|
استقلال السودان .. وغيبه الوعي والضمير
|
حسن الطيب / بيرث
بسم الله الرحمن الرحيم
الميزه الحسنه التي سار عليها الرعيل الاول منذ ان نال السودان استقلاله في اليوم الاول من يناير 1956م واصبح دوله لا سلطان لاحد عليها غير ابنائها هي التسامح المطلق والمساواه التامه بين المواطنين الدين لله والوطن للجميع كما نقول , وكان الناس يومذاك يعيشون جنبا الي جنب لا فرق بين مسلم ومسيحي او عربي وافريقي .
روح التسامح هذه لم تجد من الوقت مايكفي لوضع مرجعيه ودستور دائم لحكم البلاد وانطوت صفحاتها باستيلاء الجيش علي الدوله الوليده والتي لم يتجاوز عمرها العامان " نوفمبر 1958م " وسجن زعمائها الاوفياء واعتدي علي الابرياء في الاعياد " حوادث المولد " وامر بحرق الجنوب فثار الشعب وعاد الحق لاهله في اكتوبر المجيد 1964م وللاسف ضاعت ثوره اكتوبر المجيده بسبب الخلافات القكريه وهيمنه الاقليات اليساريه والتي مهدت الطريق لكوادرها العسكريه للاستيلاء علي السلطه الشرعيه وادي ذلك لظهور اول ديكتاتوريه فرديه في تاريخ البلاد الحديث " مايو 1969م " وفعلت ما فعلت من تاميم وتطهير , وقتل وسجن المعارضين , حتي حلفائها نالوا ما نالوا من كيدها بسبب ثقافه العنف التي احدثتها " والجزيره ابا وقصر الضيافه " خير دليل , واستمرت سته عشر سنه يساندها الفاشلون والانتهازيون الذين قاموا بحرق المراحل والقفز فوق الواقع فاضروا بالتعليم والاقتصاد ومصالح العباد واصبحت الخزانه خاويه , والقلوب مفرقه والامال في الحضيض , وانتهي دورهم بثوره ابريل العام 1985م .
ولان الديموقراطيه لا وجود لها في فكر الكثره الغالبه من المثقفين واجهت الحكومه المنتخبه عقبات يعجز عن حلها جهد الديموقراطيين , اضراب داخل البرلمان وخارج البرلمان , وثوره في الجنوب امتدت للشمال , وسوق سوداء امتصت كل ما يملكه المساكين الابرياء , وطابور خامس يخطط في الخفاء , وانتهي دورها " بثوره الانقاذ "
والسبب في ذلك سلبيات تلك الانظمه وللحق والتاريخ لا استطيع ان انكر دورها من ايجابيات ولكن سلبياتها طغت علي ايجابياتها وافرزت نوعا من الحكام لا يرون في هذا الكون الواسع الفسيح غير ذاتهم ويريدون السلطه لهم ولاتباعهم ويقاتلون كل المخالفين لهم , حتي عاد كل شئ قاتما في العين وفي الامل وخرائب وانقاضا في الواقع وفي الحياه , وماتت الضمائر في النفوس , وانحلت عقده الولاء للوطن , واستبيحت كل الحرمات , ووسط هذه المصائب برزت حركات تحرير وتحرر من الطغيان , وصراعات حول الهويه حولت مطالب اهل دارفور السياسيه الي تفرقه عنصريه ما بين " العرب والافارقه " وراح ضحايا ذلك الملايين , وسبب ذلك كله حكومه الامر الواقع منذ الثلاثين من يونيو عام 1989م والتي جاءت باسم " الانقاذ " وغرقت في الانانيه وحب الذات فاخذت تدور حول نفسها غلا وكيدا ومديحا , وفي جو كهذا لابد من تدخلات خارجيه لانقاذ من بقي حيا من بني الانسان , المغلوب علي امره في السودان .
والحق يقال غيبه الوعي والضمير بمعني الاستقلال حولت الوطن الي بركان , واصبحت رساله واضحه لعوده الاستعمار لانه خلال سنوات حكمه التي امتدت لاكثر من خمسين عام كان اكثر رحمه ورافه من الثوار الاحرار . اخر الكلام : - كل عام وانتم بخير في السودان الجديد , راجيا بعدما ثبت تدخل اليهود في ساحته , ان لا يكون اندلس جديد , ويتحول اسمه الي " سودنيا تشبها باسبانيا " والتي ازاحه العرب والاسلام عن اراضيها منذ زمن مضي وبعيد .
" ما اقرب الحاضر الي الماضي … وما اشبه الليله بالبارحه "
|
|
|
|
|
|