|
بوح براغماتي بائس
|
1- براغماتي بائس: أضحت عادة لدي، أن أدفعني نحو حافة الإحراج الكامل للذات، لذا لم أحمل نفسي ما لا تطيق من هواجس، وأنا أمد ورقتي بكل جرأة لذلك الشاب اللامع. المكان: جامعة الخرطوم، الزمان: كنا قد منحنا للتو اتحاد جامعة الخرطوم. الأشخاص: أنا، فتى اتحادي مثقف (نشر مقالة في صحيفة، وكان ذلك بالنسبة للبؤساء أمثالي حدثا ذا دلالة)، وصديق اصطحبني ربما مؤازرة لي أو كي لا يفوت عليه مشهدا لا يفوت. ها أنذا نكرة أجمع الرذائل بطرفي (امرأة+ حنكوشة+ فاكاها في روحي) الورقة يا سيدات والسادة، كانت مقترح لخطة عمل اتحاد جامعة الخرطوم في دورته. (شهقة) الورقة كانت مقترحا مفصلا قابل للتطبق على أرض الواقع. سأنقب ما استطعت عن هذه الورقة لكني أذكر منها الاتي تكوين فرق عمل من طلبة القانون للعمل مع المحامين الموكلين لإستعادة ممتلكات الاتحاد. ومنها اعادة صياغة عطاءات الكافتريات وفق شروط جديدة أن يكون 20% من طاقم العمل يعين من طلبة جامعة الخرطوم. تشجيع وتمويل مشروع طلبة الهندسة لمياه الشرب (وكانوا قد نفذوا مشروع كولرز تبريد ذاتي) تكوين فرق عمل من طلبة المعمار والهندسة المدنية لتقييم التكلفة المتوقعة لعمليات اصلاح الداخليات ومرافق الجامعة الهدف من الورقة كان ان ينتهي العام ويكون الاتحاد قد ابرز نتائج ملموسة للطلبة وفي نفس الوقت هذا الحشد من فرق العمل ما هو إلا لرفع كلفة الإدارة عن عاتق الاتحاد وتفعيل الطلبة في العمل العام (عدة عصافير بحجر واحد)
الوقائع: امسك الفتى اللامع الورقة مني بتراخ واضح، قلّبها (ولم تكن سوى صفحة واحدة) وسلمها لي مشفوعة بصمت مهين وشيء يسمونه بالإنجليزية snort وهي زفرة وضحكة مكتومة في آن رغم أني لم أكن صغيرة في السن ولكني كنت أعاني من self esteem issues، أي كنت فاقدة الثقة في ذاتي. وترجمتي للsnort في ما أظن أني أقحمت الإتحاد في سفاسف الأمور، إذ أني صيرته اتحادا (امسكوا انفاسكم يا سادة) : مـطـلـبـي (!!!) وكأنه لم يخلق سوى لتلبية احتياجات الطلبة البائسة، وكأني لا أفهم ما يحدث هنا..هذا الاتحاد هو حجر أساس الثورة القادمة كما اتحاد ثورة اكتوبر، وابريل... هذا الذي منوط به نزع الحرية والشرعية والديمقراطية من نواجذ من اغتصبوها. اصدقكم القول...صدقا لا هزءا...أنني خجلت من نفسي وتركت الورقة في خزانتي كفارة وعظة كلما سولت لي نفسي أن اجر عظائم الامور نحو بسيطة البساطة. تماما كما خجلت من نفسي وصديقي مهند يباغتني :" ميسون، ما هي الديمقراطية؟ "...طقطقت مفاصلي حرجا وجررت قدمي بحثا عن اجابة تحت حجر مهمل، "لا تخجلي... قوليها الديمقراطية عندك..مسكن ومأكل" وابتسمت متشجعة وأكملت "ومدارس...وليس ضروري أن يأخذ كل مظلوم حقه أنا واقعية، يكفي أن يكون له حق الجهر بالظلم وأن يسميه بإسمه" ..هز رأسه في ازدراء " دوما نظرة المرأة في السياسة ضيقة ومحدودة..الديمقراطية هي صراع الأفراد ضد تسلط المؤسسة وهي...كيت كيت كيت..." كفارة وعظة الاتعاظ صفة العاقل... مجنونة ، قالها الكثيرون ليست بجديدة علي. "ميسون عندنا تفاوض، دايرنك تجي معانا ، لكن ما تفتحي خشمك بكلمة، أقعدي واسمعي" مفاوض صامت (!!)...كانت احدى مفاوضات استعادة اتحاد الجامعة، وفي الأجندة أننا سنخرج في تظاهرة حتى مكتب المدير، كان الإختلاف حول يوم التظاهرة...الأحد في ركن ديل والسبت ركن ديلاك. وخرقت صفتي التنظيمية متسائلة "احنا ليه عاوزين نمرق مظاهرة؟" فبهت الذي نفاوض وكأني أسأل لماذا السماء؟ لماذا أنا؟ لماذا أنت؟، أما زميلي فأرسل وعيدا بعينيه، وأكمل التفاوض. هو ياريت كدا وبس، كانت تلك الفلتة في جامعتنا بما يسمى المنبر النسائي... ودعيت إليه متأخرة والحق معهم فقد كنت أنتمي إلى تنظيم "رجعي" إلا أنهن رأين في بشارة تقدمية (من حذائي أظن)... وكانت لنا جلسات لطيفة في الاستاد الشرقي، وأنا سارحة سارحة ، وتبادلنامقترحات حول المنبر، كان اللغط جله حول الدستور واللوائح واداب الإجتماع.. بالله عليكم انظروا إلى تفاهتي ، أذكر أن زميلتي تقطن في الداخلية، اخبرتني مرة عن استيائها من سلوك الطالبات الهايجيني (النظافة الشخصية) وسوء الأدب في استخدام الأدب. فلم يفتح الله علي سوى بسمنار في الداخلية حول النظافة الشخصة... ياخي يا ميسون عليك الله روقي..شعرا ما عندك ليهو رقبة !!!
"امشي يا براغماتي...عاين ليه براغماتي كيف؟ تشيب تششيب..جنس براغماتية في الدنيا" ... لا أدري من "فك" هذا المصطلح في أوساطنا نحن "المناضلين" و المهمومين بالشأن السياسي...لكن كان واضحا من السياقات التي يرد فيها، أنه شيء "بطال"..وبحثت في موسوعتي الرقمة (هذا ما قبل الويكبيديا)..ولم اجده شيئا سيئا،كان يناسبني تماما ...مما أكد لي وقتها أن ما قالوه همسا وعلانية (جلدي ثخين ولم أكن امانع) كان صحيحا، أني لم أخلق لهذا الأمر..السياسة، وكنت أفارق أبناء جيلي في انهابالنسبة لي لم تكن فعل وجداني، او عمل ضمير أو أنها قيمة أخلاقية في حد ذانها، ولم يكن للفعل السياسي لدي قيمة سوى بما يؤدي إليه من نتائج (شفتو البراغماتية كيف؟) وكنت امقت ما امقت الرمزية في السياسة... التظاهرة رمز الصمود والرفض لم تكن مبلوعة لدي...كنت أرى أن التظاهرة هي فعل A يؤدي إلى B وهو المطلوب، ولكن لأبناء جيلي كان التظاهرة هو القيمة A ، القيمة المبتغاة ولا شيء سواها. لذا عندما كانت تغمزني سهير بأنني "خوافة" ظننت وقتها أنها محقة، ولكني ادركت لاحقا أني ببساطة "ما عاوزة". لم أكن كما كثيرون ينتمون إلى التنظيم وجدانيا ، لم يكن التنظيم ذا قمة سوى بما يقدمه أو بما أقدمه من خلاله...قيادات التنظم كانت تماما عندي على العين والرأس أي نصب العين والرأس...لم يكن لهم مكان في قلبي أو وجداني أو ضميري. (كأفراد برة الصفة التنظيمية..بعضهم نعم...لكن في العمل السياسي...ايدك وما تعطي..كما يقول الشوام) يعلم الله أني حاولت I Danced the dance, I walked the walk, I talked the talk لكن شعور اليأس العارم الذي كنت أدعيه (لأنها احدى مزاجات أو فضائل المناضل) لم يكن سوى رفض عارم لكل ما أقوم به. معاذ الله..ان تظنوا أني اهزأ ممن تجلت ضمائرهم وأخلاقهم ناصعة في العمل السياسي (لا العكس كما ظن البعض أن السياسة تجلت في ضمائرهم) ...اولئك الذين شقوا من الناس و شقي الناس منهم (كما قيل في عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما). ولكني أريد افرز مكانا للحدث عن أولئك الذين كنسوا إلى أركان الفعل السياسي لأنهم حاولوا جرجرته من قداسته النظرية كمنفستو اخلاقي إلى كتيب ارشادات عملي...الناس الزيي ديل ..البراغماتية البؤساء!
قرأت للكاتبة التي كتبت قصة إيما مكيون زوجة رياك مشار، استهلالا لكتابها تذكر فيه مستهجنة السياسة في افريقيا بأنها سياسة البطن belly politics ، وهذا صحيح، فالكثيرون في افريقيا الفساد السياسي عملوا في السياسة بما يرضي بطونهم (نفعية خالصة)... ونحن أيضا فينا من سياسة البطن هذه، لكنها سياسة الضمير، أنها كمسكن للضمير. ها أنذا في تنظيم سياسي وبقول كلام النضال كلوا..وبمرق مظاهرة وبكتب بيان وممكن أشيل سلاح..فلا تسألوني عما افعل(وبالذات لما أفعل ما أفعل؟)..ولا أسأل عما تفعلون وما فعلتم يا ناس الحكومة..الحمدلله بريت ذمتي وممكن أموت مرتاح. المقولة التي ابتدعها عقلي البائس وأنا امر على أخبار التنظمات الساسية المعارضة، كؤتمراتهم وبياناتهم وتظاهراتهم وردهم القاسي على العقلية الساخرة الcynic التي تتساءل عن جدوى كل ذلك...أن هؤلاء الناس يمارسون الساسة by virtue...مش by practice !!!!
يتبع: 2- المكونات العقلية للبراغماتي البائس بطرفكم (قل المؤثرات النظرية التي شكلت وجهتى العملية) 3- عندما جزوا رأس الحسين (أقصد حيدر قاسم الفي منبرنا)...بناء الدولة قبل الثورة 4- ما قبل الانتحابات الفاتت 5- المستقبل القريب...مش بكرة الأبدا ما جاي 6- هويش التنظيمات السياسية أو yeah right!
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: بوح براغماتي بائس (Re: mutwakil toum)
|
Quote: تكوين فرق عمل من طلبة القانون للعمل مع المحامين الموكلين لإستعادة ممتلكات الاتحاد. ومنها اعادة صياغة عطاءات الكافتريات وفق شروط جديدة أن يكون 20% من طاقم العمل يعين من طلبة جامعة الخرطوم. تشجيع وتمويل مشروع طلبة الهندسة لمياه الشرب (وكانوا قد نفذوا مشروع كولرز تبريد ذاتي) تكوين فرق عمل من طلبة المعمار والهندسة المدنية لتقييم التكلفة المتوقعة لعمليات اصلاح الداخليات ومرافق الجامعة الهدف من الورقة كان ان ينتهي العام ويكون الاتحاد قد ابرز نتائج ملموسة للطلبة وفي نفس الوقت هذا الحشد من فرق العمل ما هو إلا لرفع كلفة الإدارة عن عاتق الاتحاد وتفعيل الطلبة في العمل العام (عدة عصافير بحجر واحد) |
لو كانوا بيعملوا كده ما كان في كوز فاز في اي انتخابات طلابية. بعض البراغماتية لا يضر يا هداكم الله. شكرا يا ميسون.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بوح براغماتي بائس (Re: سيف النصر محي الدين محمد أحمد)
|
العزيز سيف قليل من العملة مستهجن لدينا في العمل السياسي، قال احدهم "مستهجنا" أن الشهيد محمد عبدالسلام مات من أجل مرتبة، فرد احر مستهجنا أن في هذا اهانة لحرمة الميت سلام عليه في دار السلام لكن...ما العيب ان تموت من أجل مرتبة...هذا الشيء المادي الملموس الذي نحتاجه الان لكن- للأسف- لم يكن نضالنا من أجل المرتبة- حقيقي، استخدمناه كميتافور، وكأن القتال من أجل هذا الملوس مهين لحركة النضال السياسي. وأردف اخر (أن الأفق السياسي ضيق) ... لكن لنضع الأمور في نصابها، لو اننا ناضلنا حقا من أجل المرتبة وحصلنا على المرتبة ، لكان الميتافور المراد أعلى وأقوى... أنت أخذت حقا لي...وأنا استرددته
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بوح براغماتي بائس (Re: Hussein Mallasi)
|
Quote: اخبرتني مرة عن استيائها من سلوك الطالبات الهايجيني (النظافة الشخصية) وسوء الأدب في استخدام الأدب. |
كنت أظن أن سوء الأدب في استخدام الأدب سلوك رجالي بحت!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بوح براغماتي بائس (Re: Hussein Mallasi)
|
اظنه يا حسن خلط من الإثنين عدم مقدرة وشيء من الرفعة لأنو فرص ابداء القدرة اتوجدت ولسة موجودة، لكن فيها شيء من losing face، أو إراقة ماء الوجه (بزعمهم) المعارضة منذ اسمرا، وذلك التجمع العظيم والذي كأنه لالهة الأوليمب كان مجيدا، وقد الهمنا جميعا وقد أعطى للمعارضة هالة من القداسة، فلا تنال منه إلا وتنال من شرفك ... وكان الخروج منه هبوطا
وعندما تفكك، ظلت هذه التنظيمات تدثر نفسها بشيء من تلك القداسة إذ ظنت (خاطئة) أنها ما تبقى لها حقا من ابقاء جذوة المقاومة حية وكان ذلك بردا وسلاما على الحكومة إذ انها عندما جرت تلك التنظيمات للتفاوض معها، علمت انهم لا يأتون إلا و تيجان القداسة على رؤوسهم وانهن لن يفاوضوهاباللحم والعظم... هي لن تتنازل، والحكومة لن تعطي...ولكنها بالتأكيد أخذت أخذت ما كانت تريده تماما. المزيد من الحياة. فالأتباع المخلصون الذن تعلقوا بأستار المعارضة لأنهم ترفعوا عن نجس الحكومة، تحللوا منها والذين راهنوا على حراك المعارضة وقد عادت صفر الدين انصرفوا عنها والحكومة توحي للجميع أنها ذات جانب لين، أنها تحاول
| |
|
|
|
|
|
|
|