بحري طراوة... ويا ناس بحري .. قالوا بتحبوا يلا حبونا..

Quote: * بعض الحقائق التاريخية عن حلة خوجلي ذلك الحي العريق بمدينة الخرطوم بحري، وتلك البقعة المباركة من الوطن التي دفن فيها الشيخ خوجلي قبل ثلاثمائة عام حسب وصيته لابنائه، وقد ولد بجزيرة توتي، وكان من الأولياء الصالحين، حفظ القرآن الكريم ودرس الفقه الإسلامي على يد كبار شيوخ الإسلام في ذلك العهد وأقام أولاده من بعده مسجداً وخلوة لتحفيظ القرآن الكريم باسمه تخليداً لذكراه الطيبة. *حلة خوجلي تقع على الضفة الغربية من شارع شمبات الذي كان يسير فيه الترام البخاري في الخط الحديدي الممتد من المحطة الوسطى حتى معدية شمبات والذي سمي بعد ذلك بشارع السيد/ على الميرغني. * حدودها من الشمال مقام الشيخ موسى الصبابي، وتحد جنوباً بحلة حمد وشرقاً بحلة الدناقلة ومستشفى بحرى وغرباً بجزيرة توتي. * وفي الجزء الجنوبي الغربي من الحي تقع مقابر الشيخ خوجلي والتي يقبر فيها الموتى من مدينة بحري وجزيرة توتي والمناطق المجاورة. * خليفة الشيخ خوجلي : الخليفة محيي الدين الأمين كان من أشهر خلفاء الشيخ خوجلي حيث كانت له مواقف وطنية مشرفة وشجاعة أيام الاستعمار البريطاني وتولى الخلافة من بعده الخليفة أحمد والخليفة محمد الأمين رحمهم الله. * عمدة الحي وشيخ الحلة: حسب نظام الحكم والادارة الاهلية المعمول به في السابق كان هناك عمدة الحلة وشيخ الحي يختارون من بين من تتوافر فيهم مؤهلات العلم والكفاءة والحكمة لإدارة شؤون المنطقة وبالتالي يصبحون أعضاء في المحكمة الأهلية ونواباً عن الحي في المجلس البلدي للمدينة، وكان عمده الحي في الأربعينيات هو المرحوم العمدة حامد وكان شيخ الحلة هو المرحوم محمد إبراهيم. * تمتاز حلة خوجلي حسب موقعها على النيل ببيئة صحية يحفها هواء صافي عليل من عبير مزارعها المخضرة على شاطئ النيل والتي كان يفلحها الاجداد وما زالت تحتفظ بجمالها ورونقها حتى الآن. * وتمتاز أيضا بالهدوء الذي يعمها وخلوها من أي مشاكل أو اضطرابات ويرجع ذلك لما يتمتع به أهلها من قيم إسلامية نبيلة وخلق كريم اكتسبوه من الآباء والأجداد في هذا الحي العريق. * كما تمتاز بشوارعها المخططة الواسعة النظيفة، منها ثلاثة شوارع كانت مسفلتة من قبل إلا أنها افتقرت الى الصيانة اللازمة واصبحت الآن أرضاً ترابية. * ومن معالمها القديمة والتي تلاشت الآن آبار لمياه الشرب وهي بئر الشريف احمد غالب، وبئر الخليفة محيي الدين، وبئر عبدالمقصود رحمهم الله. * وكان بالحي أربعة كناتين، (دكان المرحوم احمد شيخ ابراهيم في شمال الحي ودكان المرحوم الطاهر محيي الدين في جنوب الحي، ودكان المرحوم الخليفة مساعد، ودكان المرحوم محجوب غبوش في وسط الحي. * ومن معالمها في السابق أيضاً طاحونة المرحوم عبدالحميد لطحن الغلال ومخبز المرحوم احمد محيي الدين. * ومن المساجد بالحي مسجد الشيخ خوجلي العتيق ومسجد السيد علي الميرغني ومسجد السيد المحجوب ومسجد متولي عيد ومسجد حي خوجلي شمال الذي كان في شكل زاوية في السابق. * وبالحى مدرستان لمرحلة الأساس بنين وبنات ومدرسة ثانوية للبنات، وكانت بالحي اول روضة للأطفال باشراف (ماما ليلى). * وبالحي أيضاً موقع مخصص كدار للكشافة السودانية في الجزء الغربي منه المطل على النيل، وكان كبار الحكام البريطانيين في السابق يستغلون هذا الموقع لممارسة لعبة (الجولف) في أوقات فراغهم. * حلة خوجلي عاش فيها مولانا السيد علي الميرغني والشريفة السيدة نور وأنجاله السيد محمد عثمان والسيد احمد حيث تربيا ونالا التعليم الأولى والأوسط فيها، وكانت ديارهم الواسعة الطيبة بالحي قبلة للزوار والوفود التي كانت تأتي من شتى بقاع السودان لزيارة مولانا السيد علي الميرغني حيث كان يستقبلها بذاته ويستقبل ايضاً مواكب شباب الختمية عصر كل جمعة في الساحة الواسعة غرب الدائرة في صفوف منتظمة وهم يرددون الأناشيد الدينية ومدح المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، وتوفي السيد علي سنة 1968م ودفن بحلة خوجلي وظلت البلاد تحتفل بذكراه الطيبة بمسجده كل عام. * حلة خوجلى كانت تدار فيها أمور الدولة في عهد أول حكومة وطنية برئاسة الزعيم اسماعيل الأزهري قهرت الاستعمار البريطاني من البلاد، حيث كان دائماً قادة الحزب الوطني الاتحادي، حزب الحكومة يجتمعون مع مولانا السيد علي الميرغني راعي الحزب في داره في حلة خوجلي بغرض التشاور نحو أوجب واجبات الحكومة آنذاك وهي السودنة والجلاء وكان الحزب الشيوعي في تلك الأيام يطلق عليها (حكومة حلة خوجلي) ويالها من أيام تاريخية عظيمة توثق للبلاد شهدتها حلة خوجلي. * حلة خوجلي عاش فيها أيضا الشريف أحمد غالب الملقب بالشريف المجمر وابناؤه من بعده الشريف محجوب والشريف حسن رحمهم الله، حيث كانت دارهم ايضاً قبلة للضيوف لمكانتهم الدينية الطيبة. ويعيش في حلة خوجلي أيضا الشريف المكاوي لفضله وعلمه أمد الله في أيامه. * حلة خوجلي أنجبت شخصيات مرموقة أمثال المرحوم الشيخ الوهبي أحمد سليمان المربي الكبير الذي تخرّجت على يديه أجيال من ابناء هذا الوطن والمربي المرحوم الشيخ محمد علي والمرحوم الشيخ خوجلي أحمد مأذون الخرطوم بحري وإمام مسجد العزبة آنذاك والمرحوم الشيخ يحيى عمر من أوائل القضاة الشرعيين في السودان. * ومن ابنائها الذين كانوا يشغلون مناصب حكومية آنذاك عمر أفندي وعبدالله أفندي ومبارك أفندي والأمين أفندي ومحمد الحمودي ومحمد والأمين المشرف والصادق ابراهيم والأمين عثمان وأحمد إبراهيم العمدة وأحمد محيي الدين وحسن زروق وقاسم موسى والأمين أحمد جاز ومحجوب المهدي وسليمان مصطفى والجيلاني وعبدالحافظ السيد وسليمان محمد وحسن إدريس وحسن عشري وابراهيم عبدالرازق وداود محمد داود رحمهم الله. كما انجبت رجالاً قادوا النضال ضد الاستعمار البريطاني من خلال نقابات عمال السودان منهم المرحوم قاسم أمين والمرحوم محمود الناير والمرحوم حسن ابو جبل ومكي جابر. * وعاش في حلة خوجلي عبدالعزيز الزبير باشا وأولاد عبدالمقصود وأولاد ابو شنب وابراهيم البيه وعلي المساح وبيومي السائح وحسن شندى وفؤاد شكري وأحمد عابدين وأحمد حمدي رحمهم الله. * ومن نساء الحي حبوباتنا الصالحات في ذلك الزمان نذكر منهن زينب بت حاج محمد وآمنة بت أحمد وفاطمة بت غبوش وآمنة بت سراج الدين وستنا بت صالح وزهرة بت ياسين وبنت المنى بت إدريس وفاطمة بت المبارك والحاجة واصلة. ومن العنصر النسائي المعاصر من بنات الحي نذكر محاسن جيلاني وهي من أوائل الخريجات اللاتي أسسن الاتحاد النسائي في البلاد، وفاطمة عوض من أوائل المعلمات في بحري ونائلة النور أرملة المرحوم فاروق حمد الله. * وفي مجال الرياضة أنجبت حلة خوجلي عمالقة كرة القدم في ذلك الزمان اللاعب حمدتو والذي كان يلقّب بود العرب حيث كان لاعباً ماهراً يطوّع الكرة ما يشاء تحت أقدامه واللاعب العملاق عبدالواحد سعيد وسليمان فارس الذي لقبه المصريون بالسد العالي رحمهم الله، وحافظ عبيد لاعب الهلال السابق وغيرهم كثير من اللاعبين المبرزين من أبناء الحي حيث لا يسع المجال لذكرهم جميعاً. -الفرق الرياضية التي قامت أنديتها بالحي هي فريق استاك سابقاً (التحرير) حالياً حيث انتقل النادي من حلة خوجلي الى القطعة التي منحت له وشيد ناديه فيها بحي الأملاك وفريق كوتشنر سابقاً (العامل) حالياً، وقد تقلد رئاسة الفريق في أيام مجده من أبناء الحي الأخ سيد تاج السر، وفريق الكفاح، وقد شهد أيضاً فترة ذهبية حينما كان في قمة إدارته الأخ العزيز عبدالجليل محمد إبراهيم وفريق التذكار كان من إدارييه المرحوم حسن خيري. كما كان في الحي فريق للأشبال يسمى المستقبل، وكان من لاعبيه ومجلس إدارته عباس رمضان. * ومن الشعراء من أبناء الحي نذكر الشاعر محمد عبدالقادر ابوشورة، ونرجو أن يشمل ديوانه القادم كلمات عن حلة خوجلي حي أجداده. * وفي مجال الأدب نذكر السفير أحمد محمد الأمين الذي عاش في هذا الحي بالمصاهرة وأصبح من أبناء الحي، حيث كان له دور كبير في تأسيس نادي حلة خوجلي الثقافي الاجتماعي في أواخر الخمسينيات، وقد شهد النادي في ذلك الزمان عدة محاضرات من كبار الأدباء نذكر منهم البروفيسور عبدالله الطيب رحمه إلا أن النادي لأسباب نجهلها تعثر بعد ذلك في مسيرته، وبهذه السانحة ندعو أبناء الحي شيباً وشباباً أن يعملوا على إعادة ذلك العمل الاجتماعي والثقافي في الحي. * وفي مجال العمل الطوعي حلة خوجلي بها مركز فاطمة الزهراء لرعاية الأيتام وهي منظمة كبيرة ترعى الأيتام ليس في هذا الحي فحسب بل في مناطق أخرى من البلاد. * وبالحي أيضاً جمعية حلة خوجلي شمال الخيرية التي تقدم خدماتها لكل سكان الحي شماله وجنوبه ووسطه، وكان من مؤسسيها المرحوم سيد احمد شبو والمرحوم جبارة الله يوسف والمرحوم محمد عبدالفتاح، وقد حمل الراية من بعدهم رجال أكفاء من ابناء الحي على رأسهم الأخ مصطفى أحمد والاخ علي محمد فضل الله. * وكانت بالحي أيضاً جمعية حلة خوجلي التعاونية المتعددة الأغراض، فقد شهدت طفرة عظيمة حينما كان مجلس إدارتها يضم الاخ حسن عوض والاخ شيخ إدريس علي والاخ عمر محمد صالح، حيث كانت تقدم خدماتها بطريقة نالت رضى كل سكان الحي. * والحديث عن خوجلي يطول وقطعاً هناك جوانب كثيرة مضيئة لم تسعفني الذاكرة للتطرق إليها ولا بد لي في الختام ان احيي ابن الحي البار الخليفة مصطفى احمد خليفة الشيخ خوجلي إمام مسجده والذي تولى الخلافة بعد والده الخليفة أحمد، حيث قام بعمل كبير وعظيم بمشاركة لجنة المسجد لتجديد مباني المسجد وخلاوى الشيخ خوجلي وتطويرها، حيث أصبحت الآن معهداً علمياً تدرس فيه العلوم الإسلامية وحفظ القرآن الكريم بالتعاون مع جامعة القرآن الكريم وتضم الآن طلبة من شتى ولايات السودان، وقد ضمت أيضاً طلبة من بعض الأقطار الأفريقية المجاورة وخرّجت دفعات من حفظة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، وقد هيأ لهم الخليفة مصطفى الجو الملائم وكل السبل من مسكن وإعاشة ومركز صحي من أوقاف الحاجة فاطمة محمد محجوب رحمها الله.. جزى الله الخليفة مصطفى كل الخير على هذا العمل العظيم. * هذا سرد متواضع عن مهد الصبا الذي لا ينسى أبداً والذي يحق لنا أن نمجِّده كما نمجِّد الوطن الأم السودان، والله نسأل أن يديم نعمه على بلادنا العزيزة وسائر بلاد المسلمين.