بارا تزيح ستار النسيان عن صحائفها البيضاء بقلم سيد الحاج مكي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-16-2024, 10:24 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-20-2015, 04:35 PM

سيد الحاج مكي
<aسيد الحاج مكي
تاريخ التسجيل: 04-20-2015
مجموع المشاركات: 1

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بارا تزيح ستار النسيان عن صحائفها البيضاء بقلم سيد الحاج مكي

    04:35 PM Apr, 20 2015
    سودانيز اون لاين
    سيد الحاج مكي-الخرطوم-السودان
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    بسم الله الرحمن الرحيم

    ليس من اليسير أن تلم عجالة كهذه بتاريخ طويل الأمد حافل بالأحداث كتاريخ مدينة بارا المدينة الباسلة ذات الأمجاد بتراثها بارز المعالم شاهق البنيان زاهر بالبطولات والمآسي والإشراق. وهذا لا يتأتى إلا لشخص غيري اجتمعت فيه أصالة الفكر ونفاسة المادة وجودة العرض وروعة الأسلوب. ولكني أرجو المولى سبحانه وتعالى أن يشرح لي صدري وييسر لي أمري ويلهمني عرضاً طيباً يجد فيه الأبناء والأحفاد ذكرى للماضي وعظة للحاضر وإيماناً بالمستقبل.
    حياك الله يا بارا : لقد رأيتك بالأمس مزيجاً من جمال الطبيعة وجلال القدم تملئين الجو عطراً والعيون سحرا. تتراقص في طرقاتك أشجار الجميز طرباً علي الأنغام الحنونة التي يرسلها (الأروتي) الصغير في الفضاء يصور بها عواطفه ويرفه بها وحشته مع الساقية. إيقاع يبعث الروعة في النفس ويلقي الشعر في الخاطر. ورأيتك اليوم جاثمة تغبر خدك بالتراب وصوتك الجازع المكروب يجلجل مستغيثاً ولا حياة لمن تنادي.
    أقول والذكرى تثير الذكرى والحديث شجون والأحداث عبر إن مدينة بارا هي أسبق المدن في المدنية وأعرقها نسباً وحسباً. وفي موكب مهيب تخفق من ورائه الملائكة تنشر النور والصفاء والدعة تحضر مكة المكرمة طالبة المصاهرة مع بارا. تبارك الله ما ابلغ حكمه، الزوج الشاب محمد عثمان الميرغني من أبناء مكة المكرمة نسل الزهراء والزوجة رقية بنت جلاب من حسناوات حي البكراوية ببارا والمهر كسوة الكعبة المشرفة، فأكرم بها من وشائج وأنعم بها من صلات
    بهذه المدينة بارا ولد القطب السيد محمد الحسن الميرغني وفيها نشأ وحفظ القرآن الكريم ومنها هاجر إلي مكة المكرمة ثم إلي كسلا وكان يأوي إلي جبل التاكا في خلوة للعبادة ويقول بلهجة أهلنا في كردفان (والله ضل دي دي أبويي كان جاني ما نتي ليه).
    ومن التقاليد الحميدة عند أهالي مدينة بارا البررة أنه في الأعياد يؤدون صلاة العيد في نوباتهم (إسماعيلية وختمية وأحمدية وتجانية وغيرهم). وبعد أداء الصلاة مباشرة يتوجهون بنوباتهم صوب مقام السيد الحسن يضعون نوباتهم جانباً ويدخلون حلقات الذكر وهم ختمية وفاء لأبنهم السيد الحسن الميرغني. و(يا رب بهم وبآلهم عجل بالنصر وبالفرج).
    وبارا بوتقه انصهرت فيها جميع القبائل، بني هاشم من مكة المكرمة، أتراك، مغاربه، مصريين، جوامعة، ركابية، جوابره، بديرية دهمشية، دناقلة، شوايقة، هبانيه، جعليين، عمراب، سواراب، مجانين، بني جرار، شنابله، عركيين، كبابيش، أولاد عون، وعيال القوير (الكمبلوا وعرضوا)، لا تشابهها في ذلك إلا مدينة أم درمان.
    وصارت مدينة بارا ملتقي مفكري الإسلام وأصبحت موئلاً للعلم ومعقلاً للدين ومشرقاً للهدايا. تجد في بيوت الله وخلاويها سكون الأمل وروعة العبادة وتجد في أجدادنا صفاء القلب مشرقاً في الحديث وأثر الدين ظاهرة في المعاملة. أوقدوا نار القرآن الكريم بالحطب المقدس الذي لا تنطفئ ناره حتى الفجر وعلى شعلتها الوهاجة يدرس الطلاب أصول الدين والمعرفة هذه مساجدهم يتنقلون بين حلقات التلاوة والتهليل كما يتنقل النحل بين الروض لا يتذوقون غير الرحيق نذكر منهم: أولاد الفكي محمود، أخوال السيد الحسن الميرغني، أولاد الفكي الدرديري ود دوليب، أولاد الفكي موسي أبو جنازير، وحفيده الفكي محمد حامد، الفكي مكي عبد النعيم وأبنيه الحاج وخليل ، الفكي مساعد، وأبنه أبا عيسى، والخليفة عبد الرحيم، وإبنيه فضل الله وحسن، والخليفة الماحي، الفكي عوض، الفكي محمد صالح مختار، الفكي أحمد المختار، الحاج بشير، حاج السيد عبد الباقي، الخليفة محمد عثمان يس , شيخ أحمد المؤمن، أبو رادعه، آل كنني، إبراهيم الزين، وإسماعيل محمد علي , الخليفة يس عشرة والنسابة محمد ود الحاج وحاج سليمان, قاسم معروف , ميرغني حاج النور وعميدهم شيخ الفاضل عيسى شيخ مدينة أمدرمان , تشابهوا بشهامة القلب ونزاهة النفس.
    وجاء من بعدهم خلاصة الأجيال الماضية حكماء البلد هم المشايخ الذين عرفوا بقوة الشكيمة وشهامة القلب ونزاهة النفس وشرف اللسان هم رؤوسا المحكمة العليا، كان اسحق شداد ناظر البلد ورئيس المحكمة كالطود الشامخ، وسيد أحمد قريش سر تجار المدينة كالقلعة الحصينة وعبد الله يس شجاعاً أبياً متفرداً وكان مدني قوي النفس خافض الجناح ومعروف أحمد ذو بصر نفاذ ولب حصيف كانوا القدوة الحسنة والمثال المحتذى كان الفرد منهم في بيته الحاكم المطلق ينادي فيتسابق من في البيت لندائه، تحدثه الزوجة في خفر وحياء ويحدثه الابن بإجلال وإكبار أما البنت فإذا ناداها لف الحياء رأسها. يوقظهم لصلاة الفجر يرددون من بعده دعاء شهر شعبان ويبتهل إلي الله ليسعده ويسعدهم، وجاء من وراء اسحق شداد ابنه شيخ الطاهر من ثوار 1924م، جرت الطبيعة لتهيئته علي منهاجها سقته من جداول الساقية حتى سال العرق يفلح الأرض وهو الرقم الأول في البلد، هو ناظرها وشقيقه القاسم عمدتها، وضع السيف وهو الضابط وأخذ المنجل وهو الحاكم.
    نقي الجوهر الفكي محمد حامد
    في إيجاز قاصر نحي خاشعين ذكرى مولانا الفكي محمد حامد الذي افتقدته ثلاثة مساجد يؤمها يومياً لصلاة الصبح والعشاء يؤم المصلين في مسجد جده الفكي موسى بحي ابو جنازير ولصلاة الظهر والجمعة يؤم المصلين في مسجد المدينة الكبير ولصلاة العصر والمغرب يؤم التجانية في زاوية الحاج مكي عبد النعيم بحي البكراوية، ويؤم أهل بارا جميعهم لصلاة العيدين أمام (المركز) وفي نهاية الخطبة يلتف حوله الجنود بزيهم الرسمي لتنظيم زحمة المصلين الذين يتدافعون يقبلون أياديه الطاهرة.
    جاء من بعدهم أساتذة أجلاء صاروا بعلمهم رسالة وبخلقهم قدوة وفي حياتهم ملحمة وضعوا قواعد العلم ونهلوا سبل المعرفة كانوا بحر العلم الزاخر في وقتهم وبدر العلم الزاهر في جيلهم، حملوا مشاعل العلم في مجاهل كردفان ودارفور وجبال النوبة، نذكر منهم: درة عصره شيخ أحمد عبد الرحمن، شيخ محمود شداد، شيخ عبد الرحمن مختار، شيخ مكي أبو الفيض، شيخ أبو القاسم، شيخ الفحيل، شيخ ميرغني الفكي، تشابهوا في قوة الشخصية ونفوذ العقلية جاء من بعدهم السيد علي قريش وعبد الرحمن سيد احمد قريش وفضل الله الدرديري وفوزي وعامر وحسن محمود مختار بذات الملامح والشبه .
    كانت مدينة بارا حتى خمسينات القرن الماضي مدينة فيحاء تأنقت فيها يد الطبيعة وتألقت في سواقيها خضرة السندس وزرقة اللازورد، كان الخريف فيها هو الربيع في نضرته وزينته وعطره يفتق نوار الخضروات علي الجداول في السواقي ويفتح نوار المنى في القلوب ويزول الهم وتنجلي الكروب. تجد المدينة زاخرة بالحياة موارة بالحركة تمرح بحماسة الشباب وتهزج بأناشيد الأفراح والطرقات الآتية إليها من القرى تفيض بالخيرات وأشعة الشمس الفاترة تبعث في القلوب طلاقة العيش وجمال الوجود، والآن وفي عطلاتنا نطيل النظر إلي كثبان الرمال نستطلعها أخبار الماضي الحافل وما تحمله هذه الأنباء من ذكريات وما تخفيه من عبارات . إذ لم تعد الطرقات القادمة إليها من القرى قادمة بالخير شادية بالغناء، فانكفأت المدينة إلي الخلف وفزعت إلي الصبر.
    نجوم تومض في سماء العاصمة :-
    كان أبناء بارا من خريجي كلية غردون نجوماً تومض علي الأرض عند استقلال السودان يحتلون مناصباً رفيعة في كل المصالح الحكومية ويمكن لأي حاكم تشكيل أقوي مجلس وزراء منهم (لولا الحزبية الآثرة) نذكر منهم علي سبيل المثال : المهندس حامد شداد أول سوداني يسودن منصب مدير الأشغال، والرشيد سيد أحمد قريش الذي إحتضن كنوز العلم والمعرفة وزينها بالأدب وصار أول الدفعة في كلية الهندسة بكلية غردون ورئيس الرؤوسا خلفه المهندس مكي المنا خريج مدرسة بارا الأولية وآخرون هم : مكي السيد علي مدير السكة حديد ، عبد الله شداد مدير المساحة ، وأحمد وحامد محمد حامد، محمد السيد حاج الشيخ مساعد محافظ بنك السودان، عبد الرحيم شداد مدير مصلحة التجارة، والنور سيد أحمد قريش، حسن زروق، حسن عبد الرحيم، أيوب يحي، أحمد شداد والشيخ شداد عضو مؤتمر الخريجين كانوا من كبار المراجعين، كذلك الدكتور مبارك شداد عضو مجلس السيادة ،رئيس الجمعية التاسيسية ، كبير أخصائي أمراض النساء والتوليد وعبد الله قريش ثاني أخصائي عيون بالبلاد بعد دكتور الباقر ومكاوي سليمان أكرت أول دفعته وأول من سودن مدير مديرية كردفان، والدته فاطمة بت نور من نساء بارا، وعندما احتل مكاوي منصب محافظ مشروع الجزيرة اشترط أن يخفض مرتبه ليكون أدنى من مرتب رئيس الدولة السيد إسماعيل الأزهري وكان الرد عليه إن المالية لن تخفض مرتبك فأنت أهل له ولكنها ستعدل مرتب رئيس الدولة ولا يفوتني ان اذكر من تميزا بنقاء الضمير ونبل الغاية بفكرهم النفاذ وبيانهما الاخاذ في اللغة الانجليزية الاساتذة الاجلاء عبد الرحمن شداد ومحمد التوم التيجاني وزير التربية والتعليم اللذان يتشابها بفكاهة اللسان وبراعة الحديث يتوخيان في حديثهما الإفادة والامتاع ولا ينفك سامعهما راضي العقل ريان العاطفة .
    وآخرون جاءوا بعد الاستقلال كانت العظمة في طبعهم والعبقرية فطرة في خلقهم، كانوا رجال كفاح وزعماء سيادة وبرلمان، كان فيهم رجال البر والإحسان. هم جعفر قريش، محمد الحسن عبد الله يس، الشاذلي الشيخ الريح، ومشاور جمعه سهل، وعمر أحمد يس، ومحمد قاسم كانوا رهبة الوزراء ودهشة النواب. وصفهم الشاعر مهدي السيد ناعياً السيد جعفر قريش قائلاً :
    يبكي ذوي الحاجة الملهوف منكسراً *** أين العطاء وأين النهل نقترف
    وكان شبابها أغرودة الأمل الباسم تجد أنديتهم شعلة من الحركة والنشاط تقام فيها الليالي الأدبية والسياسية وكانت عكاظاً للبلاغة والخطابة شنفت الآذان فيها أصوات الأدباء أمين سيد أحمد قريش، بشير عبد الساتر، كرار إبراهيم فرح، مكي الإعيسر، والتيجاني الدرديري والشعراء محمد إسماعيل، ومهدي السيد الشاعر المطبوع كان مهدي من صنع الطبيعة ولد منشداً كما ولد البلبل مغرداً، كانت أنديتهم قبلة الأدباء من أبناء مدينة الأبيض والنهود وأم روابه، يستقبلهم سكرتير النادي أمين سيد أحمد قريش (الغالي تمر السوق – كن قسمه مابحوق) بقلبه الطاهر وحديثه الباهر يقدمهم للمواطنين ببيانه الرائع ولهجته الأنيقة يزاوج بين المنطق والشعر ويعاقب بين الإبداع والإقناع في تلك الدار التي انبعث منها صوت الحرية وفي فنائها سمع صوت أبنائها الخلص يهتفون سمع صوت ، محمد الحسن عبد الله يسن عضو مجلس السيادة و الشيخ أحمد الطاهر ، محمد طاهر ادريس, عبد الدائم سيد، والطريفي خليل, عبدالرحمن السيد علي يهتفون ويهزجون بمجد السودان. ومازلنا نسمع صدى صوت أستاذ الأجيال بليل اللسان ندي الصوت طلق البديهة دامغ الحجة حافل الخاطر شيخ مكي أبو الفيض يحكم مباراة التنس بالنادي ويقول بصوته الجهوري (ديوس اقين) (Duce Again) ولقد راجت في بارا رياضة التنس قبل كرة القدم، وأولع بها الكبار قبل الصغار- الم أقل لكم أن بارا هي أسبق المدن في المدنية؟.
    وليت شعري كيف غفل الفؤاد عن ذكر من كان علماً في ذلك العصر الحاج مكي عبد النعيم مثال الفطرة النقية، جم التواضع، سليم الصدر، عذب الروح، زاهداّ في هذه الدنيا الفانية، حفظ القرآن الكريم ونهل سبيل والده القانت للله الفكي مكي عبد النعيم.
    أندية الشباب:
    وآخرون احيوا أندية الشباب بالملح والندوات والمسرحيات الهادفة سيسجل لهم التاريخ صفحة في لوح الزمان نذكر منهم الكشاف الأول أمين الفاضل شداد والفنان الملهم محمد محجوب، وكردي، وعطا المنان، ومكي أحمد دوليب وعشاري ومعاوية وكمال الدوري، وصالح وإبراهيم بشارة وود التوني وعبد الرحمن وأمين محمد علي و حبر حاج محمد ويوسف وهاشم بله، وعيسى البخيت ومحمد حسن سيد أحمد قريش وعالم حسين، وميرغني أدو، وعلي بليله.
    وفيهم فريق كرة القدم الذي هزم الاعمال الحرة قائد الفرق الرياضية في عاصمة كردفان الابيض- في عقر داره بثلاث أصابات نظيفة في العام 1947- و ينضم إليهم في الإجازات فيلق من طلبة مدرسة حنتوب الثانوية آنذاك، هم البروفسور الحاذق حسن قريش رئيس نقابة الأطباء مدير مستسشفي الخرطوم التعليمي،والخبير الإقتصادي الضليع محمد مكي كنني أول رئيس لمجلس إدارة البنك العقاري السوداني وكيل وزارة التجارة، والإداري الكفء محمد سيد عبد الدائم مدير عام المواصلات بجمهورية السودان ،والقاضي العادل مولانا محمد أحمد عبد الرحمن الذي أصطفاه الله لرسالة الحق رئيسا للدائرة القانونية في ديوان الأمير بقطر، والبروفسور العالم عامر محمد صالح عميد كلية البيطرة بجامعة الخرطوم،والمربي الفاضل والأستاذ البارع عبد الحميد محمد مدني مدير مدرسة خور طقت الثانوية. والرشيد شداد كبير مفتشي مشروع الجزيرة كانوا سر النشاط الدافق في حلقات محو الأمية وفي الندوات والليالي السياسية. ألفوا من قدرة الشباب وخبرة الكهول دستور العمل المنتج. وبتضامنهم إلتأم الشمل وإنتظم العقد وإتحدت الوجهة الي الطريق المنشود لإسعاد محبوبتهم بارا، أضف إليهم من العلماء الذين لم يشملهم الكتاب، وهم كثر، البرفسورالبارع دكتور عبد السلام صالح عيسي سوار الدهب وزير الصحة و طبيب رئيس الجمهورية وشقيقه البروفسور مصطفى كامل صالح وأختتم بمسك الختام البروفسور الدكاترة محمد الرشيد قريش رئيس مركز تطوير انظمة الخبرة الذكية لهندسة المياه والنقل والطاقة والتصنيع.
    قوة دفاع السودان:
    يا أذن التاريخ أسمعي إن تاريخ مدينة بارا تاريخ تطرق إليه النسيان وارثاً تخطفه الزمان وسيسجل الرقيب الذي لا يغفل إن أول نواه من القوات السودانية المسلحة (قوة دفاع السودان) أنشئت في مدينة بارا في العام 1901م بوحدة للهجانة تتكون من 6 سرايا ولقد اختيرت بارا لاعتبارات عديدة، فالمدينة تقع في قلب السودان ومؤهلة لتكون أحد عواصمه بطقسها الجميل ومائها الوفير ثم إن الإستراتيجية العسكرية كانت ولا تزال تفرض هذا الموقع فحدود مركز بارا متاخم لدول الجوار الشمالي، ثم إن ما وراء المدينة (Hinter Land) غني بالهجين، إذ تمثل منطقة بارا وشمال كردفان 45% من تعداد الإبل في السودان وهي الوسيلة الوحيدة لتحريك الجيوش آنذاك، أهلها الخالق سبحانه لقطع المسافات البعيدة بقوة تحمل فائقة والمنطقة تحظى بمساحات شاسعة وطبيعة صالحة للرعي سافنا وشبه صحراوية غنية بالعشائر النباتية وخالية من الأمراض والحشرات القارضة مع توفر مخلفات الزرع من البطيخ والقصب وفي كثبان الرمال خير أماكن لتدريب الجند.
    إن لكل مدينة يوم يشرق في ماضيها إشراق العيد ويمضي في مستقبلها وميض الأمل وينبغي أن تحتفل القوات السودانية المسلحة سنوياً بعيد ميلادها في بارا في ليلة للتراث يذكر فيها مجاهدات السلف الصالح وإظهار دورهم وكفاحهم وفاءاً لعهد ممزوج بدم الفوارس ارسوا فيه قواعد الجندية، جاء في تقرير الحرب العالمية الثانية إن أكثر الجنود إطاعة للأوامر هم أبناء جبال النوبة وإن أشجع الجنود هم أبناء مركز بحري كردفان ببارا، ولا غروه فإن منهم اليوزباشي عبد الله جبريل جد الشاعر الكاظم وقريب الشاعر الهرم توفيق صالح جبريل، والصاغ عبد الله عبد الرحمن الحائز علي جميع أوسمة ونياشين الهجانة وكأساتها، ومن الذين تخضبوا بدم الفوارس النور عنقره وحاج الشامي وحاج ذكي، وأحمد يونس يحكى أن الواشين أخبروا الخليفة عبد الله بأن النور عنقره (يشرب السجار) فقال لهم الخليفة: النور دي خلوهو، النور لا يخاف من الله ولا يخاف مني أني، ومن فرسان أبناء بارا المقدوم ومحمود ود أحمد جد الفنان الشاعر محمود تاور، ومحمد خالد زقل والد روضة بت نوره بت قريش أول امرأة سودانية تدخل عالم السياسة فهي أنصارية علي السكين وجدة أولاد فاطمة الرشيد قريش.
    في العام 1906م كان بيننا وبين جيران لنا حد في الزرع جرى عليه الخلاف فرفع الأمر لمفتش المركز البريطاني الذي طلب من الأهلي خلع أحذيتهم قبل الدخول عليه لم ينصاعوا وقالوا له يا كافر يا ود ....... نحن لا نخلع أحذيتنا إلا عند دخول المسجد (الله أكبر) وأحتد الأمر بينهم وخرج من مكتبه الفرسان الحاج جديد (الأب)، الخليفة عبد الله يس، ذا النون الجزولي، محمد قريش، المجاهد الدرديري عبد الخالق، ومحمود بابكر مكاوي شداد (خال فاطمة) بعد أن هزأوا به ، فأسرها لهم المفتش ولكنه كتم غيظه إذ كان النور عنقره الذي جاء علي رأس حامية الهجانة القادمة من مصر يرغب الموقف وعيناه يتطاير منها الشرر وهو أي النور عنقرة ابن عمومة آل قريش وصهر آل معروف وشقيقه تمساح عنقره هو زوج عشوشه بت قريش جدة أولاد الحاج حمدتو وكان الانتقام أن نقلت الهجانة للأبيض وتم توزيع السرايا بين الأبيض وواد مدني.
    تعليم المرأة :-
    أسمعي يا أذن التاريخ إن أول فصل لتعليم البنات أنشئ في مدينة بارا كان في العام 1925م إنه صوت يحق أن يسمع وتاريخ يليق أن ينشر أنشأته السيدة نفيسة محمد أغا يعقوب خالة رجل الأعمال طه الروبي مؤسس مدرسة الروبي الثانوية للبنات ببارا والدة البروفسور ثريا يوسف إسماعيل لتعليم الفتيات بمنزلها بالمجان، ولما كانت المرأة هي قوام الأسرة ونواة الأمة ونصف المجتمع الذي يربي النصف الآخر تقدمت الست نفيسة في العام 1927م لمفتش المركز بطلب للتصديق لها بمدرسة لتعليم البنات وكان لا بد لمن يخالف المألوف ويعارض الموروث في ذلك الزمان أن يلاقي ما يلاقيه الرسل والمصلحون فوجدت الفكرة معارضة الكبار ومن خلفهم المفتش البريطاني يزودهم بالأغشية التي تحجب الأبصار والعلل التي تخدر المشاعر ولكن الست نفيسة كانت قوية الإيمان برأيها شديدة الإخلاص في سعيها، لم تهن لما أصابها في سبيل الحق واستمرت في فصلها تؤدي رسالتها. وحفيدات تلميذات مدرسة ست نفيسة هن اليوم بروفسيرات وحملة رسالة الدكتوراه .
    الرجال مواقف :-
    أنظر إلي شجاعة ومروءة أبناء بارا وشمال كردفان في قصة شيخ أمبده سيماوي عم محمد تمساح ناظر عموم دار حامد، كان مصير المعاون المصري والتركي الذين يجمعون من الأهالي القطعان ويمارسون ضغوطاً علي العمد لجمع الذهب من الأهالي (لجيوبهم الخاصة) كان مصيرهم مشابه لمصير إسماعيل باشا، دبر لهم الأهالي مأدبة عشاء في قيزان بارا بها ما لذ وطاب في ليلة كان مصيرهم فيها الهلاك ولما لم تجد الحكومة أثراً للجناة أودعت العمدة شيخ أمبده سماوي سجن مدينة الأبيض وذات يوم سمع أمبدة وهو مكبل بالقيود صوت رجل يستغيث (يا أبو مروة) خرج الأسد الحصور المتوثب من عرينه وعرف أن المستغيث رجل ليس من قبيلته، دخل ذات ليلة منزله فوجد زوجته في أحضان أحد أصدقائه.. فأخرج مديته وأغمدها في صدر غريمه فقضي عليه لساعته وأحيل للمحكمة الجنائية واعترف بجريمته فقال انه ارتكبها عامداً بسبب ما أثار حفيظته من تلك الفعلة الشنيعة التي ارتكبها المجني عليه فأصدرت المحكمة حكمها بإعدامه واليوم ساعة تنفيذ الحكم عليه فصاح شيخ أمبده تكبله القيود في المفتش يا جنابو صه أقيف هذا المستغيث لا تربطني به صلة ولا معرفة وهو ليس من قبيلتي ولكن نحن العرب عندما نسمع شخص يستغيث يا أبو مروة نتلب معاهو في النار دحين الراجل دي أما تطلق سراحه أو تشنقوني أني شيخ العرب دي بدالا وكان درساً في المروءة جعل المفتش يوجه بوقف التنفيذ وكتب للخرطوم مستأنفاً وأحسب أن المفتش قد دعم استئنافه بالقول إن الذي يفاجأ بزوجته في حالة تلبسها بالزنا لا بد أنه قد فقد شعوره الشئ الذي يبرر فعلته شيئاً ما فإن كان لا بد من جريمة قتل (حتى يسلم الشرف الرفيع من الأذى) فمن أحق الثلاثة بالمدية تغمد في صدره ؟ هل هي الزوجة الخائنة أم الصديق الغادر أم الزوج الخائب) فجاء رد الخرطوم بأن الشارع قد خفف العقاب بالسجن المؤبد.
    وموقف هذا السفير :-
    في خمسينات القرن الماضي كان الدكتور عبد الله قريش مديراً لأحدى المستشفيات بالحبشة وذات يوماً دخل عليه في مكتبه ثلاثة ضباط عظام وقالوا له رجاء حرر لنا روشته دواء لسجين سياسي قال لهم أنا لا أحرر روشتة لمريض لم أكشف عليه، قالوا له الطبيب السابق كان يستجيب لهذا الطلب، قال لهم: أنا لست ممن يستجيبون لمثل هذا الطلب، قالوا له هذا الطلب صادر من الإمبراطور شخصياً، إبتسم دكتور قريش إبتسامة ساخرة بزفيرها وقال لهم الإمبراطور ملك البلد نعم ولكن أنا ملك المستشفى، وإذا تجرأ أحد أطباء هذه المستشفى بالانصياع لطلبكم هذا فإني سأفصله من العمل (hurrah) نقل الضباط ما دار بينهم للإمبراطور فضحك وقال لهم استجيبوا لقرار الطبيب السوداني، وخذوه للكشف علي المريض. وفي أعلى الجبل وجد الدكتور قريش مريضه وإذا هو الوريث الشرعي لسلالة منليك والمفترض أن يكون هو الملك، اعتقله هيلاسي لاسي واستلم الحكم في البلاد: وكان السجين السياسي نظيفاً ومنظماً يرتدي بدله كاملة (بالكرفته) قال لهم دكتور قريش أزيلوا عنه هذه السلاسل، قالوا له لا .. هذا سجين، قال لهم بالنسبة لي فهو مريض وأنا لا يمكن أن أكشف علي مريض بهذا الوضع، أخبروا الإمبراطور بتطور الموقف، فقال لهم الإمبراطور: السوداني طاوعوه وتم الكشف عليه، وقال لهم دكتور قريش: [هلا هلا علي الجد] الرجل مريض بالسل الرئوي وعليه يصبح قراري لا روشتة ولا حبوب وإنما حقن أحقنها له بيدي صباح كل يوم هذا ما جاء علي لسان دائرة المعارف الاستاذ عبد الرحمن شداد الذي قام بالترجمة بين الطبيب ورسل الامبراطور و هذا هو سفير السودان والطبيب الإنسان. الذي تحمل لافتة عيادته بمدينة الأبيض العنوان (الكشف والعلاج) مجاناً للفقراء والمساكين بالجمعة.
    محجوب قاسم:
    في جوف الليل عندما يسمع محجوب عويلاً ينبعث من منزل فلان يعلم إنه قد أصابهم سهم الزمان يخطف محجوب فانوسه ويهب مسرعاً كالبرق تجده يهتز من البرد وهو يعالج بالمفتاح فتح متجره في مهمة عاجلة لتغطية كل ما يلزم إبتداءاً من الكفن مكفكفاً بذلك دموع الذين لم يمهلهم الموت ليعدوا عدته وعند رفع الفراش يدفع له الأهل فقط مايستطيعونه وماتبقى يدخره محجوب ليوم لا ظل إلا ظله.
    مئوية مدرسة بارا الأولية 1904م:
    بين دفتي هذا الكتاب السيرة الذاتية لخريجي هذه المدرسة من العلماء الذين تميزوا برجاحة العقل وسؤدة الفكر المهذب فنالوا أعلى الدرجات العلمية وتبوؤوا أعلى المناصب بسيرة ذاتية مجلوة الصفحة نقية الأديم حري بنا أن نفخر بها جميعاً واود أن أضيف اليها سيرة ذاتية لصبي تخرج من مدرسة بارا الاولية، نبت في أكرم المنابت يحتشم إحتشام التربية التقليدية في الأسرة يتقي الجدل ويتجنب المجالس.
    احس بأن إستمراره في أي معهد أو مدرسة بعد تخرجه من مدرسة بارا الاولية فيه سجن لنفسه الطليقه و تعطيل لملكاته الموهوبة فخاض غمار العمل المنتج يراقب طريقة اداء الماكينات في العربات والشاحنات والطواحين والوابورات، فظهرت فيه المعية الشباب القادر والأمل الطموح وفي مدة وجيزة صار يقوم بصيانة وإصلاح وإبدال وتوليف ومعالجة قطع الغيار المعطلة فاقدة الأمل فبلغ غاية الشهرة ورن إسم المهندس علي معروف رنين النغم في أسماع أصحاب الوابورات والعربات والشاحنات والطواحين يهب لنجدتهم في أحلك الظروف رحمه الله رحمة واسعة وجعل البركة في إبنه الباشمهندس صحيح الفهم سليم الفكر ياسر علي معروف الذي سار في طريق والده يتجشم المشقة بحفر الآبار وتركيب الطلمبات لتوفير المياه في القرى النائية فيبعث فيها الحياة والامل وتتغير حياة الناس في حزمة تطور إجتماعي وإقتصادي ظاهر للعيان.
    تجدر الاشارة الى انه بالاضافه الى المهندسة بالامارات أسماء أبوالفيض خريجة هذه المدرسة هناك تلميذتان تم إستيعابهن أيضاً بصفة إستثنائية لعام واحد في هذه المدرسة هن الاستاذة سامية عبدالرحمن قريش (والدها ناظر المدرسة) والبروفسور الدكتوره إبتسام أمين سيد احمد قريش مدير عام هيئة الابحاث البيطرية.
    القارعة التي تصم والظاهرة التي تخيف :-
    قلنا إن مدينة بارا هي من أسبق المدن في المدنية لأنهم يفهمون معنى الاستقلال والسيادة والعزة ومن لوازمها الإخلاص والإيثار والتضحية، فحين سيطرت إدارة المحتل علي رغبة الأمة حمل أبناء بارا لواء القضية المقدسة فكروا وجهزوا ودبروا ترصدهم العيون وتتفجر حولهم الأخطار فما نكصوا ولا وهنوا ولا استكانوا ولم يكن يومئذ أمل في منصب ولا رجاء في حكم صعدوا في جسارة فوق السارية ونزعوا علمي الحكم الثنائي (البريطاني والمصري) وأحرقوهما أمام المركز في يوم فاض بالبطولة وزخر بالحماس وجاش بالعزة، لقد بهروا العالم ببراعة السياسة وإحكام الخطة، استقلت المدينة 72 ساعة قبل استقلال السودان وينبغي أن تتألق هذه الحادثة المعتمة في سطور التاريخ تألق النجوم والعمل لإحياء ليلة التراث الحربي للقوات السودانية المسلحة سنويا في مهدها بارا وأن تعاد لها البلوكات التي كانت ترابط هناك بصفة مستديمة فالإستراتيجية التي فرضت تواجدها بادي ذى بدء مازالت قائمة ومرتبات الجند سيكون لها أكبر الأثر في إنعاش السوق بالمدنية ومنذ ذلك الحين أخذت أخطار المجد تحوم حول المدينة استهدفها المستعمر وسلط عليها جام غضبه جردها من حللها من غير رحمة حتى فقدت أدنى مقومات الحياة مزق أوصالها وكادت أن تلفظ أنفاسها بلا حس ولا حركة لأن أهلها قد عرفوا بالغرور القومي والشعور الوطني وسأنقل لكم من سنان هذت القلم لواعج عانتها هذه المدينة الباسلة في عهد الاستعمار.
    * تنفيذاً للسياسة الاستعمارية التأديبية قام مفتش المركز بإنشاء وفتح الأسواق في القرى المحيطة بالمدينة لقمع تجارتها فقلّ الوارد وأصاب محصولها البوار وبدأ التدهور واضمحلال العيش ظاهراً للعيان.
    * وفي العام 1945م تم التصديق لبارا بمدرسة وسطى صناعية نواه لمعهد فني عالي (جامعة السودان حالياً) تخرج فنيين مهرة في الحدادة والبرادة والكهرباء وتركيب الأجهزة والمعدات الفنية والحربية تماماً كمدينة كوفنتري البريطانية عندهم ولكن سرعان ما أداروا ظهورهم عن هذه الفكرة علي ضوء تقرير مفتش المركز الذي حذر من إنشاء هذا المعهد ببارا حتى لا تخلق عطبرة ثانية في هذه المدينة المتمردة أصلا (الثائرة) قال: لقد إنطفأت براكين المهدية ولكن هناك جمرة تتقد تسمى بارا لابد من إخمادها وكان قراره نافذاً فمفتش مركز بارا هو المفتش الوحيد الذي ينوب عن مدير مديرية كردفان عند غيابه كانت المدينة في درجة نائب مدير المديرية.
    * وفي العام 1948م كان الإنجليز في السودان يسمون بارا (كمبردج السودان) لأنها تروق بالهواء البهيج والماء الوفير والخضرة والسكون الملهم وإنها تصلح لأكبر مستوصف أو منتجع سياحي، وفي العام 1948م جاء مدير المديرية ليهنئ أعيان المدينة بأنه قد نجح في إقناع مصلحة المعارف لتخصيص المدرسة الثانوية العليا الثالثة لبارا أسوة بمدرستي حنتوب وادي سيدنا الثانويتين لموقعها الجغرافي المتميز، إذ تقع المدينة في قلب السودان وبعدها من عواصم الشغب كالخرطوم وعطبرة وود مدني، تزامن هذا التصديق مع يوم أن نزع شباب بارا يتقدمهم المناضل الطريفي خليل عبد الدائم سيد، محمد الحسن عبد الله يسن، وعلي الأعيسر، ومحجوب قاسم ، وسعد بلدو، علمي الحكم الثنائي من الساريا وأحرقوهما في جسارة وعناد. وفي الحال اتخذت الإدارة البريطانية قرارها بنقل المدرسة الي قرية خور طقت.
    حياك الله يا بارا لولا ليلك الطويل الحالك ما أسفر نهار الحرية ولولا جهادك الصابر ما تم النصر وعجل الاستعمار بالرحيل ومن قبل وفي العام 1925م حرمت الست نفيسة من تأسيس مدرسة البنات الأولية.
    * وقبلها تحولت رئاسة الهجانة من بارا إلي الأبيض
    وجاء الحكم الوطني وشب أهلنا شبوب النار التي تقتل الميكروب ولا تحرق المريض وهبوا هبوب الرياح التي تدفع بالشراع ولا تغرق المركب. وجئنا نحن من بعدهم وهتفنا ما أسعفتنا حناجرنا وصفقنا حتى أدميت أكفنا وهل ضمدوا الجرح الدامي وكمدوا الجفون القريحة، جاءت الحكومات الحزبية والعسكرية وكانت مدينة بارا تعمل بوعيها القومي ولا تتكلم، تنتصر ولا تباهي، تتقدم ولا تتراجع ولا تساوم من أجل تثبيت دعائم الأمن والاستقرار في البلاد وكان من نصيبها الإهمال فهي (دائرة مقفولة) وكان بسط النعم والمحاباة للمؤلفة قلوبهم ولا نذيع سراً ولن نوصف بالجحود إن قلنا إنما تم إنشاءه وتدشينه من منشآت بواسطة رؤوسا البلاد ونوابهم ووزراءهم في مدينة بارا العريقة يساوي صفر إذا ما قورن بما تم في أصغر قرية من قرى السودان، وسيتحرج التاريخ عند تسجيل هذا الظلم فقد تأخرت مدينة بارا أيام الاستعمار بسبب وعيها ونضالها وانحطت في العهود الوطنية لوطنيتها الغيورة وتزعزع البيت واضطربت الحياة واستحكمت الأزمة وألح الدين في الطلب فلا البنت تطمع في زينة ولا أخوها يطمع في الزواج ولا أبوها يفكر في الحج، وأصبحت المدينة كقول الشاعر:
    ينوح عليها الطير من كل صوب فيصمت أحياناً ويرجع
    فخاطبت طائراً مغرداً له شجن في القلب وهو مروع
    قلت علي ماذا تنوح وتشتكي فقال علي دهر مضي ليس يرجع
    وغداً يفتتح طريق بارا أمدرمان وتعود الطيور النازحة من العاصمة ودول المهجر لمدينتهم بارا وغداً تنتعش الحياة الهامدة وتستيقظ المدينة لتبحث عن حللها في خزائن الأرض وغداً يفاجأ هؤلاء وأولئك بأنه ليست هنالك زهرة تفوح أو خضرة تروق وأن سفينتهم قد أخذت غصبا ولم يجدوا إلا سراباً بقيعة، تلك كانت زفرات الصدور المكروبة وما زلنا نقدر إن البلاد مستهدفة ولن ندفع بقضايانا الداخلية للتدويل والمتاجرة عالمياً ومازلنا نأمل أن تدرج هذه المدينة الباسلة في كشف أسبقيات عائدات البترول وإعادة الحق السليب لها وتنفيذ مطالبها ، نحن نعلم إن للوطن حقاً معلوماً في أملاك المواطن وممتلكاته ولكنا أيضاً نعلم إن للمواطن حق مشاع في أمجاد الوطن وخيراته.
    وأقول لشباب اليوم وحدوا كلمتكم وحددوا أولويات مطالبكم ودافعوا عنها إن أللآلي إذا لم يضمها سلك لا ينتظم منها عقد وإن الأمة التي لا تملك يوم الجد والفخار إلا أن تقول كنت وكنت لا يزيد قدرها علي قدر الرماد الذي يقول كنت جمرة تتقد.
    ومن هنا أتوجه لقادة ركب أبناء بارا بهذا السؤال .. هلا فكرتم في إصدار إعلان لمسابقة لصياغة هذا اللواء المعقود واليوم المشهود للحرية يوم نزع العلم من الساريا في مسابقة لتمثيلية توقظ الوعي القومي وتلهب الشعور الوطني كواحدة من أناشيد الجهاد وتدرس في المدارس يقدمها الطلاب في المناسبات الوطنية.
    هذه هي مدينتكم بارا ارسمها بغير ألوانها الزاهية وأجلوها بغير إطارها الذهبي

    حاشية:
    ظلت مطالبنا أدناه معلقة منذ إستقلال السودان ما صغت لها أذن حكومة ولا نهضت بحجتها عدالة.
    1/ كلية لتدريب المعلمات عوضاً عن مدرستهن التي اغلقها المستعمر في العام 1925م.
    2/ مدرسة ثانوية نموذجية او كلية زراعية مقابل المدرسة الثانوية التي حولها الإستعمار لقرية خور طقت للعام 1948م.
    3/ ان المقر الطبيعي لهيئة أبحاث الصمغ العربي هو بارا موطن أهلنا الجوامعة (أول من طقوا الجنينة) بشهادة سجلات اكبر سوق للصمغ في العالم.
    4/ زراعة خمسة مليون شجرة هشاب شمال المدينة لوقف الزحف الصحراوي وهو مشروع إقتصادي ذو عائد مجز أيضاً.
    5/ إعادة البلوكات لبارا الإستراتيجية الأمنية مازالت تفرض أهميتها لحراسة البوابة الشمال الغربية الهامة.
    6/ معهد فني عالي لتدريب المهرة في تخصصاتهم المختلفة عوضاً عن المدرسة الصناعية (جامعة السودان العالمية حالياً).
    7/ وينبغي أن تحتفل القوات السودانية المسلحة سنوياً بعيد ميلادها في مدينة بارا.
    8/ أما تحديد أسبقيات اليوم فأمرها متروك لأبناء اليوم وقيادتهم الرشيدة.
    9/ إحتفلنا مع أهلنا بالابيض بيومهم الضاحك يوم إنهمرت المياة عذبة من جوف مدينتنا بارا ترويهم ولما نتذوق نحن طعمها.
    خاتمة :
    تحية ندية طيبة للأبناء البررة محمد محجوب قاسم وزملائة الكرام وبعد:
    فبطلاوة عباراته بنبله وتجرده ووفائه وتواضعه الجم كلفني بل شرفني الدكتور مهندس/ خالد عبد الله معروف وإبننا الأستاذ/ عبد الرحيم حسن الخليفة الثائر الغيور الذي ملك ناصية العبارة شرفاني بالإفساح لي علي صفحات كتاب الذكرى المئوية للإحتفال مع أهلنا ببارا بتأسيس مدرسة بارا الأولية في العام 1904م.
    قبلت التكليف والتشريف رغم ظروفي المرضية فقد تقدمت بنا السنون وتأخرت الصحة من الوهن والسقم والإرهاق وهانذا وقبل أن تنطوي صفحات وجودنا في هذه الدنيا الفانية أمسك بقلمي البائس لأوجز به صفحات عن مدينتنا الحبيبة بارا راجياً من المولى التوفيق.

    ولكم الشكر أجزله

    سيد الحاج مكي




    سيد الحاج مكي


    أحدث المقالات


  • من يومهم .. إلى عيد حريتهم بقلم محمد السهلي 04-20-15, 04:27 PM, محمد السهلي
  • السودانيون قالوا كلمتهم على نحو قاطع: أقل من 15% شاركوا في الإنتخابات المزورة بقلم ياسر عرمان 04-20-15, 02:54 PM, ياسر عرمان
  • وقاحةٌ نووية إسرائيلية وصفاقة دولية مقيتة بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي 04-20-15, 02:48 PM, مصطفى يوسف اللداوي
  • يد الوصايا وتزوير الحقيقة بقلم عميد معاش طبيب . سيد عبد القادر قنات 04-20-15, 02:43 PM, سيد عبد القادر قنات
  • حرب المناخ على الاشرفيين من جديد بقلم صافي الياسري 04-20-15, 02:38 PM, صافي الياسري
  • دقت ساعة الحقيقة؟ بقلم بارود صندل رجب 04-20-15, 02:31 PM, بارود صندل رجب
  • هل تتحول عاصفة الحزم الى السودان بقلم عمر الشريف 04-20-15, 01:36 PM, عمر الشريف
  • أزمة!! بقلم صلاح الدين عووضة 04-20-15, 01:30 PM, صلاح الدين عووضة
  • السودان 2050 ! بقلم عماد البليك 04-20-15, 01:22 PM, عماد البليك
  • قَسَّم استثنائي جديد..!! بقلم عثمان ميرغني 04-20-15, 01:16 PM, عثمان ميرغني
  • يا والي الخرطوم ويا وزير التربية.. العقارات المدرسية والنهب المصلَّح! بقلم الطيب مصطفى 04-20-15, 01:12 PM, الطيب مصطفى
  • علاقات السودانية الخارجية مابين المصالح والمبادئ بقلم إبراهيم عبد الله أحمد أبكر 04-20-15, 05:59 AM, إبراهيم عبد الله أحمد أبكر
  • فرض الهيبة بقلم كمال الهِدي 04-20-15, 05:55 AM, كمال الهدي
  • ثورة السادس من أبريل ثورة اُمه رفضت الزل والخنوع بقلم أبراهيم عبد الله احمد أبكر 04-20-15, 04:29 AM, إبراهيم عبد الله أحمد أبكر























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de