، الكون الداخلي ، و إلا ، فان، في عبارة السموات ، موجود الكون الخارجي ، المرئي الآن ، و غير المرئي ، المعروف الآن ، و غير المعروف .. و في الكون الداخلي ، فان السموات سبع ، باعتبار أن الأرض هي المركز .. السماء الأولي القمر ، و الثانية الزهرة ، و الثالثة عطارد ، و الرابعة الشمس ، و الخامسة المريخ ، و السادسة المشتري ، و السابعة زحل .. و الكواكب السيارة ، فوق زحل ، و هي ثلاثة ، لا تكاد تري بالعين المجردة .. و علي عهد العرب ، فان الفلكيين كانوا يعتبرون زحلا ابعد الكواكب .. و لقد قال أبو العلاء المعري ، في ذلك :
    زحـــــل أشـــــرف الكواكـــب دارا ***** من لقـــاء الردي علي ميعــاد ..
    فالسموات السبع هن ، الأجرام السبعة ، و مداراتها السبعة ، قال تعالي ، في ذلك : (( و لقد خلقنا فوقكم سبع طرائق ، و ما كنا ، عن الخلق ، غافلين .. )) و إلى هذه الأجرام السبعة و ثامنتها الأرض ، تشير لدي التجسيد ، الأسماء الحسنى الثمانية ، و هي : الملك للأرض ، و القدوس للقمر ، و السلام للزهرة ، و المؤمن لعطارد ، و المهيمن للشمس ، و العزيز للمريخ ، و الجبار للمشتري ، و المتكبر لزحل .. و هذه الأسماء ، و جميع الأسماء الحسنى ، هي في حق الإنسان ، و تتعالي عنها الذات العلية ، فهي فوق الأسماء ، و فوق الإشارات .. و لان الكون ، من الإنسان ، أبرزه الله خارجه ليعلمه به ، قال تبارك و تعالي : (( سنريهم آياتنا ، في الآفاق ، و في أنفسهم ، حتى يتبين لهم أنه الحق .. أولم يكف بربك أنه ، علي كل شئ شهيد ؟؟ )) و (( انه الحق )) هنا تعود علي الإنسان ، و من ورائه إلى الذات المطلقة ، و لكن عندما يصبح الحق حقيقة ، و عندما تنقطع العبارة ، و الإشارة ..

    45) كل ذرة ، من ذرات الكون ، أرضه ، و سمواته ، المرئي منها ، و غير المرئي ، و المعروف منها ، و غير المعروف ، له مقابل في بنية الإنسان ــ قلبه ، و جسده ، و عقله .. ذلك بأن الله ، تبارك ، و تعالي ، قد خلق الكون علي صورة الإنسان ، و خلق الإنسان علي صورته هو سبحانه و تعالي ، و لقد قال المعصوم : (( ان الله خلق آدم علي صورته )) .. و هذه العلاقة الحميمة هي التي جعلت قوى العبادة في الإنسان تتجه إلى نظائرها في الكون ، فعبد الشجر ، و عبد الحجر ، و عبد النار ، و عبد الأجرام السماوية ، و عبد الظواهر المختلفة ، في البيئة التي تكتنفه .. و أرفع العبادة ، لقوي الطبيعة ، في طريق التوسل بها إلى خالقها ، ما اتفق لإبراهيـم الخليل، حيث يقص علينا الله ، تبارك ، و تعالي ، من خبره : (( و كذلك نري إبراهيم ملكوت السموات ، و الأرض ، و ليكون من الموقنين * فلما جنّ عليه الليل رأي كوكبا .. قال هذا ربى !! فلما أفل ، قال : لا أحب الآفلين * فلما رأي القمر بازغا ، قال : هذا ربى .. فلما أفل ، قال : لئن لم يهدني ربى ، لاكونن من القوم الضالين * فلما رأي الشمس بازغة ، قال : هذا ربى .. هذا أكبر .. فلما أفلت ، قال : يا قومي !! اني برئ مما تشركون * اني وجهت وجهي للذي فطر السموات ، و الأرض ،حنيفا، و ما أنا من المشركين )) .. و كذلك هداه الله إلى الحق بآيات الآفاق ..
    (( سنريهم آياتنا ، في الآفاق ، و في أنفسهم ، حتى يتبين لهم انه الحق .. )) ..
    ان الكون هو الإنسان ، و لكن الإنسان ليس الكون ، لأن الإنسان أهم من الكون .. و ان الإنسان هو الله ، و لكن الله ليس الإنسان ، لأن الله باق ـ كائن ـ و الإنسان فان ــ مستمر التكوين .. و هو مستمر التكوين يطلب كينونة الله !! و هيهات !! هيهات !! و إنما حظه من ذلك ان يكون مستمر التكوين ، في السرمد ، و هذا هو كماله ، و ليس لكماله نهاية، لأن نهايته إنما هي عند الله ، حيث لا عند .. (( و ان إلى ربك المنتهى )) و لا منتهى ..
    هذا هو الله .. و هذا هو الكون .. نحن من الله ، و إلى الله .. و الكون منا ، و قد خلقه الله لنا ليعيننا ، فهو منا ، و إلينا .. و لكن الجهل ، منذ أول النشأة ، و إلى اليوم ، قد أوهمنا أننا إنما نعيش في وسط العداوة .. قال شاعرنا ، في وقت متأخر جدا ، إذا ما قورن ببدء النشأة : -
    كأن فجاج الأرض ، و هي عريضة **** لدى الخائف ، المطرود كفة ، حابل ،
    يؤتى إليـه : ان كـــل ثنيـــــة ***** تيمـمهـا ترمــى إليـــه بقـاتــــل..
    هذا الخوف الساذج ، الفطري ، الذي أملاه علينا الجهل ، المطبق ، في سالف عصورنا ، لا يزال يوهمنا بالعداوات ، و يغرى بيننا البغضاء ، و الأحقاد ، و الضغائن ، و يثير الحروب .. و فى تطورنا نحو التحرر من الخوف ننزل المنازل المختلفة ، و نعرف ، فى مستوى من المستويات، كل حين ، حقيقة البيئة التى نعيش فيها ..
    و لقد جاء القرآن ليوحد هذا الخوف في الله وحده ، ريثما يحررنا ، بالعلم ، من الخوف العنصرى ، الساذج ، و حتى من خوف الله .. اقرأوا هذه الآيات ، شديدة الدلالة على جهلنا ، بالغة الحكمة فى علاجنا ، من ذلك الجهل .. قال تبارك و تعالى : (( و ما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ، أفان مات ، أو قتل ، انقلبتم على أعقابكم ؟ و من ينقلب على عقبيه ، فلن يضر الله شيئا ، و سيجزى الله الشاكرين * و ما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله ، كتابا مؤجلا ، ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ، و من يرد ثواب الآخرة نؤته منها .. و سنجزى الشاكرين * و كأين من نبى قاتل معه ربيون كثير ، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله ، و ما ضعفوا ، و ما استكانوا ، و الله يحب الصابرين * و ما كان قولهم إلا أن قالوا : ربنا اغفر لنا ذنوبنا ، و إسرافنا فى امرنا ، و ثبت أقدامنا ، و انصرنا على القوم الكافرين * فآتاهم الله ثواب الدنيا ، و حسن ثواب الآخرة ، و الله يحب المحسنين * يا أيها الذين آمنوا ان تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم ، فتنقلبوا خاسرين * بل الله مولاكم ، و هو خير الناصرين * سنلقى فى قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله، ما لم ينزل به سلطانا ، و مأواهم النار ، و بئس مثوى الظالمين * و لقد صدقكم الله وعده ، إذ تحسونهم بإذنه ، حتى إذا فشلتم ، و تنازعتم في الأمر ، و عصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون ، منكم من يريد الدنيا ، و منكم من يريد الآخرة ، ثم صرفكم عنهم ، ليبتليكم ، و لقد عفا عنكم ، و الله ذو فضل علي المؤمنين * إذ تصعدون و لا تلوون على أحد ، و الرسول يدعوكم في أخراكم ، فأثابكم غما بغم ، لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ، و لا ما أصابكم ، و الله خبير بما تعملون * ثم أنزل عليكم ، من بعد الغم ، أمنة ، نعاسا يغشى طائفة منكم ، و طائفة قد أهمتهم أنفسهم ، يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون : هل لنا من الأمر من شئ ؟؟ قل ان الأمر كله لله .. يخفون فى أنفسهم ما لا يبدون لك .. يقولون : لو كان لنا من الأمر شئ ما قتلنا ههنا .. قل لو كنتم فى بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ، و ليبتلى الله ما فى صدوركم ، و ليمحص ما فى قلوبكم ، و الله عليم بذات الصدور * ان الذين تولوا منكم ، يوم التقى الجمعان ، إنما استذلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ، و لقد عفا الله عنهم .. ان الله غفور حليم * يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا ، و قالوا لإخوانهم ، إذا ضربوا فى الأرض ، أو كانوا غزى : لو كانوا عندنا ما ماتوا ، و ما قتلوا ، ليجعل الله ذلك حسرة فى قلوبهم ، و الله يحى ، و يميت ، و الله بما تعملون بصير * و لئن قتلتم فى سبيل الله ، أو متم ، لمغفرة من الله ، و رحمة ، خير مما يجمعون * و لئن متم ، أو قتلتم ، لألى الله تحشرون * فبما رحمة ، من الله ، لنت لهم ، و لو كنت فظا غليظ القلب ، لانفضوا من حولك ، فاعف عنهم ، و استغفر لهم ، و شاورهم فى الأمر ، فإذا عزمت فتوكل على الله ، ان الله يحب المتوكلين * ان ينصركم الله فلا غالب لكم ، و ان يخذلكم فمن ذا الذى ينصركم من بعده ، و على الله فليتوكل المؤمنون ..))
    و مشكلتنا كلها واردة فى قوله تعالى : (( و طائفة قد أهمتهم أنفسهم ، يظنون بالله غير الحق ، ظن الجاهلية !! )) سبب الخوف جهلنا ، و حرصنا على سلامة أنفسنا ، حتى لقد ظننا بالله غير الحق .. و الآن فان كل وكد الدين هو تحريرنا من الخوف ، عن طريق العلم، و عن طريق تسليم أنفسنا لله ، فهو أولى بها منا ..
    و إنما من ، اجل ذلك ، كتب علينا أن نقاتل فى سبيل نصرة الله ، و بنصرة الحق ، قال تعالى : (( كتب عليكم القتال ، و هو كره لكم .. و عسى أن تكرهوا شيئا ، و هو خير لكم ، و عسى أن تحبوا شيئا ، و هو شر لكم ، و الله يعلم ، و أنتم لا تعلمون .. )) ..
                  

04-18-2008, 02:58 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    للحوار: آخر ما كتب الاستاذ محمود محمد طه داخل المعتقل(1)

    ***

    من اوراق الأستاذ/ محمود محمد طه داخل معتقلات مايو (1)
    التقييم العلمي لمسيرة الديمقراطية عبر التجارب المعاصرة داخلياً وخارجياً

    د/ محمد محمد الأمين عبد الرزاق

    ابتدر الأستاذ/ عبد الخالق محجوب سكرتير الحزب الشيوعي السوداني السابق جلسة حوار مع الأستاذ محمود محمد طه بعبارة: (لا أقول تركت الماركسية ولكن أستمع بذهن مفتوح !!). من المؤكد أن هذه الكلمات تعبر عن وعي عميق بأهمية وضرورة الحوار الفكري من أجل إحداث تغيير جذري في حياة الناس الفردية والاجتماعية .. أكثر من ذلك ، فإن هناك قيمة أساسية تبرز بين كلمات زعيم الشيوعيين السابق ، وهي نبذ التعصب المذهبي المعوق لتطور الفرد الفكري .. قبل سنوات عندما كان الحوار يدور حول السلام استمعت إلى عبارة وردت على لسان السيد/ علي عثمان محمد طه في مقابلة تلفزيونية وهي: (توصلنا إلى قناعة بأن الحقيقة ليست في مربع واحد !!) .. وهي عبارة تدعم برنامج التلاقح الفكري بين المذاهب المختلفة نظرياً فقط ، وذلك لأن واقع الأجهزة الرسمية تحت قيادة السيد/ علي عثمان بعيدة كل البعد عن ما يمكن أن يعطيه من يكون على هذه القناعة عملياً ، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار اتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة والحركة الشعبية في يناير 2005م ، والدستور الانتقالي القائم اليوم..
    لقد كان الأستاذ محمود محمد طه يعول على المثقفين كثيراً ، ويحثهم على أن يقوموا بدور فعال في إنقاذ الشعب من دوامة الفشل والمعاناة والضياع الذي يتعرض له على يد الطائفية والهوس الديني .. وكان ينعى على اليساريين انطلاقهم من غرفة الفكر العلماني لمواجهة الهوس الديني ، إذ أن هذا المنهج سيترك الشعب فريسة سهلة ولقمة سائغة في فم المهووسين دينياً ، وهذا ما نراه اليوم واقعاً معاشاً حتى أصبحنا ننتظر الخلاص من التدخل الأجنبي !!.
    إن توقيع اتفاقية السلام في التقييم العلمي إنما يعتبر مجرد إعداد للمسرح لتتم عليه عملية التوعية الفكرية بالإسلام في مستوى الرسالة الثانية من الإسلام، أو الإسلام في مستواه العلمي الذي به وحده يمكن اقتلاع الهوس الديني من داخل النفوس .. ذلك بان الإسلام سلاح ذو حدين: إذا استخدمته استخداماً صالحاً فإنه يحل جميع مشاكل الفرد والمجتمع أما إذا ارتد عليك بحد الهوس فإنه يقضي على الأخضر واليابس..
    وفي فترة الديموقراطية الثانية تمكنت الطائفية بالتحالف مع الهوس الديني من حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان عام 1965م ، ثم أقامت محكمة الردة عام 1968م للأستاذ محمود وحكمت عليه غيابياً بالردة في انتظار الدستور الإسلامي المزعوم .. ثم واصل التحالف مخططه لإجازة الدستور الإسلامي المزيف الذي لا علاقة له بالإسلام من أجل تصفية الخصوم السياسيين الذين يخالفونهم الرأي .. وعندما وصلت الجمعية التأسيسية مرحلة إجازة الدستور المتخلف هذا في القراءة الثانية وكاد أن يصل إلى المرحلة النهائية جاءت مايو وكانت بمثابة إنقاذ للبلاد من مؤامرة تستهدف وحدة البلاد .. جاءت مايو بدعم من اليسار السوداني المنكوب بالديموقراطية .. هذا وقد أيد الأستاذ محمود محمد طه انقلاب مايو على قاعدة أخف الضررين وقال: (كنا أمام خيارين مايو أو الطائفية والهوس الديني لأننا ما عندنا فرصة نقيم النظام الذي نريده فاخترنا مايو على قاعدة أخف الضررين) .. واستمر الحال إلى أن وقعت مايو نفسها في مستنقع الهوس الديني لتستمر في السلطة التي تهاوت من كل جانب ، فتصدى لها الأستاذ محمود دافعاً نفسه في مواجهتها فداء للشعب السوداني في 18/1/1985م .. وهكذا ظلت العاطفة الدينية هي المطية التي يمتطيها كل متسلط يريد أن يستمر في السلطة على حساب مصالح الشعب المهدرة أمام كل مفكر حصيف ..
    إن التجربة العملية عند الأستاذ محمود تعتبر رافد أساسي من روافد التوعية إلى جانب الحوار الفكري .. وكل تجربة لا تورث حكمة تكرر نفسها .. ومن خلال تجربة الحركة الإسلامية السلفية في السلطة منذ عام 1989م انتهينا إلى توقيع اتفاقية السلام في 9/1/2005م .. هذه الاتفاقية لا سند لها في الفهم السلفي ، إنما السند في الإسلام كما يطرحه الفكر الجمهوري .. ففي الشريعة السلفية التي طبقت في القرن السابع الميلادي ، والتي يعتمدها السلفيون على اختلاف ألوانهم ، المسلم لا يساوي غير المسلم ، والمرأة لا تساوي الرجل وليس فيها أي فرصة تعطي إقرار حق المواطنة بالصورة التي تمت وأجيزت في اتفاقية السلام .. فإذا استطعنا بقناعتنا الجديدة التي فرضها الواقع العملي ، أن نتجاوز المفاهيم التي تعطيها تلك الشريعة السلفية فلا بد أن نبحث عن سند من القرآن نتخذه ركيزة لتثبيت هذه الاتفاقية .. هذا السند متوفر ومبوب في كتب الأستاذ محمود محمد طه فيما سمي بالرسالة الثانية من الإسلام ..
    لقد كتب الأستاذ محمود في أخريات أيامه (ديباجة الدستور) وأخرجها للجمهوريين من داخل معتقلات مايو في أكتوبر 1984م .. نقتطف منها هذا الجزء الخاص بمراحل تطور الحكم الوطني في السودان خاصة فترات الديموقراطية:

    (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ))
    (1) كلمة "الديمقراطية" كلمة يونانية .. و هي كلمة يدل بها علي: حكم الشعب بواسطة الشعب، لمصلحة الشعب.. و لقد تطور مدلول هذه الكلمة بتطور مدلول كلمة الشعب.. فان كلمة الشعب كانت تضيق، علي عهد اليونان، فلا تشمل النساء ، ولا العبيد.. ثم اخذ معناها يتسع، علي مر الزمان، بفضل الله، ثم بفضل يقظة المستضعفين في الأرض، حتى اصبح،في آخر القرن الماضي، يشمل المواطنين جميعا من الرجال البالغـين سن الرشد. ثــم تداعـي التطور بكلمة الشعب هذه حتى اصبـح، في القـرن الحاضـر ، عند البــلاد التي تــمارس الديمقراطية، يعني كل المواطنين، من رجال ،و نساء منذ يبلغون سن الرشد..

    2)و لما كان حكم الشعب ، بواسطة الشعب ، من الناحية العملية ، مستحيلا ، فقد جاء الحكم النيابي، و نشأت الأحزاب السياسية.. و في الحكم النيابي قلة قليلة جدا هي التي تباشر ، نيابة عن الشعب ، السلطة التشريعيـة ، و السلطة القضائية ، و السلطة التنفيذية.. و المفترض ان الشعب يراقب هذه القلة حتى يطمئن إلى إنها، إنما تدير دولاب السلطة لمصلحته هو ، لا لمصلحتها هي . و هذا أمر يقتضي وعي الشعب، و يقتضي وعي القلة التي تباشر السلطة ايضا.. و ليس هناك شعب من الشعــوب ، إلى وقتنا الحاضر، استطاع ان يكون في مستوي الوعي الذي يمكنـه من مراقـبة أداء من يتولـون ، نيابة عنه ، إدارة مرافقه بصورة تقرب ، و لو من بعيد من مستوي الحكم الديمقراطي بمعني هذه الكلمة.. و ليست هناك، إلى وقتنا الحاضر ،قلــة، في اى شعب من شعوب الأرض، استطاعت ان ترتفع فوق مطامعها ، و أنانيتها ، و جهلـها ، لتحكم شعبهـا حكمـا ديمقراطيـا صحيحا.. فالقلة إنما تحكم الشعب لمصلحتها هي ، لا لمصلحته هو.. و يصدق في كل قلـــة حاكمــة اليوم ما قاله أبو العلاء المعري منذ وقت طويل:
    مـــلّ المقـــــام ، فكم اعاشر امة *** امرت بغير صلاحـــها، امراؤها !!
    ظلموا الرعية و استباحوا كيدها *** و عدوا مصالحها، و هم اجراؤها !!

    3) اما نحن السودانيين فقد بلونا اسوأ الوان الحكم النيابي ، في محاولتنـا الاولي ، في بدء الحكــم الوطني، و في محاولتنـا الثانيــة ، بعـد ثورة اكتوبر 1964.. فقد كانت احزابنا السياسية طائفية الولاء ، طائفيـة الممارسـة ، فهي لم تكن تملك مذهبيــة في الـحكم .. و الطائفية نقيض الديمقراطية.. ففي حين تقوم الديمقراطية علي توسيـع وعي المواطنين ، تقوم الطائفية علي تجميد وعيهم.. و في حين ان الديمقـراطية في خدمة مصلحة الشعب ، فان الطائفية في خدمة مصلحتها ، هي ، ضد مصلحـة الشعب .. و من ههنا جاء فساد الحكم النيابي الاول عندنا .. فكانت اصوات الناخبين توجه بالاشارة من زعيم الطائفة، كما كانت تشتري!! و كـان النـواب يشترون أيضا!! و ذلك في جـو مـن الصـراع الحزبي الطاحن علي السلطة ادي الي تهديد سيادة البلاد و استقلالها.. فقد كانت الحكومة ائتلافية بين حزب الامة،و حزب الشعب ــ حزبـي الطائفتين ذواتي الخصومة التقليدية ، طائفة الانصار ، و طائفة الختمية .. و دخلت البلاد في ازمة سياسية من جراء عدم الانسجام في الوزارة ، و بروز الاتجاه للالتقاء بين الحزب الوطني الاتحادي ، الذي كان في المعارضه ، و حزب الشعب ، عن طريق وساطة مصر .. فسافر رئيسا الحزبين ، السيد اسماعيل الازهري ، و السيد علي عبد الرحمن، الي مصر. لهذا الغرض ، و لقد نسب لرئيس الوطني الاتحادي تصريح ، بمصر، يعترف فيه باتفاقية 1929، التي كانت حكومة السودان الشرعية قــد الغتها.. ( و هي الاتفاقية التي ابرمت في الماضي بين دولتي الحكم الثنائي، بريطانيا، و مصر ،بينما كان السودان غائبا ، تحت الاستعمار ، فاعطت السودان نصيبا مجحفا من مياه النيل ، بالنسبة لنصيب مصر..) و كان ذلك الاعتراف بالاتفاقية بمثابة مساومة مع مصر لتعين الحزب علي العوده للحكم، كما صرح رئيس حزب الشعب ، بمصر ، بان حزبه يقف في المعارضه ! ! (انباء السودان 15/11/1958 ، الراي العام9/11 /1958 .. في هــذا الجو السيـاسي الذي يهدد استقـلال البلاد، و سيادتـها ، بالتدخـل الاجنبي ، سلم السيد عبد الله خليل ، رئيس الـوزراء ، الحكــم للجيش.. ( اقوال الفريق عبود في التحقيق الجنائي حـول الانقــلاب بعد ثورة اكتوبر 1964 ، " التجـربة الديمقراطية ، و تطور الحكم في السودان " للدكتور ابراهيم محمد حاج) .. فكان انقلاب 17 نوفمبر 58 بمثابة انقاذ للبلاد.. و حكم الحكم العسكـري ست سنوات، صادر فيها الحريات الديمقراطية.. و برغم انه حقق شيئا من التنمية الاقتصادية ، إلا انه آل إلى صور من العجز عن الإصلاح ، و في الفساد، أدت إلى قيام ثورة 21 أكتوبر 1964 .. و لقد تمثل في تلـــك الثــورة الشعبيـة ، السلمية، إجماع الشعب السوداني الكامل علي الرغبة في التغيير ، و ان لم يكن يملك المعرفة بطريقة التغيير.. فتخطي الشعب الولاءات الطائفية ، و هو ينادي بعدم العودة لماضي الحزبية الطائفية.. و لكـن سرعان ما أجهضت الأحزاب الطائفية تـلك الثورة، و صفـــت مكتسباتها .. فقــد ضغطت ، بالإرهـاب السياسي ، علي رئيس حكومة أكتوبر الثورية حتى استقال ، و شكل حكومة حزبيـة برئاستـه .. ثم عادت الأحزاب الطائفية للسلطة ، عن طريق الأغلبية الميكانيكيـة الطائفيـة ، فـي الانتخابات .. و قامت حكومة ائتلافية من حزب الأمة و الوطني الاتحادي.. و تعرضت الديمقراطية ، في هذه التجربة النيابية الثانية ، لاسـوأ صـــور المسـخ، عــلاوة علــي المسـخ الذي تعرضت له الديمقراطيـة من جراء فسـاد القلة ، و مـن جراء قصــور وعـي الشعب .. فقد عدل الدستور مرتين للتمكين للحكم الطائفي في الاستمرار : مرة ليتمكن أزهري من أن يكون رئيسا دائما لمجلس السيادة ، في إطار الاتفاق بين الحزبين علي اقتسام السلطه .. و مرة أخري لحل الحزب الشيوعي ، و طرد نوابه من الجمعية التأسيسية.. فقد عدلت الجمعية التأسيسية المادة 5/2 من الدستور، و التي تعد بمثابة روح الدستور.. و هي المادة التي تنص علي الحقوق الأساسية ، كحق التعبير ، و حق التنظيم.. و لما حكمت المحكمة العليـا بعدم دستورية ذلك التعديــل (مجلة الأحكام القضائية 1968) أعلن رئيس الوزراء آنذاك ، السيد الصادق المهدي "ان الحكومة غير ملزمـة بان تأخـذ بالحـكم القضائـي الـخاص بالقضيــة الدستوريــة" (الـــرأي العــــــام 13/7/1966).. ليتعرض القضاء السوداني بذلك لصـورة مـن التحقيـر لم يتعـرض لـها في تاريخه قط!! و لما رفعت الهيئة القضائية مذكرة إلى مجلس السيادة تطلب فيها تصحيح الوضع بما يعيد للهيئة مكانتها(الرأي العام27/12/1966) وصف مجلـس السيادة حكم المحكمة العليا بالخطأ القانوني (الأيام 20/4/1967) فاستقال رئيس القضاء السيد بابكر عوض الله ، و قد جاء في إستقالته( إنني لم أشهد في كل حياتي القضائية اتجاها نحو التحقير من شأن القضاء، و النيل من استقلاله كما أري اليوم.. إنني أعلم بكل أسف تلـك الاتجاهات الخطـيرة عنـد قــادة الحكم اليـوم، لا للحـد مـن سلطـات القضـاء في الدستـور فحسب ، بل لوضعـه تحت إشـراف الهيئة التنفيذية )) الكتاب المشار إليه آنفا.. هذه صورة لفشل التجربة الديمقراطية النيابية في بلادنا، مما حولها إلى دكتاتورية مدنية ، فهدد الاستقرار السياسي ، حتى جاءت ثورة مايو بمثابة إنقاذ للبلاد !! ان قصور تجربتنا الديمقراطية مرده الأساسي إلى قصور الوعى ــ وعي الشعب، ووعي القلة التي تحكم الشعب، مما أفرغ مدلول كلمة الديمقراطية من محتواها ــ هذا و فشل الديمقراطية في ظل البلاد المتخلفة ادي الي الانقلابات العسكريه ، في كل مكان ، في النصف الاخير من هذا القرن و ليس في الانقلابات العسكريه حــل..

    4)إن الانسان المعاصر يري ان الديمقراطية ، و الاشتراكيه،يمثلان معا الحقوق الأساسية له ــ حق الحياه ، و حق الحرية .. و يري ان الاشتراكية وسيلة لازمة لتحقيق الديمقراطية.. ففي حين أن الديمقراطية هي الحرية السياسية ،فان الاشتراكية هي الحرية الاقتصادية فمن غير المعقول ان يطلب إلى الإنسان التنازل عن حريته الديمقراطية لقاء تمتعه بالحقوق التي تكفلها له الاشتراكية : كما تريد الماركسيـة ، أو يطلب اليه ان يحقق حريته الديمقراطيـة في ظل نظام اقتصادي تستأثر فيه القلة بالثروة ،كما تريد له الرأسمالية.. اما النظام الماركسي فهو نظــام ديكتاتـوري ،لا يمارس الديمقرطيه اصلا،و انما يزيفها،
    فيسميها دكتاتورية البروليتارياــ العمال والمزارعين ــ و ما هي ، في الحقيقة ، إلا ديكتاتورية المثقفـين علـي العمــال و المزارعــين .. و اما النظـام الرأسـمالي الغربـي فانه يمارس الديمقراطية ، و لكنه يتسـم بقصور الممارسه، حيث تسعي القلة الراسمالية للسيطرة علي السلطة، حتي تخدم مصالحها الرأسماليه ضد مصلحة طبقات الشعب الاخري..فلا تتحقق الديمقراطية مع الرأسمالية..
    و في أمريكا، أقوي ، و اغني دول العالم، فان تجربة الديمقرطيه النيابية تعتبر فاشله، اذا ما قورنت بالمرجو منها،و ما ذاك الا لان القلة التي تتولي السلطة لا تستطيع ان ترتفع فوق انانيتها ، و طمعها ،و اثرتها ، فهـي تحكم الشعـب لمصلحتها هي ، لا لمصلحته هو،و آية ذلك ما جري في السبعينات من رئيس الجمهورية ــ رتشرد نكسون ـــ فيما سمي بفضيحة ووترقيت .. فقد مارس الرئيس الامريكي ، مع كبار موظفي ادارته : مثل جون ميتشل النائب العام ، وعن طريق اعوانهـم ،عملية تجسس، و سطو علي مقر الحزب الديمقراطي ،بفندق ووترقيت :و ذلك لجمع معلومات عن هذا الحزب لمعركة انتخابات الرئاسة.. فلما كشف امر النائب العام ، و كبار الموظفين المتورطين في العملية،بادرت الإدارة الجمهورية باتهام صحيفة الواشنطن بوست،التي كشفت العملية ،بالعمل لحساب الحزب الديمقراطي ،و وصفت الاتهامات بالسخف .. ثم أخذت خيوط المؤامرة تتكشف، حيث أثبتت تحقيقات المحكمـة العليا ،ان النائب العام ،و بعض معاوني الرئيس،قد اعدوا ، و أشرفوا ، علي العملية .. ثم اتهم بعض هؤلاء المعاونين بتعطيل العدالة.. و خاطب الرئيس نيكسون الشعب الامريكي بان هناك تقدما ملحوظا نحو كشـف الحقائق حول القضية !! ثم قبل استقالة أعوانه المتورطين معه في القضية.. و خاطب الشعب الامريكي ، مرة أخري بان هناك محاولات لاخفـاء الحقيقة عنه هو ، و عن الشعب!! فاخــذ تـورط الرئيس يتضـح جليـا مـع استمرار التحقيقات .. فلما طلبت المحكمة منه الشرائط التي سجلت عليها محادثاته في مكتبه، سلم بعضها و اخفي بعضها.. فلما كشف عن التسجيلات المفقودة وجد أنها مسحت.. فاستقال الرئيس نيكسون ، تجنبا للمحاكمة .. و خلفــه احد أعوانـه في البيت الأبيـض ــ الرئيس جيرالد فورد ــ فاعلن عفوا عاما عنه.. و هكذا حاول الرئيس نيكسون ممارسة الكذب ،و تضليل الشعب، حتى انكشف أمره، و حوصر ، و اضطر إلى الاستقالة ،من أقوي منصب تنفيذي في العالم.. و قد حاول نائب الرئيس نيكسون، اسبروا اقنيو، الكذب و التضليل للشعب، من قبل، و هو يواجه الاتهام باستغلال النفوذ و سوء استخدام المال العام، أثناء توليه منصب حاكم ولاية(ميري لاند)، حتى انكشف أمره ، و اضطر إلى الاستقالة ، من منصب يعتبر المنصب الثاني في تلك الدولة.. و لقد استطاع ان يتجنب المحاكمة حتى قاضاه أحد مواطني تلك الولاية مؤخرا علي تلك المخالفات..
    لقد كان هذا في أمريكا في السبعينات ، و الآن ، و في الثمانينات، فقـد لاحظ المعلقــون السياسيون أن مناظرات الرئيس ريغان، و منافسه علي الرئاسة ،المستر مونديل، قد كانت تتجه الى المواقف المسرحية، أكثر مما كانت تتجه لتنوير الشعب .. و قالوا ان هذه المناظرات ستربـك الشعب أكثر مما تنوره، و توعيه.. و قالوا انه لمن الغريب ان يختلف المرشحان حول حقائق تاريخية كل هذا الاختلاف ، حتى لكأنما قد حضر احدهما من كوكب الزهرة، و الآخر من كوكب المريخ.. و لقد أوردت مجلة الحوادث 2نوفمبر1984 إن بين السكرتير الصحافي لنائب الرئيس((بوستن)) و بين فريق الإعلام الذي يقوم بتغطية حملة ((بوستن)) أزمة شديده سببها موقـف هذا السكرتير من التصريحات المنافية للحقائق التي يطلقها المرشحون في مناظراتهم التلفزيونية.. فقد استفسر الصحافيـون من السكرتير عن عــدة وقائـع منافيـة للحقيقـة سردها "بوستن" في مناظرته مع منافسته جيرالدين فيرارو.. فكان رد السكرتير:
    ” و ماذا يهم ؟؟ يمكن الإدلاء باي شيء في مناظرة تلفزيونية و يستمع إليك 80 مليون مشاهـد .. و إذا ثبت عدم صـدق ذلـك، فمـن سيقرأ التصحيح؟؟ الفان، أو ربما ، عشرون الفا ، لا اكثر!! و علقت صحيفة واشنطن بوست علي ذلك بقولها:" لا نذكر في تاريخ الولايات المتحدة ان صدر مثل هذا الاحتقار، و الاستهزاء بالشعب الأمريكي "

    5)نحن لا نسوق هذا لندلل به علي فشل الديمقراطيـة،و إنما لندلل به علي فشل الممارسات القواصر،مما يوجب علينا تطوير،و تسديد، ممارستنا، في سبيل تحقيق الديمقراطية.. و يجب ان يكون واضحا ، فان الديمقراطية بمعني حكـم الشعب ، بواسطة الشعب، لمصلحة الشعب ، لا تفشل.. و هي الحكم الباقي.. تتطور المجتمعات في تجويـده ، و في الارتفاع به ، حتي تكون الشعوب هي الوالدين الشرعيـين للافراد الاحرار حرية فردية مطلقة.. و لقـد تطـورت الديمقراطيـة ، في معني ما تطور مدلول كلمة الشعب،حتي اصبحت تشمل كل المواطنين،من نساء،ورجال ،منذ ان يبلغوا سن الرشد..
    و اصبح علينا الآن ان نطـور مدلـول هـذه الكلمـة ــ كلمة الشعـب ــ لندخـل بها مجـال "الـنـوع" ، بعـد ان فرغنـا من مجال "الكـم" .. ذلك بان الشعوب الواعية ،وحدها، هي التي تستطيع تحقيق الديمقراطية الشعبية.. و للوصول لتوعية الشعوب لا بد من اعادةالتعليم، في جميع صوره، فان فشل البشرية المعاصـرة ، انما هو فشــل منهاج التعليم ،في كل بلــد..) انتهي

    السؤال هو: كيف نصحح مناهج التعليم لتكون فعالة في توعية الشعوب ؟؟ الاجابة على هذا السؤال هي موضوع الحلقة الثانية من هذا الاستعراض
                  

04-18-2008, 03:00 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    سلسلة مقالات صحفية حول موضوعات (ديباجة الدستور) (2)
    من أوراق الأستاذ/ محمد طه داخل معتقلات مايو (2)
    التواؤم مع البيئة ظل مادة التعليم والتعلم منذ بداية الحياة والى يومنا هذا

    د. محمد محمد الأمين عبد الرزاق

    أقام الحزب الجمهوري في فترة الديموقراطية الثانية 64 –1969م ، المهرجانات والأسابيع بالعاصمة والولايات وكثف من حملة التوعية ضد استغلال الدين لمصادرة حرية التفكير والاعتقاد .. على سبيل المثال: (مهرجان الحقوق الأساسية) (أسبوع تصفية المحاكم الشرعية) (مناهضة الدستور الإسلامي المزيف) .. الخ .. الهدف من هذا العمل المكثف هو تسليح الشعب بالفكر الإسلامي الواعي حتى لا يقع فريسة سهلة في يد الطائفية والهوس الديني الذي كان يخطط لإجازة دستور يسمى بالدستور الإسلامي وهو لا علاقة له بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد .. وفي إحدى الندوات أخذ الفرصة شاب يساري وقال: إن عمل الحزب الجمهوري الفكري هذا لا فائدة منه لأن تيار الهوس الديني جارف بدرجة لا يمكن مقاومتها بهذا الأسلوب ، فهم لا بد أن يستلموا السلطة ويعملوا في الشعب ما يريدون .. فرد عليه الأستاذ محمود بما معناه : (الثمرة البيحدثها العمل الفكري نحن شايفنها ، لكن التجربة السيئة الإنت خايف منها دي هي نفسها أكبر رافد من روافد التوعية عندنا .. والشعب السوداني قد يحتاج لتجربتين: تجربة في التطبيق المشوه للشريعة ، ويذوق الشعب من جرائها الأمرين ويحدث فساد لا حد له .. ثم ينفر منها في اتجاه الشيوعية في رفض الدين فيدخل في تجربة علمانية .. ولن تتقصر هذه التجارب إلا إذا برزوا دعاة وضحوا للناس الإسلام الصحيح وين من هذه التجارب الفاشلة ؟؟ .. ثم واصل: نحن شعب بيتعلم نحن ما وجدنا فرصة في أن نجتمع ونتفاكر في كفاحنا ضد الاستعمار ، الإنجليز خرجوا بعوامل خارجية أكثر مما هي عوامل داخلية في الحركة الوطنية .. ولذلك نحن بنتعلم في داخل مراحل الحكم الوطني ما فاتنا أن نتعلموا في الصراع مع الاستعمار .. وما دام إنت بتتعلم لا بد أن تدفع مصاريف تعليمك .. الفشل والمعاناة وخيبة الأمل البتحصل لينا من حكوماتنا الوطنية في كل مرة ، دي المصاريف النحن بندفعها عشان ما نتعلم ، الشعوب بطبيعة الحال تطورها بطيء ، لكن الأرض البتقطعها ما بترجع منه ، وأسوأ مرحلة يمكن أن يصلها شعب من الشعوب هي أن يفقد الثقة في قادته ، استعادة الثقة هذه تحتاج إلى أجيال وزمن طويل .. ولحسن التوفيق نحن شعبنا بيتعلم ويوعى أسرع من القادة ، وراح يجي وقت يستطيع فيه هذا الشعب أن يخرج قادته الحقيقيين من بين أبنائه )..
    هذا وقد أشار الاستاذ محمود إلى أزمة القيادة في السودان منذ وقت مبكر حين قال : ( أسيت للشعب السوداني لأنه شعب بلا قادة أو قل هو شعب عملاق يتقدمه أقزام أحترفوا السياسة في آخريات أيامهم بعد أن أفنوا عرامها في التمسح بأعتاب الأسياد ) .
    السؤال هو: هل استفاد الشعب من تجربة الحركة الإسلامية في السودان ؟ الجواب: نعم .. نحن الآن أكثر استعداداً من أي وقت مضى لاستيعاب لماذا كان الأستاذ يبذل كل ذلك الجهد في النشاط الفكري .. لقد جاب الأخوان الجمهوريون جميع أرجاء السودان في حمل هذه الدعوة ..في الجبال في الشرق والرمال في الغرب ، أحراش الجنوب وتحت ظلال أشجار النخيل في الشمال ، يوزعون الكتب والمنشورات بلا كلل ولا ملل ، يصفحون عن من يصفعهم ، ويجيبون على من يسألهم بصدق وإخلاص في السر والعلن.. يسهرون الليالي في طباعة الكتب واعدادها ، يلتحفون الأبسطة ويكتفون بأي مستوى من الطعام .. ينتظرون اليوم الذي يتآخى فيه الذئب والحمل ، المفترس والأليف ، وأن تملأ الأرض عدلاً بعد أن ملأت جوراً .. يقيمون أركان النقاش بالجامعات والأسواق في العاصمة والولايات ، حتى أن أحد ضباط الجيش في أحد المعسكرات بالجنوب عندما وجد أمامه أثنين من الجمهوريين يعرضون عليه الكتب وضع يديه على رأسه مندهشاً وصاح: الجمهوريين في بور !! ؟؟ لا حول ولا قوة إلا بالله ، والله إنتو ما دام وصلتوا لا عند هنا راح تمسكو السودان دا كله !! ..
    السبب في هذا النشاط هو أن الأستاذ محمود كان يعلم أن من يتحدثون باسم الإسلام ليس لهم أي قدم في تحقيق التوحيد والمعرفة بالله ، وإنما هم طلاب دنيا يريدون أن يستغلوا العاطفة الدينية في احراز السلطة والمال فقط ، ولا شأن لهم بالإسلام الحقيقي البتة .. وهذا النشاط في التوعية لم يبدأ بعد أكتوبر وحسب ، وإنما هو جاري منذ بداية الدعوة الإسلامية الجديدة في أكتوبر 1951م .. ففي كلمة نشرت بجريدة أنباء السودان في 6/12/1956م بعنوان: (تعالوا إلى كلمة سواء) جاء ما يلي: (إن الإسلام بقدر ما هو قوة خلاقة إذا ما انبعث من معينه الصافي ، واتصل بالعقول الحرة وأشعل فيها ثورته وانطلاقه بقدر ما هو قوة هدامة إذا ما انبعث من كدورة النفوس الغثة واتصل بالعقول الجاهلة وأثار فيها سخائم التعصب والهوس .. فإذا ما قدر لدعاة الفكرة الإسلامية الذين أعرفهم جيداً أن يطبقوا الدستور الإسلامي الذي يعرفونه هم ، ويظنونه اسلامياً لرجعوا بهذه البلاد خطوات عديدة إلى الوراء ولأفقدوها حتى هذا التقدم البسيط الذي حصلت عليه في عهود الاستعمار .. ولبدا الإسلام على يديهم وكأنه حدود وعقوبات على نحو ما هو مطبق الآن في بعض البلاد الإسلامية ، ولكانوا نكبة على هذه البلاد وعلى الدعوة الإسلامية أيضاً ..) إنتهى..
    عندما ضاق الحال بنظام مايو ، ذهب نميري في نفس الاتجاه ، استغلال الدين لبقاء في السلطة ، فاعتقل الأستاذ محمود في يونيو 1983م ومعه 62 من تلاميذه .. وأثناء فترة الاعتقال أصدر قوانين سبتمبر 1983م ليدخل البلاد في مرحلة حالكة الظلام ، وشرع في البتر والقتل ليوحي للشعب بأنه إنما يقيم الإسلام .. مد له في غيه ، أدعياء الإسلام من عامة السلفيين .. ثم افرج عن الجمهوريين في 19/12/1984م ، وفي أمسية الإفراج افتتح الأستاذ محمود أول جلسة للجمهوريين بقوله: (نحن أخرجنا من المعتقلات لمؤامرة ، نحن خرجنا في وقت يتعرض فيه الشعب للإذلال والجوع ، الجوع بصورة محزنة .. ونحن عبر تاريخنا عرفنا بأننا لا نصمت عن قولة الحق .. وكل من يحتاج أن يقال ليهو في نفسه شيء قلناهو ليهو .. ومايو تعرف الأمر دا عننا ، ولذلك أخرجتنا من المعتقلات لنتكلم لتسوقنا مرة أخرى ليس لمعتقلات أمن الدولة وإنما لمحاكم ناس المكاشفي .. لكن نحن ما بنصمت ، نميري شعر بالسلطة تتزلزل تحت أقدامه فأنشأ هذه المحاكم ليرهب بها الناس ليستمر في الحكم .. وإذا لم تكسر هيبة هذه المحاكم لن يسقط نميري .. وإذا كسرت هيبتها سقطت هيبته هو وعورض وأسقط .. نحن سنواجه هذه المحاكم ونكسر هيبتها ، فإذا المواطنين البسيطين زي الواثق صباح الخير لاقو من المحاكم دي ما لاقو ، فأصحاب القضية أولى ..) ثم قال أمام المحكمة رقم (4) كلمته المشهورة: (أنا أعلنت رأيي مراراً في قوانين سبتمبر 1983م من أنها مخالفة للشريعة وللاسلام .. أكثر من ذلك فإنها شوهت الشريعة وشوهت الإسلام ونفرت عنه .. يضاف إلى ذلك أنها وضعت واستغلت لإرهاب الشعب وسوقه إلى الاستكانة عن طريق إذلاله .. ثم انها هددت وحدة البلاد .. هذا من حيث التنظير .. أما من حيث التطبيق فإن القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها غير مؤهلين فنياً .. وضعفوا أخلاقياً عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية تستعملهم لاضاعة الحقوق ، وتشويه الإسلام وازلال الشعب ، وإهانة الفكر والمفكرين وإذلال المعارضين السياسيين .. ومن أجل ذلك فإني غير مستعد للتعاون مع أي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل ورضيت أن تكون أداة من أدوات إذلال الشعب وإهانة الفكر الحر والتنكيل بالمعارضين السياسيين).. وبعد النطق بحكم الإعدام وجه تلاميذه بأن يصدروا منشوراً يحوي عبارة (أحكام الإعدام لن ترهب الجمهوريين) وبالفعل صدر المنشور ..
    وهكذا دفع الأستاذ محمود نفسه في مواجهة نميري فداء للشعب السوداني ، فعورض وأسقط ..
    لقد كان الأستاذ محمود يردد: (المزارع بنوم لكن الزرع ما بنوم) .. إن ما بذرته الدعوة الجمهورية من افكار على أرض الشعب السوداني نامية ومتحركة ، تتلقى الري والسماد من التجارب التي تمر بها .. هذا الواقع يلقي علينا نحن الجمهوريين والمثقفين الذين تعلمنا على حساب هذا الشعب في المدارس والجامعات والداخليات والبعثات الخارجية مسئولية ألا نقف موقف سلبي ونذهب إلى الخارج لنحل مشاكلنا الخاصة بكل سبيل .. تحضرني عبارة الأستاذ محمود في هذا المقام (نحن مع البقاء في السودان ولو بنصف بطن) .. وفي تقديري أن من وجد متسعاً في معاشه بالخارج ، يكون واجبه أكبر في أن يبذل نفسه من أجل الذين عجزوا عن الخروج من الآخرين بالداخل .. ويمكن ان يكون ذلك بإقامة المشروعات الاقتصادية لتخفيف وطأة الفقر ، أو بالتوعية الفكرية باستصحاب الوسائل الحديثة لإستنهاض الهمم ..
    هل ترك العمل الذي قام به الجمهوريون أثراً ظاهراً على الواقع في السودان اليوم ؟؟ الجواب: نعم .. وأكبر دليل هو توقيع اتفاقية السلام في يناير 2005م .. إن اقرار حق المواطنة المتساوية لجميع المواطنين لا سند له في الشريعة الإسلامية السلفية ، وإنما السند في القرآن على أن يفهم على هدي الرسالة الثانية من الإسلام .. ففي تلك الشريعة الكتابي لا يساوي المسلم ، والمرأة لا تساوي الرجل ، واللاديني الوثني ليست له حقوق وأمامه خيار واحد هو الدخول في الإسلام صادقاً كان أو منافقاً وإلا يقتل بنص القرآن: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) .. إن من وقعوا تلك الاتفاقية لا يخالجهم شك في أن حقوق المواطنة المتساوية تخالف أحكام الشريعة الإسلامية قولاً واحد ، فعلى أي فهم اتكئوا وهم يوقعون على تلك المفاهيم الجديدة !؟ الحقيقة ان الشعب السوداني لم يقف في يوم من الأيام وجهاً لوجه أمام الدعوة الجمهورية كما هي الحال اليوم ..
    انتهينا في الحلقة الأولى بالسؤال: كيف نصحح مناهج التعليم لتكون فعالة في توعية الشعوب ؟؟ إليك الآن عزيزي القارئ الكريم ماذا قال الأستاذ محمود في الإجابة على هذا السؤال المهم لتصحيح مسيرة الديمقراطية من (ديباجة الدستور) التي تعتبر عندنا (الفكرة الجمهورية موضوعة في كبسولة):-
    6)إن التعليم الرسمي الذي تقدمه السلطات لابناء شعوبها ،و بناتها في معـاهدها علي يومنا الحاضـر ، بدأ متاخرا جدا .. فقد بدأ التعليـم المنظم الذي يخاطب العقول ، منذ نشأة المجتمع البشري، و ذلك عهد يرجع الي بداية بدائيـة، ممعنه في البعد الزمني، من وقتنا الحاضر .. و كان الفرد البشري يعلم عادات المجتمـع الذي يعيش فيه،و تقاليده، و يعلم كيف يحترمهـا، و يقدسـها ، و يطيعها .. و بفضل معرفة ،و احترام ، و طاعة، هذه العادات، نشأ المجتمع البشري، و ارتفع فوق قطيـع الحيوان .. و كذلك نشأت القوانين..

    7) و قبيـل هـذه المرحلـة ــ مرحلة نشأة المجتمع ــ فان التعليم قد بدأ .. بدأ التعليم بنشأة الفرد ــ و هي بالطبع سابقة لنشأة المجتمع، لقد خلـق الله الفرد البشري وسطا، بين القوة و الرخاوة ــ فلا هو قوي العضلات، قوة الأسد و الفيل ، فيعتمد في حل مشكلاته الحياتية علي العضلات و لا هو رخو ، لا يستطيـع ان ينهض للمناجزة ، و للقتال، فيعتمد ، في حل مشكلاته الحياتية ، علي الفرار ، و الاستخفـاء ، و في هذه النشأة الوسط ، وجـد العقـل فرصته للبروز، و للقوة، بحاجة الحي لرسم الخطط ، و لتنفيذها .. و من ثـم ارتفــع الحي البشري فوق مستـوي الحيوان .. لقــد وجـد الفرد البشري نفسه محاطا بقوي البيئة الهائلة ،المخيفة،البادية العداوة له، فاسترهبته، و اخافته،و لكنه بمحـض الفضل الإلهي عليه،وجد في هذه القوي الطبيعية،ما هو في صورة الصديق،كضوء الشمس ، و نور القمر ، و الماء العـذب، و الظـل الظليـل ، و الثمـر الداني، من الشجر المثمر، فسكن اليه.. ووجد في هذه القوي الطبيعية ما هو في صورة العدو، كالصواعـق ، و الزلازل،و النيران المجتاحة، ففر منها.. ثم انه هدي، بمحض الفضل الآلهي،الي تقسيم القوي العدوة إلي عدو يستطيع ان ينازله ، و يصاوله، و يتغلب عليه، بالحيلة، و الفكر، و بالقـوة العضليـة الميسورة، كالحيوان المفترس ، و كالعدو من بني جنسه.. و الي عدو ليست تناله الحيلة .. فنازل أو صــاول ، و احتـال ، صنوف الحيل،في مواجهة العدو الاول.. و من صنوف هذه الحيل ، اتخاذ الآلة ، من الخشب ــ العصا ــ ومن الحجر ــ السكين ، و الحربة ــ و أمـا القوي الصديقة، و أمـا القـوي العـدوة التي لا تنـالهـا مناجـزته،فقــد هدتــه الحيلة إلى التزلـف إليها بمحبة،للقوي الصديقة، و بخوف من القوي العدوة.. و من يومئذ نشأ العلم التجريبي، الذي تطور من السلاح الحجري إلـــى القنبلة الهايدروجينيـة في و قتنا الحاضر.. و نشـأ الدين الذي تطور مـن التعدديات إلى دين التوحيد،في وقتنا الحاضر ايضا.. و من القـوي الصديقة،في تعددها ، و من القوي العدوة، في تعددهـا، نشأت فكرة الآلهة، في تعددهـا أيضا .. و آخر منازل تطور الآلهة المتعددة ، نحو الإلـه الواحد ، منزلة الثنائية ، في إله النور، و إله الظـلام ، الذي منه نشأت ديانة الفـرس، حين كانوا يعبدون النـار ، فكانـوا مجـوسا ــ كانوا يعبدون إلـه النور ــ القوي الصديقة ــ لينصروه علي إلـه الظلام ـــ القـوي العدوة ــ وجـاء هذا بعـد تطـور طويـل ووئيد للعبادة البدائية، التي نشأت في الزمن السحيق .. و يلاحظ ان هذه الثنائية قائمة، عنـــد المسلمين اليوم بصورة ملطفة .. فمن علماء المسلمين من يعتقد ان الشر ليس من الله، و إنما هو من ابليس..

    8) و كمـا هـدت الحيلة الفرد البشري الأول ، إلى اتخاذ السلاح، و إلى اتخاذ الدين، ليوجد التوائم بيـنه و بين بيئته ،تلك القاسية، هدته أيضا إلي اختراع المجتمع ـــ هدته إلى أن يعيش في مجتمع، ينمو في عدده، و يتطور في أساليبه، و عاداته، و أعرافه، كل حين.. ان مجتمع الحيوان لا ينمو في عدد ذكوره، و إن نما في عدد إناثه، ذلك ان الغيرة الجنسية تحمـل الفحول علـي ان يقتتلوا في سبيل الإناث، حتى لا يكون في المراح الواحد، إلا فحل واحد .. فإذا كان هناك ذكور ، إلى جانب الفحل ، في المراح، فإنما هم ذكور لا اربة لهم في الإناث، فان كانت لهم اربة في الإناث فانهم سيدخلـون حلبة الصراع مع الفحل الأب، فأما ان يطـردوه من المراح، و أما ان يقتلـوه، و أما ان يطردهم، أو ان يقتلهم هو .. و هذا هو الشأن بينهم هم فيما بينهم .. و لقد جعل الله طفولـة البشر أضعف، و أطول، من طفولـة الحيوان، ليؤكد له ضرورة المجتمع ، لطفولتـه و لشيخوخته ، و كذلك نشأ المجتمع البشري.. و لكنه لم ينشأ إلا بعد ان نشأ العرف الذي نظم الغريزة الجنسية، و أمّن الملكية الفرديـة ، فحرمت الأخت علي أخيها ، و حرمت الأم علي ولـدها ، و حرمت البنـت علي أبيها، و كذلك استطاع الابن ان يعيش مع أبيه، و أمه ، بعد ان بلغ سن الرشد .. و كذلك استطـاع ان يعيش الصهر ، مع صهره، و هـو آمـن علي زوجتـه، من أبيها ، و من أخيها .. و من ناحية الملكيـة الفردية للسـلاح الذي يتخذ من الحجر الجيد، و للكهـف ينحت في الجبل مثلا، فقد قام العرف بالاعتراف بها لأصحابها، و منع السطو عليها، و كذلك استطاع أفراد المجتمع ان يعيشوا في سلام، يحتكمون إلى شيوخهم ، عند التنازع، علي أمر من أمورهم .. و لقد فهمت الآلهة بصورة تجعلها تطلع علي المخالفات التي قــد تجري من الأفراد في السطـو علي ملكيـة الآخرين أو علي زوجاتهم حين يظنون انهم آمنوا أعين الرقباء.. و توقـع علي هـؤلاء اللعنة ، و سوء المنقلب .. هـذا بالإضافة إلى مايوقعه شيوخ الأسر من عقوبة مخالفة العرف، و التقليد، و العادة (القانون) حين يطلعون على هذه المخالفة .. و لقد نشأت ، مع نشأة العبادة (الدين و الآلهة) ، فكرة الحياة الأخرى ، بعـد الحياة الدنيا .. نشأت من الشعـور ، و مـن الاحلام .. و أعانت فكرة الحياة الأخرى علي ضبط نزوات الافـراد ..

    9) بنشأة العرف الذي ينظم العلاقـة الجنسية ، و الملكية الفردية نشأ الكبت الذي أوجب أن يكون للعقل سلطان علي النفس.. و من ههنا برز الإنسان ، في مستـوي مـن مستويات المسئوليـة ، ميزته عن الحيوان السائـم .. فـالغريزة الجنسية، و حب الملكية الفردية ، هما أول ما وقع عليه الكبت .. فهما ،من ثم، في قاع العقل المكبوت ــ العقل الباطن ــ النفس الأمارة بالسوء ــ كما يقـول أصحابنا الصوفيـة .. و مـن هـذا العرف الذي نظم الغريزة الجنسية ، و الملكية الفردية، تطـورت الـحدود المعروفة عندنا في الاسلام.. و هي أربعة ترجع إلى اصلين: الزنا و القذف ، و ترجع إلى حفظ القـوي الجنسيـة ، و السرقة ، و قطع الطريق، و ترجع إلى حفظ حب التملك.. و بملاحظة هذه الحدود ، و عدم التعدي عليها، يقـوي العقل ، و يسيطر علي نزوات النفس ــ أو قـل علي نزوات الغرائز .. و من أجـل كرامـة العقـل جـاء حد الخمر .. و هو حد أقل انضباطا من الحدود الأربعة السابقة .. و هو لا يقوم علي مجرد الشرب ، و إنما يقـوم علي السكر .. هـذا في عهد المسئولية.. و أمـا في عهد الوصاية فانه قـد قام علي مجرد الشرب ، فجاء ( ما اسكر كثيره ، فقليله حرام)) .. لأن عهد الوصاية إنما يقوم علي حماية القاصـر مـن تحمـل مسئولية تصرفـه، حين يظن به العجز عن تحمل هذه المسئولية..

    10) هل بدأ التعليم عندما بلغ الفرد البشري مستوي معينا من الإدراك و الخيال به ارتفع فـوق الحيوان فاحتال بالمصالحة و المناجزة علي القوي الطبيعية التي احتوشته في بيئته علي نحو ما جري به الشرح قبل قليل ؟؟ لا !! و لا كرامة !! و إنما بدأ التعليم قبل ذلك بآماد يخطئها العد ، و يصح ان يقال فيها أنها تبلغ بلايين السنين.. ان الأرض قد كانت في أمـها الشمس ، هي و أخواتها الكواكب السيـارة .. كانت مرتتقة مع الشمس ،فجرى الانفصال ، قبل مـا يزيـد علي العشـرة بلايـين من السنين ( أ ولم يـر الذين كفـروا : ان السمـوات ، و الأرض ، كانتا رتقا ، ففتقناهمـا ، و جعلنا من الـماء كل شـيء حـي ؟؟ أفـلا يؤمنون ؟؟ )) كانت الشمس ، و بناتها ــ الكواكـب السيـارة و منها الأرض ، في سحـابـة واحدة من غاز الهايدروجـين الملتهب، فانفتقـت هـذه السحـابة فبرزت الكواكب ، و برزت الأرض، و كانت ملتهبة ، فبردت إلى ان ظهر فيها، علي السطح، الطين و الماء.. و هي لا تزال ، في مركزها، غازا ملتهبا.. و عندما برز فيها الطين، و الماء، نشأت الحياة بينهما، في معني مـا يعرفـه علماء الأحيـاء الآن عـن الحياة ، و أول لـوازمها ان تتمتع بالحركـة التلقائية، .. و ان تتغذى، و ان تتناسل ، و قبل هذا ، أول لوازم الحي ان يشعر بحياتـه ، و من هذا الشعور تجيء الحركة ، في محاولة الاحتفاظ بالحياة، و يجيء الغذاء، و يجيء التناسل، للاحتفاظ بالحياة، في معني الاحتفاظ بالنسل..
    تحولت المادة غير العضوية إلى مادة عضوية فبرز حيوان الخلية الواحدة.. و من يومئذ بدأ التعليم!! من المعلـم ؟؟ هـو المعلم الواحد – اللّه.. الله هو المعلـم الأصلي !! مـن المعلـم المباشر ؟؟ هو العناصر المتعددة في البيئة.. في الحقيقة كل عناصر البيئة حية ، و لكنها حياة فوق إدراك العقول ، و لا تصبح حيـاة في إدراك العقول حتى تخرج، من المادة غـير العضوية ، المادة العضوية ، و هـي ما تسمي ، اصطلاحـا، بالحياة.. و ما هي المادة التي يعلمهـا المعلم الواحد ــ الله ــ بواسطة العناصر المتعددة للحي في مستوي الخلية الواحدة ؟؟ هـي المقدرة علي التواؤم بين الحي و بيئته!!
    11) فـي الحقيقـة ليـس في الوجـود الحـادث غير الانسان.. وجـود الإنسان وجـود أزلـي ابدي ــ سرمدي ــ فهو ينزل المنازل في البعد من الله ، و في القرب.. هو مغترب، و راجع من الاغتراب إلى وطنه، الأصلي، إلى الله في اطلاقه.. و ليس لهذا السير نهاية ، و إنما هو سير في السـرمد ، لأنـه سير إلى المطلـق : (( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافليـن * إلا الذين آمنوا ، و عملـوا الصالحات ، فلهم اجر غير ممنـون )).. خـلق الإنسان في أحسـن تقويـم في الملكـوت عند الله ، ثم جـاءه التكليف فعصي أمـر الله بإغـواء إبليـس إياه، فأبعـد ، هـو و زوجـه ، و ابعـد إبليس .. ابعـدوا إلى أسفل سافلين، و هـو مستوي ذرة غـاز الهايدروجين ، ثم ظـل إبليـس في منزلـة أسفل سافلـين لإصـراره علي المعصية ، و الحكمة ان يمثـل النقيـض لأحسن تقويـم ، حتى يتحرك البندول بين النقيضيـن ، فيكون بذلـك رجـوع الإنسان ، مـن اغترابـه ، في أسفل سافلين ، إلى وطنـه في أحسن تقويم ، و إنما كان ذلك لمجيء الإيمان اليه ، و لهدايتـه لعمـل الصالحـات ، حيـث هـداه الله إلـى التوبـة ، و النـدم .. و الإيمان ، و عمــل الصالحات ، إنما هـو الإنابة إلى الله .. و لقد أتى علي الإنسان دهر دهـير قبل ان ينزل منزلة العقل ، فيكون مذكورا في ملكوت الله ــ قبل ان يكون مكلفا بشرع الحرام و الحلال : (( هل أتى علي الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا !!)) .. و (( يا أيها الإنسان انك كادح إلى ربك كدحا ، فملاقيه )) و لا تكون ملاقاة الله في الزمان ، و لا في المكان ، و إنما هي معرفته .. و لقد علم الله الإنسان ، و هو في منزلة العناصر الصماء ، عن طريق مباشر ، و هو طريق القهر الإرادي للعناصر ، و بالعناصر ، فكانت نتيجة هذا التعليم الطاعة المطلقة للإرادة الواحدة ( و إن من شيء الا يسبح بحمده ، و لكن لا تفقهون تسبيحهم ، انه كان حليما غفورا ..)) و لقد علّم الله الإنسان ، و هو في منزلة المادة العضوية ــ الحياة البدائية و في مرتبة الحياة العليا ، دون الإنسان ، عن طريق شبه مباشر ، و ذلك بإرادة الحياة .. ثم سير الله الإنسان ــ أو قل علّمه ــ و هو في منزلة الإنسان ، عن طريق غير مباشر ، و ذلك بإرادة الحرية، فارادة الحياة معنى زائد عن حياة العناصر قبل ظهور المادة العضوية .. و إرادة الحرية معني زائد عن إرادة الحياة ، منذ ظهور المادة العضوية ــ الحياة السفلي .. إرادة الحرية ظهرت بظهور الانسان.. و الاختلاف في جميع المستويات إنما هو اختلاف مقدار .. الاختلاف بين الإنسان ،في ((أحسن تقويم )) فــي الملكــوت ، و بين الإنسان في (( أسفل سافلين)) ــ أدني مستويات التجسيد في الملك ــ إنما هو اختلاف مقدار ، لا اختلاف نوع ، فان التوحيد يمنع ان يدخل في الوجود اختلاف النـــوع ..

    12) بإيجاز نعرف التعليم بأنه اكتساب الحي للقدرة التي بها يستطيع ان يوائم بين حياته ، و بين بيئته.. و هذه المقدرة علي التواؤم هي مقاس ذكاء الحيوان ، سواء أكان في مستوي الحيوات البدائية ، أو في مستوي الحيوانات العليا ، او في مستوي الإنسان .. و المشكلة هى دائما في معرفة ما هي البيئة؟؟ ذلك بأن العنف العنيف الذي لقيناه ، منذ نشأة الحياة ، من القوي الصماء ، التي تذخر بها البيئة ، قد رسب في صدورنا الخوف بصورة عميقة ، حتى لقد بدت لنا البيئة في صورة المخالب الحمر ، و الأنياب الزرق.. و لقد كان الخوف علي اجتثاث حياتنا صديقا ، في أول الطريق، إذ لولاه لما برزت الحياة من الماء ، و الطين في المكان الأول ، و لما برزت العقول من الجسد الحي ، في المكان الثاني ، و لما تطورت ، و ترقت ، العقول عند العقلاء ، في المكان الثالث .. و بترقي العقول أصبحنا ندرك البيئة إدراكا أدق كل حين .. و كلما أدركنا البيئة إدراكا دقيقا ، كلما اطمأنت نفوسنا ، و انتصرنا علي الخوف ..
    13) إنما من أجل التواؤم بين حياة الحي البشري ، و بين البيئة ، نشأ الدين ،و نشأ العلم المادي ، و نشأ كتؤامين ، في وقت واحد ، كما سبقت إلى ذلك الاشارة.. ثم نشا المجتمع ، فعمق معني الدين ، و طور العلم المادي .. و لقد ظلت البشرية ، في طول عمرها ، تسير علي رجلين من روح و من مادة .. و هي لم تستغن ،في أي وقت من أوقاتها ،عن أي رجل من هذين الرجلين.. و كل ما هناك أنها كانت ، في سيرها ، تقدم رجل الروح تارة ، و رجل المادة تارة أخرى .. كما يفعل الإنسان حين يسير علي رجليه من يمين و شمال .. و الآن فان البشرية قد قدمت رجل الروح في القرن السابع .. ثم أخذت تتهيأ لتقديم رجل المادة ، من ذلك الوقت البعيد .. اليوم العالم مادي .. و حتى المتدينون من يهود ، و من نصاري ، و من مسلمين ، و من غيرهم من الملل ، و النحل ، إنما يظهرون التدين ، و يبطنون المادية .. أسوأ من ذلك !! فان أغلبية المتدينين إنما يتوسلون بالدين ، و يستغلونه ، للمادة .. و لقد تطور ، بفضل الله ، ثم بفضل الصراع بين الأحياء البشرية ، السلاح ، من مستوي السلاح الحجري ، حتى وصل القنبلة الذرية ، علي يد علماء العلم المادي التجريبي المعاصرين .. و بمحض الفضل الإلهي ، فان العلم المادي التجريبي قد أعان البشرية علي مزيد من التعرف علي البيئة التي نعيش فيها ، و ظللنا ، طوال حياتنا الطويلة ، نتوق إلى التعرف عليها .. لقد اظهر العلم التجريبي ، بانفلاق الذرة ، ان المادة ، بصورها المتعدده ، كلها وحدة.. بل لقد اظهر ان المادة التي نعرفها فيما مضي ، ونلمسها و نحسها بحواسنا، أو ندركها بعقولنا ، ليست هناك ، و إنما هي طاقة ، تدفع ، و تجذب ، في الفضاء .. و يعرف العلم المادي التجريبي خواص هذه الطاقة ، و لكنه يجهل كنهها .. بل ان كنهها لا يدخل في نطاق تجاريبه .. و لا هو يدعي انه سيدخل ، يوما ما ، في نطاق تجاريبه .. و حين تطور العلم التجريبي المادي حتى رد المادة في جميع صورها إلى اصلها الأصيل في الوحدة ــ في الطاقة ــ تطور توأمه الدين ، حتى لقد وصل بتصعيد التوحيد إلى رد كل المناشط البشرية ، و الطبيعية ، في العوالم المنظورة ، و غير المنظورة ، إلى اصل واحد .. ان العالم جميعه،ماديه ، و روحيه ، إنما هو مظهر الله الذي خلقه ، و قدره ، و سيره.. علي ذلك اتفق إنجاز العلم المادي التجريبي، و العلم الروحي التوحيدي .. بإيجاز فان البيئة التي نعيش فيها اليوم ، و ظللنا نعيش فيها في عهودنــــا السحيقة ، و نحاول التعـــرف عليها ، بكل وســائل البحـــث ،
    و التقصي ، قد انكشفت اليوم ، بفضل الله علينا و علي الناس .. أنها ليست بيئة مادية كما توهمنا ــ بمعني المادة التي نألفها ــ و إنما هي في الأصل بيئة روحية ذات مظهر مادي .. هي ذات الله متنزلة إلى حياته ، ثم متنزلة إلى علمه ، ثم متنزلة إلى إرادته، ثم متنزلة إلى قدرته .. فبعلمه الاحاطه ، و بإرادته التخصيص ، و بقدرته التجسيد .. و بالتجسيد جاء المظهر المادي ، بمعني ما اصطلحنا عليه من معني المادة .. فلما فتت العلم التجريبي المادة ، فردها إلى طاقة معروفة الخصائص ، مجهولة الكنه ، و صلنا إلى الاراده الإلهية التي قهرت الوجود ، و سيرته إلى الله .. ان العلم المادي التجريبي ، و العلم الروحي التجريبي ــ التوحيدي .. اتحدا اليوم في الدلالة علي وحدة الوجود . لقد انفلقت نواة المادة فأحدثت دويا عظيما ، و توشك ان تنفلق نواة الدين و سيسمع لها دوي أعتي ، و أعظم ، من ذلك الذي أحدثته الذرة حين انفلقت ..
    14) ان البيئة التي نعيش فيها إذن إنما هي بيئة روحية ، ذات مظهر مادي.. و هذه الحقيقة ستحدث ثورة في مناهج التعليم الحاضرة ، التي ظهر قصورها ، و إليها يرجع فساد الحكم ، و قصور الحكام ، و المحكومين .. ما هي الروح ؟؟ هي الجسد الحي الذي لا يموت!! و في المرحلة ،قبل ظهور الجسد الحي، الذي لا يموت ، فان الروح هي الطرف اللطيف من الجسد الحاضر ــ الروح هي العقل المتخلص من أوهام الحواس، و من أوهام العقل البدائي الساذج .. الروح هي العقل المتحرر من سلطان الرغبة ــ الهوى .. و نحن لا نصل إلى الروح إلا بالإيمان ، و بتهذيب الفكر ، و من اجل ذلك قال النبي الكريم ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به.. )) و ما جاء به هو الشريعة ، و الطريقة ، و الحقيقة .. هذا شرط أول الطريق ..
    _________________
                  

04-18-2008, 03:01 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    من أوراق الأستاذ/ محمود محمد طه داخل معتقلات مايو (3)
    ما هو الفرق الأساسي الجوهري بين الطريق (العلمي) والطريق (العلماني)؟ ؟
    د. محمد محمد الأمين عبد الرازق
    [email protected]
    تتحدث الدعوة الإسلامية الجديدة أو الفكرة الجمهورية ، باستمرار في كتاباتها عن الإسلام في مستواه العلمي أو المرحلة العلمية من الإسلام ، ذلك في مقابلة المرحلة العقائدية أو الإسلام في مستواه العقائدي .. وتقول أن الإسلام في حقيقته ليس ديناً بالمعنى المألوف للأديان العقائدية السابقة كاليهودية والمسيحية ، وإنما هو علم نفس يعالج بمنهاجه العلمي وفق السنة النبوية العقد النفسية الموروثة والمكتسبة ، ويحرر الإنسان من الخوف الذي هو الأب الشرعي لجميع آفات السلوك التي إيفت بها الحياة البشرية في جميع العصور .. وبالتحرر من الخوف تتسع الحياة داخل النفس تدريجياً يغذيها الالتصاق بالله حتى تصل مرتبة ما لا عين رأت وأذن سمعت ، ولا خطرت على قلب بشر .. هذا العلم المعرف بالألف واللام كان عليه النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم في خاصة نفسه ، ولم تكن طاقة المجتمع في القرن السابع الميلادي تسمح بالأخذ بهذا المستوى الذي عاشه النبي الكريم بين الناس ، فنسخ من ثم واستعيض عنه بتشريع أقرب إلى واقع الأمة تنزل عن المستوى العلمي لضرورة حكم الوقت .. ذلك هو المستوى العقائدي .. ما هو الفرق الأساسي بين المستويين العلمي والعقائدي ؟ الجواب هو أن المستوى العلمي يخاطب الناس على أنهم مسئولين ويعطي الفرد مطلق الحرية في التصرف بشرط ألا يتعدى على حريات الآخرين ، يدعمه في أن يحسن التصرف المنهاج التربوي .. وإذا تعدى تصادر حريته وفق قانون دستوري .. القانون الدستوري هو الذي يحفظ في سياق واحد حق الفرد في الحرية وحق المجتمع في الأمن .. مصدر هذا الفهم والسبب فيه هو المسئولية أمام الله يوم الحساب مسئولية فردية: (ونرثه ما يقول ويأتينا فردا) أو (كل نفس بما كسبت رهينة) أو (ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى) .. هذه هي المسئولية الفردية التي أثبتت في آصل أصول الدين .. من هذا المنطلق نجد أن القرآن المكي عندما بدأت الدعوة أعطى الحريات بصورة واضحة: (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) أو (فذكر إنما أنت مذكر ، لست عليهم بمسيطر) أو (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ، إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) أو (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) ..واستمرت الدعوة الإسلامية على هذا المنهج ثلاثة عشر عاماً ، تحمل النبي الكريم وأصحابه خلالها الأذى الجسيم في سبيل إرساء هذه الأسس على ارض الواقع .. الشاهد في الأمر أن المجتمع الجاهلي في ذلك الوقت لم يستجب لهذه المبادئ ، فدبر المشركون مكيدة لقتل النبي الكريم والتخلص منه ، فاختاروا شبان أقوياء من مختلف القبائل وتجمعوا حول بيته ليضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه بين القبائل ولا يعرف من هو القاتل بالتحديد ، فيقبل أولياء الدم بالدية ..هذا الانتهاك الصارخ للحقوق الأساسية للإنسان نموذج ، دل دلالة واضحة وعملية على أن ذلك الأسلوب العلمي أرفع من الواقع ، ولا بد من مرحلة عقائدية تكون قاعدة للانطلاق والانفتاح على مرحلة العلم .. فهاجر النبي وأصحابه إلى المدينة وبدأ عهد جديد ، فيه فرضت وصاية النبي على الأمة ، وشرع القتال في مواجهة المعتدين وفق الآيات المدنية: (إذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير ، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله) إلى أن نزلت سورة براءة وجاء فيها: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) .. وأصبح الدخول في عقيدة الإسلام إجبارياً على كل فرد ولو كان منافقاً غير مقتنع ..وعليه نسخت الآيات المكية وأحكمت الآيات المدنية .. ما هو الحد الفاصل بين المستوى العلمي والمستوى العقائدي ؟ الجواب هو مستوى المسئولية .. هل الفرد مسئول مستعد لتحمل مسئوليته أمام القانون ، أم هو قاصر محتاج لوصي يرشده ويدرجه بصورة مباشرة نحو تلك المسئولية ؟ لقد كان المستوى العقائدي هو الأنسب لذلك الوقت ، وتربى عليه رجال كانوا نماذج في الانضباط وفي مستوى المسئولية ، وانتشر الإسلام عن طريق الجهاد والسيف ، وهذا الأسلوب أوقف العديد من ممارسات الجاهلية المتخلفة كوأد البنات وأكل الربا وقطع الرحم .. الخ .. وذلك بحشد الناس داخل العقيدة الواحدة حتى لو كانوا منافقين .. وعلى هذا ارتفع المجتمع درجة في التطور ما كان يمكن تحقيقها عن طريق المستوى العلمي الذي يريده الإسلام في الأساس ..
    اليوم هو يوم المستوى العلمي ، ما في ذلك أدنى ريب ، فإذا كانت الدعوات تنطلق من جميع الاتجاهات تؤسس لحقوق الإنسان عبر المواثيق والعهود الدولية وتبحث عن قانون الإنسان بكل سبيل ، فهل يعقل أن ندعو الناس للمستوى العقائدي ونترك المستوى العلمي الذي أسس مبادئ الحقوق الأساسية من قبل أن يعرف الناس شيئاً عن تلك الحقوق ؟؟ إن حكم الوقت يقتضي أن نحكم الآيات المكية وننسخ الآيات المدنية ، لكي نقيم الحكم الدستوري الذي يكفل حقوق المواطنة المتساوية للجميع ولا يفرق بين مواطن وآخر بسبب العقيدة أو الجنس .. وأي تأخير في الأخذ بهذه الدعوة إنما هو مضيعة للوقت وهروب من مواجهة المسئولية التي كلفنا بها الإسلام في أصوله .. العيب ليس في أحكام الشريعة الإسلامية أو الفروع التي أحكمت في القرن السابع وإنما العيب في العقول التي تحاول إقحامها في زمان غير زمانها ، وتطبقها على مجتمع لا تشبه مشاكله مشاكل ذلك الوقت بأي وجه من الوجوه .. لقد خدمت الفروع غرضها حتى استنفذته وعالجت مشاكل مجتمعها بالحلول الناجعة ، فوجب الآن الانتقال منها إلى الأصول حتى نظفر بالحلول الناجعة لمشاكل عصرنا نحن .. هذه هي الدعوة الجمهورية ، أو الرسالة الثانية من الإسلام ، وقد كتب الأستاذ محمود منذ عام 1951م عن أساس دعوته فقال: (إن ما جئت به من الجدة ، بحيث أصبحت به بين أهلي كالغريب ، وبحسبك أن تعلم أن ما أدعوا إليه هو نقطة التقاء الأديان جميعها حيث تنتهي العقيدة ويبدأ العلم ، وتلك نقطة يدخل بها الإنسان عهد إنسانيته ولأول مرة في تاريخه الطويل) ..
    هنا يبرز سؤال في غاية الأهمية: هل ما حدث بالسودان خلال تجربة الحركة الإسلامية السلفية نابع من المستوى العقائدي أم من المستوى العلمي ؟؟ الجواب: إن ما شاهدناه على أرض الواقع لا علاقة له لا بالمستوى العلمي ولا بالمستوى العقائدي ، وإنما هو انحراف عن المستوى العقائدي سببه ضعف التربية الدينية .. فهم أقرب إلى عصابة نهب تلهث خلف السلطة من أجل المال ، هذا هو منهجها منذ المصالحة الوطنية أيام مايو ، وحتى لا يتهمنا القارئ بأننا إنما نبالغ بهذا الاتهام أو نصفي حسابات قديمة مع تلك الجماعة نقدم فيما يلي دليلنا على ما نقول .. عندما أنشأت الحركة الإسلامية بنك فيصل الإسلامي في عهد مايو ، لم يكن همها أن ترسي تعاليم الإسلام في العدل بين الناس على الأرض ، ليتساوى الناس في الحقوق أو على الأقل ليجد كل إنسان الحد الأدنى من المال الضروري للحياة الكريمة .. وإنما كان هدفها الأول هو تجميع أقصى قدر يمكن تحقيقه من أموال الشعب لمصلحة تنظيمهم هم .. ولذلك خدعوا السلطة بالإرهاب الديني ، بفكرة الصيغ الإسلامية فاستجابت لهم فأقاموا بنك فيصل لتنفيذ خطتهم .. ففي عام 1979م – 1981م ، ارتفع حجم التمويل لدى البنك بنحو 318% بينما لم تتجاوز الزيادة في حجم التمويل لدى البنوك التجارية الأخرى مجتمعة نسبة 56% !! فهل نتجت هذه الطفرة من التجويد والكفاءة أم من الزج باسم الإسلام واستغلال العاطفة الدينية ؟؟ لقد نال بنك فيصل من الإعفاءات والامتيازات ما لم تنله البنوك المملوكة للدولة في ذلك الوقت ، واليك قائمة بذلك:-
    1- كل أموال وأرباح البنك معفاة من جميع الضرائب..
    2- الأموال المودعة في البنك بغرض الاستثمار معفاة من الضرائب..
    3- مرتبات الأجور ومكافئات العاملين بالبنك وأعضاء مجلس إدارته ، ومكافئات هيئة الرقابة الشرعية ، معفاة جميعها من الضرائب..
    4- خول القانون محافظ بنك السودان إعفاء البنك من أحكام القوانين المنظمة للرقابة على النقد في الحدود التي يراها مناسبة.. وعند افتتاح البنك أعفى المحافظ كل معاملات وتحركات رأس مال البنك وودائعه بالعملات الأجنبية من القوانين المنظمة للرقابة على النقد.
    5- القوانين المنظمة للخدمة وفوائد ما بعد الخدمة غير ملزمة للبنك ، كما أن قانون المراجع العام لسنة 1970م غير ملزم أيضاً..
    لقد مكنت هذه الإعفاءات والامتيازات البنك من أن يحقق أرباحاً عالية جداً ، إذ ارتفع صافي أرباحه من 2.5مليون جنيه عام 1980م إلى 10.2ميون جنيه عام 1981م ، أي بنسبة زيادة 330% في عام واحد!! (للمزيد راجع كتاب بنك فيصل الإسلامي – الأخوان الجمهوريون).. تصور كم من الأموال ضاعت على الخزينة العامة بسبب تلك الامتيازات والإعفاءات التي انتزعها هذا البنك من سلطة مايو عن طريق الإرهاب الديني ؟؟ إن تلك الأموال هي أموال الشعب نهبت في وضح النهار باسم الإسلام ، ولذلك قلنا أن ممارسة هذه الجماعة لا علاقة لها بالإسلام في أي مستوى من مستوياته .. هذا ما كان في عهد مايو ، وفي فترة الإنقاذ خاصة التسعينات من القرن الماضي وجدت جماعة الحركة الإسلامية الفرصة كاملة في السلطة ، وشرعت منذ اليوم الأول في السيطرة على كل مفاصل الاقتصاد .. وقد عبر أحد قادتهم بعد الانقسام الشهير: (في عهد الإنقاذ عندما كنا سوياً في السلطة لا فرق بين أموال الدولة وأموال الحركة الإسلامية !!) لقد فصلوا للصالح العام كل من يظنون أنه عقبة في طريق هذا النهب المنظم ، فشردوا بذلك أبناء الشعب في أصقاع الأرض المختلفة تركوا زوجاتهم وأطفالهم وهاجروا يبحثون عن لقمة العيش الكريم .. فتعرضت تلك الأسر لضربات الخصخصة الموجعة ففقدت العلاج ، وفقدت التعليم .. أكثر من ذلك فإنهم مسخوا الخلق السوداني الأصيل الذي زرعه قادة الطرق الصوفية في هذه البلاد ، والذي شكل سمة الجاذبية التي تميز بها السودانيون عندما اغتربوا في الخارج .. هذا في القطاع العام ، أما في القطاع الخاص فقد سيطروا على كل قطاعاته سيطرة تكاد تكون تامة ، ولم يتركوا مجالاً في السوق إلا احتكروه لأنفسهم ، يستغلون الأسماء المنسوبة للإسلام كلافتات لأعمالهم الخاصة فمثلاً :المستوصف الإسلامي ، المخبز الإسلامي ، الصيدلية النبوية .. الخ .. إن الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي عانى منها الشعب السوداني تحت سلطة هذه الجماعة ، نحتاج في متابعتها وتسجيلها إلى مجلدات ، فهذه مجرد خطوط عريضة .. فهل في هذا الواقع المرير ما يدل على وجود روح تربية دينية في أي مستوى من مستوياتها ؟؟ ألم نكن على حق عندما قررنا بصورة حاسمة أن ما جرى في السودان على يد الحركة الإسلامية لا علاقة له بالمستوى العلمي ولا بالمستوى العقائدي ؟؟
    في الفقرة التالية نقدم من ديباجة الدستور: ما هو الفرق بين الطريق العلمي والطريق العلماني ؟ ونترك للقارئ الفرصة ليقيم من خلال شرح الأستاذ محمود لهذا الموضوع هل ممارسات الحركة الإسلامية التي أشرنا إليها موجهة من عقل المعاش العلماني أم من عقل المعاد العلمي ؟ فإلى الديباجة:-
    يسمي كارل ماركس اشتراكيته : الاشتراكية العلمية .. في حين يسمي اشتراكية روبيرت اوين: الاشتراكية المثالية.. و الناس يتحدثون، في الوقت الحاضر ، عن العلمية بتأثر كبير برأي كارل ماركس عن اشتراكيته ، و لكنهم غير دقيقين في هذه التسمية .. اشتراكية ماركس علمانية ، و ليست علمية .. و كذلك كل ما يتحدث عنه الناس الآن ، إنما هو علماني ، و ليس علميا .. الفرق بين العلمية ، و العلمانية ، ان العلمانية علم ناقص .. و تجيء العبارة عنه في القرآن ( وعد الله ، لا يخلف الله وعده ، و لكن اكثر الناس لا يعلمون * يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا ، وهم ، عن الآخرة ، هم غافلون!!)) سماه ، و نفي عنه ، انه علم .. قال ((لا يعلمون)) ثم قال " يعلمون ظاهرا" .. و هذا الظاهر إنما هو المادة كما تتبادر إلى حواسنا .. العلمانية تتعلق بالحياة الدنيا ــ الحياة السفلي ــ حياة الحيوان ، و تغفل عن الحياة الأخرى .. الحياة العليا ، و هي حياة الإنسان .. كارل ماركس ينكر الغيب ، و ينكر الحياة الأخرى ، و تتعلق اشتراكيته بالسعي في الحياة الدنيا ، وفي ، ظاهرها ، و من ثم فهو علماني ، و ليس عالما .. العلم هو الذي ينسق بين الحياة الدنيا ، و الحياة الأخرى، علي غرار العبارة النبوية : "الدنيا مطية الآخرة “ .. العالم ذكي، و العلماني شاطر.. و الفرق بين الذكي و الشاطر ان الذكي يملك ميزان القيمة ، و يقيم الوزن بالقســــط .. و الشاطر لا يملك هذا الميزان ، فهو يخبط كحاطب ليل .. الذكي يعرف الوسائل و الغايات ، و ينسق بينها ، فلا يصرف ، في سبيل الوسيلة ، من الجهد ، ما ينبغي ان يصرف في تحصيل الغاية .. و الشاطر قد يفني حياته في سبيل الوسيلة ، لأنه لا يملك التمييز الدقيق بين الوسائل،والغايات.. الدنيا وسيلة الآخرة ، فيجب ان تنظم بذكاء ، و بعلمية لتتأدي إلى الغاية المرجوة منها.. و لا يستطيع ذلك العلمانيون و إنما يستطيعه العلماء..

    16) الحضارة الغربية الحاضرة بشقيها ــ الاشتراكي و الرأسمالي ــ إنما هي حضارة مادية ــ قيمة الإنسان فيها مهدرة ، و قيمة الحطام مرتفعة.. هي حضارة، و ليست مدنية.. هي حضارة التكنولوجيا الهائلة ، و الآلات الرهيبة ، و لكن الإنسان فيها ليس سيد الآلة .. لقد نمت التكنولوجيا الثروة بصورة خيالية، و لكن ، لغياب القيمة ، لم يكن هناك عدل في توزيع الثروة ، و إنما انحصـرت في أيدي القلة ، و اصبح الفقر نصيب الكثرة ، فذهل الغني ، بالغني ، عن إنسانيته، كما شغل الفقير ، بالفقر ، عن إنسانيته، فانهزم الإنسان ، في هذه الحضارة المادية ، الآلية الهائلة، المذهلة.. لقد وصلت هذه الحضارة إلى نهاية تطورها ، ووقف طلائعها في نهاية الطريق المقفول ــ طريق المادية الخالية من الروحية.. و لا بد للبشرية التي سارت في هذا الطريق العلماني حتى بلغت نهايته من ان تعود لتدخل من جديد ، في الطريق العلمي..

    17) من الأمم الإسلامية أمم متقدمة ، بمقاس الوقت الحاضر ، فدخلت خلف طلائع الحضارة الغربية في هذا الطريق العلماني، و قطعت فيه شوطا ، به اعتبرت متقدمة ، في الوقت الحاضر.. و من الأمم الإسلامية أمم متخلفة ، بمقاس الوقت الحاضر ، فلم تصل حتى إلى مفترق الطريقين ــ الطريق العلمي و الطريق العلماني ــ وهي بذلك اعتبرت متخلفة .. أما نحن السودانيين ، فإننا ، بفضل الله علينا ، نقف اليوم في مفترق الطريقين .. لقد دخل بعضنا في طريق الحضارة الغربية الحاضرة ، تبعا لطلائـع هذه الحضارة ، و لكنه لم يوغل ، و لم يبعد عن مفترق الطريقين .. أما الشعب فانه بفضل الله علينا ، و علي الناس ، يقف عند مفترق الطريقين ، تماما ، محتفظا باصائل طبائعه التي قد قدها الله تعالي له من شريحة الدين (( أما نحن الجمهوريين ، فبفضل الله علينا ، و علي الناس ، قد امتد بصرنا حتى رأينا قافلة البشرية الحاضرة ، و هي تقف حائرة، عند نهاية طريق العلمانية المسدود ، و اصبح واضحا عندنا، ان علينا لأن ندخل بشعبنا طريق العلمية حتى نكون للبشرية ــ قل للإنسانية ــ طليعة جديدة .. طريق العلمية طريق مفتوح علي الإطلاق ، و سير الإنسانية فيه سير سرمدي .. فهو يحقق فيه ، كل حين ، قدرا من إنسانيته ، و من كرامته ، و من عزه ، و من كماله.. و ليس لكمال الإنسان نهاية ، لان نهايته عند الله (( و ان إلى ربك المنتهي )) و لا منتهي لكمال الله تبارك و تعالي .

    18) ان العلمية لا تستغني عن العلمانية ، و إنما تضعها في موضعها ، و هو موضع الوسيلة من الغاية ، علي غرار (( الدنيا مطية الآخرة)) .. فمن استغني بالدنيا عن الآخرة لقد ضل ضلالا بعيدا .. و من حاول ان يطلب الآخرة بدون الدنيا فقد ضل .. و القصد القويم هو ان تأخذ من دنياك زاد الراكب ، لتسير إلى أخراك .. هذا هو المقصود بقولنا ان العلمية لا تستغني عن العلمانية .. الحضارة العلمانية ، المادية الآلية ، الحاضرة ، حضارة عملاقة ، و لكنها بلا روح ، فهي تحتاج إلى مدنية جديدة تنفخ فيها هذا الروح و توجهها الوجهة الجديدة ، التي تجعلها مطية للإنسان بها يحقق إنسانيته، وكماله.. وهذا ماعلينا ان نقدمه نحن من الاسلام.. ان الطريق العلمي الجديد الذي علي الشعب السوداني ان يدخله منذ اليوم ، هاديه كتاب الأجيال ــ القرآن ــ و دليله محمد ، النبي الأمي، الذي جسد القرآن ، في اللحم و الدم فمعرفة الأكوان ــ العلمانية ــ و معرفة الله ــ العلمية ــ يجب التنسيق بينهما بعلم ، لان الأكوان إنما هي مطية الإنسان، في سيره إلى الله .. يقول تعالي : ((سنريهم آياتنا في الآفاق ، و في أنفسهم ، حتى يتبين لهم : انه الحق.. أو لم يكف بربك ، انه علي كل شيء شهيد ؟؟)) و يقول ( خلقت الأكوان للإنسان ، و خلقت الإنسان لي.. )) و هذا هو معني قوله تعالي : (( ما وسعني أرضي، و لا سمائي ، و إنما وسعني قلب عبدي المؤمن !!))

    19) علينا ان نعلم أنفسنا ! و ان نعلم شعبنا، و ان نعيد تعليم المتعلمين منا ، من جديد ، فنخرجهم من الطريق العلماني، إلى الطريق العلمي.. ان علينا لان ننشئ التربية ، و التعليم .. فأما التربية فببعث سنة النبي فينا معاشة .. و هي تعني ((العدل)) : العدل بين العبد و الرب ، و العدل بين العبد و نفسه، و العدل بين العبد و أهله ، و العدل بين العبد و الناس، و العدل بين الناس.. و هذا كله وارد في الكتب الجمهورية ــ ((طريق محمد)) و (( أدب السالك في طريق محمد )) و (( الرسالة الثانية من الإسلام)) و (( رسالة الصلاة)) و (( تعلموا كيف تصلون)) الخ الخ .. و سيكون مجال التربية التعليم الرسمي ، في المدارس ، و المنابر الحرة ، في كل ميادين القرى ، المدن ، و منابر المساجد ، و منابر المدارس ، و المعاهد ، و الجامعات ، و كل مجاميع الشعب .. و أما التعليم الرسمي سيكون مجاله المدارس ، و المعاهد ، و الجامعات ،هو تعليم يقوم علي العلم المادي التجريبي، حتى يتقن المواطن، و المواطنة ، المقدرة علي تصميم الآلة ، و صنعها ، و استعمالها ، و صيانتها ، لكي يكون نافعا لمجتمعه بتسخير العلم المادي لخدمته .. لقد قلنا ان العلم المادي ، و العلم الروحي، قد اتفقا علي وحدة الوجود ، و ذلك يعني ان بيئتنا التي ظللنا نحاول التعرف عليها في الآماد السحيقة بوسيلة العلم المادي ، و العلم الروحي ، قد ظهرت لنا علي حقيقتها ، بفضل الله علينا ، ثم بفضل هذين العلمين.. ان علينا لان نعيد توجيه برامج تعليمنا حتى يجد الفرد منا المقدرة علي المواءمة بين حياته وبين بيئته هذه الجديدة ، و لما كانت هذه البيئة الجديدة ، إنما هي بيئة روحية، ذات مظهر مادي كما سبق ان قررنا فقد أصبح علي الحي ان يعلم مظهرها و مخبرها ــ خصائصها و كنهها ــ و هذا ما يوجب تعلم العلم المادي ، التجريبي ، و العلم الروحي كليهما ، لكي يتم تواؤم الحي مع بيئته هذه القديمة، الجديدة..


    20) لقد أصبح علينا ان نعطي كلمة الديمقراطية : حكم الشعب بواسطة الشعب لمصلحة الشعب معني جديدا يناسب المرحلة المقبلة من مراحل تطور البشرية المعاصرة .. لقد سبق ان قررنا ان كلمة الديمقراطية قد تطورت في معناها عبر ما يزيد علي الألفي سنة بتطور معني كلمة الشعب .. لقـد أصبحت كلمة الشعب في الديمقراطيات النيابية عندنا اليوم تعني كل المواطنين ، من رجال، و نساء، منذ ان يبلغوا الرشد .. هذا تطور في ((الكم)) لا يكاد يحتاج إلى مزيد ، و إنما يجب ان ندخل ، في تطوير كلمة الشعب ،((الكيف)) بعد ان استوفينا ، أو كدنا نستوفي ، (( الكم)) .. ذلك بان الحكم الديمقراطي لا يمكن ان يحققه شعب جاهل كما سبقت إلى ذلك الإشارة .. و لا نعني بالجهل هنا عدم تعليم المدارس ، فقد سبق ان بينا ان تعليم المدارس، الحاضر ،علي النهج الغربي وحده ، ليس بعلم ، و إنما هو علم ناقص ــ هو علمانية ..
    هذه مرحلة البشرية ، و أمامنا مرحلة الإنسانية .. و مرحلة الإنسانية تطور فوق مرحلة البشرية ، كتطور مرحلة البشرية ، فوق مرحلة الحيوانية .. و لقد فصّلنا في ذلك في مقدمة الطبعة الرابعة من كتابنا : (( رسالة الصلاة)) حيث تحدثنا عن مراحل نشأة الإنسان ، و قلنا ان له أربع مراحل ، في نشأته هذه المباركة .. قلنا هناك (( لقد تحدثنا عن المراحل الأربع من نشأة الإنسان .. تحدثنا عن المرحلة الأولى فقلنــا : ان بدايتها في الأزل ، حيث برز الإنسان في الجسد ، في المادة غير العضوية تلك التي نسميها ، اصطلاحا ميتة ــ ونهايتها عند دخول المادة العضوية فى المسرح..
    (( و تحدثنا عن المرحلة الثانية ، و قلنا : ان بدايتها عند ظهور المادة العضوية ــ تلك التي نسميها ، اصطلاحا ، حية ــ و نهايتها عند ظهور العقل .. و يتضح لنا من هذا ، ان الشبه كبير بين المرحلتين : الأولى و الثانية ، فهما معا مرحلة الجسد الصرف ، علي اختلاف مستوياته من ذرة بخار الماء وإلى أعلي الحيوانات الثديية ، ما خلا الإنسان ..
    وأما المرحلة الثالثة فهي تتميز عن المرحلة الثانية ببروز العقل من الجسد، و هو عهد جديد و خطير .. (( و أما المرحلة الرابعة فهي تتميز عن المرحلة الثالثة ، بدخول الحاسة السادسة ، و الحاسة السابعة ، في المسرح ، و تلك درجة جديدة من درجات الترقي ، تصبح بها الحياة البشرية شيئا جديدا ، مختلفا عما ألفنا من قبل .. و لذلك فأنا نستطيع ان نقول : ان لدينا ثلاث مراحل لنشأة الإنسان ، مرحلة الجسد الصرف ، و مرحلة الجسد و العقل المتنازعين، و أخيرا مرحلة الجسد ، و العقل المتسقين .. )) انتهي..
    و أما مرحلة الجسد و العقل المتنازعين هي مرحلة البشرية ، منذ بدء الخليقة ، و إلى اليوم .. و أما مرحلة الجسد و العقل المتسقين ، فهي مرحلة الإنسانية ، التي هي قبلة البشرية الحاضرة ، منذ اليوم ، و ليس لها منها بد ..

    21) مرحلة الجسد و العقل المتنازعين، هي مرحلة الكبت ، التي نعيشها الآن و التي بها ارتفع الإنسان فوق مرتبة الحيوان ــ فوق مرحلة الجسد الصرف ــ و الفضل في ذلك لله ، ثم للعقل.. و العقل عقلان، عقل المعاش، و عقل المعاد .. فأما عقل المعاش فهو القوة الّدراكه فينا التي استلها من الجسد ، الخوف من القوي الرهيبة التي هددت الحياة بالموت الذريع ، منذ أول النشأة .. فهو ، من أجل ذلك ،قلق، مضطرب ، خفيف ، يجسد الخوف و يجسد الحرص .. و هو موكل بمجرد حفظ حياة الحيوان و حركته ليست فكرا ، و إنما هي قلق ، و خوف مما يجيء به المستقبل المجهول .. هو غريزي ، و ليس مفكرا .. هو شاطر، و ليس ذكيا ، و إدراكه علماني، و ليس علميا .. و قد وردت الإشارة لهذين المعنيين قبل حين .. و من هذا العقل يجيء الجبن، و الحرص ، و حب الادخار ، و البخل ، و كل مذام الصفات .. و أما عقل المعاد فهو أيضا القوة الدّراكه فينا ، و هو الطبقة التي تقع بين عقل المعاش ، والقلب ، وهو أيضا خايف ، و لكن خوفه ليس عنصريا ، ساذجا ، و إنما هو خوف موزون بالذكاء الوقاد ، الذي يملكه حين يفقده عقل المعاش الشاطر .. عقل المعاد ،موزون،رزين ، وقور .. و هو أيضا موكل بحفظ الحياة ، و لكنه لا يخاف عليها من كل ناعق ، كما يفعل عقل المعاش ، و ذلك لأنه يملك موازين القيم .. فهو قد يستهين بالخطر الماثل ، في سبيل الآمن الدائم ، و هو قد يضحي باللذة العاجلة ، ابتغاء اللذة الباقية ــ هو ينشغل بالحياة الأخرى ، اكثر مما ينشغل بالحياة الدنيا ــ عقل المعاد هو عقل الدين ــ هو الروح ــ نحن لا نفهم الدين بعقل المعاش ، و إنما نفهمه بعقل المعاد.. و عقل المعاش يتأثر بعقل المعاد ، و يؤثر فيه ، قال تعالي في العقلين ( الشيطان يعدكم الفقر ، و يأمركم بالفحشاء ، و الله يعدكم مغفرة منه و فضلا ، و الله واسع عليم ..)) الشيطان هنا عقل المعاش ، و الرحمن عقل المعاد .. و الشيطان داخلنا ، و خارجنا.. خارجنا هو الروح الشرير الذي لا يأمر بخير ، و داخلنا هو عقل المعاش ، الذي ينصت للشيطان ، و يأتمر بأمره .. و إنما هو داخلنا لأننا خلقنا مـن الطين المحروق بالنار ، في حين خلق الشيطان من النار .. (( خلق الإنسان مـن صلصال كالفخار* و خلق الجآن من مارج من نار )) .. و عقل المعاش حين يؤثر علي عقل المعاد يزلزله ، و يخرجه من وقاره ، و يذهله عن قيمه ، و إنما من أجل تهذيب عقل المعاش جاءت الشريعة .. فهي، بوسيلة العبادة ، و بوسيلة العقوبة ، تسير عقل المعاش ليتهذب ، و يلتقي بعقل المعاد ..

    22) و العبادة ثلاث مستويات: فكرية و قولية ، و عملية .. و اعلي مستويات العبادة العملـية الصلاة .. و هي تشمل الفكر، و القول، و العمل، منذ بداياتها .. و الصلاة تهذب عقل المعاش ، بصورة أوكد من كل عبادة ، لأنها تحارب الجولان بين الماضي، و المستقبل، و تروض المصلي على ان يعيش اللحظة الحاضرة .. و هي قد فرضت في مقام ( ما زاغ البصر و ما طغي)) .. و من ههنا اكتسبت المقدرة علي محاربة الجولان ، بين الماضي و المستقبل، الذي هو آفة فكر المعاش الأساسية .. و أما وسيلة العقوبة و أعلاها الحدود.. و الحدود خمسة ، و قد وردت الإشارة إليها في موضع سابق من هذا الحديث.. و الحدود يمكن ان تنضوي تحت القصاص .. فالقصاص معاوضه ــ من اتلف شيئا يعوضه ــ و الحدود معاوضه و القصاص قانون حياة ، أولا ، ثم قانون دين، ثانيا .. قبل ظهور العقول كان القصاص ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره* و من يعمل مثقال ذرة شر يره)).. ثم بعد ظهور العقول جاء قانون الدين ( و كتبنا عليهم فيها: أن النفس بالنفس ، و العين بالعين ، و الأنف بالأنف ، و الأذن بالأذن ، و السن بالسن، و الجروح قصاص..)) و اليوم فان قانون الحياة ساير.. و أحسن حالات الناس ان يسيروا بقانونهم مصاقبين لقانون الحياة .. و قد جاء قانون الدين مصاقبا لقانون الحياة ، لان الله تبارك و تعالي ، يريد ،بمحض فضله، للعقل البشري ان يصاقب ، و ينطبق ، علي العقل الكلي ــ العقل المحيط ــ العقل الالهي.. و من اجل ذلك أرسل الرسل ، و أنزل الكتب ، و شرع الشرائع.. و لقد جاء عندنا في القرآن ( و أنزلنا اليك الذكر ، لتبين للناس ما نزل إليهم ، و لعلهم يتفكرون ..)) فبالعبادة و المعاملة ، في المجتمع ، وفق الشريعة ، و الطريقة ، و الحقيقة ، يــقوي الفكر ، و يسير العقل بالحياة مصاقبا للعقل الكلي ، كل حين، و في ذلك كمال العقل ، و القلب ، و الجسد..

    _________________
                  

04-18-2008, 03:03 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الحلقة الرابعة
    من أوراق الأستاذ/ محمود محمد طه داخل معتقلات مايو (4)
    الحدود والقصاص قوانين علمية ودستورية في قمة الانسجام مع الدستور الإنساني

    محمد الأمين عبد الرازق
    [email protected]
    قال الأستاذ عبد الخالق محجوب وهو يتجاذب أطراف الحديث مع الأستاذ محمود حول تجربة تطبيق الاشتراكية على الفهم الماركسي ، أنه لاحظ من متابعاته لإصدارات المكتبة السوفيتية بالخرطوم ، أن هناك حوادث سرقة وسطو بالاتحاد السوفيتي بالرغم من النجاح الذي حققته الاشتراكية في توفير حد معقول من الاحتياجات المادية لكل مواطن .. أوضح الأستاذ محمود في تعقيبه أن السبب في ذلك هو الخوف الموروث المترسب داخل النفوس والذي لا يمكن معالجته إلا بمنهاج الإسلام في مستواه العلمي ، فلا بد من إدخال الدين في الصورة وربط الدنيا بالآخرة ، الأمر الذي رفضته الماركسية ابتداءً.
    إن تهذيب عقل المعاش في اتجاه عقل المعاد ، هو موضوع المرحلة العلمية من الإسلام .. والإنسان في هذا المستوى محاسب على سريرته الداخلية ، قال تعالى: (إن تبدو ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) ، أما في المستوى العقائدي فإن القاعدة هي الحديث النبوي: (إن الله قد تجاوز لأمتي ما حدثوا به نفوسهم ما لم يقولوا أو يعملوا) .. الخطاب هنا لأمة المؤمنين بصورة خاصة ، فإن الله قد خفف عليهم في التشريع لظروف حكم الوقت .. وعندما نزل قوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) قالوا: أينا يستطيع أن يتقي الله حق تقاته يا رسول الله؟؟ فنزل قوله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيراً لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) .. المستوى العلمي دعوة إلى جميع الناس على اختلاف معتقداتهم ليتوافوا على حكم الدستور وسيادة حكم القانون .. قال تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله وعمل صالحاً فلهم جرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) .. المستوى العقائدي يفرق الناس على قاعدة (كل حزب بما لديهم فرحون) والمستوى العلمي يجمع الناس كاجتماع الناس اليوم على العلم المادي .. ومن أوضح ما جاء عن المستويين قوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله) هم مؤمنون ثم يندبهم إلى الإيمان من جديد ، فكأنه يشير بالإيمان الجديد إلى إيمان النبي الكريم القائم على العلم وليس على العقيدة .. قال تعالى: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله) والفرق كبير بين إيمان النبي وإيمان الأمة .. إن المستوى العقائدي من الإسلام الذي قامت عليه الشريعة السلفية للفرد ولتنظيم المجتمع باستثناء الحدود والقصاص ، قد خدم غرضه حتى استنفذه ووجب الانتقال منه إلى المستوى العلمي الذي كان عليه النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. والحدود والقصاص مستثناة لأنها في الأساس مأخوذة من العلم وليس من العقيدة .. ويمكن القول أن المستوى العقائدي عندما يوضع بازاء المستوى العلمي يكون في عداد العقائد السابقة ، لأن الالتزام به وتطبيقه غير ممكن عملياً ، وطاقة البشرية اكبر منه .. وقد أنذر النبي بذلك في الحديث: (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه ، قالوا: اليهود والنصارى يا رسول الله؟؟ قال فمن؟) يعني من غيرهم .. والمعنى المراد من النذارة واضح ، وهو أن حركة التطور عندما تتخطى مرحلة معينة فإن أي محاولة للرجوع إليها تفرز انحرافات ، ولذلك ما نراه اليوم من دعاوى للإسلام أو المسيحية واليهودية ، إنما هو انحراف ، فهم يعتقدون أنهم أبناء الله وأحباؤه ، ويعتبرون كل من ليس معهم مجرد حطب للنار ، فينتهكون حقوقهم ويجورون عليهم .. قال تعالى: (قالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم؟ بل أنتم بشر ممن خلق) .. نكتفي بهذه الإضاءة في توضيح الفرق بين المستوى العلمي والمستوى العقائدي من ناحية المنهاج التربوي وقد تناولنا انعكاس ذلك على تشريع المجتمع في الحلقة السابقة.
    إن الربط بين الدنيا والآخرة على قاعدة الحديث النبوي(الدنيا مطية الآخرة) إنما بشكل الأساس الذي ترتكز عليه حركة تطور الفرد الروحية .. وهذه المسيرة توجه بالتربية وتحكم بالعقوبة وفق القوانين الدستورية .. والقانون الدستوري هو الذي يحقق حين يطبق مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة ، في آن واحد .. فما هي مصلحة الجماعة؟ وما هي مصلحة الفرد؟ .. الجواب إن مصلحة الجماعة هي استتباب الأمن وإقامة المجتمع الصالح الذي يقوم على الدعامات الثلاث الاشتراكية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية .. عندما تحقق هذه الأرضية فإن الفرد يجد الفرصة في تحقيق حريته الداخلية وكمالاته في تجديد حياة فكره وحياة شعوره في انطلاق نحو الحياة الكاملة ، فالإنسان الكامل هو الابن الشرعي لمجتمع الكامل .. إذن مصلحة الفرد في المرحلة هي أن يتربى ويضبط نفسه بحيث لا يتعدى على حريات الآخرين حتى يكتمل البناء الاجتماعي المنشود من أجل مستقبله هو .. من اجل ذلك جاءت العقوبات في الإسلام لتعين الفرد على الانضباط واحترام القانون الدستوري .. والمجتمع البشري له حدود كحدود ملعب كرة القدم .. القانون هو الذي يجعل لعبة كرة القدم ممتعة وجذابة ، وإذا أخرجنا القانون من الصورة تصبح فوضى لا قيمة لها .. وكذلك المجتمع البشري فإن حياة الناس لا يمكن أن تكون نامية ومتطورة إلا إذا حكمت بالقانون الدستوري الذي يكفل الحقوق الأساسية ، في حرية الرأي والتفكير لجمع المواطنين على قدم المساواة ، ويعاقب كل من يتعدى على الحريات .. وكما أن هناك قدر من الأخطاء يمكن أن تعالج داخل ملعب كرة القدم بالعقوبة ، فإن هناك حد إذا وصله اللاعب فإنه يطرد خارج الملعب تماماً .. هذه الصورة تنطبق على المجتمع البشري ، فإن للمجتمع حدود إذا وصلها المتعدي فإنه يطرد خارج الحياة البشرية بعقوبة الموت .. إن الحكمة من هذه العقوبة النهائية هي أن هذا الشخص استهان بالتجربة البشرية كلها التي وصلت إلى هذا المستوى من التطور بالدماء والعرق والدموع ، فكأنه أراد إرجاع الناس إلى الحيوانية مرة أخرى .. وهو على ذلك غير جدير بالبقاء فيها ، فبهذه العقوبة تتحقق مصلحة المجتمع ومصلحة الفرد نفسه بتطهيره مما لحق به من الجريمة التي ارتكبها وإرساله إلى الحياة الأخرى بكفاءة عالية ما كان يمكن أن تتحقق بغير هذا الأسلوب .. المشكلة أننا نتفهم مصلحة المجتمع ولكننا لن نفهم أين مصلحة الفرد وقد فقد حياته إلا إذا استقر في أذهاننا معنى واضح للحياة الأخرى ، حياة ما بعد الموت .. هذه هي النقطة التي يجب أن نركز عليها .. أن حياة الإنسان تتكون من حلقات: حلقة أرحام الأمهات ، الحياة الدنيا وحلقة ما بعد الموت .. ولا يمكن لإنسان علمي أن يفصل بين هذه الحلقات وهو يتناول أي شأن من شئونها ، وذلك لأنها تؤثر على بعضها تأثيراً واضحاً .. فمثلاً طريقتنا في الحياة واختيار زوجاتنا تؤثر مباشرة على حياة الجنين في رحم أمه وتحدد تركيبته الوراثية ومن ثم تؤثر على حياته بعد الولادة كذلك.
    وحياة ما بعد الموت ، تاركة آثار واضحة على حياتنا الحاضرة ، وكل المصائب التي نعاني منها إنما تأتي بسبب الخوف من الموت بالجوع أو بالمرض أو بالكوارث ، هذا الخوف يجعلنا نؤذي بعضنا البعض فتضطرب حياتنا في جميع اتجاهاتها .. إذن هناك علاقة وثيقة بين هذه المراحل لا يمكن تجاهلها تجعل مراعاتها في وضع القوانين أمراً مقبولاً علمياً .. أقول هذا وفي ذهني مطالبة الأستاذ محمود بأن نضع الإشراف على الأطفال قبل الولادة تحت قانون وزارة الصحة حتى يضبط هل من يريدان الزواج خليقان بأن ينجبا أطفالاً أصحاء أم لا؟ وإذا لا يمنع الزواج بالقانون .. ولذلك إن من يقترف جريمة الحدود يعاقب بالعقوبة المحددة لأن فيها مصلحته هو في الحياة الأخرى ، ما بعد الموت وقد كانت عنده الفرصة الكافية لينتفع بالتربية نحو تلك الحياة ، والعقل يمكن أن يقتنع ويؤمن بذلك ريثما يوقن طالما أن الإطار العام يقبل ذلك بموضوعية .. من أجل ذلك قلنا في عنوان هذه الحلقة أن الحدود والقصاص قوانين دستورية وعلمية في قمة الانسجام مع الدستور الإنساني .. إن من يقطع حلقات الحياة المتصلة هذه ، ويركن إلى الحياة ما بين الولادة والموت فقط ، يقع في غفلة حقيقية ، فهو علماني وليس علمياً .. ونحب أن نؤكد نقطة هامة هي أن هذه القوانين الدستورية في الحدود أو في غيرها لا تفرض على الناس قسراً وإنما تشرع بالحجة والمنطق والإقناع .. هذا هو أسلوب المرحلة العلمية وقد ورد ذلك .. فإذا أجيزت في البرلمان تصبح قوانين سارية المفعول وألا تطرح في الحوار الموضوعي لإيجاد مزيد من القناعة بها ..
    جاء في كتاب (أسس دستور السودان – محمود محمد طه) حول موضوع الحدود والقصاص ما يلي: (وينتج من هذا أمران: أولهما أن القرآن اشتمل على دستور للفرد في المكان الأول ودستور للجماعة في المكان الثاني .. وثانيهما أن القرآن نسق تنسيقاً متسقاً بين حاجة الفرد الذي هو غايته ، وحاجة الجماعة التي هي وسيلته ، فلم يقم هنالك تعارض يوجب التضحية بأيهما ويمكن أن يلتمس هذا التنسيق الدقيق في تشريع الحدود حيث قد بلغ أقصى اوجه ، والله تعالى يقول: (وتلك حدود الله فمن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) وأن توهم المعتدي جهلاً أنه قد ظلم غيره .. ولذلك فإن إقامة الحد عليه إنصاف لنفسه من نفسه في المكان الأول ، وإنصاف لغيره من نفسه في المكان الثاني .. وكذلك يلتمس هذا التنسيق الفريد في قوانين القصاص .. والله يقول: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون) فهي حياة للفرد المقتص منه بنفي أوهامه وتنشيط ذهنه وتوسيع خياله ، وهي حياة للجماعة المقتص لها بحفظ نظامها واستتباب أمنها ..) إلى أن يقول: (يتضح من هذا أننا نتمسك بالتوحيد ، ونستقي منه تشريعنا الفرعي بالقياس على تشريعي الحدود والقصاص ، حتى يجيء متسقاً في اتجاه موحد لحاجة الفرد وحاجة الجماعة ، ونستسقى منه تشريعنا الأساسي (الدستور) بتمثل روح القرآن) .. انتهى النص ..
    هذا وقد نقلت الأخت بتول مختار يوم 16/9/1984م سؤال إلى الأستاذ داخل المعتقل حول مسألة الحدود فحواه أن فيها قسوة شديدة بالفرد ، أن تقطع يد زول مثلاً .. فهل ممكن تكون في تربية تغني عن ذلك ؟ رد الأستاذ: (مثل هذا الكلام يرد كثيراً ، وأننا نحن المسلمين تكون عندنا أفكار فيها بتر الأيدي في الوقت البتكون فيه جمعيات للمعوقين لتساعدهم ، .. لكن المجتمع البتكون فيه الحدود ، ما بتكون فيه أي مشكلة تجعل الفرد يتعرض للسرقة ، مجتمع اشتراكي وديموقراطي والفرد كل حاجياته مكفية ، فإذا سرق بعد ذلك يبحث هل هو مريض أو محتاج؟ ويستفاد من التطور في درء الحدود بالشبهات ، وبعد ذلك إذا سرق يقطع ، لأن الحياة ليست هذه الحياة الدنيا فحسب ، وإنما في الدنيا العذاب قصير) وضرب مثل: (إذا كان في امرأة بتدافع عن ابنها وهو دائماً يعمل مشاكل مع ناس الفريق ، وهي تدافع عنه أيضاً ، نفس الشيء إذا الناس أهملوا في العقوبة هنا سينال الناس عقوبة أشد) .. ثم حكى قصة سيدنا عمر عندما أقام الحد على ابنه وكان ابنه يطلب الرفق فيقول له أبوههذا رفق بك وأنا أريد أن أجعل حقك هناك في الآخرة أخف من هنا).. انتهى
    ماذا قال الأستاذ محمود عن قوانين الحدود والقصاص ، في آخر كتاباته (ديباجة الدستور) إذن اقرأ:
    23) وأشد القوانين انضباطا قوانين الحدود، و القصاص.. و آية انضباطها مقدرتها علي التوفيق بين حاجة الفرد، و حاجة الجماعة .. هذه المقدرة عجزت عنها جميع الفلسفات البشرية القديمة ، و المعاصرة .. و اظهر ما يظهر هذا العجز في الفكرة الماركسية .. و هي عندما عجزت عن التوفيق بين حاجة الفرد إلى الحرية ،و حاجة الجماعة إلى العدالة ، اتخذت من عجزها فضيلة ، فادعت ان الجماعة أهم من الفرد ، فهزمت بذلك الغاية بالوسيلة.. و عجز الرأسمالية في هذا المجال ظاهر أيضا .. و يمكن القول بان إفلاس الحضارة الغربية ،الآلية المادية الحاضرة ، إنما يرجع إلى انعدام المذهبية التي تملك القدرة علي التوفيق بين حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة، و حاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة.. ان حاجة الفرد، بدون ادني ريب ، إنما هي إلى الحرية الفردية المطلقة .. و في النظم السياسية التي تقوم عليها الحضارة الغربية الحاضرة ، بشقيها ، فان الحرية الفردية المطلقة تعتبر فوضي ، و ما ذاك إلا لانعدام التربية التي ترتفع بالإنسان فوق مستوي القوانين ــ ترتفع به إلى مستوي الأخلاق التي هي قمة القوانين .. الحرية الفردية،عندنا، في الإسلام ، علي مستويين : الحرية النسبية ، و هي ان يفكر الإنسان كما يريد ، و ان يقول كما يفكر ، و ان يعمل كما يقول ، علي شرط ان يتحمل مسئولية قوله ، و عمله ، أمام القانون الدستوري.. و الحرية المطلقة ، و هي ان يفكر الإنسان كما يريد ، و يقول كما يفكر ، و يعمل كما يقول علي شرط ان يكون فكره، و قوله، و عمله ،برا، و خيرا، بالأشياء ، و الاحياء..
    و القانون الدستوري،هو الذي حين يطبق، يحقق، في آن معا، حاجة الفرد، و حاجة الجماعة.. فلا هو يضحي بالفرد لمصلحة الجماعة ، و لا هو يضحي بمصلحة الجماعة في سبيل الفرد .. و لان المعلم واحد ، كما سبق ان قررنا ، و ان الأعراف البدائية ، الساذجة، البسيطة ، التي نشأ عليها المجتمع البشري ، حين نشأ ، بتقييد القوة الجنسية ، و بتقييد شهوة التملك ، و التي هي بدايات الحدود عندنا ، في الزنا ، و القذف ، و السرقة ، و قطع الطريق ، قد كانت دستورية ، فى معني التوفيق، بين حاجة الفرد، يومئذ ، و حاجة الجماعة.. لقد كانت عقوبات المخالفة لهذه الأعراف عنيفة ، اشد العنف ، و أقساه ، و لكن هذا العنف ، و هذه القسوة، قد كانت حاجة الفرد ، في المكان الأول ، ذلك لان الفرد قد كان حيواني النشأة ، غليظ القلب ، جافي الطبع ، ضعيف العقل ، لا يكاد عقله يسيطر علي نزوته ، و رعونة نفسه ، فكان غرض هذا العنف به، و القسوة عليه ، ان تقوي إرادته فيسيطر علي نفسه ، و يكبح جماحها .. و بهذا يسلك مسلك البشر ، و يتجافي عن مسلك الحيوان.. هذه حاجة الفرد ، في المكان الأول ، و ان لم يدركها .. ثم ان المجتمع قد كفل له حقه في الأمن ، و في التماسك ، في معني ما كف أفراده عن مخالفات أعرافه ، أو كادوا..
    24) ان الكبت قد بدأ من يومئذ.. و الكبت يعني السيطرة علي الشهوة، فلا تعبر عن نفسها في انطلاق بلا قيد ، كما يفعل الحيوان .. و إنما تعبر عن نفسها من خلال شريعة الحرام ، و الحلال.. و يضعف عقل المعاش عن السيطرة علي نزوة الشهوة ، ليحتاج إلى التقوية ، و ذلك بالتربية ، و بالعقوبة ، حين تعجز التربية عن بلوغ المرام .. و لقد جاء التعليم ، و جاءت شريعة العبادة ، و جاءت شريعة المعاملة ، في القرآن، لتروض الشهوة حتى تسير في مراقي الإنسان ، وتتجافي عن دركات الحيوان ، قال تعالي:
    (( أ تل ما أوحى إليك من الكتاب ، و أقم الصلاة.. ان الصلاة تنهي عن الفحشاء ، و المنكر ، و لذكر الله أكبر.. و الله يعلم ما تصنعون..)) .. و الفحشاء هنا تعني الزنا.. و المنكر يعني كل ما ينكره الشرع ، و من أعلاه القذف ــ قذف الآخرين بالزناــ و من أعلي المنكر أيضا السرقة ، و قطع الطريق.. من انتفع بصلاته امتنع عن الفحشاء ، و المنكر.. و من لم ينتفع تعرض للحدود.. و حد الزنا للمحصن الرجم بالحجارة علي رأسه حتى يتهشم.. و للبكر الجلد مائة جلده .. و حد السرقة اختلاسا ، و خفية ، قطع اليد اليمني .. أما حد الحرابة ، و هي الخروج علي الحاكم ، و قطع الطريق ، و إخافة السابلة في الطريق العام ، خارج المدينة ، و قتل النفوس ، و أخذ الأموال ، فهو درجات : فان أخاف الطريق ، و قتل ، و لم يأخذ المال ، يقتل .. و ان أخاف الطريق ، و قتل ، و اخذ المال ، يصلب.. و ان أخاف الطريق ، و لم يقتل ، و لكنه اخذ المال، يقطع من خلاف ــ اليد اليمني و الرجل اليسري .. و ان أخاف الطريق ، و لم يقتل ، و لم يأخذ المال ، ينفي من ارض وطنه ، لمدة يقررها القانون .. و لقد تبدو، لأول وهلة ، هذه العقوبات قاسية ، عنيفة ، و لكنها ليست كذلك ، في حقيقة الأمر ، و إنما هي حكيمة ، كل الحكمة ، حيث وفقت توفيقا تاما ، بين حاجة الفرد إلى الحرية الفردية الطلقة ، و حاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة .. و يجب ان يكون مفهوما بان هذه الحدود لا تطبق إلا من أجل إصلاح الفرد ، في المكان الأول ، ثم إصلاح المجتمع في المكان الثاني ، و ذلك لان ، في الإسلام ، الفرد هو محط نظر الله إلى الوجود ــ الفرد هو الغاية ، و كل شيء عداه هو وسيلته لتكميل نفسه ، و تطويرها ، و ترقيتها في المراقي لتلاقي الله .. القرآن ، و الإسلام ، و إرسال الرسول ، و تشريع التشريع، الغرض منه الإنسان .. المجتمع وسيلة الإنسان .. و لقد رأينا ، في أول النشأة ، كيف ان الله قد هدي الإنسان لاختراع المجتمع .. (( و أنزلنا إليك الذكر ، لتبين للناس ما نزل إليهم .. و لعلهم يتفكرون ..)) لعلهم يتفكرون التفكير المستقيم الذي يخلصهم من جهالة عقل المعاش ، و من قلقه ، و من خوفه ، و من شطارته ، ليصلوا إلى عقل المعاد، و اتزانه ، و شجاعته ، و ذكائه..
    25)بالتخلص من عقل المعاش ـ قل بتهذيب عقل المعاش ــ نتحرر من الخوف ، و نفض الكبت الذي رسبه فينا جهلنا بالبيئة ، التي عشنا فيها طوال الحقب السوالف من عمر الحياة علي هذا الكوكب.. يقول تبارك و تعالي عن الجبال : (( ألم نجعل الأرض مهادا* و الجبال أوتادا؟؟)) "أوتادا" ثبت بها الأرض .. و قال تعالي في ذلك ( و جعلنا في الأرض رواسي ان تميد بهم ، و جعلنا فيها فجاجا سبلا ، لعلهم يهتدون.. )) و هذا أوضح في تثبيت الله الأرض بالجبال .. و قد جعل الله العقول في ارض البنية البشرية كالجبال في ارض الكوكب ــ فهي لتثبيت البنية أيضا .. الجبال هي عقل المعاش .. و قد جاء التشريع ، و الرسول ، و القرآن ، من اجل تهذيب عقل المعاش ، و تطمينه من الخوف العنصري ، الذي هو الأب الشرعي لكل آفات السلوك.. و لقد جسد الرسول القرآن فعاشه في جميع حركاته ، و سكناته .. فتحرر من المخاوف التي يسوقها عقل المعاش ، فكان لا يخاف الرزق ، من أين يجيء ، و كان ينفق ما يزيد عن حاجته الحاضرة ، و كان يأخذ من الدنيا زاد الراكب ، وزهد في كل شيء عدا الله ، فتحرر من حب الادخار ، و حب السلطة، و حب التعالي على الناس، و من استرقاق العناصر إياه ، فاخلص عبوديته لله ( قل ان صلاتي ، و نسكي ، و محياي ، و مماتي ، لله رب العالمين، لا شريك له .. و بذلك أمرت و أنا أول المسلمين ..)) هكذا كان ، و نحن نرفع نموذجه للناس ليهذبوا عقول معاشهم ، و يفضوا إلى عقول معادهم علي نحو ما فعل..

    26) ثم ان الذي لا يهذب ، بعبادته على المنهاج النبوي ـــ النموذج الحي ــ عقل معاشه ، فانه يحتاج إلى العقوبة لتسد ثغرات التربية التي لم تفلح فيها عبادته .. فان لم يتفق له ، بمحض الفضل ، هذا التهذيب بين العبادة ، و العقوبة ، فانه قد أضاع حياته الدنيا ، و ذهب لحياته الأخرى بغير زاد.. و الدنيا دار مسئولية ، و لكنها مؤجلة ، و الآخرة دار مسئولية ، و لكنها مباشرة ، و ناجزة ( و في الآخرة عذاب شديد ، و مغفرة من الله ، و رضوان .. و ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور..)) فمن هذب عقل معاشه فجعله عقل معاد بممارسة العبادة وحدها ، أو بممارسة العبادة و العقوبة ، معا ، فقد ذهب إلى الله و له (( مغفرة من الله و رضوان )).. ومن أضاع فرصة مهلة الحياة الدنيا ، فله " فى الآخرة عذاب شديد " .. و يقول تعالي عن عقول المعاش التي لم تهذب في مهلة الحياة الدنيا (و يسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا * فيذرها قاعا صفصفا * لا تري فيها عوجا و لا امتا * يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له ، و خشعت الأصـوات للرحمــن ، فلا تسمـع إلا همسـا !!)).. و هم لا يتبعون الداعي إلا بعقل .. و هذا هو عقل المعاد ، و قد خلصهم الله ، بالعذاب الشديد ، من عقول معاشهم التي أهملوا تهذيبها في الحياة الدنيا .. و من نسف العقول ــ عقول المعاش ــ في الآخرة ، جاءت حكمة الرجم بالحجارة، حتى يتهشم الرأس، لمن يتورط في الزنا ، و هو محصن ، أي متزوج ، و قد سلفت له تجربة في معاشرة النساء .. فان كان غرا غير مجرب ــ بكرا ــ فانه يجلد مائة جلدة ، ليقوي الألم عقله ، حتى يسيطر علي نفسه ، حينما تتهالك علي اللذة الحرام .. فلسفة الألم تبدو معقولة في حق البكر، لأنه سيعيش ، بعد المائة جلده ، لينتفع ، في باقي حياته ، من التجربة .. و لكن ما بال المحصن الذي يفقد حياته بالرجم ؟! ما الذي أفاده ؟؟ سيدخل حياته الأخرى ، و هو مطهر ، قد نسف عقل معاشه هنا ، مما يغنيه عن نسفه في الآخرة .. و معلوم ان عذاب الدنيا قصير ، و نعيمها فان .. و عذاب الآخرة ابدي، و نعيمها سرمدي .. و لذلك فقد استيقن هذا أصحاب عقول المعاد ، فطلبوا ان يرجموا ليدخلوا حياتهم الأخرى مطهرين : ماعز ، و الغامدية ، اعترفا للنبي بالزنا ، و طلبا ان يطهرا ، و قد طهرا ..
    و قال النبي الكريم عن الغامدية أنها قد تابت توبة لو قسمت علي أهل الأرض لوسعتهم ))

    27) و عقل المعاش هو الذي يخيف الإنسان من الرزق ، من أين يجيْ؟؟ و يعده الفقر ، و يأمره بالسرقة ، فيسرق .. و لو كان عقل معاشه مهذبا ، حتى أفضى إلى عقــــل المعاد، لتحرر من خوف الرزق بعلمه ( ان الله هو الرزاق )) و بعلمه ( و علي الله فليتوكل المتوكلون )).. و هذا العلم هو الذي جعل النبي يدعوا ربه ( اللهم اجعل قوت آل محمد الكفاف )).. لم يكن يخاف ألا يرزقه الله الكفاف ، و لكنه كان يخاف الغني الذي يمد لعقل معاشه في الوهم .. و معلوم ان حاجة الله إلى العباد عقولهم ، و من اجل ذلك خلقهم في نشأة وسط ، لا هم بالأقوياء الذين يحلون مشاكلهم الحياتية بعضلاتهم ، فتتأخر عقولهم ، و لا هم بالضعاف ، الرخوين ، الذين لا يستطيعون ان ينهضوا لمطلق مناجزة ، او مصاولة .. هذه النشأة الوسط أعانتهم على حل مشاكلهم بعقولهم ، و بأيديهم ــ يخططون بعقولهم ، و ينفذون بأيديهم خططهم تلك فتتطور عقولهم في المراقي .. و السارق يهمل عقله ، و يحاول ان يــحل مشكلتـه بيده .. و لما كانت اليد وثيقة الصلة بالعقل فان حكمة الله اقتضت تعطيل اليد لينشــط العقل، أو قل : ليتهذب عقل المعاش .. و اكثر من هذا يقال عن قطع الطريق لأنــه محاربة للسلطان ، و إخافة للآمنين ، و سطو علي أموال الناس .. و الغرض ، وراء كل العقوبات ، هو تهذيب عقل المعاش عند المعاقب ، أو إرساله للحياة الأخرى و هو مطهر ، حين تبلغ العقوبة به اجتثاث حياته.. و إنما شدد في أمر الزنا للمحصن ، اكثر مما شدد علي السارق ، و قاطع الطريق ، لان الغريزة الجنسية هي الحياة كلها ، و لكن حب الملكية ليس غريزة ، و إنما هو التواء للغريزة ، سببه الخوف علي الرزق الذي يسوله وهم عقل المعاش .. أما حد السكر فهو ، كما سبقت إلى ذلك الإشارة ، اقل الحدود الخمسة انضباطا .. و هو إنما يقع علي السكر ، و ليس علي مجرد الشرب ، و الحكمة فيه ان الشارب إنما يهرب من واقعه لأنه لا يعجبه ، و يغرق عقله بالخمر ، ليعيش في دنيا من صنع خياله المريض ، و عقله المعطل بالخمر ، حتى ان شاعرهم قد قال :-
    فإذا سكرت فإنني * * رب الخورنق و السدير
    و إذا صحوت فإنني * * رب الشويهة و البعير

    فهذا الهروب من الواقع حالة مرضية ، و المطلوب من العاقل ان يتواءم مع واقعه ، مع أعمال عقله لتغييره للصورة التي يطمح إليها .. فمن اجل كرامة الفكر جاءت العقوبة بالجلد ، حتى يرده الألم للواقع ، فانه ليس مع وقع الألم فرصة لخيال مريض .. و هكذا تصان مصلحة الفرد ، و مصلحة الجماعة ، فى آن معا ، مصلحة الفرد بتهذيب عقل المعاش .. و مصلحة الجماعة بجعل أحد أفرادها فردا منتجا ، و نافعا لمجتمعه .
    28) هذه هي الحدود.. و هي شديدة الانضباط.. هي دستورية، في قمة الدستورية.. و لقد قلنا ان دستورية القوانين تعني مقدرتها علي التوفيق بين حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة ، و حاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة .. و تلي الحدود في هذا المضمار قوانين القصاص.. و لقد قلنا ان القصاص يقوم علي المعاوضه ـ من اتلف شيئا عليه ان يصلحه ـ عليه ان يعوضه ـ و هي ، بمعني أوسع ، تقوم علي ان تعامل الناس بما تحب ان يعاملوك به .. و هذه قاعدة تربية عظيمة النفع للفرد ، و للمجتمع.. و لقد قلنا ان تشاريع الحدود يمكن ان تنطوي تحت كلمة القصاص ، بمعني المعاوضه ، ذلك بان الحدود أيضا معاوضه .. و قلنا ان الحدود اشد انضباطا من القصاص ، ذلك بان القصاص يمكن فيه العفو ، كما تمكن فيه الدية .. و لكن الحدود إذا بلغت الحاكم ، فليس فيها إلا إقامتها .. و القصاص إنما تجيء دستورية قوانينه من مقدرته علي الجمع بين حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة ، و حاجة المجتمع إلى العدالة الاجتماعية الشاملة .. فمثلا من قلع عين إنسان لا بد ان يكون ضعيف التصور لمبلغ الألم الذي يلحقه ، بقلع عين أخيه الإنسان ، لأخيه الإنسان .. قد يكون ضعف التصور ناتجا من غضب استولي عليه ، فأخرجه عــن طوره، و عطل عقله ، فلم يسيطر علي رعونة نفسه .. و قد يكون ضعف التصــور ناتجا من ضعف عقل المعتدي ، و من قصر خياله ، فرأت حكمة التشريع ان تضعه في موضع المعتدي عليه ، فتقلع عينه ، ليذوق الألم الذي قصر خياله عن تصوره .. هذه التجربة توقظ عقله ، و تخصب خياله ، و تحي ضميره ــ تورثه حياة حية ــ و لذلك فقد قال ، تبارك و تعالي ، عن القصاص ، و هو يشمل الحدود ، كما سلفت الإشارة ( و لكم في القصاص حياة ، يا أولى الألباب ، لعلكم تتقون ..))و يجب ان يكون واضحا ، فان الحدود ، و القصاص ، لا تقام الا علي خلفية من العدل ــ العدل الاقتصادي ، و العدل السياسي ، و العدل الاجتماعي ــ و إلا علي بعث للتربية بإحياء منهاج العبادة ، التي تعين الأفراد علي أنفسهم ، ثم لا تجيء العقوبة ، حين تجيء ، إلا لتسد ثغرات الممارسة في العبادة ، حتى يعان الفرد الذي قصرت به عبادته بالعقوبة ليبلغ مبلغ يقظة العقل ، و حياة الضمير ، و توقد الذهن.
                  

04-18-2008, 03:05 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    من أوراق الأستاذ محمود محمد طه داخل معتقلات مايو (5)
    كيف تطور دين التوحيد من خلال الصراع بين المجموعات البشرية عبر التاريخ ؟
    د.محمد محمد الأمين عبد الرازق
    أوضحنا في ما مضى من حلقات الفرق بين المستوى العلمي من الإسلام ، والمستوى العقائدي. وفي هذه الحلقة نحاول أن نمدد البحث في اتجاه دراسة جذور الاعتقاد من حيث هو .. عندما برز الإنسان الأول وجد نفسه في البيئة الطبيعية ، وكان مجال الاعتقاد أمامه واسعاً إذ أنه ضعيف العقل في تلك المرحلة ، فاعتقد في كل شيء .. ومن خلال الصراع مع العناصر والأحياء ، أخذ عقله ينمو بإضطراد ، فتدخل مناطق كانت في مجال الاعتقاد منطقة العلم فتفقد رهبتها وبريقها .. وهكذا تحرك الإنسان في اتجاه المعرفة على حساب الاعتقادات التي تتضح سذاجتها مع الأيام .. والحقيقة أن المعاناة والثمن الذي دفعته البشرية في سبيل تطورها ، من دمائها وعرفها ودموعها ، يعجز الإنسان المعاصر عن أن يتصوره إلا إذا عكف على قراءة تاريخ النفس من داخله باتباع المنهاج العلمي في الإسلام .. وفي مرحلة معينة من نمو العقل اعتقد الإنسان في الحياة الأخرى من خلال الأحلام التي يراها وهو نائم ، فكان يرى أخوته الذين ماتوا يمارسون أعمالهم تشبه ما يقوم به هو في هذه الحياة الدنيا ، فقام في خلده أن الشخص الميت لا بد أنه محتاج لمن يساعده من أفراد أسرته الذين تركهم في هذه الحياة وذهب منفرداً .. من هذا الشعور جاء الاتجاه إلى دفن الزوجة والعمال والأدوات .. الخ ، مع الميت .. وفي مقبرة واحدة لأحد ملوك العهد القديم بالدفوفة بكرمة شمال السودان ، وجد أن هذا الملك قد دفن معه في آن واحد 49 رجل و46 امرأة!! مات هو موتاً طبيعياً ، وماتوا هم اختناقاً عندما انهالت عليهم التراب .. والسبب في هذه العملية البشعة أن هذا الملك سيحتاج إليهم في حياته الأخرى كما كان الحال في الدنيا !! وقبل شهور استمعت إلى ضابط شرطة ، كان يحكي في برنامج إذاعي ، عن تجربته في البحث عن الجاني في جريمة قتل بجنوب كردفان .. وقال أنه اضطر من أجل التحقيق إلى نشر بعض المقابر ، ففوجئ في أحدهما بكمية من العفش ، شنط وأدوات ولكنه لم يجد بشر ، فكأن التطور قد أحدث تقدم في التعامل وفق هذا الاعتقاد القديم لمصلحة أسرة الميت .. بعد تطور طويل وبطئ ، ظهرت ديانات التوحيد ، وتطورت المعرفة ، وبذلك زالت كثير من الاعتقادات الساذجة ، ويمكن إدراج ظاهرة عروس النيل في مصر التي أبطلها عمر بن الخطاب كمثال هنا .. ثم اعتقد الناس في الأنبياء ، والصالحين يطيعونهم ويعتقدون أنهم مصدر السعادة في الدنيا والآخرة .. فتكونت العقائد المختلفة وقال عنها القرآن (كل حزب بما لديهم فرحون) ، بالرغم من أن جميع هذه العقائد إنما تنبع من مصدر واحد هو التوحيد بنص القرآن: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك ، وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب) .. والسبب في هذا التفرق هو ضعف قدرة الناس على أخذ جانب العلم بدرجة تفوق جانب العقيدة ، أو تحول العقيدة إلى عقيدة علمية ..
    هذا وفي توضيح معنى أن الاعتقاد الذي تكون ثمرته دفع الإنسان نحو العلم يكون اعتقاداً مقبولاً إلى حين ، جاء في كتاب (أسئلة وأجوبة – الثاني الأستاذ محمود محمد طه) ما يلي في الرد على سائل:
    (وأنت تقول: "ولكننا مع توفير المعارف والعلوم لا نزال نبحث عن مرفأ ترسو فيه مراكبنا التي أضناها المسير" .. وهذا حق يعرفه كل ذكي يقلب الطرف فيما حوله من حالة القافلة البشرية ، وأنت تقول: "نحن في حاجة لعقيدة نهائية نعرفها ، ونهضمها ونتمرس بها ، ونختبرها لتصبح لنا ذلك المرفأ الذي ترسو عليه مراكبنا" .. وأنا على ذلك موافق بشرط واحد: هو أن تكون العقيدة مقدمة للمعرفة ، نحن نتوكأ على العقيدة ريثما نعرف ما نقصده معرفة اليقين .. إلى أن يقول: فالعقيدة مرفأ من عواصف الحيرة ودياجير الشك ما في ذلك ريب ، ولكن العقل البشري المعاصر ، لا يريد العقيدة إلا متوكئ يبلغ بها مشارف العلم ومنازل اليقين ، وكلما استيقن العقل من مرحلة طالعته مرحلة جديدة لا يسعه منها إلا الاعتقاد ، ريثما تتكشف له معمياتها ، وتدخل بذلك في مرحلة العلم فتطير له في الأفق البعيد مرحلة جديدة لا يسعها إلا العقيدة وهكذا دواليك) انتهى ..
    إذن تكتسب العقيدة المعينة الاحترام وتستحق البقاء إذا كانت فعالة في تعليم معتقديها وفي زيادة معرفتهم .. وفي هذا الإطار يمكن للإنسان أن يتفهم القبول الصامت لاعتقادات التلاميذ في العارفين من قيادات الطرق لصوفية في السودان وفي من سار على دربهم .. إذ أن التغيير المباشر في غير ميقاته قد يفقد المعتقد توازنه فيهتز سلوكه فيتعرض لانحرافات نتيجة لقصوره ونقصان معرفته ، ولذلك فإن مثل هذا التغيير لا يعتبر صحيحاً بموازين التسليك والتربية .. وفي أغلب الأحوال يترك التصحيح لله رب العالمين ، فهو الذي يوجه مسيرة البشرية من مرحلة إلى مرحلة ..
    وقد ورد في الحديث أن النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم قال: (بينما أنا على الصراط إذا بأناس من أمتي يوضعون ذات الشمال ، فأقول: أصحابي أصحابي !! فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك .. فلا أقول إلا كما قال العبد الصالح: وكنت عليه شهيداً مادمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد) .. يعني أنهم انحرفوا عندما غاب عنهم جسدياً وذلك لأنهم اعتقدوا فيه هو أكبر من اعتقادهم في الله ، (إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير) .. وتحضرني هنا عبارة أحد الأصحاب: ما كنا ننفض أيدينا من تراب قبر رسول الله حتى أنكرنا قلوبنا..
    الشاهد في الأمر أن حركة البشرية سائرة في اتجاه الاعتقاد في الله وحده وانتظار مجيئه بالعمل برسالته وفق شريعته وحقيقته ، وليس على الانتظار السلبي بلا عمل .. والدعوة إلى الله بهذا المفهوم هي موضوع رسالة الإسلام في مستواه العلمي .. والمقصود بالانتظار السلبي هو ترك الأمور تسير بغير فكر يهدي التطور انتظاراً لموعود آخر يرجى منه أن يقوم بهذا الدور ، أو بحجب الفكر عن قصد لأي سبب من الأسباب .. والانتظار السلبي بهذا المعنى كان يحدث عبر التاريخ بسبب الغياب الحسي للقيادات ، ولما كان الله حي لا يموت فلن تكون هناك فرصة توقف لمن يحمل نفسه في اتجاه هذا المستوى من الاعتماد على الله وحده بمسئولية .. وكل الأحاديث التي بثها الأستاذ محمود محمد طه في تلاميذه خاصة في الأيام الأخيرة قبيل الإعدام ، كانت تدفع الناس نحو الله ، وكمثال: (انتو في الأيام المقبلة راح تشعروا بالحاجة لله أكثر مما شعرتم بها في أي وقت .. المسألة الراح تحوجكم لله هي لخيركم ما في أدنى شك .. وأنا مستبشر للمسألة دي .. نحن في منعطف جديد تماماً لازم الناس يأخدوه بالجد اللازم والعمل اللازم) .. وهل أذيع سراً إذا قلت أن السبب المباشر في توقف النشاط المذهل الذي كنا نقوم به نحن الأخوان الجمهوريين هو غياب مرشدنا الحسي بسبب تنفيذ الإعدام ؟ ولكننا نقول بقوة إن العلم الذي طرحته الفكرة الجمهورية ، والتربية التي أرسى دعائمها مؤسسها لا يزالان يعملان بفعالية في تحريك التلاميذ نحو الالتصاق بالله ، فالحياة الممدودة من الله تنمو كما ينمو الكتكوت داخل البيضة ، ولن تنفك مستمرة في النمو حتى تكتمل وتخرج للناس في العلن بأقوى مما كانت في الماضي ..
    من جانب آخر ، لقد سارت البشرية في اتجاه التوحيد بأساليب كثيرة متنوعة ، من التعدد إلى الوحدة ، يقودها الاعتقاد من مرحلة إلى مرحلة ، فتتجمع اعتقادات كثيرة في عقيدة واحدة بفعل الصراعات والحروب ، وذلك لأن الإنسان عندما يلح عليه الجانب العملي في حياته ، فإنه يبدل عقيدته بعقيدة أخرى يراها أكثر كفاءة في حفظ حياته وتنميتها .. فلنستمع إذن إلى الأستاذ محمود يحدثنا بشيء من التفصيل عن تلك المسيرة الطويلة في (ديباجة الدستور):
    29) ان الفرد البشري اليوم وارث لكل حياة الجنس البشري، منذ النشأة ، فهو يعيد كل هذه الحياة ، منذ حياة حيوان الخلية الواحدة ، بين الماء و الطين . و لكن في رحم الأم هو يطوي هذه المراحل بسرعة شديدة لأنها موجودة فيه بالإمكان فهى تفـــر نفسها ، بمحض الفضل الإلهي ، في تسعة اشهر و بضعة أيام .. قال تعالي( و لقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين *ثم جعلناه نطفة في قرار مكين..)) فأما القرار المكين هنا فإنما هو رحم الأم .. و أما النطفة هنا فإنما هي ماء الرجل المختلط ببويضة الانثي.. و لقد طوي ،تبارك و تعالي ، في عبارة(( من سلالة من طين )) تطور الحياة ، منذ نشأت ، بين الماء و الطين ، و إلى ان بلغت مرتبة البشرية قال تعالي ( هل أتي علي الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا * انا خلقنا الإنسان من نطفة ، امشاج نبتليه ، فجعلناه سميعا بصيرا* انا هديناه السبيل ، إما شاكرا، و إما كفورا..)) فالنطفة الامشاج هنا إنما هي الماء المختلط بالطين .. و هذا مما طوي في عبارة (( من سلالة من طين)) .. فالفرد البشري اليوم، في الرحم، يعيش كل هذه الأطوار ، التي استغرقت دهرا دهيرا ، في تسعة اشهر ، و بضعة أيام ، و ذلك بمحض الفضل الإلهي . و لقد حفز الخوف الرهيب الحياة في المراقي ، حتي بلغت طورها الحاضر ، ببروز البشر المعاصرين .. و لقد طويت الإشارة إلى الخوف الرهيب الذي حفز الحياة في مراقيها في عبارة (( نبتليه)) .. و لقد طويت المراقي في عبارة (( فجعلناه سميعا بصيرا)) .. و في آيات النشأة البشرية يقول تبارك و تعالي ( و لقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين* ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة ، فخلقنا العلقة مضغة ، فخلقنا المضغة عظاما ، فكسونا العظام لحما ، ثم أنشأناه خلقا آخر ، فتبارك الله أحسن الخالقين)) فهذه ست حركات يطوي فيها الكائن البشري ، في رحم الأم ، كحيوان منوي ، جميع مراحل الحياة ، منذ فجر الحياة ، من لدن الماء ، و الطين .. و في الحركة السابعة (( ثم أنشأناه خلقا آخر )) يدخل الكائن البشري ، و هو في رحم الأم : مرتبة البشرية ، ثم يخرج إلى الحياة طفلا بشرا سويا!! (( فتبارك الله أحسن الخالقين )) ثم هو، منذ ان يولد ، يسير سيرة الفرد البشري الأول الذي اضطر ، اضطرارا، ليعيش في مجتمع ، و كذلك هدي إلى اختراع المجتمع ، منذ ذلك الوقت المبكر .. ثم هو لم يخترعه إلا بعد ان تنازل اضطرارا عن بعض حريته ، ليستمتع بباقيها .. و هذا هو الشأن إلى يومنا الحاضر ، حيث تقيد حريات أفراد المجتمع بما لا يتعدي علي حريات الآخرين.. و كلما ترقت المجتمعات ، كلما قللت من القيود علي الأفراد . و من هذا الاتجاه نشأت الديمقراطية ، و نشأت الدساتير ، و نشأت القوانين الدستورية.. و لقد قلنا ، و نقول مرة أخري ، ان القوانين الدستورية هي تلك التي تملك القدرة علي التوفيق، في آن معا ، بين حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة ، و حاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة .. و لقد قررنا ، فيما سلف ، ان القوانين التي اخذت بداياتها من الأعراف البسيطة ، الساذجة ، البدائية، التى حولها نشأ المجتمع ، بتقييد ، ، قد كانت دستورية بهذا المعني الوارد أعلاه ..
    نقول هذا مع ان العقوبات التي كانت تترتب علي مخالفات هذه الأعراف قد كانت عنيفة ، اشد العنف ، و أفظعه .. و لكنها ، مع ذلك ، قد كانت حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة .. و لكنها فقط في نقطة البداية ، حيث نشأة العقل ، الذي يقيد نزوة الحيوان فينا .. و لو لا نشأة العقل لما دخلنا مرتبة البشرية .. و لو لا العقل أيضا لما كان هناك طموح منا لنبلغ مبلغ الحرية الفردية المطلقة ، منذ اليوم ، و في أيامنا المقبلة .. و هي أيضا قد كانت ، و بنفس القدر ، حاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة ، التي نحلم بها نحن ، منذ اليوم ، و نترقب بلوغها ، في أيامنا المقبلة .. ان النهايات ظاهرة في البدايات.. و لكن ظهورها يحتاج منـا إلى أعمـال فكر.. ان المعلم واحد ـــ الله ..

    30) و الآن فان الفرد البشري يولد أنانيا ، فهو لا يري ان هناك غيره ، بل انه يري انه يجب ان ينفرد بنيل ما يريد .. ثم هو يأخذ في التعلم ، قليلا ، قليلا ، حتى يقيد رغبته برغبة المجتمع من حوله .. و كلما نما ، كلما علم ، ان حريته مقيدة بحرية الآخرين.. ثم هو ، إذا بلغ سن الرشد ، اصبح واضحا أمامه وجوب تقييد نزواته ، وفق العرف ، و القانون ، و إلا فانه يتعرض للعقوبة التي تعرض لها الفرد البشري ، في أول النشأة ، مع الاختلاف طبعا ، في عنف العقوبة بين الأمس، و اليوم، و ذلك بفضل الله ، ثم بفضل تطور المجتمع ، فالفرد البشري اليوم مولود و هو وارث لتجارب الحياة منذ بدايتها.. ووارث للكبت الذي فرضته الحياة ، في المجتمع ، علي الفرد البشري ، منذ بروز البشر من مستوي الحيوان .. ثم ان علي الفرد البشري بالإضافة للكبت الموروث ، ان يمارس كبتا مكتسبا في حياته بين الميلاد و الوفاة .. و لقد كان الكبت دائما بفعل الخوف ، و لكن الخوف يقل ، و يقظة الضمير تزيد ، كلما اقتربنا من عهد كمال الحياة البشرية علي هذا الكوكب الذي نعيش فيه ، و لقد كان الخوف صديقا ، حيث به برزت العقول من الأجساد ، و لكنه لا بد من التحرر من الخوف من اجل كمال العقول و كمال الاجساد.. لقد كان الخوف صديقا في بداية النشأة ، و لكنه قد أصبح عدوا منذ اليوم ، حيث أقبلت الحياة البشرية علي عهد كمالها .. لقد سار الفرد البشري من مستوي الحيوان إلى مستوي البشر ، بفضل الله ، ثم بفضل الكبت ، الذي به انقسم علي نفسه و سيسير من مستوي البشر إلى مستوي الإنسان ، بفضل الله ، ثم بفضل فضّ الكبت ، حيث تتوحد البنية التي انقسمت بفعل الكبت .. ان جميع عصور البشرية ، و إلى اليوم ، قد تطورت فيها البنية البشرية و هي منقسمة علي نفسها .. و هذا ما أسميناه مرحلة ( الجسد و العقل المتنازعين)).. و ستدخل البشرية مرحلة كمالها منذ اليوم ، و ذلك بفض الكبت ، الموروث ، و المكتسب ، حيث تجيء مرحلة ( الجسد و العقل المتسقين)).. و يومئذ تدخل البشرية الحاضرة مرحلة الإنسانية ، حيث تتم وحدة البنية البشرية ، التي عاشت منقسمة علي نفسها طوال تاريخها الطويل .. و لا يجيء فض الكبت فجأة ، و بغير فكر يهدي التطور ، كما يظن الماديون ، حيث يتحدثون عن تحرير الغرائز ، و هم لا يعلمون ما يقولون.. لا بد للفرد اليوم ، من اجل تطوره في مضمار وحدة بنيته ، من الكبت ، المجود ، الواعي ، ليستطيع ، بعد تجويد الكبت ، ان يدخل مرحلة فضّ الكبت ، بعلم ، و بذكاء .. ان الكبت المكتسب يجب ان يجيء من قناعة ، و من يقظة ضمير ، و من توقد ذهن ، و من علم بأصل البيئة ، التي نعيش فيهاــ البيئة الطبيعية ، و البيئة الاجتماعية ــ لا ان يجيء من الخوف الذي سلط علي أوائلنا من جراء الجهل .. لقد كان الخوف كما قررنا ــ صديقا لأوائلنا ، و لكنه ، منذ اليوم ، هو عدونا ، و يجب بفضل الله ، ثم بفضل العلم الجديد بأصل البيئة الطبيعية ، و الاجتماعية ، ان نتحرر منه . و في مضمار التحرر من الخوف يجيء فض الكبت ..

    31)لقد انصب الكبت في أول نشأة المجتمع ، كما سبق ان قررنا ، علي القوة الجنسية ، و علي حب التملك.. و اليوم فان الكبت يجب ان ينصب عليهما معا و لكن بعلم ، و بقناعة ، لا بخوف العقوبة من المجتمع .. و لما كان في المرحلة لا بد من مستوي من الخوف ، من اجل التحرر من الخوف ، فقد وجب توحيد الخوف في مصدر واحد ، ريثما يتم التحرر نهائيا من الخوف .. هذا المصدر الواحد إنما هو المعلم الواحد ، الذي سير الحياة ، من بدايات المادة ، في المراقي نحو الكمال .. لقد قلنا لأن المعلم واحد فان النهايات ظاهرة في البدايات ، و لكن ظهورها يحتاج منا إلى أعمال فكر.. و الآن فانا نقرر ان دين التوحيد قد كان ظاهرا في دين التعدد ، منذ نشأة الدين ، عند الفرد البشري ، قبل نشأة المجتمع.. فقد كان لكل فرد في الأسرة آلها ــ للأب، و للأم ، و للأبناء البالغين ، و لغير البالغين ــ و لكن آلهتهم جميعا تخضع لإله الأب، كما يخضعون هم جميعا له .. ثم ان الأسرة الواحدة قد نشأت منها اسر جماعة ، ترجع إلى رجل واحد ، هو جدها .. و لهذه الأسر العديدة رجل حكيم، يأتمرون بأمره ، و يذعنون لحكمته ، ولإلهه تذعن آلهتهم ، كما يذعنون هم له.. و هكذا سار التوحيد .. رجل حكيم ، و ذكي ، يذعن له رجال قبيلته، و نساؤها ، و لإلهه تذعن آلهة رجال قبيلته ، و نسائها.. ثم ان القبائل تحترب ،
    فيما بينها ، فتغلب قبيلة قبيلة ، فتذعن القبيلة المغلوبة للقبيلة الغالبة ، و تذعن آلهة القبيلة المغلوبة لآلهة القبيلة الغالبة ..
    و هكذا سار التوحيد .. ثم جاء عهد الملوك فتوجت القبائل شيوخها ملوكا عليها ، ليحموها و ليقودوها إلى النصر علي أعدائها الذين ينازعونها الأرض ، و ينازعونها المرعي ، و ينازعونها الماء ، و يشنون عليها الغارات ..
    فإذا انتصرت قبيلة ، بقيادة ملكها ، علي قبيلة أخرى ، بقيادة ملكها ، فان الملك المغلوب يذعن للملك الغالب، و تذعن قبيلته معه ، و تذعن آلهته للآلهة الجديدة ، و يتوحد الملك بين القبيلتين ، و يتوحد الدين .. و هكذا يسير التوحيد .. ثم تطور عهد الملوك : من ملوك القبائل الرحل ، إلى ملوك المدن المسّورة ، المحصنة بالقلاع ، و تطورت ، مع تطور الملوك الآلهة .. و تطورت الممالك ، من ممالك المدن ، إلى ممالك الدول الكبيرة .. و تطورت الآلهة أيضا حتى جاء عهد الملوك الذين كانوا يرون أنفسهم آلهة ، و الملوك الذين كانوا يرون أنفسهم أبناء الآلهة ، و الملوك الذين كانوا يرون أنفسهم ظلالا للآلهة ، و الملوك الذين كانوا يرون أنفسهم ظلالا لإله واحد.. هكذا يسير التوحيد .. و لقد جاء دين التوحيد ، من السماء باتصال الملك جبريل بالبشر المرسلين لتعليم الناس التوحيد ، منذ آدم ، أبو البشر الحاضرين، و ذلك عهد بعيد ، ممعن في البعد، و لكن دائرة دين التوحيد بهذا المستوي ــ مستوي رسالات السماء ــ قد كانت ضيقة .. و في أثناء ذلك لقد خدم عهد الملوك دين التوحيد خدمة جلي ..

    32)و جاء مؤخرا الملوك الموحدين ( ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل ، من بعد موسى ، إذ قالوا لنبي لهم : ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله .. قال هل عسيتم ان كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا ؟؟ قالوا : و مالنا ألاّ نقاتل في سبيل الله ، و قد أخرجنا من ديارنا ، و أبنائنا .. فلما كتب عليهم القتال تولوا ، إلا قليلا منهم .. و الله عليم بالظالمين * و قال لهم نبيهم : ان الله قد بعث لكم طالوت ملكا.. قالوا : أنّي يكون له الملك علينا ، و نحن أحق بالملك منه ، و لم يؤت سعة من المال ؟؟ قال: إن الله اصطفاه عليكم ، و زاده بسطة ، في العلم ، و الجسم ، و الله يؤتي ملكه من يشاء ، و الله واسع عليم ..)) و كان في جند طالوت داوؤد.. و يقص الله علينا من خبرهم ( و لما برزوا لجالوت ، و جنوده قالوا : ربنا افرغ علينا صبرا ، و ثبت أقدامنا ، و انصرنا علي القوم الكافرين * فهزموهم ، بإذن الله ، و قتل داوؤد جالوت ، و آتاه الله الملك ، و الحكمة ، و علمه مما يشاء .. و لو لا دفع الله الناس ، بعضهم ببعض ، لفسدت الأرض .. و لكن الله ذو فضل علي العالمين ..)) و خلف داوؤد سليمان ابنه، فكان ملكا رسولا.. و انتصر سليمان علي بلقيس ، ملكة سبأ ، فجاءت مذعنة ( قالت : رب اني ظلمت نفسي ، و أسلمت مع سليمان لله رب العالمين..)) و كانت هي ، و قومها ، يعبدون الشمس ، فتحولوا لما هزموا ، إلى دين التوحيد .. و هكذا يسير التوحيد .. و استمر عهد الملوك.. و لماء جاء المسيح ، ابن مريم ، نبيا عبدا ، رفضه اليهود ، لأنهم كانوا ينتظرونه نبيا ملكا .. و لقد جاء نبينا ، فخير ان يكون نبيا ملكا ، أو نبيا عبدا ، فاختار ان يكون نبيا عبدا .. فانتصر بذلك للمستضعفين ، في الأرض ، و بدأ عهد الجمهورية ، من يومئذ ، يدال له من عهد الملكية .. و لكن ، لما كان الوقت لا يزال مبكرا لمجيء عهد الجمهورية ، مجيئا عمليا ، فقد قال نبينا ( الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثم تصير ملكا عضوضا .. )) و هكذا كانت ، علي عهد معاوية ، و إلى وقت قريب ، و في بعض البلاد الإسلامية ، إلى يومنا الحاضر .. و بالثورة الفرنسية ، في القرن الثامن عشر ، بدأ عهد الجمهوررية بصورة ، عملية ، و جريئة .. ثم جاءت الحرب العالمية الثانية ، و بنهايتها اتسع النظام الجمهوري ، و تقلص النظام الملكي ، في كل الأرض .. لقد جاء عهد الشعوب ، و بدأ التاريخ يكتب من جديد و هكذا يسير التوحيد ..

    33) و الآن فان التوحيد قد بلغ مستوي طيبا جدا يسمح بتطور جديد في مستوي الحياة البشرية به تدخل عهد الإنسانية ، الذي ظلت ترقبه ، و تحلم به ــ أو بالأحرى يحلم به طلائعها من أنبياء الحقيقة . و لقد رأينا كيف ان العلم المادي ، بانفلاق الذرة، قد رد الوجود كله إلى اصل واحد ، معلوم الخصائص ، مجهول الكنه .. اصل واحد هو قوة ـــ هو طاقة ـــ تدفع ،و تجذب، في الفضاء.. و لقد اخترنا الحديث عن خط تطوير السلاح ، من السلاح الحجري ، إلى السلاح النووي، لان الحروب تحفز علي التطوير اكثر مما يحفز السلام .. و إلى اليوم ، فان الدول ، ميزانياتها ، تكاد تكون مفتوحة ، لتمويل البحوث العلمية التي تطور الأسلحة الرهيبة ، ذلك بان السلام اليوم إنما يقوم علي الخوف من الحرب بهذه الأسلحة الرهيبة ، التي معها لن يكون هناك منتصر، و منهزم ، كما كانت الحالة بالأسلحة التقليدية ، و إنما هو الدمار لكل الحياة .. و بفضل حوافز الحرب جاء تطوير العلم المادي التجريبي للحياة المعاصرة ، من جميع وجوهها .. ثم أننا رأينا كيف سار توأم العلم المادي التجريبي ــ الدين ــ من التعدد أيضا إلى التوحيد .. لقد كان هناك في بدء المسيرة آلهة كثيرة ــ آلهة بعد البشر ــ و لكن بعض الآلهة مهيمن علي بعضها ، هيمنة البشر ، بعضهم علي بعض .. و لقد جاءت أديان التوحيد جميعها تحارب آلهة الأصنام ، و آلهة العناصر ، و الأجرام ، و آلهة الملوك ، أمثال فرعون ( فحشر فنادي * فقال انا ربكم الأعلي..)) حتي تم لها النصر ، من حيث التنظير بنزول القرآن .. و عندما جاء النبي الكريم بالقرآن في مكة كان في الكعبة ، بيت الله الذي بناه أبو الأنبياء ، إبراهيم ، لعبادة الله وحده ، نحو ثلاثمائة و ستين صنما .. فقال يأيها الناس قولوا :” لا إله إلا الله" تفلحوا!! فقالوا فيما حكي عنهم القرآن ( أجعل الآلهة إلها واحدا ؟؟ ان هذا لشي عجاب !!)) و لقد جاء جميع الأنبياء ، و الرسل ، بقولة " لا إله إلا الله “.. اللفظ واحد ، و التحصيل ، في الصدور، يختلف ــ المعنـي يتفاوت .. في جميع العصور كانت (( لا إله إلا الله )) تعني ان جميع الآلهة باطلة ، إلا إلها واحدا ، هو الله .. (( لا معبود بحق إلا الله )).. هذا معني (( لا إله إلا الله)) عندنا، نحن المسلمين ، في القرن السابع .. ذلك بأنه قد كانت هناك آلهة أصناما حسية ، فكان هذا المعني يناسب ذلك الطور ، من أطوار المجتمع البشري.. أما اليوم فان التوحيد ، بمحض الفضل الإلهي ، قد ارتفع إلى قامة جديدة ، تناسب مجتمع القرن العشرين ، الذي طور العلم المادي التجريبي ، حتي رد المادة كلها إلى اصل واحد، و حتي بفضل الله، علينا و علي الناس ، طور الآلة في مضمار القوة ، و السرعة ، و الكفاءة ، إلى الحد الذى الغي، أو كاد ان يلغي ، الزمان ، و المكان .. فوحد بذلك هذا الكوكب الذي نعيش فيه .. ان البشرية اليوم لا تعبد أصناما حسية، كما كان يفعل الناس ، في القرن السابع ، و لكنها ، مع ذلك ، تعبد أصناما معنوية ، لها عليها سلطان ، اقوي من سلطان الأصنام الحسية علي عبادها الذين ظلوا لها عاكفين...
                  

04-18-2008, 03:07 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الحلقة السادسة
    من أوراق الأستاذ/ محمود محمد طه داخل معتقلات مايو (6)
    الهوية في ظل الحكم الدستوري تعني الانتماء للوطن المعين أو (الجنسية)
    د. محمد محمد الأمين عبد الرازق

    لقد مرت مسيرة تطور الإنسان بمراحل عديدة يخطؤها الحصر ، ويمكن تلخيصها في ثلاثة مراحل رئيسية: مرحلة الجسد الصرف ، مرحلة الجسد والعقل المتنازعين ثم مرحلة الجسد والعقل المتسقين .. الجسد الصرف هي مرحلة الحيوان ، والجسد والعقل المتنازعين هي مرحلة البشرية الحاضرة ، أما مرحلة الجسد والعقل المتسقين فلا تزال أمامنا وهي مرحلة الإنسانية فيها تكون الحياة البشرية شيئاً جديداً لدرجة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطرت بقلب بشر .. المهم بالنسبة لنا المرحلة التي نحن فها وهي مرحلة الجسد والعقل المتنازعين ، وهي تتبع في عمومها لمرحلة الحيوان إذ أن الحيوان لا تشير إلى الحيوان الأعجم وحده ، وإنما تعني أيضاً البشر الذين لا يختلف سلوكهم كثيراً عن الحيوان.
    إن مرحلة الجسد والعقل المتنازعين بدأت بظهور العقل في المسرح ، وقد نمت القدرة على التفكير تدريجياً ، يغذيها الصراع مع البيئة الطبيعية ومع الأحياء .. ولما كان الفكر ضعيفاً ، في مراحله الأولى ، فقد وظف توظيفاً يكاد يكون تاماً في خدمة دوافع الجسد ومطالبه المادية ، أي عقل معاش .. وكان من الصعب على الفرد أن يضبط استرساله في الاستجابة لمطالب الجسد إلا إذا اضطر اضطراراً على ضرورة ماثلة لا يمكن تجاوزها .. لقد كانت حركة الفكر مزعجة للفرد البشري ، وكان باستمرار يحاول طرد الفكر الوافد الجديد هذا ، لكي تنساب الحياة كالحيوان من غير ضابط ، ولذلك فقد شهدت هذه المرحلة شرب الخمر بصورة مكثفة لفعاليتها في تغييب العقل وإبعاده عن الواقع .. ويمكن من هنا أن يلتمس الإنسان السبب في التدرج خطوة خطوة الذي اتخذه الإسلام في تحريم الخمر ، والسبب في جعل عقوبتها حداً أيضاً .. وفي بدايات هذه المرحلة التي نحن فيها الآن ، كانت المجموعات البشرية تتعرض للانقراض الحسي بسبب فشلها الاستجابة لدواعي التطور .. والقرآن ملئ بالقصص التي تحكي عن وسائل ذلك الانقراض ، كقوم عاد أو نوح مثلاً .. هذا الأسلوب قد خدم غرضه حتى استنفده ، وصارت البشرية تهتدي بالصراع الاجتماعي .. وفي إشارة لهذا المعنى قال النبي الكريم أنه سأل الله أن يرفع سخطه عن أمته فأجاب ، ثم سأله عن أن يرفع عنهم بأسهم بينهم فأبى ولذلك قال تعالى: (ولو لا دفع الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض).. ولا يزال الصراع الاجتماعي هو الأساس في تنمية الحياة البشرية ودفعها إلى الأمام ، وفي كل خطوة يقل الصراع الجسدي بالحرب ويحل محله التفاوض وهكذا تطور الحياة إلى أن يكون الفكر وحده سيد الموقف ..
    إن الصراع العنيف في الحروب ، والنزاع على الأرض والمرعى الذي كان سائداً ، ولا يزال بصورة من الصور ، دفع البشرية لأن تتكتل في شكل مجموعات تربطها أواصر الدم ، فبرزت القبيلة والعنصرية .. وعندما جاءت أديان التوحيد فإن الدعوة كانت إلى تجميع تلك العناصر في عقيدة واحدة ، فجاءت العقائد المختلفة .. وفي اليهودية كأول دين كتابي كانت الصورة غير مفهومة فقد اعتبروا أن الدين اليهودي خاص بهم كعنصر ، والى الآن فإن من يدخل في اليهودية من غير اليهود يعتبر متدين يهودي من الدرجة الثانية ، لأنهم هم شعب الله المختار .. والعقيدة أضعفت العنصرية في الأديان اللاحقة كالمسيحية والإسلام ، فهي تطور عليها ولكنها لم تلغها ، فقد كان المتدينون يضربون بهذه العقائد عرض الحائط ويركنون إلى عناصرهم متى ما ضغطتهم الظروف ..
    هذه الخلفية تقودنا إلى الحديث عن أوضاعنا في السودان .. فقد برزت من خلال الصراع المسلح بين الشمال والجنوب الاتجاهات إلى تحديد هوية السودان .. فمن الناس من يقول أن هوية السودان عربية ، ومنهم من يذهب في الاتجاه المضاد ويقول أن السودان أفريقي .. والذين في قلوبهم حنين إلى الدين يحاولون أن يبحثوا عن هوية من الإسلام ، لكنهم يصطدمون بالفهم العقائدي في الشريعة الذي يفرق بين الناس على أساس العقيدة والجنس .. ولذلك فإن اتجاه الواقع العملي الضاغط دفع المواطنين جميعاً على اختلاف معتقداتهم أن يقولوا أن الهوية هي السودان في محاولة للقفز فوق هذه الأسلاك الشائكة من المفاهيم القديمة ..
    إن من يقول أن هوية السودان عربية أو أفريقية ، لا يستند على حقائق من الواقع ، فالسودانيون لا هم عرب ولا هم أفارقة ، وإنما هم مزيج بين ذلك .. وقد وصف الشاعر إسماعيل حسن حال السودانيين بدقة حين قال: (عرب ممزوجة بي دم الزنوج الحارة ديل أهلي .. ديل قبيلتي لمن أدور أفصل للبدور فصلي) .. العرب لم يكن لهم وزن في التاريخ كعرب ، وإنما أتاهم الوزن والقيمة من الإسلام ، وكذلك وحد الإسلام اللغة وهذبها على لغة قريش ..ومن يدعو إلى العروبة كما فعلت القومية العربية ، كأنه يقول العروبة كعنصر تجمع العرب والإسلام كفكر يفرق ، وهذا خطأ فادح وقع فيه دعاة القومية العربية .. فهم حتى النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم يسمونه (الثائر العربي) .. أما الأسماء العامة جميعها ينسبونها إلى العروبة: النادي العربي ، المكتبة العربية .. الخ .. وعلى عهد جمال عبد الناصر (الجمهورية العربية المتحدة) عندما توحدت مصر وسوريا على العروبة .. ولا عبرة بمن يطورون القومية لتقوم على أساس وحدة التاريخ واللغة ، فإن الأمم قد تجاوزت ذلك أيضاً إذ أن المهم ما هي القيمة الإنسانية التي أنجزها ذلك التاريخ؟ ..
    الإسلام في جميع مستوياته يقف بصورة حاسمة ضد العنصرية ، قال تعالى: (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) .. قوله (شعوباً وقبائل) إشارة إلى العناصر المختلفة من البشر ، وقوله (لتعارفوا) يعني لتقيموا علاقات بينكم تنقلكم من العنصرية إلى القيمة الإنسانية والكرامة عند الله المعبر عنها بعبارة (اتقاكم) لأنه (لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى) .. وفي هذا الاتجاه جاء الحديث النبوي: (لا يأتيني الناس يوم القيامة بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم) ومن أجل تخفيف ضغوط العنصرية جاء الحديث النبوي في اختيار الزوجة: (اغتربوا لا تضووا) يعني ابتعدوا عن عناصركم لتتفاعلوا مع عناصر أخرى فتقوى فيكم الإنسانية وتضعف العنصرية .. هذا وقد حدد الفقهاء شروط الكفاءة في الزواج بستة أمور: الإسلام ، الدين ، النسب ، الحرية ، الحرفة والمال .. وفي الشريعة المطورة المأخوذة من الإسلام في مستواه العلمي تسقط جميع هذه الشروط ما عدا الدين والنسب .. الدين يعني مكارم الأخلاق وليس العقيدة ، والنسب وهو النسب المتعلق بالدين بمعنى الخلق وليس العنصر .. وقد سأل أحد الباحثين الوافدين: ما مغزى آيات سورة (المسد)؟ التي تبدأ بقوله تعالى: (تبت يدا أبي لهب وتب) وقال أنه لم يهتد إلى القيمة المستقبلية لهذه الآيات لأنها تشرح عقوبة فرد معين لا دخل للآخرين به .. فرد عليه الأستاذ محمود: (في الحقيقة دي أكبر آيات في القرآن ضربت العنصرية لأنو ده عمه!!) .. الدعوة العنصرية قد تجاوزها الزمن ، ومن يتبناها يكون في أدنى درجات التخلف .. ولا يقلل من هذا الفهم النفور الذي نجده في أنفسنا عندما نلتقي بالعناصر الأخرى التي نعايشها يومياً ، فإن هذا النفور مصيره إلى الزوال كلما تطورت المجتمعات واهتدت بالقيم الإنسانية الرفيعة ، وهذا التطور مستمر ومضطرد .. هل تزيد هذه المعاني عمقاً وتثبتاً ، إذا قلنا أن كل المفكرين والمخترعين الذين قادوا البشرية ، إنما يرجعون إلى عناصر متنوعة في تكوينهم العرقي ؟؟ ويمكن القول أن العنصرية والعقائدية بمقاس اليوم وجهان لعملة واحدة هي التعصب .. وفي وقتنا الحاضر نرى العقائديين من المسلمين ينسبون الأسماء إلى عقيدتهم كما فعل العنصريون من دعاة القومية العربية ، وعلى سبيل المثال تجد: المخبز الإسلامي ، مكتبة خاتم الأنبياء ، صيدلية ما شاء الله تبارك الله.. الخ.. وكلها صور من استغلال حب الناس للدين للكسب الدنيوي..
    الحقيقة التي نحاول إثباتها في هذا البحث هي أن الهوية في عصرنا الحالي لا تعني غير الجنسية ، بمعنى الانتماء للبقعة الجغرافية المحددة إدارياً وليس على أي أساس آخر .. السودان لا هو عربي ولا هو أفريقي وإنما هو السودان وسكانه هم السودانيون .. ولا يمكن أن نقول أن الهوية هي الإسلام كعقيدة وقد شرحنا سابقاً بتفصيل أن وقت العقائد قد آذن بالزوال وأن أمامنا مرحلة الإنسانية .. ووضع السودان بالتحديد يجعله أكثر استعداداً لقبول هذه المبادئ ، فمثلاً إذا أردنا تحديد مؤهلات وظيفة محافظ بنك السودان ، لا يمكن أن ندخل عقيدة الشخص ضمن المؤهلات المطلوبة ، وإنما الكفاءة تنحصر في الشهادات ، الأمانة ، الخبرة .. فإذا توفرت هذه الشروط في شخص يخالف عقيدتنا فهو أحق بالوظيفة ، وهذا هو الأسلوب العلمي الذي يرمي إليه الإسلام .. ونحن لدينا تجربة مع السودانيين من غير المسلمين في جميع مرافق الدولة ، وقد كانوا نماذج في الدقة والانضباط والأمانة ، وخير مثال على ذلك هيئة السكة حديد في عهدها الذهبي ..
    إن الصراع المسلح الذي كان دائراً في السودان بين الشمال والجنوب قبل اتفاقية السلام في يناير 2005م ، إنما ارتكز على أسباب كلها تنبع من العقائدية والعنصرية .. ولذلك فإن الارتفاع في الوعي بخطورة هذه الدعوات يعمل على إرساء دعائم السلام الشامل .. لقد كان الأستاذ محمود يجمع قتلى الطرفين أثناء الحرب ويقول: نحن السودانيين فقدنا كذا من أبنائنا .. إن الحل لجميع هذه المشاكل المعقدة إنما هو في نشر الوعي من خلال الصراع الفكري في المنابر الحرة .. ولذلك فإن تكاتف جميع أفراد الشعب بالتمسك باتفاقية السلام وحمايتها من الانهيار ، هو واجب المرحلة التي نحن فيها حتى لا تتكرر تجربة الحرب مرة أخرى ، ومعلوم أن كل تجربة لا تورث حكمة تكرر نفسها .. هل هذا هو تأييد لنظام الإنقاذ؟ التأييد للاتفاقية ، وإذا سار النظام في تطبيقها فبقاءه مرهون بفوزه بالانتخابات .. نحن نؤيد مبادئ دستورية ينص عليها الدستور الانتقالي ، ولذلك فإننا نعمل مع من يحترمها ونختلف مع من يعمل على تقويضها ..
    هذا وقد لخص منشور (هذا .. أو الطوفان) الصادر بتاريخ 25/12/1984م ، والذي كانت نتيجته الإعدام لأستاذ الأجيال ، مطالب الجمهوريين في: إلغاء قوانين سبتمبر 1983م ، الحل السياسي لمشكلة الجنوب ثم إقامة المنابر الحرة .. والآن فإن جميع هذه المطالب قد تحققت بقدر طيب على الواقع يمكن البناء عليه وتكميله بالحوار الموضوعي ، من أجل خلق رأي عام ضد الهوس الديني يقوم على المعرفة بأصول الإسلام .. إذن المطلوب اليوم هو زيادة حضور قادة الفكر الإسلامي المستنير في الميدان السياسي ..
    فيما يلي نقدم أضواء على مسيرة الإنسان في مرحلة البشرية الحاضرة ، منذ آدم أبي البشر والى يومنا هذا من (ديباجة الدستور) في الفقرة التالية:
    34) ((اليوم أكملت لكم دينكم، و أتممت عليكم نعمتي ، و رضيت لكم الإسلام دينا..)) هذا اليوم ، هو يوم عرفة ، من سنة عشر للهجرة ، و هو يوم حجة الوداع ، و قد كان يوم جمعة.. هذه الآية هي آخر ما نزل من القرآن .. و لقد لبث النبي بعدها بين الناس ، بقية ذي الحجة ، و محرم ، و صفر ، ثم لحق بالرفيق الأعلى، و كان ذلك يوم 12 ربيع الأول ، من السنة الحادية عشرة ، من الهجرة المباركة.. لقد كمل يومئذ إنزال القرآن ، و لكن لم يكمل بيانه ــ و لن يكمل ، لان بيانه عند الله ، حيث لا عند ( ثم ان علينا بيانه))، هكذا قال ربي العظيم ، و ما علي الله بيانه لا يقع الفراغ من بيانه ، لأنه مطلق ،(( و كل يوم هو في شأن)) .. و لقد بين ،تبارك و تعالي ، لنبيه قدرا عظيما منه ، و لكنه نهاه عن تبليغه للامة ( نحن معاشر الأنبياء، امرنا ان نخاطب الناس علي قدر عقولهم )).. و لقد أرشدنا ، تبارك و تعالي ، إلى الطريقة التي بها نكون مهيئين لتلقي البيان منه ، تبارك و تعالي، فقال ( و اتقوا الله ، و يعلمكم الله و الله بكل شيء عليم .. )) و قال النبى الكريم( إنما أنا قاسم، و الله يعطي، و من يرد به الله خيرا يفقهه في الدين ..)) فالنبي جاء ليعلمنا كيف نتقي الله حتي يعلمنا الله .. فقوله (( إنما أنا قاسم )) يعني أرسلت بالشريعة لأعلمكم كيف تتقون ، و أرسلت بالطريقة أيضا لأكون لكم قدوة بإتباعها تزيدون في تقواكم لله ، فيعلمكم الله ،(( و الله بكل شيء عليم )) .. فهو يعلمكم بقدر استعداد المكان منكم للتعليم . (( و من يرد به الله خيرا يفقهه في الدين )).. و اليوم ، بفضل الله ، ثم بفضل إتباع النبي الكريم ، يدخل في الوجود زيادة بيان للقرآن يناسب القرن العشرين ، حتي يكون الإسلام ، و القرآن ، للناس ــ جميع الناس ــ ملاذا ، و مفازة .. ان " لا إله إلا الله “ اليوم لا تعني : " لا معبود بحق إلا الله “ ، و إنما تزيد علي ذلك المعني، فتصبح ( لا فاعل لكبير الأشياء ، و لا لصغيرها ، إلا الله )) .. يقول تعالي ( و كأين من دابة لا تحمل رزقها ، الله يرزقها ، و إياكم، و هو السميع العليم* و لئن سألتهم : من خلق السموات، و الأرض، و سخر الشمس، و القمر؟؟ ليقولنّ: الله .. فأنّي يؤفكون* الله يبسط الرزق، لمن يشاء من عباده ، و يقدر له .. ان الله بكل شيء عليم ..)) فكأن الناس يردون فعل الأشياء الكبيرة إلى الله ، و لكن فعل الأشياء الصغيرة ينسبونه للمخلوقات ، من دون الله .. و إنما جاء ذلك لوهم الإرادة التي ورطتنا فيها حركاتنا التلقائية .. نحن نظن ان عندنا إرادة مستقلة ، عن الله ، سبحانه و تعالي، بها ننفذ الأعمال الصغيرة، التي تتطلبها حياتنا اليومية ، في هذه الدنيا ، مثل تدبير الرزق ، و هو اكبر شيء رسب الخوف في صدورنا، منذ نشأة الحياة ، بين الماء ، و الطين ، في سحيق الآماد.. و لقد ساق الله لنا هنا الآية الأولى عن الرزق ثم ساق الآية الثانية عن خلق السموات ، و الأرض ، و تسخير الشمس ، و القمر.. و ساق الآية الثالثة عن الرزق أيضا .. نحن لا دعوي لنا في خلق السموات ، و الأرض، و لا في تسخير الشمس ، و القمر .. هذه لا طاقة لنا بها ، فلا دعوي.. و لكن لنا طاقة بتدبير الرزق بالزراعة ، و بالتجارة ، و باحتراف الحرف المختلفة .. و لذلك فقد تورطنا في الدعوي ههنا .. و استولي علينا عقل المعاش .. و ركز فينا خوف الجوع ، وخوف الموت بالـجوع ، و امرنا بالبخل ، و بالحرص ، و بالادخار ، و بالعداوة ، و بالحرب، و بكل مذام الصفات .. هذه هي الأصنام التي نعبدها اليوم ، لا الأصنام الحسية .. لقد كانت الأصنام الحسية ، في حينها ، رمزا، مجسدا ، لهذه المعاني.. كانت الأصنام الحسية رمزا للإرادة البشرية و تسويلاتها المختلفة التي أملاها علينا الجهل، في سحيق الآماد . و لقد جاء تبارك و تعالي ، في فاصلة الآية الأولى بقوله ( و هو السميع العليم)) .. و في فاصلة الآية الثالثة بقوله ( ان الله بكل شيء عليم )) و جاءت فاصلة الآية المتوسطة بين الآية الأولى ، و الآية الثالثة ، بقوله ( فأنى يؤفكون؟؟ )) .. و ((يؤفكون)) هنا تعني ((يصرفون)) .. كأنه قال ( فكيف .. يجهلون؟؟)) .. عبر، تبارك و تعالي ، في ثلاث الآيات عن العلم ، إشارة إلى وجوب الخلاص من وهم الحواس ، و وهم العقول التي أملت علينا وهم استقلال الإرادة .. ان صنمنا الأعظم اليوم إنما هو الإرادة البشرية المتوهمة التي تعارض الإرادة الإلهية المحققة..
    ,
    35) الآية العظيمة التي صدرنا بها حديثنا هذا ، و هي ( اليوم أكملت لكم دينكم ، و أتممت عليكم نعمتي ، و رضيت لكم الإسلام دينا ..)) أخطأ في فهمها جميع علماء الإسلام ، حين ظنوا ان كل ما يخص الدين قد كمل، و ان ليس هناك أمر مستأنف، يجيء فيما يقبل من الزمان .. و الحق ان الدين كله أمامنا .. و انه لمن فضل الله، علينا ، و علي الناس ، ان جاءتنا هذه البشارة، بان الله اكمل لنا ديننا ، و أتم علينا نعمته ، و رضي لنا الإسلام دينا .. معلوم ان الإسلام قد جاءت به جميع الرسالات السماوية ، من لدن آدم ، و إلى محمد ، و قد قال المعصوم خير ما جئت به ، انا و النبيون من قبلي :" لا إله إلا الله ") .. اللفظ واحد ، و التحصيل يختلف ، بين الأمم ، و أنبيائها، و بين الأمم ، فيما بينها ، و بين الأنبياء، فيما بينهم .. و اكبر تحصيل ، في ذلك : بين الأنبياء ، ما قيضه الله، تبارك و تعالي، لنبيه الكريم .. وأكبر تحصيل ، فى ذلك : بين الأمم ، ماقيضه الله لأمة نبيه الكريم ــ أمة المؤمنين .. فأما عند الأمة المؤمنة ــ أمة المؤمنين ــ فقد كانت تعني " لا إله إلا الله " . لا معبود بحق إلا الله .. و قد سبق ان قررنا ذلك .. و أما عند النبي فقد كانت تعني " لا فاعل، لكبير الأشياء ، و لا لصغيرها ، إلا الله !!
    و الدين الذي أشارت له الآية السابقة ، هو الدين الذي أشارت اليه آية :" فأقم وجهك للدين حنيفا ، فطرة الله التي فطر الناس عليها ، لا تبديل لخلق الله ،ذلك الدين القيم .. و لكن اكثر الناس لا يعلمون.." هو الفطرة ــ " فطرة الله التي فطر الناس عليها " ، جميع الناس .. و لقد قال النبي ( كل مولود يولد علي الفطرة ، فأبواه يهودانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه ..)) و هذه الفطرة لا يقع عليها الكبت ، و إنما يقع الكبت علي حواشيها ــ هي في سويداوات القلوب.. و لذلك قال تعالي عنها ( لا تبديل لخلق الله)) .. و لقد سبقت الإشارة إلى الكبت ، و قلنا سببه الخوف العنصري ، و به انقسم الإنسان على نفسه ، و بهذه القسمة ارتفع فوق مستوي الحيوان ، و اخذ الخطوة الأولى في سيره إلى مقام إنسانيته .. و ستكون الخطوة الثانية في فضّ الكبت .. و بفضّ الكبت يصل السالك إلى فطرة الله التي فطر الناس عليها ، في سويداوات القلوب.. و لقد وقع الكبت بين عقل المعاش ، و عقل المعاد..
    و عقل المعاد هو طبقة العقل التي تلي عقل المعاش فيما بينه و بين سويداء القلب .. و طبقات العقل سبع ، تطابق النفوس السبع ، عند أصحابنا السادة الصوفية.. و تطابق أسماء الصفات السبع : الحي ، العالم، المريد ، القادر ، السميع ، البصير ، المتكلم .. فالحي في سويداء القلوب و هذه ــ الحياة ـــ هي الفطرة ــ فطرة الله التي فطر الناس عليها ..

    36) بالكبت أخذنا أول خطوة في طريق السير إلى مقام إنسانيتنا .. و بفضّ الكبت نصل إليها .. و لقد ذكرنا ان التطور، في مضمار البشرية ، منذ ان ارتفعت فوق مستوي الحيوانية بالكبت ، ظل في نطاق الكبت .. و الكبت سببه الخوف .. و الخوف سببه الجهل بالبيئة التي نعيش فيها .. و لقد قلنا : ان العلم المادي التجريبي قد رد الكون الظاهري ــ أو قل قد رد المادة إلى اصل واحد ، هو الطاقة.. و عندما وصل الدين إلى معني (( لا إله إلا الله )) بأنه لا فاعل لكبير الأشياء ، و لا لصغيرها ، إلا الله ، فقد رد جميع مظاهر الوجود إلى مظهر واحد ، هو ــ الله ــ الكون مظهر الله في ذاته ــ لقد تحققت وحدة الوجود بتضافر العلم المادي ، و العلم الروحي.. و أصبحت البيئة القديمة بيئة جديدة 00.. هي بيئة روحية في مظهر مادي .. و أصبح علينا إذن ان نتواءم معها.. ثم ان هناك أمرا آخر تقرره الكلمة ( لا إله إلا الله )) .. هذا الأمر هو ان الوجود واحد ، و انه هو خير مطلق، و صرف، و لا مكان للشر فيه ، إلا لحكمة تعليمنا نحن قال تعالي (و من كل شيء خلقنا زوجين،لعلكم تذكرون* ففروا إلى الله .. اني لكم منه نذير مبين)) .." فالاثنينية" مظهر للواحد، و ليست أصلا فيه .. و الحكمة من الاثنينية ان نتعلم نحن ، لان حواسنا التي تؤدي المعاني إلى عقولنا اثنينية ، و كذلك عقولنا .. فنحن إنما نعرف الأشياء باضدادها ــ نعرف الظلام ، بالنور.. و نعرف البرد، بالحر..
    و نعرف الشر، بالخير، وهكذا.. لقد دخل الشر في الوجود ليعرفنا بالخير ..
    و الله خير مطلق.. فان نحن استطعنا ان نتواءم مع خلقه ــ نرضى بفعله ــ لا نري الشر اطلاقا.. و الله تعالي يقول( ما يفعل الله بعذابكم ، ان شكرتم ، و آمنتم ، و كان الله شاكرا عليما ؟؟)).. و في الآيتين السابقتين يأمرنا ، تبارك و تعالي ، ان نفر من الثنائية إلى الوحدة ، حيث ينقطع عنا الشر و يبقي الخير وحده.. هذه المعرفة الجديدة للبيئة القديمة هي التي تحررنا من الخوف .. و بالتحرر من الخوف ينفض الكبت الذي رسبه فينا الخوف الذي دفعه إلى قلوبنا الجهل بحقيقة البيئة..

    37) فطرة الله التي فطر الناس عليها هي ((الحياة)) .. هي حياة الإنسان ،
    و ما حياة الحيوان إلا الخطوة الأولى في السير إلى حياة الإنسان .. حياة الإنسان عالمة و حياة الحيوان جاهلة .. حياة الإنسان هي الحياة الأخرى، و حياة الحيوان هي الحياة الدنيا.. للحياة الأخرى عقل المعاد، و للحياة الدنيا عقل المعاش، و إنما جاء الدين ليهذب عقل المعاش ، حتي يرتفع بنا إلى عقل المعاد .. و لقد ورد في ذلك بعض التفصيل .. و لما كانت حياة الإنسان عالمة، كانت أيضا طائعة لله ، مؤمنة به :
    (( الذين آمنوا ، و لم يلبسوا إيمانهم بظلم ، أولئك لهم الأمن ، و هم مهتدون..)) و لقد قال ، تبارك و تعالي، في الحياتين ، الحياة الدنيا ، و الحياة الاخري ( و ما هذه الحياة الدنيا إلا لهو و لعب ، و ان الدار الآخرة لهي الحيوان ، لو كانوا يعلمون!!)) و"الحيوان" تعني المبالغة في الحياة ــ تعني الحياة الكاملة ..
    و لقد خلق الإنسان ــ آدم ــ علي هذه الفطرة ـ الحياة الكاملة.. (( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم )) و ذلك في أعلي الجنان ـ في الملكوت ـ عند الله ، و ترد عنها العبارة القرآنية (( عند مليك مقتدر)) من قوله ، تبارك و تعالي ( ان المتقين في جنات، و نهر * في مقعد صدق ، عند مليك مقتدر ..)) .. ثم انه ، من مقام (( أحسن تقويم )) قد رد إلى (( أسفل سافلين)) ، و إنما رد بالأمر التكويني.. و الأمر التكويني يقوم علي حكمة الخلق.. و لقد رد إلى (( أسفل سافلين )) ، و في ذاكرته (( أحسن تقويم )) ، من اجل ذلك ظل يحلم بالكمال دائما، و يسعي إلى تحصيله .. و لقد قلنا : ان (( أسفل سافلين )) هو مرتبة ادني التجسيد في عالم الملك ــ مرتبة ذرة بخار الماء ــ ذرة غاز الهايدروجين .. و لقد أخذ الإنسان طريقه ، في العودة إلى الله ، من ذلك التجسيد المهين، و ذلك بمحض الفضل الإلهي و لقد انفق في ذلك السير دهرا ، دهيرا .. و لقد عبر ، تبارك وتعالي، عن ذلك بقوله ( هل أتى علي الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا * انا خلقنا الإنسان من نطفة ، امشاج، نبتليه.. فجعلناه سميعا بصيرا..)) و هو إنما لم يكن شيئا مذكورا في ملكوت الله لأنه لم يبلغ ان يكون مكلفا ، في ذلك الحين الطويل من الدهر، و إنما كان يتقلب في الحيوات الدنيا ــ حياة الذر ، و الهوام ، و الحيوان .. ثم انه لما برز فيه العقل اصبح منورا بالعقل من أعلاه ، مظلما بالنفس من أسفله .. و ظل علي ذلك متجاذبا بين الواجب ، و يمليــه العقل، و بين الشهوة ، و تمليها النفس .. و كان علي ذلك أيضا خطاء.. و جعـل الله ، تبارك و تعالي ، كماله في هذه النشأة الخطّاءة .. فهو يخطئ ، و يصيب ، و يزيد رصيــد صوابه من ممارسة خطئه .. و لقد قال المعصوم ( ان لم تخطئوا ، و تستغفروا ، فسيأتي الله بقوم ، يخطئون ، و يستغفرون ، فيغفر لهم ..)) و عندما نزل آدم الأول ــ آدم الخليفة ــ منزلة التكليف ، فنبئ ، اسكن جنة الملك ــ جنة الأرض ــ ( و قلنا يا آدم اسكن ، أنت ، و زوجك الجنة ، و كلا منها رغدا حيث شئتما ، و لا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فأزلهما الشيطان عنها ، فأخرجهما مما كانا فيه ، و قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ، و لكم في الأرض مستقر ، و متاع ، إلى حين * فتلقي آدم من ربه كلمات ، فتاب عليه ، انه هو التواب الرحيم * قلنا اهبطوا منها جميعا ، فأما يأتينكم مني هدي ، فمن تبع هداي ، فلا خوف عليهم ، و لا هم يحزنون * و الذين كفروا ، و كذبوا بآياتنا ، أولئك أصحاب النار .. هم فيها خالدون )) .. "ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين " هذا أول أمر تشريعي لآدم ، بعد الأمر بالعبادة ، و هو تنظيم القوة الجنسية .. و لقد كان هذا أول أمر تشريعي لأسلاف آدم عند ظهور العقل ،و قبل وفرة العلم .. و لقد وردت إلى ذلك الإشارة عند الحديث عن نشأة المجتمع .. و لقد اهبط آدم من جنة الأرض بمخالفة هذا الأمر التشريعي.. و هذه الخطيئة قد جبرت بالاستغفار ، و عاد آدم الخليفة إلى الطاعة ، و الهداية .. قال تعالي في ذلك ( فتلقي آدم من ربه كلمات ، فتاب عليه ، انه هو التواب الرحيم )) .. و لقد كانت تلك الكلمات هي قول آدم ، وزوجه ( ربنا ظلمنا أنفسنا ، و ان لم تغفر لنا ، و ترحمنا ، لنكونن من الخاسرين )).. لقد اهبط آدم من جنة الأرض ــ و ذلك ، في مستوي من المستويات ، رد من (( أحسن تقويم )) إلى (( أسفل سافلين )) كما رد ، أو اهبط ، بعض ذريته ، من بعده ، و لا يزال هذا يجري ، و سيظل يجري ، مع كل خطيئة ( و ذا النون إذ ذهب مغاضبا ، فظن ان لن نقدر عليه ، فنادي في الظلمات ، إلاّ اله إلا أنت، سبحانك ، اني كنت من الظالمين * و استجبنا له ، و نجيناه من الغم ، و كذلك ننجي المؤمنين )).. و عن قوم سبأ يخبرنا ، تبارك و تعالي ،( لقد كان لسبأ ، في مساكنهم ، آية : جنتان ، عن يمين ، و شمال ، كلوا من رزق ربكم ، و اشكروا له بلدة طيبة ، و رب غفور * فأعرضوا ، فأرسلنا عليهم سيل العرم ، و بدلناهم ، بجنتيهم ، جنتين ذواتي أكل خمط ، و اثل ، و شيء من سدر قليل ))..

    38) لقد اهبط آدم الخليفة من جنة المعاني ، في الملكوت ، إلى جنة المباني ، في الملك ، بالأمر التكويني، و علي الأمر التكويني تقوم حكمة الخلق ، و لا تقع ، في الأمر التكويني ، معصية ، فما فيه غير الطاعة .. ثم ان آدم قد اهبط من جنة الطاعة ، حيث الرغد ، و الوفرة ، إلى جنة الشقاء ، و الضيق ، لما عصا الأمر التشريعي ، (( و لا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين )).. و قال تعالي عنه ( و عصي آدم ربه فغوي)).. و هو إنما عصي لأنه استمع لأمر الشيطان ، و نسي أمر ربه: (( فوسوس إليه الشيطان : قال : يا آدم !! هل أدلك علي شجرة الخلد ، و ملك لا يبلي ؟؟ * فأكلا منها ، فبدت لهما سوآتهما ، و طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ، و عصي آدم ربه فغوي * ثم اجتباه ربه ، فتاب عليه ، و هدي )).. و هو إنما استمع لأمر الشيطان ، لان عقل معاده ، قد كان محجوبا بعقل معاشه ، و هو عقل يسيطر عليه الخوف العنصري ، الساذج ، و لذلك فقد طمع في الخلد ، و الملك الذي لا يبلي.. و لقد سبقت الإشارة إلى عقل المعاد و عقل المعاش.. (( ثم اجتباه ربه ، فتاب عليه ، و هدي)) ، هدي عقل معاشه بالتهذيب بالعبادة ، و بالعقوبة ، ليسير به إلى عقل معاده ، حيث يعرف القيم ، فيطيع أمر الله ، و يعصي أمر الشيطان ، و لقد قلنا ان المعصية لا تقع في الأمر التكويني ، فليس ثمة إلا الطاعة .. و قلنا علي الأمر التكويني تقوم حكمة الخلق .. و أما علي الأمر التشريعي فتقوم حكمة التعليم .. و في الأمر التشريعي تقع المعصية ، و تقع الطاعة .. والأمر التكويني مسيطر علي عالم الملكوت و علي عالم الملك ــ علي عالم العقول ، و علي عالم الأجساد ، علي السواء.. و لهيمنة الأمر التكويني ، علي الأمر التشريعي ،فليست هناك معصية ،في الحقيقة، و إنما المعصية في الشريعة ــ في حكم العقل .. و في هذا سر التسيير ، و التخيير ، الذي شغل ، و لا يزال يشغل ، عقول المفكرين ، من علماء الدين ، و من علماء الدنيا .. و الحكمة وراء المعصية ، إنما هي ترويض العقول ، لتسير ، بالممارسة ، من المعصية إلى الطاعة ، حتى تصبح مطبوعة علي الطاعة ، و هي مختارة لها ، و مقتنعة بقيمها .. لقد خلق الله ، في الملكوت ، خلقا مرحليين ، و ضرب عليهم الطاعة ، فهم (( لا يعصون الله ما أمرهم ، و يفعلون ما يؤمرون )) .. هم بذلك علماء ، و لكنهم ليسوا أحرارا .. و خلق الله في الملك خلقا مرحليين ، و ضرب عليهم المعصية ، فهم لا يطيعون ..اولئك هم الملائكة .. و هؤلاء هم الأبالسة ، و عدم الحرية في أولئك ، و هؤلاء إنما هو أمر مرحلي .. ثم ان الله خلق ، بين أولئك ، و هؤلاء ، خلقا هم البشر .. الملائكة عقول بدون شهوة.. و الأبالسة شهوة ، بدون عقول ، و البشر شهوة ، ركبت عليها العقول لتسوسها .. و جاء الشرع ليقوي العقول علي هذه السياسة ، فتسير إلى الطاعة ، و هي مدركة ، و عالمة ، فتكون الحصيلة : العلم ، و الحرية ، و ذلك بفضل الله ، ثم بفضل كمال النشأة البشرية ، التي أعطيت حق : الخطأ .. و بهذه النشأة اصبح سائر بشر اكمل ، مآلا ، من سائر الملائكة .. و لا يكمل الملائكة ، و لا الأبالسة ، بان يكونوا علماء ، و أحرارا ، حتى يدخلوا في هيكل الإنسان ..


                  

04-18-2008, 03:15 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الحلقة السابعة

    من أوراق الأستاذ محمود محمد طه داخل معتقلات مايو (7)
    الأرض هي مركز المجموعة الشمسية من الناحية الروحية

    د. محمد محمد الأمين عبد الرازق

    لقد كتب الأستاذ محمود هذه الديباجة في أكتوبر 1984م ، وأختصر فيها كل ما أراد أن يقوله للناس ولذلك قلنا أنها الدعوة الإسلامية الجديدة موضوعة في كبسولة.. وقد وضع الأية : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) في صدر البحث من غير أن يتحدث عنها مباشرة، ثم أوردها ثلاثة مرات أخرى ، فصل في الثانية أن هذا اليوم هو يوم عرفة سنة عشرة هجرية، وقد لبث النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بعدها بين الناس بقية ذي الحجة، ومحرم، وصفر ثم لحق بالرفيق الاعلى يوم 12 ربيع الأول من السنة الحادية عشر من الهجرة المباركة.. وعندما تحسب الفترة التي قضاها الأستاذ محمود بيننا من تاريخ إصدار الديباجة حتى تنفيذ الإعدام في 18/1/1985م ، تجدها مساوية تقريباً للفترة التي قضاها النبي بين الناس بعد ذلك اليوم المذكور .. وفي إشارة لطيفة وخفية إلى ذلك قال: (بدأنا هذا البحث بالحديث عن الديمقراطية .. ولقد جاء الحديث عن الديمقراطية، بعد الآية العظيمة، التي صدرنا بها حديثنا هذا، بدون أي مقدمة حتى أني لأظن أن بعض الناس قد يستغرب هذا الأمر !!)..
    الأستاذ محمود صاحب حقيقة وشريعة .. الحقيقة في الدين الخاص هي معرفة أسرار الألوهية، أما الحقيقة في الدين العام فهي ما عليه الخلق من خير وشر .. والمطلوب من الإنسان السالك على طريق محمد أن يبدأ بالشريعة، يعني بالعلم الظاهر، ثم يتطور تدريجياً فيتلقى فيوضاً من المعرفة بالله، أو قل معرفة بالحقيقة .. وخير مثال يوضح هذه المعاني ما جرى بين العبد الصالح والنبي موسي .. فعندما خرق العبد الصالح السفينة كان على علم بالمستقبل، وكذلك عندما قتل الغلام .. وكان موسي حينها في بداية مجاهداته في معرفة الحقيقة ولم يكن على علم بالحكمة في أفعال العبد الصالح ولذلك أعترض.. وقد فسر القرآن تلك الحكمة في الآيات: (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً* وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً).. والعارف بعلم الحقيقة يحاول دائماً ضبط الشريعة مع ما يعلمه من الأسرار، أما صاحب الشريعة فمحاولته هي الالتزام الدقيق بمقتضياتها حتى تكون وسيلة موصلة إلى الحقيقة.. ولذلك قال الأستاذ محمود عن نفسه: (بدأت بالجانب التطبيقي في العبادة بتجويد وإتقان منتظراً موعود الله حين قال: "واتقوا الله ويعلمكم الله" وفي قول المعصوم: "من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم"، فلما جرى على لساني وقلمي ما علمني الله من أسرار دينه ظنه بعض الناس ليس من الدين، وما علموا أن ما أدعوا إليه هو الإسلام عائداً من جديد)..
    لقد ورد الحديث كثيراً في هذا البحث عن الدستور والحكم الدستوري، وقلنا أن الدستور يؤخذ من أصول القرآن وليس من فروعه .. الدستور يقوم على المسئولية الفردية، والشريعة قامت على الوصاية، وصاية النبي على المؤمنين، ووصاية المؤمنين على غير المسلمين، ووصاية الرجل على المرأة.. ولذك فإن الشورى ليس ديمقراطية، فالشورى هي حكم الفرد الوصي الرشيد على القصر ليرشدهم .. وولي الأمر غير ملزم بالأخذ بإستشارة المستشارين، قال تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله).. وآيتا الديمقراطية هما: (فذكر إنما أنت مذكر* لست عليهم بمسيطر) وهما منسوختان في الشريعة السلفية ..
    إن الفكرة الجمهورية تدعو إلى الإنتقال من الشريعة التي طبقت في المدينة في القرن السابع الميلادي إلى شريعة جديدة قائمة على السنة النبوية، وسندها آيات الأصول المكية التي نسخت في ذلك الوقت لأنها أكبر من طاقة المجتمع.. إن مثل هذا التحول كان يقوم به في الماضي الأنبياء الرسل فكيف يتسني لإنسان أن يدعو لمثل هذا التحول الأساسي الجوهري في الدين وهو ليس نبياً؟؟ الجواب هو: أن الفرصة متاحة أمام الناس ليمارسوا المنهاج النبوي بتجويد وإدقان فيعلمهم الله أسرار دينه، وليس لهذا التعليم حدود، فكلما زاد الإنسان في التقوى زاده الله في العلم .. ولذك قال النبي الكريم: (علماء أمتي كأنبياءِ بني إسرائيل) وقال أيضاً: (إن من أمتي لأناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء ويغبطهم الأنبياء والشهداء لمكانتهم من الله).. ما هي وسيلة الدعوة إلى الناس؟ هي الحجة بالمنطق والإقناع وبحسن السيرة والإستقامة..
    الرسالات السماوية مربوطة إرتباطاً وثيقاً بحركة تطور المجتمع وبالأعراف التي يتواضع عليها الناس.. ويمكن أن نلخص مسيرة البشرية من خلال دورتين: الأولى دورة الحقيقة والثانية دورة الشريعة.. دورة الحقيقة هي الفترة التي ليس فيها رسالة نبوة، وإنما تتحرك البشرية من خلال الصراع في الحياة بوسيلة العقل حسب ما تعطيه الطاقة في الوقت المعين.. فتنبت أعراف اجتماعية من هذا الواقع وتصبح قواعد ثابتة ينبني عليها العمل في تنظيم المجتمع.. وعندما تأتي دورة الشريعة، يقوم النبي المرسل الممدود بواسطة الوحي الملائكي بتنقية تلك الأعراف، فيبقي على الصالح منها ويزيل غير الصالح.. وهنا تكون شمس الشريعة قد سطعت في كبد السماء .. ثم يمضي الزمن فتضيق تلك الشريعة أمام حركة المجتمع الصاعدة، ويدخل الناس في دورة الحقيقة مرة ثانية.. فتنبت أيضاً أعراف جديدة لا تنضبط إلا إذا جاء نبي مرسل جديد بشريعة جديدة، وهكذا تستمر حركة التطور.. إن مثل الأنبياء في التعامل مع الأعراف الاجتماعية كمثل المزارع الذي يزرع القمح فتنبت الحشائش الضارة، فيقوم المزارع بإزالة الحشائش ويترك القمح لينمو.. وإعتماد التشريع على أعراف المجتمع وارد في القرآن بكلمات العرف والمعروف في حوالي تسعة وثلاثين موضعاً، كمثال: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)..
    إن هذه المسيرة لم تتوقف إلى الآن .. وعندما جاء الإسلام في مكة نظر في الأعراف التي تواضع عليها الناس، فأقر ودعم إكرام الضيف وإغاثة الملهوف، وأزال وأد البنات وعبادة الصنم .. ثم أقام شريعته في المدينة من وحي ذلك الواقع، فنسخ القيم التي ثبت بالتجربة العملية أنها أكبر من طاقة المجتمع في ذلك الوقت ولكنه ترك الآيات الداعية لتلك القيم في المصحف بالرغم من أنها معطلة في الحكم .. وبمرور الزمن ضاقت تلك الشريعة عن أن تواكب حركة التطور السريعة، فأستجدت الآن في الحياة الحديثة مفاهيم وأفكار جديدة إنطلقت من التطور في العلم المادي .. إذاً نحن في فترة حقيقة ونحتاج إلى دورة شريعة تعيد شمس الشريعة إلى كبد السماء، فتوجه البشرية التوجيه الروحي المطلوب بنفس القدر الذي كان يقوم به الأنبياء السابقون .. فإذا نهض عارف بالله قوي الحجة مستقيم السيرة فتصدى لهذا التحدي وأخرج من القرآن معالم الشريعة الجديدة، فليس للناس حجة في رفض هذه الدعوة لمجرد أنه ليس نبياً .. وإنما يجب أن ينظروا في قوة الاستدلال بالقرآن والسنة النبوية .. أن الدور الذي كان يقوم به النبي المرسل في الماضي لم يتوقف وإنما توقفت النبوة الممدودة بالوحي الملائكي لحكمة أن الناس يمكن أن يأخذوا المعرفة من القرآن .. هذا هو ما تدعوا إليه الفكرة الجمهورية، وهو بعث آيات الأصول المنسوخة لتكون هي هادية التشريع في وقتنا الحاضر ..
    قلنا أن الإسلام في أصوله أسس الدستور ودعا إلى إقرار مبادئ حقوق الإنسان، في حق الحياة وفي حرية الرأي.. قال تعالى: (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).. ولما كانت هذه المبادئ أكبر من الواقع نسخت واستعيض عنها بتشريع في مستوى الناس .. فإذا كان المجتمع الآن قد تطور عبر ألف وأربعمائة سنة على دورة الحقيقة، واستجدت أعراف جديدة منها مبادئ حقوق الإنسان نفسها التي إستهدفها الإسلام في بداية أمره، فهل يعقل أن تصد الدعوة الإسلامية الناس عن مقاصدها؟ أن المنطق المستقيم يقول: يجب علينا أن نرجع إلى الآيات المنسوخة ونبعثها لأنها هي مقصود الإنسان بالأصالة، فنتولى الدعوة إلى الدستور ومبادئ حقوق الإنسان نحن المسلمين قبل الآخرين.
    لقد تبني جميع قادة السلفيين في السودان، حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان في منتصف الستينات، وهم يرون حسب الشريعة السلفية أن الحزب الشيوعي يجب أن يحرم من حقه في الحرية لمخالفته الإسلام في الرأي.. فهم لم يعطوا أي قيمة لما توصل إليه الصراع الاجتماعي من إنجازات في مجال حقوق الإنسان، وهم بالطبع لا يعرفون شيئاً عن شريعة الأصول .. فأخرج د. حسن الترابي كتابه (أضواء على المشكلة الدستورية) يدافع فيه عن مصادرة حرية الحزب الشيوعي، فرد عليه الأستاذ محمود في كتاب (زعيم جبهة الميثاق الإسلامي في ميزان: 1/ الثقافة الغربية 2/ الإسلام )، نقتطف منه هذا الجزء الذي يدور حول الحقوق الأساسية تحت عنوان عقلية الدكتور الترابي:
    (ونحن لا نعتقد أن الدكتنور الترابي ذهب مذهبه في كتابه الغريب بفعل الرغبة أو الرهبة، بقدر ما ذهبه بفعل ضحالة الثقافة وسطحية التفكير .. يمد له في مذهبه كونه مفتوناً بثقافته القانونية أشد الفتون .. ومفتاح عقلية الدكتور ومفتاح ثقافته في هذا الباب يمكن أن يلتمس في فقرات كثيرات من كتابه هذا الغريب، ولكننا نرشح هنا لهذا الغرض قوله من صفحة 16: (وليس في متن الدستور ولا في مبادئ التفسير بالطبع ما يعول عليه للتفريق بين نص ونص على أساس أن هذا قابل للتعديل، والآخر غير قابل، ولا ما يسند الزعم بأن لفضل الحقوق الأساسية خاصية تميزه في هذا الصدد عن سائر الفصول، فكلها تستوى في قوة مفعولها، وأيما قانوني يقول بمجرد الأهمية النسبية في هذا الفصل أو ذاك في تقديره الشخصي، فإنما هو متكلف لا شاهد له من الدستور، ومغالط لا حجة له من القانون، ومعتبط يتجني على القانون .. ولو صحت المفاضلة القانونية بين فصول الدستور لكان فصل الحريات من أضعفها) .. هذا ما قاله د. الترابي في ذلك الموضع من كتابه، والتماس فتون الدكتور بثقافته القانونية في هذه الفقرة لا يعيي أحداً من القراء، ولذا فإنا سنمضي في تبيين ضحالة الثقافة وسطحية التفكير..ونبادر فنعيد إلى التفكير ما سبق أن قررناه في صدر هذا الباب من أن الدستور إنما هو لازمة من لوازم الحكم الديمقراطي، هو القانون الأساسي، وهو إنما سمي قانوناً أساسياً لأنه ينصص على هذه الحقوق الأساسية وإنما سميت الهيئة التي تضع الدستور جميعية تأسيسية لأنها تضع القانون الأساسي، وواضح أن الحقوق الأساسية إنما سميت حقوقاً أساسية لأنها تولد مع الإنسان.. الحياة والحرية، وهي حقوق لأنها لا تمنح ولا تسلب في شرعة العدل.. وهي أساسية لأنها كالغذاء وكالهواء والماء.. ويمكن إذاً أن يقال أن الدستور هو (حق حرية الرأي) وأن كل مواد الدستور الأخرى، بل وكل مواد القانون موجودة في هذا العبارة الموجزة كما توجد الشجرة في البذرة.. فإن النخلة بكل عروقها، وفروعها وساقها موجودة في (الحصاية) تراها عين العقل، فإذا وجدت (الحصاية) الظرف المناسب من التربة والماء خرجت منها النخلة بكل مقوماتها، وأصبحت ماثلة تراها عين الرأس أيضاً بعد أن كانت معدومة في حقها .. وكذلك الدستور، هو موجود بالجرثومة في الحق الأساسي (حق حرية الرأي) وما الجمعية التأسيسية إلا الظرف المناسب الذي يجعل شجرة الدستور، بفروعها وعروقها وساقها، تنطلق من تلك البذرة الصغيرة، كما إنطلقت النخلة من (الحصاية) .. هذا فهم للديمقراطية وللدستور وللحقوق الأساسية يفهمه كل مثقف استطاع أن ينفذ من قشور الثقافة الغربية إلى اللباب ولكن الدكتور الترابي وقف مع القشور حين ظن أن (ليس في متن الدستور ولا في مبادئ التفسير بالطبع ما يعول عليه في التفريق بين نص ونص على أساس أن هذا قابل للتعديل والآخر غير قابل) ولو كان الدكتور الترابي قد نفذ إلى لباب الثقافة الغربية لعلم أن المادة 5-2 من دستور السودان المؤقت (56 المعدل 64) غير قابلة للتعديل، وهذه المادة تقول: (لجميع الأشخاص الحق في حرية التعبير عن آرائهم والحق في تأليف الجمعيات والاتحادات في حدود القانون) وهي غير قابلة للتعديل لأنها هي جرثومة الدستور، التي إنما يكون عليها التفريع.. وهي الدستور، فإذا عدلت تعديلاً يمكن من قيام تشريعات تصادر حرية التعبير عن الرأي فإن الدستور قد تقوض تقوضاً تاماً .. ولا يستقيم بعد ذلك الحديث عن الحكم الديمقراطي إلا على أساس الديمقراطية المزيفة.. وهو ما يبدو أن الدكتور الترابي قد تورط في تضليلها..
    المادة 5- 2 هي دستور السودان المؤقت، وهي دستور السودان المستديم، وهي دستور كل حكم ديمقراطي حيث وجد هذا الحكم الديمقراطي، وعمل الجمعية التأسيسية في وضع الدستور إنما هو تفريع عليها ليجعل تحقيقها أكمل وأتم..
    وهناك قولة قالها الدكتور هي أحدى الكبر في شرعة العقل المفكر والثقافة الصحيحة وتلك هي قوله: (ولو صحت المفاضلة القانونية بين فصول الدستور لكان فصل الحريات من أضعفها لأنه يخضع للتشريع) فعبارة (لأنه يخضع للتشريع) تدل دلالة قوية على أن الدكتور يجهل أموراً ما ينبغي أن تجهل في أمر الحرية وفي أمر التشريع.. وأول هذه الأمور أن الحرية لا تضار بالتشريع، وإنما تزدهر بالتشريع، اللهم إلا إن كان هذا التشريع يقوم على نزوات الحكم المطلق، الذي يسمي نفسه ديمقراطياً زوراً وبهتاناً.. وهذا ما يبدو أن الدكتور يعنيه.. وهذه أحدى مشاكل تفكير الدكتور الترابي، وعبارة (في حدود القانون) التي وردت في عجز المادة 5-2 هي روح المادة، لأن القانون هو الذي يعطي الحرية معناها، ويميزها عن الفوضى.. فالتشريع صديق الحرية وليس عدوها، وكل تشريع غير ذلك لا يسمي تشريعاً، إلا من قبل تضليل الناس.. فالتشريع في النظام الديمقراطي طرف من الدستور وهذا هو المعني بدستورية القوانين... فكل تشريع يعارض الحرية ليس تشريعاً دستورياً..) ... أنتهي.
    نواصل الآن ما جاء في (ديباجة الدستور) حول قصة خلق الإنسان في القرآن الكريم:
    لقد بدأنا هذا البحث بالحديث عن الديمقراطية .. و لقد جاء الحديث عن الديمقراطية ، بعد الآية العظيمة ، التي صدرنا بها حديثنا هذا ، بدون آيّ مقدمة ، حتى اني لأظن ان بعض الناس قد يستغرب هذا الأمر .. قلنا ان الديمقراطية إنما هي حكم الشعب ، بواسطة الشعب ، لمصلحة الشعب .. و هذا الحكم إنما هو الحكم الباقي.. و هو حكم لم يجد تطبيقه ، إلى اليوم ، و لن يجده إلا في الإسلام .. و إنما من اجل تحقيق هذا الحكم العظيم ، في واقع الناس ، كتبنا هذا الاستقراء لنشأة الحياة ، و نشأة المجتمع ، و مجيء الأديان ، و تعاقبها ، حتى جاء دين التوحيد ، في المصحف الشريف ، الذي رسم خطة العودة إلى الله ، في إطلاقه .. في الإسلام الديمقراطية هي حق الخطأ.. و حق الخطأ هو كمال النشأة البشرية ، علي النشأة الملائكية .. و قد وردت الإشارة إلى ذلك ، و قيل ، وقتها : ان حق الخطأ يمكن الإنسان من ان يكون عالما ، و حرا ، في نفس الأمر .. و الحرية وسيلة الحياة .. و العلم وسيلة الحرية .. و الحياة وحدها هي الغاية في ذاتها ، فأكرم بالحرية من وسيلة ، هي طرف ، من اعظم غاية ــ الحياة ــ و لقد كرم النبي الكريم حق الخطأ ، اعظم تكريم ، حين قال ( ان لم تخطئوا و تستغفروا فسيات الله بقوم يخطئون و يستغفرون فيغفر لهم )).. و ذلك لمكان الحرية ، في الخطأ ، و الصواب .. و لمعزة الحرية ، عند الله ، قال تعالي لنبيه الكريم ( و قل: الحق من ربكم ، فمن شاء ، فليؤمن ، و من شاء فليكفر .. انا اعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها ، و ان يستغيثوا ، يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه ، بئس الشراب ، و ساءت مرتفقا ..))هذه هي الحرية ، و هذا هو ثمنها ــ المسئولية .. و الحرية ، في الإسلام ، مطلقة ، لأنها إنما تتضوع من المطلق .. الحرية ، في الإسلام ، هي العبودية لله ( و ما خلقت الجن ، و الإنس ، إلا ليعبدوني )) و يقول ( ان كل من في السموات ، و الأرض ، إلا آتي الرحمن عبدا * لقد أحصاهم ، و عدهم عدا * و كلهم آتيه، يوم القيامة ، فردا )) و العبودية هي ان تنعتق من رقك للعناصر .. من رقك للأحياء ، و الأشياء ــ ان تنعتق حتى من سيطرة الزمان ، و المكان عليك ، لتكون عبدا ، خالصا لله ، لا يشاركه في رقك شيء ، علي الإطلاق .. و من ثم قلنا : ان الحرية ، في الإسلام ، مطلقة ، و هي لا تقيد إلا بمقدرة الحر علي القيام بحسن التصرف فيها ..

    40) ان الفرد البشري ، حين قيد نفسه بقيود أعراف المجتمع ــ طائعا أو مكرها ــ إنما من اجل الحرية قيدها .. كأنه تنازل عن بعض حريته ليستمتع بباقيها ، بفضل العيش في المجتمع ، و الانتفاع بالأمن ، و الحب ، و الدفء ، الذي يوفره له المجتمع .. الديمقراطية هي نظام الحكم ، في وقتنا الحاضر ، الذي يجب ان يوفر للفرد البشري كل الحرية التي تمكنه من ان يحقق فرديته ، التي ينماز بها ، عن أفراد القطيع .. و هذه لا تتحقق بمجرد الحرية في الجماعة التي يقوم الحكم الديمقراطي علي توفيرها ، و إنما تتحقق ، بها ، و بالمنهاج التعبدي والتعاملى ، و التعامل الذي يسوق الفرد ، سوقا فرديا ، في طريق الرجعي ، إلى الله ، تبارك ، و تعالي ، حيث صدرنا ، أول الأمر ، في طريق الاغتراب .. (( لقد خلقنا الإنسان ، في أحسن تقويم * ثم رددناه، أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا ، و عملوا الصالحات ، فلهم اجر غير ممنون ..)) .. (( فلهم اجر غير ممنون )) يعني ان حبل العودة لهم من (( أسفل سافلين )) إلى (( أحسن تقويم )) موصول، غير مقطوع .. ذلك هو الإيمان ، و عمل الصالحات ــ منهاج العبادة ، و المعاملة .. و لقد قلنا : أننا إنما هبطنا من (( أحسن تقويم )) إلى (( أسفل سافلين )) بالمعصية فنحن ، إذن ، لا نعود إلى (( أحسن تقويم)) إلا بالطاعة ــ هذا هو قانون المعاوضة ــ
    لقد قلنا ، عند حديثنا عن الفطرة ، ان الله فطر الناس علي الحياة الكاملة ، و قلنا ان الحياة الكاملة عالمة ، و هي ، من ثم ، طائعة لله ، لا تعصيه ــ مسلمة له .. و نقول ان معني الإسلام : الاستسلام ــ الطاعة .. قال تعالي ، لأمة المؤمنين ( يا آيها الذين آمنوا !! اتقوا الله ، حق تقاته ، و لا تموتن إلا و انتم مسلمون )) ، أي مستسلمون ، طائعون .. و لقد سبقت الإشارة إلى انه علي الأمر التكويني تقوم حكمة الخلق ، و انه ليس ، في الأمر التكويني ، معصية ، فليس ثمة إلا الطاعة ، و إنما المعصية في الأمر التشريعي ، و لاشتمال الأمر التكويني ، علي الأمر التشريعي ، فليس هناك معصية ، في الحقيقة ، و إنما المعصية في الشريعة لحكمة التعليم .. فلكأن الفطرة التي فطر الله الناس عليها إنما هي الطاعة .. و هو ، تبارك و تعالي ، يقول ، في ذلك ( تسبح له السموات السبع ، و الأرض ، و من فيهن .. و ان من شيء إلا يسبح بحمده ، و لكن لا تفقهون تسبيحهم ، انه كان حليما غفورا ..)) و لكن لا عبرة بتسبيح غير العقلاء ، عند الله ، و إنما العبرة ، كل العبرة ، بتسبيح ــ قل بطاعة ــ العقول ، و لذلك فانه ، تبارك و تعالي ، يقول (( و من أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله ، و هو محسن ، و اتبع ملة إبراهيم حنيفا ، و اتخذ الله إبراهيم خليلا ؟؟ )) و يقول (( و من يسلم وجهه إلى الله ، و هو محسن ، فقد استمسك بالعروة الوثقي ، و إلى الله عاقبة الامور..)) و روح هاتين الآيتين في قوله ( و هو محسن )) يعني يسلم وجهه لله ، و هو عاقل ، و مدرك ، و مختار لهذا الإسلام ــ هو عالم ، و حر ، في ذلك التسليم .. و في موضع آخر يقول تبارك و تعالي ، ( لا إكراه في الدين ، قد تبين الرشد ، من الغي ، فمن يكفر بالطاغوت ، و يؤمن بالله ، فقد استمسك بالعروة الوثقي ، لا انفصام لها ، و الله سميع ، عليم )).. و العروة الوثقي هي القرآن .. قاعدته شريعة ، و قمته حقيقة .. و هو ، بين الشريعة ، و الحقيقة ، موصل إلى الله ، و لذلك قال ( و إلى الله عاقبة الأمور )).. العروة الوثقي هي طرف الحبل الممدود بين الله ، و الناس ، من استمسك به سار إلى الله ..
    41) لقد تحدثنا عن التعليم ، و قلنا : انه ، في جميع المجتمعات ، قد كان محاولة لإعطاء الحي مقدرة علي المؤاءمة بين حياته و بين بيئته .. و قلنا ان المشكلة إنما هي البيئة !! ما هي ؟؟ و لقد فهمناها فهما خاطئا .. و لقد ظل هذا الفهم الخاطئ يلازمنا إلى اليوم ، و إليه ترجع مشاكل المجتمع البشري برمتها و أخطاء تعليمه ، بصورة خاصة .. و لقد قلنا ان العلم المادي التجريبي قد كشف لنا ، بانفلاق الذرة ، ان المادة ، بالصورة التي تألفها حواسنا ، و تعرفها عقولنا ، ليست هناك ، و إنما هي ، لدي التحليل الأخير ، طاقة ، تدفع و تجذب ، في الفضاء .. هذه الطاقة معروفة الخصائص ، مجهولة الكنه ، و ليس في طوق العلم المادي ان يعرف كنهها ، لا الآن ، و لا في المستقبل ، بل انه لا يدعي لنفسه هذه الإمكانية ، بل انه يقرر أنها خارج نطاقه .. هو يقف ههنا و يسلمنا إلى العلم الروحي ــ تؤامه الأكبر ــ ليسير بنا ، أمامه ، في رحاب الوادي المقدس .. هذا هو موقف العلم المادي التجريبي ، بعد ان قطع مراحل التطور البدائية ، من التعدد ، إلى ان وصل إلى الوحدة .. فما هو موقف العلم الروحي التجريبي ، بعد ان قطع مراحل التطور البدائية ، من التعدديات ، إلى ان وصل إلى الوحدة ؟؟ (( كان الله و لا شيء معه .. و هو الآن ، علي ما عليه كان .. )) هذا حديث نبوي شريف .. و في حديث قدسي قال تعالي : (( كنت كنزا مخفيا ، فأحببت ان أعرف ، فخلقت الخلق ، فتعرفت إليهم ، فبي عرفوني .. )) و أصحابنا الصوفية يقولون : (( مافي الكون إلا الله ــ ذاته ، و أسماؤه ، و صفاته ، و أفعاله .. )) .. و أسماء الله ، و صفاته ، و أفعاله ، إنما هي تنزلات من ذاته .. و هي لدي التناهي ، ذاته.. فرجع الأمر إلى صاحب الأمر .. (( ألا له الخلق و الأمر)) .. (( كنت كنزا مخفيا )) ، ذاتا ، صرفا ، مطلقا ، فوق العبارة ، و فوق الإشارة ــ فوق الأسماء و الصفات .. (( فأحببت ان أعرف فخلقت الخلق )).. و لقد كانت أول حركة في الخلق تنزل الذات من الصرافة ــ من الإطلاق إلى القيد ــ إلى مرتبة الاسم، (( الله )) .. و هذه مرتبة الإنسان .. و هي مرتبة (( أحسن تقويم )) التي جاءت الإشارة إليها في قوله ، تبارك ، و تعالي : (( و لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم )) .. و لقد خلق الله بالإنسان الأكوان .. فجاء الفتق : (( ثم رددناه أسفل سافلين )) .. (( و أسفل سافلين )) هي أدني ، و أوهن ، صورة التجسيد ، و هي ذرة بخار الماء ــ ذرة غاز الهيدروجين ، و هي في مركز الأرض .. لقد كان الفتق من أعلي عليين إلى أسفل سافلين ــ من ألطف اللطائف ، إلى أكثف الكثائف ، فظهر بذلك النقيضان ، و تحرك بندول الإنسان ، في طريق الرجعي ، من (( أسفل سافلين )) إلى (( أحسن تقويم )) .. و لقد قلنا تحرك بندول الإنسان لأنه ، ما في الكون الحادث ، إلا الإنسان .. ان الاختلاف بين (( أحسن تقويم )) و ((أسفل سافلين )) ليس اختلاف نوع ، و إنما هو اختلاف مقدار .. التوحيد يمنع اختلاف النوع ان يدخل في المملكة ، فلم يبق إلا اختلاف المقدار .. و عن البندول يقول تبارك ، و تعالي : (( الله الذي خلق سبع سماوات ، و من الأرض مثلهن ، ينزل الأمر بينهن ، لتعلموا ان الله علي كل شئ قدير ، و ان الله قد أحاط بكل شئ علما .. )) فالنقيضان هنا هما السموات السبع ، و الارضين السبع ، و البندول الذي يتحرك بين النقيضين ــ بين اللطيف ، و الكثيف ، هو الأمر ــ (( يتنزل الأمر بينهن )) .. و الأمر هو روح الله المنفوخ في الإنسان .. الأمر هو روح الإنسان .. الأمر هو الإنسان حين تتزاوج نفسه مع روحه هذه ــ حين تتم وحدة بنيته .. قال تعالي عن عيسى بن مريم : (( قال : كذلك !! قال ربك : هو علي هين ، و لنجعله آية للناس ، و رحمة منا .. و كان أمرا مقضيا !!))

    42)الإنسان ، من حيث الحجم ، لا يذكر ، إذا ذكرت الأكوان ، و لكنه من حيث القيمة لا يذكر معه شئ ، لأنه هو سيد الأكوان .. خلق الله الإنسان بذاته من ذاته ، و خلق الله بالإنسان الأكوان .. نفخ الله روحه في الإنسان ، و نفخ روح الإنسان في الأكوان .. و قال الله ، تبارك و تعالي ،(( خلقت الإنسان لي و خلقت الأكوان للإنسان .. و قال تعالي ( ما وسعني ارضي ، و لا سمائي ، و إنما وسعني قلب عبدي المؤمن)) .. لقد خلق الله كل شئ بالفتق ــ فتق النقيض من النقيض ــ فجاءت المثاني .. قال تعالي ( و من كل شئ خلقنا زوجين ، لعلكم تذكرون .. )) ثم حرك بندول فكر الإنسان بين النقيضين ليتعلم ، فهو يفهم الضد ، بالضد ــ يفهم الخير ، بالشر .. و قال تعالي : (( سبحان الذي خلق الأزواج كلها ، مما تنبت الأرض ، و من أنفسهم ، و مما لا يعلمون..)) .. و أعلي الأزواج الذات المطلقة و الذات المقيدة ــ حيث قيدت الذات المطلقة نفسها ، بمحض الفضل ، في مقام الاسم ــ الله ــ الإنسان ــ الذات المحمدية ، التي هي أول قابل لتجليات الذات المطلقة .. فتنزل الذات الصرفة المطلقة لمقام الاسم ــ الله ــ هو أول الحركة ــ أول الفتق ــ أول الزمن ــ و ان كان زمنا يكاد يلحق بالمطلق .. ثم جاء الفتق الثاني من روح الإنسان إلى نفس الإنسان ــ من (( أحسن تقويم )) إلى (( أسفل سافلين )) .. ثم جاءت الفتوق كلها ، ذلك بان كل زوجين إنما هما مفتوقان من بعضهما ، لتقوم الضدية ، و تحدث حركة فكر الإنسان ، بين الضدين ، فيحصل العلم ، (( و من كل شئ خلقنا زوجين ، لعلكم تذكرون .. )) قال ، تبارك ، و تعالي ، : (( يأيها الناس !! اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ، و خلق منها زوجها ، و بث منهما رجالا كثيرا ، و نساء ، و اتقوا الله الذي تساءلون به ، و الأرحام ، ان الله كان عليكم رقيبا!! )) .. فالنفس الواحدة ههنا هي نفسه ، تبارك ، و تعالي ، في المكان الأول ، ثم نفس آدم ــ الإنسان ــ في المكان الثاني .. و زوج آدم المخلوقة منه هي حواء ، و عنها جاءت الإشارة في آية ((يس )) بقوله (( و من أنفسهم )) .. و زوج الذات المطلقة ، المخلوقة منها ، هو آدم ، و عنه جاءت الإشارة في آية (( يس )) بقوله : (( و مما لا يعلمون)).. و من لقاء حواء بزوجها آدم جاء الاستمتاع الجنسي ، في علاقة زواج الحقيقة ، و الشريعة ، و جاءت المعارف ، و جاءت الذرية ، من رجال و نساء .. و من لقاء آدم بزوجه الذات الصرفة جاءت العبودية ، و جاءت المعارف .. و من المعارف رجال ، و نساء ــ معارف فكر ، و معارف شعور .. سبحان الذي خلق الأزواج كلها ، مما تنبت الأرض ، و من أنفسهم ، و مما لا يعلمون !!)) و داخل الفتق الثاني ــ من روح الإنسان ، إلى نفس الإنسان ــ تقع كل العوالم ، ما نري منها، و ما لا نري ، و ما نعرف منها ، و ما لا نعرف .. كل العوالم في الإنسان مطوية ، و لقد قال أحد العارفين في ذلك :

    و تزعـــم انك جـــــــرم صغيــــر **** و فيـــــك انطـــــوي العـــالم الأكبـــــر؟؟
    و هذا هو المعني الذي أشرنا إليه ، عندما قلنا : ان الله تبارك ، و تعالي ، قد خلق الإنسان بذاته ، ثم خلق بالإنسان الاكوان.

    43)و عن فتق الأكوان قال تعالي : (( أو لم ير الذين كفروا : ان السموات ، و الأرض ، كانتا رتقا ، ففتقناهما ، و جعلنا من الماء كل شئ حي ؟؟ أفلا يؤمنون ؟؟ )) و لكن هل رأى الذين كفروا : (( ان السموات ، و الأرض ، كانتا رتقا ؟؟ )) نعم !! و لا !! و إلا لما جاز السؤال !! ، رأوا ، لأنهم كانوا في جرم الإنسان .. و بالإنسان خلقت السموات ، و الأرض ، مرتتقة .. و بالإنسان فتقت.. و هم قد كانوا هناك !! و لم يروا ، عندما برزوا ، من جرم الإنسان ، إلى أجرامهم الخاصة بهم ، و التي وقع عليها التكليف الشرعي بالأيمان .. فالحقيقة دائما بين بين ، لا هي في النقيض الأيمن ، و لا هي في النقيض الأيسر ، و إنما هي بينهما ، و يمر عليها البندول ، و هو في حركته يمنة و يسرة ..
    بانفتاق السحابة التي كانت مرتتقة برز الكون ، باجرامه التي لا تحصي .. و الكون كونان ،انفتق أحدهما من الآخر ، وفق السنة الإلهية في خلق الزوجين .. الكون الخارجي ، و الكون الداخلي .. الكون الخارجي هو كون الشموس ، و المجرات ــ كون الشموس الثابتة .. و هي لم تسم (( الثابتة)) لأنها غير متحركة ، فما في الكون الحادث إلا متحرك ، و إنما سميت (( الثابتة )) لأنها محفوظة النسب ، في مواقعها ، رغم حركتها الدائبة ، حول نفسها ، و حول و نحو مركز ، هو نفسه ، متحرك ، يطلب من لا تصح في حقه ، الحركة ، و لا السكون : (( و إن من شئ إلا يسبح بحمده ، و لكن لا تفقهون تسبيحهم !!)) .. و الكون الداخلي هو كون المجموعة الشمسية ــ و هو جيب صغير جدا ، داخل الكون الخارجي .. و لقد كان الكون الخارجي سحابة مرتتقة ، فانفتقت ، فبرزت ، من تلك السحابة ، النجوم ، و الشموس ، و المجرات .. و لقد كان الكون الداخلي سحابة مرتتقة ، فانفتقت ، فبرزت من تلك السحابة شمسنا المعروفة ، و بناتها ، الكواكب السيارة التسعة ــ الأرض ، و الزهرة ، و عطارد ، و المريخ ، و المشتري ، و زحل ، و يورينص ، و نبتون ، و بلوتو .. ومن الناحية المادية فان مركز الكون الداخلي الشمس .. و لكن ، من الناحية الروحية ، فان مركزه الأرض ، لأن الأرض هي موطن الإنسان .. و الإنسان سيد الأكوان .. و كان القدامى ، السذج ، البسطاء ، الطيبون ، يظنون هذا الظن .. فلما تقدم العلم المادي ، و جاء الفلكيون ، المحدثون ، اكتشفوا ان مركز الكون الداخلي ، إنما هو الشمس ، و ما الأرض إلا كوكب سيار ، لا نور له من ذاته ، و إنما هو يستمد نوره من الشمس .. و هذا صحيح ، في المرحلة .. و عندما يجئ الوقت المعلوم .. عندما تتحد المادة و الروح .. فستظهر الأرض الكبرى، من الشمس ، و بناتها ، و منها ، و أهمها ،الأرض .. و يومها تنطفئ الشمس ، و تبرد ، و تنشأ فيها الحياة الأخري .. و تصبح هذه الأرض الكبري هي الكون الداخلي ، و حولها يدور الكون الخارجي ، و الجميع يدور حول المطلق ، حيث لا حول ، يومها يتحقق حلم القدامى السذج ، البسطاء ، الطيبين ، الذين ضحك ، من سذاجتهم ، الفلكيون ، الماديون ، المتحذلقون ، اليوم .. يومها يصبح مركز الكون الداخلي، و الكون الخارجي ، مركز الأرض الجديدة ، الأرض الكبري ــ يصبح المركز المادي ، و الروحي ، واحدا ، لأن المادة ، و الروح ، قد زوجتا ، فبرزت الوحدة ..
                  

04-18-2008, 03:19 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    كيف يحتفل الجمهوريون بشهر رمضان المعظم ؟؟
    د. محمد محمد الأمين عبد الرازق

    لقد سجن الأستاذ محمود محمد طه مرتين في عام 1946م: الأولى بسبب إصداره منشوراً سياسياً ، ضد الإنجليز ، والثانية بسبب ثورة رفاعة ضد قانون منع الخفاض الفرعوني.
    كان الأستاذ محمود يتخذ من فترة السجن خلوة للعبادة ، الصلاة والصوم .. وكان يصوم صيام المواصلة ، النهار والليل لمدة سبعة أيام متتالية فاعتبره المراقبون للأحداث مضرباً عن الطعام ، ونشرت الصحف متابعة لأيام الصيام المتتالية .. ففي الرأي العام 24/10/1946م جاء في كلمة تحت عنوان (خواطر) ما يلي: (شاءت الحكومة أن تضع الأستاذ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري ، في الدرجة الثالثة بالسجن حيث يلقى المعاملة التي يعامل بها حثالة المجرمين من أحقر طبقات المجتمع .. وكان أن صام الأستاذ محمود ، وأضرب عن تناول الطعام ، والشراب منذ أربعة أيام ، احتجاجاً على هذه المعاملة القاسية) .. وفي نفس العدد: (بهذا اليوم أتم الأستاذ محمود رئيس الحزب الجمهوري السجين ستة أيام من صيامه .. وقد أغلقت أمس أندية الخريجين في مدني ، والأندية الرياضية ، احتجاجاً على سوء معاملته .. وتتوالى برقيات الحزب الجمهوري والمواطنين على السلطات بالاحتجاج) ..
    هذا وقد صححت أسرة الأستاذ محمود الخبر بأن الأستاذ صائم وليس مضرباً عن الطعام عبر الخطاب الآتي: (حضرة رئيس تحرير الرأي العام .. بالإشارة إلى الخبر المنشور في صحيفتكم عن إضراب رئيس الحزب الجمهوري عن الطعام ، أعرفكم أن الأستاذ محمود كان صائماً في اليوم الذي اعتقل فيه ، و ليس مضرباً ، وأنه قد افطر ليلاً .. وقد قابلت ضابط السجن بوصفي خالاً للمعتقل في يوم وصوله ، وسمح لي بتقديم الطعام إليه في كل يوم ، ومن هذا يتضح أن الأستاذ لم يكن مضرباً عن الطعام كما نشر ، وختاماً تقبلوا سلامنا .. الرأي العام 5/11/1946م) .. وفي لقاء لطلاب معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم ، مع الأستاذ محمود بمنزله قال في الرد على سؤال حول ذلك السجن: (بدأ السجن في مدني .. ويلاحظ برضو أنو المحكمة كانت زي سجنتني في الدرجة الثالثة ، ما ذكرت معاملة خاصة .. في مدة الاحتجاز قبل السجن كنت أعامل كسجين درجة ثانية ، لكن المحكمة ما ذكرت التمييز دا فكان الاتجاه انو أكون سجين درجة ثالثة .. بدأت بطبيعة الحال بنفس الأسلوب بتاعي اللي هو الصيام الصمدي ، فكان سبعة أيام ما في أكل ولا شراب لا بالليل ولا بالنهار .. وكانوا يجيبوا الأكل بتاعهم يختوهو وبعدين يشيلوهو ، ويجيبوا الوجبة البعده ، والأخوان من بره يتكلموا عن الإضراب عن الطعام لسوء المعاملة .. هم الأخوان الجمهوريون عارفين أنو صيام .. بدت الحركة الثانية بالصورة دي ، بعد السبعة يوم في اليوم الثامن عدلوا السجن إلى الدرجة الثانية .. سجن مدني ما فيه مكان لمساجين الدرجة الثانية .. استمريت زي ثلاثة شهور في سجن مدني .. فتقرر في الآخر أني أجي كوبر) ..
    تلك كانت تجربة الأستاذ محمود في الصيام الصمدي .. والصيام الصمدي معروف في السنة النبوية ، فقد كان النبي الكريم عليه أفضل السلام وأتم التسليم يصومه .. وعندما حاول الأصحاب أن يقلدوه فيه منعهم فقالوا: إنا نراك تواصل يا رسول الله .. قال: إني لست كأحدكم فإني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني .. وبالطبع لا يطعمه خبزاً ولا يسقيه لبناً ، وإنما هي أنوار اليقين بالله ، فالحياة في الأساس ممدودة روحياً من الله.
    إن جميع العبادات ما هي إلا وسائل لإصلاح النفوس ، ولكننا في الوقت الحاضر أفسدنا تلك الوسائل ، بإساءة ممارسة تطبيقها .. فالصلاة التي هي أشرف وابرك عمل العبد ، أصبحنا نصليها بالعادة ، ونعاملها كمظهر اجتماعي ، فجردناها من روحها وجوهرها ، وهو الحضور ومن ثم حرمنا من ثمرتها وبركتها.. نحن نركز على مكبرات الصوت من غير ترشيد ، ونظن أن مجرد نشر حركات الصلاة عبر الميكروفونات عمل جيد ولا ننتبه إلى المضايقة التي يمكن أن تحدث للمرضى والأطفال والمرهقين من المواطنين الذين تضطرهم ظروف عملهم إلى أن يرتاحوا في أوقات معينة وقد قال تعالى: (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً).. إن تفاصيل صلاة المصلين تخصهم هم ، ولا شأن لجيران المسجد بها ، فيجب أن تكون تلك التفاصيل محصورة داخل المسجد فقط ، ونكتفي بإعلان الآذان فقط عبر الميكروفون .. ويلاحظ أن بعض المساجد تبث عبر المكبرات المحاضرات والأحاديث التي يستمعون إليها داخل المسجد فيجعلون الاستماع إليها من الجيران إجبارياً .. نحن نظن أن تلك الصلوات عندما تؤدى وتعلن على الملأ إنما هي مسجلة تقرأ علينا يوم الحساب وتوضع في ميزان الحسنات .. ولكن الفهم الصحيح هو أن هذه الصلاة إنما هي وسيلة إصلاح للنفس اليوم في المقام الأول ويجيء تمام الأجر يوم الحساب فإذا أنت أضعت القيم التي ترمي إليها الصلاة في حسن معاملة الناس فلن تجدها مسجلة في أي مكان آخر ، لأنها لم تنجز المهمة التي شرعت من أجلها .. فالدين المعاملة .. ألم يقل النبي الكريم: (رب مصل لم يقم الصلاة) وأكثر من ذلك: (رب مصل لم تزده صلاته من الله إلا بعداً) وفي الصوم (رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش) .. ولتأكيد أن القيم التي تستخدمها العبادات كغاية أهم من العبادة نفسها ، جاء في الحديث (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) ..
    لقد كان الأستاذ محمود محمد طه يحرص على تحقيق أقصى درجة من الفائدة الروحية التي يرمي إليها الصوم .. وكان تلاميذه يجتمعون أمام منزله في إفطار جماعي لا يختلف في مكوناته عن الأيام العادية .. ثم تقام جلسات الذكر والفكر حول فهم العبادات بصورة تجعلها مؤثرة على سلوك الأفراد ، ودافعة لترقيهم الروحي إلى الأمام .. ويوجه الذين لديهم أعذار تمنعهم الصوم ، بأن يتوقفوا عن الطعام الذي تندفع إليه نفوسهم اندفاعاً شهواتنا ، فإن في ذلك شيء من أهداف الصوم ، فالصوم هو الاستعانة بترك شهوتي البطن والفرج على دواعي الجبلة البشرية إلى الغفلة ، وهو يهدف إلى تقوية العقل ليتمكن من قيادة النفس وتوجيهها .. وأثر الصوم في إضعاف سيطرة النفس السفلي أظهر من العبادات الأخرى ولذلك جاء الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) ..

    الصوم توأم الصلاة:
    قال تعالى: (يأيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر ، والصلاة !! إن الله مع الصابرين) وقال النبي الكريم (الصوم ضياء والصلاة نور) .. والصبر في الآية هنا يعني "الصوم" لأن الصوم رياضة تطالب بالصبر عن دواعي الجبلة ، وعن الغفلة ، والانحراف .. وغرضها تقوية الفكر .. والصبر فضيلة في السالك ، يحتاج إليها في جميع مقامات العبادة ، وليست في صفة العباد صفة تعادلها .. ولذلك فإنه قد قال: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) كل عامل في الطاعات أجره بحساب ، إلا الصابر فإن أجره بغير حساب .. فالصوم ليس هو الإمساك عن شهوتي البطن والفرج ، وإنما الصوم التزام بمحاربة العادات ، وانتصار للفكر ، بدوام الحضور .. حتى يصبح الصائم حاضراً مع الله ، ومتخلياً عن كل ما سوى الله .. وبارتقاء درجات الصائم ، ترتقي درجات المصلي ، حتى أن السالك في هذا المستوى ، بالصوم ، والصلاة ، ليبلغ مقام من قال سبحانه وتعالى عنه: (الذين آمنوا ، ولم يلبسوا إيمانهم بظلم!! أولئك لهم الأمن ، وهم مهتدون) .. والظلم هنا إنما يعني الشرك الخفي الذي عنه قال المعصوم (إنه ليدق حتى يصبح أخفى من دبيب النملة السوداء في الصخرة الصماء ، في الليلة الظلماء) .. إن الصلاة وسيلة إلى هذه المقامات ، يعينها ، في حسن التوسل إليها ، صنوها الصوم .. وهذا معنى قوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين) .. قوله: (استعينوا) ، يعني استعينوا على دواعي "الجبلة" إلى "الغفلة" حتى تخرجوا من الغفلة إلى نور الحضرة " العلم" ..
    والحديث (الصوم ضياء والصلاة نور) يوضح العلاقة بين الصوم والصلاة ، كما أنه يوضح قيمة الصوم والصلاة للسالك .. والفرق بين النور والضياء محكي في قوله تعالى: (هو الذي جعل الشمس (ضياء) والقمر (نوراً) وقدره منازل ، لتعلموا عدد السنين ، والحساب .. وما خلق الله ذلك إلا بالحق .. يفصل الآيات لقوم يعلمون) فالضياء (النور) الأصيل ، والنور (النور) المعار .. فالجرم "المضيء" "نوره" منه كالشمس ، والجرم "المنور" نوره مستمد من غيره كالقمر .. وعندهم أن الأرض والشمس والقمر من آيات الآفاق ، تمثل الثالوث المودع في البنية البشرية ، من آيات النفوس .. والله تبارك وتعالى يقول: (سنريهم آياتنا ، في الآفاق ، وفي أنفسهم ، حتى يتبين لهم أنه الحق .. أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ؟؟) ..
    فالشمس ، من آيات الآفاق ، في مقابلة "القلب" من آيات النفوس .. والقمر ، من آيات الآفاق ، في مقابلة "العقل" ، من آيات النفوس .. والأرض من آيات الآفاق ، في مقابلة "الجسد" من آيات النفوس .. ومعنى الحديث أن الصيام إنما هو حظ الروح ، فهو يشحذ الذكاء ، ويعطيه نفاذاً ، ومضياً .. وملوم أن "البطنة" تنيم "الفطنة" .. والصيام إنما يشحذ الذكاء ، لأنه يؤثر على الدم فينقيه ، ويقلله ، ويحد بذلك من طيش ، واندفاعات ، الشهوة .. وقد جاء في حديث المعصوم (إن الشيطان يجري من أحدكم مجرى الدم ، فضيقوا مجاريه بالصوم ..) فإذا ما شحذ الصوم ذكاء "روح" العابد ، ثم إن هذا العابد أقبل على الصلاة ، فإن عقله يكتسب ، نوراً بتعرضه لضياء "الروح" في أوضاع صلاته المختلفة ، كما يكتسب القمر النور من ضياء الشمس ، وهو ينزل منازله المختلفة .. والقمر ينزل أربعة عشر منزلاً يصير ، في نهايتها ، بدراً كاملاً .. سبعة لينتصف فيها بالنور وسبعة أخرى ليصير فيها بدراً كاملاً .. يحكي في الحجم جرم الشمس ، حتى لكأنه قد عكس بنوره جميع ضيائها .. هذا فيما يرى الرائي .. والصلاة ، في كل ركعة ، فيها سبعة حركات ، تمثل منازل القمر السبعة .. فأنت إذا كنت سالكاً مجوداً ، وصليت ركعتين ، وفكرك حاضر في صلاتك ، فيجب أن تعلم أن كل حركة ، من حركاته الأربع عشرة تختلف عن الحركة التي سبقتها ، وإن كانت تشبهها ، وما ذاك إلا لأنها بمثابة منزل جديد ، ينزله قمر "شريعتك" من شمس "حقيقتك" .. فإذا ما أنت أكملت الركعتين ، فلكأنما قد أكملت بدرك ، لكأنما قد استضاءت صفحة عقلك بنور المعرفة المنبثقة من ضياء روحك ، فتوازي العقل ، والقلب ..

    آداب الصوم:
    وإذا كانت الصلاة والصيام وسيلة إلى تهذيب النفوس وتنويرها – وسيلة إلى صفاء العقل ، وسلامة القلب – فيحسن أن نقف عند الصوم في شهر الصوم هذا ، حتى نستفيد منه ، حتى نحسن التوسل به إلى رياضة نفوسنا ، ومعرفته ، ومن عرف نفسه فقد عرف ربه كما جاء في الحديث الشريف .. وللصيام الصحيح آداب منها: أن نحب وقت الصيام ، وأن نستقبل شهره الكريم بالاستعداد ، والتوبة والتشمير ، وأن تدخل في صومك بنية ، وأن تكون النية متنقلة ، فلا يكن صيام عن الأكل والشراب فحسب ، ولكن فليكن صيامك استعانة بترك الأكل ، والشراب ، على يقظة الشعور ، وشحذ الفكر لتقوم بالمراقبة على جميع حركاتك ، وسكناتك في اليوم .. فليكن صومك فطماً لنفسك عن الرغبة في كل ما سوى الله .. ومن آداب الصوم أن تعجل بالفطور ولا تعجل نفسك عن الأخذ بحاجتها منه فأقبل على الفطور إذاً ، وخذ حاجتك منه ، في غير إسراف ، قبل أن تنهض لصلاة المغرب .. فأنت إنما تفعل ذلك حتى تقبل نفسك على الصلاة وهي في جمعية لا تتلفت إلى الطعام والشراب .. قال المعصوم: (إذا قدم العشاء فابدءوا به قبل أن تصلوا المغرب ، ولا تعجلوا عن عشائكم) ومن قلة الفقه ، يتورط في الخطأ كثير من الناس الآن في رمضان ، حيث يجلسون إلى الفطور فيتناول أحدهم "بلحة" واحدة ، ويجرع جرعتين من الماء المطلق ، ثم ينهض لصلاة المغرب ، ثم هم بعد الصلاة يقبلون على الأكل والشراب .. فبمثل هذا الصنيع تنقص الصلاة ، لأن حاجة النفس إلى الطعام والشراب ، وقد صامت عنها طول النهار ، وهما حاضران أمامها ، وتنبعث منها رائحتهما الشهية ، حاجة النفس إلى الطعام هذه تجعل النفس موزعة ، كثيرة التلفت ، مما ينقص حظها من الحضور .. والفقه يقتضي علينا بأن نتفرغ للصلاة بتناول حاجتنا من الطعام ، لا أن نتفرغ للطعام بالتخلص من الصلاة .. ومن آداب الصوم ألا يجري الاستعداد لرمضان بأطايب الأكل والشراب وبالإسراف الذي نرى الناس عليه اليوم ، فإن الناس في الوقت الحاضر يأكلون في رمضان أكثر مما يأكلون في غيره من الشهور .. ومن آداب الصيام ألا نتخذ الصوم ذريعة (لتقليل العمل) فنظهر رمضان كأنه موسم للتبطل ، والكسل ، والنوم ، وقلة الإنتاج .. إنك بذلك تعرضه للذم وهو أبرك الشهور وأبعدها عن الذم .. وحين تصوم صوماً صحيحاً ، تتوخى فيه الحضور ، والفكر وحفظ جوارحك ، ومراقبتها ، والاستعانة على كبح شهواتك ، ونزواتك ، بترك الأكل والشراب ، فإن روحك ستقوى ومن هنا تجيء حاجتك للاجتهاد في الصلاة وتقوم العلاقة بين الصوم والصلاة .. وصلاة القيام – قيام الثلث – كانت سنة النبي الكريم في رمضان ، وفي غيره ، ولكن رمضان كان موسم تشمير ، واجتهاد ، وذلك للقرينة القائمة بين رمضان والقرآن (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) .. فقم الثلث وأطل القيام .. وأكثر من قراءة القرآن في الصلاة .. وكرر القراءة في الصلاة إن شئت فإن قراءة القرآن في الصلاة أفضل العبادة .. والقرآن يعطي أسراره في رمضان ، أكثر مما يعطيها في غيره من الأزمان ..

    صلاة التراويح:
    إن صلاة القيام الواردة في السنة والمطلوبة بصورة أوكد في رمضان ، إنما هي صلاة الثلث الأخير من الليل التي يقوم لها المصلي بعد نوم ، وفي هدوء الليل ، وفي ظلامه ، وبعد أن أخذت النفس راحتها ، يقوم المصلي (إن ناشئة الليل هي اشد وطئاً وأقوم قيلا) يعني يواطيء فيها القلب اللسان ، فيستقر القول ، ويستقيم الخاطر ، ويطمئن القلب ، وتستوي لكل أولئك الفطرة .. وصلاة القيام هذه ، كما هي في السنة ، كانت بين ثلاث ركعات وهي أدناها وثلاثة عشر ركعة ، وهي أعلاها .. وهذه الصلاة عظيمة !! عظيمة!! ولذلك كان النبي الكريم يواظب عليها ، ولا يتركها حتى في السفر .. وإن فاتته لعذر قضاها بالنهار .. قضاؤها بين ركعتين واثنتي عشرة ركعة .. أما صلاة التراويح التي يصليها الناس منذ صدر الإسلام ، والى عهدنا الحاضر ، في أول الليل ، في رمضان ، ويسمونها (صلاة القيام) ، هي ليست بصلاة قيام على الإطلاق ، وبالتالي ليست سنة .. وإنما هي بدعة ، ابتدعها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب .. إن الذي جرى من النبي الكريم للناس أنه صلى بهم ليلتين أوقفها بعدهما .. وقال لمن كان ينتظر خروجه إليهم من الأصحاب لأدائها ، خشيت أن تكتب عليهم .. ثم أن الناس أخذوا يصلونها فرادى .. وفي عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أطلع عليهم ذات مرة وهم يصلونها في المسجد .. فوجد بعضهم يشوش على بعض باختلاط قراءاتهم .. فقال: (لو جمعناهم على إمام) .. فجمعهم على أبي بن كعب .. ثم أنه أطلع عليهم ذات ليلة ، وهم يصلونها خلف إمامهم هذا فقال: (إنها لبدعة ، ونعمت البدعة ، وإن كان الذي ينامون عنه ، أفضل من الذي يقومونه) ..
    يعني الوقت من الليل الذي ينامون عنه ، هو الثلث الأخير ، أفضل من الوقت الذي يقومونه منه وهو أوله .. وقد ظلت بدعة "التراويح" تمارس إلى يومنا الحاضر .. وقد آن لها أن تقف .. ذلك بأن حكم الوقت اليوم ، يقتضي بإيقاف كل البدع الحسنة ، فإنه وقت التزام "السنة" لا وكس ولا شطط ، فلم تغادر "السنة" صغيرة ولا كبيرة نحتاجها في أمر معاشنا ، وأمر معادنا ، إلا وجهت فيه توجيهاً سديداً .. لا تصل "التراويح" ولا تنم الثلث من الليل ، ولا تزد في صلاة الليل عن الثلاث عشرة ركعة ، لا في رمضان ، ولا في غير رمضان .. وإن فاتتك صلاة القيام في الثلث لنوم غلبك ، فأقضها في الضحى ، وصلها شفعية: اثنتين ، أو أربعاً ، أو ستاً إلى أثنتي عشرة ركعة .. تأتي من ذلك ما تطيق .. فإن ذلك يورث النفس من الندم على فواته ما يوقظ فيها رقيباً عليها ينهضها من الليل..

    الخاتمة:
    وفي الختام أود أن أشير إلى ظاهرة صلاة التهجد ، التي تقام في المساجد في العشرة الخواتيم من شهر رمضان ، وتبث عبر مكبرات الصوت في جميع الاتجاهات .. إن هذه الصلاة لا علاقة لها بالسنة النبوية وإنما هي بدعة ، وصلاة القيام كما أسلفنا ، هي صلاة الثلث الأخير من الليل ، وهي صلاة فردية ليست صلاة جماعة .. ومن آدابها أن تصلى في المنزل ، في جو مظلم ، وفي هدوء الليل فيستغفر المصلي باستعراض شريط يومه كاملاً ، ويشكر الله إن أحسن ويستغفره إن كان في عمله إساءة .. إن عادت صلاة التهجد بالصورة التي تتم في المساجد الآن ما ينبغي أن نتردد في إيقافها ، لأنها تضعف الحكمة التي شرعت من أجلها صلاة الثلث الأخير عند من يظنونها صلاة القيام المفروضة في السنة وما هي بذلك .. يضاف إلى ذلك ما تسببه من ضوضاء تنتج من تضارب القراءات التي تأتي من المساجد المختلفة في جوف الليل والناس نيام .. ونحن نرى أن صلاة الثلث الأخير كما كان يؤديها النبي الكريم تعتبر فرض كسائر الصلوات الأخرى .. ذلك لأن الإسلام إنما يبعث ببعث السنة التي طبقها النبي في خاصة نفسه .. قال تعالى: (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً) .. هذه هي صلاة القيام الحقيقية التي تؤدى بصورة فردية وليست صلاة جماعة بأي حال من الأحوال..


                  

04-18-2008, 03:30 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)

    مفاكرة الجمعة
    أهـــى إسلاميــــة المعــــرفة أم إسلاميــــــة العلـــم..؟
    الشيخ عمر الأمين أحمد

    / علم مدخور لم يفض غلافه بعد:
    وبوصولنا الى تصنيف يلصق المعرفة الى مكابدات الإنسان مع الطبيعة والمجتمع، ويحلّق بالعلم كى يتعالى فيصير حاكماً على مجمل الظواهر مجتمعية كانت أم طبيعية، فإننا نكون قد وصلنا الى مفترق طرق يتحاشى منظرونا ومفكرونا خاصة من الأكاديميين الوقوف عندها، فلا يتمكنون من رؤية كون المعرفة ليست أكثر من عمل مقصود منه مدافعة أو استئناس الطبيعة أو المجتمع، فيتحدد عندهم مصدر المعرفة ليكون العمل، وأغلبه مقترح يتم تعديله بتكرار التجريب. وتكرارالتجريب يراكم المعرفة والتى تورث كما يقال الحكمة، وذلك يفضى الى وزن الأمور بالمعروف، أو تكرر نفس التجريب كما قرره الشهيد الأستاذ محمود محمد طه فى مقولته: (كل تجربة لا تورث حكمة تكرر نفسها)
    أما العلم فهو لا يتعدى أمر اكتشاف الأنساق والقوانين المنظمة لسلوك الظواهر الطبيعية والمجتمعية، وصلته بالعمل ضعيفة وواهية لا يؤبه لها، فالكهرباء اكتشاف انسانى لا تستمد وجودها من العمل الذى أدى الى اكتشافها، وكذلك كل القوانين الفيزيائية والكيميائية والبايولوجية والجغرافية والتاريخية فهى كظواهر كانت موجودة بكامل وجودها الذى لا يكمله أى عمل يؤدى الى التعرف عليها كظاهرة. فوجود هذه الظواهر وجود محفوظ ومكنون ومدخور (صرة بى خيط) لم تكن البشرية واعية به، كانت تمر عليه مرور العميان. فما كان اكتشاف الكهرباء يحمل أى شكل من إدعاءات بأنه إيجاد لها، بقدر ما كان ذاك ارتفاع لقامة العقل البشرى الى مقام يمكنه فقط من التعرف عليها كظاهرة.
    بناءً عليه فالمعرفة نابعة من أسفل مرتفعة بالإنسان ومعه الى أعلى. أما العلم فهو موجود أصلاً فى استقلالية تامة يقتضى ارتفاع قامة البشرية الى مقام التعرف عليه، فهو بالتالى متنزل من أعلى كفعل موازٍ لارتفاع هذه القامة تشرفاً لمقامه. يبدو ذلك واضحاً فى التنزيل الحكيم فى نصوص واضحة غير ذات عوج، وبالتحديد فى قصة سيدنا موسى مع سيدنا الخضر فى سورة الكهف التى يتضح فيها دون كثير عناء وقت لم تبلغ فيه البشرية مقام ارتفاع عقلانيتها الى مناط التشريف العلمى. إذ لم يحن وقتها أوان نزول العلم، كون ذلك كان خارج قدرات إحاطة العقل البشرى حينها، ويمثل سيدنا موسى عليه السلام آنذاك قمته المعرفية العليا. انظر ذلك فى سورة الكهف فى طلب سيدنا موسى لسيدنا الخضر ــ عليهما السلام ــ فى قوله: (هل أتبعك على أن تعلمنِ مما علمت رشدا) ورد سيدنا الخضر: (إنك لن تستطيع معى صبراü وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا).
    ولنأخذ مثالاً على كشف علمى آخر مدخور، انظر الى إمكانية أن تكون كلمة (علمكم) معطاة كمطابقة لكلمة (دينكم) فى الآية (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا)، وذلك نزولاً عند حكم صدرت قرارته من لدن عزيز حكيم، أوان نزول أول آيات التنزيل الحكيم الخمس (اقرأ بسم ربك الذى خلق ü خلق الإنسان من علقü اقرأ وربك الأكرم ü الذى علم بالقلم ü علم الإنسان ما لم يعلم) ولاحظ كيف بأن كرمه فى نهايات التنزيل دالاً على اكتمال نزول (علمكم) برضائه الذى يفترض فيه احتواؤه على تحقيق أول المطلوبات فى قوله الابتدائى وطلبه الأول (اقرأ) وذلك عن طريق استبعاد حدوث الرضاء فى حالة ما لم يكن حاوياً على إجابة ذلك الطلب بمتعلقاته (علم بالقلم ü علم الإنسان ما لم يعلم) حتى نتمكن من قراءة هذه الآيات الباهرات كما يأتى: (اليوم أكملت لكم دينكم) اقرأ علمكم .. (وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا) اقرأ (العلم دينا) وحينها يمكننا أن نقول بمعادلة آتية إن شاء الله مفادها.
    الإسلام= العلم
    ذلك الأمر الذى زيد تأكيده فى قوله جلَّ وعلا فى وضوح قاطع ناجز: (وكذلك أنزلناه حكماً عربياً ولئن اتبعت أهواءهم بعدما جاءك من العلم ما لك من الله من ولى ولا واق) 37 الرعد. والبشرية ليست موعودة كما قال الأستاذ الشهيد محمود محمد طه بحياة الفكر وحياة الشعور، فذلك لا يسوى شروى نقير مع ما هو موعودة به البشرية، مما أعد لها من سكن فى مدينة العلم، بعد أن يتمكن المؤمنون من الولوج عبر بابها الوحيد الذى انتبذوه وراء ظهورهم.
    9 / جغرافيا تاريخ مناهج البحث:
    وكذلك وبنفس الطريقة التى قدمنا فيها احتجاج فى نسبة وطرق التفكير العلمى الى فرانسيس بيكون أو ديكارت فى القرنين السادس عشر والسابع عشر، نحتج حول منهج البحث العلمى، وذلك لسبق نزول مصطلح منهج فى قوله ـ جل وعلا ـ (ولكل جعلنا شرعة ومنهاجاً) فإن التنزيل الحكيم قد سبق إليه البشرية إصطلاحاً وتنزيلاً. انظر الى جابر بن حيان (721 ــ 815 م) وهو يقول: (لكل صنعة أساليبها الفنية) ويقول (إنا نذكر في هذه الكتب خواص ما رأيناه فقط - دون ما سمعناه أو قيل لنا أو قرأناه، بعد أن امتحناه وجربناه، وما استخرجناه نحن قايسناه على أقوال هؤلاء) ثم يقول (ليس لأحد أن يدعى بالحق أنه ليس في الغائب إلا مثل ما شاهد أو في الماضى والمستقبل إلا مثل ما في الآن). ثم انظر الى الحسن بن الهيثم (965 ـ 1040م) فى كتابه (المناظير): وهو يقول عن عملية انتقال الضوء وكيفية الإبصار: (ولما كان ذلك كذلك، وكانت حقيقة هذا المعنى مع اضطراد الخلاف بين أهل النظر المتحققين بالبحث عنه على طول الدهر ملتبسة، وكيفية الإبصار غير متيقنة، رأينا أن نصرف الاهتمام إلى هذا المعنى بغاية الإمكان، ونخلص العناية به، ونتأمله، ونوقع الجد في البحث عن حقيقته، ونستأنف النظر في مبادئه ومقدماته، ونبتدئ في البحث باستقراء الموجودات، وتصفح أحوال المبصرات، ونميز خواص الجزئيات، ونلتقط بالاستقراء ما يخص البصر في حال الإبصار، وما هو مضطرد لا يتغير وظاهر لا يشتبه من كيفية الإحساس. ثم نترقى في البحث والمقاييس على التدريج والترتيب، مع انتقاد المقدمات والتحفظ في النتائج، ونجعل غرضنا في جميع ما نستقرئه ونتصفحه استعمال العدل لا إتباع الهوى، ونتحرى في سائر ما نميزه وننتقده طلب الحق لا الميل مع الآراء، فلعلنا ننتهي بـهذا الطريق إلى الحق الذي به يثلج الصدر، ونصل بالتدرج والتلطف إلى الغاية التي عنـدها يقع اليقين، ونظفر مع النقد والتحفظ بالحقيقة التي يزول معها الخلاف وتنحسم بـها مواد الشبهات. وما نحن، مع جميع ذلك، براء مما هو في طبيعة الإنسان من كدر البشريـة، ولكنا نجتهد بقدر ما هو لنا من القوة الإنسانية، ومن الله نستمد المعونة في جميع الأمور). فما رأيكم في من ينسب هذا الجهد الى (ليفى شتراوس) الذى يقال بكونه من أنزل مناهج البحث الى أرض الواقع العلمى؟ فقد جاء جابر بن حيان ثم الحسن بن الهيثم وطريقته، وذلك قبل أكثر من ستة قرون بالتمام والكمال عن مولد فرانسيس بيكون وأكثر من ذلك من ظهور ديكارت، والشاهد أنهما تلقيا علومهما ومناهجهما العلمية من الجامعات الأندلسية، وما تبنوه بعد ذلك فيه كثير مما هو محجوب الأصول، متهم بأن كثيرا منه يحتوى على سرقات ضخمة ومتلتلة مازالت آثارها بادية فى اختلالات منهجية كبيرة، واتهامات بالأحادية العلمية، وبالاختزال والاختلاس العلميين، وهذا هو ما سبب جانباً لم يتم النظر إلية كفاية من أجل نقده وتصحيحه فى كافة المشاريع العلمية الأوروبية، ومنها بالتأكيد ما قاد الى ما يُعرف عند راحلنا العزيز محمد ابو القاسم حاج حمد باللاهوت الأرضى.
    ولا أدرى كيف تجرى موازين مختلة ومنحلة علمياً فى تاريخ العلم، عند أهل منظومة العقل الاستنباطى الحسى، لنتحدث عن تاريخ صحيج لما يسمونه (العقل التجريبى) فنراه فى تجريبية مستلفة عند ديكارت فينسب إليه فضل لا يستحقه، قام فيه بإدخال عناصر الهندسة التحليلية على منظومة مقايسات الأرض (الهندسة الإقليديسية)، فيقال بأبوته لمعادلات الإحداثين السينى والصادى وإحداث البعد الثالث الذى ينسبونه إليه مباشرة فى حين لا يمثل عندى أكثر من (جامع قمامة علمية) مما تساقط هنا وهناك مما يمكن الاستفادة منه وإعادة استعماله. فالإحداثيات على رأى البروفيسور (ك. ر. وايلى) رئيس شعبة الرياضيات بجامعة (يوتا) بالولايات المتحدة الأمريكية، فهى تخص مصور ناشئ من مدينة فلورنسا يسمى (فليبو برونيليشى) أخرجها مصادفة ضمن نشاطه التصويرى عند اكتشاف الرسم المعمارى وفق علم المنظور. لكن يظن الكثيرون ــ زوراً وبهتاناً ــ أن ديكارت أب للإحداثيات بحكم إدخال علم البيان الرياضياتى مستلفاً إحداثيات (برونيليشى) ثم إضافتها الى معادلات الهندسة التحليلية التى تستخدم معارف علم الجبر (المستلف الأول والأكبر). ولا أستطيع أن أجزم هل استلف ديكارت مفاهيم السلب والإيجاب الكمى فى (بيانياته) أم هى من مستخرجات وفوائد ما قام به من تبضع وتجميع لـ (القمامة العلمية)؟
    ونزداد تعجباً إزاء هذا التغول والسرقة العلمية جهاراً نهاراً وبقوة عين، فقد أنفقت زمناً معتبراً لمعرفة ما إذا كان قد تم اعتماد ما قام به جابر بن حيان ثم الحسن بن الهيثم كمنهجية متكاملة الأركان هزت قناعات سابقة وهزمتها، وأطلقت مارد عقلانية البحث العلمي من قمقمه وجعلته بداية طريق لتحرير مناهج البحث وأدواته، وبالتالي القفز إلى حالة تحرير العقل عن الركون الى تزييف معلوماتى كبير فى أسلوب الاستنباطى الحسي. إلا إني للأسف لم أتمكن إلا من إيجاد اعترافات خجولة لباحث أمريكى يسمى الدكتور تشالرز جروسبى، اعترف أن ما جاء به ابن الهيثم كان صحيحاً في مجال علوم البصريات والضوئيات، وصحيحاً كمنهج للبحث العلمي جديد لم يتم النظر إليه كفاية، ما يزال ينتظر ذلك في أضابير لم يفض غلافها بعد.
    لذلك فمنسجم مع هذا القول أن هنالك تجاهلاً كبيراً أن الحسن بن الهيثم ليس ظاهرة معزولة منبتة الأصول والجذور، ولا عبقرية متفردة جادت بها صدفة تاريخية محضة، فعلى شاكلته يقف الخوارزمي (توفى عام 850 م) في علوم الرياضيات والحساب كرائد لمناهجها خاصة فى علوم اللوغريثمات وطرق إجراء العمليات الحسابية المعقدة، حتى ليسمى المخترع الأول لآلة الحساب التي آلت بحذافيرها إلى آلة الحاسوب. وللخوارومى أستاذ ومعلم تتصل علومه بلا أدنى شك أو ريب الى المصطفى ــ عليه وعلى آل بيته أفضل وأزكى الصلاة وأتم وأوجب التسليم ــ فهو مسلم من أصل فارسى يعمل خازناً للخليفة العباسى المأمون، أرسله الى الإمام على بن موسى الرضا كى يعلمه كيفية تسجيل وحساب واردات بيت المال، فورث عنه بعضا من العلوم، وقام مأذوناً له ببثها فسميت طرق الحساب بإسمه فيقال (اللوغريثمات) وتعنى ترجمة لاتينية للكلمة اللعربية (الخوارزميات).
    وفى مكان قريب آخر يقف الجغرافي الشهير الشريف الحسن الإدريسى (1100 ــ 1166م) الذي قال بكروية الأرض، وقدم لذلك خارطة مفارقة لكل التصورات الجغرافية التي عاصرته وامتدت بعده كحقائق مجهولة النسب لأكثر من أربعة قرون. من أين جاء بهذه المعلومة فى مقابلة ما كان يظن بتسطيح الأرض ومركزيتها الكونية، فذلك مبحث منيف آخر. فجابر بن حيان الصوفي كان أولهم ومعروف عنه أنه أول من أخرج علوم الحساب خاصة الجبر وأخرج علم الكيمياء وعلوم مناهج البحث، حتى لنكاد أن نقول إنه استخرجهما من عدمية مطبقة. فى حين يتجاهل الكثيرون منا أن جابر بن حيان، وهو من اوائل من حمل لقب (الصوفى) كان حارساً خاصاً (حاجب) لجد الإمام على بن موسى الرضا، ألا وهو مرجعية ما عندنا من العلوم خاصة الكيمياء والفيزياء والرياضيات، ألا وهو إمام العترة النبوية الشريفة الطاهرة المطهرة سيدى الإمام جعفر الصادق، رضى الله عنه وأرضاه. وتترى بعد ذلك قائمة طويلة عريضة لعلماء مسلمين يُلاحظ بوضوح تحرر عقلانيتهم من خرافات حدسية. ولولا خوف من استطالة فى مباحثنا، لسودنا صحائف تتبع هذه القمم العلمية الشامخة إلى مكان بؤرة الإشعاع العلمي التي انطلقت منها واستندت إليها، حيث تخفت هذه البؤرة بفعل السياسة الأموية والعباسية خفاءً يكاد يتطابق مع عدمية في مصادر هذه العقلانية، الأمر الذي قد يظن أن هذه المعارف تستند إلى مصادفات مضحكة مثل وقوع تفاحة على الرأس أو فيضان ماء في حمام كانت سبباً لانطلاق نظريات علمية، ربما بين الفحص الصحيح المتأني أن تلك كانت هرطقات غذتها عقليات الخرافة والأساطير الأوروبية التى كانت سائدة حينها.
    وأظن أنى فى نهاية الحديث عن تاريخ وجغرافيا مناهج البحث العلمى، فإنه يجدر بنا أن نشير الى أن مناهج البحث شأنها فى ذلك شأن عقلانية التفكير العلمى، فكلاهما اسلاميتا المنشأ، فى حين تظل المعرفة قيمة مشاعة ذائعة منتشرة فى مختلف المضارب والجهات، وفى مختلف المستويات من أدناها إلى أعلاها، ومن تليدها الى معاصرها، ونقترح على البروفيسور محمد الحسن بريمة مدير معهد اسلام المعرفة بجامعة الجزيرة، تعديل اسم المعهد من (معهد إسلام المعرفة) الى (معهد إسلام العلم). ومن ثم ينبغى تشمير ساعد الجد لتنقية العلم ومناهج البحث العلمى من دخن دخلهما نتيجة استزراع بذرة تمت سرقتها من بيئتها الى بيئة لم تعط فيها ما تستحقه من مقومات، فضمر سوقها حين تحولت علومها الشريفة الى معارف تطبيقية تحسب بحساب الربح والخسارة الرأسمالى.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم. (نواصل ما تبقى فى حلقة واحدة قادمة إن شاء الله تحت عنوان: «تسويات نهائية»).

    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=37048
    _________________
                  

04-18-2008, 04:48 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    عسل مختوم

    محمد حامد الحُمْرِي
    كُتب في: 2006-02-04

    [email protected]


    الفايق يحنن ضنب كلبو !!!

    في عدد الزميلة الصحافة الصادر في 29 أكتوبر من العام الماضي كتب الزميل الأستاذ عثمان ميرغني يتحدث ويبرر ويوثق لحيثيات إنتقاله من صحيفة الرأي العام لصحيفة الصحافة قائلا (في تقديري أن المساحة المتاحة تحريريا في صحيفة الصحافة حاليا تناسب المدى الذي أظن أنني أستطيع العمل فيه ، حدود لا يحدها إلا الضمير والقانون) وأشار الأخ عثمان الى أنه رغم حرصه على موقعه ومنبره بالرأي العام ورغم ما بذلته قيادتها من جهد إلا أن الأمر في النهاية كان (بيد الظرف الذي جعل المساحة المنظورة من الرأي والتعبير أصغر من فم القلم)!! ثم تحدث عن القارئ السوداني الذي (يقرأ ما بين السطور بحاسة شم عالية تكشف المدسوس من المحسوس) واختتم عموده بقوله (في هذا الموقع الجديد نلتقي كل صباح بلا قيود حريرية أو حديدية) !!! وقد قرأت هذه المادة من على موقع الصحيفة بالإنترنت وكنت وقتها خارج البلاد ، كان الحزن في أعماقي كبيرا لجنوح الأخ عثمان وظلمه البين للرأي العام التي يشهد القراء وتشهد الأراشيف أنه كتب وقال من خلالها ما لم يقله الهالك محمود محمد طه عن الرسالة الثانية وصلاة الخواص !! حزنت للرأي العام وحزنت أكثر للزميل عثمان لتقديري أن الذي يبقى ويعيش في الدار لسنوات يتعلم فيها ويعلم ، يسهم ويستزيد ، يقول رأيه بحرية لايفصلها الكثيرعن الهوى والفوضى ، ثم يأتي من بعد كل هذا (الملح والملاح) ليسئ للدار التي عاش فيها ويعيبها ويطعنها ويقدم كل ذلك (قربانا) و(كرامة) لإحتراف مرتجى ، الذي يفعل هذا إنما يلقي بنفسه فريسة ولا أقول (فطيسة) بين يدي القارئ المتمتع بحاسة شم عالية تكشف المحسوس من الزعم والإدعاء والمدسوس من الحقائق والأسباب !!! ومما استوقفني في ذاك العمود ولم أجد له تفسيرا شافيا مقنعا : ماذا يقصد الزميل الكريم من وعده للقراء بأن يلتقيهم كل يوم على صفحات الصحافة بلا قيود (حديدية أو حريرية) !!! قلت لنفسي وقتها أن القيود الحديدية ربما عنى بها القيود الأمنية رغم أن الأجهزة الأمنية رفعت يدها قولا وفعلا ، وأقنعت نفسي أنه يقصد (سنسرات) إدارة التحرير ، رغم أن هذا مستبعد بإعتبار أن الإنتقال للصحافة كان مبرره الرئيسي أن الحرية المتاحة فيها واسعة لا يحدها إلا الضمير والقانون !!! ثم تسائلت ماهي القيود (الحريرية) التي يرفضها الزميل العزيز؟!! ولماذا الحرير دون غيره ؟! هل لملمسه وليونته؟! وهل هو بذلك يرفض حتى القيود الملساء اللينة التي قد يفرضها عليه أستاذينا عادل الباز ونورالدين مدني؟! أم أنه إختار الحرير لغلائه وإرتفاع ثمنه ؟! لكن ما علاقة الغلاء والثمن المرتفع بإبداء الرأي وتحديد المواقف؟! هل جاء إختيار الحرير بسبب ألوانه المتداخلة وتموجاته؟! وهل يعني ذلك أن القيود والحدود قد تتداخل وتتموج وتؤثر على صاحب الرأي وحامل الأمانة؟! أخيرا رجحت أن يكون إختيار الحرير قد جاء لحرمة لبسه على المسلمين من الرجال ويبدو أن عثمانا أراد القول أنه لن يحده في ممارسته للحرية إلا الحلال والحرام ، على كل فقد انتهت تأملاتي وخمدت عند هذا الحد ولم أر حينئذ داعيا للتعبير أو مبررا للتفكير!! ، صباح الخميس أمس الأول طالعت مادة مسيئة وسخيفة وغير لائقة خطها يراع الأخ عثمان تحت عنوان (أين نائب الرئيس .. علي عثمان؟؟) وهي تختلف كثيرا عما كتبه الزميل كمال الصادق بالأيام في ذات الموضوع والتاريخ ، وتنزوي قيمة أمام ما كتبه الأستاذ كمال حسن بخيت في زاويته أمس الجمعة ، ووجه السوء والإساءة فيما كتبه عثمان ليس مطلق السؤال فهو حق مشروع له ولغيره طالما أن الشيخ علي عثمان يتبوأ منصبا دستوريا ويثق فيه قائده وقائد البلاد ويكلفه بأصعب المهام وأخطر الملفات لكن السوء وعدم اللياقة يأتي من أن عثمان ميرغني - الذي أصبح في عهد الإنقاذ بفضل الله مستشارا محليا ومحللا إقليميا ، ورفيقا موثوقا ومخصوصا !! - ليس صعبا عليه أن يعرف ويحيط بمكان تواجد السيد النائب وأسباب غيابه حسيا ومعنويا قبل أن يسن قلمه ويجرده ويكتب مستصحبا الضمير و(قيد الحرير) !! الزميل عثمان يعلم يقينا أن الأستاذ علي عثمان ظل لعقود متراصة من الزمان مرابطا غير هياب ، مجاهدا غير ركون ، مضخا للحق والخير ، مخلصا ملتزما يفعل ما يقول ، يتسلح بالحكمة والفطنة والضمير الحق ، وحتى عندما كلف بمهام النائب الأول في أحلك الظروف ولم تزل القلوب دامية برحيل الحبيب الشهيد سيد شهداء الإنقاذ وإخوانه الأبرار ثم أصبح من بعد نائبا غير أول بعد توقيع السلام ، طيلة هذه السنوات ظل الرجل هو هو ، لم يتبدل أو يتخلى عن قيم ومبادئ شب وتربى عليها وتشبع بها ، لم يغرق في جواذب الحياة الدنيا وزخارفها ، وعندما كلفه القائد بملف السلام قال سمعا وطاعة ثم (تلزم) و(تحزم) وقاد إخوته ببصارة وذكاء وحكمة وتجرد حتى وصلوا بالمركب الى شواطئ ظلت بعيدة غير مرجوة !! شهور بل سنوات قضاها شيخ علي وإخوته (منفيين) في محابس ميشاكوس ونيفاشا ، تركوا الزوجة والولد وأحضان الأسر الدافئة ، نسوا همومهم ومصالحهم وشؤونهم الخاصة ، احتسبوا كل ذلك لله وضحوا به للوطن وأهله الشرفاء ، سنوات وسنوات مضت وتمضي وشيخ علي يكافح وينافح ، يقدم ويسهم ، يحترق هو راض مستبشر محتسب فخور ، ثم تشاء أقدار الله النافذة أن تصاب زوجته وشقيقته وإبنته أمام ناظريه وهم في طريقهم لجبل عرفات ويحجزن بالمستشفيات السعودية للعلاج من إصابات مختلفة ، وتنشر ذلك وسائط الإعلام على الملأ ويستأذن الرجل لمرافقة ورعاية أسرته لشهر واحد من الزمان !!! يتغافل عثمان ميرغني عن كل ذلك كأنه لا يعلم حق الموظف العام حتى وإن كان السيد الرئيس نفسه في الإجازة السنوية ، لا يتفكر ويتذكر فيقول أن شيخ علي لم يرتاح شهرا واحدا لسنوات فليرتاح وليستجم ، لا يراعي أو يحترم الظروف والأحوال الإنسانية المحيطة بالرجل وأسرته فيقول خيرا أو يصمت ، يترك عثمان كل ذلك ويركله بلا مشاعر أو ضمير وينتصب بلا تأدب أو بعض من وفاء وحياء ويطل ليحدثنا عن الغياب والملفات والخلافات وأن الأمر يحتاج لتوضيحات !! إن الذي يحتاج لتوضيحات فعلا ربما كان هو التركيبة النفسية للسيد عثمان ميرغني ومقادير وأنماط الدوافع والغرائز والمحفزات المؤثرة في (خلطته) التي تجعله غالبا ما يتحنط إختياريا وينحبس في أوهام بئيسة ومجالب رخيصة عنوانها (خالف تذكر)!! و(شاتر تشكر)!! و(تجرأ تشهر)!! وحقا ( الفايق يحنن ضنب كلبو ) !!!


    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=6&col_id=3&issue_id=36&bk=1
    _______
                  

04-18-2008, 04:49 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    تأكدت بنفسي أن محمود محمد طه لم يكن يصلي .. ومع ذلك حاولت إيقاف إعدامــــــــــه ..!

    أصحاب «الحلاقيم الكبيرة» نسوا أن وثائق «عملاء الامن» كانت بحوزتي ..!



    فاجأ اللواء الدكتور عمر محمد الطيب ، النائب الاول لرئيس الجمهورية ورئيس جهاز امن الدولة إبان الحكم المايوي .. فاجــــأ «الوطن» ، وقبل بحوار ساخن وملتهب وشــفاف وجديد .. اتفقنا معه على تسميته بحـــــوار «الاعترافـــات» .. للفترة الاخيرة من عمر مايو والانتفاضة.
    حيث قال «عمر الطيب » ، البالغ من العمر «71» عاماً .. وهو يتمتع بصحة جيدة .. ان سوار الذهب ، والذي كان وزيراً للدفاع وقائداً عاماً للجيش «قد خالف اليمين، وصام ثلاثة ايام» .. مضيفاً:« أنا صُدمت .. لقد خدعني ، ولكن ..!».
    وكشف الرجل الثاني ، في نظام مايو معلومات جديدة حول رسالة تحذيرية ، مثيرة وخطيرة ، بعث بها عبر السفير الامريكي بالخرطوم الى الرئيس نميري بواشنطن في 3 ابريل .. والرسالة تقول :« الاوضاع خطيرة جداً .. لذلك ، ارجع فوراً .. اكرر .. ارجع ، فان الاوضاع حرجة جداً».. ولكن ، اللواء عمر قال بأســف شديد :« سفيرنا في واشنطن لم يوصل الرسالة مطلقاً لنميري».
    اضرب .. واقتل..!
    وهاجم اللواء عمر الطيب ، مدير فرع العمليات بالقيادة العامة للجيش اللواء عثمان عبد الله ، والذي اصبح فيما بعد وزيراً لدفاع الانتفاضة .. هاجمه بالقول :« في اجتماع شهير يوم 3 ابريل ضم الامن والجيش ووزارة الداخلية ، كان عبارة عثمان عبد الله حول احداث الشارع Shoot & kill«اضرب واقتل»..!.
    مضيفاً ان اللواء عباس مدني ، وزير الداخلية وقتها ، رفض مقترح عثمان عبد الله ، حيث علق عليه :«لا .. نحن لن نفعل ذلك .. بامكانكم ان تفعلوا انتم ذلك ، ان شئتم».
    حكاية الراحل محمود
    واجتر اللواء عمر محمد الطيب الذكريات السياسية الابرز في ايام مايو الاخيرة ، حيث تحدث ، في معرض اجاباته على اسئلة «الوطن» حول محمود محمد طه .. فقال :« هذا الرجل لم يكن يصلي.. ولكن كنت ضد اعدامه .. وهذا ما فعلته لايقاف التنفيذ ، ولكن».
    وحول ملفات جهاز الامن والوثائق ، قال :« في صبيحة 6 ابريل ، رجعت لمكتبي ، وتصرفـــت في الملفات والوثائق ، واصحــاب الحلاقيم الكبيرة تحدثوا حولها ، وانا كنت الممسك بكل كبيرة وصغيرة .. واعرف كل عملاء الجهاز»..!.


    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=4904&bk=1
    ____
                  

04-18-2008, 04:49 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    طلاب الاتجاه الاسلامي خرجوا ( ملحوسي الاصابع) من شرف الانتفاضة واختفوا تحت الارض
    . أكاد اجزم وأقول ان الشعب السوداني كله شارك في الانتفاضة بمنظماته الاجتماعية المختلفة والشماسة شاركوا مشاركة اساسية وحرقوا اللساتك والاسلاميون وحدهم هم الفئة التي لم تشارك لان عناصرهم الذين نجوا من الاعتقال كانوا خائفين من ان يبطش بهم نميري وكان يخشون من ان يفعل بهم مافعله بالأستاذ محمود محمد طه وكوادر الاسلاميين الطلابية رفضت المشاركة معنا لانهم كانوا خائفين بل وان بعضهم تنكر وغير شكله ولديهم طلاب ناشطون بجامعة السودان رفضوا المشاركة في الانتفاضة لنفس السبب.



    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=4925&bk=1
    _________________
                  

04-18-2008, 04:50 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    عمــــر عبد الخالق محجـوب : قابلت نمــــيري ... وواجـــهت أبو القاسم .. وأشتكينا لقرنق
    ** عرفنا مگان المقبرة ونعد العُدة لفتح الملف الدامي
    هذا ما قلته لـ «أبو القاسم محمد إبراهيم» ورده كان «دا شُغل سياسة يا إبني »!
    ======
    لا.. يعني بلاقيهو في الشارع كذا مرة «وبضغط» العربية حقتو وبطلعها برة الشارع .. القضية ماقضية عبد الخالق محجوب القضية قضية محمود محمد طه وقضية الامام الهادي .. وقضية الشعب السوداني وقضية د. جون.




    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=3648&bk=1
                  

04-18-2008, 04:51 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    لوطن) في حوار الوجه الآخر للدكتور حسن مكي:

    حسن مكي لا يعرفه إلا الله
    درست اللغة العبرية في جامعة الخرطوم
    كنت أحب السينما والقصص البوليسية



    د. حسن مكي مفكر وسياسي ومثير للجدل إلى جانب كونه خبيراً في شؤون القرن الأفريقي الا أن جوانب أخرى في حياته ما تزال في الظل بالرغم من أنه حكى عنها في كتابه (قصتي مع الحركة الإسلامية).. حاولنا أن نخرج تلك الحكايات والذكريات إلى شمس الخرطوم.. فهل ترانا وفقنا في ذلك..؟ وهل أمسكنا بعنان الحكاية لتوصلنا إلى ما نريد؟!



    حوار: لولا نوح- عبد الجليل سلمان



    * بداية مرحباً بك د. حسن مكي وكبداية تعريفية من هو حسن مكي الإنسان؟
    - هناك كتاب ألفه اليكس كارليل أسمه (الإنسان ذلك المجهول) ويقول إن الإنسان متعدد الخصائص فيه اشياء باطنية وظاهرية لذلك حسن مكي لا يعرفه الا الله، وحسن مكي لا يعرف حسن مكي. الإنسان قد يرسم صورة لنفسه أو يرسم الآخرون عنه صورة مختلفة لكنها غير صحيحة وقد يكون الإنسان جباناً جداً- لكنه لا يعرف ذلك الا اذا وقع في مأزق يتطلب شجاعة فتخذله شجاعته.
    وقد يرسم الإنسان صورة لنفسه على أنه فوق الشبهات وفوق الشهوات لكنه يسقط في أول إمتحان.. وقد يعتقد آخر أنه وفي لحظة يتبدد ذلك الوفاء- حتى لزوجته وأمه وأخته حتى أنا أجد نفسي أمام ثلاثة مستويات: حسن مكي الخبير، حسن مكي الخريطة النظرية المتصورة وحسن مكي فوق الشبهات.
    لكن لا أجد نفسي الا أمام الله في الصلاة ودائماً أحاول أن أكون متأدباً أمام الله وحسن مكي يحاول أن يتأدب في صلاته أمام الله لان الله هو من يعرفه ظاهراً وباطناً وهو يعرف أن رحمة الله أكبر من أخطائه وأكبر من أوهامه.



    * في أي بقاع السودان ولد حسن مكي وكيف تعلم؟
    - ولدت في الحصاحيصا، والأصول من قنتي، درست في الحصاحيصا، وكانت في ذلك الوقت هنالك مدرستان اوليتان الحصاحيصا الشرقية والحصاحيصا الغربية، أنا درست في الغربية وكانت مدرسة جميلة كنت أسعى اليها برجلي من حي المايقوما وكنت لكي أصل المدرسة أمامي خياران، ان اجتاز حي السوق وحي كريمة أو اذهب عن طريق المقابر أشق المقابر والمستشفى في حي كريمة ويستغرق ذلك نصف الساعة والخريف لم يكن مشكلة كنا نخوض الخيران ونعمل في السوق.



    * هل كنت تعمل وأنت طالب؟
    - كانت هنالك ثلاثة واجبات ثقيلة على نفسي أولاً إحضار الغداء للدكان- الذي لابد أن يصل الدكان الساعة 3 أو 30:2 ظهراً.
    ثانياً: كنس الدكان لان المدينة بالرغم من أنها على ضفاف النيل الازرق الا ان «الطيار» كان يأتيها من البطانة ودكاننا فيه كل شئ من ملابس وأحذية وغيرها من البضائع.
    ثالثاً: جلب الحطب عندما تأتي الأمطار إلى المنزل حتى لا يبتل.
    كنت أحب الذهاب إلى المكتبة واقرأ بالمجان المجلات المصرية والجرائد السودانية: الرأي العام، الأيام، الناس والتلغراف مما جعلني متابعاً للشأن السياسي السوداني منذ ان كان عمري 7 سنوات إلى الآن 50 سنة مما سهل لي عملية الكتابة الصحافية.
    بعدها درست الثانوية في حنتوب وبالرغم من أن حنتوب كانت مدرسة جميلة لكن مشكلتي معها ان الموية كانت مالحة، كانت تعمل لي ترسبات ولكنني أجلب الماء من النيل واستخدم الشعير.



    * من هم اصدقاؤك في حنتوب؟
    - اصدقائي كثر منهم: د. قرشي محمد علي، د. عبد الله عبد الصادق ، د. الباقر عثمان خلف الله، د. حسام الدين ساتي الذي جندني في الحركة الإسلامية، د. مضوي الترابي كان الدفعة القدامنا والنور أحمد حمد أخوه دفعتي، يعيش في امريكا وهو متزوج بنت محمود محمد طه، ود. مجذوب الخليفة الذي جاءنا من وادي سيدنا ولم تروادني أية رغبة في دراسة علمية لذا امتحنت ادبي.
    وعلى مستوى الجامعة من الصداقات، صداقة مع المرحوم محمد عثمان المكي، والدكتور عوض حاج علي والسفير بهاء الدين حنفي، سيد الزبير وعبد اللطيف كدور والمرحوم عبد الاله خوجلي وفتح الرحمن محمد إبراهيم من أولاد طيبة.
    ما بعد الجامعة، علي عثمان محمد طه، عبد الرحيم علي وكثير من السياسيين.



    * بداية العمل السياسي.. متى كانت؟
    - ثورة أكتوبر 1964 كنا وقتها في ثالثة وسطى وسمعنا باستشهاد القرشي دخلنا في مظاهرات ضد نظام المرحوم الفريق عبود واشتركنا في ثورة اكتوبر، وهي التي غيرت السودان، انفتحنا على الأناشيد الثورية، محمد المكي إبراهيم الغناء الجديد نسخ ما في أذهاننا من غناء مثل أصبح الصبح.. أكتوبر مثلت فتحاً في عقولنا ما بين الشيوعية والأخوان المسلمين، اخترت الأخوان.. كنت أحب السينما والقصص البوليسية.



    * كيف تربى د. حسن مكي ومن هم اهلك؟
    - كان والدي متديناً ولم يكن ملازماً للمسجد، كان يقف مع المظلومين وكان كريماً وحريصاً على إخراج الزكاة بعد جرد الدكان الذي يتم بشكل دقيق، واسرتنا تتكون من الوالد والوالدة ونحن 5 أولاد وبنت واحدة تزوجت في 1951م وابنتها في عمري.
    أخي الكبير المرحوم هو الذي أسس الدكان كان أبي رافضاً للفكرة. أخي درس المعهد العلمي تخرج 1950 بعدها وجد رأس المال وبدأ في تجهيز الدكان وفي إحدى رحلاته لمدني انقلبت به السيارة فنزف أخي محمد أحمد حتى مات.. وهذا الدكان يعرف الآن بدكان مكي أحمد.. الدكان كان حديثاً وتقليدياً وبعد وفاة أخي محمد أحمد حرم والدي أخي عثمان الذي يليه من الدراسة وعمل معه في الدكان. أخي الثالث ميكانيكي، والرابع طبيب يعمل في الأمم المتحدة ثم أنا وبعدي محمد أحمد.
    توفي الوالد 1970 بعد نهاية الإمتحانات للجامعة.. والوالدة توفيت قبل سنتين هنا بالخرطوم.



    * دخولك مع الأخوان المسلمين.. متى كان؟
    - كنت أقرأ مجلة المصور فوجدت تحقيقاً عن المظاهرة التي كان يخوضها الأخوان ضد عبد الناصر ثم أن أحمد بهاء الدين كان يستعرض كتاب «معالم الطريق» استوقفتني عبارة مفتاحية «الحاكمية لله» وقتها كنت في ثالثة وسطى.
    وفي العام 1966م جاءنا د. الترابي نحن في رابعة وسطى، والتاي وعبد الله حسن أحمد وتحدثوا عن جبهة الميثاق فقلت: هؤلاء هم ناسي.. في حنتوب قرأنا سيد قطب، الغزالي وسيد صائغ.



    * تجربتك مع الأخوان المسلمين هل كانت ثرة؟
    - كانت ثرة جداً أولاً عرفتني بناس اكبر مني سناً مثل أحمد عبد الرحيم المنصوري كان في سني، استفدنا من حكمة هؤلاء كالمرحوم التنقاري والقاضي حاج نور وكنا نوزع المنشورات التي تحتاج إلى قدر من الثبات والتماسك الداخلي.



    * تجربة د. حسن مكي مع السجون كيف يصفها؟
    - في السجن تعرفت على كل النادي السياسي السوداني وقد اتسجنت 3 مرات.
    تعرفت على سليمان حامد من الشيوعيين والمرحوم نقد الله والمرحوم عبد الرحمن النور و د. عبد الحميد صالح من حزب الأمة، من الإتحاديين د. مبارك الفاضل شداد، عبد الماجد أبو حسبو، أحمد خير المحامي، عمر عبد العاطي المحامي ومن الأنصار عثمان جاد الله أبو ياسر ومن الإخوان د. الترابي، إبراهيم أحمد عمر، مطرف صديق، الجميعابي، يوسف فضل الله، المرحوم محمد كبير، عمر حضرة ومن عاصرتهم في السجن لا يقلون عن 400 شخص. وعندما خرجت من السجن اخذت «برطوش» يس عمر الإمام لأن «برطوشي» تمزق.



    * هل أنت متخصص في التاريخ؟
    - في الثانوي كنت أحب التاريخ لكنني تعقدت منه، كانوا يقولون لنا انكم ناس «كلشر» تخصصت في اللغة العربية والانجليزية والفرنسية- الفلسفة ثم جاء الدوش بدلاً لعبد الله الطيب عميداً للآداب فادخل نظام الساعات.
    اللغة العبرية كان يدرسنا لها إبراهيم الحردلو وكانت اجبارية لم اكن أهتم بها ثم جاء عبد الله الطيب مرة أخرى، نجحت في العربي والانجليزي ورسبت في الفرنسية تخصصت في ثلاثة أشياء اللغة العربية- الإنجليزية والفلسفة، وتخصصي الأصلي هو الدراسات الإفريقية والآن أعمل أستاذ اديان، وعلوم سياسية تاريخ وفلسفة.



    * هل تخشى الموت؟
    - خبرتي مع الموت منذ الصغر اخاف من الموت والإنسان الميت غسلت ابي وابني، لكن على مستوى السودان وأنا طفل في عمر 8 سنوات حدثت وفاة السيد عبد الرحمن والشمس وكسوف الشمس وقد مات أصحابي، المرحوم صديقي عبد الفضيل إبراهيم من كلية الآداب، اشترك في يوليو 1976م وقد استشهد عدد من اصدقائي عبد الاله عبد الفضيل وحسن صالح. ومن اصدقائي الذي توفي بحادث حركة وحزنت عليه حزناً كبيراً، التجاني أبو جبري.. وفي السجن أحمد خير، عثمان جاد الله وفي حادث حركة صلاح الصديق شقيق الصادق المهدي، وعمر نور الدائم، عبد الله اسحق ومحمد الأمين البصير، ومجذوب الخليفة، ومحمد الأزهري ومعظمهم توفي في حادث حركة لانهم منهمكون في العمل ويريدون إكمال المشوار بالليل وفي التعازي.. ومن الأشخاص الذين تركوا أثراً في حياتي مبارك قسم الله الذي توفي بصورة مفاجئة وصديقي أحمد عثمان مكي كنا نقيم في غرفة واحدة إبان فترة الجامعة وزرته في الولايات المتحدة التي زرت فيها عشرين مدينة امريكية.
    والآن أسكن في بيت معظم جيرانه من الأموات على الشمال أحمد عثمان مكي واليمين الخواض شقيق مجذوب الخليفة ومن الخلف الأمين البصير وعبد الوهاب محمد عثمان ود الريس.
    ومن أصدقائي فضل السيد أبو قصيصة، وعبيد ختم، ومحمود شريف، وعبد السلام سليمان ولأن معظم أصدقائي ذهبوا تختلط الحقيقة بالغيب وتبقى مسألة العبور واردة وينعدم عنصر المفاجأة.
    الأمام الغزالي يقول كمال الإنسان بتقربه لله وتخلقه باخلاق الله ومعرفة أسماء الله الحسنى 99 اسماً من احصاها وعدها دخل الجنة.
    وأن تجعل هذا الاسم مثل الجلابية، مثلاً الحي تفكك الحي إلى الصفات التي يقوم عليها كل حي بماذا يتميز الحي الذي يموت بالحياة، والميت قد يكون حياً والحي ميتاً والذي يفتقد الإرادة يكون من الجماد والطيور والأشجار وهذا ما يقصده الإمام الغزالي أحاول أن اتجاوز الموت بالإقتراب من اسماء الله الحسنى.



    * كيف يربي د. حسن مكي أبناءه؟
    - لا أعتقد أنني أرى صورتي في أبنائي ولا أريد أن يكون الابن نسخة من أبيه انا لا اتدخل في اشيائهم الخاصة فهم «يساهرون» الليل في التلفزيون وانا أول من ينام في البيت، علاقتهم بالكتب ليست قوية، علاقتهم بالنادي الالكتروني الوهمي اقوى.. واعتقد أن واحداً يميل إلى النادي الثقافي، اكبر ابنائى يدرس الحاسوب والثاني الطب والثالث الالكترونيات والرابع والخامس في الغالب يسلكان نفس الطريق لا أفرض عليهم شيئاً، ولكن اتمنى ان يصبحوا مسلمين صالحين.



    * هل ما زالت تلك العلاقة الحميمية مع الأهل والجيران القدامى متقدة ومتواصلة؟
    - اشعر كالغريب وسط أهلي مهما احاول ان اتطبع مع الأهل اجد ان قضاياهم تختلف عن قضاياي وخبراتهم تختلف عن خبراتي، وهذا يضعف التواصل- لكنه لا يصل بي إلى درجة الجفوة، لان صلة الرحم هي مسألة من صميم ديننا.



    * سؤال أخير: كيف تنظر إلى العلاقة بين شعوب القرن الإفريقي «السودان- ارتريا -اثيوبيا- الصومال وجيبوتي» من واقع انك خبير في شؤون هذه المنطقة؟
    - هي ذات الشعوب، فشعوب الشمال في كل من السودان واثيوبيا والصومال تتماثل، وكذلك شعوب الجنوب، التقراي والتقري مهاجرون من جنوب شبه الجزيرة العربية، والنوبة واكسوم وممالك الصومال السبع هي شئ واحد، هذه المنطقة واحدة تقاسمتها الكنيسة الارذوكسية والإسلام، لذا فهذه المنطقة تمثل خريطة ثقافية روحية واحدة، لاحظ حتى جنوب النيل الأزرق هنالك تداخل كبير، مجموعات تعيش اجزاء منها بالسودان والأخرى في اثيوبيا «بني شنقول- الجعليون- البرتا- القمز- الوطاويط- وكذلك النوير والأنواك ناحية قامبيلا» اذن فهي شعوب واحدة لا فرق بينها.

    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=5930&bk=1
    ______
                  

04-18-2008, 04:52 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    مفاجأة مذهلة في يوم الزيارة.. أنا ومحمد محمد خير أقارب..!

    أصعـب شئ للمعتقل أن يبقــى سجين المحبسين- المعتقل والمقاطعة
    لقـاء بالصـادق ومبايعة وقصيدة عصماء ثم الهجرة بعد «تهتدون»
    من جيبوتي للقاهـــرة الســـفير علي حمد ابراهيم ترك منصبه الرفيع..



    بقلــــــم : سيد أحمد خليفة
    كنت قد خرجت من قسم الكرنتينة-ب- إلى مكاتب سجن كوبر تلبية لزيارة عائلية هي الأولى التي سمح لي بها بعد قرابة الشهر منذ أن تم اعتقالي بمطار الخرطوم وخرجت منه- مرفوع اليدين- والرأس- وخلفي عسكري ومدفع ملتصق بظهري وأسرتي التي كانت في استقبالي تتفرج على ذلك المنظر المرعب..!
    كانت زيارات المعتقلين أما أن تتم في أحد مكاتب إدارة سجن كوبر أو في الفرندة.. وبحضور أفراد جهاز الأمن، حيث لا يسمح للمعتقل إلا بالسلام والكلام العام وبصوت عالٍ دون أي نوع من الهمس حتى ولو مع السيدة حرم المعتقل أو خطيبته..!
    كان عدد زواري كما لاحظت كبيراً، فمن السجانة حيث السكن إلى- حي كوبر- حيث يسكن بعض أهلي كان الحشد كبيراً، ولكن حدثت وسطه مفأجاة غريبة..!
    نفس زواري من أهلي في كوبر كانوا أيضاً زواراً لصديقي المعتقل محمد محمد خير، وحين سألت- أيه الحكاية.. زادت دهشتي عندما علمت أن زوار صديقي محمد خير هم أولاد وبنات خاله المرحوم إبراهيم عثمان- أحد أقطاب حي كوبر وتجاره الكبار ورئيس الحزب الإتحادي الديمقراطي هناك..!
    أما علاقتي أنا به فهي أنه زوج عمة زوجتي وبالتالي قريبتي أنا..!
    كتمت الأمر في نفسي ولكني لم اتمكن من تفسير الأمر ومن هو خال محمد محمد خير، هل هو العم إبراهيم عثمان قريبي ونسيبي أم عبد الرسول النور المسيري الكردفاني..؟!
    طبعاً بعد العودة للقسم وإنتهاء الزيارة استوضحت الأمر من صديقي محمد محمد خير، فضحك كعادته وربط بذكاء شديد بين الأنصار وعبد الرسول النور ومقاطعة الشيوعيين له..!
    إذن كان الأمر كله هو أن الرجل يبحث عن حماية ورعاية وجدار قوي يتكئ عليه حتى لا يبقى سجين المقاطعة داخل السجن..!
    إن محمد محمد خير كان أحد مكاسبي من السجن لظرفه، وعلمه، وما أحوج المعتقل أو السجين لمثل هذا النوع من العلاقات والبشر وهو في السجن.
    وقد امتدت علاقتي بالاستاذ محمد محمد خير وزادتها.. القربة.. عمقاً ومن خلالي وداخل المعتقل بكوبر تعرف على الصديق الراحل عمر نور الدائم ونصر الدين الهادي ومبارك المهدي، ولانه رجل كما يقول- إبن بلد- وسليل جزارين وإبن كار وتار فقد اعجب بالانصار وتاريخهم البطولي حتى اذا التقى السيد الصادق المهدي بعد ان تسلل ليلاً من قسم الكرنتينة- ب- الى قسم المعاملة وإلتقى بالسيد الصادق المهدي، حيث قالت رواية لم أتحر منها في وقتها إن الرجل بايع الصادق قائداً وزعيماً وواصل العلاقات معه حتى بعد الخروج من السجن والانتفاضة، حيث اعيد محمد محمد خير إلى وظيفته بتلفزيون السودان إلى أن شمله التطهير أو الصالح العام بعد الإنقاذ 1989م والتي صادقته واستفادت من قدراته وخبراته وصلاته الخارجية أبان محادثات أبوجا مع متمردي دارفور ومن ثم تم تعيينه ملحقاً إعلامياً بقنصلية السودان في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة..!
    لقد كان لي كما ذكرت مراراً مواقف ثابتة من المعارضة والعمل الخارجي، وما دمنا بصدد الحديث عن الصديق محمد محمد خير فإنني أربط قصته الآتية بقصة صديق آخر هو السفير علي حمد إبراهيم وكلاهما تشابهت ظروف وجوده الخارجي بظروف من وجدوا بالخارج ضد الإنقاذ- 89- 2007م- ضد نظام مايو الذي نروي حكاياته.. فبالنسبة للصديق محمد محمد خير الذي فصله نظام مايو من عمله وسجنه في كوبر 1983- 1985م، فإن النظام الديمقراطي والعلاقات الحميمة مع حزب الأمة والأنصار والسيد الصادق المهدي بل وحقه في الإنصاف قد أعاده للعمل في التلفزيون بعد الإنتفاضة عام 1985م ليفقد وظيفته عقب إنقلاب الإنقاذ وليتحول إلى معارض له صلات وعلاقات مع قادة الأنصار وحزبهم، حيث أُلقي عليه القبض في أحد مواسم الإنقلابات العسكرية - المفبرك والحقيقي منها ليبقى بالمعتقل ما يزيد عن العام وبعدها خرج ليسافر إلى القاهرة متسللاً بتوجيهات من السيد الصادق المهدي الذي كان قد خرج نفسه من البلاد من خلال عملية - تهتدون- المشهورة، حيث كان صديقي محمد محمد خير يقول عن رحلة خروجه من السودان متسللاً أنها تحمل اسم- تهربون..!
    كان السيد الصادق المهدي- بوفائه المعروف يقدر الصديق محمد محمد خير ويحبه خاصة بعد قصيدته العصماء في تمجيد السيد الصادق المهدي حين قال له وفي حفل
    اقيم امام الصادق..
    يدعوك أهلك سيدي-
    وأدعوك وحدك بالسيدين..!
    والمعنى واضح، اذ كان اسم السيدين يطلق على الإمام عبد الرحمن المهدي جد السيد الصادق المهدي لوالده الإمام الصديق والسيد الثاني هو القوس والقطب والركن الثاني في الإنجاز الوطني وتحقيق الإستقلال..!
    اذن خرج صديقي محمد محمد خير إلى مصر بعد الانقاذ واحتضنه وأكرمه هناك قادة التجمع الوطني الديمقراطي المعارض آنذاك والمصالح الآن؟ الا ان خلافاً نشب بينه وبين الأمين العام للتجمع السيد مبارك المهدي.. الذي قصده- وختاه في دماغه- ويا ويل من يقصده مبارك ويضعه في دماغه..!
    ذات مرة وأنا أتردد على القاهرة قادماً من جدة، حيث كان أول إتصال أجريه فور وصولي هو بصديقي محمد محمد خير، جاءني الرجل شاكياً باكياً من ما لحق به من مبارك المهدي أمين عام التجمع، حيث أدركت ان- الفتق- بين الرجلين أكبر من أن ارتقه أنا أو غيري..!
    بعدها بجهدي.. وبجهده.. وبجهد الآخرين ارتبط الرجل الفنان المرهف وهو- أبو عائلة كبيرة كانت تعيش معه في القاهرة ولها بالطبع مطالب ومتطلبات، أقول ارتبط الرجل- بابو هاشم- فالتحق بصحيفة «الإتحادي» وتولى أمره الراحل العظيم المرحوم محمد عثمان عبد الله - أحد خلصاء السيد محمد عثمان الميرغني، حيث سارت أمور صديقي محمد محمد خير على أحسن حال إلى أن منّ عليه الله بالهجرة إلى كندا هو وأسرته الكريمة، حيث تولاه الخواجات بالعناية والرعاية بعد ان فقدها آنذاك عند المعارضة الأنصارية ممثلة في السيد مبارك المهدي، وعند الحكومة الإسلامية ممثلة في نظام الإنقاذ الذي رد لمحمد محمد خير اعتباره الآن واستفاد من قدراته وخبراته وعينه لساناً له في دبي..!
    وهل ذكرت عرضاً اسم الصديق الكاتب والدبلوماسي الرقيق العميق علي حمد إبراهيم الذي شغل آخر مناصبه عندما كان سفيراً للسودان في جيبوتي في منتصف التسعينيات..؟!
    نعم أن السفير علي حمد إبراهيم كان من الوطنيين والانصار الخلص حتى أبان حكم مايو، حيث عمل بعدد من السفارات، وبعد الإنتفاضة عام 1985م التحق بخدمة المراسم بمجلس الوزراء، حيث كان قريباً من السيد الصادق المهدي إلى أن جاءت الإنقاذ وتم نقله للعمل الخارجي سفيراً في جيبوتي التي كانت وبحكم قربها من الصومال واثيوبيا وارتيريا مكان اهتمام مشروع عراب الانقاذ وشيخها آنذاك الدكتور حسن الترابي الذي قال قولته المشهورة وهي: إن الإسلام لا يعرف حدوداً بين المسلمين، الأمر الذي أخاف الدول المجاورة ذات السلطة المسيحية والعلاقات الغربية انجليزية كانت أو فرنسية أو امريكية مثل تشاد.. واثيوبيا، وارتيريا، وجيبوتي والصومال..!
    كان السفير علي حمد إبراهيم صديقاً حميماً لي منذ زمان بعيد، حيث تعمقت بيننا الصلات وأنا أتردد على جيبوتي وتربطني بحكومتها صلات متينة..!
    إنني أذكر للسفير علي حمد إبراهيم شجاعته في التعامل معي رغم سوء العلاقات بيني وبين بدايات الإنقاذ..!
    فقد كان الرجل صميماً في انصاريته ومخلصاً لوظيفته، ولكن يبدو ان علاقات كانت تتواصل بينه وبين قيادة التجمع الوطني ممثلاً في السيد مبارك المهدي الأمين العام للتجمع، حيث اتخذ السفير علي حمد إبراهيم قراره باللجوء للخارج والإنضمام للتجمع الوطني في القاهرة، حيث لم يطل به المقام هناك مثله مثل صديقنا محمد محمد خير، حيث غادر السفير علي حمد إبراهيم القاهرة إلى أمريكا ليستقر هناك دارساً وعاملاً ويطبع علاقاته مع بلاده في الأعوام الأخيرة ويتردد على السودان بصورة عادية..!
    وهل خرجنا عن مسار حكايات مايو.. لا أعتقد اننا ابتعدنا كثيراً، فطريق محمد محمد خير ووجوده بين سراية كوبر 1983 ونقله إلى الكرنتينة-ب- وعلاقته التي نمت هناك بالسيد الصادق المهدي كانت مدخلنا للحديث عنه وعن السفير علي حمد إبراهيم وهو أنموذج لمئات أو آلاف الخبرات والقدرات الوطنية الرفيعة التي فقدها الوطن بسبب ضيق أفق النظم العسكرية والشمولية التي كانت مايو أسوأ محطاتها في بدايتها كانقلاب شيوعي، وفي نهايتها كنظام ارتدى رداء الإسلام ليمارس ابشع ديكتاتورية عرفها السودان ولو من خلال سيئة الذكر- محاكم العدالة الناجزة - وجريمة إعدام شيخ جليل.. وعالم كبير هو الشهيد محمود محمد طه..!
    إن عام الإعتقال في كوبر بعد الإستدراج من جدة في سبتمبر عام 1983م كان عاماً حافلاً بالحكايات والأحداث التي قد لا يصدق بعضها إنسان والتي لو لم أكن انا نفسي طرفاً فيها لما صدقتها..
    ونواصل الحكايات

    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=5781&bk=1
    ___
                  

04-18-2008, 04:53 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    أنا يا عباس النور معتقل سياسي مستدرج من جبرة إلى كوبر عام 1983م بتهمة معاداة قوانين سبتمبر واغتيال محمود محمد طه ومسرحيات اللامعقول المعنونة باسم محاكم العدالة الناجزة..!

    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=6774&bk=1
                  

04-18-2008, 04:54 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    نتفاضة أبريل: ونهاية جعفر نميري
    تنكر جعفر نميري للقوى التقدمية والوطنية التي آزرته وشدت قواه حين جاء مقتبساً برنامجها وأهدافها فأزل الشعب السوداني وأذاقه طعم الجوع والعوذ واستشرى الفساد وتدهور الإقتصاد وأصبح السودان في عهده مطية ذلولا للإستعمار الحديث وسآءت سمعته إقليميا وعالميا ولم يعد فقط رجل أفريقيا المريض بل صار في عهده جثة أفريقيا الملقاه على حافة الطريق لا تجد من يركلها أو من يواريها، وراح (المتأسلمون) يجملون له ما اسموه بحكم الشريعة فجلد النساء والشباب وقطعت أياديهم وأزلوا الشيوخ وأمتدت يده إلى المفكـر الإسلامي المقتدر العالم وقد تجاوز الخـامسة والسبعـين الأستاذ محمود محمد طه فأعدمه بعد أن زعموا له أنه كافر زنديق وأصبح النميري في يد (المتأسلمين) أرجوزاً بلغت السخرية به حد إقناعه بأن المقاعد الفارغة في مكتبه يجلس عليها أولياء الله الصالحين في حضرته وراحوا يقدمون له الشيخ فلان والشيخ فلان فيمدد يده في الهواء مصافحاً طالباً (البركة والتاييد وحسن الخاتمة).

    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=6680&bk=1
    ________________
                  

04-18-2008, 04:55 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    كلمة الوطن
    ملف الفلاشا من جديد
    إذا كانت محاكم العدالة الناجزة وقوانين سبتمبر المعيبة وإعدام الشيخ الهرم محمود محمد طه تجسد أسوأ سيئات مايو ومخازيها الوطنية الداخلية ،فإن ترحيل الفلاشا اليهود من إثيوبيا عبر السودان إلى إسرائيل يجسد أكبر المخازي القومية لنظام مايو الذي قدم من خلال ترحيل الفلاشا نحو«15» ألف مقاتل إثيوبي «فلاشي» إلى اسرائيل، لتقتل وتقاتل العرب والمسلمين من فسلطين وغيرهم..!.
    ولقد ظلّت قضية الفلاشا متداولة منذ أن تفجرت في منتصف ثمانينيات القرن الماضي حيث عقدت بشأنها المحاكمات، وكتبت بشأنها المقالات والتحليلات والتقارير، وكلها كانت أقرب إلى تبرير الجريمة النكراء منها إلى إجلاء الحقائق وقول الحق..!.
    فاللاعبون الكبار فوق مسرح هذه الجريمة القومية، ولسوء الحظ كانوا ضمن مغالطات، وصفقات، وتحالفات ما بعد الانتفاضة 1985م؛ حيث شكّل أحد الأحزاب الرئيسة الشريك في قضية الفلاشا أو على الأقل في الحكم الذي صدّر الفلاشا؛ ونعني «الجبهة الإسلامية القومية»، حماية ورعاية وملاذات آمنة لهؤلاء اللاعبين.. حتى إذا جاء نظام الإنقاذ 1989م «في طبعته الأولى» قبل المفاصلة ،لمع من جديد نجم بعض هؤلاء اللاعبين على مسرح الفلاشا، فكان أن وجدوا الحماية والرعاية بل والتوظيف الرفيع دون أي مراعاة أو تقدير للمشاعر الوطنية والقومية التي طعنها هؤلاء في مقتل، يوم أن وافقوا على الانخراط في عمل مُشين وقذر، وهو دعم عدو العروبة والإسلام والتاريخ الإنساني، ونعني اسرائيل، بالجنود الأشداء الأقوياء ،حيث لا ينفع هؤلاء اللاعبين ما قالوه من أن المسألة كانت مجرد عبور لاجئين من إثيوبيا عبر السودان ،وهم غير مسؤولين عن وجهة هؤلاء اللاجئين بعد ذلك ..!.
    إنه فعلاً ،وعلى ضعفه ووهنه كلام عجيب ومعيب ...!.
    إثيوبيا التي ينتمي إليها هؤلاء المرحلون آنذاك ،رفضت أن تقوم بهذا الدور القذر.. رغم علاقة نظامها الدبلوماسي على الأقل مع اسرائيل.. وذلك تقديراً لعلاقاتها، أي «اثيوبيا» ،بالعالمين العربي والإسلامي، وتقديراً لمشاعر المسلمين في إثيوبيا وإريتريا والصومال المحتل ...!.
    إن السكوت على مخازي التاريخ ومثل هذه الممارسات قد يشجع الآخرين من الحاكمين الآن وفيما بعد بارتكاب مثل هذه الجرائم، والمعاصي، والعقوق الوطني والقومي والإسلامي؛ الأمر الذي حتّم ويحتم دائماً ألا يقفل التاريخ أو تطوي صفحاته في قضية الفلاشا..!.
    وبداية تبدأ «الوطن» بنشر حقيقة الحقائق حول قضية الفلاشا من الألف إلى الياء، وذلك على لسان وبقلم أحد أكبر المسؤولين، ليس في قضية الفلاشا وحدها بل في كل دولة مايو التي سقطت 1985م.. وهو السيّد الفريق الدكتور عمر محمد الطيب ،الرجل الأول في أمن مايو بكل أجهزته وقوته وممارساته.. والرجل الثاني الفاعل والفعّال في كل نظام مايو على الأقل في سنواته الأواخر...!.
    والفريق عمر محمد الطيب الذي يحكي هنا بتفاصيل أدق وبالأسماء والتواريخ والأماكن ،يبدو لنا وكأنه يريد أن يضع كامل النقاط على كامل الحروف في قضية الفلاشا، وتسليط الأضواء الكاشفة بلا ضبابية أو مواربة على قضية الفلاشا، وذلك وفقاً لتقديرنا لخدمة التاريخ ولإبراء الذمة ولفتح مدوٍ لهذا الملف الكبير والخطير، حتى لا تنام الأعين أو تطوى الصفحات أو ينسى النّاس ما حدث بحقهم وحق بلادهم وأمتهم من سيئات أو حسنات. وهنا نختم ونقول إن سائر الذين وردت اسماؤهم على لسان الدكتور الفريق عمر محمد الطيب في هذه الحلقات الثلاث التي ستنشر بداية من يوم غد الخميس ثم السبت فالأحد ،سيكون من حقهم الرد والتوضيح والتصحيح ،إن كان في أحاديث الدكتور الفريق عمر محمد الطيب ما يستدعي ذلك.
    «والله من وراء القصد»،،
    سيد أحمد خليفة

    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=7318&bk=1
    _________________
                  

04-18-2008, 04:56 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    أنفاس السبت

    عادل سيد أحمد
    الترابي قال لأهل أَمري: ستجدون حقكم في الآخرة..!
    ولكن السؤال المشروع: أين حق شعب السودان، في الدُنيا..؟!
    ما بين الأُستاذ «المشنوق» والشيخ «المسجون».. تكمن أزمة «الإسلام السياسي»..!
    الشايقية أكلوا وشربوا داخل صيوانات الجبهة.. ثم هتفوا: «عاش أبو هاشم.. عاش أبو هاشم»..!.



    في العام 1986م... واستعداداً للإنتخابات العامة، في فترة الديمقراطية الثالثة... بعد الإطاحة بالنظام العسكري الديكتاتوري الثاني... وضمن الحملات السياسية، التي نشطت فيها «الجبهة الإسلامية القومية»... قام أمينها العام الدكتور حسن الترابي، بزيارة للشمالية...
    إنَّ فرع الجبهة الإسلامية بالشمالية... كان أن سكب أموالاً، من أجل جذب جمهور الاتحاديين «والختمية»... ونجحت الجبهة في الدخول، لكلّ بيت..!.
    كانت الجماهير، هناك... «متجاوبة» مع أية «ليلة سياسية»... ولكن القناعات «خرسانية» عند الكثيرين...
    وفي منطقة الشايقية ـ تحديداً، حيث «الدوائر المقفولة» للاتحاديين... جاء الترابي، بعد أنْ رتّب أقطاب من حزبه... صيوانات «فاخرة جداً»... ثم دعوة الحاضرين لـ«عشاء كارب»... ذبائح وولائم.. وإنارات فخمة وكراسٍ وثيرة... لقد ضاق «الصيوان»، بالمدعوين..
    وبدأت الليلة السياسية... والحديث «الساحر»، الجذاب... بالخطاب الديني الرنان، ودغدغة العواطف.. وامتلاك ناصية الحديث... والذي اشتهر به الدكتور حسن الترابي..!.
    ولكن، جماهير «الشايقية»... بعد أنْ قبلت الدعوة والضيافة... وشربت العصير.. وتعشّت... وبمكر شديد... وقفت تلك الجماهير، وهي تُردد:
    سكت على الفلاشا... وجاب لنا عاشه..
    عاش أبو هاشم... عاش أبو هاشم..!
    حاشية:
    ـ الفلاشا، هُم اليهود، الذين تم ترحيلهم من إثيوبيا إلى إسرائيل، عبر السودان، إبان فترة الديكتاتور جعفر نميري.
    ـ عاشه: هي عائشة الغبشاوي، وهي من القيادات النسوية «التاريخية» البارزة، للجبهة الإسلامية القومية... ومن مناطق الشايقية.
    ـ أبو هاشم... كُنية... يكنّى بها السيد محمد عثمان الميرغني... في إشارة إلى حسبه ونسبه بالبيت النبوي الشريف...
    ومعروف عن الرسول «ص»، أنه من بني هاشم...
    ***
    قصدت من هذه الفذلكة التاريخية، اجترار الذكريات السياسية، في بلد، شهدت سنواته وفي العقود الثلاثة الماضية، تقلبات سياسية... مزعجة ومخيفة... بين أنظمة أحادية، وأخرى تعددية..!.
    بيد أنَّ دكتور الترابي، والذي يزور الشمالية هذه الأيام... بثوب جديد... مركزاً هجومه على بناء سياسي، كان هو «مقاوله ومهندسه ومنفذه»...
    كأنما يتهم شعبنا بـ«ضعف الذاكرة»... و«التسامح» لدرجة الإفراط والتفريط..!.
    الترابي خاطب مواطني «أَمري» معلقاً بالقول: «حقكم، ستجدوه في الآخرة»..!.
    ***
    والحقيقة التي لا مفرّ من ذكرها... ويتوجب على د.الترابي، وحزبه... الاعتراف بها... والاعتذار عنها... بوضوح وشجاعة وشفافية... أنَّ الترابي حصد، تماماً، ما زرعه...
    فالسودان، في مجتمعه السياسي والمدني المنظم، وقواه السياسية الحية... لا يعرف أباً وراعياً ومؤسساً، للإسلام السياسي «الحديث» إلاَّ الدكتور حسن الترابي...
    فالناس... حينما يهاجمون القوانين المسماة زوراً «إسلامية» في عهد الاستبداد الثاني... فإنَّ الألم يعتصر الناس، من قائد الحزب الإسلامي، الدكتور حسن الترابي... فشعب السودان «المتدين» فطرياً... والواعي، سياسياً... ما كان يرجو ـ أو يستحق ـ محاكم للتفتيش... تشهر بالأُسر، وأبنائها وبناتها، عبر الإذاعة والتلفاز، في أسوأ محاكم طواري وعدالة ناجزة «عاجزة»، عرفها ـ ربما ـ التاريخ الإسلامي ـ في كلّ مراحله...
    وما كان اعتذار الدكتور حسن الترابي، مقنعاً أو كافياً... بل كان نوعاً من الالتفاف، والتمويه والخديعة «السياسية»... واللعب بعبارات دينية براقة... تشبه «المخدر»، الذي يعطيه الطبيب للمريض...
    فماذا قال؟؟:
    «أنا كنت المستشار، الذي لا يُستشار»...
    هل هذا مقنع..؟؟!.
    وهل هذا مقبول من داعية سياسي، بفكر إسلامي مستنير؟؟!.
    ثم أين المبدأ الإسلامي الراقي والأصيل: «أفضل الجهاد، كلمة حق في وجه سطان جائر»..؟؟!.
    أَما كان بالإمكان إرساء مباديء مقاومة الاستبداد، ومواجهة السُّلطان الجائر... وتثبيت موقف، يُحسب لصالح حركة الإسلام السياسي، الحديثة..؟؟!.
    إنَّ واحدة من الآفات، التي أدخلها الدكتور حسن الترابي، وغرسها داخل حزبه... كانت حكاية «فقه الضرورة»...
    نعم.. حكاية.. لأن «فقه الضرورة» قامت عليه كل «الرواية» التراجيدية - والكوميدية، والتي تبكينا وتضحكنا... كل يوم..!.
    ومأساة «فقه الضرورة»... أنه تمدد وامتد لـ«السياسة»... حتى شب عن الطوق... وتحول من منهج أخلاقي، في نطاق ضيق، رحمة بالناس... إلى «فقه سياسي»، واسع، كرس للاستبداد والاحتكار والوصاية... حتى أصبح يوازي، بل يضاهي، الميكافيلية القميئة: «الغاية تبرر الوسيلة»...
    إنَّ هذه الفكرة «المدمرة»... كانت السبب الأساسي، والباعث القوي، والدافع لإقصاء الآخرين... وطردهم من السُّلطة، رغم أنهم جاءوا إلى الحكم، عبر انتخابات ديمقراطية، شهد بها - وشهد عليها - العالم كله، في أعرق نظام برلماني، عرفه العالم الثالث، والقارة الإفريقية، على الاطلاق..!.
    ***
    لقد دافع د. الترابي، عن نظام الإنقاذ... دفاعاً مستميتاً... وهو دفاع، لسوء حظ الترابي... كان عن النظام، والنظام في أسوأ سنواته، حيث «التشريد والاعتقال»... وحتى اقتصادياً، كان المواطنون يعانون في معاشهم وعلاجهم وتعليمهم... وكان السودان محاصراً، إقليمياً ودولياً... والحروب مشتعلة في أطرافه.. جنوباً وشرقاً... مع المعارضين... ومع المجاورين.. واشتعلت أزمة حلايب، مع مصر..!.
    وقد كان بالسودان: بن لادن... والظواهري... وحتى الدكتور عمر عبد الرحمن، مرَّ بالسودان... وجميعهم ضمهم أو احتضنهم أو رعاهم، «المؤتمر الشعبي العريي والإسلامي»، والذي كان أمينه العام هو الدكتور حسن الترابي..!.
    إنَّ «الشيخ» حينها كان هو «مايسترو» الإنقاذ..!.
    ***
    وهنا تستحضرني، إفادات، كان أنْ أدلى بها الدكتور الترابي، في زيارته الشهيرة، للولايات المتحدة الأمريكية، في النصف الأول من حقبة التسعينيات... حيث استمات الدكتور الترابي، دفاعاً عن الإنقاذ في أحلك وأقسى أيامها...
    وإليكم اقتبس - تنشيطاً للذاكرة، بعضاً مما جاء في إفاداته أمام الكونجرس... فما أبرز ما قاله؟؟:
    { الديمقراطية لا تنطوي فقط على الانتخابات وحكم الشعب، وإنما على ابعاد الدين عن النظام العام، وحظره قانونياً عن الممارسات العامة.
    { لا توجد اعتقالات ولا يوجد معتقلون... وإنْ وجدت، أحياناً، فهي تحفظية... والسياسيون يُنقلون إلى سجن كوبر.
    { الإنقاذ لم تطرد من الخدمة المدنية سوى عدة آلاف... وكلّ نظام جديد يضع مؤيديه في قيادة السُّلطة.
    { الكلام عن انتهاكات لحقوق الإنسان، اشاعات.
    { الجهاد في السودان ليـــس ضد المسيحية، وحكومة السودان ضد الإرهاب..!.
    { لم أشترك في الإعداد لما حدث في 30 يونيو... ولم تكن لي علاقة به.
    { السودان، الآن يحتاج إلى سُّلطة قوية على رأسها رجال القوات المسلحة.
    ***
    ألاَّ تمثل إفادات الترابي «التاريخية» تلك... والتي أدلى بها في زيارته الشهيرة لأمريكا، في عقد التسعينيات أمام الكونجرس... حيث مارس دفاعاً مستميتاً «Advocacy» عن الإنقاذ... «مبالغ فيه»... وقد كان الذين استجوبوه هم:
    - ميرفن دايمالي، وهو «ديمقراطي» من ولاية كلفورنيا.
    - هوارد ولبي، ديمقراطي من المسسيبي.
    - بن كليمان، «جمهوري» من نيويورك.
    - بجانب فرانسيس دينق... من الشخصيات السودانية «الجنوبية» المعروفة.
    واليوم... اليوم... وما أشبه الليلة بالبارحة... فإنَّ د.الترابي «يشتكي ويدعي» أنه يشرب من كأس «الاستبداد والمحسوبية والفساد»... كأنه بالأمس، كان أميراً للمؤمنين، بالقسط والعدل بين الناس ..رؤوفاً!. بهم وعطوفاً عليهم...
    ولم يكن دقيقاً حينما نفى علاقة له مباشرة بالإنقاذ... فهو عاد ـ وفي رمضان، بعد المفاصلة، وقال: «قلت للبشير، اذهب للقصر رئيساً، وسأذهب للسجن حبيساً». .. وأنهم صوتوا داخل اجتماع الشورى للاستيلاء على السُّلطة..!.
    كيف نصدق... كيف؟؟!... ونحن، الآن في السودان، على نطاق السياسة، ننعم بـ«سلام» أوقف الحرب... وبصحافة تمارس قدراً متنامياً من الحرية... وتنتصر، كل يوم، وتتمدد، وتنتزع الحرية، وتوسعها.. وما انتصار الصحافة في ابطال المادة 130 ـ سيئة الذكر ـ من قانون الاجراءات الجنائية، إلاَّ دليل على صدق ما أقول...
    وما انتصار الصحافة في السجال القانوني في قضية عروة ونور الدين مدني، إلاَّ دليل حي، على تطورنا السياسي والإعلامي والصحفي...!.
    ***
    إنََّ «شخصنة» الأمور، وتفصيلها على مقاس معين... هو الذي أضر بحركة الإسلام السياسي... والذين تمردوا على د. الترابي، من تلاميذه... برروا ذلك، بأنهم لا يقبلون الاستمرارية في «كبانية» المنشية...
    صراع داخلي بين الشيخ وتلاميذه... لا يهمنا كثيراً، إلاَّ بقدر أنه صب لمصلحة شعب السودان... وقد كان الاختلاف رحمة بالعباد... حيث نحى بالبلاد إلى التحول الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، ثم انتخابات عامة، في المستقبل القريب، ليختار فيها الشعب حكامه، طواعية...
    ***
    أختتم بمقارنة بسيطة بين موقفين، لزعيمين إسلاميين... هما الأستاذ الشهيد محمود محمد طه... والدكتور حسن الترابي... وكلاهما طرح برنامجاً إسلامياً:
    {{ محمود محمد طه... أيام «قوانين سبتمبر».. قال، أمام قضاة الطواريء والعدالة العاجزة، بقيادة المهلاوي والمكاشفي... قال ما يلي:
    «أنا أعلنت رأيي مراراً في قوانين سبتمبر 1983م، من أنها مخالفة للشريعة الإسلامية... أكثر من ذلك، فأنها شوهت الشريعة، وشوهت الإسلام، ونفرت عنه... يضاف إلى ذلك أنها وُضعت واستُغلت، لإرهاب الشعب وسوقه إلى الاستكانة، عن طريق إذلاله ثم أنها هددت وحدة البلاد... هذا من حيث التنظير... أما من ناحية التطبيق، فإنَّ القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها، غير مؤهلين فنياً، وضعفوا أخلاقياً، عن أنْ يمتنعوا عن أنْ يضعوا أنفسهم، تحت سيطرة السُّلطة التنفيذية، التى تستعملهم لاضاعة الحقوق، وإذلال الشعب، وتشويه الإسلام، وإهانة الفكر والمفكرين، وإذلال المعارضين السياسيين... ومن أجل ذلك، فإنني غير مستعد للتعاون مع أي محكمة، تنكرت لحرمة القضاء المستقل... ورضيت أنْ تكون أداة من أدوات إذلال الشعب، واهانة الفكر الحر، والتنكيل بالمعارضين السياسيين».
    {{ أما د. الترابي... في ذات المشهد... من مسرحية 83 الشهيرة.. ماذا كان موقفه... وماهي أقواله؟؟!.. وما نص البيعة بينه وبين «الامام» جعفر نميري..؟؟!:
    «أُبايعك على كتاب الله، ذي الجلال والإكرام.. أُبعايك على الطاعة في المنشط والمكره ما لم أومر بمعصية.. أُبايعك على النصيحة لك، والجهاد وراءك في سبيل الله.. أُبايعك على أنْ تقيم الدين، وتبسط الشورى والعدل، وتجهد في مصالح الأمة.. أُبايعك، وأشهد الله على ذلك، وهو خير الشاهدين».
    ***
    الأستاذ محمود محمد طه، ذهب إلى المشنقة شهيداً ممسكاً بقناعاته... بينما الدكتور الترابي، ذهب إلى السجن «حبيساً»،في أكبر عملية تمويه عرفها السودان، في تأريخيه...!...
    وما بين المشنقة والبيعة... تكمن أزمة الدكتور حسن الترابي...
    إنها أزمة كبيرة بحق وحقيقة..!.
    ***
    قال تعالى: «ذكِر إنما أنت مُذكِر.. لست عليهم بمُسيطر».
    صدق الله العظيم

    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=7282&bk=1
                  

04-18-2008, 04:57 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    في حوار مطوّل مع «الوطن»

    أحمد عبد الرحمن يكشف حقائق حركة 1976م وخلافات الحركة الإسلامية
    الخرطوم - هاشم عبد الفتاح
    اجرت «الوطن» حواراً مطولاً مع الأستاذ أحمد عبد الرحمن محمد أحد أبرز قيادات الصف الأول في الحركة الاسلامية، وأحد القيادات التي شاركت في وضع منفستو الجبهة الوطنية المعارضة لنظام مايو والتي عُرفت فيما بعد بحركة يوليو 1976مأو « الغزو الليبي». وكشف الاستاذ أحمد عبد الرحمن عن حقيقة وطبيعة الأجواء التي شكلت عمل ومخططات المعارضة لإسقاط نظام نميري، مشيراً إلى أنّ الحركة الإسلامية كانت الأضعف تمثيلاً في الجبهة الوطنية وأنّ تمثيلها فيما بعد مصالحة 1977م مع حكومة نميري كان أيضاً ضعيفاً، ولم يكن لقيادات الحركة الاسلامية أثر في سياسات وقرارات نميري، وأضاف أنّ أجهزة وعناصر جهاز الأمن لم تكن ترغب في مشاركة الحركة الإسلامية في الحكم. ونفى أحمد عبد الرحمن في حواره أية علاقة لوزارة الداخلية التي كان يتولى مسؤوليتها بملف قضية الفلاشا الشهيرة، والتي حمَّل مسؤوليتها كاملة لجهاز أمن نميري والمخابرات الأمريكية والسفارة الأمريكية بالخرطوم، كما نفى أيضاً علاقة وزارته بقضية محمود محمد طه. وذكر أحمد عبد الرحمن بعض الحقائق في قضية خلافات الإسلاميين حول السلطة، وإمكانية معالجتها، مشيراً إلى أن طبيعة هذه الخلافات في البرنامج التطبيقي وليست في المنهج.

    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=9066&bk=1
    _________________
                  

04-18-2008, 04:58 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الإسلامي أحمد عبد الرحمن يحكي لـ(الوطن) قصة الفلاشا.. وأيام نميري الأخيرة) (2 - 3)

    رغم «المصالحة » عناصر نافذة في حكومة مايو لا ترغب في مشاركة الحركة الإسلامية
    الداخلية لا علم لها «بالفلاشا».. ولم يحقق معها في محاكمات (رموز مايو)

    «انقلابات.. واغتيالات ودماء وتعذيب وهروب».. تفاصيل لمشهد سياسي راسخ في ذهنية العقل السياسي السوداني، وهي كذلك صور وملامح لما بعد البيان الأول لأية حقبة حاكمة ليس في السودان فحسب لكنها أيضاً نموذج يمكن أن ينطبق في أية دولة من دول العالم الثالث.. وهكذا احتشدت الذهنية السودانية بواقع ومجريات التاريخ السياسي في السودان من لدن العام 1956م إلى ما بعد عشية 30 يونيو 1989م وكلما ارجع العقل السوداني ذاكرته إلى الوراء كلما ازدادت قناعته بفشل النخب السودانية في إرساء نموذج للحكم يلبي طبيعة أهل السودان واحتياجاتهم وطموحاتهم ويزيل عنهم (الرهق) والشقاء..
    في ذاكرتنا الآن حركة يوليو 1976م التي (تبلورت) عبر أطروحات وأفكار (الجبهة الوطنية) المناهضة لنظام جعفر نميري والتي عرفت فيما بعد بـ(حركة المرتزقة) ولكن ومهما اختلف الناس أو اتفقوا حول حقيقة هذا التحرك المعارض فإن حركة يوليو 1976م تبقى شكلاً من أشكال الإرادة السودانية في سبيل بحثها عن الحكم الرشيد وتفكيك أنظمة الحكم الدكتاتوري، والحد من خطر الأنظمة العسكرية على وحدة واستقرار السودان وعلى المنطقة.. هكذا كان منفستو (الجبهة الوطنية) لمخاطبة القوى السياسية السودانية من أجل اقصاء نظام نميري الذي كانت طبيعته يسارية حمراء ومتشددة مع الإسلاميين.
    (الوطن) حرصت على أن تجلس إلى مولانا أحمد عبد الرحمن محمد أحد أبرز رموز الجبهة الوطنية ممثلاً لحركة (الأخوان المسلمين) والذي يتولى الآن مسؤولية إحدى الواجهات الحكومية وهي مجلس الصداقة الشعبية العالمية، حاول في هذه المقابلة ارجاع ذاكرته إلى تلك الأيام والأجواء السياسية التي صاحبت انقلاب مايو 1969م وتشكيل الجبهة الوطنية المعارضة فيما بعد والتي تبلورت في المملكة العربية السعودية ثم استوطنت وتوسعت في بيروت بلبنان لينتهي بها المطاف في أرض الجماهيرية العربية الليبية.
    في هذه المقابلة تشعب الحوار وتداخلت القضايا ورغم الأجندة والتساؤلات التي وضعناها أمام مولانا أحمد عبد الرحمن في بدايتها البعد التاريخي إلا أن واقع الحركة الإسلامية اليوم يستوجب البحث في واقعها ومستقبلها وكشف الحقائق والمسكوت عنه في خلافات الإسلاميين. وبالنظر إلى دور واسهام الأخوان المسلمين آنذاك في حركة يوليو 1976م لا يكاد يُرى لهم (أثر فاعل) في مجمل مخطط الجبهة (الإقصائي) وذلك باعتراف مولانا أحمد عبد الرحمن نفسه ولكن الحركة الإسلامية الحاكمة الآن تؤكد الحقائق التاريخية بأنها صعدت إلى واجهة السلطة بشكل متسارع ودرامي بعد أن كانت مجموعة ضعيفة ومهمشة وغير مؤثرة في الجبهة الوطنية.. أكثر من الساعة ونصف الساعة جلستها (الوطن) مع مولانا أحمد لكنها بالطبع ليست كافية لإدارة حوار مع رجل يحمل عدة (واجهات) الدخول فيها يحتاج إلى ساعات طوال.. والسؤال الاستثنائي الذي نطرحه هنا.. ما بال مولانا أحمد يمارس فضيلة (الاعتكاف السياسي) وهو الذي يدرجه البعض ضمن منظومة حكماء وعقلاء الحركة الإسلامية التي هي الآن في حاجة لهؤلاء العقلاء؟..

    اجرى الحوار: هاشم عبد الفتاح / تصوير: سعيد عباس

    * هل طالبتم نميري بتقوية مشاركتكم في السلطة عبر مواقع قيادية؟
    - كنا موجودين في الحكومة لفترة أكثر من عام، كانت عضويتنا شاغرة في مجلس الأمن القومي، وهي فترة اعتبرها نميري فترة حسن «سير وسلوك»، بعدها ملأنا مواقعنا في مجلس الأمن القومي، ولو لا نميري لما دخلنا هذا المجلس لأن القيادات العليا النافذة في نظام نميري خاصة في أجهزة الأمن لم تكن راضية بمشاركتنا أو تمكين الحركة الاسلامية في أي موقع ناهيك عن مواقع قيادية.
    * ومتى تحققت المفاصلة بين السيد الصادق المهدي ونميري؟
    - اتفاقية كامب ديفيد كانت بمثابة مفترق طرق بين نميري والصادق المهدي، فالمكتب السياسي لحكومة مايو اجتمع لمناقشة موقف السودان من كامب ديفيد، وهنا السيد الصادق المهدي انتهز هذه الفرصة وأعلن خروجه من نظام مايو.
    * وماذا كان موقفكم أنتم كحركة إسلامية من هذه الاتفاقية؟
    - نحن لا ندعي بأننا كنا مؤثرين في نظام مايو حتى نقول رأينا في هذه الاتفاقية تأييداً أو معارضة، ولذلك لم يكن لدينا وجود حقيقي حتى تحسب لنا كامب ديفيد أو تحسب ضدنا، ومن هذا المفهوم كنا لا نرغب أن نتحمل مسؤولية ليست لنا.
    * إذن كامب ديفيد كانت السبب المباشر لخروج المهدي من الحكومة وفض المصالحة مع نميري؟
    - أبداً هذا ليس السبب المباشر لخروجه، فالصادق المهدي لم يكن مرتاحاً لوجوده داخل نظام مايو رغم أنه صاحب المبادرة أو المصالحة، لكنه لم يجد تطلعاته ورؤاه لا في المواقع التنفيذية ولا المواقع السياسية، وأدرك بأنه لا داعي للاستمرار في المصالحة مع نميري.
    * أنت كوزير للداخلية في نظام مايو ما حقيقة الاضطراب أو الضعف في السنوات الأخيرة لحكم نميري؟
    - قبل انتفاضة رحب أبريل 1985م كنا كحركة إسلامية أمورنا تسير بشكل طبيعي، ولم يكن لدينا استعداء ضد نميري، وكنا نعتقد أن فترة نميري هي بمثابة فرصة لنا (للتنفس) من المواجهات السابقة والتي لم يكن لدينا فيها سهما كبيرا، ونحن أكثر الكيانات السياسية التي تعرضت للسجون والمعتقلات لسنوات طويلة والمطاردات والملاحظات من جهاز أمن نميري.
    وفي الأيام الأخيرة لنميري بدأنا نفكر في المستقبل، وأن توسع قاعدة الحركة بالاستقطاب والطريق السلمي وطرح أفكار وبرامج الحركة الإسلامية، واعتقد أن مظلة الاتحاد الاشتراكي التي كنا ننضوي تحتها تتيح لنا الفرصة الكاملة لممارسة هذا النوع من العمل، خاصة أن نميري في سنواته الأخيرة بدأت توجهات تتخذ منحنى إسلامياً.
    * إذن ما هي الأسباب أو العوامل المباشرة التي أدت لخروجكم من منظومة مايو؟
    - هناك قوة خارجية كان لها تأثير كبير جداً على نظام نميري وهم الأمريكان، حيث حضر وفد أمريكي بقيادة بوش الكبير والتقى بكل القوى السياسية في اجتماع بالسفارة الأمريكية بالخرطوم بعد أن وجهت الدعوة لكل هذه القوى ما عدا الحركة الإسلامية، وهذه كانت بمثابة قاصمة الظهر بالنسبة لنا، وبكل أسف كانت حاضرة هذا اللقاء وموافقة على أن الحركة الإسلامية خطرة على نظام نميري وغيره من القوى السياسية. في هذا الأثناء نشطت المخابرات الأمريكية واستطاعت ان توغر صدر المسؤولين على ان الحركة الاسلامية اذا «لم تتغدوا بها سوف تتعشى بكم».. ومن دون مقدمات وجدنا أنفسنا في السجون وعلمنا من البيان الأول بأننا متجهين إلى سجن «شالا» رغم أننا كنا وزراء.
    * وكيف كانت تداعيات هذه العملية من جعفر نميري؟
    - هذه هي الغلطة التاريخية التي وقع فيها نميري باعتقاله لقيادات الحركة الاسلامية، ونظام نميري كان في حالة استقرار منذ انعقاد المصالحة في 1976م، حيث لم تكن هناك مظاهرات أو اضرابات من الطلاب أو العمال أو غيرهم من قطاعات الشعب، وهذه العملية بضرب الاخوان المسلمين كانت قاصمة الظهر وبذلك وجدنا انفسنا اكبر مجموعة في المعتقلات والسجون.
    * في تقديرك لماذا حاول نميري ضرب الإسلاميين وتحجيمهم في السلطة؟
    - رغم ان نميري كان متعاوناً مع الحركة الاسلامية لكنه كان ينسب كل ما له علاقة بالمنهج الاسلامي إلى نفسه كرئيس للجمهورية، ولا يقبل بمشاركة أي مجموعة أو أي فرد من الحركة الاسلامية، بل ان نميري وجه مستشاريه بعدم الاتصال بالدكتور الترابي فيما يتعلق بتطبيق القوانين الاسلامية رغم انه كان وزير عدل في الحكومة، ولكن نميري شكل لجنة فنية برئاسة خلف الله الرشيد رئيس القضاء السابق وسكرتارية الدكتور الترابي (وزير العدل) على ان تستعين هذه اللجنة بكل العلماء والفقهاء السودانيين في مجال التشريعات الاسلامية، كما استعانت اللجنة بعدد من رجال الفقه والقانون من البلاد العربية خاصة مصر، وقامت اللجنة بعمل كبير ونظرت في كل القوانين المعمول بها في السودان من أجل امكانية مطابقتها للتوجه الاسلامي في البلاد، وتبين لهذه اللجنة ان حوالي 85% من القوانين المعمول بها تطابق التوجه الاسلامي.
    * هنالك اعتقاد من بعض الاسلامية ان التوجه الاسلامي لحكومة نميري في ايامها الأخيرة هو الذي عجل برحيلها؟
    - ربما يكون هذا صحيح لأن نميري أصر على تطبيق القوانين الاسلامية دون تدرج وركز على الحدود الاسلامية رغم ان هناك جهداً وتحركاً من القضاة الموجودين آنذاك بأنه لا بد ان تراعي عملية تطبيق قوانين الحدود الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي كانت تواجه السودان في تلك الفترة.
    * أنتم كحركة إسلامية ما هو موقفكم من عملية تطبيق القوانين الإسلامية التي أعلنها نميري؟
    - ليس لدينا فرصة ان نقول أي شيء وخاصة ونحن داخل النظام، لكن حافظ الشيخ الزاكي رئيس القضاء واحد قيادات الحركة الاسلامية كان لديه موقف مشهود في هذه القوانين، ولكنا سعينا لعمل مستوى آخر للاستئناف، حيث تم تكوين لجنة مراجعة الاحكام (الحدود) وهي لجنة أعلى من المحكمة العليا وحتى الآن لا تزال هذه اللجنة موجودة باسم (لجنة المراجعة)، وهذه اللجنة تعطي الآن الأهتمام الكامل باعتبار ان الحركة الاسلامية هي الحاكمة الآن.
    * أستاذ أحمد قضية ترحيل «الفلاشا» الشهيرة شكلت أحدى مسالب مايو بل اعتبرها البعض «عار» ولعنة لا زالت تطارد السودانيين كيف حدث ذلك وأنت وزير داخلية؟
    - هذه هي طبيعة الأنظمة الديكتاتورية لا تنتهج العمل المؤسسي، بل هي تضيق بهذا العمل. وانا كنت في وزارة الداخلية التي هي مسؤولة عن اللاجئين، ولكن للأسف الشديد قضية «الفلاشا» طرحت من كافة الجوانب والأجهزة الكبيرة في الحكومة ما عدا وزارة الداخلية وهي لا علاقة لها بهذه القضية وحتى المحاكم التي انعقدت ما بعد مايو لم تدع لها وزارة الداخلية لمحاكمتها أو أخذ رأيها بشأن هذه القضية.
    ولذلك نعتقد ان عدم دعوة الداخلية تبرئة لساحتنا من أي جريمة في هذه القضية، ولكن على مستوى السودان تعتبر هذه القضية شيئاً (غير مقبول) لانه لا يمكن ان تكون هناك وزارة للداخلية غير معنية باوضاع وقضايا اللاجئين وان تكون أجهزة الأمن هي المسؤولة عن هذه القضية.
    * إذن من المسؤول بشكل مباشر عن هذه القضية؟
    - الحقائق التي وضحت في المحكمة ان جهاز الأمن والسفارة الأمريكية بالخرطوم هي الجهات المسؤولة بشكل مباشر عن هذا الملف.
    * وكيف كان يمكن أن تتعامل مع هذه القضية اذا أوكلت إليكم في وزارة الداخلية في ذلك الوقت؟
    - ان كان هؤلاء (الفلاشا) هم لاجئون حقيقيون كنا سنتعامل معهم حسب القانون، والذي يتيح لكل لاجيء الهجرة من بلد لآخر بغض النظر عن ديانته ولكن الواضح ان التعامل مع هذا الملف لم يكن باعتبار هؤلاء الفلاشا «كلاجئين».
    * وهل كنت تعلم بأن هناك مجموعات (يهودية) قدمت من إثيوبيا واستوطنت في منطقة القضارف بشرق السودان؟
    - أنا حاولت معرفة الحقيقة وذهبت إلى منطقة (العزازة) بولاية القضارف حينما علمت بأن هناك طائرات إثيوبية هبطت في هذه المنطقة وذهبت لتقصي الحقائق ان كانت الطائرات تحمل اسلحة أو أشياء أخرى، وأخبرني أحد الخفراء هناك بأن هذه الطائرة أحضرت مجموعة من الإثيوبيين، ولكني وجدت في الموقع جرائد (عبرية) يهودية واتضح لي فيما بعد ان المسألة «مطبوخة» بين السفارة الأمريكية والمخابرات الأمريكية وجاهز أمن نميري بهدف ترحيل هذا المجموعة إلى إسرائيل.
    ولذلك كنت أتمنى ان تطلب منا محكمة (الفلاشا) سماع شهادتنا في هذا الموضوع وكنا متحمسين لذلك.
    ورغم ان عملية (الفلاشا) تمت عبر طبخة بين حكومة مايو والمخابرات الأمريكية إلا أنني استدعيت أحد المسؤولين بالسفارة الأمريكية آنذاك وحاولت معرفة بعض المعلومات عن هذه القضية ووجهت له سؤالاً واضحاً (ماذا تعملون في السودان..؟).
    * كيف تمت اقالتك من حكومة مايو؟ وهل ملف الفلاشا له أية علاقة بهذه الاقالة؟
    - أنا كنت في زيارة رسمية إلى الصين واليابان لتوفير دعم مالي للاجئين وفوجئت بقرار فصلي من التلفزيون، وأنا كنت في هذه الفترة أبحث عن أي معلومات عن (الفلاشا)، واسفرت هذه العملية ان أحد السودانيين بعث لي بصحيفة تصدر في مدينة (فولتا مور) في أقصى غرب الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت هذه الصحيفة قد نشرت تحت عنوان: «حملة لجمع التبرعات لنقل الفلاشا من السودان إلى إسرائيل». ولذلك هذا التحرك الذي قمت به لجمع المعلومات عن ملف الفلاشا أكد للجهات الحكوية بأنني مهتم بهذه القضية وربما يكون هذا هو سبب فصلي من الحكومة.
    * قضية اعدام محمود محمد طه من القضايا التي لا زال التاريخ يتحدث عنها وهي أيضاً حدثت وأنت وزير داخلية في حكومة مايو كيف تمت هذه العملية؟
    - هذه أيضاً من القضايا الكبرى التي انفرد بها النظام، حيث أن الدكتور الترابي (وزير العدل) آنذاك كان لديه رأي مخالف حول الردة ولا يزال، فهو يرى ان لم تكن هذه الردة مصحوبة بقوة لتغيير النظام أو فرض رأيك لا يمكن ان يكون العقاب القتل». وقد سئلت في هذه القضية كثيراً. وحقيقة أنا لم أحضر فترة تنفيذ حكم الأعدام على محمود محمد طه.
    * ألا ترى ثمة شبه ما بين (نظام نميري) في أيامه الأخيرة والانفاذ في (بواكيرها) باعتبار ان العنف والقتل والتعذيب كان القاسم المشترك في كلا النظامين؟
    - الانقاذ قامت في مناخ محدد، فالقوات المسلحة كانت تتأهب للانقضاض على السلطة، وتأخر وتردد بعض المجموعات خاصة البعثين مما دفع برجال الانقاذ إلى استلام السلطة، ولكن حاول البعض استرداد هذه السلطة وهنا كان لا بد للانقاذ ان تستخدم خيار القتل ولذلك كانت المحاكم العسكرية فاعلة في ذلك الوقت لحسم كل من يريد اجهاض نظام الانقاذ.
    وأقول أن كلا النظامين ـ نظام البشير ونظام نميري ـ طبيعتهما عسكرية خاصة في السنوات الأولى، حيث القبضة العسكرية القوية على مفاصل الحكم وهذه هي طبيعة أي نظام جديد ليس في السودان فقط وانما في أي مكان من الدنيا، ولكن رغم ذلك لا أعتقد ان النهج الذي اتخذه نظام البشير كان في حاجة إليه وكان بالامكان ان تحقق الأهداف بأقل من ذلك، فالسودان لا يحتاج لمثل هذا الضغط لكنه في النهاية نتاج خوف وعدم استقرار..


    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=9112
                  

04-18-2008, 05:04 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    لأستاذة أسماء محمود في ندوة عن أثر الفكرة الجمهورية فى المجتمع السودانى

    بمناسبة احتفال المركز بالذكرى 23 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
    معقبون: الأستاذة هالة محمد عبد الحليم والأستاذ طه ابراهيم المحامي

    http://www.kacesudan.org/talk_view_a.php?talk_id=66
                  

04-18-2008, 05:10 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    : محمد طه لم يمت بل خاب وهلك قاتلوه (1-3)
    أرسلت في 18-8-1427 هـ من قِبَل -

    عبد الرسول النور

    كان الفقيد الشهيد محمد طه محمد احمد، نسيج وحده ، فريدا في زمانه اذا غضب هدر كالليث الرابض، واذا ضحك ، ضحك من اعماقه لاتوسط في حالتيه ، فلسانه في قلبه ، لايرائى ولايجامل ولايتملق ولايخشي فيما يعتقد انه الحق لومة لائم حتي تبين له الخيط الابيض من الخيط الاسود من الحق . فاذا ما استبان له الحق لا يكابر ولاتأخذه العزة بالاثم فيصر علي ما كان يعتقد، بل يدافع عن قناعته الجديدة بحماسة شديدة ولكنه في كل الاحوال لا توجهه خصومة فاجرة أو يتحكم في تصرفاته عداء مستحكم أو حقد دفين، فقد كان قلبه أبيض وحبه للناس كافة بلا حدود عرفته منذ سنوات طويلة وكنا في تنظيماتنا الطلابية نتحالف ونتخالف وكان هو شديد الولاء لتنظيمه الطلابي وتوجهه العقائدي، يُنافح عما يؤمن بالوسائل الممكنة كافة. فقد كانت صحيفته «أشواك الحائطية» تميز خطه السياسي داخل تنظيمه الاتجاه الاسلامي آنذاك، وقد كانت آخر لحظة هي لسان حال التنظيم الطلابي. كان محمد طه وهو في السنة الثانية قانون يتصدى لعمالقة الطلاب الذين «ربتّوا» سنوات طويلة لقيادة تنظيماتهم، فكان يناقش «دالي» الجمهوري المتمرس المتشرب من فكر محمود محمد طه، والذي كان يخشاه الكثيرون لتمكنه من فن المجاملة، وكان يجادل الخاتم عدلان، وصديق الزيلعي وآخرين من سدنة التنظيم الماركسي وحفظة مقولات مفكريه. لقد كان وهو الفرد كتيبته خرساء لا تخشى خوض الوغى في أي زمان أو مكان. لقد كان معروفاً لدى الطلاب كافة في جامعة الخرطوم والجامعات والمعاهد العليا الأخرى كان قوياً معنوياً وجسدياً وعقلياً ولكنه لا يؤمن بسياسة القطيع، سياسة غُزية...
    وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وان ترشد غزية أرشد
    كان دائماً مع غزية اذا رشدت ولكنه ليس معها اذا غوت.

    كان يعمل على جمع الصف وتوحيد الكلمة من أجل الدين والوطن ولكنه في سعيه لجمع الشمل يشرح الحالة العامة ويقول بما يعتقد أنه صحيح إلى أن يثبت له العكس يقول للأعور أعور ولا يضيع وقته في الدوران حول المعنى المقصود. كان شجاعاً إلى درجة ملامسة الحد الفاصل بين الشجاعة والتهور. كان صريحاً وواضحاً لأقصى درجات الشفافية لا يطعن الفيل في ظله أو ذيله بل يطعن الفيل في عينه اليمنى وليفعل الفيل بعدها ما يشاء إنه انسان يعيش على فطرته السليمة صدقاً وشجاعة وتوكلاً على الله. كان التباين بيننا في الآراء شديداً في فترة الديمقراطية الثالثة والانقاذ في بداية عهدها الشمولي الاستئصالي، ولكن اختلاف الرأي لم يفسد للود بيننا قضية، واختلاف الرأي من وطننا وأمتنا يفسد للود ألف قضية كما قال لي أحد الزعماء العرب. كان يعمل للوفاق من خلال قناعته هو حتى في أوقات الأزمات وما أكثرها وأدومها.
    رجل كل سلاحه لسانه وقلمه، لم يضرب أحداً ولم يتحرش بأحد، فمن هم أولئك الذين أرادوا اسكات صوته وكسر قلمه ما هي اجندتهم؟ ومن هم الذين يقفون وراءهم، هذه الاسئلة تنتظر الاجابة الشافية الكافية من الجهات المختصة.
    لقد فجع أهل السودان في واحد من أصدق وأشجع أبنائهم وكان تشييعه ومأتمه استفتاء على مدى تأثر المواطنين من فقده ومن الجريمة النكراء الفريدة التي نأمل ألا تفتح أبواب الجحيم على السودان وشعبه الطيب المسالم


    http://www.akhbaralyoumsd.net/modules.php?name=News&file=article&sid=3906
                  

04-18-2008, 05:11 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    استطلاعاً وسط الشارع السوداني حول حادثة اغتيال الراحل الاستاذ محمد طه
    أرسلت في 16-8-1427 هـ من قِبَل -


    علي محمود حسنين: هذا طريق وعر وطويل والراحل رجل فكر ورأي وقلم
    العمدة الهادي عضو البرلمان: من نفذوا الجريمة لا صلة لهم بالدين ولا الوطن
    أجرت «أخباراليوم» استطلاعاً واسعاً وسط جمهور الشارع السوداني حول حادثة اغتيال الراحل الاستاذ محمد طه محمد احمد رئيس تحرير صحيفة الوفاق .
    وأبدى المتحدثون في الاستطلاع قلقهم جراء هذه الحادثة الغريبة واعتبروها دخيلة علي المجتمع السوداني بل بعضهم توقع ان يكون وراؤها اجانب . وعبر المتحدثون عن حزنهم لرحيل الاستاذ محمد طه محمد احمد بمثل هذه الطريقة .
    واستعجل الشارع السلطات العمل على فك طلاسم العملية والقبض علي المنفذين .. فإلى حصيلة الاستطلاع :
    الاستاذ علي محمود حسنين - نائب رئيس التجمع الوطني الديمقراطي قال هذا الخبر حزين وهذه تعد اول جريمة سياسية تحدث في السودان ويحسب بان هذا طريق وعر وطويل والاستاذ محمد طه محمد احمد رجل فكر ورأى وقلم فهو لا يملك غير ذلك وقد اراد دعاة الظلام الذين لم يحتملوا كلمة الحق التي كان ينشرها فهو صاحب قلم شجاع في مواقفه وارائه ان يغتالوه فالراحل كان فذاً وتمتاز كتاباته بالوضوح والشجاعة .
    الاستاذ عثمان عبد الرحمن ـ رئيس تحرير مجلة الاقتصاد والاستثمار قال: ان الاستاذ محمد طه محمد احمد لم يفعل شيئا لترتكب فيه مثل هذه الجريمة فهو رجل صاحب فكر ولب ويجب ان تتم محاكمة من فعلوا هذه الجريمة لكي لا تتكرر خاصة وانها جريمة ترتكب لاول مرة في السودان .
    العمدة الهادى عبد الرحمن مزمل - العضوالبرلماني البارز للمؤتمر الوطني قال هذا اسلوب وسلوك جديد علي الشعب السوداني وموروثاته وثقافته واننا كبرلمانيين ندين بشدة هذا الحادث وهو حادث اليم لم تشهده البلاد من قبل وهذا التصرف قامت به فئة لا صلة لها بالاسلام واردت به فتنة وهو سلوك لم نعتد عليه رغم الخلافات الموجودة بيننا كسياسيين ويعد هذا انحدارا لمسلك العنف وهؤلاء ارادوا بذلك ان يكون التدخل الاجنبي ذريعة ولكن نؤكد باننا كشعب سوداني فان قياداته واعية ولن تفرط في دماء الذين مارسوا العمل السياسي واسهموا بدورهم في قضايا الوطن وان هذه الجريمة بشعة في حق كل الشعب السوداني لاننا لم نعتد علي مثل هذه الاشياء وان الذين فعلوا ذلك ارادوا ان يقتلوا الكلمة القوية والمعبرة الحرة ، محمد طه محمد احمد كان من هؤلاء الذين يكتبون بحرية .. رحم الله محمد طه والهم ذويه الصبر .
    كوبر ـ استطلاع :
    نجاة صالح شرف الدين
    توافدت صباح امس جموع المحتشدين من قبيلة الصحفيين واسرة الراحل فقيد الصحافة المرحوم محمد طه محمد احمد رئيس تحرير صحيفة الوفاق لتقديم واجب العزاء لاسرة شهيد الصحافة .
    قلم حر
    «أخباراليوم» قامت بزيارة الي اسرة الفقيد محمد طه محمد احمد وقدمت واجب العزاء واجرت استطلاعات مع بعض المسؤولين بالدولة وبعض اسرة الفقيد وكان لقاؤنا في البداية بالاستاذة سامية احمد محمد وزير الرعاية الاجتماعية والتي عبرت عن حزنها وقالت لـ«أخباراليوم» نتقدم بالعزاء للشعب السوداني في الفقيد الشهيد محمد طه محمد احمد ابن السودان الذي كان مهموماً بقضايا السودان بقلمه الحر ودافع عن المستضعفين والفقراء كما انه دافع عن الحق وقد عرف محمد طه بتدينه ووطنيته منذ نعومة اظافره وكان في كل المراحل الدراسية يتقدم الصفوف نصرة للدين والوطن .. والعزاء للسودان وقبيلة الصحفيين ولاهله وعشيرته .
    سلوك غريب
    واضافت الاستاذة سامية بان الجريمة التي ارتكبت في حق محمد طه محمد احمد جريمة غريبة علي السودان اذ لم تحدث من قبل مثل هذه الجريمة النكراء ، واشارت الي ان هذه ليست من اخلاق وشيم المجتمع السوداني وان ما عرف عن اهل السودان بانه مهما وصل الامر من خلافات في الرأى فان هنالك اخوة صداقة وعلاقات اجتماعية متواصلة ولذلك فان هذا الحادث لا يشبه السودانيين ولا من طبائع اهل السودان ولا يمت للاخلاق والقيم السودانية بصلة وهو غريب عن سلوك اهل السودان .
    الدولة ستقبض على الجناة
    الدكتورة سعاد الفاتح البدوى مستشارة رئيس الجمهورية اكدت بان الدولة لن تسكت علي هذه الجريمة النكراء في حق الاستاذ محمد طه محمد احمد رئيس تحرير صحيفة الوفاق وستقوم الدولة بتعقبهم وردعهم حتي ينالوا جزاء ما ارتكبوا من جريمة بشعة في حق الشهيد محمد طه محمد احمد واضافت د . سعاد الفاتح بان ارتكاب هذه الجريمة بهذه الطريقة البشعة يعتبر دخيلا علي قيم واخلاق المجتمع السوداني ولذلك فان الدولة ستلقي القبض علي الجناة وسيتم تقديمهم لينالوا جزاء فعلتهم البشعة مهما كانوا واكدت د. سعاد ان اسرة الشهيد محمد طه محمد احمد في بؤبؤ عين الانقاذ الوطني .
    ناقوس الخطر
    الاستاذة رجاء حسن خليفة رئيسة الاتحاد العام للمرأة السودانية قالت ان الجريمة البشعة التي ارتكبت في حق الشهيد محمد طه محمد احمد حادث بشع لا يشبه المجتمع السوداني ولا يشبه تقاليده واعرافه ونحن كأمهات ندق ناقوس الخطر وندعو الي ضرورة التعامل مع مرتكبي هذه الجريمة النكراء بالحسم حتي ينالوا جزاء ما ارتكبوا من حق المرحوم .
    وأوضحت بان الفقيد محمد طه كان قد عرف عنه سماحة الاسلام وكان الشهيد محمد طه يعول عددا من الاسر وكان عائلا لبعض الايتام كما انه سخر عقاراته لبعض الاسر الفقيرة ولا حول ولا قوة بالله .
    سابقة خطيرة
    وقالت الاستاذة آمنة احمد محمد مختار امينة شئون المرأة بالمؤتمر الوطني ولاية الخرطوم بان الجريمة البشعة التي ارتكبت في حق الاستاذ الصحفي محمد طه محمد احمد رئيس تحرير صحيفة الوفاق جريمة دخيلة وغريبة علي المجتمع السوداني وعلي قيمه وتقاليده واضافت ان ارتكاب الجريمة بهذه الطريقة البشعة تعتبر سابقة خطيرة ونسأل الله ان لا تتكرر.
    وطني شجاع
    وقالت بان الشهيد محمد طه محمداحمد ليس فقدا للمؤتمر الوطني او الحركة الاسلامية فحسب وانما فقد للسودان باجمعه فقد كان الفقيد رحمه الله وطنيا شجاعا وغيورا وكان لا يخاف في قول كلمة الحق لومة لائم . نسأل الله المغفرة وان يتقبله برحمته و«انا لله وانا اليه راجعون».
    نطالب بالقصاص
    كما التقت «أخباراليوم» بزوجة وشقيقة الراحل محمد طه محمد احمد فقالت زوجة الراحل فوزية محمد احمد ان عملية اختطاف زوجها الراحل من قبل المختطفين تمت بسرعة شديدة حتي انها لم تتمكن من مشاهدة الخاطفين عندما حاولت اللحاق بزوجها فور سماع الطرقات علي باب المنزل وذكرت بانها شاهدت شبح شخص لم تتأكد من شكله وملامحه اغلق باب السيارة بسرعة شديدة واختفت العربة التي قامت بعملية الاختطاف ايضاً بسرعة شديدة وطالبت فوزية محمد احمد زوجة الراحل بالقصاص من مرتكبي هذه الجريمة البشعة في حق زوجها الشهيد محمد طه محمد احمد .
    نرفض هدر الدم
    وطالبت ايضاً شقيقة الفقيد كوثر محمد احمد بالقصاص في حق مرتكب الجريمة البشعة التي تعرض لها شقيقها الشهيد محمد طه محمد احمد وقالت ان دم اخيها لن يروح هدراً .
    عدلان عثمان احمد المهدى - فني ديكور: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام علي اشرف المرسلين سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم . وبعد
    اولاً الحادثة البشعة التي حدثت يوم الاربعاء والتي استهدفت الاستاذ الصحفي محمد طه محمد احمد رئيس تحرير صحيفة الوفاق وهي حادثة دخيلة علي البلد كما ان الذين قاموا بتنفيذها ليست لديهم اي درجة من الاخلاق والقيم ويجب علي السلطات العمل باسرع فرصة للقبض علي الجناة ومحاكمتهم علي فعلتهم هذه وكذلك تنوير الرأى العام لايضاح الاسباب والدوافع من خلال اجهزة الاعلام ..
    ومواصلة منا في هذا الاستطلاع التقينا عبد العظيم برهان وهو سائق تاكسي كان هذا حديثه:
    هذا الحادث نستنكره استنكاراً شديداً ونناشد وزارة الداخلية بالقاء القبض علي الجناة . وحقيقة هذه الحادثة دخيلة علينا كمجتع سوداني ونحن نعيش في حالة حزن عميقة ونسأل الله ان يوفق الحكومة في القاء القبض علي الجناة «إنا لله وإنا اليه راجعون» .
    اما محمد بشير - فكان حديثه حذراً عن هذه الجريمة:
    هذه الجريمة هي ارهاب والقصد منها هو زعزعة امن واستقرار البلاد . اما مدثر صالح وهو احد القراء: هذه الحادثة هي الاغرب من نوعها فلم يحدث مثلها بهذه البشاعة ، وعلي اجهزة الشرطة القاء القبض علي الجناة باسرع فرصة ورسالتي اوجهاها للداخلية بأن تكثف جهودها من اجل فك الغاز الجريمة خاصة وان محمد طه يعد من كبار الصحفيين ومن حاملي القلم الصادق .
    والتقينا ايضاً بالعم/ اسماعيل الكاشف وهو احد القراء لم يتحدث الينا كثيراً بل اكتفي بهذه الكلمات: انا ابلغ من العمر 80 سنة وطول حياتي لم اسمع بمثل هذه الجريمة وهي في رأيى عمل اجنبي من خارج السودان وانا اعرف صحيفة محمد جيداً واعتقد ان السودان بريء من ارتكاب مثل هذه الافعال .
    اما الطالب احمد عبد العال عكاشة وهو طالب دارسات عليا ابتدر حديثه عن محمد طه محمد احمد فقال: في البدء محمد طه محمد احمد قبل ان يكون صحفيا فهو انسان وحقيقة الاستاذ محمد طه كان يقدم خدمات لجميع روابط طلاب الولاية الشمالية حيث كان يقدم الاعلانات المجانية للندوات كما قدم خدمات لنادى الطمبور وانسان الشمال بصفة عامة.
    وفي تقديرى الشخصي هذا الحادث قد نفذ بايدٍ دخيلة وهذا العمل لا يقوم به إلا الاجانب . واوجه رسالة الي السلطات الامنية في اجراء تحقيق في هذا الحادث وان يحصروا عدد الاجانب الذين دخلوا البلاد خلال الايام الماضية وسيظل محمد طه رمزاً للكلمة القوية وهي نموذج لكلامنا الذي سينزل علي اعدائه مثل الرصاص .
    وتحدث جمال سليم صحفي بصحيفة فتاتي قائلاً ننظر الي هذا الحادث بانه جريمة نكراء لا تمت الينا باي صلة لانها طريقة من فعلها ما هو لا دين ولا ديانة له ونحن نشجب الطريقة التي تمت بها العملية ونطلب ان يحمي امثاله من اصحاب الاقلام النظيفة الذين لا يخافون في الحق لومة لائم ويجب علي الساسة والمسؤولين التوقف قليلاً فيما حدث حتي يعلموا ما يدور وما يدار بساحتنا السياسية ولا شك انه بعد ما شاهدناه من مأساة سيصبح السودان بؤرة اغتيالات سياسية وعقائدية ونحن اصحاب اقلام نشجب وندين ما تعرض له استاذنا محمد طه محمد احمد ونطالب الاجهزة الامنية العدلية الاسراع بالقبض علي الجناة حتي يصيروا عبرة وعظة وان يتقبل الله الفقيد الاستاذ شهيداً ويلهم اهله وذويه وزملاءه ورفاقه الصبر والسلوان والله اكبر .
    قاسم النور احمد ـ تاجر خضار: اولاً هذه العادة دخيله وغريبة علي الوطن ونحن مسلمين لم يحصل علينا من قبل مثل هذا الحادث فنحن بطبيعتنا لا نقتل اخواننا المسلمين واتمني من السلطات المختصة القبض علي الجناة والله الموفق .
    والمواطن بكرى محمد مضوى ـ اعمال حرة: هذه عادة غريبة علي السودان واخلاق السودانيين والفقيد الصحفي محمد طه شخص علم وذ وقلم لا يجف وان شاء الله يحسب من الشهداء وانا ارجو من الجهات المختصة القبض علي الجناة وان ينالوا جزاهم .
    والدكتور تاج الدين موسي ـ طبيب هذا الحدث يعبر عن تيار متطرف ، بدا يمتد ويظهر في منطقتنا الاسلامية ، هذا التيار لا يعمل إلا في اجواء الكبت والقمع والتدافع من الاستكبار التي تعيشه المنطقة ، لابد من ان تتأصل الحرية وتنشئة الانسان في التعبير وفي المجتمع وتزول كل عوامل الاكراه والاجبار حتي يكون الدين والايمان والاعتقاد باختيار الانسان الذي هيأه الله ان يختار بين الكفر والايمان القرآن حدثنا بذلك والرسول الكريم لم يُكره احدا ولم يقطع رأس احد آذاه . كانوا يؤذونه بالمدينة لكنه كان يصبر ويجادلهم باللسان ولا يقاتلهم حتي يقاتلوه «اللسان باللسان والسنان بالسنان»
    ومختار على محمد موظف «بالمعاش» قال : هذا الحادث دخيل وانا رأيى ان الذى فعل هذه الفعله هو الذى يستفيد من موته وهذا العمل لم يحدث من مسلم كامل اسلامه كما يقول الله تعالي «ولا تقتلوا النفس التي حرم الله» وهذه العملية عملية بشعة وان الذى فعل هذا الفعل مجرد من الانسانية واطلب من الجهات المختصة البحث عن الجناة وملاحقتهم باقسي عقوبة لها فهذه العملية تعتبر ناتجة عن فوضي ووحشية وعدم امن لارواح الناس وممتلكاتهم واين حقوق الانسان وممتلكاتهم واين حقوق الانسان واين شرع الله في مثل هذه الاحداث .
    والفاتح البشرى ـ رجل اعمال قال :اولا ربنا يرحم فقيد الصحافة العربية والوطن محمد طه ويسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء . هذا الحادث المؤلم والمحزن انه قد دخل علينا ولم نتداركه من قبل وان الشعب السوداني معروف بعاداته وتقاليده شعب لا يعرف الاغتيالات والارهاب كما قال الله تعالي «ولا تقتلوا النفس التي حرم الله» وان مثل هذه الممارسات دخيلة علينا كشعب سوداني واناشد السلطات المختصة بان لا تتهاون في مثل هذه الجرائم الخطيرة و هذا الرجل كان يتجرد في الحقائق وهذا موقف وطني نحمده عليه . «إنا لله وانا اليه راجعون » .
    ومحمود حسن دياب الشاعرـ موظف قال : هذا الحادث غريب جداً والشخص لا يتخيل يوما من الايام ان تصل الامور لهذه الدرجة من التفكير الارهابي الذي تصوره الجريمة البشعة وانا اشك تماماً في عقلية الجناة فهم مجردون من كل معاني الانسانية . انا بحكم معرفتي بالراحل محمد طه هو انسان بسيط واسال الله ان يوفق وزارة الداخلية في الوصول الي الجناة فمحمد طه مات مظلوما وفي الختام اشكر «اخباراليوم» لتفردها بنشر الخبر واطالب الدولة - باعداد رجال الشرطة واختيار العناصر المشهود لها بالكفاءة حتي الذين نالوا المعاش للاستعانة بهم لان الوطن مقبل علي احدث ساخنة ونسأل الله ان يحفظ بلادنا من كل مكروه ومؤامرات .
    وضياء الدين ابراهيم ـ صحفي بصحيفة رأى الشعب قال : قبل ان يلوى الحزن الرؤس علي رحيل الاستاذ محمد طه محمد احمد يبقي السؤال من هو صاحب المصلحة في اغتياله لان محمد طه شهيداً للقلم والحرية كما كان محمود محمد طه شهيداً للفكر والرأى وإن اختلفت الاراء من حوله إلا انه يبقي علامة كبيرة في الهوة التي ينحدر إليها المجتمع السوداني وقبل ان نشير باصابع الاتهام هنا او هناك ينبغي ان نجيب علي السؤال اولاً في البداية كما ان الفقيد عاش حياته مشيراً للقضايا ومتضامناً مع الغلابه كما كان اغتياله البشع الشنيع اكثر اثارة وارى ان يتماسك الشعب السوداني اكثر وان يتماسك الصحفيون اكثر وان يفوتوا الفرصة علي كل من يريد ان يصطاد في الظلام . والجهات الامنية هي المسؤولة اولاً واخيراً حتي تقدم الجناة ويتم القصاص ولا حول ولا قوة بالله «إنا لله اليه راجعون».
    وايهاب بابكر مهندس «سوداتل» تحدث قائلاً : هي حادثة دخيلة علي الشعب السوداني نحن الآن لا نودع انسانا فحسب بل نودع بطلا من ابطال الصحافة العربية ونرجو من الحكومة بذل كل الجهود لمعاقبة المتهمين في هذه الماسأة .
    من الله الامين ـ صحفي: هذا الحادث يستنكره كل اهل السودان، الفقيد كان رجل كلمة وهو باعتباره شهيد الصحافة العربية وانا اطالب بقوة ان تسعي الجهات المختصة للقبض علي الجناة وان نتعامل مع هذه القضية بحزم حتي لا تتكرر مثل هذه الحادثة.
    رجال الدين
    ودعت البلاد امس فقيد القلم والكتابة الاستاذ محمد طه محمد احمد وتم تشييعه في موكب مهيب وحزين وطريقة اغتياله كانت مفاجأة لجميع قطاعات الشعب السوداني بصفة عامة والاعلاميين بصفة خاصة وهي اول جريمة سياسية تحدث وبهذا المستوي في السودان .. «اخبار اليوم» استطلعت عددا من رجال الدين الذين وصفوا هذه الجريمة بالبشعة وكشفوا في الاستطلاع عن استنكارهم بشدة لها .. فإلى مضامين ما خرجنا به من حصيلة معهم:
    وصف مولانا صلاح عراقي - مدير اوقاف ولاية الخرطوم حادثة اغتيال محمد طه محمد احمد بانها بشعة وليس لها صلة بالاسلام والمسلمين واستبعد بان يكون من قام بهذا الحادث مسلم وقال ان قتل المسلم العمد محرم فجراء من يفعل ذلك نار جهنم وكان الرسول صلي الله عليه وسلم ينهي اصحابه عن فعل المثلة مع الخصوم موضحاً بانه لا تجوز المثلة حتي بالكافر .
    وقال عراقي ان مثل هذه الاغتيالات وهي اول جريمة سياسية يشهدها السودان وان مثل الخطوة يمكن ان يقوم بها الموساد كما يفعل ذلك في العراق لاثارة الفتنة بين السنة والشيعة واستبعد العراقي بان تكون الجماعات التي قامت بمقاضاة محمد طه محمد احمد مؤخراً هي من قامت بذلك واستند ذلك بقوله بانهم قد قاموا بمقاضاته بحجة .
    وقال مدير الاوقاف بانه كان من المعجبين بخطب الراحل محمد طه احمد خاصة بمسجد الجامعة في صلاة الجمعة وفي اركان النقاش وقال انه كان حينما يأتي للخرطوم يذهب خصيصا للاستماع لخطب الراحل لانه كان شجاعاً فصيحا وبليغاً ..
    مولانا عثمان عبد الرازق بله - مساعد الامين العام للشئون الدعوية والتعليمية بهيئة علماء السودان قال ان جريمة اغتيال الراحل محمد طه محمد احمد هي وبكل اسف ليست من تعاليم الدين الاسلامي السمح وان هذه الحادثة تعبير عن روح هي خارجة عن هذا الوطن وان دلت علي شئ انما تدل علي ضيق الافق وعدم الروح الدينية السمحة التي امرنا بها الاسلام وقال انها حادثة جاهلية ووصف مولانا عثمان هذه الحادثة بانها خطيرة وابدي تخوفه بان تكون هذه هي ديدن بعض الناس وقال انها حادثة لا تدل اطلاقا بان يكون فاعلها له دين او سماحة يتحلي بها ووصفه بالمتعصب الاعمي وبالنفس المريضة وقال مولانا عثمان ان الله سبحانه وتعالي اراد ان يخرج العالم جميعه مما كان يعيشه من ظلام دامس وجاهل وغل خاصه امة العرب لانهم علي لما هم عليه من جهل كانت تعيش بينهم العصبية واهدار النفس وقتل الانسان لابسط الاشياء وارسل الله سبحانه وتعالي رسوله عليه الصلاة والسلام من هذه الامة ومن اجل ان يخرجهم مما هم فيه والاستهانة بالانسان واهدار دمه لابسط الاشياء وكانت الامة تعيش علي وئام وهذا ما غرسه الاسلام فينا واننا في السودان تحيط بنا هذه الروح الاسلامية السمحة وهذا هو الطابع الذي كنا عليه والحمد لله سبحانه وتعالي الذي بشرنا بدولة تقوم بتطبيق الشريعة . ويضيف مولانا عثمان بان هذه الجريمة وبكل اسف فهي حادث ونغمة جديدة علي مجتمعنا السوداني المتسامح .
    ومن جانبه قال السيد/ يحيى مصطفي محمد احمد شاشوق - مدير اوقاف محلية ام دة قال ان سيدنا ابوبكر الصديق حينما ودع الجيش بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم اوصي سيدنا اسامه بمحاربة الاعداء في اجسامهم فقط وقال ان هذا هو الدين الاسلامي دين السماحة وقال ان هذه الجريمة تختلف عن عادتنا وديننا.
    ويضيف الاستاذ يوسف عراقي قائلا ان هذه الجريمة هزت كل السودان والعالم الاسلامي لانها اول حادثة من نوعها تحدث في المجتمع الاسلامي وقالت ان درجة الخلافات يجب ان لا تصل الي هذا المستوي لدرجة الحرابة والاغتيالات..
    مولانا عبد الرحيم ابراهيم ابو الغيث - جامعة القرآن الكريم قال هذه بكل المقاييس تعد جريمة بشعة ومن يقتل النفس بغير الحق فانما قتل الناس جميعا .. ان الانسان له حرمة في دمه حرام وعرضه وماله ولكها محرمات في دين الاسلام ولا يحق قتل النفس الا في الزاني المحصن والنفس بالنفس وعدا ذلك لا يجوز الاعتداء .. هذه جريمة غريبة علي مجتمعاتنا المسلمة خاصة في السودان ونحن كعلماء نستنكرها فهي مؤشر خطير يجب الانتباه له ولابد ان تتكاتف الجهود بين الدولة والعلماء والسياسيين من اجل محاربة هذه الظاهرة الخطيرة.
    وقال ابوالغيث يجب الا نأخذ هذه الحادثة مصدرا لفرقة الناس والا نستعجل كما ذكر شقيق الراحل.
    واستعجل مولانا ابوالغيث الجهات المختصة للكشف عن هوية الجناة وتقديمهم للمحاكمة لمواجهة ودرء هذه الظاهرة التي وصفها بالخطيرة .


    http://www.akhbaralyoumsd.net/modules.php?name=News&file=article&sid=3860
    _________________
                  

04-18-2008, 05:20 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    المهدى فى لقاء مفتوح بطلاب جامعة الخرطوم
    أرسلت في 3-5-1427 هـ من قِبَل -


    الخرطوم :التجاني السيد /أحمد سر الختم
    دعا الصادق المهدي زعيم حزب الأمة وإمام الأنصار وسط حشد كبير من الطلاب أمس للضغط عبر جبهة عريضة من القوى السياسية والحركات المسلحة لإقامة حكومة قومية تتولى مهام الانتخابات في حالة إصرار الحكومة الحالية على عدم عقد مؤتمر جامع في ظل الاخفاقات الراهنة . وطالب الحركات المسلحة بالإلتزام بنبذ العنف والاتجاه للعمل السلمي الجماهيري .

    واعتبر الصادق المهدي رئىس حزب الأمة وإمام الأنصار المؤتمر الوطني والحركة الشعبية اخفقا في التوصل لحل نهائي لمشكلة أبيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب ووصف ذلك بمثابة فشل لمشروع الشراكة السياسية بين الطرفين إذا أضيف إليها الخلاف حول بعض البنود الأخرى التي تضمنتها الاتفاقية.
    وشن الصادق المهدي في لقاء مفتوح أقامه الطلاب الأنصار وحزب الأمة في إطار حملات دعم قائمة التحالف في انتخابات اتحاد طلاب جامعة الخرطوم التي تتنافس عليها القوى السياسية هجوماً شديداً على الحكومة وسياساتها ، وقال المهدي إن أحد أسباب الإخفاق هو الفشل في الشراكة الحالية بين الطرفين المؤتمر والحركة وطبيعة الاتفاق الذي تم توقيعه في نيفاشا تحت الإملاءات والضغوط .
    وقال إن الاتفاقية والتي كرست للحل الثنائي تحمل في طياتها أكثر من 20 نقطة غامضة تحتاج لبيان وتوضيح لأن أغلب البنود التي حوتها كانت في الأساس اقتراحات جاء بها الوسطاء مما جعلها في الغالب مبهمة وخاطف لونين حتى يفسرها كل طرف حسب هواه وبالتالي تقود دائماً للخلاف عندما تدخل مراحل التطبيق ، كما توجد سبع قضايا أساسية تجاهلها الاتفاق تحتاج لبرتكولات منفصلة من بينها البرتوكول السياسي والديني والثقافي ، وقال إن اتفاقية نيفاشا التي قيل إنها تعطي أولوية للوحدة ستعطي أولوية للإنفصال وأشار بأن المثال لذلك بأن النص على أن 50% من بترول الجنوب للجنوب لا يمكن تفسيره غير أنه حافز للإنفصال من خلال التفكير في المسارعة بالإنفصال لأخذ النصيب كاملاً وكان الأفضل النص بدل ذلك بإعطاء الجنوب 50% من موارد السودان إضافة لتناقضات أخرى كثيرة وقال إن الاتفاق تحدث عن وحدة جاذبة وقام بتسليم الشمال للجبهة بكل رؤاها الضيقة وجعلت بذلك الشمال ليس طارداً للجنوبيين وإنما للشماليين قبل ذلك .
    وقال إن الحكومة تجاهلت كل الاقتراحات التي تقدمت بها القوى السياسية لحل أزمة دارفور حتى تفجرت الآن . وقال إن رؤية حزب الأمة لحل مشكلة دارفور والتي عرضتها للحكومة كان حلها بسيط وهي أن تعود دارفور كما كانت في 1986م إقليم واحد وحدود 1956م ومشاركة هيكلية في الرئاسة واعطائها من الثروة بما يناسب عدد سكانها لكن هذا الاقتراح لم يجد القبول من جانب الحكومة لأنه كان سيخرق سقف نيفاشا ، وقال إن المخرج الآن للأزمة إن كانت إشكالية التطبيق لإتفاقية السلام في الجنوب أو اتفاق أبوجا الخاص بدارفور هو طرح هذه الاتفاقات لملتقيات جامعة تشارك فيها كل القوى السياسية أو دعوة القوى السياسية للإنتظام في جبهة واحدة ترفض هذا السلام الجزئي الثنائي وتعمل على عزل الطغاة بالضغط الشعبي بعيداً عن حمل السلاح للإستجابة لمطالب الشعب والضغط لتحقيق السلام والتحول الديمقراطي عبر المواكب والمظاهرات والاعتصامات والمذكرات بعيداً عن العنف لتشكيل حكومة قومية لها مهام محددة من بينها اجراء الانتخابات وتخليص الشعب من هذا الاستبداد ، وقال المهدي إن التدخل الخارجي في شئون السودان بات الآن حقيقة وحمل الحكومة الحالية الأسباب كاملة من خلال استعانتها منذ البداية بالحلول الخارجية وقال إن الإنقاذ عندما جاءت للحكم لم تجد جندياً أجنبياً واحداً في السودان والآن انفتحت الأبواب لكل الدول افريقية وأوروبية ، وقال إن أحد أسباب تخوف الحكومة من دخول القوات الدولية وزيادة وجودها هو الخوف من تنفيذ الملاحقات القانونية للذين ارتكبوا جرائم ضد الانسانية في دارفور وانتهاك السيادة ، وأوضح أن الحكومة هي التي قبلت بدخول هذه القوات الدولية بموجب اتفاق نيفاشا وأبوجا كما أنها تسببت في صدور قرارات مجلس الأمن وعملت على انتهاج سياسات أدت لتمزيق السودان لجهات مختلفة وعملت على ظهور حركات مطلبية اقليمية مسلحة بسبب التظلمات ، مشيراً لظهور حركات شهامة «1»و«2»و«3» و«5» وشمم ونهضة كردفان بعد حركات دارفور غير ما يجري في الشرق والشمال إضافة لما ذكره وزير الداخلية بوجود أكثر من 48 مليشيا مسلحة في الخرطوم في ظل حالة أمنية متدهورة «على قفا من يشيل » وانتشار السلاح في كل مكان .
    وقال إن البترول واستخراجه مهما كان الحديث عن إنتاجه فإنه لا ينعكس الآن على حياة المواطن وقال إن الانقاذ استخدمت عائدات البترول ليس لرفع المعاناة عن الشعب وإنما لإرتكاب سياسات حمقاء أفقرت الشعب وحولت النفقات على التعليم من 15% من الدخل القومي لأقل من 8% وتحول السودان مع ذلك لأفسد بلد عربي ويحتل رقم 144 في قائمة الدول الأكثر فساداً في العالم مما أدخل الاحباط في نفوس الشعب وأصبح العزاء في انعكاس ذلك على النكات والأمثال واللوحات الشعبية واعتبر أن هذا الشعور الآن مدخل للغضب والإصرار على المقاومة ، وقال إن الإنقاذ تتصرف الآن بما أسماه بمنطق العصابة وتتسلط على المال العام ، ودعا المهدي الطلاب للتمسك بمنبرهم النقابي وقال إن الصفوف تمايزت الآن ما بين المناداة بإتحاد تابع للشمولية واتحاد مستقل وجامعة حرة .. وقال مهما يكن فإن الديمقراطية أثبتت أنها أفضل الوسائل للحكم وقال إن للديمقراطية أخطاء لكنها بوسائلها تستطيع أن تعالج كل التظلمات ولا يعاب أن تكون المعالجات بطيئة بدل الدخول بالشباك كما فعلت الانقاذ وخرقت الدستور والقسم .
    ودعا الطلاب إلى عدم الإلتفات لدعاوي حزب المؤتمر وقال يجب التعامل معهم بنظام «المي البارد يقد الدلو»، وعليكم ضبط الأعصاب واستخدام الوسائل الديمقراطية ، وقال بأن ميزانية جامعة الخرطوم قبل الإنقاذ كانت 12 مليون دولار قبل ثورة التعليم العالي والآن لا تتعدى المليون ووصف ثورة التعليم العالي والحديث عن الإنفاق على توسيع الجامعات بميزانية ثابتة أشبه بمن يحاول تحلية مياه البحر بملعقة سكر ، ونفى الصادق المهدي الحديث عن انشقاقات داخل حزبه وأن الجميع بإمكانهم الترشيح للرئاسة في الحزب ، وقال إن أي مجموعة تدعي أنها انشقت عن حزب الأمة إذا تم تفحصها يتضح أنها شقة سياسية ومفروشة ومستأجرة من قبل حزب المؤتمر الوطني ، وقال إن جميع الوظائف في الحزب مطروحة للوصول إليها بالإنتخاب بما في ذلك الإمامة ، وأضاف أن قيادة الحزب ليست محصورة على آل المهدي إلا عبر الانتخابات لكن لا يمكن فرضهم إذا رفضتهم القاعدة . وقال رداً على بعض الاسئلة ان حزب الأمة عندما كان في السلطة ظل يحكم بالديمقراطية . وأعلن في رده على بعض الفتاوى ورأيه في موضوع الردة القول بأنه لا توجد عقوبة دنيوية في الردة وقال إنه انتقد في السابق مواقف محمود محمد طه الداعمة لنظام مايو إلا أنه لا يتفق مع محاكمته لاحقاً بالردة بإعتبار أنه لا عقوبة دنيوية لها .
    وحذر الطالب محمد حسن التعايشي عضو المكتب السياسي ورئىس اتحاد طلاب جامعة الخرطوم الأسبق من أي محاولات لنسف استقرار الجامعة أو تعويق الانتخابات الخاصة بالاتحاد ، وقال إن الجامعة لن تنصرف عن هموم المواطنين من حولها وقضايا الشعب بإعتبار أن جميع الطلاب دخلوا إليها وهم يحملون هموم أهلهم وقال إن أياماً قليلة ستأتي بالنتائج التي ينتظرها الشعب وإعلان فوز التحالف والإلتحام مع الجماهير رغم التخطيط لعرقلة الانتخابات ، وقال إن الطلاب سيقدمون على الانتخابات في معركة محسومة سلفاً لصالح أبناء الشعب ، وقال إن بشائر الإنتصار بدأت بانتخابات الروابط الخاصة بالكليات ، وقال إن اتحاد الطلاب «كوسو» يجب أن يتحدث عن أزمات الشعب ولا يكون ذراعاً من أذرع السلطة كما يريده المؤتمر الوطني وأن تاريخ النضال لن ينقطع في جامعة الخرطوم . وقال محمد حسن مهدي «فول» القيادي الطلابي البارز في حزب الأمة إن المشكلة مع أهل الإنقاذ أنهم فشلوا في إدارة البلاد


    http://www.akhbaralyoumsd.net/modules.php?name=News&file=article&sid=2588
                  

04-18-2008, 05:21 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    فى أدب المـــعـــارضــة والـــــحــــــگـــم
    أرسلت في 9-4-1427 هـ من قِبَل -


    الانتقال من السلطة للمعارضة لا يعنى التنكر للمسؤولية والامانة
    حديث د. الترابي عن البترول اريد به الفتنة
    موسي يعقوب
    يقولون عن المعارضة في البلاد الديمقراطية إنها «حكومة الظل» أي تتمتع بذات المسؤولية التي تتمتع بها الحكومة لأنها ستصبح حكومة يوماً ما ، والحكومة عندما تكون في الحكم وتفارقه عليها أيضاً مسؤولية الأمانة على المصلحة العامة والوطنية التي كانت بين يديها فالانتقال من حال إلى حال لا يعني التنكر للمسؤولية والأمانة .. ذلك هو الأدب والتقليد المعروف غير أن الحال في بلادنا يبـدو غير ذلك .
    إن الحاكم الذي يصبح معارضة يتحلل بين يوم وليلة من كل ما هو مناط التكليف يومئذ- فيما يبدو- والأمثلة دائماً متاحة في تاريخنا المعاصر وممارستنا السياسية ولا يختلف في ذلك ذو المرجعية الدينية الإسلامية عن ذي المرجعية العلمانية أو ما هو بين بين .. ! حكومة السيد الصادق المهدي الأخيرة التي كانت تحارب حركة التمرد وتفاوضها بغرض الوصول إلى السلام رحلت بعد رحيلها في 30يونيو 1989م بكل أحزابها ومكوناتها إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان يومئذ وهي التي كانت تدعوها «تمرداً»!! لتكون معها جبهة معارضة ومحاربة في وقت واحد .. ! .. ولكن الجديد تماماً في هذا الأمر «أدب المعارضة والحكم» وفيه مزيد للدارس والمختص هو ما حدث بعد الانقسام الذي وقع في صفوف الإنقاذ الوطني والحركة الإسلامية في ديسمبر 1999م ورحل بموجبه الدكتور الترابي من أروقة الحكم إلى رواق المعارضة .. وهو الذي كانت بين يديه كل أوراق الحكم ومصائر الحركة الإسلامية التي اتهمه كثيرون بأنه جمدّها وغيّبها لصالح الوضع المستجد أو الانقاذ الوطني . فالدكتور الترابي إلى يوم عزله بقرارات «4» رمضان من ذلك العام هو :
    { رئىس المجلس الوطني وبيده التشريع .
    { أمين عام المؤتمر الوطني وبيده السياسة .
    { أمين عام الحركة الإسلامية وبيده المرجعية .
    ومعلوم ما هو دور التشريع والسياسة والمرجعية في إدارة دولاب الدولة ومحركاتها وسائر وسائلها في التأمين والتسيير وقبل ذلك الوصول إلى مرحلة الانقاذ الوطني بكاملها رغم أنه في إطار الترتيبات الخاصة التأمينية والسياسية كان قد ذهب «إلى السجن حبيسا» وذهب غيره «إلى القصر رئيساً ..!» ورغم ذلك كله عندما دقت ساعة الرحيل من الحكم إلى المعارضة لم يختلف الدكتور الترابي عن غيره من الساسة الذين انتقلوا من الحكم إلى المعارضة في وقت سابق ذلك أنه : «1» وقع مع التمرد يومئذ - الحركة الشعبية - تفاهم جنيف في فبراير 2000م
    «2» قام بسلسلة من المحاضرات والمناشط السياسية التعبوية التي صحبتها موجة تخريب .
    «3
    --------------------------------------------------------------------------------
    » اُتهم حزبه «المؤتمر الشعبي» بأنه خلف ما عرف بالكتاب الأسود ثم حركة العدل والمساواة التي تحمل السلاح في دارفور فيما بعد .

    فضلاً عن محاولة إنقلابية برأته منها المحاكم مؤخراً ..
    الأمر لم يقف عند ذلك الحد المألوف والمعروف في العمل الاعتراضي السوداني بصورة عامة .. وإن سبق أن اُتهم أحد الساسة بالوقوف خلف القصف الأمريكي لمصنع الشفاء للدواء في أغسطس - آب 1998م .
    فالدكتور الترابي - مؤخراً - لم يجد بداً أو حرجاً في التعاطي بالمسكوت عنه في أدب الحكم والحزب والجماعة ، والإشارة هنا تحديداً إلى لقائه مع قناة العربية الذي تعرض فيه بالحديث عن محاولة إغتيال الرئىس المصري في أديس أبابا يونيو 1995م محاولاً إلصاق تهمة العلم أو التخطيط ببعض خصومه من الحاكمين مما وجد استنكاراً واسعاً من الرأي العام يومئذ والقمة العربية على الأبواب والعلاقات المصرية السودانية في أفضل أحوالها منذ زوال حكم المشير نميري . فالمصلحة العامة في كل الأحوال تقتضي ، وقد أغلق ذلك المف على أحسن حال بسحبه من طاولة مجلس الأمن الدولي بواسطة مصر واثيوبيا وانتقلت العلاقات مع الدولتين إلى درجة الخصوصية ، ألا يفتح ذلك الملف أو يبعث من جديد أياً كانت المرارات ودواعي الخصومة السياسية علماً بأن الموضوع نفسه قد قتل بحثاً وتحقيقاً في حينه من الجهات المعنية أي مصر واثيوبيا .
    إن حالة التعاطي بالمسكوت عنه أو ما يجب أن يسكت عنه إلى أجل طويل في أدب الحكم والحزب والجماعة يبدو أنها ليست كذلك عند الدكتور الترابي حيث أنه لم يمض وقت طويل على «لقاء العربية» حتى كان لقاء صحيفة «السوداني» الأخير مع الدكتور والي لم ترع فيه الصحيفة واجب وأدب تنزيه الروايات والأخبار والحوارات الصحفية مما يضر بالمصلحة العامة كالحديث عن أسلحة غير تقليدية وصلت للسودان من جهة أجنبية وهو ما روجت له الصحيفة بخطوط بارزة ولم يكن في بالها أو ذاكرتها أن مجرد الاشتباه في أن العراق يملك أسلحة دمار شامل أو أسلحة غير تقليدية كان قد أدخله في الحالة التي هو عليها الآن. إن الحديث عن سلاح غير تقليدي يمتلكه بلد معين يثير متاعب ومشكلات وطنية ولكن الله سلم ، فقد نفى المصدر أي الدكتور الترابي - إنه لم يكن يقصد «أسلحة ذرية» وأبرزت الصحيفة ذلك بمانشيت عريض ..
    .. ولكن غير ذلك الذي تم استدراكه كان في لقاء الدكتور الترابي مع صحيفة السوداني الكثير الذي يخرج عن الحكم والحزب والجماعة ويجعل من المعارضة آخر الأمر مطية لكل ما هو ضار وغير مقبول أخلاقياً ووطنياً .. ومن أشهر ذلك في الحوار المذكور ، من حيث الإضرار بالمصلحة العامة ، قول الدكتور للصحيفة بأن أخباراً قد وصلته من جهات خارجية مفادها «إن البترول الذي يخرج من السودان أكثر من الذي يعلن عنه .. !»
    وعندما سأله محاوره : «لماذا صمتت الحركة الشعبية» ؟ أجاب « هناك أمور تتم ليرضوك بها .. ويملؤون فمك حتى لا تحتج أو تتحدث ..» ومعنى ذلك أن قادة الحركة مرتشون .. والحكومة فاسدة .. ولا ريب في مثل ذلك الاتهام إن كان له دليل ولكن القول بأن ما ينتج من النفط أكثر مما هو معلن .. أريد به الفتنة وتوتير الأوضاع بين الشريكين في حكومة الوحدة الوطنية وذلك يضر بالسلام والمصلحة العامة لاسيما وأنه «كلام والسلام» لا تفاصيل فيه ولا مصادر حقيقية.
    وفي الحلقة قبل الأخيرة مما يمضي على ذات الطريق قول الدكتور الترابي وقد أبرزته الصحيفة وركزت عليه:
    { هناك أسلحة دخلت بلادنا لتعبر شمالاً وشرقاً وأخرى استقرت .
    { التصنيع الحربي ليس في الميزانية وهو ممول بالكامل من الخارج .
    هنا وبغض النظر عن أن ما قال الدكتور الترابي لمحاوره صحيح أو غير ذلك يقول إن الرجل لا يعرف حدوداً لأمانة التكليف أو الحكم وما يمكن أن يقال أولا يقال في هذا الشأن وبخاصة عندما نجد أنه ليس بالمراقب السياسي أو المتفرج وإنما هو في قلب المسؤولية بل ممسك بمفاصلها كما سلفت الإشارة منذ صافرة البداية وحتى لحظة الفراق وذلك كله كان في حضوره وبين يديه .
    أما أنه كما قال :
    { كان ضد إعدام محمود محمد طه في عهد نميري ومجدي وجرجس والطالب الجنوبي في عهد الإنقاذ .
    { واعترض على فكرة إنزال الشريعة في عهد النميري بتلك الطريقة الهوجاء .
    { وما حدث في محكمة انقلاب رمضان في عهد الانقاذ كان إبادة ومازال حزيناً عليه .
    فذلك يقدح في مصداقيته وهو الرجل الذي عرف بأن له مواقفه منذ ظهوره في أكتوبر 1964م .. وليس بالرجل « التبع» أو الـYes Man ولم يكن في كل الأحوال من أهل الهامش أو المتفرجين في تلك الأحوال مجتمعة بل عمل في إطارها أو كان عاملاً ومشاركاً ومبايعاً منذ تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية في سبتمبر - أيلول 1983م مروراً بإعدام محمود محمد طه إلى ما قبل سقوط نظام نميري بقليل أي 9 مارس 1985م وإلى عهد الانقاذ الوطني في 1989م وبقاؤه في سدتها إلى قرارات الرابع من رمضان - اخر ديسمبر 1999م
    إنه ليس بكاف أو مقبول أن يكون الدكتور الترابي في تلك الأحوال مجتمعة «ضد» و«معترض» و«حزين» .. ولا يتبع القول بالعمل ذلك أن كل موقف من تلك المواقف كان كافياً لأن يعمل الرجل حقه في تبرئة ذمته والنأي بنفسه عما يعتبره غير مقبول ومرفوض ويدعو للحزن إذ حتى في نظام المشير نميري بعد المصالحة كان وزيراً للعدل ونائباً عاماً فوزيراً للخارجية ومساعداً لرئىس الجمهورية .. حتى التاسع من مارس 1985 م حيث اعتقل مع قادة جماعته لأقل من شهر وكان سقوط النظام الذي تحملنا كلنا من بعد وزر السدانة له - إن كان وزراً حقاً .. ! .. وأما عن الإنقاذ فحدث ولا حرج .. وهو الذي كان بيده مفتاح السياسة والتعبئة ومبضع التشريع والعلاقات الخارجية الرسمية والشعبية . في ختام هذا المشهد السياسي هذه المرة ، وقد فرض نفسه عليّ كما الأمر السبت الماضي عندما وجدتني أدخل في قراءة سياسية لإجتهادات الشيخ الترابي الأخيرة ، أقول أجدني مضطراً لأن أركز في موضوع «أدب المعارضة والحكم» على ما أدلى به الأخ الدكتور لصحيفة «السوداني» عبر كاتبها الأخ الاستاذ صلاح عووضة الذي وجد ضالته في الشيخ فاهتبلها ـ وقد نَعِمَ بنصف ساعة إضافية على الزمن المقرر ـ ودامت الفرص والاهتبالات
    على أعتاب مرحلة جديدة
    دخول «أبوجا» يعني خروج «نيفاشا» !!
    علي حساب من سيتم منح الحركات المسلحة بدارفور مواقع في حكومة الوحدة الوطنية؟
    . احمد عمرابي
    حتي لو تحقق المستحيل وقبلت قيادات التمرد الدارفورية بمشروع الاتحاد الافريقي مع تعديلات محدودة علي مسودته فان اتفاق السلام النهائي الذى يبرم علي هذا الاساس بين الحكومة السودانية وفصائل التمرد الثلاثة سيتصادم تصادماً رأسيا في معظم بنوده مع بنود اتفاق نيفاشا الموقع مع «الحركة الشعبية» الجنوبية وبالتالي مع الاوضاع والترتيبات التي قامت وتبلورت علي أساسه .. ولكي يتبين مدى هذا التصادم الخطير علينا أولاً ان نتفحص القضايا الشائكة في سياق العملية التفاوضية بين الحكومة من ناحية وقيادات الفصائل الدارفورية الثلاثة - «جيش تحرير السودان» بشقيه المتنافرين و «حركة العدل والمساواة» - مع المقترحات التي تشتمل عليها المسودة التوفيقية للاتحاد الافريقي . هناك اربع قضايا أساسية هي المصير الادارى بدارفور ومنصب نائب رئيس الجمهورية ونزع سلاح الجنجويد والتعويضات . في القضية الاولي يطالب قادة التمرد باعادة توحيد دارفور لتكون اقليماً واحداً له حكم ذاتي بينما ترى الحكومة ان يستند أى قرار في هذا القبيل الي استفتاء شعبي في دارفور أما الاتحاد الافريقي فيقترح مرحلة انتقالية قصيرة تقوم خلالها سلطة إقليمية يشارك فيها ممثلو قادة الحركات المتمرد علي ان يجرى عند نهايتها الاستفتاء .. ويريد قادة التمرد ايضا استحداث منصب جديد علي مستوى نائب لرئيس الجمهورية يتولاه مواطن دارفورى .. وبينما تعارض الحكومة هذا المطلب فان وسطاء الاتحاد الافريقي اقترحوا ان يكون لدارفور منصب «مساعد الرئيس» علي مستوى المرتبة الرابعة في سلم الرئاسة ـ أى بعد الرئيس والنائب الاول والنائب الثاني ـ وفيما يتعلق بالتعويضات يريد قادة التمرد تعويضاً فردياً لضحايا الحرب في دارفور بينما تريد الحكومة دفع تعويضات بصورة جماعية في إطار خطة لاعادة الاعمار .. اما مسودة الوسطاء الافارقة فتقترح تأسيس صندوق للتعويضات لكن الوسطاء يقولون في الوقت نفسه انهم لا يستطيعون تحديد ارقام للمبالغ المطلوبة قبل إجراء تقييم تفصيلي .. وبشأن الجنجويد فان قادة التمرد يطالبون بنزع سلاحها بالكامل لكن الحكومة تدفع بأن دارفور بها العديد من الميلشيات القبلية التي تعتبر شرعية في مجتمعاتها . وتقول المسودة الافريقية ان الحكومة يجب ان تنزع سلاح الجنجويد لكنها تطالب في الوقت نفسه بنزع سلاح قوات التمرد لدمجها في الجيش السوداني بعد أن يتم بالفعل تجريد ميلشيات الجنجويد من أسلحتها . واذا اخذنا في الاعتبار بروتوكولات اتفاق نيفاشا وبنودها في مجالات الترتيبات الامنية وقسمتي السلطة والثروة فاننا لا ندرى علي أى أساس وافقت الحكومة علي مسودة الاتحاد الافريقي علماً بان فصائل التمرد ترفض حتي الصيغ التوفيقية للمسودة مع إصرار قادة هذه الفصائل علي مطالبها التصعيدية رافضة اى تنازل .. وحتي لو افترضنا جدلياً ان الفصائل قد توافق علي مشروع الاتحاد الافريقي فان الصدام بين اتفاق سلام لدارفور واتفاق نيفاشا وافرازاتها العملية علي الارض سيكون حتميا لا محالة وعلي مدى واسع جداً . ولنُعد الي الاذهان ان نيفاشا اتفاق ثنائي بين حزب شمالي هو المؤتمر الوطني» وتنظيم جنوبي مسلح هو «الحركة الشعبية» وأن الترتيبات الامنية وبروتوكولات قسمة السلطة وقسمة الثروة وضعت علي هذا الاساس الثنائى علي أساس معادلات حسابية محددة وأنه علي صعيد التطبيق العملي دخلت قوى أخرى شمالية وجنوبية تحت مظلة الاتفاق . دون الاخلال بهذه المعادلات الحسابية .. والسؤال الذى يطرح إذاً هو : كيف يطبق اتفاق سلام لدارفور دون الاخلال بحسابات نيفاشا ؟ والسؤال يفرز تساؤلاً : ماذا سيكون مستقبل نيفاشا الذى تبلور في صورته النهائية بمشاركة قوى دولية رئىسية ؟ لنأخذ أمثله عملية : اذا رضخت الحكومة لمطلب استحداث منصب بمستوى نائب رئيس الجمهورية يشغله مواطن دارفورى فان ذلك سيؤدى عملياً الي نسف بند «مؤسسة الرئاسة» في بروتوكول نيفاشا لاقتسام السلطة فالبند ينص بوضوح قاطع ان مؤسسة الرئاسة تتكون تحديداً من رئيس الجمهورية الحالي ونائب أول جنوبي هو تحديداً قائد «الحركة الشعبية» ونائب ثانٍ شمالي . هذا يعني أنه اذا استجيب لطلب قيادات التمرد فان ذلك يتطلب بدوره وبالضرورة الحتمية إجراء تعديل في بروتوكول نيفاشا لاقتسام السلطة وبالتالي اجراء تعديل مماثل في الدستور المنبثق عن اتفاق السلام مع الجنوب .. غير أن امر التعديلات علي نيفاشا والدستورى لن يقتصر علي مؤسسة الرئاسة ولا حتي علي بروتوكول اقتسام السلطة وحدة .
    وكما نعلم فان عضوية مؤسسات الحكم المركزى التي شكلت علي اساس اتفاق نيفاشا موزعة وفقاً لنسب مئوية محددة بحيث يستأثر «المؤتمر الوطني» بنسبة 52 % في مجلس الوزراء والبرلمان بينما يبلغ نصيب الحركة » 28 % ، اما نسبة 20 % المتبقية فقد خصصت للقوى الشمالية والجنوبية الاخرى .. وعلي هذا الاساس جرى تكوين «حكومة الوحدة الوطنية» .. كيف إذاً يطبق اتفاق سلام لدارفور يتضمن مشاركة الاقليم في مؤسسات الحكم المركزى وفقاً لمطالب قادة التمرد دون تفكيك هذه المؤسسات لاعادة ترتيها وفقاً لنسب توزيع جديدة ؟ وعلي حساب من المؤتمر الوطني ام الحركة الشعبية أم الاحزاب والمنظمات الاخرى المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية الحالية ؟ ان قادة التمرد يقولون ان عدد سكان دارفور يمثل علي الاقل ربع سكان السودان وبالتالي فانهم يطالبون بنسبة مشاركة في مؤسسات السلطة لا تقل بحال من الاحوال عن 25 % .. فهل تُخصم هذه النسبة من نصيب المؤتمر الوطني فيفقد أغلبيته العددية أم من نصيب «الحركة» الجنوبية أم من نصيبهما معا ؟ وهل يتطلب ذلك إقصاء ممثلي الاحزاب الشمالية والجنوبية الاخرى من مجلس الوزراء والبرلمان لصالح ممثلي دارفور؟ وقس علي هذا السؤال مسائل اخرى ، ومن ذلك مثلا عضوية «مجلس الدفاع المشترك» فذلك المجلس يتكون وفقاً لاتفاق نيفاشا من ممثلين لقوات المسلحة وممثلين لجيش الحركة الشعبية فقط .. فكيف يكون الحال اذا اشتمل اتفاق سلام دارفور علي بند ينص علي إبقاء القوات العسكرية لفصائل التمرد الدارفورية .. فمن المحتم في هذه الحالة ان يطالب قادة التمرد بتمثيل قواتهم في مجلس الدفاع المشترك ، وما ينطبق علي مجلس الدفاع المشترك ينسحب علي «لجنة البترول القومية» التي تتولي امر السياسات النفطية العليا للبلاد .. وتقتصر عضويتها علي المؤتمر الوطني وممثلين عن حكومة الجنوب .. وينسحب الامر ايضاً علي وظائف الخدمة المدنية فبينما ينص اتفاق نيفاشا علي تخصيص نحو 25 % من اجمالي عدد الوظائف لمواطنين جنوبيين فان فصائل التمرد الدارفورية تطالب لدافور بنسبة مماثلة .. ومعني ذلك ان الجنوب ودارفور وحدهما سوف يستأثران بنصف قوة الخدمة المدنية فلا يكون بالتالي نصيب اغلبية الشعب السوداني المتبقية سوى النصف الآخر فقط
    نقول هذا علماً بأننا لم نأت علي ذكر مطالب أخرى لقادة التمرد يعرضونها جميعاً كحد أدني لا يمكن التنازل عنه .. فالمطالبة بمشاركة اهل دارفور في مؤسسات الحكم المركزى بنسبة الربع علي الاقل تمتد لتشمل مؤسسة القوات المسلحة والشرطة والجهاز الامني القومي .. وتمتد ايضاً لتشمل العاصمة القومية فيكون حاكمها من دارفور . وهناك مطالبة بتخصيص 35 % من ايرادات الميزانية المركزية لدارفور وحدها .. بل وتشمل المطالبات ان يكون لفصائل التمرد وحدات قتالية في العاصمة القومية وان تتولي الحكومة المركزية عبء الصرف عليها !
    وتأسيساً علي هذا نعيد طرح السؤال الاصلي :
    اذا كان تحقيق توفيق بين اتفاق نيفاشا واتفاق في أبوجا بأي حد أدني ضربا من المستحيل الا يعني ذلك إلغاء نيفاشا أو اجراء تعديلات جوهرية وابعة التطاق على برتكولاته بما يؤدي الي إلغئه عملياً ؟ وهل تقبل «الحركة الشعبية» بذلك ؟ وماذا سيكون عليه موقف القوى الدولية الضامنة لاتفاق نيفاشا وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الاوربي والامم المتحدة ؟
    يبدو ان السودان أصبح علي أعتاب وضع جديد تماماً لا ينطوى إلا عـلي نُذر شر مستـطير .


    http://www.akhbaralyoumsd.net/modules.php?name=News&file=article&sid=2253
    ___________
                  

04-18-2008, 06:50 PM

صلاح شعيب
<aصلاح شعيب
تاريخ التسجيل: 04-24-2005
مجموع المشاركات: 2954

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)

    الاستاذ عبدالله عثمان

    شكرا لهذا التوثيق المثابر وابشرك ان هناك حوار عميقا اجريته مع د. دالي سيرى النور قريبا
    وسيكون شارحا أكثر للفكرة الجمهورية..واسعى لمحاورة الاستاذ عبدالله النعيم خصوص وهو سيزورنا في واشنطن ويحاضرنا يوم السبت 3 مايو..ويا ريت لو ساعدتموني بالمداخل ...تلفوناته أو الايميل أو غيره..وانتظرك في الماسنجر..عظم الله أجركم..وهدانا إلى سراطه المستقيم..
                  

04-19-2008, 05:20 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    تشكر أستاذ صلاح شعيب على المرور
    أرسلت لك رسالة فى المسنجر فآمل مراجعتها هناك
    كلنا شوق لمطالعة اللقاء مع د. دالى
    =======
                  

04-19-2008, 05:21 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    الشيخ محمد سيد حاج :-
    الصلاة والسلام علي رسول الله الامين وعلي آله وأصحابه أجمعين أول شئ ينبغي ان يكون النقاش نقاشاً فكرياً والسؤال الذي ابدأ به هل يعتبر الدكتور الترابي مجدداً او ما جاء به يعتبر جديداً ؟ للاسف الشديد الدكتور الترابي ما جاء به له سلف وهو ينكر السلفية لو أنه جاء باقوال لا جذور لها اعتبرناه انه أتي بشئ جديد وأستغربت لاخينا الذي قال ان عبد الله بن عباس في تفسير ابن كثير السؤال هل يعترف الترابي بابن كثير ويقول ابن عباس وهذا الكلام مكتوب قال ابن عباس في التفسير يا عيسي اني متوفيك ورافعك التي هي رافعك ثم متوفيك ومتوفيك بعد أن ارفعك وأنزلك الي الارض ثانية هذا تفسير ابن كثير والكلام الذي قيل مبتورجداً وأرجو أن يكون الانسان أمين عندما يقول ابن عباس قال يأتي بكلامه كامل . وقال الشيخ سيد حاج أى مقوله قالها الترابي له فيها سلف أول مقوله قالها بعدم نزول عيسي عليه السلام سبقه لهذه المقوله ابو هذيل العلاف المتوفي سنه 231هـ ولكن ملف الترابي اسوأ ملف وهو يتحكم من السلف وأن ابوهذيل العلاف وعبد الجبار الهمداني وعمرو بن عبيد المعتزلي فكيف ان ياخذ دينه من السلف ويرفض ان تأخذ ديناً من السلف المنطق يقول هل كل شئ قديم وسلفي يحكم عليه بضعفه لانه قديم وسلفي فنجد أن الشمس والقمر سلفيان وهل من شخص قال يريد شمسا أو قمراً تقدمياً ، انا لا أعفي الترابي لان كل القضايا التي قالها له فيها سلف المسأله الوحيدة التي لم أجد له فيها سلفا اباحه زواج المسلمة لليهودى والنصراني بحثت ووجدت ان هذه المقوله قال بها سيد أحمد خان شقي الهند المولود سنة 1817م المتوفي 1899م وتلميذه السيد علي بن الامير سيد هو الذي اباح ان يتزوج اليهودى والنصراني بالمسلمة ، وأعتبر الشيخ سيد حاج ان الترابي غير أمين وبالتالي الترابي سلفي وغير مجدد ولكن سلفي معتزله وخوارج ونحن سلفنا صالح وفي قوله ان تصلي المرأة بالرجال سبقته في هذه المقوله غزاله الشبيبية الخارجية في عصر الحجاج بن يوسف وأفتت بأن المرأة تصلي بالرجال . وقال الشيخ سيد حاج ان تجديد محمود محمد طه أعمق فكراً ومنهجية من تجديد الترابي ومحمود محمد طه بنى تجديده علي الرسالة الاولي والرسالة الثانية ، والترابي مره يقول نأخذ بالاحاديث وحديث ام ورقه في سنن ابي داؤود رقم 592فيه الوليد بن جمعيه الزهرى وعبد الرحمن بن خلاف يستدل بحديث ام ورقة ويضعف حديث ابي هريرة في الصحيحين قال النساء لا ناقصات عقل ولا دين والترابي ضد الرسول صلي الله عليه وسلم مباشرة والترابي يأخذ بالاحاديث التي تروق له ولا يأخذ بالاحاديث التي لا تنفع معه والترابي في 10/8/1982م في الديوم الشرقية قال إن ابوهريرة يروى الاحاديث لمصلحته الخاصة فلا نأخذ باحاديثه اذا كان فيها مصلحة فإن الترابي ليس لديه منهجية وهذه أبعدته وجعلته يتناقض يقول حديث ام عطية تصلي المرأة بالرجال وأن حديث أم عطية بنساء دارها . وقال الترابي الدار يمكن ان تكون دارفور اودار حمر وانا لا أويد منطق التهكم من الترابي بأنه قال زار النبي صلي الله عليه وسلم ام ورقة في بيتها ولما أرادت ان تصلي بغلمان معها قال يكونون أمامكي وتصلين بهم وأنت ِ خلفهم ، هذه الروايه لم يأتي بها الترابي وهو بذلك يبتر النصوص ولا يتعامل بمصداقية ولا أمانة ومحمود محمد طه كان واضحاً في كفره وصريحاً في ردته وأنكر الصلاة وابطل الزكاة . والترابي متناقض جداً والاحاديث في الصحيحين «إن المرأة خلقت من ضلع اعوج» . وأضاف الشيخ سيد حاج ان الاحاديث التي وردت في نزول سيدنا عيسي عليه السلام في 29 حديثا عن الرسول صلي الله عليه وسلم ومن باب الامانة العلمية 7 منها ضعيفة الترابي رد كل هذه الاحاديث الصحيحة وأعتبر جرأة الترابي ليس بعدها جرأة ومن رد حديثاً نبوياً وأحداً كفر فكيف لمن يرد 22 حديثا وقال الترابي في ندوته «أكلوا الذباب» .. والله الرسول صلي الله عليه وسلم اذا قال أكلوا الذباب ناكله وفي محاضرته الشهيرة قال «لو أن الطبيب الكافر قال ان الذباب يحمل الجرثومة الرسول قال أعطنها فاني اخذ بقول الطبيب ولا أجد في ذلك حرجا» . فإن مسلك التعالي عن النصوص خطر جداً علي الامه ويقول الدجال عينه عامله كيف الذي اوصفها الرسول صلي الله عليه وسلم قال الترابي مافي عين هذا كلام فاضي . ودعا الشيخ سيد حاج اتباع الترابي الي التعامل الصحيح مع الدين ومعه لانهم يقولون أنتم لم تفهموا كلام الترابي طيب فهمونا يقولون نحن ايضاً لم نفهم كلامه فهذا عيب لان كلام الله سبحانه وتعالي يتفهم وأبن كثير يفسر كلام الرحمن وحديث الرسول صلي الله عليه وسلم يتفهم قال الترابي عيسي ما ينزل وقال عذاب القبر ما في فقال الترابي هذا عذاب للروح والرسول صلي الله عليه وسلم قال « يضم ضماً حتي تختلج اضلاعه يسمع خلع نعال أصحابه فيجلسانه ويعقدانه » وقال الترابي ان الانسان 60% مويه عندما يدخل الارض ما يتلقي ، فهو بذلك يتعامل مع الغيب بالبساطه والسذاجه وسيد أحمد خان الذي اخذ منه الترابي فتوى اجازة زواج المسلمه لليهودى والنصراني والترابي انكر الاجماع وقال الاجماع تماماً هو اجماع الناس فقال الترابي بالاجماع الشعبي . وقرر الشيخ سيد حاج أن يكون مجدداً وفي كلام الترابي فقط وطالب الترابي بمسائل جديدة غير كلام المعتزله والخوارج الذي جاء به الترابي والتجديد يستهوى الناس والترابي افتي قديماً بأن المرأة اذا اسلمت قبل زوجها ألا يفسخ العقد وأن تصبر عليه وهذا الكلام يمكن ان يقبل يأخذ ويرد ولكن ان يتروج اليهودى والنصراني إبتداءً بمسلمه فلقد فهمت منه في لقائه في جريدة المحرر اللبنانية عام 1984م في العدد رقم 268 قال فيها لا أمانع أن وجدت مسيحياً معتدلاً ان يتزوج بنت من بنات المسلمين الآيه واضحة بقوله تعالي: « وأن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن الي الكفار» . الترابي جمع بين النقيضين ، واستدل الترابي بقصة عجيبة جداً بقصة زينب بنت الرسول صلي الله عليه وسلم مع زوجها ابو عاصم بن الوليد من عباد الاصنام لا ينطبق مع أهل الكتاب فهذا الدليل ضده فعندما هاجرت زينب رضي الله تعالي عنها الي المدينة الزواج لم يفسخ لانها تزوجت زواج حلال والجاهلية كان فيها زواج حلال . وقال الشيخ سيد حاج نحن مستعدون للنقاش والحوار الفكرى ولا نهاب الترابي ونطلب من الدكتور حسن الترابي مناظرة في أى مكان يحدده الترابي انا جاهز والله العظيم نحن متمنين المناظرة معه . وقال الشيخ عبد الحي يوسف اتينا ان نستمع حتي نصل الي كلمة سواء أما تهريج والتشويش واساءة الادب مع أهل العلم والله ما هذا بسلوك المؤمنين وهؤلاء يطلبون مناظرة مع من تكلم ومع من أتي بهذه الافتراء ومن اخترع هذه الاكاذيب ومن ضلل علماء المسلمين وسخر منهم ومن اتانا بما لا نعرف ونعوذ بالله ان نتخذ ايات الله هزوا ونرجوا ان يكون هذا المجلس ايها الفضلاء مجلس علم ووقار وسكينه من أجل ان نستفيد اما اذا فتح الباب للسخرية فو الله ما نحن عنها بعاجزين فإن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ونحن نريد أن نبين الحق ونريد ان ننشر العلم وكلنا نحن المسلمين مأمورون ومطالبون بان ندافع عن هذا الدين وأن نبين حقائقه وأن ننشره بين الناس ومن أجل هذا اتينا فوالله عندنا ما يشغلنا أقدم اليكم الدكتور علاء الدين الزاكي . الشيخ الدكتور علاء الدين الزاكي حمد الله علي أن هنالك رجال من أهل العلم ينفون عن دين الله تعالي وتبارك تحريف الجاهلين فهذه هي سنه الله تعالي في الارض لذلك يقول الرسول صلي الله عليه وسلم «لا تزال طائفة من أمتي علي الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا خذلهم حتي أن يأتي أمر الله» . فله الجمر والمنة أن الحق لا يضيع وسيبقي ان شاء الله ما دامت السموات والارض عرفه من عرف وجهله من جهل يفوز برحمة الله سبحانه وتعالي من ثبت عليه ويبوء بالخسران المبين من ضيعه لذلك أخوتي في الله ان ابدأ حديثي مذكراً بكلام الله تبارك وتعالي: «من الناس من يتخذ دون الله انداداً يحبونهم كحب الله والذين امنوا أشد حبا لله او لم يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب ان القوه لله جميعاً وان الله شديد العذاب اذ تبرأ الذين إتُّبعوا من الذين اتَّبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب وقال الذين اتَّبعوا لو ان لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله اعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار» الاولي للانسان ان يتعرف علي الحق لا من افواه الرجال انما بالرجوع الي النصوص المعصومه من قول الله تعالي وقول رسوله صلي الله عليه وسلم من هنا نتعرف علي الحق



    http://www.akhbaralyoumsd.net/modules.php?name=News&file=article&sid=2191
    ____
                  

04-19-2008, 05:23 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    ندوة عاصفة لمجمع الفقه الاسلامي حول فتاوي الترابي المثيرة للجدل
    أرسلت في 3-4-1427 هـ من قِبَل -


    الخرطوم : محمد الحلو
    قال البروفيسور جعفر شيخ ادريس إن الرجل الذي يصر على أن أول الخلق حواء وليس أبونا آدم ويبيح الردة فهو كافر وقال إن الزعيم الإسلامي المعروف لديه مقدرة على الكذب وهو يعيش حياة غير التي يؤمن بها وكان رئىساً لجماعة إسلامية لا يؤمن بأهدافها ولا كتبها ولا رجالها قال ذلك في الندوة التي أقامها مجمع الفقه الإسلامي مساء أمس بجامعة الخرطوم واعتبر

    شيخ ادريس إن الزعيم الإسلامي يتحدث عن الحرية في الدين إنما يريد أن يرضي الأمريكان .
    وقال إنه يقول إن الخمر لا تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون إلا إذا ارتبطت بالعدوان إعتبر ذلك غباء وقال إن الزعيم الإسلامي كان يخفي مثل تلك الفتاوى والآراء ولا يبيح بها إلا لخاصته أو عندما ييأس وقال أنا أخشى أن يكون وراء هذا الأمر شئ فهو لا يتحدث إلا لغرض دنيوي فهذا الكلام ما يريده الغرب لأنهم يقولون هذا الدين ليس له دولة قوية تحميه وبالرغم من ذلك واسع الانتشار .
    واعتبر شيخ ادريس تبصير المسلمين بما ذهب إليه الزعيم الإسلامي أهم من إقامة الحد عليه وقال لا أريد أن يقدموه لمحاكمة لأن العلمانيين وأصحاب حرية الفكر سيدافعون عن أفكاره وتصبح مسألة قد لا نحمد عقباها وقال إن الزعيم متقلب المزاج والأفكار لأنه قال لشخص أنا أعلم من النبي صلى الله عليه وسلم فعندما استنكر الشخص ذلك الكلام فرد عليه أنا أقصد الأمور الدنيوية مثلاً أنا أعرف اللغة الفرنسية والنبي صلى الله عليه وسلم لا يعلمها وإنه قال لصحيفة بريطانيا إن الاسلام لا يتدخل في زي المرأة إلا إذا سارت عريانة وأضاف علي المسلمين أن يفطنوا لمثل هذه الدعاوى التي أريد بها الفتنة للمسلمين عن دينهم والمصالح الشخصية .
    ومن جانبه انتقد الشيخ محمد سيد حاج الأفكار والآراء التي جاء بها د .حسن عبد الله الترابي وقال إن هذه الأفكار والآراء لم يأت بها إنما أخذها من السلف الذين ينكرهم الترابي نفسه فقوله في نزول المسيح جاء من سلفه عبد الجبار الحمداني وعمرو بن عبيد واباحته للمسلمة أن يتزوجها اليهودي أو النصراني فهذا جاء به سلفه سيد احمد خالد في الهند سنة 1817م وكل السلف الذين أخذ منهم خوارج ومعتزلة ومسألة إمامة المرأة قالت بها غزالة بنت الشيبة واعتبر سيد حاج إن الترابي غير مجرد وقال إن الفكر الذي جاء به محمود محمد طه أعمق من فكر الترابي وبهذا الحديث يعتبر الترابي ضد الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة لأنه يتجرأ على النصوص القرآنية والسنة المحمدية ولا يتعامل بعقلانية .
    وطالب سيد حاج بمناقشة الترابي ومحاورته حوار فكري أو مناظرته في أي زمان أو مكان يختاره .
    وفي ذات السياق قال الدكتور علاء الدين الزاكي إن أفكار الترابي تنبع من شبهة ابليس وأنصاره فإن تعظيم العقل في مقابلة النصوص فهو يطرح نفسه كبديل للوضع القائم في السودان وقال إن أفكاره هذه تعجب الأمريكان فهو يهيئ نفسه ليعود إلى السلطة فهو بذلك قد جرد عقله لمصادمة النصوص واعتبر الترابي يخشى من المناظرات لأنه لا يرضى بالهزيمة واسأل الله له الهدايا ولاتباعه .
    وقال عبد الحي يوسف إن أعداء الإسلام يتربصون بالبلاد والمخلصين يجب أن يردوا الناس إلى دينهم واعتبر أن الترابي يرفع شعار الإسلام ويريد أن يشكك المسلمون في دينهم فهو بذلك يريد أن يرجع إلى الأضواء من جديد ولم يجد سبيلاً إلا بالطعن في الدين بسلسلة من الأكاذيب وتحريف الكلم والصد عن سبيل الله بداية بإدعاء أن اليهود والنصارى مؤمنون إلى إنكار نزول المسيح بن مريم وانكار خروج الدجال والدابة والزعم بتزويج المسلمة من الكتابي والكافر ولكن لن يجد سبيلاً وسوف يتصدى علماء الأمة لمثل هذه الدعاوى .
    وأضاف الدكتور سعد احمد سعد إن قضية ادعاء إجتهادات الترابي قديمة وقد عزمنا أن نرد عليها نحن جماعة علماء السودان واحدة تلو الأخرى ولكنه فاجأنا بعرض اجتهاداته بصورة كثيفة في وقت واحد فهو يريد أن يقدم نفسه للقوى الغاشمة التي تظن أنها سوف تحكم السودان واعتبر الترابي بذلك خسر الكثير وعليه أن يتوب إلى الله تعالى .ومن ناحيته دعا الشيخ أبو زيد محمد حمزة اتباع الترابي أن يحتكموا لصوت العقل ويرجعوا لله سبحانه وتعالى قبل أن يضلوا كما ضل شيخهم وقال إن الترابي من الذين يشار إليهم بالبنان فإن مخالفته هذه تعد أمراً خطيراً على الإسلام والمسلمين لأن الترابي يجب أن يرجع إلى أمور دينه في الكتاب والسنة فالترابي ثقافته ليست دينية بل غربية واعتبر ما يقوله يعتبر رأي حزب سياسي وليس عالم من علماء الأمة فقد ينحرف المئات من أتباعه من الرجال والنساء


    http://www.akhbaralyoumsd.net/modules.php?name=News&file=article&sid=2176
    ____
                  

04-19-2008, 06:49 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    حماس وديموقراطية رعاة البقر!
    أرسلت في 9-1-1427 هـ من قِبَل -


    بدون اية مقدمات ندخل في الديموقراطية التي تريدها امريكا والزائرون لواشنطن يقولون ان اول ما يقابلك وانت تدخل هذه العاصمة المتميزة هو تمثال الحرية ولا شك ان لهذا التمثال مدلول ورمز ولم يوضع من اجل الزينة وانما وضع ليؤكد مبادئ الحرية والديمقراطية وحرية الفكر والاختيار التي تؤمن وتعمل بها هذه العاصمة لا اقول العريقة وانما اقول العاصمة المتميزة كما اسلفت القول.
    ولكن ما يحدث علي ارض الواقع من ممارسات تصدر من هذه العاصمة ويقف خلفها القابعون في البيت الابيض والكونجرس ووزارة الخارجية يؤكد ان هذه المبادئ حين تتعلق بالآخرين خارج امريكا تصبح معاييرها مزدوجة ولدرجة المهزلة.
    ورحم الله محمود محمد طه حيث كان شعار حزبه الجمهوري «الحرية لنا ولسوانا» ولكن في بلد تمثال الحرية «ان الحرية لهم وليست لسواهم» وهذا ما اكده الواقع المعاش حالياً وهو فوز حماس بالانتخابات التشريعية وما يعطيها هذا الفوز حق تشكيل الحكومة الفلسطينية الا ان حاملة لواء الديمقراطية واشنطن استنكرت هذا الفوز الكاسح رغم انه جاء عن طريق صناديق الانتخابات وفي اجواء اتسمت بالنزاهة ولا احد من المنافسين لحماس شكك في فوزها المستحق.
    هنا انبرت واشنطن كعادتها حين تأتي صناديق الانتخابات بالاسلاميين انبرت لحماس رافعة راية الابتزاز بانها ستوقف كل مساعداتها للشعب الفلسطيني ان لم تعترف حماس باسرائيل وان لم تترك ما تسميه بـ (الارهاب )اي مقاومة المغتصب المحتل ومحاولة استرداد الارض السليبة.. اذ في اعتقاد امريكا ان القاتل هو الضحية والمقتول هو المجرم.
    هذه بالطبع ليست المرة الاولى التي تقف فيها حاملة لواء الحرية ضد الفوز النظيف للاسلاميين بالانتخابات عن طريق صناديق الانتخابات فقد حدث ذلك من قبل حين فازت الجبهة الاسلامية للانقاذ في الجزائر بزعامة عباس مدني بالانتخابات التشريعية والمحلية فوزاً كاسحاً وحدث الشئ نفسه حين فاز الاسلاميون في تركيا بالانتخابات بزعامة نجم الدين أربكان فكانت المؤامرة الخبيثة.
    ومن هذه النماذج الثلاثة تتجلى ديمقراطية امريكا المزدوجة



    http://www.akhbaralyoumsd.net/modules.php?name=News&file=article&sid=736
    _
                  

04-19-2008, 06:53 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    الغرب الصليبي والتوجه الاسلامي في السودان
    أرسلت في 3-12-1426 هـ من قِبَل -


    الاخ الكريم الاستاذ/ عاصم البلال الطيب
    حفظه الله ورعاه
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    نشكر لكم تفاعلكم مع قضايا الشعب والامة واهتمامكم بها.. وفي هذا الاطار ارجو تكرمكم بالسماح بان يرى الموضوع المرفق طيه النور عبر بابكم المقروء اجراس فجاج الارض.
    مع عاطر شكري وتقديري
    اخوك/ عبد الله عبد الله علي
    الغرب الصليبي والتوجه الاسلامي في السودان
    منذ إعلان الرئيس الأسبق جعفر نميري للشريعة الاسلامية في السودان عام 1983 وضع الغرب الصليبي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية السودان تحت مجهره، ومن صدمته والمفاجأة غير المتوقعة لم يستطع اتخاذ اي قرار ضد النظام المايوي، وانتظر حتى ينجلي الأمر ولم يقتنعوا بجدية هذا التوجه. الا بعد اعدام محمود محمد طه. هنا شعر الغرب الصليبي الحاقد بضرورة ازالة النظام المايوي. واقتلاعه من جذوره بشتى السبل
    عندها ولول الغرب وتحركت أمريكا وحركت النقابات السودانية التي يسيطر عليها اليسار العميل.
    وجاء بوش الاب وكان نائبا للرئيس الامريكي وقتذاك. وقابل النميري وامره بالغاء الشريعة الاسلامية والا ستقوم امريكا باسقاطه فوراً وفعلاً استجاب لهم وقال بأنه سيراجع كل الاحكام التي صدرت وقام بسجن الاسلاميين وقضاة الشريعة وسافر النميري لامريكا. ومن الناحية الأخرى حرضت الاذاعة الاستعمارية الـBBC النقابات،والشعب السوداني للخروج على الرئيس واعلنت النقابات الاضرابات واندلعت المظاهرات في 26 مارس 1985م وازدادت يوما بعد يوم الى السادس من أبريل من ذلك العام حين اذاع المشير سوار الدهب انحياز القوات المسلحة للشعب، ونهاية الحقبة المايوية، وبداية عهد ديمقراطي جديد.
    بعد نجاح الانتفاضة قامت أمريكا والغرب بالضغط على الحكومة الانتقالية لالغاء الشريعة، وردت الانتقالية بأن امر القوانين الاسلامية متروك للحكومة المنتخبة.
    وعقب اجراء الانتخابات العامة، وتشكيل الحكومة الطائفية، واصل الاعداء ضغوطهم والتي أثمرت في النهاية بالموافقة على إتفاقية الميرغني قرنق لعام 1988م وبها يتم الغاء التشريعات الاسلامية والحدود والرجوع لقوانين 1974م التي تبيح المحرمات من زنا وفجور وخمور وميسر وربا.. الخ وعندما شرعت الطائفية في الغاء الشريعة الاسلامية وفقا للاتفاقية هبت ثورة الانقاذ الوطني بقيادة البشير في يونيو 1989 واستولت على السلطة، لوضع حد لعبث الطائفية واليسار العميل من اللعب بالنار.
    ولكن يتبادر الى الذهن سؤال هل تتركنا امريكا والغرب الصليبي من إقامة دولة اسلامية في السودان؟ الاجابة قطعا لا وألف لا!! لهذا قاموا بدعم حركة التمرد المسلحة دعماً كثيفاً ليتمكن من اسقاط الحكومة الاسلامية ثم اقامة السودان الجديد الخالي من الاسلام، والعروبة، تنفيذاً لمخططات الاعداء ليصبح السودان السكران الحيران المفكك الاوصال. . ولكن الانقاذ استطاعت من دك حصون التمرد تماما مما دفع الاعداء لتأليب دول الجوار علينا، وادخالهم في حروب معنا، وبحمد الله هزمناهم، ففجروا لنا مشكلة دارفور ثم الشرق وهكذا استنزاف متواصل، وانهاك للدولة حتى تضعف ويسهل قيادها او اسقاطها وحاليا يحركون تشاد ضدنا.
    هنالك حقيقة ينبغي أن نتذكرها ونعيها تماماً وهي الولايات المتحدة الامريكية والدول الاوروبية بقيادة بريطانيا، والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة ومجلس الامن وكل تلك المؤسسات والهيئات العالمية والتي يتحكم فيها اليهود، واعداء الاسلام من الغربيين لم تناصبنا العداء وتستهدفنا الا لاننا توجهنا الى الله سبحانه وتعالى، وسعينا لاقامة دولة تعبد الله، تنفذ اوامره وتجتنب نواهيه وصدق الله العظيم القائلولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا..) 215 البقرة
    ان الغرب الصليبي كثيراً ما يتبجح بحقوق الانسان والديمقراطية وهو ابعد ما يكون عنها ألم تمنع فرنسا فتاة مسلمة من تغطية رأسها؟ الا تمنع الحجاب بالقانون؟الا يعتبر هذا إنتهاكاً صارخاً لحقوق الانسان؟ الم تفز الجبهة الاسلامية بالجزائر في مطلع التسعينات في الانتخابات هناك؟ الم يتدخل الغرب بواسطة الجيش الجزائري في الغائها حتى لا تحكم الجزائر بالاسلام؟ اين الديمقراطية في هذا؟
    إن الولايات المتحدة ، والدول الغربية لا يمكن ان يسمحوا بقيام أي دولة اسلامية في العالم تحكم بشرع الله سواء جاءت بطريقة ديمقراطية او غير ديمقراطية سيكون مصيرها كما هو يحدث للسودان من فرض حرب عليه، وحصاره وتشويه سمعة، واكاذيب وزرع فتن داخل الدولة، وتحريك العملاء بالداخل لزعزعة الامن، والاستقرار كما يحدث عندنا في دارفور والشرق والجنوب قبل الاتفاقية.
    وهكذا يتم الحصار حتى لاتستطيع الدولة الاسلامية التي تقوم من تقديم شئ يلبي اشواق مواطنيها، والذين كثيرا ما يتأثرون بالاعلام الخارجي المضلل والمستهدف للاسلام، بالاضافة لما يخطه يراع العملاء بالداخل من وصف لاية تجربة اسلامية بالفشل والسقوط وهذا مخطط لاجهاض اي توجه اسلامي ولبث روح اليأس بين الناس والثابت ان الصورة الزاهية للاسلام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة الكرام لا يمكن تحقيقها بين يوم وليلة. لبعد الشقة بيننا وبين ذلك العهد، ولقوة الاعداء اليوم وخبثهم، ولضعف الايمان لدى المسلمين ولدور الطابور الخامس العميل بالداخل والحكام العملاء كل ذلك حجر عثرة امام اقامة دولة اسلامية راشدة ولكن علينا السير في طريق إقامتها.
    فاذا حققنا اليوم نسبة مئوية في الاتجاه الاسلامي علينا زيادة هذه النسبة ومضاعفتها حتى تأتي الاجيال القادمة وتكمل ما انتقص من الاقتراب من المثال الى أن يأتي ذلك اليوم الذي تكتمل فيه الصورة الجميلة والزاهية للاسلام ويفرح المؤمنون بنصر الله.. نسأل الله ان يجعله قريبا نعيشه ونراه رأي العين وليس ذلك على الله ببعيد.
    والله المستعان
    عبد الله عبد الله علي



    http://www.akhbaralyoumsd.net/modules.php?name=News&file=article&sid=365
    ____________
                  

04-19-2008, 06:09 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    سبعينية الإمام .. الوجه الآخر .. !
    أرسلت في 30-11-1426 هـ من قِبَل -


    المشهد السياسي
    موسي يعقوب
    الإمام عبد الرحمن تنبأ له بأن « يسد فرقته » وجراهام توماس هتف « وجدت من يحكم السودان » ..!
    الصادق دخل السياسة من باب الخصوصية ومحمود محمد طه في كتابه عنه نبه لخطورة ذلك
    سبعينية الإمام فرصة للغوص في سيرته وتجربته والخروج منها بالنافع المفيد
    كانت فكرة جيدة أن يكون الاحتفال بسبعينية السيد الصادق المهدي - متعه الله بالصحة والعافية - هذه المرة بهذا الاتساع والشمول ليكون الأمر في جملته وقفة مع مسيرته الفكرية والسياسية فهو بتاريخه وعطائه وخلفيته ودوره أهل لذلك لا محالة ، ففي ذلك كله « وجه آخر » ونصف كوب فارغ إلى جانب النصف الملآن .
    السيد الصادق المهدي دخل السياسة والفكر من باب خاص بالغ الخصوصية فهو بناءً فكرياً وتأسيسياً إلى جانب الأحفاد الكمبوني وكلية فيكتوريا في الاسكندرية ثم الجامعة البريطانية ، أوكسفورد ، درس على يدي الشيخ السراج وهو من علماء اللغة والأدب والتراث فتنوعت مصادر معرفته التي أضاف لها من إجتهاده الخاص بكل تأكيد وشكّل ذلك كله آخر النهار الرجل الذي سمعناه وقرأناه وتابعنا نشاطه السياسي.
    أما الخصوصية في دخوله السياسة من الباب الخاص فذلك ما نجده في أكثر من واقعة وشاهد ودليل ، فهو في كلمته أمام المحتفين بسبعينيته ذكر عن جده الإمام عبد الرحمن المهدي قوله لوالدته السيدة رحمة :
    يا رحمة ولدك هذا سيكون له شأن عظيم فقد رأيته في المنام يخاطب جمعاً كبيراً ..
    { يارحمة ولدك هذا هو الذي « سيسد فرقتي ..!»
    ومثل ذلك الشئ كانت السيدة أم سلمة جدته لأمه قد كررته وذكرته لها إلا أن المهم هنا أيضاً هو ما ذكر البريطاني جراهام توماس في كتابه « السودان : موت حلم » Death of A Dream ورواه السيد الصادق في كلمته المذكورة أيضاً وهو أنه عندما كان في إحدى زياراته للإمام عبد الرحمن المهدي وجد إلى جانبه فتى في الخامسة عشر من العمر فسأل الإمام : من هذا الفتي ؟ فقال إنه الصادق ابن ابني الصديق - وهنا قال جراهام الموصول بالسكرتير الإداري يومئذ للسير جيمس روبرتسون « لقد وجدت لك من يحكم السودان في المستقبل .. !!» يقصد الصادق المهدي ..
    وقد سبق لي أن استعرضت بعض ما جاء في ذلك الكتاب في عمودي « أحاديث في السياسة » في آخر مايو 1990 م في صحيفة السودان الحديث وقد صدر الكتاب لتوه يومئذ في نسخته الانجليزية .. وجراهام توماس « أبو رضوان » وتلك هي كنيته قال عن نفسه إن الإمام عبد الرحمن قال لحفيده الصادق « إذا أردت نصيحة مخلصة فخذها من جراهام توماس .. !» وبالفعل كان الرجل قريباً من السيد الصادق وزوجه سارة وإن كان له كتاب آخر صدر قبل وفاته بقليل لم يكن فيه سعيداً بإدارة المهدي للدولة بعد الانتفاضة في رجب - أبريل 1985 .
    وتواصل مسلسل الخصوصية إلى أن بلغ السيد الإمام الصادق بعد ثورة اكتوبر 1964 م سن الثلاثين - سن التأهيل للمجلس التشريعي - وأخليت له دائرة فاز فيها بالتزكية ودخل الجمعية التأسيسية ليبدأ معركته من أجل زعامة الحزب ورئاسة الوزراء خصماً على النخبة التي آزرت الإمام عبد الرحمن وحزبه وطائفته ثم ابناءه الصديق والهادي من بعده .
    وقد طبعت هذه الخصوصية والتنشئة حياة الرجل وممارسته السياسية طوال تجربته . فهو « أمل الأمة » وهو صاحب الحل والعقد في الحل والترحال والحكم والمعارضة معاً ، وفي باله دوماً أين يكون ودون إعتبار لأي شئ آخر .. والشواهد والمحطات هنا أيضاً كثيرة .
    { في 7 يوليو 1977 م وقع مع النميري صلحاً منفرداً من وراء ظهر الجبهة الوطنية في لندن .. ولما لم يجد الموقع الذي كان ينتظره لم ينخرط في المصالحة إلى نهايتها كما فعل آخرون ..
    { في 9 ديسمبر 1996 م خرج في عمليته المشهورة « تهتدون » قاصداً التجمع في اسمرا .. ولما لم تسعه هيكلة التجمع القائمة عاد أدراجه في العملية « تفلحون ».
    { وفي مفاوضات الحزب بعد العودة مع المؤتمر الوطني والتي لم تسفر عما توقع تململ مفاوضو الحزب وشقوا طريقهم بعيداً عنه تاركين انقساماً وفراغاً في الحزب .
    والمشكل في كل الأحوال هو أن ما يتطلع إليه السيد بحكم التنشئة والأوضاع الخاصة لن تتيحه له إلا انتخابات عامة يحقق فيها فوزاً كبيراً كماحدث من قبل . ذلك أن تطلعاته وتوقعاته أكبر من أن تحققها قسمة متفاوض عليها .
    محمود محمد طه في كتابه « الصادق المهدي- القيادة الملهمة والحق المقدس » قبل أكثر من ربع قرن انتبه لذلك ونبه إليه . بيد أن السؤال الذي ينبغي أن يطرح في سبعينية السيد الإمام هو : ماذا تحقق على صعيد الدولة والحزب طوال أربعين عاماً بل لنكن منصفين وهو الذي لم يعمر في وزارته الأولى بعد أكتوبر 1964 م ولم تكن حكوماته قصيرة العمر بعد الإنتفاضة في 1985 م أحسن حالاً جراء التركيبة الهشة لنوجه السؤال إلى أمر آخر وهو :
    ما هي مقومات القرار والسلوك الديمقراطي عند السيد الصادق المهدي ومن ثم قبوله للآخر ؟
    ولعل هذا هو ما يهم من أراد أن يقف على تجربته السياسية ، إن القرار عند السيد الصادق مضطرب ودوّار ، وفي ذلك شواهد منها رفضه للجمع بين الإمامة والسياسة في مستهل حياته السياسية وهو الآن يعود إلى ذلك بدافع « عصا الإمامة لمآرب السياسة .. ! »والقرار عنده متردد ويمكن التنازل عنه بفعل الضغوط . والإشارة هنا إلى :
    1) اتخاذ مجلس وزارته بعد الانتفاضة قراراً برفع سعر السكر ظهراً ثم التراجع عنه مساء نفس اليوم ..!
    2) مذكرة القوات المسلحة في 22 فبراير 1989 م كانت بحاجة إلى إتخاذ قرار ولكنه اعتبرها « كميناً » يتعين تجاوزه بالتي هي أحسن .. حتى حدث ما حدث .
    3) قوانين سبتمبر 1983 م كانت في خطابه السياسي لا تساوي الحبر الذي كتبت به والجبهة الإسلامية اخطأت في تعاونها مع النميري خطئاً لابد أن تغتسل منه سبع مرات إحداهن بالتراب .. ! ولكن ذلك كله لم يمكنه من إلغاء قوانين الشريعة ولم يمنعه من التعاون مع الجبهة في الحكم .
    وهذا كله مما يشي بأن السيد الإمام معني ومهتم أكثر بالسلطة وبقائه فيها أكثر من أي شئ آخر لما استقر في نفسه وثبت من أنه المؤهل أكثر من غيره « ليسد فرقة الإمام عبد الرحمن » والذي في باله دوماً أن يثبت صحة رؤية جدته لأمه السيدة أم سلمة التي رأته في المنام يخاطب جمعاً كبيراً ورتبت على ذلك أنه « سيكون له شأن عظيم ».. ولن يتحقق له شئ من ذلك إذا ما هو « همش » أو ابتعد عن السلطة . ولهذا لسبب دون غيره وجدناه يظهر سعادته بما حدث لمصنع الشفاء للدواء ذلك المساء من شهر أغسطس - آب 1998 م عندما انهالت عليه صواريخ كروز الأمريكية حيث صرح قائلاً «رب غارة نافعة ..!» فكيف تكون الغارة نافعة وينزلها القائل منزلة قولهم «رب ضارة نافعة » إذا لم يكن لديه ما يبرر ذلك ويدعوه إليه ؟
    إلي جانب ذلك فالسيد الصادق لا يعترف للخصم أو الآخر بفضل أو حق طوال تجربته السياسية- فهو الذي دخل مع السيد محمد أحمد محجوب في مناكفات برلمانية وصحفية ناسياً له دوره في حزب الأمة ومعركة الاستقلال والتحدث باسم العرب في الأمم المتحدة . وآثار مايو في مفكرته السياسية يجب أن تمحي بخيرها وشرها كما حدث بعد الانتفاضة .
    المرة الوحيدة التي خرج فيها عن ذلك التقليد هي الأسبوع الماضي - أي في سبعينيته - عندما اعترف للإنقاذ الوطني بثلاثة منجزات هي البترول والسلام والتحول الديمقراطي .
    لقد كان يقول قبل ذلك « ليتهم لم ينقذونا وتركونا حيث كنا .. !» هكذا كان يقولها دون مبالاة أو حرج فكل ما ليس له يد فيه لا يرى فيه خيراً .. بل شكك في مقابلة تاريخية له مع ليلى الشيخلي في قناة الـ mbc وخطوط الأنابيب الناقلة للبترول يومئذ تمد والمصاف والمنشآت تقام في مشروع السودان النفطي قائلاً لها « أنها أحلام ظلوط .. !» وظلوط هو ديك كنا نعرفه في كتب المطالعة في المرحلة الأولىة - الابتدائية الآن . وفي مؤسسته الحزبية عندما يدعو بعضهم للإصلاح الديمقراطي والمؤسسية لا يعترف بذلك .. وعندما ينشقون عليه ويغادرون صفوف حزبه يقول إن ذلك خطأ لا يمحوه إلا التوبة والاستغفار .
    وما ذلك إلا لأن البداية في المشوار السياسي كانت قائمة على «الخصوصية » والتمييز منذ اليوم الأول . ولعل ما حفل به كتابنا الأخير « حزب الأمة - صراع المصالح المطامح» فيه اضاءات كثيرة في هذا المجال .
    هذا طرف من الوجه الآخر في سبعينية السيد الإمام الصادق المهدي قصدنا به أن تكتمل اللوحة والصورة حتى يصبح بالإمكان يوماً ما وربما قريباً ظهور سفر متكامل لرمز من رموزنا السياسية ذات البعد الخاص والمؤثر مع الدعاء للسيد الإمام بطول العمر والصحة والعافية والأعمال الصالحات.



    http://www.akhbaralyoumsd.net/modules.php?name=News&file=article&sid=329
    _________________
                  

04-19-2008, 09:47 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    هذه هي ديمقراطية الغرب

    تذكرون كيف تعاملت دول الغرب مع البريطاني من اصل باكستاني سلمان رشدي حين اصدر كتابه ( ايات شيطانية ) واساء فيه الي خير البشر رسولنا محمد تذكرون كيف استقبله زعماء هذه الدول استقبال الفاتحين المنتصرين .وحين احتج بعض المسلمين علي هذا الاستقبال غير المبرر والذي يحمل الكثير من الدلالات التي لا تخفي علي اقل مسلم ذكاء رد هؤلاء الزعماء بان هذا الاستقبال جاء من منطلق مبدأ حرية الرأي والفكر وكان علي رأس هؤلاء الزعماء الرئيس الامريكي بيل كلينتون الذي بدت عليه وقتها علامات الارتياح وهو يصافح ذاك المرتد .
    فبينما يساء الي الاسلام والي رسول الاسلام فان دول الغرب تقابل ذلك بمزيد من الانشراح اما حينما تمس اليهودية او ما يسمي السامية فان القيامة تقوم قبل موعدها .
    فكلنا راي ويري ماذا يفعلون بمن يشكك مجرد تشكيك في محرقة اليهود او حتي يوجه نقدا ولو كان سياسيا لاسرائيل فان مصير هذا المتطاول العقاب اشده كما فعلت فرنسا بجارودي المفكر المعروف الذي اعتنق الاسلام .
    وحرية الرأي والفكر المزعومة هل تعطي الحق لاي كاتب مسلم ان يؤلف كتابا يسئ فيه الي الديانة اليهودية او حتي ان يوجه نقدا سياسيا لاسرائيل ،الاجابة علي هذا السؤال معروفة اذ ان كل من يجرؤ علي ذلك فان سيواجه العقاب المحتوم .
    ان حرية الراي هي لهم وحدهم وليست لغيرهم وهذا يذكرني بشعار الحزب الجمهوري حزب محمود محمد طه وليس الحزب الجمهوري الامريكي حيث ان شعارهم كان ( الحرية لنا ولسوانا ) .اما دول الغرب فان الحرية لها وحدها وليس لسواها وحينما كنا اغرارا كنا نخدع بكل ما يهب علينا من هذه الدول حيث كنا نظنهم ديمقراطيين وعادلين في احكامهم وتعاملهم الا اننا اكتشفنا اخيرا اننا كنا مخدوعين وسذجا .
    فهم في مجتمعاتهم ديمقراطيون وفي مجتمعاتنا هم ليسوا كذلك ،وفي مجتمعاتهم يتمسكون بحقوق انسانهم اما في مجتمعاتنا فالانسان عندهم لاقيمة له ،يسجن بغير وجه حق سنوات وسنوات دون توجيه اتهام ودون محاكمة .
    وهكذا هم ديمقراطيون انسانيون ومسالمون ونحن ارهابيون .
    اخيرا اقول لقد انفضحت اللعبة



    http://www.akhbaralyoumsd.net/modules.php?name=News&file=article&sid=6352
    _________________
                  

04-19-2008, 11:04 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    حماس وديموقراطية رعاة البقر!

    بدون اية مقدمات ندخل في الديموقراطية التي تريدها امريكا والزائرون لواشنطن يقولون ان اول ما يقابلك وانت تدخل هذه العاصمة المتميزة هو تمثال الحرية ولا شك ان لهذا التمثال مدلول ورمز ولم يوضع من اجل الزينة وانما وضع ليؤكد مبادئ الحرية والديمقراطية وحرية الفكر والاختيار التي تؤمن وتعمل بها هذه العاصمة لا اقول العريقة وانما اقول العاصمة المتميزة كما اسلفت القول.
    ولكن ما يحدث علي ارض الواقع من ممارسات تصدر من هذه العاصمة ويقف خلفها القابعون في البيت الابيض والكونجرس ووزارة الخارجية يؤكد ان هذه المبادئ حين تتعلق بالآخرين خارج امريكا تصبح معاييرها مزدوجة ولدرجة المهزلة.
    ورحم الله محمود محمد طه حيث كان شعار حزبه الجمهوري «الحرية لنا ولسوانا» ولكن في بلد تمثال الحرية «ان الحرية لهم وليست لسواهم» وهذا ما اكده الواقع المعاش حالياً وهو فوز حماس بالانتخابات التشريعية وما يعطيها هذا الفوز حق تشكيل الحكومة الفلسطينية الا ان حاملة لواء الديمقراطية واشنطن استنكرت هذا الفوز الكاسح رغم انه جاء عن طريق صناديق الانتخابات وفي اجواء اتسمت بالنزاهة ولا احد من المنافسين لحماس شكك في فوزها المستحق.
    هنا انبرت واشنطن كعادتها حين تأتي صناديق الانتخابات بالاسلاميين انبرت لحماس رافعة راية الابتزاز بانها ستوقف كل مساعداتها للشعب الفلسطيني ان لم تعترف حماس باسرائيل وان لم تترك ما تسميه بـ (الارهاب )اي مقاومة المغتصب المحتل ومحاولة استرداد الارض السليبة.. اذ في اعتقاد امريكا ان القاتل هو الضحية والمقتول هو المجرم.
    هذه بالطبع ليست المرة الاولى التي تقف فيها حاملة لواء الحرية ضد الفوز النظيف للاسلاميين بالانتخابات عن طريق صناديق الانتخابات فقد حدث ذلك من قبل حين فازت الجبهة الاسلامية للانقاذ في الجزائر بزعامة عباس مدني بالانتخابات التشريعية والمحلية فوزاً كاسحاً وحدث الشئ نفسه حين فاز الاسلاميون في تركيا بالانتخابات بزعامة نجم الدين أربكان فكانت المؤامرة الخبيثة.
    ومن هذه النماذج الثلاثة تتجلى ديمقراطية امريكا المزدوجة



    http://www.akhbaralyoumsd.net/modules.php?name=News&file=article&sid=736
    _________________
                  

04-19-2008, 11:05 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    اخبار اليوم» رافقت امين الشعبي في زيارته لشندي
    أرسلت في 17-8-1428 هـ من قِبَل webmaster


    الترابي جدد بندوة طلابية حاشدة بجامعة شندي فتاويه المثيرة للجدل
    مواجهة فكرية وفقهية حادة بين الترابي وأحد الطلاب السلفيين
    شندي : عبدالرازق الحارث
    وسط استقبالات شعبية وطلابية تقدمها انصار وقيادات المؤتمر الشعبي بولاية نهر النيل وصل الى محلية شندي الدكتور حسن عبدالله الترابي الامين العام للحزب يرافقه د. بشير ادم رحمة الامين السياسي والاستاذ المحبوب عبدالسلام امين العلاقات الخارجية ومولانا محمد سيد وقيادات الصف الثاني بالحزب من المجاهدين والشباب.

    وعند وصوله توجه د. الترابي ووفده الى مكتب مدير جامعة شندي حيث امضوا بعض الوقت وتفقدوا اقسام كلية الطب ومن ثم تحرك الوفد الى صيوان ضخم نصبه طلاب الحزب في الساحة الممتدة امام مباني كلية الطب لتقديم د. الترابي في محاضرة كبرى امها قرابة الألف شخص ضاقت بهم الساحة والصيوان المنصوب ووقفوا في حر يتابعون المحاضرة التي شهدت مساجلات فكرية ساخنة ما بين د. الترابي وبعض الطلاب السلفيين والجمهوريين. وجدد د. الترابي فتاويه المثيرة للجدل حول عذاب القبر والحور العين وامامة المرأة
    مما ادى لحدوث مواجهات فكرية وفقهية حادة ما بين الامين العام للمؤتمر الشعبي واحد الطلاب السلفيين الذي قدم مداخلة اتهم خلالها د. الترابي بانه مخالف بهذه الفتاوي النصوص القرآنية والسنة والسلف الصالح، وقال د. الترابي انه لا يوجد عذاب في القبر بيد ان الجسد يهلك ويصبح تراباً ، مشيراً الى ان هنالك بعض الطوائف مثل الهندوس يحرقون جثمان الميت وانتقلت العادة الى امريكا ، ومن ناحية علمية فان جلد الانسان يتكون من 60% الماء وتحدث له تغيرات يومية بالاكل والشرب ، وقال د. الترابي انه لا توجد محاسبة للجسد في القبر لان هنالك خمسمائة اية في القرآن تحدثت عن القيامة ولكن كل العلماء توقفوا في عذاب القبر.
    ووجه د. الترابي انتقادات حادة لما وصفه بحالة الانحطاط التي يعيشها العالم الاسلامي ووصف انتظار السنة للنبي عيسى والمهدي وموقف الشيعة من الامام الغائب بانه اوهام وقال الترابي انه لا يوجد نص قراني او حديث نبوي يمنع المرأة من ان تصبح اماماً مؤكداً ان الحوار العين من نساء الدنيا يعاد تشكيلهن وان التعارف بالروح لا بالشكل.
    ووجه الترابي انتقادات حادة للحركات السلفية ووصفها بانها في حركة ارتدادية للخلف وانهم حفظة نصوص.
    وحول لفظ كلمة صحابي قال انه ليس كل من رأى النبي عليه الصلاة والسلام صحابي مبيناً ان هناك تفاوت في الدرجات بدءاً من السابقين الاولين والمتبعين باحسان والمنافقين حول المدينة والذين اتخذوا مسجداً ضرارا ونفى د. الترابي ان تكون الحركة الاسلامية استلمت الحكم من اجل السلطة ، مشيراً الى ان حركة الاسلام لم تات للدولة وانما جاءت للاخرة، واستطرد قائلاً انا لم ات للدولة وما جاءت حركة الاسلام للدولة وانما جئنا لتغير الحياة كلها.
    ووجه بعض الطلاب في مداخلات انتقادات لتجربة الحركة الاسلامية في الحكم وحملوا الترابي وزر الاخطاء التي اكتنفت التجربة باعتباره كان عراب الانقاذ.
    ورد عليهم د. الترابي قائلاً ان التجربة كانت ايجابياتها الكبيرة باحداث اكبر نقلة في التعليم وتطوير البنيات التحتية واكتشاف البترول والكهرباء والعلاقات الدولية وتعليم اللغة العربية وحدثت نقلة لحقوق المرأة بعد ان كانت توصف بانها ناقصة عقل ودين، واشار الترابي الى ان السودان لم ينل استقلاله سنة 1989م والبلاد لم تستقر في منهج حكم صحيح والانقاذ اول تجربة اسلامية منذ الخلافة الراشدة ورغم ذلك هناك اخطاء نعترف بها، واردف قائلاً نحن لدينا الجرأة ان نتكلم عن سيئاتنا بصراحة فهنالك اخطاء في التجربة بيد ان الذين امسكوا السلطة اغرتهم وظنوا ان الحاكم فوق الشريعة.
    وانتقد د. الترابي مبدأ الاحتكام للبندقية في الصراعات مشيرا الي ضرورة بحث التراضي والتشاور حتي يتم تجنيب البلاد الصراع وحمل السلاح وحول تجربة الحركة الاسلامية في الحكم قال اننا حاولنا ان نطبق الاسلام في هذا البلد واحضرنا الحركات الاسلامية لكن دخل فيها جانب عسكري ادي لخرابها وهو ياتي بالبندقية ويخرب كل التراضي والحرية والشوري ،وحول الفساد قال زعيم المؤتمر الشعبي ان الفساد ليس هو فساد الحكومات فقط وانما يمتد من الخفير الي الوزير وذا لم تتغير من الاصول لا يحدث تغيير بالحكومات وانه كلما اقترب الناس من العلا يعلون ويمكن للبلد ان تتغير واضاف قائلا ان السودان عندما ينهض كل الناس ينجذبون الينا .
    ووجه الترابي انتقادات للوضع السياسي الراهن قائلا اننا اصبحنا عورات في كل شئ وارتد سلوك الناس في التعاملات في الاسواق مبينا انه في مائة شيك هنالك تسعون ترتد ولابد من التغيير من الخفير الي الوزير لانهم بعضهم من بعض .
    وفي ميدان المولد بشندي خاطب د. الترابي ندوة سياسية كبيرة نظمها الحزب بعنوان ( سنبي وطنا عزيزا سيدا) وحضرها قادة الجهاز التنفيذي وعلي رأسهم السيد جعفر بانقا معتمد محلية شندي وقادة الاحزاب والقوي السياسية وقطاعات كبيرة من المواطنين حيث ترك الباب مفتوحا امام امكانية توحد الحركة الاسلامية ،واضاف ان البلاد يمكن ان تتوحد مرة اخري وتتوحد امة السودان ويتم تجاوز الصورة القبيحة التي خلفتها مشكلة دارفور التي جعلت كل الشعوب تخرج في مظاهرات من اجل حل هذه المشكلة ،وحذر د، الترابي من التفاف شركاء نيفاشا حول الانتخابات القادمة وفقا لما اقرته اتفاقية قسمة السلطة بنيفاشا بواقع 52% للمؤتمر الوطني وبالغائها او تاجيلها او شراء الذمم بالاموال داعيا المواطنين لتذكر الاخرة عند الادلاء باصواتهم .وسخر د. الترابي من مبدأ ( اكلوا توركم وادوا زولكم ) مشيرا الي انه يتنافى مع قيم الاسلام .
    من ناحية اخري كشف د. الترابي تفاصيل جديدة حول العلاقة التي ربطته بالاستاذ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري ابان تواجده في رفاعة وقال د. الترابي انه قضي من عمره سنوات برفاعة وكان له معرفة بشقيق محمود محمد طه الاكبر واعلن الترابي انه شارك في مظاهرة دعا لها وقادها زعيم الحزب الجمهوري الراحل بمدينة رفاعة انذاك ودفاعا عن الختان الفرعوني قائلا انه ادعي العيسوية في بداياته وتحول عنها الي الرسالة الثانية ،وقال ان العلاقة ما بين الرئيس الاسبق جعفر نميري والاستاذ محمود محمد طه الزعيم الجمهوري الراحل كانت علاقة تأييد مطلق لكل الخطوات التي اتخذتها سلطة نميري بدا من ضرب الجزيرة ابا وقتل الانصار واستدرك ان العلاقة ساءت بين الرجلين بعد ان قام النميري بتطبيق الشريعة المحمدية واوقف شرب الخمر والربا ورفض نميري تطبيق افكار محمود محمد طه الامر الذي ادي لتدهور العلاقة بين الطرفين ونفي الترابي ان يكون له علاقة بما حدث لزعيم الحزب الجمهوري واردف قائلا انا لم انشغل به في يوم من الايام فالمحاكمة التي تمت له كانت محاكمة سياسية .
    واجمع الحاضرون علي ان الخطاب السياسي للمؤتمر الشعبي كان متوازنا وبه نظرة تصالحية تجاوزت مرارات الماضي ما ينبئ بفتح صفحة جديدة بين الحكومة والمؤتمر الشعبي .
    المحبوب عبدالسلام يكشف معلومات وتفاصيل جديدة حول المؤتمر الشعبي العربي والاسلامي
    شندي : عبدالرازق الحارث
    كشف الاستاذ المحبوب عبدالسلام القيادي البارز بحزب المؤتمر الشعبي معلومات جديدة حول انشاء وتكوين المؤتمر الشعبي العربي والاسلامي بالخرطوم ، وقال المحبوب في مداخلة قدمها بندوة لحزب المؤتمر الشعبي بمدينة شندي مساء امس ان انشاء هذا المنبر الهدف من ورائه تجاوز حالة الاحباط التي خلفتها حرب الخليج الثانية وادارة حوار ما بين كافة التيارات الاسلامية والشيوعية والبعثية وحزب الكتائب اللبناني والفصائل الفلسطينية مشيراً الى انها كانت تجربة فريدة من نوعها حيث تبنى المؤتمر خطاباً تصالحياً ولم يكن موصولاً بحماقة او عنف ولم يتبني خطاباً عنيفاً.
    ووصف المحبوب عبدالسلام المؤتمر الشعبي العربي والاسلامي بانه كان نسمة عافية واول امل للامة وهي خارجة محطمة من حرب الخليج الثانية وكان يمكن للبلاد ان تعز بان تصل حركتها بحركة الاسلام من حولها، وقال ان حله افقد الغربيين لغة الحوار مع هذه التنظيمات مشيراً الى ورطة قال وقع فيها بوش في العراق خاصة ان بعض الغربيين كانوا يريدون ان يتوصلوا لحوار مع هذه الحركات.
    واوضح المحبوب انه كان يمكن تجربة السودان ان تمتد الى افريقيا وتقدم كلمة لتخرجها من حالة الاوبئة والمجاعات ، واضاف ان ثورة السودان ليست ثورة المؤتمر الشعبي العربي والاسلامي لكنها ثورة دارفور في العالم والمشاهد التي تنقلها الفضائيات حول المجاعات وضرب الطائرات مشيراً الى انه اذا استمرت على خطتها سيعزل السودان.

    http://www.akhbaralyoumsd.net/modules.php?name=News&file=article&sid=10131
    ____
                  

04-19-2008, 11:06 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    حصاد مايو المر لازال حنظلاً جنَّياً (1 - 2)
    أرسلت في 10-5-1428 هـ من قِبَل
    ثمرة القول : عبد الرسول النور


    كانت بلادنا الحبيبة عشية الخامس والعشرين من مايو عام 1969م تسير بخطى وئيدة في طريق الحرية والديمقراطية والتحرر، فأحزابنا التي عصفت بها الخلافات والطموحات الشخصية المشروعة وغير المشروعة لبعض الساسة من زعماء وقيادات وكوادر الأحزاب قد إلتأم شملها. فقد توحد إندماجياً الحزبان الاتحاديان الوطني الاتحادي والشعب الديمقراطي فكونا معاً الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي ولد عملاقاً بقيادة الزعيم اسماعيل الأزهري ورعاية مولانا السيد علي الميرغني ومن بعده إبنه مولانا السيد محمد عثمان الميرغني وخاض إنتخابات مارس 1968م البرلمانية موحداً فأحرز مائة وواحد من النواب، أما الحزب الند الآخر حزب الأمة فقد وعي جناحاه الدرس بعد الإنتخابات فأستجابا لضغوط القواعد التي نادت بالوحدة الفورية فظهر حزب الأمة كأقوى ما يكون بعد المسيرة الهادرة التي أُعلن توحيد الحزب أمامها، وبرز دور الإمام الهادي كزعيم للحزب ومرشح وحيد له لرئاسة الجمهورية. فإستعدت البلاد لمعركة إنتخابية حامية الوطيس بين العملاقين اللذين يقودان الحزبين وهما الزعيم الأزهري والإمام الهادي المهدي، وكان اليسار بشيوعييه وعروبييه يراهنون على ضعف الاحزاب وانقساماتها وضعفها وعدم جدية قادتها، فدفع برئيس القضاء الأسبق بابكر عوض الله كمرشح له لحصد أصوات الوسط والواقفين على الرصيف والذين يئسوا من الأحزاب ومزايداتها ومكايداتها التي لا تنتهي.
    وعندما أيقن اليساريون ألا سبيل لهم عبر صناديق الإنتخابات، إنتهزوا غفلة الأحزاب وإنشغالها بسفاسف الأمور وصغائرها فدبروا أمرهم بليل وأهل الأحزاب نائمون فجاءوهم فجراً وهم لا يشعرون فكان ميلاد 25 مايو 69 إبناً شرعياً لغفلة الأحزاب ومكر الشيوعيين ومن معهم ومن كانوا وراءهم . فكان أول الضحايا فجر ذاك اليوم المشئوم هو النظام الديمقراطي بمؤسساته وسياساته ورموزه والذي لم يجد من يدفع العدوان عنه، وكان مما أدهش الناس ان العقل المدبر لذاك الإنقلاب هو رئيس مجلس النواب الأسبق ورئيس القضاء الأسبق وهما وظيفتان ترتبطان بالحرية والديمقراطية وحماية القانون. اذن الحكاية خربانة من كبارها كما يقولون، رئيس القضاء يقود إنقلاباً فماذا أبقى للخارجين عن القانون أو الجاهلين به، لقد هدموا معبد الديمقراطية الذي شيدته ثورة أكتوبر العملاقة 1964م وأقاموا بدلاً عنه بيتاً من ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب . لقد ذبحوا على أعتابه وحدة القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى بهدف تسييسها وكذلك فعلوا بالخدمة المدنية والدبلوماسية فجعلوا عاليها سافلها وإبتدعوا نظام التطهير على أساس سياسي. فطردوا أهل الكفاءة والخبرة وأحلوا أماكنهم أهل الثقة والنفاق والتسلق . وجاءوا بنظام القفز بالزانة وربما بالهيلكوبتر أساساً للترقي. لقد عاثوا في البلاد فساداً تقتيلاً للأبرياء كما حدث في الجزيرة أبا وود نوباوي 1970م وفي المحاكم الميدانية عام 1971م بعد فشل إنقلاب الرائد هاشم العطا حيث أذاق حلفاء الأمس بأس بعضهم بعضاً وقتلوا الطلاب في الجامعات والثانويات أبان ثورتهم العارمة في شعبان أغسطس 1973م بقيادة الشهيدين أحمد عثمان مكي وعباس برشم فرح وما بعدها. لقد كان النظام المايوي لا يتورع عن قتل كل من ظن [1]أنه يهدد وجوده غير الشرعي حتي قتل الشيوخ أمثال محمود محمد طه، لقد بدأ النظام المايوي بالإحتفال بعيد ميلاد لينين وإنتهى بمبايعة جعفر نميري إماماًً للمسلمين. لقد شوه صورة الإسلام بإبتداعه قوانين سبتمبر 1983م والتي جعلت من القوانين الإسلامية سوط عذاب بدلاً عن غيث رحمة. وإنتهي النظام الذي جعل قضية فلسطين قضيته الأولى في بداية عهده الى مناصرة لاسرائيل يمدها بيهود الفلاشا عبر مطاراته ورجالاته. إن حصاد مايو المر لازال حنظلاً جنياً بوجود بعض قياداتها تعمل من خلال النظام الحالي ورئيسها جعفر نميري يمشي مطمئناً بين الناس وأيديه ملطخة بالدماء وعلى جبينه تسيل دماء الإمام الهادي وصحبه حيث لا مساءلة ولا قصاص، إنه يوم حزن مقيم وحداد وطني.
    نواصل

    http://www.akhbaralyoumsd.net/modules.php?name=News&file=article&sid=8269
    _________________
                  

04-19-2008, 11:07 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    مابين الإتصال الهاتفي من مدير جامعة الخرطوم واللقاء برئيس المجلس الوطني
    أرسلت في 10-5-1428 هـ من قِبَل webmaster
    أحمد البلال الطيب

    وهاتف منتصف الليل من رئيس مجلس الصحافة (4-4)
    قراءة ثانية صريحة لبيان مجلس الصحافة حول حظر نشر أخبار الحركات المسلحة
    { بعدد الخميس الماضي أوردنا تفاصيل الحوار الهاتفي الذي أجريناه مع الاستاذ علي شمو رئيس مجلس الصحافة والمطبوعات الصحفية حول بيان المجلس ووجهنا لسيادته أسئلة مباشرة فيما اذا كان هذا الحظر يشمل حركات مثل جبهة الخلاص الوطني وحركة العدل والمساواة وحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور وقيادات مثل د. خليل ابراهيم وعبدالواحد محمد نور واحمد ابراهيم دريج.. ونفى الاستاذ شمو أن يكون الحظر يشمل هذه الحركات وهذه القيادات التي وصفها بالمعروفة والمعترف بها من خلال ادارة حوارات ومفاوضات سابقة ومجهودات مبذولة لضمها للعملية السلمية، وبناء على ذلك نقول رأينا حول البيان.
    { ونبدأ بالقول اننا عندما طالعنا بيان مجلس الصحافة عدت بالذاكرة للوراء لقرابة الثلاثين عاماً حيث كنت أتشرف بإعداد وتقديم البرنامج التلفزيوني (لو كنت المسؤول) والذي كانت تقوم فكرته على استضافة شخصيتين يتولى أحداهما موقعاً سياسياً أو تنفيذياً او أكاديمياًً او اجتماعياً رفيعاً ويحمل الضيف الثانى مؤهلات وقدرات وخبرات تؤهله لتولي المنصب المشار اليه .. ونستأذن ضيفنا الأول أن يتنازل عن موقعه خلال زمن البرنامج (ساعة) للضيف الثاني الذي يتحدث كما لو كان هو المسؤول، ويطرح رؤاه وأفكاره لتطوير الموقع المعني وانتقاداته وملاحظاته لأداء الضيف الأول الذي يقوم بالرد على ما يثيره الضيف الثاني، وأعتز كثيراً ببعض الحلقات التي تمكنا من تقديمها في ذلك الزمن الصعب .. وعلى سبيل المثال لا الحصر ... استضفنا في حلقة ملتهبة د. حسن الترابي النائب العام وقتها ومعه الاستاذ ميرغني النصري المحامي نقيب المحامين وقتها، وفي بداية الحلقة قال مولانا النصري للشيخ الترابي: ( لو كنت المسؤول وتوليت منصب النائب العام وبما إنني سُجنت بموجب قانون أمن الدولة لكان أول قرار اتخذته هو إلغاء قانون أمن الدولة وهو الأمر الذي لم تفعله يا د. حسن وأنت تتولى هذا المنصب) ... وعندما أعطيت الفرصة للدكتور الترابي للرد .. قال يومها بقوة وحزم ( يا أخي لو آل اليّ الامر كاملاً لشطبت الدستور الحالي كله بجرة قلم وأعدت الأمر لله) .. وقد أثار هذا الرد غضب الرئيس وقتها المشير نميرى وكاد أن ينسف البرنامج كله ... وفي حلقة ثانية استضفت الراحل د. عون الشريف قاسم رئيس المجلس الاعلى للشؤون الدينية والاوقاف وقتها بعد حل الوزارة، وجلس في مقعد «لو كنت المسؤول» الاستاذ الجامعي د. خليفة بابكر الحسن والذي قال: ( لو كنت في مكان د. عون الشريف وقد توليت الوزارة لما قبلت بحلها وعملت على إعادتها)، ولقد أثارت هذه العبارة غضب الرئيس السابق واتصل هاتفياً بوزير الاعلام وقتها الصديق الوزير وصاحب المواقف القوية والناصعة د. اسماعيل الحاج موسي محتجاً وقال له كيف يتم السماح لمقدم برنامج أن يوجه انتقادات لقرارات رئيس الجمهورية .. وقد جادل د. اسماعيل الرئيس السابق نميري حول هذا الامر وأقنعه بان مثل هذه الحوارات والآراء الجريئة تخدم النظام ولا تهدمه، واستجاب الرئيس السابق على مضض لوجهة نظر د. اسماعيل الحاج موسى .. الى أن جاءت الحلقة الاخيرة (للبرنامج) والتي كتمت بعدها انفاسه للأبد بتوجيه مباشر من الرئيس السابق نميري أطال الله عمره .... حيث انتقلت يومها عام 1982 بكاميرا البرنامج لمباني مصلحة المخازن والمهمات وتحدث في الحلقة رئيس نقابة عمال المخازن والمهمات وقتها المرحوم حسن مصطفي القيادي الاتحادي البارز ورئيس الحزب الوطني الاتحادي والذي انتقل لجوار ربه خلال اليومين الماضيين بعد مسيرة عامرة بالعمل الديني والصوفي والنقابي والسياسي والتنفيذي الرفيع حيث تولى وزارة الشباب والرياضة بعد الانتفاضة في الحكومة الائتلافية بين حزبي الامة والاتحادي الديمقراطي حيث اختاره مولانا الميرغني لشغل المنصب الوزاري الرفيع.
    وعلمت لاحقاً بعد ايقاف البرنامج ان الرئيس السابق نميري يكن كراهية خاصة لنقابة المخازن والمهمات ورئيسها حيث انها النقابة الوحيدة التي صوتت (بلا) للرئيس السابق في الاستفتاء على رئاسة الجمهورية وقتها.. ولقد تطوع البعض ظلماً وبهتاناً وغرضاً وصوروا للرئيس ان استضافتي للنقابة المشار إليها ورئيسها الغرض منه هو تحدي الرئيس والنظام والحكومة !!!! فأطيح بالبرنامج بلا ذنب جناه ولا قصد خطط له..
    { ومناسبة العودة لهذه الذكريات تعود لصميم موضوعنا، ففي إحدي حلقات البرنامج التلفزيوني السابق ( لو كنت المسؤول) استضفت الاستاذه الفاضلة نفيسة احمد الامين رئيسة اتحاد المرأة يومها وأمينة المرأة بالاتحاد الاشتراكي.. واجلست في كرسي (لو كنت المسؤول) .. الاستاذه الفاضلة والمستشارة القانونية بالنائب العام وقتها اسماء كريمة الراحل الاستاذ محمود محمد طه .. ولقد استعانت الاستاذه أسماء أثناء الحلقة باطروحات لوالدها الراحل محمود محمد طه .. وكنا نسجل البرنامج ونبثه اسبوعياً كل اثنين من الساعة الثامنة للتاسعة مساء ... وخصص عدد من الائمة بعدد من المساجد خطبة أول جمعة بعد تقديم الحلقة لشن هجوم عنيف على التلفزيون والبرنامج ومقدمه واتهمنا البعض بالزندقة والكفر ... وفي الحلقة التالية قلت في بدايتها: (نما لعلمنا ان عدداً من أئمة المساجد قد شنوا هجوماً عنيفاً على البرنامج ومقدمه لاستضافتنا للاستاذة اسماء محمود محمد طه والتي لم نستضيفها لتتحدث نيابة عن والدها ... وأقولها صريحة إن رمي الناس بتهم الكفر والزندقة ليس من الاسلام في شئ وان من أسهل الاشياء ان تكمم الافواه وتكتمها ولكنها حتماً ستنفجر في يوم ما وبطريقة أخرى وقد تكون عنيفة ودامية ومدمرة للجميع».
    { أعود وأقول أنني بعد أن طالعت هذا البيان وقبله عندما جلست مع مولانا احمد ابراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطني والذي وجه إلينا انتقادات مهذبة لم نحس فيها باملاء أو ضغوط وانما محاولة للنقاش والاقناع حيث انتقد اهتمامنا في الصحيفة بنشر أخبار الحركات المسلحة بدارفور وأخيراً الانتقال للاهتمام بتجمع (كاد) بالخارج - تجمع لأبناء من كردفان بالخارج ... وقال لي أنه يلاحظ في بعض الاحيان اننا ننشر على لسان ناطقين بأسماء حركات مسلحة خارجة وتحمل السلاح ضد الوطن والقانون تصريحات حول انتصارات وهمية في الميدان ... وقال لي انهم لا يشككون في وطنيتنا ولكن نشر مثل هذه الاشياء تثير علامات استفهام ... وكذلك عندما تلقيت اتصالاً هاتفياً منتصف ليل نفس اليوم من استاذنا علي شمو حيث نقل لي ملاحظات مشابهة، وقال لي إن بعض الصحف ونحن من بينها نفتح مساحات غير مبررة لحركات متمردة وحاملة للسلاح وتحاول أن تمرر عبر الصحف تهديدات لإثارة الهلع والرعب في نفوس المواطنين ... أقول انني بعد مطالعتي للبيان ولقائى بالسيد رئيس المجلس الوطني والاتصال الهاتفي الذي تلقيته من الاستاذ شمو عدت بالذاكرة للوقائع التي سردتها حول برنامج (لو كنت المسؤول).
    { كما انني سردت قصة طريفة لمولانا احمد ابراهيم الطاهر تتعلق ايضاً بالموضوع حيث رويت لسيادته انني ذات يوم وبينما كنت أقود عربتي وبرفقتي ابنتي الكبرى الطالبة الجامعية بكلية الهندسة الكهربائية لاحظت من خلال (المرآة) ان هناك عربة تتبعني وتوقفت وترجلت من العربة واتجهت صوب سائقيها وهما اثنان من الشباب الملتحين .. وقاما بتحيتي بحرارة وقالا لي انهما تتبعاني لتقديم الشكر لي .. وقال لي احدهما «نحن من منتسبي الدفاع الشعبي وجاهدنا ضد قرنق وقواته بالجنوب ولم نكن نتصور في يوم من الايام ان أيادينا ستمتد اليه .. ولكنك يا أخ احمد البلال استطعت مشكوراً من خلال صحيفتك وبرنامجك (في الواجهه) - ولم أكن قد أوقفته بعد بناء على حيثيات وأسباب سردتها وهذا ملف أغلقته ولا أود أن أعود اليه ولكنني أحسست بالحزن والأسي وأنا أطالع تصريحات للأخ الكريم الاستاذ د. أمين حسن عمر رئيس الهيئة القومية للاذاعة والتلفزيون نشرت بصحيفتي ألوان والصحافة حيث قال في رده على سؤال حول أسباب توقف برنامج في الواجهة انهم يوقفوا البرنامج وانما اوقفه مقدمه بعد ان وصلته وشاية بان برنامجه سيوقف فاخطرمدير البرامج بانه سيوقفه ثم سافر وبعد ذلك جاءه رئيس قطاع التلفزيون واخطره بأنهم بسبب غيابي سيقدمون برنامجاً بديلاً وانهم لا يستطيعون الانتظار وأنه أي الاستاذ امين بارك خطوة مدير التلفزيون !!!!!!!.
    { ولقد اتصلت هاتفياً بالاستاذ امين حسن عمر واوضحت له إن هذه ليست هي الحقيقة وانني وبعد تجربة ثلاثين عاماً في تقديم البرامج التلفزيونية لا يمكن أن اكون بهذه السذاجة والسطحية وانني لمجرد وشاية وصلتني بأن هناك اتجاه لايقاف البرنامج قمت بايقافه، ولقد أكد لي الاستاذ أمين انه لم يقل هذه العبارة ووعدني بالاطلاع على الحوار لأنه ـ وعلى حسب قوله ـ لم يكن قد اطلع عليه !! وكما قلت فان هذا ملف قد أغلق ولكنني أعدت فتحه بمناسبة هذه التصريحات الصحفية غير الدقيقة للاستاذ د. أمين حسن عمر حول أسباب توقف البرنامج -.
    { وأعود بعد هذا لمحدثي من الدفاع الشعبي حيث قال لي: أقولها لك صادقاً يا أخ احمد البلال أننا من خلال تتبعنا للحلقات التي أفردتها عن قرنق وحاورت فيها قيادات الحركة اثناء وبعد المفاوضات وبعد التوقيع على الاتفاقية .. لقد ساهمت في تطبيع العلاقات بيننا وبين قرنق وحركته للدرجة التي كنت فيها أنا أحد أفراد حراسة وفد مقدمة الحركة الذي وصل للخرطوم قبل عودة قرنق .. لهذا حرصنا على أن نشكرك».
    { وايضاً اوضحت لمولانا احمد ابراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطني اننا نلتزم في هذه الصحيفة بقانون الصحافة والقوانين الاخرى، وذكرت له ان الصديق العزيز .. الاستاذ الجامعي والكاتب الصحافي النابه د. عبداللطيف البوني والذي نفتخر اننا قدمناه للقراء عبر صحيفة (الاسبوع) ابان فترة الديمقراطية الثالثة .. زارني ذات يوم بعد صدور «اخبار اليوم» بعدة سنوات وكان بصدد تقديم محاضرة بمجلس الصحافة والمطبوعات وسألني يومها عن الاسباب في انتظام صدور «اخبار اليوم» وعدم ايقافها او توقفها أو إصدار أحكام قضائية ضدها وسر احتفاظها بعلاقات مميزة مع كافة القوي الحاكمة والمعارضة والمتمردة .. وقلت له يومها : «السر بسيط .. فاننا نحترم الجميع .. نتعامل مع الحكومة كحكومة .. ومع المعارضة كمعارضة ومع المعارضين الحاملين للسلاح نحاورهم من أجل اقناعهم بوضع السلاح .. ولا يعقل أن تطلب من شخص يحمل السلاح أن يضعه وتحرمه حتى من توصيل وجهة نظره للآخرين).
    { وقلت لمولانا احمد ابراهيم الطاهر ان قانون الصحافة والمطبوعات يلزمنا بالتعامل مع أخبار القوات المسلحة والنظامية عبر الناطقين باسمها وأننا لم يحدث قط أن نشرنا خبراً أو تصريحاً لحملة السلاح حول أمور عسكرية أو حربية أو ميدانية دون الرجوع لمكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة .. حيث ننشر تصريحات حملة السلاح وتعليق مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة حولها.
    { وايضاً عندما تلقيت الاتصال الهاتفي الأول من الاستاذ شمو قلتله: اننا نعتز كثيراً بالثقة التي يوليها لنا قادة الحركات المسلحة بدارفور الموقعين والرافضين وهم الذين يبادرون بالاتصال بنا، ويشهد الله أننا نبذل مجهودات مكثفة وندير معهم حوارات مطولة حول ضرورة وضعهم للسلاح من أجل السودان وأهلهم بدارفور، ونقول لهم ان (النار ستحرق الجميع)، وقلت له انني سبق ان استضفت عبر الهاتف وعلى الهواء مباشرة عبر برنامج ( في الواجهة) ومن خلال التلفزيون الحكومي السيد مني اركو مناوي ولم يكن يفكر يومها مجرد التفكير في التوقيع على اتفاق أبوجا وتحدثت معه عبر الهاتف وقلت له : ( لا التاريخ ولا الشعب السوداني ولا أهل دارفور سيغفرون لكم العمليات التي تقومون بها ضد المواطنين الابرياء ونهب حافلات الركاب وأرجو ان توجه عبر هذا البرنامج رسالة لقواتك بالتوقف فوراً عن هذه الممارسات).
    { وماذا كانت النتيجة ؟! لقد توقفت بالفعل هذه العمليات بل ان السيد مني اركو مناوي الذي كان أبعد الحركات عن التوقيع قام بالتوقيع على اتفاق أبوجا ويجلس بيننا اليوم معززاً مكرماً كبيراً لمساعدي رئيس الجمهورية ورئيساً للسلطة الانتقالية بدارفور.
    وايضاًًً كنت قد استضفت الاستاذ عبدالواحد محمد نور على الهواء مباشرة لمرتين وقدم اطروحات قوية واتسم حديثه الاول بالعنف والثاني بالموضوعية ولقد قلت في الحلقة الاولى التي استضفته فيها (لا يمكن أن نتوقع من رجل يحمل السلاح ضد الدولة عندما نعطيه المايكرفون ان يتحدث حديثاً ناعماً.. فبالتأكيد سيكون حديثه عنيفاً وربما جارحاً، وفي المرة الثانية سيكون ساخناً وفي الثالثة سيكون موضوعياً وهذا ما حدث بالفعل عندما استضفناه للمرة الثانية وليس الثالثة وعلى مدى ساعة ونصف وعلى الهواء مباشرة، وتشرفنا بتلقي اتصال هاتفي من السيد رئيس الجمهورية أشاد فيه باستضافة الاستاذ عبدالواحد وقلنا في الحلقة قبل الاخيرة للبرنامج ـ وتسبب قولنا للأسف في قرارنا بالإطاحة بالبرنامج كله ـ «ان إشادة السيد رئيس الجمهورية باستضافتنا لقائد حركة مسلحة تحمل السلاح ضد الحكومة ينم عن فهم عميق من السيد الرئيس ويساعد في حل هذه المشكلة».
    { وأثناء الاتصالات التي أتلقاها من قيادات الحركات المسلحة بدارفور استمع لكثير من الانتقادات والمرارات ويقول لي بعضهم أن البعض يتعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثالثة ويرى انهم لا قيمة لهم ولا يستحقون أن يتحدثوا عبر اجهزة الاعلام الحكومية والصحف، ويقولون إن مثل هذه الممارسات هي التي دفعتهم لحمل السلاح.
    { نقطة النظام : في ختام هذه السلسلة المطولة أود أن أقول : نعم نحن لا نؤيد نشر الرعب وسط المواطنين أو نشر التهديدات والتصريحات التي تساعد على الإخلال بالأمن وإشاعة الرعب وعدم الاستقرار كما ورد ببيان الامانة العامة لمجلس الصحافة والمطبوعات الصحفية ولكننا لا نتفق مع ما ذهب إليه المجلس فيما يلي:
    « إيقاف نشر أخبار الحركات ونشاطاتها أو إجراء الحوار مع رموزها وقادتها السياسيين والميدانيين»، بل ان البيان نفسه قال «أن نعي ان غالبية هذه الحركات المسلحة لا قاعدة لها ولا سند لها .. اللهم إلا تلك الحركات المعروفة والتي يجري العمل على توحيدها واقناعها بالحوار والتفاوض»... وهنا نتساءل وفي ظل الانقسامات والانشطارات داخل هذه الحركات فما هي المرجعية لتحديد أوزانها وان هذه معروفة وتلك غير معروفة .. ونذكر بأن هناك احزاب كبيرة بالبلاد تمارس العمل السياسي العلني دون ان تسجل نفسها لدى مسجل الاحزاب، ونحن مقبلون على انتخابات بعد عامين ستكون هي الفيصل في تحديد الاوزان الجماهيرية. وفي نظرنا ان هذه الانتخابات يمكن ان تشكل المخرج لازمة البلاد الحالية اذا اتجهنا نحو اللعب السياسي النظيف وجمع الصفوف واقناع حملة السلاح مهما كان حجمهم ووزنهم بوضع السلاح، وقد قال لي الصديق السيد مالك عقار الذي بدأت علاقتي معه متوترة بأديس ابابا عام 1998م أثناء المفاوضات وكدنا ان نتشابك بالايدي وانتهت بتناول الغداء معاً وتبادل الآراء والذكريات قبل عدة أشهر عندما رافقنا السيد رئيس الجمهورية في زيارته لطرابلس لحضور القمة الليبية السودانية الاريترية التشادية .. هو كعضو بالوفد الوزاري وأنا كعضو بالوفد الاعلامي المرافق .. قال لي السيد عقار يومها قبل التوقيع على اتفاق نيفاشا (خمسة اشخاص فقط ومعهم 5 قنابل قرنيت يمكن ان يروعوا وطناً كاملاً .. وهذه هي حرب العصابات) .. ونقول في الختام يشهد الله اننا كنا نتلقى اتصالات من قيادات الحركات المسلحة ونحاورهم من أجل وضع السلاح ونقنعهم بابعاد الكثير من التهديدات وان يفرقوا بين الحصول على الحقوق وتدمير الوطن كله ونقول ان هذا الحظر وبهذه الصورة المعممة يعمَّق الجراح ويزيد المشكلة المعقدة اصلاً تعقيداً.

    http://www.akhbaralyoumsd.net/modules.php?name=News&file=article&sid=8260
    _
                  

04-19-2008, 11:12 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    اراء السبت
    أرسلت في 5-4-1428 هـ من
    عمر محمد الطيب وقفات عند شهادته للتاريخ ..!

    عمر الطيب كان مع الانتفاضة بقلبه وفعله ولكنه دفع ثمنها «جرجرة» «وسجناً» ..
    رسالته للنميري عبر السفارة الامريكية بالخرطوم كانت فيها اكثر من علامة استفهام ..!
    موسي يعقوب
    كنت قد تناولت الاسبوع الماضي في المشهد السياسي «اشياء في الذاكرة» وقد حلّت علينا الذكرى الثانية والعشرون لانتفاضة (رجب ـ ابريل 1985) وكانت النقطة المركزية في ما ذكرت هي الاسفين الذي ضربه السيد النائب الاول ومدير جهاز المخابرات في النظام الذي لم تكن الكرة في ميدانه بقادرة على ان تتحرك او تتدحرج . واعني 0بالاسفين) فك الارتباط والصلة بين الحركة الاسلامية والنظام الحاكم. وهو ما خطط له السيد الفريق عمر الطيب ومرره على النميري. ولم يكن ذلك الامر الوحيد بطبيعة الحال في ما انتهى اليه حال النظام الحاكم ولكنه كان ومن كل وجه نظرنا اليه . عايرناه او قسناه هو القشة التي قصمت ظهر البعير . ذلك انها اي الحركة الاسلامية ومنذ المصالحة في 7 يوليو ـ تموز 1977 كانت على وفاق ودعم للنظام المايوي رغم المشاكسات التي كانت تجري تحت عنوان (الصراع بين القادمين والقدامى..) اي ثماني سنوات او اكثر من يوليو )1977 ـ ابريل 1985) ورغم ما طرأ من احداث ومستجدات كان النظام صامدا ويتمتع (بورقة تأمين) غير رسمية حتى كان ما كان في 9 مارس ـ آذار 1985 من اعتقال لعناصر الحركة الاسلامية وقياداتها مما نقلها من حالة (الموالاة) الى حالة (الخصومة) .
    الغرب ـ اوروبا بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ـ كماهو معلوم دخل على الخط المايوي بعد انقلاب يوليو ـ تموز 1971 الذي تبعه رفع الغطاء السوفيتي يومذاك عنه ومن ثم وبالضرورة دعم اليسار الماركسي تحديدا .. وفي اطار الجائزة على ذلك واعطاء نظام النميري شارة القبول كانت بعض الامور والعلامات الدالة التي منها:
    { اتفاق اديس ابابا للسلام 1972 والذي استمره الايحابي لمدة عشر سنوات تلت اي حتى قيام الحركة الشعبية SPLM والجيش الشعبي SPLA في مايو 1983.
    { انفتاح الغرب ومؤسساته المالية على النظام حتى اعلان ماعرف بقوانين سبتمبر ـ 1983 وهي قوانين الشريعة الاسلامية ثم اعدام صاحب ومؤسس الفكر الجمهوري محمود محمد طه.
    لقد اعترف السيد النائب الاول السابق في الحوارات الصحفية التي اجرتها معه الزميلة الوطن بانه:
    اولا: كان على وفاق ومودة وتفاهم تام مع«بوش» نائب الرئيس الامريكي السابق - ريجان ـ الذي زار البلاد اكثر من مرة.
    ثانيا: لم يكن موافقا على تطبيق قوانين الشريعة الاسلامية واعدام زعيم الفكر الجمهوري وان كان قد قبل ذلك على مضض.
    وعلاوة على ذلك فقد كان الرجل يعتقد ان (الترابي وجماعته) هما السبب وراء ذلك كله ، غير ان ما لم يقله عمر الطيب في ما دعاه حديث الشفافية ـ كما هو معروف وكان يقول البعض ـ هو ان التوجه الاسلامي لدى النميري بدأ قبل المصالحة الوطنية او في 1976 بما عرف واشتهر وقتها بـ (اعلان القيادة الرشيدة) الذي حرم فيه على القيادات في نظامه تعاطي الخمر والرذائل بشكل عام.
    امر اخر هو ـ كما يقول البعض ـ ان السيد النائب الاول السابق كانت له (ضغينة) مع الجماعة التي يتهم بعض عناصرها بانها نقلت للنميري انه يتآمر عليه ويعتقد ان دوره قد انتهى و(اهل الله) نعم هكذا يرشحونه للخلافة .. اي خلافة النميري.. وعليه كان قد طلب بالحاح تغيير الصورة لدى نميري بترتيبات بعينها وكان عمر قد اتخذها في حينها قائلا لمن كان جزءً من تلك الترتيبات انه سيرسل قيادات الجماعة وزعيمها الترابي الى المنافي في (شالا) في دارفور وغيرها على نحو ما حدث في 9 مارس 1985 بالتفصيل ..!
    هذاوغيره من افادات السيد النائب الاول السابق ومما علق في الذاكرة من معلومات ووقائع نفهم ان النظام المايوي في سنواته الاخيرة كان مخلخلا ومتجاذباً من داخله وكانت للجهات الاجنبية ـ الادارة الامريكية يومئذ تحديدا ـ رغبة وعمل من اجل ان يطاح بذلك النظام كما كانت له ايضا اخطاؤه التي اعانت على الانتفاضة عليه كعملية تهجير الفلاشا الى اسرائيل والتي كان السيد عمر الطيب وجهازه جزءا منها.
    لقد رتب السيد النائب الاول السابق للانتفاضة بكل ما هو متاح لديه رغم ما ذكر من انه كان قد بعث عبر السفير الامريكي في الخرطوم برسالة الى الرئيس نميري في واشنطن يستعجله العودة للوطن لان الوضع في تدهور ..!
    وهنا ايضا تخطر بالبال والخاطر بعض الاسئلة وعلامات الاستفهام وقد ندب الدكتور عمر الطيب نفسه لحديث الشفافية والصراحة مع الاستاذ عادل سيد احمد على مدى خمس او ست حلقات.
    { والسؤال الاول هو : هل كانت واشنطن راغبة فعلا في عودة النميري ليمارس دوره في الحكم وهي التي كانت لها تحفظاتها الكبيرة على النظام مؤخرا وبشهادة عمر الطيب نفسه ولدرجة تشاورت فيها مع اخرين على البديل ؟!
    { والسؤال الثاني : لماذا عبر سفارة واشنطن في الخرطوم وليس سفارة الخرطوم في واشنطن مباشرة ومع الرئيس في بيت شقيق حرمه وهو السفير عمر صالح عيسى .. ونحن نعلم ان السيد عمر الطيب وقتذاك هو رئيس الدولة بالانابة ورئيس اهم الاجهزة فيها وهو جهاز الامن القومي ؟!
    هناك احتمالان في هذا المقام لا ثالث لهما ـ والله اعلم :
    الاول : ان السيد النائب الاول يومئذ لم يكن جادا في عودة النميري ليستمر نظامه شأنه شأن صديقه بوش.
    االثاني : كان مترددا ازاء استلام السلطة لتبديل الاحوال على نحو ما يشتهي او من ناحية اخرى لم يكن جادا في الامر كما لم تكن له حسابات صحيحة حتى وجد نفسه وحيدا في كوبر ثم متهما ومدانا بعد ذلك فسجينا لسنوات .. كما حدث بالفعل.
    وامر ثالث في هذا المقام هو ان الذي بين النميري وعمر في الفترة الاخيرة لم يكن على ما يرام بحيث يفكرالاخير في انقاذ الاول ونظامه وهو بعيد عن البلاد. فالنميري كانت قد تواترت اليه الاشارات من هنا وهناك ان السيد النائب الاول ـ عمر الطيب وصديقه النائب الامريكي بوش (الاب) لابد من الاحتراز والتحوط منهما . ذلك ان كلا منهما بدرجة طامع او متآمر ..!
    وذلك ما وجدناه في المشهد السياسي الاسبوع الماضي بشهادة من الراحل محمد محجوب سليمان المستشار الصحفي للرئيس الاسبق والذي ذكرها وبالحرف الواحد «ان مسؤولا اول في قطر مجاور كان في زيارة لواشنطن استدعى النميري لساعات وهو يعلم انه سيتوجه بعد ايام الى واشنطن وقال له : لا تذهب الى هناك قبل ان ترتب ااوضاعك ـ فوراء الاكمة ما وراءها..!»
    وهنا يجد المراقب ان النميري قبل سفره الاخير الى واشنطن كان قداتخذ بعض القرارات والتعديلات في دست الرئاسة والغرض منها كلها هو (قصقصة) سلطات وصلاحيات السيد النائب الاول ورئيس جهازالامن السيد عمر الطيب حيث انه :
    (1) اضاف الى نائبي الرئيس عمر الطيب ولاقو اخر هو الراحل الرشيد الطاهر بكر قد كان سياسيا وقانونيا من الدرجة الاولى
    (2) عين الفريق سوار الذهب وزيرا للدفاع بصلاحيات اوسع وضعت تحته الاجهزة النظامية وان لم يكن ذلك مباشرة.
    النميري والامر هكذا .. وضع نائبه الاول بين (قوسين) اومزدوجين ـ ان جاز التعبير فقد احاطه سياسيا بشخصية سياسية مقتدرة وواصلة وامنيا وعسكريا بشخصية هي وبكل المعايير محل ثقة لدى النميري كما كانت محل ثقة وامانة بعد ذلك .
    هذه وقفات مع الذكرى الثانية والعشرين لانتفاضة السادس من ابريل ـ رجب 1985م نحسب انها مفيدة لمن اراد ان يتوسع في الموضوع ويضعه على ميزان البحث والتدقيق في حدث هو بكل الاحجام والاوزان حدث يستحق الوقوف عنده ولاسيما بعد ان اخذت بعض الشهادات تجد طريقها الى اعمدة الصحف وان كان المطلوب ان يكون ذلك محل مذكرات ووثائق معتمدة يرجع اليها الباحثون والدارسون وقد اوشكت المناسبة على بلوغ الـ 25 عاما حيث يجوز في بعض البلاد للمسئولين بالبوح بما لديهم بعد مراجعته والتأكد على عدم تأثيره على الامن القومي والمصلحة العامة حيث من حسنات ذلك بروز وجهة النظر ووجهة النظر الاخرى في الموضوع المعين.
    ومن هذه الزاوية (زاوية الرأي والرأي الاخر) يتوازن القارئ ويقي نفسه شر الوقوع في اخطاء واغلاط تمر نتيجة اخذ الامور على علاتها. فاذا كان المسئول السياسي الامريكي هنا في الخرطوم وعلى شرفة عمارة ابو العلا الجديدة قد قرأ الموقف وختمه بقوله GAME IS OVER كيف به او برئيسه السفير تسليم رسالة ترى ان وصول النميري للخرطوم سيكون فيه احياءا للعبة التي ماتت وانتهت ..!

    http://www.akhbaralyoumsd.net/modules.php?name=News&file=article&sid=7570
    _____
                  

04-19-2008, 11:17 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    السياسى اليومى
    أرسلت في 30-3-1428 هـ من قِبَل webmaster


    ( اخبار اليوم ) ترصد الندو المثير للحرك الشعبي لتحرير السودان بجامع الخرطوم
    الامين العام للحركــة والمسئول السياسي لقطاع الشمال خاطبا الندوة وباقان وجه انتقادات حادة لنظام الحكم واتفاقية السلام مساومة بين الطرفين
    باقان اموم : خياراتنا في الانتخابات القادمة واضحة ونفضل ان نخوضها لوحدنا ولتحقيق الوحدة لابد من التحرر من الماضي
    حاربنا انفسنا و5 ملايين مواطن ضحايا الحروبات الاهلية ويجب الا نحمل الدولة اكثر من مسئولياتها الاتفاق وحق تقرير المصير تطور طبيعي للفدرالية
    ياسر جعفر : الانتخابات كارثة وكل اجراءاتها التي تتم غير نزيهة وربط الخيارالسياسي بملء البطون فضيحة
    رصد: محمد الحلو
    نظم طلاب الجبهة الوطنية الافريقية بجامعة الخرطوم أحد روافد الحركة الشعبية لتحرير السودان ندوة سياسية كبرى بالميدان الغربي للجامعة مساء امس الاول بعنوان دور الطلاب في عملية التحول الديمقراطي تحدث فيها الامين العام للحركة باقان اموم اكيج والسكرتير السياسي والتنظيمي لقطاع الشمال بالحركة الشعبية ياسر جعفر قامت «اخبار اليوم» برصد الندوة المثيرة التي حدد فيها اموم خيارات الحركة لخوض الانتخابات القادمة التي لم يستبعد فيها التحالفات
    الى مضابط الندوة
    حيّا السكرتير السياسي والتظيمي للحركة الشعبية بقطاع الشمال ياسر جعفر حضور الندوة وعلى رأسهم الامين العام للحركة الشعبية الرفيق باقان اموم اكيج المناضل العظيم واحد صناع السلام في الدولة السودانية الجديدة .. في الحقيقة عنوان الندوة كبير ومؤثر ونحن لابد ان ناخذ القضية السودانية ككل وليس كجزئيات .. وان الحركة الطلابية هي احد الشرائح المؤثرة في عملية التحول الديمقراطي .. ونحن لانريد ان ناخذها في اطار العملية الانتخابية فقط لان الجامعة مؤسسة يقع على عاتقها الانتاج الفكري والسياسي للمجتمع وانسان قادر على تحمل المسئوليات على المستوى الشخصي والوطني وان جامعة الخرطوم احدى روافد الحركة الوطنية السودانية وقدمت الكثير من التضحيات والشهداء في سبيل التغيير ورفاهية الشعب السوداني وسياسياً اسهمت في بناء الدولة الحديثة .. بالنسبة لنا في فكر الحركة الشعبية التحول الديمقراطي ليس عملية شكلية هي عملية اعادة صياغة وبناء النسيج الاجتماعي السوداني ولابد من عقد اجتماعي جديد لان العقد القديم كان مسئولية القوى السياسية في الفترة التي ادت التراكمات للاخطاء بان البلد تمر بحالات تمرد وحروب والنسيج الاجتماعي يومياً يتمزق التحول الديمقراطي عندنا لابد ان نعترف بالتنوع والتعدد الثقافي والديني والاثني اللغوي ... الخ،، والطلاب كشريحة مستنيرة متعلمة تستطيع تحلل وتدرس وتقارن وتفهم وهي احدى الشرائح الاساسية التي يمكن ان تقود التحول على المستو الفكري وعلى مستوى الممارسة السياسية والاجتماعية لترمم وتعيد انتاج وبناء النسيج الاجتماعي السوداني .. وقبل ان ندخل في قضية التحول الديمقراطي لابد ان نتحدث عن الطالب السوداني فنجد ان همومه اصبحت عبر الانظمة المتعاقبة على البلاد حصرت هموم الطالب في السكن والاعاشة نسبة لمركزية التعليم التي ادت الى المشكلة وعندما يأتي الطالب الى المركز يكون«دايش» لقضية السكن والاعاشة والدراسة نفسها تدريجيا الطالب ينعزل من مجتمعه وجامعة الخرطوم كانت من الصروح المؤثرة في التاريخ السياسي السوداني ولكن في الاونة الاخيرة نجد ان المستوى لاداء الطالب ومشاركته اصبحت ضعيفة وان الذين يحاولوا تغيير هذا الوضع يتعرض لقمع وبطش شديد وان جامعة الخرطوم قدمت اعداد كبيرة من الشهداء من اجل مقاومة قمع الطلاب وحظر النشاط الطلابي ونحن نحيهم في هذا المكان .. وهنالك قوانين ثورة التعليم العالي التي اتت في 1991م وصندوق دعم الطلاب الذي يصفه الطلاب بانه طلاب دعم الصندوق وهذه التفاصيل اسهمت اسهام مباشر لعدم مقدرة الطلاب باداء دورهم المنشود والانظمة التي تعاقبت على السودان كلها كانت قاصدة تغييب دور الطلاب في عملية التغيير والحركة الطلابية لها ارثها ونضالاتها وتاريخها وتجاربها وانها قادرة في كل مرة تخلق معجزات .. بالنسبة لنا نحن نتحدث في هذه الامسية في الجامعة الانتخابات قادمة والناس في بالها من الذي يفوز ومن لايفوز .. القضية في حد ذاتها ووضع السودان اليوم اكبر من الفوز بالانتخابات القادمة بالنسبة في الحركة الشعبية
    السودان في مفترق طرق
    وقال ياسر جعفر ان السودان الان في مفترق طرق وانفاذ اتفاق السلام واحد من الركائز الاساسية التي تجعل البلد في حالة استقرار وتطور وعدم انفاذ الاتفاق يمكن ان يؤدي الى التشتيت والتشرزم والتفكيك وتمزيق البلد ونسيجها الاجتماعي لذلك وقوف الحركة الطلابية بطريقة صلبة من اجل انفاذ اتفاق السلام هو واحد من القضايا الاساسية المفروض تكون احد هموم الحركة الطلابية باعتبار انه ليس المصير الانتخابي والقضايا الطلابية الضيقة فقط بل ان القضية للبلد ان تكون اولا تكون وهي مربوطة بانفاذ الاتفاق في المرحلة القادمة وواضح انه اذا استمرت سياسة القمع والبطش وعزل الحركة الطلابية وعزل قطاعات اخرى مثل النقابات وغيرها والقوى السياسية واجهزة الامن او غيره وهذا التراكم يؤدي الى اي انسان يشق طريقه للدفاع بها عن وجهة نظره التي في النهاية تؤدي كمحصلة لان يكون الوضع دون استقرار وتعليم وتنمية .. بالنسبة لنا في الحركة الشعبية نحاول أن نتحدث عن التحول الديمقراطي في اطار محدد البيئة الجامعية لابد ان تكون هنالك تهيئة للبيئة الجامعية على مستويات مختلفة اكاديمية لابد من وجود معامل واساتذة ومراجع متوفرة واذا لم توجد لن تكون هنالك بيئة جامعية والطالب لن يستطيع المساهمة بطريقة فعالة ويفضل لاهث وراء انه يرجع الى أن يجد معمل لاجراء تجاربه .. ولازم يكون الاساتذة مستقلين علميا .. وفي هذه الايام استاذ الجامعة عندما يريد العمل لابد ان يكون لديه ولاء سياسي لجهة معينة بالاضافة الى ان الاستاذ الذي ياتي بهدف سياسي لا يستطيع تقديم الاخرين ونجد الذي يفرضه تنظيم سياسي لادارة الجامعة يمكن يكون غير مؤهل فنيا ولا اكاديميا وفي نفس الوقت يتعامل مع الشرائح الطلابية بنفس الطريقة التي ادت بها الى الجامعة وبالتالي تجد طلاب كثيرين يقولوا والله هذا الزميل مستواه جيد ومن المفروض يمشي للمساتر ولكن الاستاذ وضع امامه المتاريس وهذه البيئة لن تترك الحياة الاكاديمية في الجامعة تستقر وتذهب بطريقة جيدة بالاضافة لتهيئة البحث العلمي لابد من حريتها والعالم باثره يتطور نتيجة للبحث العلمي اكاديمي مستقل بغض النظر عن القوى السياسية الجالسة على جهاز السلطة التي تحكم وجهة نظرها في الحياة شنو هذا ليس بالمهم ولكن المهم استقلالية البحث العلمي المربوط بفرص تفوقك الاكاديمي وليس لاسباب سياسية حتى لا تحجم القدرات التي يمكن ان تساهم بايجابية في تطور الحياة العلمية والاكاديمية والجانب الاخر تهيئة البيئة الثقافية بتشجيع قيام الجمعيات الثقافية والنشاط السياسي والاكاديمي واذا هنالك جامعة لاتوجد بها بيئة سياسية ديمقراطية حية بالتالي تجد كل الطلاب اكاديميين ومساهمتهم في رفع الوعي داخل الجامعة ضعيفة وعندما يتخرجوا من الجامعة يصبحوا موظفين الواحد يكون مثل « الحمار او الخروف» من المكتب الى المنزل وبالعكس ولن يكون لديه اي دور اجتماعي او سياسي وبالتالي هذا يساهم في ان الهيمنة والشمولية والبطش من الاقليات يستمر ويتواصل وان تهيئة البيئة الجامعية للعمل السياسي الحر الديمقراطي ولابد من ممارسة الحق في التعبير عن وجهة النظر بطريقة ديمقراطية دون التحدث في ركن نقاش وترى ان الاقتصاد ينبغي ان يذهب وفقاً لهذه الطريقة وعندها يظهر السيخ والسكاكين والضرب وعدم الاستقرار بالجامعة والقمع لعدم تحمل وجهة نظر الاخر وكل القوى السياسية تطور برامجها السياسية بقبول وجهة النظر الاخرى واذا حظرت الحركة الطلابية لكي لا تمارس نشاطها بطريقة ديمقراطية وتعبر عن وجهة نظرها بالتالي انت بتخرج للمجتمع انسان ضعيف ليس لديه الثقة في نفسه لان الجامعات والصروح العلمية هي مراكز لبناء الشخصية الوطنية واذا لم تكن هنالك حرية وديمقراطية لم يكن هنالك ابداع ودون ابداع انك تخرج طالب ضعيف ومنهزم محبط سيؤدي الوظيفة والتخصص بطريقة ميكانيكية بالتالي هذا يساهم في القمع وان الذين يبطشون الاخرين من اجل الحكم بتكميم الافواه وهذا يؤدي لعدم الاستقرار لان الظلم مهما طال ليله في النهاية سيأتي الصبح وستظهر عندها اشياء كثيرة سوف تتضح وناس كثيرين سيقوموا جارين بالنهار ..ومالم تكون هناك بيئة سياسية ديمقراطية معافى في الجامعة
    الانتخابات كارثة
    وقال السكرتير السياسي والتنظيمي ان الانتخابات طبعاً هذه كارثة كل الانتخابات التي تتم في السودان غير نزيهة ويقصد وببيع وشراء تبدأ من العشاءات والباسطة باللبن انتهاء بالاصوات المشتراه بالقروش وفي ظل هذه الظروف انك لن تبني مواطن سوداني حر لانك تربط الخيار السياسي بالبطن وهذا بالنسبة للطالب الجامعي تكون فضيحة ويمكن ان يبيع قضيته الوطنية والسياسية لانه محتاج لياكل او يشرب ولابد من قانون انتخابات نزيهة واللجنة الانتخابية تكون نزيهة المراقبة تكون محايدة ودون ذلك لن نحصل على عمل سياسي بالجامعة حقيقي وهنالك كثيرين يمكن تقودهم قضاياهم الى ان لا يختاروا الحركة وهذا موقف سياسي ويمكن ان تكون محايد لاتذهب الى الانتخابات ولكن مش ان صاحبك اوقريبك اوانسان اعطاك حاجة معينة تجعلك تذهب للتصويت ولابد ان نكون لدينا الحق في اتخاذ القرار السليم التطور السياسي في السودان من قبل الاستقلال هنالك كثيرين رهنوا قضاياهم لعلاقات سواء كانت علاقات بيع وشراء او قرابة او علاقات دينية وان القرارات السياسية التي اتخذت يظل اطفال السودان على طول السنوات يعانوا منها.
    { الفيدرالية .. حق تقرير المصير
    وقال جعفر ان حق تقرير المصير تطور طبيعي للفيدراليه التي طالب بها النواب الجنوبيين قبل الاستقلال بعد 50 سنه وصلت الى ذلك بسبب سوء الممارسة السياسية وان وحدة البلد والتراب لابد ان تأتي بالاعتراف باتخاذ القرار السليم واذا لم يتم ذلك يجب عدم التباكي على اشياء لم تبذل مجهود من اجلها على مستوى الجامعة لابد من الالتزام بقبول الاخر ،، ولابد من الاحتفاظ باستقلالية الجامعة لانها صروح للتعليم وبناء الشخصية الوطنية وكل قيادات القوى السياسية تخرجت من الجامعات والمعاهد العليا السودانية ماعدا فئة قليلة مرتبطة بالنقابات العمالية اوالمزارعين وكان لديها اسهاماتها ايضا ولكن معظم الناس الحاكمين والمعارضين ابناء هذه الجامعات واذا كانت نتيجة الجامعات جيدة لما وصلت الازمة السودانية لما وصلت اليه الان والنار مولعة في كل ركن من اركان البلد واذا كانت نتيجة الممارسة السياسية في الدولة كانت جيدة ستجعل المستقبل مشرق وبدلا من الحرب والتمرد والانفصال الوحدة تجعلهم يتحدثون عن التنمية والتطور وغيره وان الجامعات لابد ان تكون صروح مستقلة ولا يمكن ان تكون حزب سياسي في السلطة وتأتي الجامعة لتفرض هيمنتك وتستغل الامكانيات للدولة التي من المفترض ان تخدم بها الجميع لتهيمن بها على الجامعات والمعاهد العليا تفرض سياستك فكل هذه الممارسات تؤدي لخلق شخصية ضعيفة في الممارسة السياسية في النهاية يكون هنالك الم وجوع وفقر وكل هذا يأتي من هنا ومن المفترض للحركة الطلابية ان تكون غايه في التحول الديمقراطي وتقرأ الواقع بطريقة صحيحة وليس شرطا من الذين يأتي عبر الانتخابات ولكن الشرط ان تعرف اين مصلحة البلد وتعمل حاجاتك كلها وتربطها وترهنا بهذه المصلحة واذا كنت غير مؤمن بكلام لا تعمله وان قصة الارتباط السياسي تذهب مع بعض هنالك من يستخدم اموال الدولة في الجامعة وهنالك من يستعمل الشرطة والامن والبوليس لفرض الحظر على الاخرين وان ستكون رهين لهذا الوضع الافضل ان تعيش /جيعان/ وتضع صوتك صاح ،، لان التراكم للممارسة السياسية الصحية سيؤدي لبلد ديمقراطي وان التطور الاجتماعي والاقتصادي في السودان مشوه لم يتم بالطريقة الصحيحة بالتالي نحن محتاجين لنقاوم ذلك ونتجاوز تجارب الاخرين ولابد ان نذهب بخطوات صحيحة ولا يمكن سنويا نفس الممارسة السياسية تكون موجودة طبعا الطالب الذي مكث سنوات بالجامعة وحضر 4 أو 5 دفعات في الجامعة ماذا استفاد من الممارسة السياسية.
    { التحول الديمقراطي والعنف الطلابي
    واضاف جعفر ان التحول الديمقراطي والعنف الطلابي نجد اناس معينين بدأوا العنف داخل الحركة الطلابية لا يستحملوا النور وعندما تقول لهم انتم مخطئين يقولون انت كفرت بالمسلمات حقته وليس لديه منطق لمناقشتك ويرجع للعصايا ومن المفترض الا تبدأ من هنا وسوف تذهب الى مكان غير جيد وان العنف سكة لا تسود وتقود الى تطور ولا يمكن لعمل ديمقراطي يتم في ظروف عنف وقمع على مستوى الدوله اوالقوى السياسية لماذا انت تأخذ سيخ وسكين وتضرب انسان وتمزق صحيفته يعني انك لاتملك الثقة في قوةالمنطقة لوجهة نظرك في ظل هذه الظروف لا يمكن توفر الاستقرار الاكاديمي وفي النهاية المستفيد الذي لا يستطيع المدافعة عن وجهة نظره لذلك اذا جاءالتحالف في اتحاد الجامعة ولم يستطع ان يحل مشكلة السكن ولكن لا يمكن ان تأتي بفكر رجعي في النهاية يوميا يتسبب لك في كارثة الى ان يتعلم ان الكلام الذي يحدث غير صحيح وهنالك اناس ماسكين في ضرع البقرة منذ الصغر ولااتفاق سلام في النهاية استطاع ان يفك ذلك ولابد ان يتبع معاهم سياسة التإنسان رخيص والضرب الخفيف حتى في النهاية يكون هنالك اقناع لفك الضرع لغيره من التوأم القادم الجديد ونقول لكم انتم عليكم ممارسة الخيار اليمقراطي وهنالك اناس كثر يقومون بتزويج بناتهم لرجل تعبان وفقير وذاا قيم ويمكن للبنت السمحة ان يتزوج رجل غني لكنه يذلها ويبطش وتتعب معه ويمكن تكون متزوجة من رجل فقير ويعاملها بلطف ولين وانا اتمنى منك ان تزوجوا بنتكم السمحة تزوجوها لناس تعبانين وأن الممارسة السياسية هي تراكم على مستوى جامعة الخرطوم وامدرمان والفرع وكسلا وغيرها وفي النهاية هي تقود الى وحدة حركة طلابية ديمقراطية تساهم للتغيير والعمل الديمقراطي لكن اذاكان الوحده الطلابية مفككة ومبعثرة ستكون عاجزة لممارسة اي دوروكل الانظمة الشمولية تريد للحركة الطلابية ان تظل مفككة ولا تمارس ادوارها السابقة من كلية غردون التذكارية مروراً 1964م وكل الانتفاضات التي قامت .. وانا بتذكر عام 1984م اتحاد جامعة الخرطوم للتحالف الذي قاد الانتفاضة وساهم في عدم عودة نميري للسودان مرة اخرى وانا متأكد ان الحركة الطلابية اذا ظلت في نفس ممارستها الديمقراطية تستطيع المساهمة مع النقابات والقوى السياسية الاخرى في احداث التغيير البلد في حالة برميل بارود اذا الاتفاق تنفذ اهلا وسهلا والا فان الجنوب سينفصل ومعه الغرب والشرق وهذه الانفجارات لا تستطيع العربات ولا الدبابات ايقافها لذلك اذااردناالاستقرارلابد من التحول الديمقراطي واي زول يصبر على وجهة نظره وثقافته والحديث عن الديمقراطية كثير وان الوقت لن يسمح لنا بالمواصلة وانا بختم كلامي هنا واقدم لكم احد صناع السلام واحد قادة الحرب الكمندر باقان أموم.
    أحد قيادات الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان له اسهامات وطنية وسياسية ضخمة على المستوى المحلي والعالمي.
    ü قائد الحرب وصانع السلام
    الأمين العام للحركة الشعبية باقان اموم اكيج قال في البدء احب اشكر الاخوة والاخوات الرفقاء والرفيقات من الجبهة الوطنية الافريقية a.n.f لدعوتهم لنا لجامعة الخرطوم واعادوا لنا ذكريات واجواء طالت الفترة عندما كنت في هذا الميدان يوم 10/2/1982م وكانت آنذاك تنتظم مظاهرة ضخمة ضد ديكتاتورية المشير جعفر النميري في اليوم الثاني خرجت من الجامعة ولم أعد اتخذت قراراً بعد ان كنت طالبا بكلية القانون وتمردت على القانون القائم وتماديت في التمرد الى ان وقعنا الاتفاقية للسلام التي على أساسها فرض نظام دستوري جديد وقانون اساسي بالبلاد واتاح الفرص لنا ولكم لامكانية التحدث بحرية في هذا المساء ، فاشكركم لاتاحة الفرصة للرجوع للخلف وتذكر الأيام الماضية وفي نفس الوقت نشارك في أحلامنا المشتركة حول غدٍ مشرق لبلدنا ولندوة دور الطلاب في عملية التحول الديمقراطي وانا كنت طالبا في كلية القانون وهل شاركت في قضية التحول أم لا منذ عام 1982م أعتبر نضالي كطالب ينصب في دور الطالب لتحقيق التحول الديمقراطي وكان هنالك عشرات الالاف من الطلاب بطول تاريخ السودان ساهموا في النضال لتأكيد مستقبل مشرق للبلاد سواء كان هذا الطالب في الكلية الحربية سنة 1924م تحت قيادة عبدالفضيل الماظ او طالب جامعة الخرطوم في مقدمتهم القرشي سنة 1964م التي قادت الى ثورة اكتوبر او طلاب انتفاضة مارس ابريل وآخرين من الطلاب قيادات اتحاد الطلاب خاصة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم الذي قاد السودان في فترات مختلفة 1967 - 1968م سواء كان الأستاذ علي عثمان محمد طه أوالأستاذ ادور لينو او المرحوم الخاتم عدلان وآخرين وبالتالي نؤكد ان الطلاب كانوا الشريحة التي تجلس في المقدمة لنضال الشعب لتحقيق الديمقراطية في كل الفترة السابقة . واريد ان اؤكد ان السودان في مفترق الطرق وهذا فعلاً حقيقة ونستعير كلمة شكسبير في ان يكون او لا يكون وقبل كل شىء بين الماضي والمستقبل.
    ü الفشل والنجاح
    وقال أموم ان السودان الآن بين الفشل والانهيار والنهضة بين التطرف والاحادية .. بين التسامح والانفتاح .. وبين الكبت والحرية بين الشمولية والديكتاتورية من جهة والديمقراطية والانفتاح من جهة اخرى .. بين الاحادية وفرضها والاحتفال بالتعددية .. نحن كبلد ينبغي ان نساهم في دور الطالب في عملية التحول الديمقراطي كنت افكر من اين اساهم وابدأ الموضوع طويل .. فقررت اشارك معكم قصة السودان .. ليس بطريقة علمية بحثية ولكن بطريقة بسيطة طريقة أهلنا السودانيين .. وحقيقة قصة السودان يمكن ندمجها في عنوان صغير ذي مدلول كبير هي قصة ادمان الفشل كما قال عنها الدكتور منصور خالد وليس النخبة لادمان الفشل بل السودان ككل وصحيح ان المسؤولية الكبرى ويمكن جلها يتحملها الصفوة والمجموعات التي حكمت البلاد بعد خروج الاستعمار لكن من جانب آخر نحن كلنا سودانيين وانا ادري ان الاجواء مشحونة بالحزبية ولازم ان لا نلوم طرف معين .. اريد ان اشارك واقول من المفترض نأخذ لحظات بسيطة كلنا نتحمل مسؤولية مشتركة او على الاقل نتحمل الهم السوداني ولا نوجه أصابع الاتهام لجهة معينة ونتأمل الواقع الذي نعيشه يا اخواني واخواتي في الوطن ونضع شرطة تحت الوطن نحن كسودانيين فشلنا في الامتحان الاول وعلى الاجابة في الاولى عام 1956م .. الانجليز وضعوا الحدود بين مصر والسودان .. وفي الشرق حتى البحر الاحمر .. وحدود مع الايطاليين كانوا في اثيوبيا .. وذهب مجموعة من الضباط في المستعمرة الانجليزية في شرق افريقيا والحكم الثنائي الانجليزي المصري .. ركبوا الحصين وعندما تعبوا قالوا ان هذه هي الحدود بين كينيا والسودان .. بدل ما يذهبوا حتى بحر ادو .. ووضعوا خط وهمي بقرية ببيا في نملي وهي قرية اهلنا المادينق وقعت شمال الخط الوهمي واصبح سوداني .. وهكذا الي الجنينة بين الفرنسيين والانجليز والايطاليين والحكم الثنائي وليبيا وهذه دولة كتشنر منذ هزيمة دولة المهدي التي كانت اصغر وطويلة ودارفور لم يكن جزء منها.
    ü دولة كتشنر
    وقال اموم ان دولة كتشنر بهذه الخريطة التي نراها الآن وانا في الحقيقة معجب بها اذا دخلت الى الاتجاه الشرقي وهنالك مشكلة في حاجة طلعت فوق ونزلت تحت في الحدود المصرية السودانية انا حتى هذه اللحظة لا ادري ماذا يحصل .. ولكن على كل حال الفشل الاول بالنسبة لنا كسودانيين حول ان حدود كتشنر عام 1947م بقوة اخرجوا قانون قالوا أي زول في داخل هذه الحظيرة التي رسمها كتشنر بالحدود الوهمية يسمى سوداني وفي العشرينات عندما نقول لانسان سوداني كان يرفض ويقول ليك نحن اولاد قبائل واولاد البلد لن نقبل بتسمية سودانية وهذه التسمية لاولاد الشوارع وانهم عبيد . على كل حال الانجليز حسموا الموضوع وان الفشل بدأ عندما خرج الانجليز من البلد منذ عام 1953م عندما أرادوا ان نحكم انفسنا لفترة والسؤال من نحن ؟.. الانجليز سمونا السودانيين ووضعونا داخل الحظيرة .. هل يمكن ان نجد قواسم مشتركة ؟ طبعاً الاجابة لهذا السؤال قاد الى اشكاليات السودان وهنالك بعض الناس قالوا ان السودان دولة عربية مسلمة وهنالك من يرى عكس ذلك وبهذا التعريف الضيق ان خارج هذا التعريف يجد صعوبة ويخرج عنه بالقوة ومثلاً انا ليس عربي ولا مسلم ألوم من واذا قررت ان اقول انا عربي من قريش - «ضحك الجميع» حتى انتم تضحكون اذاً انا ليس لدي خيار هذه الاشكالية التي أدت الى فشل البلاد.
    طبعاًَ هنالك آخرين يمكن أن يقولوا السودان دولة افريقية معناه آخرين من العرب اما ان يجلسوا ضيوف او يرجعوا الى الجزيرة العربية .. هل الجزيرة العربية تقبلهم ... طبعاً لا.
    ü إدمان الفشل
    وقال أموم ان السودانيين أدمنوا الفشل نتيجة لمبالغات والتعريف الزائد اذا كنا في الحركة الشعبية حاولنا حل المشكلة .. فنجد ان قائدنا الراحل د. جون قرنق دمبيور قال ان الحل بسيط جداً السودان لكل زول موجود في السودان دون زيادة لكن اي زول مسموح له بمنزله ان يضيف تعريفاته الزائدة يمكن يعمل 10 اضافات ما عندنا مشكلة تقول أنا سوداني لكن شلكاوي مسيحي من اعالي النيل .. وعندما نأتي جميعاً نقول سودانيين .. وعندما نذهب الى المكتب للوظيفة سوداني .. الحل البسيط يعطينا امكانية لتجاوز الاشكالية .. كان ممكن نحل الأزمات التي دخلنا فيها .. وادخلنا السودان في ازمة منذ عام 1955م .. وهنالك جماعة قالوا نحن خارج التعريف .. وأرادوا الفدرالية وقالوا لهم نحن نريد ان نعطي الفدرالية ولكن باعتبار حتى وصلنا الى حق تقرير المصير وان ذلك قاد الى التهميش نتيجة للغرض الاحادي وهذا كله بمجمله قاد لحرب اهلية بالسودان.
    ü التهميش والحروب الأهلية
    واضاف اموم ان التهميش قاد لحروب اهلية بالجنوب وجبال النوبة والنيل الازرق وحالياً بدارفور .. واثناء فشلنا نبلور القواسم المشتركة وفشلنا في تحرير انفسنا وفشلنا في مشروع وطني مشترك نعبر فيه عن تطلعاتنا السياسية .. وحقيقة ان هذه التطلعات البشرية والحرية وان نبدأ بالسلام والوئام وهي الارضية القوية للارضية الكريمة .. هذا الفشل طبعاً لانه لا يوجد مشروع مشترك جامع مرضي للكل .. اصبح هنالك توتر وعدم استقرار سياسي .. وهذا التوتر قاد الى انقلابات عسكرية لفرض مشاريع في جوهرها احادية للهيمنة تارة باسم الاشتراكية وتارة اخرى باسم الدولة الدينية .. الفشل الذريع الذي دخلنا فيه قادنا الى ان دولتنا حتى الآن اصبحت الدولة الوحيدة الاعلى في مستوى الفشل من اي دولة اخرى .. بالنسبة الدولة السودانية هي دولة فاشلة وفي قمة الفشل في افريقيا والعالم الثالث .. وهذا السودان الدولة الوحيدة بعد فترة استقلالها خاضت صراعات مع ذاتها وراح ضحاياها اكثر من غيرها.
    ü ضحايا الحروبات الأهلية 5 ملايين
    وقال اموم ان الحروب الاهلية خاضتها الدولة السودانية مع ذاتها راح ضحيتها 5 ملايين سوداني ونحن الدولة في المقدمة في العالم التي حولت مواطنيها الى نازحين من كل 10 نازح في العالم 5 سودانيين ومن عواصم العالم اكبر عاصمة النزوح في العالم الخرطوم ومن كل 8 لاجئ في العالم واحد سوداني .. وعندما نذهب لاي بلد تكون مطالبا لمخاطبة الجالية السودانية بها .. والسؤال لماذا تشتت السودانيون في العالم .. واصبحوا يهربون من البلاد .. انا خائف يوم نصبح نجد الحكومة لوحدها يكون كل المواطنين هربوا من البلاد وهذا يمكن يحصل اذا لم نحقق التحول الديمقراطي بالبلاد .. من المهم جداً أن أبناء الشعب يسألون انفسهم ماذا يحدث وماهو الخطأ ونحاول نقدم الحلول وطبعاً يمكن الزول يقول غير معقول ان تكون الخرطوم اكبر مركز للنازحين في العالم وهذا مؤكد والآن يزداد .. وهي أحد علامات في الفشل .. بالرغم ان السودانيين كلهم طيبين جداً خاصة في الأحياء بين الجيران أو في الخارج من خلال الحنين للسودان ولا يريدون الرجوع اليه نسبة للمشاكل وان السودان من اكثر الدول التي بها عنف وبطش سياسي غير موجود في اي محل ثاني لدرجة ان الذي يريد ان يكون حزب سياسي لابد ان يكون متأكد من الآتي :
    1-اما ان تدخل سجن كوبر لفترات طويلة .
    2- ان تدس نفسك تحت الارض لسنوات عديدة.
    3- ان تُقبض وتُقتل شنقاً واعداماً او بالصلب .
    هذا ما يحدث في السودان العنف في السودان وصل الفترة السابقة الى مستويات لم تصل اليها دولة في العالم .. وهذا على كل ألوان الطيف من اليمين الى اليسار ومثلاً زعيم الانيانيا الاب سترينو العضو البرلماني عندما تحدث عن الوحدة والانفصال تمرد واغتيل في يوغندا .. ووليم تون قتل رئيس حزب سانو .. عبد الخالق محجوب قتل .. الامام الهادي المهدي قتل .. محمود محمد طه صُلب وقُتل .. والذي لم يحدث له مثل هذه الكارثة يكون لزاماً انه دخل سجن كوبر اكثر من مرة .. او دس نفسه تحت الارض لسنوات كثيرة .. حتى الترابي عندما قام بالانقلاب لملم اغراضه ودخل السجن ولكن بعد اختلافه مع اولاده دخلوه السجن جد جد .. هذا العنف وصل الى اي مستوى حتى العنف السياسي المصاحب للعملية السياسية .. وعن الناشطين السياسيين في كل انحاء السودان دخلوا السجون في كل الانظمة الشمولية من كل الاحزاب من الحركة الاسلامية يميناً الى اقصى الشيوعي يساراً .. ان الدولة السودانية سواء كان في اجهزتها الامنية لم يكن لديهم اي عمل غير اصطياد الخصوم السياسيين لم يحدث يوم قاموا بإفشال عملية استخباراتية من امريكا او غيرها .. وظفوا اموال الدولة كلها لقبض الناس وقلع أظافرهم واستخدام الكهرباء والتعليق وكل أنواع التعذيب .
    ü ميزانية الجيش ضد المواطن
    وقال اموم ان الاموال الضخمة للميزانيات التي يصرفها الجيش السوداني بالرغم من انه لم يضرب ولا طلقة واحدة في حماية حدود السودان .. وضرب كل الطلقات بالملايين على السودانيين .. وبدلاً من ان تكون الدولة خادمة للمواطن أصبحت قاهرة له وأكثر من ذلك .. وعلى طلاب العلوم السياسية والاقتصاد من المفترض يعملوا دراسة للخدمة التي قدمتها الدولة منذ الاستقلال والى الآن ماذا صرفت في الكبت وقمع السودانيين وماذا صرفت في تعليم الأطفال .. ونتساءل نحن بنصرف كم في المدارس وكم في القمع ؟.. لنعرف ان الفنان الكبير محمد وردي يغني في كل السجن مستشفي ومكان المنفى كلية وغيرها ونحن كسودانيين من المفترض نتحمل المسؤولية.
    الآن أمامنا مفترق الطرق .. هل نحن نتمادى في هذا الطريق ولا يمكن ننتقل بالسودان الى مرحلة جديدة وتحوله لحالة سلام فيما بينهم وذاتهم ولا نحارب دولتنا ولا تحاربنا .. الاجابة فقط اذا حولنا هذه الدولة الى دولة ديمقراطية مدنية منصفة وعادلة وبالتالي تحقيق التحول الديمقراطي ودور الطلاب فيه على أساس ذلك واننا فشلنا فشلا خطيرا وهذا واقع مرير نحن نعرفه وان التحول الديمقراطي ليس قضية تصويت فقط ولا قضية شعارات طلابية .. والتحدي امامنا الآن اذا لم نحقق النقلة السودان سينهار لانه في انهيار وجوهر التحول لازم يعالج القضية المركزية وهي السلطة لازم تسلم الى الشعب وترجع والشعب يختار حكومته بمحض ارادته بانتخابات نزيهة ودورية بشكل مستمر وهذا هو حل المشكلة لأن الذين يستولون على السلطة يأتون بمشاريع احادية ويبدأوا بكوبر ومصادرة الحقوق حتى الحقيقة.
    ü السلطة في يد الشعب
    واعتبر اموم حل القضية في ارجاع السلطة الى الشعب وفي اختيار من يحكمه وبالتالي السلطة ينبغي الا تكون تحت ايادي متسلطة .. ونحن لا نريد ادخال الدين في السلطة .. مثل الحاكمية لله من المفترض ان يكون الحكم في يد الشعب ولايأتي من يقول انه وكيل الله في الارض لحكم البلاد .. وثانياً ينبغي الا نحمل الدولة السودانية اكثر من طاقتها وهذا سبب المشاكل .. هذه الدولة يعطيها مسؤوليات بسيطة اولاً : نحن لا نعطيها غير توفير الجو الامني والخدمات الجماعية الاساسية ولا تدخل في الحريات الاساسية للمواطن السوداني ويكون للمواطن الحرية في اختيار العبادة وكل مجموعة دينية توفر لهم الحرية لممارسة شعائرهم .. والدولة تعطيهم الدعم والدور لهم ولكل الاديان متساوين .. وحالياً بعد الحروبات التي دارت منذ 1955م حتى 2005م وتوقيع الاتفاقية.
    ü اتفاقية السلام للمساومة
    وقال أموم ان اتفاقية السلام الشامل التي وقعت بنيفاشا بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان يمثلان توجهين مختلفين والاتفاقية توصلنا اليها بشكل مساومة ليس كما تريدها الحركة الاسلامية في السودان وانهم كانوا يريدون الدولة الاسلامية وتوجه الحركة الشعبية سودان جديد ليس به المجاهدين لكن وصلنا الى الوسط وهذا اتفاق في الوسط انا في رأيى هذا خير للسودان لانه بكل تأكيد اذا كان تم فرض سلام بقوة من اي جهة من الجهتين سيكون على اساس الغاء الآخر يضر بجوهر السودان يسع الجميع وان الاتفاقية مدرسة في ان السودانيين يتحملون من ان يتحملوا بعض وبالتالي يمكن يكون نموذج الاتجاه في تحقيق التحول الديمقراطي على أساس كلنا نقبله بكل التيارات الفكرية السودانية وهي الديمقراطية الحقيقية وان انفاذ اتفاقية السلام ستنقل الى النظام الانتقالي او هنالك محاولة لتمكين النظام القديم وبالتالي قضية الصراع لتحقيق التحول الديمقراطي .. وحالياً هذا التحول يتم في اطار الدستور الانتقالي لنؤكد حكم القانون واحترام حقوق الانسان وتوظيف السلطة في يد البرلمان ممثل الشعب لمراقبة اداء الجهاز التنفيذي وفي نفس الوقت الشئ الذي يؤكد مهنية العمل المدني والعمل لتحقيق التحول الديمقراطي برنامج ومشروع كبير يحتاج لالتفاف كل القوى الديمقراطية في السودان في اتجاه تأكيد القيم الديمقراطية والدستور الديمقراطي في اتفاقية السلام الشامل والعمل لتأكيد ان كل القوانين في السودان لازم تتماشى مع الدستور الانتقالي وتضمن العملية الديمقراطية وبناء نظام ديمقراطي ليقود الى استقرار البلاد وخياره كنظام للحكم هو في الاساس حل لمشكلة الاستقرار السياسي عن طريقه يمكن تجاوز العنف والبطش السياسي المعروف في تاريخ السودان .. ان التحدي امامنا هل يمكن ان نقود السودان لاتجاه الاستقرار والسلام والتماسك أم لا ؟.. هنالك مهددات كثيرة.
    ü الاولوية لقضية دارفور
    وقال اموم بالرغم من تحقيق اتفاقيات السلام بالبلاد الا ان مشكلة دارفور والمأساة الانسانية الضخمة الحاصلة في دارفور بكل تأكيد حدث في جنوب السودان ولكن حالياً الآن يحدث في زمن العولمة والحاصل في دارفور مأساة انسانية ومن المؤسف هنالك سودانيون يحاولوا يدسوا رؤوسهم في الرمال وقادة سياسيين عايزين ينفوا الحاصل بدارفور وان دارفور بها ابادة جماعية ونزوح بالملايين ونتيجة نمتلك اكبر معسكرات للنازحين في العالم وهذه حقائق ووقائع ونحن لازم نقف امام المأساة التارخية السودانية الحاصلة في دارفور .. في قيادة الحركة الشعبية اتخذنا قرارات أساسية واستراتيجية في المساهمة لحل مشكلة دارفور ورئيس الحركة قام بمبادرة ومجهود لحل مشكلة دارفور للاستفادة من علاقتنا التاريخية بالاستفادة من الموقع الجغرافي المتميز وفي اننا جزء من الحكومة بشراكة المؤتمر الوطني فهو موقف متميز سوف نستغله لحل القضية ونضعها في الاولوية السياسية للحكومة .. وانا سعيد ان اقدم تقرير استطعنا من خلاله ان نضع قضية دارفور واعتمادها في حكومة الوحدة الوطنية كأولوية في حلها وسنساهم في ذلك من خلال علاقتنا مع الحركات المسلحة لتقريب وجهات النظر لبلورة موقف يعين على الحل السلمي وتحقيق الحل الشامل لدارفور في منبر بمشاركة الجميع وسنستفيد من العلاقات الاقليمية لدعم المجهودات لتحقيق سلام الاقليم .. وان قيادة الحركة تبنت برنامج لدعوة القيادات بجوبا للتوصل لايقاف المأساة الانسانية المرتبطة بعملية التحول السياسي .. ولا بد للطلاب لقيادة التحول بالانتاج الفكري وان يتقدموا النضال لترسيخ الديمقراطية كخيار اخير لتجاوز حالات الاقتتال والانقلابات والتمردات والتربية على القيم .. حتى لا يلجأ المهزوم في الانتخابات لاعادة الانقلابات العسكرية للبلاد مرة اخرى .. ولا بد من نبذ العنف واشيد بميثاق نبذ العنف الذي تم توقيعه بالجامعة ونطالبكم بالتمسك به حتى لا يعود السيخ لداخل الجامعة .. ولا بد للحريات داخل وخارج الجامعة .. وعدم استخدام السلطة للارهاب لتكميم الافواه . . ونحن موجودون هنا وأحد قيادات الحركة الطلابية ين ماثيو الآن قابع بالسجن بالرغم من عدم مشاركته في الشغب تم تلفيق تهم ضده لاخافة طلاب الجبهة الوطنية الافريقية .. وهذا العمل الارهابي لن يخيف احدا .. ولن يأتي بالتحالفات بالقوة.
    ü استقلالية تحالفات طلاب الحركة
    وقال اموم ان الحركة الشعبية في شراكة مع المؤتمر الوطني وطلابنا في تحالفات اخرى ونؤكد ان الحركة الطلابية لها استقلالية وندعم ما تريده عبر توجهاتنا العامة لاتباع خط الحركة المدروسة من جانبنا.
    ü خيارات الانتخابات
    أموم :نحن في الحركة لدينا خيارات واضحة امامنا ونفضل ان ننزل الانتخابات القادمة لوحدنا ونطرح برنامجنا برنامج السودان الجديد لخلق بلد جديد عبر البرنامج الثقافي والاجتماعي والتنوع والاحتفاء بالآخر وقبوله .. واذا الشعب اعطانا الاغلبية سوف نشكل الحكومة والآخرين يكونوا في المعارضة ولا نتركهم يأخذون السلاح والسيخ . اما خيارنا الثاني نخلق تحالفات على اساس برنامج مشترك مع القوى السياسية الاخرى يمكن ان يكون حزب واحد او مجموعة ولا نحدده حالياً والقضية البرنامج المحدد .. ويمكن ان نتحالف مع المؤتمر الوطني على اساس انفاذ اتفاقية السلام الشامل اذا وصلنا الى اتفاق ويمكن يكون مع قوى اخرى بما فيهم المعارضة . وخيارنا الثالث ان نخوضها لوحدنا واذا لم نأخذ الاغلبية سوف نشكل الحكومة من الاحزاب المشاركة لتشكيل الحكومة الائتلافية ونحن الآن نبذل مجهودا جبارا في الزمن الضائع من المبارة نريد ان نسجل الاهداف في هذا الزمن الضائع .. ولدينا تحدي في عام 2011م عندما يقف الجنوبيون للتصويت في صندوق الاقتراع لحق تقرير المصير بين الانفصال والوحدة وهو تطور للاوضاع بالبلاد الذي اوصلنا الى هذه النقطة لان اعطاء الفدرالية عام 1955م في السابق قبل خمسين عاماً كانت كفيلة بحل الإشكال.
    ü الوحدة أم الانفصال
    ويرى أموم أن التعامل مع الوضع بالنسبة للحركة بين الوحدة والانفصال أن برنامجنا واضح نحن نهدف لبناء سودان جديد كمجتمع على أساس القبول والاحترام والاحتفال بالتعددية اللغوية والدينية بإلغاء التهميش خاصة هوامش الأطراف من قبل المجموعات القابضة في المركز .. ولا بد لإلغاء السيطرة من المركز والاستحواذ على قدرات البلد ويكون هنالك توزيع عادل للثروة ونريد دولة ديمقراطية .. والسلطة في يد الشعب وأن تكون الدولة علمانية ولا تكون رسالية ويكون همنا كم طفل دخل المدرسة ووجد العلاج وتعبيد الطرق وحرية التعبير .. وان تكون الدولة لامركزية بتوزيع السلطة .. بدلاً من وجودها في مكان واحد.
    ان تقرير المصير جاءت به الحركة الشعبية والذين ينادون به الآن كانوا في لندن وفنادق العالم الأخرى ونتعامل معه مع الوحدة الطوعية وضد الوحدة المفروضة بالقوة وخاصة بشكلها الحالي منذ 1955م وراح ضحيتها 4 مليون مواطن جنوبي مبنية على مصالح مشتركة بين المكونات والمجموعات السودانية دون هضم مصالح مجموعة أخرى حتى لا تخرج من الوحدة وسنعمل لتحقيقها وان الخيار المفضل للحركة ان يكون السودان دولة موحدة وكبرى ولا يمكن ان يكون موحداً إلا اذا حدث تغير عبر التراضي بين السودانيين انفسهم .. ببلورة المصالح المشتركة نحو غدٍ مشرق ووحدة السودان خطوة لوحدة القارة الأفريقية .. وسنعمل مفاوضات لدول حوض النيل الكبير والحريات الأربع التي ينادون بها تكون الحرية كبرى .. وان الشعوب المختلفة يمكن أن تتعايش في اطار التعددية وبناء مجتمعات قادرة للإزدهار والاتجاه الآن الذي يسود العالم نحو التكتلات وان الدول الزاهية ذات التعدد الثقافي .. وان السودان الدولة الوحيدة التي تضع تأشيرة للخروج لمواطنيها .. التحدي أمامنا ان نجعل الوحدة خيارا جاذبا ليختاره الجنوبيون لا بد أن نقوم بتغيير لان الوحدة القديمة «كريهة » حقيقة لذلك جاءت تسمية الولاية التي اكتشف بها البترول بولاية الوحدة كأنما أن الوحدة من أجل الموارد وليس من أجل الانسان .. ونطرح الوحدة لمجهود كل القوى السياسية السودانية ونحن نريد للجنوبيين أن يختاروا الوحدة أو الانفصال ولا بد من التحرر من الماضي الصعب وان طلاب الجبهة الوطنية الأفريقية لديهم الاستقلالية الكاملة في التحالفات مع القوى الطلابية على أساس البرنامج القادر علي حل قضايا وإشكاليات الطلاب لأن المستوى الأكاديمي الجامعي تدني بالنسبة للمناهج والطلاب وفي بعض الأحيان لا يستطيع خريج حاسوب التعامل التقني الكامل مع الجهاز في بعض الشركات ولا بد من حل الاشكالية لتحقيق النقلة النوعية والاستعداد لذلك ولا بد أن نبني الطلاب على العلم والمعرفة ولا بد من تطوير المنهج الذي هو مستقبل البلاد.
    إعداد: الإدارة السياسية

    إشراف: نور الدين أبوبكر

    http://www.akhbaralyoumsd.net/modules.php?name=News&file=article&sid=7511
    ___
                  

04-19-2008, 11:18 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    مــنــوعـــات
    أرسلت في 17-3-1428 هـ من قِبَل webmaster


    ميني حـــــــــوار
    «أخبار اليوم »تفتح ملف فتاوي الدكتور حسن الترابي المثيرة للجدل (الحلقة الثانية)
    الترابي تخلق بلبلة في أفكار الجماهير الإسلامية
    { الترابي مافي زول سبقو بمثل هذه الفتاوي طوال الـ 14 قرناً الماضية
    أجراه / عبدالرازق الحارث إبراهيم
    يعتبر فضيلة مولانا الشيخ ابوزيد أحمد حمزة رئيس جماعة انصار السنة المحمدية من ابرز القيادات الدعوية للحركة السلفية منذ نشأتها في اربعينات القرن الماضي حيث حمل لواءها يجوب الوهاد والنجوع القاصية في ربوع السودان المختلفة بارائه الحادة والجريئة ما جعله يصطدم بكل المواريث الدينية للتصوف الاسلامي الراكز منذ دخول الاسلام للسودان ، ورغم التباين الحاد في وجهات النظر الفكرية والعقائدية ما بين الشيخ ابوزيد ورجالات التصوف فانه ظل يحتفظ بعلاقات حميمية معهم في اطار التواصل الاجتماعي ما بين السودانيين وفق مبدأ (إختلاف الرأي لا يفسد للود قضية) حيث زار الشيخ ابوزيد القطب الصوفي الجعلي في كدباس ورد له الشيخ الجعلي الزيارة في مسجد الجماعة بالسجانة حيث صلى بهم اماماً في زيارة مشهورة ويحفظ للشيخ ابوزيد انه بكى يوم أعدام زعيم الجمهوريين الاستاذ محمود محمد طه رغم اختلافه الفكري معه .
    وفي اطار سعي الصحيفة لطرح جميع وجهات النظر حول فتاوي الدكتور الترابي التقينا بالشيخ ابوزيد احمد حمزة فالي مضابط اللقاء :
    { فضيلة مولانا الشيخ ابوزيد ماهو تعليقك حول مجموعة الفتاوي التي اصدرها الدكتور حسن الترابي زعيم الحركة الإسلامية؟
    إبتدر حديثه قائلا الفتاوي التي طلعها الترابي ما في زول سبقو بمثل هذه الفتاوي خاصة قضية امامة المرأة ، زواج الكافر من المسلمة ، تولية المرأة الولاية العامة.
    وقال الشيخ أبوزيد الى ان مثل هذه الفتاوي تخلق بلبلة في افكار الجماهير الإسلامية ، وبلهجة عامية أضاف ، وكان حقو يتريث شوية في اصدار الفتاوي.
    { ماهي الخطورة في مثل هذه الفتاوي ؟
    الخطورة في الدكتور أنه قيادي جماهيري ، الفتاوي لو صدرت من (زول عادي) ما كان في خطورة ، لكن الدكتور الترابي له جماهير واتباع والفتاوي تؤثر عليهم خاصة جماهيره.
    وأردف قائلا : كلامو ما زي كلام اي انسان الخطورة من هذه الناحية الترابي عليه ان يتريث ويراجع نفسه في الفتاوي ويتقيد باجماع المسلمين.
    { الدين لا يمشي على هوى الناس
    قال الشيخ ابوزيد احمد حمزة ان الدين لا يؤخذ بالرأي ، القرآن فوق الرأي لقوله تعالى (لو إتبع الحق أهوائهم لفسدت السماوات والأرض) والرسول عليه الصلاة والسلام يقول لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به.
    واسهب محدثي الشيخ ابوزيد شارحا حول هذه النقطة بقوله الدين لا يمشي على هوى الناس اذا اردنا ان نخضع الدين لهوى الناس حا نكذب الدين كله ، في اشياء في الدين فوق الفعل البشري مثلا بقوله تعالي (عن اليمين وعن الشمال قعيد ، ما يلفظ من قول الا لديه رقيب وعتيد).
    وعذاب القبر ، روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار ،النبي عليه الصلاة والسلام اخبر في القرآن.
    الان في ناس يعذبوا في قبورهم قال تعالى : النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة ، أدخلوا ال فرعون العذاب).
    وشرح فضيلته النص القران بقوله (العذاب الاول يختلف عن العذاب الأخير) العذاب الاول النار يعرضون عليها غدوا وعشياً ، صباحاً ومساء في الدنيا (ويوم تقوم الساعة ادخلوا ال فرعون اشد العذاب) في قبورهم معذبين).
    وأستطرد قائلا أحاديث كثيرة واردة في عذاب القبر ، تواتر في التقاة ان عذاب القبر واقع.
    لو حاولنا نحكم عقولنا لا نجد جنة ولا نار فالدين فوق العقل البشري ، ربنا ادانا العقل حتى نصل به للدين مش نخضع الآيات وفق عقولنا واهواءنا لذلك لابد من التسليم بامر الله حتى لو خالف عقولنا فسيدنا عمر بن الخطاب عندما اراد تقبيل الحجر الاسود في الكعبة قال ( اللهم أنت أعلم ،،انك حجر لا تنفع ولا تضر ) ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) يعني المحاكاة والتقليد للرسول عليه الصلاة والسلام التقليد لايجوز الا للرسول عليه الصلاة والسلام.
    ومن الحكمة والورع ان هذا العمل طالما فعله علينا الاتباع لقوله تعالى : (فأتبعوه لعلكم ترحمون ، وفي نص قرآني ثاني يقول تعالى وأتبعوه لعلكم تهتدون)
    وإستطرد قائلا : دكتور الترابي ربنا يعفو عنا وعنه ، يتوقع انه سوف يقف امام الله يوم القيامة فلا يصدر فتواه الا بعدان يراجع نفسه كثيرا عبر 14 قرن لم نسمع بفتاوي عالم من علماء الاسلام اصدر فتاوي كثيرة وجملة ،، مشيرا الى ان الفتاوي في موضوع واحد بهذه الكثرة في امور ثابته هذا هو الأمر المحير وزاد (ما بالطريقة دي) وقال الشيخ ابوزيد بعض الناس شذوا واصدروا فتوى - فتوتين - داعيا العلماء بتوضيح الحقائق للناس ويتقوا ربهم في دينهم.
    في الحلقة القادمة نستمع لرأي الدكتور يوسف الكودة رئيس حزب الوسط الاسلامي حول فتاوي الترابي
    والمفاجأة
    معلومات جديدة حول كتاب الترابي التفسير التوحيدي للقرآن

    http://www.akhbaralyoumsd.net/modules.php?name=News&file=article&sid=7254
                  


[رد على الموضوع] صفحة 5 „‰ 10:   <<  1 2 3 4 5 6 7 8 9 10  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de