الأستاذ خالد الحاج عبد المحمود يرد على السيد ابوبكر القاضي - الجزء الأخير

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 09:37 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-25-2004, 02:58 PM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الأستاذ خالد الحاج عبد المحمود يرد على السيد ابوبكر القاضي - الجزء الأخير

    بسم الله الرحمن الرحيم
    (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظللٍ من الغمام، والملائكة، وقضي الأمر، وإلي الله ترجع الأمور)
    صدق الله العظيم

    (من الناس من لا يري أبعد من أنفه .. ومنهم من تنجاب له حجب الظلمات وحجب الأنوار فيرى صدورالحياة، وورودها)
    الأستاذ محمود محمد طه

    السيد أبو بكر القاضي
    العيسوية والمهدية .. التناقض


    من أوضح سمات منهج السيد القاضي، الفكري، والتقوي، إلي جانب كل العيوب التي ذكرناها، أنه يقوم علي التناقض، بصورة واضحة، وجادة .. ويهمنا التناقض في أساسيات المنهج بالذات .. فهو يزعم أن منهجه عقلاني، يرفض الغيبيات، وحلول السماء .. ومن أهم وأكبر الغيبيات التي يرفضها، والتي دار حولها كثيراً، فكرة عودة المسيح، والمهدي المنتظر، وما يتبع لهما من مفاهيم، خصوصاً موضوع العودة نفسه .. ونحن هنا سنورد بعض النماذج للتناقضات، قبل أن نتحدث عن التناقضات الأساسية.
    رأينا السيد القاضي يذكر الدكتور حسن الترابي ضمن العمالقة، والذين هم عنده، جميع زعماء الأحزاب السودانية .. فبماذا إستحق الترابي هذه العملقة، حسب مقاييس القاضي!؟ يقول القاضي: "وكذلك مسئولية الشيخ حسن الترابي – فك الله أسره – ثابتة أيضاً عن إنقلاب 30 يونيو 1989م .. " .. وبالطبع هي ثابتة لأن الترابي يعترف بها ويقول القاضي: "إن حزبي الوطني، والشعبي مسئولان بالتضامن عن تحويل الحرب الأهلية إلي حرب دينية مقدسة، ومسئولان عموماً عن التردي الشامل في السودان"!! فالترابي عملاق، وفي نفس الوقت هو مسئول عن الأعمال المتناهية في السوء التي أوردها القاضي .. هو مسئول عن إنقلاب عسكري وقع ضد نظام ديمقراطي .. فالقاضي عنده، من يئد الديمقراطية، يعتبر عملاقاً!! وهو ينعي علي الآخرين تاييدهم لأنظمة شمولية، اقل شمولية من نظام الإنقاذ، لأنها علي الأقل لا تلتحف قداسة الدين – والترابي عملاق رغم أنه تسبب في حرب تستغل الدين، راح ضحيتها آلاف البشر .. والترابي عملاق رغم أنه تسبب في "التردي الشامل في السودان" .. هذا القول من القاضي، إلي جانب التناقض، يدل دلالة صارخة علي خلل الميزان.
    مقابل الترابي وعملقته يجئ الموقف من الجمهوريين وتقزيمهم .. فالجمهوريون عنده أقزام، والأستاذ محمود، عملاقاً، يتقدم أقزاماً .. فما هي صفة هؤلاء الأقزام، حسب أقوال القاضي، والتي جعلتهم أقزاماً؟ يقول القاضي: "الجمهوري في إيجاز جامع مانع، صادق لا يكذب، متواضع ومهذب" .. ولكن كيف تكون هذه صفات أقزام!؟ هذا في حد ذاته تناقض، وخلل في الميزان كبير .. إذا قارنته مع الحديث عن الترابي يشكل تناقضا آخر .. لا توجد أي معايير موضوعية، لا في تقويم الأفكار، ولا في تقويم الرجال .. فمن شاء القاضي أنعم عليه بالمدح، مهما كانت أعماله سيئة .. ومن شاء تفضل عليه بالذم، مهما كانت أفعاله حميدة، فالأمور يحددها المزاج الشخصي .. من يتسبب في تقتيل آلاف الأبرياء، يكون عملاقاً، ومن يقول لآخر إخسأ أو خنت أمانة القلم، وبحق، هو يقوم بنفس عمل من يقتل آلاف الأبرياء، فعنف اللسان لا يختلف عن عنف السيف!!
    يشيد القاضي، بالثورة الإيرانية، فهي عنده ثورة جماهيرية عظيمة وقائدها، الخميني، عنده، هو صاحب الوقت، ورغم ذلك يقول عنها: "المؤسسات الحزبية التي تقوم فيها العلاقة بين زعيم الحزب وأعضائه علي أساس العلاقة بين المرشد والمريد، لا يمكن أن تنتج رجال ونساء دولة، لأن هذه المؤسسات قائمة علي تربية (الطاعة) بموروثها الثقافي الشيعي أو الصوفي، الذي ما هو في النهاية إلا تحوير للموروث الإستبدادي الكسروي" وقد أوردنا نص القاضي الذي يقول فيه أن الفكرة الجمهورية لم تجد معارضة من الإسلاميين في السودان، ورغم ذلك هو يتحدث عن استشهاد الأستاذ، وعن محكمة الردة، وعن الإعتداء علي الأستاذ في الأبيض!؟
    وما ذكرناه من تناقضات، وهي تناقضات كبيرة، إلا أنها ليست أهم تناقضات القاضي .. فتناقضات القاضي الأساسية، هي تلك التي تتناقض بصورة حادة مع منهجه كله، والذي يزعم أنه عقلاني، ويرفض الحلول الغيبية، والتي تأتي من السماء، وهذا ما سنراه من خلال إستعراض موقفه من المسيح والمهدي، والخميني والثورة الإيرانية ..

    المسيح والمهدي والخميني:
    يرفض السيد القاضي، فكرة المسيح، رفضاً مبدئياً، وينسبها للإسرائيليات .. وهو كالعادة، لا يورد أي أدلة موضوعية لرفضه هذا، ولا يعرض مجرد العرض الفكرة نفسها .. هو يذكر أسماء بعض من ينكرون الفكرة، ولكن دون أن يورد عنهم أي دليل موضوعي .. هو يورد نص من كتاب (البرهان في علامات آخر الزمان) للمتقي الهندي، والنص عبارة عن نص من التوراة، يتحدث عن المسيح، وهو نص مشهور، ثم يقول بعد إيراد النص: "وبالتدقيق في هذا النص التوراتي نجد أنه مصدر، الأحاديث النبوية، التي يثور الجدل حول تواترها، والتي تدور حول المسيح والمهدي" .. ويواصل "يؤصل صاحب البرهان في مرجعه المشار إليه فكرة المسيح المخلص عند اليهود إلي أنها في الأصل فكرة زرادشتيه، إستعارها اليهود من الفرس" .. لا يوجد في هذا القول أي دليل موضوعي لإنكار الفكرة، هو مجرد تقرير بأنها يهودية، زرادشتية .. ولا يقول مسلم "وبالتدقيق في هذا النص التوراتي نجد أنه مصدر الأحاديث النبوية" .. فالنبي صلي الله عليه وسلم (وما ينطق عن الهوي، إن هو إلا وحي يوحي) .. فأقواله مصدرها الله، وليس أي جهة أخري .. ثم هو صلي الله عليه وسلم، جعلته الحكمة الإلهية أمياً، لم يطلع علي الأديان السابقة عن طريق القراءة .. ولكن القاضي، يجعل حتى القرآن نفسه مصدره اليهودية، فهو يقول مثلاً: "إعتماد الفكرة الجمهورية للشريعة اليهودية في الحدود والقصاص" .. وبالطبع مصدر الفكرة، في الحدود والقصاص هو القرآن والسنة، يعني مصدرها الله .. وماورد في القرآن والسنة، لا ينسب لليهود بقصد إدانته .. كان يمكن أن تقول الأحاديث غير صحيحة، وتورد الدليل علي ذلك، ولكنك لا تملك ذلك .. وحتى بالنسبة للتوراة لا يقال أن الأصل فيه زرادشتية، لأن التوراة من الكتب السماوية ..
    أن وجود فكرة، عند أكثر من جهة، لا يدل علي أن أحد الجهات بالضرورة، أخذها من الأخري .. فكون دانتي مثلاً، قدم عملاً، يشابه ما قدمه أبو العلاء المعري، لا يعني بالضرورة أن دانتي أخذ من المعري، ومن أراد أن يثبت ذلك عليه أن يقدم الدليل علي أن دانتي كان يعرف اللغة العربية، وقد إطلع فعلاً علي رسالة الغفران، أو أن رسالة الغفران ترجمت إلي لغة يعرفها دانتي، وقد إطلع عليها .. أما ما يرد في القرآن من توافق مع ما يرد في الإنجيل والتوراة، فالأمر فيه واضح جداً، فهي جميعاً كتب سماوية، ومن أركان الإيمان ، الإيمان بها، والقرآن مصدقاً لها، ومهيمن عليها (مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه) .. فالمعلم واحد لكل الناس، مؤمنين أو غير مؤمنين .. فوجود أفكار وأعمال مشتركة بين البشر، أساساً يرجع إلي هذه الحقيقة – حقيقة أن المعلم واحد .. فيمكن لحضارة الانكا مثلاً أن تصل إلي اشياء وصلت لها الحضارة الفرعونية، دون أن يكون هنالك إتصال بينهما .. وكثيراً ما يصل أحد العلماء لإكتشاف علمي، يكون آخر قد توصل إليه بطريقة أخري، ودون علم أحدهما بالآخر .. وأنت تقول، الفكرة أصلاً زرادشتية، فلماذا تنسبها لليهود بالذات، علماً بأن الفكرة أيضاً موجودة في الإنجيل .. فقد كان من الطبيعي أن تنسبها للإنجيل، لأنه اقرب زمنياً، أو للزرادشتية، لأنك تعتبرها مصدر الفكرة الأصلي، ولكنك نسبتها أو نسبها صاحبك الذي تستشهد به لليهودية، لأن ذلك في نظركما أمعن في التشويه .. وهذا هو التفكير التآمري، الذي يسود عند قطاع كبير من العرب، والمسلمين، الذين يعلقون عجزهم في شماعة إسرائيل واليهود .. وصحة الأفكار وخطأها لا يقاس بالجهة التي جاءت منها، وإنما بالحق أو الباطل الذي تقوم عليه، يقول المعصوم: (الحكمة ضالة المؤمن أني وجدها فهو أحق بها) .. ويقول: (أطلبوا العلم ولو في الصين).
    وورود فكرة ما، في جهات عديدة هو توكيد لها، وليس نفياً لها .. فكون فكرة المخلص موجود عند الزرادشتية، وفي اليهودية، والمسيحية، والإسلام، هو في حد ذاته يجعلها أقرب للصحة، خصوصاً أن المدي الزمني لهذه الأديان طويل، مما يدل أن الفكرة، فكرة قوية، بالصورة التي جعلتها حية كل هذا الزمن .. وأرجو أن تضيف لمعلوماتك، أن الفكرة موجودة في معظم الميثولوجيا، عند معظم شعوب العالم .. فهل الدينكا في السودان، مثلاً، أخذوها من اليهود!؟
    وأنت تورد نصاً من كتاب (عودة المسيح)، جاء فيه: "وفي ذلك يقول القرآن عن محمد (إن الذي فرض عليك القرآن، لرادك إلي معاد)، وعن ذلك جاء عن ابن عباس (عجبت لمن ينتظر عودة المسيح ولا ينتظر عودة محمد)"، وتقول بعد هذا النص: "بإختصار أخذت الفكرة الجمهورية بحجة ابن سبأ المشار إليها لنفي عودة المسيح الناصري"!! النص الذي أوردته من الفكرة، مصدره ابن عباس، وهذا وارد في النص بصورة واضحة، ولكن للغرض الذي في نفسك تذهب لتنسب الأمر لابن سبأ، ظناً منك أن هذا أمعن في التشويه .. ولم تناقش – علي طريقتك – هل ابن عباس أخذ من ابن سبأ، أم العكس صحيح .. علي كلٍ الآية صحيحة، سواء ذكرها ابن عباس أو ابن سبأ، أو لم يذكراها، فكان عليك أن تناقش، الفهم المبني عليها، لتقول هل العائد هو المسيح المحمدي، أم المسيح الناصري، أو لا واحد منهما .. وأنت تتبني فكرة أن المسيح لم يقتل، وتتحدث عن وحدة الفكر بين الإسلام واليهودية، فتقول: "البعد العنصري في الفكرة الجمهورية يمكن أن نلحظه في البعد اليهودي في الفكرة المتمثل في فكرة المسيح المخلص، وأرجو أن أنوه في هذا الخصوص إلي أني لست ضد اليهودية كدين، ولا أعادي السامية، ولكن أنوه إلي وحدة الفكر بين الإسلام واليهودية، فالقرآن تضمن كل الموروث اليهودي تقريباً، وبرأ اليهود من دم المسيح قبل 1400 سنة، حين قال (وما قتلوه وما صلبوه) فالعرب واليهود أبناء عمومة" .. هذا نص شديد الإضطراب .. أنت هنا تتحدث عن وحدة الفكر بين اليهودية والإسلام، وفي المواقع التي نقلنا فيها أقوالك سابقاً، أنت ترد الأمور لليهودية بقصد الإدانة، فالإسلام عندك أخذ الحدود من اليهودية، وأخذ فكرة المسيح من اليهودية .. وأنت تدين إتجاهات العروبة، وتحاول أن تصم بها الجمهوريين، بغير حق، وفي نفس الوقت تتبرأ من إدانة العنصرية اليهودية، مع أنها أشد العنصريات تعصباً، وكل ذلك خوفاً من تهمة معاداة السامية .. فلماذا أنت ضد العرب، ولست ضد اليهود كعنصر، علماً انك تقول أنهما أبناء عمومة!؟ وخوفاً من اليهود، وتقرباً لهم تتبرع بنفي تهمة قتل المسيح، عنهم، بناءاً علي فهم ظاهرة الآية، وتنسي أنك بذلك تقع في تناقضات عديدة .. فالمسيح عند اليهود قطعاً يهودي، وذكر، فلماذا تقبل الذكورة واليهودية هنا، وترفضهما عندما يكون الأمر متعلقاً بالعترة النبوية!؟ وأنت تقول: "وهذا معناه أن أهل الهامش في السودان لا يحق لهم الترشيح للحضرة الإلهية لملء هذا المقام" ، وهذا حديث غث، يجعل المقامات الروحية وكأنها إنتخابات .. والعبرة ليست بالترشيح وإنما بالفوز .. ولماذا أهل الهامش في السودان، وليس كل بقية المسلمين!؟ كأنما القضية قضية سودانية .. لقد رشح الكثيرون جداً من المسلمين وغير المسلمين أنفسهم للمقام، وأدعوه .. وعندنا في السودان، بعد الثورة المهدية إدعي المقام، عديدون، حتى أن الظاهرة كانت تدرس لطلاب المدارس الثانوية تحت عنوان (ظاهرة العيسوية)، وكثيرون منهم ممن تسميهم أنت أهل الهامش، وخصوصاً غرب السودان .. ولكثرة أدعياء النبوة في تلك الفترة، كانوا يسمون بقبائلهم: نبي دار تاما ، نبي دار مساليت، وهكذا .. وعلي كل حال أنت شخصياً حددت صاحب المقام، وذكرت أنه الإمام الخميني، وهو فارسي، ولا أدري هل ينتسب لآل البيت أم لا، ولكن في كل الحالات، صاحب المقام عندك من عنصر معين وذكر!!
    وإذا كان المسيح الناصري عندك لم يقتل، وحسب قولك عن تبرئة الله لليهود من دمه فما المانع أن يرجعه الله، كما هو الفهم عند عامة المسلمين السنيين، وعند عامة المسيحيين، وكلاهما يستشهد بنصوص!؟
    ولماذا لا تعترض علي أن الأنبياء، عبر التاريخ، كلهم، أو جلهم من الرجال، وليس النساء!؟ أم تراك تعترض .. إن إعتراضاتك هذه هو في النهاية إعتراض علي الله، فهذه الأمور مصدرها الأول والأساسي هو الله، فحتى عندما ترد عن النبي صلي الله عليه وسلم، فهو لا يقرر أمراً من عنده، وهو يعلم أنه ليس له من الأمر شئ.
    وأنت تقول: "عقيدة الرجعة يهودية المصدر أيضاً" .. وتنسبها لابن سبأ، إشارة إلي الآية (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد) ، إستناداً إلي حديث صاحب البرهان، وتنقل عنه فتقول: "ثم بعد وفاة الإمام علي إدعى ابن سبأ أيضاً أنه سيعود، ثم إنتقلت الفكرة للشيعة"، وهذا القول خطأ من عدة وجوه، فاليهود أساساً، لا يؤمنون بالرجعة، و إنما هي عقيدة إسلامية، مسيحية .. فاليهود قد رفضوا المسيح الناصري، لأنه ساواهم ببقية الشعوب، وهم ينتظرون مسيحهم، الذي يعيد بناء هيكل سليمان، ويقيم دولة إسرائيل الكبرى .. فهم لم يؤمنوا بالمسيح وقد قتلوه خلافاً لما تذكر أنت، وأنت قطعاً تعرف معني آية (وما قتلوه وما صلبوه)، فهي لا تنفي القتل، وإنما تنفي دعوى اليهود أنهم قتلوه، ولم يستطيع ربه أن يحميه، فالله تعالي يقول، أنهم لم يقتلوه في الحقيقة، وإنما قتله الله، فهو الذي قدر القتل، وليس هم، وإن كان القتل قد وقع في الظاهر من قبلهم، إلا انهم لم يكونوا ليستطيعوا ذلك لولا إرادة الله وقدره، وهذا في معني قوله تعالي: (وما رميت إذ رميت، ولكن الله رمي) .. وقوله تعالي: (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم) .. فالقتل تاريخياً واقع، وهو تاريخ ليس ببعيد، ومرصود – أرجو أن تكون قد شاهدت الفيلم الأخير عن عذابات المسيح، فقد كان المخرج أشجع منك بكثير، فلم ترهبه تهمة معاداة السامية، كما أرهبتك، وقال عن المظاهرات التي حركها اليهود، بإسم هذه التهمة، أنها كانت دعاية كبيرة لفيلمه.
    النقطة الثانية، هي أن الشيعة الإمامية، لا يؤمنون بأن العودة لسيدنا علي، حتى يتهموا بأنهم أخذوها من ابن سبأ حسب القول الذي أوردته أنت، وإنما هم يؤمنون أن الإمام الغائب والذي سيعود، هو الإمام الثاني عشر، محمد بن الحسن العسكري .. والشيعة الإمامية هم الفرقة الموجودة الآن، والتي ينتمي إليهم الخميني، وهم الذين اقاموا النظام في إيران .. أما الشيعة السبئية، والذين يقولون بعودة الإمام علي، فهم فرقة بائدة .. أما الشيعة الكيسانية فالرجعة عندهم لمحمد بن علي إبن أبي طالب (ابن الحنفية)، وهي فرقة بائدة أيضاً .
    يعتقد عامة المسيحيين، أن السيد المسيح، قام في اليوم الثالث من الأموات، بعد أن صلب وقتل، وهم بناءاً علي نصوص من الإنجيل يؤمنون بعودته .. أما أغلبية المسلمين السنة فيعتقدون أن المسيح الناصري، لم يقتل، إستناداً على ظاهر آية (وماقتلوه .. ) وهم يؤمنون بأنه سيعود مرة أخري، ولكنه سيعود بالإسلام، وليس بالمسيحية، ويستندون في ذلك علي الأحاديث النبوية العديدة، الواردة، في ذلك، وهي عندهم أحاديث صحيحة السند، وواردة في الصحاح من كتب الأحاديث، وعلي رأسها صحيحي البخاري ومسلم .. فالقاعدة إيمان عموم المسيحيين بعودة المسيح، فإذا وجد من لا يؤمن بذلك فهو شذوذ علي القاعدة .. والقاعدة إن عموم المسلمين السنة، يؤمنون بعودة المسيح، واذا وجد من لا يؤمن، فهو شذوذ عن القاعدة .. ام الشيعة الإمامية فهم يؤمنون بعودة المهدي، ولهم أحاديثهم التي يرونها عن أئمتهم في ذلك، منها مثلاً: ورد عن أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام، أنه قال: (لصاحب هذا الأمر [يعني المهدي] غيبتان: أحدهما تطول حتى يقول بعضهم، مات، وبعضهم ذهب، ولا يطلع علي موضعه أحد من ولي، ولا غيره، إلا المولى الذي يلي أمره) ليس هذا فقط، ففي المثولوجيا، الكثير جداً من القبائل، لها أب روحي ينتظرون عودته.
    فإذا كنت أنت لا تؤمن بمبدأ العودة، كما هو عند هؤلاء جميعاً، فهذا من حقك، ولكن من حقهم هم أيضاً أن يؤمنوا، خصوصاً أنهم يملكون أسانيدهم، وأنت لا سند لك .. نذكرك أنك أنت شخصياً تقول أن المسيح لم يقتل، وذلك في حديثك الذي تبرئ فيه اليهود من دمه، فإذا كانت هذه عقيدتك فما المانع أن يعود .. بل أكثر من ذلك، هل من المستحيل عودة الأموات إلي الحياة!؟ إن إنكار ذلك بصورة مبدئية يعني هدم ركن من أركان الإيمان في الإسلام، فإن الإيمان باليوم الآخر، يعني الإيمان بالبعث –الحياة بعد الموت – وإذا كان هذا الأمر يتم في الآخرة، فلا شئ يمنع أن يتم في أي زمن يختاره الله .. فليس من المستحيل ديناً، ولا عقلاً، عودة الأموات، في هذه الحياة الدنيا، وهو قد حدث بالفعل، وورد الدليل عليه من القرآن، قال تعالي: (أو كالذي مرَّ علي قرية، وهي خاوية علي عروشها، قال: أنَي يحي هذه الله بعد موتها؟ فأماته الله مائة عامٍ، ثم بعثه .. قال: كم لبثت؟ قال: لبثت يوماً أو بعض يوم، قال: بل لبثت مائة عام .. ) (البقرة 259) وحتى عيسي بن مريم يحي الموتي .. وقد جاء عنه في القرآن (وأبرئ الأكمه، والأبرص، وأحي الموتي بإذن الله) .. فليس بمستحيل علي الله ، أن يعيد، من يريد عودته.
    بل خارج إطار الدين، فإن في وقتنا الحاضر، من يؤمنون بأن العلم المادي التجريبي، سينتصر علي الموت، وهنالك من وصوا بأن يتم الإحتفاظ بأجسادهم، ليعودوا إلي الحياة، متي ما أمكن ذلك عملياً، وهنالك عدد من الأجساد المحفوظة بعد وفاة أصحابها في درجة برودة معينة، لتعاد للحياة مرة أخري متي امكن ذلك، حسب وصية أصحابها.
    فإذا كانت العودة غير مستحيلة، لا عقلاً، ولا ديناً، فمن حق من شاء، أن يعتقد بعودة من شاء .. الأمر الذي يهمنا هو المحتوي .. ما هو محتوي العودة عند الجماعة المعنية، هل هو الإختطاف وهرمجدون، كما هو عند المسيحيين، أم هو تطبيق الشريعة الإسلامية عند عامة المسلمين السنة، أم هو إقامة دولة الإسلام الشيعية كما هو عند الشيعة الإمامية.
    بطريقتك هذه، سيظل السؤال، دائماً قائماً .. فإذا كان الرجل هندياً، لماذا لا يكون مكسيكياً، وإذا كان إمرأة، سيظل السؤال قائماً، لماذا لا يكون رجلاً .. (وكان الإنسان أكثر شئ جدلاً) .. أنت تريد أن تعامل قضايا الوجود، بمعايير قضايا السياسة، والإجتماع، وهذا ما لا يكون.
    أنت تقول: "ما علاقة المسيح والمهدي المنتظر، وعقيدة العودة بمشروع السودان الجديد؟ الإجابة هي أننا بصدد الإصلاح الديني اللازم للإصلاح السياسي في إطار مشروع السودان الجديد، وبكل أسف فإن أحزابنا الدينية والتقليدية – الطائفية – والحديثة ذات البعد الديني كلها مرتبطة بمفهوم المهدي والمسيح وصاحب الزمن- الوقت-"!! هذا إلتواء عجيب .. هل وجود قيادة دينية لبعض الأحزاب، يعني أنها مرتبطة بفكرة المسيح والمهدي والعودة!؟ كيف ذلك!؟ هذه أمور لا علاقة بينها .. ما هي علاقة الأخوان المسلمين، مثلاً، كحزب سياسي، بقضية المسيح والمهدي والعودة!؟ إنك لن تستطيع أن تجد أي علاقة .. وكذلك الأمر بالنسبة للإتحاديين، والوهابية كتنظيم، ولا حزب التحرير .. إلخ، يمكن أن يقال هذا الأمر عن حزب الأمة، وحتى في هذه الحالة هي علاقة مرتبطة بالتاريخ وليس بالمستقبل، لأن المهدي عندهم هو السيد محمد أحمد المهدي .. فوجود رئيس دائم للحزب، لا علاقة له إطلاقاً بهذه الأمور التي ذكرتها، وهي أساساً ليست مطروحة عند هذه الأحزاب .. من المؤكد أن هنالك تخليط عند بعض الأحزاب بين المعايير التي ينبغي أن تحكم التنظيم الديني، والمعايير التي تحكم التنظيم السياسي، ومرد هذا التخليط هو أنها أحزاب طائفية، تستغل الدين لأغراض السياسة، وليس مرده فكرة المهدي أو المسيح أو الرجعة، وهي أمور ليست في أذهانهم أساساً، كسياسين .. إن الأحزاب السياسية التي تطلب السلطة، يجب أن تكون السلطة داخلها، قابلة للتداول الديمقراطي السلمي .. وأي تنظيم ديني، يسعي إلي السلطة، ويرشح نفسه لها، هو بهذا العمل، يصبح تنظيماً سياسياً، وعليه أن يبني نفسه علي أسس الديمقراطية السياسية .. . والعمل السياسي، لا يقوم علي أسس روحية، ولا علي معرفة المواقع فيها هرمية، فيجب ألا يكون هنالك تخليط بين معايير التنظيم الديني، والتنظيم السياسي.
    من المهم جداً، ملاحظة أن حتى الذين يؤمنون بفكرة المسيح والمهدي، لا يقعدون مكتوفي الأيدي، وينتظروهما، كما يريد القاضي أن يصور الأمر، فدوافع الحياة، أقوي من ذلك، وقد ظلت الفكرة، حتى في حدود الأديان السماوية قائمة، منذ عهد موسى، وإلي اليوم، ولم تقف الحياة عند معتنقيها .. بل العكس هو الصحيح، فإن من يؤمنون بها، تعطيهم دافعاً أكبر للعمل، في المجال الديني .. ولكن القاضي عنده العمل، هو العمل السياسي، وهو علي آية حال لم يعمل فيه شئ .. اليهود هم أكثر الناس تمسكاً بفكرة المسيح، وهم الآن، أكثر الناس عملاً لتهيئة الظروف له، حسب تصورهم .. فالجماعات اليهودية المتطرفة، يحركها سياسياً، دافع قوي، هو أن وقت مسيحهم قد أظل، وظهرت علاماته كما هي عندهم .. وإنتصارات إسرائيل، هي من الدلائل الهامة عندهم، فهم يشترطون، إعادة بناء هيكل سليمان، لينزل فيه مسيحهم الموعود، وهم يعملون بجد لهذا الأمر .. فالصورة عكس ما يقول القاضي، فهو قد قال: "التغيير عن طريق المسيح فكرة يهودية، هجرها أصحابها الإصلاحيون"!! هل تعني العلمانيين من اليهود!؟ هؤلاء ليسوا أصحابها، وإنما أصحابها هم اليهود ديناً، وليس عنصراً فقط، وهؤلاء إزدادوا تمسكاً بها، ولكنك غير متابع، وتقرر ما تريد تقريره مهما كانت مناقضته للواقع .. إن الواقع السياسي، اليوم، في إسرائيل يؤكد أن السيطرة لليمين المتطرف، وهؤلاء هم أصحاب عقيدة المسيح اليهودية، وهم يعتقدون أن وقتهم قد أزف ويعملون لذلك بشدة.
    علي كلٍ، في الفهم الديني الصحيح، وعود المستقبل، لو كان هذا المستقبل في الدار الآخرة، أو في هذه الدنيا، توجب تجويد العمل، ودون تراخي .. فالمستقبل الموعود، سواء كان مرتبطاً بساعة التعمير، أو الساعة الكبري، هو مرتبط بالبغتة (ثقلت في السموات والأرض، لا تأتيكم إلا بغتة)، ولذلك أصحاب هذا الإيمان في سباق مع الزمن، ليعدوا أنفسهم للمستقبل .. فهم لا يغفلون عن حقيقة أن الموت، بالذات، مقدور، وقد يأتي في أي لحظة، وعليهم أن يكونوا علي إستعداد لذلك .. وهذا ما يبدو أن القاضي من خلال كتابته، هذه ، ليس مما يعمل له حساباً، وإلا لما جرأ علي أن يخوض فيما خاض فيه من غيرعلم، ومن غير مصداقية .

    التناقضات الأساسية:
    يقول السيد القاضي: "القراءة العلمية تقول أن الفكرة الجمهورية رفضت الإعتراف بالثورة الإيرانية، رغم بعدها الشعبي العظيم، إنطلاقاً من أسباب ذاتية هي كون الخميني – روحياً – ملأ مقام صاحب الوقت، وهو المقام الذي كانت تنتظره الفكرة الجمهورية لنفسها .. "!! صاحب الوقت المعرف بالألف واللام هو المسيح، الإنسان الكامل، ويزيد من توكيد ذلك قول القاضي: "وهو المقام الذي كانت الفكرة الجمهورية تنتظره لنفسها" فهذا المقام الذي كانت الفكرة الجمهورية تنتظره لنفسها .. حسب زعم القاضي، هو مقام المسيح، فالقاضي يقول في ذلك: "إن إيمان الجمهوريين وعقيدتهم هي إن الأستاذ محمود هو الإنسان الكامل والمسيح .. " .. ويقول في موضع آخر: "هذا ما كانت تطرحه الفكرة الجمهورية علينا، بينما كانت لها ثقافة سرية هي أن الأستاذ محمود هو المسيح المحمدي (الحقيقة المحمدية) والإنسان الكامل" .. إذن فالخميني عند القاضي، روحياً ملأ مقام صاحب الوقت، والذي كانت تنتظره الفكرة الجمهورية لنفسها، حسب، زعمه، وهو مقام المسيح، والإنسان الكامل!!
    وهذا النص وحده كافٍ تماماً، في الدلالة علي شخصية صاحبه، وطريقة تفكيره، وقيمه .. ونحن هنا سنستعرض التناقضات الأساسية والكبيرة، التي يدل عليها قول القاضي هذا:
    1) زعم القاضي الأساسي أنه عقلاني، يرفض الغيبيات، والحلول التي تأتي من السماء، ويبالغ في إستنكار ذلك علي الآخرين، وبقوله هذا دلل دلالة صارخة أنه لا علاقة له بالعقلانية التي يدعيها .. فهو يتحدث عن مقام روحي، ويقرر أنه يعرف صاحبه، ويحدده .. وبما أن هذا المقام بطبيعته مقاماً روحياً، وقد ذكر ذلك هو صراحة، فهو لا يتم إدراكه بالتفكير العقلاني، فقط، ولا بد فيه من أساليب روحية في المعرفة .. وبما أنه لا يوجد أي إنسان إدعي هذا المقام للخميني، فهذا يعني أن القاضي يعرف من الأسرار الروحية، ومن المقامات، ما لا يدركه غيره .. وستضح أبعاد التناقض الكبير مع ما يدعيه من منهج عقلاني في النقاط التالية.
    2) هرّج القاضي تهريجاً كثيراً، حول فكرة المسيح والمهدي، وزعم أن الفكرة مبدئياً خاطئة، ولا أصل لها إلا عند اليهود، وحاول أن يشكك في الأحاديث النبوية الواردة فيها .. فهو من جانب يقول أنه يرفض فكرة المسيح والمهدي، ومن الجانب الآخر يدعي أنه هو شخصياً يعرف المسيح، ويسميه بإسمه ألا وهو الخميني .. وكون الخميني عنده هو صاحب الوقت، هذا يعني ضمناً أنه يؤمن بفكرة المهدي، لأنها من الأفكار الأساسية، عند صاحب الوقت – الخميني – ولا يمكن أن تكون أفكار صاحب الوقت الأساسية، خاطئة وباطلة.
    3) بناءاً علي ما تقدم ليس من حق القاضي أن يعترض علي أي إنسان يؤمن بفكرة المسيح أو المهدي، أو حتى يدعيها لنفسه أو لغيره .. فلا يوجد سبب موضوعي يعطيه الحق في أن يدعيها هو للخميني، ولا يعطي أتباع شيخ سليمان، في السودان مثلاً أن يدعوها لشيخهم .. ولا يوجد أي معني لكل هذا التهريج الذي صرفته يا أستاذ في إتهام الجمهوريين في هذا الصدد، فهم علي الأقل يرون أن المقام لم يتحقق حتى الآن، فإن المسيح لم يظهر حتى الآن .. فالأمر هنا معكوس، فمن حق الجمهوريين أن يتهموك وبحق – ويملكون الدليل الواضح من قولك – بما تحاول أنت أن تتهمهم به.
    4) بما أن فكرة الغيبة، من الأفكار الأساسية، عند صاحب الوقت عندك، فمن المفترض أنك تؤمن بها طالما أنك تؤمن بأنه صاحب الوقت، ولا يمكن لصاحب الوقت أن يكون مخطئاً في أفكاره الأساسية .. فأنت تؤيد أكبر فكرة، تؤمن بالغيبة، وتبني علي إيمانها هذا، إلي حد وضع الدستور، وإقامة الحكم، بإسمه، ونيابة عنه، وتنكر بعد ذك علي الآخرين!؟
    5) نحن نقول أن العصمة، لا تجوز إلا في حق الأنبياء، وكتبنا كتابة مفصلة في الرد علي إدعاء الشيعة العصمة لأئمتهم، والسيد القاضي يفرض علينا فرضاً أننا نقول بالعصمة!! ثم هو يؤيد من يدعون العصمة صراحة، ومن ذلك مثلاً قول آية الله روحاني: "بالنسبة لنا معشر الشيعة، فإن الخلفاء الشرعيين الوحيدين لمحمد هم الذين ينحدرون منه، أي الأئمة. كان هنالك إثناعشر إماماً، والإمام الثاني عشر والأخير في السلالة – الذي إختفي وسيعود للظهور في آخر الأزمنة – وهو الذي ندعوه (الإمام المنتظر) قد عين في وصية له خلفاءه. هؤلاء الخلفاء هم الأئمة، وفي هذه الوصية قال: (طوال فترة غيابي عليكم طاعة الذين يمثلونني .. [آيات الله] بالتالي هم القيمون علي القانون والحكمة الإلهية. إنهم القرآن الناطق .. وبصفتهم هذه هم معصومون عن الخطأ .. والطاعة المستوجبة لهم هي واجب مقدس .. )" جريدة الأنوار عدد 11/2/79 .
    أما أقوال الخميني فتذهب إلي أبعد من ذلك بكثير فهو يقول: "فإن للإمام مقاماً محموداً، ودرجة سامية، وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون، وإن من ضروريات مذهبنا إن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب، ولا نبي مرسل"!! وعندما ننتقد نحن هذه الأقوال، نقداً موضوعياً مفصلاً، في ثلاثة كتب، يتهمنا السيد القاضي بأننا ننطلق من منطلقات ذاتية، ويعتبر تقريره هذا (نظرة علمية) وينسب إلينا القول بالعصمة، والطاعة العمياء، ثم يؤيد، ويمجد من يقولون صراحةً، ما ينسبه لنا، بهتاناً .. هم يقولونه صراحةً، ونحن ننكره عليهم، فيعكس القاضي الوضع .. فطالما أن القاضي يعتبر الثورة الإيرانية ثورة عظيمة، وإن الخميني هو صاحب الوقت، فمن حقنا أن نتهمه، وبحق، أنه يؤمن بالعصمة لغير الأنبياء .. أرجو ملاحظة أن الخميني عندما قال: "إن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب، ولا نبي مرسل" لم يستثن النبي محمد عليه أفضل الصلاة، وأتم التسليم، ومن المفترض أن القاضي يؤمن بذلك، طالما أن الخميني عنده هو صاحب الوقت.
    لننظر في النصين التاليين للقاضي، هو يقول عن الجمهوريين: "فقد مات نشاط الجمهوريين، لأن الفكرة قائمة علي (العصمة)، وبالتالي قفلت الباب أمام الإصلاح" .. ويقول عن الخميني: "عظمة الإمام الخميني ليست قاصرة في قيادته لثورة شعبية أطاحت بنظام الشاه فحسب، وإنما في التجديد الفكري، حيث إستطاع أن يحل مسالة الإمام الغائب المنتظر، بفكرة ولاية الفقيهالولي المعصوم"!! نحن ندان بتهمة العصمة، زوراً وبهتاناً .. وعصمة الولي المعصوم، دليل علي العظمة، والتجديد الفكري!!.
    6) يقول القاضي: "البعد العنصري في الفكرة الجمهورية يمكن أن نلحظه في البعد اليهودي في الفكرة المتمثل في فكرة المسيح المخلص .." .. ويقول: "اليهود ينتظرون دولتهم في آخر الزمان بقيادة شخص من ذرية داؤود وسليمان، فإن الجمهوريين ينتظرون دولة بقيادة شخص من "العترة" النبوية القرشية، شروط الإنسان الكامل الجمهوري: القرشية والذكورة، والإسلام"!! إن هذا القول الغث يبعث علي الإنقباض .. هنا بلغت الجرأة في التطاول، حداً لم يكن متصوراً الوصول إليه .. فالقاضي في قوله هذا السيء، إنما يسيء للنبي الكريم بالذات، ويتهمه بأن أقواله، تقوم علي بعد عنصري يهودي، وذلك بأكثر من وجه .
    (أ) النبي الكريم، مسلم ذكر قرشي، وهذه هي الشروط التي جعلها القاضي دليلاً علي العنصرية اليهودية.
    (ب) حاول القاضي أن يجعل من الجمهوريين، ستارة للإساءة، للنبي الكريم، ولكنها ستارة لا تستر شيئاً، إذ لا يوجد مسلم يجهل أن احاديث "العترة" التي يتحدث عنها القاضي، سواء وردت في حق المسيح أو المهدي، أو فسرت للدلالة علي أي منهما، هي أحاديث نبوية، وليس للجمهوريين أي دور فيها سوي الإيمان بما جاء فيها، والإستدلال بها .. وهذه الأحاديث مثل قوله صلي الله عليه وسلم: (لو لم يبق من الساعة إلا مقدار يوم لمدّ الله فيه، حتى يبعث رجلاً من آل بيتي، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً) .. ومثل (المهدي من عترتي) .. ولا يوجد أي إحتمال، أن القاضي يجهل نسبة هذه الأحاديث للنبي الكريم .. وجميع المسلمين سنة وشيعة، يعرفون ذلك .. فالقاضي، يتهم النبي الكريم، بالعنصرية اليهودية، وعلي صفحات جريدة سيارة، تصدر في بلد إسلامي!! والقاضي يبرئ الجمهوريين من العنصرية، بقوله: "وللأمانة أيضاً فإن سلوك الجمهوريين في الزواج كان أرفع من مستوي شرطي الكفاءة فالفرد الجمهوري ينظر له فقط في خلقه، وإلتزامه، بغض النظر عن عنصره .." .. فإذا كان القاضي فعل ما فعله عن قصد، أو عن عدم وعي وقلة إكتراث، حاصل الأمر أنه يسئ للنبي الكريم إساءة لا لبس فيها .. ولا ينتظر أن تصدر حتى من غير المسلم.
    والمسئول عن نشر هذا العمل الفظ، هو جريدة الوطن القطرية، التي جعلت من نفسها منبراً، للإساءة للشعب السوداني، وجميع أحزابه، وتنظيماته، بل بلغ بها التهاون وعدم مراعاة القيم والتقاليد الصحفية، إلي درجة أن تستغل كمنبر للإساءة للنبي الكريم، متحدية في ذلك مشاعر جميع المسلمين في الأرض!! لقد كانت أقوال القاضي كلها بعيدة عن الموضوعية، وتقوم علي عدم المصداقية، وتزييف الحقائق، وتقويل الآخرين ما لم يقولو، في عبارات فيها الكثير من الإسفاف .. فما الذي يجعل صحيفة الوطن القطرية تتقبل نشر مثل هذا الأسلوب، ضاربة عرض الحائط بكل القيم والتقاليد!؟ إنني هنا أطالب صحيفة الوطن القطرية، بالإعتذار لجميع المسلمين في العالم، عما نشرته من إساءة في حق النبي الكريم .. وأطالبها بالإعتذار للشعب السوداني، ولجميع أحزابه وتنظيماته التي أساء إليها السيد القاضي.
    ولا يمكن أن يعتبر ما قاله القاضي مجرد رأي، لأن الأمر الواضح أن العنصرية قضية تتعلق بالمجتمع البشري، ولا تتعلق بالقضايا الوجودية، أو بفرد في المجتمع .. فكون سيدنا آدم كان رجلاً، أو خاتم الأنبياء كان رجلاً، هذه أمور لا علاقة لها بمفهوم العنصرية .. وتهم القاضي هذه ستظل قائمة في كل الحالات، فالمنتظر لا بد أن يكون من جنسية ما، رجلاً أو إمرأة، وعلي دين ما، وفي كل هذه الحالات، يظل إتهام القاضي قائماً
    (ج) أنت يا السيد القاضي حددت صاحب المقام، صاحب الوقت، وقلت أنه الإمام الخميني .. والإمام الخميني ذكر مسلم إيراني .. فما الذي يجعل قولك هذا، ليس عنصرية، وقول النبي الكريم بأن المخلص من عترته عنصرية!؟
    إنك تخلط الأمور تخليطاً موبقاً، وتتظاهر بمظهر العارف، المتمكن، وتسخر من الآخرين .. فأنت تحاكم القضايا الوجودية، بمعايير القضايا الإجتماعية، يمكن بمنطقك هذا أن تقول: إن هنالك إنحيازاً للذكورة، ضد الأنوثة، لكون كل الأنبياء المعروفين في الأديان الكتابية رجالاً!! وكل هذه الأمور، حكمتها قابلة لأن تفهم ولكن لا سبيل لفهمها إلا سبيل الأدب مع الله، ومع نبيه الكريم.
    وأنت تحاكم قضايا الأحوال الشخصية، بالقانون العام، مع إن الحق في الأحوال الشخصية حق الفرد من رجل أو إمرأة، فهو يحق له أن يختار شريكه علي أسس حتى غير موضوعية تماماً، كالعاطفة الشخصية مثلاً، ولا يلام في ذلك، ولا يشترط عليه، أن يبعد إعتبار العوامل الذاتية .. وبالمناسبة، المجتمع الذي يطبق فيه قانون الأحوال الشخصية، المطور، جميع أفراده من المسلمين، ولذلك لا مجال لأن يكون موضوع الدين، شئ خلاف القيمة.
    7) زعم القاضي أن الإمام الخميني هو صاحب الوقت، الإنسان الكامل الذي ينتظره الجمهوريون، وقد ملأ الخميني روحياً هذا المقام، حسب زعمه .. والخميني لم يقل ذلك عن نفسه، وأتباعه من الشيعة، لم يقولوا ذلك عنه .. والخميني والشيعة ينتظرون المهدي، الإمام الغائب، ولا أحد غيره .. والإمام الغائب بالنسبة لهم شخص معروف، وهو ليس الخميني، وإنما هو محمد بن الحسن العسكري .. فصاحب الوقت هذا، الذي يتحدث عنه القاضي، يعرفه رجل واحد فقط، هو القاضي نفسه!! حتى أن صاحب المقام نفسه، يجهل أنه صاحب المقام .. وقد إلتحق الخميني بالرفيق الأعلى، وبذلك يكون صاحب الوقت جاء، ومضي، دون أن يشعر به أحد سوي القاضي، ولم يحدث أي شئ من التغيير في الأرض كما يُنتظر أن يحدث عن طريق صاحب الوقت، عندما يملأ المقام، وكل النصوص التي تتحدث عنه، تشير إلي أنه سيحدث تغييراً أساسياً، به تملأ الأرض عدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً، ويسود الإسلام كل الأرض، حتى لا يصبح فيها غير مسلم، يشهد شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله .. وحتى الرجل الواحد، الذي عرف بمجئ صاحب الوقت هذا، يبدو أنه لم يتبعه .. وحتى دولته التي ظهر فيها- إيران- لم يقم فيها أي نظام يغري دولة أخري بأتباعه!!
    والقضية كلها تدل علي أن السيد القاضي، يدعي أنه يعلم من الأسرار الروحية، ما لا يعلمه غيره .. وبالطبع هو عندما يعلم صاحب الوقت بهذه الصورة، التي تخفي علي الجميع، أما لأن مقامه هو روحياً فوق صاحب الوقت، أو علي أقل تقدير، في مستواه، وإلا لما عرفه طالما أنه لم يدِّع المقام، ولم يظهر للآخرين.
    نقول للقاضي: إذا جاء صاحب الوقت، وإختلف فيه إثنان، فهذا دليل علي أنه، ليس هو .
    8) حيث أن السيد القاضي، قرر أن الإمام الخميني هو صاحب الوقت، فإما أن يكون السيد القاضي رجلاً جاداً، يعرف ما يقول، ولا يقول إلا ما يعرف، ويلتزم الحق حيث وجده، أو أنه رجل، يقول علي الله ما لا يعلم، ويعبث في أدق الأمور وأخطرها .. فإذا كانت الأولي، فتقتضي، أن يتبع القاضي صاحب الوقت، فيكون شيعياً علي مذهبه، يؤمن بكل أساسيات المذهب، من ولاية تكوينية للأئمة، ومن غيبة للإمام المنتظر، ومن عصمة للأئمة إلي آخر المبادئ الأساسية، إذ لا يعقل أن يكون صاحب الوقت مخطئاً في مبادئه الأساسية.
    أما إذا كان القاضي يعرف الحق في أعلي المستويات – مستوي صاحب الوقت – ثم لا يتبعه وهذا يجعل القاضي، لا خير فيه لنفسه، أو لغيره، إذ لا يمكن أن ينتظر الخير من رجل، يعرف الحق، ثم لا يتبعه .. فطالما أن الخميني هو صاحب الوقت، فهو على الحق، ومن يؤمن بذلك ويتبع غيره، فهو يتبع الباطل بمقاييسه هو نفسه.
    قضية السيد القاضي الأساسية، حسب زعمه هي بناء السودان الجديد .. ولتحقيق هذا الغرض هو يزعم أنه بصدد تقويم الأحزاب التي في الساحة .. وعلي الرغم من أن الحزب الجمهوري ليس حزباً سياسياً يطلب السلطة، ولم يكن في يوم من الأيام كذلك، وإنما هو تنظيم إسلامي، يبشر بالإسلام كمدنية جديدة تنفخ الروح في الحضارة الغربية السائدة .. وعلي الرغم من أن القاضي نفسه يزعم أن الجمهوريين مشغولين بالإسلام، اكثر من الوطن .. رغم كل ذلك، أكثر من تسعين في المائة من كتابات القاضي، التي إطلعت عليها، هي تتحدث عن الجمهوريين!! وهو قد قال أنه ليس بصدد مناقشة تفاصيل الفكرة، كما أنه لم يناقش المنهج، بل ذهب يتحدث عن قضايا غير موضوعية، بإسلوب غير موضوعي كما رأينا في الطرف الذي عرضناه.
    يقول القاضي: "المصادر الأساسية للفكرة الجمهورية هي كتاب "الرسالة الثانية من الإسلام" وكتاب "طريق محمد" وكتاب "رسالة الصلاة" فهذه الكتب تشتمل علي الإصلاح السياسي والإقتصادي والإجتماعي هذا الموضوع الذي دفعنا لنقاش الفكرة من طرف .. والإصلاح الديني المتمثل في العودة إلي طريق محمد، وإدخال الروح في العبادة ، عن طريق الصلاة الذكية بغرض الإنتقال من التقليد – أي تقليد النبي صلي الله عليه وسلم – إلي الأصالة – إلي الشريعة الفردية (كفاحاً من الله بلا واسطة) .. أما فيما يخص الإصلاح السياسي والإقتصادي والإجتماعي فإن الفكرة تستند إلي (نصوص قرآنية، وأحاديث)، بل تقوم الفكرة علي مفهوم المثاني، بمعني أن القرآن تضمن رسالتين، رسالة أولي قامت علي فروع القرآن – أي القرآن المدني .. ورسالة ثانية قامت علي أصول القرآن – أي القرآن المكي .. وأمة الرسالة الأولي هي أمة المؤمنين، في حين أن أمة الرسالة الثانية هي أمة المسلمين، وكل هذه المسائل تمت مناقشتها بطريقة منهجية موضوعية مقنعة أو غير مقنعة هذا شئ آخر .." .. عموماً هذا القول يقع في إيجابيات القاضي .. تصور أن رجلاً يتعرض لنقد فكرة، ويقول "كل هذه المسائل تمت مناقشتها بطريقة منهجية موضوعية، مقنعة أو غير مقنعة هذا شئ آخر" .. "مقنعة أو غير مقنعة" هذا ليس شئ آخر، وإنما هو جوهر قضيتك كناقد .. فوظيفة النقد الموضوعي أن يبين الصواب من الخطأ، ما هو مقنع مما هو ليس مقنعاً .. هذا الذي إنصرفت عنه هو القضية، هو الفكرة في محتواها وفي منهجها، وأنت تقول "نحن بصدد دراسة كل الأفكار الموجودة في الساحة السودانية" .. وتقول: "وأنا لست بصدد مناقشة الفكرة الجمهورية بتفاصيلها، وإنما أنا معني فقط بالجزء المتعلق بالتغيير ومنهج التغيير" .. أنت لم تناقش محتوي الفكرة الجمهورية، لا في مجمله ولا في تفاصيله – رغم إنك عرضت مصادر الفكرة الأساسية .. ولم تناقش منهج الفكرة ، رغم أنك عرضت أن منهجها هو طريق محمد صلي الله عليه وسلم، وعرضت رؤيتها لموضوع المثاني في القرآن، والأصول والفروع .. وذهبت بعد كل هذا إلي قضايا إنصرافية، وإتهامات للجمهوريين، والحديث عن عقائد، لا تملك فيها أية بينة موضوعية، وهي في ذاتها ليست قضايا موضوعية .. وذهبت لتقول: "الشئ الجدلي في الفكرة الجمهورية هو شخص الأستاذ محمود نفسه أكثر من الفكرة .. علي الرغم من أن الأستاذ محمود لم يقل عن نفسه أنه المسيح والأصيل الواحد، ورسول الرسالة الثانية من الإسلام .. إلخ .." .. هل النقد الموضوعي هو ترك الأفكار، والحديث عن الأشخاص!؟
    ألم اقل أن موازينك كلها مختلة!؟ ما هي أهمية الإعتقاد في أن الأستاذ محمود هو المسيح، أو ليس المسيح، لبناء السودان الجديد الذي تتحدث عنه!؟ سودانك الجديد هذا يتوقف أمر بنائه علي عقائد شخصية!؟ وهذا هو التفكير العقلاني الذي تتحدث عنه!؟ أنت تعتقد أن الخميني هو صاحب الوقت، فما التغيير الذي حدث، أو يمكن أن يحدث، من عقيدتك هذه للسودان، أو لغير السودان!؟
    وأنت تقول أن الأستاذ محمود لم يقل عن نفسه أنه هو المسيح .. إذاً الموضوع ينبغي أن يكون منتهياً، فهو صاحب الدعوة، وأنت شهدت أنه لم يقل، ما صرفت أنت جل الوقت في مناقشته .. فلماذا ضياع الوقت في القضايا غير الموضوعية .. أنت تتهم الجمهوريين، بأنهم يسلمون للأستاذ وللقياديين تسليماً مطلقاً، وتشهد أن الأستاذ، لم يقل أنه المسيح، ومع ذلك تتحدث عن أن الجمهوريين يقولون عنه ذلك!!.
    أعتقد أنت ما شئت، ودع الناس يعتقدون ما شاءوا، فلا أحد يستطيع أن يتحكم، في عقائد الآخرين، ولكن من الممكن جداً، ومن المطلوب جداً، الحوار حول الأفكار الموضوعية، حواراً موضوعياً، لا يفرض علي الآخرين شيئاً لم يقولوه، ولا يفتري عليهم، ولا يسيء تخريج أقوالهم، وإنما يعرضها كما هي ومن مصادرها المعتمدة عندهم، وحسب فهمهم هم، ثم ينافش ذلك، بفكر حر لا يلتوي مع الغرض .. فما تركته – من أن الفكرة مقنعة أو غير مقنعة – هو بالضبط ما كان ينبغي أن يكون عليه عملك كله، إذا كنت فعلاً تبتغي الموضوعية، ومهتم ببناء السودان الجديد، ولكن ذلك لم يكن موضوعك، وإنما كان موضوعك، هو تشويه الفكرة بكل سبيل، ومهاترة أصحابها، وهذا ما ذهبت فيه عملياً، وهذا لن يغير من الحق شيئاً (فأما الزبد فيذهب جفاءً، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) ..
    الأستاذ القاضي: ابلغت بك الغفلة، أن تتصور أنك يمكن أن تكون وصياً علي الجمهوريين، تحدد لهم ، ما يتركوه، وما يأخذوا به، وانت خارجهم!؟ وما الذي تريد أن يتركوه!؟ تطلب إليهم صراحة، ترك الدين بالذات، في سبيل السياسة؟! علماً بأنهم لا يرون تعارضاً بين الدين والسياسة، حسب الطريقة التي يتعاطون بها الإثنين، معاً، وفي نفس الوقت!!
    مالك والجمهوريين، يتحركون، أو لا يتحركون، هذا أمر داخلي، يعنيهم هم، فعليك أن تهتم لشأنك، فأنت في أشد الحاجة لذلك، ولا تحسبن أنك في سعة من أمرك، فالموت لا يترك أحداً، ولا يُعرف وقته، ولا منجاة إلا بالدين الذي تطلب تركه .. والعاقل من إتعظ بغيره .. السيد القاضي، لقد كنت قاضياً بعيداً عن العدل في أحكامك.
    كان أحدهم، يسعي في معارضة الفكرة، بالباطل، طلباً لمكانة ودنيا، يطمع فيهما، وقد مدَّ الله له في طغيانه، حتى إذا ما نال ما كان يصبوا إليه من دنيا، وإطمأنت نفسه، حاق به المكر الإلهي، وأخذ منه الدنيا أولاً، حتى إذا ناشته، نوائش الحسرة عليها، أخذه الله إليه!!
    نحن نزعم يا السيد القاضي، أن طريق محمد صلي الله عليه وسلم هو الحق، ولا ينصرف عنه إلا محروم، فنعوذ بالله، أن نكون، أو تكون من المحرومين.
    وأنت تعلم أن سندنا الأساسي في قضية المسيح هو القرآن، والدليل الأساسي علي صحة الأحاديث عندنا، يؤخذ من القرآن، ولكنك أخفيت ذلك علي قرائك، كما أخفيت الكثير .. كان يمكن أن تقول لقرائك، ان هؤلاء الدراويش يبشرون بأن الإسلام سيعم الأرض جميعها، حتى الأمريكان والإسرائليين سيكونون مسلمين .. كان يمكن أن تقول لقرائك، عن هؤلاء الدراويش، يزعمون أنه سيأتي وقت قريب، ينزع فيه الغل من صدور جميع الرجال والنساء ويصبحون أخواناً متحابين، الحب الباقي، الحب في الله. كان يمكن أن تحدثهم عن الدروشة التي تبشر بالسلام، الذي يسود بيئة الحياة كلها حتى الحيوان والنبات. .. كان يمكن أن تقول لهم ، هؤلاء الدراويش يزعمون، أنه سيأتي وقت قريب إن شاء الله، تسود فيه العفة، في صدور جميع الرجال والنساء، فلا يكون لأي رجل رغبة جنسية إلا تجاه إمرأة واحدة هي زوجته، ولا يكون لأي إمرأة رغبة جنسية إلا تجاه رجل واحد هو زوجها .. هنالك الكثير، والكثير جداَ من صنوف الدروشة التي أخفيتها علي قرائك.
    السيد القاضي في كتابتي هذه لم اجاملك، ولم يكن ذلك ممكناً .. ولم أقل في حقك من كلمات إلا ما رأيته مناسباً، وهي لم تصل في الشدة، ما وصلت إليه أنت في حق الفكرة من تشويه متعمد، ولكنها لم تتجه إلي اللين، واللين في بعض المواقع له حكمته، ولكن ليس من مشهدي مخاطبة الرجال، بالصورة التي تتناسب مع الأطفال، حتى ولو كان في هؤلاء الرجال طفولة.
    الأمر الذي احب أن أوكده لك هنا، أن صدري رغم كل شئ لا ينطوي تجاهك إلا علي الخير، ولا أرجو لك إلا الخير، وهذا ما ربتني الفكرة عليه، فأنا أعلم أنك في النهاية لا تضر إلا نفسك، فأرجو الله لك أن يعينك عليها.
    اللهم نعوذ بك من مكرك، ومن شرور أنفسنا .. اللهم أرنا الحق حقاً، وألزمنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وجنبنا إتباعه .. ولا حول ولا قوة إلا بالله .

    خالد الحاج عبد المحمود
    رفاعة
    24/8/2004م

    الأستاذ خالد الحاج عبد المحمود يرد على السيد ابوبكر القاضي - الجزء الثالث

    الأستاذ خالد الحاج عبد المحمود يرد على السيد ابوبكر القاضي - الجزء الأول

    (عدل بواسطة Omer Abdalla on 08-25-2004, 07:23 PM)

                  

08-26-2004, 04:03 AM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الحاج عبد المحمود يرد على السيد ابوبكر القاضي - الجزء الأخ (Re: Omer Abdalla)

    up
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de