بين وطنٍ وتلميذَتِه بقلم د. يثرب عماد عوض

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-16-2024, 06:52 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-25-2018, 10:39 PM

د. يثرب عماد عوض
<aد. يثرب عماد عوض
تاريخ التسجيل: 11-25-2018
مجموع المشاركات: 1

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بين وطنٍ وتلميذَتِه بقلم د. يثرب عماد عوض

    09:39 PM November, 25 2018

    سودانيز اون لاين
    د. يثرب عماد عوض-sudan
    مكتبتى
    رابط مختصر


    السلام عليكم ورحمة الله أستاذ، أنا يثرب عماد طبيبة امتياز، يسعدني مشاركتكم احد اهم المناقشات التي دارت بيني وبين أستاذي الفاضل أخصائي المخ والأعصاب بروفيسور أبشر حسين، آملة أن تصل الرسالة عبركم لوجهتها. ولكم جزيل الشكر.


    بروفيسور أبشر حسين : "عندما يتخرج المثقف السودانى من الجامعة يكون همه ان يسسافر لاوروبا او امريكا للدراسات العليا او للخليج للعمل وهناك يتزوج وينجب الابناء والبنات ،وعندما يموت يوصى بدفن جثمانه فى السودان(قمة حب الوطن ان يكون مقبرة)."



    أنا:
    أثار بي حديثك والدي و مُعلّمي بروفيسور أبشر الكثير من المشاعر التي لطالما صفعتني و أمسكت بتلابيبي خانقةً تهزني هزا عنيفا علَّني أفيق من غفلتي، مشاعر تجاه أوطانٍ عِدَّة فأنا لم أنتَمِ يوما لوطنٍ واحد، مذ أن عقِلتُ وأنا أرى الوطن في ابتسامة أمي، وهيبة أبي، أراه في إجتماعِ عائلتي تحت ضوء قمرِها (جَدِّي رحمه الله)، في عطاء الكِبار وإصغاءِ الصِّغار، في رحمة الجار، وتجلِّي الحب والإيثار في سائر القلوب.


    "الوطن" أعرفه جيدا فقد رأيته يوما بين عيني معلمتي أمُّ سَلَمة ، ذاك الإنتماء الجاذبُ المُتقَن، ببساطته و نقاءه، حنانها و أحلامها الكبيرة لنا، لسنا أبناءها ولا قرابة دمٍ تربطنا، لكنها أعطتنا الكثير مقابل القليل والقليل جدا، أو ربما نحن من رآه قليلا في ذاك الوقت، قبل موسم النُّضج والوعي الكافي، لنفكر في المقابل الحقيقي بالنسبة لها ومِقداره، بعيدا عن محدودية الفِكر، كانت ولا زالت وطناً نحِنُّ إليه و نفخر به، رحمها الله وأنار قبرها بأضعاف النور الذي وهبتنا إياه، نعم رحلت و لا زالت وطناً، فالأثر باقٍ والنورُ في القلب لن ينطفيء إلى أن يأذن الله.

    "الوطن" صادفته مراتٍ كثيرة من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعة، رأيته في مدرستي كل صباح، يعلو ثوب الخالة فاطمة، وهي تكِدُّ لكسبٍ حلالٍ يُشبع أطفالها السبعة وإن قلّ، رأيته في عم جبريل الغفير زوجها ، يحرس المدرسة ويحرُسُ أحلامنا كذلك، ويهِبُ أطفاله إمكانية الحُلم.
    رأيت "الوطن" في الثانوية، يُصافحُ يدي كل صباح عند باب المدرسة يحضنني بشوق رغم قِصَر الغياب، فبالأمس حتى المساء كنّا معاً، يتفقّدُني وسط الجموع، إن غبت غابت عنه الروح إلى حين مجيئي، إن مرِضتُ رأى الناس به شحوباً و تعباً كأن السقام به لا بي، إنها صديقتي، الجسد الثاني لروحي ولا زالت.

    "الوطن" جدران مدرسة عثمان صالح لمرحلة الأساس، ما تحويه من قصص التاريخ الخالدة و قصصنا نحن البُرعمية، موطن اللِّبِنةِ الأولى في الفكر، والخطوة الأولى نحو الحُلم، "الوطن" جدران مدرسة أم درمان الثانوية النموذجية وحولها أوطان أُخر هم النيل وإذاعة أمدرمان، بوابة عبد القيوم وعبق ُ الأصالة و فخامة التاريخ، جدرانها تنطق بالعراقة و توشك أن تُجلسك في حِجرها وتروي قصص المكان.

    "الوطن" صوتُ الراديو في صالون جدي رحمه الله-، ننصت إليه خلسة أنا وإخوتي وأبناء عمي من وراء الشِّباك ، محاولين إشغال أنفسنا عن سطوة الجوع إلى أن يجهز الغداء(صينية الكِسرة وملاح أم رقيقة) لا يمكن للغداء أن يخلو منهما كما أمر جدي (وطني) ، ننصت دون أن يرانا أو ربما إدَّعى ذلك لكيلا يكون خوفنا منه سببا في عدم وصول ذاك الجمال لآذاننا، وإن لم نفهمه أو نعي معناه، المهم أن يُخزِّن العقل شيئا منه في الذاكرة، كان الراديو تارةً يشدو بصوت سيد خليفة قبل نشرة الرابعة، مردداً بحماسه وابتسامته المميزة التي أحببناه لأجلها(أنا هنا شبيت يا وطني، زيك ما لقيت يا وطني، يا بلد أحبابي في وجودي أريدك و غيابي..)
    وتارة أخرى بصوت وردي الصَّداح (يا بلدي يا حبوب، أب جلابية وتوب...يا سمح يا زين يا سمح يازين الخ) و لطالما استوقفتني صرخته حين يقول "يا سمح يا زييييين"، كانت قوية وحانية في ذات الوقت، تبعهم حسن خليفة العطبراوي يشدد ويزمجر ب أنا سوداني أنا.. أنا سوداني أنا، مركزا في مخارج الحروف إعلانا لأهمية مضمونها واحتراما لما يتغنى له،
    ثم عثمان حسين الفنان الهاديء، الوقور يرنِّم كما ترنم الأم تهويدةً لصغيرها، (أفديك بالروح يا موطني، فأنت دمي كل ما أقتني، بلادي أنا..) لطالما حدثني جدي ووالدي عنه، أنه وقبل أن يشتهر رحمه الله كان كثيرا ما يأتي ويجلس معهم في سوق أم درمان، حتى بعد ظهوره وشهرته، و بينهم العديد من الحكايا، ربما هذا سر البساطة والتواضع في صوته وصورته، الفنان السوداني الأصيل.


    "الوطن" صالونُ جدي- عوض أحمد رحمة الله تغشاه، لاعب الهلال المميز - مليء بصور النادي وزملاءه اللاعبين، سبت دودو، متوكل أحمد البشير، عثمان الديم، صِدِّيق منزول (خطر)، وغيرهم جمعتهم به اللُّعبة والصور والصالون والذكريات الخالدة ، كل صباح تُحضَّرُ حافظاتُ القهوةِ والشاي ترحيباً بهم، أصواتهم كانت لا تزال شابةً رغم المشيب، أظن أن اجتماعهم ببعضهم هنا كان عودةً بالزمن لعهدٍ جميل، ومنذ أن رحل جدي (وطني) تفرقوا ولم أرهم ثانية بعد عزاءه، كأنهم قد شُرِّدوا من موطنهم و نُفُوا إلى الأبد.


    "الوطن" في عينيك الحزينتين أستاذي الفاضل، وأنت تتحدث عن الهاربين المستنكرين والمتنكّرين لأوطانهم، تعجَبُ من فعلهم وتمتعض منه، "الوطن" في تلك القوة التي تعينك على الثبات والاستمرار في عمل ما تؤمن به تحت شعار "من أحياها"، الوطن في كوب قهوتك المُعين على التركيز لكي تقابل المزيد من المرضى وتستمع للحد اللانهائي من القصص والمآسي، لا تدعها في عيادتك وترحل بل تصنع منها نورا تحمله في قلبك دائما وأبدا، ينير لك كلما أطبقت عتمة ال "أنا" على الكون، ترشدُك للطريق القويم المرضي لك ولربك الكريم.


    "الوطن" أشخاص، أماكن، حنين، حب، ذكريات، عطاء، إيثار، وفاء، فخر، ماضٍ وحاضر، الوطن كل شيء يحتوي أرواحنا المبعثرة ويأويها، والوفاء له واجب لا ينكره إلا جاحد ولا يستخف به إلا لئيم.


    د. يثرب عماد عوض























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de