|
|
 اللحـــــوم الســـــودانية ...حديـــث المجتمع المصـــري!!
|
استقبال "رسمي" للحوم السودانية وانتظار شعبي ... لكنها تظهر وتختفي بسرعة البرق
القاهرة - أمينة خيري الحياة 2004/10/18
في الموعد المحدد تماماً, ورغم تصادفه وثاني أيام شهر رمضان المبارك حين يسود القاهرة عموماً جو من الهدوء وقلة الحركة وانخفاض النشاط, وقف المواطنون والمواطنات صفوفاً متناسقة أمام منافذ بيع "الغالية بنت الغالية" كما وصفها أحدهم.
طال الانتظار دقائق ثم ساعات, وأخيراً جاء الخبر اليقين: "بكرا مش النهاردة. الكميات نفدت قبل وصولها الى منفذنا" وتفرقت الجموع, ونامت ليلتها مكتفية بقليل من "الكباب الشعبي" على أمل اللقاء في الغد القريب.
شقشق نور الصباح, وخرجت الجرائد اليومية القومية مزينة صفحاتها الاولى بصور عزيزة على قلب كل مواطن. إنها صور "اللحمة". وما هذا؟ "اللحمة" دخلت التاريخ" طابور من الوزراء والمسؤولين كان في انتظار اللحظة التي وطئت فيها "اللحوم السودانية" أرض الكنانة, هذه واقعة لا تتكرر, أو بالأحرى لم تحدث من قبل. إذاً, ظهر الحق وزهق الباطل, وصلت اللحوم ذات الجنيهات الـ 15 للكيلو الواحد, وزهقت اللحوم ذات الجنيهات الـ 40.
لكن الرياح تأتي دائماً بما لا تشتهي السفن, وجاءت الرياح لليوم التالي بما لا يشتهيه الصائمون. ظهرت بوادر اللحوم في المنافذ المخصصة, لكن كوميض خافت لم يستمر إلا دقائق معدودة.
الاستقبال الرسمي لـ"اللحمة" آثار حنق المراقبين وغضبهم. مانشيت جريدة "الوفد" قال: "إهانة شعب مصر: خرجت الحكومة بكل هيبتها ووقارها لتكون في شرف استقبال 40 طناً من اللحوم السودانية". الكاتب الساخر أحمد رجب صاحب زاوية "نصف كلمة" في جريدة "الاخبار" اليومية شرح أجواء الاستقبال: "الأضواء تغمر المكان. طوابير المدارس ينشدون أقسمت باسمك يا بلادي فاشهدي. السجاد الأحمر يملأ المكان لاستقبال الوزراء. ألعاب نارية. صواريخ ملونة. هذه هي مراسم الاحتفال الرسمي لاستقبال اللحوم السودانية".
ولليوم التالي اتخذ المواطنون والمواطنات أماكنهم في الصفوف, منهم من أسعده الحظ بقدر من البروتين الحيواني السوداني, لكن كثيرين عادوا يجرون أذيال الخيبة حاملين أكياس الفول المدمس بديلاً.
أحد التعساء علق على سوء حظه قائلاً: "يبدو أن تلك الشحنات أشبه بالعدد "زيرو" من الجرائد والمجلات. يُكتب العدد ويطبع لكنه لا يطرح في الأسواق. زميله من "السعداء" قال بعد تفكير وهو مطبق كلتا يديه على صيده الثمين "لكن ماذا لو ساءت العلاقات بين مصر والسودان وهذا وارد لو نظرنا الى الأمس القريب؟". زميلة صحافية أكدت أن الجزار المسؤول في المنفذ الموجود أسفل بيتها سرب علبًا مغلقة الى محل الجزارة المقابل الذي يملكه زوج ابنته, لكنها لم تفصح عن محتوى العلب. يذكر أن وزير التموين الدكتور حسن خضر أكد عدم وجود قيود على المواطنين في كميات اللحوم المشتراة من المنافذ الحكومية. زميل صحافي آخر تساءل: "كيف تتحقق الرقابة اذا كان من حق صبيان الجزارين وعمال المطاعم الحصول على كمية اللحم التي يطلبونها؟".
والتساؤلات كثيرة: ماذا لو كان الجزار المسؤول في المنفذ الحكومي يرتبط بعلاقة نسب مع جزار قطاع خاص؟ وماذا لو تعطل وصول إحدى الشحنات التي مَنّى المصريون البسطاء بها أنفسهم؟ لو كان شكسبير مصرياً, هل كان دفع هاملت إلى التساؤل: "لحوم أو لا لحوم, تلك هي المعضلة"؟
|
|
 
|
|
|
|
omar ali
Amjed
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست