|
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى (Re: بكرى ابوبكر)
|
* الجزء الثالث نوفمبر 2005م صديق عزيز دكتور فيصل حسين عبد الرحمن مصاب بالداء العضال وفي صدره اللهم لطفك ورضاك هل أتى الدور على جيلنا فيصل ذلك الصديق الودود صبوح الوجه منذ عهدنا به في المرحلة الوسطى أكمل دراسة الصيدله بالاسكندريه وبدأ حياته العمليه فقد والده مدير المساحة السابق منذ الطفوله ولكنه كافح وأخوته حتى أكملوا تعليمهم جميعاً. ينتمي فيصل لعائلة مترابطه غالبية رجالات الأسرة من كبار موظفي الدوله وطبقة كبار موظفي الدولة في ذلك الوقت أواخر ستينات القرن الماضي كانت من الطبقات العليا المميزة فخاله السيد بابكر النور مصطفى كان يشغل منصب مدير مصلحة السياحه والمرطبات . وكانت معرفتى للأخ فيصل من خلال زمالتى وصداقتي لابن خاله هاشم بابكر النور والذي كان في نفس صفي بمدرسة الخرطوم الأميريه الوسطى وكذلك إبن خالته صلاح محجوب الماحى والذي كان والده يشغل منصب ناظر الأقسام الوسطى بسكك حديد السودان ووالد فيصل مدير المساحه وخاله السيد عثمان النور مصطفى ومحمد النور كلهم من كبار موظفي الدوله وكل من تلك الأسر يقطن في أحد منازل الحكومه بالسكه حديد بالخرطوم وحى المطار والحي الشرقي ذو الحدائق الواسعة الغناء والتى لم تكن تتوفر حينها إلا لطبقة كبار الموظفين بالدوله وأساتذة الجامعات حتى طبقة كبار التجار ورجال الأعمال من العائلات الكبيره من ميسوري الحال.. لم تكن رفاهية السكن في منازل بها حدائق واسعه من الرفاهيات التى تخطر على بالهم إلا ما ندر ومثال لذلك منزل السيد ابراهيم هباني والسيد محمد الامين ابو نائب والد مهدى ابو نائب واخوانه وكلاهما من منطقة النيل الابيض ومن ملاك مشاريع القطن ويقطنون في منازل بالخرطوم (2) واسعة الحدائق ويمتطون عربات فارهة وكلاهما متزوج للمرة الثانيه من أسرة ذات أصول مصريه (بنات الريف) كما كانوا يسمونهم في ذلك الزمان وأحسب ان لتلك الزيجات أثر في تحول اسلوب حياتهم لذلك النمط من حياة الرفاهية والذي كان سائداً بين ميسورى الحال في مصر. وكنا نقطن في منزل بشارع القصر جنوب لا تتعدى مساحته 480 متر وحديقته حوالي 20 متر وكنت أحرص على تلبية دعوة صديقي هاشم كلما التأم شمل عائلتهم بمنزل والده نلهو ونلعب طوال اليوم صبية وصبيات الأسره حوالي الثلاثون من كل الأعمار من الروضة الى المرحلة الثانويه وكل رجال ونساء تلك الاسره يلتفون حولنا. وبعد ان توثقت علاقتى بكل أفراد الاسره ظللت أتلقى دعواتهم من وقت لأخر في منزل احد ربان الاسر ذات الحدائق الواسعة وكنت أحمد الله على تلك النعمه. عهَدنا في السنوات الاخيره ان يلتئم شملنا في كل ليلة من ليالي رمضان للافطار كل أفراد الاسرة وكلما تزوج أحدنا وصار له مسكن يحظى بنصيبه من تلك الليالي ابناً كان أم ابنه لبشير النفيدي ويلتقي في تلك الامسيات أزواجنا واطفالنا. ثم حرص والدنا ان نلتقي كل يوم جمعه وبعد الصلاة بكامل اسرنا التى كانت تزداد يوماً بعد يوم بمنزله والذي ارتحل اليه في بداية السبعينات. وكانت به حديقة واسعه كان الوالد يسعد بالجلوس بعد الغداء كل جمعه يتابع احفاده وهم يكبرون ثم بدأ كل منهم يدعو من اصطفى من اصدقائهم وكلما جلست الى جانبه أتابع اطفالنا يلعبون ترجع بي الذاكرة لتلك الأيام الجميله في أواخر الستينات مع عائلة فيصل حسين عبد الرحمن وهاشم بابكر النور وصلاح محجوب الماحى. ويا لها من أيام مليئة بالمحبة الخالصة والروح النقية وبراءة الطفولة نتشاجر إذا اختلفنا على تسجيل هدف عندما نلعب كرة القدم ونختصم ويذهب كل الى سبيله عازماً على مقاطعة الأخرين الى الأبد ويجمعنا في اليوم التالي الأخ فيصل بروحه الطيبه نقتسم سندوتشات الفطور بالمدرسه. أين كل هؤلاء الأخوة الأن تشتت الشمل وكل في طريقه بأرض الله الواسعة هاشم تزوج أسبانية وقطن الأندلس.. وصلاح في الكويت.. وعصام برومانيا وعبد الرحمن في عمان.. إلا فيصل عاد يعمل في وطنه صيدلياً ملازماً والدته صفيه أطال الله عمرها وأبقاها. كل ما لقيته أقبل عليك هاشاً باشاً كأنه يمتلك الدنيا وما فيها تزوج ولم ينعم الله عليه بخلف فكان يحمد الله ويرضى بما اكتسب. كثيراً كنت أسأل نفسي وأنا أتابع أطفالنا يلعبون ويمرحون في صحبة أصدقائهم بمنزل الوالد إذا كانت تلك من الأماني التى سألت الله في صغري فاستجاب والحمد لله.. ورغم علمي بأن أطفالنا ينتظرون هذا اللقاء الأسبوعي على أحر من الجمر بل سمعتهم يدعون الله في رمضان أن يطول الشهر الى الدهر بأكمله لأنهم يلتقون فيه كل يوم في أحد منازلنا بدل اللقاء الاسبوعي. ولكن بما لهم من مستجدات اللهو اليوم من تلفزيون وفيديو DVD وتوابعهم من الألعاب الالكترونيه التى لا تحصى.. هل لتلك اللقاءات الاسريه نفس السعادة والقبطة التى كنا نتذوقها والتى كثيراً ما أدخلت في نفسي الحبور كلما اجتررت ذكرياتها في كل خلوة الى نفسي. هل يدري هؤلاء الأبرياء ما تخبئ لهم الأيام من فراق فلقاء ففراق. اتصل بي الصديق العزيز دكتور ماهر سعد في الاسبوع الثاني من يناير 2006م وأحسست برنة حزن في صوته وهو يلغي علي بالتحية.. فيصل بالجناح الخاص بمستشفى بحرى ونسعى لنقله للقاهره التى عاد منها منذ أسابيع.. طبياً لا أمل فلقد استشرى الداء اللعين من الصدر الى العظام ولكن الأمور بيد الله هو يدري بما ألم به ولما آلت اليه حالته ولكن ايمانه بأن الأمور بيد الخالق وليس على المرء إلا أن يستعين به ويرجى فضله. رافقتنى زوجتي والتى لم ترى فيصل لسنوات وقبل انتقالنا للاقامة بالولايات المتحده في عام 1995م وكانت متوجسة للحالة التى ربما تجده عليها فالكل يعلم ما يستصحب ذلك المرض من آلام تودى في بعض الأحيان أن يكون المريض في حالة نفسية سيئة وما تسببه جرعات الاشعاع من تغير في الشكل وسقوط للشعر.. ولكن هالنا ما وجدنا عليه فيصل ومن معه في الغرفه زوجته أعانها الله على الصبر بدريه .. أخته ساميه وأصدقاء وأقارب أخرين تهلل وجه فيصل وكاد أن يهم من فراشه واقفاً ولكن هيهات.. دنوت عليه معانقاً جلسنا نجتر ذكريات الماضي وكيف كانت علاقتنا أيام الدراسه وما بعدها وزيارتى له بالاسكندريه أيام دراسته بجامعتها وأنا في طريقي لمواصلة دراستي بالمملكة المتحده يصر ان أشاركه كوب عصير البرتقال الذي هو زاده الوحيد يضحك ويضحك الأخرون وكأنه في قيلولة الظهيره وليس به شئ. أنظر الى وجه زوجته وأخته وأرى الحزن الدفين خلف الضحكات.. حاولت أن أحتبس دمعة ولكنها غلبتني فهرعت خارج الغرفه بحجة حوجتى للحمام. عاودته في اليوم التالي واصطحبته الى المطار في اليوم الثالث ظهراً وعلى الخطوط الاثيوبية كانت آخر كلماته وهو محمول على نقاله الى سلم الطائره.. الى لقاء بإذن الله دون أن يحدد اين ومتى ذلك اللقاء... والذي أسأل الله أن يكون في صحبة المصطفى في أرض البقاء. عاد للوطن ربما في فبراير أو مارس ليقضي آخر أيامه مع من أحب من الأهل والأصدقاء وعدت من الولايات المتحده في أواخر أبريل وذلك لمشاركة الأسرة الذكرى الأولى لرحيل والدى فإذا بي أفجع برحيل فيصل من عدة أيام. اللهم أرحم فيصل ابن صفيه رحمة واسعة والهم زوجته بدريه وأعِنها على الصبر فمن لها من بعده... مضى عام وأنا ليس بأنا أكاد لا أتذوق للحياة طعماً غير المرارة كلما التأم جرح نكأت النكبات جرح.. ماذا بك.. ألست تؤمن بأن هذه إرادة الله وأن لكل نفس ميقات لا يؤخر ... الحمد لله على ما أراد. ولكنى أصبحت قلق لا أكاد أستقر بمكان إلا وددت الارتحال والذي اصبحت أحس عنده بلسعة حزن في القلب كلما فارقت حبيب أحسست وكأنى أودعه الى لقاء مجهول الزمان والمكان . أحبابي وخاصة صغارهم... كل من يجب أن أكون اليه سند..كيف ذلك ولم أكن سند لوالدي وهو يجلس بجواري رحل عني وأنا أجلس بجانبه لم أستطيع حتى أن أقول له كلمة وداع فما بالك بمن تفارق في كل حين وحين مبتعداً آلاف الأميال مسافراً بين القارات.. حري بك أن تعلم بأن لا حـول لك ولا قوة وأن إرادة الله هي الغالبة واستعذ بالله والخير فيما يريد ... الحمـد لله.. استعذ بالله فالخير فيما يريد.. الحمد لله.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى | بكرى ابوبكر | 08-05-07, 01:47 PM |
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى | بكرى ابوبكر | 08-05-07, 01:53 PM |
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى | بكرى ابوبكر | 08-05-07, 01:57 PM |
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى | بكرى ابوبكر | 08-05-07, 02:01 PM |
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى | بكرى ابوبكر | 08-05-07, 02:05 PM |
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى | سلمي النصري | 08-05-07, 03:34 PM |
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى | Dr. Moiz Bakhiet | 08-05-07, 04:03 PM |
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى | khalid abuahmed | 08-05-07, 07:05 PM |
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى | الكيك | 08-06-07, 05:19 AM |
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى | أبو الحسين | 08-06-07, 07:07 AM |
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى | Nasser Mousa | 08-06-07, 08:12 AM |
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى | DKEEN | 08-06-07, 09:10 AM |
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى | Souad Taj-Elsir | 08-06-07, 01:37 PM |
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى | غباشي | 08-06-07, 01:27 PM |
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى | غادة عبدالعزيز خالد | 08-06-07, 07:58 PM |
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى | بكرى ابوبكر | 09-20-07, 11:16 PM |
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى | Dr. Ahmed Amin | 11-29-07, 07:09 AM |
|
|
|