رحـــل أبـو صـفـيـة ..... رجـل المـروءة ...

منقول .. د. عبد اللطيف البوني -الصحافة العدد رقم: 4096 - 23/10/2004م

يا ناس يا عسل أبو صفية رحل


أبو صفية مواطن سوداني طوله 5 أ قدام و6 بوصات عيونه عسلية كادح يملك من الصنائع 7 وبخته ضائع كالعادة ، ولكن له ميزتان تميزانه عن بقية خلق الله ، اولاهما انه مهما كان عائد دخله اليومي لابد له من ان يشتري منه شيئا يفرح اولاده عند قدومه ساعة «الرُاوح» فاذا كان الدخل عاليا سيكون بالكيس باسطة وبرتقال ومانجو اما اذا كان الدخل منخفضا فتمر وفول مدمس ، واذا كان الدخل صفرا فلن يعود الي البيت الا بعد نومهم وهو بذلك يعمل بحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم «عد الي اهل بيتك ولو بشق تمرة» ، وعندما قيل له هنالك رواية اخرى تقول «ولو بحجر» كان رده «والله توسعة سمحة اكان كدي تاني نملأ جيبنا حجارة ونتراوح بدري» المهم كان عنده ان يستقبله ابناؤه بالهتاف المعهود «ياناس يا عسل ابو صفية وصل» .
ميزة ابو صفية الثانية انه كان رجل عرض بمعني انه اذا حدثت اي مناسبة في ربعه كرها كانت او فرحا كان يقف على رجل واحدة لا يأكل ولا يشرب الا بعد ان «يتكفى» الضيوف ، كان يخدمهم كبيرا وصغيرا حافيا ، واثناء حركته الدائبة كان يوزع المهام للآخرين ، ياولد جيب مويه هنا يولد ودي الاكل لبيت حاج ابراهيم في ضيفان جو هسة ، يا احمد جيب شاي للجماعة ديل ، يا خليل غسل للجماعة ديل ، يا ولد اقيف اقيف يقيف حسك الراجل دا ما اكل كيف تكب ليهو الشاي ، ثم يهرول الي بيت النساء يا نسوان شلتن حسنا الاكل دا اتأخر ليه ، النار دي ما مولعة كويس النار التحرقكن ، ثم يعود الى مكان الضيوف، يا اولاد جيبو التلج الموية دي سخنت ، يا ولد جيب صابون بدره الكبابي دي وسخت ، المهم في الامر اذا كان ابوصفية واقفا فان واجب الضيافة يعتبر منتهيا ويمكن لاصحاب المناسبة ان يرقدوا قفا .
في حادث حركة بطريق الخرطوم مدني عند منطقة الجديد الثورة صعدت روح ابوصفية الى بارئها وبكاه اهله ومعارفه وعارفو فضله بدمع لم يسبق له مثيل ، ولكن حادثتان لازمتا وفاته ، صَعُبَ على الناس احتمالهما ، الاولى في بيت النساء عندما استيقظت طفلته الصغري من النوم عند العاشرة مساء ، وجموع المواسيات بالمنزل ، فركت عينيها وسألت عن امها وجلست فوق حجرها وقالت بصوت مسموع (يمة انتي عارفه ابوي اتأخر الليلة ليه ؟ عشان ما عندو قروش يشتري لينا بيها حاجة ، كان يجي بس ويجيب معاهو حجر) ، فانفجرت امها وكذلك بقية المعزيات في صراخ وعويل فاق ذلك الذي حدث عند وصول الخبر وعند وصول الجثمان .
الحادثة الثانية كانت في بيت الرجال عندما كان ولداه الصبيان يتحركان وسط الصيوان لتقديم الماء والشاي للمعزيين ، كانا قطعة من والدهما وهو يقدم خدماته للضيوف ، لم يحتمل الناس هذا المشهد المؤثر فكانت الدموع تنهمر حتي من الضيوف عندما يعلمون ان هذين الصبيين النشيطين هما ابنا ابو صفية ، والحال هكذا صاح حاج ابراهيم «يا جماعة ارحمونا شوية امسكوا اولاد المرحوم ديل» ، طلب منهما خالهما ان يجلسا بعيدا ويكفا عن خدمة المعزيين فاحتج الصغير باكيا «يعني ، يعني ، يعني ما نكرم الضيوف الجو يعزونا في ابونا» ، ضمه خاله عليه وانفجر باكيا وكذلك بقية الحضور، اقترح حاج ابراهيم حلا وسطا بان يكف اولاد المرحوم عن الحركة ويستقبلا الضيوف بالفاتحة مثل الناس الكبار ويقوم بقية الصبيان بالخدمة ، فكان المشهد اكثر تأثيرا ... رحم الله ابو صفية فقد كان رجلا والرجال قليل وأنزل على قبره شآبيب رحمته .

الحادثة الثانية كانت في بيت الرجال عندما كان ولداه الصبيان يتحركان وسط الصيوان لتقديم الماء والشاي للمعزيين ، كانا قطعة من والدهما وهو يقدم خدماته للضيوف ، لم يحتمل الناس هذا المشهد المؤثر فكانت الدموع تنهمر حتي من الضيوف عندما يعلمون ان هذين الصبيين النشيطين هما ابنا ابو صفية ، والحال هكذا صاح حاج ابراهيم «يا جماعة ارحمونا شوية امسكوا اولاد المرحوم ديل» ، طلب منهما خالهما ان يجلسا بعيدا ويكفا عن خدمة المعزيين فاحتج الصغير باكيا «يعني ، يعني ، يعني ما نكرم الضيوف الجو يعزونا في ابونا» ، ضمه خاله عليه وانفجر باكيا وكذلك بقية الحضور، .