|
صغنتوتيات حـلاوى .. المقياس الفـأرى
|
كان محظوظا .. إذ قدم لهذه الدنيا ولم يرى إلا الفقر .. دعونا نكون اكثر دقة و نقول لم يحس إلا الفقر .. لأنه كان أعمى .. اختاروا له عنقربيا هبابيا في ركن قصي من الغرفة .. هذا إن جاز بأن ندعوها غرفة .. إذ رأيت جوالات الفول و التمـر متناثرة محتوياتها في كل الأرجاء .. لاعتقدت بأنها مخزن .. و لو رأيت منضدة تئن من حمولتها المكونة من بعض أواني الطبخ وأباريق شاي تغطت بالسواد و توسطتها وابور جاز عتيق لأدركت أنك داخل مطبخ .. أما إذا حانت منك إلتفاتة ورأيت الملابس المعلقة على الحائط وسريرين آخرين أصابهم العرى لقلت بلا تردد أنها غرفة نوم .. دعونا نسقط من حديثنا المخزن و المطبخ وغرفة النوم ونبقى على صاحبنا الأعمى .. صاحب المعجزة الفقيرة .. كلنا نؤمن بالمعجزات .. ولكن معجزة صاحبنا الأعمى كانت فقيرة كفقره .. حدثت المعجزة تحت شهادة مجموعة أتت بهم الظروف إلى هذا المكان المدقع في الفقر ليشهدوا منافع لهم .. بين دهشة جميع الحضور سمعوا صراخه .. صراخ صاحبنا الأعمى .. أنا شـفتا أنا شـفتا .. أنا فتحتا .. أنا فتحتا .. لم تدم فرحته طويلا .. لأنه كما ذكرت لكم من قبل .. أن معجزته كانت فقيرة .. لقد ارتد له بصره لثوان ثم عاد كما كان .. في هذه الثواني المعدودات .. رأى صاحبنا مخلوقا يتحـرك أمام عينيه .. كان ذلك المخلوق هو فأر يتنقل بحريـة ما بين جوالات الفول و التمـر والأرجل الممتدة في كســل .. عرف صاحبنا أن هذا المخلوق يدعى فأرا .. هو كل ما أدركه من شكل المخلوقات وألوانها وأحجامها .. كلنا تمنينا لو أن هذه المعجزة الفقيرة لم تحصل .. لأنها كانت بداية عذابـنا معه ومع فأره .. نتكلم عن بقرة أولاد الأمين التي أتت علي محصول العدس برمـته .. فيقاطعنا ويقول البقرة وين للفار .. نخـبره بأنها أكبر من الفأر بمئات المرات .. وذيلها أطول .. ولها قرنان .. و لونها فاقع يسر الناظرين .. نتكلم عن كلب عبد الجليل .. فيقول صاحبنا .. وين للفار .. نتردد في إجـابتـنا قليلا لنعرف كم ضعفا من الفأر يساوى كلب عبد الجليل .. أنه أكبر من الفأر بعشرات المرات .. ما يرد في حكاياتنا ذكر لمخـلـوق .. وإلا نسمع من صاحبنا .. وين للفـأر .. صار الفـأر معـياره في حسابات الطول والعرض والارتفاع .. صار متوسطه و وسيطـه وانحرافه المعياري
|
|
|
|
|
|