مثلما يلوم رئيس الوزراء معتز موسى الشعب السوداني على عدم إيداعه أمواله في البنوك ، هل يمكننا أن نرفع صوتنا بلوم حكومة المؤتمر الوطني التي ولأول مرة في تاريخ دولة السودان الحديثة أوصلت حال الثقة بين المواطن والنظام المصرفي إلى هذا الحضيض ، كيف وأنت يا سيدي رئيس الوزراء على رأس دولة أنت تعلم مآلات حركتها الإقتصادية المزدوجة ما بين الإقتصاد الرسمي والإقتصاد التنظيمي ، وما يدفع به ذلك من صراعات لا قِبل لأدوات الإدارة ولا التخطيط بها ، تبدأ بغول الفساد الإداري والمالي داخل هيكل الدولة ، وتنتهي بسيطرة القطط السمان من أصحاب النفوذ والسلطان على مُجمل ثروات البلاد وإمكانياتها ومن ثم توجيهها عبر (أنفاق مُظلمة) لا تمت إلى النظام الرسمي لتداول السيولة النقدية بصلة ، ومن ناحية أخرى إتضح وبعد إعمال مبدأ (الإخاء المصلحي) بين الحكومة وبعض تجار السوق الأسود للعملة ، أن المتضرِّر الأول لم يزل هو الوطن والمواطن ، ولا مؤشرات من قريب أو بعيد تفيد أن في الإمكان السيطرة على سعر الصرف وإستقراره ، بل يبدو أن لا أمل أيضاً في أن يظل حال السوء على ما هو عليه ، سيدي لا تنكأوا جراح هذا الشعب لأنها لن تندمل إلا بترجلكم عن صهوة قيادة هذا الوطن لأسباب متعلِّقة بإستمرارية منظومة الفشل ودوام تبنيكم للأفكار والمخططات التي لا تتناسب مع دولة هي الآن واقعة تحت إستعمار (التمكين السياسي) ، الذي لا تُجدي معه الأفكار ولا المخططات ولا البرامج الإسعافية ، فهو الآن يمثل (ظِل) الدولة الأعوج الذي لا يمكن أن يزول إلا بزوال أسباب الخراب والفشل المستشري في إدارة كل ما هو حكومي وعام ، لا تستهجنوا أبداً أن يلومكم الناس على ما مضى ، لأن الواقع المرير هذا هو صنيعة أفكار ومخططات وقناعات حزبكم الذي لم ولن يسأم اللهث وراء البقاء في سُدة السلطة ولو على أجداث الفقراء والمرضى والبؤساء ، هذا الوطن أصبح عبارة عن (باقة) أزمات متكررة تعيد إنتاجها كل المحاولات اليائسة لإيجاد منفذ أو طريق يؤدي إلى حلول ولو كانت نسبية أو مؤقتة ، لأن إستشراف الفشل أصبح ثقافة عامة يجيدها كافة المسئولين وأحياناً مجموعات غفيرة من عامة الناس ، نعم نلومكم كمنهج فكري وسياسي وإداري وإقتصادي على إقصاء أصحاب الخبرات والكفاءات والمؤهلات بإسم قانون الصالح العام لتُحرم البلاد من عطاءهم ويتشردوا في أصقاع الأرض يبنون وينجزون في غير أرضهم ، ونلومكم على إنفصال جنوب السودان وما تبع ذلك من مآسي مادية ومعنوية مسَّت كل أسرة سودانية ، ونلومكم على تكريس (سوقية) التعليم وتجاريته مقابل إزهاق روح التعليم الحكومي ومجانيته ، نلومكم على أرواح الذين ماتوا بالفقر والعوز والحاجة وعدم القدرة على مجابهة تكاليف الإستشفاء والحصول على الدواء ، ونلومكم أيضاً على ما أصاب الأسرة السودانية العفيفة الصابرة في دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة من ويلات التشرد والفقر والمرض والتسرب التعليمي بسبب الحروب وعدم الإستقرار الأمني الذي هو من أوجب واجبات الدولة التي تقدمها للمواطن ، سيدي وجب عليك الآن وقبل غداً أن تلوم (الفساد) الذي ليس من مؤشر صادق على سيطرته التامه سوى بوادر الثراء الفاحش والتطاول في البنيان وحيازة الشركات والإستثمارات الداخلية والخارجية لمعظم أصحاب النفوذ والسلطان من موظفي الدولة وأُجرائها والعاملين عليها.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
هيثم الفضل
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست