التراب والياقوت

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 09:05 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة طلال عفيفي (طلال عفيفي)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-08-2004, 12:33 PM

طلال عفيفي
<aطلال عفيفي
تاريخ التسجيل: 06-20-2004
مجموع المشاركات: 4380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
التراب والياقوت

    " التراب والياقوت"

    الكلام عن فيلم التراب والياقوت يطول وهو , كما تقول العرب , حديث ذو شجون ,تتناوشه تداعيات عدة , عن صداقات وقاهرة وشعر وغربة , .. فرح أول يوم في التصوير,ونقاشات الليل القاهري في صالون الأستاذ حسين التي تجوب فيها سيرة الحلوين : علي المك ,محمد عبد الحي , علي عبد القيوم , معربدةً في ذاكرة "الأستاذ" الحنونة , ...
    كان "حسين شريف " كثيراً ما يبكي وهو يتحدث عن هؤلاء الأحباب وعن حلمه البسيط بإتمام الفيلم , على الخلفية كان " أبو داؤود " يغني دائماً , و أحياناً " مصطفى سيداحمد " :
    (أيها الراحل في الليل وحيدا ..
    انتظرني .. )
    أغنية لا يعرفها الكثير من عشاق مصطفى , لكني استمعت إليها حزناً وتكراراً في العمارة رقم10 / الطابق الثاني بشارع أحمد جاويش , حيث يقيم أستاذ شريف في وحدته الشاهقة .
    تُرى ... أي ذكرى موحشة تراود الرجل ؟
    أهي ذكري أحبابه الذين ذكرناهم من قبل ؟ ( علي ومصطفى وعبد القيوم وعبد الحي وأبو داؤود) .. أم هو وطن بأكمله , غادر قبل أن نفيق لوداعه مخلفاً فينا تلك الوحشة المجنونة والحنين الفادح .
    .............................
    .............................
    حين يتحدث " حسين شريف " عن القوم , فكأنما يتحدث عن أبناء فقدهم... الواحد تلو الآخر .
    كلهم رحلوا صوب الضفة الأخرى , وتركوه وحيداً , ينهشه الوقت .
    ...........................
    ...........................
    على المائدة أوراق لا يليق ترتيبها بما نعرفه عن الفنانين , دواوين شعر , جداول عمل ,رسائل ,أفكار وهوامش , صوًر فوتوغرافيا لمناطق في النوبة المصرية والصحراء ( يقول عنها أنها مناطق متعاطفة مع السودان )...
    الجدران معلق عليها لوحات ولوحات في غاية الوجد والبراعة رسمها حسين , يغلب عليها لونه الأثير : الأزرق .
    ( أتذكر الآن أني قرأت ديوان شعر لشاعر مصري أسمه " الحنين لونه أزرق" ).
    ثمة صور شخصية ل( نور الشام وعايشة وإيمان ومأمون ) : أسرته.
    ....................................
    ....................................
    ذات ليلة ونحن في مواجدةٍ و ونسة وعلى مرمى حجر من حنين , سألته عن أمر عودته للسودان , أجابني اجابة ذكرتني بأمي عليها السلام ,حين سألها أحدهم عن الحج , فقالت له ( نحن مُعمرين في قلوبنا )
    .....................................
    .....................................
    ( الرسم يعلم النظر والرؤية ,وهذان شيئان مختلفان وغالباً ما يتطابقان ..)
    هذا ما قاله "جوستين باوستوفسكي " , وأغلب ظني أن" شريف " مثل حي على الأمر,ذلك التشكيلي المولود في الخرطوم والذي يشبه ساحراً غجرياً بيده الرافلة في الفضة والخواتم , وصوته الخفيض , كما كاهن تسري عبره النبوءات . سافرت مع حسين شريف , داخل الجمهورية المصرية , بحثاً عن أماكن تصلح لتصوير فيلمه .
    رأيته وهو يقلب الأحجار ببصر صوفي ويتأمل السماء ومواقيت الطير راصداً تواريخ نزوحهاومسارات هجرتها , لون الرمل , وحفيف الريح في الصحراء الغربية .
    كان يتكلم لي عن هذه الأشياء وكأنها أرواح صديقة , ما ظننته أول الأمر نوعاً من الخزعبلات !
    الرجل عاشق للألوان والفضة والخشب والماء والمراكب , الشيء الذي أعطاه ملكة فائقة في اكتشاف الجمال .
    كان البحث عن موقع للتصوير قد يستمر لأسابيع , ليظهر على شريط الفيلم في لقطة قد لا تزيد على الثواني . لكنها لقطة في غاية الذكاء
    والمفهومية . تعلمت عنه الكثير عن الإحساس بالمكان , وعدم الاكتفاء بالنظر العابر للمشهد , وأن على العين أن تكون محتشدةً بالحواس كلها .
    كان المخرج حسين شريف وهو يختار فريق العمل من ممثلين وممثلات ومدير تصوير ومدير إنتاج وخبيرة مكياج والموسيقى وكأنه يختار ورداً .
    كان يفعل ذلك بعناية وحساسية فائقة دون أن تتسرب لروحه بادرة كسل ...
    ....................................
    ....................................
    بدأ الأعداد لفلم التراب والياقوت في العام 1998 , وكان الطقس الوطني حزيناً , غادر المثقفون البلاد زرافافاتاً و وحدانا , كان قوائم الأمم المتحدة / بند إعادة التوطين / في تضخم مخيف ,ها نحن في ذات الطوابير مع إخواننا الإرتريين والعراقيين والفلسطينيين والصوماليين , في انتظار نظرة ما من المفوض السامي لشؤون اللاجئين , ....
    كان حسين شريف قد هاجر بالفعل ولكن في الاتجاه المعاكس , إلي هناك : حيث المسألة الوطنية على مستواها الإنساني العميق , بادئاً بفحص
    ياقوتة الروح و ذاكرة الهوية , مراجعه كانت : تجربة ذاتية شديدة الرهافة والكثير من كتب الشعر والأغاني .
    الفيلم هجرته الداخلية ضد ما كان يحدث من نزوح و تجريف للوعي البشري في السودان .
    ...................................
    ...................................
    سيناريو الفيلم مبني على سبع قصائد من الشعر السوداني , لمحجوب شريف وعبد الرحيم أبو ذكرى والفيتوري ومحمد المك إبراهيم ومحمد عبد الحي وعلي عبد القيوم ,يجمع بينها الهم الوجودي للإنسان وغربته ,( تلك الغربة التي يشدد حسين أنها ليست جغرافية بل روحية في المقام الأول .... ) , غربة قد تساكننا الوطن .
    العمل في الفيلم كان أشبه بدورة تثقيفية لفريق العمل المكون , إلى جانب السودانيين , من مصريين وفرنسي ( كان يقوم بالتوثيق الفوتوغرافي للفيلم ومراحل التصوير والإعداد ) .
    بدأنا بما يسمى " بروفات المائدة " , نجتمع دورياً لنقرأ الشعر ... لشهور كنا نتبادل قراءة القصائد في الصالون الأنيق حتى أحسسنا أننا نحن الذين كتبناها ,!
    بالنسبة لي كانت قصيدة العودة إلى سنار فتحاً وجدانيا , كنت قد قرأتها منذ زمن حين ناولتني لهاحبيبة أيام الثانوي, من حينها , وأنا في مراهقتي , طراها الله بالخير,وأنا أحب محمد عبد الحي وأعتبره شريكاً في علاقاتي العاطفية .. سوى أني , ومع حسين شريف , تربيت على الإنصات الجواني للشعر , فكانت القصيدة وكأنها تعبر دماي في مراكب من أبنوس .
    كانت تجوبنا فناجين الخالة " شامة " في ُبن مستفيض .
    أعطانا العمل في الفيلم ومع الأستاذ نوعاً من الأمان والأمل , أهملنا اجتماعات الحزب واتحاد الشباب والتحالف , منحازين لدهشتنا الطفولية تجاه الفن , فن حار وخلاق يتعاطى مع اشكال الهوية والحزن والحلم بجمالية وصدق .
    ........................
    ........................
    كان حسين ينبهني دائماً ( لمًن يكون في شُغل مفيش خمره ) ! .. وكنت في عقل بالي أقول :
    (هذا المخبول .. ما الفرق بينه وبين الحزب ؟؟ ) ..
    .......................
    .......................
    يوم التصوير غالباً ما كان يبدأ فجراً , فللرجل مواقيت غريبة يختارها للتصوير يقتنص فيها تلك الألوان النادرة التي تجود بها فرشاة الكون .. ثمة ألوان لا تستطيع القبض عليها الا في لحظة خاصة ذات فجرٍ حميم .
    وعليه كنت أشاهد فنيي التصوير يركضون في همة لتهيئة الجو للكاميرا ( النجمة الحقيقية في العمل ) , يضعون الحامل " الونش " في موقعه , عبير تضبط مكياج الممثلين , عيسى( مدير الإنتاج ) يبعثر الأوامر من خلف نظارته بهياج مصري طيب , نرتدي ملابسنا على عجل , مساعدة المخرج تراجع المواقع وتعد اللوحة السوداء "الكلاكيت " المكتوب عليها رقم المشهد وعدد مرات تصويره , حسان علي أحمد يراقب المشهد في صمت ويتوسَوس مع المخرج حسين شريف حول بعض الملاحظات المختصة بالألوان وخلفية السماء ودرجات الأصفر في لون الصحراء .
    ثم تظهر الكاميرا , تماماً كما عروس في جرتق , يرفعون عنها الغطاء ليثبتوها على الحامل .
    ومع صرخة المخرج " أكشن !!" تدور الكاميرا ويبدأ الخلق , في واحدة من أكثر اللحظات حميمية ورعبا .
    ......................
    ......................
    الفيلم , كما أراد له حسين شريف ورآه , يتحرك خارج فضاء الجغرافيا والزمن , يجوس في " الحالة " هناك , حيث للروح سراديب وفي توقيت أسطوري , غير أنه في نوع من " فش الغبينة " , اختار للتصوير تلك الناطق التي تتلاطف أجواءها ومعمارها وروحها مع الأرض المعروفة أطلسياً بالسودان , فوجدنا أنفسنا في حواري مصر القديمة وصحاري الجنوب المصري والأسكندرية وسفوح جبال البحر الأحمر .
    وجدنا أنفسنا أمام بهاء العالم وصمته الفصيح .
    في " القصر " و " الداخله " و " صحراء بويطه " و " جبل الورد "
    و " جبل الكريستال " و " الصحراء السوداء " ..!
    لم أكن أدري أن للجغرافيا كل هذا الجنون والاحتشاد ! ...
    .............................
    .............................
    (ولم أكن أدري أن الأفيال تشرب الخمر الا حين قال لي الأستاذ أني أشرب شراب الفيًلة ..)
    ............................
    ............................
    كان التصوير كثيراً ما ينقطع لأسباب تمويليه شهورا وأحياناً لآماد تقارب العام .
    في الجلسات الخاصة , كان الأستاذ يضع رأسه بين كفيه , يبكي ويقول لي ( يا حبيبي أنا عاوز الفيلم ده يخلص عشان أنا روحي ذاتا خلصت ) .. يدخن زهاء الألف سيجارة , وكان أبو داؤود قد مات منذ مايقارب العشرون عاماً ..
    يقول لي :
    تعرف عبد العزيز لمًن مات , أنا كنت برًه الخرطوم , بصوِر في فيلم
    " ليست مياه القمر " ..
    ويواصل البكاء ..
    ........................
    ........................
    يعيش حسين شريف في وحدة خطرة .. قد يحفها ورد قليل : حسان علي أحمد , عبدالله اسماعيل, وأمين مكي مدني , ..... وبضع ألوان .
    ........................
    ........................
    بالنسبة لي , لا أعرف مدى الجواز في الحديث عن مثقف حقيقي , ولكن لظروف خاصة أجدني حفياً بتعريف " جرامشي " , الشيوعي الإيطالي الثلاثيني , حول كنه المثقف , الذي ركًز حول أهمية كون المثقف إنسان ذو انخراط وصاحب موقف من قضاياه الثقافية والمجتمعية , مُقسماًشريحة أصحاب المعرفة إلى ما أسماه , حسب الترجمة الإنجليزية , إلى " انتلجنسيا " و"انتلكتشوال " .. مثقف عضوي وآخر غير عضوي) , ما يسمى عندنا بالمثقف والمثقفاتي .
    أما " حسين " فمثقف حقيقي من حيث الموقف و الهم المجتمعي والبنية المعرفية مُضافاً إليه كل ذلك الحب والقدرة على الإنجاز .
    حسين شريف يرسم ويلون ويكتب الشعر ويترجم من لحمه وعصبه الحي , بل , وبدم قلبه..
    ..........................
    ..........................
    انتبهت أثناء الكتابة , إلى أنه يصعب وصف ظاهرتين :
    " الحزن " و" الجنون "..
    وظاهرة ثالثة :
    حسين شريف .
    ..........................






