|
سلامة الانسان ام وحدة السودان؟ بقلم سالم حسن سالم
|
ما فائدة الوحدة الترابية لبلد اذا كانت الشعوب التي تعيش فيه تعيسة محرومة تقاسي الظلم و الحرب و الزل و الجهل والفقر و المرض ؟ و لماذا الاصرار على وحدة جلبت الشقاء و الكراهية؟ و من قال ان الحدود التي اصطنعتها القوى الاستعمارية اكثر قدسية من دماء الذين يعيشون داخل هذه الحدود ؟ و هل الوحدة تستحق كل هذه المعاناة و التضحيات و لماذا ؟ و لماذا تدفع المناطق المهمشة دون غيرها فاتورة تغيير كل السودان من دماء أبناءها و أموالهم و أعراضهم و مستقبلهم بينما ينشغل الآخرون بالتعلم و جمع الاموال و شغل الوظائف و المناصب ؟ فإذا ما حصل التغيير فعلا سيظل الحال على ما هو عليه الآن ، فئة ضحت بكل شيء لأجل التغيير و أخرى لم تفقد شيئا بل و استفادت من الوضع الحالي و ستظل هي الأكثر استعدادا و تاهيلا و الأفضل وضعا للاستفادة من النظام الجديد . لقد آن للذين يقاتلون لتغيير النظام في السودان ان يتوقفوا عن دفع ابناءهم للهلاك لاجل ما لا يفيد و ليذعنوا للواقع الذي يؤكد أن فيما بين شعوب السودان من التباين و الفروق ما لا يمكن العيش بها ضمن وطن واحد بسلام زد على ذلك ان اقاليم السودان الحالي لا يجمع بينها سوى اسم السودان بل و فيما بين شعوبها من الخلاف و البغضاء ما لا يخفى بسبب هذا التباين إضافة إلى سياسات الانظمة المتعاقبة و مرارات الحروب، فالمستعربين السودانيين مثلا يعتقدون و يحسون ان العراقيين الذين يبعدون عنا الاف الكيلومترات هم اقرب اليهم بالدم و العاطفة من النوبة الذين يعيشون معهم و بينهم و تدمع اعينهم لاذلال فلسطينية واحدة و يتحمسون للتبرع و التظاهر و القتال لاجلها بينما لا يكادون يذكرون نساء و اطفال دارفور و جبال النوبة في معسكرات اللجوء في الداخل و الخارج و لا تثير مناظرهم شفقة في قلوبهم بل و اكثر من ذلك فهم يوفرون مع المنتفعين سندا معنويا و ماديا قويا للنظام الحالي رغم جرائمه ليس حبا فيه و انما تعصبا له على قاعدة ان ظلم القريب خير من عدل الغريب. اعتقد ان وحدة السودان قد اخذت اكثر مما تستحق من التضحيات و هي لا تستحق نقطة دم واحدة زيادة بعد، فنحن لم نستطع العيش بسلام ضمن الوطن الواحد في الماضي و نعيش حاضرا مأساويا و لم نستطع الاتفاق على صيغة للتعايش في المستقبل رغم التضحيات و المحاولات الكثيرة خلال نصف قرن وعليه يصبح خيار الانفصال و تفكيك دولة السودان الحالي طرحا منطقيا و شجاعا كمخرج مناسب للازمة، مخرج يحفظ الدماء و يوفر الطاقات لاجل البناء و الرفاهية و لنكن جيرانا اندادا متعاونين طالما فشلنا في ان نكون اخوة متساوين. على المعارضة أن تكون أكثر جرأة و وضوحاً و تتبنى خيار الإنفصال علنا و جنبا إلى جنب مع مطالبها التقليدية ، فإما وطن للكل أو لكل وطن، و على النظام و مؤيدوه أن يقدموا التنازلات اللازمة لاستمرار الوحدة، و ليضطلع الحريصون على سلامة الوطن الواحد بمسؤولياتهم لإنقاذه و إلا فلتذهب وحدة الشقاء إلى الجحيم . mailto:[email protected]@yahoo.com
مكتبة صلاح الباشا(Abulbasha)
|
|
|
|
|
|