تفاجأنا مذهولين،ومندهشين، فيما نقلته لنا الاخبار حول اسئلة امتحان الدين للشهادة السودانية لهذا العام .
عادة فى بدايات المفاجأة يُصاب المتلقي بالصدمة الاولى المُصمِته، ولكن هذه المره الصدمة غير انها تصيبك بالصمم والبله والحسرة والانفجار التفكيري المتشعب فى الوصول الى تفسير مقنع لما يجري في بلادنا ، ومهما اجتهدت في البحث فلن تجد ما يرسي بك الى برٍ آمن يفسر ويشفي غل مثل هذه المحيرات التى تترى دون هواده.
وردت اسئلة شاذة عجيبة فى امتحان مادة الدين لطلاب الشهادة السودانية لهذا العام هولت الجميع..!! فاذا سلمنا بان واضع هذا الامتحان استاذ تربوي عاقل، واخطأ فنياً فى وضع الاسئلة المناسبة ... افَليس هناك مراجعين ؟ او ليس هناك لجنة او لجان مدققة ؟.. اوَليس هناك تشذيب،او تهذيب،او استراتيجية لوضع الاسئلة ؟
حينما كنا طلاباً ممتحنين للشهادة السودانية، ايام رُعبها الفعلي، كنا متيقنين أن الاسئلة غالباً ما سيرد منها ماهو تعجيزي او شبيه بالخروج من المنهج، وكنا نعلم أن الجالسين بمئات الالاف وأن المقاعد الجامعية المتاحة فقط لبضع من هذه الالاف وذلك قبيل انبهال ما يعرف بثورة التعليم العالي. لذلك كْنا نسلم بأن التعجيز فى الاسئلة هو الخلاص والمخرج الوحيد للدولة بان يتنافس المئات ويحصل على مقاعد الجامعات قلة من عباقرة العبقارة الافذاذ.. ولكن بمجىء الطغمة الانقاذية اصبحت الجامعات زي الهم على القلب، وتوفرت الكليات والتخصصات حتى فرغت من مضمونها ..فالطلاب يدرسون بالسنوات، وبعد التخرج لا يعملون وان عملوا فهم غير موجودين ..!!
إن ورود مثل هذه الاسئلة غير المناسبة وفى مادة كمادة الدين لا نجد له تفسيراً مُهدي، سوى انه لعب عيال وخواء لا يمكن ان يجد له مجال من التفسير والقبول، بانه انعكاس لازمة غياب التفكير في فهم مقاصد التربية والدين ولا سبيل لنا الا باضافته الى متواليات الانحطاط فى حياتنا السودانية العامة.
واليوم ينتقل الامر الى المساس باساسيات ما كنا نظن بأن الوحل سيطالها .. وما انفكا الشك يراودنا، وما فتئت تلفُنا الربكة، بأن واضع .. أو واضعي هذه الاسئلة، اما مغيبين واما ضآلين منتقمين متشفيين، فان كان واضعها فرداً، فهذه مصيبة وإن كانت لجنة فهذه مصيبة اكبر ... وفى الحالتين .. دين الطلاب هو الطالع ..
يجب أن تؤخذ هذه الواقعة كسابقة تاريخية فريدة لا يتكرر مثيلها، وأن تؤخذ كنقطة تحول لاعادة ضبط كيفية وضع اسئلة الامتحانات القومية. وذلك بتسليم الامر الى متخصصين فى التربية، ومن ثم تكوين لجان فنية متخصصة فى كافة المجالات لادارة مثل هذه الامور الحساسة، والمفصلية، والمؤثرة فى شريحة هامة من فلذات اكباد هذا الوطن .
ولاول مره نعرف بان الدين الذى وصفه منزله بانه يُسر وليس عُسر .. جعله البشر عسرا واطنان من الصعوبة ..!! وحقيقة عندما قرأت هذين السؤالين تحسست عمري، ومدى ضعفي ، فرغم اننى ادين بالديانه الاسلامية منذ اكثر من اربعين عاماً، الا أن هذه الاسئلة ملكتني الشعور باننى جاهل بهذا الدين وخفاياه .. اى مصيبة هذه التى وضعتموننا فيها يا ناس الدين.؟؟ وحتى اللحظة لم استبين ماهى الفتوى فى حالة أن تزنى بامرأتك..!! او ما حكم رجل دخل علي امرأة ظاناً انها زوجته..!! وعن سؤال الميراث الذي يقول : توفي رجل وترك ابن مسيحي واخ شقيق واخ لأب واخ لام وزوجة لم يدخل عليها وجدة وترك ميراث وقدره 240 مليون.... كيف توزع التركة لهؤلاء؟ ... فحدث ولا حرج ..!!
لعُمري ولعلمى، أن الدين بحرُ، ولكن لم اكن اعلم بأن هذا البحر به كل هذا الشوك وكل هذه الفيزياء الدينية .. لكن البعيش يا ما بشوف .. فعلاً اسئلة دين تطلع الدين .
اللهم طلع ديّنا من ضيق الشيوخ والمتشددين والفقهاء غير المتفقهين، ومن علماء السلطان المأجورين، ومن تجار الدين من السياسيين، اللهم ادخل ديّنا الى سعة السماحة ورحمة البساطة ونبل اليُسر والوضاحة ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست