|
|
 استمرار المواجهة بين اتحاد طلاب جامعة الخرطوم وصندوق دعم الطلاب
|
جامعة الخرطوم..جميلةالماضي ومستحيلة الآن واستفهامات الحاضر..!
ما بين الإتحاد والصندوق هل هو صراع أضداد ام تكامل واجبات..؟
اكتظاظ كبير بالداخليات يصل أحياناً الى نسبة 200%
انتشار الأمراض وسوء التغذية والسل يهددان طلاب التربية
تقرير خطير للإتحاد يحمِّل الصندوق مسؤولية تحطُّم الغرف وانهيارها
نزاع حول اولوية السكن ومحاولات لتحسين الخدمات الصحية والبيئية
تحقيق: إدريس عوض
كانت جامعة الخرطوم مسرحاً لأحداث مؤسفة في شهر ديسمبر 2003م ادت الى إعلان اتحاد طلاب جامعة الخرطوم الإعتصام المفتوح والذي إبتدأ من يوم 18/12/2003م وبمشاركة جميع الطلاب في الجامعة، وذلك بعد تفاقم الأزمة بين الإتحاد والصندوق القومي لرعاية الطلاب حول قضيتي السكن والعلاج والتي تعد من مسؤوليات الصندوق بموجب القرار الجمهوري الصادر في اوائل التسعينيات.
ومن حينها اصبحت هذه المشكلة الكؤود عقبة في استقرار الطلاب الأكاديمي، الأضواء حاولت اماطة اللثام عن أبعاد القضية من خلال هذا التحقيق.
دواعي الإعتصام
التقينا السكرتير المالي لإتحاد طلاب جامعة الخرطوم خالد عمر يوسف لتوضيح الأسباب التي ادت الى إعلان الإعتصام فقال: «منذ مجئ الإتحاد بعد غياب طويل ظلت قضايا السكن والعلاج في مقدمة اولوياته، فعمل على حصر المشاكل التي تواجه الطلاب بالداخليات عبر لجان شكلتها الأمانة الإجتماعية للإتحاد ليخرج الإتحاد بمجموعة من التوصيات قدمت لصندوق رعاية الطلاب متمثلة في الآتي:
1ـ اولوية السكن لطلاب جامعة الخرطوم
2ـ تخفيض رسوم التسجيل بالداخليات
3ـ تهيئة الأوضاع الصحية والسكنية والبيئية
4ـ مراجعة اللوائح السكنية وطرق تنفيذها خاصة للطالبات.
5ـ توفير مرافق للإتحاد «كافتيريات واكشاك وغسالات» ليقدم الإتحاد خدمات جيدة وبأسعار زهيدة
6ـ تشكيل لجنة ممثل فيها الإتحاد لمتابعة تنفيذ المطالب السابقة.
وقمنا بتقديم هذه المطالب في فترة اجازة الجامعة حتى يبدأ الطلاب العام الدراسي الجديد في اوضاع سكنية معقولة وقد وافق الصندوق على كل المطالب. ولكن ماذا كانت النتيجة؟ لم يلتزم الصندوق القومي لرعاية الطلاب بتنفيذ هذه المطالب، بل طالب الطلاب في بداية العام الدراسي الجديد بالتسجيل في الداخليات برسوم مرتفعة عن العام الماضي، الأمر الذي دعا الإتحاد للإعلان عن عدم تسجيل الطلاب وتمت مخاطبتهم في الداخليات مع تصعيد القضية عبر آلية التفاوض مع إدارة الجامعة والصندوق القومي لرعاية الطلاب بنفس المطالب آنفة الذكر والتصعيد الإعلامي عبر الإتصال بكل مؤسسات المجتمع الطلابي وغيرها خاصة العاملة في المجالات الأكاديمية والإنسانية ومع إصرار الصندوق على عدم تنفيذ المطالب، بل ومسارعته في تنفيذ خطوات تسجيل الطلاب وتهديدهم «أنظر بيان مجمع التربية» فما كان من الإتحاد الا ان اصدر قراره التنفيذي بتاريخ 31/10/2003م والقاضي بأن يسعى الإتحاد قدماً في خطواته الهادفة الى ايلولة السكن لإدارة جامعة الخرطوم متمثلة في عمادة الطلاب.
