|
|
 شواهد على قبر الوحدة
|
نفلا عن الصحافة السودانية بقلم رئيس تحريرها:
أمس الاول هاتفت احد قياديي الحركة الشعبية ، وسألته عن سر هذا التأزم الذي احاط بموضوع ابيي وما اذا كانت ابيي هي المحطة التي سينسف عندها قطار السلام؟، فأجابني بانه ايضا مندهش لما يجري ، ولم يفهم لماذا (تعصلج) الحكومة هكذا في هذا الموضوع، الذي كانوا يعتبرونه اسهل بكثير من موضوع الترتيبات الامنية ، وقال لي(يبدو ان ناس الحكومة في قرارة انفسهم قد فصلوا الجنوب) ، قلت له اذا ما قلبنا الصورة يمكن ان تعطينا ذات القراءة ، فيبقي السؤال لماذا تصر الحركة على عودة ابيي للجنوب ؟، اذا كان فعلا خيارها الوحدة ، فما معني ان تتبع منطقة ما اداريا لاقليم ما في بلد يتجه نحو الوحدة . قادتني هذه النقطة للتفكير عميقا فيما جري ويجري في نيفاشا، هل حقا تؤسس الحركة للوحدة ام انها تخطط للانفصال؟ ، لم تكن ابيي الا المثال الاوضح فيما تنوي الحركة ان تفعله بنهاية الفترة الانتقالىة، الا ان تحدث معجزة .
فلننظر الى ما تم الاتفاق علىه في الترتيبات الامنية، اصرت الحركة على انسحاب كافة قوات الجيش السوداني من كل الجنوب في فترة ستة اشهر من تاريخ توقيع الاتفاقية، وبعد الحاح وتدخل من الوسطاء ، وافقت الحركة على الابقاء على 24 ألف جندي يتم سحبهم تدريجيا من الجنوب على مدي عامين، ليصبح بعدها الجنوب خالىا من اي وجود للجيش السوداني ماعدا تسعة آلاف جندي ضمن القوات المشتركة .
هكذا ينفرد جيش الحركة بالوجود العسكري، ليصبح الجنوب تحت امرة جيش الحركة وحدها . الحكومة كانت قد اقترحت ان تبقي على 38 ألفاً من الجيش السوداني لحماية حدود الجنوب المجاورة لخمس دول ، الا ان الحركة و لحاجة في نفسها اصرت على تقليل وضع القوات واختصار مدة بقائها في الجنوب .
اذا انسحب الجيش السوداني بعد عامين واصبح الجنوب بالكامل في يد الحركة ، حينها الله وحده يعلم ماذا سيجري للقوات الصديقة للحكومة ، والتي من المؤكد انها سترفض الانضمام لجيش الحركة ، ولا يعرف كيف ستحرس الحركة حدود السودان الجنوبية ، وتبدو مخاوف واضحة من قواعد عسكرية ستنشأ لتحفظ السلام هناك ، وأية قوات اخري يمكن ان تصنع لها قواعد داخل حدود الجنوب ، فليحفظ الله السودان .
الان امتلكت الحركة القوة اللازمة لحكم الجنوب، فكيف يا تري ستمتلك الثروة اللازمة لفعل ذلك . في اتفاقية قسمة الثرو ة قاتلت الحركة في سبيل الحصول على نسبة 50% من عائدات البترول ، وكان لها ما ارادت، اضافة الى حصولها على جزء مقدر من الناتج القومي ،اضافة الى ذلك استفادتها المتوقعة من عدة صناديق تتأهب الان لإغداق اموال لا حصر لها على الجنوب ، الحركة تهدف الى بناء حركة اقتصادية جنوبية تجعله ذا مقدرة اقتصادية ، تجعله قادرا على ادارة شؤونه دون الاعتماد على الشمال ، وتسعي لتأكيد ذلك عبر عدة اجراءات الاجراء الاول ، اصرارها على تغيير العملة او بالأصح تعويم العملة ، ففضلا عن تغيير الدينار الى الجنيه السوداني فقد تم اعتماد عملات اخري صالحة للتداول بالجنوب، وهذه هي الخطوة الاولي في فك الارتباط المالى والاقتصادي بين الشمال والجنوب ، سوف لن يتأخر الجنوب في حالة اختياره الانفصال باعتبار ان العملة (الجنيه السوداني) ليست هي العملة الوحيدة المتداولة هناك .
الخطوة الثانية هي اصرار الحركة على بنك مركزي لن يكون تابعا للبنك المركزي في الشمال الا شكليا ، اذ ان النظام البنكي في الجنوب يختلف كليا عن النظام البنكي في الشمال .
الان قد تم بناء القاعدة العسكرية ، وتم بناء هيكل اقتصادي يتجه نحو الانفصال وليس الوحدة ، القوة والثروة بيد الحركة تماما الان ، فيا تري ما هي رؤية الحركة للسلطة، ولحسن الحظ فان الحركة طرحت ذلك في ورقتها التي قدمتها بالامـس في نيفاشا .
طالبت الحركة ان تعطي 40% من نسبة التمثيل في البرلمان مقابل 50% للحكومة و10% لكل القوى السياسية مجتمعة (القوي السياسية هذه هم حلفاؤها بالامس)، جميعهم لا يستحقون اكثر من 10% ، في حين ان الحكومة اقترحت ان يعطوا 25%، ما اكرم الحكومة على معارضيها ، وما ابخل الحركة على حلفائها ، في التقسيم الوزاري طالبت الحركة ان تأخذ نسبة 40% من الوزارات وتأخذ الحكومة 50% ، ومرة اخري تأخذ القوي السياسية 10% ، هذا عن مشاركة الحركة في السلطة في الشمال ، ولكن ماذا عن مشاركة الشمال في السلطة في الجنوب ، لا تسأل عن نسب للمشاركة ولا يحزنون ، فكل السلطة في يد الحركة ولا نسبة 1% تركت للاخرين ، بحسب مقترح الحركة لا تسأل عن مشاركة احزاب جنوبية ولا حلفاء ولا جن احمر ، لن يقترب احد من السلطة في الجنوب ، واقرأ الخبر التالى الذي نشرته صحيفة الرأي العام الغراء بالامس (اكدت الحركة رفضها التام ان يكون للمؤتمر الوطني اي تمثيل في المجالس التشريعية في الجنوب ، او اي تمثيل في الحكومة الاقليمية) قف تأمل !!
كيف يا تري ستتحدث الحركة عن شراكة سياسية وهي تطالب بنسبة 40% للسلطة في حين ان نسبة شراكة الشمال في الجنوب صفر% ، يا لها من عبقرية ذكية في معادلات الشراكة الغبية !! .
الان ستأخذ الحركة 100% من القوة في الجنوب بعد عامين ، وستأخذ من الىوم الاول ما بعد الفترة الانتقالىة 50% من الثروة البترولية وبنك وسلة عملات، وتسعي الأن لكل السلطة في الجنوب ، فكيف يا تري سنقتنع ان الحركة مع الوحدة، بهذه الصورة سيصبح الانفصال جاذبا لا الوحدة باية حال، وتصر الحركة في كل حين ان توضح للغبيانين خطوات دربها الطويل الى الانفصال فتضيف كل يوم شواهد على ما تنتوي فعله. ابيي كانت آخر الشواهد على ما يجري بعد ست سنوات . فالاصرار على ان تعود ابيي بقرار اداري الى الجنوب حتي دون اعطاء حق الاستفتاء لاهلها يكشف عن سوء نية مبيتة لدي الحركة، التي تعلم جيدا ان ابواب جهنم ستفتح في المنطقة اذا ما وافقت الحكومة على مقترحاتها لتمضي بدولتها ويستمر نزيف الجنوب بلا نهاية .
لا يفهم اصرار الحركة على ضم ابيي الا في ظل اطماع بترولية واطار شغل الشمال بحروب اخري اذا ما اخمد الانفصال حرب الجنوب ، ولا يكفي الحركة حلفاءها في المناطق الملتهبة الاخري ، الا تود الحركة ان تترك السودان وهي تودعه الا وهو نازف مجدداً . الوحدة ليست خيارا جاذبا للحركة على الاقل الأن مهما ادعت غير ذلك ، وما سقناه اعلاه من شواهد على ما ندعي يؤكد ذلك ، واخشي ان يأتي العام 2011 وتكون الوحدة الوطنية قد قبرت في جوف اطماع الحركة، ويومها سنأتي بهذه الشواهد لنضعها على رأس المرحومة التي كانت تسمي الوحدة الوطنية .
نفلا عن الصحافة السودانية بقلم رئيس تحريرها.
|
|
 
|
|
|
|
Elawad
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست