(السودان وجبلة الاسطورة) (1) بقلم /الهادي صيام ...(هديه للانصار)

Quote: سفينة النجاة ظلّت مظلمة لعدة عقود رغم دخول كيبل الكهرباء منذ الخمسينات فقد إكتفى الأنصار والمهاجرون والعمال والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب بنور الإئمة الذي لا تخمد جزوته فكان البيت الوحيد المضاء في تلك الجزيرة هو السرايا . اكتفت سفينة النجاة من التعليم بالتعليم الحِرفي الذي يسد حاجة الإمبراطورية التي تغيب عنها الشمس بينما ظل أبناء الإئمة يدرسون في الخارج لإطالة أمد الأسطورة حتى القرن الواحد والعشرين وفي ذلك كانت الأسطورة حاضرة بأن التعليم يعلّم الكفر وقد حملت والدة كاتب هذي السطور أمانة ثقيلة من زوجها عندما دنت منيته بأنه ( لا عافي عنها إذا أدخلت الوليدات إلى المدارس!!!! ) وعندما كان الإئمة يتسربلون بالقفطان والخز والحرير كان سواد الأنصار يلبسون من التكيّة الدمور ونساؤهم يرتدين الزراق النيلة وعندما كان الأنصار يأكلون الويكاب كانت موائد الأئمة عامرة بالديوك الرومية وقد تم تحريمها على السواد بفتوى جاهزة وحتى يومنا هذا يعتبر الأنصار الديوك الرومية والأرانب مكروهة فيربونها ويبيعونها إلى خواجات كوستي بعد أن رحل أول آخر الإئمة . مازالت تلك الجزيرة أبنيتها من أبعار البقر بينما قصور الشاه من المرمر الخالص وحين هب بعض الحادبين من الشباب لتغيير وجه الجزيرة بمشاريع تنموية واجهتهم فتاوى الإمام الماثل بإدخالها تحت قفطان الحزب فتمت مواراتها أضابير القراطيس . مات الأمام الهادي فردت الأسطورة بما صلبوه وما قتلوه ولكن شبه له وظل الأنصار على إيمانهم برجعته حتى أمد قريب وقد سخّر أبكر حمد هذه الأسطورة لمدة سبع سنين يجبي الزكوات والفطرة للإمام أبكر بن حمد بأبسط المسرحيات بأن الإمام توضأ للتو هنا وهذه مياه وضوئه وأمرني بجمع الزكاة وانتظار أوبته. مات أربعة عشر ألف أنصاريا في موقعة أبا ( الضربة) إبّان حكم النميري ولم تجد لهم لوحة شرف واحدة تخلّد غفلتهم وكان آخرهم عمّنا علي من أبونكوم الذي كان أثناء المعارك طريح الفراش وعندما تعافى في اليوم الثالث وقد وضعت الحرب أوزارها رفض البقاء وصحابته قد غادروا إلى الفردوس فامتشق حربته وتأبط حجباته ومات دون الجاسر تحت جنازير الدبابة ، بينما رفاة الإمام الهادي - وقد تكون رفاة هوام الأرض وأوباشها- نُقلت في مناسبة حفية تم إعلانها على الملأ!!. غبار سيارة الإمام الروزرويس شفاء ناجع لأم قنطو والطيرة والحصبة والجزام والكتكوتة بأن تنقع في الماء وتشرب على الريق أمّا بصاقه بلسم شافي للبرص والحروق والصفّير وماء وضوئه لا تضاهيه مياه زمزم أمّا بكاؤه فنهاية التاريخ ونفخة الصور فتأتون أفواجا. ونواصــــــــــل