عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-30-2024, 07:57 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-25-2008, 07:39 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ (Re: عبدالله عثمان)


    الأخ الأستاذ محمد سيد أحمد .. أدناه مشاركة من الأخ الصادق عبدالباقي:

    يقول الدكتور/عبد الله علي ابراهيم:
    1. ستكتسب واقعة زوار الليل الشيوعيين لدار الشاعر محمد عبد الرحمن شيبون بحي الجناين بمدينة رفاعة في عيد الأضحى من عام 1961 أهمية قصوى في أي تحري متحلل من المسبقات لدور الشيوعيين في دفع الشاعر للانتحار في ديسمبر من ذلك العام. ويقول أيضا:
    2. وجدت أقوى الأدلة على لؤم الشيوعيين حيال شيبون في ما كتبه الدكتور خالد المبارك –الرأي العام فبراير 2005 في استرجاعه لذكريات من شبابه الشيوعي يوم فصلوه من الجامعة وعمل مدرساً بمدرسة أهلية للأولاد بها حتى غادر لبعثة دراسية بألمانيا الديمقراطية في خريف 1960- قال خالد: (والمعروف أن شيبون انتحر بعد أن قاطعه الأصدقاء وسدت في وجهه الأبواب.... كما عرفت شيبون وكنت احد الذين خاصموه عندما صدرت الإشارة بذلك. ويضيف عبد الله على ابراهيم :
    3. ربما قصد شيبون في يوم سؤدده كأفندي أن يحتج على سوءات "بلاد الأفندية" ولكن ليس قبل ان ينحت على جمر جسده أسماء عصابة الثلاث التي حالت دونه والنيل الأزرق ومدرسة "الأمل" التي أجرت عليه رزق الأفندية المهين. وجاء ايضاً
    4. واشتكى شيبون في رسالة باكرة عن هذا الجفاء وقال ما قاله عن الكتوف الباردة التي أدارها الرفاق له. وهو قطع شك قد يكون قرأ لينين وكلمته عمن ينزلق عن سراط الحزب فيهوى من حالق ابد الدهر لأنه لا قرار للقاع.

    احتشدت مقالات عبد الله علي إبراهيم بهذه العبارات ذات الدلالات والمغاز لحض نفسه والقارئ في اتجاه جلب الإدانة للشيوعيين وجعلهم مسؤولين عن انتحار الشاعر المحترق شيبون. وكرس جهد المستميت يحسده عليه أعداء الحزب التاريخيين. اختار ع ع إبراهيم من العبارات والمفردات ليرصف بها ذلك الطريق المهلهل الذي سلكه لإدانة الشيوعيين، وحاول سباكة الكلمات لتحمل دلالات تلك الإدانة المزعومة، فأمتطى من تلك المفردات لتعبيد طريقه (الملولو) "زوار الليل الشيوعيين" و" عصابة الثلاث" و"اشارات خالد المبارك" و " الاكتاف الباردة".
    أراد ع ع إبراهيم أن ينسج من تلك العبارات والمفردات ذات الخطوط المتقاطعة تلك العمامة التي التفت حول عنق شيبون لحظت انتحاره، نكاية أو إدانة صريحة للجهة التي ينتمي لها "زوار الليل" وشكلت "عصابة الثلاث" والتي صدرت منها " الاشارات" ووزعت على عضويتها "الاكتاف الباردة". فصارت جريمة تتوافر جميع اركانها من تخطيط (بصدور الإشارة) وتهديد للضحية ووعيد (زوار الليل) وتنفيذ عن طريق (عصابة الثلاث).

    يجعلك ع ع ابراهيم بتلك العبارات رغم هوان نفسها ومصادرها، والتي يقتات بعضها على بعض تعتقد بأن هناك جريمة وقعت مع سبق الإصرار والترصد. ويذهب بك في اتجاه جلب الإدانة للشيوعيين وعلى القارئ أن يصل رغم انفه بأن المقصود بالشيوعيين هم منظومة الحزب كاملة وليس الأفراد وهو لم يأتي بذلك صراحة، إلا إذا اعتبرناه تحقيق جنائي لا يأخذ الكل بجريرة البعض. ولكن كل ما ورد في حديثه ذو دلالات سياسة واضحة، لنأخذ مثلاً الفقرة (2) أعلاه والتي وجد فيها الكاتب أقوى الأدلة في بحثه الطويل عن أدلة تثبت لؤم الشيوعيين وكيف حالفه (الحظ) عندما وقع بين يديه ما كتبه خالد المبارك عام 2005 الذي أتاه باليقين عن لؤم الشيوعيين من حيث لا يحتسب من بعد كل هذه السنين الطويلة. وأتمنى أن يكون خالد المبارك وع ع إبراهيم قد عافاهم الله من ذلك اللؤم الذي أصابهم به الشيوعيين.


    يأخذك ع ع إبراهيم معه إلى إكمال شوط آخر في اتجاه تحسبه يبعد التهمة عن الشيوعيين عندما يحدثك عن تتيمه بالأستاذ عبد الخالق محجوب ويسرد لك قصص عن شجاعته وشهامته في نجدة زملائه...الخ وحين أخر يأتيك بمساجلات الأستاذ / عبد الرحمن الوسيلة مع الأستاذ حسن نجيلة. كما أنه يعاتب صلاح احمد إبراهيم من فرط قسوته على عبد الخالق والحزب عند تناوله لقضية شيبون في قصيدته المشهور انانسي.
    فمن أين أتى (زوار الليل) إذاً؟؟ ومن الذي أسرى بهم ليلاً إلى رفاعة؟؟ الم تكن هي قيادة الحزب الشيوعي وعلى رأسها عبد الخالق محجوب الذي قلبه وعينه على رفاقه كما يقول ع ع ا إبراهيم، ومن هو الذي أشرف على (عصابة الثلاث) من الحزب لتنفيذ مخططها ؟؟ومن هو الذي وزع هذه البرودة على (أكتاف الشيوعيين) واصدر تلك (الإشارات) للدكتور/خالد المبارك؟؟. نحن ننتظر الإجابة من الأستاذ ع ع إبراهيم.

    ع ع إبراهيم في أحيان أخرى يذهب بعيداً عن منطقة إدانة الشيوعيين، ولكنه سرعان ما يعود بالقارئ لأحضان تلك المفردات والعبارات عندما تصطك الأسنان وتعض الأصابع وتصعب سباكة الكلمات نحو إدانة مزعومة دون دليل..فهو يزرع بذوره وسط الحشائش والغباش. فهل هي حالة (اللصاصة) كما وصفته بها عضوة سودانيزاون لاين (بيان) والتي حملت هذه المقالات وهي تساسق بين (جمام) ع ع ابراهيم والمنتدى، فأحسنت نقلاً فلها اجر المناولة.

    في معرض تحليله لترجمة صلاح احمد ابراهيم لانتحار شيبون يقول ع ع ابراهيم:
    (وبهذا التركيز المجازف على لحظة الموت يصبح المترجم مثل صلاح بطلاً للترجمة بدلاً عن صاحبها الأصلي. ويصح بذلك القائل ان المترجم له يموت دائماً بما اتفق لكاتب الترجمة. فصاحب الترجمة يشحن كل إشارة أو كلمة أو فعل أخير وقع من أو للمرحوم بدلالات ومغاز اتفقت لذلك الكاتب اتفاقاً).

    ع ع إبراهيم صاحب تجربة لا تخطئ هذا الدرب بعيداً، ان لم تكن تطابقه في بعض جوانبها، فقد كان أفنديا منافحاً مضاداً يعاني "وعثاء التفرغ". وهو الآن يفترش أو ينبرش على نعماء الأفندي الآمن، وجعل نفسه عرضة لـ "للعصابات الثلاثية" سريعة الابادة و"الإشارات" الفتاكة و"الأكتاف الباردة"، فهو لم يزل حياً بيننا ولكنه (شق المقابر). فهل يبحث ع ع إبراهيم من وراء تلك العبارات لشحنها بدلالات ومغاز تتفق معه اتفاقاً في انتحاره المعنوي.

    يقول ع ع ابراهيم (ربما كان لعلم النفس ما قاله أو ما سيقوله عن مأساة الرجل. ولكنني لا احسن هذا العلم ولا أريد له متى استخدمناه ان يغطي على السياق السياسي الذي اخذ شيبون إلى مدرج الموت بمصطلحات الكآبة وانفصام الشخصية وعقدة أوديب).
    هكذا يهرب ع ع إبراهيم عن كل ما يعكر صفو تعلقه بإدانة الشيوعيين ويشحذ كل همته من اجل ذلك، ولا يريد لنا أن نستخدم أي تحليل آخر يبارح سياقه هو الذي انتحر به بعد شيبون. وهو لا يريد لنا ان ننظر للجانب الغامض الذي اكتنف شخصية شيبون. ولكننا نبقي في السياق السياسي الذي يريد و نسأله الم تكن شخصية شيبون الجديدة المتكونة في رحم الأفندي الآمن وبكل تفاعلاتها وتناقضاتها هي حالة سياسية جديدة لذلك المتفرغ الجاسر وحملت معها ذلك الغموض والانطواء الذي أصابه من حدة الصراع النفسي الذي تمكن منه تمكناً.

    لقد كان الشاعر شيبون حاضرا بحالته هذه و بمعاناته كأفندي امن ولم يبارح تفكيره مهمة الأفندي المضاد ووسوسة الأفندي الآمن وراحة البال. وظل يتملكه هذا الصراع حول تلك الاختيارات الصعبة التي كم عصفت بكثير من المبدعين والفنانين في التاريخ البعيد والقريب. لقد كان رفض شيبون للعرض الذي قدمه له طلعت ليكون موظفاً يعمل لصالح الحكومة ويقدم خبراته كأفندي مضاد في الاتجاه المضاد هي هزيمة وانتصار في نفس واحدة . وهو القائل (وكما ينحسر ماء النهر في فصل الجفاف تلاشت حماستي وتدثرت بحكمة الجيوش المنهزمة)

    من هنا تأبط الشاعر شيبون المعاناة ليمشي مشوار الأفندي الآمن حيث ترطيبة الماهية وحضن الأسرة وأخذ زوادة من الترويض وجلد النفس الأمارة بسوءات الأفندي المضاد. وصار له منزل و لحقت به أمه وأخته من أقاصي السودان (ديم أبو زبد). كان وصولهما تهنئة له بتلك الأفندية واحتفاءً بالماهية التي كانت تدق لها الدفوف والنحاس في زمانه (ويكون بذلك قد وضع الابن رأسه فرق عينه ورعى قيده) وأدار ظهره لمعاناة (الأفندي الضكر). فهل ماتت همة الشاعر الشيوعي المتفرغ الجاسر وكسرت نعماء الماهية شوكته وهو ينادي سراً ( الآن حلت بي الكارثة) كما قالها الطيب صالح عندما باغتته الشهرة وهو لا يدري. لقد خرج شيبون من عقوق الوالدين كما جاء في وصف صديق ع ع إبراهيم ولكنه وجد نفسه في عقوق من نوع آخر ، لعله من عيار ثقيل أنهك جسده النحيل وفطر قلبه المفتوح على الوطن وكسر فكره الإنساني الذي لا تماهيه الماهية (وعدت اشتغل أفندياً التزم وأتقيد بثمن بخس دراهم معدودات)، وهو يتذكر تلك القصة التي رويت له في إحدى قعدات المدرسين، عندما دارت مشكلة (عكة) بين أهل العريس وأولاد عم العروس ونادي منادي متمادي: الراجل امرق جاي لي بره والنسوان والأفندية انصرفوا غادي(وهو يعني بلا شك المدرسين أصحاب "المواهي).

    ظل شيبون يقضي يومه بوجبات دسمة من تلك المعاناة ولم يشفي غليله حضن أمه وأخته والماهية واحترق كما تحترق أعواد فرك النار.

    الصادق عبد الباقي
    السعودية- الرياض

    مقالات عبد الله على ابراهيم عن شيبون
                  

05-25-2008, 07:45 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ (Re: عبدالله عثمان)


    شيبون وصلاح أحمد إبراهيم (2)
    كم عاصفةٍ مرّتْ ولم تنسَ أياديها البذور
    خالد أحمد بابكر

    يا رياح الموت هُبي إن قدرتِ اقتلعينا
    إعملي أسياخكِ الحمراء في الحي شمالاً ويمينا
    قطِّعي منا الذؤابات ففي الأرض لنا غاصت جذور
    شتتينا، فلكم عاصفةٍ مرّت ولم تنسَ أياديها البذور
    زمجري حتى يُبحَّ الصوتُ، حتى يعقبَ الصمتُ الهدير
    اسحقينا وامحقينا
    تجدينا.. نحن أقوى منكِ بأساً ما حيينا

    بعث إليَّ الدكتور عبد الله علي إبراهيم برسالة يقول فيها: « شكراً لاطلاعي باكراً على مقالكم عن شيبون. وسأعود إليه متى عدت قريباً لتنقيح ما كتبته عنه لدورتين اختلف فيهما مزاجي الكتابي بعد انفتاح أرشيفات جدَّت. وأنوي نشر الخلاصة. لم يكن شيبون في أولويات التأليف، علقتُ عابراً على كلمة القطي، ولم أكن أظن أنه سيشغلني لأكثر من حلقتين فإذا به يتسع ويتمدد وكل ذلك بفضل من وفروا لي مادة لم تكن بيدي أول عهدي بالموضوع. وهذه من صدف التأليف السعيدة. فقد لقيت سودانيين بلا حصر قالوا لي أنهم علموا عن الرجل علماً لم يتهيأ لهم من قبل. ولم أرد غمط حقك لأنني بالفعل لم أكن أنوي سوى تعقيب عابر عن الرجل ثم أمضي لغاية أخرى. والحمد لله. بدا لي من مقالك أنك لم تقرأ خاتمة مقالاتي أو قرأتها على عجل لأن فيها ما لم تثره لعودتك لمنزلة صلاح من شيبون. وسأرفقها هنا بأمل أن تعين في الأمر لأن أي تعليق لي على كلمتك لن يخرج في كثير أو قليل عن كلمتي الخاتمة هذه. ومرحباً بقولك بعد قراءتها أو إعادة قراءتها. ولك مودتي».
    انتهينا فيما سبق إلى أن الدكتور عبد الله علي إبراهيم سعى في مقالاته إلى تبرئة الحزب من وزر انتحار الشاعر محمد عبد الرحمن شيبون. وحابى القيادة محاباة المحبين، حين سمّى ما كتبه الأستاذ صلاح أحمد إبراهيم عن شيبون بـ (الكتابة المغرضة). ومعلوم أن صلاح وشيبون كانا على خلاف مع قيادة الحزب الشيوعي، خلاف لم يشأ الشيوعيون أن يخرجوه من الأضابير حتى يوم الناس هذا، وفيهم من يعلمه، وهو ما يبدو لنا فيما قاله د. عبد الله علي إبراهيم: « اتفق الرفيق حسن سلامة والأستاذ عبد الوهاب سليمان أن أستاذنا عبد الخالق محجوب لم يكن يرتح لشيبون. بل ألمح لي الإنسان الشيوعي الحبيب حسن سلامة (طال عمره وخيره ونبله) من أن شيبون ربما دخل في مواجهات مع أستاذنا بحكم كتاباته الأدبية. ويرى حسن سلامة أن قصيدة (تذكر يا أخي) المنشورة بجريدة (الصراحة) هي موجهة إلى أستاذنا تذكرة له بوثائق القضية التي جمعت بينهما. ومن أسف إننا لم نقع بعد لا على القصيدة ولا ردة فعل أستاذنا لها. وسنترك مناقشة الأمر هنا حتى يتوفر لي أو لغيري الوقوف على جلية الأمر. ووجب التنبيه مع ذلك إلى أن ما يكتبه الكاتب مرة ليس هو رأيه في كل مرة. فقد نشرت أنا نفسي كلمة جافية بحق أستاذنا في عام 1968م ثم ما لبثت أن وجدتني أخطو خلفه في السكة الخطرة. وأحبه جداً».
    كنت وما زلت على يقين بأن الحديث الذي ساقه الدكتور في حق شيبون لم يكن توثيقياً تاريخياً لمسألة الانتحار والحيثيات والملابسات، بل كان حديثاً مفعماً بالعاطفة الجياشة تجاه قياة الحزب. ود. عبد الله علي إبراهيم لا يمل من الإشادة والتكرار بشغفه للأستاذ الشهيد عبد الخالق محجوب، بدليل أنه قلل من شأن الإشارة الواردة في حق شيبون من صديقه صلاح أحمد إبراهيم، وهو منهج في البحث ينطوي على قدر كبير من التدليس وعدم الوقوف على الحقائق بالصورة الموضوعية التي ينبغي له أن يتبعها ما دام هو الباحث المدقق وأستاذ التاريخ المعروف، يقول: «التبست معرفة الأجيال العاقبة بالمرحوم الشاعر محمد عبد الرحمن شيبون بخصومة الشاعر صلاح أحمد إبراهيم مع قيادة الحزب الشيوعي. فلم يبق من مأثرة شيبون سوى مقطع من مقال نشره في 1960م قبل انتحاره في أكتوبر 19
    61م حشى به صلاح بيت شعر له في ديوانه (غضبة الهبباي). والبيت وهامشه يُحمّلان قيادة الشيوعيين وزر موت شيبون، حنجرة الشعب، المأسوي. ولم يرد ذكر لشيبون عند صلاح أبداً إلا كبينة على جفاء الحزب الشيوعي واستهتاره بحياة مناضليه. وقد عاد صلاح إلى هذه المادة في مبارزاته الشهيرة مع المرحوم عمر مصطفى المكي».
    إذا كانت شهادة الأستاذ صلاح أحمد إبراهيم مجروحة في رأي د. عبد الله، فهي بذات القدر تنطبق على شهادته هو، لموقفه العاطفي المؤكد من قبله نحو القيادة وحبه لأستاذه الذي تكرر كثيراً في ما كتبه. ثم ما الذي يمنع صلاح من أن (يحشو هامشه الشعري) – حسب وصف الدكتور – بما أورده شيبون نفسه في احتجاجه الموجه ضد القيادة والرفاق الذين تخلوا عنه؟ هل جاء الأستاذ صلاح بهذا الحديث من خياله وتأويله؟ أم هو ما قاله شيبون؟ لماذا لم يحتج د. عبد الله على ما ورد في كلمة شيبون؟ بل نراه حين يتحدث حديثاً صارماً عن القيادة الشيوعية – لا يتحدث بلسانه هو، وإنما بلسان صلاح أحمد إبراهيم. لاحظ تعبيره هذا «ولم يرد ذكر لشيبون عند صلاح إلا كبينة على جفاء الحزب الشيوعي واستهتاره بحياة مناضليه». فهذا القول (بمعناه لا بلفظه) لصلاح وليس للدكتور عبد الله. أما حديثه عن عودة صلاح لهذه المادة (يقصد شيبون) يحاول عبره أن يخترع اتهاماً لصلاح بأنه توقف في الحديث عن شيبون أو نسيه تماماً – كما توحي به العبارة – وعاد له مرة أخرى في معركته مع عمر مصطفى المكي في 1968م. وهو اتهام باطل لا تسنده حجة، لأن صلاحاً ظل وفياً لشيبون، وكتب كلمة سديدة بحقه جُعلت إهداءاً لديوان (نحن والردى) الصادر في العام 2000م بعد رحيل صلاح.
    اعترف د. عبد الله علي إبراهيم فيما كتبه حول شيبون في أنه بث بعض لواعجه اليسارية، وعزا ذلك لما سماه الأفندي المضاد والمحب لعبد الخالق محجوب. وهو ما يؤكد ما ذهبنا إليه آنفاً، يقول: « لم أمتنع على بث بعض لواعجي اليسارية من بين سطور سيرة شيبون. وهذا شغل الكتابة. فالكتابة هي جماع مادة خام يهجم عليها الكاتب بخبراته فينشأ خلق جديد لم يكن (في الحري ولا الطري). وقد جئت لكتابة سيرة شيبون بخبرتي كأفندي مضاد وشيوعي سابق ومحب لعبد الخالق وابن ذي علاقة خاصة بوالدته الحاجة جمال ومشغول بالإبداع ومآلات حركة التجديد الاجتماعي والبعث الوطني ومغترب».
    لا أدري ما الصلة بين قول الحقيقة وحب الأمهات والأساتذة؟ كلنا نحب أمهاتنا وأساتذتنا، لكن ذلك الحب لا يحمل المرء على مجافاة الحق أو يمنعه من البحث عنه. وقد رأينا أن الدكتور عبد الله علي إبراهيم وقع في ذات الأمر الذي عابه على المرحوم عبد الرحمن الوسيلة ورفاقه الذين اختاروا الدفاع عن الحزب بدل الترحم على شيبون والبحث عن أسباب انتحاره الحقيقية. فهو قد قال بالحرف: « وقد مضى أمر شيبون وصرنا للمقبل. ولكن هناك من (قبَبَني) من الشيوعيين خلال كتابة مسلسل شيبون يريدون أن يعرفوا بنفاد صبر طفولي إن كان الحزب بريئاً من انتحار شيبون. وهم من النفر الشيوعي الذين سماهم السيد صالح بيرة للأستاذ الشفيع أحمد الشيخ (ناس دفن الليل أب كراعن بره). قالوا لي (إما أن تبرئ الحزب أو قوللي رافد (في عصبية اشتهرت عن بوليس شايقي). وهكذا يريدون إعادة التاريخ إلى 1961م يوم انشغل الأستاذ عبد الرحمن الوسيلة بـ (الدفاع عن رفاقي حتى الموت) في وجه اتهام للحزب بدفع شيبون للإنتحار، على ضوء مكتوب من المرحوم، ولم يمضِ على موت المرحوم سوى أسبوعين. وكان بوسع الوسيلة ورفاقه حيلاً لا تُحصى للتخلص من هذا الموقف الحرج بنعي المرحوم حقاً، وبلطف العبارة وكياستها، ورد التهمة إلى نحر صاحبها لإثارتها وخيط دم جراح المرحوم لم تجف. ولكنهم اختاروا الدفاع عن الحزب بدلاً عن الترحم على المغفور له إن شاء الله».
                  

05-25-2008, 07:48 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ (Re: عبدالله عثمان)


    عصمت العالم
    للمتابع لسيرة الحزب الشيوعى وخلافاته .وانفصاماته..يجد كثير من النتوءات.والمطبات ..والموانع.فى الرصد والحكايه.. فى غياب للحربات.وديكتاتورية الممارسه بقوانين غاشمه اشبه بقوانين المافيا والعصابات.والحزب فى ابان سطوته.كانت فيه مناطق ومراكز للنفوذ ومراكز الاستلطاف.وششلليه مترابطه..تتفق فى الهجوم والدفاع باساليب متعدده ولا تخلو من خبث ووشايه...ولعل للستار الحديدى وقتها ممثلا فى سكرتارية الحزب وما يحيط بها من رفقاء خلص.يخشون ولا يختشون..خلق مجموعات متنافره ومتصارعه...دافعت عن سكرتارية الحزب حين هاجمها صلاح احمد ابراهيم..اعنى عمر مصطفى المكى..والذى كان احد اضلاع الانقسام الذى مهد للاطاحه بالحزب وذبح سكرتيره..وهم الذين رسموا كل ذلك وبدقة وحقد وتشفى.وهم مجموعه ...معاويه سورج.احمد سليمان.عمر مصطفى المكى عبد الله عبيد..ورهط كبير بابكر بوب..ومحاسن عبد العال...

    ولعل للمراجع لسيرة الحزب فى نهج تصفيته يجب ان يتعرض لحالة الجنيد على عمر.وعبد الرحمن الوسيله..وما اصابهم .وبالطبع ان اكبر هزيمه للحزب الشيوعى السودانى هى حالة سكرتيره الاسبق الذى يتجول فى الطرقات فى حالة الذهول والغياب العقلى..
    ومسلسل االكيل بمكيالين ظلت تمارس خفية وعلانيه فى اروقة الحزب ..ومن خلال صقور المواجهه ومراكز القوى..ولعل كل ذلك الكبت قد انفجر حين اتت مايو وهى ترفع شعارات الاشتراكيه وتفتح البوابات لانسام من برجزة الحريات التى راقت للمنشقين فقرروا ذبح عبد الخالق محجوب ومن معه..وقد فعلوا ذلك...
    دكتور عبد الله على ابراهيم.هو ذلك الملاح التائه الذى فقد بوصلة الاتجاه..وهو يحاول ان يخلع جلباب اليساريه ليدخل فى جلباب الاسلمه من موقع الاستقطاب..وظلت حساباته فى خط الرصد والرؤيه..وصدق حساب التوقعات..وبالطبع كان يامل فى نيل الحظوه فى موقع يشار له بالبنان لكنه فقد البصر والابصار .زفى تخبط تهافته..وان حكى عن صلاح فحكاياته يقف ورائها الحقد والكراهيه والانتقاد والتشفى لما ناله صلاح من صدى واتساع وحب وشهره..
    وانتحار شيبون كان وصمة عار للحزب الشيوعى وللقياده مهما حاولت التملص كان هنالك من هم وراء ذلك بضغوط نفسية بالغه وعزل اجتماعى وحرب نفسية شعواء ..والشيوعيون يجيدون ذلك بشكل منقطع النظير...
    العزيز خالد...


    شيبون وصلاح وعبد الخالق..وعمر مصطفى ومعاويه سورج..اصبحوا فى ذمة الموت..

    لكن تبقى المواقف كما هى من احداث وقعت وتجنب الشيوعيون من امثال دكتور عبد الله على ابرهيم تجنب الخوض فيها.ومنها...

    هروب عبد الخالق..
    مذبحة القصر...
    ملابسات القبض واعدام عبد الخالق..
    ظروف اعدام الشفيع احمد الشيخ..

    ولعلك ترى الان انهم فى برلمان النظام يتحدثون ويتقون الاتاوه ويعيشون مع الانقاذيين تحت سقف واحد...ويهاجمون بعضهم البعض..ولعلك تدرك اسباب هجوم سعاد ابراهيم احمد على فاطمه احمد ابراهيم...

    امثال دكتور عبد الله على ابراهيم يعيشون على فتات القوم فى زمن اعتقدوا فيه انهم قد انتقلوا من اليساريه الى الاسلام من واقع تقدم العمر ..وقصر السمافه الى القبر...
    واخيرا
    ...

    على الشيوعيون ان يكتبوا تاريخ الحزب بكل مافيه من صراعات وتحزب ومراكز قوى..وتشرزم وانقسامات..وان يبينوا سنوات الظلام والنور فيه...ولعل التاريخ السياسى يجب ا يكتب بمسئوليه وتجرد وامانه..\
    وغدا ستسمع الكثير عن دكتور عبد الله على ابرهيم..وامثاله الذين ينتظرون نداء الاستقطاب صفوفا متراصه.تريد الانخراط والانسجام لان ما مضى لن يعود...
    ليظل .الخير مصلوبا على ابواب المدينه...!!

    عصمت العالم
                  

05-24-2008, 08:20 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ (Re: عبدالله عثمان)


    شيبون وصلاح أحمد إبراهيم
    كنت كتبت في الملف الثقافي للصحافة بتاريخ 18/3/ 2005م كلمة تحت عنوان «شيبون وصلاح أحمد إبراهيم والخروج على القيادة»، وقد عقّب عليها الكاهن عبد الله الحاج القطي بكلمته المنشورة بتاريخ الأول من أبريل 2005م. وبعد أكثر من شهر كان الدكتور عبد الله علي إبراهيم قد بدأ نشر مقالاته المتتابعة بالصحافة حول انتحار شيبون. اللافت أن صديقنا الدكتور افتتح مقالاته بكلمة استعرض فيها ما جاء عند القطي دون أن يشير لما تناولناه من محاور، أو يذكرنا باعتبارنا من بادر في الكتابة حول هذا الشأن، بل اكتفى وأمّن على ما قال به القطي، يقول: «أجدني متفقاً جداً مع رفيقنا عبد الله الحاج القطي في دعوته أن يكف بعضنا عن هذا الحب القاسي للمرحوم صلاح أحمد إبراهيم. وأول مظاهر قساوة هذا الحب هو الأخذ بشهادة صلاح عن أستاذنا عبد الخالق محجوب كمسلمات لا يأتيها الباطل. وهذا سوء أدب في عرض خصومة (أصبح أفرادها في ذمة التاريخ). وخشي القطي ألا يكون هذا الحب لصلاح لوجه الرجل بل نكاية في الحزب الشيوعي. ونبه بذكاء أنه بقدرما كتب الناس عن صلاح فهم لم يتجاوزوا واقعته عن الحزب الشيوعي. وعلى أهمية هذه الواقعة في حياة صلاح فإنها لم تأتِ على حصيلة عمره الحافل السديد القصير. والحق إنك لا تقرأ للمروجين لصلاح الشيوعي المتمرد كتابات عن عوالم الرجل الغنّاء».
    يصح أن نقول بأن شهادة الدكتور عبد الله علي إبراهيم في هذا الموضع – هي شهادة مجروحة، فهو قد سعى منذ البداية في مقالاته إلى تبرئة الحزب الشيوعي، ليس لإظهار الحق فحسب، بل تحيزاً واضحاً يتبدى لكل من اطلع على تلك المقالات التي اكتنفها الغموض البائن حول انتحار شيبون، وعلى من تقع المسؤولية؟ بدا لنا من خلال ما ساقه أن الحق له وحده في انتقاد القيادة الشيوعية، وليس سواه. ولاينبغى لهذا الحق أن يؤتى لأحد غيره، وإلا سوف يقع تحت طائلة ما سماه المروجين لصلاح الشيوعي المتمرد أو الآخذين بشهادته عن المرحوم عبد الخالق محجوب. وإن قُدِّر لك أن تتناول سيرة صلاح وشيبون والحزب الشيوعي، ليس لك إلا أن تنتظر الدكتور عبد الله ومن شايعه أن يمنحوك الإذن وصكوك الكتابة، حتى يتسنى لك أن تقول قولاً صوابا!!. فهو قد انتهى إلى القول بأن: «الحب القاسي هو حب مناصري صلاح هؤلاء لصديقه المرحوم الشاعر محمد عبد الرحمن شيبون. فهم – كما يقول – يحبونه بالعدوى من صلاح لا عن علم بالرجل وأدبه»!!
    ونحن نقول: لماذا صمت الدكتور عبد الله علي إبراهيم طوال هذه الفترة ولم يكتب ولا سطراً واحداً عن حياة شيبون المنتحر إلا بعد أن طرقنا على الموضوع طرقاً خفيفاً بما نعلم؟ الثابت أن هذه الحساسية المفرطة من قبل قُدامى الشيوعيين تجاه الأستاذ صلاح أحمد إبراهيم – خاصة الميّالين نحو القيادة – يضمرون عداءاً كبيراً للحق ولكل من أراد أن يظهره على الناس ولو بحسن نية.
    المعروف أن الأستاذ صلاح أحمد إبراهيم ذكر في (الصحافة 23 يوليو 1967م) أن فصل شيبون من الحزب أواخر 1957م كان بمثابة سقوط لمثله الأعلى كشف له عن خساسة وضعة، وقد رمى به (هذا الفصل) في حالة مفضية إلى الانتحار (الحالة التي انحصر فيها شيبون فقضت عليه. وهذا ما أورده الدكتور عبد الله علي إبراهيم بالنص في سياق حديثه (الهوائي) عن فصل شيبون من الحزب الشيوعي. وأنا أقول (الهوائي) لأن الدكتور لم يستند عليه، فهو في سياقات أخرى قد تعمد التشكيك في كلمة صلاح عن فصل شيبون، وتراه يؤكد على أن شيبون جرى تفريغه ككادر، بمعنى أنه لا يعتمد مسألة (الفصل) هذه ولا يعوِّل عليها كسبب رئيس من أسباب الانتحار.
    هذا، وقد علّق كهل القصة في السودان عثمان الحوري على مقالات الدكتور عبد الله علي إبراهيم بذات النظرة المتحيزة، وبذات الفهم الشيوعي لدى عواجيز الحزب، فقال: «ورغم فشل مشروع صلاح أحمد إبراهيم في إلصاق تهمة القتل بعبد الخالق فإن انتحار شيبون يظل لغزاً محيراً. أما أسلوب د. عبد الله في البحث عن مسألة انتحار شيبون فهو أزمة جديدة من أزمات السودان في القرن الواحد والعشرين. وهي أزمة قد تبدو فردية وتخص د. عبد الله وحده ولكنها في الحقيقة أزمة عامة تتعلق بأسلوب البحث العلمي».
    وقد أعجبني قول الدكتورة نجاة محمود أحمد الأمين في أطروحتها عن الراحل صلاح قائلة إن الفضل كله يرجع إلى صلاح في أن يبقى شيبون (حنجرة الشعب) في ذاكرة الشعب.. فلولا أنه خلده في تلك القصيدة لمات واندثر مثلما مات العشرات من المنسيين في تاريخ الثقافة السودانية.. ولما وجد د. عبد الله علي إبراهيم داعياً في أن يتقفّى حياته ليخرجه من عباءة حب صلاح القاسي له.. لنعرف الحياة القصيرة لبطل من زماننا.. ولموته المفجع.
    كتب عبد الله علي إبراهيم في خاتمة مقالاته عن شيبون يقول: «حاولت في سلسلة مقالاتي عن المرحوم شيبون التي أختمها اليوم فك ارتباط مأثرته ومأساة انتحاره عن تدوين وتأويل صديقه المرحوم صلاح لهما. فقد نفث صلاح في عرض محنة شيبون غضبته هو نفسه على الحزب الشيوعي وعلى أستاذنا عبد الخالق محجوب. فقد قال إن شيبون هو ضحية من ضحايا أستاذنا. وأستاذنا عند صلاح واحد من ستاليني (جمع ستالين) المناطق الحارة. واستطرد قائلاً: وقد كان أكثر همي في هذه المقالات أن نحصل على علم أفضل بمحنة شيبون مما علمنا صلاح منذ أن نظمه في قصيدته (أنانسي) في ديوان (غضبة الهبباي) الصادر في 1965م. وقد حاولت رد هذه المحنة إلى البيئة السياسية والاجتماعية التي اكتنفت حياته القصيرة».
    فهل أحدث الدكتور عبد الله معرفة مختلفة عن هذه النهاية المأساوية؟ لا أظن ذلك، فهو قد اكتفى بالدوران حول انتحار شيبون بطريقة درامية مسرحية، مرتكزاً على ذات الفهم والنقطة التي أشار إليها صلاح في أن شيبون حورب وحوصر وقاطعه الرفاق والأصدقاء. وهو ذات الأمر الذي حمل الدكتور خالد المبارك على قوله بكل الصراحة والصدق مع النفس. فقد انتهى في بسالة إلى أنه كان من الذين خاصموا شيبون وقاطعوه، وذكر أنه تفاداه مرة عملاً بما صدرت به الإشارة. فهل كانت القيادة الشيوعية على علم بهذا الحصار؟ أم أنه تم بواسطة أفراد وكوادر داخل الحزب لهم وزنهم وثقلهم؟
    المعروف كذلك أن صلاحاً فُصِل من الحزب الشيوعي، والثابت أنه بعث برسالة لسكرتير الحزب من (أكرا) يستوضح فيها إن كان فصله صدر من قيادة الحزب، أم أنه تجاوز من عمر مصطفى المكي، لكنه لم يجد رداً لها. وكان المرحوم عمر مصطفى المكي وهو أحد قادة انشقاق الحزب في 1970م يقول إن صلاحاً بعث لنا برسالة تجاهلناها!! وعمر مصطفى المكي وأحمد علي بقادي هم اللذين قادا هجوماً منظماً ضد صلاح عند صدور مجموعة البرجوازية الصغيرة في 1958م، حين خلعت إحدى القصص إسمها على عنوان المجموعة فتصدى له هؤلاء النفر تحت عنوان «صلاح أحمد إبراهيم يتردى في الدرك الأسفل». ويعلم الجميع أن الأستاذ عمر مصطفى المكي هو الذي صاغ بيان فصل صلاح من الحزب باسم رابطة الطلاب الشيوعيين بجامعة الخرطوم، ومعروف عنه اختفاؤه لست سنوات هي عمر (حكومة عبود)، وقد نشر فيما بعد مذكراته (ست سنوات تحت الأرض) بصحيفة (الميدان) 1964/ 1965م.
    من الإنصاف القول أن صلاحاً أقذع في هجومه على عمر مصطفى المكي، وسدد ضربات موجعة لقيادة الحزب، ممثلة في الشهيد الأستاذ عبد الخالق محجوب الذي كان ذا أريحية منقطعة النظير. فلم يرد على كل ما ساقه صلاح رحمه الله ضده، بل هناك من دافع عن الحزب والقيادة التنظيمية كالدكتور خالد المبارك الذي كتب كلمته (الأرضة جربت الحجر) في صحيفة الأيام في نحو 1967م.
                  

05-24-2008, 08:21 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ (Re: عبدالله عثمان)


    تعقيب على مقال شيبون وصلاح أحمد إبراهيم والخروج على القيادة
    دعوة لإنصاف عبد الخالق ولإنقاذ صلاح أحمد إبراهيم من هذا الحب القاسي
    عبد الله الحاج القطي

    من الحكايات المشهورة عن أهلنا الرباطاب أن أحدهم وأثناء تحركه داخل القطار تعثرت قدمه فوق ساق احد الركاب فقال له الراكب:«ارفع كراعك من رجلي» فقال له الرباطابي:«قسماً لن ارفعها إلا بعد أن اعرف السبب الذي جعل حقتك رجل وحقتي كراع».
    وهذا عين ما يفعله بعض من يتناولون الخلاف الذي دار في تاريخنا السياسي بين الشاعر صلاح احمد إبراهيم والأستاذ عبد الخالق محجوب.
    ومن هؤلاء الأستاذ خالد أحمد بابكر الذي يبدو انه شديد الإعجاب بما ينسب إلى الشاعر صلاح أحمد إبراهيم من وصف للأستاذ عبد الخالق محجوب بأنه «كان يوظف عينيه الكبيرتين النافذتين بدهاء للسيطرة على الحاضرين في ندواته».
    يبدو انه شديد الإعجاب بهذا الوصف حيث انه ما يفتأ في مساهماته عبر الصحف يضمنها هذا الوصف المرة تلو المرة، بل هنالك مقالات نشرها أكثر من مرة عبر أكثر من صحيفة متضمنة هذا التعبير حول «توظيف العينين الكبيرتين النافذتين..الخ». وكانت آخرها مساهمته التي نشرها عبر صحيفة «الصحافة» بتاريخ 18/3/2005م تحت عنوان «شيبون وصلاح أحمد إبراهيم والخروج على القيادة».
    وأصبح بذلك أشبه بذلك الطالب الذي أصرَّ في امتحانات الشهادة السودانية على الإجابة في مادة التاريخ عن سياسة بسمارك الخارجية، رغم أن السؤال كان عن سياسته الداخلية.
    وبالطبع مثله مثل كثيرين لا ينسى الأخ خالد ولا يمل من تكرار القول والشكوى من السباب والشتائم والتجريح والتشفي الذي طال صلاح، وتصوير الأمر وكأن عبد الخالق لم يكن سكرتيرا لحزب وإنما كان زعيماً لعصابة تتحرش بالآخرين.
    وبالطبع هاك يا حديث أثناء ذلك عن «كشف المستور وما كان يدور خلف الستور» راجع مقالته في «الصحافة» بتاريخ 18/3/2005م. ولا يتردد أحد الذين يستدل بهم الأخ خالد من وصف نفسه بأنه من الذين يتحركون بالإشارة، فنجد الأستاذ خالد المبارك يقول: «بأنه كان من الذين استهدفوا صلاح عندما صدرت الإشارة بذلك» وهو بالطبع - أي حديث الأستاذ خالد المبارك - يكفي لجرح أية شهادة يدلي بها بعد ذلك.
    والغريب أن الأخ خالد يعلق على شهادة الأستاذ خالد المبارك المجروحة بأنه كان «يطمع لو أن الدكتور خالد أفاض في الأمر وأوضح للتاريخ عن ماهية الدوافع التي حملت الشاعر صلاح أحمد إبراهيم لأن يجنح إلى معاداة القيادة التنظيمية المتمثلة في شخص عبد الخالق».
    مع أن المنطقي والطبيعي هو أن يسأل الأستاذ خالد المبارك عن الذي أصدر تلك الإشارة، وكيف كانت تصدر تلك الإشارات مع ملاحظة أن الأستاذ خالد المبارك ليس شخصاً عادياً أو أمياً حتى يتحرك بالإشارة.
    عزيزي الأخ خالد أحمد بابكر، اعتقد أن المناقشة بهذا الأسلوب وتناول قضايا أصبح أطرافها في ذمة التاريخ أمر لا يفيد القارئ كثيراً، بل هو مضر أو حسب التعبير القرآني البليغ :«وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به، ولو أنهم ردوه إلى الله والى الرسول لعلمه الذين يستنبطونه منهم» الآية. والمناقشة بهذه الطريقة أشبه ما تكون بالأحاديث التي تدور في صيوانات المآتم لا ضابط لها ولا رابط. وهي لا تفعل أكثر من إيغار الصدور ومن أن تنكأ جراحاً يجب أن تندمل.
    وحين يذكر الأخ خالد بأنه سأل الدكتور عبد الله علي إبراهيم عن حيثيات دفاعه عن صلاح عبر صحيفة «الميدان» وانه أي- د. عبد الله علي إبراهيم - قدمها له فإنه بدل أن يشرك القارئ معه في الإطلاع على تلك الحيثيات، نجده يفضل الاحتفاظ بها لنفسه والاستمرار في الحديث عن الشيوعيين وتجريحهم وتشفيهم..الخ.
    الراجح أن الأخ خالد قد وجد أن حيثيات د. عبد الله علي إبراهيم لا تتوافق مع ما يروج من التشفي والتجريح وصدور الإشارات للبعض بأن يستهدفوا صلاح.
    ولكن لحسن حظ القارئ فإن الدكتور عبد الله علي إبراهيم سبق له أن أدلى بشهادته عبر صحيفة «الصحافة» بتاريخ 4/12/2001م، فماذا قال الدكتور عبد الله؟
    ذكر الدكتور عبد الله علي إبراهيم عبر ذلك اللقاء الصحفي الذي أجراه معه الطاهر محمد علي طاهر بأنه ذهب إلى عبد الخالق واشتكى له من توقف صحيفة «الميدان» من نشر مقالاته التي دافع فيها عن صلاح وأنه - أي عبد الخالق - «استمع لحديثي طويلاً ووعدني باتخاذ قرار في هذا الموضوع، ويبدو انه اجتمع مع المكتب السياسي وعرض عليه الأمر واقر المكتب أن تنشر المقالات بتوضيح يبين موقع صلاح من الحزب الشيوعي كعضو وكشاعر. وبالنسبة له كعضو في الحزب انتهى وكشاعر فلا مشكلة معه. وكتب المقدمة عبد الخالق نفسه وأعيد نشر المقالات هذا موقفنا من صلاح - والحديث لا يزال لعبد الله علي إبراهيم- يعني في صحيفة «الميدان» في ذلك الوقت رئيس تحرير مجروح وسكرتير الحزب أيضاً مجروح ويفرض عليهما نشر مقالات كتلك التي نشرت أمر في غاية الإنصاف». راجع «الصحافة» بتاريخ 4/12/2001م.
    وهنالك شهادة أخرى بنفس المعنى نشرها د. عبد الله علي إبراهيم بصحيفة «الرأي العام» عبر عموده «ومع ذلك» تحت عنوان «غضبة صلاح أحمد إبراهيم وحلم عبد الخالق محجوب». وهناك أمر أهم من ذلك وربما نسيه د. عبد الله علي إبراهيم مع تطاول السنين، وهو أن مقالات صلاح نفسها نشرت في «الميدان» رغم ما فيها من سباب وتجريح للأستاذ عبد الرحمن الوسيلة ولناشئة المناضلين حسب التعبير الذي فضله صلاح.
    واذكر القارئ العزيز بأن عبد الخالق وعبر صحيفة «الميدان» نفسها ذكر بأن أغنيته المفضلة هي أغنية «الطير المهاجر» كلمات صلاح أحمد إبراهيم. ولم ينس عبد الخالق بالطبع عبر ذلك اللقاء الصحفي أن يذكر الصحافي الذي أجرى معه الحوار بأن تناول الأدب يجب أن يكون عبر وسائل أدبية وألا يدخل الناس للأدب عبر بوابة السياسة.
    والغريب في موقف الأخ خالد هو إصراره على المضي على نهج «رجلين صلاح وكرعين عبد الخالق»، حيث يصف ما يقوله الشيوعيون بالسباب والشتائم والتجريح، ولا يوجه صوت لؤم ولو لمرة واحدة لتعابير صلاح من نوع: «تمكن الانتهازية من عمر مصطفى المكي تمكن الشلوخ من خدوده» بل أنه - أي الأخ خالد - ربما يطرب لهذا الوصف- وأكثر من ذلك يؤخذ حديث صلاح كمسلمات لا يأتيها الباطل من أي اتجاه، وكأنما أوصاف صلاح لقيادة الحزب بالفوقية أو أن عبد الخالق «جعل الناس ينظرون إليه مثلما أنهم ينظرون إلى سلطان أو ملك» كأن هذه الأوصاف أمور مفروغ منها أو كأنها من المعلوم بالضرورة عن عبد الخالق ومتفق عليها من الجميع.
    وحتى الذين ردوا على صلاح نجد الأخ خالد يصفهم قائلاً: «بأنهم قوم عمدوا إلى نسج خيوط التآمر ضده وتشويه صورته» راجع مقالة الأخ خالد بتاريخ 18/3/2005م بصحيفة «الصحافة».
    وللمرء أن يتساءل هل الدفاع عن صلاح يقتضي بالضرورة أن يظلم عبد الخالق والشيوعيون؟ ولكن لا عليك يا عبد الخالق فلقد أنصفك الذين يعرفون أقدار الرجال.
    فها هو المؤرخ الدكتور رفعت السعيد يصف الأستاذ عبد الخالق بأنه «تجربة نادرة».
    ويقول عنه:«في الزمان الجميل كان اسم عبد الخالق محجوب يفوح عطراً ذا جاذبية خاصة. ورغم أن فارق السن ليس كبيراً- مجرد بضع سنوات، إلا أن اسمه كان يجري تقبله بوجل واحترام».
    كان ذلك في عام 1952م حسبما ذكر د. رفعت السعيد الذي يواصل قائلاً: «وأصبحت اسبح في بحر سوداني وعبر هذا البحر سمعت كثيراً جداً عن عبد الخالق.. احكي عن مصر يحكون عن السودان.. احكي معهم عن السودان يحكون عن عبد الخالق.. كان أيقونة يعلقونها جميعاً في أعناقهم فعلقتها مثلهم في عنقي».
    ويمضي رفعت السعيد إلى القول:« عبد الخالق لم يكن قائداً سياسياً فقط، كان مفكراً مستنيراً وتنويرياً يعرف أن الحزب لكي ينمو يتعين عليه أن ينمو في مناخ منفتح ومتفتح ومستنير، فقام بالجهدين معاً.. كان ثورياً مثقفاً وكان مثقفاً ثورياً وفعل الاثنين معاً في تجربة نادرة».
    ويذكر الأستاذ محمد احمد المحجوب في كتابه «الديمقراطية في الميزان» انه إبان ترحيلهم إلى سجن الرجاف في عهد الدكتاتورية العسكرية الأولى، بدأ مع عبد الخالق في ترجمة كتاب للمفكر الروسي بلخانوف ويقول: «إنني اعرف عبد الخالق منذ عشرين عاماً. واعرف انه كان يتميز بشجاعة ونزاهة نادرين، وانه قد بذل جهداً كبيراً للتوفيق بين التعاليم الماركسية الثورية وقيم الثقافة العربية الإسلامية».
    أما محرر صحيفة «الأضواء» فيقول عبر لقاء صحفي أجراه مع عبد الخالق في عام 1968م :«لولا انه يحمل فكراً اشتراكياً ويدعو له لظن كل من يراه من بعيد انه أرستقراطي من الدرجة الأولى، ينتقي كل شيء بحساب، ملابسه الأنيقة ولون سيارته «الكريم» وكلماته الدقيقة مع المنظار الأسود الفاخر.
    وعبر لقائي به اختفت هذه الصورة البهيجة عن ذهني تماماً، فبمجرد بداية حديثي معه أحسست أنني أمام رجل متواضع.. قوي العبارة.. كلماته قاطعة مع إيمان لا حد له بالعمل السياسي الذي يقوم به ويؤديه».
    وتذكر الأستاذة سعاد إبراهيم احمد أنها اختلفت معه كثيراً ولم تشعر إطلاقاً أن الخلاف معه يسبب أية مشاكل.
    ونعود إلى شاعرنا العظيم صلاح احمد إبراهيم الذي ازعم انه قد ظلم أكثر ما ظلم من قبل المزايدين والذين قدموه لأجيال تلو أجيال وكأنه لا عطاء له سوى قصيدة «أنانسي» في هجاء الأستاذ عبد الخالق، مرددين بلا كلل وبمناسبة وبدون مناسبة كلماته في الإساءة للأستاذ عمر مصطفى المكي. وكثيرون من الذين يدافعون عن صلاح لا يفعلون ذلك حباً في صلاح وإنما نكاية في الحزب الشيوعي وفي عبد الخالق، لأنه لا علاقة لهم بالأدب أصلاً. ولذلك جاء حديثنا عن ضرورة إنقاذ صلاح من هذا الحب القاسي والمنافق. واعتقد أن هؤلاء المدافعين المزعومين عن صلاح كانوا سيفيدون الناس أكثر ويقدمون خدمة كبيرة للأدب السوداني لو تمت من قبلهم دراسة موضوعية لأدب صلاح، لولا أنهم خلطوا السياسي بالأدبي في حديثهم عن صلاح. وكان من الممكن أن ينهجوا نهجاً قريباً من نهج د. مختار عجوبة الذي توفر على الأدب القصصي لدى صلاح في كتابه القيم «القصة الحديثة في السودان».
    حيث يلاحظ د. مختار عجوبة أن صلاح «في قصصه يفضح البرجوازية السودانية التي تولت الحكم بعد الاستقلال، سواء أكانت ممثلة في الأجهزة السياسية أو تمارس نشاطاً اقتصادياً حراً تظهر فيه جشعها واستغلالها للأبرياء وزيفها وتجبرها.. وفي قصصه يصور المآسي القومية التي سببها الاستعمار في السودان. ويرسم صورة صادقة لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الوطنيين من أبناء القطر الواحد».
    ويمضي د. مختار عجوبة للقول: «إن ميزة صلاح في أسلوبه الشاعري وحماسه الوطني ومقدرته على الوصف والتقاط الصور القصصية».
    إلا انه يأخذ عليه اعتماده أحياناً على المباشرة. وانه لا يدع صغيرة أو كبيرة تفلت وإلا زادها شرحاً وتوضيحاً. ولم يبق له شيء إلا أن يسمى الشخصية باسمها الحقيقي، وان لم يسمها فقد سمها غيره. ونجد أن القصة استطراداً وشرحاً، وعندما يشعر القاص بثقل وطأة الشرح يعتذر عن ذلك وتتحول القصة إلى مقال سياسي لكاتب تقدمي وطني متحمس.
    وأغلب الظن أن المدافعين المزعومين عن صلاح، إذا اطلعوا على تقييم د. مختار عجوبة لن يترددوا في اتهامه بأنه يستهدف صلاح. أو انه قد صدرت له الإشارة بذلك، مع أن صاحب العينين الكبيرتين النافذتين قد غادر عالمنا من زمن.
    وهؤلاء المدافعون المزعومون عن صلاح كانوا سيفيدون الناس أكثر لو عمدوا إلى جمع أدب صلاح من شعر وقصة ودراسات نقدية ومقالات سياسية وبرامج تلفزيونية وقدموها للأجيال بإعادة طباعتها.
    قطعاً كان القارئ سيستمتع حين يقرأ «غابة الأبنوس» ويطلع على قصيدة «Fvzzy Wvzzy» ويعرف أن:
    أوهاج قبل أن يحقق الآمال
    ويملأ التكة من سرواله بالمال
    هوت على دماغه رافعة الميناء
    فانخبطت جثته في الأرض تحت أرجل العمال
    وامتزج اليافوخ بالدماء بالودك وبالخلال
    دماؤه تجمدت على حديد البال
    ومات لم يستلم الريال
    واستأنفت أعمالها رافعة الميناء- ما الحمال
    وكذلك قصيدة «عشرون دستة من البشر».
    وسوف يسعد القارئ كثيراً حين يقرأ في ديوان «غضبة الهبباى» قصيدة «فكر معي ملوال» ونداءات صلاح:
    ويوم أن يسود في السودان صوت العقل، صوت العدل
    صوت العلم واحترام الآخرين
    حقهم في أن يكونوا «آخرين» حقهم أن يبلغوا الرشد متى شاءوا
    إلى أن يقول:
    يوم لا تقوم بيننا السدود والحدود، يوم لا يعذب الجدود
    في قبورهم حاضرنا، لا الدين، لا الأصل ولا سعاية
    الغريب، لا جناية الغبي لا وشاية الواشي
    تدب كالصلال في القلبين
    فكر معي ملوال
    كانوا سيفيدون ساحة الأدب لو عمدوا إلى جمع قصائده التي لم يجمعها في ديوان مثل قصيدته «ذات الصدارة الحمراء»
    والتي يقول في بعض أبياتها:
    على مفترق في الساحة الكبرى وقفت وحيد
    أفتش في عيون الناس عن مفقود
    وفي جفني دميعات وفي حلقي مرارات
    وفي قدمي تثاقل راسف في القيد تثقله الجراحات
    وكدت أعود
    أفقت وفي الزحام لمحت غرة وجهك الموعود
    جبين مثل فجر العيد
    به ألق كما ابترقت غمامات
    وحزن مثل حزني مبهم وفريد
    وحسنك لا يزال جديد
    عليه صدارة حمراء تخالها رؤى عربيد
    يبين ويختفي وسط السراب كهودج في بيد
    مددت يدي فباعد بيننا الناس
    أدافعهم فيندفعون مداً دونه مد
    وباب دون من أهواه ينسد
    ومن أهواه كنز دونه جند وحراس
    بعيد وهو قدامي.. قريب وأنا ظامئ
                  

05-24-2008, 08:25 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ (Re: عبدالله عثمان)


    شيبون.. قضيب القطر
    محمد خير حسن سيد أحمد

    كان من عادة الشبان السودانيين – الماجنين – أن يذهبوا إلى (الأنادي، جمع أنداية) إن أرداوا أن يشربوا الخمر.. وقد كانت خمرهم لا من خمر بنت الإغريق.. خمرة (باخوس النقية).. وإنما كانت خمرهم بنت الفتريتا – مريسة أم زين.. كانوا يقصدون الأنادي عصراً ويجلسون على البنابر وأمامهم (الدُلّق والكتوش والقروانة) والكأس يطوف عليهم.. يشربون ويغنون ويدوبون و(يتنبرون) بأعمالهم وأفعالهم ويفتخرون بأنسابهم.. ويذكرون محاسن قومهم وشجاعتهم وجمال بناتهم..
    وعندما يبلغ بهم السكر ذروته، يتفاخرون برجولتهم وكثيراً ما يخرج الواحد منهم سكينه من (ضراعو) ويجرح بها ساعده الأيسر مبرهناً لرفاقه مدى شجاعته، وإعزازه لمحبوبته.. وكان منهم من يقول:
    - أنا (خَرَا) الجداد الضلّع الفكي. ويقول الآخر:
    - أنا القطر. فيرد عليه أخوه
    - أنا القضيب البمشي عليهو القطر.
    وقد كان شيبون قضيب القطر.. كمر من الحديد الفولاذ مغروس في الأرض يمشي عليه القطار وهو بتلك الشحنة من المحاصيل الثقيلة من الأبيض إلى بورتسودان. ما أطولها من رحلة.
    كان شيبون - وقت أن عرفته – أزرق اللون ذو سحنة تميل إلى السواد – كان كعود الأبنوس – أسود وناشف.. كان شاباً في مقتبل العمر، كان عمره دون الأربعين بقليل.. كان شعره أجعد، وأسنانه بيضاء مرصوصة، عيونه عسلية لا بالواسعة ولا بالغائرة. كان أحدباً قليلاً يميل رأسه إلى الأمام، كان مهندماً، نظيف الجسد والثوب.. جميل الوجه والشكل.. تركت عليه سنين (الكدح) بصمات غائرة على بطنه الضامرة ورجليه النحيلتين.. كان قليل الكلام، يتحدث لماماً وإذا تحدث إليك بسم في وجهك ونظر إلى عينيك ليسبر إنطباع كلامه على وجهك – لا يرغي في كلامه ولا يطيل.. يقول ما قلّ ودل.. يفهم النكتة بسرعة ويبتسم لها ويستخف بالهزل.
    شبهت شيبون بقضيب القطر لأن القطر والسكة حديد (التي قربت المسافات) – في قول قديم لعبد الله علي إبراهيم - والقضبان إن كانت قضبان السجن أو قضبان السكة حديد، هي المفردات التي تطرب لها آذان الدكتور عبد الله علي إبراهيم.. ابن مدينة (الحديد والنار).. لذلك اخترت هذا التشبيه وأطلقته على الأستاذ محمد عبد الرحمن شيبون. فقد تحمّل عبء الفكرة وما تحتاجه من تفهم ونضال وقراءات لاستيعاب ما يجدُّ من أفكارها المتطورة، وقد تحمل تضحياتها الجسام، وكثيراً ما التحم بالشرطة، وانقاد لها ودخل السجون المظلمة الموحشة لعدة شهور أو سنين. كان إذا خرج منها – يخرج أصلب عوداً وأقوى شكيمة وأن ما كان يتلقاه في السجن، كان بمثابة المصل الذي يشفي أسقامه ويجدد خلاياه، ويمنحه القوة والاستطاعة على السير قدماً في مستقبل الأيام، حتى تنتصر (الفكرة) ويعيش العالم في (إشتراكية وديمقراطية).. هذا ما كان يتمناه شيبون للعالم عامة وللشعب السوداني خاصة...
    لا أعلم بالتحديد متى انضم شيبون للحزب الشيوعي، ولكني أعتقد منذ أواخر الأربعينيات. ومنذ ذلك الوقت كان شيوعياً ملتزماً.. يقرأ ويكتب ويؤلف بعض (المناشير)، ويؤدي دوره في الكمونة.. يتنقل في البلاد الواسعة يجتمع بالطلاب والعمال والمزارعين والشغيلة وغيرهم غيرهم.. ينقل لهم رأي الحزب في كل المسائل السياسية والاجتماعية، ثم يعود إلى الحزب غني الوفاض.. فيناقشونه ويناقشهم، يقيمون عمله ويسجلون له ما قام به في جولاته العديدة، ثم يستعد إلى جولات وجولات قادمات، لا يكل ولا يمل.
    الكاتب عثمان الحوري كان يرى أن شيبون بعد أن فصل من الجامعة، كانت فرصته في الوصول إلى وظيفة حكومية فرصة صغيرة. هي فرصة ضائعة ولقد تبناه الحزب الشيوعي (كعامل متفرغ) على أن يدفع له ما يقيم الأود ويسد الرمق. وبحسب التكوين السايكولوجي لشيبون فلقد كان ماركسياً عقلياً وكان (فردياً).... (يبدو أن عقلانيته وفرديته جعلته عضواً غير تام النفع للعمل في منظومة شيوعية نابعة من مجتمع (بدوي ريفي فقير) وتواجه الحكام الإنجليز الأجانب).. وانخرط شيبون يؤدي عمل الكادر الملتزم.
    ويقول عثمان الحوري: «إن العامل الشيوعي يستمريء حياة التبطل عن (العمل المنتظم) بقيود، في مقابل أجر ثابت. وهو يفضل القيام ببعض الواجبات للحزب الشيوعي في مقابل فتات من الخبز تقيم أوده وتنسيه الجوع، والانتماء الاجتماعي، العامل الشيوعي يتحرر من (روابطه العائلية) بثقلها ومسؤلياتها ويتحرر من قيود (العمل الرسمي) الرتيب وهذه الحرية – حرية النصف بشر – تجعله يقبل الجوع والتشرد... ».
    لقد قبل شيبون العمل داخل الحزب الشيوعي طائعاً مختاراً.. جاع وتشرد. ودخل السجون. وحورب في أن يتحصل على وظيفة حكومية أو في مؤسسة أهلية.. وعندما أدى دوره تماماً – كما يعتقد – أخذ يفكر في مصيره ومصير أهله. راودته فكرة اللجوء والانتماء إلى الأسرة، وهي أسرة سودانية (ممتدة).. فعمل بالتدريس (مدرسة أبو زيد الأهلية بمدني – الأحفاد بأم درمان – أمل المجتبى برفاعة).. وغيرها.. كما امتهن مهنة (النكد) الصحافة كما يحلو لدهاقنة الصحافة أن ينعتوها بهذا النعت.. أبرز عمل قام به مساهمته في تحرير الصفحة الأخيرة من جريدة (الرأي العام) فقد كان يساعد الأستاذ حسن نجيلة في تحرير تلك الصفحة، وقد التزم حسن نجيلة بتحرير عموده المشهور (من يوم إلى يوم).. وكان شيبون يترجم بعض المقالات الأجنبية التي تُكتب باللغة الإنجليزية ويقوم بترجمتها، فقد كان ترجماناً بارعاً كالجنيد علي عمر وغيره من قيادات الحزب الشيوعي – الذين امتازوا بالثقافة الغزيرة والإلمام.
    يقول عثمان الحوري في مقالته آنفة الذكر: «ولم يكن أحد من أهل السودان في الستينيات يصدق ما أذاعه الراحل صلاح أحمد إبراهيم عن دور المغفور له – بإذن الله – عبد الخالق محجوب في مسألة انتحار شيبون. جميع أهل السودان في تلك الفترة برأوا عبد الخالق محجوب من أي شبهة تتعلق بانتحار شيبون»... إنّ الذي أشاعه صلاح ربما كان خطأ وربما كان صواباً، والمنطق وقرائن الأحوال تثبت أنه كان صحيحاً بحجة أن صلاح كان زميل دراسة لشيبون وكان رفيق درب والدروب كثيرة وقتذاك.. وكان صديقاً. وكان بينهما حلف عُقد تحت أشجار العشر والطندب وليس تحت أشجار الزيزفون.. وأن صلاح يعرف شيبون أكثر مما يعرفه (الحوري) أو عبد الله علي إبراهيم.. وصلاح يعرف عبد الخالق (مثل جوع بطنو)، وهو يعلم حق العلم لماذا خرج صلاح على الحزب... وماذا كان دور الراعي وقتذاك... فصلاح خرج على أحمد سليمان قبل عبد الخالق ومعه (مؤنته وغلاته (علي المك).
    ويمكن لنا أن نقول إن شيبون كتب ثلاث رسالات إلى حسن نجيلة منهن (ملاحقات يعوزها المبرر).. ويمكن لنا أن نقول إن شيبون قد كتب لصلاح أكثر من ثلاث رسالات.. ويمكن لنا كذلك القول إنه قد باح بالسر وأوضح لصلاح ما فعله الرفاق به وربما كاشفه شيبون بقراره الأخير، واعتمد (الانسلاخ) من الحزب وليس من (الفكرة).
    إن كنت أنت (يا عثمان) وأنت (يا د. عبد الله) تريدان أن تبرئا ساحة الحزب، فلكما ما تعتقدانه ولكن كل قرائن الأحوال تشير إلى عكس ما تريان، فالأمر غريب فقد قلته يا (حوري) بعظمة لسانك في مقالك بالصحافة: (فإن انتحار شيبون يظل لغزاً محيراً. أما أسلوب د. عبد الله علي إبراهيم في (البحث عن مسألة انتحار شيبون) فهو (أزمة) جديدة من أزمات السودان في القرن الواحد والعشرين) أليس هذا كلامك يا حوري؟؟ بلى إن انتحار محمد عبد الرحمن شيبون، لغز محير جداً.. ونرجو من السادة البروفسيرات والدكاترة والباحثين، عندما يفكون هذا الطلسم ويميطون اللثام عن هذا اللغز المحير، أن يكتبوا لنا بذلك!!
    يقول عثمان الحوري: « والوقوف على حادث انتحار شيبون ليس فيه (جديد). وكما قلت فإن أحداً من أهل السودان لم يصدق أن الراحل عبد الخالق له علاقة بانتحار شيبون، وهي إشاعة أطلقها الراحل صلاح أحمد إبراهيم ولم يكترث لها أحد من الناس. أما د. عبد الله فقد تطوع للدفاع عن المرحومين الراحلين عبد الخالق وشيبون ولقد توقعنا أن يروي عبد الله علي غبراهيم حادث الانتحار بكل (ملابساته) الواقعية (الحقيقية) بدلاً من ذلك. فقد تفرغ (للهرجة وإعلاء الصوت في حضرة المرحوم صلاح أحمد إبراهيم».
    إن الذي قاله الحوري بين القوسين أعلاه صحيحاً كله عدا «إن أحداً من أهل السودان لم يصدق أن الراحل عبد الخالق له علاقة بانتحار شيبون». وأن الوقوف على حادث انتحار شيبون كله جديد وإلا لماذا تناول د. عبد الله علي إبراهيم القلم هذه الأيام وأخذ يكتب عن انتحار شيبون وقد مضى عليه (45) خمس وأربعين سنة. هل جاءه عبد الخالق في منامه وقال له أكتب في هذا الموضوع عدة مقالات وإن شئت اجعلها كتاباًُ؟! ولما انبريت أنت يا (حوري) تعاتب د. عبد الله علي إبراهيم عندما شرع يكتب وينقب في انتحار شيبون. وكنت تتوقع أن يكتب د. عبد الله عن حادث الانتحار بكل ملابساته (الواقعية الحقيقية) بدلاً من تلك (الهرطقة) التي تفرغ لها بصوت عال في وجه صلاح.
    إن الأخ الرفيق د. عبد الله علي إبراهيم كتب عن انتحار شيبون مقالات عديدة، ويبدو لي أنه ينوي أن (يلمّها) ويسويها كتاب. لكن لقد سبق وكتبت مقالاً واحداًَ بعنوان (شيبون حنجرة شعبي الذهبية – الصحافة 5/8/ 2005م) كتبت ذلك المقال بعد أن قرأت معظم مقالات د. عبد الله علي إبراهيم ولا أقول كلها فأظلمه.. كتبت ذلك المقال لأنني لمحت من مقالات د. عبد الله علي إبراهيم معلومات غريبة وسألت نفسي من أين جاء بتلك المعلومات؟؟ وسمعت (هرجاً ومرجاً وإرغاء وإزباداً).. ووجدت حقائق مغلوطة.. وتوكلت على الله وكتبت ذلك المقال علّ الدكتور يكف عن الكتابة أو يسترسل وهو يقف على حجر صلد وقاعدة من الصوان.
    لكنه أخذ يسترسل في الكتابة كأنك فتحت صنبوراً للماء كان محبوساً.. اتصل بي أن أزوره في جريدة الصحافة وقد جئت له وبعد هنيهة من جلوسي معه، جاء جنابو (فاروق هلال)، ولما أن راه خف إليه واستقبله أحرّ استقبال وذهب به إلى مكتب آخر من مكاتب جريدة الصحافة.. وخرجت ومعي الأستاذ مجذوب عيدروس محرر الملف الثقافي بجريدة الصحافة، وأنا أقول في سري (الحمد لله) لقد وجد د. عبد الله ضالته (يلا يا ولد) وذهبت إلى أهلي أسفاً.
    لقد منح السيد فاروق هلال معلومات ثرة عن انتحار شيبون ولكن بها أشياء صحيحة وأخرى غير صحيحة.. كنت أتوقع من السيد فاروق هلال أن يرسم لعبد الله (البرندة والحمام والغرفة وأعقاب السجائر والطاولة التي ترك عليها شيبون الوصية)، وكتاب من (سلسلة أقرأ) المنكفيء على صفحتي (45-4) واسم الكتاب (المجتمع العربي).. لقد كان شيبون يقرأ حتى آخر ثانية من عمره وقد كان (Book Worm) كما يقول الإنجليز.
    لنا وقفة مع قول الصبية أخت شيبون ( لكن ما قطعتي نملية الحكومة يا يمة). فحديث أخت شيبون لأمها هو ما أحبه د. عبد الله علي إبراهيم وجعله عنواناً لمقاله في (الرأي العام). وكلام شقيقة شيبون كنت أوردته في مقالتي عن انتحار شيبون (الصحافة 5 أغسطس 2005م).. وقد دونته لمافيه من معان سامية، فهذه البنت قد تعلمت في المدرسة كيف يحافظ السوداني على ممتلكات الدولة لأنه ساهم في تكوينها وأنها ترجع له وأنه هو المستفيد منها.
    كثيراً ما حول د. عبد الله علي إبراهيم أن ينفي تهمة صلاح أحمد إبراهيم ويخلي ساحة عبد الخالق من دفع شيبون إلى الانتحار.. وأن الذين دفعوه شيوعيو رفاعة وليس الزمرة التي جاءت موفدة من قبل الحزب لتلقي تهنئة العيد على ذلك الضابط الإداري وتعرج على (منزل) شيبون - سبحان الله – لقد كان لشيبون منزلاً، يسكنه وتأتيه الوفود تزوره وتهنيه بالعيد السعيد. ويقول د. عبد الله كذلك – لقد عشق شيبون صبية في عمر أخته- أحبها وأحبته وقد كانت تزورهم لماماً متصنعة صداقتها لأخته.. فهي تأتي إليه ضمناً ولأخته معنى. ويقول عبد الله إنها أخيراً أعطته (شاكوشاً) ولما لم يتحمل الصدمة انتحر... وهكذا حاول (البروف) عبد الله علي إبراهيم أن يبعد التهمة عن عبد الخالق وحزبه.. وإلباسها لشخص شيبون العاشق الولهان الذي ما تمالك وقوى، بل إنهار من أول (شاكوش) على رأسه.. وهو الذي تلقى العديد من ضربات هراوات المباحث، والذي تحمل العديد من ركلات نعل الشرطة والمخابرات.. وهو الذي نام على البلاط البارد يفترش الثرى ويتوسد ساعده العاري.. وهو الذي خبر الأجحار والأنفاق!!
    يقول عثمان الحوري إن: «انتحار شيبون يغلب عليه طابع البؤس واليأس العميق الذي تبلور حول (غصن سالسبورغ) والغصن في حالة شيبون هو ميله إلى (الاختمار وشرب الخمور البلدية الرخيصة والتي تعج بالسموم المتلفة للأعصاب» هكذا وبكل بساطة يرجح الحوري إقدام شيبون على الانتحار، نتيجة للجوع والبؤس واليأس العميق، ومعاقرته للخمر والخمر البلدي (العرقي يعني) وهو النوع الرخيص الذي يعج بالسموم!
    كان شيبون يشرب الخمر ولكنه لم يكن مدمناً. وكان يفضل (الشري) وليس العرقي ولا الوسكي لأنه شراب البرجوازيين وهو ليس منهم... كنت يوماً مسافراً إلى الخرطوم، غادت رفاعة، عبرت الأزرق العاتي.. ذهبت إلى مكتب مدير السكة حديد أسأل عن قطار الأبيض المتجه إلى الخرطوم..
    - القطر في مدني يا سيد. رد علي ناظر المحطة.
    قلت أمشي بار خواجة (كوستي) أتعشى سمك مسلوخ ساخن فالدنيا خريف والجو منعش. ذهبت إلى البار، فإذا بي أمام شيبون وجهاً لوجه يجلس هو خلف طاولة مستديرة بيضاء عليها ملاءة ملساء وأمامه زجاجة (شري).. يلبس جلباباً أبيضاً وينتعل حذاء أسود ويضع على رأسه عمامة أنيقة.. ألقيت عليه التحية.. ثم قال لي:
    - اتفضل.. طبعا إنت ما بتشرب لكن عارفك جاي تتعشى.. تاكل شنو؟
    - والله أنا جيت مسافر الخرطوم.. والناظر قال لي القطر في مدني، قلت أجي أتعشى.. فهسع نفسي في سمك مسلوخ أو مشوي. تناولت عشائي ذلك وشرب هو زجاجته تلك.. ذهبت لأغسل يدي وأدفع الحساب.. لحقني وقال لي:
    - والله ما تدفع.. حلفت عليه بالطلاق.. فقال لي:
    - طيب أدفع حق السمك لكن وشرفي ما تدفع حق الشري. حق الشري مالك ومالو؟ غبينتك شنو.. شربتو معاي؟ ثم تحركنا.. أنا صوب المحطة، وهو صوب البنطون – بنطون رفاعة الحصاحيصا.
    ما عُرف شيبون بالمجون والخنا والدعارة.. ولا عُرف بالإدمان، كان متماسكاً طوال حياته. ما علمت ما كان بالمذكرة التي تركها شيبون على الطاولة بمنزل أحمد علي جابر بمدرسة نورين.. لكن علمت أنه وصف أحد الشيوعيين الذين كانوا معه في رفاعة بأنه (حية رقطاء ناعمة الملمس).
    وعلمت أنه ذكر في تلك المذكرة أشياء كثيرة، من أهمها أن يُدفن في ودمدني. لماذا؟ أعتقد أن لها مدلولاً خاصاً يعرفه هو.. فهو يريد أن يُدفن في ودمدني لا حباً في تراب ودمدني ولكن ليكون أمام ناظري من تسببوا في موته ودفعوه إلى الانتحار.. ويكون قبره قريباً من الذين بلّغوا الحزب بما عُرض عليه من قبل طلعت فريد.. وليكون لهم (شوكة حوت لا تنبلع ولا تفوت)، وربما يكون في دفنه في مدينتهم عزاء له وتخفيفاً على روحه.
    لا يختلف إثنان من عامة الشعب السوداني في أن للحزب الشيوعي دور كبير في دفع شيبون نحو الهاوية.. الهاوية التي لا قرار لها كما قال لينين... فصلاح أحمد إبراهيم قالها بصراحة ونحن لم نقلها بعد بصراحة صلاح المعهودة..
    ربما كان شيبون يفكر في التخلي عن (الفكرة) منذ أن تخلى عنها صلاح. لكني أعتقد أن شيبون قد (تحشم) كما يقول الليبيون... وصبر.. وبدأ يفكر في الانسلاخ.. لكنه تريث.. ثم تجشم له ذلك التفكير وأخذ يلاحقه في صحوه ومنامه.. وبمرور الزمن وتشعب الحياة، قرر أن يبدأ حياة تختلف عن الحياة التي كان يحياها مع الرفاق في باطن الأرض والكهوف وزنزانات السجون.. بدأ بالعمل والتوظيف ليس في دواوين الحكومة ولكن في المؤسسات الأهلية. ثم وجد وظيفة لا بأس بها، لكنها بداية لعمل ومشروع كبير إذا نجح فيه سيكون سعيداً، وإذا فشل فإلى الجحيم.. وسيكون الجحيم أرغد داراً وحياة من الدار والحياة التي يعيشها.
    ثم علم الرفاق بما كان يدور في خاطره.. وإنهم لأذكياء. فقد قرأوا افكاره ثم جمعوا جمعهم وخرجت اللجنة المركزية بقرارها (الصائب) ألا تدع شيبون يوافق بالعرض الذي عرضه عليه اللواء طلعت فريد.. فكيف يتركونه وهذه (نوفمبر) تلفظ أنفاسها بفعل ضرباتهم المتتالية.. وكيف يتركونه ليوافق وربما كشف أوراقهم لزمرة نوفمبر – كما اعتقدوا.. يقول الشيوعيون: (نحن دائماً خلف السلطة)، بمعنى إن كانت السلطة منهم فهم معها وخلفها يشدون من أزرها، وإن كانت السلطة ضدهم فهم خلفها يقاومونها حتى تسقط. استعجل شيبون وانتحر يوم /12/ 191م، ونجح الشعب السوداني في إسقاط (حكومة نوفمبر) في أكتوبر 194م.
    لقد كان انتحار شيبون (لغزاً محيراً) – كما قال عثمان الحوري. فعثمان معلم أو مدرس بالمعنى الدقيق.. وشيبون مدرس كذلك وأنا كنت مدرساً.. مدرسي مدرسة متوسطة.. المرحلة التي ذوبتها (الإنقاذ) وشربها المجتمع السوداني في فجنان صيني.. المدرس يعرف كنه المدرس الآخر.. وعبد الله علي إبراهيم أستاذ جامعي (جامعة الخرطوم وجامعة ميسوري).. مجتمع أساتذة الجامعات يختلف عن مجتمع حفنة مدرسي مرحلة وسطى.. يعيشون في (ميز) بسيط.. يعرف الواحد منهم كل شيء عن زملائه الآخرين.. استغرب الحوري لانتحار ذلك المدرس (شيبون)، فقد كان (أنيقاً وسمح الزي ومهذباً خفيض الصوت.. يجيد تدريس المواد في كل صفوف المدرسة (الوسطى) ويمزج في حديثه ما بين (الفائدة والجدوى والطرفة الحاضرة). هذا معلم حاذق شديد الحضور وولد ممتاز.. إنسان طيب ولامع ومحبوب. في مدرسة (أبي زيد الوسطى بمدني) يدخل شيبون لحل ضائقة التلاميذ (المساكين)... المصاريف الدراسية، المأكل والتموين والحالات الخاصة (يعني عنده سايكولوجي) أحمد الفضل أحمد.
    أعتقد جازماً أنه مهما دبّج الكتاب من مقالات وكتبوا كُتُباً ضخمة أو بسيطة عن أسباب انتحار شيبون، فإنهم عاجزون تماماً عن كشف لغز الانتحار.. فالرجل كان قمة وكان هرماً كإهرامات البجراوية.. تستخفه بسمة الطفل.. قوي يصارع الأجيال. ما انهزم في معركة (كلامية) قط وإنما ضعف وخارت قواه أمام حبائل الرفاق، وسدد له السهم في نحره من كان يعلمه الرماية وأصاب الهدف.
    كان شيبون مدرساً في المرحلة المتوسطة داخل محيط التعليم (الأهلي) (أبو زيد – الأحفاد – أمل المجتبى) وغيرها من مدارس شعبية. لم يكن كرصفائه مدرسي المرحلة المتوسطة الذين كانوا يتمرغون في تراب الميري، وتضربهم مطرقة الوزارة تنقلاً كما تضرب مطرقة الإسكافي المركوب القديم حتى تعيده إلى سيرته الأولى. فكان مدرس الوسطى في وزارة التعليم والتربية معرضاً للتنقل كل عام.. فهو من سنكات إلى حلفا القديمة، ومن حلفا القديمة إلى حلفا الجديدة، ومنها إلى واو وإلى طمبرة.. وهكذا يجوب أصقاع السودان.
    يقول د. عبد الله علي إبراهيم في مقاله بجريدة (الرأي العام)، وهو مقاله قبل الأخير كما أعلن ذلك: «الروايات عن مصرع شيبون كثيرة.. سمعت من قال إنه انتحر ببندقية والده. أو بحي حمدين برفاعة». إن مثل هذا الكلام يجب أن لا يأتي من كاتب في قامة الدكتور عبد الله.. ليست هنالك روايات كثيرة عن مصرع شيبون. الموجود رواية واحدة سقتها له وإن كان يكذبها ويستبعدها، فعليه أن يصدق رواية جنابو وهو الرجل الذي شاهد الجثمان وهو يتأرجح على مرق الحمام، وأنزله فاروق وذهب به إلى أبي عشر ليشرحه د. عثمان أبو عكر. فمن أين جاء د. عبد الله برواية انتحار شيبون ببندقية والده..؟ ومن أين جاء برواية انتحاره بفريق حمدين برفاعة؟.. اللهم إلا إذا أراد د. عبد الله علي إبراهيم أن يؤكد رواية أخرى سكت عنها وألمح لها في مقالات عديدة وهي (إدمان شيبون الخمر ومعاقرته لها وربما هي التي أودت بحياته في فريق حمدين برفاعة!!). وقد أيد هذه الرواية الباطلة الأستاذ عثمان الحوري – حسب تحليلاته المجافية للواقع – في مقاله آنف الذكر «هو ميله إلى الاختمار وشرب الخمور البلدية الرخيصة والتيتعج بالسموم المتلفة للأعصاب». لكننا نقول للدكتور عبد الله إن (فريق حمدين) فريق مشهور برفاعة، فهو يشبه حي (East Harlem) يسكنه أناس فقراء.. يعملون في كنس السوق، وفراشين بالمستشفى، وكانوا مشهورين بجلب الماء من النيل قبل أن تدخل مواسير الماء بيوت رفاعة.. وكان هذا (الفريق) مشهوراً بصناعة الخمور البلدية الرخيصة، خاصة (المريسة). وأجزم أن محمد عبد الرحمن شيبون لم يزر ذلك الحي قط وما دخله يوماً من الأيام. كان يعبر النيل الأزرق (العاتي) ويذهب إلى الحصاحيص ويجلس في (بار خواجة كوستي) بزي مهندم يحتسي (البيرة أو الشري).. وكان يعاف (العرقي) وغيره من الخمور البلدية. كنت أستبعد كتابة ذينك الروايتين وأستغرب لماذا دارتا بذهن الدكتور عبد الله.. وعنده الرواية التي ذكرناها وذكرها له السيد فاروق هلال.. وهو شاهد عيان. لقد انتحر شيبون في بيت الأستاذ أحمد علي جابر بمدرسة الحصاحيصا الوسطى التي كان ناظرها وقتذاك الأستاذ نورين. فإن جاءت عدة روايات أخريات، كان يجب على د. عبد الله أن يستبعدها وهو يملك رواية شاهد عيان. فرواية أنه مات ببندقية والده أو بفريق حمدين برفاعة، روايات لا يسندها الواقع ولا المنطق ولا الحقيقة.
    هنالك سؤال يلح عليّ دائماً لا يغادر ذاكرتي (لماذا انتحر شيبون في الحصاحيصا؟ ولماذا أوصى أن يدفن بمدني؟). أعتقد أن الإجابة على هذين السؤالين أن شيبوناً هذا كان رجلاً رقيقاً وإنساناً مهذباً. فهو يرى أن الانتحار (عيب) وفعل منكر وهو لا يريده أن يحدث في رفاعة.. تلك المدينة التي آوته وبالغت في رفادته.. فهو لا يريد أن يطعنها في نحرها بذلك السهم المسموم.. فقد كان يعزها ويُجلها.. ولم يكن الشيوعيون الثلاثة الذين ذكرهم شيبون في الوصية من أبنائها فقد كانوا غرباء من مدن أخرى في السودان، ولم يكونوا من أبناء رفاعة وإنما جاءوا ليعملوا بها في حقل التدريس، وقد كان التعليم حرفة وصناعة تلك المدينة. أما لماذا أوصى شيبون أن يدفن في مدني، فهو ما ذكرناه وأجبنا عليه في وقت سابق ونؤكد أنه كان يريد أن يقول لشيوعي مدني أنه وإن غاب جسده عنهم، فهذا قبره أمام أعينهم.. فهو حاضر بينهم وربما أراد أن يهز كيانهم وأراد أن يستشعروا وجوده بينهم ويبرهن لهم أنه لم يخن القضية وإنما مات من أجل (الفكرة).. ولم يذهب إلى طلعت فريد ولم يقبل بالعرض الدسم ولم يفش أسرار الحزب... كأني به يقول لهم (اطمئنوا يا رفاق فأسرار الحزب في الحفظ والصون وإن كنتم في ريب مما أقول، فها أنذا ميت وأرقد في قبري أمامكم).
    تألمت كثيراً وتأسفت أن يتناول د. عبد الله علي إبراهيم موضوع انتحار شيبون بهذه الصورة وهذا الأسلوب، ويحاول في مقالاته أن يبريء ساحة الحزب الشيوعي. وأكثر في مقالاته في عتاب صلاح أحمد إبراهيم – عندما حمّل الحزب الشيوعي وزر انتحار شيبون.. وقد كان صلاح شجاعاً وقال كلمته في هذا الأمر بصوته الجهور وقلمه الرعاف، وكثيراً ما تصدى له الرفيق عمر مصطفى المكي طيب الله ثراه وثراهم جميعاً.. ثم انبريت أنت يا دكتور.. كتبت عدة مقالات على ما أذكر مستنداً على أسطورة – علك تذكرها – فقد أوردتها في أول مقال تتصدى فيه لصلاح أحمد إبراهيم، فإن كنت تذكرها فالحمد لله، وإن نسيتها فهي: «أن سكان العالم كانوا في حقبة من الزمن واقفين في مكانهم. كل واحد واقف في مكانه لا يتقدم إلى الأمام خطوة لأن هنالك قول أن من يتقدم سيضع رجله في هوة سحيقة.. لا قرار لها كهوة لينين.. وبينما هم على تلك الحال، جاء شخص آخر لا يمشي الهوينا.. استغرب الناس لأنه لم يحصل له شيئاً.. لم يقع في هوة، وإنما جرى على سطح الأرض.. وبرهن للناس أن تلك الأسطورة زائفة، واندفع الناس يمشون ولم يحصل لهم شيء». وأخذ عبد الله علي إبراهيم يكتب ويرد على صلاح أحمد إبراهيم عندما انبرى يهاجم الحزب الشيوعي عامة وأحمد سليمان وعبد الخالق خاصة.. تصدى له عبد الله علي إبراهيم ودبج عدة مقالات في ذلك الزمن، واعتقد أنها كانت في منتصف الستينيات. والله أعلم.
    تناول د. عبد الله علي إبراهيم انتحار شيبون من زاوية ضيقة، وكان يحتم عليه الحدث أن يتناوله من عدة زوايا منها: لماذا انتحر شيبون؟ ولماذا كان يعبر النيل عصراً ويعود من الحصاحيصا ببنطون الحادية عشر ليلاً. إن كان يذهب ليشرب، فكان من الممكن أن يتناول بغيته في فريق حمدين برفاعة. ولماذا ترك شيبون (وصية) وهل كانت وصية ضعيفة لأنه حقق مع الثلاثة الكبار كما قال شيبون في وصيته عنهم، وأخيراً تبين لفاروق أن تلك الخلية الشيوعية المتمركزة في رفاعة، هي خلية خاملة.. وكان يجب على د. عبد الله أن يبحث في إلحاح شيبون أن يدفن في ودمدني.. لماذا لم يشر إلى دفنه في الحصاحيصا التي مات فيها بدل ودمدني؟ ولماذا لم يطلب من فاروق هلال أن يعبر به الأزرق العاتي في رحلة (عكسية) ويدفنه في رفاعة المدينة التي أحبها وأحب غادة فيها – كما زعم د. عبد الله. كنا نتوقع من د. عبد الله عندما تصدى لمعرفة أسباب انتحار شيبون والملابسات التي أعقبته، أن يوضح لنا رأي الحزب في هذا الإشكال (ولا كان الحزب مشغول بكتابة الكتاب الأسود عن حكم عبود وزمرته)؟.
    ثم سألني سائل قرأ كل ما كتبه الدكتور عبد اله عن انتحار شيبون – لماذا تحمس الدكتور هذه الأيام وأخذ يبحث ويحقق وينبش في هذا الموضوع الذي مرت عليه عشرات السنين.. وإلى ماذا وصل؟.
    أقول إن الروايات عن مصرع شيبون هي رواية واحدة.. وقد ذكرناها. وهي الرواية التي استبعدها الدكتور عبد الله بقوله: «على بلاغة وأسر شحنتها اللغوية»، وهي الرواية الصحيحة.. وأرى من الصالح والأنفع الأخذ بها، وهي تختلف عن رواية السيد فاروق هلال قليلاً. فوالدة المرحوم شيبون جاءت إلى بيت أحمد علي جابر في مدرسة (نورين) لتقابل إبنها وتأخذه إلى المحطة، فالقطار كان قد دخل المحطة فوجدت سريره خالياً في منتصف البرندة.. وانتظرت هي وابنتها عدة دقائق ظانة أن شيبون بالمرحاض وسيأتي بعد قليل أو أنه خرج لأقرب (كنتين) يشتري سجائر وسيعود حالاً.. ولما طال الانتظار، خفق قلبها و(دخلها شك) فتركت ابنتها في البرندة وخرجت تدور حول المنزل.. دخلت المرحاض فلم تجده.. ذهبت وراء الحجرة الأخيرة ولم تجده.. ساقتها قدماها خلف الحمام.. وقفت خلفه وألقت نظرة عبر (المنور) الذي كان مكسياً بالنملية.. جذبته مخلعته.. فرأت فارسها (مدلدلاً) تتأرجح قدماه.. فولولت وخرجت تخبر الناس بما جرى لابنها. هذه هي الرواية الصحيحة. لا شبشب أمام الحمام ولا (متاوقات) عبر ثقب المفتاح.. لا هذا ولا ذاك. للدكتور عبد الله أن يأخذ هذه الرواية أو يستبعدها فهو حر في ما يكتب وله (الحرية) كذلك أن يصدق ما يصدق من الروايات ولا نعتب عليه حتى وإن صدق رواية انتحاره ببندقية والده أو (شقته) الخمر في فريق حمدين برفاعة.
    يقول فاروق هلال إن أم شيبون تحركت معه كل تحركاته البوليسية رابطة الجأش، وكانت تردد ولا تزيد هذا القول (ليه يا فارس القلم والميدان بتعمل كدا).. ماذا عمل فارس القلم والميدان؟ غير أنه انتحر.. انتحر لأنه رأى مستقبله ومستقبل أمه وأخته مظلماً.. وقد شرع في إضاءة ذلك الظلام وبدأ يعد السراج والقنديل... اشترى المصباح واشترى الزيت وصبه في المصباح وذهب إلى الكنتين وابتاع الكبريت.. ثم جاء إلى البيت الذي أجره في حي الجناين برفاعة.. لكنه وجد الزوار أصحاب الكتوف الباردة التي ما توهمها يوماً أن تكون دافئة.. يخبطون ويقرعون باب داره.. لماذا أتى الرفاق؟ هل صحيح أنهم جاءوا (ليعيدوا) على ذلك الضابط الإداري قريبهم أم أن في النفس حاجة؟ وأن خلف الأكمة ما خلفها؟ إنها (ملاحقات يعوزها المبرر) كما قالها شيبون. انتحر لأنه وقف عاجزاً آخر أيامه.. إنه يريد أن يعيش ولكن بشرف.. مرفوع الرأس مرتاح الضمير.. متمسكاً بمبادئه ما حاد عنها قيد أنملة.. ما فكر يوماً أن يتخلى عنها.. وما فكّر يوماً أن يخون الرفاق ويذهب إلى زمرة نوفمبر ويبيع نفسه وحزبه ويطلعهم على أسرار الحزب بدريهمات بخسة وهو فيها من الزاهدين.. كان رفاقه يظنون به ظناً لا يليق بهم ولا (يشبهه)، فما كان خواناً ولا غداراً ولا عُرف عنه الجبن والخور قط.. لم (ينفنس) في ملمة من الملمات.. كان مقداماً وأخو أخوان وأخو بنات وهادي الرفاق إلى الحرية والديمقراطية... الخ
    يقول الشاعر نزار قباني: «الحب بعض من تخيلنا وإن لم يكن في الأرض لاخترعناه».. هذا رأي نزار قباني في الحب، لكن كيف يكون الحب عند الخاصة، وهل كان شيبون يؤمن به؟ يدّعي د. عبد الله علي إبراهيم أن الرفيق شيبون قد أحب فتاة صبية يافعة، كانت زميلة وصديقة لأخته التي كانت في المرحلة الابتدائية.. ونحن لانعتقد ذلك البتة، فقد عشنا معه زماناً. لقد اخترع د. عبد الله ذلك الحدث وفصل منه فستاناً ألبسه تلك الصبية، وفصّل كذلك جلباباً وعمامة ألبسها محمد عبد الرحمن شيبون.. لم يكن الحب بعض من تصور شيبون ولم يفكر فيه وما اخترعه – كما قال قباني. فشيبون بريء من هذه التهمة.
    نعت (أبشر الطيب أوشي) تلميذ شيبون قائلاً:« إن خصاله مبهرة وفريدة في نوعها قد لا تتكرر في بني البشر بصورة غالبة ومشاعة. النقاء وحب الخير للمجاميع (الشعبية) الفقيرة والبذل والتضحيات والابتسامة المطبوعة على الدوام. وفوق ذلك العلم الغزير والفهم البصير يسوق درسه بإمتاع وسلاسة والجميع في إصفاء وانتباهة كاملة وعيونهم معقودة بعينيه مع صرامته وجديته فإنه يبغض إنزال العقوبة البدنية على تلاميذه وكما في منهج التربية الحديث في القول عن قهر الشخصية وارتجاجها ومع ذلك فهو يسيطر على جنوح وشقاوة المنفلتين. ويحملفي إبطه الصحائف والمجلات للاطلاع وشحذ الذهن في القراءات المجدية بإدمان!! وبإشرافه على الجمعية الأدبية بالمدرسة. قدم في يوم الاثنين محاضرة عن منظمة الأمم المتحدة. ثم كوّن فريقاً من التلاميذ للتمثيل...» من مقال للأستاذ أحمد الفضل أحمد بجريدة الصحافة.
    اتهم د. عبد الله علي إبراهيم شيبون بالحب، وأنه كانت له علاقة مع صبية صغيرة في عمر أخته، وأنها كانت تأتي لبيت شيبون متزرعة بأنها تطلب أخته لكنها في الحقيقة كانت تطلب شيبون وقد جاءت لرؤيته، وقال بأنها كانت تختلق الأسباب كما كان يختلقها قيس بن الملوح عندما يريد مقابلة ورؤية ليلى:
    - أجئت تطلب ناراً أم جئت تطلق في الحي نارا.. قال والد ليلى لقيس عندما سأله عن سبب مجيئه دار ليلى - وقد قال قيس:
    - جئت أطلب ناراً وقد خلت من بيتنا النار
    يقول د. عبد الله:«وهو يجمع شتات أسرته ويلتزم بها ويتعلق قلبه بصبية من مدرسته. لقد وجد صبية الأحلام فليبنِ العش... حبة حبة أي (قشة قشة). ووطدت من هذه العلاقة أن الصبية كانت صديقة لأخت شيبون تغشى دار شيبون بهذا الساتر المعروف». نقول لدكتور عبد الله علي إبراهيم: لم تكن لشيبون حبيبة، ولم تكن له بثينة أوليلى أو لبنى أو سعاد أو سلمى.. وإنما كان رجلاً ملتزماً (فكرته) مؤمناً بعقيدته... لم يفكر في الزواج قط ولم يتخذ خليلة له.. كان مشغولاً ومهموماً لا وقت عنده لمثل هذا العبث.
    عبر التاريخ الطويل – نجد أن عدد الذين انتحروا من أجل (الفكرة) كثر... فسقراط مات من أجلها. والأستاذ محمود محمد طه عرضوا عليه (التوبة) فرفض.. وذهب إلى المقصلة برباطة جأش وعين مصرورة وبسمة عريضة (وزعها) على الجميع... وتشيكوف مات منتحراً وكان انتحاره كانتحار شيبون... وعبد الرحيم أبو ذكرى وقع من شاهق في أحد شوارع موسكو.
    لم ينسلخ شيبون كما انسلخ الدكتور عبد الله علي إبراهيم. وما فكّر شيبون في ذلك قط.. لكنه كان يفكر في تطويع (الفكرة) ومدى قابليتها في تبني وتحديث (المذهب الماركسي) وقبوله أو تفاعله مع مجريات الجديد في الحياة.. فالعالم قد بدأ يتغير وقد تغير فعلاً.. وقفت الحروب العالمية.. ولم تظهر الحرب العالمية الثالثة.. وتحررت معظم دول العالم الثالث.. وتحرك المارد الإفريقي.. المارد الأسمر بقيادة جومو كنياتا وكوامي نكروما ومانديلا ونايريري.. وبدأ جدار ألمانيا الشرقية يتشقق ثم انهار تماماً.. وتحررت كمبوديا وتمرغت كرامة (اليانكي) في وحل الخريف الآسيوي.. ثم ظهر باسترناك وكيف غازله الغرب حتى لانت قناته.. وظهر أخيراً (قورباتشوف ويلسن) وكيف دقّا آخر مسمار في نعش الاتحاد السوفيتي. كل هذه التغييرات التي حدثت على سطح جسد (الفكرة) كان شيبون قد قرأها وسبر غورها وحاول أن يضع فكرة الجديد على طاولة الحوار ويقدمه للرفاق وينتظر بماذا يخرج الباحثون. لكن عاجله الرفاق ولم يسمعوا إلى ما أراد أن يقول.. فاتهموه بالعرض الذي قدمه له طلعت فريد.. وجاءوه ليعلموا ماذا فعل شيبون بالعرض.. لكنهم لم يجدوه في الدار.. وهكذا قفل الرفاق أمامه كل منافز الفكر والحوار بتلصصهم وتشكيكهم فيه.. وأداروا له الأكتاف الباردة التي ما توخاها أن تكون دافئة يوماً من الأيام. ورماه بسهم من علمه كيف يرمي. آثر شيبون الاختفاء من مسرح الرفاق.. وأن يطوي جناحيه على جروحه الغائرة.. ويترك للرفاق هذا العالم.. كان مثالياً في معركته معهم... ذهب في هدوء وصمت محير.. يقول (فيرجرال) على لسان الخيام (I came like water and like wind I go).. ولقد ذهب شيبون كما جاء، وذهب كما تنساب المياه من علِ. دخل إلى الدنيا فقيراً، وكما دخل إليها خرج منها.. إنه أحد المتصوفة والعارفين الذين عرفوا وخبروا حقيقة الحياة.
    رجع وفد اللجنة المركزية للحزب الشيوعي من رفاعة إلى أم درمان، رجعوا بعد أن عيّدوا على ذلك الضابط الإداري ولم يفلحوا في مقابلة شيبون ليوثقوه ويقودوه إلى أنانسي. لكنهم رجعوا وهم يحملون دم شيبون في كؤوس من (قرع الصعيد).
    هذه هي الحياة.. راح شيبون وذهب الحزب الشيوعي السوداني وتفرق.. شيء الخاتم عدلان وشيء (حق) وشيء نقد.. وشيء مختار عبيد... الخ. وفات صلاح أحمد إبراهيم والشعب السوداني يبكيه بالأمس واليوم وغداً. ثم بقي د. عبد الله علي إبراهيم وبقيت (أنا) ولكنني أرى المنية ماثلة والموت يدنو نحوي بخطى وئيدة... لا ينقذنا منه إلا العمل الصالح. اللهم أرحم موتانا جميعاً وأغفر لمن ظلمنا وظلم نفسه.
                  

05-24-2008, 08:31 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ (Re: عبدالله عثمان)


    منصور خالد.....

    رقصة الاستربتيز في ولاية ميسوري.



    [email protected] ثروت قاسم



    مقدمة:

    وجد سعادة الدكتور عبد الله علي ابراهيم في دار الوثائق الامريكية تقريرا اعده المستر سويني ضابط الاتصالات بالسفارة الامريكية في الخرطوم بتاريخ 8 اغسطس 1953 الى رئاسة الخارجية الامريكية في واشنطون بصورة الى افرع القوات الامريكية المسلحة والسي آي آي وعنوانه "الشيوعية في السودان" واشتمل التقرير على قائمة من احدى عشر اسما زعم المستر سويني انه استقى بعض المعلومات منهم لكتابة تقريره وضمت هذه القائمة اسم منصور خالد ضمن اخرين من الزعماء ورجال السياسة والفكر والصحافة في السودان من بينهم السيد عبد الله خليل والبروفسير سعد الدين فوزي. واختار سعادة الدكتور عبد الله علي ابراهيم اسما واحدا من هذه القائمة وهو منصور خالد ليبرهن بهذا الاختيار على ان منصور خالد ((دون غيره من الاسماء العشرة الاخرى الواردة في القائمة)) عميل للسي آي آي.

    · وقد وضح سعادة الدكتور عبد الله علي ابراهيم ان التقرير اشتمل على معلومات كثيرة استقاها المستر سويني من الجرائد السودانية مثلا : نص مترجم لخطاب القاه الاستاذ محمد سعيد معروف في الابيض وتم نشره في جريدة الصراحة آن ذاك. كما احتوى التقرير على "شطحات" كثيرة مثل ادعاء التقرير ان الشيوعيين السودانيين يحصلون على المال من الشيوعية العالمية مطويا في صناديق الكبريت "ابو مفتاح" الذي كان يستورده السودان من تشيكوسلوفاكيا. كما اشتمل التقرير على كثير من المعلومات المغلوطة والاكاذيب القراح مثل ادعاء ترشيح الاستاذ عبد الخالق محجوب في دوائر الخريجين.

    الاستربتيز الثقافي:-

    لا اتصور كيف وجد سعادة الدكتور عبد الله علي ابراهيم الشجاعة الادبية لان يفبرك الحقائق ويلوي الثوابت ويقفز للنتائج متهما رمزا من رموز بلادي وهرما شامخا من اهرامات بلادي وايقونة عالية من ايقونات بلادي بأنه خائن وعميل لهذه السي آي آي التي فضحها وعراها على حقيقتها الكتاب الوارد ذكره اعلاه.

    * ولا اعرف لماذا يصر سعادة الدكتور عبد الله علي ابراهيم على الاستمرار في ممارسة الاستربتيز الثقافي وينتزع من ثيابه القطعة تلو الاخرى حتى بلغ عدد القطع المنزوعة, حتى تاريخه, خمس عشرة قطعة. وحسبي انه لم يبق له شيئا يستر به عورته الثقافية امام مثقفي بلادي فسخروا منه وهم يرونه يحارب في طواحين الهواء في معارك انصرافية تفضحه وتعريه هو اكثر مما تؤثر على الرموز الشماء والايقونات العالية التي تربأ بنفسها من السقوط في المستنقعات الأسنة وتستعصم بعليائها بعيدا عن ساقط وهاتر القول.



    دعوى جنائية ومدنية امام محاكم ولاية ميسوري الامريكية:-

    * كما هو معروف فأن امريكا هي وبأمتياز بلاد الحرية .... حرية التعبير , حرية النبش, حرية الردح, حرية النشر ولكن بشرط واحد هو ان لا تتعدى هذه الحريات, حريات الاخرين خصوصا اذا تعلق الموضوع بأشانة السمعة دون دليل او بينة. هنا يتدخل القانون ليفصل بين الحرية والفوضى. ونسبة لان اتهام سعادة الدكتور عبد الله علي ابراهيم للمعلم بالخيانة والعمالة للمخابرات الامريكية ونشره هذا الاتهام على صفحات الجرائد , اتهام خطير عقوبته الاعدام في معظم القوانين الوطنية, ولعدم وجود بينة يتوكأ عليها هذا الاتهام, وحتى نقطع دابر هذه الاتهامات التي يلقيها الموتورون جزافا فقد قررنا ان نستشير مكتب محاماة في ولاية ميسوري مقر اقامة سعادة الدكتور عبد الله وحملنا معنا كل المستندات والوثائق اللازمة, وبعد دراستها أمن مكتب المحاماة على وجود بينة جنائية ومدنية واضحة في مواجهة سعادة الدكتور عبد الله تحت بند القذف والتشهير واشانة السمعة لشخصية محترمة وزعيم سياسي شريف. وعليه فقد وافق المكتب على اقامة دعوى جنائية ومدنية "تعويض بمبلغ 10 مليون دولار امريكي" في مواجهة سعادة الدكتور عبد الله علي ابراهيم.

    حسب نصوص القانون الجنائي والمدني الامريكي , سوف تقوم السلطات العدلية في ولاية ميسوري , بعد اكتمال الاجراءات القانونية , وهي بطيئة بعض الشيء, بعمل اللازم الذي يكفله القانون , حسب تأكيد مكتب المحاماة لنا. وسوف نحيط القارئ الكريم بالمستجدات في هذه المسألة تباعا, والتي لم نكن نرد لها ان تصل الى هذه النتيجة المؤسفة ولكن الاتهام لو ثبت ضد المعلم , فعقوبته الاعدام , ومن هنا كان التحوط والرغبة في اجتثاث دابر هذه الشائعات حتى لا تتكرر مستقبلا.



    قوم ميسوري:-

    * قوم ميسوري يقعون على شاكلة الذين جاءوا أباهم عشاء يبكون. فقال لهم المعلم بل سولت لكم انفسكم امرا, فصبر جميل. ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا . اولئك الذين خسروا انفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون.

    وننتهز هذه السانحة لنذكر المعلم بكلمات صديقه الجاهلي:

    اذا ما خرجنا من تنيـة لفلـف

    فخبر رجالا يكرهـون ايابـي

    وخبرهم اني رجعـت بغبطـة

    احدد اسناني ويصـرخ نابـي

    وانى ابن حرب لا تزال تهرني

    كلاب عدوي او تهـر كلابـي

    * ويأتيك رجل من اقصى المدينة يسعى.

    يقول للمعلم ان اعرض عن قوم ميسوري انه قد جاء امر ربك وانهم اتيهم عذاب غير مردود.

    ان موعدهم الصبح اليس الصبح بقريب؟

    وكذلك اخذ ربك اذا اخذ ميسوري وهي ظالمة ان اخذه اليم شديد.

    فان اهل ميسوري قد شقوا ولكن ربك فعال لما يريد.

    وانتظروا أنا منتظرون !

    جفت الاقلام ورفعت الصحف !

                  

05-25-2008, 03:33 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ (Re: عبدالله عثمان)


    محمد عبد الرحمن شيبون (4) ملاحقات يعوزها المبرر..!

    كان شيبونُ له الشعرُ خميلة



    وله الشعبُ قبيلة



    بقريضٍ طينُه من حرِّ شيبونَ



    قُراضةْ



    وضمير لم يَذُق – والشعب في السبي – اغتماضة



    ثم أصغى لمنادٍ في الدجى حيَّ على خير فلاح



    فسرتْ فيه انتفاضة



    وطوى ذلك الماضي حيالَ الطورِ



    في وادي طُوى



    إذ تجلَّى الشعبُ في نورِ الكفاحْ



    نافخاً في خافقِ الشاعرِ ناراً ورياح



    وقوى



    نعت صحيفة (الرأي العام) الشاعر والكاتب محمد عبد الرحمن شيبون في عددها الصادر بتاريخ (9 ديسمبر 1961م)، حيث وقعت في خطأ مفاده أن الشاعر انتحر في رفاعة، والصواب هو أن الانتحار وقع في الحصاحيصا كما أفاد بذلك الشهود (الذين منهم الأستاذ محمد خير حسن سيد أحمد زميل شيبون). وجاء في نعي الصحيفة: « مات محمد عبد الرحمن شيبون... فقد نعى الناعي خبر وفاته منتحراً في رفاعة حيث كان يعمل مدرساً هناك. فجعنا أمس بالنبأ.. وعشنا لحظات رهيبة ونحن نستمع إليه ولا نكاد نصدِّق. فقد كان شيبون إلى ما قبل أشهر قليلة معنا في الرأي العام تضمنا أسرة واحدة... كان يفيض حيوية... ويملأ دنيانا بهجة.. كنا نحس بالألم يعتصره وهو يضحك ويقاوم.. وفي لحظة يأس ملأ شيبون حياتنا بالحزن والأسى.. وتكبر الكارثة ويزداد الألم والفجيعة عندما تكون نهاية شيبون – بيده هو.. تلك اليد النظيفة الطاهرة التي أشاعت كلماتها في الصحافة السودانية كثيراً من الآمال الإنسانية المشرقة. وشيبون – طيّب الله ثراه – واحد من أبناء شعبنا الذين ضحوا بالكثير منذ أن كان طالباً من أجل هذا الشعب.. ضحّى بسنوات دراسته.. وضمته جدران السجون ووجّه كلماته القوية وأشعاره سهاماً في صدر المستعمرين.. فكان بحق واحداً من طليعة أبناء جيل الاستقلال. وكان - رحمه الله – مثالاً نادراً للصبر... والتضحية ونكران الذات... رحم الله شيبون بقدرما قدّم من تضحيات.. وبقدر ما ما خلّف من أحزان.. وأمطر قبره الطاهر شآبيب الرحمة والمغفرة«. انتهى.



    كتب الأستاذ عمر محمد الحسن في موقع (منتديات رفاعة) على الانترنت (19/5/ 2007م) يقول: انتحر محمد عبد الرحمن شيبون، والحزب الشيوعي يقول (إن أرشيف الحزب موجود لم يحن وقت كشفه). ومعلوم أن الأستاذ المرحوم عبد الرحمن الوسيلة كتب يومئذ نافياً علاقة الحزب بمسببات انتحار شيبون وعدم وجود ما يلزم الملاحقة – كما أشاد بتاريخه النضالي. وذكر أن والد الشاعر رجل متدين ظل يدعو الله أن يهدي ابنه. وأشار إلى واقعة محاكمة شيبون على أيام الاستعمار حين وقف ببسالة أمام القاضي الإنجليزي يدافع بقوة عن فكره ومنادياً بالحرية للسودان وجلاء المستعمر، وأمام دهشة وإعجاب الناس – قام إليه والده واحتضنه.



    امتلك شيبون صفات مائزة عن رفقائه، وكان على خلق كبير لا يقبل تبخيس الناس وانتقاصهم قدرهم، ولعل ذلك ما جعل د. عبد الله علي إبراهيم يقول على لسان عبد الوهاب سليمان: « كانت الشُقة بين شيبون والآخرين واسعة. وكان لا يقبل تبخيس الناس في مجلسه لأنه يعتقد أن الناس كلهم – وإن طال الزمن – أهل لهذا الجمال الذي ينبت على ضفاف الماركسية والزمالة التي كان قد نشدها في الحزب. والمعلوم أن (القَعْدَة) لا تكتمل إلا بالقطيعة التي هي (عنكوليب أو قصب سكر) الونسة.



    كان شيبون شخصية قيادية منذ أن كان في مدرسة حنتوب الثانوية، وكان (حلاّل المشاكل) – كما ذكر الأستاذ محمد إبراهيم نقد في حواره مع ضياء الدين بلال (الرأي العام)، قال نقد: « في حركة الطلبة بحنتوب من المؤكد أن الشخصية القيادية كانت محمد عبد الرحمن شيبون، لكنه كان هو القائد الطبيعي الذي لم ينصبه أحد. كنا نذهب إليه لحل المشاكل التي تواجهنا، كان معه إسماعيل حسن أبو من أبناء الأبيض وعبد الوهاب سليمان (شقيق أحمد سليمان)، وكان شيبون رجلاً ذكياً وشاعراً مجيداً«. وذكر نقد أن شيبون كانت تنتابه بعض الحالات!!. وفي سؤال آخر قال ضياء لنقد: هناك من يقول أنه – أي شيبون – من ضحايا الحزب الشيوعي!! فرد نقد: هذا غير صحيح لم يكن إطلاقاً هناك عداء بينه والحزب، دخلنا سوياً كلية الآداب – جامعة الخرطوم وتم فصلنا معاً.



    هناك تناقض كبير في حديث الأستاذ نقد عن شيبون، فكيف لرجل صاحب شخصية قيادية يذهب إليه نقد وغير نقد لحل المشاكل التي تواجههم، ثم يأتي بعد ذلك ويزعم أن بعض الحالات ما تنفك تنتابه؟ على أي معيار منطقي يمكن حمل حديث الأستاذ نقد؟ بالله عليكم خبِّرونا!!



    كنا قد ذكرنا فيما مضى من حديث أن شيبون بعث برسالة للأستاذ الجليل حسن نجيلة رحمه الله حملت عنوان (ملاحقات يعوزها المبرر) لم تُنشر في حينها. وبعد انتحاره نُشرت الكلمة في (الرأي العام) بتاريخ (12/12/ 1961م)، واختارت لها الصحيفة عنوان (آخر رسالة من المرحوم شيبون)، ونوردها كاملة بالنص، يقول شيبون: « ليس من الإنصاف أن يكتب الإنسان عن شخصه، ولكن ما الحيلة إذا كان بعض الناس يريدون أن يجعلوا من بعض المسائل الخاصة قضايا عامة؟ منذ سنوات وأنا أحاول أن احتفظ بصلاتي الخاصة مع كل الناس في المستوى الذي هي فيه إلى المدى الذي جعلني أقبل في منزلي بمدني سُكنى عدد من الأصدقاء، اتضح فيما بعد أن القانون كان يبحث عنهم وكذلك كنت عرضة لملاحقات عديدة، دفعت ثمنها غالياً من صحتي وحريتي وعملي ومالي وخرجت من مدني معدماً مرهقاً، دون تذمر أو شكوى لثقتي في أنني قادر على أن أحقق أكثر مما فقدت.. والقصة واضحة معروفة كان من الممكن أن يدركها هؤلاء الذين أوجه إليهم هذا الكلام.. لو جعلوا في نفوسهم للإنصاف مكاناً.. ومتى كان الناس منصفين جميعاً؟. ومن جديد، اتضح لي أن هناك ملاحقات جديدة تريد أن تحقق أغراضاً أجهلها ولا أصدق أن هدفها الإيقاع بالأبرياء كما يقول البعض.. ملاحقات بلغت درجة تقصِّي تحركاتي وأماكن تواجدي وأسباب سفري من مواطنين عاديين ليست لهم أي صفة سوى ما يزعمون لأنفسهم من رسالة؟ ومهما كان الهدف من وراء ذلك فإنني أقول لهم بوضوح أنني بوسائلي الخاصة قد بينت للجهات المختصة أنني بعيد الصلات عن كل النشاط السياسي الحزبي، وأنني أتلمّس بوسائل شريفة سائدة كأمر واقع في هذه البلاد الطرق التي أستطيع أن أجد بها عملاً أفضل أخدم عن طريقه بلادي وأسرتي ونفسي، ويكفيني تجارب السنين التي بعت فيها جهودي للتعصب الحزبي بتراب الأحقاد والجحود. وأخيراً أرجو أن يكون واضحاً لدى أولئك البعض أنني ظللت أعمل في الحياة العامة – في حدود إمكانياتي – مدى أربع عشرة سنة وسأظل أعمل فيها ما بقيت في هذه الدنيا الزائلة بوضوح وتحت ضوء الشمس وبالطريقة والمدى اللذين أحددهما وفي اليوم الذي أشعر فيه أنني بحاجة إلى العمل في الخفاء فإنني سأفضِّل الصمت. سأساهم في خدمة بلادي بما أستطيع أما في المطبات الحزبية فـ (نو!) بالمفتوح. إنني أتوجه إلى تلك الكثرة من معارفي الذين يقاسون في صمت أن يواجهوا موقفهم بشجاعة وصراحة فنحن قوم لفظنا أو لفظتنا السياسة الحزبية، فلتكن الحقيقة ما تكون، فبأي منطق وبأي حق نحكم على أنفسنا بتحمل تبعاتها وملاحقاتها؟!. إننا نود أن نحتفظ بصلات حسنة مع كل الناس، بشرط أن يكون من حقنا الاحتفاظ بحقنا في التصرف الحر.. أما أبعد من ذلك فاعذروني«. انتهى.



    هذه الكلمة كُتبت بلغة حمّالة أوجه وتقبل التأويل في جميع مستوياتها. والغريب في الأمر أن الدكتور عبد الله علي إبراهيم وقع على هذه الكلمة ولم يوردها بنصها كاملة، فقد اكتفى ببعض الإشارات والمقتطفات، ذلك يعني أن الدكتور أخذ ما يناسبه فحسب وترك الباقي. ولعل شيبون هنا قد حاول أن يوضح ماهية الملاحقات التي كانت تترصده في كل درب سلكه، وتقتفي تحركاته وخطواته وأماكن تواجده وحتى دواعي سفره!! فهذا لا يمكن أن يتم من غير عمل منظم ومرتب غاية التنظيم. ولعل ما جاء في حديث شيبون دليلاً على أن بعض المهام السرية و(الأفاعيل الحزبية) كانت تُمارس داخل الحزب وعبر كوادر يعملون في الخفاء. وكنا على يقين من ذلك الأمر حين كتبناه في (الصحافة 18/3/ 2005م)، وقد انبرى لنا من كذّبنا ورمانا بالغرض الرخيص – كما في كلمة الرفيق عبد الله الحاج القطي (الصحافة 1 أبريل 2005م) معقباً على ما سقناه.
    يجدر بنا أن نشير إلى أن الأستاذ حسن نجيلة علّق على كلمة شيبون في عمود صغير على ذات الصفحة حمل عنوان (رأي)، قال فيه: « اهتزت جوانحنا حزناً وأسفاً لمأساة الشاب الذي كنا نرجى منه كثيراً (شيبون) رحمه الله وغفر له. وعلى صفحة - الصور – أنشر اليوم آخر رسالة تلقيناها منه وقد أشرنا إليها أمس الأول في باب (من يوم إلى يوم) هي رسالة لم نؤثر نشرها في حينها لما كان يتغلب عليها من جانب شخصي بحت، إذ إنها لا تعالج مشكلة عامة بقدرما تتحدث عن مأساة نفسية خاصة، ولم نكن ندري أن القدر يخفي بعدها هذه المأساة، وأن يرتضي هذا الشاب الخروج من الدنيا بالصورة المؤسفة التي اختارها، فرأينا لزاماً علينا أن ننشرها لنكشف عن جوانب من الأزمة النفسية الحادة التي كان يعانيها في أيامه الأخيرة مما جعله ينهي حياته ويخلّف قتاماً من الحزن على وجوه كل من عرفوه. نسأل الله له المغفرة ولآله الصبر«.



    وبسبب شيبون قاد الأستاذ الجليل حسن نجيلة معركة استفزه إليها قلم المرحوم عبد الرحمن الوسيلة الذي كتب ثلاث مقالات في الرد على حسن نجيلة، وهو ما سنعرض له في كلمتنا القادمة.

    http://www.alsudani.info/index.php?type=3&id=2147520158&bk=1
                  

05-25-2008, 03:39 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ (Re: عبدالله عثمان)


    شيبون: فلنفجّر شعرنا فوهة بركان.. نضال (9)

    خالد أحمد بابكر



    يقول شيبون في رثاء المناضل الإفريقي (باترس لوممبا):



    "يا لومببا



    أي اسم في ذرى التاريخ أربى



    وتناهى



    صار للشهداء قطبا



    هام بالكنغو فشق له على الألغام دربا



    ناداه للبذل الضنين فكان قلبا



    هزّه شوق إلى المجد فلبى



    وتحدى ملء سمع الكون غربا



    هم أرادوا أن تكون الغصنَ سهل القطف رطبا



    فكنت صلباً، كنت كالفولاذ صلبا



    أصليتهم حمم الكفاح، وسمتهم ركلاً وضربا"







    ولد الشاعر والكاتب الصحافي محمد عبد الرحمن شيبون في أبي زبد بكردفان (180 كيلومتر غربي مدينة الأبيض) في عام 1931م. درس المرحلة الأولية بمدرسة أبي زبد الأولية، والوسطى بمدرسة الأبيض الأميرية، وانتقل في المرحلة الثانوية للدراسة بحنتوب، حيث دخل جامعة الخرطوم – كلية الآداب عام 1951م وفُصل منها في عامه الدراسي الثاني مع محمد إبراهيم نقد والأمين حاج الشيخ أبو.



    يقول شقيقه مكي عبد الرحمن شيبون إن شاعرنا كان قليل الزيارة لأبي زبد، وربما حضر في إجازات متفرقة وفي أوقات متباعدة.. كان ضنين الحديث يرهف السمع في أغلب الأوقات للراديو، ويشغل نفسه كثيراً بالمطالعة الدؤوبة للكتب والمجلات.. وكان من أصدقائه المقربين مولانا أحمد التجاني عبد الهادي زميله منذ المرحلة الأولية وحتى الجامعة. بعد فصله من الجامعة مع من ذكرنا، اجتمع بهم الأستاذ عبد الخالق محجوب –كما ذكر الأستاذ عبد الوهاب سليمان- وأطلعهم على أمر بعثة الى بلغاريا. لكن الحزب الشيوعي اختار لتلك البعثة فرداً واحداً هو محمد إبراهيم نقد دون الآخرين. مع علم الجميع أن شيبون كان أجدر من غيره بهذه البعثة، وقد كشف ذلك عن خساسة وضعة؛ كما قال صلاح أحمد إبراهيم. وبرغم هذا التواطؤ المكشوف، لم تؤثر هذه الحادثة على انخراط شيبون في صفوف الحزب، وقد أبان الأستاذ عبد الوهاب سليمان أن شيبون لم يعرها اهتماماً أبداً.



    في سياق آخر، كان الدكتور عبد الله علي إبراهيم قد شكك في صداقة صلاح أحمد إبراهيم لشيبون. وهو آخر شيء كنا نتوقعه منه. فقد قال في خاتمة مقالاته حول شيبون: "هل كان صلاح صديقاً لشيبون حقاً؟ أم أنه كان مجرد (زميل) صبا وجسارة أشواق؟ هل كان شيبون يسوى عند صلاح شيئاً بغير ظلم الشيوعيين له، أو كما قال". وأضاف: "لم يشفِ لي غليلاً تلميح غامض من جهة صلاح ورد في إهدائه ديوانه (نحن والردى) لشيبون. وفي العبارة ندامة من صلاح لأن شيبون لم يكاشفه بأزمته فلربما تداركا معاً الانتحار واضعين من جديد (يداً على يد في طريق جديد والغاية هي هي). وهنا العبارة الغامضة. فقد قال صلاح: "وقد يكون هذا نفسه ما خطر لك من عتاب لي دون أن تجد فرصة بثه قبل أن يسبق السيف العزل".



    أقول إن الدكتور عبد الله علي إبراهيم لم يلتقِِ بشيبون في حياته، ولا يعرفه إلا من حيث إشارات صلاح عنه كما أكد ذلك في الحلقة الثانية من مقالاته عن شيبون، فقد قال: "إن ما كتبه صلاح عنه –أي شيبون- هو كل ما نعرفه عن الرجل". فقد انتمى الدكتور عبد الله علي إبراهيم للحزب الشيوعي في عام 1960م؛ كما ذكر في أكثر من مناسبة، وبعدها بعام واحد انتحر شيبون. ألا يكفي د.عبد الله من صداقة صلاح لشيبون أن صلاحاً هو الوحيد من بين الشيوعيين من ذكره حتى في غمرة معاركه السياسية التي خاضها ضد الحزب الشيوعي؟ وهو أول من دافع عنه ونوّه به من ضمن شعراء السودان دون أن يرد ذكر له في أدبيات الحزب الشيوعي أو مجرد الإشارة إليه ككادر مهم قدّم التضحيات الجسام في سبيل فكرته. ألا يكفيه قول صلاح في قصيدته (حنتوب – شاعر شعب):

    "كان شيبون مع ذلك إنساناً بسيطا



    كان ريفي



    كان كالسيل، وكالظل الوريف



    قال لي فوق ندى العشب الخريفي



    والثعابين لها نحو (الصديقين) التفات:



    يا صلاح..



    ما حياتي إن أنا ضيعتها دون أن



    أبني بناء للغد



    أنا إنْ عشت وشعبي مرهق مستغل



    ثم لم أمدد يدي



    فأنا لست بإنسان له عيد ميلاد



    أنا لم أولد



    هكذا غنّى كمال



    فلنفجر شعرنا فوهة بركان



    نضال"



    ألا يكفي د.عبد الله علي إبراهيم تصريح صلاح العلني في الأبيات أعلاه أن شيبون كان صديقاً حميماً؟ فمن غير هؤلاء (الصديقين) إنْ لم يكونا (صلاح وشيبون)؟ فكيف تكون عبارة صلاح غامضة وهي تتحدث عن عتاب صلاح لصديقه بأنه لم يكاشفه في أمر ما. هذه العبارة لا تدل إلا على ما وقع بينهما من عتاب، ولا تنفي صلة الصداقة بينهما. وعبارته "قبل أن يسبق السيف العزل" يُقصد بها الأمر الذي حملهم على هذا العتاب، والعتاب أمر طبيعي بين الأصدقاء، ولا يعني بأية حال نهاية معرفتهما وصداقتهما الأصيلة النبيلة. واسم (كمال) الوارد في القصيدة هو إشارة للشاعر المصري كمال عبد الحليم صاحب ديوان (إصرار) الصادر في نهاية الأربعينيات.



    أمر آخر، هو أن الأستاذ عبد الوهاب سليمان، صديقهما وثالثهما، قد أكد متانة العلاقة التي جمعتهما، وأن هناك مراسلات كانت بين شيبون وصلاح حتى عندما كان صلاح خارج الوطن. وكانا على اتصال طوال الأوقات المتباعدة. وكما هو معلوم، فإن صلاحاً فوجئ بانتحار شيبون أثناء وجوده بغانا، وقد أثّر فيه ذلك أيما تأثير، وكان يقول لعبد الوهاب سليمان: "إنهم يسعون للنيل مني مثلما نالوا من شيبون".



    لم يختزل صلاح صديقه شيبون في عدائه تجاه الحزب الشيوعي –كما قال د.عبد الله- بل خلّده بذكره في تاريخ الثقافة السودانية، بينما تغافلت عنه جموع الشيوعيين قاطبة. فلم يرد ذكر لشيبون عندهم مقروناً بالإنصاف لأسباب كثيرة معلومة لدى قطاع كبير منهم، فشيبون عُرف بمواقفه الحادة والشُجاعة حيال قيادة الحزب الشيوعي، ولم يكن يماري ويداري عورات الحزب في كثير من المواقف التي وقفها.



    في المشاركات الثقافية في الخمسينيات عبر الصحف، كانت لشيبون مساجلة شهيرة دارت على صفحات جريدة (الصراحة) في عام 1954م مع الشاعر حسين بازرعة حول قصيدته (أرضنا الطيبة)، حيث تصدى لها بالنقد من منظور الواقعية السائدة في ذلك الزمان. فكتب يقول معلقاً: "أين (جومو) من أرضنا الطيبة؟". وجومو هو الزعيم الإفريقي والقائد الكيني الذي قاد (ثورة الماوماو) وأول رئيس كيني قاد بلاده للاستقلال. يقول الدكتور تاج السر الحسن في قصيدته (آسيا وإفريقيا) مشيراً لكينيا وزعيمها (جومو كنياتا): وهو الاسم الحركي للرئيس الكيني ويعني (الرمح الملتهب): الذي غرسه في أحشاء الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس:



    "أنتِ يا غابات كينيا يا أزاهر



    يا نجوماً سمقت مثل المنائر"



    وقوله:



    "قد رأيت الناس في قلب الملايو



    مثلما شاهدتُ جومو



    ولقد شاهدتُ جومو



    مثلما امتد كضوء الفجر يومه"



    فقول شيبون في انتقاده لبازرعة "أين جومو من أرضنا الطيبة؟" يشي عن إلمام بالثقافة من حوله، ودور المناضلين الأفارقة وتضحياتهم في سبيل أوطانهم. وكان رد الشاعر بازرعة عليه بأبيات يقول فيها:



    "أقسم بالشمس التي أحرقت دمي



    وبالإنسان في كينيا وقرآني



    أنا إفريقي وإفريقيتي



    حمقاء كالنارِ"


    http://www.alsudani.info/index.php?type=3&id=2147521357&bk=1
                  

05-25-2008, 03:43 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ (Re: عبدالله عثمان)


    شيبون وصلاح أحمد إبراهيم: حصارُ الشائعات والاتهامات..! (8)

    خالد أحمد بابكر







    "لغدر (أنانسي) أغني



    لمجد الخداعِ لؤم الطباع،



    له ولمستسلم بانصياع



    أغني كمال الجريمة"



    (صلاح أحمد إبراهيم)







    نُسجت حول شيبون حكايات فاقت ما نسجه زهير لهرم بن سنان. ودُبِّجت بحقه شائعات مغرضة كان هدفها الحطُّ من قدره وتشويه صورته. فمن الحكايات العجيبة ما قيل عن علاقته العاطفية بزميلة أخته التي كانت في الكُتّاب يومذاك – بحسب الأستاذ محمد خير حسن سيد أحمد. وقد أسفت كثيراً لما أورده صديقنا الدكتور عبد الله علي إبراهيم في هذا الشأن، فهو قد انتهى إلى أن شيبون: "عشق صبية في عمر أخته. أحبها وأحبته. وقد كانت تزورهم لماماً متصنعة صداقتها لأخته.. فهي تأتي إليه ضمناً ولأخته معنى". ويضيف أن الصبية أخيراً تركته، ولما لم يحتمل، انتحر... لا ندري من أين جاء د.عبد الله علي إبراهيم بهذه الترهات التي لا تحمل أدنى صلة بمن هو في مقامه وعلمه. فهو لم يبيّن حتى مصدر هذه الحكاية، ولم ينسبها للشخص الذي أخذها عنه. وهذا هو المنهج الذي سبق ووصفناه بـ"التدليس والتحريف" في الوقائعية التاريخية.



    لقد ذكر الأستاذ محمد خير سيد أحمد (زميل شيبون) في إفادته لنا بأن رواية د.عبد الله حول علاقة شيبون بزميلة أخته محض افتراء. وقال إن شيبون لم تكن له علاقة عاطفية بهذه الصبية بتاتاً، وهو يعلم ذلك أكثر من غيره. وأشار إلى أنه في مرة وجد شيبون يكتب رسالة، فداعبه قائلاً: أهي رسالة رومانسية؟ قال: فغضب شيبون غضباً تغيرت من فرطه ملامحه ولم يكلمه إلا بعد أن اعتذر له وأخبره بأنه يمازحه. فقال له شيبون: أنا لست من هذا النوع الذي يمارس الرومانسيات. فهل في مثل هذه الحال يصح أن نأخذ بمن كان موجوداً وقريباً من شيبون –كالأستاذ محمد خير؟ أم نأخذ بروايات سماعية يتناقلها الناس أينما وجد محرِّف ومؤتفك ومنصاع، وربما لا تربطهم أدنى معرفة بشيبون؟.. وهناك من يحتج على وجود هذه العلاقة (المتوهمة) بقصيدة لشيبون يقول في مقطع منها: (صدري وصدرك للرصاص وللفداء). وهي أيضاً لا تصلح حجة لإثبات هذه العلاقة. فكم من الشعراء خاطبوا فتيات في خيالهم، لم يكن لهن وجود واقعي في الحياة.



    هنالك شواهد كثيرة تدل على تجنب الدكتور عبد الله علي إبراهيم لرواية من كانوا شهوداً أوان انتحار الشاعر. فهو –على سبيل المثال– تجاهل الأخذ برواية الأستاذ محمد خير سيد أحمد فيما رواه عن واقعة الانتحار!. فقد قال د.عبد الله (الرأي العام 17/6/ 2006م): "ومع ذلك، فهناك رواية عن الواقعة استبعدتها على بلاغة وأسر شحنتها اللغوية. فقد قال محمد خير إن أخت شيبون كانت مع والدتها حين وجدت ابنها معلقاً من مرن الحمام. وقال إن الأم جرت نحو شباك الحمام بعد أن أعياها فتح الباب. وكان الشباك مغطّى بسلك (نملي) رفيع. واندفعت الأم نحو الشباك ومزقت سلك (النملية) كأنها تريد أن تدخل على ابنها من الشباك. وهنا صاحت الأخت الصبية: لكن ما قطعتي نملية الحكومة يا يمة". ونحن نسأل لماذا استبعد الدكتور عبد الله علي إبراهيم رواية محمد خير –مع أنه قال ببلاغتها وإنها تحمل شحنة آسرة؟ فهل هاتان الصفتان كفيلتان بالقدح في هذه الرواية؟ أم الى ماذا يرمي من وراء استبعاده لها؟

    مثلما حوصر شيبون بالشائعات والاتهامات المغرضة، فإن صديقه صلاح أحمد إبراهيم فُعل به فعلاً شنيعاً، حين اختلق المرحوم عمر مصطفى المكي حكاية (بيت الإيجار) الذي زعم أن صلاح استأجره لجوقته، وأن ذلك البيت (المزعوم) شهد ما شهد من مظاهر التبذُّل!، يقول (الصحافة 30/7/ 1968م): "بيت العباسية يا صلاح أحمد إبراهيم الذي أجرته وسكنت فيه منفرداً عازلاً نفسك عن أسرتك –هل كان مخصصاً (للاختلاط بالعمال).. للعمل الثوري.. للفكر والنضال؟ هل ما شهده ذلك البيت من مظاهر التبذُّل يصلح للنشر؟". وذهب عمر مصطفى المكي أبعد من ذلك، حيث وصف اسم صلاح بالملوّث، وأنه شريد انحرافاته وأسير أحقاده، يقول: "أنا لا أريد أن أقول لك يا صلاح أحمد إبراهيم إنك لست من الرجال الذين يبيحون لأنفسهم التطاول على عبد الخالق محجوب، أو على أي واحد من المناضلين الشرفاء في هذا البلد.. إن مجرد الربط بين اسمك الملوّث واسم أي واحد منهم هو تجنٍّ على الفكر والأخلاق والقيم الثورية.. ولا أريد أن أقول لك يا صلاح أحمد إبراهيم إنك تسكن بيتاً من الزجاج ولا يحق لك أن تقذف الرجال بالحجارة، فمن بيوت الزجاج ما يستعصي على الحجر وحتى على الرصاص.. إنك يا صلاح إنسان في العراء بلا بيت.. بلا مأوى.. وستظل هكذا شريد انحرافاتك.. وأسير أحقادك.. طريد القيم إلى يوم نهايتك، وهو ذلك اليوم الذي تنزل فيه إلى مستوى قدرك الحقيقي في موازين الرجال.. وفي موازين المفكرين والثوريين.. وهو المستوى الذي سنضعك فيه مهما كان إصرارك على الجدل وعلى المكابرة وعلى لوي عنق الحقائق والتجني على التاريخ وعلى أقدار الرجال".



    هذه الشتائم المقذعة جاء بها المرحوم عمر مصطفى المكي ليصرف الناس عن جوهر الموضوع الذي تناوله صلاح أحمد إبراهيم حين انتقد قيادة الحزب الشيوعي وطالب بالنقد ومحاسبة القيادة على الأخطاء التي ارتكبتها في حق الحزب. وقد رد صلاح على عمر في كلمته (عمر.. وحديث الإفك) في (الصحافة 31/8/ 1968م)، واستهل حديثه ببيتين أولهما لأحمد شوقي:



    نحن اليواقيت خاض النار جوهرها



    ولم يهن بيد التشتيت غالينا



    لولا اشتعال النار فيما جاورت



    ما كان يعرف طيب نفح العود



    وأورد صلاح في رده رسالة كتبتها أخته الكبرى رداً على افتراءات عمر لأنها صاحبة البيت المذكور: "يقول مسيلمة النجار كوك (بيت العباسية يا صلاح أحمد إبراهيم الذي أجّرته وسكنت فيه منفرداً عازلاً نفسك عن أسرتك الخ..) حتى قوله (وهل ما شهده ذلك البيت من مظاهر التبذل يصلح للنشر؟) كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولونإلا كذباً. أي مظاهر التبذل شهده ذلك البيت؟ وأين هو إن لم يكن وسط أهلي وأقاربي وأهل حيي؟ وجدرانه من القِصَر بحيث يمكن للجيران أن يشهدوا كل ما يجري فيه، ويقفز إلى داخله أعضاء نادي العباسية الثقافي –جيراني من الجهة الأخرى– لأخذ كرة (الفولي) دون استئذان. عضو اللجنة المركزية والمكتب السياسي – يا للعار– يكذب وكأنه وَلَد في الكُتّاب. حقاً إن صاحب الحاجة أرعن. والغرض مرض. والمضطر يركب الصعب، ولأمرٍ ما جدَعَ قصيرٌ أنفه. فانتهازية عمر كما أسلفت القول انتهازية مكينة لن تزايله حتى يدخل البكماء، ويهجم الدود على الدود. لقد ألحت أختي الكبرى – وهي أم مثالية –لتسع كبراهن بالجامعة وهي بجانب ذلك ذات نشاط ملحوظ في الاتحاد النسائي بودمدني– أن أنشر لها الكلمة التالية بعنوان (للحقيقة والتاريخ يا سيد عمر مصطفى) تقول له: (أولاً هدئ زوبعتك، وخفف من غبارك الذي أثرته وملأته قاذورات تزكم الأنوف. يا أستاذ عمر، إن المنزل الذي تدعي، امتداد لمنزل الأسرة ولا يبعد عن منزل والديه سوى أقدام معدودة، وكل معيشته معهم ابتداءً من شاي الصباح وذلك فقط لضيق المحل بمنزل الوالدين الذي لا يسع كُتُب صلاح، ولا هو مريح لكتاباته إذ ما به زيادة سوى غرفة واحدة، وحتى هذه حركتها مستمرة ولا سبيل للراحة فيها. لذا يسكن صلاح بمنزلنا الآخر ومعه بعض أفراد الأسرة في أغلب الأوقات.. وليتك قمت بزيارة لذلك المنزل المفترى عليه لترى الكتب المبعثرة التي بمنزل صلاح عسى أن تجد بينها بعض الكلمات المهذبة التي تصلح لمقارعة الحجة لمبارزة خصومك في الرأي مبارزة عفة يستفيد منها القارئ. كما يجب أن تتحرى الحقائق قبل أن تكتب)".



    في سياق آخر، كان الأستاذ صلاح أحمد إبراهيم قد تحدث في (الصحافة 23/7/ 1968م) عن جرأته في قول الحق، فهو القائل: "في مخطط عملي أن أعرض للناس التجارب التي مررت بها في حياتي، ولا أخالني أقل جرأة في قول الحق حتى على نفسي من (أندريه جيد) مثلاً". لكنّ هذا القول لم يعجب عمر مصطفى المكي واعتبر صلاحاً لا يشبّه نفسه إلا بالعمالقة، حيث انتهى به القول في كلمته (بطاقة مبارزة – الجولة الثانية) في (الصحافة 30/7/ 1968م): "إنّ المارشال حتى في اعترافاته النصفية لا يشبه نفسه إلا بالعمالقة.. بالكبار الذين وضعوا لبنة في بناء الفكر.. إنه واحد منهم!! وأخطاؤه لا تشبهها إلا أخطاؤهم، واعترافاته لا تشبهها إلا اعترافاتهم!! وأكثر من ذلك.. أن صلاح أحمد إبراهيم يناقش علناً –وعلى عينك يا تاجر– في مجالسه الخاصة فيقارن نفسه بـ(أوسكار وايلد)!! وأنا لا أريد أن أضيع وقت القارئ في مقارنة بين القيمة الأدبية لأوسكار وايلد والقيمة الأدبية لصلاح أحمد إبراهيم، لأن في هذا تجنياً على الأدب لا أقترفه".



    عندي أن ما رمى إليه المرحوم عمر مصطفى المكي يبدو واضحاً من حيث ظلمه الفادح لأديب كبير وشاعر مجيد في قامة صلاح أحمد إبراهيم. وهذا شأن الخصومة السياسية، فصلاح –مهما قيل فيه- لا يقل قدراً عن أولئك الكبار، وإن غمطه خصومه حقه.



    وجاء عند صلاح في معرض الرد على عمر مصطفى المكي (الصحافة 31/8/ 1968م) قوله: "ويسوء مسيلمة النجاركوك أنني أحاول الاقتداء والتشبه بالقمم، وهذا يعكس صغر نفس (الدخان الذي يعلو بنفسه إلى طبقات الجو وهو وضيع)، فمن غيرهم أحاول الاقتداء والتشبه يا نجاركوك؟ لماذا تنفس على صلاح إن لم يحاول أن (يشبه نفسه إلا بالعمالقة.. بالكبار الذين وضعوا لبنة في بناء الفكر.. إنه واحد منهم (على حد قولك)؟؟ ألم يقل شاعرنا العربي (وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم)؟. ألم يأتِ في التعاليم الموجهة للملك (مري كارع) من بردية لينينجراد: (أنسج على منوال آبائك السالفين الذين سبقوك. أنظر! إن كلماتهم لا تزال خالدة تنبض بالحياة فيما خلفوه من كتب. افتح الكتاب واقرأ ما فيه واستفد بعلم أجدادك واتبع تعاليمهم يصبح المرء عالماً حكيماً مثلهم).. وأنت بمن تحاول أن تشبه نفسك يا نجاركوك بعد أن أشحت وجهك عن العمالقة و(الكبار) الذين وضعوا لبنة في بناء الفكر.. بالرفيق (بيريا) مثلاً؟ بالرفيق راشد؟".
                  

05-25-2008, 06:32 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالله على إبراهيم: أهى فتنة؟؟ (Re: عبدالله عثمان)

    لقد منح السيد فاروق هلال معلومات ثرة عن انتحار شيبون ولكن بها أشياء صحيحة وأخرى غير صحيحة.. كنت أتوقع من السيد فاروق هلال أن يرسم لعبد الله (البرندة والحمام والغرفة وأعقاب السجائر والطاولة التي ترك عليها شيبون الوصية)، وكتاب من (سلسلة أقرأ) المنكفيء على صفحتي (45-4) واسم الكتاب (المجتمع العربي).. لقد كان شيبون يقرأ حتى آخر ثانية من عمره وقد كان (Book Worm) كما يقول الإنجليز.
    لنا وقفة مع قول الصبية أخت شيبون ( لكن ما قطعتي نملية الحكومة يا يمة). فحديث أخت شيبون لأمها هو ما أحبه د. عبد الله علي إبراهيم وجعله عنواناً لمقاله في (الرأي العام). وكلام شقيقة شيبون كنت أوردته في مقالتي عن انتحار شيبون (الصحافة 5 أغسطس 2005م).. وقد دونته لمافيه من معان سامية، فهذه البنت قد تعلمت في المدرسة كيف يحافظ السوداني على ممتلكات الدولة لأنه ساهم في تكوينها وأنها ترجع له وأنه هو المستفيد منها.
    كثيراً ما حول د. عبد الله علي إبراهيم أن ينفي تهمة صلاح أحمد إبراهيم ويخلي ساحة عبد الخالق من دفع شيبون إلى الانتحار.. وأن الذين دفعوه شيوعيو رفاعة وليس الزمرة التي جاءت موفدة من قبل الحزب لتلقي تهنئة العيد على ذلك الضابط الإداري وتعرج على (منزل) شيبون - سبحان الله – لقد كان لشيبون منزلاً، يسكنه وتأتيه الوفود تزوره وتهنيه بالعيد السعيد. ويقول د. عبد الله كذلك – لقد عشق شيبون صبية في عمر أخته- أحبها وأحبته وقد كانت تزورهم لماماً متصنعة صداقتها لأخته.. فهي تأتي إليه ضمناً ولأخته معنى. ويقول عبد الله إنها أخيراً أعطته (شاكوشاً) ولما لم يتحمل الصدمة انتحر... وهكذا حاول (البروف) عبد الله علي إبراهيم أن يبعد التهمة عن عبد الخالق وحزبه.. وإلباسها لشخص شيبون العاشق الولهان الذي ما تمالك وقوى، بل إنهار من أول (شاكوش) على رأسه.. وهو الذي تلقى العديد من ضربات هراوات المباحث، والذي تحمل العديد من ركلات نعل الشرطة والمخابرات.. وهو الذي نام على البلاط البارد يفترش الثرى ويتوسد ساعده العاري.. وهو الذي خبر الأجحار والأنفاق!!
    يقول عثمان الحوري إن: «انتحار شيبون يغلب عليه طابع البؤس واليأس العميق الذي تبلور حول (غصن سالسبورغ) والغصن في حالة شيبون هو ميله إلى (الاختمار وشرب الخمور البلدية الرخيصة والتي تعج بالسموم المتلفة للأعصاب» هكذا وبكل بساطة يرجح الحوري إقدام شيبون على الانتحار، نتيجة للجوع والبؤس واليأس العميق، ومعاقرته للخمر والخمر البلدي (العرقي يعني) وهو النوع الرخيص الذي يعج بالسموم!
    كان شيبون يشرب الخمر ولكنه لم يكن مدمناً. وكان يفضل (الشري) وليس العرقي ولا الوسكي لأنه شراب البرجوازيين وهو ليس منهم... كنت يوماً مسافراً إلى الخرطوم، غادت رفاعة، عبرت الأزرق العاتي.. ذهبت إلى مكتب مدير السكة حديد أسأل عن قطار الأبيض المتجه إلى الخرطوم..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 2 „‰ 2:   <<  1 2  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de