|
نحو حساسية (1976): درب العشق ساهل ودرب الوصال صعبان بقلم عبد الله علي إبراهيم
|
11:31 PM Jun, 23 2015 سودانيز اون لاين عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA مكتبتى فى سودانيزاونلاين
أنشر حسب وعدي وثيقة "نحو حساسية شيوعية تجاه الإبداع والمبدعين" (أبريل 1976) وهي تخطو نحو ميلادها الأربعين. وكنت كتبتها خلال توليتي قيادة العمل الثقافي متفرغاً بالحزب الشيوعي ما بين 1970 و1978. وهي وثيقة في التربية سعت لينمي الشيوعيون ذوقاً أرقى للإبداع ومحبة حقة للمبدعين لم تتوافر لوقتها ولوقتنا كما رأينا في مقالات سلفت. فقد كانت منطقة المبدعين في الدولة الاشتراكية عند السوفيات وغيرهم مجلبة عار لنا لتجهمها بوجه الإبداع حتى تلجمه أو تلعنه. وكان نظام نميري من الجهة الأخرى اقترب من بعض مبدعينا إما كموظفين بالدولة أو بغيرها وعقد معهم معاملات استفزت الشيوعيين. فلم يجدوا سماحة في أنفسهم لفهم واقع الردة البهيم الذي وثق عرى الدولة بمنابر الإبداع كما لم تفعل النظم التي سبقته. فعقد المهرجانات وعيّن أنواط التكريم، وأمم الصحف وغيرها. ولم يكن مستغرباً أن نرى في هذه الحقول الجديدة للإبداع والدولة ما لا نرضاه من خيار مبدعينا ولكنه مما يجب أن نصبر عليه ثقة في المستقبل. التربية نادرة في الحركات السودانية الحديثة مثل الشيوعيين والأخوان المسلمين. ففي كليهما انتصر التيار السياسي (عبد الخالق والترابي) على التيار التربوي (جعفر شيخ إدريس وعوض عبد الرازق). والتيار الأول يقول لنخرج للسياسة بما لدينا من معرفة ونستدرك التربية والاطلاع لاحقاً. بينما يقول التربويون بوجوب العكوف عند التربية زمناً قبل أن ندخل ساحة السياسة. ومن أسف أن التيار السياسي لم ينجح في استدراك التربية أبداً وعاش على العموميات السياسية وضل ضلالاً كبيراً عن غاياته وأنتهى إلى صفوية تنازع دست الحكم بغير بصيرة. وحاول عبد الخالق ذلك الاستدراك مراراً بعرضه لمفهوم "المثقف العضوي" ولكن كان الحزب في أودية اخرى انقلابية وغير انقلابية مؤرقاً بثأر أكتوبر. ولا أعرف من نعى "عدم التربية" في حركته بعد المفاصلة في 1999 مثل الدكتور الترابي في تسجيل رائج على اليوتيوب. ولكن كانت حركة الجمهوريين خلاف ذلك. بدأت بالسياسة المباشرة ثم ركنت للتربية بصورة كلية بما في ذلك الأناشيد العرفانية الروحية. وبالطبع كان لإهمال السياسة دخل في محنتها بشكل أو آخر. و"نحو حساسية" تحذو حذو "إصلاح الخطأ في العمل بين الجماهير" (1963) الوثيقة التربوية النادرة بقلم أستاذنا عبد الخالق. فهي فصدت إلى خلع النعال الضيق للشيوعيين من أصول البرجوازية الصغيرة ليتأدبوا بأدب الطبقة العاملة "التقيلة". وهي طبقة تدأب نحو غايتها بسرعة خاصة وبعزائم غير منظورة تضيق بها البرجوازية الصغيرة فتجن، وتذهل، وتغامر، فتخيب. قلنا في الجزء الأول من الوثيقة إننا ندخل على جبهة الإبداع الذي ينفض عنه غبار الردة (نظام نميري بعد 1971) بطرق ثلاثة.