|
سكان القصر!! بقلم عثمان ميرغني
|
حديث المدينة الثلاثاء 27 يناير 2015
ليلة أمس حضرت حفل افتتاح القصر الجمهوري الجديد.. وبعد المراسم البروتوكولية التمهيدية في حديقة القصر ولجنا بهو القصر الجديد.. وضمت قاعة كبيرة كل الحضور وعلى رأسهم السيد رئيس الجمهورية، المشير عمر حسن أحمد البشير. في الصف الأول جلس بعض (قدامى ساكني القصر الجمهوري).. قدامى موغلين في القدم.. من بينهم –مثلاً- الرائد أبو القاسم محمد إبراهيم.. وآخرون قدامى حديثي القدم مثل الدكتور نافع علي نافع. حاولت أن أتفرس في أعين القدامى لأتحسس دواخلهم وهم يرون السنوات تمضي.. وهم يخرجون طوعاً أو كرهاً من دائرة الفعل إلى دائرة (الفرجة) والتشريفات الرمزية.. مثلاً.. السيد أبو القاسم محمد إبراهيم عندما دخل القصر كان عمره أقل من ثلاثين عاماً.. (يادوبك) ترقى لرتبة (رائد) قبل أسبوع واحد من إطاحته مع رفقاه بالحكومة المنتخبة وتسيدهم البلاد. ومكث بالأصالة أو بالوكالة مع زملائه في القصر (16) عاماً كاملة.. من 1969 حتى 1985.. وما خرجوا بطوعهم بل بأمر الشعب.. وقبلهم تمتع بسكنى القصر إبراهيم عبود ورفاقه والزعيم الأزهري وبعدهم مولانا السيد أحمد الميرغني.. وآخرون عبروا سريعاً مثل الرائد هاشم العطا الذي لم يمكث سوى ثلاثة أيام فقط (رحمهم الله جميعاً).. جملة هذه العهود هي التي أنجبت السودان الذي نعيشه اليوم.. فكيف ينظرون الآن إلى حصائد أيديهم بعد أن خرجوا من القصر.. وصاروا حكماً على النتائج.. الإجابة سهلة.. تجدونها مدونة في مذكرات (قدامى ساكني) القصر الجمهوري.. فقط ما عليكم إلا الحصول على مذكراتهم لتجدوا فيها رؤيتهم من شرفة التاريخ لكل الأيام والسنوات التي امتلكوا فيها ناصية القرار الوطني.. حسناً.. أعرف أنك – عزيزي القارئ- تبسمت وطاف في ذهنك سؤال (برئ!!) هو.. وأين مذكراتهم هذه؟؟ هنا بيت القصيد..!! لفت نظري أن لا أحد منهم فكر أو يفكر.. أو لديه الرغبة في تسجيل شهادته للتاريخ عن الفترة التي سكن فيها القصر وامتلك ناصية القرار السيادي.. لماذا لا يريدون كتابة مذكراتهم؟؟ أيضاً الإجابة سهلة.. لسبب بسيط لأنهم يؤمنون بالحديث النبوي الشريف عندما سئل (هل يكذب المؤمن؟) فقال لا !!. صحائف الماضي لا يمكن تسطيرها بغير مداراة للحقيقة واستنجاد بالتبرير و(اللف) والتدوير.. صعب جداً كتابة مذكرات مع توفر شهود العيان الذين عايشوا تلك الأيام.. في التحقيق الصحفي الذي أعده كاتب هذه السطور ونشرته "التيار" قبل أيام بعنوان: (من ضيَّع السودان؟ عشر مخازي سودانية) رصدتُ كيف كان يصدر القرار الخطير بمنتهى الأريحية ليهدم ويدمر السودان لعقود طويلة بعده.. ثم التراجع عنه وبراءة الأطفال في العينين.. استعداداً لقرار تالٍ أشد فتكاً وتبشيعاً بالبلاد.. كان أسهل ما يفعله ساكنو (البيت الأبيض السوداني) أن يصدروا القرارات.. والنتيجة تحملتها الأجيال. ليت (قدامى ساكني القصر الجمهوري) يكتبون لنا مذكراتهم.. لا حاجة لوضع النقاط فوق الحروف.. فقط (الجود بالموجود).. مطلوب شهادتهم للتاريخ.. http://www.altayar.sd/play.php?catsmktba=4096http://www.altayar.sd/play.php?catsmktba=4096
مكتبة الطاهر ساتي
|
|
|
|
|
|