    اشاره لابد منها :
    قبل اسبوع فرغنا من تصوير الفيلم .




    طلال عفيفي

    (عدل بواسطة طلال عفيفي on 07-08-2004, 03:36 PM)
    (عدل بواسطة طلال عفيفي on 07-08-2004, 03:37 PM)
    (عدل بواسطة طلال عفيفي on 07-08-2004, 03:38 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
التراب والياقوت طلال عفيفي07-08-04, 12:33 PM
  Re: التراب والياقوت نجلاء التوم07-09-04, 00:18 AM
    Re: التراب والياقوت فتحي الصديق07-09-04, 00:57 AM
      Re: التراب والياقوت Dr. Moiz Bakhiet07-09-04, 01:23 AM
        Re: التراب والياقوت shiry07-09-04, 03:07 AM
          Re: التراب والياقوت طلال عفيفي07-10-04, 08:48 AM
      Re: التراب والياقوت طلال عفيفي07-10-04, 08:22 AM
  Re: التراب والياقوت Ibrahim Algrefwi07-10-04, 01:19 AM
    Re: التراب والياقوت طلال عفيفي07-10-04, 08:55 AM
  Re: التراب والياقوت mustadam07-10-04, 05:41 AM
    Re: التراب والياقوت طلال عفيفي07-10-04, 03:39 PM
  Re: التراب والياقوت الجندرية07-10-04, 08:21 AM
    Re: التراب والياقوت طلال عفيفي07-10-04, 08:41 AM
      Re: التراب والياقوت Dr. Moiz Bakhiet07-10-04, 01:27 PM
    Re: التراب والياقوت طلال عفيفي07-10-04, 09:06 AM
  Re: التراب والياقوت الجندرية07-10-04, 09:38 PM
    Re: التراب والياقوت Dr. Moiz Bakhiet07-11-04, 02:52 PM
      Re: التراب والياقوت الجندرية07-11-04, 11:30 PM
        Re: التراب والياقوت طلال عفيفي07-13-04, 04:47 PM
  Re: التراب والياقوت خالد الأيوبي07-10-04, 10:53 PM
  Re: التراب والياقوت Ibrahim Algrefwi07-11-04, 01:59 AM
    Re: التراب والياقوت طلال عفيفي07-11-04, 12:06 PM
  Re: التراب والياقوت maha abdella07-11-04, 03:37 PM
    Re: التراب والياقوت اساسي07-11-04, 09:57 PM
    Re: التراب والياقوت طلال عفيفي07-12-04, 09:45 PM
  Re: التراب والياقوت Ibrahim Algrefwi07-12-04, 05:31 AM
    Re: التراب والياقوت Yahya Fadlalla07-12-04, 11:20 AM
      Re: التراب والياقوت Ibrahim Algrefwi07-16-04, 01:04 AM
    Re: التراب والياقوت طلال عفيفي07-12-04, 09:51 PM
  Re: التراب والياقوت mohammed alfadla07-12-04, 01:41 PM
    Re: التراب والياقوت طلال عفيفي07-12-04, 09:27 PM
    Re: التراب والياقوت طلال عفيفي07-12-04, 09:31 PM
      Re: التراب والياقوت mohammed alfadla07-12-04, 10:47 PM
  Re: التراب والياقوت Ibrahim Algrefwi07-15-04, 03:02 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de