كشف المستور في شخصية عرمان (3) بقلم الدكتور قندول إبراهيم قندول

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 09:26 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-11-2017, 07:00 PM

د.قندول إبراهيم قندول
<aد.قندول إبراهيم قندول
تاريخ التسجيل: 11-08-2015
مجموع المشاركات: 71

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كشف المستور في شخصية عرمان (3) بقلم الدكتور قندول إبراهيم قندول

    06:00 PM November, 11 2017

    سودانيز اون لاين
    د.قندول إبراهيم قندول-الخرطوم-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر





    mailto:[email protected]@msn.com

    بعد حديث المشي على "قدمين في الأسواق" فاجأنا ياسر عرمان أنَّ على الحركة الشعبيَّة المضي قدماً لتوحيد السُّودان على أسس جديدة، وأنَّ رفع شعارات حق تقرير المصير وتقزيم الحركة للتنظيم إثني مناطقي صغير في المنطقتين لن يفيدها، ولا الشعب السُّوداني ولا سكان المنطقتين أولاً وأخيراً. وسوف لن نتحدَّث كثيراً أو طويلاً عن مبدأ تقرير المصير كمصطلح أو حق المطالبة به وممارسة الاستفتاء له، ليس لعدم أهميته ولكن لكثرة الحديث عنه في الآونة الأخيرة إذ لكل من كتب في هذا الصدد فهمه الخاص، وتفاسيره وتأويلاته الخاصة به. ويمكن للقراء الرجوع إلى ما كُتِب في هذا الخصوص بالبحث عنه في الشبكة العنكبوتيَّة. وما يهمنا في هذا الخصوص لفظة "رفع شعارات" التي تردَّدت أكثر من مرة في الأقوال والأحاديث والكتابات هذه الأيام. فالشعار كما ورد في "معجم المعاني الجامع" يعني علامة (راية) أو عبارة مختصرة يتيسَّر تذكُّرها وترديدها وعادة ما يتميَّز بها دولة أو جماعة. فالذي توافق عليه المؤتمرون في المؤتمر الاستثنائي للحركة الشعبيَّة في أكتوبر الماضي ليس شعاراً وإنَّما المطالبة بممارسة حق تقرير المصير إذا أصرَّت الجماعة التي داومنا - نحن السُّودانيُّون - بتسميتهم "النخبة الحاكمة" على ظلمهم للآخرين. هنا تجدر الإشارة إلى أنَّنا لا نقلِّل أو ننتقص من وصف الدكتور منصور خالد لهم في موسوعته المعنونة "النخبة السُّودانيَّة وإدمان الفشل". ونعتقد أنَّ المطالبة هي السعي بإلحاح وبالطريقة السلميَّة والحضارية، ومن خلال الديمقراطيَّة الشعبيَّة لتحقيق هدف معيَّن، وهذا بالضبط والربط ما قام به المؤتمرون دون إطلاق رصاصة! ومع كل هذا ذهب الكتاب بتهويل المطالبة "بتقرير المصير" وصدَّقهم القراء أنَّه يعني تلقائيَّاً الانفصال. هذا بالطبع ليس صحيحاً البتة، ولكن يبدو جلياَّ أنَّ الهدف من هذا الزخم هو تخويف وترهيب السُّودانيين بأنَّ النُّوبة عنصريين وقوقائين، ومناطقيين يرغبون فصل أنفسهم عن بقية السُّودان. هذا التأويل مخجل من أي كائنٍ كان، اللهم إلا إذا كان التفكير الحقيقي هو عدم حل القضايا التي أدَّت بالنُّوبة أو أي كيان سُّوداني يطالب بتقرير المصير.
    عوداً للحديث عن ياسر عرمان وورقته الطويلة التي أشرنا إليها في الحلقة الثانية، ففي الجزئية المتعلِّقة بتأسيس ومنيفستو الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان والحديث عن تقرير المصير وما عليه، يذكر ياسر عرمان أنَّ إعلان تأسيس "الحركة الشعبيَّة" تم في 10 أبريل 2011م. هذا ما أراد ياسر أن يعلمه الشعب السُّوداني ولكن ما لا يعلمه هو أنَّ الملاحظات التي كتبها كانت بعد 38 يوماً فقط من تاريخ إعلان التأسيس المذكور، وقبل 19 يوماً من قيام الحرب الثانية في جبال النُّوبة. والكل يعلم أيضاً أنَّ ياسر عرمان كان مع الوفد الرفيع الذي سافر إلى كادقلي لتهدئة الوضع المتأزِّم يومذاك بين الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان - شمال والحكومة السُّودانيَّة. فبعد المحادثات التي تمت وقبل الإعلان عنها نسبة لاندلاع الحرب بمجرد إقلاع الطائرة التي كان على متنها ياسر مع الوفد من مطار كادقلي، وقبل مغادرة أجواء جبال النُّوبة. فلنترك خيالنا يسرح ويسأل ماذا كان يفكِّر فيه ياسر داخل الطائرة خلال مدة رحلة الذهاب إلى والإياب من كادقلي؟ وهل كان يجهل حتمية نشوب الحرب؟ ثم كيف ومتى خرج من الخرطوم بعد اندلاع الحرب وهو محسوب على الحركة الشعبيَّة لتحرير السُّودان – شمال؟ توالت الأحداث بعد ذلك ليتم محاكمته ورفيقيه غيابيَّاً بالإعدام. أما كيف سيتم التنفيذ وعلى مّنْ أو الإعفاء عن مَنْ، فالإجابة عن هذه الأسئلة متروكة لعامل الزمن فقط!
    ففي نفس الورقة والبند يتساءل ياسر "ما الذي دفع عبد العزيز آدم الحلو لتكوين لجنة جديدة لإعداد دستور آخر غير الدستور الذي قُدِّم للاعتماد وتبنيه". الإجابة، بلا شك، هي أنَّ الحلو كشف حقيقة ميلاد الحزب الجديد، وأنَّ الدستور الذي قُدِّم كان لذاك الحزب وليس دستوراً للحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان – شمال، كما يحاول إفهام الناس. وحتى لا نلقي القول على عواهنه يقول البند 1-1-2 من ذاك الدستور:"(...) ستعيد الحركة الشعبيَّة فى دولة "شمال" السُّودان تنظيم نفسها في "الحركة الشعبيَّة للديمقراطية والمواطنة" (هكذا كان التركيز)، وستسعى الحركة لتفصيل رؤيتها وتطبيق برنامجها بانتهاج العمل السياسي السلمي الديمقراطي"... هذا هو نص البند، وهو ما يخالف الواقع تماماً. أما السطر الرابع تحت عنوان "الانتقال السلس من الكفاح المسلَّح إلى السلمي" فيقول: "(...) إنَّ الكفاح المسلَّح فى مناطق الهامش يجب ألا يعني بشكل من الأشكال تبديل الضحايا بضحايا جُدد على أساس إثني، وألا يسعى لإنهاء شكل من أشكال الاستغلال واستبداله بأشكال أخرى". أيضاً هذا ما كان في الدستور منذ سنة 2011م في حين كان أبناء النيل الأزرق وجبال النُّوبة يُستخدمون في المعارك وفي مواصلة القتال فيما بينهم كضحايا جُدد عطفاً على ضحاياهم في قتال جيش وميليشيات المؤتمر الوطني.
    ففي هذه النقطة بالذات سُئِل ياسر: "هل ستستمر الحركة في العمل المسلَّح؟" أجاب ياسر بدون تردُّد بانَّه يجب أن يستمر العمل المسلَّح ولكن في وقائع جديدة. فمن هم الذين سيستخدم ياسر أو حزبه الجديد – أياً كان اسمه – للاستمرار في القتال؟ هنا لا بد من لفت نظر إلى موضوعية رأي وحجج الدكتور الواثق كمير لخطورة مواصلة الكفاح المسلَّح، إلا أنَّ القيادة الجديدة للحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحريسر السُّودان - شمال (في رأيي) ستستمر في استخدام كل الطرق المتاحة العسكريَّة، والسياسيَّة، والدبلوماسيَّة، والتفاوضيَّة، والانتفاضة الشعبيَّة أي "القوة الناعمة" إذا اقتضى الأمر، لتحقيق أهدافها المتمثلِّة في تحقيق الحرية الكاملة للشعب السُّوداني عامة والهامش خاصة من قبضة النظام المتحكِّم في حياتهم. إذن، ياسر عرمان له الحق في أن يجرِّب استخدام "القوة الناعمة" لمناهضة نظام البطش والإذلال، وله الحق أيضاً أن يجرِّب الطيران بجناحين مثل أي طائر (ولا نقول كعبَّاس وليس بن فرناس). ففي فقرة من ورقته انتقل ياسر يدافع بلا هوادة عن ضرورة قيادة القوى المعارضة لتحالفها مع الحركة الشعبيَّة لتحرير السُّودان – شمال ووصف رفض عبد العزيز الحلو بمثل تلك القيادة ب"مناهج إقصائيَّة" مبرراً موقفه بأنَّ "العمل السياسي يقتضي الوصول لتفاهمات وفعالية سياسيَّة ويحاجج ياسر بذلك وهو يدرك تمام الإدراك ما تنويه قوى المعارضة التقليديَّة التي مارست اختراق صفوف الحركة الشعبيَّة منذ زمن بعيد. فعبد العزيز آدم الحلو يعلم تماماً مرامي ومقاصد بعض قادة تلك التنظيمات نسبة لتراكمات خبرته في العمل مع أولئك القادة ووسط تنظيماتهم.
    وفي نفس الورقة ذكر ياسر أنَّ هناك قضايا كانت ستثير خلافات داخل الحركة بجانب حق تقرير المصير ورفض الحلو أن يتولى أية من القوى التقليديَّة قيادة أي تحالف للمعارضة. ما هي تلك القضايا الحرجة والمحرجة التي لا يريد ياسر تسميتها؟ أليس من حق الشعب السُّوداني معرفتها؟ وهل هي حقاً أخطر من المطالبة بحق تقرير المصير الذي أشرنا إليه؟ بودنا والله معرفتها. مهما يكن، من الأمرين نعتقد أنَّ الحلو قد تصرَّف بحكمة وحنكة تضاف إلى كفة نجاحاته وليس خصماً عليها، لأنَّه كان وما يزال حريصاً على تماسك ووحدة الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان - شمال، ولا يريد ولا يرغب في شرخها وتشتيتها.
    أما موضوع الاستغلال الذي أشار إليه ياسر، فلا يكفي القول أنَّ المقاتلين في الجيش الشعبي يتم استغلالهم كوقود حرب. فمنذ انفصال الجنوب لم نسمع أنَّ ياسراً خاض معركة أو مكث أسبوعين متتالين في أرض المعركة سواء في جبال النُّوبة أو النيل الأزرق، وإنَّما كان يسافر إلى دول العالم الغربي ومدنها متحدِّثاً وحيداً باسم أهالي المنطقتين. فأين الاستغلال الحقيقي ومَنْ المستغِل ومَنْ المُستغَل؟ أما حديثاً وبعد المفاصلة وإعلان "ميلاد ثانٍ للحركة الشعبيَّة" تم استحداث نوع جديد بشع من استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وهو ميت ألا وهو استخدام صورتي الدكتور جون قرنق والمعلِّم يوسف كوة مكي كجزء مكمِّل لشعار حركته المولودة بغرض الاستقطاب الإثني الحاد للنُّوبة، ومن عجائب الأمر ربما الدينكا! فالسؤال البديهي لماذا لم توضع صورة علي عبد اللطيف أو أحد رفاقه، أو الأزهري أو المهدي أو الميرغني أو أو أو...إلخ؟. لا شك أنَّ استغلال هاتين الصورتين تعتبر قمة الانتهازية والتي سنتطرَّق إليها في موضع آخر.
    ننتقل لإلقاء بعض الضوء على شعار "السُّودان الجديد". ينبغي علينا الإقرار أنَّ الشعار أعلى سقفاً من تقرير المصير كما ذكر ياسر في ورقته، وعلينا أن نقر أيضاً أنَّ تقرير المصير أعلى سقفاً من "الحكم الذاتي الكامل" الذي طرحه وأعلنه في واحدة من جولات التفاوض عندما كثرت عليه الأسئلة مثل: "ماذا يريد النُّوبة"؟ وعلى الرغم من تواضع المطلب، قامت الدنيا ولم تقعد مما قاد إلى خروج وفد الحكومة من المفاوضات احتجاجاً عليه وتذرَّعه بأنَّه غير مفوَّض لمناقشة هذا الأمر. والأغرب أنَّ غالبية السُّودانيين بمختلف توجهاتهم وقفوا ضد مطلب الحكم الذاتي للمنطقتين، كحل "وسط" بين السُّودان الجديد وتقرير المصير. فلا تثريب أيضاً على السُّودانيين لأنَّهم شعبٌ غريب، لا يعجبه العجب، ولا الصيام في رجب! وإذا رجعنا إلى الوراء قليلاً ومحَّصنا البروتوكول الإطاري الذي وقعه الدكتور نافع علي نافع ومالك عقار في يونيو 2011م، نجد أنَّه لم يضمِّن أيَّاً من مقترحي تقرير المصير أو الحكم الذاتي، ولكن غضب عليه المشير عمر حسن أحمد البشير، رئيس جمهورية السُّودان، غضباً شديداً فألغاه من على منبر خطبة صلاة الجمعة الذي اعتلاه بعد عودته مباشرة من رحلة الصين الطويلة وكأنَّ كان همه الأوحد هو إلغاء البروتوكول الذي رحَّبت به دوائر كثيرة. هذه هي العلقية التي يريد ياسر أن يستخدم معها "القوة الناعمة" ويجرِّب كيف "يطير بجناحين مثل أي طائر" كي "تمشي الحركة الشعبيَّة في الأسواق" لأنَّ "الكفاح المسلَّح ليس آلهة لتعبد" كما جاء في استطراده. فإذا أخذنا حالة النيل الأزرق مثالاً أعلن مالك عقار بعدما اندلعت الحرب في جبال النُّوبة، أنَّه لن يطلق أو تُطلق رصاصة واحدة في الولاية (أي ولاية النيل الأزرق)، تحت حكمه. ولكن تفاجأ أنَّه كان بين الحياة والموت لولا يقظة جنود الجيش الشعبي لتحرير السُّودان – شمال. فها هو التاريخ يعيد نفسه في أسوأ حالاته: تم إنتاج ضحايا جُدد بضحايا في النيل الأزرق إذ أُغتيل العميد علي بندر السيسي بسبب الاستعلاء العرقي والإثني البيني. فمَنْ استغل مَنْ؟
    إنَّ حديث ياسر عن تقزيم الحركة لحركة إثنية مناطقية إلخ... مليء بالجفاء للنُّوبة وأهالي جنوب النيل الأزرق لا لسبب غير أنَّهم انحازوا فقط للحق ضد الباطل والتسلُّط. هل فعلاً تناسى ياسر تماماً أنَّه كان مثل حصان طروادة حين كان رئيساً لوفد الحركة الشعبيَّة في المفاوضات ولعدد 15جولة جرت بينها والحكومة السُّودانيَّة نيابة ومنافحاً عن الإثنيين المناطقيين أو بالأحرى أهالي المنطقتين؟ ولكن عندما تحقَّق مراده ببناء قوة من العلاقات الخارجيَّة والشهرة رامهم بأقبح صنوف الوصف مما أوجد في أنفسهم غُبن لأنَّهم لم يتوقعوا هذا من ياسر. إنَّ الثورة الساخطة من ياسر عرمان ومؤيديه على القيادة الجديدة للحركة الشعبيَّة هي ثورة ضد كل النُّوبة لأنَّ ما يمس الجزء – بالضرورة - يمس الكل، رغم تنكر البعض لهذا الافتراض. كما أنَّ ردود الأفعال المندِّدة للقيادة، خاصة من بعض أعضاء الحركة الشعبيَّة النُّوبة والغالبية من غير إثنية النُّوبة لم، ولن، وما كانت لتوجد لو لا إقالة ياسر عرمان من الأمانة العامة للحركة وسحب المهام والمسؤوليات التي كان يشرف عليها وحده وبصورة مطلقة، كما شرحنا. فليس سراً ولا عيباً وليس خطأ أيضاً، ولا جريمة، ولا عنصرية إن قلنا ينتمي ياسر عرمان إثنيَّاً إلى الشمال النيلي أو الأوسط. هذه حقيقة فليرفضها أو يقبلها من أراد. ومع ذلك، لم يمنعه إنتماؤه الإثني هذا من قيادة النُّوبة وسكان جنوب النيل الأزرق وكل من ينتمي إلى الحركة الشعبيَّة ولمدة سبع سنوات تقريباً. وللحق لم تكن الأغلبية النُّوباوية في الحركة الشعبيَّة محض الصدفة، بل نتيجة لتراكمات المظالم التاريخيَّة التي وقعت عليهم فضلاً عن موقع ديارهم الجغرافي الغني بكل موارد وثروات البلاد. وسط هذه الأغلبية المتطهدة كان ياسر عرمان يجول ويصول خلال تلك السنوات بينهم وقد ائتمنوه على أمرهم وهم به فرحين، وهو كذلك في أشد البهجة كما شاهدنا في الزيارة التي قام بها في أوائل 2016م وحتى بعد المفاصلة دون أن يصيبه مكروه. وحتى لا نقول كلاماً جزافاً لقد نقلت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطعاً لياسر عرمان وهو يقفز فوق ثور مذبوح كعادة اعتاد عليها المسؤولون السُّودانيُّون الرسميُّون عند زيارة مهمة أو وضع حجر الأساس أو افتتاح منشأ جديد.
    إنَّ تكريس مبادىء العنصرية لم تظهر في أقوال ياسر فقط ولكنها للأسف الشديد من بعض أعضاء الحركة الشعبيَّة وبعض القادة الذين لم يخطر ببال أحد أنَّهم كذلك. هذه الظاهرة تناسخت تماماً كما بانت في نمطية البيانات التي ندَّدت بالإجراءات التصحيحيَّة لمجرد إقالة ياسر عرمان من موقعه كأمين عام للحركة الشعبيَّة، وليس من عضويتها كما يروجه الكثيرون. إنَّ البيان الذي ضم خمسين عضواً من قادة عضوية الحركة بالداخل إلا مثالاً لما نقول. كذلك يمثِّل بيان التنديد الذي أصدره محامو الحركة الشعبيَّة بالداخل صورة أخرى في ذلك الاتجاه! وما يحيِّر الفرد حقاً أنَّ تلك البيانات كانت ممهورة بأسماء، إما وهمية أو حقيقيَّة، من داخل المدن البعيدة كل البعد من مرمى نيران آلة الحكومة الحربيَّة في كلٍ من جبال النُّوبة والنيل الأزرق ودارفور. وحتى إذا سملنا أنَّ تلك البيانات والأسماء حقيقية ومن داخل السُّودان، أليست الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان – شمال، محظورة من ممارسة نشاطها السياسي العلني وأنَّ مزاولة نشاطها في أية بقعة في السُّودان جريمة منذ نشوب الحرب الشاملة في الولايتين في يونيو 2011م؟ بلى! وإذا كان الأمر كذلك، كيف سُمح لمثل تلك الأسماء أن تجهر برأيها في مثل هذا الوقت دون عقاب، علماً أنَّ عقوبة الإعدام لا تزال سارية المفعول في حق قيادة الحركة بمن فيهم ياسر عرمان، ومالك عقار وعبد العزيز الحلو، وأنَّ بعض أعضاء الحركة ما يزالون في سجون السلطات الحكوميَّة؟ وما يتأسى له القلب ويدمي له الجبين كثيراً أنَّه لم نقرأ أو قل لم يصدر بياناً واحداً من رؤساء تلك المكاتب ولا من محامي الحركة الشعبيَّة يندِّد بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ضد الآلاف من المواطنين في منطقتي جبال النُّوبة والنيل الأزرق، تحديداً.
    نتساءل، ولا نبغي إجابة أو نتوقعها أبداً، لماذا لم تكن هناك تنديدات على القصف الجوي بالبراميل والمجازر على النُّوبة؟ وأليس تلك هي العنصرية ذاتها؟ بلى! فبالنسبة للعنصريين، إنَّ زهق روح واحدة أو أرواح كثيرة لا يعني لهم شيئاً بقدر إقالة فرد منهم لأنَّهم يرون في ذلك خطراً داهماً على مشروعهم اللا إنساني! وقياساً على ما ذُكر آنفاً بتنكُّر هؤلاء لميولهم العنصرية، هل يجوز لنا أنّ نصف النُّوبة المحبطين والمستاءين بالعنصريين؟ كلا! هنا نورد بعض المقتطفات التي كتبها الكثيرون عن اللقاء المخجل لياسر عرمان لنقرأ ماذا قالوا.
    لقد كتب أحد الناشطين النُّوبة وهو غضبان أشد الغضب قائلاً: " لقد استفزني وأثار حفيظتي المدعو ياسر عرمان في لقائه مع القناة الفرنسيَّة حين وصف رفاقه السابقين في الحركة الشعبية بالإثنية والعنصرية، ونسي وتناسى أنَّه كان قائداً لهم لأكثر من ست سنوات، مكرِّساً جميع السلطات في يده، من أمانة عامة وتحالفات وعلاقات خارجية وتحكُّم في مالية الحركة، أي أنَّه كان الرئيس المطلق"... واستطرد يقول: "(...) أما النُّوبة فكانوا يستقبلونك بالذبائح والأهازيج وتزغرد لك النسوة ويرقص الأطفال فرحاً بك"... يواصل الكاتب المستاء يسأل: "هل تبني حق تقرير المصير سبة أو منقصة؟ فقرنق، مثلك الأعلى، قد ضمَّن حق تقرير المصير لجنوب السُّودان فهلَّلت له... ثم ما لبثت أن ركبت سفينة المؤتمر الوطني مستلفاً قاموسه اللفظي في الإساءة للمهمشين". أما الحديث عن ضعف المعارضة فهو ذر الرماد في العيون لأنَّك وحدك الذي هندَّس "نداء السُّودان" وفرضت عليه السيد الصادق المهدي الذي تفاخر أنَّه ذهب إلى الخارج لتحقيق ثلاثة أهدف: إقناع المعارضة المسلحة بإلقاء السلاح، وفسخ خطط نداءات المطالبة بحق تقرير المصير، والتوسُّط في حل الأزمة التي تواجه العالمين العربي والإسلامي". حقاً إنَّ الاستقبال الذي كان يلقاه ياسر عند النُّوبة لم ولن يلقاه يوماً عند أهله في الشمال أو الوسط إلا إذا قرَّر الذهاب والإنضمام لنظام السُّودان القديم، القرار الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى حسب قراءتنا لقرائن الحال والأحوال!
    لقد كتب آخر يقول: "(...) يبدو أنَّ الرفيق ياسر عرمان نسي أو تناسي أنَّ الأغلبية الساحقة من النُّوبة كانت جاهزة للتصويت له في الانتخابات الرئاسيَّة العام 2010م لولا إنسحابه لسبب ما وترك الساحة لقريبه عمر البشير ليكون المنافس الوحيد لنفسه. هؤلاء هم ذاتهم الناس الذين ينعتهم بالعنصريين، ولو كان عزل أحد من منصبه بسبب أخطاء ارتكبها أو مطالبة إنسان في بحقوقه المشروعة والدفاع عنها عنصريه!!! فليشهد التاريخ أنني عنصري وبامتياز كما تحلو هذه الكلمة للرفيق ياسر عرمان". أما الثالث فعبَّر عن استغراب أهله النُّوبة وحيرتهم من كلام عرمان قائلاً: "في آخر زيارة لياسر عرمان لجبال النُّوبة في أوائل العام 2016م، وجد حفاوة وحسن الاستقبال والاهتمام ما لم يحظ به أي قائد أو شخص من الثوار والضيوف، وحتي الأطفال الصغار والنساء كانوا في انتظاره". وأردف يتساءل: "أتعلمون لماذا؟" ثم يجيب عن سؤاله بنفسه: "(...) لأنَّ عرمان كان يمثل بالنسبة لهم الأمل والرفيق العزيز المؤتمن على تطلعات وآمال ورغبات شعب كامل يعيش تحت قصف براميل الأنتينوف وشظف العيش. ولكن مع الأسف لم يتخيَّل أحدٌ منهم أن يصاب عرمان بالجحود والغرور ويحمل في داخله كل هذا الغبن والكراهية ضدهم يوماً ما، وأنَّهم انخدعوا فيه حقاً".
    وتتوالى الإنطباعات إذ يقول مستغرب رابع:" (...) لقد استغربت عندما سمعت عرمان في القناة الفرنسية وهو يصف رفاق الأمس وينعتهم بالعنصرية والإثنية لمجرد اختلاف الرأي ويتهمهم بتقزيم الحركة الشعبيَّة". وثمة انطباع آخر يقول صاحبه: "أن يصف عرمان رفاق الأمس بالانقلابيين فهذا من حقه إذا كان ذلك مجرد تلاعب بالألفاظ، ولكن بالعنصرية والإثنية فهو يتساوى في ذلك مع الذين يضمرون الشر والكراهية لرفاقه ولأبناء جبال النوبة". وهناك تعليق خامس مفاده:"أنَّ حديث عرمان لهو السقوط الكبير له ولا يليق بمقامه وتاريخه ورصيده النضالي والثوري مع نفس أولئك الرفاق الذين بنوا معه كل هذا الرصيد والريع الرمزي الرفيع الذي دفع القناة لاستضافته". ثم قولٌ سادس مليء بالتمني والمنى يقول:"ليت عرمان يفهم أنّه لا يمكن خداع الناس طوال الوقت، وأنَّ الثوار ليس لهم في النضال شيء سوي الثورة والمناصحة والتسامح والصبر؛ وأعلم أنَّ من احتواك في دواخلهم وحملوك على أكتافهم لمدة ست سنوات قائداً لهم لا يمكن أن يصبحوا عنصريين بين لحظة ويوم لمجرد محاولتهم تصحيح أخطائك كأمين عام للحركة". وليعلم ياسر كذلك:"(...) أنَّنا كنُّوبة قد اخترنا درب النضال والثورة وتواثقنا كرفاق للمضي في طريق الحرية والعدالة والديمقراطية سوياً ولا يحيدنا عنها كائن من كان. وأنَّنا نساند الرفيق القائد الفريق عبد العزيز آدم الحلو لوقوفه مع تطلعاتنا المشروعة، على الرغم من أنَّه ليس نُّوباويَّاً صرفاً...فمرحباً بالعنصرية التي تلصق علينا كنُّوبة ليلاً ونهاراً أيها الرفيق ياسر عرمان".
    تلك هي أقوال أبناء النُّوبة التي لا يفوح منها رائحة العنصرية أبداً ولا الشماتة ولا شتيمة بل العكس كانت في غاية المسؤلية والرُقي اللفظي والمعنوي، والاعتراف بما قدَّمه أو استفعل تقديمه لهم. فعاش النُّوبة ونضالاتهم على مر تاريخ السُّودان القديم والحديث والمعاصر.

    نواصل .....























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de