|
جعفر عباس ...عن العرُّوب والنوبة
|
عن العرُّوب والنوبة
قمت بتمديد مدة إقامتي في العاصمة السعودية الرياض بدوافع وطنية، بعد ان قمت برصد تحركات نوبية مريبة حدثتكم عن جانب منها في مقالي السابق، وأبشر القراء بأنني تمكنت من اختراق خلايا نوبية بل واطلعت على "أجندتها"، فقد زرت جمعية دغيم بالرياض بدعوة من أعضائها، واكتشفت انهم قد أعدوا لي كمينا شارك فيه العديد من النوبيين من منطقتي حلفا والمحس وسكود (نعم بالدال وليس بالتاء فنحن نقول ان فلان سكوداوي وليس سكوتاوي)، ثم تبادلت الزيارات مع اعضاء جمعية عمارة وهي بلدة متاخمة لعبري (وفي هذا الاسم ايضا تدخل عربي استعلائي فكيف يتضمن اسم بلدة نوبية عريقة حرف العين الذي لا يوجد في اللغة النوبية علما بان أهل البلدة يسمونها أبِر، بفتح الألف وكسر الباء؟)،.. وخرجت من كل الكمائن واللقاءات بحصيلة ضخمة من المعلومات التي تشير الى أن النوبة "قنعوا" أخيرا من الحكومة المركزية في الخرطوم، وقرروا أخذ زمام المبادرة في أيديهم فيما يتعلق بتوفير الخدمات التعليمية والصحية والطرق، إلخ في منطقتهم،.. وقد يتساءل أحدهم: وفيها شنو دي؟ فيها "إنّ" يا غبي.. كلنا سمعنا نكتة الرجل الذي وجد زوجته تجلس في حجر شخص آخر وفي يدها كأس خمر فصاح من شدة الغضب: ما ناقص إلا أنك تشربي سجاير كمان!! والمبادرات الشعبية النوبية هي خميرة "تقرير المصير" والحكم الزاتي (الذي يختلف عن "الذاتي").. ولولا ان كلمة الكونفدرالية صعبة على اللسان النوبي لطالبوا بها،.. ومن ثم فإن تفادي نطق تلك الكلمة قد يؤدي الى قفز النوبيين فوق المراحل ومطالبتهم بدولة خاصة بهم،.. وهناك أمر آخر قد يفاقم النعرات الانفصالية بين النوبيين، وهو ان الانتماء الى العرب صار عبئا فهو انتماء غير مشرف، بعد ان صار العرب ملطشة ومسخرة.. فئران تجارب في المعامل الامريكية والاسرائيلية، وبعد استشهاد عبد العزيز الرنتيسي سمعت كلاما من مسؤولين عرب أكدوا لي ان العرب الرسميين يتسمون بقدر كبير من قلة الحياء وقوة العين والبجاحة.. ثم جاءت الطامة الكبرى: القمة العربية ستنعقد في مايو المقبل.. وإذا اراد الله بأمة سوءا سلط عليها الجدل وقلة العمل، والقمم العربية لم تخرج علينا إلا بالجدل والشَكَل (بفتح الشين والكاف)، وستخرج علينا قمة مايو بكلام أشتر "يكسف"، عن ضرورة تسليم السلطة للعراقيين وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية! ما علينا،.. الله يهدي العرب ويهد أمريكا!! فقط أتمنى لو أن عرّوب السودان يكفون عن الاستعلاء على الأعراق الآخرى التي تم الزج بها قسرا في الجامعة العربية.
أعود الى المخطط النوبي وحكاية رفض النوبيين للكونفدرالية لأن نطق الكلمة يسبب التهاب المسالك البولية،.. وأقول ان اللغة النوبية ليست فيها الكلمات الطويلة معقدة التراكيب ويستطيع القارئ غير النوبي التأكد من صحة ما ذهبت اليه هنا باستذكار اسماء القرى والبلدات والمدن النوبية: القولد، أقجة، مقاصر، السير، أرقو، بدين، أردوان، تبج، ساي (وليس صاي لأن حرف الصاد لا وجود له عند النوبيين)، بوهين، سرس، سره،.. وبالمقابل اسمع اسماء المناطق العربية في السودان: الحصاحيصا! ما هذا الاسراف في استخدام الحروف واختيار أصعبها نطقا؟.. الكلاكلة.. اسم هذا ام "معلقة"؟: وناء باعجاز وناء بكلكل (امرؤ القيس الكندي الذي قال لنا استاذنا الراحل عبد الله الطيب، انه ما من طالب يرسب عنده في الامتحان الا اذا قيل له تحدث عن امرؤ القيس الكندي فتحدث عن كندا).. أم برمبيطة.. الغزالة جاوزت.. هذا هتاف مظاهرات وليس اسم بلد!! أخونا الخاتم عدلان ينتمي الى بلدة قرب المناقل اسمها.. أم دكت الجعليين!! ما هذا بحق السماء؟ يعني هناك ندرة وشح في الاسماء ولم يجد أقارب الخاتم سوى "جملة كاملة غير مفيدة" اسما لقريتهم؟.. وبلغني ان اسم القرية يكتب صحيحا بالتاء المربوطة في آخر كلمة "دكت" بحيث يكون الاسم الصحيح ام دكة الجعليين، بفتح الدال والكاف المشددة، ولكن التاء المربوطة تجعل من الوارد ان يقرا الناس الكلمة "دكة" بكسر الدال مما يجعلها رباط السروال، واقتران ذلك باسم الجعليين قد يشعل حربا اهلية يفعل خلالها الجعليون بمنطقة المناقل ما فعله الدفتردار بمنطقتهم، فأهون على الجعلي ان يأكل من صحن واحد مع شايقي من ان يسمع اقتران اسم قبيلته بمواضع العفة ولو من باب النكتة!
آخر نكتة اكتسحت منطقة الخليج عن كسل السودانيين تقول ان سعوديا يملك محلا للأثاث أراد الترويج للآسِرَّة (جمع سرير) التي يبيعها بأن يستأجر سودانيين ينامون عليها لأن ذلك يوحي للمشتري بان الأسرة مريحة،.. وهكذا أتى بخمسة سودانيين وأبلغهم أنهم سيتقاضون رواتب نظير النوم صباحا ومساء في معرض الأثاث، مع تقديم وجبات مجانية لهم،.. ولأربعة ايام متتالية ظل الخمسة يستمتعون بالنوم والأكل البلاش، ولكن صاحب المحل فوجئ بهم يقتحمون مكتبه في اليوم الخامس، وكبيرهم يصيح: عاوزين ناخد يوم بكره "أوف".. مش معقول كل يوم شغل، شغل،.. لازم ناخد يوم راحة!! لم تعد النكات عن كسل السودانيين التي يتم الترويج لها في منطقة الخليج تزعجني لأن "العارف عزو مستريح"،.. وعموما فبعض السودانيين معذورون لكوننا كسالى لأن المسألة وراثية عند كل من يحمل جينات عربية!!!!!!!!
|
|
|
|
|
|