|
Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية! (Re: عدلان أحمد عبدالعزيز)
|
الأخ قصي ... تحياتي
الحديث عن أن الرأسمالية تشنق نفسها بنفسها , يتطابق مع قول ماركس بأن الرأسمالية حفارة قبرها , وقد قال ماركس بهذا فى معرض تأكيده لزوال الرأسمالية , على هذا النحو الدرامي , وقد كان يعني أن الرأسمالية فى بحثها عن الريع لا بد وأن توسع إستثماراتها , بمزيد من المصانع وحقول الإنتاج المختلفة , وهي تفعل ذلك فإنها ومع كل مؤسسة رأسمالية تقوم , تنضاف قوى بشرية لجيوش الطبقة العاملة , يتكاثر عددها ويتعمق فى الإثر مجرى الصراع الطبقي , وتحتدم المواجهة بين العمال والرأسمالية , فى سياق صعود جبهة رأسمالية عالمية , يقابلها فى الطرف الآخر جبهة عمالية عالمية , وهذه الظرفية تعكس فرز القوي الإجتماعية عشية الثورة الإشتراكية , وأظن أن كان هو الظرف الذي إستدعى الماركسية , إطلاق شعار ( يا عمال العالم ... إتحدوا ) , فى إطار الإعداد النفسي والفكري لعتاد المعركة , وفى إطار التهيوء لمواجهة نهائية وحاسمة مع الرأسمالية , فى سبيل الثورة الإشتراكية وفق آليات الفرز الطبقي على الطريقة الماركسية , بالطبع فإن العنصر الحاسم فى ثلة هذه المعطيات الماركسية هو ( العامل ) , وليس المستهلك كما تقول بذلك يا قصي , فالفرضية الماركسية لزوال الرأسمالية كانت وما تزال مربوطة بتراكم الإستغلال الرأسمالي للطبقة العاملة , وليس بتراكم الإتجاهات الإستهلاكية فى إطار المنظومة الرأسمالية , مع أنك أقمت فصلا موضوعيا حيث إشتبك الأمر , ورشحت إشتراكية روبرت أوين وتبنيها لهذا السيناريو , المختلف موضوعيا عن رصيفه الماركسي , فمقدمتك ( ذات الإبتهال الماركسي الواضح ) , لا تتناسب والنتائج التي توصلت إليها فى سياق موضوع واحد , إذ تعرضت لماركس وهو يتناول الرأسمالية , بإنسانية وموضوعية لم يتوفر لهما ماركس نفسه , فصحيح أنه يعرف الرأسمالية وقد أسس منهجه الإقتصادي كله بناءا على تناقضاتها , وربما يكون صحيحا أنه خبر محاسنها ومساوئها , لكنه لم يرشح المحاسن للإستمرار والمساوئ للتصويب , بل إدخر كل التجربة الرأسمالية وقودا للمعركة المفضية لهزيمتها الشاملة والنهائية على أيدي ثوار الإشتراكية , فمعرفة ماركس بخير وشر الرأسمالية لا تنعكس بشكل موضوعي فى متن نظريته , والموضوعية التي أعني هنا هو أن القسمة لخير وشر , وحتى يتم إستيعابها بالشكل الإنساني الذي تروم , فقد كان يستدعي منهجا يقوم على النسبية وليس الإطلاقية , على الأقل لأن هناك ثمة ( خير ) لا ينبغي صرفه على مجرى النفايات , لكنك تعي ما إنصرف إليه ماركس .
فكرة المستهلك التي دفعت بها إلى هذا الحوار , تمثل إضافة نوعية جيدة فى سياق حوار يتصل بمستقبلنا البشري , وضمن منظومة تعتلي مصاف عصرها , توسعا وإبتكارا وإيذانا بالتواصل , لا أملك أية حساسية تمنعني من تأمل هذه الفكرة , حتى وإن دعى الأمر لإعادة تصفيف حزمة أفكاري التي أدخرها للتساوق مع عصري , أتمنى بالمقابل أن تصيب مرمى موضوعي فى حواكير القبائل الشيوعية , ولما ينتصبون لأية إشارة تدعم موقفهم الفكرى الدفاعي الراهن , ليخلقوا منه مطية أو جسرا للتواصل من ثم مع كل المفاهيم الشيوعية , قطعت عهدي بالشيوعية كغاية إجتماعية , ولا أرنو للإشتراكية وهي تستردف الخواص الشيوعية المهزومة , ولا أتطلع لبعث روبرت أوين وإن جزلت أطروحته , بإعتبار كل ما سبق يقدم النظرية عن الواقع , ويستعيض عن تطوره الذاتي والموضوعي بأكلشيهات فكرية معنية بالغاية أكثر من الوسيلة , عليه أتواضع بخيالى الإنساني إلى محطة العدالة الإجتماعية , التي تحارب وتمنع الفقر , توفر الخدمات الضرورية ذات الطابع الإنساني لكل المجتمع , كالصحة والتعليم والإعاشة فى ظل العوز و المأوى لغير المستطيع , مع هذا فأقبل إشتراكية يفضي إليها تطور المجتمع الديمقراطي , وحيث يتقدم ( ديمقراطيا ) بأجندة عملية تعبر عن الواقع أكثر من تضاعيف المخيلة النظرية , وحيث يتطور المجتمع فى ثينات التجربة وإن كانت رأسمالية , وحيث يتواضع التفكير لمقتضى الظرف الإجتماعي والإنساني المعاش , وحيث ينتهي العهد بالمفاهيم والمشروعات الكلية التي تستعيض عن ( إشكالات ) الحاضر , بالتأمل ( المجاني ) فى مستقبل أفضل .
ربما تستطرد النزعة الإستهلاكية , لتغير معالم المجتمع الرأسمالي , وربما تقربه من الإشتراكية , لكن من السابق لأوانه ترقية هذا المفهوم إلى مصاف النظرية , وأخشى أن تنتهي إلى نظرية , أو أن تتآلف مع بنت عمتها الشيوعية , فيطول إنتظار القوى الثورية على الرصيف , وإن كان المستهلك عاملا فاعلا فى ملامح الخارطة الرأسمالية , فهناك عوامل أخرى تتوفر فى ذات الإطار , وأظن أن فرضية التدافع الإستهلاكي هذه ينظر إليها بإعتبار ( ثبات ) العوامل الأخرى , يصح صعود منحنى الإستهلاك حينها , لكنه يتغير ولا شك بتحريك العوامل الأخرى , إستثمار , إدخار , رأسمال , عوامل سياسية , عوامل طبيعية ... وهكذا .
|
|
|
|
|
|