|
|
 حقوق نفلو بت ريحان
|
حقوق نفلو بت ريحان
نفلوا بت ريحان نشأت في حوش العمدة، جابت بنتها الكبيرة المهلبلة بت عبد التام " اسم مضغوط من كلمة بالمهلة تبل الريق، كما يقال صبراً يبل الأبري، وسميت بهذا الإسم بقصد أن يقال اصبروا لا تضيقو عليها وانمهلوا جاياكم وبتكبر وتعجبكم كان بعجبكم العجب"... وبنتها الصغيرة التقالة بت عبد التام " والتقالة إمعان في الموانسة والملاطفة وذهاب الخوف وإنها بوجودها تثبت قلب صاحبتها" ومهيوب ولد فضايلوا " عبد التام تزوج القسمة بت السريرة ويقولوا القسمة ديها في الأصل بت العمدة وجات تشبه أبوها في كل شئ عشان كد خصاها بدار وارض وزوجها عبد التام ونفلوا اخدت فضايلوا العجوز جابت منه ولدها الوحيد مهيوب"
قالو وحسب قول الناس " عليمهم ربهم" والقول كتير ما شوية انه الخواجات أمروا العمدة يتخلص من الربق الكثير والرقيق الغفير وآخر مرة المفتش قال ليه " يا شيخ انت لازم تشوف طريقة تعمل بها للناس دول رواتب، وتعطيهم حقوقهم على داير الملين" ، ومن زمناً بدري بدأ العمدة كل ما تظهر فرصة توظيف يجلب لها من ناس الحوش..
لما فتحت المدرسة الإبتدائية للبنات وعملوا السكن الداخلي وظفوا نفلو بت ريحان كبيرة مشرفين على التغذية في الدخلية وعينوا معها مجموعة عواسات وطباخات ومراسلات ومجموعة متكاملة لأداء الخدمات بالمدرسة من جماعة الحوش..
أظهرت نفلو بت ريحان براعة فائقة في التنظيم والإدارة حتى أصبحت مسئولة من كافة المناشط بالمدرسة بما فيها المخازن وحفظ الواردات والمشتريات من جميع مستلزمات المدرسة والداخلية والتغذية وأمور البنات والمعلمات وأصبح لديها المقدرة في إيجاد فرص وتزكية العاملين الجدد في مدرسة الأولاد والشفخانة وعمال الصحة البلدية والمشروع الزراعي الجديد.. بل أكثر من ذلك أصبحت تجمع ما لديها من مال وتدفع بع للملبلة لكي تتاجر به في منتجات المواسم الزراعية وبدأ بعض من منسوبي الحوش التجارة بين القرى القريبة والسوق الكبير في المدينة القريبة وخاصة في الطلح والحطب والفحم والدوم والنبق وبعض المرات في العيش والجميع يعمل تحت إشراف نفلو بت ريحان.. وفي فترة وجيزة رحل الربق والرقيق من سكان حوش العمدة إلى تجمع سكني طرف القرية وأصبح له فريق من البيوت، وكلهم تحت راية نفلو بت ريحان التي اكتسبت الإحترام من وجها القرية الذين أصبحوا يتوقفون لمبادلتها الحديث والسلام وهم في طريقهم للمناسبات والأسواق، المهلب الله كذلك أصبحت من التجار الذين لهم الكلمة في مجال المنتجات الزراعية وأسعارها والخضروات وأصبح لها ركن خاص بها في سوق القرية تتواجد به يومياً " أصبحت تحب تدخين السجائر" وصوتها الجهوري يلفت الأنظار " حسك ما يدسك".. مهيوب ود فضايلو اصبح المسئول الأول عن جميع أنشطة مدرسة الأولاد وأصبح يمول التجار لشراء الحطب والجريد والطلح وبنى له منزلاً به صالناً واسع فيه بابين وستة شبابيك وصنع دكة واسعة وعالية إمامه يجتمعون فيها في الأمسيات.. وكذلك أصبح يقام في ذلك التجمع السكني ليلة للرقص والأغاني والكيتة والنقارة مساء كل خميس، وبدأ ذلك التجمع يتسع بوجود أعضاء جدد من غير جماعة الحوش، وفي بعض الأحيان يذكر إن هناك بعض الأقارب يأتون من قرى أخرى " البعض يقول هاربون والآخرين يقولون هم احرار في اختيار مكان عيشهم" .. التقالة أصبحت المسئولة الكبيرة في المستشفى بعد انشائها بدلا عن الشفخانة وتحتها يعمل مجموعة من جماعة الحوش وغيرهم من الوافدون الجدد الذين أصبحوا يحترمون قيادة نفلو بت ريحان لهذا المجتمع الذي أصبحت له عاداته ومناسباته وكثرت الزيجات من الشباب، بل أصبحت حكمة نفلوا في الحفاظ على هيئة ذلك المجتمع مسالماً سليماً يدعمها نشاطها الدائم وابتسامتها الدائمة وأحكامها القائمة ..
التغيير الجذري بقيادة نفلو بت ريحان بعد قيام العمدة بتوظيفها في مدرسة البنات بموجب توصية المفتش الإنجليزي أدى إلى ظهور مجتمع يبحث عن تراثه وعاداته ويحافظ على كينونته بوجوده ولكن لم يجد الفرصة للتفكير في الرجوع إلى الجذور كما عبر اليس كيلي في كتابه، ذلك الحنين إلى مسقط الراس وإلى منبت الأصل وصميم الجذور.. ولم تتولد في نفلوا رغبة كنتاكي ونظرته لما وراء البحار،، ويقال إن مهيوب ود فضايلوا بعد أن كثرت أمواله أصبح يردد بأنهم هم أصحاب البلد وإنهم لا حاجة لهم للرجوع إلى بلاد في جنوب الوادي وإنهم يستقرون في بلدهم التي لا ينقصهم فيها إلى ما توفر بفضل حكمة والدته نفلو بت ريحان وأخته المهلبلة بت عبد التام وأصدقائه الوفيين أمثال ود دريمسيس والزين فعايلوا وودستورة وأبوبطورة وصبرهم وقوتهم البدنية التي دخلوا بها في كافة النشاطات بما في ذلك البناء والتجارة في مواده التي أصبح يحتكرها أبو بطورة وولده بليلة..
تقاعدت نفلو بت ريحان ويقال إن ولدها مهيوب صرف مبالغ كبيرة من الحكومة عن حقوق ما بعد الخدمة لمدة اربعين عام، وكذلك تقاعدت معها مجموعة استفادت من مبالغ حقوق التقاع، وهنا برز السؤال، اين الحقوق التي لم يستلمون عنها طيلة مدة تواجدهم وتواجد أجدادهم في حوش العمدة، والحقوق التي يمكن أن تكون تجمعت لو توظفت مقدراتهم لما قبل نفلو بت ريحان..
والمهم عندما رفع الناس أصواتهم بالمناداة بحقوقهم وارتفع الصراغ وتدافعت الأيدى وتحدث السلاح، ثم ماذا بعد السلاح ، وهناك مئات الآلاف مثل نفلوا بت ريحان انتهت حياتهم في الحيشان دون أن تتاح لهم فرصة الرجوع إلى ديار الحرية ولم تصل إليهم معونات الخواجات ولا أوامرهم حيث كانوا في تلك الفترة يراعون عدم انهيار البنية الإجتماعية وفقدان مجموعة كبيرة من فئات المجتمع لمصدر أرزاقهم حيث أن نظام الرواتب لم يكن قد تم تقديمه بصورة تعوض هذه الفئات عن جهودها ولن يوفر لهم فرص العيش التي كان يوفرها أرباب الحيشان الكبيرة والربق ومجاميع الرقيق الغفيرة، وذلك موجود في دراساتهم التي أوضحو فيها إن تقديم نظام الأجور لم يوفي الفرص المطلوبة ولم يغير في حياة المجتمع كما إن الدعوة لمنح الحرية وحق الرجوع إلى الأماكن الأصلية التي أتت منها هذه الجموع لا تؤمن لهم الحياة...
الآن مجتمعات نفلوا التي احتوتها القرى المتنتشرة على طول ضفاف النيل وهاهم نفر غيرهم أصبحو يطالبون بالحقوق ويتنادون لنيلها والتحكم فيها في مستقبل الأرض وحاضرها، فمن يطالب بحقوق مجتمعات نفولو بت ريحان، هل هم أهل الجذور الذين زكوا انفسهم ونسوا حقوق غيرهم ممن أخذهم تيار النيل إلى الشمال، هذه المجتمعات تفوق أعداها الملايين وتشتت أجيالها أطراف المدن كما كان يعيش أسلافهم أطراف القرى..
أين حقوق نفلو بت ريحان
|
|
 
|
|
|
|
المسافر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست