|
|
 تشاهد غداً ؟؟!!!
|
عذرا عزيزى القارئ فهذه ليست فقرة البرنامج التلفزيونى الذى يستعرض ما يحتويه يوم غد من فقرات تلفزيونية – تلفزيون السودان – مع التأكيد بكلمة (انشاء الله ) صغيرة بجانبها وتذكرنى دائما بالدبابة التى ادمنت الوقوف امام بوابة الاذاعة والتلفزيون بامدرمان حتى اصبحت على يقين بان ثمة علاقة بينهما.
تشاهد غدا هذه اطلقها الطلبة على حصة المراجعة النهائية للمدارس الثانوية وفيها يتم حل 99% من امتحان يوم الغد , وتتفاوت رسومها بين 250 الى 1500 جنيه للطالب وتعتمد فى تفاوتها على مكان المراجعة( الرياض – الطائف – امبدة – زقلونا – الفششوية – برنجية - منواشى – الله ادانا أرض ) وايضا على المادة نفسها من حيث انها سهلة او صعبة او معقدة حسب منظور الطلبة لها , وسميت بهذه التسمية اذ انك لن تتفاجأ بها فى الامتحان ابدا لان حضور حصة المراجعة تعنى انك شاركت او شاهدت الحل , لذا يحرص العديد من المعلمين ( الا من رحم ربى ) على موسم نهاية العام الدراسى وبداية الامتحانات وايضا الطلبة خصوصا الذين لم يهتموا بدروسهم طوال العام الدراسى.
اثناء مشاويرى اللانهائية فى الطرق التى يصنعها المشى ( على قول زميل البورد المدهش / عثمان محمد صالح) أستوقفتنىلافتة كتب عليها : حصة المراجعة النهائية فى مادة ال.......... تقديم الاستاذ/ .................. صاحب أصدق التوقعات فى امتحان الشهادة السودانية .؟؟!! وجدت ذاكرتى تعود بى لمنتصف اغسطس 2000 , حيث وجدت نفسى فجأة استاذا لللغة الانجليزية بمدينة نيالا – ارسلت اليها لقضاء فترة الخدمة الالزامية - وقد اكون اكثر حظا من , فالعديد من زملائى خريجى 99 و 2000 وجدوا انفسهم بين ليلة وضحاها فى محرقة الحرب لم يختاروا ان يكون مجاهدين فالزموهم ان يكونوا وقودا لتلك الحرب بعد ان بكى همنجواى كثيرا وكتب رائعته ( وداعا للسلاح) , رحل منهم من رحل ليتركونا نعيش على ذكرياتهم ... أبوالقاسم فؤاد لايشبه الحرب فى شئ , لم يكن يؤمن بالعنف وسيلة للاعتراض او ا لاحتجاج , كان اكثر ما يحزنه عندا يرى أحد المدرسين يعاقب بالسوط او يستخدمه للتهديد ....
لم اندهش رغم اننى لم أتوقع يوما ان اكون معلما فهذه المهنة التى لا يصلح لها الا النبياء ومن اخذ صفاتهم و لا أرى نفسى فيهم .. حيث الصبر بلا حدود وقدرة الاحتمال التى تعلم الحلم والاحتمال ..
وصلت مدينة نيالا الحبيبة فى خريف غائم نستنى اشياء كثيرة وتم توزيعى باحدى المدارس الثانوية ووجدت نفسى الاستاذ الوحيد بشعبة اللغة الانجليزية وبعد شهر من استلامى العمل , لحقنى زميل اخر ( خدمة الزامية ) لنتقاسم الهم ( محمد بشرى – ود الابيض ترى أين انت الان) ويمر الشهر الاول ونحن نلهث فى البحث عن صيغة تفاهم ( مذكرة تفاهم) مع الطلبة للوصول الى حل وسط , ما هو الطريق الامثل لتوصيل المادة ؟ و وشرحها وتبسيط فهمها لا ن اللغة الانجليزية صعبة وهى قناعة عندهم لا تقبل النقاش والامتحان كلو دوئر ( يا ستة جابت ستين يا بلة فى الطين ) ؟؟؟!!
