أجهزة الامن غالبا ما تكون كلبا بوليسيا للأنظمة الحاكمة بدل ان تقف على الحياد..وهذا يؤدي بالتأكيد الى وقوفها ضد ارادة الشعب وضد القوى السياسية الأخرى وبالتالي تتوسع قاعدة اعدائها وهذا يؤدي بدوره الى توسيع سلطاتها لتستطيع أن تسيطر على جميع الاعداء وهذه التوسعة كذلك تؤدي الى تحول الجهاز الامني من جهاز مؤسسي خاضع للقانون الى جهاز يخرق هو نفسه القانون .. كما يقلل من فاعلية الدفاع عن الدولة من الأخطار الخارجية لانشغاله المكثف بالداخل الملتهب ، لذلك نستطيع أن نلاحظ عن كثب أن دور الأمن كان منعدما في معرفة الضربات الجوية التي الحقتها اسرائيل بالأراضي السوداني ، وكان الجهاز يتلقى الخبر مثله مثل كل المواطنين ، في حين أن هذا هو عمله الوقائي الاساسي وليس اعتقال الناشطين السياسيين ومصادرة الصحف ومنع واعتقال من يتجمعون لالقاء خطب تتعلق بكيفية الوقاية من الكوليرا او غير ذلك . ولقد تكررت ضربات اسرائيل داخل الأراضي السودانية وظل جهاز الأمن في حالة توهان وضياع منها ضياعا كبيرا ... بل حتى على مستوى الأمن الصحي والاقتصادي فشل جهاز الأمن في اكتشاف اصحاب الحاويات الكبيرة والكثيرة والتي تأتي الى مينائنا البحري وهي ممتلئة بالمخدرات . ويوما بعد يوم يتم اكتشاف حاويات مليئة بالمخدرات والأمن يقف مكتوف الأيدي فاغرا فاهه من دهشة الجهالة بما يحدث من حوله. هذا بالطبع اذا افترضنا حسن النية .. هذه قضايا خطيرة جدا أخطر من مجرد سبعة شبان يخطبون في السوق عن ضرورة اسقاط النظام ، او مجموعة تفرش كتبها للتبادل والبيع في مفروش قرب اتينيه ، او استدعاء الصحفيين او غلق صحف لأنها تنشر خبرا ضد النظام. جهاز الأمن يجب ان يراجع أشياء كثيره في عمله . ففي النهاية لا يمكن لنا ان نطالب بحل جهاز الأمن لأهميته القصوى اذا كان مؤسسيا ويخضع أفراده للقانون وقبل ذلك يحترمونه. من العيب أن يقوم جهاز الأمن باقتحام مكتب محام كبير مثل الأستاذ نبيل أديب وأخذ ملفات منه واعتقال طلبة جاءوا كموكلين وطالبي استشارة ، فهذا يعكس أن الجهاز لا يحترم القوانين التي تمنح المحامي ومكتبه ومافي مكتبه الحصانة الكافية لأداء عمله ، كما أن جهاز الأمن يخالف القانون الجنائي حين يقوم باعتقالات غير مسببة قانونا تبرر الاعتقال من أجل التحقيق في جريمة ارتكبت بالفعل ثم اطلاق السراح بدون توجيه تهمة . هناك صحف تجرأت ورفعت دعاوى ضد جهاز الامن وطالبت بالتعويض جراء ما لحقها من خسائر مالية جسيمة بسبب المصادرات المتكررة لها . ان على جهاز الأمن ان يلتفت الى ضرورة تأسيس عمله في كل اقسامه المختلفة على أساس القانون لا ضد القانون ، لأن انتهاك الأمن للقانون وهو يمثل السلطة التنفيذية في الدولة يعني أن الحكومة نفسها لا تحترم أي قانون. وهناك وقائع كثيرة عن استغلال النفوذ داخل الأمن للقيام بتصفية خلافات شخصية من ضمنها ما فعله طه عثمان مع ذلك المهندس حينما تم خطفه وجلده جلدا مبرحا ، هذا سلوك ضد القانون ومهين جدا للحكومة هذا اذا كانت الحكومة تكترث لصورتها أمام الشعب ، لكن على الأقل يجب ان يهتم جهاز الأمن بصورته كمؤسسة أمنية وليس مؤسسة سلطوية فوضوية ، البارحة تم اعتقال عشرات من اعضاء حزب المؤتمر السوداني لمجرد انهم كانوا يقومون بعملية توعية ضد مرض الكوليرا ، وقبلها في كسلا تدخل الأمن لمنع مجموعة شارع الحوادث الخيرية من مواصلة أعمالها الخيرية الطبية رغم ما يشهده القطاع الصحي من انهيار. كل هذه سلوكيات لا تشبه مؤسسية جهاز الأمن ولا يمكن ان تمثل اهتمام مؤسسة مهمة للدفاع عن امن الدولة - وليس النظام- من الأخطار في الخارج والداخل .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة