وداعا فيليب غبوش ... نصير المهمشين ...الذى حاصر الترابى ومشروع الدستور الاسلامى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-18-2024, 07:45 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-07-2008, 08:58 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
وداعا فيليب غبوش ... نصير المهمشين ...الذى حاصر الترابى ومشروع الدستور الاسلامى

    انتقل الى الرفيق الاعلى الاسبوع الماضى الاب فليب غبوش الرجل الذى يمارس السياسة بذكاء ودهاء منقطع النظير ..
    وعرف عنه مناكافاته السياسية المحرجة للكثير من السياسيين فى مختلف العهود وانتقاداته للاهمال الكبير الذى كان يلف قطاع جبال النوبة وهو من ذكر السودانيين بهذا الاهمال وحمل لواء المظلومين هناك وصوتهم العالى الذى اخجل القادة والسياسيين ممن يدعون الى الدين والعدل والشريعة والوطنية ..
    وكان باشاراته الذكية لاهله ولابناء النوبة ما جعلهم يلتفون حوله ويؤازرونه فى كل مواقفه الى ان استطاع ان يكون حزبا سياسيا كبيرا هو الحزب القومى السودانى وكان ممثلا لثمانى نواب فى اخر برلمان منتخب اى الحزب الرابع بعد الامة والاتحادى والجبهة الاسلامية ونائبه كان من الشمال اسمه عمر الماحى واتخذ من من الطاقية الافريقية المصنوعة من جلد النمر شعارا له وكان ونائبه عمر الماحى يميزان شخصيتهما بها ..
    فى اخر انتخابات برلمانية حرة فى عهد ديموقراطى فاز فى الخرطوم بحرى عن دائرة الحاج يوسف بخطاب سياسى ذكى تم اتهامه فيه بالعنصرية وما اكثر اتهامه بها .. ولكنه اجتاز التجربة وفاز فوزا ساحقا وكان ممثل المهمشين بحق وحقيقة فى السودان المتنوع الاعراق والثقافات ..
    عندما قصده جعفر نميرى واراد ان يريح الناس منه كما كان بدعى استخدم ذكاءه وطلب الصفح ان كان قد اخطا مستفيدا من تربيته المسيحية فى التعامل مع الاشرار فكسب الجولة وعفا عنه .. وحكى قصته معه بعد ذلك ...ثم زكاه الشعب بعد الانتفاضة نائبا عنه ليرى نميرى وامثاله انهم لا علاقة لهم بالشعب وانه لا يصدقهم فيما يقولون ..
    وهنا اورد مثالا لذكائه المعهود فيه عندما حاصر الترابى وهو يقدم مشروع الدستور الاسلامى ..نقلا عن موقع الفكرة اقرا ..

    (لقد سقط الدستور الإسلامي الكامل في اللجنة القومية للدستور الدائم للسودان !!
    وعن بعض ملابسات سقوطه يحدثنا محضر مداولات هذه اللجنة في مجلده الثاني على النحو التالي :-
    ((السيد موسى المبارك : جاء في مذكرة اللجنة الفنية نبذة حول الدستور الإسلامي في صفحة (7) أن يكون رأس الدولة مسلما ، أود أن أسأل هل لغير المسلمين الحق في الاشتراك لانتخاب هذا الرئيس ؟))
    ((السيد حسن الترابي : ليس هناك ما يمنع غير المسلمين من انتخاب الرئيس المسلم ، الدولة تعتبر المسلمين وغير المسلمين مواطنين ، أما فيما يتعلق بالمسائل الاجتهادية فإذا لم يكن هناك نص يترك الأمر للمواطنين عموما ، لأن الأمر يكون عندئذ متوقفا على المصلحة ، ويترك للمواطنين عموما أن يقدروا هذه المصلحة ، وليس هناك ما يمنع غير المسلمين أن يشتركوا في انتخاب المسلم ، أو أن يشتركوا في البرلمان لوضع القوانين الإجتهادية التي لا تقيدها نصوص من الشريعة .))
    ((السيد فيليب عباس غبوش : أود أن اسأل ياسيدي الرئيس ، فهل من الممكن للرجل غير المسلم أن يكون في نفس المستوى فيختار ليكون رئيسا للدولة ؟))
    ((الدكتور حسن الترابي : الجواب واضح ياسيدي الرئيس فهناك شروط أهلية أخرى كالعمر والعدالة مثلا ، وأن يكون غير مرتكب جريمة ، والجنسية ، وما إلى مثل هذه الشروط القانونية .))
    ((السيد الرئيس : السيد فيليب عباس غبوش يكرر السؤال مرة أخرى .))
    ((السيد فيليب عباس غبوش : سؤالي يا سيدي الرئيس هو نفس السؤال الذي سأله زميلي قبل حين – فقط هذا الكلام بالعكس – فهل من الممكن أن يختار في الدولة – في إطار الدولة بالذات – رجل غير مسلم ليكون رئيسا للدولة ؟))
    ((الدكتور حسن الترابي : لا يا سيدي الرئيس ))
    هذه صورة مما جرى في بداية معارضة اقتراح الدستور الإسلامي الكامل .. ويلاحظ محاولة الدكتور الترابي التهرب من الإجابة مما أضطر معه السيد رئيس الجلسة أن يطلب من السيد فيليب عباس غبوش ليعيد السؤال ، بغية أن يتلقى عليه إجابة محددة ، لأنه سؤال في حد ذاته ، محدد .. فلما أعاده ، لم يجد الدكتور الترابي بدا من الإجابة ، فأجاب ب "لا" !! ومن تلك اللحظة بدأت المعارضة التي انتهت بهزيمة اقتراح الدستور الإسلامي الكامل ، وهي معارضة قد رصدت كلها في محاضر مداولات اللجنة القومية للدستور )

    (عدل بواسطة الكيك on 02-07-2008, 09:09 AM)

                  

02-07-2008, 09:06 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وداعا فيليب غبوش ... نصير المهمشين ...الذى حاصر الترابى ومشروع الدستور الاسلامى (Re: الكيك)

    الأب فيلب عباس غبوش ابن قرية حجر سلطان وام درمان

    رائد الأسئلة الكبرى في قضايا اللامركزية والحقوق الدستورية المتساوية وقضايا الهامش فلنشيَّعه تشييعاً مهيباً


    ياسر سعيد عرمان


    * رحل فيلب عباس غبوش المناضل التاريخي في قضايا الهامش والقبول بالآخر والزعيم الكبير لشعب النوبة والذي يتصل تاريخه إلى ما يزيد عن خمس آلاف عام من الحضارة والتاريخ وإن وجد من هو أقدم من الشعوب النوبية في بلادنا التي ينتمي لها الجميع بصلات الدم والقربى والتاريخ والعيش المشترك ربما يكون نهر النيل نفسه لا غيره وهذه حقيقة من حقائق الإنصاف والمصالحة الوطنية التامة والشاملة.
    * ولد الأب فيلب عباس غبوش وترعرع بمدينة ام درمان في مكان من حي بانت لاب يعمل في قوة دفاع السودان ومشارك في ثورة 1924م، ثورة اللواء الأبيض التي ينحدر زعيمها علي عبد اللطيف من أب من جبال النوبة وام من دينكا ألياب ووضع زعيمها يده بيد عبيد حاج الأمين وعلي البنا وصالح عبد الحميد في طريق من طرق الاخوة الشريفة التي تنفع الناس، وينحدر والد الأب فيلب عباس غبوش من قرية حجر سلطان في ضواحي الدلنج، قرية وادعة من قرى قبيلة النيجمنق، وبعد رحلة عريضة من رحلات العمل السياسي ها هو الأب فيلب يستريح وينهي رحلته من حيث كانت بداية أسرته ودفن بالقرب من قبر جده في حجر سلطان بعد أن ترك أثراً بيِّناً لا يمحى في دروب العمل السياسي الوعرة ومنزلقاتها العديدة، ومنطقة حجر السلطان هي منطقة الفارس والزعيم السلطان عجبنا.
    * لم ينتم فيلب عباس غبوش لأي مدرسة أيديولوجية على نحو منهجي، وكانت له مدرسته الخاصة التي تعامل عبرها مع متقلّبات السياسة ومتطلباتها هبوطاً وصعوداً وحظي على الدوام بدعم وافر من بنات وابناء جبال النوبة، وقد كان ناطقاً رسمياً في مقدمة المتحدثين عن قضايا النوبة والتهميش الذي لحق بهم طوال فترة ما بعد الاستقلال.
    * بعد ثورة أكتوبر 1964م شق الأب فيلب عباس غبوش عصا الطاعة على القوى التقليدية في أحقية تمثيل النوبة لأنفسهم بأنفسهم عبر اتحاد عام جبال النوبة وانتزع مع آخرين عشرة مقاعد ثمينة في برلمان 1965م، وأصبح زعيماً للكتلة البرلمانية لاتحاد عام جبال النوبة.
    * فيلب عباش غبوش كان رائداً من رواد الأسئلة الكبرى في تاريخ السياسة السودانية ما بعد استقلال السودان، وكان من الأوائل الذين أثاروا قضية لامركزية الحكم، ودعا لحكم السودان عبر خمسة أقاليم وما زال سؤاله الذي قذف به في وجه محاولات إجازة دستور إسلامي في بلاد حبلى بالتنوع والتعدد «هل يستطيع مواطن مسيحي سوداني بأن يكون رئيساً للسودان في ظل الدستور الإسلامي»، «أو لا ينتقص ذلك من حقوقه الدستورية إن كانت الإجابة بلا»، ما زال سؤال الأب فيلب عباس غبوش يهز جنبات المكان عبر الزمان ويحتاج لإجابة تصون حق الآخرين في أن يكونوا آخرين ويؤدي إلى طريق مأمون يوحّد شعبنا وبلادنا ويعزز السلام والاستقرار عبر العدل، والعدل هو القضية والرهان.
    * الأب فيلب عباس غبوش مثله مثل سائر أهل جبال النوبة من أسرة يشكّلها المسلمون والمسحيون، وعدد من اخوته مسلمون من بينهم «محمد غبوش»، وزوجة الأب فيلب السيدة نرجس عبد ربه من الأقباط السودانيين، في منزله يحتفظ بالأباريق و«بروش الصلاة» واختار نائبه في الحزب القومي السوداني من قبيلة الهواوير الراحل علي الماحي الذي مثّله في هيئة قيادة التجمع الوطني الديمقراطي حتى رحيله، وبعيداً عن انفعالات السياسة فإن ذاكرة التسامح في بلادنا ترجع إلى آلاف السنين من النفسية الاجتماعية الموسومة والمحلاة بعبقرية التاريخ وعبقه الممتد.
    * في عام 1970م التقى فيلب عباس غبوش وفداً من حركة الأنيانيا الأولى في العاصمة اليوغندية كمبالا وطرح مسألة التحالف بين النوبة والجنوبيين، وقد كان من ضمن أعضاء وفد الأنيانيا النقيب جون قرنق دي مبيور، ولم يحالفه النجاح، ولكنه سجل بتلك الفكرة التي برقت ولم تنطفئ كرة أحرزها في مرمى العمل السياسي لقوى الهامش لاحقاً جون قرنق دي مبيور ويوسف كوة مكي، في العام 1985م وسّع الأب فيلب عباس غبوش شبكته السياسية وكوّن الحزب القومي السوداني وانتزع مرة أخرى (8) دوائر، وكانت مأثرته أن فاز في دائرة الحاج يوسف في قلب الخرطوم لا في جبال النوبة مجترحاً ومختبراً عهداً من عهود التغيّرات السياسية والديمقراطية في السياسة السودانية الذي سيبلغ أعتى مراحله في الانتخابات القادمة، وكان الأب فيلب رائداً على هذا الطريق.
    * قال البروفيسور الأمين حمودة «شخصان لا أملّ من الاستماع إليهما، الأب فيلب عباش غبوش ومولانا عوض الله صالح»، اللهم لهم المغفرة والرحمة.
    * ذهبنا في طائرة واحدة مع الدكتور جون قرنق دي مبيور وفيلب عباس غبوش لحضور مؤتمر كاودا الذي وحّد رؤية الحركة الشعبية حول المفاوضات في ما يخص جبال النوبة ووحّد الحزب القومي السوداني تحت قيادة الأب فيلب، وقد كان منظراً مؤثراً بكاء الأب فيلب عباش غبوش على قبر يوسف كوه مكي بكاءً مرَّاً.
    * لعب النوبة في فترات مختلفة من تاريخ السودان قديماً وحديثاً أدواراً في غاية من الأهمية وفي تاريخنا الحديث احتضنت جبال النوبة الثورة المهدية والإمام المهدي حتى عبرت بهم إلى كردفان، فالخرطوم، وكان النوبة عموداً من أعمدة التيار الوطني للعسكرية السودانية، وثورة 1924م خير شاهد، والقوات المسلحة وتيارها الوطني، وشاركوا بفاعلية في الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان وقد كانوا «مسمار نص» يربط بين مختلف الوحدات والتوجّهات والجغرافيا وهم يستحقون التحيّة، وتشييع الأب فيلب عباش غبوش يجب أن يكون رسالة وداع وتحيّة له وللدور المتعاظم الذي لعبه شعب النوبة على مرِّ التاريخ والحاضر.
    * رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان القائد سلفا كير ميارديت وقيادتها يتوجهون بالدعوة لأعضاء الحركة الشعبية وجماهير الهامش وسائر القوى الوطنية جمعاء بأن يشاركوا في تشييع الأب فيلب عباس غبوش تشييعاً مهيباً ولنجعل من رحيله وتشييعه يوماً من أيام التصالح الوطني بين أقوام وشعوب السودان، ولنتطلّع نحو مستقبل أفضل لشعبنا وأجياله القادمة.
    ياسر عرمان
    نائب الأمين العام
    الحركة الشعبية لتحرير السودان والناطق الرسمي