ويستطرد السكرتير المالي للإتحاد حديثه قائلاً: «عقب اصدار الإتحاد لهذه القرارات سارعت الإدارة للتدخل في القضية وذلك بعقد اجتماع مجلس شؤون الطلاب بتاريخ 31/10/2003م بحضور ممثل من الصندوق القومي لرعاية الطلاب والذي أجبره قرار الإتحاد بوقف تسجيل الطلاب في الداخليات للجلوس على مائدة التفاوض، حيث قامت إدارة الجامعة في هذا الإجتماع بتكوين لجنة وساطة بين الصندوق والإتحاد بقصد فض الإشتباك بين الطرفين باعتبارها طرفاً متضرراً من هذا الصراع.
اجتمعت هذه اللجنة اولاً مع الإتحاد الذي حملها مطالبه السبعة التي سبق ذكرها، وعندما حملت اللجنة هذه المطالب الى الصندوق تم رفضها جملة وتفصيلا عدا مطلب اولوية اسكان طلاب جامعة الخرطوم والذي وعد الصندوق بتنفيذه في فترة زمنية مقدارها ثلاث سنوات.
بناءً على هذا الموقف اجتمعت اللجنة التنفيذية للإتحاد بتاريخ 1/12/2003م وقررت وقف التفاوض مع الصندوق واتخاذ مسارات جديدة لمعالجة هذه القضية، مثل إطلاق الإتحاد لمشروع تحسين بيئة الداخليات بما يتوافق مع إمكانياته المادية، حيث قام بتوفير 400 مرتبة لكل الطلاب بمجمع شمبات وعدد 1000 مرتبة بمجمع التربية، وتم فتح كافتريات في إحدى الداخليات بوجبات جيدة وأسعار مناسبة، كما تم جلب مولد كهربائي للطالبات بمجمع شمبات كحل مؤقت فما هو رد الصندوق على ذلك؟! قام بعض منسوبيه بالإعتداء على الطالبات بمجمع داخليات شمبات بالضرب، ليتحرك الإتحاد بفتح بلاغات جنائية ضد المعتدين واوكل محاميه لمتابعة سير القضية، ومن ثم دعا جميع الطلاب لبداية الإعتصام.
الأوضاع الحقيقية للداخليات
وضَّحها لنا السكرتير الإجتماعي بإتحاد طلاب جامعة الخرطوم مهند عبد الرحيم وذلك وفقاً لتقرير المؤتمر الصحفي الذي أقامه الإتحاد بداره في نوفمبر 2003م حيث ذكر التقرير «إهمال الصندوق لنظافة الغرف وصيانتها حيث يظهر ذلك جلياً من حالات تشقق الأسقف والحوائط في الغرف وتحطم الأبواب والشبابيك في أغلبها مما عرض الطلاب لكثير من الأذى وعلى سبيل المثال داخلية المجمع الطبي للبنات تصب فيها مياه الأمطار داخل الغرف كما ان هنالك حالة لانهيار السقوف في داخلية السنتر مؤخراً» كما يستعرض التقرير الوضع الغذائي والبيئي في الداخليات كما يلي: «سابقاً كانت الإعاشة متوفرة للطلاب ولكن حالياً فإن صندوق رعاية الطلاب يفرض على الطلاب كافتيريات تقدم اغذية سيئة النوع ولا تراعي المتطلبات الصحية للطالب، وأغلب الكافتيريات لا توجد بها كروت صحية، مع ارتفاع اسعار الوجبات وهذا الوضع المأساوي ادى لإنتشار العديد من امراض سوء التغذية بين الطلاب وتقف حالات السل في داخليات التربية شاهداً على ذلك، اما من الناحية البيئية فلا يوجد من يقوم برش برك المياه الراكدة وتجفيفها في الداخليات، مع عدم وجود نظافة للحيشان، او أماكن لإلقاء النفايات».
ويضيف السكرتير الإجتماعي بالإتحاد مهند عبد الرحيم: «وفيما يختص بالأزدحام الرهيب في الغرف فإن طلب الإتحاد بأولوية اسكان طلاب جامعة الخرطوم، هو مطلب موضوعي لأن سعة الداخلية لا تسمح بوجود طلاب الجامعات الأخرى بهذه الكثافة ولتأكيد ذلك سنتناول بعض النماذج التالية:
1/ داخلية شمبات«اولاد» سعتها الحقيقية 515 طالباً وعدد الطلاب الذين يقطنوها الآن 1025 طالباً أكثر من 50% منهم من خارج جامعة الخرطوم.
2/ داخلية يامبيو بمجمع شمبات الغرفة سعة 4 طلاب يسكن فيها 9 طلاب.
3/ داخلية شمبات«بنات» يسكن في الصالون الواحد عدد20 طالبة
4/ داخلية تربية «اولاد» سعتها الحقيقية 456 طالباً يسكنها حالياً 607 طلاب، عدد دورات المياه الصالحة للإستعمال 6 أي بمعدل دورة واحدة لكل 101من الطلاب.
5/ مجمع داخلية شمبات بها داخلية «ياسر كرم الله» سعتها الحقيقية 96 طالباً يسكنها حالياً 144 طالباً، لا توجد دورة مياه صالحة للإستعمال مما يضطر الطلاب للبحث عن حمامات في الداخليات الأخرى.
6/ داخلية ام كلثوم «الوسط بنات» تسكنها 240 طالبة توجد 4 دورات مياه فقط صالحة للإستعمال أي بمعدل دورة واحدة لكل 60 طالبة.
7/ داخلية الرميساء «الوسط بنات» تسكنها 320 طالبة توجد 24 دورة مياه جميعها غير صالحة للاستعمال.
اضف الى سوء هذه الدورات وقلتها واتساخها كارثة اخرى هي شح المياه وندرتها ايضاً.
الإتحاد يساهم في علاج الطلاب
اما فيما يخص قضية العلاج والأزمة التي يمر بها شرح لنا الوضع القائم حالياً السكرتير الإعلامي بإتحاد طلاب جامعة الخرطوم حمزة بلول حيث قال: «ان استقرار العام الدراسي لا يعني بالضرورة استمرارية الدراسة، وانما يعني في المقام الأول استقرار الطالب المتلقي لهذه الدراسة بإيجاد مناخ معافى له وتحسين اوضاعه حتى يتثنى له ان يُقبل على الدراسة بذهن متفتح.. لكن الوضع الصحي بالجامعة غير ذلك فنجد ان عدد الذين تم علاجهم بوحدة الخدمات الطبية والصحية أكثر من ثلاثين الف طالب في العام الماضي«2002» مع العلم بأن عدد الطلاب بالجامعة 22 الف طالب «حسب تقدير وحدة الخدمات الطبية والصحية» ومنذ ان كون الإتحاد لجنته التنفيذية وضع قضية العلاج نصب عينيه، فاجتمع بوحدة الخدمات الطبية والصحية حيث اوضح لنا الأمين العام للوحدة ان إدارة الجامعة تدفع 7 ملايين جنيه فقط شهرياً لعلاج الطلاب، منها 5 ملايين للعملية الصغيرة والفحص داخل وحدة الخدمات الطبية والصحية، وما تبقى (مليونان) لعلاج الطلاب ذوي الإحتياجات الخاصة، ولكن اصبح كل طالب يذهب للعمارة يحول لوحدة الخدمات الطبية والصحية فيزيد مبلغ علاج الحالات الخاصة الى أكثر من ضعف مبلغ «المليونين التى خصصتها إدارة الجامعة لعلاج هذه الحالات» ويضيف السكرتير الإعلامي حمزة «ايضاً التزم صندوق رعاية الطلاب بدفع 5،1» مليون شهرياً لعلاج الطلاب ذوي الإحتياجات الخاصة، استمرت لمدة اربعة اشهر ثم امتنع عن دفعها، كذلك رفضت وحدة الخدمات استلام مبلغ مليونين من العمادة و5،1مليون من الصندوق لعلاج الطلاب ذوي الإحتياجات الخاصة مبررة ذلك بأن تتولى علاجهم العمادة اوالصندوق بطريقتهم الخاصة، وأصبح لا يوجد علاج للطلاب ذوي الإحتياجات الخاصة مما أزم الموقف اكثر وفي إجتماعنا مع الصندوق حول علاج الطلاب رد الصندوق بأنه يدفع مبالغ للتأمين الصحي لعلاج طلاب الجامعات الذين يسكنون بالداخليات فقط، بل وتعدى ذلك في انه خاطب وحدة الخدمات الطبية بأن علاج الطلاب يعنيه هو كصندوق فقط وليس من اختصاصات وحدة الخدمات ومن الملاحظ ان الصندوق يقوم بالتأمين الصحي للطلاب في الأماكن البعيدة لتلقي العلاج فلا يستطيع الطالب ان يذهب لتلك الأماكن ويأتي الى وحدة الخدمات في الجامعة للعلاج وهذا يدل على الوضع المأساوي الذي يعيشه طالب جامعة الخرطوم من تردٍ وسوء للخدمات الصحية والبيئية بالجامعة».
ويؤكد حمزة بلول ان: «علاج الطالب خارج وحدة الخدمات الطبية والصحية بالجامعة لا يجد مساعدة، لا من صندوق رعاية الطلاب ولا من إدارة الجامعة، فيضيع الطالب وقد يضطر الى تجميد العام الدراسي وقد يتفاقم المرض الى حالات متأخرة مما يصعب علاجه خصوصاً وان العلاج خارج وحدة الخدمات يكلف مبالغ ضخمة لا يستطيع الطالب توفيرها وللخروج من هذه الأزمة طالب الإتحاد صندوق رعاية الطلاب لتحويل التأمين الصحي الى وحدة الخدمات الطبية والصحية بالجامعة كحل وقتي لقضية العلاج فكان رد الصندوق ان إدارة وحدة الخدمات الطبية هي التي ترفض تحويل التأمين الصحي اليها فقام الإتحاد باجتماع مع وحدة الخدمات الطبية والصحية وطالبها بذلك، فوافقت بان تستقبل التأمين الصحي بوحدتها كتابة، ولكن الصندوق ماطل في ذلك بحجة ان ادارة التأمين الصحي رفضت تحويل التأمين الصحي لطلاب جامعة الخرطوم الى وحدة الخدمات الطبية والصحية للجامعة، وفي آخر اجتماع لمجلس شؤون الطلاب والذي كان يوم الاربعاء 17/12/2003م قدم الاتحاد رؤية لحل قضية العلاج وهي:-
1- زيادة مخصصات العلاج من رسوم التسجيل والرسوم الدراسية بحيث تؤدي الى مجانية العلاج، وان يكون هنالك اجتماع عاجل يضم الاتحاد وادارة الجامعة ووحدة الخدمات الطبية والصحية لتحديد الاستقطاعات.
2/ اهمية دعم الصندوق الاجتماعي للاتحاد لتغطية نفقات علاج الطلاب خارج وحدة الخدمات الطبية والصحية. ولكن تم رفض المقترح بحجة ان العلاج من اختصاصات صندوق رعاية الطلاب وليس من اختصاصات مجلس شؤون الطلاب، مع ذكر ان الاتحاد قام بحلول اسعافية طيلة الفترة الماضية بعلاج اكثر من (200) طالب وساهم في اكثر من خمس عمليات بتكلفة تقارب الاربعة ملايين جنيه.
وماخفي أعظم
من المشاكل التي تصدى لها اتحاد طلاب جامعة الخرطوم ايضاً مشكلة الرسوم الدراسية، حيث طالب الاتحاد ادارة الجامعة بحل مشاكل الرسوم الدراسية للعام الماضي والعام الحالي والزام الكليات بقبول صيغة لجان الاشراف بمهام الاعفاء والتخفيض والتقسيط وادراج طلاب السنة الاولى في القرار، وذلك بتعطيل المادة (16) من قانون امتحانات الجامعة والتي تحول دون جلوس الطلاب للامتحانات ما لم يكملوا دفع رسومهم الدراسية، بفضل اجتماع الامانة الاكاديمية بالاتحاد ومدير الجامعة والذي افضى الى السماح لعدد (800) طالب بالجلوس للامتحانات في العام الماضي على ان يسددوا ما عليهم بعد الامتحانات، ونظراً لان تقدير الرسوم الدراسية يتم دون مراعاة للظروف الاقتصادية لأغلب الطلاب، لم يستطيعوا دفع متأخراتهم الدراسية، فقامت ادارة الجامعة بحجب نتائج بعض الطلاب، لتجلس الامانة الاكاديمية مرة اخرى مع ادارة الجامعة ليتم الاتفاق على نشر النتائج ومن ثم البحث عن صيغة لمعالجة القضية.
دائرة الضوء
يتضح من خلال هذا التحقيق ان هنالك نقاط خلاف كثيرة وكبيرة بين اتحاد طلاب جامعة الخرطوم والصندوق القومي لرعاية الطلاب، حيث باءت كل محاولات تجسير هوة الخلاف بينهما بالفشل، ولا يفوتنا هنا ان نذكر محاولاتنا المتكررة لطرح وجهة نظر الطرف الآخر في هذه القضية وهو الصندوق، حيث اتصلنا بالاخ الفاتح الحسن مدير ادارة الاعلام بالامانة العامة للصندوق وقد وجهنا مشكوراً لمقابلة الاخ امين ولاية الخرطوم، والذي حالت مسؤولياته الجسام ومشغولياته الكثيرة دون ان نلتقيه ونجلس معه ليرد بدوره على الاتهامات الموجهة للصندوق من اتحاد طلاب جامعة الخرطوم فيما يخص قضيتي السكن والعلاج، ولكن للاسف لم نجد الى ذلك سبيلاً.
[email protected]
|
|
 
|
|
|
|
محمد امين مبروك
خضر حسين خليل
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست