عفوُ الربِ وحقدُ العبدِ بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-16-2024, 06:28 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-26-2015, 09:30 AM

مصطفى يوسف اللداوي
<aمصطفى يوسف اللداوي
تاريخ التسجيل: 03-08-2014
مجموع المشاركات: 1238

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عفوُ الربِ وحقدُ العبدِ بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

    10:30 AM May, 26 2015
    سودانيز اون لاين
    مصطفى يوسف اللداوي-فلسطين
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    الإنسان إلا من رحمه الله واجتباه، وامتن عليه وعلمه، وأدبه وهذبه، وأنعم عليه وأكرمه، ظلومٌ كفارٌ، جاحدٌ جاهلٌ، ظالمٌ مقتصدٌ، كاذبٌ إذا وعد، وفاجرٌ إذا خاصم، وحاقدٌ إذا كره، وظالم إذا حكم، ومستبدٌ إذا ملك، وكزٌ بخيل إذا فتحت الدنيا عليه أبوابها، وناكرٌ للجميل إذا وجد البديل، وكافرٌ للعشير إذا ذُكِّر بالمعروف، لا حدود لظلمه، ولا نهاية لبغيه، ولا نجاة من كيده، ولا سلامة من شره، دساسٌ نمامٌ، مغتابٌ أبداً وحاقدٌ دوماً، متآمرٌ كالعدو، وخبيثٌ كالشيطان، لا يفكر إلا في نفسه، ولا يسعى إلا إلى مصلحته، ولا حسن للنية عنده، ولا نقاء سريرةٍ في نفسه، في الشر يفكر وهو إليه سباق، وبالخير لا يسعى وهو منه بعيد.
    ذلك هو الإنسان الذي يعيش لنفسه، ولا يفكر إلا في ذاته، ولا يخطط إلا لمصالحه، لا يهمه الآخر، ولا يفكر فيه، ولا يعنيه أمره، ولا يهتم لشأنه، وينسى أنه لا يستغني عن غيره، ولا يستطيع العيش دونه، وأنه مهما كان وضعه، وسمت منزلته، وارتفعت درجته، فإنه يحتاج إلى غيره، وينشد وده، ويطلب الحاجة منه، إذ لا تستقيم الحياة بدونهم، فهم على بساطتهم ونقاء سريرتهم صبغة الأرض وطيب الحياة، ولكن الإنسان الباغي المستبد، الظالم الجهول، يأبى أن يتعلم، ويرفض أن يأخذ العبرة من غيره، ويستفيد من تجارب من سبقه، فيمضي قدماً في غيه، سادراً أعمى لا يرى، وجاهلاً لا يفقه ولا يتعلم، فلا يرده موتٌ ولا يصده عن ظلمه مصيبة.
    قد يقترف الإنسان معصيةً ويرتكب إثماً، وقد يخطئ في جنب الله عز وجل وفي حق الناس، في لحظات السهو والغفلة، أو في ساعات الضعف والفطرة، وهو الخطاء ذو المعصية، التي بها عُرف وعنها قد أُثر، وقد يندم ويتوب، ويعقد العزم على ترك المعصية والتخلي عن الخطيئة.
    لكن الإنسان يتربص بأخيه ويكيد له، ويراقبه ويتصيد أخطاءه، ويقسو عليه ولا يرحمه، بل يحزن إن أصاب وأجاد، ويفرح إن أخطأ وعصى، ويمد له في المعصية لئلا يتوب، ويوغر صدره لئلا تصفو نفسه ويتراجع، ولا يهمه من أمره الستر أو التوبة، إنما غايته الفضيحة والابتعاد أكثر عن الطريق السوي والفضيلة، فتراه يغلق في وجهه الأبواب، ويعقد أمامه السبل، ويوغر ضده القلوب، إذ لا يرضيه منه الصفاء، ولا يعجبه منه الرضا، وهو يعلم أن العبد إذا تاب وآب، نال رضا رب العباد، وحاز على الخير والبركة.
    ولكن الله سبحانه وتعالى وهو الرحمن الرحيم، الغفور الودود، فتح للإنسان العاصي، وللعبد المخطئ ألف بابٍ وبابٍ للتوبة، فلا يغلق دونه باب، ولا يعقد أمامه سبيل، ولا يحكم عليه بالمستحيل، بل ييسر له كل شئٍ ليكفر عن معصيته، ويقلع عن ذنبه، ويتوقف عن خطأه، فهو جلَّ في علاه يفتح أبواب التوبة على اتساعها، وينزل من عليائه في كل ليلة، يجيب دعوة الداعي، وتوبة التائب، ويعفو عن المخطئ، ويسامح المسيئ، ويبارك في خطا العبد، ويمد له في عمره، وينسأ له في أثره، ويفتح عليه من واسع رزقه، ويفرح له إذا أقبل، ويبش في وجهه إذا استغفر، ويسعد به إذا ندم وعزم على التوبة والإنابة.
    وقد تكفل الله سبحانه وتعالى وهو القادر على كل شئ، بستر عبده إذا تاب، والعفو عنه إن استغفر، وقبول توبته إن ندم وعزم صادقاً، وأصر أن يقلع ولا يعود، ويستقيم ولا ينحرف، ويصيب ولا يخطئ، فلا يفضحه في المجالس، ولا يشيع معصيته بين الخلق، ولا يدعو لكشف ستره، وفضح نفسه، وتعميم خطأه، بل يرعاه سبحانه بالستر، ويكلأه بالحفظ، ويجعل صورته بين العباد مقبولة، وسيرته عند الخلق محمودة، وقد علَّم رسوله الكريم محمداً صلى الله عليه وسلم هذا الأدب، وأنشأه على هذه الخلق، فكان خير خلق الله أدباً وخلقاً.
    الله سبحانه وتعالى لا يطلب من عبده إذا أناب إليه وتاب، إن كانت معصيته بينه وبين الله عز وجل، ولا علاقة لها بالعباد، ولا حقوق لهم عليه، ولا مظالم في عنقه تجاههم، سوى أن يكون صادقاً ذا عزمٍ وإصرار، يمضي بها بلا تردد، ويواصل بها بلا انكفاء، وألا يكون بتوبته خواراً ضعيف العريكة خائب العزيمة، سريع العطب كثير الخطأ، قليل الأوبة كثير المعصية.
    أما العبيد، شرار الخلق، أهل السوء، قرون الشيطان، فلا يرضيهم ما ارتضاه الله سبحانه وتعالى لنفسه العلية، ولا ما قبل به وهو الإله الكبير المتعال، المتفضل عليهم وعلى كل العباد، فلا يقبلون توبة الإنسان وهو منهم، ولا ينسون زلته وهم سببها، وعندهم مثلها، وهم منه أسوأ، وأكثر خطأً، وأشد فحشاً، وأقبح نفساً، ولكنها طبيعتهم المعوجة، وقلوبهم العفنة المقيتة، ونفوسهم المريضة السقيمة، وحقدهم الأسود، وعيونهم الضيقة، وحسدهم الأعمى، وضيق صدورهم، وقلة بصيرتهم، وانحراف فطرتهم.
    هم يظنون أنهم أحسن حالاً، وأفضل نفساً، وأنقى سريرةً، وأنهم بعيدون عن الخطأ، ومحصنون من المعصية، أو أنهم بعيدون فلا يراهم أحد، ومخفيون فلا يكشف سريرتهم إنسان، ولا يفضح سلوكهم آخر، ونسوا بأن الله سبحانه وتعالى قد توعد أن يفضحهم ولو كانوا في بيوتهم، وفي أسرهم وبين أطفالهم، أما علموا أن من تتبع عورة امرئٍ تعقب الله عورته وفضحه ولو في عقر داره، ألا يعلمون أن الله لا يحب فضح عبده، ولا يرغب في أن يكسر نفسه، ويريد له أن يكون بين الناس عزيزاً إذا تاب، وكريماً إذا أناب، وذا سيرةٍ حسنةٍ وسمعةٍ طيبةٍ إن آب واستقام.
    لكنهم يأبون الستر، ويحبون الفضح، ويفرحون بالإساءة، ويسعدون بالمضرة، ولا يعنيهم كسر النفس، وإعطاب الروح، إنهم بسلوكهم الشائن يفسدون ويضرون، ويجرمون ويعتدون، ويخالفون الله ولا يطيعون، ويعارضون رسوله الكريم ولا يتبعون، إنهم شياطينٌ في أفعالهم، ويهودٌ في سلوكياتهم، وإن لبسوا الأبيض، وحملوا المسبحة، وتمتموا بألسنتهم تسبيحاً، وطأطأوا الرؤوس سجوداً، وحنوا الظهور ركوعاً، وظهروا أمام الناس وهم يصلون، وبدوا وكأنهم صالحون صادقون، يصلحون ولا يفسدون، ويحسنون ولا يسيؤون، يقولون أطيب الكلام، ويأتون بأفضل الأفعال، ظانين أنهم الأحسن، ولكنهم في الحقيقة هم الأخسرين أعمالاً، الذين ضل سعهيم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
    أيها العبيد لا تكونوا عوناً للشيطان على إخوانكم، فلا تتعقبوا عوراتهم، ولا تفضحوا معاصيهم، بل أعينوهم على التوبة، وساعدوهم وعلى الأوبة، وكونوا لهم عوناً وسنداً، مدوا إليهم الأيادي، وانتشلوهم بنبلٍ، وخذوا بأيديهم بشهامة، وتعانوا معهم بعزةٍ وأنفةٍ وكرامة، ولا تكونوا سبباً في انحراف المخطئين أكثر، ولا سبباً في إصرارهم وأخذهم العزة بالإثم، فأنتم من يتحمل المسؤولية، وعلى عاتقكم يقع وزرهم، وعند الله عز وجل في الدنيا ويوم القيامة حسابكم.
    إنه الإنسان المغرور التافه، الذي يظن نفسه ويوهمها أنه قيمة كبيرة، وصاحب منزلةٍ عاليةٍ رفيعة، ومسؤولية عظيمة، يتصدر المجالس، ويتقدم الصفوف، ويسمع له الناس وينصتون، ويتحدث ويسمعون، فيغتاب ويفضح، وينم ويهزأ، ويتهكم ويسخر، ويحكم ويتسلط، معتقداً أنه ظل الله على أرضه، وخليفته بين خلقه، يصنفهم كيف يشاء، ويقسمهم كما يريد، ويسميهم ويعددهم، وفق معاييره، وحسب مقاييسه، ولو كانت عوجاءٌ وعرجاءٌ وهي في الغالب كذلك وأسوأ، بل هي شوهاء وعمياء، وباطلة وظالمة، ولا فرق عنده في المعايير، طالما أن الناس تسمع كلامه، وتأخذ بأحكامه، وتقبل بتوصيفاته.

    بيروت في 26/5/2015
    أحدث المقالات

  • انتخابات الجالية السودانية بايرلندا بقلم مجدى رشيد 05-26-15, 07:10 AM, مجدى رشيد
  • على هامش مصادرة وتعطيل الصحف بقلم صلاح شعيب 05-26-15, 07:04 AM, صلاح شعيب
  • الثروة المعدنية والمعادن في السودان:الإستغلال التجاري والصناعي والإستثمار:قلة الحيلة أم قصور في الإم 05-26-15, 07:03 AM, غانم سليمان غانم
  • زيارة النائب الأول لرئيس الجمهورية لوﻻية شمال دارفور الهدف والمغزي بقلم التجاني على حامد 05-26-15, 07:01 AM, التجاني على حامد
  • (نثر حزين) بقلم الحاج خليفة جودة 05-26-15, 04:19 AM, الحاج خليفة جودة
  • لم أصدق هذا السبب.. لكن للأسف !! بقلم نورالدين مدني 05-26-15, 04:14 AM, نور الدين مدني
  • المهندس عمر زايدة نموذجاً!!! بقلم د. فايز أبو شمالة 05-26-15, 04:13 AM, فايز أبو شمالة
  • سعيد ابو كمبال صار هداي للبشير بقلم جبريل حسن احمد 05-26-15, 04:12 AM, جبريل حسن احمد
  • إحذروا من تعيين أم قسمة في المؤتمر الوطني بقلم اكرم محمد زكى 05-26-15, 04:09 AM, اكرم محمد زكى
  • البشير يلقى خطاب العرش ، فاستمعوا له باكين ! بقلم على حمد إبراهيم 05-26-15, 03:52 AM, على حمد إبراهيم
  • سقوط الاقنعه بقلم الدكتور بابكر حمدين 05-26-15, 03:50 AM, بابكر ابكر حسن حمدين
  • الصحافة المبادرة مناصرة لحقوق الإنسان بقلم الدكتور حسن سعيد المجمر طه 05-26-15, 03:47 AM, حسن سعيد المجمر طه
  • ياخرطوم.... ارفعى الستارة عن المسكوت! بقلم هاشم كرار 05-26-15, 03:45 AM, هاشم كرار
  • جعفر خضر .. رمز فريد من أبطال النضال بقلم د. ابومحمد ابوآمنة 05-26-15, 03:38 AM, ابومحمد ابوآمنة























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de