|
|
 مايرضي اهل رومبيك يجب ان لايغضب اهل طابت
|
بداية الحرب الدافئة
زعيم الحركة الشعبية فى جولته الاولى .. ما يرضى رمبيك يجب إلا يغضب طابت ..!!
قراءة تحليلية: ضياء الدين بلال
[email protected]
جديدة هى طريقته فى اللعب السياسي.. العقيد جون قرنق زعيم الحركة الشعبية يطلع خصومه على «اوراقه» دون ستر او إخفاء.. مع ذلك يلقى رهاناً ثقيلاً على أن (النصر) سيكون فى إنتظاره عند نهاية اللعبة.. وان معلومية الخصوم والمنافسين واطلاعهم على ما بيده من اوراق لا يغير فى الامر شيئاً.. انها معرفة اطلاعية تفيد العلم ولا تؤثر على الفعل ومحصلته الخاتمة..!!
ما يحزن القرنتية
جون قرنق فى جولاته الداخلية فى (الجنوب والنيل الازرق وجبال النوبة) والتى تتم
تحت رصد ومتابعة اجهزة الاعلام تأخذ لغته وعباراته سياقاً مختلفاً عن احاديث نيفاشا المسالمة التى تؤكد لا جدوى العودة للنزال وتتحسر على الضحايا فى حرب العشرين عاماً.. ويقتسم الرجل الابتسامات والنكات مع شركائه الجدد.. ويطالب بجمع اطروحة الحركة الشعبية «الثورية» واطروحة الإسلاميين «الحضارية» فى صحن واحد.. ويشكر الوسطاء والعاملين فى منتجع (سمبا لودج) والقرنتية الشهيرة اصالة عن نفسه ونيابة عن رفيقه علي عثمان محمد طه!!
إنتهت ايام نيفاشا.. وفرحت هيلدا جونسون وسيبموية وألن قولتى واعضاء الايقاد بما تم انجازه.. وعادت الحكومة لتبشر بالاتفاقيات ولتبرر لما اعتبر تنازلات افاضت فى تقديمها. اما قرنق فقد اتجه لقواعده فى جولة مارثونية ومخاطبات لاهبة قد تستمر المخاطبة الواحدة لست ساعات مثل ما حدث فى كبويتا فى مؤتمر السلاطين الذى ظلت جلساته على حسب ما يفيدنا الزميل مصطفى سرى -تأخذ كل الصباح وبعض النهار وأغلب الليل.. وتبدو طريقة جون قرنق فى المخاطبات من حيث طولها وحيويتها وطرافة الاستشهاد اقرب للطريقة التى ينتهجها الرئىس الكوبى فيدل كاسترو.. فجون قرنق فى لقاءاته الجانبية التى كانت تتم اثناء جولات التفاوض بنيفاشا ومع وفود القوى السياسية او رجال الدين كان يستمر فى الحديث لاكثر من ثلاث ساعات متواصلة دون انقطاع... ودون أن يعيد ترتيب حباله الصوتية او يجترع كوباً من ماء!!
طاقة وطلاقة قرنق فى الحديث المتواصل قد ترد لمقدرات ذاتية أكسبتها له طبيعة التدريب العسكرى.. فقد ظل يردد فى عدد من اللقاءات الصحفية ان هوايته المفضلة هى تسلق الجبال وهى رياضة شاقة وخطرة.. وإن شكك البعض فى صحة الافادة باعتبار ان وزن الرجل وطبيعة بنيته الجسدية لا تؤهله لهذه الرياضة.. ولكن بصحة
«الافادة» او تكذيبها.. الا أن قرنق ظل طوال جولات التفاوض يشبه القضايا الخلافية بأنها «سلاسل جبال».. وعند التوقيع النهائى قال انهم الان فى «السهول» التى قد لا تخلو من المفاجآت غير السارة كذلك..!!
من أين له هذا؟!
طاقة وطلاقة قرنق فى الحديث خاصة فى مناطق مخاطباته فى الجنوب والنيل الازرق وجبال النوبة.. قد يكون مردها حماسة ثأئره وانتشاء فائر اراد تصويره لمستمعيه.. أو أن الرجل يقوم ويرقد على هاجس أن تحديات وصعاب القادم أعقد من مسار الحرب وتجاربها.. هاجس يسرب إليه نمل القلق.. فيبحث الرجل عن الاحتماء والتوازن عبر التخاطب مع الاخرين ونفض كل ما فى الجراب.. ولكن ما قد لا ينتبه له قرنق وهو يطلق الوعود لقواعده ويوعدهم بفورية الرخاء وسهولة الانتقال مما هم فيه لواقع افضل. ان هذه الوعود ستجعل محاسبة النتائج قاسية.. فقد تعتقد القواعد ان انتقال الحركة التى تمثلها من الغابة الى القصر وتحول الثوار الى وزراء يستتبع ذلك وبصورة مباشرة إنتقالهم من وضع اجتماعى واقتصادى قريب الشبه بالانتقال من الغابة للقصر.. فتجربة الانقاذ كافية للإفادة بأن خطاب التعبئة واطلاق الوعود ما هى إلا شيكات واجبة السداد قد تتأخر او تترحل او تقسط ولكنها لا تضيع.. والحكمة تقول كلما مضيت بعيداً فإن طريق العودة سيصبح اكثر صعوبة..!!
على المكشوف
ركز قائد الحركة الشعبية فى جولته الاخيرة التى تابعتها صحيفة الايام متابعة صحفية دقيقة على عدة اشياء او قول ان قرنق عبر الزىارة كشف ورقه للخصوم والحلفاء عن قصد.. فقد كان صريحاً لدرجة قطعاً ستربك خصومه وحلفاءه معاً .. وتبدو تلك الصراحة فى عدة اشارات:
1- اوردت الايام فى عدد السبت 12يونيو أن قائد الحركة تحدى القوى السياسية فى الانتخابات القادمة.. واكد على أن الحركة الشعبية ستكون الحزب الاول فى السودان ويمكنها هزيمة «الجميع» وعبارة «الجميع» وما تسع من متعددات.. تفيد بأن الحركة رهانها لن يكون على التحالفات مع القوى السياسية.. ولكن رهانها على نفسها وعلى قوى السودان الجديد التى يبدو من الزيارات انها مصنفة على اساس اثنى..!!
2-فى جبال النوبة وفى النيل الازرق سعي الدكتور جون قرنق لتحييد عامل الدين فى الصراع حيث تحدث فى الجبال عن دور النوبة فى المهدية.. وفى النيل الازرق تحدث عن مملكة السلطنة الزرقاء الاسلامية.. وقدم انموذجا تعبديا وهو الإلتقاء على
مائدة الافطار فى رمضان كنموذج للتلاقى السياسي بين الجميع.
3- فى 19يونيو نقلت الايام عن قرنق انه قال بأن الحركة الشعبية سيكون لها تمثيل في الاتحاداتة الخارجية فى العاب الرياضة المختلفة.. وقال ان ذلك لا يتعارض مع الوحدة.. ومن قبل ذلك وفى 20 يونيو وفى رمبيك كشف قرنق بأن الحركة الشعبية سيكون لها تمثيل دبلوماسى فى الاتحاد الافريقى وجامعة الدول العربية بصفة مراقب.. وقال إن عمرو موسى أمين الجامعة وافق على ذلك.. وفى ذات السياق شارك وفد من الاتحاد الافريقى فى مؤتمر السلاطين الذى من المفترض أن تنتهى جلساته امس.. وقبل فترة قصيرة استقبل قرنق وزير الدولة بالخارجية الفرنسى.. استقبله بالنشيد الوطنى وطابور التفتيش وصرح بأن لا مانع لديه من التعامل مع العلم
السودانى والنشيد الوطنى فى الفترة الانتقالية..!!
4- تميزت مخاطبات وتصريحات زعيم الحركة الشعبية بالهجوم الحاد على «الخرطوم» وبما تحمله من رمزية سيطرة المركز وتحكم مجموعة وصفها بأنها قلة تاريخية.. وأعلن عن تعرى دولة «الجلابة» فى مؤتمر السلاطين بكبويتا.. وقال لجماهير مدينة «طمبرة» بالاستوائية (لم نتحدث عن مشكلة فى الجنوب لأن الخرطوم هى المشكلة).. وفى جبال النوبة قال (الثورة المهدية إنطلقت من جبال النوبة وطردت المستعمر.. ونحن سنصل عبر النوبة الى الخرطوم)..!!
5- ظل قرنق فى كل مخاطباته يؤكد على استعداد الحركة للعودة للحرب مرة أخرى.. ويؤكد على حتمية إنفاذ أطروحة السودان الجديد بكل الطرق والوسائل.
6- وفى مدينة طمبرة شدد قرنق علي ان راجا وحفرة النحاس وكافى كنجى ضمن حدود الجنوب.. وقطع بحتمية عودة ابيي للجنوب بعد الست سنوات!!
7- وأعلن قرنق فى بحر الغزال أن حكومة الفترة الانتقالية ستدفع مرتبات الجيش الشعبى في الشمال والجنوب!!
الحرب الدافئة
ومن خلال قراءة النقاط السابقة والتى تبدو فى مجملها قضايا نزاعية من الدرجة الاولى يمكن تصور ادارة الفترة الانتقالية كيف ستكون.. مع وجود هذا الرصيف الواسع من الاختلاف والتفسيرات المتضادة؟!!
ملاحظات بقلم الرصاص
ومن اهم الملاحظات التي يمكن الوقوف عليها فى مخاطبات قرنق فى الجنوب وجبال النوبة والنيل الازرق هي:
1- حديث قرنق عن هزيمة الجميع فى الانتخابات والفوز بمنصب الحزب الاول فى السودان.. اعقبه بأيام حديث لياسر عرمان بواشنطن فى صحيفة المدينة الامريكية اعيد نشره بالموقع الالكترونى (سودان نايل) قال فيه ياسر عرمان (ستكون هنالك انتخابات فى مختلف المستويات .. الاتفاق سيجلب طرقاً ووسائل ستؤدى الى تأمين اسهام كافة القوى السياسية.. وستعمل الحركة الشعبية سوياً مع التجمع الوطنى
الديمقراطى والقوى السياسية الاخرى لضمان أن يكون لنا برنامج قومى يخلق اجماعاً قومياً بين القوى السياسية).
3- حديث دكتور جون قرنق عن المهدية بايجابية فى جبال النوبة.. يختلف عن رؤيته لها.. تلك الرؤية السلبية التى رشحت فى الخطابات المتبادلة بينه والصادق المهدى فى 1999م.. ابان اشتعال الخلاف بينهما.!!
4- فى مخاطبة قرنق للسلاطين بكبويتا ابدى انزعاجاً ورفضاً واضحاً لفكرة انشاء برلمان للقبائل بالجنوب.. قد يمثل تقييداً لسلطة الحركة هنالك.. واعتبر الفكرة محاولة من الحكومة لاختراق الحركة.. ويبدو ان المستهدف بالهجوم كان هو السيد بونا ملول فى المقام الاول الذى ينشط من هذا الاتجاه بسند اوربى.. فقد قال قرنق فى كبويتا (هنالك متشككون سيأتون بطرق مختلفة وبمساعدة من الخرطوم وما تقدمه لهم بعض الدول الغربية لتسويق ما يسمى ببرلمان القبائل.. هو بضاعة فاسدة لن نشتريها)..!!
5- نبرة زعيم الحركة الشعبية فى زياراته تلك كانت فى كثير من الاحيان يتداخل فيها خطاب التعبئة التحريضية مع خطاب ثقافة السلام.. فهو كأنه يمسك بخيار السلام وفى نفس الوقت لا يريد ان يلقى خيار الحرب من يده..!!
وكانت تصريحاته تعبر فى كثير من المرات عن فاقد الثقة بين الشريكين (الحركة الشعبية والمؤتمر الوطنى) فقد اكثر قرنق من لغة التهديد.
6- جولات جون قرنق اوضحت فى المقابل ان هنالك جهات فى جانب الحكومة لم تبتلع بعد مشروع الشراكة.. فقد منعت مجموعات فى النيل الازرق من حضور مخاطبة قرنق فى الكرمك.. وعندما بدأ جون قرنق فى جوبا فى مخاطبة أول حشد جماهيرى للحركة- عبر الهاتف تم قطع الاتصال بعد عشر دقائق.. هذا ما قالته الحركة على لسان زعيمها..!!
ماذا بعد هذا؟!!
السؤال الذى سينتظر الاجابة بعد جولات جون قرنق الاخيرة .. هل يدخر الرجل
لساناً آخر ليخاطب به مواطنى مدنى والقطينة والمناقل والخرطوم وسنار وشندى.. وحتى يشرب به فنجان قهوة فى المتمة برضاء واستضافة اهلها وحبهم؟!!
فالتجربة التى ستفيد زعيم الحركة الشعبية.. اذا اراد ان يصبح قائداً سياسياً قومياً أن ينتبه الى ان الخطاب الذى يرضى أهل رمبيك وطمبرة من الضرورى الا يغضب اهل طابت وحوش بانقا!!
|
|
 
|
|
|
|
محمد عبدالرحمن
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست