|
ما هذا يا د. عباس م. السرَّاج؟؟ لماذا تريد لسارة عيسى أن تصمت؟؟
|
كتب الدكتور عباس محمد السراج هذا المقال في موقع سودانايل.. وأنا أنقله هنا للنقاش..
Quote: سارة عيسى وندى القلعة .... ليس ردّا .... د. عباس محمد السراج
طبيب نفسى ببريطانيا [email protected] ( مهما توارى الحلم فى عينى
وأرّقنى الأجل
ما زلت ألمح فى رماد العمر
شيئا من أمل )1
كتبت الاستاذة / سارة عيسى - وفى هذا الموقع - مقالا بعنوان ( أرشح الفنانة ندى القلعة لمنصب رئاسة الجمهورية ) وذلك بتاريخ 9.3.08
فذكرتنى بقصة طريفة ، وقعت لى ايام كنت مغتربا فى أميريكا فى منتصف التسعينات . وكنت قد قدمت الى هناك قادما من غربة اخرى فى المملكة العربية السعودية . اذن فاغترابى لم يكن بسبب ( الانقاذ) حيث اننى من الرعيل الاول الذى هاجر من السودان ايام السيد / جعفر محمد النميرى . وعلىّ ان اذكر ايضا ان هجرتى لم تكن ابدا بسببه ، وانما كانت بسبب الامام الشافعى - رحمه الله- الذى كان يحفزنى دائما ويقول :
تغرب عن الأوطان فى طلب المعالى...
وسافر ففى الأسفار خمس فوائد ...
تفرج هم ، واكتساب معيشة ، وعلم ..
واداب ، وصحبة ماجد ...
فان قيل : فى الاسفار ذل ، ومحنة ..
وقطع الفيافى ، وارتكاب الشدائد ..
فموت الفتى ، خير له .. من حياة .. بدار هوان ..
بين واش وحاسد ...
فاستمعت لنصيحته . وتحقق لى –بفضل الله – كل ما ذكر . باستثاء الهم ، فانه ظل عالقا بنفوسنا ، ساكنا فى نخاع عظامنا ، فأكل وشرب من دمائنا . وهو ليس همّا متعلقا بذواتنا وانما هو همّ ، نحمله لأهلنا فى السودان . ولوطن كسير وجريح ، نراه يتمزق بين ناظرينا ، وتتاكل اطرافه امام أعيننا ، وقد أثخنت فيه الفتن ، وتعمقت فيه الجراح ، وتكالبت عليه النسور. ولو كان الامام الشافعى قال ( تفرج غم ) لكان أصح وأولى ، والفرق بين الغم والهم معروف وظاهر . الا أنه وكما قال .
أعود للقصة التى ذكرتنى بها الاستاذة الفاضلة / سارة عيسى ........
كان من ضمن من تعرفنا عليهم فى سان فرانسسكو طبيبة سودانية وزوجها . فذهبنا اليهم ذات مرة فى زيارة . كان المنزل منزلا بسيطا مخصصا للفقراء ذوى الدخل المحدود . فزوجها يعمل حارسا فى احد المواقع . وهى لم تحصل على عمل كطبيبة بعد فكانت تعمل فى بيع (عصير الليمون) للأطفال امام احدى المدارس التى يدرس فيها ابناؤها . كات تجهز العصير فى المنزل ثم تضعه فى اناء كبير فتحمله بعدئذ الى المدرسة بعد ان تضف اليه بعض الثلج . كانت تتخذ لنفسها مكانا قصيّا من المدرسة حتى اذا انتهى اليوم الدراسى جاءها من جاءها من التلاميذ فيشترون عصيرها . وتعود بعدها الى المنزل فرحة بالعشرة دولارات حصاد كدّها وجهدها فى ذلك اليوم .
جلست اليها ذات مرة وسألتها ان كانت تجد رهقا فى وظيفتها هذه ، وهى الطبيبة . قالت لى : احكى لك قصة طريفة وقعت لى :
قالت : ( بعد التخرج والانتهاء من الامتياز ، قررت ان افتح عيادة فى احد احياء الخرطوم البسيطة حيث نسكن . وكنت ادفع ايجار العيادة واجرة الممرض . وكان يمر الاسبوع والاسبوعان فلا يأتى مريض . كان الامر ينتهى فى كل شهر ان ادفع معظم راتبى لتغطية هذه التكاليف . ورويدا رويدا وتحت وطأة الذلة والافلاس بدات اشعر بتعاسة شديدة . وكلما زادت احوالى سوءا كلما ازدادت كابتى وتعاستى . فالعيادة وبدلا من ان تكون عونا لى - كما كان العشم - فشلت . فصارت عبئا علىّ . والراتب بدلا من ان يذهب الى أهلى فى البيت صار يذهب الى جيب الممرض وايجار العيادة .) .
قالت ( وحينما بلغ الامر درجة بعيدة من السوء والافلاس ، رفض الممرض استلام راتبه . عطفا على ورحمة بى وشفقة فىّ ) .
ثم حكت لى انه كان بالقرب من العيادة رجل يبيع الفول . لا يملك سوى ( قدرة فول).
ويبدو انه كان مشهورا ومعروفا . عليه زحام من المشترين يلفت النظر ويثير الاستغراب . كان الناس يتساقطون عليه تساقط الذباب على الشراب .
واعتاد صاحبنا الممرض ان يضع كرسيّا امام باب العيادة يجلس عليه ويتسلى بحركة الشارع امامه حتى ينتهى الدوام . اما دكتورتنا المسكينة فكانت تجلس فى عيادتها وقلبها ضارع الى السماء علها تجود عليها بمريض . ولكن... هيهيات... وهيهات . فترجع البصر كرتين خاسئة، اسفة ، وحزينة . وتعود للبيت فى كل امسية فارغة اليدين ، خالية الوفاض ، كسيرة وذليلة . أما الممرض فكان الألم يعتصر قلبه اعتصارا كلما راها على تلكم الحال. فكّر فى عمل اشياء كثيرة علّها تصلح من الحال وتجذب (الزبائن ) اليها . كان الفشل رديفا لكل ما فكر به . اصبح اكثر غما وهما وحزنا منها . كان يجلس امام العيادة فى كل ليلة ولا ينقطع من التفكير فى كيف يكسر هذا الحظ النحس والعاثر ، حتى يدخل الفرحة الى نفس الطبيبة الشابة والمسكينة .
كان يلاحظ ان الناس يأتون ذرافات ووحدانا للفوال صاحب ( القدرة ) . يشترون منه شراء من لا يخشى الفقر . كان الناس يتسابقون الى ذراه . ولم يحدث مرة واحدة ان بارت تجارته. فكان يسأل نفسه ويقول (لماذا نجح هذا الفوّال فيما فشلت فيه هذه الطبيبة؟ لماذا ينجذب الناس الى هذه ( القدر ) ولا ينجذبون الى هذه العيادة ؟؟ ) . كان يعمل الفكر والتأمل حتى كان ذات يوم ، أن عثر على فكرة ، رأى فيها الحل الناجع والدواء الاكيد لمشكلة الدكتورة المفلسة والتعيسة .
حكت لى الدكتورة فقالت : ( جاءنى داخلا الى غرفة العيادة مهرولا ، هاشّا وباشّا واثر السعادة بائن بين عينيه . يكاد يطير من الفرح . قالت فقال لى :
يا دكتورة وجدت الحل . قالت : قلت له ( حل لى شنو ؟؟؟؟ ) .
قال : (حل لمشكلة العيادة ) .
قالت فقلت له والحل شنو ؟؟ ) .
قال لها ( ايه رأيك......... نقفل العيادة.. ونقلبها قدرة فول...؟؟؟؟!!!) .
ضحكنا جميعا . ثم سادت لحظة صمت . ثم سرحت ببصرها بعيدا تجتر الذكريات
قالت بعدها : ( تصور ...رفضت ان افتح قدرة فول فى السودان وها انا ذا ابيع عصير الليمون فى شوارع سان فرانسسكو ) .
قلت لها ( لا حول ولا قوة الا بالله ) .
اقول تذكرت هذه القصة وانا اقرأ اقتراح الاستاذة الفاضلة / سارة عيسى بتنصيب السيدة / ندى القلعة رئيسة لجمهوريتنا الحبيبة .
وقلت فى نفسى : يا ترى اى الاقتراحين افضل ؟ اقتراح الاستاذة / سارة... لجماهير الشعب السودانى ؟ أم اقتراح صاحبنا الممرض ... لصديقتنا الطبيبة ؟ ..
فى اعتقادى ان اجمل ما فى مقال الاستاذة هو السطر الاخير حيث قالت (خاطب سيدنا معاوية قوما : يا أيها الناس لا تردوا على مقالتي .. قولوا خيراً أو أصمتوا).
انا لم افعل الا ذاك . لم ارد على مقالتها ( أم أننى رددت ؟؟ ) . واحسب نفسى ما قلت الا خيرا . وأضم صوتى الى صوت معاوية – رضى الله عنه – واقول لها (قولى خيرا أواصمتى) . أملى فى الله كبير أنها سوف تصمت طويلا وطويلا ... أو لربما انطقها الله خيرا أوليس (الله على كل شىء قدير ؟؟؟)
أملى فى الله كبير .
=====================
1- الشاعر: فاروق جويدة . |
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ما هذا يا د. عباس م. السرَّاج؟؟ لماذا تريد لسارة عيسى أن تصمت؟؟ | Yasir Elsharif | 03-13-08, 07:34 AM |
Re: ما هذا يا د. عباس م. السرَّاج؟؟ لماذا تريد لسارة عيسى أن تصمت؟؟ | Yasir Elsharif | 03-13-08, 07:37 AM |
Re: ما هذا يا د. عباس م. السرَّاج؟؟ لماذا تريد لسارة عيسى أن تصمت؟؟ | Yasir Elsharif | 03-13-08, 01:16 PM |
Re: ما هذا يا د. عباس م. السرَّاج؟؟ لماذا تريد لسارة عيسى أن تصمت؟؟ | Yasir Elsharif | 03-14-08, 10:51 AM |
Re: ما هذا يا د. عباس م. السرَّاج؟؟ لماذا تريد لسارة عيسى أن تصمت؟؟ | AnwarKing | 03-14-08, 02:13 PM |
Re: ما هذا يا د. عباس م. السرَّاج؟؟ لماذا تريد لسارة عيسى أن تصمت؟؟ | Yasir Elsharif | 03-14-08, 02:37 PM |
Re: ما هذا يا د. عباس م. السرَّاج؟؟ لماذا تريد لسارة عيسى أن تصمت؟؟ | AnwarKing | 03-14-08, 02:55 PM |
Re: ما هذا يا د. عباس م. السرَّاج؟؟ لماذا تريد لسارة عيسى أن تصمت؟؟ | Yasir Elsharif | 03-15-08, 08:57 AM |
Re: ما هذا يا د. عباس م. السرَّاج؟؟ لماذا تريد لسارة عيسى أن تصمت؟؟ | Yasir Elsharif | 03-15-08, 09:30 AM |
Re: ما هذا يا د. عباس م. السرَّاج؟؟ لماذا تريد لسارة عيسى أن تصمت؟؟ | Yasir Elsharif | 03-15-08, 09:44 AM |
Re: ما هذا يا د. عباس م. السرَّاج؟؟ لماذا تريد لسارة عيسى أن تصمت؟؟ | Yasir Elsharif | 03-15-08, 10:04 AM |
|
|
|