الاستاذ يحي العوض يكتب عن الاستاذ ابو القاسم حاج حمد- جسر التواصل الاريترى السودانى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 07:45 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-23-2004, 02:01 PM

فايز السليك

تاريخ التسجيل: 01-17-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الاستاذ يحي العوض يكتب عن الاستاذ ابو القاسم حاج حمد- جسر التواصل الاريترى السودانى

    شهادة للتاريخ...
    محمد ابو القاسم كما عرفته...
    بقلم : يحيى العوض
    تلقيت ببالغ الاسى نباء وفاة صديقي أبو القاسم حاج حمد، والذي عرفته عبرمراحل عديدة من العمل السياسي في التاريخ السوداني المعاصر...
    الاستاذ محمد أبو القاسم، يشكل أنموذجا للمثقف والمفكر...كان يشارك عمليا وفعليا في بلورة أفكاره على أرض الواقع، ومن أعظم مواقفه، مشاركته الفعلية، ميدانيا، في الثورة الإرترية..
    كانت الثورة الإرترية لجيلنا في مرحلة العنفوان الثوري، وارتفاع مده في العالم الثالث، العزاء لنا على انكسار أحلامنا باجهاض ثورة اكتوبر 1964. والتي أضافت تفرداً في النضال ضد الديكتاتورية العسكرية.. لكن سرعان ما تم محاصرتها محليا واقليميا وافرغت من مضامينها واعادت مجددا القوى التقليدية الى السلطة..وأصبحنا كالأيتام، وشهدت تلك المرحلة انقسامات وتشظي فتفرق معظمنا في تنظيمات الأحزاب العقائدية، وتكونت عدة احزاب منقسمة على نفسها من شيوعيين وبعثيين وقوميين... وأدمنا "علك" الشعارات حتى عسر الهضم!
    أصبحنا مثل البدو الرحل ننتقل من مضارب قبيلة عقائدية الى اخرى، حتى استقر بنا المقام مع الاستاذ محمد أبو القاسم في حزب الشعب الديمقراطي بقيادة الشيخ علي عبد الرحمن، والذي حمل لقب "الشيخ الأحمر"... كان في الصباح يرأس اجتماعات المؤتمر الاسلامي العربي، وفي العصر يقود مظاهرات التضامن الآسيوي الافريقي بميدان أبو جنزير!!... كان ختميا وناصريا، اشتراكيا وأصوليا..!!
    وكان محمد أبو القاسم كعادته بارعا في التنظير، يطمئني بقوله ..عدنا الى جذورنا الختمية، سنعمل على التغيير من الداخل، هؤلاء المتصوفة هم الأقرب خلقا وسلوكا للاشتراكيين "الأقحاح"..هكذا كان يعتني بفخامة تعبيراته بصوته المرعد..ولا بد من اضافة مصطلح "الجدلية" في كل احاديثه.
    في وقت وجيز اختير الاستاذ محمد أبو القاسم، عضوا في المكتب السياسي لحزب الشعب، وكان أصغر الأعضاء سناً، ورغم ان والده كان من أقطاب الختمية إلا ان الاختيار له كان عن جدارة ويعبر عن ثاقب بصيرة الشيخ على عبد الرحمن الذي رأى احتضان المثقفين الشباب المنحدرين من اصول ختمية ..لكن.. لم يتوافق هذا الاختيار مع رؤية الحرس القديم، حيث أشاع الكثيرون على نطاق واسع ان أبو القاسم ينتمي لحزب البعث ويعمل على تغيير هوية الحزب.
    وبدوري كنت متهما بالانتماء الى الحزب الشيوعي، بعد تعيني مستشاراً لرئيس تحرير جريدة الجماهير الناطقة باسم حزب الشعب لمتابعة الأخطاء المهنية والفنية، وكان رئيس تحرير الجريدة الاستاذ عبد المنعم حسب الله كريما في تعامله معي، بينما كان نائبه الاستاذ الجليل محمد الخليفة طه الريفي ، رحمه الله، يرخي نظارته على أنفه عند دخولي مكاتب الجريدة، ويقول بصوت خفيض لكنه مسموع:
    "الخبراء الأجانب وصلوا"!!
    لم تستمر تجربننا في حزب الشعب طويلاً، واصلت عملي المهني في الصحف المستقلة، ولم يكن محمد أبو القاسم محتاجاً للوظيفة لكسب العيش، كان من اسرة ثرية بمقاييس ذلك الزمان ويسكن منزل الاسرة بالعمارات، أفخم أحياء الخرطوم آنذاك، وأصبح ذلك المنزل من ضمن تراث الثورة الإرترية، عندما خبأ فيه محمد أبو القاسم كمية كبيرة من الأسلحة السورية المرسلة للثوار الإرتريين عبر مطار الخرطوم... كان لذلك الحدث دلالة نوعية لعمق الوشائج التي تربط بين الشعبين الإرتري والسوداني.. فقد اكتشفت المخابرات الإثيوبية أمر الأسلحة، وأبلغت رئيس وزراء السوادن، الذي أمر على الفور بمصادرتها، لكن وزير الدفاع ورئيس الأركان تغافلا عن تنفيذ الأمر وأمهلا الثوار لنقل الأسحلة من المطار الى داخل الأراضي المحررة...وكانت كميتها كبيرة لنقلها في ليلة واحدة..وكان القرار الشجاع للاستاذ محمد أبو القاسم الذي نقل أجزاء كبيرة منها الى منزل الأسرة بالعمارات..
    ومنذ تلك الأيام في الستينيات من القرن الماضي تبلورت رؤانا تجاه القرن الأفريقي وتوطدت علاقتي بالثوار الإرتريين، ومحمد أبو القاسم الذي تفرغ بالكامل للثورة، فكريا وميدانيا واعلاميا عبر مكاتبها في دمشق وبيروت وداخل الأراضي المحررة.
    انبهرنا نحن شباب تلك المرحلة باندفاع الإرتريين، وهم يتسابقون الى ميادين القتال، بعضهم لا يملك حتى الحذاء او القميص المناسب الذي يقيه برد الجبال..أحدهم اجريت معه لقاء، نشر في جريدة "السودان الجديد" سألته عن أحلامه، وكنت أقصد أهدافه من الثورة، فأجابني ببسالة أذهلتني، قائلا...ذات ليلة فائقة البرودة في موقع داخل الأراضي المحررة، لم نجد ما نتدفأ به إلا النوم في أحضان قطيع من الأبل..كان ذفيرها ووبرها أدفأ سرير دثرني في حياتي، أتدري بماذا حلمت، تلك الليلة.."بقدرة فول" أمام دكان في حي السجانة بالخرطوم، ينطلق "بوخها" دخاناً متصاعدا الى السماء، رغم "الطوبة" التي وضعت على غطائها لأحكام إغلاقه!
    كانت الحكايات الصغيرة التي تنطلق من ميادين القتال داخل الأراضي المحررة تثير اهتمامنا كأساطير قادمة من اعماق التاريخ...وكان الاستاذ محمد أبو القاسم يؤطرها في سياق فكري، فهو بارع في التقاط التفاصيل واعادة حبكها نظريا...ولا أنسى من تلك الحكايات والمواقف، دعمنا اعلاميا لمشروع أصدقاء الشدة"..والشدة في دلالتها اللفظية عن قسوة الحياة، كانت اسماً شعبياً أطلق على "شباشب السفنجة" وأصبح تجميع "الشباشب" القديمة والمهملة من أساليب دعم الثورة بارسالها الى الأراضي المحررة وإعادة صهرها وتحويلها الى احذية المناضلين الشهيرة، والتي اقيم لها نصب تذكاري بعد التحرير في العاصمة أسمرا...
    ويروي لنا محمد أبو القاسم انه زار الورش الصغيرة في الجبال داخل الأراضي المحررة لتصنيع هذه الأحذية وتصميمها بطريقة معاكسة لتضليل "قصاص الأثر" من الإثيوبيين.. كنا نتحلق حوله، يحدثنا عن بطولات المرأة الإرترية في الميدان، ويجسد أمامنا مشاهد مبهرة...ويحكي ان الأمطار فاجأت ذات مرة مجموعة من المناضلين في الجبال، ولم يتمكنوا من حماية خزائن "طلقات الرصاص" التي يحملونها من البلل..كان موقفا عصيبا فهم محاصرون والعدو يوشك الهجوم عليهم، والرصاص المبلل بالماء، لا يصلح للانطلاق، ولم يجدوا حلا..وبعد فترة صمت رهيبة احتضنت احدى الفتيات المقاتلات طلقات الرصاص المبللة في صدرها، وفعلت زميلاتها مثلها، حتى تم تجفيف الطلقات من الماء لتنطلق في صدر العدو!
    وكان يتحدث بإعجاب عن ذلك الشاب الفارع الطول، متنبئاً له بدور حاسم في الثورة..وكان يصر ان اسمه بالتجرينيه يعني النبي "الياس"، ورغم نفي الإرتريين لهذا التفسير، إلا انه كان لا يتنازل عن قوله.. وعندما أصبح ذلك الشاب رئيسا للدولة كان يستضيفه في منزله المتواضع بأسمرا، ويقوم بخدمته بنفسه ويناديه "يا عم محمد"!..وكان "عم محمد" يداعب صديقه علي السيد ويقول عنه: هذا أول إرهابي أفريقي يخطف طائرة!
    هكذا كان اسلوبه في التعامل مع الأصدقاء والأحباب..وكان يحلم بمشروعه، القرن الافريقي الكبير، يعقد الندوات ويضع المخططات ويدعو الى اتخاذ خطوات جريئة أحيانا جانحة في الخيال لا تفرق بين إرتريا الثورة وإرتريا الدولة!!
    كان من فرط حبه وعشقه لإرتريا يرى وحده تفاصيل حلمه حقائق على الأرض.. ويقسو الواقع ومرارته على تصوراته، لكنه يزداد عناداً في الوقت الذي أصبح فيه الجسد أقل تحملاً لهذا الجهد الذي تنوء بعبئه الجبال..
    حدثني عن مشروع دلتا القاش الذي اقترحه، مشروعا تكامليا بين إرتريا والسودان وبتمويل من قطر وأقنع صديقه الدكتورمحمد المسفر -الكاتب و الاكاديمي القطري بتبنيه.. كان له في كل مكان من الوطن العربي أصدقاء ومريدين.. في أبو ظبي كان مستشاراً في وزارة الخارجية، وفي السعودية مستشاراً للعديد من الأمراء النافذين..وكان عضواً في المركز الاسلامي العالمي بواشنطن، وكان قامة شامخة في السودان اسهاما فكريا وتنظيميا.....
    ومن أطرف حكاياته تجربته في تأسيس تنظيم "حسم"، كان يقول لي بعد تسجيله التنظيم في اطار "قانون التوالي"، اتدري معنى التوالي في اللغة العربية، انه "ذيل البقرة"!!
    ويضيف قائلا: اتسعت عضوية الحزب عند التسجيل، كنت أعتقد ان الحزب سيضم كل المتشوقين لحلم القرن الافريقي.. أتدري ماذا اكتشفت؟، عندما درست قوائم المنتسبين الى الحزب كان معظمهم من كوادر الجبهة الاسلامية القومية!!...وتجلجل ضحكته الصاخبة.. من اين جاء هؤلاء الماكرون؟!
    كان في حالات صفائه يقول لي... لقد جمعتنا أحلام الشباب يا يحيى، ورغم الخيبات والانكسارات، يبقى العزاء بانتصار اخواننا في إرتريا.. هذا الانجاز هو الذي اعتز به وافتخر به واحمد الله عليه لقد تحقق وانا على قيد الحياة..ويداعبني قائلاً:
    أتعلم "يا ود العوض".. هناك وشائج اخرى تربط بيني وبينك.. حبنا للشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي، أذكرك بقوله عندما جاء تلاميذه يشكون له قائلين: ان القوم ينكرون علومنا ومعارفنا، فأجابهم: عندما ينكرون عليكم، أسألوهم عن الدليل على حلاوة طعم العسل..وسيقولون لكم الذوق..فقولوا لهم هذا مثل ذاك!.. ومن حظنا يا يحيى، الثورة الإرترية لها مذاق خاص بالنسبة لجيلنا.. تابعناها ومن داخلها يوم بيوم حتى انتصرت، ولن نشعر بالغربة في المنا في رغم حديثك عن "يتم الأوطان" سوف يأتي اليوم الذي يحقق فيه أحفادنا حلم القرن الافريقي!!
    يا الهي بفقد محمد، أصبح الأصدقاء تحت الثرى نوعا وعددا أكثر منهم فوق الأرض!.. إنا اليك راجعون.. نسألك الرحمة له والصبر لنا وتحقيق حلمه وحلمنا عبر أحفادنا..آمين!



                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de