الشهيد عبد الخالق محجوب يحلل وينقد كتاب محمد قطب ( شبهات حول الاسلام )

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 02:06 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-07-2004, 03:37 AM

الليندي
<aالليندي
تاريخ التسجيل: 05-27-2002
مجموع المشاركات: 1188

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الشهيد عبد الخالق محجوب يحلل وينقد كتاب محمد قطب ( شبهات حول الاسلام )

    الشهيد عبد الخالق محجوب ينقد ويحلل شبهات حول الاسلام لمحمد قطب

    لماذا يدرس هذا الكتاب ؟
    لو كانت رسالة محمد قطب ( شبهات حول الإسلام ) كتابا يعرض في السوق ضمن ألاف الكتب التي تزحم سوق الورق في بلادنا هذه الأيام لما تعرضنا له بالنقد و لما أدمن النظر فيه . فهو كسائر الرسائل التي أنشاها دعاة حركة الأخوان المسلمين تدور حول فكرة واحدة، تبديها وتعيدها وهي فكرة ( المجتمع الإسلامي ) المنفصل عن مجرى الحركة الإنسانية العامة في المعرفة وأصول الحكم والسلوك الاجتماعي. ولكن لان تصبح هذه الرسالة كتابا مدرسيا يقرر لطلاب الشهادة الثانوية السودانية أمر خطير يحتاج إلى النظر في شأنه ، إذ هو يتصل بتربية الشباب في بلادنا اتصالا مباشرا ويلقي ظلاله على مفاهيم الشباب الاجتماعية والروحية ، وقبل إن ننفذ إلى باطن هذه الرسالة ونتعرض لما تبسط من أفكار يلزمنا إن نتسأل عن الأسباب التي حدت وزارة التربية والتعليم للأخذ بهذه الرسالة ضمن مقررات الشهادة الثانوية ، فلكي يصبح الكتاب مدرسيا يجب أن يكون فوق الشبهات إلى الحدود المعقولة ، فنحن لا نعدم مثلا في ميادين العلم والنظريات التي مازالت في طور الخصام والخلاف ولا تقدم من التاريخ إلا ما ثبتت صحته في حدود المستوى العام للمعرفة الإنسانية . وهذا أمر طبيعي حكمته إلا تتعرض مناهج التعليم للاضطراب والتشويش فتسئ على عقول النش وتنشر الغموض والاضطراب في حياتهم العاطفية ، وكتاب محمد قطب هذا يعرض لقضية ما زالت محل جدال القرن العشرين . فالسبل في هذه المشكلة متشعبة، والآراء متعددة وما استقر لها قرار. يضاف إلى هذا أمر أكثر خطورة إذ أن هذا الجدل ما عاد جدلا أكاديميا بل أصبح نزاعا سياسيا عميق الجذور، وصل في صور من صوره إلى استعمال العنف طريقا لغلبته، وهو ليس بعيدا على أيامنا هذه من الاختلاف البارز بين بلدان الجامعة العربية. وكتاب هذا شانه ، وتلك ظروفه المحيطة به كيف يستساغ فرضه على المدارس في بلادنا . ؟ هل نحن درسنا الجدل، والآراء المتشعبة حول موضوع البعث الإسلامي فقررنا وقوفنا إلى جانب مدرسة محمد قطب وأشباهه ؟ أم هل قررنا من الناحية السياسية الانضمام إلى كتلة المملكة السعودية في الجامعة العربية وذهبنا ابعد من ذلك فقررنا تربية النشء لخدمة ذلك الغرض السياسي ؟ في رايى إن وزارة التربية والتعليم جانبها التوفيق في اختيار هذه الرسالة بين مقرراتها ومن الخير أن تعيد النظر في هذا الموضوع ، فما أكثر المؤلفات التي تشرح الإسلام في حدود ما اتفق عليه علماء الإسلام ، ولا تثير ضجة وجدلا ولا تعرض شبابنا للتقلب العقلي والعاطفي .
    تزييف للحقائق وتجاهل للوجود الاستعماري :
    والكتاب في باطنه آية للاضطراب الفكري ، والعجلة في إصدار الأحكام كما إن القاري لا يحتاج إلى علم غزير ليدرك إن مؤلفه لم يدم النظر في موضوعه دراسة وتمحيصا ، فهو اقرب إلى البيان السياسي المثير منه إلى الكتاب العلمي الذي ينشا بعد دراسة وترو وموضوعية . وهذه الصورة يتلون الكتاب وتقوى الحقائق ليصل المؤلف إلى هدفه . فأخطر القضايا إلي واجهت العالم العربي على مطلع القرن العشرين وما زالت تواجهه حتى أيامنا هذه – وهي قضية الحرية الوطنية على مطلع القرن العشرين ومازالت تواجهه حتى أيامنا هذه – وهي قضية الحرية الوطنية نتيجة للتسلط الاستعماري تعالج بطريقة مجافية للعلم، فالكاتب يتجاهل إن الوجود الاستعماري في هذه البقعة وخاصة في مصر واجه الوطنية والقومية وإن هدفه كان تحطيم هذه القيم وإخضاع شعوبنا لسلطاته. فحركة الشعوب العربية على أيام الخلافة ( الإسلامية ) بعثها التكوين القومي الجديد الذي سندته من ناحية الفكر مصادر شتى من يقظة وانبهار لما حققه الغرب من تقدم و من قيم جديدة لحركة الفكر، ومن نقد مرير لتسيطر باسم خلافة دينية قوامها الفساد والتجبر الخ إن حركة أحمد عرابي المستندة إلى تأييد الفلاحين المصريين في الزي العسكري أو المدني كانت تعبيرا عن الوطنية المصرية، وعن مصر المتميزة عن إطار الخلافة التركية. ولهذا فمن الخطأ اعتبار الصراع بين الاستعمار والشعوب العربية صراعا بين الإسلام والصليبية، حقا إن الاستعمار استعمل من الأدوات ما يدخل الوهن بين تلك الشعوب. وأتخذ من وسائل الفكر ما يباعد بين الشعوب العربية ومصادر معرفتها وحضارتها، ولكن هذا لا يغير جوهر الاستعمار وطبيعته بوصفه نظاما للاستغلال الاقتصادي، ولقهر الأمم والشعوب وحبس النمو الوطني. ولا يغير من حقيقة إن الشعوب العربية قاومت الوجود الاستعماري وما زالت تقاومه في الغالب تحت راية الوطنية والقومية. والخطير في تفكير المؤلف هو ما يمكن أن يؤدى إليه هذا الخلط من اضطراب. انصراف عن مراكز قوة المستعمرين في منطقتنا فتبقى آمنة ونحن غارقون في لجاج لا قرار له يتمثل هذا الخطر فيما انزلق إليه المؤلف فيما بعد.. فالخطأ بدأ صغيرا في رسالته موضوع الحديث الآن وفحش في رسالته الثانية (( جاهلية القرن العشرين )) عندما أعتبر الوطنية وحركة القومية العربية جاهلية وإلحادا فانحدر من الوجهة العملية إلى مواقع النفوذ الأجنبي الذي يحارب تلك الأفكار ، ومن الوجهة النظرية إلى دوامة من المغالطات التي لا يسندها واقع ولا منطق .
    لقد أدى هذا التصور كما ذكرت إلى سلسلة من الأخطاء النظرية بل يمكننا القول بان المؤلف وهو حبيس مسلماته الخاطئة هبط إلى مستوي الانطلاق في الفكر والى الخروج على إنسانيه المعرفة فالحضارة الإغريقية وما أنجزته من معرفة إنسانية خاصة بين ملاحمها وفي مسرحها تعتبر أمرا خبيثا لأنها تصور العلاقة بين البشر والآلهة الوثنية علاقة خصام وصراع ... وتلك الروح الخبيثة ما تزال في العقل الباطن .. الأوربي والغربي عامة ، تتبدى حينا في بعض تعبيراتهم مثل (( قهر الإنسان للطبيعة )) الخ وهذا تقييم خاطئ لتلك الحضارة وجوانبها التي كانت تعبر عن رغبة الإنسان الذي