يا حسين شريف ..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 08:45 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة طلال عفيفي (طلال عفيفي)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-06-2006, 07:07 PM

طلال عفيفي
<aطلال عفيفي
تاريخ التسجيل: 06-20-2004
مجموع المشاركات: 4380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
يا حسين شريف ..





    والآن يا عم حسين ..
    السابع من يوليو ، عيد ميلادك الثاني بعد السبعين ..
    أكثر من عام على رحيلك عني .
    لا يمر علي يوم ولا ليلة دون أن أتذكرك أو تحضر في بالي يا صديقي ،
    فكل ما هو حولي يذكرني بك ..
    أتذكرك باللون الأزرق ، وكلما ألمح واحدة من صورك الكثيرة المعلقة
    على جدران غرفتي ، فهنا أمامي صورة جانبية لوجهك وأنت ترتدي نظارتك
    ويتدلى من عنقك شال حرير أزرق تتوزع عليه نقط بيضاء ، كان صديقنا"كلود ستيملر" قدالتقطها لك حين كنافي الواحات بجنوب مصر ، وخلفي أعلى الكنبة
    التي أنام عليها صورتك بالقميص القطني الأبيض وأنت تنظر في عدسة عصام
    عبد الحفيظ ، صورة جميلة وفيها ملامحك الحقيقية،علقتهافوق منامي لأصطبح
    على وجهك ، جوارك على الجدران صورة مانديلا وعبد الخالق محجوب وسعاد حسني ..
    على يميني صورة أخرى وأنت جالس في مرسمك الذي أتذكر للآن رائحته وتفاصيله والأشعار التي كنت تكتبها على الحائط يسار الباب .
    أتذكرك حين أنظر إلى أغلفة الكتب التي أهديتني لها ، أو التي صممت
    أغلفتها وحين أبصر قلم لخوص الخاص بك ، وبقايا ألوان الفحم التي أخذتها
    منك حين غادرتك آخر مرة ..
    خطاباتك لي بخطك المهزوز ، والتي كنت تعنونها بـ "الأستاذ طلال"(!!) ،
    ومنديلك وطواقيك التي أهدتني لها أمي " شامة " بعد وفاتك ..
    حضورك الطاغي الجميل يا عم حسين يحاصرني ، ويحزنني أنني لن أجد فيما
    تبقى لي من عمر ، أباً أو صاحباً أو معلماً مثلك ، له نفس القوة في الرؤية والعبارة ..
    لو كنت أعرف أو إنتبهت أنك تموت لما تركتك لحظة ، ولا غادرتك أبداً ؛
    فالأيام معك سعد والوقت بين يديك عالم من السحر والخيال ؛
    برحيلك يا صديقي فقدت حياة بأكملها ، وتوقفت أجمل أحلامي عن النمو ،
    فأنا لن أصبح مخرجاً ، ولن أمثل دور الواثق صباح الخير ، ولن أحضر معك
    مونتاج فيلم " التراب والياقوت " لنعرضه في مهرجانFRIBOURG للسينما زي
    ما كنا متصورين .
    آخر مرة سمعت فيها صوتك كان قبل أيام من مغادرتك ، أنت كنت في القاهرة
    تجلس على الكرسي الجلدي الأحمر بجانب الهاتف وخلفك نباتات الظل التي تملأ المكان ... وأنا كنت في مدينة الثورةبامدرمان مع محجوب شريف ، تكلمنا
    كثيراً وتبادلنا الأشواق والكلام والهموم ، وقلت لي أنك تشعر بأن صدرك مكتوم، كنا قبلها قد ذهبنا إلى الطبيب الذي قال لنا أن التليف أصاب رئتاك ..
    شدد عليك بالتوقف الفوري عن التدخين .. لكنك لم تستمع إليه ؛ وكنت أخبيء
    منك السجاير وأقول لك ( خلصت ) ،فتقول لي ( يا سلااااام ،إنت عايز تكتلني؟ ) ..

    كنت تدخن أكثر من ثمانين سيجارة يومياً، وكانت مطافئ السجائر وعلب
    المارلبروالأبيض تملأ كل ركن في البيت :الصالون والمرسم والمطبخ والبلكونة الصغيرة وعلى سريرك بجانب المجلات والكتب والملحقات الثقافية .
    تدخن بشره وفي كل وقت ، أثناء التصوير والكلام ، قبل وبعد الأكل ،
    في التاكسي ، أول إفاقتك من النوم وقبل أن تنام.
    فقط أثناء الرسم كنت تتوقف عن التدخين ، كنت تجلس على اللوحة كطفل
    صغير ، ببنطلون الجينز وتي شيرت خضراء، ونفسك طالع ونازل يخشخش ..
    كنت ترسم بطريقة عجيبة ، تشد القماشة على بروازها الخشبي وضعها على
    الأرض ، وتجلس وحولك فوضى من الألوان والزيوت وحاجات كثيرة تستخدمها
    في تنفيذ رؤيتك ..
    دائماًُ كنت ترسم بألوان الزيت ، وتفوح من المرسم رائحة الخروع الذي
    تستخدم زيته في تخفيف الألوان .
    أثناء الرسم وبعده تنتابك حالة صفاء عجيبة وراحة ، تتصل بي أو تستقبلني
    وأنا داخل وتقول ( انا قاعد ألون ) ، تقولها مبسوطاً وسعيداً وعلى وجهك
    تلك السحابة الجميلة .

    في واحدة من زياراتك لي حيث كنت أقيم بشقتي الصغيرة بشارع خيرت ،
    أهديتني احلى الهدايا ، طرقت بابي ليلتها وفي يدك كيس ولوحة ..
    لوحة مربعة في حجم متوسط ، ألوانها تتماوج بين الأحمر والبنفسجي ،
    ألوان نابضة وكأنها كف لابن آدم ، معروقة وبصماتها واضحة ؛
    في الكيس قميص أبيض ، ونسخة من كتاب د. أمين مكي مدني الأخير عن جرائم
    الدولة السودانية تجاه ناسها وتوثيق لمسألة التعذيب ؛ غلاف الكتاب جميل
    ومؤلم ، وهو من آخر الأغلفة التي قمت بتصميمها ..
    ليس هذا فقط ، بل إنك بالإضافة لكل هذا وفي ذات الزيارة أهديتني أبجورة للإضاءة في غاية الأناقة ، وقد ذكرتني ليلتها بمنزلنا القديم في ألمانيا ..
    حين قلت لك شكراً ، ابتسمت بخجل وأدب أميري بديع وقلت لي : شكراً ليك
    إنت يا حبيبي .
    ليلتها يا حسين ، جلسنا على الارض ، كما نفعل كل مرة ، وتحادثنا حتى
    الفجر ، عن السينما وأبو داوود وعلي المك والكتب التي قرأناها ،
    وإستمعنا لمحمد منير والنور الجيلاني ..

    حين أتذكرك الآن ، أتذكر إنساناً فريداً .. وأباً حانياً وصديق قل أن يجود
    بمثله الزمان ، وأتذكر مثقفاً كبيراً ، ومتكلماً بارعاً يتحرك بسلاسة وصدق
    بين التلوين والرسم والسينما والشعر والترجمة والسياسة والأدب والتاريخ .
    أكتب إليك وأنا فخور بأني زاملتك في الحياة .
    وبقدر حزني عليك وعلى غيابك ، أجدني ممتناً لهذه الدنيا التي جمعتني بك ، ليتغير مجرى حياتي ويتطور .

    تعرف يا عم حسين .. بعدك توطدت صلتي بناس كبار ، فيهم نفس ريحة الفل والياسمين التي أحببتها فيك ، كل واحد عل طريقته الخاصة ، ولم يكن لي ،
    لولاك أن أقترب منهم أو أكون صديقاً لهم ، وهو ما أحتسبه عند الله صدقة
    جارية لك ، وأجراً ممدوداً على رحابك ؛ إذ تقبلوني كابن لك وتلميذ في
    حضانتك : كمال الجزولي ، جرجس نصيف ، فتحي عثمان ، الأمين عثمان ، حفية
    مأمون ، شداد ، محمد مصطفى الأمين ، عصام عبد الحفيظ ، و هالة الكارب .
    كلهم ، كنت أنت مفتاحي الوردي لمعرفتهم ومحبتهم وصداقتهم .. وهم الذين يشكلون لي في هذه الأيام
    مثواي وسندي.
    مسحوا كل فرق العمر والخبرة بيني وبينهم واحتضنوني ، وساعدوني على
    مواصلة هذه الحياة .

    زمان كنت قد كتبت كلاماً عن مدينتي الأثيرة : الإسكندرية .
    كتبت في بداية الكلام على سبيل التقديم أو التلخيص ( لا أدري ) أن :
    المنفى هو أن تعيش خارج الإسكندرية .
    أشعر الآن أن الحياة هي أن تعاصر حسين شريف .
    وفي معاصرتك يا حسين مشقة وكبد ، لما فيك من أحزان و هم ..
    حزن شفيف وحار ، وهمٌ عظيم تجاه الخلق وقضايا الناس .
    حزن وهم لا يستطيع الجالس إليك تفاديهما .. فعيونك تدمع وأنت تحكي ،
    وصوتك يعلو حين ترفض ،
    ودخان سجائرك المليون يغطي المكان .

    كان هناك دائماً مظروف ، بني اللون ، بداخله نسخة من مجلة " جهنم "
    التي يكتبها حسن موسى ، غالباً ما يكون الإهداء عليها لحسان محمد أحمد
    الذي ينسخها ويأتي بها إليك .. وكنت تحكي لي بإستمرار عن بولا و نادي الأساتذة ..
    بعدها ، وبعد رحيلك بأشهر ، إلتقيت الأستاذ عبد الله بولا في باريس ،
    إستقبلني بأدب ومحبة وتهذيب ، وحين جاءت سيرتك لمحت في عينيه ذلك
    الحزن الصادق ، وتحدث عنك كأنه يفتح زراير قلبه .

    بعد أيام من وفاتك يا عم حسين ، نادتني أمي ، قالت لي ما معناه
    ألا أحزن ، وانني لم أتعرف عليك صدفة ، وأن الله أراد أن يحفظ وجودك
    بحياتك الأبدية في قلبي .

    لا أذكر لو كنت قد صدقت كلامها لحظتها ، لكنها خففت علي كثيراً .


    ...
    طلال









    (عدل بواسطة طلال عفيفي on 07-06-2006, 09:54 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
يا حسين شريف .. طلال عفيفي07-06-06, 07:07 PM
  Re: يا حسين شريف .. abdalla elshaikh07-06-06, 07:44 PM
    Re: يا حسين شريف .. طلال عفيفي07-06-06, 08:08 PM
      Re: يا حسين شريف .. Emad Abdulla07-06-06, 08:47 PM
        Re: يا حسين شريف .. طلال عفيفي07-06-06, 10:22 PM
      Re: يا حسين شريف .. مريم الطيب07-06-06, 08:54 PM
        Re: يا حسين شريف .. طلال عفيفي07-06-06, 10:46 PM
      Re: يا حسين شريف .. abdalla elshaikh07-06-06, 08:58 PM
  Re: يا حسين شريف .. صديق عبد الهادي07-06-06, 08:43 PM
    Re: يا حسين شريف .. طلال عفيفي07-06-06, 09:27 PM
      Re: يا حسين شريف .. Amira Ahmed07-07-06, 06:14 AM
        Re: يا حسين شريف .. محمد بهنس07-07-06, 08:04 AM
        Re: يا حسين شريف .. طلال عفيفي07-07-06, 09:24 AM
          Re: يا حسين شريف .. طلال عفيفي07-07-06, 09:59 AM
  Re: يا حسين شريف .. Adil Osman07-07-06, 08:34 AM
    Re: يا حسين شريف .. طلال عفيفي07-07-06, 12:21 PM
  Re: يا حسين شريف .. esam gabralla07-07-06, 10:41 AM
    Re: يا حسين شريف .. عصام عبد الحفيظ07-08-06, 08:20 AM
    Re: يا حسين شريف .. طلال عفيفي07-08-06, 11:59 AM
      Re: يا حسين شريف .. طلال عفيفي07-08-06, 12:11 PM
        Re: يا حسين شريف .. طلال عفيفي07-09-06, 05:35 PM
          Re: يا حسين شريف .. طلال عفيفي07-11-06, 02:29 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de