واشنطن تدرس اقتراحًا بفرض مناطق لحظر الطيران فى غرب السودان

Quote: Last Update 09 August, 2004 08:06:04 AM النداء الأخير للحكومة السودانية د. عبدالوهاب الافندي قضيت معظم الأسبوع الماضي خارج بريطانيا في رحلة إلي المشرق العربي كنت آمل أن أرتاح فيها قليلاً من الضجة الإعلامية المتصاعدة حول دارفور، حيث كانت الاتصالات من أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية، عربها وعجمها، تطاردني حتي وأنا في الطريق إلي المطار، ولكن أملي خاب حيث لم تمر ساعات علي وصولي حتي بدأ الهاتف النقال يرن، مما دفعني إلي إغلاقه. في فرانكفورت في طريق العودة، طالعت الأعداد الأخيرة من مجلتي الايكونوميست و نيوزويك ، فكانت دارفور موضوع الغلاف في الأولي بعنوان دارفور لن تستطيع الانتظار . وتضمنت الافتتاحية دعوة للتدخل العسكري السريع في دارفور لإنقاذ حياة الآلاف الذين سيموتون إن لم يحدث تدخل. أما نيوزويك فقد رأت في الأزمة فرصة لتوني بلير رئيس الوزراء البريطاني لينفض عنه غبار أزمة العراق، ويظهر علي الساحة كزعيم أوروبي مستقل يتصدي لقضية أخلاقية مهمة. وكشفت عن عزم بلير ومستشاريه علي استغلال هذه الفرصة لأقصي درجة. أما مجلة تايم التي غطت الأزمة في أعدادها السابقة، فقد حفل عددها الأخير برسائل من القراء تصم جورج بوش بالعار لأن الولايات المتحدة قصرت مرة أخري كما حدث في رواندا وغيرها في التصدي لأزمة إنسانية وجريمة إبادة جماعية. جورج بوش كان بالفعل في موقف الدفاع حين تحدث في نفس اليوم وهو يوقع ميزانية الدفاع، حيث هاجم الحكومة السودانية وطالبها بنزع سلاح الجنجويد، وأكد أن الولايات المتحدة عازمة علي متابعة الأمر. ولكن الأغرب من ذلك كان ظهور السناتور فرانك وولف في موقع الدفاع في تلك الليلة في برنامج حواري علي قناة الـ بي. بي. سي . وكان وولف مشهوراً بقيادة أشرس الحملات ضد السودان، وقاد بعثة زارت دارفور مؤخراً. وقد انتقده المذيع بسبب تأخر الولايات المتحدة في التدخل لحل الأزمة، وضايقه إلي أن انتزع منه تعهداً بأن تدعم الولايات المتحدة خطة للتدخل السريع علي غرار ما حدث في سيراليون وليبيريا، علي ألا يقل عدد القوات عن خمسة عشر ألفاً. في نفس الليلة حملت القناة الرابعة والـ سي.إن.إن و سكاي نيوز تقارير مطولة عن الأزمة، حملت تأكيداً في تقاريرها الميدانية لاستمرار الأزمة، بل وتفاقمها، حيث أوردت هذه القنوات مزاعم جديدة حول اشتباكات بسبب محاولات الحكومة إعادة النازحين إلي قراهم ضد رغبتهم. من الواضح أن هناك عاصفة إعلامية محورها دارفور، ومن الواضح أن هذه العاصفة في تصاعد وأنها لن تهدأ ما لم يتم حل الأزمة الإنسانية المتفاقمة. ومن الواضح أن هذه الحملة تضع ضغوطاً متزايدة علي الحكومات الغربية للتدخل العسكري في دارفور. وفي هذا الإطار فإن استصدار قرار من مجلس الأمن حول السودان لا يعتبر تصعيداً، بل هو في حقيقته محاولة من الدول المعنية لشراء الوقت وتجنب اتخاذ القرارات الصعبة. فالدول الغربية لا تفضل التدخل العسكري. من هنا فإن دارفور تعتبر أزمة للدول الغربية مثل ما هي أزمة للحكومة السودانية. بالنسبة للسودان هناك جوانب تذكر بالأزمة العراقية، حيث تجد الدول الحليفة للسودان، وخاصة الدول العربية تساعد السودان بالتأكيد علي إدانته بالجرم المشهود، مع التوسل لإعطائه فرصة لتصحيح الأوضاع كما كانت في السابق تطالب العراق بالتعاون مع المفتشين الدوليين. وهذا الوضع يضع الجميع علي طريق نهايته المنطقية هي التدخل. لكي تساعد الحكومة نفسها للخروج من ورطتها فلا بد أن تساعد الزعماء الغربيين في ورطتهم عبر معالجة سريعة للجانب الإنساني من الأزمة. وكما رددنا مراراً فإن هذا لن يتم إلا باستدعاء قوات من دول صديقة ومراقبين دوليين لطمأنة النازحين حتي يعودوا إلي قراهم. الإشكال هو أن الحكومة تضيع الوقت في إجراءات لا طائل من ورائها، مثل محاولة إرسال قوات شرطة وقوات من الجيش للإقليم، أو تسيير المظاهرات في العاصمة وغيرها. وكل هذا لن يخدم القضية المطروحة، وهي إعادة النازحين إلي قراهم، خاصة في ظل نفوذ عناصر التمرد وسط النازحين وعدم تعاونهم في مسألة العودة الطوعية. الوقت ليس في صالح الحكومة، وقرار مجلس الأمن هو النداء الأخير للحكومة لتدارك الأمر قبل إقلاع طائرة التدخل المحتوم.