|
أزمة الكهرباء فى السودان بقلم عبدالباقي الظافر
|
04:17 PM Aug, 26 2015 سودانيز اون لاين عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
عندما صدر قرار مجلس الوزراء فى يوليو 2010 القاضى بحل الهيئة القومية للكهرباء وانشاء خمس شركات بدلآ عنها ( ثلاثة شركات للتوليد وشركة للنقل واخري للتوزيع ) كان الهدف المعلن للقرار هو إتاحة الفرصة لهذه الشركات لتعمل على أسس تجارية واقتصادية بهدف رفع الكفاءة وخفض تكلفة الانتاج مما يخلق مناخأ ملائمآ للمستثمرين. بعد مرور خمس سنوات على صدور هذا القرار لم يتحقق اي من هذه الاهداف بل حصل العكس فقد تدهورت كفاءة المنظومة الكهربائية وارتفعت تكلفة إنتاج الكيلو الى ما يقارب اربعة اضعاف سعر البيع المرتفع أصلآ ولم يظهر ولو مستثمر واحد مما ادخل المسئولين فى وزارة الكهرباء والشركات المعنية فى حالة من الارتباك الشديد ، ولمحاولة تغطية فشلهم فى إدارة هذا المرفق الحيوى قرروا زيادة تعرفة الاستهلاك وذكروا اسباب ومبررات واهية من بينها الحد من إسراف المواطن فى استهلاك الكهرباء. من الواضح ان قرار حل الهيئة القومية للكهرباء وانشاء الشركات الخمس كان قرارآ غير مدروس كغيره من القرارات التى تتخذها الحكومة فى مختلف المجالات وغير مبرر لان الركن الاساسى لانجاح اى هيكلة لقطاع الكهرباء بهدف تحريره تتطلب فتح نشاط التوليد بحيث يتاح للمستثمرين امكانية انشاء محطات توليد جديده وحتى شراء الموجود منها اذا كان ذلك مجدى من الناحية الاقتصادية، إلا أن المعضله التى تواجه فتح نشاط التوليد للمستثمرين المحليين تتمثل فى عدم القدرة على ولوج هذا المجال نظرآ لضعف الامكانيات وندرة العملات الصعبة المطلوبة لانشاء محطات التوليد وانظمة ربطها بالشبكة والتى تتطلب مئات الملايين من الدولارات، أما بالنسبة للمستثمرين الاجانب فهنالك أسباب كثيرة تمنعهم من الاستثمار فى السودان لعل أهمها العقوبات المفروضة على السودان من قبل المجتمع الدولى، الفساد، الانخفاض المستمر فى قيمة الجنيه الناتج عن ضعف الانتاج وسوء إدارة الاقتصاد، تهالك البنيات التحتية ، الخ ...... حتى لو سلمنا جدلآ بأن بعض المستثمرين الاجانب يمكنهم تجاوز العقوبات والتغاضى عن الصعوبات الاخري المشار اليها أعلاه وعلى إستعداد للتقدم بعروض لبناء محطات توليد إذا التزمت الجهة التى ستشترى منهم الكهرباء فى السودان بشروط الاتفاقيات التى تبرم عادة مع هذه المشاريع ، واول هذه الشروط الالتزام بشراء كميات سنوية محددة من الطاقة على مدى سنوات الاتفاقية (20سنة على نظام BOT مثلآ ) وبسعر محدد غالبآ يكون بالدولار، والاتفاقية تكون عادة صارمة بحيث يستحيل التملص من السعر او سقف الكميات المباعة واوقات شراءها ، ومع الانخفاض المستمر فى قيمة الجنيه مقارنة بالدولار سياتى الوقت ( ربما بعد فترة قصيرة من توقيع الاتفاقية) الذى نكتشف فيه أن سعر شراء الكيلو من المستثمر يتجاوز بعشرات المرات سعر البيع مما يجعل من المستحيل الاستمرار فى الاتفاقية ، هذا اضافة الى صعوبة الالتزام بشرط الكميات المحددة نتيجة لضعف شبكة النقل والتوزيع وامكانية حدوث اختناقات تحول دون تصريف الكميات المتفق عليها ، هذا اضافة الى ان تحويل ارباح المستثمر الى الخارج ستكون معضلة دونها المعضلات الاخرى علمآ بأن الكثير من الشركات العاملة فى السودان اضطرت لوقف نشاطها ومغادرة البلاد بسبب العجز عن تحويل الارباح. المعروف ان حل ازمة الكهرباء فى السودان او غيره من دول العالم النامى لايمكن بدون توفر الكميات الكافية من التوليد التى تغطى الاحتياجات الحالية وكذلك توفر سبل تمويل مؤكدة لمشاريع التوليد المستقبلية ، وكل ما تقوله وزارة الكهرباء فى هذا الخصوص خداع فى خداع ، فدعوة المستثمرين للدخول فى مجال التوليد تضليل للمواطن باعطاءه الانطباع ان حل المشكلة فى يد القطاع الخاص وهم يعلمون علم اليقين ان القطاع الخاص لا يستطيع الدخول فى هذا المجال حتى لو توفرت لدية الرغبة لاسباب تطرقنا لها فى صدر هذا المقال ، فوزارة الكهرباء عينها فى الفيل وتطعن فى ضله كما يقول المثل فالفيل هو الاخطبوط الادارى الذى انشآته لادارة شبكات الكهرباء، خمس شركات كل شركة لها مجلس ادارة ومدير عام وجيش من مدراء الادارات والمستشارين والمهندسين والعمال والموظفين وده كله يا سادة لادارة 2500 ميغاوات تمثل قدرة التوليد لكامل الشبكة القومية فى السودان وهذه القدرة تعادل ما يستهلكه اى حى من احياء مدن الجوار الرئيسية كالقاهرة وجدة والرياض (بلاش من اوروبا وامريكا) ولا تستحق هذه القدرة كل هذه الهياكل الضخمة وما تتطلبه من صرف مليارات الجنيهات دون حسيب او رقيب ، ما تقوم به وزارة الكهرباء من عبث فى قطاع الكهرباء لايحدث الا فى بلد ماعنده وجيع. فاذا كانت الحكومة جادة فى معالجتها لازمة الكهرباء فى السودان فلتبدا بدمج الشركات الخمس الحالية فى شركة واحدة تشرف بنزاهة وتجرد على نشاط التوليد والنقل والتوزيع وذلك لتخفيض النفقات الادارية الهائلة للشركات الحالية التى تمثل واحدآ من الاسباب الرئيسية لارتفاع تكلفة الانتاج وان تنسي موضوع الاستثمارات الخاصة وتستخدم جزء من عائدات الذهب فى انشاء محطات توليد جديدة ، وبهذا نتفادى الهدر الذى حدث لعائدات البترول قبل انفصال الجنوب ، فلو صرف جزء بسيط من تلك العائدات علي الكهرباء لما واجهنا الورطة التى نحن فيها الآن. م/ مصطفى عبد الفتاح mailto:[email protected]@yahoo.com
أحدث المقالات
- ثدي الدولة الذى ارضع الراسمالية!! بقلم حيدر احمد خيرالله 08-26-15, 02:42 PM, حيدر احمد خيرالله
- الإنقاذ تنشد .. وأشغل أعدائي بأنفسهم وأبليهم ربيَ بالمرجِ بقلم صلاح الباشا 08-26-15, 02:40 PM, صلاح الباشا
- حسن.. (أنسى) !! بقلم صلاح الدين عووضة 08-26-15, 02:39 PM, صلاح الدين عووضة
- هل تذكرون بيتر سولي ؟!بقلم الطيب مصطفى 08-26-15, 02:38 PM, الطيب مصطفى
- إلى متى ..؟؟ بقلم الطاهر ساتي 08-26-15, 02:36 PM, الطاهر ساتي
- لن نحاور من خوف ، ولكن لن نخاف الحوار ؟ بقلم ثروت قاسم 08-26-15, 06:17 AM, ثروت قاسم
- تايه بين القوم / الشيخ الحسين/ الاتحادي الديمقراطي ومفترق الطرق 08-26-15, 03:00 AM, الشيخ الحسين
- العدو يعتقل ويغتال والتنظيمات تقصي وتحرم بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي 08-26-15, 02:56 AM, مصطفى يوسف اللداوي
- التطرف الديني والنعف المصاحب له الى أين؟ بقلم إبراهيم عبد الله أحمد أبكر 08-26-15, 00:09 AM, إبراهيم عبد الله أحمد أبكر
- إحدى عشرة رسالة لوالي الخرطوم .. (7) سفلتة معظم شوارعنا محبطة بقلم توفيق عبد الرحيم منصور 08-26-15, 00:06 AM, توفيق عبد الرحيم منصور
- تنظيم داعش الفكرة وأسباب القيام بقلم إبراهيم عبد الله أحمد أبكر 08-26-15, 00:03 AM, إبراهيم عبد الله أحمد أبكر
- نحو غدٍ أفضل بلا منغصات أو مؤامرات بقلم نورالدين مدني 08-26-15, 00:02 AM, نور الدين مدني
- الخادمات السودانيات في السعودية مشكلة قومية بقلم إبراهيم عبد الله احمد أبكر 08-26-15, 00:01 AM, إبراهيم عبد الله أحمد أبكر
|
|
|
|
|
|