|
مدنية Vs. عسكرية ! بقلم م.أ ُبي عزالدين عوض
|
03:53 AM Jun, 07 2015 سودانيز اون لاين أ ُبي عزالدين عوض- مكتبتى فى سودانيزاونلاين
بسم الله الرحمن الرحيم
لو تم تشكيل حكومة أغلبها أطباء أو مهندسون ورئيسها طبيب مثلا، فلن يتم وصفها بأنها حكومة طبية أو هندسية !
فلماذا يتم وصف حكومة بأنها عسكرية إن كان على رأسها عسكري أو أن أحد نوابه يتبع لمؤسسة القوات المسلحة ؟
وهذا مناف لتعريف الحكومات العسكرية وهو أن تكون السلطة السياسية للدولة مكونة من مجموعة ضباط عسكريين يصنعون كل سياسات الدولة الداخلية والخارجية.
وقد تحدث معبود بعض الجماهير الإنجليزي "جون لوك" عن الحكومة المدنية وأفرد لها كتيبا، ولكن رؤيته التجريبية هذه قد تم تفنيد كثير من منطلقاتها ومخرجاتها من منظور شرعي، يستند أحيانا على نصوص إلهية تشكك في مجمل نظرياته.
أما الشرعية فهي قد تعددت معانيها في العهد الحديث حتى صارت تعريفا بلا مدلول ثابت، فكل شريحة من المواطنين صارت ترى الشرعية بمنظور مختلف عن الشريحة الأخرى، فصار الواقع هو الأصل خصوصا إن ظهرت المظاهر المدنية على الحكم! ويبرز سؤال ماذا لو قام مدنيون بانقلاب في إحدى الدول للسيطرة على الحكم إنقاذا لتلك البلاد ؟
وماذا لو قام عسكريون بتغيير الحكم (مدنيا كان أم عسكريا) بطريقة مفاجئة ولكنها سلسة تشبه التسليم والتسلم دون إراقة الدماء أو إطلاق الرصاص بين الجانبين ؟
وعودة لدولة مثل السودان تنوء بالحروب الداخلية مدفوعة الأجر منذ ما يربو على 60 عاما، وتعاني مجتمعاتها المتخلفة عن العصر من التعصب القبلي والجهوي لدرجة حمل السلاح على الحاكم المنظم لأمر البلاد كلها، وتعتدي قبائلها على بعضها اعتداءات موسمية أشبه بالمجازر، كان لا بد من حكم عسكري وأمني فيها حتى تنضبط الأمور ، حتى وإن يكن حكما عسكريا انتقاليا لمدة نصف قرن من الزمان يتم فيها بالعدل وضع الأمور في نصابها !
والحكومة القائمة في السودان هي حكومة لا علاقة لها بمسمى الحكومات العسكرية بأي حال من الأحوال، مما يقتضي الحاجة لتشديد القبضة حتى يتم ضبط الأمن في بعض الجيوب بالبلاد، وحتى يتم مواجهة الحركات المسلحة وأعوانها في مدن البلاد المختلفة وجامعاتها بما يحفظ أمن المواطنين جميعا، وإلى أن يصل المجتمع السياسي لمرحلة من النضج تجعله قادرا على خوض مفاوضات لا تتأثر بعوامل غير وطنية، وتصل بالسودان إلى السلام دون إضاعة لمزيد من وقت الوطن.
وطالما أن هناك تمرد عسكري مسلح تدعمه بعض القوى السياسية مشرئبة الأعناق لتجلس على كراسي السلطة بأي ثمن، فيجب أن يكون قائد البلاد على الأقل هو عسكري وقائد للجيش، وإلا ستنهار الدولة وأمن الوطن بخلاف بين مؤسسة عسكرية حريصة لديها حس أمني أعلى بكثير من المؤسسة المدنية التي تحيط بها وتتناقش وإياها..
وستضيع البلاد في غمرة انشغال برلمانها بنقاشات حول كيفية مواجهة التمرد العسكري الذي يتهدد البلاد والعباد، وبأي نهج...
ولكن وجود رجل واحد أو إثنين من خلفية عسكرية على سدة مؤسسة الرئاسة، غير كاف نهائيا لأن تسمى الحكومة بأنها عسكرية، وغير كاف لدفع التفاوض بين أبناء الوطن المتحاربين إلى عقد اتفاق سلام دائم.
ثم يظهر تساؤل معني بالحالة السودانية، هل يجب أن تسيطر الحكومة القابضة على الحزب صاحب الأغلبية ؟ أم العكس ؟ على اعتبار أن الحزب مدني، والحكومة مدنية، ومؤسسة الرئاسة شبه عسكرية !
وهذا (يتمثل بصورة رمزية) في كيفية اختيار أهم مسؤول في الحزب الحاكم، فهل يختاره الحزب نفسه ؟ أم تختاره مؤسسة الرئاسة للدولة كلها ؟
حيث (قد) تختلف بصورة كاملة معايير اختيار مسؤول مساعد للرئيس عن اختيار نائب رئيس للشؤون الحزبية... وما نجح في سابقون ليس شرطا أن ينجح فيه لاحقون ! فالشخصيات تختلف.
وفي شأن هذا الاختيار وتحديد معاييره ، فليتنافس المتنافسون.
علما بأن أي حزب حاكم للبلاد سيهتز وسيتضرر إن قام بتغيير هيكله كلما غيرت الحكومة جلدها ! فعدم الإستقرار هذا لحزب حاكم، يؤدي لعدم استقرار السياسات وكثرة تغيير الحكومات.
على المكتب القيادي للحزب الحاكم أن يتقي الله متذكرا أن السيد البشير قد ذكر قبل أيام أن المرحلة القادمة في السودان هي ليست مرحلة كم عدد الكباري والجسور والمستشفيات والطرق والمدارس في السودان ، وإنما هي (مرحلة الجودة) كما ذكر في الساحة الخضراء، فانتبهوا لمعايير الجودة في شخوص من تختارونهم، ثم نبهوهم لمعايير الجودة حين يبدأون عملهم.. والتزموا بحديث الرئيس البشير حتى تعينونه في ما يقول.
وأخيرا، تبقى آمال الوطن والشعب وعضوية جماهيرية كبيرة للحزب الحاكم معقودة في نواصي خيل المؤتمر الوطني، فلنوسد الأمر إلى أهله، ولنختار من الخيل ما فيه الخير ، ومن يرضي رب العباد عبر رضا عباده، كيلا يرفع أشعث أغبر مدفوع بالأبواب يديه إلى الله مقسما عليه ، فيستجيب الله له.
م.أ ُبي عزالدين عوض
صباح 6 يونيو 2015
mailto:[email protected]@gmail.com
أحدث المقالات
- المطلوب ..!! بقلم الطاهر ساتي 06-06-15, 03:35 PM, الطاهر ساتي
- المراريت و الاتصال اللغوي مع اللغات النوبية بقلم عثمان عيسى حسن صديق 06-06-15, 03:30 PM, مقالات سودانيزاونلاين
- الوداعة واللعنة (1) بقلم عماد البليك 06-06-15, 03:19 PM, عماد البليك
- تاستيو وتاستي السودانيون سكان أرض الأقواس بقلم احمد الياس حسين 06-06-15, 03:16 PM, احمد الياس حسين
- من سوءِ الطالع أن يجمعنا بأمين حسن عمر وشيعته وطنٌ أو دِين!! بقلم عبد العزيز عثمان سام/أبوجا 06-06-15, 03:13 PM, عبد العزيز عثمان سام
- مأزق طهران الکبير بقلم منى سالم الجبوري 06-06-15, 07:57 AM, منى سالم الجبوري
- سؤال مغيّب ينتظر جواب الأردن عليه بقلم نقولا ناصر* 06-06-15, 06:30 AM, نقولا ناصر
- وفر الماء، اشرب البيرة!!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 06-06-15, 05:53 AM, فيصل الدابي المحامي
- الفكر القومي العربي والإستعصاء المزمن بقلم حسن العاصي كاتب فلسطيني مقيم في الدانمرك 06-06-15, 05:51 AM, حسن العاصي
- نحو تأسيس التجمع العالمي لنشطاء السودان على الفيسبوك ومواقع التجمع الاجتماعي بقلم د. حسين نابري 06-06-15, 05:48 AM, حسين إسماعيل أمين نابرى
- من ذكريات أيامي التي قضيتها في مصر المحروسة، وقاهرتها الفاطمية بقلم كامل سيد احمد 06-06-15, 04:33 AM, كامل سيد احمد
- أكبر مقلب في العالم!!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 06-06-15, 04:30 AM, فيصل الدابي المحامي
- الشعب السودانى الأن:بين مطرقة حكم المؤتمر الوطنى غير الرشيد وسندان الحركات المسلحة التى تطالب بالحكم 06-06-15, 04:27 AM, يوسف الطيب محمد توم
- لردم الهوة المعرفية والسلوكية بين الأجيال بقلم نورالدين مدني 06-06-15, 04:25 AM, نور الدين مدني
- دائِرة الجحِيمْ والرُعبْ والموت- الهجمات العسكريّة العنِيفة أذتْ الضمير الإنْسانِى كثيرا- جِبال النُ 06-06-15, 04:23 AM, حماد سند الكرتى
- يدكم يا شباب ، ادونا دفرة! بقلم فيصل الدابي/المحامي 06-06-15, 04:21 AM, فيصل الدابي المحامي
|
|
|
|
|
|