صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 08:47 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.نجاة محمود احمد الامين(د.نجاة محمود&bayan)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-16-2006, 05:42 PM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء (Re: bayan)

    3 ـ العنصر الزنجي في الشخصية السودانية:
    لقد كان سؤال الهوية، هو من أهم الأسئلة التي طرحتها مدرسة الغابة والصحراء، إن كان على مستوى التنظير أو التطبيق، وهذا ما تميزت به هذه الجماعة، إذ أن الغالبية من الشعراء السودانيين كانوا عندما يتحدثون عن إفريقيا، يتحدثون من بعد وكأنهم غير أفارقة، أو بالأحرى فقط جغرافياً، ولكنهم عرب.
    نقتطع جزءاً من قصيدة (هايدي) للشاعر محمد المكي إبراهيم:
    وأنا فارسها القادم من رأس المدار
    من بلاد تأكل الجوع وتقتات الدوار
    جارحاً يطعن حتى اللون والعطر
    وفتلات الإزار
    وهي وعد النار للغابات، وعد النسل
    وعد الجوع والفوضى
    ووعد الأصبع الدامي بأبواب النهار
    تتمشى في أضاليعي حمياها فانهار جموحاً وانبهار
    أنا هذا الفارس القادم إليك يا (هايدي) من المدار ويعني خط الاستواء، من بلاد جافة تأكل من جوعها الجوع، وتعيش في حالة مستمرة من الدوار، وهنا يصف إفريقيا التي أتى منها بأشياء اشتهرت بها في العالم، حيث الجفاف والتصحر يؤذيان إفريقيا، مما يؤدي لظهور جوانب سالبة، مثل الجوع والفوضى، وعدم النظام، والعطالة، والانتظار للفرج الذي قد يأتي به النهار الذي قد يرمز إلى الوعي والمعرفة والاستقلال. فكل هذه التناقضات والهذيان يا (هايدي) تضطرب في داخلي فتجعلني متمرداً ومنبهراً.
    ويقول صلاح أحمد إبراهيم في مقطع من قصيدته الجميلة (يا مرية):
    يا مرية:
    أنا من إفريقيا: صحرائها الكبرى وخط الاستواء
    شحنتني بالحرارات الشموس
    وشوتني كالقرابين على نار المجوس
    لفحتني فأنا منها كعود الأبنوس
    وأنا منجم كبريت سريع الاشتعال
    يتلظى كلما اشتمّ على بعدٍ تعال
    النموذج الثاني من قصيدة (يا مرية):
    ينادي الشاعر هنا محبوبته (مرية) ويقول لها: أنا من إفريقيا التي بها الصحراء الكبرى وخط الاستواء. ملأتني بالحرارات التي جعلتني أسود كعود الأبنوس، وطبعي حامي وفوار، فأنا يا (مرية) مثل الكبريت سريع الاشتعال والانفجار، وهذه اللواعج تزداد سخونة كلما تحسست، وحتى ولو من بعيد إيماءات قبول من امرأة حسناء، ونجد أن صلاح أحمد إبراهيم هنا يؤكد على حرارة عاطفة الزنجي الإفريقي وهذه خاصية اشتهر بها الأفارقة.
    فإذا نظرنا إلى النموذجين المذكورين آنفاً نلاحظ قصيدة (هايدي) لمحمد المكي إبراهيم، و(هايدي) اسم لامرأة غربية، في الغالب بيضاء، وكذلك قصيدة (يا مرية) لصلاح أحمد إبراهيم، كتبت لامرأة اسمها (مرية) وأيضاً هذا اسم لامرأة غربية أو بيضاء، فنرى أنهما طرحا إفريقيتهم لتقف موقف النقيض مع الطرف الآخر، وهو طرف غربي أبيض في مقابلة للعنصر الأسود، فهما هنا يضعا ذاتهما كما يريانها، ويوضحانها للآخر، الذي قد لا يعرفها، ونجد أنهما في هذا المقام لا يذكران المكون الآخر وهو العنصر العربي، فيعرفان أنفسهما على حسب الموقع الجغرافي، وكأني بهما يعرفان أنهما قد يكونا مقبولين لدى الطرف الآخر الأبيض إذا كان الأمر لا يتجاوز اللون، ولكن بالمقابل عندما يدخل العنصر الآخر يجرجر معه الديانة ويكون الاختلاف بين الإسلام في مواجهة المسيحية، وهو في رأيهما فارق أساسي قد يحدث الرفض من الآخر "المسيحي الأبيض" لهما بسبب الديانة ولذلك تجاهلا ذكر العنصر الآخر.
    ومن ثم نجد أن هؤلاء الشعراء اعترفوا بالمكون الإفريقي وعللوا سبب طبيعتهم الحامية إلى وجود أثر هذا المكون الزنجي في إهابهم ودواخلهم.
    إن مقطع قصيدة (هايدي) للشاعر محمد المكي إبراهيم، فيه اعتراف ضمني
    بالعنصر الزنجي، في إزاء الحضارة الغربية وإنسانها الأبيض. فهذا الجنوب، الذي يحن إلى الشمال، صار معنًى دائراً في الشعر السوداني. يتخطفه الشعراء حيناً، ويحوله كتاب القصة إلى مغزى عميقٍ عن الصراع الحضاري، والشاعر هنا فارس قادم من رأس المدار رغم قتامة البلاد التي أتى منها، ووصفها بالجوع، والفوضى، العارمة، بإزاء النظام والحياة السهلة الرغدة في الغرب، هذا الفوران الإفريقي، والصخب الذي فيه، هو الذي يمثل الجنوب، ويمثل العنصر الإفريقي فيه، وكذلك "مرية" ومثلها مثل هايدي امرأة أوربية، بإزائها يكتشف الشاعر إفريقيته ويعتز بها. (أنا من إفريقيا صحرائها الكبرى وخط الاستواء). ولعل صورة الإفريقي هو ما تحتاج إليه هذه المرأة البيضاء، وكلاهما محمد المكي إبراهيم وصلاح أحمد إبراهيم يكتشفان إفريقيتهما وهما في مواجهة الحضارة الغربية بمعنى أن هذه الإفريقية ليست أمراً أصيلاً فيهما، وإنما ضرورة الصراع والمواجهة هي التي دعته إلى ذلك الاكتشاف، ولعل في المقطعين ما يدلك على ذلك.
    4 ـ مفهوم الحب وجماليات المرأة السودانية:
    نجد أن غالبية من كتبوا في هذا المضمون من الشعراء السودانيين عندما يتحدثون عن امرأة، يصفونها بنفس الأوصاف التي يصف بها العرب نساءهم، وهي في كثير من الأحيان لا تنطبق على المرأة السودانية التي هي هجين بين العرب والزنج، ونموذج لذلك قصيدة عبد اللَّه الطيب (سمرقند) التي يصف فيها امرأة قائلاً:
    والتي أشبهتك جيدا فرعا ء رداح هركولة* هيدكر**
    ولكن في المقابل نجد أن شعراء الغابة والصحراء عندما كتبوا في الحب والمرأة،
    كتبوا عن امرأة سودانية بمواصفات امرأة خلاصية وهجين، ليست بيضاء وليست لها حاجب نوني.
    وقصيدة محمد المكي إبراهيم* الشهيرة (بعض الرحيق أنا ... والبرتقالة أنت) تحتذي هذا الوعي، وترتبط بالبيئة السودانية، وتتحدث عن امرأة بعض عربية وبعض زنجية، ومنها نقتطع هذا المقطع لندلل على مفهوم الحب والمرأة عند شعراء الغابة والصحراء.
    اللَّه يا خلاسيه
    يا حانةً مفروشة بالرمل
    يا مكحولة العينين
    يا مجدولة من شعر أغنيه
    يا وردةً باللون مسقيه
    بعض الرحيق أنا
    والبرتقالة أنت
    يا مملوءة الساقين أطفالا خلاسيين
    يا بعض زنجيّه
    يا بعض عربيّه
    وبعض أقوالي أمام اللَّه
    في هذه القصيدة الجميلة يبرع محمد المكي إبراهيم في تصوير، هذه العلاقة
    الخاصة التي تربطه بهذه المرأة الخلاسيه، التي يمور في دواخلها الدم الزنجي، مختلطاً بالدم العربي لتأتي هذه المرأة الخلاسيه الرائعة الجمال، فهو هنا يستخدم اسم الجلالة ليبين انبهاره وحبه لها، ويصفها وكأنها حانة أرضها مفروشة بالرمل، وهي امرأة جميلة مكتملة الزينة، ذات عيون مكحولة، وبارعة الجمال، وكأنها شيء خرافي، فهو يخبرنا أنها مثل الأغنية، ولها جدائل مضفرة، وكذلك هي مثل الوردة المشبعة الألوان، ثم يقف مستدركاً ليقول لها أنا يا محبوبتي بعض رحيق من برتقالة ولكن أنت هذه البرتقالة الجميلة، وكأنه هنا يصفها بالكمال ولكن يصف نفسه بأنه جزء من هذا الكمال، ثم يناديها قائلاً لها:
    يا أيتها الجميلة المملوءة بالأطفال الخلاسين أي أن أطفالك هم هجين عربي زنجي، فأنت يا محبوبتي بك شيء من العرب وشيء من الزنوج. كما أنك يا محبوبتي قطعاً ستمثلين جزءاً من أقوالي أمام اللَّه، وهو قد يعني هنا أنه عندما يأتي يوم الحساب ستكون هي جزءاً من حسابه أمام اللَّه.
    نجد محمد المكي إبراهيم في هذه القصيدة يتعشق امرأة إفريقية عربية، وهي هجين بين العرب والزنج، ونجده يصفها بصفات اتسمت بها المرأة السودانية، فهي ذات شعر مجدول وجدل الشعر عادة إفريقية، تمارسها السودانية والإفريقية، لطبيعة شعرها الأجعد، الذي هو ناتج عن الهجين وهو شعر تتراوح خامته بين النعومة والخشونة، وعادة تكون مختلفة من شخص لآخر، فإذا نظرنا إلى الشعر السوداني الذي كتبه شعراء سودانيون نجد المرأة عندهم هي المرأة التي كان يصفها العرب في شعرهم، فليس لها من الزنجية من شيء ، ولكن نرى شاعراً آخر فك نفسه من ربقة التقليد ليكتب شعراً يعبر به عن الواقع الذي يعيشه من البيئة التي يعيشها، ولذلك كانت معشوقته خلاسيه وجميلة.
    كما كتب أيضاً الشاعر صلاح أحمد إبراهيم قصيدته (هدية ـ ليلة الفزع
    والأحزان) وفيها يصف محبوبته التي هي بدورها تحمل سمت السوداني ونقتطع منها هذا الجزء:
    ومشيت إليك أكاد أطير بأجنحة، فأنا فرحان
    وأمام البيت تهيبتُ
    فتذكرت الوجه الأسمر
    والرقة في الوجه الأسمر
    والبسمة في الوجه الأسمر
    في ذلك اليوم بتلك الأمسية
    في هذا المقطع يتغزل الشاعر في امرأة ذات لون أسمر، وإنه عندما استعد للخروج كان فرحاً بلقاء المحبوبة، وكأنه كان يطير لأنه كان مسروراً، وفرحاً لهذا اللقاء المرتقب، وعندما أتى أمام البيت دخله خوف ورهبة، ولكن عندما راح في ذاكرته ذلك الوجه الأسمر، وتلك الرقة والعذوبة في ذلك الوجه الباسم، وكان ذلك في أمسية اللقاء، ونجد الشاعر تحدث عن فتاة ذات لون أسمر.
    إن اختيار مفهوم الحب وجماليات المرأة السودانية هو واحد من عناصر توطين الشعر في بيئة الثقافة السودانية، فإن كان الشعراء مثل عبد اللَّه الطيب، ومحمد سعيد العباسي وغيرهما، يكتبون شعراً ينتسب إلى بناء القصيدة العربية، وجمالياتها، ولا يمت بصلة للواقع السوداني، فإن شاعراً مثل محمد المكي إبراهيم، قد حاول كسر هذه السطوة التراثية التبعية لجماليات المرأة في الشعر السوداني. رغم الغنائية الحافلة التي اتسمت بها قصيدة (بعض الرحيق أنا ... والبرتقالة أنت)، إلا أنها محملة بمعان فكرية عميقة. بها مواقف جمالية مغايرة لما ألفه سمت القصيدة العربية في السودان، فهي عنده (بعض عربية وبعض زنجية وبعض أقوالي أمام اللَّه)، لا شك أننا ندرك هذا التبعيض الثلاثي لهذه المرأة، فبعضها العربي مفهوم لدينا، وبعضها الزنجي مفهوم لدينا، وبعض أقواله أمام اللَّه هي تلك الذاتية التي تجعل هذا التبعيض كلاماً موحداً في امرأة، جمعت هذه الأبعاض، لكنها تكاملت في شيء جديد، إذا أمعنا النظر فيما ذهب إليه صلاح أحمد إبراهيم، وتعشقه للسمرة وترداده لها ثلاثة مرات في المقطع الذي اخترناه (تذكرت الوجه الأسمر، والرقة في الوجه الأسمر، البسمة في الوجه الأسمر) فهذا الترداد يؤكد المعنى في نفس الشاعر، ويجعل في السمرة قيمة جمالية. ولا شك أن كلاهما قد نجح، في توطين جماليات المرأة عند الإنسان السوداني في شعرهم.
    ومن هذه النماذج نخلص إلى أن مفهوم هؤلاء الشعراء للمرأة هو فهم واقعي نابع من الحياة في السودان، فنلاحظ أن خيالهم لا يجمح عندما يتحدثون عن امرأة بيضاء وهركولة وهيدكر، وبذلك يكونون من الرواد في طرح مفاهيم الحب وجماليات المرأة بمواصفات وتصورات نابعة من واقعنا الثقافي، حيث قال محمد المكي: "أنا شخص خلاصي حبيبتي خلاسيه، ومؤهل للحب والزواج من خلاسية وبلدي كلها خلاسية".

    5 ـ استخدام المفردات السودانية:
    نجد أن شعراء الغابة والصحراء كثيراً ما ينقلون صوراً من السودان ويستخدمون فيها مفردات سودانية وهي نابعة من الثقافة السودانية.
    وهذا هو الشاعر صلاح أحمد إبراهيم يكتب قصيدته Fuzzy Wuzzy التي نقتطع منها هذا المقطع الذي يصف فيه بدقة أوشيك:
    ولم يعد "أوشيك" غير هذه النعال
    صداره والثوب والسروال
    والسيف والشوتال
    وشعره المغوّف الوديك والخلال
    وعلبة التنباك
    يراقب الزقوم والصبار والأراك
    السلّ في ضلوعه يفح أفعوان
    عيناه جمرتان
    في وحدة الرهبان إلا أنه
    يحب شرب البنّ يمقت "الشفتة" و"الحمران"
    دبايوا*
    يقول الشاعر: لم يعد أوشيك (هو الاسم الذي يطلق بدلاً عن الشيخ عند قبائل الهدندوة التي تسكن شرق السودان)، يمتلك غير هذا الحذاء والصديريه، والثوب، والسروال وهذه هي الملابس التي يلبسها الهدندوي، ومعها مكملات للزينة مثل السيف والشوتال** وفي شعره الكثيف المدهن بالودك،*** يرشق الخلال (والخلال عود يرشقه الهدندوي في شعره تظرفاً) وعلبة التنباك، والتنباك مادة يستخدمها السودانيون بعامة، ولكن اشتهر باستخدامها الهدندوة إذ قل ما يوجد من لا يستخدمها بينهم، وهي مادة شبه مخدرة وتعد من المكيفات ويصور الشاعر أوشيك بدقة، في وقفته تلك وهو يراقب الزقوم، والصبار، والأراك، وهذه أسماء لنباتات صحراوية تنمو في البيئات الجافة الصحراوية، وأوشيك مريض بمرض السل الذي يفتح وينشر في صدره مثل الثعبان، وعيناه حمراوتان مثل جمرتا نار دلالة على استفحال المرض فيه وتقدمه، وأوشيك في وقفته تلك وحيداً مثل الراهب، وهو يحب شرب القهوة مثله ومثل بقية أهله، ولكنه كذلك يكره بشدة الشفته (عصابات مسلحة في الجبال الواقعة في تخوم إرتريا تهاجم الهدندوة وتسلبهم ممتلكاتهم) والحمران هي قبيلة تجاور الهدندوة، وبينهم حروب دائمة في المراعي
    كما تدل قصة تاجوج* على تلك الحروب، وكلمة دبايوا معناها أهلاً مرحباً باللَّهجة الهدندوية.
    في هذه القصيدة يطرح الشاعر مشكلة الجفاف في تلك المنطقة الجبلية التي تعيش فيها هذه القبائل كما يطرح أيضاً ما يحدث عندما يأتي الجفاف، وكيف تقل الموارد مما يفرز مظاهر اجتماعية سالبة، وبهذا ينقل لنا واحدة من المشاكل المحلية في السودان مستخدماً مفردات سودانية لا يستخدمها إلا السودانيون ولذلك نجده قد قام بشرح معاني المفردات في هامش القصيدة إذ أنه لاختلاف القبائل ولهجاتها من السودان قد يصعب على بعض السودانيين معرفة دلالات هذه المفردات، والمفردات هي دبايوا، شفتة، شوتال، وخلال، والتنباك، وكلها مفردات خاصة بالبيئة في السودان.
    ومن ثم نجد أن السمة البارزة لشعراء سنوات الستين هي محاولة تأصيل لشعر سوداني، يتحدث عن مواضيع سودانية، توظف فيها المفردات السودانية، وهذا يبدو في النموذج السابق الذي يبدو فيه هذا الفهم العميق لخصوصية السودان وثقافته، والرغبة في إبرازهما.
    هذه المقاطع من قصيدة صلاح أحمد إبراهيم (Fuzzy Wuzzy) رغم أنها تنتمي إلى مدرسة الواقعية الاشتراكية، إلا أن لها سمة عن محاولة لتمجيد كل ما هو سوداني، فالإنسان ربما يحتقره الآخر، ولا شك أن وصف (Fuzzy Wuzzy)** من قبل الرجل الأبيض، قصد بها التقليل من قيمة هذا الإنسان السوداني "أوشيك" ولكن بهيئته، وزيه، وشارته، وعشقه للتنباك، وصحته ومرضه، وحبه للبن، ومقته للشفته، كل هذه المعاني التي فيه هو وحده، قائمة بذاتها لن تجدها في أي وطن آخر، هذا التعدد الذي فيه، جعل الشاعر يقتنص للحظة بشاعريته هذا التوحد، والتفرد، صحيح أن الكلمات التي استخدمها الشاعر لا تجدها إلا في السودان، ولا تجدها مجتمعة إلا عند "أوشيك" فهي صورة معبرة عنها بدقة، وهو إضاءة عظيمة الفائدة للتعريف بالإنسان السوداني "أوشيك"، رغم أنه ينتمي إلى ثقافة قد يدعى أنها هامشية، إلا أنه يشارك الثقافة السودانية بهذه المفردات الفريدة التي عنده والتي لا تكتمل صورة الثقافة السودانية إذا أبعد منها أوشيك، وهو حاضر غائب، حاضر برموزه غائب في ذلك الكل المعقد، الذي نسجت منه تلافيف الثقافة السودانية.

    6 ـ استخدام الماورائيات مثل العرافة:
    نجد أن ظاهرة العرافة، والمنجم، والكجور، أو الساحر، هي في غالبها ظواهر إنسانية بعامة، ولكنها اتخذت بعداً آخر في الثقافة الإفريقية الوثنية، وبالتالي نقلت إلى الثقافة السودانية حيث تجد رواجاً في كل السودان، حتى بين المسلمين ـ على الرغم من تناقضها مع الإسلام ـ إلى أن نقلها الشعراء السودانيون إلى شعرهم بقصد كشف المستقبل، وكذلك كشف هذا الجانب الغيبي في السودان.
    والنموذج التالي من قصيدة (سيرة ذاتية) للنور عثمان أبكر نقدم منها هذا المقطع لنبين توظيف الماورائيات عند شعراء الغابة والصحراء:
    وشيخ هدّه التجواب، تحكي عينيه الأسفار
    تأملني وناداني
    تفرس راحتي حينا وباركني
    وعوّذ لي من الريح الخبيث ومن عيون الناس
    وقال جبيني الخلاق أفلاك، فراشات، شذى أعراس
    وقلبي وافر الإحساس
    تأملني يباركني ويهديني دروب الشمس
    وهذا الشيخ الذي تبدو عليه الخبرة، التي اكتسبها من الأسفار المختلفة ..
    هذه المعرفة متجلية في عينيه، يقول الشاعر بلغة المتكلم نظر إليّ بإمعان ثم ناداني، عندما ذهبت إليه أخذ كف يدي، وتفرس فيها لبرهة من الزمن ثم باركه وتعوذ له من الريح الخبيث من الحسد، وأعين الناس والسحر، ثم أخبره أن في جبينه، والجبين هو مقدمة الوجه (الجبهة) وكثير من الناس يعتقدون أن كل ما كتب لك في هذه الدنيا مسجل في الجبين، فقالوا في المثل الدارجي "المكتوب في الجبين لا بد تشوفه العين"، ثم قال له العراف إن جبينه العظيم الخلاق فيه كثير من الأفراح والشذا يعني هنا أن سجل حياته مليء بالأفراح، ومستقبله مضمخ بالشذا وأن له قلباً مليء بالإحساس، ثم نظر مرة أخرى وباركه وأعطاه هدية دروب الشمس، التي قد تعني طرقاً مضيئة ومليئة بالنجاحات، وأنه قد تفاءل خيراً لهذا الاستشراف الحسن.
    ومن قصيدة محمد المكي إبراهيم (قصيدتا حب ومهرجان) نقتطع هذا الجزء:
    أعطى الحبيب كفه عرافه الحمى
    أعطى حرير غيمه ومهد شاعر
    وحقل أنجم وقال:
    "عرافة الحمى شقي الغيوب
    سدد لها، واقتحمي على المجهول صمته وعزلته"
    ... تأملت وهدهدت في حضنها كف الحبيب لحظتين:
    لحظة الدهش ولحظة المواجهة
    وانطلقت بعدهما تقص رؤياها على الحبيب
    في هذا المقطع يصور الشاعر ببراعة صورة لعرافة الحي وهو يقول:
    أعطى الحبيب كفه إلى عرافة الحي وهي ناعمة مثل الحرير، وبها مولد شاعر وحقول وأنجم، ويعني أن حياته حافلة بكل ما هو جميل وها هو يستحث العرافة لتدلف إلى الغيوب، وتهتك سرها، وتخبره عن المستقبل الذي هو في حكم المجهول،
    وتناولت العرافة يد الحبيب ونظرت إليها، ومن الوهلة الأولى بدأت الدهشة ثم بعد ذلك أتت لحظة مواجهة هذا المجهول ومعرفته ثم بدأت تقص على الحبيب بعد أن تجاوزت دهشتها.
    ومن هاتين التجربتين نرى على الرغم من أن ظاهرة الإيمان بالعرافات هي ظاهرة إنسانية عالمية، إلا أنها اتخذت في البلاد العربية بعامة والسودان بخاصة بعداً آخرا على الرغم من موقف الدين الإسلامي المناهض لها، وعلى ما يبدو أنها عادة كانت تمارس في الجاهلية وهي تختلف من وسيلة إلى أخرى، فهناك التطلع إلى النجوم، والضرب على الرمل، وقراءة الفنجان، وقراءة الكف، والودع (أصداف بحرية)، وفتح الكتاب الخ .. الخ .. ولكن في السودان الضرب المتفشي هو ـ رمي الودع ـ.
    ونجد أن الشاعرين استخدما قراءة الكف، وهي غير معروفة بكثرة في السودان ولكنها معروفة عند العرب بصورة أكبر.
    نخلص إلى أن استخدام شعراء الغابة والصحراء لهذه الماورائيات، إنما هو جزء من العقل الجمعي الإنساني، ونجد أن عبده بدوي في كتابه (الشعر الحديث في السودان) أفرد جزءاً من هذا الكتاب ليتحدث عن أن الكجور والعرافة هي سمة بارزة من سمات هذه الجماعة، وأرجعها إلى الثقافة الإفريقية الزنجية، على الرغم من أنها ظاهرة إنسانية، ومكثفة في العقل الجمعي الإنساني باختلاف الألوان والثقافات.

    7 ـ مضمون الموت والبعث من منطلق إفريقي:
    إن الموت في الديانات الإفريقية لا يعني نهاية للإنسان بالضرورة، بل هو انتقال إلى درجة أخرى حيث يحل الميت في أبنائه وأحفاده حيث يبعث فيهم (لا نعني هنا التقمص بالطريقة الهندية).
    وفي هذا يقول الشاعر محمد عبد الحي في هذا المقطع من قصيدته (العودة
    إلى سنار):
    الليلة يستقبلني أهلي
    أرواح جدودي تخرج من
    فضة أحلام النهر، ومن ليل الأسماء
    تتقمص أجساد الأطفال
    تنفخ في رئة المداح
    وتضرب بالساعد
    عبر ذراع الطبال
    وهنا يخبرنا محمد عبد الحي عن أرواح الجدود التي تخرج من فضة أحلام النهر، وقد يعني بذلك الخروج من الأمسيات، حيث يكون لون النهر في لون الفضة، خاصة في الليالي المقمرة، فتتحول هذه الأرواح إلى طاقة روحية هذه الطاقة الروحية، تدخل وتتلبس الأطفال ليكونوا امتداداً لهذا السلف، ثم تتحول هذه الطاقة في عدة صور أخرى، قد تدخل من رئة المداح والمداح هو المغني الذي يمدح الرسول صلى اللَّه عليه وسلم وهنا يرمز إلى الثقافة الإسلامية العربية، وكذلك تتحول إلى طاقة تتملك ضارب الطبل وكأني به يعني الثقافة الإفريقية التي كثيراً ما يرمز لها بالطبل إذ أن الطبول آلات موسيقية إفريقية برع الأفارقة في الضرب عليها.
    ومن ثم إن الموت عند محمد عبد الحي لا يعني الانقطاع التام من هذا العالم، ولكن هو بقاء في مستوى آخر ولا يزال يؤثر على الأحياء. فروح الأجداد ما زالت بيننا "تنفخ في رئة المداح حيناً وفي حين آخر تضرب بالساعد على ذراع الطبال"*. وهي لا تنفك تتقمص أرواح الأطفال، وهذه الأرواح أو الطاقة التي ينفثها الجدود في العالم الماثل هي متأثرة بالهجين المكون لها ولذلك فهي تارة تتحول
    إلى طاقة تضرب بالساعد عبر ذراع الطبال وتارة أخرى تنفخ في رئة المداح*، وفي ذلك تبدو الثنائية الإفريقية العربية.
    وفي نموذج آخر للشاعر النور عثمان أبكر يعبر فيه عن مضمون الموت والبعث بلغة حفية جميلة وساحرة إذ يقول:
    زهراً
    شهداً ـ
    حقلاً لقحه الموتى
    في موسم إيراق الذات وإخصاب الأحياء
    وفي قصيدة أخرى يقول:
    بدايتي نهايتي بداية لآخر
    وهنا يقول الشاعر:
    زهر وعسل حقول الموتى في موسم التناسل، وبعث الذات حيث يخصب الأحياء ليتناسلوا تكون نهاية آخر، هي بداية لمولود جديد، وبهذا يؤكد على مفهوم البعث على الطريقة الإفريقية، فإننا في تصوره لا ننقطع عن هذا العالم الماثل، وإننا بدورنا عندما أتينا كنا امتداداً لجدود قدامى وكذلك أحفادنا يكونون امتداداً لنا، وبذلك تستمد سيرورة الحياة ولا تنقطع، وهو يرى أننا كهجين ستكون آثار ذلك التكوين المختلط باقية مهما طالت الأزمان، واتسعت شقة الزمن بيننا وبين جدودنا، ولذلك لن يأتي ذلك اليوم الذي نتخلص فيه من أي مكون من مكوناتنا العربية الزنجية.
    ونجد فكرة الموت والبعث عند هؤلاء الشعراء دائماً تكون بتأكيد المفهوم الإفريقي وكأنهم لا يريدون لنا أن نفهم أننا يمكننا أن ننفك من أسر العناصر
    المكونة لنا وهي، العربية والإفريقية.

    8 ـ استخدام رمزية الغابة والصحراء:
    لقد حفلت كثير من القصائد التي كتبها هؤلاء الشعراء باستخدام رمزي الغابة والصحراء مباشرة أو غير مباشرة، فالغابة عندهم ترمز للثقافة الزنجية الإفريقية، والصحراء ترمز للثقافة العربية الإسلامية. يكونان معاً الثقافة السودانية الهجينة. فأول من استخدم هذا المصطلح للتعبير عن الثقافة الهجينة هو الشاعر السنغالي "ليوبولد سنغور" ، وفي السودان أول من استخدم هذا الرمز هو النور عثمان أبكر، عندما كان في ألمانيا سنة 1962، في قصيدته الشهيرة (صحو الكلمات المنسية)، والغابة والصحراء تعني قضايا مختلفة، لشعراء مختلفين. وهو عنوان جامع للتعبير عن تجارب شعرية، قصد بها البحث عن هوية الثقافة في السودان. فتارة يبدو الصوت الإفريقي عالياً، لتمجيد الرموز البدائية، ولتهميش العنصر العربي، وخير مثال لذلك الشاعر النور عثمان أبكر، وتارة أخرى يبدو فيها العنصر العربي حياً، وفعالاً في إعطاء هذه الثقافة السودانية سمتها، ومكونها الأساسي وهو الثقافة العربية الإسلامية، وخير من يمثلها محمد المكي إبراهيم.
    أما الحالات التوفيقية لإحداث توازن، بين العناصر العربية والإفريقية، نجدها ممثلة في تجربة محمد عبد الحي ومصطفى سند.
    وهنا نموذج للنور عثمان أبكر يقول فيه:
    مولود الغابة والصحراء
    من هذا الطافر كالجبل الأسمر
    كمنارة ساحلنا الأزرق
    رجل أوقظ؟ غاب؟ فترة الأعمار الأولى؟
    ذهب ألق الجبهة، قضب الزيتون، عوامير اللهب الممتد الأعراف
    إلى قسم الآفاق العالية
    هذا صحو الكلمات المنسية
    يقدم الشاعر في هذا النموذج جملة خطابه في الهوية" فهو يتحدث عن مولود الغابة والصحراء الذي يشابه الجبل الأسمر في بروزه، ثم يتساءل الشاعر عنا أهو مستيقظ، وهل هو غابة، أم دلالة ومرآة للبدايات الأولى، لامع وقيم كالذهب وأخضر مثل غصن الزيتون، وكذلك حامي الطبع مثل العواميد الملتهبة مولود الغابة والصحراء، الذي تمتد أصوله وأعراقه إلى قمم عالية تتسد الآفاق، وبتمجيدنا لهذا الميراث يكون فيه صحو الكلمات المنسية، التي يرمز بها النور للغة القبيلة التي نسيناها، ولكن ما زالت في دواخلنا كرموز تمثل أصولنا.
    وهذا النموذج لمحمد المكي إبراهيم يوضح رؤيته لمسألة الهوية هذه قائلاً:
    الرؤيا تزحم عيني الريا
    أتلمس في الأدغال وفي الصحراء البهو معالمها
    أتلمس لا ألقى إلا حبات مسابحكم
    حبات مسابحكم
    حبات مسابحكم
    سبحان الحكم الطيب فوق مداخل إفريقيا
    أمتلئ بالنظر والرؤيا، وعندما أنظر بإمعان لأبحث عن الأدغال والصحراء في معالم هذه الثقافة، ولكنني لا أجد عندما أتلمسها إلا حبات مسابحكم، وثم يكرر هذا المعنى الذي يرمز إلى الثقافة العربية، ولعله يشير إلى الوجود العربي
    الفارض في إفريقيا.
    والرمز في النموذج الأول للنور عثمان أبكر، رمز واضح ومباشر. يتحدث فيه الشاعر عن الغابة التي يرمز بها إلى الثقافة الإفريقية، والصحراء التي بدورها ترمز للثقافة العربية. وناتج لقاح الغابة والصحراء هو إنسان مميز، جمع بين ثقافتين عريقتين بكل ما فيهما من ألق، ولمعان، وجيشان، وحضور، وغياب، وذاكرة، والكلمات المنسية هي اللغة الأولى الأصلية القابعة في ذاكرتنا البعيدة، التي يسعى الشاعر لاستردادها عبر صحو شعري فريد، وباستعادة هذه اللغة ترجع له كينونته المفقودة وهكذا تكتمل الدائرة.
    وفي النموذج الثاني، لمحمد المكي إبراهيم لم يذكر عبارة غابة وصحراء مباشرة، ولكنه ذكر الأدغال، وهي الغابات التي تدل على الثقافة الإفريقية، والصحراء هنا ترمز إلى الثقافة العربية، ولعل الثقافة العربية، قد تغلبت على الثقافة الإفريقية، فرمز لها بالمسابح (وهي عقد من الخرز يسمى مسبحة يستخدم في التسبيح لله يستخدمها بعض المسلمين عندما يسبحون للَّه سبحانه وتعالى) وهي من صميم الثقافة الإسلامية.
    من الواضح أن إثارة الرمز، عند النور عثمان أبكر، وتكييفه قصد منه البحث عن البدايات الأولى، ومحاولة استعادة حضورنا الفاعل للتعبير عن ذاتيتنا. وهي دعوة لاسترداد البدائية، التي فقدت بسبب التمازج الزنجي العربي ، بينما نجد محمد المكي إبراهيم لا يعنيه الأمر كثيراً، بقدر ما هو يسعى لوصف ديناميات التزاوج وتغليب الثقافة العربية.
    في هذا الفصل تحدثنا عن الغابة والصحراء، من ناحية تنظيرية حيث تتبعنا قيام الفكرة منذ البداية إلى أن تحولت إلى دعاوى الهوية والبحث عن الذات ومعرفتها.
    حيث تكون في عقد سنوات الستين ما أطلق عليه النقاد مثل عبد الهادي صديق وسلمى خضراء الجيوشي وعبده بدوي تيار الغابة والصحراء ليرمز للمكون الإفريقي العربي داخل الإنسان السوداني، حيث تبلورت هذه الفكرة، وأتت بإنتاج أدبي تركزت عليه مفاهيم اجتمع حولها هؤلاء الشعراء مما أدرجهم تحت راية الغابة والصحراء، التي كثيراً ما أطلق عليها مدرسة وتارة أخرى تياراً، فمهما تكن التسمية فإن هؤلاء الشعراء الأماجد كتبوا الشعر الحديث وأن اختلف تناولهم له من ناحية الشكل، فبعضهم كتب بأسلوب بسيط ومباشر بعيداً عن الزخرف اللغوي والغموض، مثل صلاح أحمد إبراهيم ومحمد المكي إبراهيم وفي رأيي أنهما كتبا شعرهما هذا بعيداً عن التعقيد اللغوي والغموض الذي هو السمة البارزة للشعر العربي الحديث في سنوات الستين، لا لضعف في شاعريتهم أو قصر قامة بين الشعراء بل لانتمائهما الفكري لحركة اليسار وكتبابتهما تحت المدرسة الواقعية الاشتراكية التي ترى أن للأدب رسالة محددة، ولذلك حتى تفهم وتصل بصورة واضحة وتؤدي الرسالة كاملة يجب أن تكون واضحة ومباشرة، ولذلك نجد أن شعر محمد المكي إبراهيم وصلاح أحمد إبراهيم اتسم بالتقريرية التي قد يرى فيها النقاد سمة الخطابية والهتافية.
    وفي المقابل نجد شعراء مثل مصطفى سند والنور عثمان أبكر ومحمد عبد الحي اتسم شعرهم بالغموض والعوالم الغيبية (الفنتازيا)، وأتت لغتهم رنانة وقوية وغامضة، ونجد أن كلاً من هؤلاء الشعراء حاول أن يكوّن قاموسه الشعري الخاص الذي يميزه من بقية الشعراء، وكان التكثيف اللغوي الذي يعطي صوراً شعرية مليئة بالغموض، وكأنها عالم الأحلام الساحري، الذي لا يستقيم فيه منطق الوعي، ومن ثم نجد أن الغموض عندما يتحول إلى غاية أيضاً يخل برسالة الشاعر ويكون شعره غير مفهوم للكثيرين ما يصرف المتلقي منه وبذلك يكون شعره محدود الانتشار.
    والجدير بالذكر أن كل هؤلاء الشعراء ما عدا مصطفى سند درسوا في جامعة الخرطوم في أواخر سنوات الخمسين وسنوات الستين ويرى بعض النقاد مثل عبد الهادي الصديق وسلمى خضراء الجيوسي أنهم تأثروا بدراستهم للآداب الغربية، إذ أن غالبيتهم يعرفون أكثر من لغة أجنبية.
    ولقد قمت بتقديم نماذج تطبيقية لهؤلاء الشعراء لأدلل على المفاهيم المشتركة التي جمعتهم والتي ناقشوها في أعمالهم الشعرية، وكان التحليل على مستوى المضامين فقط، وهذا لأن البحث أصلاً يدرس مفاهيم ومضامين هذه الجماعة، ولكن هذا لا يعني تجاهل أن جوهر الشعر ككل يقسم إلى شكل ومضمون وأننا لا نستطيع فصلهما.
                  

العنوان الكاتب Date
صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء bayan05-16-06, 05:36 PM
  Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء bayan05-16-06, 05:38 PM
    Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء bayan05-16-06, 05:41 PM
      Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء bayan05-16-06, 05:42 PM
        Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء bayan05-16-06, 05:45 PM
          Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء bayan05-16-06, 06:30 PM
            Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء abdalla elshaikh05-16-06, 08:46 PM
              Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء bayan05-16-06, 11:07 PM
                Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء bayan05-17-06, 09:09 AM
                Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء abdalla elshaikh05-17-06, 06:37 PM
                  Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء bayan05-17-06, 08:03 PM
            Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء Bannaga ELias05-21-06, 04:42 PM
  Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء Deng05-17-06, 09:36 PM
  Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء Mannan05-18-06, 01:26 AM
    Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء Saifeldin Gibreel05-18-06, 03:29 AM
      Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء bayan05-18-06, 07:55 AM
  Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء قرشـــو05-18-06, 03:09 AM
    Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء abdalla elshaikh05-18-06, 06:48 PM
      Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء abdalla elshaikh05-18-06, 07:25 PM
    Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء bayan05-18-06, 07:32 PM
      Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء bayan05-18-06, 08:03 PM
        Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء bayan05-18-06, 08:08 PM
  Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء Mannan05-18-06, 07:59 PM
    Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء bayan05-21-06, 08:53 PM
      Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء bayan05-24-06, 10:40 AM
      Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء Kamel mohamad05-24-06, 10:43 AM
  Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء طارق جبريل05-24-06, 12:34 PM
    Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء منى أحمد05-24-06, 08:09 PM
      Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء تولوس05-24-06, 09:34 PM
  Re: صلاح احمد ابراهيم.... الغابة والصحراء قرشـــو05-30-06, 08:38 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de