    ورحل الأب غبوش.. نصير الكادحين والمسحوقين


    بقلم: د.صديق تاور كافي


    حملت أنباء يوم الاحد الماضي 2/2/2008م خبر رحيل زعيم الحزب القومي السوداني الاب عباس غبوش آدم، بعد حياة غنية بالحركة السياسية الهادفة وخطاب منحاز ظاهراً وباطناً لشرائح المسحوقين والمحرومين من ابناء السودان وبناته.
    ارتبط الظهور الاول للاب فيليب بالحركات المناطقية الاقليمية بعد ثورة اكتوبر 1964م، مثل جبهة نهضة دارفور ومؤتمر البجا وحزب سانو ـ حيث اسس الاب غبوش والمهندس الراحل محمد حماد كوة واخرون من رفاقهما اتحاد عام جبال النوبا.. سمة هذه الحركات انها جاءت تعبيرا رافضا للاهمال الذي لقيته الجماهير في مناطقها، ولمظاهر التخلف والمعاناة هناك.. في مقابل عدم اكتراث قوى الحكم في مرحلة ما بعد الاستقلال، بل واحيانا توظيف واقع التخلف لتحقيق مكاسب انتخابية ظرفية بمنتهى البرود.. وهذه الحركات هي التي سوف تتبلور وتتكامل بعد عقدين من الزمان فيما عرف (بتجمع قوى الريف السوداني) بعد انتفاضة مارس/ ابريل 1985م، وتجد لها مقاعد داخل قبة البرلمان على اساس التنسيق فيما بينها، وتؤسس لخطاب سياسي واقعي له جماهيره ومناصروه.
    عايش الاب غبوش نماذج الظلم الصارخ لاقليم جبال النوبا في مرحلة الاستعمار الانجليزي وبعد الاستقلال وفي كل انماط الحكم عسكرية ومدنية، وهو بذلك يعتبر جزءا مهما من الذاكرة السياسية لأهل السودان.. أس المشكلة يعود الى ان الاستعمار الانجليزي عمد على عزل اقليم جبال النوبا واقاليم اخرى ضمن ما عرف بسياسة (المناطق المقفولة) بعد حركة اللواء الابيض في 1924م. وبدلاً من ان تولي الحكومات الوطنية أهمية قصوى للتنمية وإزالة تشوهات الفعل الاستعماري في هذه المناطق، أبقت عليها كما هي، بل ووسعت من دائرتها لتشمل دارفور والبحر الاحمر.. لذلك من الطبيعي والحال هذه ان تظهر حركات معبرة عن رفض ذلك الظلم وايضا قيادات لتلك الحركات.
    لقد حاول الكثيرون مهاجمة هذه الحركات المناطقية والتضييق عليها بتهمة العنصرية والانفصالية (المحاولة الانقلابية التي اشترك فيها الاب غبوش ضد نظام نميري في الثمانينات، وصفت بأنها محاولة عنصرية ـ كما يتعرض الحزب القومي السوداني احيانا للاتهام بالعنصرية). ولكن واقع الحال يقود الى عكس ذلك، اذ ان هذه التكوينات السياسية ظلت على الدوام وطنية في مواقفها وتربط بوعي بين مطالب جماهيرها المشروعة في التنمية والتطور وبين وحدة السودان واستقلاليته دون ان يكون في ذلك أي تناقض. وتعتبر صيغة (تجمع الشعب السوداني) ابلغ معبر عن هذه الحالة الايجابية، حيث ضم هذا التحالف كلا من حزب سانو، جبهة نهضة دارفور، حزب البعث العربي الاشتراكي، الحزب الاتحادي الديمقراطي، الحزب القومي السوداني، وحزب الامة جناح الامام، وقد ظل هذا التحالف ناشطاً حتى سقوط نظام جعفر نميري في 1985م.
    يقول الاستاذ علي الريح السنهوري امين سر حزب البعث العربي الاشتراكي في رثائه للاب غبوش «ان كل من اخلص لمنطقته فهو مخلص للسودان وهو مخلص للامة العربية، وهو بالتالي مخلص للانسانية، لذلك فإن رحيل غبوش فقد كبير، لكن ستبقى سمعته الحسنة والمباديء ورفقاء الدرب الذين نتمنى أن يواصلوا نضالهم لاخراج السودان من مأزقه» ويضيف «على الرغم من ان الراحل تمركز نضاله حول المنطقة إلا انه يلاحظ ان اكثرية الاحزاب السودانية جهوية وليست عند (القومي) وحده» جريدة الصحافة ـ بتاريخ 4/2/2008م العدد (5253).
    لقد أوصى الفقيد ان يدفن الى جوار السلطان عجبنا، سلطان قبيلة النيمانج بمنطقة الدلنج الذي قاد مقاومة شرسة ضد الاستعمار الانجليزي،واستشهد في موقف بطولي عام 1918م عندما اعدم شنقاً بسبب بسالته القتالية ضد الانجليز. يصور الاستاذ المثقف محمد عثمان الحلاج تلك المشاهد في قصيدة طويلة عن السلطان عجبنا بقوله:
    «وفجأة (عجبنا) الذي عجبنا
    يندلق شلالاً مجندلاً يكسح الضنى
    يمور رافضاً (دقنية) الخنى..»
    إذن فقد أوجد الأب غبوش لنفسه مكاناً بين القادة المناضلين من اجل شعبهم في سبيل الكرامة والحرية.. وشق طريقه النضالي على طريقته هو بإصرار ودقة ابصار وبصيرة..
    لقد لفت انتباه الجميع الى ان هناك قضية انسانية جدية في اقليم جبال النوبا.. وانها قضية عادلة تستحق ان يكرس لها أبناء السودان المخلصون عقلهم وجهدهم وفكرهم كيما تزول الفوارق الوهمية بين أبناء الوطن الواحد، ولكيما ينفتح أبناء الجبال على هموم وقضايا السودان ومحيطه الأفريقي والعربي، والانسانية.
    الصحافة 7/2/2008
                  

02-07-2008, 09:18 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48696

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وداعا فيليب غبوش ... نصير المهمشين ...الذى حاصر الترابى ومشروع الدستور الاسلامى (Re: الكيك)

    سلامات يا عزيزنا الكيك..


    لقد دخل الأب فيليب عباس غبوش التاريخ بموقفه ذاك من دعاة الدستور الإسلامي وقتها وهم جبهة الميثاق الإسلامي وحزبي الأمة والإتحادي الديمقراطي.. وقد أبرز موقفه ذاك الأستاذ محمود محمد طه في كتابه "الدستور الإسلامي؟ نعم.. ولا":
    http://www.alfikra.org/chapter_view_a.php?book_id=13&chapter_id=2
    ..