ويطلب مننا المدير ان نعد تقريرا عن سير العمل بالشعبة ومدى استيعاب الطلاب للمادة , لان الموجه التربوى او مفتش الوزارة كما يعرف به سوف يمر بعد يومين او تلاتة , وكنت أتساءل لماذا لا تبحث الوزارة عمن يسد هذا النقص مع التفتيش عن سير العمل ؟؟ ولم يات المفتش وظل تساؤلى قائما حتى نهاية العام الدراسى واكملت فترتى وفارقت هذه المهنة بلا عودة.
من خلال تجربتى القصيرة هذه وجدت ان اصعب شئ فى مهنة التدريس هو كيفية التواصل مع الطالب ( نفسيا وذهنيا) , ووجدت ان خريجى كليات التربية هم الاكثر قدرة على هذا بحكم التخصص والتأهيل والتدريب اثناء وبعد اكمال الدراسة الجامعية ¸ولكنهم هجروا هذه المهنة التى اقل ما يمكن وصفها انها اصبحت طاردة – وبمناسبة طاردة دى اتكلمنا مع كتير من الاساتذة عن انو مراجعة تشاهد غدا دى ما أخلاقية – فكان الرد زى ما بقول المثل : البتبلبل يعوم وانتو لسه ما اتورطو ) وكلنا يعلم ان المعلمين هم اقل الفئات فى الدولة من حيث الراتب ( راتب استاذ الثانوى العالى – خدمة الزامية 60000 جنيه او 6000 دينار زى ما تطلع فى كشف الوزارة ) , وقد تأخذك الدهشة فى وطن فقد طعم الدهشة زمنا – ان المعلمين قد يمر عليهم شهورا دون ان يستلموا رواتبهم هذه التى لا تسمن ولاتغنى من جوع وتجتهد المحليات والمحافظات فى ابتداع الحيل لمماطلتهم وخاصة فى اقاصى أقاليم السودان , وبمقارنة بسيطة نجد ان راتب ملازم فى الجيش يساوى ثلاثة او اربعة اذا لم تكن خمسة اضعاف راتب معلم بالدرجة الثامنة او السادسة( يعنى مدير مدرسه عدييل ).
وبرضو نتكلم عن الفاقد التربوى بعد ان اصبحت هنالك مدارس تدرس فيها لغات وكمبيوتر وموسيقى وسباحة ومدارس( سد فلة ) التى لم ينجح فيها أحد ؟؟!!
وكلام عن اطفال الشوارع والاطفال مجهولى الوالدين والغناء الهابط والشيكات الطائرة (دى قوية ) والاختلاسات والخصخصة والصالح العام والخاص ووطنى ما أجملك !!1
ونواصل ...
نعود لنحكى عن مواقف طريفة واخرى ما ياها
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تشاهد غداً ؟؟!!! (Re: محمد احمد النور)
|
| Quote: وجدت ذاكرتى تعود بى لمنتصف اغسطس 2000 , حيث وجدت نفسى فجأة استاذا لللغة الانجليزية بمدينة نيالا – ارسلت اليها لقضاء فترة الخدمة الالزامية - وقد اكون اكثر حظا من , فالعديد من زملائى خريجى 99 و 2000 وجدوا انفسهم بين ليلة وضحاها فى محرقة الحرب لم يختاروا ان يكون مجاهدين فالزموهم ان يكونوا وقودا لتلك الحرب بعد ان بكى همنجواى كثيرا وكتب رائعته ( وداعا للسلاح) , |
محمد ياصديقي
حفر أكتر أنتظرك بشغف واصل ولاتقيف
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تشاهد غداً ؟؟!!! (Re: محمد احمد النور)
|
سلام.
التدريس اصبح تجاريا بحتا. اذا اذنت الوزارة للمدارس ان تكون عبارة عن بوتيكات لتعليب الحصص وبيعها بالسعر الذى ترغب فيه فلماذا نستكثر على المعلم ان يعد هذه الحصص بالطريقة التى تخدم مصالحه المادية.
ان هذا هو الفهم السائد لدى العامة الان وعندما يصير مثل هذا الفهم احد المسلمات والموجهات العريضة التى تنبني عليها حياة الناس فاننا حتما سنقول على التربية والتعليم السلام.
لك ودى
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تشاهد غداً ؟؟!!! (Re: محمد احمد النور)
|
حضرة الصول الحنين / عم على ...
أعود للمدرسة – ومثل كل صباح , يقابلني عم على أو حضرة الصول كما يحب أن ينادى به, بابتسامته المعهودة ونظراته التي تنم عن صرامة وملامحه التى تكتسى احيانا بالقسوة , لا أدرى إن كانت تلازمه منذ أن كان شابا أم هي إحدى سمات الجيش .
صباح الخير عم على ...
صباح النور , أستاذ , كيف الحال ؟ إنشاء الله مبسوط ؟ اها ما فى خبر جديد من الوزارة ؟؟ ويتكرر هذا السؤال كثيرا , خصوصا اول كل شهر , فأتذكر احدى شخصيات غابريل ماركيز فى روايته (ليس لدى الكولونيل من يكاتبه , او لا احد يكتب الى الكولونيل ) هذا الكولونيل الذى تقاعد بعد نهاية الحرب الاهلية فى امريكا اللاتينية , يذهب يوميا الى مكتب البريد ليسال عن معاشه الذى سوف يصله عن طريق البريد ,ولم يصله حتى انتهى ماركيز من كتابة روايته ! , فيكتفى الرجل بسؤال موظف البريد عن احبار الثوار والحرب...
شنو اتاخرت كده الليلة يا استاذ ؟ انشاء الله عافية ؟؟ صاحبك ابو صلعة( وهو المدير بشحمه ولحمه مع التأكيد على الصلعة المميزة) شايفو جاء بدرى الليلة !! لكن تلقاهو شغال حصة فى مدرسة ......... الخاصة ؟؟!!
نحن لينا الله وعيشة السوق !! وهكذا هو عم على , وكنت اتحاشا اسئلته المحرضة ,بالهروب الى الاجايات المبسترة (والله ما بطالة , بس مصدع شوية) ! اشرب ليك قهوة مرة ,ده يشيل ليك الصداع طوالى ؟!! كده يا حضرة الصول شوف الطلبة البره حوش المدرسة ديل عاملين ازعاج مالهم؟؟
وهكذا عم على لديه مقدرة كبيرة على طرح التساؤلات , ووحفظ الاسماء والاماكن توازى قدرته على ضبط ايقاع المدرسة حيث النظام والهدوء او تحويلها بقدرة قادر الى مسرح (رجل واحد) حينما يحكى عن بطولاته فى الجنوب عندما كان جنديا فى القوات المسلحة برتبة عريف وعارف كل شئ ...
يضرب عم على الجرس ايذانا ببدء الطابور , الحصة الاولى , التانية , الفطور وهكذا حتى نهاية اليوم الدراسى , دون ان يسال عن الزمن ولا يلبس ساعة يد خصوصا ان ساعته الجميلة (ماركة رولكس ) قد فقدها فى احدى المعارك بمنطقة (كافى كانجى).. تضبطه ايقاعه الداخلى , و حركة الشمس ,وصول ستات الفول والتسالى ,ومرور عثمان افندى موظف السكة حديد الذى لم يغيب او يتاخر عن عمله طوال عشرين عاما كما يرويها عم على ..
كان اكثر ما يجلعه يستغرق فى السرد ,هى بطولاته العسكرية فى جنوب السودان مع استصحاب اسماء زملائه العسكريين , وإصراره الحميم على ذكر الرتبة اولا !!وعندما يقاطعه احد الحضور قائلا: يا عم على الكلام ده كان زمااان والأمور أتغيرت كتير؟! , ينتفض مدافعا عن جيش ذلك الزمن الجميل , وتتحول نبرة صوته الى صوت اقرب للنحيب , وتكسو وجه الصارم مسحة من الحزن ويسترسل قائلا : هسه الجيش انتهى , والضبط والربط زاتو بقى مافى ؟؟!!! شفت كيف , مما جوا (الجماعة ديل ) والعساكر بقوا يربو دقونهم !! تلاقى الواحد ما تعرفوا ده عسكري ولا فكى ؟؟! عشان كده انا طوالى قدمت استقالتى وخليت الجيش !! ياخى زمنا كان المستجد يتم سنة ونص فى المعسكر , يمين الواحد يتخرج منو زى بتاعين الجيش الامريكى ( المارينز) الظهرو ديل !! فيرتفع صوت الطلبة عاليا : كده براحة يا عم على ما تفكها فينا !!......
وصول المرتب كاملا دون خصومات ( نفير التعليم , دعم طريق الانقاذ الغربى , كنانة والرهد , دعم الجهود الحربي , زاد المجاهد ,تجميل المدينة ,واخرى ) هو ما يحرض خضرة الصول على البوح بمغامراته النسائية وكيف كان شاويشا , مالى هدومه (لا يلبس الا الميرى المكوى سيف) ؟! وتتغنى الفتيات بفتوته وشجاعته , كان يحفظ تلكم الاغانى مثلما يحفظ اسماء كل طلاب المدرسة ( الحارس مالنا ودمنا .. جيشنا , يا جيش الهنا)...
وبين الجبلين فقدنا رجال .. طابورنا الحار ما بندار .....
لم اراه سعيدا مثل مثل تلك السعادة , ذلك اليوم الذى وصلنا فيه الى منزله العامر , لمشاركثه الفرحة فى زواج كبرى كريماته ( سعاد) , لم تسعه الفرحة , فلبس اخر الشنطة (بنطلون شارلستون وقميص تحرمنى ) من موضة ذلك الزمن الجميل (كما يراها حضرة الصول ) .. وحمل سلاحا(ابو عشرة) عتيقا طالما افتخر بقوته
وصموده فى احراش الجنوب ,ثم اطلق العديد من الطلقات فى الهواء وترتفع معها الزغاريد , وتشيله الهاشمية ليتوسط الدايرة ويتماهى مع ايقاع المردوم (الزول ما عنده ذوق .. الزول منو السقاها المى الحوض .. الزول منوا) , واجد نفسى مشدودا من وسط ( الافندية) كما يسمى به اهله ( الهبانية) الاساتذة والموظفين ..بيد حضرة الصول الى ساحة الرقص ,ولم اجد مشقة فى فى التالف مع حضرة الصول ,وبراعته المتناهية فى الرقص ,و تراه يوزع البسمة والفرحة فى كل ارجاء الحفل ,خاطفا انظار الحضور بخفته ورشاقته واتقانه لاشكال من الرقص , واشرافه على توزيع الشربات والحلوى للمدعويين : يا ولد ودى شربات للجماعة ديك !! , الافندى داك شكلو داير ينوم اديهو سفة؟؟!
شنو يا حاجة اتحركى شوية , شنو حركات الحبوبات دى ؟؟! ويظل عم على يمارس تواصله الحميم مع الجميع حتى داعبه العريس قائلا : شنو يا حاج ادينا معاك فرقة !!!
لم اتعود على البكاء كثير رغم ان العديد من المواقف التى تحرض على ذلك , خصوصا لحظات الفراق , وانا الذى تعلم الترحال زمانا .... لكننى لم استطع ان امنع دوعى وانا اودع عم على بمحطة السكة حديد – نيالا , ذلك الصول ( الحنين) الذى علمنى ان الحياة اجمل من نهدرها جدالا وخلاف ؟! واكاد اسمع وقع كلماته : يا ولدى , البلد دى بى خيرها , وشغلانيك دى ما بطالة , اقعد معانا هنا , وكان بقيت للزواج , نزوجك مننا , وكان عندك واحدة خاتى عينك عليها من بلدكم , عرسها وجيبها هنا .. والبعيش الله !......
تاكدت بعدها من ان كلمات عم على ,هى حكمة الحياة ... ركبت القطار وانظر من الشباك ولا ارى فى المودعين الا عم على .. ويتحرك القطار رويدا رويدا وتتنازع احاسيسى بين من ودعت وبين من ينتظرنى هناك على الجانب الاخر... وتتلاشى من الافق صورته الحبيبة مع سرعة القطار ولكن تبقى فى ذاكرتى وستظل ...وكثيرا اتمنى ان اكون هناك .... مع عم على !!
ترى حضرة الصول هل ما زلت قادرا على دوزنة ايقاع المدرسة مع ذلك الزخم والحضور الحميم ؟؟؟!
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تشاهد غداً ؟؟!!! (Re: محمد احمد النور)
|
ساحات الفداء:
لماذا الاصرار على هذا البرنامج التلفزيونى الذى تم ابتداعه لتعبئة الذين ماتو فى الجنوب (مجاهدين) والان يتم بثه ايضا للذين يرغبون ان يموتوا فى دارفور .. علمت اطفال السودان ثقافة الحرب .
بعد كل هذه الاحقاد والكراهية التى اسس لها هذا البرنامج ومهندسه اسحق احمد فضل الله
لماذا الاصرار ؟
اخر حلقات البرنامج التى تم بثها عن انتصارات الشرطة فى دارفور !!
| |
|
|
|
|
|
|
| |
خضر حسين خليل
المعتمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست