يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 02:54 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-24-2004, 04:53 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما

    روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه

    وسلم فيما يرويه عن ربه تعالى أنه قال: " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم

    محرما فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي، كلكم جائع إلا من

    أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم

    تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي، إنكم لن تبلغوا

    ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على

    أتقى قلب رجل واحد منكم مازاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم

    كان على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم

    وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كلا مسألته ما نقص ذلك من ملكي إلا كما

    ينقص المحيط إذا أدخل البحر، يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد

    خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه "·

    أيها المسلمون، ما أعظمها من جمل وما أعظم فوائدها، فالظلم الذي هو وضع الشيء في غير

    موضعه نقص في حق البشر، والله جل وعلا منزه عن العيوب والنقائص مع قدرته على ذلك لكنه جل

    وعلا حرمه على نفسه وأوجب على نفسه العدل: (إني حرمت الظلم على نفسي) والله يقول لنا: {إن

    الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون} ويقول جل جلاله: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة

    وإن تك حسنة يضاعفها} ويقول: {وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين} ويقول: {وما ربك بظلام

    للعبيد} فحاشاه في ظلم العباد ويقول: {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا

    هضما} فهو جل وعلا أعدل العادلين والظلم غير لائق به {ورحمتي وسعت كل شيء} وفي الكتاب

    الذي كتبه ربنا فوق العرش: (إن رحمتي سبقت غضبي) وحرم الظلم بين العباد وجعله بينهم محرما،


    والظلم أعظمه الشرك بالله بعبادة غيره، فإنها لأعظم الظلم إذ وضعت العبادة لغير مستحقها، وظلم

    العبد لنفسه بانتهاكه ما حرم الله عليه أو ترك ما أوجبه الله عليه، فإن هذا من ظلم العبد لنفسه بترك

    واجب أو بفعل محرم، وظلم العباد فيما بينهم في دمائهم وأموالهم وأعراضهم وفي الحديث: (اتقوا

    الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) وفيه: (إن الله ليمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته)· ثم تلا قوله

    تعالى: {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة} ·

    ومظالم العباد يوم القيامة يقتص من الظالم لمن ظلمه حتى إذا لم يبق من حسناته شيء أخذ من

    سيئاتهم وطرحت على سيئات الظالم ثم طرح في النار·

    يقول ": " أتدرون من المفلس فيكم؟قالوا المفلس فينا من لا دينار له ولا متاع، قال: إنما المفلس من

    يأتي يوم القيامة وقد ضرب هذا وشتم هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته ويأخذ

    هذا من حسناته فإن قضى ما عليه وإلا أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار " ونهانا ربنا

    بقوله: {ولا تظالموا} لا يظلم بعضكم بعضا بدم أو مال أو عرض· وفي الحديث: " من اقتطع قيد شبر

    في أرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين "، وأخبرنا تعالى أن هداية قلوبنا بيده جل وعلا (يهدي

    من يشاء بفضله ويضل من يشاء بعدله)، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، قال تعالى: {من يهد الله

    فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا} فهو يهدي من يشاء فضلا وكرامة: {ولولا فضل الله

    عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا} فاسأل الله الهداية فهو القادر عليها يهدي قلب من يشاء

    فيحب الخير ويألفه ويحول بين قلب من يشاء فينصرف عن الخير ولا يقبله، وكل ما بنا من خير فمن

    الله فضلا وكرما وجودا {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار

    والأفئدة لعلكم تشكرون (7 } [النحل] ، {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها

    ومستودعها كل في كتاب مبين (6) } [هود] {وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو

    السميع العليم (60)} [العنكبوت] ، فطعامنا وكسوتنا كل من الله فضلا علينا فإن شاء تفضل ولو أراد

    غير ذلك لم يمكنك الحصول على شيء، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا

    الجد منك الجد·

    الرسل وأتباعهم وظيفتهم الهداية والتوضيح والبيان، لأن قبول الحق من عدمه فالأمر بيد الله يقول

    الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم في شأن عمه أبي طالب لما لم يقبل الهدى: {إنك لا تهدي

    من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} [القصص: 56] وأخبرنا ربنا أننا نخطئ في ليلنا ونهارنا،

    فالعباد مهما يكن حالهم فالأخطاء صادرة منا قولية أو فعلية، والمعصوم من عصم الله، نخطئ في

    ليلنا ونهارنا فكم أعطى من منة تنساها وتتجاهلها والله محيط بها وعالم بها ولكنه تعالى جعل لنا

    ملجأ في محو الذنوب والخطايا أن نستغفره ونتوب إليه، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا

    أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم، قال تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا

    تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم (53) } [الزمر] .

    مهما عظم الذنب ومهما كثرت الخطايا وتجاوزت الحدود، إذا تبت إلى الله منها بإقلاعك عن الخطأ

    وعزمك ألا تعود وندمك على الماضي فستجد الله توابا رحيما يبسط يده بالليل ليتوب مسيىء النهار،

    ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيىء الليل فهو يحب في عبده أن يتوب إليه وهو يفرح بتوبة عبده

    وإنابته {أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه} [البقرة: 221] · ويبين الله

    تعالى أن العباد لن يستطيعوا أن يلحقوا به ضررا فهو غني عنهم فإنما ضرر الأمر إليهم فالله غني

    حميد لا يستطيع العباد أن يوصلوا ضررا أو يجلبوا نفعا فهو الغني الحميد والكل عبيد له وخاضعون

    لقدرته وأخبرنا تعالى أن العباد كلهم لو أطاعوه وكانوا على قلب رجل واحد من الطاعة والاستقامة

    فإن ذلك لا يزيد في ملك الله شيئا، ولو اتفقوا على المعصية ما نقص ذلك من ملك الله شيئا، فلا

    تنفعه طاعة المطيع ولا تضره معصية العاصي، إنما ضرر المعصية لأهلها ومنفعة الطائعين لأنفسهم·

    {من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد (46) } [فصلت] . وأخبرنا تعالى

    عن كمال جوده وسعة عطائه وإحسانه، وأن الخلق كلهم لو اجتمعوا في صعيد واحد وكل سأل مسألة

    غير مسألة الآخر وأعطى كلا مراده فإن ملك الله لا ينقصه ذلك، يمين الله ملأى لا تنقصها نفقة، ألم

    تروا إلى ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض {يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن

    (29)} [الرحمن] ، بل هو جل وعلا يحب من عباده أن يسألوه، يحب منهم أن يطلبوه ويلتجئوا إليه

    {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} [غافر: 60] وقال: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة

    الداع إذا دعان} [البقرة: 186] ·

    كلما دعوت ربك وكلما سألته الحاجة وكلما اضطررت إليه، أدناك وقربك وأعطاك وحقق لك آمالك،

    وكلما تكبرت عن دعائه وأعرضت عن سؤاله أبغضك وعاقبك، وابن آدم كلما احتجت إليه تكبر عليك

    وبخل وكلما استغنيت عنه قرب منك وأحبك فلا إله إلا الله، الفضل فضله والعطاء عطاؤه، يحب من

    عباده أن يسألوه دائما، يحب من عباده أن يتوبوا إليه، يحب من عباده أن يستغفروه، يحب من عباده

    أن يلتجئوا إليه، يحب من عباده أن يفوضوا إليه أمرهم ويشكوا إليه بثهم وحزنهم فإنه أكرم

    الأكرمين وأجود الأجودين·

    ثم يخبرنا تعالى أن أعمالنا كلها محصاة علينا وأنه جل وعلا محص علينا كل أعمالنا قليلها وكثيرها،

    وسيجازي المحسنين بالإحسان·

    نسأله تعالى أن يمن علينا بالتوبة النصوح وأن يرزقنا الالتجاء والاضطرار، وأن يصلح قلوبنا

    وأعمالنا إنه على كل شيء قدير·

    أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه
                  

10-24-2004, 05:34 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما (Re: مهاجر)

    وهذه خطبة عن هذا الحديث
    كان السلف رضي الله عنهم يعظمون شأن هذا الحديث، كان أبو إدريس الخولاني إذا حدّث بهذا الحديث جثى على ركبتيه.

    الله عز وجل ذو الكرم الفياض يمنّ على عباده بنعمه، وله الحمد والمنة على كل نعمة، فقوله عز وجل: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً والظلم هو وضع الأشياء في غير موضعها، ولذلك كان الشرك بالله عز وجل هو أعظم الظلم، لأنه وضع المخلوق العاجز المقهور في منزلة الإله القاهر، والله عز وجل قد حرم الظلم على نفسه فضلا منه عز وجل، كما قال تعالى: إن الله لا يظلم مثقال ذرة [النساء:40]، وقال تعالى: وما ربك بظلام للعبيد [فصلت:6]. وقال عز وجل: وما الله يريد ظلماً للعالمين [آل عمران:108]، وحرم الله عز وجل الظلم بين العباد، فحرام على كل عبد أن يظلم غيره، وفي الصحيحين عن ابن عمر عن النبي قال: ((إن الظلم ظلمات يوم القيامة)) وفيهما عن أبي موسى عن النبي قال: ((إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد )) [هود:102].

    فالظلم حرام في ذاته حتى ظلم الكافر كما قال الله عز وجل: ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى [المائدة:8].

    ومن عظم الظلم عند الله عز وجل، حرم الله عز وجل ذكر عيوب الناس وذنوبهم، وأباح للمظلوم أن ينشر مظلمته حتى إذا نزل بالظالم عذاب الله عز وجل، علم الناس أن ذلك من شؤم الظلم، فقال عز وجل: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُِلم [النساء:148].

    ومن عظم الظلم كذلك جعل الله عز وجل دعوة المظلوم مستجابة، ولو كان كافرا، فقال : ((ثلاثة لا ترد دعوتهم الإمام العادل، والصائم حين يفطر)) - وفي رواية ((حتى يفطر))- ودعوة المظلوم، يرفعها الله فوق الغمام، ويقول : ((وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين))([2]).

    أرسل الأمير نوح إلى أهل سمرقند كتابا يأمر فيه بأخذ الخراج منهم، فجمع أميرها الفقهاء وقرأ عليهم رسالة الأمير، فقال له أبو منصور الفقيه قد بلغت رسالة الأمير فأردد عليه الجواب: زدنا ظلما حتى نزيد في دعاء السحر، فلم تمض أيام حتى وجدوه مقتولا، وفي بطنه زج رمح مكتوب عليه.

    بغى والـبغي سـهام تـنتظر رمتـه بأيدي المنـايا والقدر

    سهام أيدي القانتات في السحر يرمين عن قوس له الليل وتر

    وفي صحيح البخاري عن النبي قال: ((من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلل منها، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه))([3]).

    ثم قال: ((يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم)).

    فالعباد كلهم مفتقرون إلى الله عز وجل، والهداية نوعان: هداية بمعنى تبيين الهدى من الضلال، وهذه الهداية يقدر عليها الرسل وأتباعهم، كما قال الله عز وجل لنبيه : وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم [الشورى:52].

    وقال عز وجل: وهديناه النجدين [البلد:10]. أي أوضحنا له الطريقين طريق الهدى، وطريق الضلال، والنوع الثاني من الهداية : الهداية بمعنى شرح الصدر للإسلام، وهذا النوع لا يقدر عليه أحد إلا الله عز وجل، كما قال تعالى: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء [القصص:56].

    ثم قال عز وجل: ((يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم )).

    والله عز وجل قادر على أن يهدي العباد بغير سؤال منهم، وأن يطعمهم بغير سؤال منهم، وأن يكسيهم بغير سؤال منهم ولكنه عز وجل يحب من العباد أن يسألوه عز وجل، وأن ينزلوا حوائجهم به عز وجل، وأن يعترفوا بأنهم كلهم في ضلال، حتى يهديهم الله عز وجل، كلهم جائعون حتى يطعمهم الله عز وجل، كلهم عراة حتى يكسيهم الله عز وجل، كلهم هلكى بذنوبهم حتى يغفر الله عز وجل لهم، لذا أحب الله عز وجل سؤال العباد له عز وجل، وتضرعهم إليه عز وجل، بل يبتلي الله عز وجل الناس بالبلايا والرزايا حتى يتضرعوا إليه عز وجل، كما قال تعالى: ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون [الأنعام:42].

    وعاتب الله عز وجل العباد بقوله: ((إنك تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا)) فبدأ بالليل، والله عز وجل جعل في الليل فرصة للتوبة والإنابة والاستغفار، فملأ الناس الليل قبل النهار بالمعاصي.

    ثم قال عز وجل: ((يا عبادي لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني)) فشأن الله عز وجل أعلى وأغلى من أن يتضرر بمعاصي العباد، أو، ينتفع بطاعاتهم، بل العباد أنفسهم هم الذين ينتفعون بطاعاتهم وهم أنفسهم يتضررون بمعاصيهم، والله غني حميد.

    قال تعالى: ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئاً [آل عمران:176].

    وقال تعالى: ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً [آل عمران:144].

    وقال عز وجل حاكيا عن موسى عليه السلام: إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد [إبراهيم:8].

    وقال تعالى: يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد إن يشأ يذهبكم ويأتِ بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز [فاطر:15-16].

    فالله عز وجل يحب من العباد أن يعرفوه ويحبوه ويخافوه ويتقوه ويطيعوه، ويحب منهم أن يعلموا أنه لا يغفر الذنوب غيره عز وجل، مع أنه عز وجل غني عنهم وعن طاعتهم، ثم بين الله عز وجل ذلك بقوله: ((يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا )). يمن الله عز وجل بكمال ملكه، فملكه عز وجل لا يزيد بطاعة الخلق، ولو كانوا كلهم بررة أتقياء قلوبهم على قلب اتقى رجل منهم، ولا ينقص ملكه بمعصية العاصين، ولو كان الجن والإنس كلهم عصاة فجرة قلوبهم على قلب أفجر رجل منهم فإنه سبحانه الغني بذاته عمن سواه، وله الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله.

    ثم قال عز وجل: ((يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما نقص المخيط إذا أدخل البحر)) يمنّ الله عز وجل بتمام قدرته، وكمال أسمائه وصفاته، وكمال غناه، فلو أن الأولين، والآخرين الإنس والجن اجتمعوا في مكان واحد، وقاموا واجتهدوا في إنزال الحوائج والرغائب بالله عز وجل، فمن كمال قدرته وكمال سمعه وبصره أنه يسمع الجميع في وقت واحد، على اختلاف لغاتهم ولهجاتهم وحوائجهم، لا يشغله سمع عن سمع، ولا تغلطه كثرة المسائل، ولا يتبرم بإلحاح الملحين، ومن كمال قدرته عز وجل يحقق مطالب الجميع في وقت واحد، لا يشغله إجابة داع عن داع آخر، ومن كمال غناه عز وجل لا ينقص مع ذلك ما عند الله عز وجل إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، فيا بؤسا للقانطين من رحمته، ويا بؤسا للزاهدين في عطائه، والمخيط إذا أدخل البحر لا ينقص منه شيئا، كذلك ما عند الله عز وجل كما قال تعالى: ما عندكم ينفد وما عند الله باق [النحل:96].

    وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((يد الله ملأى لا تغيضها نفقة – أي لا تنقصها نفقة – سحاء الليل والنهار، أفرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض، فإنه لم يغض – أي لم ينقص – ما في يمينه)).

    ثم قال عز وجل: ((يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ))، يمن الله عز جل له الحمد والمنة على كل نعمة على عباده بكمال عدله فيقول: إنما هي أعمالكم أحصيها لكم كما قال تعالى: يوم يبعثهم الله جميعاً فينبئهم بما علموا أحصاه الله ونسوه [المجادلة:6].

    وقال عز وجل: يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً [آل عمران:30].

    وقال عز وجل: ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً [الكهف:49] .

    فالله عز وجل لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون، فيحصي الله عز وجل على العباد أعمالهم ثم يوفيهم إياها بالجزاء عليها، وتوفية الأعمال يوم القيامة، فإن المؤمن قد ينال ببركة طاعته في الدنيا، وينال الكافر بشؤم معصيته كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن للحسنة ضياء في الوجه، ونورا في القلب، وسعة في الرزق، ومودة في قلوب الخلق، وإن للسيئة ظلمة في الوجه، وسوادا في القلب، وضيقا في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق.

    (أما توفية الأعمال ) فيوم القيامة ينال المحسن جزاء إحسانه كاملا، والمسيء جزاء إساءته أو يعفو الله عز وجل، قال تعالى: وإنما توفون أجوركم يوم القيامة] [آل عمران:185].

    ثم قال عز وجل: ((فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)) فلو وجد العبد في نفسه طاعة الله عز وجل فليحمد الله عز وجل، فما أطيع إلا بفضله ورحمته، وما عصي إلا بعدله، وحكمته، كل نعمة منه فضل، وكل نقمة منه عدل، فلا يستطيع أحد أن يطيع الله عز وجل إلا بمعونة الله عز وجل وتوفيقه

    إذا لم يكن من الله عون للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده

    كان السلف رضي الله عنه يجتهدون في الطاعات.ويخافون من المعاصي حتى لا يلوموا أنفسهم يوم القيامة.

    كان عامر بن عبد قيس يقول: (والله لأجتهدن، ثم والله لأجتهدن، فإن نجوت فبرحمة الله، وإلا لم أَلُمْ نفسي).

    وكان زياد بن عياش يقول لابن المنكدر ولصفوان بن سليم : (الجد الجد والحذر الحذر، فإن يكن الأمر على ما نرجو كان ما عملتما فضلا، وإلا لم تلوما أنفسكما) وكان مطرف بن عبد الله يقول : (اجتهدوا في العمل، فإن يكن الأمر كما نرجو من رحمة الله وعفوه كانت لنا درجات، وإن يكن الأمر شديدا كما نخاف ونحذر لم نقل ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل، نقول : قد عملمنا فلم ينفعنا ذلك ).

    اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا .

    وصلِّ اللهم وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.


    --------------------------------------------------------------------------------

    ([1])رواه مسلم (16/132،133) البر والصلة : تحريم الظلم ، ورواه الترمذي (9/304،305) أبواب صفة القيامة وقال الترمذي : هذا حديث حسن واللفظ لمسلم .

    ([2])رواه الترمذي (10/5) أبواب صفة الجنة وقال : هذا الحديث ليس إسناده بذاك القوي وليس هو عندي بمعتل ، ورواه أحمد (305أ445) ، وابن ماجة في الصيام ، وقال عبد القادر الأرناؤوط : هو حسن بشواهده (11/13) جامع الأصول .

    ([3])رواه البخاري (5/101) المظالم : باب من كانت له مظلمة عند الرجل فحلها له هل يبين مظلمته والترمذي (9/254) صفة القيامة : باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص بفظ : ((رحم الله عبدا كان لأخيه عنده مظلمة)) الحديث.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de