|
نشر الجهل ..!! بقلم الطاهر ساتى
|
:: ومن روائع السينما الأمريكية..أحدهم، من ولاية تكساس، يتجول بسيارته القديمة في وسط المدينة، وترافقه طفلته اليانعة البراءة ..و يسوقهما القدر إلى محطة وقود يعمل فيها أحد الألمان.. العامل لم يكن مهذباً، إذ تحرش بالطفلة ومازح والدها : ( دعها لي مقابل بعض المال، فالألمان - كما تعلم - يحبونها صغيرة)..وما كان من الكاوبوي إلا أن يرد عليه بالرصاص و أراده قتيلاً..ثم واصل مخرج الفيلم في صناعة معارك طاحنة بين هذا الأب والألمان في قلب العاصمة الأمريكية، ثم نقل المعارك إلى ألمانيا..وكالعهد بهم دائماً في أفلامهم، انهى المخرج الأمريكي الفيلم بخروج الكاوبوي من ألمانيا منتصراً بواسطة فرق إنقاذ من ذوي الرؤوس الحليقة..كل المعارك، بكل مجازرها، في البلدين، فقط لأن عامل المحطة تحرش بالطفلة وخاطب والدها ( الألمان يحبونها صغيرة)..!! :: وهناك أكثر من وسيلة - غير السينما - لترسيخ ثقافة حماية الطفلة من (التحرش والزواج)..ومن تقارير صندوق الأمم المتحدة للسكان المخيفة، ما يلي بالنص : (أكثر من 14 مليون فتاة، تحت سن الثامنة عشر، ستزوجن سنوياً خلال العقد المقبل، ومع زيادة زيجات القاصرات ستزداد نسبة الوفيات بين الفتيات)..ثم ينبه الصندوق ولاة الأمر : ( زواج القاصرات - وفق المواثيق والعهود الدولية - إنتهاك للحقوق الأساسية للإنسان)..ولذلك، أعلن (185 دولة)، خلال خمس سنوات، بأن السن القانوني لزواج المرأة ( 18 سنة)، ومادون ذلك يُعاقب ولي أمرها..هكذا تبني الأمم - وتحمي - نهضة مستقبلها، بالوعي و ليس بالمراهقة ..!! :: ولكن هنا، في دولة يسود فيها نهج المراهقين والمرضي، يقف النائب البرلماني دفع الله حسب الرسول تحت قبة البرلمان ويناهض قانون حماية الطفولة بالحث والتحريض على (زواج القاصرات)، ثم يتمادى في خطل التفكير والتصريح غير المسؤول ويطرح للرأي العام نموذجاً فحواه : ( بنتي عمرها 18 سنة، وعندها 3 أطفال)، ويظن أنه يُقدم للناس نموذجاً مثالياً للتربية السليمة..فلنقل أن إبنته الكريمة - حفظها الله - تبلغ من العمر (18 عاماً)، ولديها ثلاثة أطفال، حفظهم الله..وبما أن الطفل الأول دائماً ما يأتي بعد عام أو أقل بثلاثة أشهر، وبما أن فطام كل طفل - حسب الشرع - يتم بعد عامين، فهذا يعني أن دفع الله عقد قران إبنته وهي طفلة في - أو ما دون - عمر ( 11 عاماً)..وإن صدق الرجل، فهذا وأد للطفولة وجريمة يعاقب عليها القانون، وهو فعل - فعلاً- يشبه دفع الله و يليق به، ولا يليق بسواه..!! :: نعم لم يعد لحديث دفع الله حسب الرسول قيمة أو تأثير في حياة الناس..ولكن المؤسف أن دفع الله يُنسب جريمة الزواج من القاصرات لدين الله الحنيف، ويقول : ( هذا القانون - قانون الطفل - يعطل تنفيذ الأحكام الشرعية و يناقض السنة والأخلاق والعقل)..حديث - بكل صراحة - غير مسؤول، ويجب ألا يصدر من رجل شارع لم يفك الحرف، ناهيك بأن يخاطب به نائب برلماني إعلاماً ومجتمعاً..ليس من الدين - ولا من مكارم الأخلاق- أن ينشر دفع الله جريمة زواج القاصرات في المجتمع باسم الدين..فالإسلام ليس بدين ضرر أوضرار، بل هو دين يأمرنا باستخدام العقول في إدارة (أمور الدنيا).. ودفع الله لم - ولن - يعرف حجم المخاطر الصحية والأضرار النفسية الناتجة عن زواج القاصرات.. لم - ولن - يعرف حجم المخاطر، لأنه يريد أن يعيش (جاهلاً)، وهذا من حقه .. ولكن للأسف، يومياً، باسم أعلى سلطة تشريعية، يتمادى في ( نشر الجهل)..!!
|
|
|
|
|
|