بدا يدرك ذاته للتحرر من الأصنام وحتمية إرادتها التي تجثم على صدر الإنسان وتحرمه من التصرف . وما كان ذلك اعتباطا أو تمردا على فكرة (( الدين )) كما خيل للمؤلف بل تمهيدا لفكرة الوحدانية والأديان السماوية التي تقر قدرة الإنسان على الحركة والتصرف وتنيط به المشي في مناكب الأرض والسعي (( كل أمري بما كسب رهين )) والوثنية الصماء خلافا للأديان السماوية تقر الحتمية التي لا فكاك من أسرها، وتعوق نمو الإنسان الروحي والفكري، وما أندثر خبرها في معظم أرجاء المعمورة مصادفة فهي في أبسط صورها تعوق السعي وعمل الإنسان في ثمار الطبيعة وبين مظاهرها وقوانينها المختلفة. والكاتب لا يقوى كثيراً علىيقول: في هذا الطريق المقفول لأنه يؤدى في نهاية الأمر إلى إنكار الأديان السماوية وإلى الابتعاد بصورة خاصة عن مفاهيم الدعوة الإسلامية.فهو ينتكس على دعوته حينما يقول: ( الحياة لا يمكن أن تتقدم، والبشرية لا يمكن أن ترتفع إلا حين أن تتخلص من ضغط الضرورة، لتعمل في الميدان الطليق سواء كان عملها علما ييسر الحياة، أو فناء يجملها، أو عقيدة ترتفع بها إلى آفاق المشاعر العليا ) ( شبهات صفحة 17 ). وأي ضغط للضرورة أثقل من الحتمية الوثنية التي تسلب الإنسان إرادته وتتركه صورة من الخوف الهلع في كل ما يرتئي، وما يفعل ؟ . وهذا الاضطراب الخطير في تفكير المؤلف نتيجة طبيعة لتصوره للعلاقة العالمية سلباً وإيجابا، ولموجهات العصر في حدود الصدام الديني وحده. هذا الانغلاق ترفضه وقائع الحضارة الإسلامية نفسها وما أنجزت من خدمات للفكر الإنساني فالحضارة الإغريقية التي يرفضها الكاتب رفضاً قاطعاً حملها الأداء الإسلامي إلى أوربا وكان لجوانبها الإنسانية أثر حسام في فتح الباب أمام اليقظة التي غيرت الحياة وواصلت بالبشرية السير في مدارج التقدم.
    وما كان للحضارة الإسلامية أن تلعب هذه الدور الخطير في تاريخ البشرية لو أنها قامت على فلسفة الحتمية الصماء ورفضت للإنسان حريته، فالكاتب نفسه يورد الحديث الشريف ( والذي نفسه بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون ويستغفرون الله لهم ) وما كان لها أن تسهم في هذا المجرى الحضاري الواسع لولا إنها مفتوحة أخذت من الحضارة التي سبقتها وأعطت لمن لحقتها، فأصبحت جزءاً من التراث بأسره.
    كما أشرت سابقاً فالمؤلف في كتابه هذا كان يقف مضطرباً من هذه القضايا: قضية الحضارة الإنسانية، وقضية المعرفة وقضايا الوطنية والقومية. ولكنه أصبح قاطعاً في كتابه الآخر ( جاهلية القرن العشرين ) في رفضه للطبعة الإنسانية للحضارة الإسلامية، ولنظرية المعرفة التي تجمع بين الرشد والعاطفة، وللوجود الوطني والقومي. يبدو أن رسالة موضوع الجدل ، كانت تمهيداً للتطرف ، كما إنه من المحتمل أن الانحسار الشديد في التأييد الاجتماعي لحركة الإخوان المسلمين في مصر أدى إلى اليأس والتعصب ونظرية القلة المؤمنة التي وكلت إليها الإدارة السماوية (( إنقاذ المسلمين من جاهليتهم )) ومثل هذا الاقكار تتعرض لها في كثير من الأحوال الحركات الاجتماعية التي لا تدرك فوانين المجتمع ، وتتحول من حركات اجتماعية إلى إعمال فردية لا تربطها بالحياة رابطة ، ولا تصل بينها وحركة التقدم صلة .
    معالجة ساذجة لقضية .. الحرب والسلام :
    من هذه المواقع أيضا يعرض المؤلف لأخطر قضايا أيمانا المعاصرة: قضية الحرب والسلم، فيقول: (( ولو استرد العالم الإسلامي كيانه – وهو في طريقه إلى ذلك بأذن الله – لبطل الصراع الجبار الذي يهدد الأرض بالخراب، لبرزت في العالم كتلة ثالثة تمسك ميزان القوة الدولية من منتصفة وتملك بموقفها إن ترجح قوة هذه الكتلة أو تلك... وإذا فالعالم في حاجة إلى انتصار الإسلام.. لان انتصاره يريح العالم من الخوف الدائم من الحرب، والفزع المقلق للأعصاب. (( لا شك إن الأديان السماوية، وفي مقدمتها الإسلام الحنيف والمسيحية، تدعو للسلم والمحبة بين الناس ونبذ الحروب والدمار. والحرب اليوم تختلف عنها بالأمس إذ أصبحت نتيجة لتقدم العلو وحركة الاكتشاف وسيلة الدمار الشامل الذي يهدد صلاحية الكوكب الأرضي لبقاء الحياة واستمرارها وبواعث الحرب في القرن العشرين أو على عهد الثورة الصناعية تختلف عنها في الماضي . ما عاد مجرد الزهو أو الغلبة أو (( الطبيعة العدوانية )) للإنسان كما يقول البعض هي الباعث بل إن الاستغلال الاقتصادي والتوسع الاستراتيجي يلعبان دورا رئيسيا في إشعال الحروب على النطاق المحلي والعالمي. فالبشرية مدعوة لإنهاء هذا النظام الذي تشكل الحرب جزءا من طبيعته، وهذا لن يتم إلا بمواصلة حركة الحرية الوطنية لنشاطها وجهادها. وفي نفس الوقت يبعث على الاقتراب من المشاكل المعقدة الناتجة عن وجود نظامين عالميين ، لا فرصة لتفادي الحرب العالمية بينهما إلا إذا سادت مبادئ التعايش السلمي القائمة باعتبار كامل لوجود النظامين ولحق الشعوب في تقرير مصيرها . وخطر الحرب ماثل في كل يوم فهل انعدمت الفرصة في عالم اليوم لأبعاد شبحه وللسلام من قبل كل الإنسانية مسلمين ومسيحيين وبوذيين ولا عقيدين ووثنيين الخ ؟ قد يختلف الناس – وهم مختلفون – في الوسيلة لنشر السلام الدائم وفي الأنظمة الاجتماعية التي يحقق بها السلام الدائم ولكنهم لن يتفادوا مواجهة الخطر الماثل الذي يهدد الإنسانية بالفناء قبل إن تتمكن من الإجماع على النظام الذي يجلب السلم الدائم للبشر ، حق إن البشرية تتخاصم حول أفضل النظم التي يستقر بينها السلام اشتراكية أو رأسمالية ولكنها تحتاج أولا للسلم . وحديث المؤلف إلا يضع في الاعتبار هذه الحقيقة ، ولا بجيب على سؤال ملح ، هل من الممكن تفادي الحرب قبل سيادة المجتمع الإسلامي على العالم ؟ .. والكاتب أيضا يقع بين مشكلة لا يدري لها حلا ، ولقد انتشرت الدعوة الإسلامية من الجزيرة العربية بهجرة المسلمين وفتحهم لبلدان جديدة وكان الجهاد أداة عامة في نشر الدعوة الإسلامية ، دفاعا عن الدين الجديد في الغالب . ولكن عالم اليوم تغير فالرقعة المكتشفة من الأرض واسعة تفصل بينها البحار والموانع الجغرافية ، كما إن المكتشفات العلمية جعلت من المستحيل سيادة نظام اجتماعي أو عقيدي عن طريق العزة والغلبة ، كما أن العالم في غنى عن ذلك إذ أن المطبعة وأدوات النشر الأخرى قدمت لدعاة الفكر والعقيدة أداة ناجعة لتصل أفكارهم إلى كل أرجاء المعمورة وهي الوسيلة التي تحقق في عالم اليوم اختيار المناهج الفكرية ، وهي التي تغير العقيدة وتخلق الجو السليم لحكمة الإسلام الكبرى : (( لا إكراه في الدين )) إن تغيير العقيدة الدينية ليس أمرا سهلا ، بل هو من اشق وأعسر ما يواجه الإنسان من مشاكل لا يدانيه أبدا تغيير المناهج الاجتماعية والفكرية . فإذا كان صراع الفكر والأنظمة الاجتماعية لم يجد في العالم اليوم غير التعايش السلمي وسيلة للتعبير فان صراع العقائد – وهو الأصعب والأخطر – لا يجد منفذا في الغلبة والتعصب والسيادة . فكيف للبشرية أن تحتمل البقاء حتى تحقق دعوة الكاتب ، وهي المهددة بالفناء على اختلاف عقائدها الدينية . ؟ .. عيب المؤلف هو انه يواجه قضية معقدة مثل قضية الحرب والسلم وفي الثلث الأخير من القرن العشرين ، وفي عهد الطاقة النووية واقتحام الفضاء ، والتطور الكبير في الإنسان وانه – ثقافته وتركيبه النفسي بتفكير غامض ، ويوعظ ابعد ما يكون من الإلمام بهذه الحقائق المعاصرة . وبهذا فهو يسئ إلى الإسلام من حيث أراد الانتصار له ، ويهبط بقضية شائكة إلى مستوى السذاجة التي تدع للرثاء . أدت إلى تصفيته ، ولهذا من العسير الحديث عن خلافة عمر بن عبد العزيز كنظام اجتماعي ثابت ، يصدر ما يمكن الحديث عن عمر بوصفه حاكما عادلا سار سيرة الخلفاء الراشدين ، لقد أمكن تطبيق القيم الإسلامية الخيرة في المجتمع الأول لان مجتمع الجهاد لم يكن يسمح بالفروق بين الناس ، ومصادر الثروة كانت معبأة في خدمة المجتمع الإسلامي الجديد والسلطة كانت قريبة من قلوب الناس وفي متناول تأثيرهم والتأثر بها . ولكن المجتمع الإسلامي وهو ينتقل من مهده حيث العلاقات الإنسانية والاجتماعية بسيطة وواحدة، إلى المجتمعات الجديدة في الشام ومصر وفارس بدأ يدخل في طور جديد أكثر تعقيدا ، تعددت مصادر الثروة ، وتميزت السلطة الخ وما حديث عمر بن الخطاب وهو يرى مظاهر الفخامة والسلطة تحيط بمعاوية بن أبي سفيان إلا تعبيرا عن المجتمع الجديد ، وعن التغيير الذي طرأ على العلاقات البسيطة السالفة . يحدث هذا التغيير في المجتمع في صدر الإسلام ، فكيف لنا الآن وقد امتد بالبلاد الإسلامية السنوات والأحقاب ، وتغيرت المجتمعات من ناحية مؤسساتها الاقتصادية والثقافية ، وتعقدت العلاقات بين الناس ؟ .. لقد أصبحت طبيعة السلطة هي التي تحدد وضع المجتمع ، عادلا يكتنفه الخير أو جبارا يسحق المعدمين ويخيف الإنسان ويحبس نموه ، والكاتب يعالج هذه القضية في سذاجة تثير العجب فهو يرى إن الحاكم العادل الذي يحدد سير المجتمع الإسلامي (( لن يتولى سلطاته إلا بانتخاب الناس له انتخابا حرا طليقا من كل قيد ، إلا فيد الرشد والعدل والإحسان )) ولكن الإنسانية سبرت غور الوسيلة للسلطان . وفي أركان المعمورة ضجة حول صلاحيتها لقيام سلطة خيرة .صحيح إن حرية الناس في اختيار حاكمهم شرط هام لرقابة السلطة ولكن ما هي شروط هذه الحرية ؟ في مجتمع قامت فيه مراكز النفوذ المالي والاقتصادي ، ومراكز التوجيه الفكري وتزايدت الضغوط على الذات وتعددت مصادرها ، لا يمكن حل هذه المشكلة على تلك الصورة من البساطة ، إن انفصال الإنسان عن أدوات الإنتاج – وهو حدث اجتماعي وقع في ظروف تاريخية بعينها – أدي إلى نوع جديد من الضرورة لا مكان للحرية إلا بالعلو عليها تحقيقا بادئ الأمر ثم سيطرة توجيها في ما بعد . إن الكاتب يمر بأخطر قضية في عصرنا ، وقضايا أخرى لا تقل خطورة ولا يكلف نفسه مشقة البحث والفكر : فالحرية وعظ يقال ، والحكم الصالح دعوات وشعارات مؤثرة .وهذا الزيف في عرض المشاكل والاقتناع بالألفاظ دون الجوهر لا يفوت أمره على القاري المداوم للنظر في القراءة ولكنه خطر على الطلاب الذين يقبلون على القراءة المثمرة لأول مرة ، فهو يلوي التفكير ويدفع بالشباب بين متاهات منهج معوج لا أمل في تقويمه .
    حيرة واضطراب :
    يعرض الكاتب في دعوته لمشكلة العصر : أي نظام اجتماعي أفضل للإنسانية ؟ والكاتب يجيب على هذا السؤال الملح بالدعوة للمجتمع الإسلامي كما يراه ويتصوره . مما لاشك فيه أن الإسلام دعا إلى قيم رفيعة من أثره على النفس ، وعدالة إشاعة الخير بين الناس ، وكذلك دعت المسيحية لمثل تلك القيم السمحة . ولكن المشكلة التي واجهت المفكريين الإسلاميين كان لها شقان : الشق الخاص بالتشريع وإمكانية تطبيقه في المجتمع الإنساني المتطور ، وشق آخر يختص بالوسائل العملية لتحقيق قيم الخير التي دعها لها الإسلام . والكاتب مضطرب وحائر في الجزء الأول فهو يدعو تارة إلى النظر في الظروف الاجتماعية المتغيرة ، والمرونة فيما يختص بتطبيق التشريعات اعتبار لكونها طبقت في ظروف اجتماعية بعينها . أى أنه لا يجرد التشريعات من ظروفها الاجتماعية ولا يعتبرها مطلقة وهكذا فسر الرق بالاسلام مثلاً ، فلسفته في ذلك : ( أن الاسلام لم يكن دعوة نظرية وانما كان نظاماً عملياً يعرف حاجات الناس الحقيقية ويعمل على تحقيقه ) ( صفحة 26 ) ولكنه يعود بين حين وآخر إلى الاطلاق والتجريد تحت عبارة ( المجتمع المسلم ) الذى يأخذه الناس جملة أو يتركونه جملة ، ولا مكان للتفسير الاجتماعي للتشريع بينه .وهذا الاضطراب قد حسمه المؤلف في رسالته الثانية ( جاهلية القرن العشرين ) اذ اعتبر كل محاولة للتوسل بالعقل والدراسه فيما يختص بالتقدم الاجتماعي جاهلية علاقتها الوحيدة بالاسلام هى الخصام والحرب . والكاتب يبدو وكأنه يؤمن بالفكرة الكنسيه القائلة بسقوط الانسان ولا نجاة له الا بالعودة إلى فطرته الاولى ، فلا مكان للتقدم ولا فائدة من السعى في مناكب الارض ولا خيراً يرجى من اعمال الفكر بحثاً وراء امثل الطرق لتطبيق قيم الخير والعدالة . وهو في هذا منطقي مع تفسيره بفطرة الانسان التى يراها غير قابلة للاستجابة والترقي ، وفي هذا الاطار يعجز المؤلف عن تفسير حقيقة أن قيم الخير والعدالة التى دعى لها الاسلام الحنيف ما طبقت بعد موت الرسول ( صلعم ) إلا في فترة قصيرة من حكم الخلفاء ، وما تمسك بها من بعد غير عمر بن عبد العزيز ، اما الخليفة عمر بن عبد العزيز فقد كان حاكماً متاثراً بتلك القيم ولكنه وجد نفسه وسط بحر مضطرب من الاهواء والصراعات الخفية .

    إفتراء على الاشتراكية والماركسية :

    واخيرا فالكتاب ملي بالاخطاء فيما يختص بالاشتراكية والنظرية الماركسية قد يختلف الناس ويختصمون ، ولكن اقل ما يرجى من رجل يتصدى للكتابة وامانة القلم ان يدرس مادته جيدا ، والا يردد الحجج السوقية التي تكشف عن الجهل . اشك كثيرا في ان يكون المؤلف درس الاشتراكية العلمية اذ أن ما يسوق من حجج لدحضها لا تمت لهذه النظرية بصلة . فقضية المجتمع والفرد كما تراها الاشتراكية يصورها بطريقة الدعاة السوقيين مدعيا ان الاشتراكية لا تعترف بالفرد وان الراسمالية تؤمن بالفرد دون المجتمع ، ويدعى ايضا ان الاشتراكية تقوم على الحتمية الصماء في تفسير تغير المجتمع ، وانها لا تعترف بالحاجات الروحية الخ . لا اريد ان اتعرض بالتفصيل لجهل الكاتب بالاشتراكية العلمية فلسفة ومنهجا للحكم ، فالحديث عن ذلك يطول ويتشعب ، ولكن المرء لا يستطيع إلا ان يعجب لوزارة التربية والتعليم التي تقدم كتابا كهذا أقل ما يوصف به عدم الامانه لمادته ’ والجهل المطبق بالافكار والنظريات التي يجادلها ، ويخاصمها ، فاي فائدة يجني طالب العلم من وراء هذا السراب غير الاضطراب فكرا و عاطفة ؟ .
    والكتاب ليس عرضا يناقشه الطلاب ويتفهمون معانيه ولكنه فوق ذلك كتاب امتحان فهو حتمي الاتباع والمتابعة لافكاره ثم صبها في ورقة الامتحان ، ونحن بذلك نقتل العقل ونميت المنطق في طلابنا بما نقدم لهم من مقررات جامدة خاطئة إذا فنحن امام أخطاء علمية وتربوية علينا أن نجنبها الناشئة ما امكن ، والا سنكون قد ساهمنا مع صاحب شبهات في اغلاق العقل وتأكيد التبعية الصماء .









    اضغط يمين الماوس واختار save target as

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de