الأوراق في أرفف السودان في ماضي الزمان رغم أنها كانت متواضعة للغاية ولكنها كانت مرتبة ترتيبا منطقياَ يسهل التعامل معها .. ولكن فجأة هبت عاصفة ( الإنقاذ ) ذات يوم قبل ربع قرن من الزمان .. تلك العاصفة التي تسببت في فوضى الكثير من الأعراف في السودان .. وذلك الخلط في الأوراق كان قاتلاَ بدرجه كبيرة .. وقد أضاع الكثير من حدود الأخلاقيات في المجتمع السوداني .. كما أربك النوعيات في سلة الفواكه .. فالثمرات الصالحة أصبحت مخلوطة بالثمرات الطالحة .. ومن العسير جداَ اليوم التمييز بين الثمرة الصالحة وبين الثمرة الطالحة .. وتلك الكارثة جعلت البريء متهماَ وجعلت المتهم بريئاَ .. وهو ذلك الخلط بين الثوابت والمتغيرات .. وذلك الخلط بين الحقائق والزيف .. وذلك الخلط بين الرذائل والفضائل .. وقد أصبحت الساحات مباحة ومتاحة لاجتهادات المجتهدين .. مجتهد يرى الصواب خطئاَ .. ومجتهد يرى الخطأ صوباَ .. والاجتهاد بمجرد الظنون فيه ذلك الخطر العظيم .. حيث الرميات العشوائية في كل الاتجاهات .. ولا نلوم ( الإنقاذ ) حين قدم فإن الأمور كانت قد بلغت حداَ يعني حافة الهاوية المهلكة .. وبدايات ( الإنقاذ ) كانت تبشر بالكثير والكثير .. والأرضيات المعنوية في ذلك الوقت كانت تقبل أي لون من ألوان التبشير .. حيث شعب غريق كان يتعلق بأطراف أية قشة تطفح فوق سطح الماء .. ثم توالت السنوات في ظلال ( الإنقاذ ) .. وقد جاء الوقت لتقييم تجربة ( الإنقاذ ) .. وفي المحصلة نجد أن الشعب السوداني اليوم يلوم ( الإنقاذ ) على ( فرية الإنقاذ ) لأنها لم تكن إنقاذاَ بالمعنى الشامل الكبير .. وأضرار ( الإنقاذ ) مع مرور السنوات أصبحت قاتلة لا تطاق .. فذلك الغلاء وذك الشقاء وذلك العناء .. وعندما يعيد الشعب السوداني حساباته ويراجع ملفات الأحوال والمعيشة يجد أن الأقدام ما زالت تقف عند المربع الأول منذ استقلال البلاد .. والسؤال الكبير والكبير جدا هو لماذا فشلت التجارب في السودان بعد الاستقلال بما فيها تجربة ( الإنقاذ ) ؟؟.. ومجرد وصول الأذهان لحافة ذلك السؤال الكبير يتطلب من جماعة ( الإنقاذ ) الجلوس حول طاولة مع الذات في غرفة معزولة .. لمراجعة الخطوات والمواقف والحسابات من الألف إلى الياء .. هل ثورة ( الإنقاذ ) جاءت للمنفعة العامة لكافة السودانيين أم جاءت لتشبع الرغبات والمنافع الخاصة ؟؟ .. وقد يشتد الحوار في ذلك اللقـاء .. وعندها سوف تتجسد الخلافات بين فئتين .. فئة مخلصة كانت صادقة مع الله تعالى منذ الوهلة الأولى .. ولم تحيد عن مواقفها النبيلة الشريفة .. وهي تلك الفئة التي نفضت يدها عندما ظهرت بوادر الأوحال في الساحات .. وابتعدت بنفسها عن المزالق .. وفئة أخرى هي تلك الموبوءة بالعيوب والمفاسد .. وهي تلك الفئة التي تمكنت من قرون البقرة الحلوبة ثم أفرغت محتويات الضروع حتى النخاع .. وفي المحصلة إذا تمكن ذلك اللقاء من تحديد الأطراف والمواصفات فعلى ( الإنقاذ ) اتخاذ خطوات هامة وعاجلة وشجاعة للغاية .. فإما تلك التصفيات الملحة العاجلة التي تعني تطهير البيت الإنقاذي تطهيراَ شاملاَ بذلك القدر الكبير الذي يزلزل الأركان .. حيث المشانق التي تعزل المفسدين .. وإما تسليم زمام الأمور لتلك الزمر المتلهفة التي تقف عند الأبواب والتي تترصد بالمرصاد .. وكل الخيارات المتاحة للشعب السوداني الآن أحلاه أمر من الحنظل في المذاق !! .
سيحدث مثل هذا السيناريو في حالة واحدة عندما ينفرط العقد تماما وفي حالة حدوث انتفاضة شعبية شاملة تحظي بغطاء ودعم ما وحتي في هذه الحالة فلن يستطيع من يتولي الامور الاستفراد بالسلطة وسيجبر علي نقلها الي الشرعية التي ستفرزها حركة الشارع ولن تكون علي طريقة سوار الذهب في نتائجها وربما تتشابه في بدايتها فقط وفوق كل ذي عليم عليم فالموقف في السودان الراهن بالغ التعقيد
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة