رزنامة كمال الجزولي... هذا الاسبوع

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 05:46 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-19-2007, 01:55 PM

Waly Eldin Elfakey
<aWaly Eldin Elfakey
تاريخ التسجيل: 07-27-2005
مجموع المشاركات: 2142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رزنامة كمال الجزولي... هذا الاسبوع
                  

06-19-2007, 02:05 PM

Waly Eldin Elfakey
<aWaly Eldin Elfakey
تاريخ التسجيل: 07-27-2005
مجموع المشاركات: 2142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رزنامة كمال الجزولي... هذا الاسبوع (Re: Waly Eldin Elfakey)

    الصديق اللدود حسين ملاسي ( ان تواضعت وقبلت)

    سلامات
                  

06-19-2007, 02:10 PM

Waly Eldin Elfakey
<aWaly Eldin Elfakey
تاريخ التسجيل: 07-27-2005
مجموع المشاركات: 2142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رزنامة كمال الجزولي... هذا الاسبوع (Re: Waly Eldin Elfakey)

    لاني احب ان اقيم الاشياء
    احيانا ماديا... ما قيمة ما يكتب كمال الجزولي
    في الراي العام....
    علما باني اشتريت الجريدة بخمسمائة
    وعندما قرات الرزنامة احسست بالخجل
                  

06-19-2007, 02:14 PM

Waly Eldin Elfakey
<aWaly Eldin Elfakey
تاريخ التسجيل: 07-27-2005
مجموع المشاركات: 2142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رزنامة كمال الجزولي... هذا الاسبوع (Re: Waly Eldin Elfakey)

    ما قيمة صحيفة الراي العام....
    بدون كتابة كمال الجزولي... في هذا اليوم
    والايام التالية
                  

06-19-2007, 02:17 PM

Waly Eldin Elfakey
<aWaly Eldin Elfakey
تاريخ التسجيل: 07-27-2005
مجموع المشاركات: 2142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رزنامة كمال الجزولي... هذا الاسبوع (Re: Waly Eldin Elfakey)

    اقترح للاستاذ ان لا يكتب في الراي العام
    مرة في الاسبوع.... بل مرة واحدة في العام
    وسوف يكفيها احتفاء بهذه المرة... في العام
                  

06-19-2007, 02:19 PM

Waly Eldin Elfakey
<aWaly Eldin Elfakey
تاريخ التسجيل: 07-27-2005
مجموع المشاركات: 2142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رزنامة كمال الجزولي... هذا الاسبوع (Re: Waly Eldin Elfakey)

    Quote: رُزنامة الأسبوع

    كَجْبَارْ: إِرْكُونِي جَنةْ لِنَا!½

    (سيناريو وثائقي إلى روح حسين شريف)

    كمــال الجـــزولي


    ''مِن أجلِكُمْ ،

    يا إخوَتِي ،

    طِرنا على المَدَى ..

    مِن أجلِكُمْ ، هَلْ تَسمَعونَ ذلكَ الصدَى''؟!

    جيلي عبد الرحمن

    13 يونيو 2007م:

    الولاية الشمالية. أرض (المحس). قرى (سبو) و(جدي) و(فريق). قبالة الشلال الثالث ، حيث تعتزم إدارة (وحدة السدود) إنشاء سد لا يهمها من أمره سوى أنه سينتج من 750 إلى 1000 ميغاواط من الطاقة الكهربائية!

    صباح اليوم خرج الأهالي ، على بكرة أبيهم ، في مظاهرة سلمية من 26 مشيخة مرشحة للتأثر ، سلباً ، بقيام السد ، مسنودين ، أو هكذا (توهموا!) ، بالمواد/27/3 ، 39 ، 40 من الدستور ، لا لإسقاط الحكومة في الخرطوم ، ولا حتى في الولاية ، بل لمجرد الاعتراض على استمرار إدارة الوحدة في إنزال آلياتها لتجريف أراضيهم الزراعية ، وبالأخص السواقي (2 ، 3 ، 4) ، إستئنافاً للعمل في مشروع يرون أن من شأنه (إغراق) منطقتهم ، و(تهجيرهم) للمرة الخامسة! لذا فهو مرفوض بالمرة ، ولا سبيل ، البتة ، للمساومة فيه ولو بقبول مجرد الاستمرار في الدراسات والمسوحات التي يقول البعض إنها لن تضر أحداً! وقد كانت توقفت عملياً ، بسبب هذه المعارضة ذاتها ، مرات عدة ، ربما كانت أولاها في العام 1999م ، وربما لم تكن أخراها قبل أقل من شهرين ، حين تعهد عصام الدين ميرغني ، معتمد (وادي حلفا) ، وأحمد محمد صادق الكاروري ، ممثل الوحدة ، أمام جماهير المنطقة ، في 24/4/2007م ، بإيقاف العمل ، نهائياً ، دراسة وتنفيذاً ، وبسحب جميع الآليات والمعدات فوراً!

    المظاهرة تطوف البلدة. مجرد مسيرة سلمية ترفع لافتات وتردد شعارات. والزوارق ، في عرض النهر ، تنقل الساعين للحاق بها من الضفة الأخرى. لكن ، ما أن دخل الجمع في المنطقة الضيقة المحصورة بين النهر والتل ، على بعد أكثر من خمسة كيلومترات من موقع الآليات ، حتى هبت الشرطة من مكمنها في المرتفع ، تحاصر المحصورين ، أصلاً ، في المضيق!

    في البدء طقطقت القنابل المسيلة للدموع. فقعت رائحة الغاز الزنخة تدهم مراكز الاحساس المستوفزة في الأمخاخ. زوبع الدخان الحراق يلهب الوجوه ، يكتسح العيون ، يسحقها ، وينشع في الرئات. ثم فجأة .. لعلع الرصاص! إندفعت الجموع تتلاطم ، عمياء ، في المضيق. بعضها يتخبط في الصخر ، وبعضها ينقذف ، بغريزة حب البقاء ، في النهر! لسعت النار الأحشاء. نشب البارود في الجماجم. سال الدم الساخن من الآذان والأنوف وأطراف الأفواه الفاغرة. تداعت الأجساد المثقوبة ، راعشة ، تنزف على الندى. وحلقت الأبصار الواجفة ، منتشية ، تعانق الحقول والمصاطب ، الجروف والدهاليز ، السنط والاهرامات ، المدافن والمنضرات ، الحيشان والزونيا ، الكافور والدواوين ، الرمان والعنب ، سبائط النخيل وأصُص الفسائل ، بتِلات الورد الملونة ، وسِبلات الياسمين الخضراء ، وعلى الشفاه أجمعها ترفرف أهزوجة ليت السلطة ما أصمت آذانها عنها:

    ـ ''لأجلكم ، لأجل ألا يعود يتراءى شبح الهجرات ، ولا يغرق شبر آخر من أرض النوب ، حتى لو وعدونا بالجنة ، حتى لو أغدقوا علينا من خزائن قارون ، فما سنفقده ، وما سنحرم منه أحفادنا إلى الأبد .. لا يُقدر بثمن''!

    ............................

    ............................

    فارق الحياة ، في التو ، عبد المعز محمد عبد الرحيم (طالب ـ 25 عاماً) ، ومحمد فقير محمد سيد احمد (20 عاماً) ، وشيخ الدين حاج احمد (30 عاماً) ، وصادق سالم (40 عاماً). معظم إصابات القتلى في الرأس مباشرة. بعض إصابات الجرحى ، ما بين 9 ـ 20 ، وصفها تقرير الطبيب محمد يوسف بـ (الخطيرة) ، وفيهم الشيخ عبد الملك علي داؤد ، مؤذن مسجد كجبار الكبير. آخرون باتوا في عداد المفقودين.

    تدفق الأهالي صوب مستشفى (فريق). إحتشدوا أمام البوابة. تعلقوا بالأسوار. تزاحموا في العنابر. تراكضوا في الباحات والممرات. الاجساد تنضح عرقاً. الهواء الزئبقي مشبع بالفورملين الفاقع. أجساد الأحباء مُسَجاة على نقالات غارقة في الدم. بياض الاغطية والشاش والقطن الطبي استحال إلى احمرار! لا توجد مشرحة ، فأين ، إذن ، وكيف تحفظ الجثث؟! لا وقت للسؤال. لا وقت للتفكير. هُرع عشرات الشبان ، من فورهم ، إلى (كرمة) ، على بعد حوالي 200 كيلو من (سبو) ، يحضرون الثلج يغمُرون فيه الجثامين ، بينما ألسنة اللهب تندلع في هامات النخيل ، بفعل إطلاق النار الكثيف ، و .. لا غرو ، فللموت قداسة مخصوصة في الثقافة النوبية!

    كل ذلك ولم يحضر ، بعدُ ، أو حتى يتصل أي مسئول ، لا من الخرطوم ولا حتى من الولاية!

    نقل المصابون إلى مستشفى (دنقلا) ، بعد أن حرر الطبيب محمد يوسف شهادات الوفاة لأغراض الدفن ، وأرانيك (8) لأغراض البلاغات ، و ..

    ـ '' الجثث للأسف ما بنقدر نسلما إلا بإذن من قاضي محلية (دلقو) .. بعد ما تكتمل الاجراءات''!

    لكن ، مرت الساعات ثقيلة دون أن تكتمل (الاجراءات) .. لم يتسن أخذ إفادة مسئولي الحكومة وإدارة السد!

    الأهالي الذين رفضوا دفن شهدائهم ، ما لم يصلهم وفد اتحادي وولائي ، يأخذون على الحكومة أنها تعمدت خداعهم! فها هي ، بعد أن تراجعت عن المشروع ، بإزاء معارضتهم الصارمة ، تعود تستأنف الحفر ، تارة بذريعة إنشاء (فندق عالمي!) ، وتارة بذريعة أن وحدة السدود لم تتلق (إفادة رسمية!) من حكومة الولاية الشمالية برفض الأهالي إقامة السد في منطقتهم ، أو كما قال ممثلها أحمد صادق الكاروري! فلكأنها لم يكفها كل ما ظل هؤلاء الأهالي يبدون من مناهضة ، على مدى أكثر من عشر سنوات ، أو كأنها تريد من أحد ما أن يعيد لها (اكتشاف العجلة)!

    ساعة الحقيقة كان طبيعياً أن تثور الثائرة ، وأن ينفجر الغضب! مع ذلك ، لم تزد ردة الفعل عن مسيرات سلمية ، وعرائض احتجاج سلمتها لجنة الأهالي الشعبية ، قبل مظاهرة اليوم ، إلى رئيس الجمهورية ، والبرلمان ، والقوى السياسية كافة ، المشاركة والمعارضة للحكومة ، فضلاً عن منظمات المجتمع المدني. وقد سبق لحسن دفع الله الذي عمل في مناطق النوبيين لست سنوات ، ثم أشرف على تهجيرهم إلى (خشم القربة) أوائل الستينات ، أن سجل في يومياته (هجرة النوبيين) بعض الملاحظات حول شغفهم بالمقاضاة ، ومخاطبة المسئولين ، وكتابة العرائض والشكاوي ، بل واستقطاب مساندة أبنائهم بالخارج الذين يسارعون إلى إرسال برقيات مطولة لا حصر لها! ويرد دفع الله ذلك إلى طبيعتهم المسالمة وعدم ميلهم إلى (المقالعة) وأخذ الحقوق بالأيدي!

    كلتا حكومة الولاية ووحدة السدود كانتا تعاونتا ، يداً بيد ، في تعزيز الوجود الشرطي والأمني الكثيف بالمنطقة. بالنتيجة ، أفضى ذلك الشحن إلى مسارعة الشرطة ، خلال مسيرة سلمية جرت في مايو الماضي أيضاً ، لإطلاق الرصاص ، مِما أسفر عن سقوط 4 جرحى ، فضلاً عن مفاقمة الوضع ليبيت على كف عفريت!

    كان ذلك جرس إنذار لكل مَن ألقى السمع وهو شهيد ، لولا أن في الآذان وقرٌ مُزمِن ، ولولا أن المسئولين زادوا عليه أن سَدوا هذه بطينة وتلك بعجينة ، فكان لا بُد من وقوع الصدام المأساوي ، وما نجم عنه من قتل فادح ، وإصابات بليغة ، وحاجز نفسي كثيف بين الأهالي والسلطة .. الله وحده يعلم متى ينزاح!

    غير أن للشرطة روايتها بالمقابل. قالت إنها لم تطلق الرصاص إلا في (الهواء!) ، وإلا (دفاعاً!) عن النفس ، وإلا في مواجهة بعض المتظاهرين الذين بدأوا بـ (استفزازها!) و(سبها!) ، وللحيلولة دون وصولهم إلى موقع (الآليات!) وتخريبها!

    جملة من الأسئلة ما تنفك تتناسل ، بإلحاف ، من بين ثنيات بيان الشرطة نفسه: كيف يمكن لإطلاق الرصاص في (الهواء!) ، بمعرفة شرطيين محترفين ، أن يفضي إلى (قتل!) الناس؟! وألم يكن ثمة سبيل ، يا ترى ، للحيلولة دون وصول بضع مئات من المدنيين العُزل إلى أي مكان إلا .. بـ (قتلهم)؟! وهَبْ ، جدلاً ، أنهم استهدفوا (سلامة الآليات!) ، فما تكون هذه الآليات يا أخي .. وما قيمتها لتساوي (أرواح) البشر؟! وأي قياس فاسد هذا الذي يتكافأ فيه (الرصاص!) ، بحُجة (الدفاع!) عن النفس ، مع (الكلمات) حتى لو استخدمت بغرض (الاستفزاز!) أو (السب!)؟! ثم .. أكلما (استفز) الناس الشرطة ، أو حتى (سبوها) ، ضربتهم بالرصاص؟!

    من 14 إلى 17 يونيو2007م:

    خمسة آلاف مواطن خرجوا ، صباح اليوم التالي ، يكاد يعصف بهم الحزن والغضب ، من كل فج عميق في (كجبار) و(مشكيلة) و(فريق) و(نوري) والقرى المجاورة ، ليشيعوا شهداءهم إلى مقبرتين بوسط البلد ، في غياب كامل للمسئولين في كل المستويات الاتحادية والولائية! لا شئ ، البتة ، حتى الآن ، من قِبَل السلطة ، في فضاء الحدث الفاجع ، سوى بضعة تصريحات وإجراءات قد لا يصعب كثيراً الاتفاق على تقدير فحواها ومغزاها! فرئيس لجنة التحقيق التي شكلها وزير العدل الاتحادي صرح بأنهم سيجرون ''تحريات أولية لتحديد ما إن كانت هناك جريمة أم لا''! والحزب الاتحادي (الأمانة العامة) المشارك في الحكومة شكل لجنة برئاسة مساعد أمينه العام ''لمتابعة ما يدور في كجبار''! وحكومة الولاية التي لم تمتلك ، ابتداءً ، حساسية تستشعر بها اقتراب الأوضاع من الخطوط الحمراء ، عَمَدَت إلى التلكؤ حتى وقعت الكارثة ، لتعود تتهم (أيادٍ آثمة!) ، لم تسمها ، بإثارة (الفتنة!) لأغراض (رخيصة!) ، ولتلغو بعبارات ملتبسة عن ''محاسبة (المتلاعبين!) بـ (مصالح المواطنين!) و(أمنهم!) .. وأن دماء الضحايا لن تذهب هدراً .. الخ'' ، مؤكدة ''عزمها الاستمرار في إكمال الدراسات والمسوحات المتعلقة بالمشروع'' ، وهنا مربط الفرس!

    لقد فضح هذا البيان الخلاف الناشب داخل حكومة الولاية نفسها ، إذ ألغي ، عملياً ، القرار الآخر ، المتناقض معه طرداً ، والذي كان عبد الرحمن فقيري ، نائب الوالي ، قد اتخذه ، في اليوم السابق مباشرة ، وباسم نفس الحكومة ، في غياب الوالي ميرغني صالح بالخرطوم ، ومعتمد حلفا عصام ميرغني بأسوان ، معلناً سحب الآليات والقوات ، والوقوف إلى جانب الأهالي! ولكي تكتمل هذه التراجوكوميديا ، سارع الوالي ، فور سماع هذا القرار ، بالعودة من الخرطوم ، لإرغام نائبه ، عنوة واقتداراً ، على أن (يلعقه!) عبر كل أجهزة الإعلام ، وأن يعلن ، بدلاً منه ، وبعظمة لسانه ، أن ''أيادٍ خفية تسببت في تأزيم الأوضاع'' ، وأن ''الدراسات والمسوحات ستستمر''!

    ويبدو ، والله أعلم ، أن نائب الوالي ، بعد أن نفذ تعليمات رئيسه ، حرفياً ، (أحس!) بأن المسألة فاقت حد (الإهانة!) ، فسارع إلى تقديم استقالته بسبب ''عدم مراعاة الحكومة للحكمة ومصالح المواطنين'' ، ليلحق بزميله معتمد (وادي حلفا) الذي استقال في اليوم السابق ، على خلفية ما رَشَحَ من عدم رضائه عن معالجة حكومته للمشكلة ، رغم أنه كان من المروجين للسد. وقد قبل الوالي الاستقالتين فوراً!

    أما المجلس التشريعي بالولاية ، فبعد أن دعا إلى عدم إقامة التنمية على الظلم ، إلتوى بخطابه ، ليقتفي أثر التباسات الحكومة ، مطالباً إياها ''.. بألا تسمح لأي (مغرض!) أو صاحب (أجندة خفية!) أن يعطل مشروعاً فيه الخير والنماء''! ولم ينس أن يشجب ما أسماه ''الأقلام (المأجورة!) وصاحبة (الغرض!) التي .. (تشوه!) الحقائق و(تضخم!) الأحداث''!

    من جهتها اعتقلت السلطات الأمنية في (وادي حلفا) يونس محمد عبد المجيد! واعتقلت سلطات أمن (دنقلا) أعضاء اللجنة الشعبية: عماد ميرغني وعبد العزيز محمد وعبد الله عبد القيوم وآخر. كما اعتقلت الصحفيين: الفاتح عبد الله وقذافي عبد المطلب وأبو عبيدة عوض وأبو القاسم فرحنا ، أثناء توجههم إلى (كجبار) ، حيث أجبروا على (إغلاق!) هواتفهم النقالة ، فانبهمت مصائرهم! وفرض حظر التجول في المنطقة بعد السادسة مساء. وتصاعدت الحملة ليبلغ عدد المعتقلين قرابة العشرين! ورفض الأهالي تسليم عثمان ابراهيم ، سكرتير اللجنة ، الصادر بحقه أمر اعتقال! كما طالت الاعتقالات أبناء المنطقة بالخرطوم: أحمد رمرم ، شهاب شمت ، عبد المتعال عبد الرحمن ، أبو عبيدة محمد ، خليل عبد الرحمن ، وآخرين.

    وأما وزير الداخلية فقد اجترح ، في ما يليه ، عجباً! قال إنه شكل لجنتين ، لا واحدة ، للتحقيق: إحداهما ''جنائية حول ملابسات سقوط الضحايا'' ، والأخرى ''إدارية حول حيثيات إطلاق النار على المتظاهرين'' ، و .. أشك إن كان ثمة من فهم شيئاً! حيث (ملابسات سقوط الضحايا) هي نفسها (حيثيات إطلاق النار) .. أمثولة (أحمد) و(حاج احمد)! لكن ، ربما يكشف حرص الوزير على الاشارة المخصوصة ، في طوايا تصريحه ، إلى أن وزارته سبق أن أصدرت لائحة ''.. تخول للشرطة استخدام القوة لحماية المواطنين والممتلكات'' ، وأن ''.. الشرطة تعمل وفقاً للنظم المتبعة'' ، عما يمكن أن تنتهي إليه تحقيقات اللجنتين! وحتى ذلك الحين ، فإن للناس أن يتساءلوا: (حماية الممتلكات) وعرفناها ، فكيف تكون (حماية المواطنين) بـ (قتلهم)؟! اللهم إلا إذا كان وزير الداخلية يتأسى بمنهج الرئيس الأمريكي الأسبق ، المرحوم ليندون جونسون ، الذي صرح ، يوماً ، في معرض تبريره لحرب أمريكا العدوانية على الفيتناميين ، بأن الهدف منها (تحريرهم!) ، مطلقاً قولته المشهورة: ''سنحررهم .. نعم سنحررهم حتى لو اضطررنا إلى قتلهم جميعاً''!

    ............................

    ............................

    طالبت المعارضة السياسية بلجنة قومية للكشف عن الحقيقة والمساءلة والتعويض ، وفق ما أعلن الصادق المهدي في اللقاء الحاشد بنادي المحس بالخرطوم مساء 15/6/.07 وأعلن المهدي ، أيضاً ، عن إدانة حزبه للحادث ، واعتزامه ابتعاث وفد للتعزية وتفقد الأحوال ، وعقد ندوة شعبية للتضامن بداره في 20/6/07 ، وورشة لتدارس مسألة السدود. واقترح نائب رئيس الحزب الاتحادي الديموقراطي ، على محمود حسنين ، رفع دعوى دستورية لإيقاف (العبث)! وطالب سكرتير الشئون السياسية بالحركة الشعبية ، ياسر جعفر ، بمحاكمة المتسببين في الاحداث ، وإيقاف العمل في المشروع ، وتعويض الأهالي ، والتفاوض مع لجنتهم ، واصفاً السودان بأنه ''يجلس على برميل بارود''! وقال ممثل الحزب الشيوعي ، فاروق كدودة ، إن ما جرى يمثل آخر حلقة لإغراق المنطقة وثقافتها وحضارتها ، وإن حزبه لا يُعتبر متضامناً ، بل هو جزء من القضية ، وزاد: ''لماذا نطلب من الحكومة سحب الآليات؟! فلنزلها نحن''! وقال ممثل المؤتمر الشعبي ، الحاج آدم يوسف ، ''إن الحل الوحيد هو الانتفاضة الشعبية''. ودعا ممثل حزب البعث ، كمال بولاد ، إلى اجتماع عاجل للقوى السياسية ''لاتخاذ موقف''.

    من جهتها أعلنت اللجنة الشعبية رفضها التعامل مع محققي وزارة الداخلية ، مطالبة بتشكيل لجنة محايدة تطال تحقيقاتها والي الشمالية ومدير وحدة السدود. واتهم رئيس اللجنة ، عبد الفتاح زيدان ، المؤتمر الوطني بالتحريض على ضرب المواطنين ، مِما سيؤدي إلى كارثة ، مطالباً بسحب الآليات والقوات! كما اتهم سكرتير اللجنة ، عثمان ابراهيم ، هذه القوات بتعمد استفزاز الأهالي ، مشيراً إلى اعتزامهم تقديم مذكرة بذلك للجهات المختصة.

    كذلك حَمَل فتحي شيلا ، الأمين العام للحزب الاتحادي بالانابة ، والوسيط بين الأهالي والحكومة ، على الأخيرة ، قائلاً إنها ''ما زالت تتعامل بعقليتها القمعية'' ، وكاشفاً عن (أنهم) وجهوا نائب الوالي ، الذي وصفه بـ (ممثل التجمع)* ، ''لاتخاذ التدابير اللازمة لحماية المواطنين'' ، كما ناشد ''.. الشعب النوبي بمناصرة أهله في كجبار''. وبعد استقالة نائب الوالي رحب شيلا بالخطوة كونها ''متسقة مع مبادئ الحزب ومتطلبات الوضع''. وأشار فوزي عبد الرحيم ، عضو البرلمان الاتحادي ، إلى أنه كان يتوقع الحادث ، مذكراً بأنه سبق أن تقدم ، في 16/5/07 ، بطلب إحاطة حول الأمر لوزير شئون الرئاسة الذي لم يرُد! وحذر من تحول الشمالية إلى دارفور أخرى ، داعياً لإيقاف المشروع. ووصف أمير ضرار ، عضو المجلس التشريعي بالولاية عن الحركة الشعبية ، الحادث بأنه ''عمل غير أخلاقي'' ، معلناً عن تقديمه مسألة مستعجلة في المجلس لاستجواب الوالي ، ومنتقداً رئيس المجلس على تجاهله مطالبة الأعضاء بإدانة الحادث!

    وانتقدت شبكة (جهر) و(تضامن الصحفيين) إعتقال الصحفيين الأربعة ''في إطار غير شرعي'' ، كعمل إرهابي يتنافى مع الدستور ، ووصفه نائب رئيس البرلمان الاتحادي ، أتيم قرنق ، بـ ''محاولة طمس الحقائق'' ، ساخراً من والي الشمالية الذي ''لم تصله نسخة من اتفاقية السلام''! كما وصف نقيب الصحفيين الاعتقال بأنه ''اختطاف''!

    وسير النوبيون مظاهرة مسائية ، عقب ندوة بالنادي النوبي بالديوم ، منددين بالحادث ، قبل أن يفرقهم الغاز المسيل للدموع! وحذر اتحاد أبناء حلفا والمحس والسكوت من أن تفضي المواجهات إلى دمار شامل بالولاية. ونددت حركة كوش بـ ''المجزرة'' ، على لسان رئيسها نور الدين منان بواشنطون ، معلنة عن مسيرة ستنظمها أمام السفارة يوم 20/6/07 ، بمشاركة أعضاء في الكونغرس وناشطين في حقوق الانسان. وأصدر (كيان الشمال) بياناً أدان فيه ما اعتبره ''قتلاً غير مشروع'' ، محملاً المسئولية للحكومة ، ومطالباً بلجنة تحقيق مستقلة ، ورافضاً تنفيذ المشاريع على رقاب المواطنين!

    أواخر ديسمبر عام 1995م:

    تحت شمس ذلك الصباح الشتائي كانت الكلمات تتوهج ، عذبة كزهرة ، قاطعة كنصل ، بصليلها النوبي الصادح ، وحروفها العربية الساطعة: ''إِركونِي جَنة لِنَا'' ، وترجمتها ''وطننا جَنة'' ، تخفق بها اللافتة المرفوعة فوق سواعد الرجال والنساء والأطفال ، عالياً عالياً ، بحيث يستحيل أن تخطئها عيون المسئول الكبير والوفد المرافق له ، لدى زيارتهم لقرية (فريق) بأرض (المحس).

    كان هدف الزيارة تسويق المشروع الذي كانت المسيرات المناهضة له قد انتظمت المنطقة منذ 1994م ، واستعرت ، بوجه مخصوص ، منذ أغسطس 1995م. وكانت اللافتة ، ضمن لافتات أخريات كثر: ''مأساة عبود لن تعود'' ، ''نخيلنا اقتصادنا'' ، ''أرضنا تاريخنا'' ، ''لا للخزان .. لا للغرق'' ، تهدف للتعبير عن تمسك النوبيين بأرضهم ، ونخيلهم ، وتاريخهم ، وتراثهم ، ولإبداء معارضتهم ، بالتالي ، للمشروع الذي من شأنه أن يطمر ذلك كله. ولا غرو ، فشفرة النوبيين الأزلية: (الأرض) ـ حاضنة حياتهم ، و(اللغة) ـ وعاء ثقافتهم!

    غير أن المسئول الكبير استشاط غضباً حتى من تلك التعبيرات المسالمة المتحضرة ، والتي لا يملك النوبيون ، في الواقع ، غيرها ، فما كان منه إلا أن زجرهم من فوق منصته:

    ـ ''الحكومة الما خوفتا أمريكا ذاتا ما رايح تخاف ليكم من شوية هتافات وشعارات .. والخزان ده حيقوم حيقوم .. كان رضيتو وكان ابيتو''!

    محطة التلفزة الاقليمية لم تكن لتتوقع ، بالطبع ، أن تبلغ الأمور ذلك الحد ، فتكفلت بنقل الحدث ، بحسن نية تام ، وعلى الهواء مباشرة! بالنتيجة ، عندما واصل الوفد رحلته شمالاً إلى (عبري) بأرض (السكوت) ، استعصم الأهالي ببيوتهم ، رغم أن منطقتهم لن تتأثر بالسد مباشرة! ولم يستطع متعهدو الاستقبالات أن يُخرجوا سوى تلاميذ المدارس ، يتقدمهم مدرسوهم الذين كان مبلغ همهم تسليم المسئول الكبير مذكرة احتجاج على تأخير صرف مرتباتهم! أما في ما عدا ذلك فقد دُهش المسئول من احجام حتى أولئك اليافعين الاغرار عن ترديد الهتاف خلفه ، فحاول أن يسألهم ملاطفاً:

    ـ ''إنتو زعلانين مننا ولا شنو''؟!

    حينها انطلقت الحناجر الغضة تصيح بصوت واحد:

    ـ ''أيييييوه''!

    حد (الإهانة!) ، فسارع1902م ـ 2007م:

    روى مصطفى محمد طاهر في كتابه (السد العالي ومأساة النوبيين ـ قصة تهجير أهالي حلفا) عن جبهة للمقاومة الشعبية تكونت عام 1961م ، وأهم أهدافها: توحيد الأهالي حول رفض الهجرة ـ مقاطعة أعمال التوطين وفضح العناصر المتعاونة مع الحكومة ـ العمل مع قوى المعارضة لإسقاط الحكومة!

    ومنذ بواكير فكرة مشروعه ، ورغم كل ما أحاطوه به من شعارات (التنمية!) وديباجات (الصالح العام!) ، إلا أن (سد كجبار) لم يسعد أحداً من النوبة ، مطلقاً ، سوى القلة من الموالين للسلطة! وهؤلاء ضررهم ، حتى للحكومة نفسها ، أبلغ من نفعهم ، فما ينفكون (يؤسطرون) لها (الواقع) ، حتى تقع (الواقعة)! ولقد اطلعت ، مؤخراً ، على رأي لمحمد حسن طنون ، أحد (علماء) السودان ، بأن ثمة منظمات يهودية ماسونية عالمية مشبوهة تتحرك في شمال السودان وجنوب مصر لتحقيق مخططات اليهود الرامية للسيطرة على العالم بعد تحقيق حلم الصهيونية العالمية المتحالفة مع الصليبية العالمية في إقامة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات ، وأنهم (كعلماء) قد لمسوا تحرك هذه المنظمات المشبوهة ، في الفترة الأخيرة ، ضد (سد كجبار) ، حتى وصل الأمر ، وفق المخطط المُععد ، إلى الصدام .. الخ!

    الشاهد ، أن للنوبيين من التجارب المريرة ، أصلاً ، مع الدولة ، استعمارية كانت أم وطنية ، ما يكفي لتبرير استرابتهم في مثل هذه المشاريع ، دونما حاجة لصهيونية أو ماسونية ، كون مناطقهم ظلت وحدها المستهدفة ، تاريخياً ، بـ (الاغراق) ، مثلما ظلوا هم المجموعة الاثنية الوحيدة المستهدفة ، في كل مرة ، بـ (التهجير)! ولقد تعرضوا ، خلال ما لا يربو كثيراً على نصف قرن ، لأربع من هذه الخبرات الأليمة ، ابتداءً من إنشاء (خزان أسوان) عام 1902م ، وتعليته مرتين خلال عام 1932م ، وحتى قيام (السد العالي) عام 1963/1964م. في كل تلك (الاغراقات) كان النوبيون يُقهرون على مقايضة بيوتهم وزروعهم وتاريخهم ، بل ومُجمَل حضارتهم الموغلة في العراقة لأكثر من سبعة آلاف سنة ، بمحض (أكاذيب التعويضات) و(ترهات التنمية)! لكن ، لا الأولى أجزت ، ولا الأخرى أنجزت ، بينما هم ، بين هذه وتلك ، إما مُهجرين إلى بلاد طيرها أعجمي ، ينشجون كمداً على الطار والطنبور والصفارة ، وإما مُجبَرين على حمل أطفالهم وشيوخهم وعجزتهم ، فضلاً عما خف من أثاث متواضع ومتاع شحيح ، والصعود إلى ما مرتفع قريب يعصمهم من دمدمة اليم الزاحف ، وإرزام مَوْجِه الهدار!

    ويقول حسن دفع الله ، في مقدمة مؤلفه المار ذكره ، إن مصر ، عندما قررت إقامة السد العالي ، ''.. لفتت أنظار العالم بهذا المشروع المدهش تصميماً وحجماً وتكلفة وفائدة ، لكن آثاره الضارة .. لم تسترع انتباه أحد! فالبحيرة .. كانت ذات أثر مدمر .. امتد 150 كيلومتراً داخل السودان ، (حيث) ابتلعت .. 27 قرية ، بالاضافة إلى .. (وادي حلفا) ، وفقد 50 ألف نوبي سوداني .. أراضيهم ومساكنهم ونخيلهم ومقومات حياتهم''! وفي تقديمه للكتاب يصف إيان كنيسون ، وصفاً شفيفاً ، تلك المشاهد الانسانية الموحية التي استوقفته في مذكرات ذلك الاداري الذي اقتضى عمله الرسمي أن يقوم بإجلاء آلاف الناس من موطن يمتد تاريخه لآلاف السنوات ، كي يعاد غرسهم ، من جديد ، في وطن ملفق ، وأرض غريبة! واللافت ، حقاً ، في الكتاب والتقديم ، أن ذلك الاداري الذي ينفذ التعليمات بكل هِمة ، هو نفسه الذي تدفعه إنسانيته لأن ''.. يدس قطعة كفن في يد الموظف المسئول عن حركة القطارات تحسباً لموت أحد في الطريق .. والذي لا يصيبه الضجر إذا ما توقف القرويون ساعات لوداع أسلافهم الغابرين قبل أن يغادر القطار .. والذي يقتطع من زمنه ليتأمل ما يكون عليه حال قرية حين تخلو من الناس .. والذي يسجل بآلة تصويره انهيار المنازل في غمرة المياه المتدفقة''. ويمضي كنيسون يتحسر على تلك القرى التي كانت مأهولة ، لقرون خلت ، بأجداد من يُجبرون الآن على وداعها .. مرة وللأبد! ويعكس الانطباعات القوية التي بلغته من الكتاب عن صدمة التهجير العظيمة على النوبيين الذين عاشوا حياة متميزة ، في وطن متفرد ، قبل أن يُرغموا على الرحيل إلى ديار نمطية عادية ، حيث ''.. لا وجود لنهر النيل .. ولا غابات نخيل توفر الجهد .. ولا آثار أجداد تحرس أعتاب الأبواب''!

    إشارات دفع الله وكنيسون التي تمس شغاف القلوب هي ما عبرت عنه ، على نحو ما ، سعاد ابراهيم احمد ، في محاضرتها حول (تهجير النوبيين وثقافتهم) ، بالمركز الثقافي الفرنسي ، أمسية 15/1/1996م ، حيث انطلقت من تعريف (الثقافة) بأنها نتاج علاقة الانسان بـ (لغته) ، من ناحية ، وبـ (أرضه) ، من ناحية أخرى ، لتنفذ ، في ما يتعلق بعنصر (الأرض) ، إلى أن موقع النوبيين الجغرافي على النيل ، والمحاط بالجبال والصحراء من جهتين ، هو الذي صاغ حياتهم بأكملها على هذه الحضارة ، سواء من حيث استغلال الأرض على ثلاثة مواسم: الصيف والشتاء والدميرة ، أو إجادة حرفة البناء وتشكيل الحجر ، أو الشغف بالتعليم ، أو احترام المرأة ، أو خلافه.

    مع ذلك ، وبرغم كفايتها لبلورة موقف نقيض بمعايير الخبرة الانسانية وموازين جدواها ، فليست وحدها طيوف (الغرق) و(التهجير) هي كل ما حدا بالنوبيين لمناهضة (سد كجبار) ، وبالأخص ما حل بهم من (تهجير) قسري من (وادي حلفا) بأقصى الشمال إلى (خشم القربة) بشرقي البلاد ، إثر قيام (السد العالي) خلال النصف الأول من ستينات القرن المنصرم ، علاوة على ما ظل ، وما يزال ، يقاسي مواطنو أمري والحماداب من فظاظة التجاهل لمطالبهم ، والاستهانة بأقدارهم!

