دون كيشوت الفرنسي... في حاضرة رث الشلك

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 10:22 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة أحمد طه(أحمد طه)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-02-2006, 10:25 AM

أحمد طه
<aأحمد طه
تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 580

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دون كيشوت الفرنسي... في حاضرة رث الشلك

    دون كيشوت الفرنسي... في حاضرة رث الشلك
    إضاءة أولى
    عندما كتب (ألن مورهيد) مؤلفيه (النيل الأزرق) و(النيل الأبيض)، لم يكن ما استهدفه فيهما جغرافية حوض النهرين... ولكنه أخذنا في سياق عبر الطبيعة والتاريخ والأدب وعلم الاجتماع والانثربلوجي والاسطورة... استمتعتُ من خلال مطالعتي (النيل الأزرق) على الكثير من تاريخ المنطقة التي يعبرها نهر (أباي) وهو الاسم الذي يطلقه الامهرا على النيل بعد انسيابه من بحيرة تانا ومساقط تسي سات... (دخان النار)... واستوقفتني سيرة الامبراطور المثير للجدل (ثيودرو) او(تيدروس) كما يناديه مواطنو الهضبة... كنت معجباً به وما زلت، مثله مثل (شاكا) بطل الزولو... كلاهما لم يسجل لهما بالعربية سيرة إلا شذراً مثل تاريخ الهضبة الذي يحتضنه سكانها في حكاياتهم وحبسوه معهم... فهم امة اختارت العزلة التي فرضتها طبيعة الهضبة وطبيعة شعوبها... نسوا العالم... وتناساهم.
    تاريخ الهضبة محجوب عنا، وما نعرفه عنها لا يفتح باباً لمعرفة، ولهذا ظللت اسعى اليه في الزهرة الجديدة... في جامعتها العتيقة التي احرص على زيارتها كلما اشتقت الى سيرة (ماكيدا) او بلقيس... وحكاية الامبراطورة جوديت... والملك عيزانا ملك اكسوم وسبأ وحمير وسيدان... الخ، خصمنا الذي لا نضمر له وداً لأنه احرق مروي... كما اجد في حكاية منليك الاول (ابن بلقيس)، ومنليك الثاني مؤسس الزهرة الجديدة وبطل معركة (عدوة)... متعة تقربني من الهضبة وثقافتها.
    إضاءة ثانية
    حصلت على نسخة من كتاب (النيل حياة نهر) لمؤلفه أميل لودفيغ ترجمة عادل زعتير، واطلعت عليه صديقي الاستاذ مكي ابوقرجة، الذي سارع الى معرض الكتاب المصري لاقتناء نسخة من الكتاب وهو سفر يربو على أكثر من830 صفحة، اهداه مؤلفه الى (ألغاء لودفيغ الافريقية).
    يقول في مقدمته (النهر في فتائه كالانسان في شبابه يردد مؤثرات البيئة التي اوجدته، على حين ترى النهر في كهولته يكافح تطاول العالم الخارجي بسجيته وللإقليم والبلد تأثيران عظيمان في ريعان الشباب، ثم يبدو تأثير الانسان).
    في الكتاب قرأت سيرة مارشال الكولونيل الفرنسي الذي جاء غازياً وهو عاطل من الرجال والسند اللوجستي ووسائل الاتصال، بمعيته 23 فرنسياً و500 جندي من السنغال، فعاد من فشودة خائباً حسيراً بعد رفع علم دولته المثلث الالوان واضطر الى طيه بعد خمسة اشهر.
    حينما كانت شمس القرن التاسع عشر تقترب من افق المغيب كان هناك دولتان من البيض تتسابقان نحو السودان لاقامة امبراطورية استعمارية افريقية... كانت انجلترا تسعى للانتقام لمقتل قديسها غردون وإعادة الاعتبار لكرامةٍ داستها اقدام الدراويش الحافية.
    أما فرنسا فكانت تبغي نصراً ينسيها (سيدان) التي منيت فيها عام 1870م بهزيمة عظيمة أسفرت عن اسر نابليون الثالث، وهو على رأس جيش من مائة ألف مقاتل كلاهما أراد نقطة ارتكاز على النيل بعدما أصبح السودان ارضاً مباحة (مثلما يحدث الآن).
    كان الانجليز يتقدمون من الشمال نحو النيل الاوسط، ويسير الفرنسيون من الغرب نحو النيل الأعلى، وكلما اقتربت فرنسا من النيل الحافل بالأسرار يغمرها الشعور بالقوة، وكان يزعج انكلترا التي تخشى على حبيبتها مصر من سدود قد يقيمها الفرنسيون فيجف حلق المحروسة.
    حاولت فرنسا المغامرة ولكنها خسرت السباق قبل بدء المسير لأن الرجال يمنحون القوة ولان بناء خط حديدي من الكونغو الى فشودة ضرب من الخيال... اجتهدت (مفرزة) فرنسا بما هو متاح للوصول الى حاضرة رث الشلك (فشودة).
    في تلك الاثناء كانت انجلترا تنطلق من قاعدة أمينة...
    وبدأت انشاء الخط الحديدي لنقل القوات الغازية الى منحنى النيل ومنها الى عاصمة الخليفة.
    وصف وزير الحربية الفرنسية قائده المكلَّف بمهمة (الفتح الافريقي) الكولونيل مرشان بقوله (رخصاً كالمغول وذا عيون كالنبل وهو اذا ما تكلَّم نطق بأحكام... ويبدو كل شئ فيه من أخمص قدميه الى قمة رأسه مشحوناً بالكهرباء)... كان في الثالثة والثلاثين من عمره عندما بدأ مغامرته التي أراد ان يقضي بها على اسطورة النحس الذي لازم فرنسا كلما نزلت شاطئ النيل. فرنسا اعتبرت مغامرته (بعثة ارتياد) ولم تمنحه التأييد الكافي فكان مثل فرنسا القرون الوسطى (متوكلاً) ضارباً بصروف القدر عرض الحائط... أو مثل دون كيشوت متوهماً مجداً غير تليد لا تمنحه منازلة طواحين الهواء وقطعان الأغنام.
    في الوقت الذي كان فيه جيش الغازي كتشنر يتقدم جنوباً مخترقاً الصحراء وعواصفها بعيداً عن النيل والدراويش ورماة الحدق، كان مارشان يتقدَّم عبر الدغل يقاوم منسوب النهر المنخفض وسيد قشطة ومحاربين لا تنقصهم الوحشية، كانوا يفترسون صياديه وحماليه فطالت رحلته وتأخرت ستة اشهر إلى أن حط رحاله في نهاية الامر في يوليو 1898م في فشودة، حيث انشأ حصناً صغيراً رفع على ساريته علم فرنسا التي انقطع الاتصال بها لأكثر من ثلاث سنوات بسبب القصور في الاتصالات البرقية في الوقت الذي توفرت للجيش الغازي من الشمال مع القاهرة ولندن وعلى طول خط الحملة، فقد حاول مارشان الاتصال بالكونغو والحبشة وفرنسا... دون جدوى فظل وحيداً بين ثلة من جنوده وبضع بنادق وعلم معلق في سارية في حالة يرثى لها.
    بعد خمسة ايام من مجزرة كرري، وبعد ان سكتت اصوات المدافع والنيران وفرغ جنوده من استباحة (المدينة الجريحة) تسللت الاخبار تحمل قصة الفرنسي التعيس الذي رمى به القدر ودولته في فشودة انزعج القائد (الفاتح) لانه كان يدرك جيداً معنى وجود علم دولة منافسة على مرمى حجر من مقرن النيلين، فركب النهر جنوباً في معيته كتائب سودانية ومائة اسكتلندي وبضع سفن ذات مدافع... وفي ذلك مغزى أراد أن يدركه مارشان.
    بعد تسعة ايام التقى الضباطان الابيضان في كوخ بفشودة كان القائد الفرنسي يرى ان حكومته قد اقامته وكيلاً عنها في احتلال بحر الغزال حتى ملتقاه ببحر الجبل.. اما القائد الانجليزي كان متمسكاً بالتفويض الذي منحته له دولته بعدم الموافقة على وجود سلطان لدولة من البيض في وادي النيل... وقام الى سارية غير بعيدة عن سارية العلم الفرنسي رفع فيها علم تركيا ولم يشأ أن ينزل علم فرنسا ثم توجَّه في مسيرة يوم نحو السوباط حيث انشأ مركزاً وعاد بعد ذلك وترك في فشودة حرساً سودانياً واربعة مدافع، وابلغ مارشان بأدب لا غبار عليه ان (البلد) خاضع للحكم الثنائي الانجليزي المصري وأنه منع نقل العتاد الحربي على النيل.
    ويظل الضابطان واقفين متواجهين
    مرشان: (لا أتلقى أمراً من غير حكومتي)
    كتشنر: (وإذا ما اضطررت...)
    مرشان: (اذاً سأموت هنا).
    ستة اسابيع انهمكت فيها لندن وباريس في هذا الامر الجلل.. تحاولان ابعاد شبح الحرب ونجحا في ذلك ليس بسبب حكمة انجلترا ولكن بسبب ضعف فرنسا آنذاك حملت باريس على الخضوع واعتبر مارشان رسولا للحضارة سترا للجلاء الخجول عن فشودة وصرفاً للأذهان لما منيت به فرنسا عندما لووا ذراعها في حاضرة الرث المقدسة، في مكان ما على ضفة النهر المتهادي القادم من جبال القمر.
    بعد النصر السلمي الذي حققته انجلترا على فرنسا يرى كتشنر أن انتصاره في ام درمان هو الذي انقذ مرشان من نصال الدراويش ورماحهم المتعطِّشة لدماء البيض.
    رفض مرشان العرض السخي الذي قدمه له كتشنر باستخدام باخرته والسفر بالقطار شمالاً حتى المتوسط والعودة الى بلاد الغال ناجياً بنفسه... وعزم على شق طريقه الى الحبشة... وبدا على الرغم منه مثل دون كيشوت يجوب افريقيا من جانب الى جانب، مفجوعاً بعد أن رفع علم بلاده المثلث الالوان على النيل، وعزَّ عليه ان ينقذ نفسه في الوقت الذي لم يفلح فيه من انقاذ شرف فرنسا الذي تعرَّض لجرح غائر.. (وكان مثل نظرائه الفرسان في القرون الوسطى).
    التحق مرشان بالخدمة العسكرية جندياً عادياً وجعلته الأقدار قائداً لفتح فرنسا الوهمي لقلب افريقيا.
    تحالفت فرنسا وانجلترا بعد ست سنوات من عودته وحمل مرشان السلاح مقاتلاً بجانب الانجليز في الحرب العظمى.. ومات الفاتح الشقي (جان بابتست مرشان دو تواسيه) عام1934م قبل أن يشهد امبراطورية فرنسا الاستعمارية الكبرى في غرب افريقيا من غير ان النيل جزء منها.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de