جداريات رمضانية (10) بقلم عماد البليك

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-12-2024, 03:59 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-01-2015, 02:16 PM

عماد البليك
<aعماد البليك
تاريخ التسجيل: 12-09-2013
مجموع المشاركات: 118

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
جداريات رمضانية (10) بقلم عماد البليك

    02:16 PM Jul, 01 2015
    سودانيز اون لاين
    عماد البليك -مسقط-عمان
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    لا يحكى




    لن يمر سوى أسبوع واحد أو أقل حتى تبدأ الأبدان في التراخي ويشعر الناس بالتعب، وقتها سوف يكون رمضان قد دخل في العظم كما يقال، وهذا يعني أن الصيام سوف يكون ليس هينا ولا سهلا وبالتالي لابد من رفع التقنيات التي يجب الصبر بها والانتباه لعدم الوقوع في الخطأ خاصة زلات اللسان التي تخرج حتى لو عن عفو الخاطر بسبب إننا بشر.
    طبعا سوف تستمر حيل تبريد الجو بالشكل البلدي الذي سردناه سابقا، من أعمال الخيش والمكيفات المتوهمة، وكل ذلك لن يجدي كثيرا لأن الحر إذا اشتد لا فكاك منه أبدا. وهنا يقمن النساء بابتكارات تمييع الوقت مثل الألعاب النهارية ومنها لعبة "الطاب" التي تقوم على قطع أغصان النخيل ومن ثم توضيبها لتكون بظهر أخضر وبطن بيضاء، ومن ثم عمل مجموعة من الحفر المتقاربة التي سوف تعبر فوقها الحجارة الصغيرة المحمولة بالأيدي ويتنافس فريقان على إقصاء أو إماتة حجارة الطرف الآخر بعد أن يرمى بـ "الطاب" وهي أربعة أجزاء من الأغصان الموضبة بشكل مستقيم وبطول لا يتجاوز ثلاثين سنتمترا لكل واحد، واللعبة يطول شرحها إلا لمن يعرفها طبعا. لكنها في النهاية تصور نوعا من التنافس الترويحي الذي تنتهجه نساء الحي في نهار رمضان، وغالبا ما تأخذ الوقت وتأكله أكلا ليضيع بسرعة كما تسمعهن يرددن فلا يقمن إلا والاتجاه للعمل بالبيت بعد أن يكون أحيانا العصر قد قرب وقته، والعادة لا يبدأ اللعب إلا في الأسبوع الثاني من رمضان، فنادرا ما ترى هذه التسالي محبوبة أو ثمة اقبال عليها في الأيام الأولى لأن النساء يكن منشغلات بتحضيرات البدايات، كما أن الإحساس بالصيام القوي لم يبدأ بعد وقتذاك، ما يعني الصبر.
    منافسات "الطاب" يتجمع فيها الأطفال حول كبار السن من سيدات البيوت والفتيات ويحتدم التنافس، كل فريق يحاول أن يخسر الآخر بأن يهلك حجارته ليبعدها، وهنا لابد من الانتباه إلى أن الحجارة قد تكون من الطوب الأحمر لطرف وحجارة حقيقية للطرف الثاني أو ممكن استخدام الفحم في بعض المرات. ويرتفع صوت الأطفال صراخا وهم يقودون مهمة التشجيع في المباريات المحتدمة، وهذه اللعبة لا تجد فيها الذكور إلا في السنين المبكرة لأنها بإمتياز لعبة الكبار من النساء وقبلهن البنات.
    ولا أعرف هل هذه اللعبة لها وجود في أماكن أخرى في البلاد أم لا؟ كما أن تاريخها من أين جاءت ولماذا ارتبطت برمضان فقط، من الأمور غير الواضحة، المسألة الوحيدة الملموسة هي أن النخيل يشكل إحدى مفردات الحياة في تلك المناطق الواقعة بجوار النهر في شمال السودان ويدخل في فنون الحياة والثقافة بشكل عام، ومن هذا فاختراع ألعاب متعلقة به ليس مستبعدا. وهذا السؤال يتعلق بالكثير من الألعاب الشعبية السودانية من أين جاءت ما هو تاريخها بالضبط وهل هي مرتبطة بمناسبات معينة أم هي معممة على كل الأزمنة؟ مع النظر إلى أن كثيرا من هذه الألعاب بدأ في الاندثار بعد أن دخلت الحياة الجديدة بقوة، فالتلفزيون مثلا بما فيه من مسلسلات ودراما وبرامج ترفيهية منوعة صار يغطي أغلب الوقت سواء بالنهار أو بالليل للعائلة وللنساء بوجه خاص، وهذا أخذ رصيد تلك الألعاب وأزاحها، بحيث بات الإتكاء على الأسرة والوسائد والمعاينة هو الشغل الجديد في الرمضانيات، ولا ننسى أن دخول ثقافة الحياة الجديدة غيّر كثيرا من القيم الاجتماعية حتى العادات المرتبطة بالتواصل الاجتماعي فليست الألعاب وحدها هي التي تم تهديدها أو إزاحتها فعليا من خارطة الزمن الرمضاني.
    في لعبة "الطاب" ثمة من ينتصر والثأر غالبا ما يكون في اليوم نفسه أو اليوم الثاني، ليس من استعجال، ويتم إزاحة التراب ودفن الحفر الصغيرة وترتيب الموضع من قبل صغار السن بعد الفراغ من اللعب على أمل اللقاء في الغد، وفي الليل وإذا ما تحدثت النساء بعضهن البعض عبر الحوائط وهن يتبادلن بعض من الأكل الرمضاني كالعصيدة لابد أن يتطرق للعبة اليوم ومن فاز ومن خسر، ويتكلمن قليلا عن فلسفة الحظ في حياة البشر، فاللعبة تمثيل للحظوظ كيف تلعب دورها في الحياة الإنسانية وكيف تقسم الأرزاق وتجعل أحدهم يرقى والآخر يمضي للحضيض.
    لكن الذكاء أيضا مطلوب كما تقول إحدى الجارات وتتمسك بذلك، لأن مجرد الرمي بالطاب وانتظار النتيجة لا يفعل شيئا، لابد من تشغيل المخ والاعتماد عليه في تحريك الحجارة أو القطع الشطرنجية، فالفوز يحتاج عقل مستيقظ ويقظ، ولهذا فإن الخسارة في بعض المرات تفسر على أنها ليست سوء حظ فحسب. وربما تكثر الأعذار أو يتم افتعالها فهذه سيدة تقول إن الصداع النصفي الشديد قد حرمها اليوم من الفوز، وأنها لولاه لما وقعت في الفخ. لكن الجارات يعرفن هذه الحيل جيدا ويفهمن المعقول وما سواه من فنون التبرير اللائي يبرع البعض فيها.
    الأطفال يراقبون ويتعلمون دروسا في الحياة وهم بجوار الكبار، ليس بالضرورة أن الدروس تأتي مباشرة أو أن تكون قصصا مسرودة أو أوامر يتم توجيهها كما في المدارس، بل ربما تأتي من مثل هذه التفاصيل المثيرة في حياة الناس. من مجرد لعبة يقوم عليها الكبار ويلتف حولهم الصغار ليكون للعالم صيرورة الانتباه والتعليم والتلقي والنقل ما بين جيل وآخر. خبرات حول الحظ والمتعة والانتقام وحول كيف يمكن للصبر أن يحقق المعجزات وكيف له أن يخرق الحواجز أحيانا ومرات يفعل العكس ليدمر صاحبه الذي انتظر طويلا، وفي كل الأحوال تمضي السنوات يتبخر الكثير من الماضي، بل أغلبه ولا تبقى سوى "رتوش" أو مساحات متباعدة من الحنين الممزوج بالخبرات البعيدة التي كان مستقرها في تلك الأيام. ويبقى السؤال المعلق الذي ينتظر الإجابة دائما حول هذا العالم، حول المسافة ما بين الأمل والتحقق. وحول الذات الإنسانية وهي تصارع من أجل المجهول وحول كثير من صفات التكوين الشخصي والذاتي كيف تتبلور وإلى أين تمضي بالمرء في عالم ليس فيه سوى المزيد من الأسئلة والغموض.
    كأني بذلك الصبي ينتظر دوره في رمي "الطاب" في حين أن الجدة الكبيرة التي سوف تشارك اليوم في اللعب هي من اختاره بالتحديد ليرمي لها دورها تيمنا بذلك الصبي. هؤلاء الجدات لهن أساطيرهن الخاصة وقصصهن التي لا تنتهي في رمضان وسواه، وهن الأخريات مع الزمن الجديد بتن من أشكال الماضي الذي بات يتسرب بعيدا غير آبه بالانتظار لأجله.
    mailto:[email protected]@gmail.com




    أحدث المقالات

  • ربع قرن.. بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين 07-01-15, 11:28 AM, نور الدين محمد عثمان نور الدين
  • جرائِمْ الكراهِيّة والعُنف المُعرقنْ – الجُرح الغائِر فِى قلُوب الملايين – الطُغيان والإضْطهاد والقه 07-01-15, 11:25 AM, حماد سند الكرتى
  • دعوة بنسودا باعتقال البشير وآخرين تضع مصداقية مجلس الأمن على المحك بقلم الصادق حمدين 07-01-15, 11:23 AM, الصادق حمدين
  • ... حديث الترابى حياة مابعد الموت ... وجدلية الروح والجسد ( 2 ) بقلم ياسر قطيه 07-01-15, 11:21 AM, ياسر قطيه
  • د.الترابي انها بلادنا وليست ارض (شفتة )!! بقلم حيدر احمد خيرالله 07-01-15, 11:19 AM, حيدر احمد خيرالله
  • الإعلان هو الذى يقتل أوّلاً، أمّا الرصاصات، ففيما بعد !. بقلم فيصل الباقر 07-01-15, 01:31 AM, فيصل الباقر
  • للوصول بسفينة السودان إلى بر الحل الديمقراطي بقلم نورالدين مدني 07-01-15, 01:21 AM, نور الدين مدني
  • اِنهيار الدبلوماسية في السودان بين .. الهروب والدموع بقلم عبدو حماد 07-01-15, 01:18 AM, مقالات سودانيزاونلاين























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de