    وإذن ، ومنذ صدور المرسوم الجمهوري بإنشاء مؤسسته العامة في يونيو عام 1995م ، كانت للنوبيين ، دائماً ، أسباب أخرى لرفض قيام هذا السد على بعد ستين كيلومتراً شمال (كرمة) ، في قلب ما تبقى من أرض النوبة! من أبرز تلك الأسباب ما يتصل بـ (البدائل). فمن أهم المآخذ ، التي لخصتها سعاد ، على المشروع ، أن دراسة جدواه الاقتصادية لم تأخذ في اعتبارها الخصائص الهيدرولوجية لمجرى النهر ، والتربة ، والمناخ ، والطوبوغرافيا ، جنباً إلى جنب مع الآثار البيئية والسكانية ، في مقابل البدائل الممكنة ، فزمن المشروعات الضارة بالسكان والبيئة قد ولي ، وقد ألغى البنك الدولي تمويل خزان شبيه في الهند ، بسبب ما سيترتب عليه من (تهجير) جماعي وآثار بيئية سالبة ، دَعْ أن ما سيترتب على (سد كجبار) أوخم من هذا بما لا يُقاس: ضياع الموروث الثقافي ووقوع الأذى النفسي ، وهما شيئان لا يمكن أن تتجاهلهما أية دراسة جادة ، لأنهما ببساطة .. لا يُعوضان بثمن! وتورد المحاضرة القيمة نقداً ثاقباً للأرقام التي قامت عليها دراسة الجدوى في ما يخص المنطقة. فمثلاً: محافظة (وادي حلفا) كلها كانت تحتاج ، في وقت الدراسة ، إلى حوالي 63 ميغاواط كان المتاح منها 12 ميغاواط. وبافتراض أن تلك الأرقام ما تزال على حالها ، فإن هذا يعني ، وببساطة ، أن كل العائد للمنطقة لا يزيد عن 48 ميغاواط ، تقل ، عند تنفيذ المرحلة الأولى ، إلى 39 ، وذلك بعد أن يكون الآلاف قد (هُجروا) ، و35 قرية قد (أغرقت) ، علاوة على الجزر والأراضي المتاخمة للنهر ، بكل نخيلها وزروعها ونباتاتها البرية الأخرى ، ناهيك عن اندثار كل معالم الحضارة والثقافة والآثار والتراث!

    وتبلغ الحيرة منتهاها حين نعلم ، من دراسات علمية أخرى ، بوجود بدائل لهذا الخراب والدمار ، لكنها ، لسبب ما ، غير مرغوب فيها من (سدنة السد)! من هذه البدائل الصديقة للبيئة ، والتي تستحق بذل المال والجهد والوقت في وضع دراسات مرموقة حولها: الرياح والطاقة الشمسية. كما وأن ثمة بديل (مائي) آخر لطالما نوه إلى جدواه الخبراء ، ويتمثل في إمكانية استنباط وتوزيع أضعاف القدر من الكهرباء الذي تحتاجه الزراعة في المنطقة ، إن كانت الأولوية لها بالحق ، مقابل تكلفة أقل بما لا يقاس ، دون تعريض شبر واحد من أرض النوبة لـ (الغرق) ، أو تعريضهم هم أنفسهم لـ (التهجير) ، وذلك بالعودة إلى المشروع القديم لتوليد الكهرباء من (شلالات كجبار) عن طريق التوربينات عند مساقط المياه ، فهذا ، على الأقل ، أفضل من (توليد) المزيد من المشكلات لبلادنا ، فما فيها يكفيها .. وزيادة!

    ون مظاهرة مسائية ، عقب ندوة بالنادي النوبي بالديوم ، منددين بالحادث ، قبل أن يفرقهم الغاز المسيل للدموع! وحذر االإشارات والمراجع:

    * عقب (اتفاق القاهرة) بين التجمع الوطني الديموقراطي وحكومة السودان في 2005م ، تم الاتفاق على تمثيل التجمع في البرلمان الانتقالي والبرلمانات الولائية الانتقالية ، برغم ضآلة النسب المئوية من المقاعد التي خصصت له. أما في ما عدا ذلك فقد وقع الخلاف داخل (التجمع) حول المشاركة في الجهاز التنفيذي. ولما لم يتم التوصل إلى إجماع ، اتفق على ترك الخيار لكل طرف في (التجمع) ، حزباً كان أم تنظيماً أم شخصية وطنية ، أن يقرر موقفه منفرداً. على أن بعض قادة الحزب الاتحادي الديموقراطي ، الذي اختار المشاركة في الجهاز التنفيذي ، درجوا على وصف من التحقوا بالوزارة بـ (ممثلي التجمع) ، في حين أن الدقة تقتضي أن يُنسب كل منهم للحزب أو التنظيم الذي يمثله أو لصفته الشخصية.

    (1) مصطفى محمد طاهر ؛ السد العالي ومأساة النوبيين ـ قصة تهجير أهالي حلفا ، دار البلد ، الخرطوم 1999م.

    (2) حسن دفع الله ؛ هجرة النوبيين ـ قصة تهجير أهالي حلفا ، ط 3 ، دار مصحف أفريقيا ، الخرطوم 2003م.

    (3) نبوكين ـ نشرة غير دورية يصدرها التجمع النوبي ، ع/3 ، فبراير 1996م.

    (4) الرأي العام ـ السوداني ـ الأيام ـ الصحافة ، 14/6/2007م.

    (5) الرأي العام ـ السوداني ـ الصحافة ، 15/6/2007م.

    (6) الرأي العام ـ السوداني ـ الأيام ـ الصحافة ، 16/6/2007م.

    (7) الرأي العام ـ السوداني ـ الصحافة ، 17/6/2007م.

    (8) الرأي العام ـ السوداني ـ الأيام ـ الصحافة ، 18/6/2007م.ريخياً ، بـ (الاغراق
                  

06-20-2007, 07:12 PM

عبد الوهاب المحسى
<aعبد الوهاب المحسى
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رزنامة كمال الجزولي... هذا الاسبوع (Re: Waly Eldin Elfakey)

    فوق
                  

06-20-2007, 08:59 PM

Salwa Seyam
<aSalwa Seyam
تاريخ التسجيل: 04-12-2004
مجموع المشاركات: 4836

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رزنامة كمال الجزولي... هذا الاسبوع (Re: Waly Eldin Elfakey)

    تانى فوق
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de