( البرجله ) .. كلمة لازمت الكثير من الأمهات و الآباء الذين طالما إنتقدوا أبناءهم و ربما آخرين في ما يتعلق بعدم الإهتمام بالنظام و الترتيب ، و لا أدري ما أصل و مدلول مصطلح ( برجله ) و علاقته بمفهوم عدم الإكتراث أو الترتيب أو حسن التنسيق و التصرف ، و لكن جرت العاده أن كل من يعاني من تلك الأعراض في حياتنا نطلق عليه ( زول مُبرجل ) .. و ينطبق حال البرجله أيضاً في نطاقه الواسع على المؤسسات و المنظومات و البيوت و كذلك الدوله ، إذاً هل تعرفون ما هي مواصفات الدولة المبرجلة ، إليكم بعضاً منها : أن تكون غير واضحة التوجهات و الميول هذا من ناحية علاقتها الدولية و الإقليمية ، و أن تكون إستراتيجياتها التنموية و الإدارية غير متصفة بالثبات و لا تتعلق بمواثيق متفق عليها أيي تعتمد في إدارة إقتصادها و سياساتها الخارجية و بقية قطاعاتها الحيوية على الأهواء الشخصية أو فلنقل الأفكار و الخطط الفردية للوزراء و كبار المسئولين ، و الذين كما تعلمون هم أكثر خلق الله معاناة في مجال عدم الثبات على مقعد الوظيفة ، فكلما ذهب وزير أو مسئول أو مدير عام من وزارة ما أو مؤسسة و جاء بعده آخر ، بدأنا من الصفر لأن أول ما يقوم به (الجديد) من عمل هو أن يمحو أية آثار تدل على أن شخصاً ما كان هنا و له رؤية و بصمة في إدارة و تسيير المكان ، ومن هنا تبدأ بؤرة ( البرجلة ) .. في النماء ، فلا يدري الموظفون و القائمين على أمر التنفيذ الميداني على أية خطى هم يسيرون و على أي مُخطط إستراتيجي سينفذون ما عليهم من مهام ، كما أن داء ( البرجله ) ..له إنعكاسات شخصية على الحياة العادية لمن يعانون هذا المرض العضال ، لانهم أشخاص غالباً ما تتعلق مشكلتهم بمبدأ معرفة الأولويات و الثانويات ، فهم يبذلون جهداً مقدراً في أمور ثانوية و ليست إستراتيجية و يقدمونها على الأهم ، ليجدوا أنفسهم في نهاية الأمر بين فكي الفشل و عدم القدرة على تصحيح المسار ، و أولئك هم أنفسهم الذين يفوتهم قطار الحياة فلا يعيشون مراحلها العمرية حسب العرف أو ما جرت عليه العادة ، تجدهم يفكرون في العمل في الوقت الذي يقترب فيه أندادهم من التقاعد ، و يفكرون في الزواج في حين أن أبناء أندادهم في الجامعات ، و الغريب في الأمر هم ليسوا كسالى و لا فقراء ، و على الدوام في كد و جهد وعمل ، و لكن فيما لا يفيد ، أو فلنقل في إتجاه لا يسير مع أولويات متطلبات حياتهم ، إن داء ( البرجله ) لحسن الحظ يمكن معالجته ، و لكن في وقت مبكر و قبل ( وقوع الفاس في الراس ) ، و ذلك بأن ننتبه إلى تربية أبناء و لفت نظرهم المتواتر فيما يتعلق بأهمية الترتيب و النظام و الدقة و التخطيط ، و ذلك في وقت مبكر لينشأ الأطفال على ذلك و تتعمّق في دواخلهم فكرة التخطيط و الدقة و الترتيب ، فضلاً عن تنمية مهارتهم في مجال تحديد الأولويات من الثانويات في حياتهم .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة