|
مصدر الاعتقاد الحق بقلم الطيب مصطفى
|
02:00 PM Mar, 06 2015 سودانيز أون لاين الطيب مصطفى - الخرطوم-السودان مكتبتي في سودانيزاونلاين
ويواصل العلامة الشيخ محمد الغزالي تعرية التقاليد الراكدة والوافدة من خلال المقارنة بينها وبين الإسلام، وأرجو أن تتابعوا الأسطر التالية من كتابه (قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة): عندما أتتبع آيات الله في الأنفس والآفاق أرتبط بالواقع وأنأى عن الخيال، وفي هذا الارتباط يستوي عندي الضخم والضئيل! فللكبير جداً عظمته، وللصغير جداً دقته! الواحد الذي على يمينه عشرون صفراً يمثل عدداً هائلاً في الضخامة فإذا كان هذا الواحد ذو الأصفار يمثل كسراً عشرياً اعتيادياً كما يقال في علم الحساب فالأمر بالغ الضآلة. ومن هنا فأنا أتعرف على آيات الله في عالم الكواكب، كما أتعرف عليها في عالم الجراثيم، هذه ترى بمنظار مكبر وتلك ترى بمنظار مقرب. وربما تخيلت ما أراه من آيات بعد مروري به، كنت في الجزائر فشاهدت جبلاً يشبه حرف الألف، كان صخرة شاهقة يرتد الطرف عن قمتها، وتوهمت كأنه يريد أن ينقضّ!! وبعد ساعة من البعد عنه عادت صورته إلى خيالي فقلت: أما يزال يريد أن ينقضّ؟ لا سيبقى كذلك حتى يأذن الله، ويتحقق قوله : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا). وكما سبح بي الخيال هنا يسبح بي الخيال وأنا أتصور الألوف المؤلفة من الشموس والنجوم الدّوارة في الفضاء البعيد، أنها كشمسنا المألوفة تشرق وتغرب ونحن أيقاظ أو رقود، قد تبلغ مليارات من الكواكب تجري غير متوقفة ولا متعثرة، هي كما وصفها الله (والنازعات غرقا والناشطات نشطا والسابحات سبحا فالسابقات سبقا فالمدبرات أمراً). إنها مسخرة بأمر ربها، دّوارة بإذنه وحده، يوشك أن يأذن لها بالتوقف والانطفاء، متى؟ (يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة). إن أمجاد الألوهية تذهل العقل، ويزداد الذهول عندما أعلم أن المشرف على هذه السموات الوسيعة مشرف في الوقت نفسه على حيوانات جرثومية تجتمع المليارات منها في سنتيمتر، أو مشرف على مليارات الخلايا في مخ واحد، بين خمسة مليارات مخ بشري تسكن الأرض! ذلك عدا كائنات أخرى يقول فيها جل شأنه (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون). إن القوانين التي تنتظم الكون من الذرة إلى المجرة واحدة. في النهر الذي أتخيله من الشرايين الممتدة في كل جسم بشري لا تند قطرة واحدة من الدم الساري في العروق، لا تند عن علم الخالق ومشيئته وقدرته وحكمته. فإذا تركت المادة إلى الفكر، تكررت العبرة نفسها، إن تيار الشعور الذي يهتز في بدني إدراكاً ووجداناً ونزوعاً ـ كما يعبر علم النفس ـ ليس حكراً عليّ وحدي، إنه ينتظم الخلائق طراً.. فكل خاطر يساور نفس بشر، وكل علم يحصله، كتبه أو قرأه، سجله أو لم يسجله، ذكره أو نسيه، كل ذلك ينتظم صفحة واحدة أمام رب العالمين، جامعاً بين شتى اللغات وشتى الأزمنة (وكل صغير وكبير مستطر) يستحيل أن يغيب عنه، أو يتم بعيداً عن سمعه وبصره وإحاطته!! أريد أن أقول للمسلمين : إن قرآنكم هو المصدر الأول للاعتقاد الحق، وإن علوم الكون والحياة هي الشارح الجدير بالتأمل والمتابعة..وإن العظمة الآلهية تزداد تألقاً في عصر العلم وأن التقدم العلمي صديق للإيمان وخصم للإلحاد. وأريد أن أحذر المسلمين من منتسبين إلى العلم لا قدم لهم فيه، فليس فرويد أو دوركايم من العلماء، إنهم مفكرون مرضى ضلوا السبيل، وليس ماركس وأتباعه علماء، أنهم كهان جدد، استبدت بهم علل نفسية، وما كانوا يستطيعون السير لولا الفراغ الذي أتيح لهم من قصور المتدينين وتفريطهم في جنب الله غرور أصحاب الأديان أفسد شيء للأديان غرور أصحابها، يحسب أحدهم أن انتماءه المجرد لدين ما قد ملكه مفاتيح السماء، وجعله الوارث الأوحد للجنة! لماذا؟ هل كبح أهواءه؟ هل أمات جشعه؟ هل جند ملكاته للتسبيح بحمد الله والاهتمام بآلام الناس؟ لم يفعل شيئاً من ذلك، كل ما يملأ أقطار نفسه أن له بالله علاقة مزعومة لا يعرف لها وزناً. ومن ثم فإن صاحب هذا التدين يتوسل إلى أغراضه بما يتاح له من أسباب، بغض النظر عن قيمتها الأخلاقية، وقد كان بنو اسرائيل قديماً مهرة في ارتياد هذه المسالك المعوجة. ولكي يسيغوها لأنفسهم زعموا أن نبي الله يعقوب اختطف منصب النبوة من أخيه عيصو! ولجأ إلى المخادعة والغش وأشياء أخرى! كيف؟ أنه في رأي نفسه أولى، فلا حرج من الشطارة ليبلغ ما يريد، ولا حرج على أبنائه أن يقلدوا آباهم فيما حكوه عنه، أو فيما نسبوه إليه! وزعم بنو اسرائيل أن إبراهيم طلب النجاة بنفسه عن طريق تعريض زوجته لأحد الفتاك من جبابرة الأرض، وساورته الرغبة في بعض المغانم، التي ظفر بها أخيراً. والواقع أن المجتمع اليهودي ـ قبل بعثة المسيح ـ طفح بالآثام، وأن بيت المقدس شهد مآسي للشرف ومصارع للشرفاء على أيام السيادة اليهودية الأولى. وفي جبل الزيتون الواقع شرقي بيت المقدس وقف السيد المسيح يبعث صيحاته الواحدة تلو الأخرى، منذراً جموع اليهود بقوله : (يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها، كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة أفراخها تحت جناحيها، ولم تريدوا..هو ذات بيتكم يترك لكم خرابا. ونقرأ هذا الحوار في انجيل يوحنا : قال اليهود للمسيح : أبونا هو إبراهيم قال لهم يسوع : لو كنتم أولاد ابراهيم لكنتم تعملون أعمال ابراهيم.. ولكنكم تطلبون قتلي! وهذا ليس عمل ابراهيم! أنتم من أب آخر هو إبليس). وفي موقف آخر كشف المسيح عن طبيعة التدين الكاذب لدى القوم فقال لهم مصارحاً : لقد جعلتم بيت الله مغارة لصوص؟؟ إن الدين ـ كما نزل من عند الله وكما تجسد في سير الدعاة ـ أعمال صالحة وأخلاق زاكية وأحكام عادلة، ورعاة يتقون الله في الشعوب، وشعوب تتواصى بالصبر والمرحمة، وتقيم تقاليدها على البر والمواساة. والغريب أن القرآن الكريم حذر أهل الكتاب جميعاً، المسلمين والنصارى واليهود من تجاهل فحوى الدين والتعلق بمراسمه، فهل يعي ذلك الأحبار الكبار والكرادلة الذين يظاهرون اليهود على عرب فلسطين البائسين. وهل يعي ذلك مسلمون تائهون عموا عن رسالتهم، فلم ينصفوها في فقه ولا في خلق. وهل ننتظر حتى يتحول اليهودي التائه إلى العربي التائه.
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
- الضربة الاستباقية .. اقراوا جيدا وسوف تفهمون بقلم الطيب مصطفى 03-05-15, 12:32 PM, الطيب مصطفى
- بين القضاء والصحافة بقلم الطيب مصطفى 03-04-15, 01:59 PM, الطيب مصطفى
- من يقنع الباز؟! بقلم عثمان الطيب مصطفى 03-03-15, 01:42 PM, الطيب مصطفى
- المساواة ثابتة في القرآن بقلم الطيب مصطفى 02-27-15, 01:45 PM, الطيب مصطفى
- المطلوب من الوطني والصادق المهدي بقلم الطيب مصطفى 02-26-15, 01:25 PM, الطيب مصطفى
- دمعات على قبر الزهاوي إبراهيم مالك بقلم الطيب مصطفى 02-24-15, 01:58 PM, الطيب مصطفى
- حركات دارفور ودورها في الحروب الأفريقية! بقلم الطيب مصطفى 02-23-15, 01:39 PM, الطيب مصطفى
- بين أردوغان وأعداء الإسلام السياسي بقلم الطيب مصطفى 02-22-15, 01:20 PM, الطيب مصطفى
- خطيئة الأصدقاء الجهلة بقلم الطيب مصطفى 02-21-15, 02:01 PM, الطيب مصطفى
- خطيئة الأصدقاء الجهلة بقلم الطيب مصطفى 02-20-15, 01:31 PM, الطيب مصطفى
- بين سجن دبك وغابة السنط والمأساة المنسية بقلم الطيب مصطفى 02-19-15, 01:14 PM, الطيب مصطفى
- حزب الميرغني وتصحيح المسار بقلم الطيب مصطفى 02-17-15, 02:53 PM, الطيب مصطفى
- هل يفعلها عصام البشير؟ بقلم الطيب مصطفى 02-15-15, 02:05 PM, الطيب مصطفى
- حزب الميرغني والمسار الديمقراطي بقلم الطيب مصطفى 02-14-15, 03:27 PM, الطيب مصطفى
- حسّنوا صورة المرأة المسلمة بقلم الطيب مصطفى 02-13-15, 01:28 PM, الطيب مصطفى
- هلا أوقفنا إهدار المال العام؟ بقلم الطيب مصطفى 02-11-15, 01:47 PM, الطيب مصطفى
- حدود الحلال والحرام الوطني بقلم الطيب مصطفى 02-10-15, 01:38 PM, الطيب مصطفى
- الترابى واقتراب الاجل بقلم الطيب مصطفى 02-09-15, 05:31 PM, الطيب مصطفى
- عندما عضَّ الرجلُ كلباً! بقلم الطيب مصطفى 02-09-15, 01:29 PM, الطيب مصطفى
- رهينة المحبسين: الجهل والفقر بقلم الطيب مصطفى 02-08-15, 02:36 PM, الطيب مصطفى
- وعادت الإنتباهة بقلم الطيب مصطفى 02-07-15, 06:48 PM, الطيب مصطفى
- رفع الدعم والمعالجات المجنونة!!..الطيب مصطفى 09-18-13, 06:29 PM, الطيب مصطفى
|
|
|
|
|
|