|
كيف صار القدال أستاذا في الجامعة:زبد بحر (8) د. أحمد محمد البدوي
|
محمد سعيد القدال مؤرخ كفء وله إسهام مهم ولكن كيف صار أستاذا في قسم التاريخ بجامعة الخرطوم! القدال نال درجة البكالوريوس عام 1958 من جامعة الخرطوم في التاريخ والاقتصاد في أربع سنوات بلغتني هذه المعلومة من لسان الراحل محمد هاشم عوض عند تقديمه القدال في مؤتمر المهدية بكلية الآداب بمناسبة مرور قرن على المهدية ! في جلسة قدم فيها القدال ورقة! وعمل من بعد معلما بالتربية والتعليم وابتعث لأمريكا حيث نال الماجستير وعاد بعدها إلى وزارته ونال درجةالماجستير مرة أخرىثم الدكتوراة في التاريخ السوداني : المهدية من جامعة الخرطوم في مستهل النصف الأول من ثمانينات القرن العشرين! ثم ظهر من بعد عضوا في هيأة التدريس بقسم التاريخ فكيف تم ذك! بيسر التحق منتدبا من وزارة التربية ثم منح وظيفة دائمة بلا إعلان ولم يطبق عليه قانون جامعة الخرطوم التي لاتعين أحدا من خريجبها إذا كانت شهادته الأولى عامة بمعنى أربع سنوات وليس خمسا! وهنا تدخل عدة عوامل من بينها العامل الأيدلوجي الذي يستخدم كل الصلات والتدابير والعجيب في الأمر أن القدال من بعد تعيينه عضوا في هيأة التد ريس دخل في مناوشات في الصحف اتسم فيها بازدراء من يتحاور معهم وسفههم! والتقليل من شأنهم ثم ظهر في اتحاد كمال الجزولي بعد الانتفاضة في الواجهة وأصدر عدة كتب على رأسها ثلاثة: 1: الحزب الشيوعي ومايو 2: الحزب الشيوعي و19 يوليو 3: تاريخ الحزب الشيوعي فضلا عن كتاب عن تاريخ السودان لايخلو من ملامسة الموضوع إياه وهو تناول أيدلوجي أكثر منه أكاديمي ومطعون في موضوعيته لأنه لا يمثل إلا وجهة نظر واحدة فهناك نصوص مكتوبة ومطبوعة تمثل وجهة النظر الغائبة وهناك مصادر حية من المعاصرين الشهود ولهذا يبدو وكأنه منشور يتحرى خط الحزب وهو بالفعل يمثل ذلك ولهذا تبدو أطروحة محمد نوري للدكتوراة في جامعة أكسفورد، التي نشرها في المجلات خاصة، أكثر توازنا واعتدالا وقد اطلعنا على نصها الكامل. ولا مشاحة في تعبير مؤرخ عن وجهة نظر حزبية في مؤسسة قائمة على تنوع الآراء ولكن أليس من الغريب أن تحرم الثورة المهدية من أن يكون في الطرح الأكاديمي من يمثل وجهة نظرها! خاصة إذا علمنا أن القدال لا يمثل نقلة حيوية ونوعية ومنصفة في دراسة التاريخ السوداني وتدريسه وفق منهج التاريخ الوطني وتاريخ ما بعد الاستقلال المناهض للكلونيالية وهو منهج بسيط جدا يتلخص في الاعتماد على الرواية الشفوية والمؤلفات المحلية! وليس على تاريخ دونه من كانوا يستعمرون البلد! لقد كتبت كل ذلك مستغربا! أعرف أن ذلك يحدث في الجامعة الإسلامية فالخريج : محمد آدم الشيخ حصل على درجة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية في عام 1969 ولم يكن يعرف من اللغة الإنجليزية حسب دراسته التقليدية أكثر مما يعرف طالب في السنة الأولى بالمدرسة الوسطى بعد دراسة 3 أشهر! ونال درجته بتقدير جيد! وهناك من هو أكثر تأهيلا منه من بين الخريجين الترابيين أنفسهم ولكنهم عينوه وبدلا من أن يلتحق بالأزهر أرسلوه إلى جامعة واشنطن ليتخصص في الإسلام على أيدي أساتذة يهود وملحدين يتعاملون مع الدين بوصفه ظاهرة إنسانية أرضية وبعد نيله الدرجة لم يرجع إلى جامعته ولكنه التحق بمعهد الفكر الإسلامي العالمي وهو مؤسسة من مؤسسات التنظيم الدولي لحركة الإخوان المسلمين العالمية هدفه أسلمة العلوم بمعنى أن المسلمين لا ينتجون الصنائع الفيزيائية ولكنهم يريدون أسلمة مالا ينتجون ومالا يمتلكون وبالطبع له أغراض أخري في امريكا منذ ايام الحرب الباردة! والآن هذا الشيخ المولانا الذي يدعو لإسلام سياسي ولكنه يتهرب من مؤسساته التقليدية ويتشبث بالحداثة الخواجية ةتلك مصادر الدين الذي عرفه الناس، بمعنى أنه ليس فخورا ولامنتميا لثقافته التقليدية البائرة عنده بمتونها وحواشيها الآن عمره في السبعين لم يرجع إلى السودان أو فات الأوان وليس له من رصيد علمي في مجال البحث والاجتهاد والإضافة! والجدير بالاعتبار أنه من أهلنا الفلاتة من القضارف يستنكر دائما على السودانيين سوء معاملتهم للفلاتة عنده وقد عين وفضلوه على منهم أولى منه وأنفع وجاء أمر تعيينه من فوق من القيادة دليلا على استعانته وتوسلاته! كل ذلك باسم الإسلام! هذا ما يحدث في الجامعة الإسلامية ولكن كيف يحدث هذا في جامعة الخرطوم التي دأبت في معظم الأحوال على إنصا ف خريجيها المتفوقين وبالوقوف الحاسم أمام اللف والدوران والفساد! وصار أبناء المساكين والمناطق المهمشة أساتذة فيها ولم يكن لهم من سند غير أدائهم المتميز! أختم كلامي بما سبق أن قلته في حالة فدوى: أولا ملف القدال يجب أن ترسل صورة منه إلى دار الوثائق التي تضم ملفات الراحلين من المعلمين والمحاضرين وكذلك القضاة والمهندسين الخ وبوسع أي جهة أن تنشر صورة من شهادته الأولى أو من إجراءات التعيين: إعلان والخ وأنا مستعد للمثول أمام المحكمة: سجن سجن غرامة لا سجن بس! أما الجامعة الإسلامية فسيبك منها! والخلاصة أن الأيدلوجيا يسارا ويمينا قبل الإنقاذ استخدمت استخداما ظالما وفاسدا لمنح من لا يستحق ولسلب الحق ممن يستحق! والحق أن السودنة نفسها قامت على فساد فقد وزعت وظائف الإنجليز المغادرين بين الحزبين: الأمة والاتحادي ويدخل في ذلك العامل القبلي والجهوي ولم يراع في منح الوظائف المناضلين الذين واجهوا المستعمر وفصلوا من العمل منذ ثورة 1924 بل إن التمييز على أساس قبلي كان نهجا مألوفا ففي معاينات المتقدمين للالتحاق بكلية الطب دأب د. عبد الحليم محمد سيد الكلية وممتحنها الدائم على أن يقول لبعض المتقدمين: Medicine runs in families أن دراسة الطب في جامعة الخرطوم محصورة في أبناء الأطباء! حدث ذلك لكثيرين منهم أستاذ جامعي من بعد في تخصص آخر سأله: من وين فقال من الجزيرة فقال تربال يعني ولما تبقى طبيب البيزرع القطن منو وكان ذلك هو السبب العادل الذي حال بينه وبين دراسة الطب! وليس هو الوحيد المظلوم! القبور لا تفتح من الداخل " ولو قام منها بعاتي"! القبور يجب أن تفتح من الخارج علينا أن نواجه اسباب الهزيمة!
|
|
|
|
|
|