|
جثة أجمل رجل أزرق: قرنق محارب حتى السلام ومسالم حد الموت - أميرة الطحاوي
|
http://www.sudanile.com
عندما استقبله الملايين بالخرطوم الشهر الماضي، رد على هتافاتهم القائلة لا جنوب بدون شمال ولا شمال بدون جنوب "المهم يكون في سودان" فهكذا كانت دوماً أهداف حركته غير مقتصرة على مطالب الجنوبيين فوصف كثيرا بأنه وحدوي،أضاف "جئت لكي نعمل سوياً ..نحقق للسودان نقلة حقيقية لوضع جديد يكون نموذجاً للتاريخ الحديث في المنطقة وأفريقيا والعالم،...سيكون لدي كلام كثير ،أتيت فقط لكي أسلم عليكم في المؤتمر وأقول السلام عليكم".
لكن أحدا لم يهمله لينفذ ما قاله أو ليكمل ما أراد قوله يومها في الساحة الخضراء، فقد رحل جون قرنق دي مابيور ولازال يرن في الصدى آخر ما خاطب به الجماهير وجها لوجه "السلام عليكم"،فالسلام عليك أيها الشهيد، و الآن هل نتوجه بعزائنا أولاً للسيدة ربيكا صاحبة الحزن الأكبر بفقدان الزوج و النصير في هذا العالم المليء بصوت الصراخ و هدير المدافع و الملوثة أجواؤه بدخان معارك ما لبثت أن انتهت و أخرى بدأت لتوها،لكم هي قوية هذه المرأة، ترى ماذا قلت أيتها المناضلة عندما أخبروك بأنهم عثروا على جثة الزوج و الرفيق، هذا الذي كان حتما في ناظريك أجمل رجل أزرق بالعالم؟
لقد دعت ربيكا الحكومة والحركة للتمسك بالاتفاقية والتحلي بالشجاعة والقوة في تنفيذها، وأن السلام الذي كان يدعو له الدكتور قرنق سلام حقيقي، وأن قرنق مات لكن نظريته لن تمت وأنها ستتابع نظريته، وأكدت أن قيادة الحركة قوية وجادة في تحقيق السلام في السودان، وان الدكتور كان يقول أن السلام ليس ملكه بل ملك كل الشعب السوداني.
لا يستطيع المتابع للشأن السوداني أن يخف إعجابه بقدرات هذا الرجل قد كان حتى اللحظة الأخيرة حكيما و حذرا لما بعد رحيله عندما أصر على أن يبقى للحركة جيشها الذي يقارب الـ 100 ألف مقاتل للدفاع عن اتفاقيات السلام إذا نكص عنها الطرف الآخر، متفاديا تكرار ما سماه هو بـ " الخطأ الاستراتيجي الذي وقعت فيه حركة المتمردين الأولى (أنانيا) عندما حلّت جيشها بعد اتفاقية أديس أبابا للسلام عام 1972 مما أعطى الرئيس السابق جعفر محمد نميري الفرصة لعدم احترام الاتفاق ".
و في آخر أيامه ذهب إلى الرئيس الأوغندي موسيفيني ربما ليقنعه مصدقاً أن السلام حقيقي هذه المرة،طوال مسيرته كان لدى قرنق مقربون من الشمال، مستشاره السياسي هو السياسي الشمالي المحنك د. منصور خالد وزير خارجية نظام نميري و الذي وقع معاهدة السلام1972،و هناك أيضا كوماندور ياسر عرمان و آخرون من ملل و نحل السودان، لم تبهره السلطة فعندما أرسلوه ليقضي على قلاقل بالجنوب باعتباره عسكريا في حكومة الخرطوم،ذهب و أنضم للمتمردين لأنه وجد مشروعية لمطالبهم، و طوال مسيرته لم يستخدم قرنق فصيلا أو ميليشيات أو دعم من خارج البلاد ضد فصيل جنوبي رغم تكرار خلافاته مع بعض هذه الفصائل،كما لم يستعد قرنق جيوش دول مجاورة على أي فصيل جنوبي آخر، و الأهم أنه لم يستدع أو يتآمر مع حكومة الخرطوم ضد فصيل جنوبي آخر، كل هذه الأخطاء فعلتها بلا خجل و كررتها غير مرة قيادات حركات قومية أخرى بالمنطقة،لذا ستبقى تداور في مكانها حتى لو وصلت لأعلى المناصب و لن تجد الزخم الشعبي الذي قوبل به قرنق عند عودته من شماليين و جنوبيين، فالشعوب لا تغفر هكذا ببساطة و لا تعلي إلا من يستحق.
و رغم أنه قابل الترابي بعد أن غدر بالأخير صديق الأمس البشير، لكن قرنق أبدا لم يصدر عنه تصريح واحد يجمل فيه تاريخ الترابي الأسود، و لم يفعل مثل آخرين ممن يهللون على الفور لخروج أحد أركان نظام فاشي بسبب اختلاف على تفاصيل لا جوهر، و يقربونهم لهم ، و بالمقابل كان متفهما لعودة الكثير من فصائل و قيادات جنوبية عن تعاونها مع حكومة الخرطوم ضد قرنق نفسه، و أدرك أن لحظة تنوير ستحدث ليكتشفوا أن النظام لن يعطيهم سوى الفتات فيعودون له و كان هو بدوره يحسن استيعابهم ،صحيح أنه فاجأ المعارضة السودانية باتفاق مشاكوس الذي رحبت به فصائل و عارضته أخرى، لكنه أبدا لم يفاجيء رفاقه باتفاقات سرية عرجاء تكبل العمل الوطني لسنوات،كما أنه لم يفاوض سرا على شيء و يعلن تمسكه بآخر، كما فعلت حركات أخرى بالمنطقة.
ثابر قرنق كثيرا و لم يتنازل عن أفكاره العلمانية،طرح فكرة العاصمة القومية لكل السودانيين، لم يتمكن أن يحقق حلمه لكنه لم يتنصل مما طالب به، كان يفكر في الخرطوم و في كل السودان، لم يخن قرنق المعارضة السودانية و لا خرج عن مقررات أسمرا، لم يقم بمغامرات خرقاء كأن يعود للخرطوم دون حساب أو ضمانات ثم بعد أشهر يبكي و يشكو ليظهر في الميديا من جديد باعتباره ضحية تستوجب التعاطف معها.
في يوم تنصيبه نائبا لرئيس الجمهورية لم تصبه عدوى الزعامات المتهالكة فلم يلق كلمة ترحيبية مجاملة و لا عبارات رنانة بل قدم ما يشبه برنامجا للعمل على الصعيد الوطني و الإقليمي،مشيراً لأنه يريد للسودان أن يكون مثالا يحتذى بالقارة الأفريقية التي أرهقتها الحروب و الانقلابات.
لا أحد بوسعه أن ينسى حضور هذا الرجل في ندوة أو احتفالية، قفشاته الحاضرة و ردوده الحاسمة،أتذكر نقلا عن مصدر أنه سمع قرنق يقدم –ربما بسخرية لا تخلو من حكمة - نظريته "كأس الجعة " عن سودان شمالي يحكمه المتأسلمون و جنوب علماني، يشتاق مواطن الشمال لكأس جعة فيذهب نهاية الأسبوع لجوبا – عاصمة الجنوب - لاحتسائها ثم يعود للخرطوم ليفكر أنه آن الأوان ليصبح الشمال هو الآخر علمانيا و يناضل من أجل هذا،في حفل قسم اليمين كنائب للرئيس يفاجيء قرنق الحضور بدعابات روحه المرحة و إذ به يأخذ بيد أكبر مسئول دولي – كوفي عنان – ليعيده لجذوره الأفريقية راقصا معه بكل فرح،كاشفا عن قلب ممتليء بالأمل في غد جديد و مصدقا أن السلام لا رجعة عنه حسبما أعلن مراراً.
كان مبدئيا على الدوام منتصرا لما يدعوه الـ" نيو سودان" أو السودان الجديد، كان يحلم بهذا بثقة المتيقن أنه سيحدث،وصلني الخبر من صديق سوداني فتابعت و صدقت بغواية من قلبي رواية تلفزيون الخرطوم أنه نجا، ففرحت بكل ما أملك من قدرة على تحمل البهجة ،في اليوم التالي قرأت الخبر غير مصدقة بغواية من أملي ألا يكون هذا ما حدث، لكن هذا ما كان:رحل الزول السمح إذن.لكنه ترك لنا الكثير من ميراث العمل النضالي في جبهات القتال و على مائدة المفاوضات، ليواصل بنوه – أبناء كل السودان المسيرة من بعده،فلا تخذوله رجاءً .
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جثة أجمل رجل أزرق: قرنق محارب حتى السلام ومسالم حد الموت - أميرة الطحاوي (Re: democracy)
|
اخي العزيزة د.ندي علي ... لك التحية ..والف حمد لله علي العودة ...
Quote: عندما استقبله الملايين بالخرطوم الشهر الماضي، رد على هتافاتهم القائلة لا جنوب بدون شمال ولا شمال بدون جنوب "المهم يكون في سودان" فهكذا كانت دوماً أهداف حركته غير مقتصرة على مطالب الجنوبيين فوصف كثيرا بأنه وحدوي،أضاف "جئت لكي نعمل سوياً ..نحقق للسودان نقلة حقيقية لوضع جديد يكون نموذجاً للتاريخ الحديث في المنطقة وأفريقيا والعالم،...سيكون لدي كلام كثير ،أتيت فقط لكي أسلم عليكم في المؤتمر وأقول السلام عليكم".
لكن أحدا لم يهمله لينفذ ما قاله أو ليكمل ما أراد قوله يومها في الساحة الخضراء، فقد رحل جون قرنق دي مابيور ولازال يرن في الصدى آخر ما خاطب به الجماهير وجها لوجه "السلام عليكم"،فالسلام عليك أيها الشهيد، و الآن هل نتوجه بعزائنا أولاً للسيدة ربيكا صاحبة الحزن الأكبر بفقدان الزوج و النصير في هذا العالم المليء بصوت الصراخ و هدير المدافع و الملوثة أجواؤه بدخان معارك ما لبثت أن انتهت و أخرى بدأت لتوها،لكم هي قوية هذه المرأة، ترى ماذا قلت أيتها المناضلة عندما أخبروك بأنهم عثروا على جثة الزوج و الرفيق، هذا الذي كان حتما في ناظريك أجمل رجل أزرق بالعالم؟
لقد دعت ربيكا الحكومة والحركة للتمسك بالاتفاقية والتحلي بالشجاعة والقوة في تنفيذها، وأن السلام الذي كان يدعو له الدكتور قرنق سلام حقيقي، وأن قرنق مات لكن نظريته لن تمت وأنها ستتابع نظريته، وأكدت أن قيادة الحركة قوية وجادة في تحقيق السلام في السودان، وان الدكتور كان يقول أن السلام ليس ملكه بل ملك كل الشعب السوداني. |
حقيقة استوقفني بجد ..موقف هذه المراة القوية ..لا اريد ان اتنبأ ..ولكن ما اريد قوله ان قرنق مضي ولكنه ترك لنا اقوي امراة ستكون لها شأنأ في واقع الحياة السودانية ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جثة أجمل رجل أزرق: قرنق محارب حتى السلام ومسالم حد الموت - أميرة الطحاوي (Re: nada ali)
|
Dear Nada What a loss! Up to this moment I am having a vehement disbelief that Dr. Garang is
no longer with us! I am so pessimistic about the future of the democratic transformation and unity in our beloved country. as most of us, if not all have a sneering distrust in the integrity of our government and also the sincerity of other southern parties in preserving the agreed upon protocols of the peace accord
I echo the calls for the necessity to remain in solidarity and unity and wish our prominent politicians from both the north and south will look beyond their divergent personal and political motives for the sake of achieving a united Sudan. Also, I don't want to preclude our key role as ordinary citizens as I believe we have no choice but to strengthen our resilience to recover or at the best case scenario to adjust to this continual misfortune that seems to me it is our country's destiny!
There is no doubt the death of this powerful leader represents a crippling blow to the pursuit of the peace process. We as sudanese were looking up for this symbolic figure to satisfy our prolonged zeal for a united and prosperous country. What a loss!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جثة أجمل رجل أزرق: قرنق محارب حتى السلام ومسالم حد الموت - أميرة الطحاوي (Re: nada ali)
|
عزيزتي ندي
انه حقا اجمل الرجال
واعظم الرجال
اهديكم كلمات المبدع منوت في فقيدنا:
Quote:
أتدري ،
أو تدري ؟
أتدري ، يا هذا الثورُ - اليار - ، - كامل البياض في نقائه الحالم بزولٍ جديد ..
أو تدري بأن نفيسه بت ميرغني قد بكتك اليوم و هي تقطعُ المسافةَ بين البركل و مروي ، كما
ثكلتك أمك نادينق بين مريدي و فلوج ؟ أتدري ؟ أو تدري ، بأن المسافةَ بين همشكوريب ، و الجنينة كانت عويلاً من أصداء أحلامِ الصبايا و
محدداتِ آفاق الشباب ؟
أتدري ؟
أو تدري ؟،
يا رغيفَ الخبز في فيهِ الجياع ..
يا ذراعَ الفعلِ في كل البقاع .. أنّ المسافةَ بين بدايات يوليو و انتهاءاتها ،
قبرت - فُجاءةً - مجملَ ينابيع الشعاع ..
أتدري ؟
أو تدري ؟
تحياتي تراجي.
أننا صرنا- بدونِ سمتكَ الأخضر - نحيا كما الأشياء في خجلٍ تُباع !!! |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جثة أجمل رجل أزرق: قرنق محارب حتى السلام ومسالم حد الموت - أميرة الطحاوي (Re: nada ali)
|
اخى العزيز محمدين محمد اسحق تحية طيبة و العزاء للوطن فى فقده
رجعت من فلوتو بمعنويات طيبة لأفاجأ باختفاء الطائرة ثم بالخبرالمحزن
كتبت
Quote: حقيقة استوقفني بجد ..موقف هذه المراة القوية ..لا اريد ان اتنبأ ..ولكن ما اريد قوله ان قرنق مضي ولكنه ترك لنا اقوي امراة ستكون لها شأنأ في واقع الحياة السودانية .... |
. مدام ريبيكا اثبتت بحق انه الى جوار (وليس وراء) كل رجل عظيم امرأة قوية الارادة. عندما كنت ارتب لاجراء مقابلة معها لبحث الدكتوراه فى عام 1999 سألتها عن الصفة التى تود ان اجرى معها المقابلة على اساسها(فهى بدأت كمحاربة فى الجيش الشعبى)، فقالت لى انها لا تود ان تتحدث فى امور السياسة، و انها ستتحدث كرئيسة لمنظمة ًWODRANS التى انشأتها لتمكين النساء الارامل و اليتامى و المعاقين/ات و توفير الخدمات لهم/ن. و عندما اجريت معها المقابلة بدأت بقولها "لقد اتفقنا على ان اتولى انا الشئون الداخلية" (الاسرة)، ثم بدأت تتحدث عن نشاطها الجم و نشاط الجمعية. كانت خير سند للدكتور جون قرنق فى حياته و تعاملت مع الفقد بعظمة تليق بالفقيد ساعدت الكثيرين/ات على التماسك. هى فعلا امرأة عظيمة و لابد انها ستلعب دورا كبيرا فى مقبل الايام.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جثة أجمل رجل أزرق: قرنق محارب حتى السلام ومسالم حد الموت - أميرة الطحاوي (Re: nada ali)
|
الغالية ندى
تحياتى و اتمنى ان تكونى بخير
Quote: Dear Nada What a loss! Up to this moment I am having a vehement disbelief that Dr. Garang is
no longer with us! I am so pessimistic about the future of the democratic transformation and unity in our beloved country. as most of us, if not all have a sneering distrust in the integrity of our government and also the sincerity of other southern parties in preserving the agreed upon protocols of the peace accord
I echo the calls for the necessity to remain in solidarity and unity and wish our prominent politicians from both the north and south will look beyond their divergent personal and political motives for the sake of achieving a united Sudan. Also, I don't want to preclude our key role as ordinary citizens as I believe we have no choice but to strengthen our resilience to recover or at the best case scenario to adjust to this continual misfortune that seems to me it is our country's destiny!
There is no doubt the death of this powerful leader represents a crippling blow to the pursuit of the peace process. We as sudanese were looking up for this symbolic figure to satisfy our prolonged zeal for a united and prosperous country. What a loss |
كلماتك عبرت بصدق عن الكثير مما يحسه و تحسه الكثيرين/ات منا، فقط اود ان ادعوك الى "التشاؤل" بدلا عن التشاؤم المطلق فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاقية و انجاز التحول الديمقراطى (و ايجاد حلول فى منبرى الشرق و دارفور) كذلك اثق كثيرا فى حكمة قيادات الحركة الشعبية. لك العزاء و ياله من فقد كبير
ندى
| |
|
|
|
|
|
|
|