    Quote: جبهة الميثاق:

    لقد سقط الدستور الإسلامي الكامل في اللجنة القومية للدستور الدائم للسودان !!
    وعن بعض ملابسات سقوطه يحدثنا محضر مداولات هذه اللجنة في مجلده الثاني على النحو التالي :-
    ((السيد موسى المبارك : جاء في مذكرة اللجنة الفنية نبذة حول الدستور الإسلامي في صفحة (7) أن يكون رأس الدولة مسلما ، أود أن أسأل هل لغير المسلمين الحق في الاشتراك لانتخاب هذا الرئيس ؟))
    ((السيد حسن الترابي : ليس هناك ما يمنع غير المسلمين من انتخاب الرئيس المسلم ، الدولة تعتبر المسلمين وغير المسلمين مواطنين ، أما فيما يتعلق بالمسائل الاجتهادية فإذا لم يكن هناك نص يترك الأمر للمواطنين عموما ، لأن الأمر يكون عندئذ متوقفا على المصلحة ، ويترك للمواطنين عموما أن يقدروا هذه المصلحة ، وليس هناك ما يمنع غير المسلمين أن يشتركوا في انتخاب المسلم ، أو أن يشتركوا في البرلمان لوضع القوانين الإجتهادية التي لا تقيدها نصوص من الشريعة .))
    ((السيد فيليب عباس غبوش : أود أن اسأل ياسيدي الرئيس ، فهل من الممكن للرجل غير المسلم أن يكون في نفس المستوى فيختار ليكون رئيسا للدولة ؟))
    ((الدكتور حسن الترابي : الجواب واضح ياسيدي الرئيس فهناك شروط أهلية أخرى كالعمر والعدالة مثلا ، وأن يكون غير مرتكب جريمة ، والجنسية ، وما إلى مثل هذه الشروط القانونية .))
    ((السيد الرئيس : السيد فيليب عباس غبوش يكرر السؤال مرة أخرى .))
    ((السيد فيليب عباس غبوش : سؤالي يا سيدي الرئيس هو نفس السؤال الذي سأله زميلي قبل حين – فقط هذا الكلام بالعكس – فهل من الممكن أن يختار في الدولة – في إطار الدولة بالذات – رجل غير مسلم ليكون رئيسا للدولة ؟))
    ((الدكتور حسن الترابي : لا يا سيدي الرئيس ))
    هذه صورة مما جرى في بداية معارضة اقتراح الدستور الإسلامي الكامل .. ويلاحظ محاولة الدكتور الترابي التهرب من الإجابة مما أضطر معه السيد رئيس الجلسة أن يطلب من السيد فيليب عباس غبوش ليعيد السؤال ، بغية أن يتلقى عليه إجابة محددة ، لأنه سؤال في حد ذاته ، محدد .. فلما أعاده ، لم يجد الدكتور الترابي بدا من الإجابة ، فأجاب ب "لا" !! ومن تلك اللحظة بدأت المعارضة التي انتهت بهزيمة اقتراح الدستور الإسلامي الكامل ، وهي معارضة قد رصدت كلها في محاضر مداولات اللجنة القومية للدستور ، فلتراجع ..
    وتهرب الدكتور الترابي في أول أمره عن الرد المحدد ليس أمرا عرضيا ، وإنما هو أمر شديد الدلالة على مبلغ التناقض الذي يرزح تحته الدكتور الترابي وزملاؤه من دعاة الإسلام ، ممن تلقوا ثقافة غربية واسعة .. فهم يشعرون بضرورة مسايرة العصر الحاضر في منشآته التقدمية ، وبصورة خاصة الديمقراطية ، والاشتراكية ، ثم انهم لا يجدون في الفكر الإسلامي الذي تتلمذوا عليه ما يسعفهم بهذه المسايرة ، فظلوا يعيشون تناقضا مزعجا ، جنى على ملكاتهم ، وعطل طاقاتهم ، وأظهرهم بمظهر يستوجب الرثاء ، ويستدر الإشفاق .

    ودعاة إسلاميون آخرون

    وحين سقط الدستور الإسلامي الكامل في اللجنة القومية قام نفر من كرام المواطنين ، يمثلون صفوة ممن جمعوا بين الثقافة الغربية وبعض الثقافة الإسلامية ، وأسموا أنفسهم "الهيئة الوطنية للدستور الإسلامي" وأصدروا مذكرة عن "الدستور الإسلامي الكامل ، لجمهورية السودان" .. وقد جاء في ديباجة هذه المذكرة قولهم : ((وقد كان نتيجة لذلك أن أعلنت الأحزاب الشمالية الرضا بالدستور الإسلامي على اختلاف بينها . وأن ذلك الخلاف الذي حدث داخل اللجنة القومية للدستور أدى إلى أن يجتمع فريق من إخوانكم بالعاصمة المثلثة ويتشاوروا في الطريقة المثلى التي تفضي بنا إلى دستور إسلامي كامل .
    ((وقد شكلت هيئة تحت اسم الهيئة الوطنية للدستور الإسلامي الكامل . وبعد عديد من الاجتماعات أنتهت الهيئة إلى تشكيل مجلس للبحث والتشاور والاتصال بالسادة زعماء الأحزاب تسألهم مناصرة الدستور الإسلامي الكامل ، ماداموا مقتنعين بأن بناء الدولة وفقه سيؤدي إلى سعادة المواطنين أجمعين مسلمين وغيرهم .))
    ((وقد اتصلت الهيئة بالسادة رؤساء الأحزاب وزعماء الطوائف فوجدت منهم ترحيبا وتأييدا ومنهم من رغب إلى هذه الهيئة أن تضع مذكرة تحدد فيها السمات البارزة التي يتميز بها الدستور الإسلامي عما عداه من الدساتير .))
    ((لذلك فقد كلفت الهيئة سبعة من أعضائها لصياغة المذكرة . ولما فرغت اللجنة من وضع المذكرة عرضتها على الهيئة فناقشتها ثم أقرتها على هذا الوضع الذي بين يدي القارئ.

    وفيما يلي أسماء الهيئة ولجنة الصياغة :

    1- السيد الدرديري محمد عثمان رئيسا
    2- السيد الدكتور كامل الباقر سكرتيرا
    3- السيد أحمد البيلي مقررا
    4- السيد عبد الماجد علي أبوقصيصة
    5- السيد عوض الله صالح
    6- السيد مندور المهدي
    7- السيد بدوي مصطفى
    8- السيد مجذوب مدثر الحجاز
    9- السيد محمد العربي
    10- السيد أبشر أحمد حميده
    11- السيد داؤد الخليفة عبد الله
    12- السيد يوسف اسحق حمد النيل
    13- السيد على طالب الله
    14- السيد محمد هاشم الهدية
    15- السيد عوض حامد جبر الدار
    16- السيد يوسف الخليفة أبوبكر
    17- السيد عمر عبد الله صبير
    أسماء لجنة الصياغة
    1- السيد الدرديري محمد عثمان
    2- السيد الدكتور كامل الباقر
    3- السيد مجذوب مدثر الحجاز
    4- السيد عوض الله صالح
    5- السيد بدوي مصطفى
    6- السيد مندور المهدي
    7- السيد أحمد البيلي
    (( هذا – ونحن نأمل أن تقف الأحزاب على اختلافها إلى جانب هذه المبادئ ، وأن يقف بجانبها كذلك اعضاء الجمعية التأسيسية حتى يضعوا للأمة ما نادت به من دستور إسلامي كامل يحقق الخير لأفرادها أجمعين .))
    (( وإننا لنهيب بأفراد الأمة على اختلاف أحزابهم وطوائفهم أن نعمل في تكاتف ودأب وصلابة لبناء دولتنا على أساس الإسلام ، ومن كان ذلك هدفه فالنصر حليفه . )) انتهى قولهم .
    ولقد أوردنا لك هنا كشفا بأسماء السادة أعضاء هذه الهيئة حتى تتعرف عليهم ، فإنهم من أكبر رجالات هذه البلاد من جهة التحصيل العلمي ، والمناصب الرسمية في الدولة ، فماذا قالوا في هذه المبادئ التي يدعون الأحزاب والطوائف للوقوف بجانبها "في تكاتف ودأب وصلابة لبناء دولتنا على أساس الإسلام" ؟ - "ما داموا مقتنعين بأن بناء الدولة وفقه سيؤدي إلى سعادة المواطنين أجمعين مسلمين وغيرهم" ؟ قالوا من صفحة (5) " عندما ننادي بقيام الدستور الإسلامي وتحقيق مبادئ الشريعة الإسلامية إنما ننادي بقيام دولة حديثة بكل ما في هذه الكلمة من مفهوم . فالديمقراطية بكل أشكالها السياسية والاقتصادية والاجتماعية عرف الإسلام مضمونها قبل أن تتصورها الدول الحديثة . إن نظام الحكم في الإسلام يقوم على أساس أن الدولة أرض ، وشعب ، وحكومة ، كما هو الحال في تصورها الحديث" هذا ما قالوه في صفحة نمرة 5 ولكن اقرأ ما قالوه في صفحة نمرة 11 .
    1- الديمقراطية
    صارت الديمقراطية من الشعارات التي تحمل معاني كثيرة ومتناقضة بمستوى التناقض القائم بين الشرق الشيوعي والغرب الرأسمالي . فالدول الشيوعية تصف أنظمتها بالديمقراطية وكذلك تفعل الدول الغربية الرأسمالية على الرغم مما بين الشرق والغرب من خلاف في المبادئ والفلسفات أما المسلمون فقد وصفهم الله بقوله ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ) 143 – البقرة .
    2- الاشتراكية
    كذلك يحمل لفظ "الاشتراكية" من المعاني المتناقضة ما يجعل استعماله في أي شكل من الأشكال وسيلة لاستغلاله للانحراف بمبادئ العدالة الإنسانية وإشعال حرب الطبقات بين المجتمع وإذا كان الإسلام متضمنا لجميع معاني العدالة والشورى وكل مبادئ الإنسانية السليمة إذن فلا نرى أي مبرر لورود كلمتي "الاشتراكية" "والديمقراطية" ضمن بنود الدستور ، ويكفى أن يوصف الدستور بأنه إسلامي .
    ((اللهم إلا إذا اتهمنا الإسلام بالقصور وعدم الكمال والشمول وهو أمر لا يدور بخلد واحد من المسلمين)) انتهي كلامهم .

    القصور قصور المسلمين لا قصور الإسلام

    والذي يطلع على مذكرة "الهيئة الوطنية للدستور الإسلامي" من المسلمين الواعين لا يخطر بباله قصور الإسلام ولكن يتجسد أمامه قصور دعاة الإسلام ، حتى عن الإدراك السليم لقضايا العصر فضلا عن الإدراك السليم لحقائق الإسلام . يضاف إلى كل ذلك أن هذه الهيئة يمكن أن تتهم بعدم الأمانة الفكرية . فهي قد شعرت بالحاجة إلى المراوغة التي شعر بها الدكتور الترابي ، ولما لم يكن عندها فيليب عباس غبوش ليضطرها إلى التحديد ، كما جرى للدكتور الترابي ، حاولت أن تغرق غموضها في الأسلوب المنمق ، الفج ، الذي لا يحوي من الحق شيئا ، بل إنه ليقوم على الباطل .. فاقرأوا إن شئتم قولهم من صفحة نمرة 8 ، تحت عنوان "حقوق غير المسلم" .
    "1- سكان الدولة من غير المسلمين يتمتعون ، في حدود القانون ، بحرية تامة في دياناتهم ، وعباداتهم ، وتعليمهم الديني ، (لا إكراه في الدين ، قد تبين الرشد من الغي) "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم ، إن الله يحب المقسطين " "وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد"
    "2- من حقهم أن يطالبوا بالقضاء في أحوالهم الشخصية حسب قانونهم الديني أو تقاليدهم الخاصة "
    "3- يتساوون مع المسلمين في الحقوق والواجبات الأخرى"
    هذا مع أن كل من أوتي أقل حظ من المعرفة بالشريعة يعلم أن سكان الدولة من غير المسلمين - من يهود ونصارى وغيرهم - يعرفون باسم الذميين ، وهم من أعطاهم المسلمون الأمان على مالهم ، وعرضهم ، ودمهم ، مقابل أن يعطوا الجزية - فحين يعطي المسلم القادر الزكاة يعطي الذمي الجزية - ومن هاهنا فان القول بالمساواة في الحقوق ، والواجبات ، يصبح هراء باطلا .
    ثم إن الآيات التي أوردوها في نمرة 1 أعلاه كلها منسوخة ولم تقم عليها الشريعة ، وهي منسوخة بآية السيف "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " ومنسوخة بآية "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ، ولا باليوم الآخر ، ولا يحرمون ما حرم الله ، ورسوله ، ولا يدينون دين الحق ، من الذين أوتوا الكتاب ، حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" فهل مع هذه العبارة الواضحة يزعم زاعم أنهم "يتساوون مع المسلمين في الحقوق والواجبات الأخرى" ؟
    ثم انك عندما تتحدث عن الديمقراطية - وأنت تتحدث عنها بمجرد حديثك عن الدستور - فإنه لا يكفي أن تساوي بين المواطنين في بعض الحقوق والواجبات ، وتميز بينهم في بعضها الآخر تمييزا يقوم على أساس العقيدة ، أو العنصر ، أو الطبقة ، مثلا . ولابد من المساواة التامة بين المواطنين في جميع الحقوق والواجبات - وإلا فلا تتحدث عن الدستور ، ولا تتحدث عن الديمقراطية .
                  

02-07-2008, 10:30 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وداعا فيليب غبوش ... نصير المهمشين ...الذى حاصر الترابى ومشروع الدستور الاسلامى (Re: Yasir Elsharif)

    ياسر
    كيفنك
    كيف عامل مع سقط اليومين ديل
    مشكور على المداخلة المعتبرة وهاك هذا المقال ..
    عن سودانايل


    فى رحاب الأب الروحى للمهمشين

    الأب/ فيليب عباس غبوش

    كيمو أجينق أبا

    ألكسندريا/فرجينيا
    [email protected]

    ترعرع طفلاً لكنه لم يذق طعم الطفولة. ففى بواكير صباه، وهو غلاماً فى سن الثانى عشر، تعرض لأول محاولة إغتيال نجاء منها بأعجوبة متناهية قرر بعدها خوض معركة الحياة والبقاء الى أخرالرمق من أجل شيئين: الله والوطن، فدخل سلك الرهبنة وتخرج قسيساً من نوع خاص وفريد: أعلى درجاته فى الكهنوتية كانت رفع الظلم وإحقاق الحق لكل المنكسرين.

    عاصر ثورة اللواء الأبيض 1922-.1924، وكان ضمن المطالبين بجلاء المستعمر من البلاد وشارك فى مؤتمر الخريجيين منادياً بسودان واحد موحد مع النهوض بالمناطق المقفولة التى ُترك أمرها ومصيرها للبعثات التبشيرية والمنظمات التطوعية والكنسية. فكان ما كان بينما لم نزل نقطع أوصارنا تساؤلاً: لماذا الإحتراب فى السودان؟. منذاك الزمن عُرف كما إرتبط تأريخه الطويل بأهل الهامش والفرقان والقرى النائية.

    عاش من أجل مهمشى السودان ومات من أجلهم. ومن أجل ان يرتقى الوطن فوق القبيلة والعنصر او العرق او التفرقة بسبب الدين، الى رحاب أرحب وأعلى منزلة، فكان أول من يشخص مشكلة عويصة تقض مضجع البلاد؛ ألا وهى التهميش وعدم التساوى والتكافؤ، ليست فى الفرص، إينما فى الحياة.

    الأختيارالثانى كان الأصعب له: طريق النضال والتضحية، قضى جل حياته حبيساً وعرف كل المخابئ والملاجئ السياسية وكل سجون السودان ومرافق الحبس والتوقيف، بدءً من سجن شالا ودبك، مروراً بسجن كوبر وسجن الجبيت

    تعلم بمنطقة مُندورى الجنوبية، والتى كانت تتبع لما عُرف ب"الإرساليات" فتقرب أكثر من الجنوب مرجحاً خيار الوحدة فى مؤتمر جوبا، مع العم بوث ديو بشرط يراعى خصوصية الجنوب. وبعيد الإستقلال وعندما لم يُعترف بحق الجنوب فى حكم نفسه بنفسه، وقف بجانب الجنوبيين؛ بل حث أهله فى جبال النوبة للمساهمة بالسلاح والمال فى إنجاح خطط التمرد الأول" حركة الأنيانيا1". فأنشأ ذلك ثقة غير معهودة بين أبناء الجبال والجنوب إستمرت الى عهدنا اليوم. فى الآن نفسه ما فتى يذكرهم بأهمية الوحدة مدللاً بالرجال والمؤن الذين قدمته الجبال لردع الغزاة على يد الإمام/ محمد أحمد بن عبدالله (المهدى).

    وفى الستينيات من القرن الفائت، أنتصر مرة أخرى فى المائدة المستديرة وإنحاز الى جانب الجنوب فى خطوة نادرة ماتزال خطاها تدندن فى العقل الباطن والظاهر للكثيرين. وعندما حدثت الخيانة الكبرى والمعروفة، زمجر الرجل وإنتفض. وهكنا وصل الرجل قمة شموخه وعلوه عندما نادى على كل أهل الهامش بضرورة النهوض بتنظيماتهم السياسية المختلفة ووفقاً لمناطقهم بعد ان أدرك بان العسكر كما مدنيو السلطة وأشباههم قد تنكبوا فى الطريق الى وطن يصلح للكل. لذا كان له القدح المعلى فى القول بأن مشكلة السودان إينما فى المركز"الخرطوم". هذه المعادلة الفيزيوسياسية التى أوجدها الراحل والأب والسياسى/ فيلب عباس غبوش هى الحل لينصلح الحال ويكون السودان شامخاً بكل أبناءه، وإن كان بينهم طفلاً لقيط او فاقد الأبوة.

    وطالما تداعيات الأحداث وأحكامها دلفت الى ما لا تشتهيها سفينة الشموخ الوطن بأبنائه، ومع إزدياد وتيرة من ينسبون الوطن الى أنفسهم، دون غيرهم، ومع تمسكهم بالأولوية والحق فى السيادة والتسلط والسمو، تشكل ما يُعرف ب" أولاد البلد" وعُرفوا لاحقا ب"جلابة" إلا ان بوصلة الوطن لم تقف ثانية واحدة، فى ترداد الإشارة الى موضع الخلل. إستمرار هذه الهرطقة السياسية شجع ودفع بالراحل إلى إقرار بحق الهامش وكياناناته فى التنظيم والمطالبة بحقوقه. فتأسس مؤتمر البجا والحزب القومى السودانى وتشكلت أحزاب سياسية جنوبية من قبيل سانو والفدرالى، كما بدأت نواتات تتكور فى كل من دارفور وجبال النوبة، مثل جبهة نهضة دارفور، مؤتمر سونى والأسود. حتى الأحزاب الكبيرة والبيوتات ذات الباء فى السياسية صارت تتآكل من الداخل ويتفطر منها أبناء الأقاليم، على شاكلهتم.

    ومع إستمرار الهرطقة السياسية التى، سبق هو ان وضع لها معادلة حل سودانية ( مائة فى المائة)؛ وبإمتياز، تجمعت الإخفاقات والإسقاطات المتكررة فى شكل حبات للبارود، كانت بمثابة ذخائر حية أعدت للراحل/ الدكتور/ جون قرنق دى مبيور ليحشو بها لاحقاً بندقيته التى ذهب بها الى الجنوب وهى خاوية من الطلقات. لم يكن إذاً من الغرابة ان تتحول ثورة المهمشين الى حديد ونارفى هشيم البلد، إبتداءً من الجنوب وللمرة الثانية، على التوالى. فإستجاب الكثيرون للنداء ورفعوا سلاح المقاومة ولم يكن هو من ضمنهم. بدأ العمر يتقدم به رغم ذلك آثر مساندة كل الهامش ولم يساند فردً فى المركز. السبب قناعته الراسخة فى ان الهامش هو المظلوم على الدوام بينما المركز هو الظالم والعاصى فى آنٍ معا.

    فوق كل هذا وذاك، حاجزه الوحيد كان دوماً هو الخوف من تشرزم وتفتت وإنقسام البلاد وإنشطارالأقاليم عن المركز بسبب تعسفه تجاها، لكن "الدومينيو" السودانية كانت على طرف نقيض ووعدٍ كبير. فأذا بأهل الهامش يهاجمون الخرطوم ويضربون طوقاً حديداً حوله عجزت معها البلدوزرات والتراكتورات وغيرها من معاول الهدم والإزالة عن مجابهتها. فتشكلت أحياء الصفيح والكرتون والبالات والبلاستيك والخشب، بجانب بقايا الحديد والأسلاك والزجاج. هنا أدرك بأن هذه هى ساحة معركته الحقيقية والفاصلة: قلب العاصمة التى تعرف ب"العاصمة المثلثة"، رغم انها فقدت ذلك الصفة منذ أمد بعيد، بسبب حزام البؤس والهامش. ثمً إن كان هناك من يبكيه بكاءً مُراً، فهم قاطنو المناطق التالية، أنذاك: "جبرونا" ، "زقلونا" ،"مايو"،"خواجة دكس"،"حسبة"، "دار السلام"، و"عشش الفلاتة" ،"قبرالكلاب"و" أنغولا"، والشماسة...معركته هنا كانت من أجل هؤلاء الأبناء الأبعدون قبل الأقربون بالرحم واللحم اوالدم.

    فى الخرطوم، وحيثما إرتأى به المقام وسنحت الفرصة، عقب و بعد حياة مليئة بالمطاردات و الشقاء والعذاب فى عهد مايو، شرع فى تبنى قضايا الشماسة وهؤلاء هم لفيف من أطفال الشوارع، ولد معظمهم لأباء خدموا فى القوات المسلحة السودانية ولاقوا حتفهم فى أرض المعارك؛ كما ينحدر بعضهم من أسر لم تستطع التكفل بهم بسبب الوضع الإقتصادى المزرئ فى ذلك العهد، فسرحتهم بإحسان الى الأرصفة ، الأزقة والنواصع، كما دفعتهم الريف الى المدن والخرطوم تحديداً، بغية الفوز بلقمة سائغة جادت بها قمامات المطاعم ومراتع الأوساخ.

    لكن فى العام 1985 حدث ما لم يكن يخطر ببال البعض مِنا فى السودان، وهو محاولة إنقلابية جمعت عدداً من أبناء الفور والنوبة والجنوب، فى سعى للوصول الى السلطة، من حكومة سوار الدهب الإنتقالية. قادها عريف يدعى صمويل بول- على ما أذكر. حينها وصفت المحاولة ب" العنصرية" وتصدى الراحل لذلك النعت وتلك الصفة ، وحجته هى ان إنقلاب هو إنقلاب من دون أى دمغ له بصفة او عرق بعينه.

    موقفه أدى الى مرارات وإحتقانات حادة فى النفوس وتصاعدت وتيرة تساؤلات عما ان كان يحق للنوباوى اوالجنوبى او الفوراوى، فى الجيش، حق الإستيلاء على السلطة فى الخرطوم.؟ وهل يحق عموماً لجنديٍ منحدرٍ من الأصول الزنجية او الأفريقية الإستيلاء على السلطة وحكم البلاد، فى حال نجاح إنقلابه، علماً بأن أبناء المناطق المذكورة كانوا يشكلون أكثر من 90% من الجنود وضباط الصف فى القوات المسلحة السودانية إلى ان أتت الإنقاذ؟. لم يحرض او يؤيد الإنقلاب او فكرة الإنقلابات العسكرية البتة، لكن موقفه إزاء ما وصف بالعنصرى؛ من بين كل الإنقلابات فى تأريخ السودان توج سريعاً بركل العجوزالى غياهب السجون، بإعتباره الرأس المدبر والمحرض لأهل الريف فى الإقدام على لعق ملعقة وهم من تعودواعلى الأكل بالإيادى.

    ما أثاره الأب الراحل علناً فى الخرطوم، يجد صداه حتى داخل الولايات المتحدة الأمريكية هذه الأيام، وفى خضم الحملة الإنتخابية التى فى أوج ذروتها الآن، نشاهد ظاهرة باراك أوباما. والسؤال الأمريكى المسكوت عنه هو الآخر: هل يمكن لشخص أسود ان يعتلى المقود فى البيت الأبيض ويدير الدفة والربان ونظرية الدونية تعشعش فى صدغ السواد الأعظم؛ وإن كانوا بيض البشرة؟. الفرق الوحيد فى ان من يجرؤ على البوح بنواياه العنصرية علناً فى السودان، نجد نظيره الأمريكى يفعل الشئ ذاته ولكن بإشارات ذكية وإلتفاف شديد يصعب معه جرجرته الى حيثُ القانون. والحق يُقال: العنصرية الأمريكية أكثرشيوعاً و فظاعة ونظامية من العنصرية عندنا فى السودان، أياً كان مصدرها. وكثيراً ما يتساءل المرء: إذا كانت الولايات المتحدة قد تمكنت من الحفاظ على وحدتها وكيانها رغم عدم التجانس البائن داخلها والتأريخ الطويل من هاجس اللون والعرق والدين، ما الذى يقف حجر عثرة فى سبيل ان نسمو فوق الفروقات والإحن وننجوا بالوحدة، فى السودان الى بر الأمان؟.

    خرج من محبسه ومع بزوغ فجر الديمقراطية الثالثة كانت تبعات المحاولة الإنقلابية قد ألقت بكلكلتها عليه ، مما أحدث جرحاً غائراً فى نفسه وزاد الطين بلة هى الإهانة البليغة التى تعرض لها جندياً من أبناء النوبة، كان مشاركاً ومنضوياً تحت إمرة أحد قادة الإنقلاب. فبينما كان أفراد جهاز الأمن يركلونه ويضربونه أشد الضرب، اثناء التحقيق، طفق أحدهم يشتمه بعبارة بذيئة ويستهزأء به بالقول : أنت شكلك دا شكل زول بيعمل إنقلاب ومنوا اللى ها يشيل لينا الجرادل؟. والجردل المراد هنا هو ذلك الإناء الحديدى المستخدم فى المراحيض سابقاً، بحيثُ يوضع تحت قاعدة ذات فتحة فى الوسط، وعلى جانبى الفتحة يثبت الشخص الجالس القرفصاء قدميه، ليتمكن من تأدية واجب قضاء الحاجة وبإصرار المصارعين، تستقر الفضلات من البًراز والبول وغيرها فى القاع، ومتى ما إمتلئ لاحقاً يتم إزاحته وسحبه ومن ثمً التخلص من فضلات بدفنها بعيداً فى الخلاء.ويتم غسل الجردل وإعادته الى تحت المرحاض وقبالة الفتحة، وغالباً ما كان ذلك العمل يتم يدوياً ويُحمل الفضلات على الأكتاف إلى مستودعات الخلاء.

    وبالكيفية التى حرض بها الأمريكى، كارمايكل، داعية الحقوق المدنية أقرانه من السود الى الثورة فى وجه العنصرية البيضاء، دفعت الواقعة تلك الراحل إلى حض أهله على العصيان والتمرد، طالما أن هم تمردوا لن يفقدوا غير جردل الخراء. فلحق بركب الحركة الشعبية لتحرير السودان الراحل المقدام / يوسف كوة مكى وتبعه الكمندر/ دانيال كودى والكمندر/ عبالعزيز آدم الحلو وغيرهم من القادة الميدانيين الشجعان،على كثرتهم.

    وأمام دنو أجل إقرار القوانين التى سبق ان طبقها المخلوع/ جعفر النميرى، وإنحياز البعض لصالح التطبيق، من داخل قبة الجمعية التأسيسية، بإعتبار انها قوانين إسلامية- رغم انها تقسم المواطنين بوضوح الى درجتين الأولى والثانية- ويقال ثالثة او سابعة، ناهيك عن كونها تقسم الوطن الى دارين:دار إسلام ودار حرب، إنتصب من مقعده فى ذلك اليوم الأغر وإبتدر خطابه للرد على مشروع القوانين المسماة ب"الإسلامية"، بتحية حارة الى إبنه فى الغابات: الدكتور جون قرنق دى مبيور. الإستهلال ذاك، زلزل أرجاء القاعة الفارهة وتلقفت صداه ميكروفونات مآذن مسجد النيلين، الواقع على مرمى حجر من البرلمان، وأجراس كنائس أمدرمان العتيقة. وكان العجب: فى ان ترددات خطابه بلغت أوج قمم جبال النوبة ودلقت إلى سفوح جبال التاكا والتوتيل قبل الأماتونج و العوينات ومرتفعات المرة.

    لا شك فى إنه كان قومياً وقوميته كانت تقبل كل أنواع القسمة والطرح والزيادة والنقصان والتفاضل والتكامل والتحليل والجبر فى إطار السياسة السودانية؛ لكن بإستشناء واحد: الظلم والتهميش والذل والإذلال داخل الوطن. هنا فقط كان رقماً عصيًاً لا يقبل المساومات ويرفض كل حركات الأعراب، مفضلاً أن يكون ممنوعاً من الصرف.

    هذا اليسير من الكثير مما لا نعرفه عن الراحل، يظل ما يميزه كأب انه ولد مع بداية قرن مضى وأنتقل الى ربه فى بدايات قرن جديد وهذا العمر المديد كان ذو ثمرات كبيرة. ولئن تفاخر أبناء النوبة بعدد جبالهم التسعة وتسعين، ضمن المائة جبل؛ يبقى مسعاهم ومسعانا معهم، فى إستعادة الجبل المنفرد وصية للراحل فى حقهم وحق كل السودان فى ان يبقى ويظل ويدوم.

    من بعده تبقى الحياة عدم مالم نبقى قابضون على جمر القضية!.

    كيمو أجينق أبا
                  

02-07-2008, 10:46 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وداعا فيليب غبوش ... نصير المهمشين ...الذى حاصر الترابى ومشروع الدستور الاسلامى (Re: الكيك)

    الحزب القومي السوداني المتحد

    السيرة الذاتية للفقيد الأسقف فيليب عباس غبوش

    بسم الله الرحمن الرحيم

    بسم الله وبسم الوطن

    الحزب القومي السوداني المتحد

    الســــيرة الذاتية للفقيد

    الأسقف فيليب عباس غبوش

    من مواليد أم درمان عام 1922 م

    المراحل الدراسية :

    مدرسة سلارا الأولية بجبال النوبة

    مدرسة كاتشا الوسطي بجبال النوبة

    كلية اللاهوت بجنوب السودان

    العمل السياسي :

    قاد كفاح شعب جبال النوبة وانحاز لقضايا المهمشين والمستضعفين في السودان وقادها حتي أصبحت قضية قومية وأول من نادي بالسودان الجديد القائم علي أسس العدالة والمساواة وأول من طالب بالللامركزية في السودان حيث اقترح أن يقسم السودان إلي خمسة أقاليم هي:

    الأقليم الشمالي

    الأقليم الجنوبي

    الأقليم الغربي

    الأقليم الشرقي

    الأقليم الأوسط

    علي أن تكون الخرطوم العاصمة القومية

    كما ترأس التنظيمات السياسية التالية :

    اتحاد عام جبال النوبة 1964 – 1986 م

    الحزب القومي السوداني 1986 – 1997 م

    الحزب القومي السوداني الحر 1997 – 2002 م

    الحزب القومي السوداني المتحد 2002 – حتي تاريخ وفاته في يوم الأحد 3/2/2008م

    كان عضواً في البرلمانات التالية :

    الجمعية التأسيسية عام 1965 م عن دائرة الدلنج الغربية ممثلاً لاتحاد عام جبال النوبة

    الجمعية التأسيسية عام 1968 م عن دائرة الدلن الغربية ممثلاً لاتحاد عام جبال النوبة

    مجلس الشعب عام 1978 م

    الجمعية التأسيسية عام 1986 م عن دائرة الحاج يوسف ممثلاً للحزب القومي السوداني

    المجلس الوطني 2006 م ضمن حقائب مجموعة التجمع الوطني الديمقراطي ممثلاً للحزب القومي السوداني المتحد .

    العمل الديني :

    رئيس طائفة الكنيسة اللوثرية السودانية

    رئيس أساقفة الكنيسة اللوثرية السودانية في دورة 1997 م وحتي تاريخ وفاته .

    إعلام الحزب القومي السوداني المتحد
                  

02-10-2008, 06:11 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وداعا فيليب غبوش ... نصير المهمشين ...الذى حاصر الترابى ومشروع الدستور الاسلامى (Re: الكيك)

    الرجل ذو الشعر الأبيض الى مثواه الأخير

    الأب غبوش ... ابتسامة لم تكتمل ونكتة لم تقال



    ضياء الدين بلال
    [email protected]

    تقاطرت الدموع تحت أشعة الشمس،لتمتزج بمرثيات نساء قبيلة "أما" بجبال النوبة، وهن يرثين الاب فيليب عباس غبوش بميدان ود البشير بأمدرمان عصر أمس، بعد وصول جثمانه من العاصمة البريطانية لندن،التي ذهب اليها للعلاج وعاد منها الى أم درمان داخل صندوق محفوف بالزهور،ومرصع بالحزن ،حزن لم يفرق بين الحلفاء والاعداء،فالأب فيليب كما تحدث المتحدثون: كان حريصاً على مد الجسور مع الجميع،مهما تباعدت المواقف،متخذاً من روحه المرحة،ومقدرته على صناعة النكتة وعقد المفارقات اسلوباً دائماً لحفظ صلات الود مع الجميع.

    حضور مقدر شهد حفل تأبين الراحل غبوش،بعضهم استظل بالصيوان المنصوب،والاغلبية ظلت تحت أشعة الشمس،تستمع لكلمات المتحدثين،وهي تروي تاريخ الرجل وتنفي عنه اتهامات العنصرية،كانت كلمات ابنه يوسف ترسل دعوات السلام والمحبة،كانت كلماته معبرة،قالها: (خلاص كفاية دشمان)..مولانا أبيل الير خرج عصرية أمس عن صمته المطبق، وتحدث عن فيليب وأيام وذكريات البرلمان في منتصف الالفية الماضية، وعن التقارب والالتقاء بينهما. اللواء جوزيف لاقو تحدث عن صلته بالراحل منذ أيام الانانيا والمناقشات التي كانت تتم بينهما كيف اختلفا وأين التقيا. اللواء نايل ايدام تحدث عن المدرسة السياسية للراحل وعن اخلاصه لوطنه ولجبال النوبة وعن اهتمامه بالمساكين وضعاف الحال.

    ياسر عرمان روى مقتطفات من سيرة العلاقة التى ربطت بين فيليب والحركة الشعبية، ودور النوبة في تاريخ السودان وداخل الحركة الشعبية وقال : ( من هو أقدم من الشعوب النوبية فى بلادنا التي ينتمي لها الجميع بصلات الدم والقربى والتاريخ والعيش المشترك، ربما يكون نهر النيل نفسه لا غيره. وهذه حقيقة من حقائق الانصاف والمصالحة الوطنية التامة والشاملة) .

    باقان أموم تحدث عن لقاءاته الاخيرة بفيليب في منزله المتواضع بحي البوستة بأم درمان ،وعن روحه المرحة التي يقابل بها الازمات. ووصف باقان فيليب بأنه الاب الروحي للراحل قرنق، وأنهم احفاد فيليب طالما أنهم (أولاد قرنق) كما يوصفون.

    السيد الامين حمودة الرجل الثاني في الحزب القومي السوداني تحدث حديثاً مستفيضاً عن فيليب منذ الصبا الى مماته، ونفى عنه صفة العنصرية. وقال إنه يحب كل السودانيين ، وقال انه لا يملك المنزل الذي ظل يسكنه لأكثر من نصف قرن،ولا يملك قطعة أرض في كل السودان سوى القبر الذي سيوارى بثراه،وقال ان فيليب رغم انه مسيحي وقس إلا انه كان يفرش سجادات الصلاة للمسلمين من أعضاء حزبه،وتقوم زوجته الام نرجس باعداد افطارات رمضان.

    انتهى حفل التأبين، والمرثيات تبكي الراحل فيليب ودموع الرجال والنساء ترسل دعوات الغفران للرجل ذي الشعر الابيض،الذي غادر الحياة ،وعلى وجهه ابتسامة لم تكتمل وفى فمه نكتة لم تقال.
                  

02-12-2008, 11:34 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وداعا فيليب غبوش ... نصير المهمشين ...الذى حاصر الترابى ومشروع الدستور الاسلامى (Re: الكيك)

    الأب فيليب عباس غبوش: لن نبكيك لأنك أمة خالدة

    د. قندول إبراهيم قندول
    [email protected]

    في يوم الأحد الموافق 3 شباط (فبراير) 2008م غابت الشمس وإنطفأت منارة من منارات نصرة أهل السُّودان عامة والمهمشون خاصة برحيل الأب والمربي والثائر العظيم فيليب عباس غبوش فبكت الأمة حُزناً وأذرفت العيون الدموع مدراراً إنتحاباً بفقد هذا العلم وآيةً النضال الوطني من أجل الحرية والعدالة الإجتماعيَّة والمساواة في المواطنة. لم لا فلقد إختطفته المنيَّةُ يوم الأحد وهو نفس اليوم الذي ودَّع فيه السُّودان والنُّوبة علماً وركناً من أركان نضالهم وهو الشهيد محمَّد جمعة نايل في كانون الأول (ديسمبر) 2004م. فالشهيد جمعة كان قائداً مغواراً فهو الذي إنتصر جنده في معركة تُلشي الشهيرة بجِّبال النُّوبة في أروع ما يكون الإستبسال. نذكر هذين البطلين للربط بينهما نسلاً. فالإثنان ينحدران من قرية حجر السُّلطان بجِّبال النُّوبة وهما سليل السُّلطان عجبنا الذي كتب تأريخاً وطنيَّاً ناسعاً للنُّوبة وللسُّودان ضد الإستعمار البريطاني – المصري. نعم إختطف الموت غبوش دون سابق وعدٍ بلقاء الرفيق الأعلى وإن العيون الدامعة والقلوب الحزينة لن تفي ما قدَّمته حجر السُّلطان الولودة للأشاوس من الرِّجال، ثُمَّ أن تلك الدموع لن تفي أيضاً بتضحيات هذين الرجلين. فإن نبكي الراحل غبوش فإننا نتذكَّر إنساناً ذهب عنا جسداً بلا عودة ولكنه باقٍ فينا ومعنا وجداناً وكما ترك كنزاً من كنوز النِّضال. ترك الأب غبوش الرؤية والرسالة الواضحة أنَّ هذا السُّودان لجميع السُّودانيين بمللهم المتنوعة والمتنازعة عرقيَّاً ودينيَّاً، وإنَّ هذه المصارعة ما هي إلا من صناعة الساسة السُّذج الذين لا يريدون للسُّودان التقدم والإزدهار، إذ لخص رسالته في بسملة "الله والوطن" غير تلك يتلفظها المنافقون حينما يحيون ويخاطبون الناَّس "باسم الشَّعب". أي بمعنى آخر الدين لله والوطن للجميع. إذ في الله يلتقي الجميع تعبداً وعبادةً لأن فيها تمتزج القيم الإنسانيَّة وتكتمل الروحنيَّات التي يحتاجها الإنسان لإصلاح حياته ومماته وللنجاة في آخرته يوم يلقى ربه فرداً: وذلك من خشيى ربه؛ وأن الوطن يشمل الجميع دون تمييز وأن في "الشَّعب" الجزئية التفضيليَّة وكما في الوطن الأهداف والمصالح المشتركة التي تدعو العباد إلى التعايش السلمي العام لتحقيق الرغبات، وفي الوطن أيضاً تختلط دماء النَّاس ليرزقهم الله من فضله وليقرضهم بالعدل والإحسان. لهذه القيم الإنسانيَّة والعدالة الإجتماعيَّة عاش غبوش ومات وقد حكم السُّودان بفكره ورؤيته لتكوين سُّوداناً جديداً موحداً فيه يجب أن تتغير مفاهيم أحاديَّة الثقافة ليعمه مبدأ قبول التعددية الثقافيَّة، أراده سُّوداناً تتلاشى فيه الإستعلاء العرقي والديني، وتتوفر فيه الحريات الأساسيَّة للفرد والجماعة.

    فلقد كان الأب غبوش ثابت المواقف، حفيظاً للحق بقوة العزيمة والشكيمة، وكان حاذقاً ذكيّّأً وقوراً وشجاعاً لا يخشى في قول الحق لومة لائمٍ ولا إستبداد اللئيمٍ. كانت قوته وشجاعته مقرونتان بالتواضع والظرافة الماكرة والنكتة الذكية في الإسترسال الرمزي تبسيطاً لتوصيل القضية والمعاني النبيلة لكل أهل السُّودان رغم التشويش المقصود وغير المقصود على رسائله. فالعزيمة والذكاء والوقار والتواضع التي تمتع بها غبوش من صفات الرجِّال العظام، وإن القدرة على قراءة مجريات الأمور وتحليلها ثُمَّ النظر إلى المستقبل من أنبل خصاله. ولا ريب فقد كان إنشغاله بهموم أهل السُّودان أكبر همه من إنشغاله بصاحبته "أم المهمشين وأم النُّوبة" – الأم نرجس – وكما غاب وتغيَّب عن بنيه في سبيل تحقيق الغايات النبيلة، فلنيلها إعتلى قمم الصعاب مكرَّساً حياته إلى آخر لحظة في خدمة المستضعفين الذين إستدار وتولى عنهم ذوو البأس والقوة. فالأب غبوش من أعف أبناء السُّودان لساناً وأطهرهم يداً، فلم تنال يده مالاً عاماً يغتنمه بغير حق ولم يستغل أحداً باية صورة من صور الإستغلال، ولم ينتزع حق مظلومٍ بدهاءٍ ومكرٍ أو خلسة ليستثري به نفسه، لذا مات وهو فقير فلم يملك في هذه الحياة سيَّارةً ولم يكتنز جنيهاً أو ديناراً ولم يمتلك منزلاً قط غير ثراه الذي إختار أن يكون بحجر السُّلطان - مسقط رأسه - حيث الأرض الوفيرة دون قيود أو ثمن يُدفع.

    غبوش، تكمن عظمته في مواقفه النضاليَّة ضد الظلم والقهر ومناهضة ممارسة العنصريَّة المعكوسة بواسطة الأنظمة القمعيَّة التي توالت على حكم السُّودان. تلك العنصريَّة ألبسته إياها أجهزة الدولة الثرثارة والمغرضة. فلقد إتهمه بعض قادة تلك الحكومات مراتٍ عديدة بالقيام بمؤامراتٍ أفريقيَّة عنصريَّة لقلب الأنظمة الإنقلابيَّة العنصريَّة والإسلاموعروبيَّة مع أن أهل تلك الأجهزة إنقلابيون وهم كذلك عنصريون. لقد جلست أنا والدكتور أحمد عبد الرحمن والمهندس محمَّد بطران إلى الأب غبوش يوماً لنهنئه بمناسبة خروجه بسلامٍ من سجن حكومة الدكتور الجزولي دفع الله الذي إتهمه بالقيام بمؤامرة عنصريَّة في سبتمبر من العام 1985م حيث كنا في مجلسنا ذاك شباباً غاضبون أشد الغضب على الأسباب الواهية لإعتقال وحبس الأب غبوش ومن كان معه. سألنا هذا الشيخ الكهل الذي أتعبه السجن والسجَّان، وكان سؤالنا عن إستراتيجيَّة الحزب القومي السُّوداني بعد النكبة وتلك النكسة الموقوتة. إستفسرناه أنْ: يا أبتاه، ما العمل بعد هذه الخطوب وما هو موقفه هو من الإنتخابات وكيف يستطيع الحزب خوض هذه العمليَّة الأنتخابيَّة التي كانت وقتئذٍ على الأبواب بعدما وقع على جماهير الحزب اليأس وقت حبسك وبلغ بهم التيه مبلغاً؟ رد الأب غبوش بقوته وصراحته المعهودة إن كنتم تسألون عن مالٍ للدعاية الإنتخابيَّة فإنصرفوا عني فليس لي مال فإني لا أملك من الشعب السُّوداني غير إرادته في الإختيار عن طريق صناديق الإقتراع وكما ليس لأحدٍ عليَّ من حقٍ وإني لمُنازِل الخصماء ها هنا في الخرطوم وليس في جِّبال النُّوبة أو ربك أو إمتداد الصحافة في إشارة للدائرتين التي ترشح فيهما الصادق المهدي وحسن الترابي؛ على التوالي. قالها غبوش قولة الواثق بخيار الشَّعب والمؤمن بحب وطنه وقومه وموقن بحبهم له وبإنه سيفوز بأية دائرة في عاصمة البلاد (مجمع كل السُّودان) لكيما يثبت للنَّاس أنه برئ من العنصريَّة وإنه مِلكٌ لجميع السُّودانيين وبذاك يكون قد إغتسل درن إتهامه بالعنصريَّة. كان الأب غبوش مُحِقاً في تصريحه ذاك لأن نبوءته قد تحققت حينما فاز بدائرة الحاج يوسف بالخرطوم بحري، إحدى رؤوس العاصمة المثلثة على من كانوا أكثر منه إنفاقاً وأوفر ظناً أنهم أحسن منه حظاً ولكن إرادة الشَّعب كانت هي الأقوى وكانت هي الأعلى..... وصدَّقنا الرؤيا التي حدثنا عنها الأب الجليل.

    فإن نبكي غبوشاً فإننا ننتحب شخصاً لعب دوراً رئيساً في النهوض بقضية المهمشين معالجةً لسرطان التهميش منذ زمن باكر في حياته حيث كان من الرعيل الأول الذي نهض، فكان عضواً وقياديَّاً بارزاً في الكتلة السوداء التي كوَّنها الدكتور محمَّد آدم أدهم، وهو الذي خلق مع نُخبة متميزة إتحاد عام جِّبال النُّوبة الذي لم تنحصر عضويته على النُّوبة فقط كما يتبادر إلى الأذهان من الإسم أو كما يشيعه النَّاس ويتوهم غيرهم، ثُمَّ ترأس زعامة تكتل الأحزاب الأفريقيَّة وهو أيضاً مؤسس ورئيس الحزب القومي السُّوداني ونيابة الشهيد حسن علي الماحي من قبيلة الهواوير العربيَّة معللاً عمليَّاً أنه ليس بعنصري. فمن مدرسة غبوش النضالية والسياسيَّة تخَّرج الكثير وكما تشبعت من فكره أجيالٌ لا سيما قادة بارزين وجياد في الحركة الشعبيَّة والجيش الشعبي لتحرير السُّودان، فقد كان أباً روحيًّاً للراحل المقيم الدكتور جون قرنق وللأستاذ الشهيد يوسف كوه مكي ومن الأحياء بينهم أيضاً الفريق عبد العزيز آدم الحلو واللواء دانيال كودي وكثيرٌ من السياسيين العظام منهم من إلتقت رؤاهم مع غبوش ومنهم من إختلفت رؤاهم في كيفيَّة تجسيد وتحقيق تلك الرؤى. ومن داخل البرلمان نادى الأب غبوش مطالباً بلا مركزية إدارة السُّودان، ثُمَّ كان هو الشخص الوحيد الذي وقف نداً غشيماً متحديَّاً ندءات ومراوغات الدكتور حسن الترابي حينما أراد الأخير "فرض" الدستور الإسلامي – عن جبهة الميثاق الإسلامي - على السُّودان من داخل البرلمان خصماً على حقوق الأقليات الدينيَّة من المسيحيين وغيرهم في حكم البلاد مهما بلغوا من الكفاءة والقدرة والأمانة والعدل. وكانت فطنته وكان حذقه ونضوجه السياسي في تناول قضايا الوطن السياسيَّة والإجتماعيَّة بالظرافة الممتعة مصدر إستهزاء البرلمانيين القُصَّر في عهد الديمقراطيَّة الثالثة حينما نعتته ثُلة من المشرعين الجدد في البرلمان "بالسياسي المشاغب" وهذا لفظٌ لا يليق بالبرلمانيين وصُناع الشرائع والقوانين والدستور. وصفوه بذلك لأنه نطق بالحق نيابة عن المهمشين وكراهة للتهميش وهو فوق كل ذلك كان أكثرهم تجربة سياسيَّاً، إجتماعيَّاً ولربما أتقاهم دينيَّاً. ولكن كما هو معلوم، في السُّودان كثيراً ما يركن السياسيون إلي المشاكسة والشغب في قاعات مجالس الشعب بدلاً من المناقشة الهادفة إلا أنَّ غبوشاً لم يلتفت إليهم أو إلى تلك الفوضي غير المسؤولة إلى أن إنتقل إلى جوار ربه ولن نبكيه كثيراً لأنه أمة خالدة في الوجدان.

    اللهم أغفر لفيليب عباس غبوش وأرحمه رحمة واسعة واسكنه فسيح جنانك. اللهم ألهم أسرته وجماهيره الصبر الجميل، وبرحمتك الواسعه أفض على قلوب أعدائه نعمة المحبة ونبذ الكراهية وإهديهم الصراط المستقيم. آمين

    عن سودانايل
                  

02-12-2008, 01:12 PM

Bushra Elfadil
<aBushra Elfadil
تاريخ التسجيل: 06-05-2002
مجموع المشاركات: 5252

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وداعا فيليب غبوش ... نصير المهمشين ...الذى حاصر الترابى ومشروع الدستور الاسلامى (Re: الكيك)

    برحيل الأب فيليب عباش غبوش تنطوي صفحة كاملة من السودان الذي نعرف فقد كان الرجل بحركته في دروب السياسة السودانية الشائكة يعكس بالمعنى الحرفي ما يدور من حراك سياسي في قبة البرلمان أيام الديمقراطية وفي مجالس الأنظمة العسكرية. ومن كل المفارقات التي لحقت بمسيرة الرجل السياسية الطويلة فإنه أحزنتني بصورة خاصة قبل عقدين من الزمان تلك الغهانة الشديدة والإذلال الذي تعرض له الرجل ايام محاكمات قوانين سبتمبر حين صعد الهوس الديني إلى أعلى قممه وكاد الرئيس نميري أن يقتله في تلك الأيام ثم استعاض عن الإعدام بالإذلال في غياب المحاكم.
    العزاء في فقد الأب فيليب عباس غبوش للشعب السوداني وإلى أعضاء حزبه وأسرته ومحبيه.
                  

02-28-2008, 06:20 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وداعا فيليب غبوش ... نصير المهمشين ...الذى حاصر الترابى ومشروع الدستور الاسلامى (Re: Bushra Elfadil)

    الأب فيليب عباس غبوش... ذكريات و مذاكرات


    (1)



    د. حامد البشير إبراهيم


    [email protected]
    إسمه بالكامل فيليب عباس غبوش آدم والده كان جندياً برتبة جاويش في قوة دفاع السودان، وهو مولود لام واب مسلمين، وقد تم تعميد الأب فيليب عباس غبوش وهو عند التاسعة من عمره على يد مبشرة إنجليزية في منطقة سلارا بجال النوبة تعرف باسم وينثروب (winthrope).. او هكذا تقول الوثائق والتقارير عن حياة الرجل.


    الأب فيليب عباس غبوش ينتمي الى قومية النوبة والى أحد فروعها الأساسية والكبرى التي تعرف بالنيمانج وهي التي تقطن في الأجزاء الشمالية من جبال النوبة، جنوب كردفان غرب مدينة الدلنج التي احتضنت يوماً ما معهد التربية بالدلنج الذي تأسس عام 1948م صنواً لمعهد التربية ببخت الرضا ومعهد التربية بشندي وغيرها الى ان أصبح جامعة الدلنج بداية التسعينيات.

    قبيلة النيمانج - كغيرها من قبائل النوبة الاخرى- أسهمت إسهاماً فاعلاً في مناهضة الاستعمار الانجليزي في المنطقة خلال الثلاثة عقود الاولى التي اعقبت سقوط الدولة المهدية (1899)، ولقد استمرت مقاومة النوبة (والعرب) في جبال النوبة حتى عام 1930م حتى وصفهم الإنجليز بالقبائل الجبلية

    المشاكسة.

    كانت ثورات النيمانج- بالإضافة لثورة الفكي علي الميراوي وغيرها – تعتبر من اهم حلقات المقاومة في جبال النوبة. و قد كان من اهمها على الاطلاق في الجبال الشمالية ثورة السلطان عجبنا الشهيرة (1913) والتي أبلت فيها قبيلة النيمانج تحت قيادة قائدها البطل السلطان عجبنا بلاءاً حسناً الى ان تم القبض عليه وحوكم بالاعدام شنقاً حتى الموت في عام 1917.
    ومن القصص الخالدة التي تحكي عن السلطان عجبنا كما تقول الوثائق الانجليزية في جبال النوبة: بأن سأله من اوكل اليه اعدامه أمام جمع كبير من قبائل النوبة والعرب أحضروا (عنوة) لمشاهدة الإعدام (علّ ذلك يطفئ جزوة الثورة المتقدة فيهم جميعاً) وذلك عملاً بنظرية (دُق القُراف خلَّلي الجمل يخاف) كما يقال في كردفان، فسأله قائلاً: ما هي أمنيتك الأخيرة قبل الموت؟، قال له امنيتي ان أموت رمياً بالرصاص لا شنقاً بالحبل لأننا هنا نقتل الكلاب (السعرانة) بالحبل اما الرجال فيقتلون بالرصاص، وليتهم لم يقتلوه اذ حالما تولت قيادة الجيوش من الشباب النوبي المتمرد والثائر ابنته المعروفة باسم مندي، والتي وثق نضالها في شعر رصين الاستاذ محمد عثمان الحلاج الكاتب والصحفي والمسرحي المشهور في كردفا ن.
    ومندي قد مجدها التراث الشفاهي في المنطقة بانها المراة الحديدية التي قادت جيوش والدها القتيل وحاربت الانجليز ببسالة نادرة الى ان قطعت عن جنودها امدادات الطعام وهم محصنون في الجبال. وقد ابتدعت مندي الموسيقى الحماسية (والجلالات) التي شكلت فيما بعد المارش الأساسي للجيش السوداني بعد الاستقلال كما وثق لذلك الموسيقار والباحث الراحل جمعة جابر (من المسيرية). الراحل فيليب عباس غبوش ينتمي لحجر السلطان (عجبنا) وهو سليل ذلك الزخم الزاخر من التاريخ والتراث البطولي في منطقة جبال النوبة عامة ووسط قبيلة النيمانج خاصة.
    قبيلة النيمانج التي ينتمي اليها الأب فيليب غبوش من القبائل التي قدمت الكثيرين من نخب وصفوة النوبة الذين أسهموا في شتى المجالات الحياتية الحديثة في جبال النوبة (الوطن الصغير) وفي وطنهم الكبير ومنهم على سبيل المثال للحصر – المك كنده كربوس مك قبيلة النيمانج ووالد المك حسن كنده كربوس (خريج الآداب جامعة الخرطوم) والذي أصبح لاحقاً محافظاً لمحافظة جنوب كردفان في حقبة الثمانينات، ومن القصص المؤثرة والخالدة التي تحكي عن الناظر كنده كربوس انه في خلال الفترة الاستعمارية وبعد تخليه عن العمل العسكري وتعيينه مكاً على أهله اظهر المك كنده كربوس (خلال الاربعينيات) قدراً كبيراً من التعاطف والدعم للعمل الدعوي الإسلامي ولاحقاً قد أستضاف الداعية الاسلامي المشهور الشيخ محمد الأمين القرشي في جبال النوبة. والتي تقول الوثائق انه قد اقام بعض الوقت في قرية كرمتي واقام فيها مسجداً ومسيداً وقد تتلمذ على يديه كثير من الاطفال الذين أصبح لهم شان عظيم في جبال النوبة وفي السودان . ومن هؤلاء المرحوم الدكتور عباس شاشا موسى المحاضر بشعبة الجغرافيا جامعة الخرطوم والذي اصبح لاحقاً مسؤولاً عن وحدة التعريب بجامعة الخرطوم. والقصة الخالدة التي تحكي عن المك كنده كربوس مك قبيلة النيمانج مفادها:
    انه في يوم من الأيام استدعى المفتش الانجليزي لمركز الدلنج المك كنده كربوس ونقل له عدم ارتياح السلطات المحلية لدعم المك للتبشير للاسلام اذ ان منصبه كمك وكرجل إداري – أهلي يحتِّم عليه لزوم الحياد فكان رد المك كنده كربوس: ولكني لم الاحظ ذلك الحياد في الإداريين الانجليز وهم يدعمون الكنيسة والتبشير الكنسي في الجبال. وقد أصر على ذلك حتى لو ادى ذلك الى الاطاحة بمنصبه الرفيع كمك لقبيلة النيمانج، حينما ذكرت تلك القصة للأب فيليب ضحك وقال معلقاً: "نحن النوبة ان مسكنا الاسلام بنجّوده وان مسكنا المسيحية بنجودها برضو".

    ومن الشخصيات والنخب الفاعلة من ابناء النيمانج البرلماني المشهور (في أول برلمان سوداني) السيد نصر الله صارمين (عن حزب الامة) والد الاستاذ عبد الله نصر الله الشرطي والباحث الاجتماعي الذي احيل للمعاش وهو في العقد الرابع من العمر (وذلك لصالح الوطن العام). والامير الحالي للنيمانج (لقد تم تحويل اللقب من مك الى أمير لضرورات التأصيل الإداري فيما يبدو) السيد رمضان طيارة، والبروفيسور الاكاديمي اللامع المهندس الامين حمودة رئيس اتحاد عام جبال النوبة ونائب رئيس الحزب القومي السوداني والوزير السابق للسياحة السيد امين بشير فلين والسيد ابراهيم نايل إيدام عضو مجلس قيادة ثورة الإنقاذ سابقاً والبروفيسور هنود أبيا كدوف (بالجامعة الاسلامية بماليزيا) والإقتصادي الكبير الاستاذ محمد شاشا موسى والفريق شرطة عوض سلاطين والاقتصادي اسماعيل الراحل وغيرهم الكثير مما لا يسع المجال لذكرهم. وكذلك جمع غفير من الأساتذة الأجلاء ومعلمي الاجيال حيث تحضرني الذاكرة باستاذي النبيل اندل النوبي والاستاذ جولي أرقوف وعدد كبير من النخب والصفوة التي لا يسع المجال لذكرها, وقد اسهموا في شتى مجالات الحياة الحضرية والريفية على المستوى المحلي والقومي. فالعزاء لكل اهلنا النيمانج والنوبة والعرب في فقدهم الكبير و في فقد المنطقة وجنوب كردفان والسودان.
    ربما قارب عمر الأب فيليب التسعين عاماً او أقل من ذلك بقليل عند وفاته.



    ونواصل.. في حلقة قادمة جزء من حديث الذكريات مع وعن الراحل القس فيليب عباس غبوش.





    نقلا عن صحيفة السوداني


    العدد رقم: 824 2008-02-27

    القس فيليب عباس غبوش ذكريات ومذاكرات(2)
    د. حامد البشير إبراهيم
    تعرفت لأول مرة على السيد فيليب عباس غبوش عام 1985م وكنت حينها طالب دراسات عليا بالولايات المتحدة الأمريكية واعد بحثاً لنيل الدكتوراة عن التنمية والتطور السياسي في جبال النوبة، عند عودتي للسودان لجمع البيانات كانت أولى خطواتي ان ذهبت إليه في منزله العامر بحي البوستة في أم درمان بصحبة ابنة عمه الطالبة بالاحفاد آنذاك الأستاذة فاطمة جبريل المقيمة بانجلترا حالياً. وقد رحب بي أيما ترحيب وغمرته سعادة لا محدودة من طبيعة البحث ومن محاولتي للتوثيق للتحول السياسي في جزء عزيز من الوطن هو جبال النوبة وكان حتى ذلك الوقت المصدر الأساسي للمعلومات هو التقارير التي كتبها المفتشون الانجليز أو كتابات الانثروبولوجيين وعلماء الآثار امثال آركل وآخرين.
    وربما كان سبب سعادته ايضاً ليس لدوره الفاعل – مع آخرين- في تلك الحقبة من تاريخ النوبة وتاريخ السودان لكن لأهمية التوثيق لحراك سياسي مهم في ذلك الجزء من الوطن وبدلالاته المهمة على الحراك الصاخب في جنوب السودان وربما له ما بعده على مجمل التداعيات في السودان كما أثبتت الأيام بعد ذلك وخاصة خلال حقب الثمانينيات والتسعينيات وحتى هذه اللحظات التي مازالت تتكشف فيها الأحداث وتتوالد التطورات والله وحده اعلم بما ستؤول إليه الأمور بعد عقد من الزمان.
    كان الأب فيليب عباس غبوش ذا نظرة بعيدة تجاه المستقبل وبالطبع كان كثيراً ما يسترشد بالتاريخ ايضاً. وكثيراً – كما وثقت ذلك في دراساتي- يقتفي اثر مارتن لوثر كنج قائد حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الامريكية وكان يعتبر ان اتحاد عام جبال النوبة والذي اشتمل على قيادات عربية ومسلمة فاعلة فيه بأنه تنظيم مطلبي غايته تحقيق المشاركة الفاعلة والإقتسام العادل لموارد البلاد السياسية والاقتصادية مع تثبيت حق (الاقليات) في قضايا الهوية واستيعاب التنوع وإحترامه ان كان ملياً أو اثنياً.
    وان ما اصاب فيليب من إتهام بالعنصرية مفهوم في إطار تداعيات وصراعات حول السلطة من المركز الذي تأبى على اطرافه بالعدل حتى ثارت عليه الأطراف ولو تمت الاستجابة الدستورية للحركات المطلبية التي ظهرت في الستينيات مثل اتحاد عام جبال النوبة ومؤتمر البجا وجبهة نهضة دارفور لكنا قد جنبنا الوطن نزيف الدم الغالي الذي سال انهاراً في جبال النوبة وفي دارفور وفي الشرق وفي النيل الأزرق. لكن لأن الأنظمة الشمولية إعتادت ان تعمل على نظام رزق اليوم باليوم فقد اضحت متبلدة في التفكير القومي الاستراتيجي الذي يحفظ الوطن وظلت فقط مهمومة بما يحفظ كراسي الحكم التي يجلس عليها الحكام. وقد لايكون جلوساً طويلاً أو مريحاً.. من يعلم؟
    لقد كثر ترددي على منزل السيد فيليب غبوش خلال ذلك العام (1985م – 86) بقصد جمع البيانات خاصة عن فترة الستينيات التي لمع فيها نجمه كأحد القادة التاريخيين الذين اسسوا اتحاد عام جبال النوبة بعد ثورة اكتوبر (1964م).
    هنالك عدة صور نحتت في ذاكرتي بشدة حينما كنت اتردد على منزل السيد فيليب غبوش وانا اتعرف عليه عن قرب أيضاً:
    أولاً: ان السيد غبوش وبالرغم من انه زعيم سياسي لامع وذائع الصيت وعضو برلماني سابق ومتهم (كبير) ولمرات عديدة بمحاولات إنقلابية وصفت في حينها بالعنصرية رغم كل ذلك فإن هذا الزعيم
    ( الأسطوري) يقيم في منزل جالوص عتيق تغلب عليها البساطة قبل التواضع. ولاحقاً عرفت منه انه يقيم فيه بالإيجار. وأغلب الظن ان فيليب حتى مماته ربما لم يمتلك منزلاً في الوطن الذي أضحى احد رموزه حياً وميتاً. لقد كان فيليب غبوش بالطبع نموذجاً للسياسي العفيف والعصامي المرتبط بجماهيره والمتأسى بأنماط حياتهم. لقد كان من نمط القادة الأوائل بعد الاستقلال أمثال المرحوم أمين التوم الذي كان أول وزير للحكومة المحلية ومات في منزله المتواضع في ام درمان الذي يشبه عامة منازل اهل البلد في ذلك الوقت.
    ثانياً:
    كان كلما حضرت إلى منزل السيد فيليب اجده يعج بالضيوف والزوار والطلاب المقيمين بالمنزل بصورة مستديمة وبعد عدة زيارات نمت بيننا درجة عالية من الصداقة والألفة والتقدير المشترك مما جعله يغمرني في كثير من الاحيان بقفشاته الجميلة والتي تعبر عن ذكاء (نقدي) حاد وقدر كبير من الدعابة (sense of hum our) كما كان عاطفياً لدرجة عالية اذ كثيراً ما غلبت عليه الدموع امام جماهيره التي كان يحسن دغدغة عواطفها. ذكرت له يوماً بأنني حقاً منبهر بالكرم الشديد الذي شاهدته في منزلك! فضحك ضحكة خفيفة وقال مازحاً: ( انه الكرم العربي يا أبني كما تقولون) ..فضحكنا طويلاً وما ظننت ان تلك (القفشة) تمر عبرها عقود لتجد نفسها تستقر في صفحات توثق وتعزي في الراحل القسيس فيليب عباس غبوش.
    ثالثاً:
    استكمالاً لحوار لم يكتمل دعاني الراحل فيليب غبوش في يوم من الأيام لتناول افطار رمضان في منزله في ذلك العام (1986م) وقد كانت دهشتي عظيمة في باديء الأمر خاصة وان تكون الدعوة الرمضانية من قس كبير وفي منزله وبعيداً من الرتوش السياسية التي تقتضي ذلك في اطار العلاقات الرسمية احياناً بين الكنيسة والدولة.
    وانتابني شعور لبعض الوقت ان الدعوة ربما تكون معدة لي خصيصاً ولكن سرعان ما استدركت بأن التركيبة الديمغرافية في حوش الأب فيليب يغلب عليها المسلمون اكثر من المسيحيين. في الحقيقة ان بعض ابناء عمومته وابناء وبنات اهله الذين يشرف عليهم في التعليم ويدعمهم وضيوفه اغلبهم مسلمون وان المسيحيين فقط هو وزوجته وأولاده اسحاق ويوسف وابنته سارة ( التي درست في الاحفاد ايضاً فيما اذكر) ذهبت إلى المنزل ووجدت الافطار الرمضاني معداً بكل ما لذ وطاب وجلسنا حول المائدة مع الراحل فيليب غبوش وكذلك اقاربه المسلمون وغير المسلمين.لقد كانت لحظة نادرة في تفعيل التنوع وتشكلت في الذاكرة كلوحة فنية رائعة تعبر عن قبول الاختلاف في الحياة اليومية في اروع صوره.
    الأب فيليب غبوش كان رجلاً كبير القلب والعقل وكان مستوعباً للتنوع والإختلاف بصورة حضارية ناضجة. لم يكن الأب فيليب غبوش عنصرياً – كما أشيع – وتلك شهادتي للتاريخ.





                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de