|
Re: الصفحة الاولى للشهيد محمود محمد طه (Re: Raja)
|
الأخ الكريم بلدي يا حبوب،
شكراً على الإسهام بنقلنا إلى بهاء طلعة الأستاذ محمود ونظرته الشامخة إلى الآفاق.
أليست هذه الطلعة البهية طلعة حرٍ، السوداني الحر، الذي لا يرضى الضيم؟
أنظر إليه، وهو يلبس العراقي والسروال والمركوب والعمامة، في بساطة، وإباء. ويسكن في بيت مبني من الطين "الجالوص،" لا تلفزيون فيه ولا مكيف هواء، ولا حتى دش في الحمام. هكذا أراد أن يعيش حياة أبسط السودانيين، مع أنه من أوائل المهندسين الذين تخرجوا من كلية غردون. وعن ذلك كتبنا كتاباً قلنا فيه "ساووا السودانيين في الفقر إلى أن يتساووا في الغني." كل زملاءه عاشوا في أحياء راقية، وبنوا العمارات، وأسرف بعضهم في التعاطي من ترف الحياة الدني في وقت كان فيه الخريجون جميعهم مترفون. أما هو فقد اختار أن يعيش كما يعيش رغام الناس من السودانيين الطيبين، الأعزاء، الفقراء، الأشاوس، في عزة وإباء، وشمم. نعم، اختار هو أن يعيش مع البسطاء. وقد روي عنه أنه كان بترصد المجزومين في كوستي، حيث عمل مهندساً في المشاريع الزراعية في النيل الأبيض. كان يستضيفهم في بيته، وينظف لهم جروحهم بالمطهرات، والماء الدافئ، بيديه الشريفتين، ويسد رمقهم من الجوع والعطش، ويرقدهم في الفرش الدافئ. وحين ينصرفون عنه يتأكد بأنهم مسلحين بمال يعيطيهم إياه ليواجهوا به مصاعب حياتهم ومصاريفها. ويروى عنه أنه كان ماراً بالشارع، في مدينة كوستي، وسمع بجلبة يتحدث فيها الناس عن بيع منزل وطرد ساكنيه. وكان ساكنوه قد مات عنهم عائلهم، وترك أرملة وأطفالاً. وحين عرف الأستاذ بذلك أشترى البيت في التو واللحظة وكتبه باسم السيدة وأطفالها. وذهب لحال سبيله. ولم تعرف المرأة الأرملة بالشاري، فيما يرويه الرواة. كل ما تعرفه هو بأن رجلاً صالحاً كان ماراً بالشارع أشترى لها ولأطفالها البيت، فكافهم الله بهذا قالة الحاجة والعوز والذل!
هذا هو سر الشموخ الذي تراه في هذه الصورة التي أنرت بها سماء هذا المنبر. إنه شموخ من ينظر إلى السماء، وهو واثق بأن رزقه في السماء، وبأن كل الخير يأتي من مصدر واحد، هو الله الواحد، وبأن الوجود كله خير محض، مادام مصدره هذا المصدر المطلق للخير المطلق! لم يكن الأستاذ محمود يدخر مليماً لغد لما يأتي بعد. كان ينفق كل ما زاد عن حاجته الحاضرة متأسياً بنبي المرحمة، محمد بن عبد الله، عليه الصلاة والسلام، الذي روي عنه أنه هرع إلى حجرته بعد إقامة الصلاة، حيث لم يكبر لها. ولما عاد قال لأصحابه"لعلكم راعكم مافعلت" -أي لعله راعهم أن يترك الصلاة ثم يعود لها- فقالوا "نعم، يارسول الله." فقال "تذكرت أن في بيت آل محمد درهما فأنفقته، لأني خشيت أن ألقى الله وأنا كانز." هكذا كان نبينا الكريم، وهكذا كان أبينا الرحيم: الأستاذ محمود محمد طه. لم يكن يدخر شئياً لغدٍ.
شكراً على الحديث الذي أردت أن تبثه بالصورة. وعندنا في علم الاتصال يقال "الصورة تساوي ألف كلمة." أما صورة الأستاذ محمود فإنها تغني عن مليون كلمة. ولذلك فسأصمت الأن، لأدعها تتحدث لك، مرة أخرى. تأملها كثيراً، وستحدثك عن الكثير. لك ولقرائك الكرام ميلون سلام من الأستاذ محمود، أبينا الهمام، والسلام!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الصفحة الاولى للشهيد محمود محمد طه (Re: بلدى يا حبوب)
|
دكتور حيدر بدوى
Quote: أما صورة الأستاذ محمود فإنها تغني عن مليون كلمة. ولذلك فسأصمت الأن، لأدعها تتحدث لك، مرة أخرى. تأملها كثيراً، وستحدثك عن الكثير. لك ولقرائك الكرام ميلون سلام من الأستاذ محمود، أبينا الهمام، |
سنصمت معك كثيرا ولك الشكر تحياتى
| |
|
|
|
|
|
|
|