أولهما إننا حزب بلا نظرية إبداعية رسمية سواء أكانت واقعية اشتراكية أو غيرها. الباب الثاني هو أننا لا نملك نظرية نقدية ولا ناقداً رسمياً ولا نحتاج إلى أيهما. والباب الثالث أن ندخل بثقل الطبقة العاملة في عوالم الإبداع كما رأينا في المقال السابق. وفي هذا الجزء نرى الوثيقة تنبه للعناية المثلي بالمبدع سوسيولجياً كابن للطبقة البرجوازية الصغيرة المتعلمة ليس كمبدعي الثلاثينات الشعبيين أو الأفندية من كان فضاء السودان مفتوحاُ لهم بالنقلبات من أقصى البلاد لأقصاها. ثم نوب في هذا الجزء أيضاً مطالب معينة في حرية الصحافة وغيرها لتحسين بيئة الإبداع لهم. ثم نختم هذه الحلقات في مرة قادمة أخيرة. فإلى هذا الجزء من "نحو حساسية شيوعية":
لم يظهر بين الجيل المبدع الماثل أمثال العبادي وسيد عبد العزيز وأبو صلاح المنتمين إلى أوساط شعبية وعمالية. فقضايا الشكل والحرفة الإبداعية ترتبط الآن بالتعليم والاحتكاك الخارجي بينما كانت على عهد أولئك الفحول مذللة ميسورة. فلا فرق يذكر في الإحاطة بها بين خريج كمحمد أحمد المحجوب وعصامي كالعبادي لأن تلك القضايا لم تخرج وقتها من الإطار التقليدي. وجاء السلف الشعبي إلى ساحة الإبداع الرئيسية بأشكال من الشعر الشعبي محكومة بنفس ما تحكم به القصيدة العربية. وحتى المسرحية كشكل وافد، لم تزد من كونها قصيدة طويلة موزعة بين عدد من الأفواه. والمشاهد الآن أن ساحة الإبداع الرئيسية يحتلها مبدعون من البرجوازية الصغيرة المتعلمة ممن تتحول قضايا الشكل والتكنيك عندهم إلى ما يشبه أسرار الكهنة في انحجابها عن الإنسان العادي. وسيطول إنتظارنا حتى يقدم طلائع مبدعي هذا الإنسان الشعبي العادي إلى ساحة الإبداع الرئيسية. وككل معرفة خاصة مقدسة توقع تلك القضايا القصاص بالمبدعين. فهي تحيلهم إلى قراء نهمين، تضمر تجربتهم المؤجلة يوماً بعد يوم، ولا تدفئهم قراءاتهم المتبحرة، ولا يسعفهم ميل للمغامرة خارج دفتي الكتاب. فوراء كل أغنية في الحقيبة الممتازة سفر، أو قنص، أو أذى مفض إلى الموت، أو صبابة مجللة بالحكمة: "درب العشق ساهل ودرب الوصال صعبان." قيل إن أغنية الحقيبة بناء نهم لجسد المرأة، ولا يصح أن يكون البديل تأطير للمرأة في عيونها . . . بإجماع. -بتكاثر أجهزة بث الإبداع من إذاعة إلخ وتركيزها في العاصمة تحول الإبداع بعامة إلى مهنة عاصمية. فنادراً ما تتاح لأفضل مبدعينا الآن تلك السياحات في البلد التي تهيأت لسلفهم المباشر من البرجوازية الصغيرة المستوظفة أمثال طنبل وتوفيق صالح ومحمد المهدي المجذوب: أمن برغوث ينقلني قضائي إلى بحر الغزال فما نروم كان الوطن عند أفضل مبدعي السلف مستديراً مشحوناً بالإثارة والطبيعة والناس المختلفين والألسن الشتى والمعارف المبددين كالنثار في الذاكرة. بينما صورة الوطن عند أغلب المبدعين حالياً بندول وحيد الحركة بين ذكريات هشة سعيدة عن طفولة القرى التي لن يعودوا لها ابداً، وبين عاصمة مرذولة النية مفترسة السيماء لن يفارقوها إلا بالموت. ولذا يسكن إبداعنا الراهن في جملته نشيج كظيم يشي عن الموهبة ويفضح ضيق التجربة. ولهذا يحسن بنا تدبير ذلك الجسر بين المبدعين والمتلقين بأريحية ب. -بمواصلة الدفاع عن ديمقراطية هذه الجبهة وتوسيع فهمنا وفهم المبدعين لتلك الديمقراطية دلالة ووسيلة بالارتباط الوثيق بتحركاتهم الجمالية والسياسية والتنظيمية. نثبت عند الدفاع عن تلك الديمقراطية باعتبار أن قامة الإبداع تتعادل طردياً مع قامة المبدع. -نثبت حق المبدعين في تكوين منظماتهم القائمة في خياراتهم الفكرية أو الإبداعية أو النقابية كمواعين مساعدة في صقل مواهبهم وقدراتهم والدفاع عن حقوقهم ورفع كل وصاية للاتحاد الاشتراكي عليها. *متابعة نضالنا ضد قانون الصحافة والمطبوعات ومن أجل الاصدار المتعدد للصحف. نكشف المراجعة التي تمت للقانون بعد انقلاب 5 سبتمبر 1975، والتي مدت هيمنة الاتحاد الاشتراكي للمجلات الدورية وغير الدورية المتخصصة التي كفل القانون قبل تعديله حق إصدارها للمنظمات العلمية والثقافية والنقابية. نوسع دائرة المطالبة بفك احتكار الدولة لاستيراد الصحف والمجلات. نبادر بالدعوة لمراجعة الفئات الجمركية على خامات ومعدات الابداع (الألوان، الآلآت الموسيقية، أنواع الورق المختلفة، الآت التصوير، خام الأفلام، الأسطوانات) ليتيسر اقتناؤها للشباب والهواة. وأن تتم نفس المراجعة كذلك بالنسبة لفئات أجهزة الراديو والتلفزيون والتسجيل والفونغراف على ضوء لزومها كأدوات للتثقيف والترفيه. فمن المفارقة أن تثقل الجمارك المستحيلة على تلك الأجهزة والخامات بينما تتخبط الدولة بين نوايا ومصالح وهيئات المعلن عنها أنها لنشر الثقافة بين الجماهير. نولي أفضل عنايتنا لقضايا تطور كلية الفنون الجميلة ومعهد المسرح وفرقة الأكروبات والفرق القومية للفنون الشعبية مع المثابرة في الدعوة لإدخال الموسيقى والفنون التشكيلية عميقاً في النظام التعليمي. نسند ونرعى كافة المساعي الوليدة لترميم وتطوير هياكل الثقافة مثلما ورد في خطوط ندوة الكتاب الأخيرة والنقد الذي يتسرب للصحف من تردي المكتبات العامة وفقر مسارح الأقاليم وتلاشي السينما المتجولة وانقطاع الأقاليم عن الصحف والمجلات من أي نوع كان. نواصل
أحدث المقالات
- بيان إدانة واستنكار من الجبهة الوطنية العريضة حول اعتقال المحامي عصام عباس 06-22-15, 11:26 PM, الجبهة الوطنية العريضة
- إبراء ذمة وإتهام 06-22-15, 11:21 PM, عادل عبد العاطي
- كاركاتير اليوم الموافق 23 يونيو 2015 للفنان ود ابو عن كسارة التلج..!! 06-22-15, 11:09 PM, Sudanese Online Cartoon
- نعي وفقدان عظيم لتحالف قوي التغيير السودانية وللشعب السوداني 06-22-15, 10:40 PM, اخبار سودانيزاونلاين
|
|
|
|
|
|