دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
في ذكرى الأستاذ محمود: ذلك الفقد المؤدي إلى الهلاك (قصيدة)
|
ذلك الفقدُ المؤدِّي إلى الهلاك
كتبت في الذكري الثالثة لاستشهاد الأستاذ محمود
نائحةُ المغارب
تنوحُ الأمُّ الكَلِيمُ على وحِيدِها المفقودِ حينَ تأتي المغاربُ مُستدبرةً مطلعَ الشمسِ تأبَى أن يُنيرَ بعدَ البشيرِ ضوءُُ مِنَ الفانُوسِ شاحبُ تُناديهِ يا جَنايَ بَعدَكَ الدنيا عليَّ أظلمتْ ديارُها الخرائبُ * * * أنوحُ على قلبي الذي فقدتُهُ وأهلي، وقومي، وداري وربِّي الذي ودَّعَنَا وصار منه القِلَى وهْوَ غاضبُ * * * النذير وتَعْوِي كِلابُ الحيِّ نحوَ السماءِ مِثْلنُا إذ ترى البلاءَ نازِلاً على أهلِ القُرى جميعِهِم يَسْتَويِ لديهِ سادِرُُ في غيِّهِ وتائبُ يُخَيِّمُ الموتُ شرقاً وغرباً ومِن كُلِّ الجهاتِ تأتي النوائبُ فالهَرْجُ والمَرْجُ والبطشُ والظلمُ والفقرُ المُذِلُّ يُحيلُ العذارَى بغايا والرجالَ عبيداَ خانعينَ، ولا مَنْ يحاسِبُ * * * ما مِنٌ قريةٍ طغَى المتُرفون فيها وأَفسدوا إلاَّ أتاها الدَّمارُ بياتاً أو قائلينَ وحلَّ العذابُ الواصِبُ ففي بيزنطةَ القديمةَ عبرةُُ وفي بغدادَ بعد عِزِّها ومكَّةَ والمدينةَ لم تَسْلمَا وقد تناوَشَتْهُمَا المُصائبُ ودكَّتْ فئاتُ الظالمينَ البيتَ ذاتَ مرَّةٍ فوقَ من لاذوا بِهِ واستباحتْ نِساءَ المدينةَ أخرى كما يَستبيحُ الغُزاةُ الأجانِبُ * * *ُ المأساةُ والحُلم مأساتُنا عَبثِيِّةُ الأطوارِ وهْيَ معادةُُ تتعاقبُ الأدوارُ مُذ قابيلَ جُنْدُ الشَّرِّ فيها الغالِبُ ولكِنَّ حُلماً قديماً لا يزالُ يَعُودُنَا فقد تَنْجَلِي الأستارُ عن عالمٍ تَختفِي مِنهُ الأفاعِي والعقارِبُ ويَرْعَى الشِّبْلُ تِبْناً ويَلْعبُ الصل قُرْبَ الفَتىَ ويُداعِبُ * * * الموتُ والصليبُ والخلاصُ
كان الموتُ سُنَّةَ الحياةِ ووجْهَهَا الثانِي ولَوْلاَهُ ما نَمَتْ ولا تَجَدَّدَت لنا فيها الرَّغَائبُ ولَكِنَّ ما نَحْياهُ أبْشَعُ حالَةً مِنَ الموتِ الَّذِي فيهِ تَفْنَى التَّرائبُ * * * فَيَا وَيْحَ مَن عاشَ في الدنيا وهَمُّهُ الأكٌلُ والشُّرٌبُ والهَذَرُ الذي تَلْغُو بِهِ المُسَلْسَلاتُ والمَلاعِبُ أو باتَ عابِداً لنفسِهِ في المساجدِ الَّتِي زُيِّنتْ بالنُّقُوشِ وقد خَلَتْ قُلوُبُ القَوْمِ من كلِّ زِينةٍ وأصبحَ الدِّينُ سِلْعةً بها يُسْتَبْضَعُ الهَوَى والمكاسِبُ * * * ويَا حَبَّذَا مِيتَةً على الصَّلِيبِ خَلَّدتْ أصحابَهَا في العَالَمَيْنِ مِنْهُم حاضِرُُ وغائبُ بِهَا تَرفَعُ النَّفْسُ وِزْرَهَا وتَفْتَدِي مُسْتَضعِفينَ سامَهم مُطفِّفُُ وغاصِبُ ولَكِنَّ ما نحياهُ أبشعُ حالةً مِنَ الموتِ الَّذي فيه تَفْنَى التَّرائبُ * * * أنوحُ على فؤادي الَّذِي صارَ فارغاً وأهلِي، ودارِي، وربِّي الَّذِي ودَّعَنَا وصارَ منه القِلَى وهْوَ غاضبُ كما تنوحُ الأمُّ الكَلِيمُ على وحيدِها المفقودِ حينَ تأتي المغاربُ بشير بكار أنجمينا، تشاد، نوفمبر 1987
|
|
|
|
|
|
|
|
|